صة من الكويت أصبحت التجارة سمة من سمات الشعب الكويتي
نشأت صناعة السفن من أجل الترحال والسفر والغوص على اللؤلؤ
ابوام نقل الماء وجلبه في شط العرب ونرى الحمارة والكنادرة
نتيجة شح المواد الغذائية في الكويت، وأنها ضعيفة لا تسد حاجاتهم اليومية. سافر الكويتيون من أجل الحاجة، فأصبحت التجارة سمة من سمات الشعب الكويتي في الهند وعدن والعراق، ونتج عن ذلك جمع للثروات الطيبة، وبذكائهم المعهود جعلوا من الكويت سوقاً تجارية تقصدها قبائل الجزيرة للتموين.
لقد برع الكويتيون في مصارعة الطبيعة الجافة القاسية، واستطاعوا أن يتغلبوا على كل الصعوبات والاخطار التي واجهتهم، لقد عرفوا أن أرضهم قاحلة لا ظل لها (ولا ماء) اذ لا بد من استيراد المياه للشرب أولاً، ولا بد من حماية بلدهم ثانياً، كان التهديد يأتيهم بين الفينة والفينة من الصحراء والدول المجاورة لهم، لذا لا بد من الاهتمام بالفروسية وجلب السلاح، ومعرفة استخدامه، ولا بد من بناء الأسوار حول ديارهم لحماية بلدهم. اذاً لديهم البحر، ولديهم الصحراء، فلا بد من حماية هذين والاستفادة أيضاً منهما.
فبدأوا يشمرون عن ذوارعهم. وبدأوا بصناعة السفن من اجل الترحال والسفر والغوص على اللؤلؤ. وذلك قبل ان يشموا رائحة النفط الذي تدفق فيما بعد على ارض الكويت، اذا كيفوا انفسهم للظروف المحيطة بهم وبدأوا في التفكير بايجاد احسن الوسائل لطلب الرزق، فكانت حياة التجارة والملاحة حياة طيبة ورزقا وفيرا واسطولا عظيما فأمنوا حياتهم بالتنقل البحري، وقد ازدهرت الملاحة في هذا البلد مع الزمن، حيث يبدأ موسم السفن في الشهر الثامن (اغسطس) والعودة في شهر مايو، وبدأوا بشحن التمور الى الهند التي تستهلك اكبر كمية من التمور، ما يقارب %70 من الحمولة والباقي الى حضرموتودول البحر الاحمر وشرق افريقيا، وترجع هذه السفن محملة:
1 - الاخشاب لصناعة السفن.
2 - الصل دهن السمك يستعمل لدهن السفن الشراعية.
3 - الاقمشة والتوابل والحبال.
4 - الفحم من الصومال.
5 - زيت الجوز.
6 - القهوة والاطعمة.
أما تجارة اللؤلؤ فهي تجارة رابحة تضاف الى التجارة السابقة الذكر، لقد تخصص الكثير من تجار الكويت وسائر بلدان الخليج العربي. كان التجار ينتقلون بين هذه السفن وموانئها ويشترون محاصيلها، وتباع هذه المحاصيل من الدرر اما في الهند او باريس. لقد كان استخراج اللؤلؤ مهنة اساسية في الكويت وله دور رئيسي في الدخل، وبلغت مهنة الغوص اوجها وبلغ عدد السفن الكويتية العاملة في الغوص 1200سفينة، ووجدت اعمال للشعب الكويتي مثل الغيص (الغواص)، والسيب (الذي يسحب ويشد الغواص بالحبل الى سطح الماء)، الرضيف والتباب (صبيان السفينة) و(المطرب) مطرب السفينة وكذلك النهام، وظهرت مهنة القلاليف التي لعبت دورا مهما في بناء هذه الترسانة البحرية والاسطول البحري العظيم، وتنسب قلافة السفن الى القلاف الذي يقوم بتسوية الاخشاب ونجارتها وقلافتها وهي عملية شاقة للغاية، القلاف - الاستاذ وهو بمنزلة مهندس السفينة، يضع التصميم بالفطرة والممارسة.
وهكذا عاش سكان الكويت على التجارة وصيد الاسماك والغوص على اللؤلؤ، وبهذا اعتمدوا اعتمادا كبيرا على البحر الذي فيه مصدر رزقهم وحياتهم وبرزت من خلال ذلك صناعة السفن الشراعية في الكويت،
النقعة:
الماء الناقع المتجمع، فالنقعة هي مرسى صغير للسفن، والصخور المحيطة بها لصد الأمواج عن هذه السفن. والنقع موجودة في منطقة الجبلة - شرق وذلك بسبب وقوعها على البحر.
أسماء النقع:
1 - نقعة ابن خميس
2 - نقعة احمد المناعي
3 - نقعة غنيم
4 - نقعة النصف
5 - نقعة فلاح الخرافي
6 - نقعة الونيان
7 - نقعة الشيوخ
8 - نقعة الشملان
9 - نقعة هلال المطيري
10 - نقعة ناصر النجدي
11 - نقعة العماني
12 - نقعة الصقر
13 - نقعة البدر
14 - نقعة عبداللطيف سليمان العثمان
15 - نقعة عبدالعزيز العثمان
أما بالنسبة لأسماء نواخذة السفر في الكويت:
1 - أحمد عبداللطيف العثمان، احمد المفلح
2 - سليمان غانم العثمان، احمد بن القصار
3 - عبدالوهاب العثمان، براك العجيل
4 - محمد راشد النصف، احمد الغانم، ابراهيم القطامي
5 - فلاح صالح الفلاح، احمد المعلم، براك العجيل
6 - ابراهيم عبدالرحمن العثمان، بكر محمد البكر
7 - احمد الخرافي، بدر احمد الخرافي، احمد محمد البكر
8 - أحمد بن سلامة، بلال الصقر، براك الطراح، بدر عبدالوهاب القطامي، حسين بن جبران، احمد محمد العمر، احمد بن مطر، جاسم المباركي، جاسم سميط، جاسم العصفور، جمعة بن حييي، حجي بن يوسف بن حجي بن ناصر، حجي بهمن، احمد بن ناصر، بدر احمد الخرافي، احمد بن عيسى العصفور، احمد الطحان ابراهيم بن شايع، ابراهيم القطامي، ابراهيم عبداللطيف العيسى، احمد محمد العمر، احمد الخشتي، احمد طاهر، احمد بن عقاب، احمد بن فرح، عبدالكريم بن نخي، البرجس عبدالكريم بوشهري، بشارة، وهناك الكثير من النواخذة.
أسماء سفن السفر وأصحابها:
تيسر - عبدالوهاب العثمان
موافق - العثمان
بيان - يوسف المرزوق
اقبال - محمد العصفور
الداو - حمد الصقر
البدلة - النصف
البستان - حجي مكي الجمعة
ميشاموه - فلاح الخرافي
التواهي - معرفي
المحمدي - معرفي
الوشار - محمد شاهين الغانم
فتح الخير - العسعوسي
المصفى - عبدالله العماني
بوم - بهمن
بوتنورة - ثنيان الغانم
أنواع السفن الأخرى
1 ــ الماشو تستعمل لنقل التمور الى السفن الكبيرة وكذلك نقل الماء.
2 ــ الكيت سفن صغيرة لنقل الافراد والمؤن.
3 ــ الهوري عَبّارة بين السفينة والساحل ولصيد الاسماك.
4 ــ الفنجة تستخدم للاسفار البعيدة.
5 ــ الدنكية للنقل وصيد الاسماك.
6 ــ البلم لصيد الاسماك.
7 ــ الورجيه لصيد الاسماك.
8 ــ الكوتيه للاسفار البعيدة وحمل الاخشاب.
هناك سفن نقل الصخور.. وأصحاب هذه السفن هم:
1ــ البالول
2ــ القطامي
3ــ اشكناني
4ــ مهدلي
5ــ شبكوه
6ــ النكاس
7ــ البلوشي
8ــ خورشيد
9ــ جوهر
10ــ اللنقاوي
11ــ شعبون
12ــ بحروه
13ــ شعبون
•• صفحة اسبوعية متخصصة في التراث والتاريخ..
إعداد وبحث الكاتبة والباحثة في التراث الكويتي غنيمة الفهد ••
الساحل القبلي 1927النقع القديمة: نقطة العثمان - الفلاح ـ الخرافي - البدر - نقطة الصقر ايضا - المانع النقع بوضوح في منطقة جبله احدى النقع في منطقة شرق (1911)
القبس
وجه في الأحداث أبو الجبين يعيد دور المدرسين الفلسطينيين الأوائل
يكتبها حمزة عليان
http//hamzaolayan.maktoobblog.com
¶ خير الدين أبو الجبين، أحد أبناء فلسطين الذين ساهموا بالتعليم في الكويت منذ عام 1948.
جاء من يافا بعد النكبة ليعمل في مجال التدريس والرياضة والصحافة كواحد من الأوائل والمؤسسين، أمضى عشر سنوات مدرس رياضيات في القبلية والمباركية وثانوية الشويخ، عمل بوزارة الكهرباء نحو ست سنوات مع بداية النهضة والاستقلال، عاد الى وزارة التربية عام 1975، ليتولى مهمة مراقب التدريب ولغاية عام 1990 وهي فترة التقاعد، وكان أول مدير لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الكويت عام 1964 ولغاية 1969، وفي عهد أحمد الشقيري «أبو نادر» كان وجها تربويا من واجهات التعليم ولذلك وضع اسمه في لوائح التكريم عند الاحتفال بثانوية الشويخ والاحتفال الذي نظمته لجنة «كويتيون من اجل القدس»، لنخبة من المعلمين القدامى.
¶ كان من ضمن ثالث بعثة تعليمية تأتي الكويت، الاولى عام 1936 ضمت كلا من احمد شهاب الدين ومحمد المغربي وجابر حديد وخميس نجم، والثانية عام 1938 ومنها محمد نجم وسليمان ابو غوش وابراهيم عيد وفيصل الطاهر، والثالثة عام 1948 أي بعد النكبة، وكان أبو الجبين واحدا منهم اضافة الى سليمان ابو غوش ونحو 26 آخرين، وبعد وصوله، عيّن مدرس رياضيات بمدرسة القبلية ومعه عدد من المدرسين الكويتيين، يذكر منهم، أحمد مشاري العدواني وصالح شهاب وابراهيم المقهوي، وبدر سيد رجب وآخرين.
¶ في السنة الدراسية 1948 ــ 1949 كانت تشرف على التعليم في الكويت بعثة تعليمية مصرية ممثلة بطه السويفي، أما مدرسو المباركية الثانوية فمعظمهم من الفلسطينيين الذين تم استقدامهم بعد النكبة، تلك السنة اعفى مجلس المعارف طه السويفي من وظيفته وجاء محمد درويش بدلا منه، وفي تلك السنة كان ابو الجبين يتنقل بين القبلية والاحمدية والشرقية وروضة البنين بواسطة سيارة المعارف لتعليم نشيد «يا أسود البيد..» للطلبة، بعد ان عاد للقاهرة وبقي هناك لمدة ستة اشهر ليعود من جديد بواسطة عبدالعزيز حسين ويصل الى الكويت في شهر ديسمبر 1949.
¶ عام 1949 عين سكرتيرا لمدير ادارة ومالية المعارف السيد رجب الرفاعي براتب 500 روبية بالشهر، وزوجته بمدرسة الزهراء وشقيقه بالمدرسة القبلية، وفي حينه استكمل انشاء مدرسة النجاح والمرقاب للبنات وعينت علياء عمارة اول ناظرة لها، وجرى الاستغناء عن البعثة التعليمية المصرية ليتم اختيار درويش المقدادي كمدير للمعارف لمدة سنتين، الذي استحدث صفا للمعلمين لتغطية الحاجة الى مدرسين كويتيين، وفي سنة -1952 1953 جرى استدعاء عبدالعزيز حسين من القاهرة وتعيينه مديرا للمعارف والمقدادي نائبا له، وفي هذا العهد انشئت ثانوية الشويخ والكلية الصناعية ومدرسة الصديق والشامية وصلاح الدين والمطبخ المركزي وعدد من رياض الاطفال.
¶ ثلاث سنوات امضاها ابو الجبين في المباركية انتقل بعدها الى ثانوية الشويخ ليقوم بتدريس الرياضيات الى جانب مسؤوليته عن المكتبة مع مجموعة كاملة من المدرسين، وبذلك انتقلت المدرسة المباركية الى الشويخ بطلابها وبجهازها الفني والاداري واصبحت الثانوية الوحيدة في الكويت وبنتها شركة «CAT» لصاحبها اميل البستاني، وخصص له ولأسرته منزل في الثانوية من ضمن المنازل التي اعدت للمدرسين، ولهذا كانت فرحته غامرة عندما جرى تكريمه بمناسبة الاحتفال بمرور 50 عاما على انشائها ليستعيد شريطا من الذكريات تحت وقع التصفيق من تلامذته الذين صاروا وزراء ونوابا.
¶ كان أحد مؤسسي الاتحاد الرياضي الكويتي عام 1953. وكان يدير الاتحاد مجلس ادارة مكون من يعقوب الحمد وعيسى الحمد واحمد مهنا وزهير الكرمي وفتحي الخيري وخيري ابو الجبين، واصبح اسمه عام 1957 الاتحاد الكويتي لكرة القدم، وانتخب في السنة الاولى سكرتيرا عاما، وهو بمثابة رئيس لانه لم يكن هناك منصب رئيس، ولذلك اعتبر كأول سكرتير للاتحاد. بقي فيه لغاية عام 1965 ليقدم استقالته ويتفرغ لاعمال التربية والوظيفة، وهو الذي جاء الى هذا الموقع على خلفية كونه سكرتيرا للاتحاد الرياضي الفلسطيني في منطقة يافا. ومن الانشطة التي شارك فيها الانضمام للاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الآسيوي واقامة اول مباراة بين منتخبي الكويت وتونس عام 1963 ودورة كأس العرب في لبنان 1962.
¶ عايش فترة ازدهار التعليم والانفتاح الذي حصل في الخمسينات، حيث شكلت تجربة ثانوية الشويخ مرحلة جديدة تماما بعد ان جرى بناء مساكن للطلبة الكويتيين والعرب من مختلف الجنسيات، وكانت فرصة للاختلاط بين كل المجموعات، طلبة من المغرب العربي والخليج وبلاد الشام مع ابناء الكويت الذين تعطى لهم مادة اللغة الفرنسية كلغة ثانية بوجود مسرح كبير وانشطة رياضية ومواسم ثقافية ومهرجانات ومناسبات وطنية، واستمر بعمله وسكنه بثانوية الشويخ حتى عام 1958 عندما نقل من هناك الى وزارة الكهرباء.
¶ عين على الدرجة الرابعة في وزارة الكهرباء بعد ان اغراه صديقه عبدالمحسن القطان بالعمل معه وبوظيفة «مراقب اداري» وساهم بانشاء مكاتب للتحصيل يتم فيها تحصيل ثمن استهلاك التيار الكهربائي بدلا من ان يتوجه المحصل الى المستهلك، وكذلك عمل على مراجعة الرسائل الصادرة ومراقبة دوام الموظفين وزيارة المكاتب الخارجية. وشارك باحضار مهندسين وفنيين من الهند وباكستان، وبقي في وزارة الكهرباء لغاية عام 1964 عندما تولى منصب مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الكويت.
¶ خصصت له ادارة الاسكان سكناً في عمارات الشيخ جابر العلي الجديدة في ضاحية النقرة المجاورة لضاحية حولي، وهي الادارة التي انشئت عام 1954 لاسكان كبار موظفي الدولة المتعاقدين مع الحكومة، وفي عام 1963 توقفت الحكومة عن هذا النهج واستأجر بيتاً على حسابه حتى عام 1974 وتنقل بين بنيد القار وسلوى حتى حصوله على الجنسية الكويتية عام 1985 ومنح بعدها قرض سكني من بنك الاسكان لبناء منزل يسدد على اقساط شهرية مدة 30 سنة بقيمة 54 الف دينار كويتي.
¶ كان شاهداً على دور أحمد الشقيري بالسفر الى موسكو عام 1962 لاقناع القادة السوفيت بعدم استخدام الفيتو عند التصويت على انضمام الكويت كعضو جديد في الامم المتحدة واطلاعه على الرسالة الاصلية الموقعة من المرحوم الشيخ صباح السالم عندما كان رئيساً للوزراء الى الشقيري بحكم علاقة هذا الاخير بالسوفيت. ارتبط ابو الجبين بعلاقة خاصة مع الشقيري الذي كلفه عام 1978 بالاشراف على طباعة كتابين له في الكويت، هما «علم واحد وعشرون نجمة» و«الطريق الى مؤتمر جنيف» وكان احد اعضاء «لجنة تخليد ذكرى المجاهد احمد الشقيري» في الكويت بعد وفاته عام 1980.
¶ اعارته الحكومة الكويتية لمدة خمس سنوات ليصبح اول مدير لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية، ويتقاضى راتبه بكونه موظفا حكوميا يعمل بوزارة الكهرباء من عام 1964 الى عام 1969، بعد ان جرى انتخابه من قبل ابناء الجالية الفلسطينية كرئيس لمؤتمر ابناء فلسطين في الكويت عام 1963 ليصار بعد سنة الى اعلان الكيان الفلسطيني عند انشاء المنظمة.
¶ يستذكر بالعرفان والتقدير دور الكويت القومي والعربي بمساعدة الشعب الفلسطيني ومساعدة قضيته الوطنية لاسيما في عهد المرحوم الشيخ عبدالله السالم وصباح السالم وسمو الامير الشيخ صباح السالم عندما كان وزيراً للخارجية ورئيس الوزراء.. وفي هذا يتوقف عند قصة فرض ضريبة التحرير ايام المرحوم الشيخ عبدالله السالم بناء على طلب احمد الشقيري بنسبة %5 على الموظفين الفلسطينيين العاملين في الحكومة وكذلك عندما سمحت الكويت كأول دولة خليجية بإقامة معسكرات تدريب للمتطوعين الفلسطينيين بالدوحة وتحت اشراف ضباط كويتيين وكل هذا تحت عنوان كبير، ان الكويت دعمت وساهمت وقدمت الكثير للقضية الفلسطينية وأبناء الشعب الفلسطيني منذ العشرينات ويجيء أول وفد فلسطيني عام 1923 ولقائه بالمرحوم الشيخ أحمد الجابر وكان مكونا من الحاج أمين الحسيني وإبراهيم التميمي ورشيد الحاج ابراهيم حيث جمع تبرعات في حينه بمبلغ 1362 جنيها استرلينيا.
¶ بعد استقالته من منصب مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية عام 1969 والتي حصلت بعد تولي فتح السيطرة على المنظمة وبكونه من المستقلين لم يجد نفسه على وفاق مع هذا التيار فآثر الانسحاب لينتقل من وزارة الكهرباء إلى وزارة التربية في عهد الوزير جاسم المرزوق ويعين بوظيفة مراقب التدريب بإدارة التنظيم والتدريب وهي إدارة جديدة وكان مساعدا للمدير المسؤول الدكتور محمد رمضان وبقي في هذا المنصب إلى ان تقاعد عام 1990.
¶ لم ينقطع عن المشاركة بأعمال ونشاطات انسانية وتطوعية خاصة ذات العلاقة مع أبناء يافا حيث تولى انشاء ورئاسة صندوق يافا الخيري وعين سكرتيرا لأول مجلس إدارة لمؤسسة التعاون التي انشئت عام 1980 في جنيف من قبل رجال أعمال ومفكرين فلسطينيين وكان عضوا في المجالس الوطنية الفلسطينية كمستقل منذ السبعينات، استقال عام 1991. وكان عضوا في مجلس ادارة الصندوق القومي الفلسطيني.
¶ من عائلة «ياخوية» سكنت شارع ابوالجبين تيمنا باسم العائلة وفي حي «ارشيد» نسبة الى مدينة «رشيد» المصرية وهو الحي الذي بناه المصريون الذين وفدوا الى يافا مع حملة ابراهيم باشا عام 1824 وشجرة العائلة تقول ان الجد الاكبر هو الشيخ ابراهيم المتبولي من الحجاز، تصادفت ولادته مع ايصال الكهرباء الى المنزل واستبشروا به خيرا واسموه «خير الدين».
¶ خرج مع افراد عائلته من يافا عن طريق البحر بواسطة المركب في شهر ابريل 1948 متجها الى سواحل غزة ومن ثم الى داخل الحدود المصرية ليسكن في حي العباسية، ووالده ما زال في «معسكر القنطرة»، وفي مرحلة التدريس بيافا تعرف على المدرس محمد نجم صديق والده الذي طلب منه الذهاب الى «بيت الكويت» في القاهرة والتحدث مع عبدالعزيز حسين للعمل على اخراجه من معسكر القنطرة للسفر الى الكويت، ويتلقى بعدها بأيام موافقة من دائرة المعارف ولشقيقته وشقيقه الاصغر وزوجته في نوفمبر عام 1948 «وفيزا» من السفارة البريطانية في القاهرة لدخول الكويت.
¶ أواخر 1948 وبعد انشاء دائرة الجوازات شهدت الكويت هجرات للفلسطينيين القادمين اليهم للعمل، خصوصا من ابناء المثلث وقد عمل بالادارة عدد من الفلسطينيين مع الشيخ عبدالله المبارك الصباح الذي منحهم جوازات كويتية منهم زياد زعيتر ومحمد الهنيدي وزكريا الكردي وكانت الادارة تصدر وثيقة سفر كويتية لكل من لا يحمل جواز سفر وحصل هو على تلك الوثيقة واستعملها في تنقلاته الى بلدان اوروبية عام 1956.
¶ جاء الكويت عن طريق بيروت والتقى خلالها هاني القدومي ليصلا الى بغداد ومنها بالقطار الى البصرة ومن ثم يستقل طائرة تتسع لسبعة ركاب صغيرة رافقه فيها ثلاثة مدرسين ليصلوا الى الكويت يوم 28 نوفمبر 1948 بعد ان دفع كل راكب ثلاثة دنانير اجرة الطائرة لتحط في مطار النزهة.
السيرة الذاتية
• خير الدين صالح ابو الجبين.
• مواليد 1924 (يافا) فلسطين.
• انهى المرحلة المتوسطة في يافا واكمل دراسته في الكلية الرشيدية في القدس وتخرج فيها.
• مارس مهنة التدريس في يافا ثم في دائرة مراقبة الصحف وعمل محررا رياضيا في جريدة الدفاع وعضوا في لجنة تحرير مجلة «انصار» الثقافية وسكرتيرا للنادي الثقافي العربي والنادي الرياضي الاسلامي ولجنة منطقة يافا للاتحاد الرياضي ومسؤول اعلامي في منظمة التجارة الفلسطينية.
• جاء الكويت عام 1948 بعد النكبة وحصل على الجنسية عام 1985، عمل مدرسا للرياضيات في المدرسة القبلية والمباركية وثانوية الشويخ وسكرتيرا لادارة المعارف ثم في وزارة الكهرباء، وعاد الى التربية كمسؤول عن التدريب والاعداد الفني ليتقاعد عام 1990.
• عمل سكرتيرا للاتحاد الرياضي الكويتي والاتحاد الكويتي لكرة القدم لمدة 12 سنة.
• عين في وزارة الكهرباء ثم في وزارة التربية مع بدايات التأسيس.
• ترأس مؤتمر ابناء فلسطين في الكويت عام 1964 وانتخب عضوا في المؤتمر الاول الذي عقد بالقدس.
• عضو في المجلس الوطني الفلسطيني وادارة الصندوق القومي وامين السر لمدة خمس عشرة سنة.
• اول مدير لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية في دولة الكويت عند تأسيسها عام 1964 ومؤسس مدارس المنظمة فيها.
• تولى رئاسة صندوق يافا الخيري بالكويت وساهم بنشر الفولكلور الفلسطيني لتلك المدينة.
• اصدر الكتب التالية:
1 - «مذكرات خيري ابو الجبين» 1999. 2 - «قصة حياتي في فلسطين والكويت» 2002. 3 - «حكايات عن يافا» 2005. 4 - «عائلة ابو الجبين اصولها وفروعها» 2007.
وشارك كعضو في اصدار الموسوعة الفلسطينية عام 1984.
شيء من الماضي
حدث تجاري يشهده شارع الجهراء عام 1964 أول مطعم يقدم الهمبورغر في الكويت
سعد العبدالله السالم الصباح وزير الداخلية وعبدالعزيز حسين وزير الدولة لشؤون رئاسة مجلس الوزراء يستمعان إلى شرح أحد أصحاب «هارون الرشيد» في الحفل
في الستينات كان شارع فهد السالم يعتبر قلب الكويت التجاري النابض، ففيه اجمل وأرقى المحال، خاصة في عمارة الكويت للمرحوم الشيخ ناصر سعود الصباح، وفيها محال «الجميل» ومحال «الطخيم» حيث الماركات العالمية مثل الكريستوفل والفضيات.
كان مقصدا لزوار الكويت الكبار وضيوفه امثال شاه ايران الذي جاء في نهاية الستينات، واصطحب الى تلك المحال.. وفي عام 1964 شهد هذا الشارع افتتاح اول مطعم يقدم «الهمبورغر» في الكويت هو مطعم هارون الرشيد الواقع في شارع الجهراء، اي شارع فهد السالم، والممتد من دوار الشيراتون او دوار الجهراء الى ساحة الصفاة، وتسميته بالجهراء تعود الى كون الشارع والدوار يوصلان الى منطقة الجهراء، وصار الناس يتداولون الاسم.
اما الحدث الجديد، اي افتتاح اول كافيتيريا على احدث مستوى، شارك فيه «سعادة الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح» وزير الداخلية آنذاك، وعبدالعزيز حسين وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، و «صاحب السعادة الشيخ دعيج السلمان الصباح»، والسيد صلاح حسن، القائم بأعمال ومستشار سفارة الجمهورية العربية المتحدة في الكويت.
والصورة من اهداء الصديق محمد مساعد الخترش.
صلاح حسن القائم بالأعمال ومستشار سفارة الجمهورية العربية المتحدة في الكويت يتفقد مطعم هارون الرشيد القبس
«60 عاما قضيتها بين التربية.. والتجارة» محمود محمد أبوغزالة:
جئت الكويت عام 1950 وهبطت بنا الطائرة على التراب
محمود محمد أبو غزالة
حاوره جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه. ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فان قاسما مشتركا يجمعهم شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات « القبس » . هو الحنين الى الايام الخوالي في هذه الاستكانة.
في مستهل لقائنا مع السيد محمود محمد ابوغزالة قال: انا من مواليد القدس الشريف عام 1927م (عام الزلزال)، كان والدي رحمه الله تاجر جملة للمواد الغذائية، التحقت بمدرسة الكسندر الباط، التي حرصت على انتقاء مدرسات قديرات يدرن مدرستها، ومن ثم التحقت بمدرسة للبنين التي كانت تطل على الحرم الشريف، وكانت المدرسة تركز على حب الوطن والتضحية في سبيله، وزرع بذور الايمان بالوحدة العربية، والطابور الصباحي كان يدعو الى القصائد مثل: «بلاد العرب أوطاني من الشام لتطوان..»
أكملت الثانوية، ومن ثم الى بيروت للدراسة في الجامعة الاميركية، وكرست جهدي لتقوية معلوماتي في اللغة الانكليزية وادارة الاعمال، وكنت اسعى بعد ذلك للحصول على وظيفة كي أؤمن مستقبلي، وصادف في بيروت وصول اصدقائي الذين يعملون في بلد واحد اسمه «امارة الكويت»، فذكروا انها بلد ناشئ في بداية التطوير، وان حكومة الكويت بصدد توظيف أعداد من المؤهلين بتخصصات مختلفة من بينها المدرسون، ففي عام 1950 ابلغنا ان الاستاذ درويش المقدادي قد وصل من الكويت التي عين فيها مديراً للمعارف، وهو بصدد التعاقد مع نخبة من المدرسين، وانا كنت من المرشحين، ولله الحمد وفقت في العمل بمدرسة المباركية لمادة ادارة الاعمال. وهي الثانوية الوحيدة في الكويت آنذاك. أضاف ابوغزالة: وبعد احداث فلسطين اصبح الآلاف من الطلاب والطالبات الفلسطينيين في معاهد وجامعات الدول العربية والاجنبية بحاجة للبحث الجدي عن عمل يوفر لهم ولأهلهم دخلا لمجابهة الظروف الجديدة، التي كانت صعبة للغاية على الكثيرين، حيث انقطعت مواردهم، وتبعثر الاهل في البلدان، او نزحوا الى الضفة الغربية وقطاع غزة.
بداية العمل
وقال: في 1950/9/31 ذهبنا الى مطار بيروت وكنا قرابة خمسة وعشرين شخصا ركبنا طائرة «داكوتا»، غير مزودة بأنظمة تكييف ومما زاد من ازعاجنا الضغط المؤلم على آذاننا، وكانت الطائرة من مخلفات الحرب العالمية الثانية، ولم يكن فيها مضيفات لخدمة الركاب، وعند وصولنا لاحظنا ان ارضية المطار ترابية رملية، وقد صب عليها النفط الخام، وشاهدت بالونا يشير الى اتجاه الرياح وتقدم منا مندوب ادارة المعارف عبدالرحمن العمر مرحبا بوصولنا، وركبنا الشاحنات الى الكويت «المدينة» وشاهدنا سور الكويت وبواباته التي تمر منها السيارات والعربات التي تجرها الدواب والسابلة، ولم تكن الطريق التي سلكناها معبدة، وشاهدنا الناس يدفعون عربات او يسيرون خلف الحمير المحملة بمختلف الاشياء. وصلنا الى المدرسة المباركية وصعدنا بأمتعتنا الى السطح، حيث بنيت غرف على الجانب للمدرسين العزاب. وتحدث ابوغزالة عن لقاء الاساتذة مع الناظر وتعريفه العمل في الكويت، وشاهد ابوغزالة الساحة المليئة بالطلاب الذين يرتدون الدشاديش وكانوا نحيفي الاجسام، وكان سن البعض منهم تجاوز العشرين بسنوات، فسألت زميلي: كيف سيعرفون اني المدرس وانا في سنهم.. او اصغر من بعضهم، وكان جوابه مقنعا «عندما يقرع الجرس ويدخل الطلاب لصفوفهم، ادخل الى الصف واطرح السلام عندئذ يدركون انك الاستاذ».
مطبخ مركزي
لاحظ المربي ابوغزالة ومن كان معه من المدرسين ان عددا من الطلاب ومن آن لآخر كان يصاب بالإغماء «وبعد البحث علمنا انهم لا يتناولون فطورا سوى كوب من الشاي وقطعة من الخبز، فاستغربنا ذلك، وقررنا مع الناظر ان نرفع توصية لادارة المعارف بالسماح بطهو حساء العدس في المدرسة بغية التغذية، وسارعت ادارة المعارف بالقبول، وكلف بواب المدرسة بالطهو، وقدمت الخدمة نفسها في المدارس الأخرى. وأضاف أبو غزالة: على اثر ذلك قررت ادارة المعارف بناء مطبخ مركزي حديث، بموقع قريب من الأشغال لتحضير وجبات الطعام وقد تم ذلك في عام 1954 واستمر العمل فيه حتى السيتنات.
علاقاتنا مع الطلاب
يقول أبو غزالة: كم كان سرور بعض الطلاب عظيماً عندما يحدثوننا عمّا دار من حديث بينهم وبين آبائهم (وخاصة التجار منهم) حول ما ندرسهم اياه من مواد خاصة متعلقة بالمعاملات التجارية. وتذكر المربي أبو غزالة دعوة أحد الطلبة أكثر من مرة للغداء مع والده يوم جمعة، وأحاطني رب البيت وأولاده باهتمام كبير، وضع الطعام على بساط على الأرض، ولكن الضيق الذي شعرت به عدم تعودي الجلوس على الأرض وعدم وجود ملعقة أو شوكة، وشعر المضيف بمعاناتي فأمر أن يحضروا لي «خاشوجه» (ملعقة)، بالاضافة الى رحلات البر والبحر مع الطلاب.
العمل في مؤسسة البحر
ثم قال أبو غزالة: وبعد العام الدراسي جاءني الصديق محمد الزعتري، كان يعمل سكرتيراً لمدير دائرة الصحة، وأبلغني أن محمد عبدالرحمن البحر، وهو من كبار تجار البلد يريد أن اعمل معه كمدير مسؤول قبلت عرضه في عام 1952، وفي عام 1953 زارني أخي الأكبر أحمد، واجتمع مع محمد البحر، وذكر له أنني اقترحت انشاء مشروع مصنع للثلج ومستودعات تبريد حديثة لحفظ اللحوم والفواكه والخضار، تحمس السيد محمد البحر للفكرة وسارع بالموافقة على الاشتراك فيها، وأسسنا شركة كان لعبداللطيف أبورجيلة (سوداني) %60، ومحمد البحر %20 والباقي مناصفة بيني وبين أخي أحمد، وبعد هذا العمل طلبت من محمد البحر التفرغ لعملي الخاص مع أخي أحمد، ورشحت له مديراً مكاني هو محمد الزعتري (رحمه الله). قال: سافرت لايطاليا للتعاقد على الآلات لمستودعات التبريد ومصنع الثلج المنوي بناؤه، ولم يكن آنذاك مستودعات للتبريد في الكويت سوى ما كان لدى شركة نفط الكويت. وكان الثلج يستورد من البصرة بالمراكب، ولم يكن شفافاً لوجود شوائب فيه لعدم ترشيح الماء، وحتى ثلج الغانم الذي كان مصنعه مقاماً على الفرضة لم تعالج مياهه بالترشيح قبل التجميد. وقال: ولعدم وجود سيارات مبردة في الكويت آنذاك اشتريت سيارة بيجو «فان» كبيرة وصفحناها من الداخل برقائق من الفلين والعازل للحفاظ على الثلج في حر الكويت، وفي الستينات قام الشريك محمد البحر بشراء حصة أبورجيلة وبعدها في السبعينات بعت وأخي حصتنا لشريكنا البحر واصبحت بكاملها له وحده.
النشاط التجاري
وفي عام 1959 بدأت مع أخي أحمد الاتفاقيات مع الشركات اليابانية وغيرها، وصلتنا خمس سيارات نقل خفيفة صنع شركة نيسان، وفوجئنا بأنها ذات ثلاثة إطارات، واحد أمامي واثنين في الخلف، وكانت هذه المرة الأولى التي تصل إلى الكويت مثل هذه السيارات، ولم يرغب أحد في شرائها.
البيض الصيني
أضاف أبوغزالة في حديثه عن التجارة في الكويت، خاصة تجارة البيض الصيني عندما طلبت دائرة المعارف في ربيع عام 1960 توريد كمية كبيرة من بيض الدجاج الطازج، وكان لدينا عروض افضلها وأرخصها من الصين، وعندما وصلت حفظناها في مستودع التبريد والقيام بتسليم الكميات التي يحتاجونها على التوالي، ففي اليوم التالي فوجئنا بأن المطبخ المركزي رفض البضاعة وامتنع عن تسلم أي كمية جديدة، لأن لون قشرة البيض ليس أبيض كما تعودوا تسلمه من الموردين، بل يميل إلى الاحمرار (بيج) وهو غير معروف لدى المسؤول وعماله، جرى الحديث معهم، وكان ردهم انه جيد تماما وصالح للغذاء فضلا عن أن حجمه أكبر، ولكن كانت حجتهم ان البيض شيوعي ولونه أحمر ولم تفلح مساعينا في اقناعهم بحقنا، فرفعنا دعوى ضد المعارف وقمنا خلال هذه المدة ببيع البيض في السوق وبأسعار متدنية حتى نخفف من الخسارة، وحكمت المحكمة لمصلحتنا بالتعويض من خسارتنا الصافية.
مصنع للبطاطا والذرة
وعن التجارة قال: عرفنا المصدر في أميركا على مصنع يصنع رقائق البطاطا والفشار، قمنا بفتح الاعتمادات اللازمة لاستيراد المعدات المطلوبة، وصلت وكانت الأولى من نوعها التي تصل للعالم العربي، وحصلنا على الترخيص ليس بالكويت فحسب بل في كل البلدان العربية، فلاقت رواجاً هائلا وخاصة من طلاب وطالبات المدارس، وبعد شهور منعت دائرة المعارف بائعي التشيبس والفشار أمام بوابات المدارس بحجة أن الطلاب امتنعوا عن وجبات الطعام التي يوفرها المطبخ المركزي لهم، وقمنا ببيع منتجاتنا لمحال البقالة القريبة من المدارس، وباقي محال بيع الغذائيات، ولكن النتيجة إغلاق المصنع تلافيا للخسائر التي بدأت تتزايد بعد المنع.
الموز الهندي والصومالي
وقال: نتيجة تزايد الاقبال على الموز، وحيث لم تف الكميات المستوردة من لبنان وفلسطين، بحثنا فوجدنا مصدرا آخر هو الهند، وبعد وصول بعض الدفعات فكرنا باستئجار سفينة والعمل على الاستيراد لحسابنا الخاص، واتفقنا مع شركة ايطالية على ست رحلات، فذهبت الى الصومال لنقل الموز وتأخرت والسبب ان السفينة كانت على اللائحة السوداء، لأنها قامت برحلة الى اسرائيل، ولكن تبين لنا بعد رحلات بين ايطاليا ولندن ودمشق رفع حظر اللائحة السوداء عن السفينة، وضع الموز في العنابر لينضج وبدأ بيعه بأقصى سرعة وبالسعر الممكن، واستمرت تجارتنا مع الخبرة والأسفار توقفنا مع تجارة المواشي من الصومال.
أول سفينة مبردة
وتحدث عن تطور التجارة، حيث اشترى أبو غزالة مع أخيه أحمد سفينة لحسابهما من ايطاليا، فقامت السفينة بالعمل بكامل معداتها، «والتي أطلقنا عليها اسم «مها» (إحدى بنات أخي أحمد) لم تكن على اللائحة السوداء، فأبحرت السفينة للصومال وحملت المواشي من عجول وخراف، وموز، وهذه أول سفينة كويتية مبردة سجلت في الكويت ابتداء من ذلك التاريخ (1962)، وعملنا مع تجار البصرة لنقل التمور منها الى الصومال، وكانت فائدة اضافية أثناء رحلات الصيف وبداية الخريف.
ألف ميم
وقال: في ربيع 1964 فتحنا أول «سوبر ماركت» حديث وواسع في الكويت بمنطقة شرق، وتم تجهيزه بالكامل من منتجات «تايلر ريفريجيرشن»، التي كنا آنذاك وكلاءها، وما هي الا فترة قصيرة حتى أصبح «ألف ميم» (أحمد ومحمود) مزار الجميع والمفضل للتسوق على مستوى كل من مناطق الكويت، ومن الطريف ان كثيرين من الزبائن كانوا يستغربون كيف ان المجمدة (الفريزر) تعمل بشكل جيد، بينما هي مكشوفة بالكامل، و«ألف ميم» أصبح مثالا يحتذى في الكويت، وعلى أثرها تمكنا من تزويد أولى الجمعيات التعاونية بالشويخ بالمعدات والإشراف على تركيبها بعد وصولها من أميركا.
غرق السفينة «مها»
وتذكر ابو غزالة الفاكس، أي الرسالة التي تسلمها من لويدز عن غرق السفينة «مها» ونجاة البحارة بحمد الله. وبعد التحقيق تبين لهم أن الحادث لم يكن مدبرا، وان السفينة اثناء ابحارها في مضيق ملقا واجهتها عاصفة هوجاء استمرت لساعات، فاصطدمت بالصخور المرجانية. وقال أبو غزالة: إني اتذكر ان «مها» كانت أول سفينة سجلت بدولة الكويت، كنا قد امّنا عليها تأمينا شاملا لدى شركة الكويت للتأمين، التي كان مديرها العام شكيب الشخشير، فقامت الشركة بدفع شيك لنا تعويضا عن فقد السفينة، وطلب المدير العام ان أتصور معه كي ينشر الخبر في الصحف دعاية لهم فاعتذرت.
أسماء الطلبة
وفي الختام تذكر بعض اسماء الطلبة في المدرسة المباركية 1951/1950، منهم: فيصل الفليج ــ جاسم المرزوق ــ حمزة عباس حسين ــ راشد عبدالعزيز الراشد ــ ناصر السميط ــ رشدان الرشدان ــ عبدالرحمن العوضي ــ محمود بهبهاني ــ حسين صالح مبارك ــ عبدالله يعقوب بشارة ــ محمد رضا بهبهاني ــ عبدالكريم عبدالرضا ــ هشام حسين العيسى ــ صالح الحداد ــ بدر بزيع الياسين ــ خالد يوسف المرزوق ــ محمد الشمالي. ومن ثم تذكر ناظر المدرسة خلال السنتين 1952/1950 الاستاذ عبداللطيف الناشف ــ نائب الناظر أ. فوزي الكيالي ــ مفتش اللغة الإنكليزية أ. حسن الدباغ ومفتش الرياضة أ. جميل الصالح.
ابو غزالة بعد التخرج (عام 1950) طلاب القسم التجاري الثانوي أبو غزالة أثناء رحلة للبر عام 1952 صورة التقطت عام 1952 القبس
من قديم الكويت رياضة المدارس.. ما أحلى الرجوع إلى ذكرياتها
إعداد يوسف الشهاب
في كل حديث عن تاريخ التعليم الثانوي في الكويت تأتي ثانوية الشويخ في طليعة هذا الحديث وتمثل جانباً كبيراً منه. هي باكورة مدارس هذه المرحلة حين افتتاحها في العام الدراسي (1953، 1954). وفيها تخرجت أجيال طلابية متتابعة تبوأت الأعمال الوظيفية والحكومية والقطاع الخاص في مختلف التخصصات. وفوق هذا فإن ثانوية الشويخ هي تاريخ قائم بذاته في المهرجانات السياسية والرياضية والاجتماعية، وهي دائماً ضمن جداول زيارات ضيوف الكويت منذ افتتاحها، وما زيارة المجاهدة الجزائرية جميلة بوحريد لهذه الثانوية ضمن زيارتها للكويت إلا خير دليل على مكانة وتاريخ ثانوية الشويخ.
وأما في الجانب الرياضي فقد شهدت العديد من المهرجانات الرياضية السنوية لجميع المدارس، وعلى ملاعبها أقيمت المباريات الكروية، سواء على صعيد المنتخب الوطني والعسكري أو على صعيد بطولات المدارس. ومن هذه البطولات استقطبت الأندية الرياضية اللاعبين الذين انخرطوا في فرق الأندية وشكلوا دعامة وقاعدة لها في مختلف الألعاب. الحديث عن ثانوية الشويخ طويل ومتشعب وذكريات لا تزال في أذهان كل طالب جلس على مقعد من مقاعد فصولها وأقام في منازلها الداخلية الطلابية أو مارس هوايته الرياضية في ملاعبها.
الصورة من اهداء الأخ مصطفى العدساني، وهي للفرق الرياضية في ثانوية الشويخ، وقد التقطت عام 1963. وفي الصورة من اليسار جلوساً: أحمد النجدي، يوسف الرومي، فهد بوقماز، الأستاذ يحيى شعيب، الأستاذ سليمان المطوع، ثم ناظر الثانوية، مدرس التربية البدنية، غير معروف، محمد القطامي، غير معروف.
الصف الثاني: فيصل القطامي، راشد مبارك، بدر الحداد، يوسف السميط، فرحان الفرحان، قاسم، سالم مبارك، سرور سالم، سامي مرجان، عبدالمحسن الفرحان، محمد السباح، مطلق العصيمي، بدر العميم، علي عسكر، طارق الريس، أحمد البصري، فاروق العمر.
من قديم الكويت مجلس المعارف في مركز التدريب على الطباعة
إعداد يوسف الشهاب
عرفت الكويت نظام مجالس الدوائر التي تحولت بعد الاستقلال الى وزارات.. وكانت تلك المجالس يتم تشكيلها بالانتخاب حيث يقوم المجلس لكل دائرة بوضع سياسة العمل وتنفيذها من جانب مديري الدوائر وبإشراف من الرؤساء فيها.. ولقد اثبتت المجالس قدرتها على تطوير الدوائر رغم الظروف المادية والبشرية التي كانت تعاني منها واثبت الاعضاء فيها انهم جاؤوا الى العمل والانتاج بعيدا عن المصالح الخاصة التي لم تكن في اعتبارهم.
وفي كثير من الاحيان يعترض اعضاء المجالس على سير العمل بالدائرة مع الرئيس، الامر الذي كان يؤدي بهم الى تقديم استقالاتهم لعدم رضاهم عن امر لا يرونه مناسبا ومخالفا للوائح.
كان هناك مجلس للبلدية وآخر للصحة وثالث للمعارف والاوقاف، ويترأس كل مجلس رئيس الدائرة من واقع منصبه كرئيس للدائرة، واما القرارات فيتم اعتمادها بالاغلبية وفي بعضها بالاجماع.
في عام 1956 قام مجلس المعارف برئاسة الشيخ عبدالله الجابر رئيس المجلس بجولة على مركز التدريب على الآلة الطابعة للكويتيين لدفعهم الى تعلم الطباعة وتشجيع الآخرين على الانخراط في التدريب، فكانت هذه الصورة التي اهداها للزاوية الاخ فيصل علي بنوان الغانم ويبدو فيها من اليسار رئيس دائرة المعارف آنذاك المرحوم الشيخ عبدالله الجابر، سمو الأمير الشيخ صباح الاحمد عضو مجلس المعارف في ذلك الوقت، وبينهما المرحوم علي بنوان الغانم عضو مجلس المعارف، والمرحوم محمد يوسف النصف، ثم المرحوم عبداللطيف ابراهيم النصف والمرحوم عبد العزيز حسين مدير المعارف آنذاك وعدد من الاساتذة في مركز التدريب.
هذه الصورة لم يسبق نشرها، تجمع أعضاء مجلس المعارف في الخمسينات من القرن الماضي في إحدى المناسبات ويظهر فيها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر والمرحوم الشيخ عبدالله الجابر الصباح وبينهما المرحوم الوالد علي بنوان يعقوب الغانم عضو مجلس المعارف في ذلك الوقت.
أول مختار لقرطبة يتذكر عبدالمحسن الحسيني: فريجنا سعود وغنيم أكبر أحياء الحي القبلي
عبدالمحسن الحسيني (مختار قرطبة)
أجرى الحوار جاسم عباس
الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنتين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، إلى ان حققوا الطموح أو بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، فإن قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين إلى الأيام الخوالي، القبس شاركت عددا من هؤلاء الأفاضل والفاضلات في هذه الاستكانة.
في مستهل لقائنا مع عبدالمحسن محمد الحسيني، قال: تنقسم الكويت قديما إلى منطقتين كبيرتين هما: الشرق والقبلة في الغرب، وهناك منطقة ثالثة صغيرة وحديثة بالنسبة لهاتين المنطقتين، وهي المرقاب، وكانت القبلة من المستشفى الأميركاني حتى قصر السيف. وأضاف: في القبلة أحياء كثيرة وأنا عشت في هذه المنطقة، حي غنيم القريب الملاصق لحي سعود، وفيها أيضا حي الصقر والبدر وابن عثمان والخالد، هذه أحياء تقع على البحر، وهناك أحياء أخرى تقع خلفها بعيدة عن البحر. وقال الحسيني: فريج سعود بالقرب من الفرضة نسبة إلى الشيخ سعود بن جابر الصباح، وأما فريج الغنيم نسبة لأسرة آل الغنيم ففيه براحة بوزبر.
وتحدث الحسيني عما يذكره من معالم فريج الغنيم، قال: خبازنا المشهور بخبز الخميرة وهو الخبز الإيراني الذي كان يخبزه بواسطة التنور، وكان ينقر الخبزة بواسطة أصابعه، وكانت خبزته محمشة المرغوبة، ونداف فريجنا وعبدالله الرحماني والد محمد وعبدالرحمن والجيولوجي محمود كان معي في المدرسة. والنداف هو الشخص الذي ينفش القطن ويبطنه في أكياس الفرش والمخدات، ولا أنسى قوسه الطويل وكان يضرب على الوتر ويصيب القطن. والكويتيون يسمون النداف ايضا «كطان». وكان في فرجينا خياط باكستاني رحمه الله، وحلاقنا سوري ما عنده غير المقص والمشط وكنا نسميه محسن أو مزين. وتابع: أما فريج سعود فمشهور بحفرة بوطيبان نسبة لأسرة البوطيبان، وكانت هذه الحفرة تجتمع فيها سيول الأمطار، ولها دور كبير كباقي الحفر في كل المناطق الداخلية، وكانت ملاذا للعب الأطفال وتربية الكلاب وصيد الطيور في أيام الربيع، وهناك أكثر من ثلاثين حفرة وكانت تحفر الأرض ايضا لغرض الحصول على الطين لبناء المساكن، ومن معالم الفريجين الغنيم وسعود، سكة صغيرة فيها بيت سكن لمدرسي المعهد الديني.
الجيران.. أين هم؟
وتذكر الحسيني الجيران الذين شبعت نفوسهم بروح الإيمان وكانت الحقوق مرعية ومعلومة بينهم، وكانوا يتنافسون في الخير، أين هذه العلاقة في عصرنا هذا؟! فكان حق الجار كحق الوالدين وصلة الارحام، كان الجار هو القريب، آباؤنا كانوا يوصوننا ويكررون النصائح «خير الجيران عند الله خيرهم لجاره»، و«من سعادة المرء الجار الصالح»، واذا مرض احدهم كانت الأدعية تعانق السماء له بالشفاء، وكانوا يقولون لنا: من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جارك، وكنا نحترم ونتعاون ونقدم ما نأكل لأربعين جارا من كل جانب، من هؤلاء الجيران الكرماء الذين إذا طبخوا أكثروا الإيدام والرز حتى يوزعوا، فريج الغنيم وسعود كانا يضمان عدة عناصر وطوائف ومذاهب لم نشعر بهذه الفروقات بيننا، كان الإسلام هو التوازن والتواؤم، وهو الوسيلة والتشابك والترابط وكنا كالجسد الواحد، منهم بيت جاسم العنجري والد السيد مشاري، وبيت السمكة، وبوتقي اشكناني، وبهمن، والنصرالله، وسيد حامد الطبطبائي، والخيزيم، وعبدالله البحريني، وبيت الروضان، وعبداللطيف شهاب، وبيت بن ربان سكن فيه يعقوب شماس والد سعيد وسامي، ولا ننس براحة السليم، والآن موقعها جزء من البنك المركزي «سعيد الهيلم» ثم بيت الخميس، ومنزل حسين الحسيني (ابو علي) بالقرب من بيت بوتقي اشكناني بالقرب من مسجد السرحان والمشهور حسب الاعلان بمسجد ياسين القناي.
وقال الحسيني: اما جهة الشرق منزل بوقريص والصانع، والحنيف، ومنزل الجيران والرويح، واما فريج سعود الملاصق لفريج الغنيم فلا ننس بيوت بهمن اصحاب البوم (السفار) الذي طبع عام 1947 اثناء عودتهم من الهند الى الكويت ضربت الاقدار هذا البوم حين هب اعصار اخذ السفينة بمن فيها الى قاع البحر ومعظمهم من عائلة بهمن، ومن هذا الفريج بيت المهيني ودكان اكبر انكي الضرير، رحمه الله، الذي كان يعرف كل قطعة في دكانه، وحتى العملة المغشوشة اذا اعطيناها له كان يطلب منا الانتظار يقوم بخرمها بمسمار ومطرقة ويرميها في وجوهنا، واخيرا قام بنقل الماء من بركة غنيم الى البيوت مع خالي علي الحسيني، وعلي مؤمن ابو الزلوف، ولكن قربة اكبر انكي اكبر القرب، والمسؤول عن البركة خالد الغنيم، وعلي جعفر والد عبدالكريم جعفر وكيل وزارة الصحة، وجده كان مؤذنا في مسجد السرحان، والامام ملا عثمان، ولا ننس من الجيران منزل السلاحي فريج سعود، وبيت المانع، ومنزل مرتوه وكلمد، ناصر المقهوي، ابن بحروه ــ سعد النجار جد عبدالرحمن النجار، ومنزل خالي علي الحسيني المؤذن والقارئ في الاذاعة الكويتية، وهو اول كويتي قرأ القرآن في الاذاعة واول مدرس للمكفوفين في معهد النور.وتذكر الحسيني من الجيران ايضا بيت الرشود والمنصور والطريجي، وفيصل الثويني بالقرب من مدرسة خالد بن الوليد، ومنزل محمد صالح الجوعان، وبيوت الفهد والعون والصرعاوي ومنزل القاضي عبدالعزيز حمادة رحمه الله.
وقال: اذا حلب البقرة بيت العنجري كانوا يوزعون على الفرجان، وحتى خبز الرقاق اذا جهز كان يدخل كل بيت من بيوت الجيران، وام مشاري العنجري كانت توزع الثلج على بيوت لا تملك الثلاجة، ونحن نصيبنا كان نصيب الاسد لملاصقتنا بهم، وثلاجة العنجري كانت تعمل على الكاز (كيروسين)، واتذكر عبدالوهاب السيد هاشم مدير الجمارك، واخاه عبدالحميد السيد المطرب المشهور، ووالدهم رحمه الله سيد هاشم مدرس في المدرسة المباركية، وكان يقيم «المالد» تلك الحفلة تردد فيها الادعية والتواشيح، جلسات تتلى فيها آيات الذكر والمدح لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهو الذي علم خالي علي الحسيني القراءة و«المالد».
بداية الدراسة في الأحمدية
وعن تعليمه قال الحسيني: درست في المدرسة الاحمدية عام 1952م التي تعتبر ثاني مدرسة نظامية تأسست عام 1920، وللاسف تهدمت ولم يحافظوا على هذا التراث القيم، ثم درست في مدرسة خالد بن الوليد سوق الذهب الحالي في منطقة المباركية، ثم نقلت الى مدرسة المباركية.
من الطلبة الذين عاشرتهم ودرست معهم: مشاري العنجري، واولاد العنجري، ومحمد تقي اشكناني رحمه الله، وعبدالله تقي، وعبدالله غلوم، وحسن رجب، وعلي رجب من الكنادرة، واولاد المنصور والسمكة ومن المدرسين: احمد ياسين، وجاسم الجناعي، ناظرنا كان صالح عبدالملك الصالح، ثم جاء راشد السيف، فتسلم نظارة الاحمدية احدى عشرة سنة، والمعروف عنه انه اعتزل النظارة وعاد الى التدريس.
انتسبت إلى الكشافة
وقال: عندما كنت طالبا في المباركية كانت الحركة الكشفية في الكويت متقدمة، ولها صيت وسمعة في العالم العربي، فالتحقت بها عام 1954م، وشاركت في عدة معسكرات التي كانت دائرة المعارف تقيمها في عطلة الربيع في قرية الفنيطيس على البحر، حركة تأسست في الكويت سنة 1937، واول معسكر كشفي كان في البدع، وجمعيتها تأسست 1955، والكويت تعتبر عضو في الاتحاد الكشفي الدولي، اضاف الحسيني: كان القائد احمد المهنا، وعلي حسن العلي، وقائد مدرستنا مدرس لبناني اسمه محمود الشيخ.
الكنادرة ليسوا وحدهم
وقال عبدالمحسن الحسيني: لسنا وحدنا الكنادرة الذين نقلوا الماء، وكان ايضا الاشكنانية وغيرهم، ولكن الاسم جاء نسبة لعصا توضع على الاكتاف مع قوطيين فيهما الماء، وغيرنا كانوا يوزعون بالقرب على اكتافهم، واصبحت التسمية مهنة لهم، وكلمة «كندرة» عربية، وهناك حي في مدينة جدة اسمه «حي الكندرة»، وعندما سألناهم قالوا: انهم من السقائين الذين كانوا يوزعون الماء على الاهالي من القديم، وايضا في مكة المكرمة شارع باسم الكندرة، وبعد الاستفسار عرفت ان هذا الشارع كان يمر فيه الكنادرة.
اضاف: اما من يدعي ان الكنادرة هم من قبيلة ما، فهذا خطأ او تسمية الى مدينة ما، فهذا ايضا غير صحيح، اجدادنا جاءوا من بر فارس، وهم اصحاب مهنة «نقل الماء»، وكما قال جدي رحمه الله، وسمعت منه ان الكنادرة عملوا في الخبازة اي وفروا الخبز للأهالي بالاضافة الى توفير الماء، وايضا عملنا في نقل الصخر من العشيرج ساحل البحر في جون الكويت الى السيف لبناء المنازل، وموقعه الان الصليبخات، وايضا نقلنا الصخر من بر غفي في الساحل الشمالي بين الجهراء والصبية، وعملنا في العماير ونشرنا الخشب، وبنينا البيوت في فريج سعود والغنيم، ولكننا اشتهرنا في نقل الماء.
وقال: اشهر من نقل الماء جدي حجي حسين الحسيني، وحجي مظفر، ووالد محمد حبيب بدر، واحمد مريد (عبدالسلام) وجماعتنا في الامارات والبحرين وقطر يلقبونهم بالهولة، اي تحولوا من العرب الى بر فارس هولة اي حوله الى اقرب منطقة لهم في الخليج.
العملات في الماضي
وتحدث عن العملة، فقال: انا من مواليد 1942م كان والدي رحمه الله يعطيني بيزة pies هندية اتذكرها من النحاس الاحمر، وهي جزء من 64 جزءا من الروبية، سحبت البيزة من الكويت في عام 1957، واستبدلت بقطعة جديدة عرفت باسم ناية بيزة التي تعادل تقريبا واحد فلس و3/4 الفلس، وكانت البيزة لها قيمة جمعها بيزات، وكنا نقول: فلان ما عنده بيزات، او عنده بيزات أي النقود. وتذكر الحسيني العملة الدائرية المشرشرة عليها صورة الامبراطور جورج السادس والوجه الثاني كتب عبارة آنة. واما الفئات الورقية لم نكن نشاهدها الا عند الوالد او اصحاب المحال، وهناك روبيات تداولت في الكويت منها: ام صنم وهي من النيكل، ونصف روبية عليها رسم سنبلتين، واربع آنات قطعة من النيكل عليها «أسد اسوكا» وآخر روبية استخدمت عام 1959 وانتهت 1961، وقال الحسيني: ليعرف الأبناء والأحفاد ان الروبية الواحدة = 75 فلساً، نصف روبية 37.5 فلسا، 4 آنات = 18 وثلاثة أرباع فلس، و2 آنة التي كنا نذهب إلى المدرسة والبقالة = 9 وخُمس فلس، وواحد آنة نشتري حلاوة أو شوكولاتة = 4.8 فلوس، والبيزة = 1.2 فلس، وأما الآردي ثلث فلس، وهناك تسميات أخرى مثل: روبية الولد - روبية أصنم - بيزة أم صلعة وأم بنت والشايب، وأم چلاب - البرقشية - المتليك - آردي.
معلم.. مختار
وتحدث الحسيني عن الأعمال التي مارسها قائلاً: مهنة التدريس لعدة سنين في مدرسة العديلية ثم المأمون، ثم رئيساً لقسم الإعلام التربوي بوزارة التربية، ورئيساً لقسم العلاقات العامة بوزارة المالية، فمراقباً للمالية ولإدارة الضيافة، وبعد التحرير عينت مديراً لإدارة العلاقات العامة والإعلام بالهيئة العامة للشباب والرياضة عند تأسيسها، وحالياً، أعمل مختاراً لمنطقة قرطبة.. وتوليت رئاسة مجلس إدارة قرطبة التعاونية لمدة 3 سنوات في بداية تأسيسها، وكنت معداً ومقدماً لبرامج الشباب والرياضة من 1968 الى 1976. وأما عن المختارية فأضاف: أنا مختار قرطبة التي تشمل 5 قطع وسبعة مساجد وفيها مركز للشباب، من أعمال المختار أن يوفر خدمات أفضل للأهالي.
وتذكر مختار قرطبة الحسيني اول مختار للشامية وكان عبدالله المجرن، ولجزيرة فيلكا كان عبدالقادر محمد السرحان، واول مختار لقرية الفنطاس محمد الناصر الحمدان، والاحمدي، السيد عيسى بن عبدالمنعم، وللدعية النوخذة والطواش عبدالله ناصر الروضان، والخالدية والعديلية حمود البرجس، والفيحاء محمد مطلق العصيمي، ومختار المطبة يوسف الروضان، واول مختار للفحيحيل محمد جاسم الدبوس، ولمنطقة الشرق محمد شمس الدين، وللقبلة محمد صالح الحميضي، والدسمة مكي الجمعة، واول مختار لمنطقة قرطبة عبدالمحسن الحسيني.
ألفاظ وذكرياتنا
في الختام، تذكر بعض الكلمات التي لها علاقة بذكريات الطفولة في فريج سعود والغنيم وما زال لها صدى، ومنها: الواردة وهي مدفع رمضان وايضا لعبة شعبية عندما نحصل على مفتاح في احد طرفيه ثقب يربط في طرف عصا، ويربط بين منتصف خيط بطرفه مسمار، ثم يوضع في ثقب المفتاح البارود من اعواد الكبريت، ويوضع المسمار في ذلك الثقب ويضرب على الجدار فينبعث صوت مدو يصل الى مسامع البيوت.
لچمة: كانت تصيبنا قرحة في احد اصابع القدم بسبب السير او اللعب حفاة، حيث نصطدم بحجر وكنا نعالج اللچمة بوسخ الصفار او التبوّل عليها، او يصب كيروسين على الجرح، او الذهاب الى البحر يقال ان العلاج هناك.
بلبول: من ألعابنا من الخشب في اسفله مسمار صغير، ويدار بواسطة خيط من القماش يدعى «سفيفة» وكنا نردد: من عنده بلبول بلى - طاح بالطاسة بلى - وانكر راسه بلى.
هول: لعبة ليلية من 14 لاعبا كل سبعة يشكلون فريقا، لعبة تشبه لعبة كرة القدم، ولكنها من دون كرة.
«انتو سبعة وحنا سبعة
يالله قوموا نلعب هول
الكل منا يشجع ربعه
يحيا اللاعب يالله نقول»
براحة: هي الساحة، لها ذكريات تقام فيها رقصة العرضة ونلعب فيها، وهي لجلوس كبار السن، وفيها المراجيح ايام العيد، ولا انسى براحة السليم وبوزبر.
وختم الحسيني بذكر عمل والده، في شركة النفط، وانتظارهم في ساحة الصفاة لنقلهم الى الاحمدي، ومن ثم عمل في الميناء مع خالي حجي الحسيني، ووالدك يا جاسم (عباس بوتقي).
من قديم الكويت العصر الذهبي الكروي.. تاريخ حاضر في الذاكرة
إعداد: يوسف الشهاب
حين كانت الرياضة الكويتية بصورتها العامة، ولعبة كرة القدم بصورة خاصة، تعيش عصرها الذهبي، سواء على صعيد المنتخب الوطني أو العسكري، كانت هناك بطولات وإنجازات استقطبت أنظار جمهور الكرة محليا وخارجيا، ولم تكن تلك الإنجازات الكويتية من فراغ، بل وراءها رجال من أهل الميدان لم يبخلوا بأي جهد في سبيل الكرة الكويتية ولم يفكروا في المنصب «البراق»، في أضوائه، ولم يسعوا لخلاف أو موقف في غير مصلحة الرياضة، كانت القلوب صافية، والأيدي متضامنة، والنفوس تتوق الى تحقيق بطولة، ومع أولئك كان اللاعبون على مستوى المسؤولية، فلم يبخلوا بوقت ولم يفكروا في الأنانية داخل الملاعب، ولم تكن الخلافات حاضرة، كل عوامل النجاح متوافرة، رغم قلة الحوافز المالية، وغياب الملاعب الخضراء، وحتى وسائل اغراءات اللاعب.. ومع ذلك، كان الاخلاص هو سيد كل شيء، من الإداري الى اللاعب، وحين اجتمعت كل هذه العوامل جاء النجاح وتحققت الانتصارات للكرة الكويتية.
في عام 1967 تقابل المنتخب العسكري الكويتي مع المنتخب العسكري التركي ضمن بطولة العالم العسكرية لكرة القدم، وقبل اللقاء دخل كل فريق حاملا علم الدولة الأخرى رمزا للعلاقات بين البلدين.
وفي الصورة، فريق المنتخب العسكري الكويتي حاملا العلم التركي واللاعبون هم: عبدالله العصفور (كابتن الفريق)، ثم مرزوق سعيد، عثمان العصيمي، ابراهيم الخشرم، حسن ناصر، أحمد الطرابلسي، آدم الحاج، حسين العسعوسي، وعبدالحميد المؤمن.. قديم الأمس الكروي الذي كم نتمنى ان تعود انتصاراته ونقاؤه في هذا الزمان!
من قديم الكويت العصر الذهبي الكروي.. تاريخ حاضر في الذاكرة
إعداد: يوسف الشهاب
حين كانت الرياضة الكويتية بصورتها العامة، ولعبة كرة القدم بصورة خاصة، تعيش عصرها الذهبي، سواء على صعيد المنتخب الوطني أو العسكري، كانت هناك بطولات وإنجازات استقطبت أنظار جمهور الكرة محليا وخارجيا، ولم تكن تلك الإنجازات الكويتية من فراغ، بل وراءها رجال من أهل الميدان لم يبخلوا بأي جهد في سبيل الكرة الكويتية ولم يفكروا في المنصب «البراق»، في أضوائه، ولم يسعوا لخلاف أو موقف في غير مصلحة الرياضة، كانت القلوب صافية، والأيدي متضامنة، والنفوس تتوق الى تحقيق بطولة، ومع أولئك كان اللاعبون على مستوى المسؤولية، فلم يبخلوا بوقت ولم يفكروا في الأنانية داخل الملاعب، ولم تكن الخلافات حاضرة، كل عوامل النجاح متوافرة، رغم قلة الحوافز المالية، وغياب الملاعب الخضراء، وحتى وسائل اغراءات اللاعب.. ومع ذلك، كان الاخلاص هو سيد كل شيء، من الإداري الى اللاعب، وحين اجتمعت كل هذه العوامل جاء النجاح وتحققت الانتصارات للكرة الكويتية.
في عام 1967 تقابل المنتخب العسكري الكويتي مع المنتخب العسكري التركي ضمن بطولة العالم العسكرية لكرة القدم، وقبل اللقاء دخل كل فريق حاملا علم الدولة الأخرى رمزا للعلاقات بين البلدين.
وفي الصورة، فريق المنتخب العسكري الكويتي حاملا العلم التركي واللاعبون هم: عبدالله العصفور (كابتن الفريق)، ثم مرزوق سعيد، عثمان العصيمي، ابراهيم الخشرم، حسن ناصر، أحمد الطرابلسي، آدم الحاج، حسين العسعوسي، وعبدالحميد المؤمن.. قديم الأمس الكروي الذي كم نتمنى ان تعود انتصاراته ونقاؤه في هذا الزمان!
إعداد: يوسف الشهاب
لا يخلو أي حديث عن التعليم في الكويت من تاريخ المدرسة الشرقية ودورها في حركة التعليم عندنا، خاصة في المرحلة الابتدائية، حيث لم تكن هناك مدارس لمرحلة التعليم الابتدائي كما هو الحال اليوم. واسم المدرسة الشرقية جاء نسبة الى موقعها بالحي الشرقي من مدينة الكويت العاصمة، مثل المدرسة القبلية التي سميت نسبة الى موقعها بالحي القبلي. وقد استقبلت الشرقية تلاميذ عائلات الحي الشرقي وكذلك الحي الأوسط لقربها من منازلهم، وكان التلاميذ يذهبون سيراً على الأقدام الى هذه المدرسة، حيث يبدأ الدوام صباحا وينتهي ظهرا ثم يذهب التلاميذ الى بيوتهم ويعودون بعد أذان العصر للدوام الدراسي الثاني، وكان يتكون من حصتين، مدة الحصة 45 دقيقة، بينهما فترة راحة لا تزيد على عشر دقائق، وينتهي دوام المساء قبل أذان المغرب. اما ملابس التلاميذ فلم يكن هناك بنطلون وقميص، بل دشداشة تشتكي من كثرة الغسل بالطشت، وغترة تعاني من الاستعمال لتنظيف الوجه أكثر من تغطية الرأس. واذ كانت بداية الدراسة بالمدرسة الشرقية مقتصرة على المرحلة الابتدائية، فإن دائرة المعارف، كما كان يطلق عليها قبل الاستقلال عام 1961، قد أدخلت المرحلة المتوسطة الى جانب الابتدائية لتوفير فصول لتلاميذ هذه المرحلة، كما أن دائرة المعارف قد فتحت فصلا للمرحلة الثانوية بالمدرسة الشرقية بالفترة ما بين 1947 و1953، حيث فتحت ثانوية الشويخ لتنتقل هذه المرحلة إليها، وظلت الشرقية مدرسة للدراسة الابتدائية.
الصورة أهداها للزاوية تلميذان من المدرسة الشرقية في مايو 1956، وهما: الدكتور فاضل العقيل واللواء المتقاعد محمد القبندي، مع عدد من تلاميذ المدرسة وناظرها في ذلك العام وهم:
الصف الأول (من اليمين): بدر ناصر بورسلي، جاسم الفضالة، غير معروف، غريب محمد، علي حيدر، بدر العيسى، غريب الغريب، علي سعدون البدر، يعقوب الجوعان، عبدالرحيم بستكي وعبدالوهاب التمار، والجالس المدرس محمد زعبلاوي.
الصف الثاني: فيصل السلطان، أحمد بوقماز، جاسم الموسى، يوسف حبيب، موسى راشد، حمد اللوغاني، عبدالله غلوم، محمد أحمد القبندي، محمد هادي العوضي، عبدالرزاق القضيبي وعيسى بوشهري.
فشكراً على هذا الإهداء.
من قديم الكويت 100 دينار هدية الفوز على منتخب العراق
إعداد: يوسف الشهاب
لم تقتصر العلاقات الكويتية ـ العراقية في مرحلة ما قبل الغزو البغيض واحتلال الكويت، على المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية، بل تعدتها الى ميدان الرياضة خصوصا كرة القدم، التي تعددت فيها اللقاءات بين فرق البلدين سواء على صعيد المنتخبات الوطنية أو العسكرية ضمن البطولات الاقليمية والدولية لاسيما تلك التي ينظمها الاتحاد الدولي للرياضة العسكرية، ولقد كان المنتخب الكويتي العسكري يضم نجوماً من اللاعبين في عقد الستينات والسبعينات، امثال عبدالرحمن الدولة، عبدالله العصفور، أحمد الطرابلسي، محمد الخطيب، عثمان العصيمي، مرزوق سعيد، حسن ناصر، راشد مبارك، عبدالحميد المؤمن، محمد الشراح، إبراهيم الخشرم، وغيرهم من نجوم الأمس في كرة القدم.
في عام 1962، زار المنتخب العسكري العراقي الكويت لاجراء مباراة مع المنتخب العسكري الكويتي على ملاعب ثانوية ضمن تصفيات العالم العسكرية.
ويروي اللاعب الدولي بكرة القدم في ذلك الوقت عبدالرحمن الدولة، ان الشيخ مبارك العبدالله، رحمه الله، وكان حينها رئيسا للاركان قد وعد بدفع مبلغ «100 دينار» لكل لاعب بالفريق الكويتي إذا خرج من المباراة فائزا، وكان لتلك المكرمة دافع قوي للاعبين في تلك الفترة، الامر الذي انعكس ايجاباً على اداء اللاعبين وتوجوه بنتيجة 2/4 لمصلحة المنتخب العسكري الكويتي، وبعد المباراة تسلم عبدالرحمن الدولة لاعب الفريق شيكا على البنك الوطني، وقام اللاعب الدولة بصرف الشيك وتسليم كل لاعب بالفريق مائة دينار على هذا الفوز.
الصورة التقطت عام 1962 قبل المباراة، حيث يبدو الشيخ عبدالله الجابر رحمه الله يصافح اللاعب عبدالله العصفور، ويظهر رئيس الاركان آنذاك الشيخ مبارك العبدالله الجابر، رحمه الله، ورئيس الوفد العراقي، كما يبدو حارس مرمى المنتخب العسكري الكويتي أحمد الطرابلسي.
القبس
چـراخ العراقية من يمتهن صناعة اليسر وچـراخ الكويتية من يمتهن جلخ السكاكين عبد الحسين چـراخ: جدي اكتشف اللغز أن جثة المومياء حنطت بالكهرمان
عبدالحسين جراخ
اجرى الحوار جاسم عباس
في سلسلة من حلقات «من قديم الكويت»، نقلب صفحات الذكريات مع الرعيل الاول من رجالات الكويت الذين تخضرموا في مرحلتي ما قبل النفط وما بعده، وطالما ان الحنين للايام الخوالي الى الكويت القديمة، كويت الخير والبركة والحياة الاجتماعية المتآلفة، هو القاسم المشترك الذي يجمعهم، فمن الانصاف ان يشمل معهم عددا من الوافدين من مختلف الجنسيات التي قدمت الى الكويت قبل 40 او 50 سنة، فجاهدوا وعملوا، كل في مجاله وما زالوا مساهمين في ورشة البناء والتنمية، ولن يستمر هذا التواصل والعطاء لولا محبتهم لهذا البلد الخيّـر ومحبة الكويت واهلها لهم.
في مستهل لقائنا مع عبد الحسين نصرالله علي چـراخ قال: چـراخ هو من يمتهن مهنة خرط مسابيح الكهرب والأبانوس والفاتوران (صندل نجفي)، ويمتهن ايضا صناعة اليسر مسابيح سوداء تقطع خرزها من صخور اليسر في البحر، وتعد صخور اليسر او الجسر من الاحجار الكريمة، وتطعم خرز المسباح بمسامير فضية صغيرة، ونحن في العراق نسمي هذا المسباح «الجسر المكاوي»، اي الچـراخ العراقي هو خراط جميع الاحجار الكريمة، واما انتم يا جاسم في الكويت، فالچـراخ هو من يمتهن مهنة حد السكاكين بواسطة عجلة خاصة تسمى المجلاخ كلمة عربية اصلها جلاخ
نقلت المهنة إلى الكويت
قال أبو علي الجراخ: ان خراطة المسابيح مهنة أخذتها من الآباء والأجداد، كلمة تعني أيضا الچراخة، مهنة المسابيح لنا من الكاظمية (بغداد) في سوق الآستربادي يلقب بسوق الچراخين، ولكن الزمن والظروف دعتني الى الكويت الحبيبة دخلتها في 1963، وأول ما عرفت فيها دروازة عبدالرزاق، وسكنت فيها خلف عيادة د. شودري بالقرب من منزل والد سيد عدنان عبدالصمد وسيد علي شبر، والمتروك، وزيد الكاظمي.
وقال: عملت بخراطة أو چراخة المسابيح المهنة التي نقلتها الى الكويت، وجدت ان أهلها يستخدمونها للتهليل والتكبير والاستغفار، وان المسباح في يد الكويتي عادة ولا يخلو جيب منه، وكثير منهم يقومون بفرك المسباح، خاصة الكهرب منه ثم يشمه.
علاج بالمسباح
وقال أبو علي: المسابيح أنواع متعددة، ولكن الكهرب القديم هو المفضل، وهو من الأحجار الكريمة كالمرجان والفيروز والبازهد، وهذه وغيرها عرف القدماء من أهل الكويت أو غيرهم ان استعمالها له فوائد كعلاج الكثير من الأمراض، وهذا الحجر الكريم «اللؤلؤ» يجلب من البحار، وجلبه الكويتي بعد عناء وجهد عرف أخيرا انه ينفع العين ويجليها، فضلا عن دخوله في تركيب أدوية الأسنان، ويداوي خفقان القلب والخوف والجزع والفزع. وحوله بعضهم إلى مسباح يمنع من حرقان البول ويداوي الدوزنتاريا، وهذا مسباح الكهرمان أو كما يسميه الكويتيون «الكهرب» وهو من بقايا النباتات المتحجرة، ويقال من دموع الأشجار الصمغية تتكلس وتقطع، وتسحب الرطوبة من الجسم.
ومسباح الكهرب لا يفارق الكويتي أو النجفي، كان قديما يستخدم للشم ومنه يضيء في الليل، وهو للتسلية ويفيد للتوازن النفسي، والسيطرة على الحركات العصبية، وكثيرا ما تجد البعض يلفه حول إبهامه، أو يقذفه في الهواء، وأحيانا يقوم بإحصاء عدد الخرز مع علمه أن عدد حبات المسباح 33 خرزة، وعرفنا المسباح أنه العابد الذي يسبح الله بصورة دائمة.
وقال چراخ المسابيح: الكهرب عرف منذ ملايين السنين، كان علاجا ومنشطا للدورة الدموية وإلى الآن، ويقضي على الأورام، خلق الكهرب للنساء، والأوروبي يستخدمه للأرواح الشريرة، والنساء للعقود، أشهره البولندي خاصة حول بحر البلطيق، والكويتيون كانوا يعالجون به مرض «أبوصفار» وهو التهاب الكبد واضطراب المرارة يعرف باليرقان، أعراضه اصفرار الوجه والعينين، وكانوا يقولون «طاكه أبوصفار»، تطحن قطعة صغيرة من الكهرمان (الكهرب) تؤكل فهي علاج أيضا للدماغ ومقو للقلب، وكل من يسبح بالكهرب لا يستغني عنه أبدا، وكان الهنود والبهرة قديما يحملونه معهم من الكويت إلى بلدانهم.
واضاف: الكهرب القديم موجود عند العوائل الكويتية ورجالها منهم كما عرفت وأخذوا مني وجلبت لهم من النجف الأشرف وبولندا وألمانيا: أولاد عبداللطيف الحمد، والمرحوم جاسم الصقر، والمرحوم العم بوحمد عبدالعزيز الصقر، وعبدالله المطوع، وعبداللطيف الروضان، وأبناء النفيسي، وأنا على علم بهؤلاء وما يملكون من الأنواع الطيبة، لأنهم يأتون عندي لتغيير خيوط المسابيح إلى القطن الأصلي الذي لا يضر حبات الكهرب. ومسابيح الكهرب عند عدنان زيد الكاظمي ايضا كمية لا بأس بها، وعند بيت المزيدي، وآل عبدال، وعند شيوخنا الكرام حفظهم الله للكويت، وهم ايضا يقدمون الكهرب كهدايا، واولاد سيد اسماعيل بهبهاني وعبدالرضا عاشور، يملكون كمية من الكهرب الاصلي، وانا بعت مسباحا واحدا بــ 2000 دينار.
وقال: هذه الانواع الجيدة من الكهرب اذا وضعتها عندك في البر والمخيمات تبعد الحيات والعقارب عنك بسبب الرائحة والمعجزة بداخل الحبات، واكتشف اخيرا ان المومياء في مصر والذي اكتشفه جدي «علي جراخ» ان التحنيط من حجر الكهرب، وجدي هو الذي حل لغز هذا التحنيط الذي حافظ على جسم المومياء، وعرف الخبراء اخيرا ان الميت اذا وضع معه الكهرب تبقى رائحته مقبولة كالليمون حتى يدفن بعد ساعات وايام. ومسباح المرجان من عجائب صنع الله حجر يخرج من الماء المالح يشبه النبات، التسبيح بالمرجان يقوي النفس ويعالج ضعف البصر، وكحل يقوي نور العين، ونوع آخر من المسابيح يسمى يسر (جسر) خرز المسباح يقطع من صخور اليسر في البحر وتعد من الاحجار الكريمة ويطعم خرز المسباح بمسامير فضية صغيرة ذات بريق لا فلزي، وما زال مسباح الجسر بيد الناس لا ينقطع من الاسواق العربية، يذهب الصداع، ويقوي العين وينبت الشعر، والكويتي المعرس كان غالبا يتباهى فيه ليلة زفافه، واليسر ييسر امره ليلة الدخلة، واذا انفعلت وخرجت عن طورك تنكسر حبة واحدة او اكثر وهو في يدك، وهذا اليسر يشاركك الزعل، يصنع اليسر في النجف الاشرف، ويباع في مكة المكرمة ولذلك يسمى بالمكاوي.
الفيروز
وذكر ابوعلي الفيروزج النيشابوري الذي كان بيد ثنيان الغانم، كما ذكر الفيروز الذي كان يرسله الى المغفور له الشيخ محمد الاحمد الجابر الصباح والد سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح، واضاف:
والدي كان يرسل هذا المعدن الجبلي الترابي والزراقي في الخمسينات وبالعربية يسمى «الظفر» والفيروز بالفارسية وكما عرفت وسمعت من والدي وجدي أن يدا او كفا بها فيروزج ما افتقرت، ولا ترجع خائبة، ويظفر كل معه مسباح الفيروزج، وانه نزهة الناظرين، ويقوي البصر ويوسع الصدر، وتخضع الوحوش لحامله.
وقال: والدي رحمه الله كان يرسل من الكاظمية مسابح الفيروزج للشهيد الشيخ فهد الاحمد الجابر الصباح، وكان يرسل له ايضا المرجان، وكان والدي يرسل للمغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح مسباحا من العقيق مهداة من قبيلة آل بني تميم في العراق، والله سبحانه وتعالى يحب ان ترفع اليه في الدعاء يد فيها عقيق، العقيق امان من كلا بلاء خصوصا اليماني، وحتى لو كان هنديا.
سوق الشعير
وتحدث ابو علي عن سوق قضى عمره اكثر من نصف قرن فيه بين محله لبيع المسابيح وجرفه، والجلوس على عتبه، سوق يقع غربي سوق الزل والبشوت، وجنوبه سامة الصفاة، وكان يباع فيه الشعير وسمي سوق الشعير، واتذكر حتى بداية الستينات كان معبأ في خياش ويعرض عند بعض المحلات، وكذلك نوى التمر الذي كان يجلب بالابلام من البصرة، والشعير كان من المواد الرئيسية لأصحاب المواشي والحمير.
وقال ابو علي: ومحلنا في هذا السوق كان في البداية ملك الشيخ فهد السالم الصباح، نحن أهل الكاظمية نعرفه جيدا، لأنه درس في كلية الاعظمية في بغداد سنة 1942، وفي الكويت ترأس البلدية والانشاء، وكذلك الاشغال والصحة، توفي رحمه الله في البحرين عام 1959، كان ايجار محلنا في عهده 20 روبية، والآن أدفع كل سنة 542 دينارا، وهذا الايجار مشجع للذين يعشقون التراث، وجزاؤهم الف خير، من جيراننا في السوق أتذكر: جاسم الوزان ــ علي النقي ــ رجب الطباخ ــ بولند ــ علي العطار ــ البابطين ــ الرويشد ــ الوقيان ــ البغلي. وفي ليالي شهر رمضان المبارك كان يباع في هذا السوق اللبن الخالص، ولا انسى بائع الكبدة والكلاوي كان يلقب بـ «موجي» كان يشبع الجوعان من كرمه، وبالقرب من سجائر «روثمان» و«كرفن»، وعلي العجيل كان عطارا، وعبدالحميد ملا جمعة الصفار، كنت اشاهده ينظف القدور النحاسية برجليه، وصاحب التش المشهور بصوته ومناداته «توتون»، اي التبغ الخام (كلمة تركية تعني الدخان). وكان يبيع أوراقاً رقيقة تسمى «كاغد» يلف بعناية التتن حتى تصبح سيجارة وتسمى «زكارة لف»، وتوضع في علبة من الحديد او الخشب، وفيها أيضاً التبغ المسحوق، ولا أنساه حتى اسمه «مجيد أو حزام». وكذلك الغربللي صاحب المحل الكبير الذي عرف السوق باسمه والآن يسمى بشارع فلسطين، وكان يسمى سابقا سوق الصين، والجزء الشرقي منه يسمى بسوق السكر، ويطلق عليه «سوق البلدية»، وهو من انشط الاسواق، وما زال سوق الغربللي عامراً بالرواد والملابس والغتر والعقل، سوق يزدحم في شهر رمضان المبارك، لا أعرف لماذا غُيّ.ر اسمه الى سوق فلسطين؟
المقاهي منذ القدم
وقال جراخ: ضمت الكويت، ولا تزال، المقاهي الشعبية داخل السور والآن خارجه، وكان قديماً تقدم القهوة العربية فقط لروادها وبعضها يقدم الشاي والقدو (النارجيلة)، وكانت معظم المقاهي عبارة عن دكاكين صغيرة مع الكراسي الخشبية. والكويتيون يسمون صاحب المقهى براعي القهوة او راعي الجيخانة، ومن أصحاب المقاهي أتذكر عبدالحسين السماوي الذي كان يدير مقهى العوازم في سوق الشعير قبل الغزو الصدامي للكويت، وأثناء الغزو غادر الكويت وهو يقول: عيب علينا أن نكون في هذا البلد وبين أحبابنا واخواننا وجيشنا يغزوهم، كيف أتطلع الى وجوههم الطيبة، على الرغم من توسل البعض الا انه غادر، وكان يردد «صدام سود وجوهنا»، أعطى المقهى لاحد عماله، وأتذكر اسمه ياسين وأوصاهم بالشاي على الفحم لانه شرب روادنا، وكان بالمقهى «جايجي» الذي يقوم بايصال الشاي الى الدكاكين المجاورة، وكان الجايجي يضع على يده عدداً من الاستكانات تقريباً من سبع الى تسع، ويتجول في السوق وهو يصيح «شاي.. شاي»، وكان فناناً في الحمل والتقديم، وبعضهم يقوم باعداده للذويقين، وبالقرب من القهوة سوق الخبابيز فيه عدد من الكراشية يخبزون خبز تنور الواحدة منها تكفي وتشبع نفرين، وهناك عدد من النساء يبعن النخي والباجلا، وبعضهن يتفنن بالبيض واللبن والزبد.
سدارة
وتابع حديثه عن السدارة الفيصلية التي جلبها الى العراق من ايطاليا الملك غازي الأول (1912 - 1939) الذي ولد في مكة المكرمة وتوفي في بغداد ملك العراق، ابن فيصل الأول وخلفه 1933، والسدارة هي القبعة المتعارفة في تلك الفترة، لبسها رئيس وزراء العراق السابق نوري السعيد (أبو صباح) في العهد الملكي، جلب الملك معه 100 سدارة وزعها على الوزراء ضد الأتراك الذين كانوا يلبسون الشفقة التركية حتى تتغير ولا تلبس في العراق، والسدارة لونها أسود وبني وهي كلمة إيطالية.
الحمام العمومي
وتذكر أبو علي حماما قديما في منطقة سوق واجف، فكان عبارة عن صالة للاستقبال تضم خزانات خشبية وحوضين للماء الحار والبارد، وفي الحمام قسم خصوصي وآخر عمومي، والماء العذب هو المستخدم بالاضافة الى السدر والصابون، وهناك مدلك لمن يرغب، وأغلب رواد الحمام من العزاب، واتذكر كان صاحبه المرحوم محمود الششتري.
المقصب وبوابته
وقال: كنت دائما بالقرب من المقصب المكان الذي يذبح الأغنام والإبل والأبقار، والمقصب (المسلخ) مر بمراحل كما يذكر، وفي البداية كان قرب السوق الداخلي، وتم نقله الى شرقي الصفاة، ونقل بعد ذلك الى ساحل البحر خلف بوابة السور (بوابة المقصب).
وأخيرا قال أبوعلي: حافظوا على بلدكم، أنتم في خير ونعمة، عند كل بيت 5 الى 6 سيارات، لا تنازعوا ولا تتشاجروا تذهب قوتكم، حافظوا على شيوخكم هم مفاتيح الأمان، حافظوا على الأمان الذي أنتم فيه، انظروا الى شبرة الخضار والجمعيات التعاونية كل الخير فيها، فلننظر الى غيرنا كيف كانوا والآن كيف أصبحوا؟ لأنهم لم يشكروا النعمة، وكل ما صار عندنا في العراق نتيجة الخلافات والأحقاد والطائفية والمذهبية، الآن الكويت أسرة واحدة لا تختلفوا، أنا رجل الآثار والتاريخ، لا أريد أن يتكرر ما صار في العراق.
بداية النزوح مشينا 48 ساعة إلى رام الله على الأقدام محمد الهنيدي: عام 48 نزحت من فلسطين إلى الكويت
محمد عبدالرحمن الهنيدي
أجرى الحوار جاسم عباس
الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، إلى ان حققوا الطموح أو بعضا منه. ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، فإن قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين إلى الأيام الخوالي..
القبس شاركت عددا من هؤلاء الأفاضل والفاضلات في هذه الاستكانة.
في مستهل لقائنا مع محمد عبدالرحمن الهنيدي، قال: جئت إلى الكويت في 1948/12/31 بجواز سفر فلسطيني قادما بطريق البر من دمشق عبر العراق، عند وصولي أقمت في بيت مؤجر من آل معرفي على شاطئ البحر بمنطقة الشرق، وهو المكان نفسه المقامة عليه حاليا وزارة الخارجية، البيت كان مكونا من طابقين، العلوي مؤجر لابن عمي، والدور الأرضي كان ديوان معرفي، مقابل المنزل كانت محطة الكهرباء الوحيدة في الكويت والتي كان يملكها المرحوم عبدالله الملا.
وقال الهنيدي: أنا من مواليد 1926/11/10 من مدينة اللد في فلسطين، احتل الصهاينة المدينة بتاريخ 1948/6/9، وبعد يومين من احتلال المدينة طرق الجنود الصهاينة أبواب المنازل وأجبروا جميع السكان على الرحيل دون تمكنهم من حمل اي شيء مشيا على الاقدام وعبر الجبال، وفي شهر رمضان باتجاه مدينة رام الله بعد 48 ساعة وصلنا بحالة مزرية، كانت هذه بداية النزوح واللجوء، ثم الى مدينة السلط بالاردن، وبعد شهرين منحنا حق اللجوء الى سوريا، وكانت مدينة دمشق هي الملجأ.
بداية العمل بدائرة الجوازات
وتحدث عن بدايات عمله في الكويت بدائرة الجوازات مع ابن عمه الذي كان في الدائرة نفسها بعد مقابلة الشيخ عبدالله المبارك، وبعد سؤال المرحوم محمد جعفر، اخبرني بالتعيين براتب 350 روبية بوظيفة كاتب، وكان موقع المبنى المؤلف من طابقين في الجانب الشرقي من ساحة الصفاة على الطريق المؤدي الى قصر دسمان، في الغرب كان مكتب احمد الغانم يليه مخزن جاشنمال، ثم شركة التجارة العربية (عزت جعفر واولاده) وبجانبه شيرين بهبهاني، ثم الشارع الجديد، ومكتب عبدالله الملا، وجنوب ساحة الصفاة كان مبنى تحت الانشاء لبنك ايران والشرق الاوسط (بنك الكويت والشرق الاوسط)، ثم مبنى الامن العام قبل الانتقال الى قصر نايف، كانت ساحة الصفاة رملية وغير معبدة، والطرق المؤدية اليها غير معبدة باستثناء طريق دسمان، كان من زملائي بقسم الاقامة في الغرفة نفسها السيد يوسف السيد هاشم الرفاعي، والمرحوم ابراهيم عيد (كان احد مدرسي البعثة التعليمية الفلسطينية في الثلاثينات)، وفي الغرفة المجاورة المرحوم احمد المقهوي، وعبدالله عبدالغفور، وعبدالمحسن الخميس، واحمد الرندي المساعيد، وفي مكتب آخر سليمان المشعان وكان مسؤولا عن قسم العلوم.
وأضاف قائلا: بتاريخ 1949/1/15 استدعاني الشيخ عبدالله المبارك الى مكتبه وأخبرني بأنه تقرر إنشاء إدارة للأمن العام في الاحمدي، وقال: ولدنا الشيخ جابر الاحمد سيكون رئيسها، وأريد أن تعمل معه هناك، قطعنا الطريق الرملي مع الشيخ جابر رحمه الله عبر بوابة الجهراء ثم الفروانية الى مقر الامن العام الذي كان يقع على يمين مفترق طريق الاحمدي / واره، في ذلك الوقت، وكان المقر عبارة عن عدة خيام مزودة بمراوح كهربائية بالسقف واضاءة كافية، مكتب لي أنا، والآخر للمرحوم سليمان أبو كحيل أمانة الصندوق، وشكاوى العمال، وسكني كان في خيمة خلف خيمة المكتب، وصندوق للثلج، وفلتر ماء، ثم بني مبنى من اللبن والجندل للإدارة، وغرفة احوال ونظارة (توقيف). وفي عام 1953 تم بناء مبنى دائم لادارة الامن العام وهو المبنى الحالي نفسه، توسع العمل وانشئت ادارات جديدة منها: ادارة التحقيق رئيسها ومديرها جاسم مشاري الحسن، وادارة العمل للاشراف على العمال ومراقبة التوظيف بشركات النفط، عين السيد يعقوب القطامي مديرا، ويعاونه فيصل العون وعمر فهد العمر، كما عين فيها المرحوم محمد درويش العرادي بعد تخرجه.
اضاف: ومن الاعمال وكل بي صندوق الاعانات والنثريات الخاصة بالشيخ جابر الاحمد رحمه الله، وكنت مسؤولا عن التحقيق بحوادث المرور وشؤون الموظفين، والتحقت بشركة النفط بتاريخ 1966/11/12 بوظيفة آمر اداري في دائرة علاقات الحكومة، ثم بوظيفة ناظر قسم التوظيف وناظر تقييم الوظائف، واخيرا ناظر قسم الخدمات الادارية وخدمات المجتمع الى التقاعد 1981م.
النادي الأهلي
قال الهنيدي: كنت لاعبا، مارست كرة القدم في فلسطين وكنت عضوا بالاتحاد الرياضي الفلسطيني، وفي عام 1949م مارست هذه الرياضة ضمن فريق عربي تكون من مجموعة لاعبين من الاحمدي، ومجموعة من مدرسي دائرة المعارف، واندمجنا للعب مع فريق شركة النفط ومعظمهم من الانكليز وفي عام 1950 اتصل المرحوم يوسف ابراهيم الغانم وكان في ذلك الوقت عضوا في الهيئة الادارية للنادي الاهلي، وطلب مني ان اشترك باللعب مع النادي الاهلي (الكويت حاليا)، وافقت شرط أن ألعب من دون تعارض مع فريق الأحمدي، كان يأتي أبو إبراهيم قبل كل مباراة ويقلني بسيارته بنفسه ويعود بي إلى الأحمدي بعد كل مباراة، وكنا نتناول معه العشاء في مخيمه خارج السور ونشاهد الأفلام السينمائية.
وفي عام 1953 تلقيت اتصالا من الأخ عبدالعزيز جعفر، كان في النادي الأهلي، وقال لي: الشيخ عبدالله المبارك يريد أن يكلمك، قال لي الشيخ: يا محمد أريدك أن تلعب مع النادي الأهلي فقط وهذا أمر. وأغلق الخط، لم يكن أمامي إلا الامتثال لذلك الأمر، وهكذا اندمجت مع الأهلي حتى تاريخ اغلاق الأندية في عام 1959، وكان فريق النادي يتكون من اللاعبين التالية أسماؤهم:
إبراهيم المواش - كابتن الفريق، شاهين الزرقا، عبدالمحسن الفرحان، عبدالجليل حبيب (علاوي)، فضل ساندويتش، صبحي نصار، حسن الدجاني، شحيبر، تيسير الترتير، تاج (لاعب هندي)، وأنا محمد الهنيدي.
كان المرحوم الشيخ عبدالله المبارك الصباح هو الرئيس الفخري، وكان مبنى النادي من طابق واحد يقع في المكان الحالي نفسه لفندق شيراتون، يقابله في ذلك الوقت مكتب لشركة نفط الكويت، كان يضم قسما للتوظيف، وآخر للمشتريات المحلية.
وقال الهنيدي: في ذلك الوقت لم يكن في الكويت ملاعب لكرة القدم كالملاعب الحديثة، فقد كان هناك ملعبان نزاول فيهما المباريات، احدهما كان في الموقع الحالي لمجمع الصالحية، على ما اذكر، والآخر كان في الموقع الحالي لسوق الصفارين بمنطقة الشرق، الملعبان كانا رمليين، وكان يجري تخطيطهما قبل كل مباراة، ومن دون مدرجات.
مخزون الذاكرة
ومن خلال الأسئلة التي طرحت عليه وأعادت ذكرياته، قال: لم أزر الديوانيات إلا في المناسبات الخاصة فقط، أنا أحبذ المجلس القديم ولا أقارنه بالحالي، لان أعضاء مجلس الأمة القديم أرواحهم متعاونة، والانسجام هو السائد بين السلطتين.
وقال: أنا لم أتذوق الجراد في حياتي، وأما الفقع فلا جدال انه من ألذ المأكولات، ومن الصعب الحصول عليه كالايام السالفة، واما بالنسبة لمشاهدة برنامج تلفاز الكويت لم اشاهد الا نشرات الاخبار فقط، مع الاسف لا تطور يذكر اسوة بالقنوات الاخرى، واما سور الكويت الثالث للاسف الشديد كان هدمه وازالته في رأيي غلطة كبرى، ولو بقي لكان اهم شاهد ومعلم تاريخي، واما الرياضة واهمها كرة القدم في انحدار، اين العهد الذهبي ايام جاسم يعقوب والعنبري والدخيل...الخ؟ نحتاج الى بناء جيل كروي جديد.
قال: منحت اول جواز سفر كويتي في 1955/6/15 تحت رقم 1042، وعند صدور الجنسية دخلت على الشيخ سعد العبدالله وقال لي: هذا انت يا محمد بس مع السلامة، منحت على اثرها الجنسية الكويتية التي اتشرف بها.
الأحمدي أيام زمان
ومن ذكريات الهنيدي عن مدينة احبها وعاش فيها كانت في عام 1949 ورشة عمل ضخمة، وكان العمل على اشده ببناء شبكة الطرق والمبنى الرئيسي للشركة، وبناء المساكن المختلفة للعائلات والعزاب، وبناء الرصيف الجنوبي، قال: وعند اتمام تشييد اول بيت في المنطقة الوسطى من الاحمدي، خصص كهدية من الشركة لسمو المرحوم الشيخ جابر الاحمد، واقيم بهذه المناسبة احتفال كبير حضره سمو المرحوم الشيخ احمد الجابر، كان يستعمل هذا البيت لاستراحته، ثم بعد مدة انتقلت للاقامة فيه المرحومة عمته الشيخة مريم الجابر، وبرفقتها كل من الشيخ خالد الاحمد، والشيخ نواف الاحمد (سمو ولي العهد)، وكان لي الشرف بالتعرف عليهما، وكثيرا ما كانا يدعوانني وزميلي المرحوم عبدالكريم الشوا لتناول الطعام معهما او مشاهدة الافلام السينمائية.
وأضاف الهنيدي: كان الشيخ جابر الاحمد رحمه الله يحب مدينة الاحمدي، وملما بمشاريع تطويرها، مهتما بتشجيرها، وكثيرا ما كنت اصادفه يتجول في الاحمدي بسيارته يرافقه ابناؤه في ايام العطل ونهاية الاسبوع، وخصص رحمه الله مسابقة سنوية لاجمل حديقة في مساكن المواطنين الكويتيين، وانا كنت مكلفا بالتحكيم، وخصص كأسا من الفضة الخالصة في مسابقة سنوية بكرة القدم، وسميت بهذا الاسم نسبة الى الشيخ احمد الجابر حاكم الكويت آنذاك في السنة التي انشئت 1946، واطلق عليها الانكليز «عرب فلج».
خليل حبش: الفقر علّمني أكثر من المدرسة أرض المدرسة كانت مقبرة.. وكنا نشاهد العظام والجماجم
خليل إبراهيم حبش
جاسم عباس
الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالاً ونساء، إلى أن حققوا الطموح أو بعضاً منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، إلا أن قاسماً مشتركاً يجمعهم هو الحنين إلى الأيام الخوالي.
القبس شاركت عدداً من هؤلاء الأفاضل والفاضلات هذه الاستكانة.
في مستهل لقائنا مع خليل إبراهيم خيرالله حبش، قال: حبش من عائلة بني سليم، وهم منتشرون في المشرق والمغرب، بسبب الظروف التي مرت عليهم، فهاجروا من الجزيرة العربية بين الحجاز وعسير سعياً وراء العيش وهرباً من الحروب، ومن أجل «قانون البقاء».. أما أنا، فولدت سنة الجدري 1932، ولكن الطبيب قرر 1934.. والجدري وباء بقي بين أهالينا لمدة ستة أشهر، وقدرت الوفيات بأكثر من ثلاثة آلاف شخص أغلبهم من الاطفال، وباء عبر أسوار الكويت، وصل الى سكان البادية، وقد فقدت عائلتي بعض أفرادها، وبعضهم تشوهت وجوههم، اختان من اخواتي فقدتا البصر، وحتى أنا أصبت ولكن بدرجة خفيفة، وباء الجدري دخل كل البيوت، وحتى الحجر الصحي الذي تأسس عام 1904 لم يستطع ان يفعل المطلوب الا القليل، وقالوا لنا: «اللي ما مات بالجدري، أصابه العمى أو بثور في الوجه».
وقال حبش: ولدت بالقرب من دروازة العبدالرزاق من بوابات السور الثاني الذي انشئ عام 1811، وعلى ما ذكر في التاريخ الكويتي ان هذا السور له سبع بوابات، ولكن بقائي وطفولتي وشبابي كانت في فريج «البلوش» حتى عام 1953 عندما هطلت الامطار الغزيرة التي لا تذهب من ذاكرتي، وسميت «الهدامة» فانهدمت عشتنا التي كانت مبنية من القصب والبواري والجنادل، وأذكر ان الجيران انقذونا وسكنا عندهم، وهذه عادة الكويتيين في تلك الازمات، ومن ثم بنت الحكومة عشيشا في العديلية وانتقلنا من عشة الى عشة، ونظم لنا توزيع الاطعمة، ووفرت المواصلات (وانيتات) لابنائنا الى المدارس، كنت حينها ادرس في مدرسة النجاح في حي المطبة، وأتذكر كانت العشيش في صفوف متراصة كمعسكرات الجيش، وكل عشة
في وسطها فناء، ودورات المياه مقسمة بينها وهي عمومية، والمياه تصلنا بواسطة التناكر، وأتذكر كانت دوريات الشرطة تمر علينا بين فترة وأخرى، وعدد العشيش حوالي 500 عشة، وسكانها أقل من عدد العشيش لعدم رغبتهم بمثل هذا السكن، لأنها اثناء المطر «تخر» وتسرب المياه بين الشقوق، وكنا نقول: «ما خرت الا هي منكوبة»، والعديلية كانت صحراوية، كنا نصطاد الضب من الزواحف، كان يختفي في جحره، وكانوا يقولون لنا: احذروا منه اذا عضك ما يتركك، «والضب شبعان دبا» «والضب ما يعرف ربه الا نائم على ظهره».
وقال حبش: والعشيش الخالية من الناس كنا نستخدمها زريبة للكلاب، وأذكر انني سرقت كلبا مشهورا من أولاد المرقاب واسمه «ريشان» وأبناء جيلي يذكرون ذلك، وكنا نضع فيها طيور المردم أيضا، نصطاده بسهولة لأنه طائر غبي «مردم خثل اذا دش الليوان ما طلع»، وهذا المردم الغبي يختلف عن «مردمه» هي صخرة كبيرة تتخذ لردم الباب، وطائر المردم غالبا ما يتسلق بسعف العشة ولا يستطيع الخروج، والعديلية كانت موحشة لكثرة الحيات والعقارب والكلاب السائبة.
أعمل وأدرس معا
قال: درست في مدرسة الصباح، وأنا أعمل مع عمال المصارف، فأرض المدرسة كانت مقبرة فتحولت الى مبنى للعلم، وأتذكر عندما كانوا يحفرون الأساس كانت تخرج الجماجم وعظام الموتى، وأنا من العمال وكانت الأجرة اليومية للعامل 4 آنات، والبناي 8 آنات، أي نصف روبية، ولم أكن عاملا رسميا أساعدهم، وأجهز لهم الشاي وأقدم لهم السجائر، ودائرة المعارف تقدم لنا وجبة الغداء، وكنت آخذ جزءا من هذه الأطعمة وأوصلها لأهلي لأننا من الأسر الفقيرة، ووالدي كان قعيدا في المنزل، وكان 12 سنة تقريبا، والاستاذ يوسف عبيد هو الذي سجلني في المدرسة، ناظر المدرسة كان أ. حمد الرجيب، ومعلمنا فاضل خلف، وايوب حسين، وبعد ايام من الدراسة استدعاني احد الاساتذة، ولم يزل حيا اطال الله في عمره، فنظر الى قدمي وملابسي امام الطلاب كانت قذرة ومسودة، ودشداشتي مرقطة بالمرق والشاي، قال لي: انت في المدرسة ام ذاهب الى السماده؟ (محل تجمع القمامة) قلت له: انا من اسرة فقيرة لا نملك شيئا، ولم البس الحذاء في حياتي رغم وعورة السكيك، وانذرني «اذا لم تلبس النظيف لا تأتي المدرسة»، فذهبت الى البيت فمسكت عمود العيشة بكيت ساعات، فقال لي والدي: لا استطيع ان اكد على المدرسة، فتحتاج الى المصاريف المستمرة، وهذه الحادثة غير التربوية من المدرس، كانت من الممكن ان تحرمني من الدراسة والمعرفة، ولا توجد صناديق للمساعدة، ولكن بتعاون الاهالي تتيسر الامور، وفي اثناء بكائي دخل احد اصدقاء والدي السيد عيد بن مسلم القناعي (ابو محمد) سمع الحوار مع والدي، فأخذني الى السوق واشترى لي دشداشة جديدة وحذاء، فذهبت الى المدرسة وانا «كاشخ».
وقال حبش: ثم انتقلت الى مدرسة النجاح، كنت امشي كل يوم على قدمي، لا موصل لي ولا دراجة، الفقر علمني كيف ادرس واحصل على المراتب الاولى، درست تحت اضواء الكنديري ذلك المصباح النفطي، وهو عبارة عن علبة من المعلبات المحفوظة في وسطها فتيلة تشتعل وتضيء المكان، واعتقد أنها كلمة انكليزية من Candle اي المصباح، وكانت الفئران تتراقص حولي، ولا انسى عائلة القناعات وفقهم الله خالد السلطان العيسى، وعبدالله العيسى، وكذلك عبدالعزيز الشاهين الغانم، مساعداتهم جعلتني استمر بالدراسة، وشجعوني حتى اصبحت خطيبا في اللقاء الصباحي في المدرسة، وكنت القي بعض ابيات الشعر امام الشيخ عبدالله الجابر الصباح، والى الآن ومنذ الصغر لم اتحدث الا العربية الفصحى، واعتبر نفسي شاعرا، وعندي مئات الأبيات، والذي جعلني اعشق الشعر هو «شعر الفقراء» خاصة لحافظ ابراهيم بك وغيره، من أبياتي:
«كويت جنة الدنيا
إذا قانت أوطانا
فلا شرق ولا غرب
صوت عدلا واحسانا
فمثل كويتنا في الأرض
بين أناس ما كانا
سياستها كأعظم دولة
كبرى وسلطانا
ففي ظل الصباح حمى
إله العرش أعطانا
سحقا لمجلس أمة
دأبت على طحن الكلام
لم نلق غير جهامة
فمتى ترى نلقى الغمام
شحمت كروت رجاله
فعلى كروشهم السلام
والدود ينهش سقفنا
لم يبق منه سوى حطام»
الإخلاص حقاً
بعد وفاة والده رحمه الله اصبح خليل حبش هو الكادود (اي المعيل) الذي يكسب ويتعب ويخدم مهما كان مقدار ذلك الكسب، لانه اكبر اخوانه. -قال: كنت اكد من اجل الثواب، ومن اجل عبادة الله تعالى، وهذا هو الاخلاص حقا، وكسرت الطمع عن الدنيا، وأخلصت لله ولأهلي، وهذا من مقامات الموقنين، عملت وانا في السابعة من عمري، ذهبت الى الشيخ سالم العلي الصباح في دائرة الاشغال اطلب منه العمل، فقال لي ارجع الى دراستك عندما وجدني قصير القامة، وانا اصغر من عمري، وذهبت الى الامن العام أصبحت جنديا وكانت البندقية تحط في الأرض، والتحقت بالمدرسة المسائية الوحيدة في الكويت، المعهد الديني في دوار العبدالرزاق، وأكملت الثانوية في كيفان وتركت الجيش والشرطة والمباحث الجنائية والتحقيق وعملت في ديوان الموظفين، وأيام أزمة عبدالكريم قاسم كنت في المباحث الجنائية.
أضاف حبش: الجنائية والسياسية لا فرق بينهما، طلب مني أن اكتشف التجمعات العراقية خلف جبل سنام، ذهبت إلى إيران وعبرت شط العرب الى الفاو ومن ثم الى 14 جسراً حتى البصرة والزبير، وصلت جبل سنام من الخلف، ودخلت العراق بصفتي زائرا الى النجف وكربلاء كشخص إيراني حيث أتقن 7 لغات والفارسية من ضمن اللغات الأخرى «الإنكليزية، الهندية، البنغالية، الروسية، الفرنسية والصينية»، رأيت التجمعات العراقية، وحصلت على الأخبار المختلفة من الأهالي، وكانوا متحمسين بأن العراق سيستولي على الكويت، وعدت بالأخبار الطيبة للجيش الكويتي، وفي سنة 2003 دخلت للمرة الثانية مع الجيش البريطاني والأميركي وأصبحت مراقبا للمترجمين، وعملت في قوات الأمن التي تحرس المسؤولين الأميركيين، وحصلت على شهادات وميداليات، وبقيت 3 سنوات في العراق، وكنت أزود سلطات الحدود الكويتية بأخبار المهربين وانضم إلينا من العراقيين وغيرهم يخبروننا عن أنشطة المتفجرات المزروعة في طريق الجيش الأميركي.
يضيف: الإخلاص حقاً لبلدي الكويت، لقد شاركت في توضيح وإشهار موقف الكويت العادل في جنوب شرق آسيا ضد الادعاءات الصدامية الباطلة، والأحزاب والدول التي تؤيده، وعملت يداً بيد مع السفارات الكويتية في باكستان، وحصلت على شهادات من السفراء.
الأعمال متعددة
وذكر حبش الأعمال التي قام بها قائلاً: الأمن العام - المباحث الجنائية - ديوان الموظفين - سكرتارية الأمم المتحدة في نيويورك - البنك المركزي الكويتي - شركة نفط الكويت، ثم التقاعد. وبعد ذلك عمل حبش مندوباً في وزارة الأوقاف والهيئات الخيرية لبناء المدارس والمساجد والعيادات الطبية، وفي المنازل في منطقة بلوشستان، وبنغلادش، وتركت هذه المهمة وتوجهت إلى ترجمة معاني القرآن الكريم في روسيا، والآن أعمل في المسجد الكبير اصطحب الزوار الأجانب أشرح لهم عن دور المسجد في أكثر اللغات التي أتقنها.
وأخيراً حصلت على شهادة الماجستير في الاقتصاد، ومن قبل بكالوريوس في العلوم السياسية والأدب الإنكليزي.
حبش والضب قائد القوات الأميركية يقدم له ميدالية خلف جبل سنام مع القوات البنغالية شهادة من مركز الفرقان (موسكو) ميداليات تكريم لأداء جيد
القبس
صاحب اقتراح إنشاء ميناء الشويخ محمد قبازرد.. سيرة الأوائل
شخصية اجتماعية بارزة.. جمع صاحبها بين العمل الحكومي والتجارة وعضوية مجلس الأمة.. بالإضافة الى الحضور الاجتماعي والابداع بالهوايات والثقافة الغزيرة.
محمد حسين علي قبازرد.. المولود في الكويت عام 1918 في ظل أسرة كريمة.
تتلمذ على عدد من المعلمين.. منهم الاستاذ ميرزا حسن الشيرازي في المدرسةالاهلية، وقد درس على يديه اللغة العربية والنحو وكان في العاشرة من عمره. بعدها درس على يد أستاذ آخر هو السيد عمر السيد عاصم الازميري، حيث درس عنده اللغة الانكليزية الى جانب العربية، وتعلم على يديه اللغة التركية لشغفه في المزيد من الاطلاع.
دخل ميدان العمل في سن مبكرة، حيث كان في السادسة عشرة من العمر عندما عمل موظفا في دائرة الجمارك.. وما زال يتدرج من عمل الى آخر في الدائرة، حتى عين مديرا لشركة النقل والتنزيل الكويتية المعروفة باسم «حمال باشي».. وفي عام 1953 قامت الحكومة بتأميم الشركة وتحويلها الى دائرة حكومية باسم دائرة الموانئ، وقد تم تعيين المغفور له الشيخ خالد العبدالله السالم الصباح رئيسا للدائرة، وعين المرحوم محمد قبازرد مديرا للميناء وجاسم العنجري مساعدا له.
ومن خلال عمله الطويل في الجمارك والموانئ أحب محمد قبازرد عمله.. ولاحظ منذ سنوات شبابه الأولى طريقة العمل في الميناء.. فحضرته العديد من الافكار وراودته الآمال من اجل انشاء ميناء عصري وحديث في الكويت.. وقد كتب مقالا في مجلة كاظمة نشر في عدد سبتمبر 1948 تحت عنوان «حاجة الكويت إلى مرفأ» ذكر فيه حاجة الكويت الماسة إلى إقامة المنشآت البحرية التي من شأنها أن تؤمن حركة الملاحة والتجارة والعمل.. وذلك يكمن في إنشاء مرفأ عام يكفل لأكبر البواخر التجارية ان ترسو فيه كي تكون في مأمن من تقلبات الجو والعواصف، من خلال بناء الارصفة الملائمة لرسو البواخر والسفن لتفريغ حمولاتها بصورة مستمرة.
وكان سبب كتابته للمقال انه سمع ان الحكومة يومها عازمة على أن تبني ميناء في منطقة شرق.. فاقترح ان يكون الميناء في مكان أكثر امنا، وهو الشويخ التي تتمتع بغزارة مائها وموقعها الهادئ من العواصف لوقوعها بين ساحلين قريبين يجعل منها ميناء مناسبا بعيدا عن المدينة. وبالفعل تم العدول عن الفكرة السابقة، وبني ميناء جديد في منطقة الشويخ.
وقد استمر محمد قبازرد في منصبه كمدير لادارة الموانئ حتى 20 يونيو 1961 عندما نقل الى دائرة المالية والاقتصاد كمسؤول عن دائرة النفط (مكتب حكومة الكويت العام لشؤون النفط في الاحمدي) ليعتبر بذلك اول مواطن كويتي مسؤول عن دائرة النفط.
السفر والنيابة
وفور استقلال الكويت في 19 يونيو 1961.. بدأت التهديدات العراقية الجوفاء حول تبعية الكويت للعراق.. ورأت الحكومة في ذلك الحين ان ترسل وفودا الى جميع دول العالم لشرح قضية الكويت واستقلالها.. وكان محمد قبازرد احد اعضاء الوفد الذي كلف بالتوجه الى دول شرق آسيا، ومثّل الكويت خير تمثيل.
ولا يخفى ان السفر كان من هواياته، فكان منذ مطلع الخمسينات يجول بين دول العالم حبا للاستطلاع والاستمتاع.
وبالمناسبة نذكر ان المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح كان قد اوعز للمرحوم محمد قبازرد ان يمثله شخصيا في عام 1954 في مؤتمر دول ما وراء البحار الذي عقد في العاصمة البريطانية لندن.
وكان عضوا في مجلس ادارة بنك الكويت المركزي عند تأسيسه في عام 1968، والذي كان يرأسه الاستاذ حمزة عباس ميرزا اول محافظ للبنك المركزي.
وعند وضع الدستور والدعوة الى انتخابات مجلس الامة في يناير 1963، قام بترشيح نفسه عن الدائرة الانتخابية الاولى (الشرق)، وفاز بالمركز الاول بجدارة، اذ حصل على 828 صوتا.. ويعتبر محمد قبازرد اول نائب وعضو مجلس امة في تاريخ الكويت، حيث حل في المركز الاول في الدائرة الاولى في اول انتخابات نيابية في تاريخ الكويت الحديث.. وانتخب عضوا في اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس.
ولم يكتب له النجاح بعد ذلك، حيث خسر انتخابات مجلس 1967 بحصوله على 491 صوتا في المركز السابع، وخسر ايضا في انتخابات مجلس 1975، حيث حصل على 635 صوتا وحل في المركز السادس.
هواية التصوير
يرتبط اسم محمد قبازرد مع هواية التصوير، حيث يعتبر من رواد التصوير السينمائي، فقد بدأ مع التصوير في عام 1941، حيث كانت بدايته مع التصوير الفوتوغرافي في وقت كان فيه تداول آلة التصوير ينحصر في عدد لا يتجاوز اصابع اليد من الهواة، ثم ما لبث ان تمرس في التصوير السينمائي في عام 1948 بافلام 16 ملم ثم افلام 8 ملم وبعدها سوبر 8 ملم. ولم يكتف بالتصوير في الكويت، حيث لم تفارقه كاميرات التصوير السينمائي خارج الكويت، حيث سجّل مشاهداته على أشرطة السينما المتحركة، ابتداء بالصور الأبيض والأسود ثم بالألوان، فالألوان مع الصوت بفضل تقنية آلات التصوير.
وكان من أبرز انجازاته أن أنتج فيلما وثائقيا عن الكويت أسماه «الكويت بين الأمس واليوم» وتجدر الإشارة إلى أنه كان هو المصور والمنتج، وكان يقوم أيضا بإعداد وتحضير التعليق باللغتين العربية والإنكليزية لجميع أفلامه الخاصة بأسفاره. وكان يقوم بتحميض جميع أفلامه في بريطانيا. وقد تم تقدير مجموع الأمتار الطولية لأفلامه بحوالي 40 كيلو مترا مصورا خلال 25 عاما.
وقد أنتج عدة افلام استطلاعية، وهي:
1ــ أوروبا.
2ــ حول العالم في 90 يوما.
3ــ آسيا الوسطى.
4ــ الشرق الأقصى.
5ــ روسيا وجاراتها.
6ــ بلاد الأندلس.
وقد علّق على تلك الأفلام بنفسه شخصيا، وتراوحت مدة عرض الأفلام بين ساعة واحدة وثلاث ساعات.
وكان ــ رحمه الله ــ يصور المناسبات الرسمية في الكويت، على هامش زيارة رؤساء الدول للكويت والمناسبات الشعبية والترفيهية والاجتماعية، وجلسات الدواوين والحفلات.
وكانت آخر أعماله السينمائية في عام 1973.
وأنشأ في عام 1968 قاعة خاصة للعرض السينمائي في منزله بالمنصورية، كي يشارك ضيوفه في مشاهدة أعماله السينمائية.
ومحمد قبازرد كان مثقفا بارزا وقارئا متميزا.. فمنذ صباه الباكر طالع كتب الأدب والشعر والفلسفة، وتصفح تاريخ الحضارات، وقرأ كتب الأديان مرورا بالعلوم العامة، وكان ديوانه منتدى أدبيا مساء كل أربعاء يجتمع لديه أصدقاؤه وأهل العلم والفضل والأدب إلى جانب العلماء ورجال الدين، وتدور الأحاديث عن الأدب والشعر ومختلف فنون العلم.
وقد تعلم لغات عدة، منها: الانكليزية والفرنسية والفارسية، والتركية.. كما أجاد التحدث بالأوردو والروسية.
ولم يغفل محمد قبازرد عن مد يد العون للمحتاجين، فأنشأ صندوقاً خيرياً شيد من خلاله المساجد ودور الرعاية الصحية والمؤسسات التعليمية في عدة دول اسلامية في آسيا وافريقيا والشرق الاقصى والولايات المتحدة الاميركية وكندا.. وساهم في طباعة وتوزيع مؤلفات باللغة العربية واللغة الانكليزية تتضمن مبادئ الدين الاسلامي الحنيف. وقد انتقل الى جوار ربه في 22 يونيو 1987 اثر مرض عضال عن 69 عاماً.
إعداد يوسف الشهاب
يمضي الزمان بالإنسان بعيداً، فلا يبقى لديه سوى الأمس البعيد بكل ما يحويه من ذكريات تعيد إليه جمال الطفولة والشباب، كما تعيد الأسى إلى قطار العمر الذي يتقدم بصاحبه من دون أن يعرف طريق العودة إلى نقطة البداية. وأيام الدراسة خاصة حين تكون بدايتها بعيدة في سنواتها، فإنها بالتأكيد لن تغيب عن ذاكرة أصحابها، سواء أكانت هذه الدراسة فوق مقاعد مدارس الكويت، أو في الخارج، حيث الغربة بكل ما فيها من غياب عن البلد والأهل والأقارب والأصدقاء، وحيث الترحال والعيش في مجتمع قد يكون مختلفا في عاداته وتقاليده، فيصعب التأقلم مع وضع جديد لم تعتد عليه النفس قبل ذلك، لكنها ظروف الدراسة التي تفرض على صاحبها الصبر من دون غيره حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وهو الذي يأتي بعد التخرج. في عام 1939 غادرت أول بعثة طلابية من أبناء الكويت للدراسة في القاهرة، ولأن تلك الرحلة كانت الأولى لأفراد البعثة، فقد كانت صعبة في ظروفها ومعاناتها، إلا أنها اعادت للكويت أبناء تسلحوا بالعلم، وخدموا بلادهم كل في ميدان تخصصه.
اليوم نلقي الضوء على ثلاثة من أربعة طلاب غادروا الكويت الى القاهرة للدراسة في جامعاتها وكلياتها، وشاءت ظروف الحرب العالمية الثانية ان يكونوا هناك بعيدا عن الوطن والأهل، ولم يعودوا الى وطنهم الا بعد خمس سنوات من التخرج رغم صعوبة الاتصال بينهم وبين الأهل.. الصورة يبدو فيها (من اليمين): المرحوم يوسف مشاري الحسن، المرحوم عبدالعزيز حسين والمرحوم أحمد العدواني.
لقد ذهب أصحاب الأمس من الحياة، وبقيت الصورة وحدها تنطق بتاريخ ومشهد أمس مضى لا يعود. والصورة التقطت عام 1942
القبس
صفحات من الذاكرة
ولد 1890في الكويت ودفن في مقبرة الصوابر 1930 صفر: جدي كان يحاسب أهل البادية بعد أشهر من استلامهم البضائع
صفر علي صفر
أجرى الحوار جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فإن قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي.
في مستهل لقائنا مع صفر علي صفر قال: انا حفيد من ولد في الكويت عام 1890وتوفي عام 1930 ودفن في مقبرة الصوابر، كان، رحمه الله، يملك محلا في سوق الغربللي ومشهورا ببيع الدارسين والقهوة، بالاضافة الى سكر وشاي وعيش، كان اهل الصحراء يأتون اليه ويتزودون بالبضائع ويحاسبهم في الرحلة القادمة بعد ثلاثة اشهر او اكثر، وهذه عادة اهل الكويت، البائع والمشتري، خصوصا مع أهل البادية، كنا هكذا اهل الاخلاق وصفاء القلب والنفس، كان هدف الواحد منا ايام زمان الخوف من الله والرجاء والتوكل والرضا والصبر والشكر، وكان غرض الجميع البائع والمشتري والجار الارشاد والاصلاح، وكانت الصلاة قرة اعينهم، هذه حقيقة الانسان الكويتي نفسه ناطقة بالخيرات وحب الجميع لاجل الكويت «ان المحبوب ليس الا الوجود، والمبغوض ليس الا العدم». كانت الالفة والتواضع في السفن وعلى الجمال وفي السيارات، وجميع اسباب الحب مجتمعة في حق الله تعالى وحق بلدنا الكويت. هذا عمي عبدالنبي صفر علي كان غواصا مع النوخذة ابن زوير ومع الطاحوس، وبورسلي، والنجدي لسنوات طويلة، لم يعرف الا التزاور والتآلف، كانوا إلفة مألوفة، التسليم والمصافحة والمعانقة حبلهم الممدود، كما كانوا يتسابقون بالسلام اولا.
السكة مدخل ضيق او شارع او زقاق، والمكان الضيق يقال له داعوس او السكة الملتوية، وفي الكويت القديمة دواعيس كثيرة، واما الطريق المسدود المغلق فيقال له «سكة سد».
وقال صفر: نحن من الحي الشرقي من الديرة وبيتنا في السكة العودة المعروفة بكبرها ووساعتها، وكما يقول المثل لكل شيء صغير اذا كبر، «هذا صغير وهذا عود»، اما سكتنا فهي «عودة» فسميت «السكة العودة» وهي معروفة بين اهالي الشرق وفرجانه، سكتنا من الجنوب الى البحر نهايتها قبل الساحل، اتذكر حاجي الابرص دكانه على «العاير» (زاوية المنزل)، وكنا نجلس فيه، وبعض البسطات في العاير ونتواعد فيه، وفي سكة العودة دكان سلمان بالقرب من براحة الماص، وشاوينا موعدنا معه عند مسجد ملا حسين التركيت، وسخولنا (اغنامنا) تدل وتعرف المنازل لا داعي لمن يوصلها، حلاقنا حيدر والمطهر ابوصفر رحمه الله، جمعونا ونحن حوالي ستين ولدا، الكبار منا هربوا خوفا من الختان والموس، امسكوهم بعد ان انتهوا منا، ختاننا في حوطة الصبور او ما تسمى «السدرة»، وكل يوم نمشي على شكل طابور الى البحر لتنقيع القماش وسقوطه بعد ايام.
وللأمانة علينا ان نذكر ابو صفر والهندي لدورهما في الختان والتطهير، وكما سمعت من اهلي ان المطهر ابو صفر كان يأخذ دجاجة بياضة هدية مقابل كل ختان، واما خبز فريجنا فكان يعمل من تنور بيوتنا المصنوع محليا من الطين الحر او التبن يضاف اليه للتماسك، والوقود كان الجلة، ويوضع في التنور ايضا النخي والباجلا والصبور.
الأعمال
قال صفر ابو عاشور: عملت مع هارولد ديكسون، وكيل سياسي بريطاني في الكويت توفي عام 1959، واوصى بدفنه في مقبرة الاحمدي، كنت اجهز القهوة من طحنها الى محماسها بالوعاء المقعر وحمصها، وكنت اصب له ولضيوفه القهوة المرة الكويتية المشهورة، ومن عاداته لا يقدم التمر او الحلوى اثناء تناول القهوة، سألني أحد الضيوف عن السبب فسألت ديكسون فقال لي اشتر من جيبك (حسابك)، وكانت زوجته ام سعود ايضا تشارك زوجها في الاستقبالات والاحاديث وكانت دائما تقابل النساء القادمات من البر ومن الداخل، وكان محمد مندني (والد جاسم ويوسف) مسؤولا عن المشتريات عند ديكسون، والطباخ بو شهري وعنده مسؤول خاص عن الخيول، وابو سعود (ديكسون) عنده كلب سلكه او سلوكي «سلوقي» معروف للصيد خاصة الظبا والارانب، وهذا الكلب الوحيد في الكويت الذي كان لا ينبح، وحديثنا هذا يذكرنا بالمثل: الكلب ما ينبح الا عند باب اهله، وكلب ديكسون لا تسمع له صوتا لا عنده ولا عند غيره، وعنده طاووس وبعض الدواجن، وابو سعود عنده اسكلة (Escale) رصيف خاص في البحر قبل بناء الموانئ، وكان ديكسون يتزود بالماء من بركة الشملان، وكان راتبي 5 روبيات عند ديكسون.
وقال ابو عاشور: ثم عملت عند ديسوزا مدير البنك البريطاني للشرق الأوسط، كان موقعه عند البهيته، وبالقرب من حفيز عبدالله الملا (مكتب) والخرافي، والحفيز (المحل الكبير له أبواب عدة)، أما الدكان فله باب واحد، وكان منزل ديسوزا بالقرب من منزل أحمد سنجر، وينتقل من منزله إلى البنك بالدراجة الهوائية.
وعمل أبوعاشور مقاولا في الميناء مع حسن عاشور، وفتح مكتب سفريات، وبنى أول مسجد في وارة أثناء مقاولته بين بيوت عمال وموظفي شركة النفط، وزرع طريقا بين سعد وسعيد وقصر المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح في جزيرة فيلكا.
رمضان كريم
وتذكر أبوعاشور كلام الآباء والأجداد والكبار من الأولين أن شهر الله قد أقدم، واعلموا يا أولادي أن الصوم أجره عظيم وثوابه كبير، غضوا أبصاركم، واحفظوا لسانكم، وكفوا سمعكم عن كل ما يحرم أو يكره استماعه، وكفوا بطونكم عن الحرام والشبهات، ولا تستكثروا من الحلال وقت الافطار بحيث يمتلئ جوفكم، إذ ما من وعاء أبغض إليه عز وجل من بطن ملئ من حلال، فهذا شهر رمضان مضمار لخلقه، يستبقون فيه لطاعته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلف أقوام فخابوا.
قال: كنا نخرج للاستهلال عند المستشفى الامريكاني وعندما يثبت نرجع مشيا على الأقدام إلى الشرق، وفي الطريق نأخذ معنا نصف قالب من الثلج من ماكينة الغانم، وهذه عادتنا اليومية مع الثلج، والطوب، أي المدفع، يثور، ونسميه «واردة»، وهو مدفع رمضان ينطلق عند الافطار، كنا نتجمع في الحي وبعضنا يذهب إلى مكانه على السيف ونشارك بوضع الأوراق والأكياس الفارغة.
قال: ابوطبيلة صاحبنا الكل يعرفه يطوف بين سككنا في وقت الأسحار يوقظنا، ونداءاته تسمع والأولاد يرددون معه:
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
يا صايم يا نايم
اعبد ربك الدايم
كوم صل كوم صوم
كوم اتسحر بالمقسوم
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
واشرب ماء الكراح
قبل لا يجيك الصباح
لا إله إلا الله
وأما أيام العيد فلا ننسى أخا صالح النشيط فداوي عند الشيخ عبدالله الجابر الصباح عنده حمار يصبغه بالحناء ونركبه من فريج إلى فريج.
الملا معلمنا
قال بوعاشور: ملا رضا إسماعيل كان يعلمنا القراءة، خاصة القرآن الكريم حفظنا على يديه، وكان يهب الحياة بالكرامة والعطاء، واذا تحدث وفسر كله علم يبني العقول والنفوس، واذا جلس أمامنا ليشرح آية تشعر انه في الليل سهر وبحث في الكتب، وكلما جمع معلومة قدمها لطلابه وسهل الدرس، أخذنا العلم منه شهياً طيباً، هذا معلمنا وملانا شيّد جيلاً صالحاً، وكما أدوا البقية من معلمينا في الماضي، نعم يطبق عليهم قول الشاعر أحمد شوقي:
قم للمعلم وفّه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أَعلمت أشرف، أو أجل من الذي
يبني وينشئ أنفسا وعقولا
وما زلنا نذكر معلمينا ومطوعينا وملالينا هم شموع الأجيال وسادات ناطحوا الحياة وحملوا الأمانة، وسهلوا الطريق.
وأقول للحاليين ان المعلم من أنار بعلمه عقول الأبناء، لانه الصادق والدليل والمجاهد ويذلل الصعاب، ازرعوا المحبة كما زرعوا، وعرفونا الحياة بالعلوم والقرآن. وذكر أبو عاشور إخوانه الطلبة الذين درسوا معه هم الشموس هم الحياة هم الإخوة قلوبهم كبيرة، كانوا مثل الجبال الراسخات الشامخات، اذا التقينا نستشرف المستقبل. قال: لقد انبهرت وأعجبت وما زلت أتذكر التواضع الذي تميز به سمو الأمير الراحل، وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله، حيث كانا في قمة التواضع أثناء الدراسة، ولم أشعر يوما بأنهما يختلفان عنا، مما زاد رصيدهما في قلبي، وكانا ملتزمين بالدراسة، وفي هذا يرجع الفضل الى والدهما الأمير الراحل المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي علم أولاده كلهم التواضع، وما زلت حتى الآن أتذكر موقفهما وتعاملهما معنا، وأيضا كانا يقدران ويجلان المربي الفاضل ملا رضا إسماعيل رحمه الله، وكنا نحن نقدره، وكما قال أحمد الرجيلي:
وافرش بساط الزهر في طرقاته
أكرم به وارفع له القنديلا
ولو كان شوقي رحمه الله عاش معنا في تلك الأيام لألف وكتب قصائد طويلة تشفي العليل، وملانا كالشمس التي قد أحرقت نفسها لكي تضيء الدروب، أقول وأقول قم لهؤلاء الأفاضل وفهم التبجيلا، درسونا القرآن ترتيلا.
الختمة
مناسبة مازالت سعيدة في ذاكرتنا لا تنسى، عندما أكملت تلاوة القرآن وحفظنا أجزاء كثيرة من السور والآيات، كانوا يطلقون هذه المناسبة عليها «الخاتم»، ولا ننسى الهدايا والنقود والبشت والعقال والدشداشة النظيفة، وحامل السيف في اليد اليمنى، والدعاء الخاص بهذه المناسبة يدعو بالتحميدة، وهذا بعض ما أحفظ من الأبيات.
الحمد لله الذي هدانا
للدين والاسلام اجتبانا
سبحانه من خالق سبحانا
بفضله علمنا القرآنا
نحمده وحقه أن يحمدا
ما فتق الزهر وما طاح الندى
ثم الصلاة كلما الحادي حدا
على الذي قد جاء بالهدى محمدا
هذا غلام قد قرأ وقد كتب
وقد تعلم الرسائل والخطب
تربية الحمام
ومن هوايات صفر علي اهتمامه بالحمام وهو صغير كبقية اولاد الكويت، وافضل نوع هو: حمام قلاب، اي قلابي وحمام وقواق، وباهو، ومن الهوايات المحببة عند الكبار والصغار، هواية فيها التنافس والتفاخر والحركة واما حمام «الدشي» فهو من اسوأ الحمام، حيث إنه بليد وغبي، ولكنه يتكاثر بسرعة ولحمه جيد للاكل.
وقال: كنا نعتني بالحمام في المسكن المعلق على الجدران المصنوع من علب التنك والصناديق الخشبية، ونقدم للحمام الوجبات الكاملة الافطار والغداء والعشاء، وكنا نطير الحمام من الجهراء الى الشرق، نحمله بسيارات الاجرة من ساحة الصفاة، ونتغدى في القصر الاحمر ويبدأ السباق كالمعتاد شتويا وقبل وصولنا الى بيوتنا نجد الحمام امامنا، ولا جوائز ولا حوافز فقط هواية ووناسة، وكل شخص يربي الحمام يسمى «امطيرجي».
نحن والغزو
قال ابو عاشور: افتخر ان ابنيَّ اللواء المتقاعد علي وعاشور رفضا الانسحاب من القاعدة الجوية، وتم اسرهما، ورفضا المشاركة في الحكومة الموقتة المزيفة، وفضلا الموت، يجب ان نفتخر كلنا لم يكن اي خائن على هذه الأرض الطيبة وبعد الغزو والدمار والالتحام بين ابناء الكويت، وصعدنا الجبال وردمنا الحفر اتمنى من اعضاء مجلس الامة ان يستشيروا كبار السن في دوائرهم ويسألوهم، هل هم موافقون على اي طرح او استجواب يمس ويفكك الوحدة الوطنية؟ وأتمنى من كل اعلامي ان يتبع مسيرة القبس، وعدم نشر اي خبر او مقال يمس بالوحدة الوطنية ويفرّق بين ابناء الوطن الواحد، نحن ابناء الكويت تصاهرنا وتناسبنا مع الشيعة والسنة، وحتى من القبائل نعم المصاهرة والنسب.
طمغة
تذكر أبو عاشور ختم الملا أيام زمان من الخشب، وكانوا يسمونه «طمغة» أو دمغة، ختم يضعه معلمنا على أرجلنا لكي لا نذهب الى البحر، وفي المساء يفحص علينا اذا أزيل الختم عاقبنا، ونحن من عشاق البحر، اقترحت على من كان معي بصنع طمغة عند النجار يشبه ختم ملا رضا، وكنت أختم على أرجل الأولاد قبل الذهاب الى المدرسة، وأحياناً كنا ندهن الرجل بالعداني (السمن البلدي من أغلب وأجود الدهون كان يجلب من البر بواسطة عكوك (جمع عكة) حتى لا يزال الختم بالماء، وملانا أو غيره لا يستطيع أن يعرف أو يكتشف الأمر، قال: ملا رضا رحمه الله اذا سمع بوفاة أحد الأشخاص، كان يتجول بين السكيك وينادي ويخبر بموته، وهذه عادة قديمة، وعندما يعلمون، يذهب الى المقبرة ويجهز القبر وغسل الميت. كان معلماً ومربياً وخيراً.
الوزير ابني
وقال ابوعاشور -وهو والد وزير الاشغال والبلدية الدكتور فاضل صفر-: عندما استدعي للوزارة اتصل بي وابلغني انه يريد رأينا، باركت له وقلت خدمة الكويت واهلها من سمات الشرفاء، بارك الله فيك يا ولدي، عليك ان تؤدي عملك بإخلاص، وتسمع كلام من هم اكبر منك. ابني الوزير لم يتغير، ولم تقل زياراته لنا، وعلى برنامجه الاسبوعي يأتينا ويتصل بنا كل ليلة، ونجتمع حول المائدة خاصة في شهر رمضان.
وقال ابوعاشور: في البداية اوصيت ابنائي وبناتي واحفادي، بالا اسمع منكم ولا تقولوا نحن اخوان او اولاد الوزير. كلنا في خدمة الكويت واميرها وولي عهدها والحكومة الرشيدة، وكونوا افضل من قبل ذلك بأخلاقكم واعمالكم ودراساتكم، وأنا شخصيا لم أستلم أي معاملة من الناس، ولكني أوصي أبني الوزير بمساعدة الناس ورفع الظلم عن المظلوم حسب القانون، وأنا مازلت هذا صفر وأبو عاشور المؤذن في المسجد، وقارئ القرآن، والأدعية بعد كل صلاة، وحتى إذا هاجم الوزير أي شخص في الديوانية لا أرد عليه وأوصيت أولادي وأهلي بذلك، وأما من حيث التجديد له في السنوات القادمة فنبارك له أيضا ونحثه على خدمة بلده وإخوانه المواطنين، وإذا لم يجدد له، فهو في خدمة الكويت ونحن معه في أي موقع، نحن للكويت، والكويت لنا، أجدادنا غاصوا وسافروا وبحثوا ودافعوا واستشهدوا ونحن على خطاهم، كسرنا صخر البحر، وركبنا المراكب، وأقول لأرضها أنت البركة، ولك من يحميك، حبيبتي اطمئني أنت سالمة، شهاداتنا وثائقنا مواقفنا تحكي قصة حبنا لك.
«اللهم أحفظ بلدنا من كل سوء»
أنواع السفن
ذكر أبو عاشور أنواع السفن الشراعية وأدواتها، واستغرب لعدم معرفة أولاد هذا الجيل بهذه الأسماء. قال من منهم يعرف «بغلة أو بقارة وبوم وسنبوك، وتشاله وشوعي وبتيل، وجالبوت، كوتية»، علينا أن نذكرها وندرس مواصفاتها وصناعها الذين خدموا الكويت. وعن أدواتها وأجزائها التي غابت عن ذاكرة هذا الجيل، منها: الفنطاس ــ الخن ــ الدقل ــ المرساة ــ البلد ــ المجداف ــ المردي ــ الشراع ــ الدفة ــ الدامن ــ فرمن، الشراع ــ الزولي ــ البيص ــ الميل ـ القلمي ــ الشونة ــ الجدوم ــ القوبار ــ الديرة ــ الجرخ.
حفر السيل
قال ابوعاشور: كانت في ديرتنا حفر كثيرة، ففي كل فريج حفرة او اكثر تجتمع فيها مياه الامطار، ولكل واحدة اسم ينسب الى من حفرها، وكنا نلعب فيها ونصطاد الطيور، وعلى ما أذكر البعض منها: حفرة الميدان، حفرة الروضان، حفرة ادغيم، الفلاح، المحميد، ابن غريب، العبكل، تيفوني، فيروز، حسين الوزان، حفرة ابن نامي، السبت، ادريس،ـ البوطيبان، العبدالرزاق، العوازم، اطبيخ، حفرة السوق، حفرة المسيل، الديين، الفارس، حبيب، والرشيد.. وذكر بعض اسماء الطيور في الكويت خاصة في فصل الربيع، منها: شوله، السّ.منه، الصعوة، حمام البر، الزرزور، إرهيز، حسيني، فكاكه، بصوه، والسلامي.
النقع
وذكر اسماء النقع على الساحل من الشرق الى القبلة منها: نقعة الشويخ - الشملان - النجدي - الروضان - العماني - بورسلي - القضيبي - معرفي - المعتوق - النقيب - ابن غيث - الغانم - علي بن نيان - المناعي - فجحان المطيري آل النصف - الخميس، وفي القبلة: نقعة غنيم - سعود - الرفاعي - الخرافي - نقعة حمد الصقر - البدر - العبدالجليل - العثمان لهم نقعتان وكما للخرافي ايضا، وهذه النقع قدمها اصحابها مجانا للمواطنين لحماية سفنهم من امواج البحر.
صفر علي في شبابه وثائق الزواج صفر علي مع أولاده وأحفاده وثيقة الغواصين من عام 1835 (من اليمين) اللواء المتقاعد عاشور صفر وفاضل وجواد وعصام
06/08/2010
من قديم الكويت عبدالله الجابر في زيارة المعسكر الكشفي الرابع
إعداد يوسف الشهاب
كانت البداية الاولى للحركة الكشفية الكويتية عام 1937، حين شهدت الكويت أول معسكر كشفي عام أقامته دائرة المعارف في ذلك العام، وشاركت فيه مدارس الكويت للبنين. ومنذ ذلك التاريخ والحركة الكشفية بالكويت تشهد تطورا واهتماما من وزارة التربية لما للكشافة من دور كبير في غرس روح العمل الجماعي والاحترام والانضباط والصبر على المشاق. كما ان الجمعية الكشفية الكويتية سعت الى الانضمام الى اتحاد الكشافة الدولي الذي يقيم معسكرات دولية تشارك فيها العديد من دول العالم. كما ان هناك معسكرات عربية تستضيفها الدول بين وقت وآخر بهدف توطيد العلاقات بين الكشافة العرب. ويتميز الكشاف بالزي الخاص به الذي يتكون من قميص خاكي وبنطلون قصير ومنديل يعلق بالرقبة وقبعة، كما ان للكشافة رتبا خاصة، تبدأ بالعريف وتتنوع لتصل الى رئيس الفرقة.
وتشهد المعسكرات الكشفية السنوية عادة اجتماع الفرق في موقع واحد تتنافس فيه بأنشطتها المختلفة من مشاريع تصنع من الشندل والحبال ومن اعداد الطعام والمسابقات الثقافية والرياضية، حيث توزع الجوائز على الفرق الكشفية الفائزة. في عام 1955 اقيم المعسكر الكشفي الرابع في منطقة الفنيطيس. وشاركت فيه عدد من مدارس دائرة المعارف كما في هذه الصورة التي يبدو فيها رئيس دائرة المعارف في ذلك الوقت الشيخ عبدالله الجابر خلال زيارته للمعسكر، والى جانبه المرحوم عيسى الحمد القائد العام للمعسكر، وعدد من المواطنين الذين حضروا حفل الافتتاح.
12/08/2010
الإذاعة في الكويت.. أسماء وتاريخ إذاعة دسمان وعزت جعفر 1938
عزت جعفر
إعداد أحمد ناصر
عندما تجلس في السيارة وتبدأ مشوارك إلى أي مكان، فإنك تحتار في اختيار المحطة الإذاعية التي ترغب بالاستماع إليها، لأن الخيارات الموجودة أمامك، وفي متناول يديك بين الديني والثقافي والغنائي والموسيقي والإخباري، تجعلك في حيرة من أمرك، بل إن بعض المحطات اليوم أصبحت كأنها ديوانية، ويمكنك في أي لحظة أن تكون جزءا من البث المباشر، هذا التطور الرائع كانت وراءه جهود قلما يعرفها الجمهور، في هذه الزاوية سنذكر لكم أسماء كان لها دور مهم في أن تجلس اليوم وتستمع بوقتك.
كان عام 1935 على الكويتيين مختلفا عن سابقه، ففيه عرفوا ولأول مرة جهازا يتكون من حديد وبلاستيك، ويلف بجلد أصلي بني اللون اسمه «الراديو» اعترض البعض في البداية، قائلين بأنه بدعة وضلالة، لأنه يتحدث بعدة لغات، ولكنهم توقفوا عن التحدث في هذا الأمرلأن من كان يمتلك هذا الجهاز هو أمير البلاد الشيخ أحمد الجابر – رحمه الله.
ثورات متتابعة
كانت الظروف التي تمر بها المنطقة في ذلك الوقت والتطورات التي تشهدها المنطقة تحتم على الناس البحث عن أي معلومة، فالحرب العالمية على وشك البداية، والأحداث في الوطن العربي متسارعة، والثورات متتابعة هنا وهناك، الوضع إذن بحاجة إلى من يتابعه لكي يعلم ماذا يحدث في العالم، إلى جانب حب كثيرين للغناء والطرب. لاسيما وأن بعض الشركات الأجنبية بدأت بتسجيل الأغاني على اسطوانات يتم بيعها في السوق، ولكن لا يستطيع أحد أن يشتري هذه الاسطوانات إلا المقتدرين منهم، لذلك كان بث الأغاني عبر الإذاعات وأجهزة الراديو فرصة للعامة لكي يستمعوا إلى نجوم الغناء آنذاك.
بعد أن عرف الناس الراديو، وبدأت الأخبار تنتشر في كل مكان عن إذاعة برلين التي كانت تنطلق من بغداد، وهي إذاعة ألمانية تتحدث باللغة العربية وموجهة إلى منطقة الخليج العربي ضد الإنكليز، ثم ظهور أخبار عن وجود إذاعة إنكليزية يقولون إنها تنطلق من إحدى البارجات العسكرية البريطانية المرابطة في الخليج، في هذه الأثناء أنشئت محطة إذاعية متواضعة للغاية لم يكن يعرف أحد من أين تنطلق.
إذاعة جديدة
لم تمض سوى أيام قليلة حتى عرف الناس مصدر هذه الإذاعة الجديدة. إنه قصر دسمان، خاصة بعد أن عرفوا أن من يعد ويقدم فيها هو السيد عزت جعفر مستشار أمير البلاد الشيخ أحمد الجابر، فأطلق الناس عليها «صوت دسمان» فكانت أول إذاعة كويتية تنطلق من أرض الكويت الحبيبة.
كان الناس يجتمعون في الأسواق القريبة من دسمان لكي يستمعوا إلى هذه الإذاعة، فكان الرجال يجلسون في المقاهي القريبة، وبعض الدواوين التي كان أصحابها يمتلكون جهاز الراديو، أما النساء فيذهبن للتسوق لعلهن يستمعن إلى بعض الأغاني التي كانت تقدم في المحطة عبر الراديو الموجود في المقاهي، ولكن نظرا لوجود الرجال بكثرة في هذه المقاهي. كن يسرعن الخطى ولا يتوقفن.
بث يومي
ولكن هذه الإذاعة لم تكن تمتلك الأجهزة والإمكانات اللازمة لتنافس المحطات الأخرى، فكانت تبث ثلاث ساعات يوميا فقط، وتقدم الأغاني والموسيقى إلى جانب بعض خطابات الأمير، سرعان ما توقفت بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، ودخولها إلى مراحل متقدمة حاسمة، ولكن ما إن انتهت الحرب العالمية بهزيمة ألمانيا وانتصار الحلفاء حتى كان للإذاعة في الكويت موعد آخر، وبالتحديد في عام 1947سنتحدث عنه غدا إن شاء الله.
14/08/2010
الإذاعة في الكويت.. أسماء وتاريخ إذاعة شيرين.. ومراد بهبهاني 1948
مراد بهبهاني
إعداد أحمد ناصر
عندما تجلس في السيارة وتبدأ مشوارك إلى أي مكان، فإنك تحتار في اختيار المحطة الإذاعية التي ترغب بالاستماع إليها، لأن الخيارات الموجودة أمامك، وفي متناول يديك بين الديني والثقافي والغنائي والموسيقي والإخباري، تجعلك في حيرة من أمرك، بل إن بعض المحطات اليوم أصبحت كأنها ديوانية، ويمكنك في أي لحظة أن تكون جزءا من البث المباشر، هذا التطور الرائع كانت وراءه جهود قلما يعرفها الجمهور، في هذه الزاوية سنذكر لكم أسماء كان لها دور مهم في أن تجلس اليوم وتستمع بوقتك.
تعتبر إذاعة « شيرين» أول إذاعة خاصة محلية، افتتحها رجل الأعمال الكويتي مراد بهبهاني- جد رئيس جمعية الصحافيين الحالي الزميل أحمد مراد بهبهاني رئيس تحرير مجلة اليقظة- في عام 1948، وسط أحداث سياسية متسارعة وتغييرات متتالية في الوطن العربي كان أخطرها احتلال فلسطين، كان موقعها في دكان في إحدى العمارات التي كان يمتلكها بالقرب من ساحة الصفاة وكان يعرف بـ «سوق بهبهاني» بالقرب من سوق الغربللي الحالي، كان اسمه كذلك منذ القديم، وكان يقع وسط العاصمة التجاري.
شهرة واسعة
اشتهرت هذه الإذاعة بصورة كبيرة خاصة بعد انتشار أجهزة الراديو بين الناس، وأصبحوا يستمعون إلى المحطات الإذاعية الخارجية التي يصل بثها إليهم، كما اشتهرت هذه الإذاعة لأن الكثير من الشخصيات الكويتية المعروفة شاركت في برامجها أمثال الشيخ عبدالوهاب الفارس والشيخ يوسف بن عيسى القناعي والأديب زكريا الأنصاري والشيخ أحمد عطية الأثري وغيرهم ممن خلد التاريخ ذكرهم في الكويت.
واستفادت هذه الإذاعة من تجربة إذاعة دسمان فزادت من ساعات بثها، كانت تبدأ الساعة العاشرة والنصف صباحا وتستمر إلى الساعة الرابعة عصرا، وخلال هذه الفترة الزمنية كانت يقدم العديد من البرامج موزعة بين الديني والثقافي والفنون، وشهدت أول قارىء كويتي للقرآن هو السيد محمد الشايجي.
مواكبة الأحداث
ولم تكن الإذاعة بعيدة عن ملامسة الواقع، كان الوطن العربي يغلي بالأحداث المتسارعة فيه، والعالم انتهى للتو من حرب عالمية أكلت الأخضر واليابس وكل الدول تشهد نقلة مهمة في تاريخها من الحروب والقتال إلى الحضارة وبناء المسقبل، ولأن الأحداث في الوطن العربي كانت متسارعة بصورة كبيرة.. حرصت إدارة المحطة الوليدة الجديدة على أن تواكب هذه الأحداث أولا بأول فكانت تقدم نشرات إخبارية بواقع مرتين في اليوم.
وكان للفن مكانه في إذاعة شيرين، فكانت تقدم التمثيليات المدرسية مثل «العدل أساس الملك» من فرقة مدرسة المعلمين، إلى جانب أغاني الفنان عبداللطيف الكويتي وأحمد الزنجباري وأشعار فهد بورسلي، ومن أشهر برامجها، التي كانت تعتبر جديدة على المجتمع الكويتي، برنامج «اسطوانات ما يطلبه المستمعون» وحصد هذا البرنامج شهرة واسعة، وكان الناس يتواصلون مع البرنامج بالرسائل، وكانت المذيعة تفتح الرسائل وتقرأ ما فيها من طلبات.
برامج إذاعية
وفي ذلك الوقت ازداد قدوم الجاليات العربية والأجنبية إلى الكويت، وتطورت الحياة بصورة واضحة، وبدأت ثقافة الناس تتغير وتتبدل وبدأ اهتمام الأسر ينتقل من مجرد الحياة إلى أمور أكبر من ذلك، فقدمت الإذاعة برنامجا طريفا هو «كيفية التخلص من الأصباغ وكيفية إزالة البقع منها» ولكن الكويتيين لا يزالون مرتبطين بالبحر والغوص والسفر، فكانت تقدم برنامجا اسمه «البحار بين الغوص والسفر».
ومن التسجيلات الخاصة التي لاتزال موجودة في مكتبة إذاعة الكويت إلى اليوم والتي سجلت خصيصا لإذاعة شيرين، أذان من مسجد السوق وتسجيل آخر من مسجد الخالد و»مونولوجات سورية» و «الغناء البدوي الأصيل» لمحمد الكحلاوي و «حفل غنائي لسعود الراشد» و «مجموعة أغاني لعبداللطيف الكويتي» و «يا نبعة الريحان» وهو مجموعة أغاني عراقية، أما برامج الأطفال فكان يقدمها عقاب الخطيب، استمرت إذاعة شيرين إلى عام 1951عندما افتتحت إذاعة الكويت الرسمية، ليسجل مراد بهبهاني اسمه كأول من قدم إذاعة كويتية ويخلد اسمه في سجل الإعلام الكويتي.
القبس
صفحات من الذاكرة
ولد 1890في الكويت ودفن في مقبرة الصوابر 1930 صفر: جدي كان يحاسب أهل البادية بعد أشهر من استلامهم البضائع
صفر علي صفر
أجرى الحوار جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فإن قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي.
في مستهل لقائنا مع صفر علي صفر قال: انا حفيد من ولد في الكويت عام 1890وتوفي عام 1930 ودفن في مقبرة الصوابر، كان، رحمه الله، يملك محلا في سوق الغربللي ومشهورا ببيع الدارسين والقهوة، بالاضافة الى سكر وشاي وعيش، كان اهل الصحراء يأتون اليه ويتزودون بالبضائع ويحاسبهم في الرحلة القادمة بعد ثلاثة اشهر او اكثر، وهذه عادة اهل الكويت، البائع والمشتري، خصوصا مع أهل البادية، كنا هكذا اهل الاخلاق وصفاء القلب والنفس، كان هدف الواحد منا ايام زمان الخوف من الله والرجاء والتوكل والرضا والصبر والشكر، وكان غرض الجميع البائع والمشتري والجار الارشاد والاصلاح، وكانت الصلاة قرة اعينهم، هذه حقيقة الانسان الكويتي نفسه ناطقة بالخيرات وحب الجميع لاجل الكويت «ان المحبوب ليس الا الوجود، والمبغوض ليس الا العدم». كانت الالفة والتواضع في السفن وعلى الجمال وفي السيارات، وجميع اسباب الحب مجتمعة في حق الله تعالى وحق بلدنا الكويت. هذا عمي عبدالنبي صفر علي كان غواصا مع النوخذة ابن زوير ومع الطاحوس، وبورسلي، والنجدي لسنوات طويلة، لم يعرف الا التزاور والتآلف، كانوا إلفة مألوفة، التسليم والمصافحة والمعانقة حبلهم الممدود، كما كانوا يتسابقون بالسلام اولا.
السكة مدخل ضيق او شارع او زقاق، والمكان الضيق يقال له داعوس او السكة الملتوية، وفي الكويت القديمة دواعيس كثيرة، واما الطريق المسدود المغلق فيقال له «سكة سد».
وقال صفر: نحن من الحي الشرقي من الديرة وبيتنا في السكة العودة المعروفة بكبرها ووساعتها، وكما يقول المثل لكل شيء صغير اذا كبر، «هذا صغير وهذا عود»، اما سكتنا فهي «عودة» فسميت «السكة العودة» وهي معروفة بين اهالي الشرق وفرجانه، سكتنا من الجنوب الى البحر نهايتها قبل الساحل، اتذكر حاجي الابرص دكانه على «العاير» (زاوية المنزل)، وكنا نجلس فيه، وبعض البسطات في العاير ونتواعد فيه، وفي سكة العودة دكان سلمان بالقرب من براحة الماص، وشاوينا موعدنا معه عند مسجد ملا حسين التركيت، وسخولنا (اغنامنا) تدل وتعرف المنازل لا داعي لمن يوصلها، حلاقنا حيدر والمطهر ابوصفر رحمه الله، جمعونا ونحن حوالي ستين ولدا، الكبار منا هربوا خوفا من الختان والموس، امسكوهم بعد ان انتهوا منا، ختاننا في حوطة الصبور او ما تسمى «السدرة»، وكل يوم نمشي على شكل طابور الى البحر لتنقيع القماش وسقوطه بعد ايام.
وللأمانة علينا ان نذكر ابو صفر والهندي لدورهما في الختان والتطهير، وكما سمعت من اهلي ان المطهر ابو صفر كان يأخذ دجاجة بياضة هدية مقابل كل ختان، واما خبز فريجنا فكان يعمل من تنور بيوتنا المصنوع محليا من الطين الحر او التبن يضاف اليه للتماسك، والوقود كان الجلة، ويوضع في التنور ايضا النخي والباجلا والصبور.
الأعمال
قال صفر ابو عاشور: عملت مع هارولد ديكسون، وكيل سياسي بريطاني في الكويت توفي عام 1959، واوصى بدفنه في مقبرة الاحمدي، كنت اجهز القهوة من طحنها الى محماسها بالوعاء المقعر وحمصها، وكنت اصب له ولضيوفه القهوة المرة الكويتية المشهورة، ومن عاداته لا يقدم التمر او الحلوى اثناء تناول القهوة، سألني أحد الضيوف عن السبب فسألت ديكسون فقال لي اشتر من جيبك (حسابك)، وكانت زوجته ام سعود ايضا تشارك زوجها في الاستقبالات والاحاديث وكانت دائما تقابل النساء القادمات من البر ومن الداخل، وكان محمد مندني (والد جاسم ويوسف) مسؤولا عن المشتريات عند ديكسون، والطباخ بو شهري وعنده مسؤول خاص عن الخيول، وابو سعود (ديكسون) عنده كلب سلكه او سلوكي «سلوقي» معروف للصيد خاصة الظبا والارانب، وهذا الكلب الوحيد في الكويت الذي كان لا ينبح، وحديثنا هذا يذكرنا بالمثل: الكلب ما ينبح الا عند باب اهله، وكلب ديكسون لا تسمع له صوتا لا عنده ولا عند غيره، وعنده طاووس وبعض الدواجن، وابو سعود عنده اسكلة (Escale) رصيف خاص في البحر قبل بناء الموانئ، وكان ديكسون يتزود بالماء من بركة الشملان، وكان راتبي 5 روبيات عند ديكسون.
وقال ابو عاشور: ثم عملت عند ديسوزا مدير البنك البريطاني للشرق الأوسط، كان موقعه عند البهيته، وبالقرب من حفيز عبدالله الملا (مكتب) والخرافي، والحفيز (المحل الكبير له أبواب عدة)، أما الدكان فله باب واحد، وكان منزل ديسوزا بالقرب من منزل أحمد سنجر، وينتقل من منزله إلى البنك بالدراجة الهوائية.
وعمل أبوعاشور مقاولا في الميناء مع حسن عاشور، وفتح مكتب سفريات، وبنى أول مسجد في وارة أثناء مقاولته بين بيوت عمال وموظفي شركة النفط، وزرع طريقا بين سعد وسعيد وقصر المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح في جزيرة فيلكا.
رمضان كريم
وتذكر أبوعاشور كلام الآباء والأجداد والكبار من الأولين أن شهر الله قد أقدم، واعلموا يا أولادي أن الصوم أجره عظيم وثوابه كبير، غضوا أبصاركم، واحفظوا لسانكم، وكفوا سمعكم عن كل ما يحرم أو يكره استماعه، وكفوا بطونكم عن الحرام والشبهات، ولا تستكثروا من الحلال وقت الافطار بحيث يمتلئ جوفكم، إذ ما من وعاء أبغض إليه عز وجل من بطن ملئ من حلال، فهذا شهر رمضان مضمار لخلقه، يستبقون فيه لطاعته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلف أقوام فخابوا.
قال: كنا نخرج للاستهلال عند المستشفى الامريكاني وعندما يثبت نرجع مشيا على الأقدام إلى الشرق، وفي الطريق نأخذ معنا نصف قالب من الثلج من ماكينة الغانم، وهذه عادتنا اليومية مع الثلج، والطوب، أي المدفع، يثور، ونسميه «واردة»، وهو مدفع رمضان ينطلق عند الافطار، كنا نتجمع في الحي وبعضنا يذهب إلى مكانه على السيف ونشارك بوضع الأوراق والأكياس الفارغة.
قال: ابوطبيلة صاحبنا الكل يعرفه يطوف بين سككنا في وقت الأسحار يوقظنا، ونداءاته تسمع والأولاد يرددون معه:
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
يا صايم يا نايم
اعبد ربك الدايم
كوم صل كوم صوم
كوم اتسحر بالمقسوم
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
واشرب ماء الكراح
قبل لا يجيك الصباح
لا إله إلا الله
وأما أيام العيد فلا ننسى أخا صالح النشيط فداوي عند الشيخ عبدالله الجابر الصباح عنده حمار يصبغه بالحناء ونركبه من فريج إلى فريج.
الملا معلمنا
قال بوعاشور: ملا رضا إسماعيل كان يعلمنا القراءة، خاصة القرآن الكريم حفظنا على يديه، وكان يهب الحياة بالكرامة والعطاء، واذا تحدث وفسر كله علم يبني العقول والنفوس، واذا جلس أمامنا ليشرح آية تشعر انه في الليل سهر وبحث في الكتب، وكلما جمع معلومة قدمها لطلابه وسهل الدرس، أخذنا العلم منه شهياً طيباً، هذا معلمنا وملانا شيّد جيلاً صالحاً، وكما أدوا البقية من معلمينا في الماضي، نعم يطبق عليهم قول الشاعر أحمد شوقي:
قم للمعلم وفّه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أَعلمت أشرف، أو أجل من الذي
يبني وينشئ أنفسا وعقولا
وما زلنا نذكر معلمينا ومطوعينا وملالينا هم شموع الأجيال وسادات ناطحوا الحياة وحملوا الأمانة، وسهلوا الطريق.
وأقول للحاليين ان المعلم من أنار بعلمه عقول الأبناء، لانه الصادق والدليل والمجاهد ويذلل الصعاب، ازرعوا المحبة كما زرعوا، وعرفونا الحياة بالعلوم والقرآن. وذكر أبو عاشور إخوانه الطلبة الذين درسوا معه هم الشموس هم الحياة هم الإخوة قلوبهم كبيرة، كانوا مثل الجبال الراسخات الشامخات، اذا التقينا نستشرف المستقبل. قال: لقد انبهرت وأعجبت وما زلت أتذكر التواضع الذي تميز به سمو الأمير الراحل، وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله، حيث كانا في قمة التواضع أثناء الدراسة، ولم أشعر يوما بأنهما يختلفان عنا، مما زاد رصيدهما في قلبي، وكانا ملتزمين بالدراسة، وفي هذا يرجع الفضل الى والدهما الأمير الراحل المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي علم أولاده كلهم التواضع، وما زلت حتى الآن أتذكر موقفهما وتعاملهما معنا، وأيضا كانا يقدران ويجلان المربي الفاضل ملا رضا إسماعيل رحمه الله، وكنا نحن نقدره، وكما قال أحمد الرجيلي:
وافرش بساط الزهر في طرقاته
أكرم به وارفع له القنديلا
ولو كان شوقي رحمه الله عاش معنا في تلك الأيام لألف وكتب قصائد طويلة تشفي العليل، وملانا كالشمس التي قد أحرقت نفسها لكي تضيء الدروب، أقول وأقول قم لهؤلاء الأفاضل وفهم التبجيلا، درسونا القرآن ترتيلا.
الختمة
مناسبة مازالت سعيدة في ذاكرتنا لا تنسى، عندما أكملت تلاوة القرآن وحفظنا أجزاء كثيرة من السور والآيات، كانوا يطلقون هذه المناسبة عليها «الخاتم»، ولا ننسى الهدايا والنقود والبشت والعقال والدشداشة النظيفة، وحامل السيف في اليد اليمنى، والدعاء الخاص بهذه المناسبة يدعو بالتحميدة، وهذا بعض ما أحفظ من الأبيات.
الحمد لله الذي هدانا
للدين والاسلام اجتبانا
سبحانه من خالق سبحانا
بفضله علمنا القرآنا
نحمده وحقه أن يحمدا
ما فتق الزهر وما طاح الندى
ثم الصلاة كلما الحادي حدا
على الذي قد جاء بالهدى محمدا
هذا غلام قد قرأ وقد كتب
وقد تعلم الرسائل والخطب
تربية الحمام
ومن هوايات صفر علي اهتمامه بالحمام وهو صغير كبقية اولاد الكويت، وافضل نوع هو: حمام قلاب، اي قلابي وحمام وقواق، وباهو، ومن الهوايات المحببة عند الكبار والصغار، هواية فيها التنافس والتفاخر والحركة واما حمام «الدشي» فهو من اسوأ الحمام، حيث إنه بليد وغبي، ولكنه يتكاثر بسرعة ولحمه جيد للاكل.
وقال: كنا نعتني بالحمام في المسكن المعلق على الجدران المصنوع من علب التنك والصناديق الخشبية، ونقدم للحمام الوجبات الكاملة الافطار والغداء والعشاء، وكنا نطير الحمام من الجهراء الى الشرق، نحمله بسيارات الاجرة من ساحة الصفاة، ونتغدى في القصر الاحمر ويبدأ السباق كالمعتاد شتويا وقبل وصولنا الى بيوتنا نجد الحمام امامنا، ولا جوائز ولا حوافز فقط هواية ووناسة، وكل شخص يربي الحمام يسمى «امطيرجي».
نحن والغزو
قال ابو عاشور: افتخر ان ابنيَّ اللواء المتقاعد علي وعاشور رفضا الانسحاب من القاعدة الجوية، وتم اسرهما، ورفضا المشاركة في الحكومة الموقتة المزيفة، وفضلا الموت، يجب ان نفتخر كلنا لم يكن اي خائن على هذه الأرض الطيبة وبعد الغزو والدمار والالتحام بين ابناء الكويت، وصعدنا الجبال وردمنا الحفر اتمنى من اعضاء مجلس الامة ان يستشيروا كبار السن في دوائرهم ويسألوهم، هل هم موافقون على اي طرح او استجواب يمس ويفكك الوحدة الوطنية؟ وأتمنى من كل اعلامي ان يتبع مسيرة القبس، وعدم نشر اي خبر او مقال يمس بالوحدة الوطنية ويفرّق بين ابناء الوطن الواحد، نحن ابناء الكويت تصاهرنا وتناسبنا مع الشيعة والسنة، وحتى من القبائل نعم المصاهرة والنسب.
طمغة
تذكر أبو عاشور ختم الملا أيام زمان من الخشب، وكانوا يسمونه «طمغة» أو دمغة، ختم يضعه معلمنا على أرجلنا لكي لا نذهب الى البحر، وفي المساء يفحص علينا اذا أزيل الختم عاقبنا، ونحن من عشاق البحر، اقترحت على من كان معي بصنع طمغة عند النجار يشبه ختم ملا رضا، وكنت أختم على أرجل الأولاد قبل الذهاب الى المدرسة، وأحياناً كنا ندهن الرجل بالعداني (السمن البلدي من أغلب وأجود الدهون كان يجلب من البر بواسطة عكوك (جمع عكة) حتى لا يزال الختم بالماء، وملانا أو غيره لا يستطيع أن يعرف أو يكتشف الأمر، قال: ملا رضا رحمه الله اذا سمع بوفاة أحد الأشخاص، كان يتجول بين السكيك وينادي ويخبر بموته، وهذه عادة قديمة، وعندما يعلمون، يذهب الى المقبرة ويجهز القبر وغسل الميت. كان معلماً ومربياً وخيراً.
الوزير ابني
وقال ابوعاشور -وهو والد وزير الاشغال والبلدية الدكتور فاضل صفر-: عندما استدعي للوزارة اتصل بي وابلغني انه يريد رأينا، باركت له وقلت خدمة الكويت واهلها من سمات الشرفاء، بارك الله فيك يا ولدي، عليك ان تؤدي عملك بإخلاص، وتسمع كلام من هم اكبر منك. ابني الوزير لم يتغير، ولم تقل زياراته لنا، وعلى برنامجه الاسبوعي يأتينا ويتصل بنا كل ليلة، ونجتمع حول المائدة خاصة في شهر رمضان.
وقال ابوعاشور: في البداية اوصيت ابنائي وبناتي واحفادي، بالا اسمع منكم ولا تقولوا نحن اخوان او اولاد الوزير. كلنا في خدمة الكويت واميرها وولي عهدها والحكومة الرشيدة، وكونوا افضل من قبل ذلك بأخلاقكم واعمالكم ودراساتكم، وأنا شخصيا لم أستلم أي معاملة من الناس، ولكني أوصي أبني الوزير بمساعدة الناس ورفع الظلم عن المظلوم حسب القانون، وأنا مازلت هذا صفر وأبو عاشور المؤذن في المسجد، وقارئ القرآن، والأدعية بعد كل صلاة، وحتى إذا هاجم الوزير أي شخص في الديوانية لا أرد عليه وأوصيت أولادي وأهلي بذلك، وأما من حيث التجديد له في السنوات القادمة فنبارك له أيضا ونحثه على خدمة بلده وإخوانه المواطنين، وإذا لم يجدد له، فهو في خدمة الكويت ونحن معه في أي موقع، نحن للكويت، والكويت لنا، أجدادنا غاصوا وسافروا وبحثوا ودافعوا واستشهدوا ونحن على خطاهم، كسرنا صخر البحر، وركبنا المراكب، وأقول لأرضها أنت البركة، ولك من يحميك، حبيبتي اطمئني أنت سالمة، شهاداتنا وثائقنا مواقفنا تحكي قصة حبنا لك.
«اللهم أحفظ بلدنا من كل سوء»
أنواع السفن
ذكر أبو عاشور أنواع السفن الشراعية وأدواتها، واستغرب لعدم معرفة أولاد هذا الجيل بهذه الأسماء. قال من منهم يعرف «بغلة أو بقارة وبوم وسنبوك، وتشاله وشوعي وبتيل، وجالبوت، كوتية»، علينا أن نذكرها وندرس مواصفاتها وصناعها الذين خدموا الكويت. وعن أدواتها وأجزائها التي غابت عن ذاكرة هذا الجيل، منها: الفنطاس ــ الخن ــ الدقل ــ المرساة ــ البلد ــ المجداف ــ المردي ــ الشراع ــ الدفة ــ الدامن ــ فرمن، الشراع ــ الزولي ــ البيص ــ الميل ـ القلمي ــ الشونة ــ الجدوم ــ القوبار ــ الديرة ــ الجرخ.
حفر السيل
قال ابوعاشور: كانت في ديرتنا حفر كثيرة، ففي كل فريج حفرة او اكثر تجتمع فيها مياه الامطار، ولكل واحدة اسم ينسب الى من حفرها، وكنا نلعب فيها ونصطاد الطيور، وعلى ما أذكر البعض منها: حفرة الميدان، حفرة الروضان، حفرة ادغيم، الفلاح، المحميد، ابن غريب، العبكل، تيفوني، فيروز، حسين الوزان، حفرة ابن نامي، السبت، ادريس،ـ البوطيبان، العبدالرزاق، العوازم، اطبيخ، حفرة السوق، حفرة المسيل، الديين، الفارس، حبيب، والرشيد.. وذكر بعض اسماء الطيور في الكويت خاصة في فصل الربيع، منها: شوله، السّ.منه، الصعوة، حمام البر، الزرزور، إرهيز، حسيني، فكاكه، بصوه، والسلامي.
النقع
وذكر اسماء النقع على الساحل من الشرق الى القبلة منها: نقعة الشويخ - الشملان - النجدي - الروضان - العماني - بورسلي - القضيبي - معرفي - المعتوق - النقيب - ابن غيث - الغانم - علي بن نيان - المناعي - فجحان المطيري آل النصف - الخميس، وفي القبلة: نقعة غنيم - سعود - الرفاعي - الخرافي - نقعة حمد الصقر - البدر - العبدالجليل - العثمان لهم نقعتان وكما للخرافي ايضا، وهذه النقع قدمها اصحابها مجانا للمواطنين لحماية سفنهم من امواج البحر.
صفر علي في شبابه وثائق الزواج صفر علي مع أولاده وأحفاده وثيقة الغواصين من عام 1835 (من اليمين) اللواء المتقاعد عاشور صفر وفاضل وجواد وعصام
06/08/2010
من قديم الكويت عبدالله الجابر في زيارة المعسكر الكشفي الرابع
إعداد يوسف الشهاب
كانت البداية الاولى للحركة الكشفية الكويتية عام 1937، حين شهدت الكويت أول معسكر كشفي عام أقامته دائرة المعارف في ذلك العام، وشاركت فيه مدارس الكويت للبنين. ومنذ ذلك التاريخ والحركة الكشفية بالكويت تشهد تطورا واهتماما من وزارة التربية لما للكشافة من دور كبير في غرس روح العمل الجماعي والاحترام والانضباط والصبر على المشاق. كما ان الجمعية الكشفية الكويتية سعت الى الانضمام الى اتحاد الكشافة الدولي الذي يقيم معسكرات دولية تشارك فيها العديد من دول العالم. كما ان هناك معسكرات عربية تستضيفها الدول بين وقت وآخر بهدف توطيد العلاقات بين الكشافة العرب. ويتميز الكشاف بالزي الخاص به الذي يتكون من قميص خاكي وبنطلون قصير ومنديل يعلق بالرقبة وقبعة، كما ان للكشافة رتبا خاصة، تبدأ بالعريف وتتنوع لتصل الى رئيس الفرقة.
وتشهد المعسكرات الكشفية السنوية عادة اجتماع الفرق في موقع واحد تتنافس فيه بأنشطتها المختلفة من مشاريع تصنع من الشندل والحبال ومن اعداد الطعام والمسابقات الثقافية والرياضية، حيث توزع الجوائز على الفرق الكشفية الفائزة. في عام 1955 اقيم المعسكر الكشفي الرابع في منطقة الفنيطيس. وشاركت فيه عدد من مدارس دائرة المعارف كما في هذه الصورة التي يبدو فيها رئيس دائرة المعارف في ذلك الوقت الشيخ عبدالله الجابر خلال زيارته للمعسكر، والى جانبه المرحوم عيسى الحمد القائد العام للمعسكر، وعدد من المواطنين الذين حضروا حفل الافتتاح.
12/08/2010
الإذاعة في الكويت.. أسماء وتاريخ إذاعة دسمان وعزت جعفر 1938
عزت جعفر
إعداد أحمد ناصر
عندما تجلس في السيارة وتبدأ مشوارك إلى أي مكان، فإنك تحتار في اختيار المحطة الإذاعية التي ترغب بالاستماع إليها، لأن الخيارات الموجودة أمامك، وفي متناول يديك بين الديني والثقافي والغنائي والموسيقي والإخباري، تجعلك في حيرة من أمرك، بل إن بعض المحطات اليوم أصبحت كأنها ديوانية، ويمكنك في أي لحظة أن تكون جزءا من البث المباشر، هذا التطور الرائع كانت وراءه جهود قلما يعرفها الجمهور، في هذه الزاوية سنذكر لكم أسماء كان لها دور مهم في أن تجلس اليوم وتستمع بوقتك.
كان عام 1935 على الكويتيين مختلفا عن سابقه، ففيه عرفوا ولأول مرة جهازا يتكون من حديد وبلاستيك، ويلف بجلد أصلي بني اللون اسمه «الراديو» اعترض البعض في البداية، قائلين بأنه بدعة وضلالة، لأنه يتحدث بعدة لغات، ولكنهم توقفوا عن التحدث في هذا الأمرلأن من كان يمتلك هذا الجهاز هو أمير البلاد الشيخ أحمد الجابر – رحمه الله.
ثورات متتابعة
كانت الظروف التي تمر بها المنطقة في ذلك الوقت والتطورات التي تشهدها المنطقة تحتم على الناس البحث عن أي معلومة، فالحرب العالمية على وشك البداية، والأحداث في الوطن العربي متسارعة، والثورات متتابعة هنا وهناك، الوضع إذن بحاجة إلى من يتابعه لكي يعلم ماذا يحدث في العالم، إلى جانب حب كثيرين للغناء والطرب. لاسيما وأن بعض الشركات الأجنبية بدأت بتسجيل الأغاني على اسطوانات يتم بيعها في السوق، ولكن لا يستطيع أحد أن يشتري هذه الاسطوانات إلا المقتدرين منهم، لذلك كان بث الأغاني عبر الإذاعات وأجهزة الراديو فرصة للعامة لكي يستمعوا إلى نجوم الغناء آنذاك.
بعد أن عرف الناس الراديو، وبدأت الأخبار تنتشر في كل مكان عن إذاعة برلين التي كانت تنطلق من بغداد، وهي إذاعة ألمانية تتحدث باللغة العربية وموجهة إلى منطقة الخليج العربي ضد الإنكليز، ثم ظهور أخبار عن وجود إذاعة إنكليزية يقولون إنها تنطلق من إحدى البارجات العسكرية البريطانية المرابطة في الخليج، في هذه الأثناء أنشئت محطة إذاعية متواضعة للغاية لم يكن يعرف أحد من أين تنطلق.
إذاعة جديدة
لم تمض سوى أيام قليلة حتى عرف الناس مصدر هذه الإذاعة الجديدة. إنه قصر دسمان، خاصة بعد أن عرفوا أن من يعد ويقدم فيها هو السيد عزت جعفر مستشار أمير البلاد الشيخ أحمد الجابر، فأطلق الناس عليها «صوت دسمان» فكانت أول إذاعة كويتية تنطلق من أرض الكويت الحبيبة.
كان الناس يجتمعون في الأسواق القريبة من دسمان لكي يستمعوا إلى هذه الإذاعة، فكان الرجال يجلسون في المقاهي القريبة، وبعض الدواوين التي كان أصحابها يمتلكون جهاز الراديو، أما النساء فيذهبن للتسوق لعلهن يستمعن إلى بعض الأغاني التي كانت تقدم في المحطة عبر الراديو الموجود في المقاهي، ولكن نظرا لوجود الرجال بكثرة في هذه المقاهي. كن يسرعن الخطى ولا يتوقفن.
بث يومي
ولكن هذه الإذاعة لم تكن تمتلك الأجهزة والإمكانات اللازمة لتنافس المحطات الأخرى، فكانت تبث ثلاث ساعات يوميا فقط، وتقدم الأغاني والموسيقى إلى جانب بعض خطابات الأمير، سرعان ما توقفت بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، ودخولها إلى مراحل متقدمة حاسمة، ولكن ما إن انتهت الحرب العالمية بهزيمة ألمانيا وانتصار الحلفاء حتى كان للإذاعة في الكويت موعد آخر، وبالتحديد في عام 1947سنتحدث عنه غدا إن شاء الله.
14/08/2010
الإذاعة في الكويت.. أسماء وتاريخ إذاعة شيرين.. ومراد بهبهاني 1948
مراد بهبهاني
إعداد أحمد ناصر
عندما تجلس في السيارة وتبدأ مشوارك إلى أي مكان، فإنك تحتار في اختيار المحطة الإذاعية التي ترغب بالاستماع إليها، لأن الخيارات الموجودة أمامك، وفي متناول يديك بين الديني والثقافي والغنائي والموسيقي والإخباري، تجعلك في حيرة من أمرك، بل إن بعض المحطات اليوم أصبحت كأنها ديوانية، ويمكنك في أي لحظة أن تكون جزءا من البث المباشر، هذا التطور الرائع كانت وراءه جهود قلما يعرفها الجمهور، في هذه الزاوية سنذكر لكم أسماء كان لها دور مهم في أن تجلس اليوم وتستمع بوقتك.
تعتبر إذاعة « شيرين» أول إذاعة خاصة محلية، افتتحها رجل الأعمال الكويتي مراد بهبهاني- جد رئيس جمعية الصحافيين الحالي الزميل أحمد مراد بهبهاني رئيس تحرير مجلة اليقظة- في عام 1948، وسط أحداث سياسية متسارعة وتغييرات متتالية في الوطن العربي كان أخطرها احتلال فلسطين، كان موقعها في دكان في إحدى العمارات التي كان يمتلكها بالقرب من ساحة الصفاة وكان يعرف بـ «سوق بهبهاني» بالقرب من سوق الغربللي الحالي، كان اسمه كذلك منذ القديم، وكان يقع وسط العاصمة التجاري.
شهرة واسعة
اشتهرت هذه الإذاعة بصورة كبيرة خاصة بعد انتشار أجهزة الراديو بين الناس، وأصبحوا يستمعون إلى المحطات الإذاعية الخارجية التي يصل بثها إليهم، كما اشتهرت هذه الإذاعة لأن الكثير من الشخصيات الكويتية المعروفة شاركت في برامجها أمثال الشيخ عبدالوهاب الفارس والشيخ يوسف بن عيسى القناعي والأديب زكريا الأنصاري والشيخ أحمد عطية الأثري وغيرهم ممن خلد التاريخ ذكرهم في الكويت.
واستفادت هذه الإذاعة من تجربة إذاعة دسمان فزادت من ساعات بثها، كانت تبدأ الساعة العاشرة والنصف صباحا وتستمر إلى الساعة الرابعة عصرا، وخلال هذه الفترة الزمنية كانت يقدم العديد من البرامج موزعة بين الديني والثقافي والفنون، وشهدت أول قارىء كويتي للقرآن هو السيد محمد الشايجي.
مواكبة الأحداث
ولم تكن الإذاعة بعيدة عن ملامسة الواقع، كان الوطن العربي يغلي بالأحداث المتسارعة فيه، والعالم انتهى للتو من حرب عالمية أكلت الأخضر واليابس وكل الدول تشهد نقلة مهمة في تاريخها من الحروب والقتال إلى الحضارة وبناء المسقبل، ولأن الأحداث في الوطن العربي كانت متسارعة بصورة كبيرة.. حرصت إدارة المحطة الوليدة الجديدة على أن تواكب هذه الأحداث أولا بأول فكانت تقدم نشرات إخبارية بواقع مرتين في اليوم.
وكان للفن مكانه في إذاعة شيرين، فكانت تقدم التمثيليات المدرسية مثل «العدل أساس الملك» من فرقة مدرسة المعلمين، إلى جانب أغاني الفنان عبداللطيف الكويتي وأحمد الزنجباري وأشعار فهد بورسلي، ومن أشهر برامجها، التي كانت تعتبر جديدة على المجتمع الكويتي، برنامج «اسطوانات ما يطلبه المستمعون» وحصد هذا البرنامج شهرة واسعة، وكان الناس يتواصلون مع البرنامج بالرسائل، وكانت المذيعة تفتح الرسائل وتقرأ ما فيها من طلبات.
برامج إذاعية
وفي ذلك الوقت ازداد قدوم الجاليات العربية والأجنبية إلى الكويت، وتطورت الحياة بصورة واضحة، وبدأت ثقافة الناس تتغير وتتبدل وبدأ اهتمام الأسر ينتقل من مجرد الحياة إلى أمور أكبر من ذلك، فقدمت الإذاعة برنامجا طريفا هو «كيفية التخلص من الأصباغ وكيفية إزالة البقع منها» ولكن الكويتيين لا يزالون مرتبطين بالبحر والغوص والسفر، فكانت تقدم برنامجا اسمه «البحار بين الغوص والسفر».
ومن التسجيلات الخاصة التي لاتزال موجودة في مكتبة إذاعة الكويت إلى اليوم والتي سجلت خصيصا لإذاعة شيرين، أذان من مسجد السوق وتسجيل آخر من مسجد الخالد و»مونولوجات سورية» و «الغناء البدوي الأصيل» لمحمد الكحلاوي و «حفل غنائي لسعود الراشد» و «مجموعة أغاني لعبداللطيف الكويتي» و «يا نبعة الريحان» وهو مجموعة أغاني عراقية، أما برامج الأطفال فكان يقدمها عقاب الخطيب، استمرت إذاعة شيرين إلى عام 1951عندما افتتحت إذاعة الكويت الرسمية، ليسجل مراد بهبهاني اسمه كأول من قدم إذاعة كويتية ويخلد اسمه في سجل الإعلام الكويتي.
عبدالرحمن الهندال
جاسم عباس
الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين، وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، إلى أن حققوا الطموح أو بعضاً منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فإن قاسماً مشتركاً يجمعهم هو الحنين إلى الأيام الخوالي.
القبس شاركت عددا من هؤلاء الأفاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية.
في مستهل لقائنا مع السيد عبدالرحمن علي فزع الهندال، وهو من مواليد بادية الكويت الجنوبية الغربية 1943، قال: كلمة الهندال تعني القوي الشجاع، اسم قديم كان يسمى به أهل الصحراء، كنا ننتقل بين الصبيحية وواره وإفريشي، وفوارس والمناقيش والملح والمقوع، ولم يشر أهلي الى أي مربع ولدت، مناطق كان الآباء يترحلون فيها وحولها وأطرافها بحثاً عن الماء والخضار مع حلالهم، نعم كانت مواضع آبار مياه في الماضي، وأما الصبيحية فموضعها بمنطقة العدان كانت غنية بمياه في أرض سهلة، وكانت محطة القوافل المارة من الجنوب الى الشمال، وبعد هذه البادية سكنا البدوية منطقة تقع بين الأحمدي والفحيحيل تبعد عن الكويت مسافة 22 كيلومترا الى الجنوب، وكانت منقسمة الى سوق مرزوق والبدوية والفحيحيل المركز.
وقال الهندال: درست وعمري كان 12 سنة في الأحمدي ثم الفروانية (الدوغة) والعقيلية وكيفان وخيطان وأخيرا كلية الحقوق جامعة الكويت، وأنا الآن بفضل الله تعالى محام، وأما أصول آل الهندال فهم ينتمون الى السيد إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق (عليهم السلام)، فنحن من السادة، وأخيراً ننتمي الى الحسين بن علي بن أبي طالب.
القبور التسعة
وقال الهندال: ان لنا قبوراً في منطقة قريبة من برقان، وهي الآن مسورة لا يمكن الوصول إليها بسبب وجود آبار النفط، وهذه القبور لها قصة وتاريخ، وهي تعود لآل الهندال، وذكرها هارولد ديكسون H.R.P.Diekson الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، الذي يعتبر هو وعائلته من أصدقاء الهندال كلهم، ويعرف بأبي سعود وزوجته أم سعود التي شاركته في تأليف كتاب «الكويت وجاراتها». يقول في كتابه: في نهاية يوم طويل من الصيد على طول سلسلة الظهر في الكويت سنة 1931 عدت وزوجتي الى المخيم في مكان جميل في الطرف الأسفل من المنحدر الغربي بمواجهة تلال برقان، وفي المساء عثرت على بعد حوالي مائة ياردة من خيمتنا على تسعة قبور حفرت بعضها الى جانب بعض على سفح تلة جرداء، وبعد استفسارات عديدة علمت ماذا جرى هناك، في شهر فبراير 1926 أثناء الصيف في أوائل الخريف من كل عام يعيش آل الهندال في هذه المناطق، خاصة صديقنا رجل يدعى «فزع» هو صديق حميم لي عرفته أيام كنت في سوق الشيوخ، وقد أخبرني هو وقريباه عبدالعزيز وسمير الملقب «مسمار» قصة مقتل تلك العائلة (الهندال) عام 1925 وهذه قبورهم، وتلك كنا نشاهدها ونحن في مخيم عندما كانت الشمس تؤذن بالغروب كنا نستطيع ان نرى ظلال المرتفعات الصغيرة على القبور.
وقال ديكسون في كتابه: كان فزع وسمير وعبدالعزيز من أبناء الهندال يقومون بزيارتنا كلما انتقلوا الى الكويت، وكانت زوجة سمير فتاة طيبة للغاية، وصديقة حميمة لنا بصورة خاصة، وقد أنجبت طفلها الأول عبدالله سنة 1933. أضاف الهندال: ما أخبرني جدي وأبي، كنا في البادية كان حلالنا الغنم ومرابعنا في نواحي الكويت، كبد والحماطيات والفوارس وخباري وضحى وعرق وشطف و«بنيه الهندال» عند جو اللقيط القريبة من الصبيحية كانت لنا، وهي عبارة عن شجر العرفج متراكم يضع عليه رمل ويغطى بنورة هذه عبارة عن علامة لتلك القبور، وتنبه هذه «بنيه» لأهل البادية انها مقبرة، وبَنّ.ه أو بنيه هي عبارة عن حزمة كبيرة من العرفج تحملها الجمال على ظهورها، والحاج «فزع» جدنا وإخوانه هم الذين بنوا هذه البنيه فوق القبور.
الكلام سند
وقال عبدالرحمن الهندال: إذا تكلم أحد الشرفاء قالوا «كلامه سند»، أي مستند ومستمسك «اللي ما عنده سند يقبض فلوسه من دبش»، أي يأخذ نقوده من الماشية، وأيضاً السند ما يسند إليه أي يكون عونا له ومغيثا، والكلام عند الرجال سند لا يرجع عنه، وهذا ما كان بين التجار وأهل البادية الذين كانوا يتبادلون البضائع من المواد الغذائية والتبادل بالصوف والسمن واللبن ومشتقاته، وكان لنا أصدقاء وتجار نتعامل معهم منهم: عبدالله السمحان، وإبراهيم بن عصفور، وابن الشيخ أحمد، عبدالله، وخلف الذياب، وعبدالعزيز التويجري، وعبدالعزيز أبو أحمد، هؤلاء ربعنا على سمن والسمين، نشتري منهم حاضرا وغائبا، ولا توجد كفالة بيننا، وكل من يقول أعرفه صار الكلام سندا او التاجر إذا باع نقدا أو بالأجل بيعه بالقيمة نفسها مهما باع من بضاعة لا يأخذ زيادة، وأما تجار الصوف الذين يشترون منا ونشتري منهم بداح العتيبي وخيران إبراهيم المطيري.
حسينية الهندال
وتحدث عن أول حسينية ومأتم أقيم في البادية، وأقاموا العزاء على الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) هم أسرة الهندال، قال عبدالرحمن الهندال: سألنا كبار السن من العمام والخوال هناك من قال في عام 1914، وعمنا نايف قال قبل أن أعرف الدنيا وأنا من مواليد 1912، أي قبل هذا التاريخ، وعمي سمير قال قبل 1907، وآخرون قالوا 1897، ولا نعرف بأي سنة بالتحديد أو أي زمان تأسست، وكل ما عرفنا من جدنا «فزع الهندال» أنهم كانوا يقيمون مجالس العزاء في التاسع والعاشر من محرم من كل سنة، والحضور كان كل أهل البادية، وكان ا لخطيب هو عمنا عبدالعزيز الهندال.
قهوة المناسبات
وقال: القهوة لها عشاق نستقبل نهارنا بفنجان قهوة، وبأنفاسها نستقبل أحبتنا وضيوفنا، وعندما ننظر الى دلالها وبهارها تتهادى الأفكار وتحل قضايانا، وهي التي تعايشنا وحميمها بيننا، القهوة هي الأولى في البادية، وهي شريكتنا، وفنجانها للضيف وفنجان للكيف، وفنجان يشرب كبيرنا، فهو «الهيف» اي لا حساب له والمغزى منه التأكد من جودة القهوة، ولكن ضيفنا وعزيز آل الهندال «هارولد ديكسون» عندما ينصب خيامه خاصة في نهاية شهر رمضان لم يقم بتجهيز القهوة، وكان يمنع أصحابه من شربها حتى لا تشم رائحتها والناس صيام، وكان يقول: إن البدوي يشم رائحة القهوة من مسافة بعيدة، وهذا دليل على احترام مشاعر الآخرين.
وأضاف الهندال: وفي ليالي السنة اذا حضر مجلس فزع الهندال وأولاده، وهو من اصدقائه، كان جدي يقدم له فنجانا خاصا به، وديكسون كان يعرف ذلك، لأن جدي كان لا يسمح بشرب القهوة من الفنجان نفسه، هو ومن معه من الإنكليز كانوا معه يشعرون بذلك ومن دون زعل، ويعرف ان جدي متدين، وكان ديكسون دائماً يتحدث العربية، ويقول: لا يمكن أن أتحدث بلغة لا يعرفها فزع وأهله، ونحن ما زلنا وسنزال مع عائلة ديكسون، وعلى اتصال دائم بأسرته، ودعونا الى لندن لحضور حفل زفاف ابنهم.
وعن بهار القهوة، قال الهندال: أنواع متنوعة من البهار والشائع الهيل (حب الهال)، واستخدمت بهارات أخرى مع الهيل مثل: جوزة الطيب، والقرنفل المسمى «المسمار» الذي اشتهر به عمنا «سمير» لحبه واهتمامه بالمسمار، فعندما قدم هدية عبارة عن فرس لديكسون اسماه حصان مسمار.
طلعة العروس
وتحدث عن عادات الزواج في باديتهم فقال: لا رأي في اختيار الزوجة إلا للكبير، وتكون العروس من الأقارب وغالبا ما تحدد عند ولادتها، كانوا يقررون ان هذه المولودة لفلان، هذه العادة المتعارف عليها، وليلة الزفاف للعروسين خيمة خاصة منفصلة لمدة ثلاثة أيام تقدم لهما الوجبات، ولا تخرج العروس من خيمتها الا بعد هذه الأيام، وتكون في بيت الزوجية تسمى «طلعة العروس»، وهناك مراسم خاصة للفرح من الرقص والعارضات، واطلاق النار، والمهر كان يعادل 18 ديناراً، والمأذون يكون رجلا متدينا مع وجود الشهود.
ألعاب الشجعان
يضيف: الحضر لهم ألعابهم واهل البادية لهم ما يناسبهم، وألعابنا فيها البساطة والشجاعة، فهي تربية ونافعة في وقت الضيق وخالية من التعقيدات، ولكن صداها في السماء، وتدل على البدائية التي تنمي الشجاعة منها: لعبة إعْظيم ساري يحذف الكبير فينا عظما صغيرا في جنح الظلام ويصيح اعظيم ساري ويطلب من الشباب البحث عنه لوحده، واذا حصل عليه ركض الى الرئيس مناديا «سَرَى» والجميع يركض وراءه لملامسته.
ويقول الهندال: ومن ألعابنا للشجعان كان جدي فزع يرمي عصا طويلة في الليل، ويطلب منا ان نبحث عنها في ظلام الليل، والذي يشعر بالخوف لا يبتعد عن الخيام، ومن العاب البادية كان الكبير فينا يطلب ان نركض بين الخيام دون ان تعرقلنا حبالها، لعبة بحاجة الى الحذر والشجاعة في ليلة غير قمرية.
وعن الطهور قال: الختان هو الطهور، وكما اذكر جاءنا ديكسون في سيارته الانكليزية المشهورة بــ «همر» لونها اسود وغمارتها اعلى السيارة لون ابيض، اخذنا الى المستشفى الاميري اعطونا ابرة فقدنا الوعي نسميها ابرة «بنج» قام بالختان دون شعور الا في اليوم الثاني.
مع أولاده وأحفاده فزع الهندال ورد اسمه في كتاب ديكسون سمير الهندال المعروف بـ«مسمار» عند ديكسون علي فزع الهندال نقل الحسينية من البادية إلى الحاضرة
غنية بالأعشاب والنباتات الطبية مطلق الوهيدة: أرض الكويت صيدلية
العرفج نبات في البيئة الكويتية
جاسم عباس
الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما عملوا وجاهدوا وتدرجوا رجالا ونساء الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين إلى الأيام الخوالي، القبس شاركت عدداً من هؤلاء الأفاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية.
الصحراء منطقة واسعة تغطي خمس اليابسة، وسبب تصحرها الضغط الجوي المرتفع وحرارة الشمس التي تلهب بنيرانها سطح الأرض المحرقة خلال النهار، والأمطار قليلة على أرضها. والكويتيون يسمون الصحراء البر، أرض تنبت فيها الأعشاب والنباتات والأشجار الطبية وغيرها. ومن الكويتيين من سكنوا وعاشوا في هذه الأراضي بالقرب من الآبار والينابيع والخباري، ومنهم من حفر القلبان واستفادوا وأفادوا حتى بلغت بالمئات في هذه الصحاري.
في مستهل لقائنا مع مطلق الثنيان الوهيدة قال: صحراء الكويت كانت غنية بالآبار والواحات التي تحيط بها الينابيع، وفيها بقاع خضراء والطيور وأعشاب ونباتات طبية صيفا وشتاء. ومن آبارها المشهورة التي لم تنضب آبار القشعانية: في شمال البلاد مياهها عذبة قريبة من الروضتين شرقي الحمار.
أم نقا، أو أم نقه: في شمال الكويت إلى الطريق المؤدي للبصرة منطقة فيها رمال وفيها ماء عذب في الآبار.
الصابرية: لغناها بالآبار والمياه العذبة أصبحت محطة للمسافرين وهي قريبة من جزيرة بوبيان جهة البر.
صبيح: جنوب الصبيحة فيها آبار عذبة.
صبيحية: محطة القوافل العابرة من أراضي الكويت الجنوبية إلى شمالها أرضها سهلة وفيها مياه كثيرة، لذلك تجتمع القوافل حولها. وتحدث ابو محمد الوهيدة عن منطقة كان يتردد عليها بحكم عمله في الاحمدي، غرب المطار شمال الاحمدي، هي «المقوع»، مياه آبارها عذبة، ترعى فيها الابل والماشية، وحولها يجتمع اهل الصحراء، وتوجد منطقة اخرى وهي المقوع الشرقي، اي شرق الديرة غرب دسمان.
ملح: تقع في الظهر وتبعد عن مدينة الكويت حوالي 17 كيلو مترا كانت زراعية وفيها آبار مياه، وتنتج الخضروات، وهي غنية بأشجار السدر والاثل.
خبرة الإبيرق: وتسمى هذه الخبرة الابرق في منطقة الدبدبة، مياهها وافرة وتقع اسفل مرتفع، وتسمى ابرق الحباري لوجود طائر الحبارى، وكان مكانا ملائما ومعروفا للقنص، والحبارى طائر مهاجر يمر علينا في فصل الخريف.
حسوان: بعد ان يقطع من يسكن الديرة حوالي 75 كيلو مترا متجها نحو الصبية مقابل جزيرة بوبيان تجد في هذه القطعة الجميلة مجموعة آبار.
حسو الظبي: جنوب الروضتين بعد ام العيش مكان تتحصن فيه الظباء، ويكثر فيه طائر الماء الذي يتكاثر بالقرب من الروضتين، مكان خصب فيه ماء غدير عذب لا يوصف.
الروضتين: اسم مشهور في تاريخ الكويت (شمالها)، كل من كان يسافر الى البصرة منذ سنوات مضت يعرف الروضتين، واهل البر في الشمال يعشقونها، فهي ارض فيها ماء ونبات واعشاب، ولكثرة مياه الروضتين وعذوبتها جلبت الى الكويت حتى وضع ماء الروضتين في القناني.
الحيث: آبار مياه للشرب، ولا تحتاج للبحث عن الماء، لسهولة وتوافر المياه، لا تبحث ولا تتعب تجد الماء في الشمال الشرقي قبالة جزيرة وربة.
العرفجية: في الشمال طريق القوافل آبار كثيرة ولغناها تحولت الارض الى زراعية، ويكثر فيها العرفج شجرة الصيف.
ينابع وأماكن للرعي
ويضيف ابو محمد: ان اصحاب الابل كانوا يتواجدون بالقرب من الصبية حيث المياه الغزيرة، وكان المسافرون الى العراق يتزودون من الآبار في تلك المنطقة، وحتى المسافر يجد مكانا له للراحة بين اشجار «الطرفاء»، وينقلون معهم العصي من هذه الاشجار.
ولوجود خمس عشرة بئرا عذبة بالقرب من جبل وارة تسمى هذه القطعة بـ«الطويل» لطول عمقها.
وذكر مناطق اخرى لغناها بالآبار منها: البحيرة - جعيلان - شميمة - مغيرة - البحرة - المقرفة - محرقة - مديرة - الخفجي - الوفرة - قلب الطير - اجهاد - قلمة صباح - قلمة شايع - الشقايا - الهمشي - الشريع - الدبوس - الغريشي.
وقال الوهيدة: وين الجهراء والقرى الساحلية، فيها الآبار الجوفية للشرب والزراعة.
خباري الكويت
يقول مطلق الوهيدة: خباري (جمع: خبرة) وهي ارض منخفضة تتجمع فيها مياه الامطار، والكويت فيها خباري كثيرة من مصادر المياه داخل السور وخارجه منها: خبرة ابن حمود في وسط الديرة، وتوجد خبرة في المرقاب او اصده مقابل وزارة الداخلية حاليا، اما في البر خبرة العوازم قبل الحدود العراقية في الشمال، وخبرة مسيعيد - الدرويش - الابرق - الحباري - الافراق - ام ارطا - مهزول - ام عمارة - الجثاثيل - اللياح - النواعمة - الرديفة - المجمد - العفري - الاطراف - الثميلة - القصر - الدويش - السور - خبرة مطيلج.
وذكر الخويسات بالقرب من الجهراء هي بئر مورد ماء للغنم، كما قالوا ان معنى الخويسات (اعجاف نخل خاوية) فيها بقايا النخل.
أنواع الماي
وتحدث ابو محمد عن انواع الماء في الكويت كان يلفظه الآباء والاجداد، قال: اهل الديرة يسمون الماء «الماي»، والقرويون في البادية والمتنقلون مع حلالهم يسمونه «مأ»، ورغم الصعوبة والمعاناة للحصول على الماء الا ان الآبار التي حفرت والتي اكتشفت، ومخزون مياه الامطار والسفن التي كانت تنقل المياه من البصرة (شط العرب) ادت غرضها، وكذلك الفناطيس (فنطاس) لتخزين المياه، والبرك.
وقال: الماي في الكويت انواع: ماء صليبية عرفناه وهو قليل العذوبة، وماي البحر المالح، وماء مروك لقلة الماي كان يغسل به واحيانا يغلى به اللحم، وماي خريج لا يصلح للشرب وهو من الجليب، وماي عد قليل العذوبة يشرب عند الحاجة، وماء حلو الذي يشرب.
ومن انواع المياه التي كانت تلفظ، وغالبا ما كانت تستعمل داخل البلد واهل الصحراء يستخدمونها قلة، الا الذين يأتون للتجارة في ساحة الصفاة، ويجلبون معهم منها: ماء ورد الذي يستخرج من الورد، وماي (ماء) لكاح من النخيل، وماي لومي في زجاجات يضاف اليه الماء، واما ماء ناريل فكان متوافرا في ثمرة البارجيل (جوز الهند).
الأعشاب البرية
وقال الوهيدة: ارض الكويت صيدلية تشمل الأعشاب والنباتات الطبية التي عالجت الأمراض منذ أمد بعيد، وأخذ الكويتي من صحرائه التداوي منها، فهناك أسماء مازالت تدوي في سماء الطب الهندي والصيني والعربي والاسلامي، وكنا قديما نأخذ من هذه الاعشاب لنا وللبهائم، لان النبات الطبي الصحراوي ثبت أن له ميزة لا تتوافر في العقاقير المصنّعة، وفي هذه السنوات التي نحن نعيش فيها زادت الحاجة لمثل هذا العشب أو النبات البري الصحراوي، ولكن لم نستغل هذه النباتات فاندثرت تحت عجلات السيارات وأعمدة الخيم، فنحن نفتقر إلى المعلومات الكاملة حول هذه النباتات الطبية، برنا يذخر بكل الأنواع، أرض الكويت عالم من الصيدلانية ومختبرات مجربة في الماضي ونجحت، ولو حافظنا عليها لوجدنا الانتشار والنمو والزيادة فيها.
وفي هذا اللقاء مع أخي جاسم أبين الاشجار والاعشاب البرية التي نبتت ومازالت في صحراء الكويت منها للعلاج، فمثلا: نبات العوسج ينمو على الرمل خاصة عند الشواطئ، وهو مسهل ومدر للبول.
القيصوم: يحتوي على زيت طيار، يعالج تشققات الجلد، وحصى المرارة، ويوقف النزيف.
حمبصيص: كنا نأكله يميل إلى الحموضة، ولا نكثر منه لأنه يسبب الغازات.
جعدة: صحراوي رائحة عطرية، يكثر هذا النبات في الزور والدبدوبة، كنا نعالج منه الملاريا، وكل طبيب شعبي كان ينصح بأكله في بداية فصل الصيف.
عرفج: أوراقه وأزهاره طبيا، وأيضا يتخذ علفا للماشية، وعندما يجف العرفج يتخذ للوقود، وكنا نشاهد الحطابين يجزمون العرفج على الجمال، ويباع في ساحة الصفاة، وكل حزمة تسمى (بنّة)، وأكثر مكان كان يتواجد فيه العرفج في الشمال يسمى (العرفجية)، وكل أرض فيها العرفج تعتبر صالحة للزراعة.
الخبيز: ويسمى الخباز، لأن حجم نبات الخبيز بحجم الخبزة وإذا بدايته يسمى (حنوة) الخبزة الصغيرة كانت تخبز للأطفال تقدم قديما هدية مع الخبز، وهو من النباتات المفيدة يضاف مع الخس والخيار للسلطة.
وذكر الوهيدة النفل في هذا اللقاء، لأن استعماله %100 في علاج الحروق وفي حالة الكحة، وهو مجرب، كما جرب برسيم بري لمعالجة المفاصل والروماتيز، ويتابع:
السدر: ولا ننسى شجرتنا المفضلة «النبق» ما أحلى طولها 6 ـ 7 أمتار، ثمارها عندما تصفر تؤكل، مازلنا مع الكنار مفيد للصدر، الكنار يصفي الدم، وإذا شعرت بآلام الأسنان عليك بالكنار مسكنا ويبعد عنك حرارة الجو.
ويضيف أبومحمد: الثندا والحماط والخطمي والكحيل وعلك الأرنب والسعدان، والحريضة، والطرثوث العجيب ننتظره بعد هطول الأمطار حلو المذاق نأكله مستويا، نبات عجيب لا ورق له ولا أزهار ولا بذور، ويصبغ به البساط، هو شحمي متشحم، كنا نستعمله في الصحراء في حالات الامساك، وفي برنا وعلى أرضنا نبات الحرمل والروثة والنفل والقحويان.
والصمعي والرمرام والحوة والحميزان والكريث، الرقروق، العرجون، الحمض، الكداد الشوكي، والحاث والعاذر، الشيخ وذكر نباتات أخرى مفيدة ومجربة في الصحراء وداخل السور منها: القفعة - الصفار - الحنصيل - الصفصان - الحوذان - شدق البعير - بصل مو - الفقع (الكمأ) نسميه نبات الرعد منه الزبيدي والخلاسي وهبيري، فهو علاج لكثير من الأمراض، وقالوا عنه: «إذا طلع الفقع صرّ دواك»، ومن النبات والأعشاب الكويتية الفطرة - الهرم - الثمام - النصي - الخزامي - الربلة - النزبة - نبتة الذيخ - رجل الغراب - لحية التيس يظهر في شهري فبراير ومارس بذور لحية التيس علاج لبعض الأمراض - الخبيز - الهبيدي - وهذا لسان الثور يوجد منه في الأحمدي والوفرة والخفجي، كنا نستعمله لعلاج لدغات الثعابين، لو درسنا لحية التيس، ولسان الثور، وعلك الأرنب، لتحولت الكويت الى مصادر للأدوية وصيدليات تصدر الشفاء للخارج.
مطلق الثنيان الوهيدة نبات الطرثوث في البر
أحمد السقاف يوثِّق لتاريخ المدرسة 9 سنوات من عمر المدرسة الشرقية:
كشافة وثقافة ورياضة ورسم وموسيقى وزراعة ونظافة
قسم كبير من هيئة التدريس في المدرسة الشرقية يتوسطهم ناظر المدرسة
حمزة عليان
مع اطلالة الخمسينات كانت مدارس البنين اربعا هي: المباركية والاحمدية والقبلية والشرقية، والاخيرة تناوب على شغل وظيفة الناظر فيها خمسة نظار، كان الاستاذ احمد السقاف اطولهم مدة من عام 1950 الى عام 1953..
وكتاب «المدرسة الشرقية» الذي اصدره في العام الدراسي 1953/1952 يؤرخ لحالة التعليم وللمدرسة التي اشرف عليها في زمن «دائرة المعارف»..
وقلة المدارس في حينه يعزوها الى صعوبة التجهيز وقلة المدرسين وهو ما ساهم في انتشار الكتاتيب و«سيطرتها على قسم كبير من ابناء البلاد».. الى ان تغيرت الحال وقفزت المعارف قفزات كبيرة فأصبحت المدارس الصغيرة تضم مئات الطلبة وعشرات الموظفين وذلك بفضل الثروة التي اكتشفت وهي النفط..
ودعا في مقدمة الكتاب الى انشاء مدارس لرياض الاطفال وزيادة التعاون مع اولياء الطلبة، واستعرض ما قامت به ادارة المدرسة الشرقية من غرس حب النظام وطابور الصباح والسماع للنشيد الوطني والموسيقى والخطابة والرياضة الجماعية ايام اشتداد البرد في الشتاء.
عام 1952 وصل عدد الطلبة المسجلين في «معارف الكويت» الى 10 آلاف طالب وطالبة، واربعة آلاف معلم ومعلمة.. بينما كانت المدرسة الشرقية عام 1943 تضم 9 مدرسين و256 طالبا و3 فراشين وصلت اعدادهم في السنة الدراسية 1952 ــ 1953 الى 36 مدرساً و780 طالبا وطالبة و22 فراشاً.
تناوب على وظيفة الناظر في المدرسة الشرقية خمسة نظار هم بالتتالي: عبد المنعم النجمي (1943) و(1944) وخليل محمد خليل (1945) وعبد الحميد الحبشي (1946) وعبد المجيد مصطفى (1947) ومحمد عبده (1948) و(1949) واحمد السقاف (1950) و(1951) و(1952).
فريق السلة والرياضة
الكتاب عبارة عن عدة فصول، كتب كل فصل المدرس المسؤول عنه، فالحركة الرياضية كتبها الاستاذ مجيد محمد ــ المدرس المسؤول عن التربية البدنية وهي اشبه بتقرير لما تم انجازه وما تحقق خلال السنوات السابقة، فقد اخذت الرياضة قسطا وافراً من الاهتمام من قبل المدرسين والطلبة منذ عام 1951، واحتل فريق كرة السلة المكانة الاولى بين المدارس الابتدائية وحافظ على بطولته الاولى خلال ثلاث سنوات متتالية.. عدد اللاعبين تراوح بين 60 و70 لاعبا، وكان فيها فريق لكرة القدم وفريق لكرة السلة وفريق لكرة الطائرة وفريق لكرة الطاولة.
وفي عام 1952 ــ 1953 حقق فريق كرة القدم وفريق كرة السلة نتائج مبهرة، حيث احتلا المكانة الاولى، وجاءت الشرقية في المركز الثاني في كرة الطائرة وكانت الاولى على مستوى المدارس الابتدائية.
الكشافة
وعن الحركة الكشفية اعد الاستاذ عبد الوهاب الزواوي معلم الكشافة تقريرا يقول فيه ان فرقة كشافة مدرسة الشرقية للبنين تتكون من اربعة وثلاثين كشافا من الصفوف الابتدائية، تنقسم الى خمسة اقسام، لكل قسم رئيس ووكيل، يقوم كل رئيس قسم باعطاء قسمه دروساً اسبوعية ويدربهم على استعمال عصا الكشاف، وهناك عَلَم خاص بكل قسم تظهر فيه صورة الحيوان الذي سمي باسمه.
وبحسب التقسيمات فقد كان هناك مجلس شرف الفرقة ويشرف على نشاط الاقسام ويعاقب المتخلفين، ويتكون من رئيس الغرفة ووكيلها ورؤساء الاقسام ووكلاء رؤساء الاقسام.
اشتركت الفرقة باستعراضات كشافة المدارس عام 1953 واحتفالات عيد جلوس سمو الامير، وعدد من المعسكرات منها معسكر ابو حليفة يوم 1953/1/23 واستغرق يوما واحداً، والمعسكر الثاني اقيم في «الراس» دام ثلاثة ايام من 25 الى 27 فبراير 1953 وهو الاول من نوعه، تعلم فيه الكشافة الاعمال الدورية والحراسة الليلية.
الجولة
ويضيف الاستاذ الزواوي انه تم تشكيل رهط «جوالة»، حيث قام برحلة خلوية على الدراجات في 16 ابريل 1953 الى قرية «السالمية» استغرقت اربعا وعشرين ساعة، حملوا متاعهم وخيامهم وماءهم على الدراجات ثم ساروا بنظام جميل حتى وصلوا المكان المعين لهم بعد ساعة، وفي صباح اليوم التالي قاموا بجولة استطلاعية لمشاهدة معالم القرية.
الأشبال
وحول نشاط الأشبال كتب الأستاذ عصام صلاح الدين عسيران، مشيرا الى انه في العام الدراسي 1953/1952 تم تكوين طائفتين كاملتين مؤلفتين من 72 شبلا، وبوشر بعقد اجتماعات اسبوعية خصصت لتدريبهم على النظم الأساسية لحركتهم، وتعليمهم بواسطة القصص والحكايات والألعاب لحركتهم وتعليمهم بواسطة القصص والحكايات والألعاب الخاصة، وانشئ بيت خاص لهم يضم انتاج ابتكاراتهم، وسمي بـ«غابة الأشبال». وحصل جميع أشبال الطائفة الأولى على درجة «شبل ناعم الظفر»، واجتاز 33 شبلا امتحانات درجة «النجم الأول»، وحصل جميع أشبال الطائفة الثانية على درجة «شبل ناعم الظفر».
واشترك أشبال المدرسة الشرقية مع باقي المدارس في جميع الاستعراضات التي اقامتها مفتشية الكشفية والرياضة، وهي مهرجانات ذكرى جلوس سمو الأمير والمهرجان الرياضي السنوي الكبير وقاموا برحلتين، الأولى الى قرية أبوحليفة 1953، والثانية الى قرية الفنطاس.
ثقافة وطنية
أما ما يخص الثقافة الوطنية والعامة في المدرسة الشرقية، فقد استعرض رئيس اللجنة الأدبية ما تحقق من نشاطات، وتعريف الطلبة بوطنهم العربي الأكبر واطلاعهم على ما يدور فيه من خلال تثبيت لوحة على أحد جدران الممر العام للطلاب سميت «لوحة شؤون الوطن العربي»، وكانت بمنزلة مجلة اسبوعية ذات رسالة قومية تتضمن أهم وأحدث الأنباء العربية، وصورا تصور «البطولة العربية»، بالاضافة الى نوادر أدبية، إلى جانب تلك اللوحة وكانت المدرسة تقيم الحفلات تمثل فيها روايات، واخرى تمثيلية قدمتها على مسرح المدرسة كانت بعنوان «تمثيلية اليرموك» بمناسبة الاحتفال بذكرى ميلاد الرسول العربي الكريم محمد بن عبدالله، صلوات الله وسلامه عليه.
والجزء الخاص بالمكتبة كان على يد الأستاذ ربحي العارف، أمين المكتبة، والتي احتوت على ما مجموعه 1060 كتابا، في الدين واللغة والأدب والتاريخ والجغرافيا والعلوم، وعدد من الكتب الانكليزية بلغ 117 كتابا، وتم تزويد المكتبة بعدد من المجلات العربية «المعلم الجديد، البعثة، الأديب، الرائد، الايمان، الكتاب، التربية الحديثة، مجلة علم النفس، الثقافة، صوت البحرين، العالم العربي، الآداب، المسلمون، الاخوة المسلمون، اليقظة، سندباد الأطفال».
بلغ عدد الكتب المستعارة للطلبة من السنة الرابعة الى الثانية الابتدائية 200 كتاب.
الموسيقى والأناشيد
مادة «الإنشاد التعليمي» كتبها الأستاذ عصام عسيران، مدرس الأناشيد والموسيقى والغناء، الذي تسلم مهامه في صفوف الروضة فقط في عام 1952، واعتمد في انتقاء أناشيد الصغار على تآليف الأساتذة «فليفل اخوان» وعلى كتاب «روز غريب» التي كتب مقطوعاته.
قسمت ألحان الغناء التعليمي الى ثلاث فئات، الأولى أغنيات الصغار وهي من المقامات الموسيقية البسيطة، والثانية الأناشيد الوطنية الحماسية التي تؤخذ من الموسيقى العسكرية، والثالثة العاطفية ذات الأنغام الشرقية الحافلة بالسبحات العاطفية والتأملات العميقة، وأغنية «يا فم الدهر تغنّ.» التي غنتها جوقة المدرسة الشرقية في حفل المولد النبوي الشريف.
خلاصة التجربة كما يشرحها الاستاذ عسيران، ان صفوف الروضة الــ 14 نالت نصيبها من الأناشيد.
وقد نجحت المدرسة بتعميم هذه الحصة على الصفوف الابتدائية الثمانية الباقية وبات جميع طلاب المدرسة ينشدون على انغام الكمان في الطابور النظامي صباح كل يوم ومساءه وقام الاستاذ عسيران بانشاء جوقة الانشاد المدرسية ساهمت بحفلات المدرسة واشتركت في تقديم برامج خاصة في محطة الاذاعة اللاسلكية «لامارة الكويت».. روعيت فيها الاصوات من النوعين «الألتو» Alto والتينور Tenor وقدمت الجوقة عدة اناشيد في الحفلة الكبرى التي اقامتها المدرسة احتفاء بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسجلت عدة برامج لمحطة الاذاعة الكويتية.
الفنون الجميلة
الاستاذ عبد الفتاح حامد، المتخصص بالفنون الجميلة كتب مقدمة حول تاريخ الفن واهمية الرسم بالمدارس وضرورة ان يترك التلميذ على سجيته ووفق ميوله ورغباته يرسم ما يشاء وعلى المدرس التوجيه والارشاد وترقية احساسهم الفني والعمل على ايجاد التنافس بين الطلبة بأن يعلق على جدران حجرة الرسم احسن رسم من كل صف اسبوعيا وسرعان ما ضاقت حجرة الرسم الفسيحة برسوم التلاميذ.
وتطور الامر فصاروا يرسمون على الزجاج كالاكواب والاواني والالواح وفي دروس الاشغال تنوع انتاج التلاميذ في الخامات كالورق الملون والورق المقوى والورق الكريب والورق السميك والقماش واشغال النشاء.
وتشجيعا لدروس الرسم والاشغال اقامت ادارة المعارض معرضا بالمدرسة المباركية يضم اعمال تلاميذ المدارس في الرسم والاشغال من جميع الصفوف، وقام الشيخ عبدالله الجابر الصباح رئيس مجلس ادارة المعارف بافتتاح المعرض وتفقد ما فيه من اعمال ابناء الكويت ونالت المدرسة الشرقية اربع جوائز ثمينة على المتفوقين.
الزراعة والحديقة
اجمل ما في المدرسة الشرقية كان انشاؤها للجمعية الزراعية والتي عهد بالاشراف عليها الى الاستاذ بهجة رفعة، مدرس العلوم، واعمالها، العناية بحديقة المدرسة وزراعتها وتعليم الطلبة مبادئ الزراعة بالطريقة العملية والعمل على انتاج بعض المنتجات الزراعية.. تم حفر 50 سم من التربة ونقلت اليها تربة اصلح للزراعة وكانت هناك محاضرات بكيفية تنسيق الحدائق وتخطيطها واجراء العمليات الزراعية فيها وجرى تنفيذ الخطة وحددت الاحواض وسورت بالطابوق وزرعت بمختلف البقوليات
وشرح استاذ المادة، ان جذور البقول والحمص والفول واللوبيا تفيد التربة والنباتات التي تزرع بعدها، وتم زرع الحديقة باكملها بالبذور المختلفة وبعض الخضراوات كالفجل والبقدونس والجرجير ثم تسلمت الجمعية مجموعة من الاشجار في 12 فبراير 1953 من البرتقال والزنج والياسمين والتفلة والورد والليمون الحلو والمالح وزرعت فيها 22 شجرة مختلفة واصبحت الحديقة محط جميع الانظار من العاملين والطلبة والضيوف.
النظافة
تمتعت المدرسة بعناية خاصة في النظافة، بسبب اهتمام الفراشين ورئيسهم وتعويد الطلاب على النظافة وعدم رمي الاوراق في فناء المدرسة او ممراتها وكانت المدرسة مطلة على البحر وبينها وبينه شارع «الكورنيش» وهو شارع مبلط يزيد من جمالها وحسن جوها وطيب مكانتها.
الصحة العامة للطلبة
اهتمت المدرسة الشرقية بالصحة العامة للطلبة وهو عمل لا مثيل له في اقطار العروبة فالطبيب يتردد على المدرسة ثلاثة مرات في الاسبوع وعند اشتباهه باي حالة مرضية يسرع في عرضها على الفرع المختص بالمستشفى الاميري وهناك مضمد للجروح يقوم بمداواة الجروح كل يوم في حجرة العيادة وهناك ممرضة مختصة للعيون تقصد المدرسة ثلاثة ايام في الاسبوع تمسح عيون التلاميذ حفظا لها من «الترخوما» والرمد.. وخصص لكل ثلاث مدارس طبيب اسنان ثم نقلت العيادات من المدارس الى المستوصفات.
مكتبة السقافاسم الكتيب «المدرسة الشرقية في عام 1953/1952 - معارف الكويت»، وهو من اصدار المدرسة الشرقية للناظر الاستاذ احمد السقاف، تحويه مكتبة ابنته فارعة السقاف.
الأستاذ حسين أبو زينة، المدرس الأول للرياضيات، في شعبة من شعبتي السنة الرابعة فريق كرة القدم وأمامه الكأس التي احرزها هذا العام ويرى الى اليمين مجيد محمد، المدرس المسؤول للتربية البدنية والأستاذ محمد الزعبلاوي مساعد مدرب كرة القدم، بينما وقف ناظر المدرسة الى اليسار لفيف من كشافة المدرسة الشرقية الأستاذ عصام عسيران يلقي درساً في الأناشيد في الهواء الطلق، وقد التف حوله طلاب الصف يستمعون الى أنغام الكمان
«الكساد والغلاء عمّ منطقة الخليج بعد الحرب العالمية الثانية فتوجه الناس نحو الكويت طلبا للرزق»
محمد جابري: أنا أول من قام بإصلاح الأجهزة الكهربائية في «الفحيحيل» سنة 1957
محمد جابري يستعيد ذكرياته مع «الراي» (تصوير أسعد عبدالله) ارسال | حفظ | طباعة | تصغير الخط | الخط الرئيسي | تكبير الخط
إعداد : سعود الديحانيالحياة كثيرة طرقها وكل إنسان مسير لما خلق له محمد جابري بدأ حياته مع عمال البناء فترة من الزمن ثم اتجه إلى حرفة كان الناس تحتاجها الا وهي تصليح الاجهزة الكهربائية يوم كانت الوسائل الاعلامية محدودة يحدثنا عن مهنته هذه كيف بدأ بها ومراحل التطور بها احاديث شيقة وممتعة يتخللها التطرق إلى جوانب من حياة الماضي ادركها فلنترك له ذلك:
نحن من جنوب ايران في منطقة بوشهر التي كانت على ساحل الخليج كنا من قرية تابعة لبوشهر وانا دراستي اقتصرت على المرحلة الابتدائية لان ايام الحرب العالمية اغلقت المدارس، والدي كان يعملون مضمدا وتوفي وانا لم ابلغ من العمر سبع سنين حوالي سنة 1942 وبعد الحرب العالمية اصبح هناك كساد ونقص في المواد الضرورية التي يحتاجها الناس... اهل بوشهر كان غالبيتهم يعملون في الدوائر الحكومية وصيد الاسماك لقرب بوشهر من البحر بعد وفاة الوالد تولى رعايتنا عمي فترة ثم نمى إلى سمعي اسم الكويت وان العمل بها متوافر وهناك فرص كثيرة وهي قريبة من مسقط رأسي بوشهر وكان ذلك سنة 1946 حينما تم تصدير نفط الكويت فأول ناقلة كويتية خرجت لتصدير النفط في ذلك العام عزمت امري مع ثلاثة من اصدقائي وتوجهنا للكويت في الشهر الحادي عشر سنة 1950 وكان عمري 17 عاما...
رحلتي
ورحلتي كانت عبر لنج بحري ودفعنا له 22 تومانا وهو مكلف في ذلك الوقت وابحرنا ووقت المساء ووصلنا في ضحى نهار اليوم الثاني ولم نواجه خلال رحلتنا اي مصاعب وقد رسى اللنج الذي كنا به عند نقعة السيف ونزلنا كانت الامور سهلة وبسيطة كنت ارى اثنين من الشرطة واقفين لكن لم يكونا يمنعان احدا من الدخول لان العمال الذين ينزلون كانوا ينقلون البضائع وكانت هناك قهوة مندني قريبة من النقعة البحرية جلست بها وجاءني احد جماعتنا وعنده خبر في قدومي، ونظاراتي ضياء عادل له محل في الشارع الجديد جاء فأخذني معه وكان معه ابن عمي يعمل معه في محل النظارات الذي كان في الشارع الجديد اصطحبني إلى بيت وهو من البيوت التي كانت على النمط القديم طين وبعد ثلاثة أيام زرنا بيت ضياء عادل وكان عنده مهندس جلال الصميمي وهو مهندس ايراني للطرق والبنايات وسألني متى قدمت قلت له لي ثلاثة ايام ثم سألني هل تقرأ وتكتب؟ قلت له: نعم قال من الغد تعال واشتغل عندي لان عنده عمالا يعملون لديه اكثر من 50 عاملا في المشاريع التي تولى الاشراف عليها مع الحجي صبيح البراك وعنده مخازن للانشاءات والحديد ولديه كثير من المهندسين يعملون لديه.
الكاتب
عملت كاتبا لدى المهندس جلال الصميمي براتب شهري 160 روبية وكانت يومية العمال 4 روبيات ومكاتبنا كانت بالقرب من قصر دسمان في عمارات معرفي والمهندس جلال كان يشرف على تسع بنايات وانا كاتب ومراقب في نفس الوقت احضر العمال واقيد اسماءهم لانهم يأتون مبكرا الساعة السادسة ويستمر عملهم إلى الرابعة مساء ولا تزال بعض البنايات هذه موجودة إلى الآن وتم تجهيز هذه البنايات في مدة 12 شهرا والذي يشرف علينا من قبل الاشغال كان المهندس زكي وهو شخصية فلسطينية معروفة.
السور
بعد هذه البنايات اخذنا مشروع هدم سور قصر دسمان وبنايته من جديد بالاسمنت والطابوق اخذت معي 16 عاملا وبدأنا في هدم سور القصر وبنائه، كان السور القديم من صخر البحر والطين انزلنا كل هذا وبدأنا بناءه على نمط حديث ونحن كنا نضع الطابوق في مكائن خاصة نجلبها معنا في مكان عملنا... وكنا نرى الشيخ جابر الاحمد متواجدا في دسمان وهو رحمه الله كان دقيق الملاحظة فلقد جاءني احد الحراس وقال ان الشيخ يريدك لاننا حينما جهزنا السور مع بواباته لاحظ الشيخ رحمه الله عدم تساوي اطراف البوابات وهي كانت غير واضحة للجميع لكن دقة الشيخ جابر رحمه الله وذكاءه لاحظ ذلك وسألني عنه وايضا قدمت للكويت اخر ايام الشيخ احمد الجابر الصباح.
اليوم
كنا كل يوم نرى الشيخ عبدالله السالم جالسا والحرس حوله ويأتون عنده كثير من الاهالي يسلمون عليه ويشربون القهوة وقد جئت اليه انا ومعي المهندس جلال الصميمي والمهندس الفلسطيني زكي الذي كان يعمل في الاشغال.
الهدم
سور الكويت انا ادركت هدمه ورأيت العمال وهم يهدمونه وكنت اخرج من بوابة الشامية حينما كنا نحتاج إلى الماء في عملنا في البنيان واذهب في السيارات إلى حولي وبها قلبان ماء وليس بها بناء كثير وبعد بناء سور دسمان اخذنا بنايات ليوسف شرين بهبهاني في منطقة الوطية وبعد أن اوشكت البنايات على الانتهاء جاءتنا هدامة 1954 وتأثر البلد وجاء الجيش يساعد الناس ورأيت الشيخ عبدالله المبارك وهو قائد الجيش الذي خرج لمساعدة الناس في هذه الازمة وهو كان شخصية لها مكانتها وحينما يلبس اللبس العسكري والنياشين ترى الهيبة به واذكر أنني كنت في لبنان سنة 1962 ورأيته واقفا مع مجموعة من الناس وقال لي صاحب التاكسي الذي كنت معه ان هذا قصر الشيخ عبدالله المبارك أوقفت التاكسي ونزلت وسلمت على الشيخ واخبرته أنني قادم من الكويت وقد رحب فيني وقال اهلا وسهلا وكيف الكويت فقلت الحمد لله بخير وسمعت من الناس عن كرمه كثيرا.
النفط
استمر عملي مع المهندس جلال الصميمي ست سنوات ثم جاء اصدقائي للفحيحيل لان شركة النفط كانت في الاحمدي لكن الطرق لم تكن معبدة انا كان عندي معرفة في تصليح الراديو والمسجلات لان احد جماعتنا افتتح محلا في حولي في هذه المهنة تصليح اجهزة كهربائية لكن مقتصرة على تصليح الراديو ومسجلات انا كنت اجلس عند وقت المساء فتعلمت منه لان الصنعة والمهنة اليدوية هي التي تدوم وكان ذلك بحدود سنة 1956 واستمررت في تعليمها مدة ستة اشهر.
الفحيحيل
دخلت الفحيحيل وكانت قديمة صغيرة على البحر ووجدت اربعة محلات بجانب الفرضة القديمة التي كانت عبارة عن سوق وانا كنت اول محل لتصليح الراديو والمسجلات وملك المحل كان للدبوس هي اربعة محلات بجانب المخفر القريب من الفرضة محل لعامر نوري ومحل اخر ميكانيكي واخر لا اذكره وانا اول محل في الفحيحيل لتصليح الادوات الكهربائية الراديو والمسجل سنة 1957 واجر المحل كان 12 روبية واما السكن فكان بيتا عربيا في الفحيحيل القديم وهو ملك فهد الدبوس... واسم محلي كان محل محمد جابري لتصليح وبيع الراديو والمسجلات.
الناس
لم يكن هناك كثير من الزبائن في بداية امري كانت الناس قليلة التي تستعمل الراديو والمسجل ثم بدأت هذه الاجهزة تنشر ولم يقتصر على التصليح فقط بل كنت ابيع الاجهزة الكهربائية حيث اتعامل مع الشركات التي في الكويت وانواع الراديو «فلى جسن» كنا نأخذه من حسين العمر وعبدالله الرويح ومن شركة سوني وناشونال وكانت هذه الشركات تعطيني خصما وادفع لهم بكل اريحية ولم تكن تلك الاجهزة تعمل على كهرباء بل كلها بطاريات التي يطلق عليها حجر بطارية.
تمت ازالة السوق الذي كنت به سنة 1959 فتحولت إلى سوق الفحيحيل القديم واخذت محلا اجرته بـ 20 روبية من املاك الشيخ سالم العليوكان ذلك في سنة 1960 والسوق في ذلك خلف البيوت السكنية والمحلات مقابل الشارع وبالقرب مني كان مصور الميناء لابو فؤاد وعلي يمني وهو ثاني مصور في الفحيحيل قبله شخص ارمني ايراني عمل فترة قبل انتشار الكهرباء ثم ترك الكويت وجاء ابو فؤاد مصور الميناء بعده وتوفى، وابناؤه ذهبوا إلى اميركا وكان على يمين محل احذية لشخص فلسطيني اسمه خالد صبيح.
الاستمرار
استمر محلي لغاية 1984 وتحول إلى نشاط نظارات لان ولدي تعلم هذه الحرفة وهو درس في مدارس الكويت، بعد الثانوية درس في القاهرة في كلية العلوم وتخرج سنة 1983 لكن النظارات تعلم هذه المصلحة والمهنة من جماعتنا نظاراتي النور والجميل والحسن ثم افتتح له محلاً وانا صرت معه.
الوقت
كانت الناس بحاجة لجهاز الراديو والمسجل في تلك الايام لان الوسائل الاعلامية قليلة وهذه الاجهزة في البيوت وفي متناول الناس من خلالها يرتبطون في العالم... وانا لما لم تكن الكهرباء متوافرة في البيوت كنت اغلق محلي الساعة السادسة مساء لكن بعد توافر الكهرباء اخذنا نتأخر إلى الساعة التاسعة.
مرزوق
سوق مرزوق من الاسواق التي كانت في منطقة البدوية التي كانت كلها بيوتاً كبر وصفيح جاء اهلها من الاحمدي وسمح لهم في البناء وهذا السوق فيه محل عملت به انا بعد ازالة السوق القديم مدة سبع اشهر لكن فضلت أن ارجع إلى سوق الفحيحيل لان الناس تعرفه.
الكثرة
الزبائن تغيرت بعد انتشار الكهرباء وكثرت الشركات والمحال لكن انا اخذت منحى آخر وهو تصليح راديو ومسجلات السيارات وكان لي اصدقاء يأتون إلى محلي فأنا كنت الوحيد الذي يصلح راديو ومسجل السيارات فاذكر ناصر الحوطي وبو كحيل الله يرحمه والسعودي وابراهيم المدير وخليل محمود... كنت انا اعمل اسطوانات لان الاسطوانات هي المنتشرة في الاول وسيارات الاجرة «التكاسي» كانوا يأتون عندي لاعمل لهم «أير» وكانت سيارات الاجرة مشهورة في وضع الاير وابنائي كانوا في فصل الصيف يعملون معي في محلي.
التلفزيون
بعد دخول التلفزيون في البيوت وانتشاره ذهبت إلى طهران ومكثت ستة اشهر، أتعلم مكونات هذا الجهاز ومحتوياته وكيفية فكه واعادة تركيبه وتصليحه ... الناس بحاجة لمن يقوم بتصليح هذا الجهاز الذي بدأ ينتشر بشكل كبير ولا تستغني عنه البيوت والاسرة وفعلا خلال مدة ستة اشهر تعلمت كل شيء يخص التلفزيون وجئت إلى محلي واخذت استقبل الناس وكان ذلك سنة 1965 وخلال هذه المدة التي قضيتها حصلت على شهادة مهنية.
المدير
كان ابراهيم المدير عنده سيارة كاديلاك وهناك خلل في الراديو الخاص بها لم يكن يستقبل الاذاعات العربية وقد ذهب بها إلى وكالتها التي اشتراها منها وهي وكالة البهبهاني ولم يستطيعوا أن يقووا ارسال جهاز الراديو الخاص بسيارته وبعد ذلك قال له خليل محمود انا عندي صديق يصلحها وجاءت السيارة وسويت بحثاً عن خط الاير ووجدته ضعيفاً فغيرته وقويت ذبذبات الجهاز واخذ يستقبل بثاً كثيراً من الاذاعات... وبعدها قال شركة كبيرة ما تقدر تصلح راديو السيارات ومحل صغير يصلح ذلك العطل.
الوصف
كان الماء في الفحيحيل نأتي به من الآبار وهي قريبة من موقع السينما وماء يتم نقله بواسطة الحمير إلى البيوت حيث يوضع إلى القرب ثم يفرغ في خزانات حديدية داخل البيوت والحلال الغنم والمعز والبقر كثير في نواحي الفحيحيل ومزارع أيضاً كثيرة وشجر السدر كثير في المزارع... وشتاء الكويت كان باردا في الماضي واذكر فرحة الاستقلال سنة 1961.
التعلم
الكثير تعلم عندي على حرفة ومهنة تصليح الاجهزة الكهربائية كان يأتي شباب في مقتبل العمر من جنسيات مختلفة ايرانيون وباكستانيون فيعملون عندي وانا اشرف عليهم ولا ابخل عليهم في اي معلومة فمن عمل فهو مثل اولادي لان اولادي كانوا يعملون عندي في العطل الصيفية وهؤلاء العمال والمهنيون بعدما يكتسبون هذه المهنة يذهبون ويشقون طريقهم في الحياة واذكر أنني رأيت ذات يوم شاباً يعمل صباغا فقلت لماذا لا تتعلم مهنة تستفيد منها اكثر وهذه المهنة هي التي تصليح الاجهزة الكهربائية افضل لك فجاء عندي ومكث مدة واتقن الحرفة ثم ذهب وفتح له محلاً في الفنطاس وصار معروفاً.
سكة
تعلمت القيادة من صديق لي لكن فحص اختبار القيادة اجراه لي سيد وهو مشهور ومعروف اخذنا نحن سبعة متقدمين للاختبار وكان الفحص كله في سكة البدر وهي سكة ضيقة من يدخل منها ثم يعود للخلف دونما اي اصطدام ينجح في الاختبار.
التأثر
الشركات التي كثرت واصبحت هي تقوم باصلاح الاجهزة التي تبيعها من خلال الورش الخاصة بها اثرت على نشاطنا بل توقف منها. انا جئت إلى الفحيحيل سنة 1957 وعملت في سوق الفرضة سبعة اشهر ثم إلى سوق مرزوق سبعة اشهر بعدها افتتحت محلي في سوق الفحيحيل.
ضياء
نظراتي ضياء عادل كان موجود قبل مجيئي للكويت وقد عمل نظارة للشيخ عبدالله السالم فقام الشيخ واعطى النظارة التي قام باستبدالها بالجديدة إلى ضياء عادل وقال هذه ذكرى لك ولا يزال محله موجوداً في شارع فهد السالم وقد باع محله وهاجر إلى اميركا واولاده أيضاً هاجروا.
الزواج
انا تزوجت سنة 1958 وجميع اولادي ولدوا في الفحيحيل وهم اكملوا تعليمهم فجميعهم جامعيون، بنتي محامية وابني دكتور والآخر مهندس انا اوصيت اولادي أن ميراثي لهم هو العلم والتعلم والحصول على الشهادات العلمية فصاحب شهادة العمل يبحث عنه وليس هو الذي يبحث عن العمل فنحن لا نعرف غير الكويت عشنا بها وقضينا عمرنا بها وكل معارفنا واصدقائنا بها.
وصل إيجار سنة 1966 مع أفراد أسرته أسرته سنة 1970
الراي
كانت الكويت محاطة بسور له بوابات «دروازات» ... وأنا دخلت من «دروازة» الجهراء في أول عام 1954
محمد بعلبكي: «الصحة المدرسية» كافحت مرض الدرن في المدارس وكنت أحد كوادرها «التمريضية» لمدة 40 عاماً
محمد بعلبكي ونظرة لـعدسة «الراي» ارسال | حفظ | طباعة | تصغير الخط | الخط الرئيسي | تكبير الخط
إعداد:سعود الديحانيالتمريض مهنة سامية، ألحقت بها الصحة المدرسية التي كانت مسؤولية عن وقاية الطلبة حين التحاقهم في المدارس، ضيفنا اليوم محمد بعلبكي أحد كوادر الصحة المدرسية، يحدثنا عن بدايته مع هذه المهنة ثم يتطرق الى الصحة المدرسية والدورة التي التحق بها وما هي الأمراض التي كانوا يحرصون على تطعيم الطلبة منها؟ أحاديث شيقة وممتعة نقضيها مع ضيف حديث الذكريات فلنترك له ذلك.
انا تعلمت التمريض في بلدي لبنان كان يأتي طبيب زائر «اسمه سبردون حوراني» إلى بلدنا اي القرية «عديسة» التي اقيم بها فنحن عندنا سوق كل يوم اربعاء فهو يأتي في هذا اليوم ويعالج المرضى في هذا اليوم الذي هو اجتماع للناس كل اربعاء ... سوق يضم كثيرا من الناس ويجلس الدكتور والذي يشتكي مرضا ما يعرض نفسه على الدكتور «طبيب» فيشخص حالته ويصرف له الدواء فعيادة هذا الطبيب في هذا السوق وانا كنت متوقفا عن الدراسة حيث انني درست المتوسطة ولم اواصل تعليمي؟ فلابد لي من ممارسة نشاط بدل الدراسة لذلك التحقت في العمل مع هذا الطبيب الزائر لنا كل اسبوع في سوق الاربعاء في بلدنا... وقريتنا قرية زراعية وبها نبع ماء عذب من رب العالمين ولا يزال يتدفق إلى يومنا هذا فبلدنا من القرى القريبة من فلسطين.
الدوامالطبيب الذي تعلمت عنده كان يبدأ عمله من السابعة إلى الثانية بعد الظهر وانا اكون ملازما معه فتعلمت مهنة ومزاولة التمريض منه وقد استمررت معه مدة سنتين لاني عندي رغبة حب لتعلم هذه المهنة الشريفة وقد استغرق مني تعلمها ما يقارب سنتين والذي يرغب في التعلم وعنده دافع وحب التعلم لاتقف امامه الصعوبات وانا كنت احب هذه المهنة الشريفة النبيلة لذلك تعلمتها في المدة التي قضيتها مع الدكتور.
البدايةبادئ ذي بدء، اخذت اتعلم كيفية اعطاء المريض الحقن اي الابر وطريقة عمل الضماد للمجروح أو من احتاج لذلك وضماد له بطريقة صحية سليمة.
الاشمركان لنا صديق كبير في السن اسمه حسن اشمر قد سبقنا في المجيء للكويت وهذا كان ابنه من جيله اي مقارب لي في السن وقد درس معي حينما كنت في المدرسة وقد لحق في ابيه حينما جاء للكويت وكلاهما عمل في الصحة في الكويت وهذا الامر كان دافعا لمجيئي للكويت حيث حسمت امري واخذت شهادة من الطبيب الذي عملت معه تلك الفترة وهذه الشهادة تفيد حصولي الخبرة الكافية في عمل التمريض.
المجيءانا قدومي للكويت كان عن طريق البر طريق لبنان إلى تركيا في القطار ومن تركيا استقليت القطار الموصل إلى البصرة ومن البصرة ركبنا سيارة كانت جوانبها خشبية وقد نزلت حين وصولي في ساحة الصفاة ولم اكن اعرف عنوان صاحبي وكان ذلك في سنة 1954، والبوابة التي دخلت منها إلى الكويت كانت دروازة الجهراء لان الكويت في تلك الايام كانت محاطة بسور له بوابات يطلق عليها دروازات كانت ساحة الصفاة بها مواقف للسيارات ... ذهبت إلى مطعم اسمه «الاوتماتيك» وعملت به فترة وكان موقعه في الشارع الجديد السكن به متوافر والاكل والشرب وكان بمثابة استراحة لي حتى هيأت نفسي للعمل في تخصصي في الصحة وفعلا هذا ما حصل قدمت اوراقي إلى قسم التمريض في ادارة الصحة، لم تكن في تلك الايام وزارة.
فاطمةالذي وجهني إلى محل تقديم وظيفة ممرض هو صاحبي الذي سبقني في العمل في الصحة فهو من ارشدني وكان مكان تقديم الاوراق والمقابلة الشخصية في مستشفى الاميري حيث مكتب رئيسة التمريض فاطمة العريس وهي رئيسة الهيئة التمريضية، وهي لبنانية مسؤولة عن قطاع التمريض في تلك الايام، وتم قبولي بعد اعتماد الشهادة التي قدمتها وكان عملي في تاريخ 1/1/ 1957. وفاطمة العريس كانت إدارتها ممتازة وعندها إدارة جيدة ومن يتقدم للصحة تطلب شهادة وتطلع عليها وتعمل له امتحاناً انسانة فاهمة في عملها وانا حين قدمت أوراقي للصحة وكانت في تلك الأيام إدارة لم تكن وزارة دخلت على فاطمة العريس ورأت أوراقي التي معي ووافقت على تقديم طلبي، ثم عملت لي اختبارا وبعدها ألحقوني في دورة خاصة للتمريض.
وكان الشيخ صباح السالم هو مسؤول عن الصحة ثم الشيخ فهد السالم وكنت كثيراً ما أشاهد موكب الشيخ عبدالله المبارك.
الأولكان أول مقر لعملي في التمريض في منطقة الجابرية ولم تكن الجابرية كمنطقة موجودة بل كل المكان صحراء مترامية فنحن كنا في خيَّم جعلت محجراً صحياً لعلاج الأمراض المعدية التي كان يطلق عليها الأمراض السارية فالمستشفى عبارة عن خيام.
ولنا سكن أيضا في هذه الخيام والماء كان يأتي لنا حيث مقر عملنا لكن يوضع في حب وهو الوعاء الذي يصنع من فخار أما راتبي فكان 700 روبية وعملي يبدأ من الساعة السابعة الى الثانية ظهرا وأقيم في السكن المعد لنا وكنا في الساعات التي ليس لنا عمل بها نذهب الى السوق او زيارات الاصدقاء والجابرية كانت فضاء وبيت الشيخ عبد الله المبارك قريب منا وكذلك قصر بيان قصر الشيخ أحمد الجابر وحولي ليس بعيدة عنا، لكن السيارات في تلك الايام لم تكن كثيرة.
الساريةلما كنا نعمل في مستشفى الامراض السارية كان مرض الجدري هو المرض الاكثر خطورة وكانت الصحة تكافح هذا المرض من خلال التطعيم الذي له حملات مكثفة وبصفة دورية حتى خف في الكويت وفي العالم، وهناك مرض آخر اسمه جدري الماء وهذا أخف من الجدري المرض المعدني ولايزال هناك كبار في السن اثر الجدري عليهم واضح... كان يعمل معنا الدكتور عباس عامر مصري الجنسية كان يعمل في نشاط وجد... وله محاضرات ارشادية طبية لنا نحن العاملين في مستشفى الامراض السارية الذي كان في الجابرية،
المدرسةقضيت في مستشفى الجابرية نحو ثلاث سنوات ثم نقلت الى وحدة الصحة المدرسية سنة 1960 التي كانت في الشامية حيث مقرها الرئيسي وقد أجرت لنا دورة خاصة في كيفية تطعيم ومكافحة مرض السل وهذه الدورة كانت في مقر الصحة المدرسية ومن الدكاترة الذين كانوا مناط بهم إلقاء المحاضرات في هذه الدورة الدكتور أحمد عبدالعظيم ومعه دكتور آخر لا يحضرني اسمه والمدة التي انعقدت بها الدورة كانت ثلاثة أشهر فترة واحدة من الساعة السابعة الى الواحدة ظهراً.
وهذه الدورة هي أول دورة خاصة لمكافحة مرض السل وتطعيمه في المدارس أي خاصة بطلبة المدارس أي تابعة لإدارة الصحة المدرسية... وكل من أراد الالتحاق في المدارس من الطلبة لابد أن يأخذ حقنة تطعيم ضد السل لذلك كنا نخرج بشكل يومي لجميع مدارس الكويت فنحن الجهة المخولة في التطعيم لمنتسبي وزارة التربية من الطلبة ودورتنا هي دورة للتطعيم ضد الدرن وبلغت المدارس التي كنت أقوم بتطعيم طلابها 52 مدرسة في جميع أنحاء الكويت... كنت مسؤولا عن تطعيم الدرن.
الصحةالصحة المدرسية كانت مخولة في الكشف الصحي للطلبة الذين يلتحقون في المدارس ونحن الفريق الطبي الذي انخرط في دورة تطعيم الدرن «السل»، اصبحنا نتولى تطعيم الطلبة من مرض الدرن في المدارس نفسها فخفضنا عليهم ضغط العمل حيث تكفلنا من هذه الناحية بدل من أن يأتي الطلبة الى الصحة المدرسية بأعداد كبيرة لا تستوعبهم ساعات العمل في الصحة المدرسية نحن نذهب حيث يتواجد الطلبة في المدارس فنحن وحدة صحية متنقلة وفي كل مدرسة طبيب يقوم بالكشف على الطلبة بعد أخذ التطعيم فنحن كل ثلاث سنوات نجري التطعيم مرة أخرى للطلبة.
الاختباركنا لما نزور المدارس نعمل اختبارا للطلبة من خلال اعطائهم ابرة «حقنة» خاصة لذلك فإذا وجدنا أنه بحاجة الى تطعيم أعطيناه ذلك فإذا وجدنا عنده أعراض المرض نعمل له اشاعة لتأكد أكثر فإذا اتضح أن عند الطالب مرض السل يحال الى الجهة المختصة... ونحن اختبارنا مدته 72 ساعة واذا لم يكن عند الطالب اي اعراض في هذه الحالة نقوم بإعطاء الحقنة المضادة للدرن حتى يكون عنده مناعة عن هذا المرض.
المسؤوليةالتطعيم مسؤولية كبيرة جدا كانت على عاتقنا نحن الذين كنا في التطعيم المدرسي في ذلك الوقت فكنت احرص اشد الحرص على اتقان عملي ومراقبة الله في ذلك فمرض الدرن مرض خطير والناس الى هذا اليوم يعرفون خطر مرض السل وهؤلاء الاطفال الطلبة حينما يأخذون التطعيم ضد المرض من الصغر تصبح حياتهم في مأمن من خطر هذا المرض... مهنة التمريض هي مهنة انسانية في الدرجة الاولى ومن المهن النبيلة لأنها تتعلق في أرواح الناس وصحتهم.
الجولاتكان هناك تعاون كبير لإدارات المدارس معنا حينما نزورها فهي تهيئ لنا في المكان المخصص لإعطائهم التطعيم لم يكن لنا علاقة مع أولياء الأمور نحن مجال عملنا مع ادارة المدرسة، ونحن كنا نخرج ثلاثة ثلاثة فنحن تسعة ممرضين نقسم أنفسنا على المدارس على حسب الجدول الذي كنا نسير عليه، وكنا نذهب في سياراتنا الشخصية، وصل عدد المدارس التي كنت أذهب اليها الى 52 مدرسة موزعة في جميع أنحاء الكويت وفي جميع محافظاتها فنحن في الصحة المدرسية مسؤولون عن تطعيم مرض السل.
التوفيرمركز الصحة المدرسية الذي في الشامية هو من يقوم بتوفير لنا ما نحتاجه من ابر وضماد وكل شيء يتعلق في عملنا فهو الجهة المسؤولة عن ذلك، لقد قضيت مدة اكثر من 40 عاما وأنا في مجال عملي في الصحة المدرسية لكن كان يطلب منا العمل في الخفارة في المستوصفات هو تمريض عادي ليس له تعلق في عمل الصحة المدرسية وأنا كنت آخذ خفارتي في مستوصف السالمية لأنه بالقرب من سكني.
التغييرخلال المدة الطويلة التي قضيتها في مجال مكافحة الدرن تغير وضع الوعي الصحي لدى الناس فأصبح هم من يأتي لأجل أخذ التطعيم لأولادهم وكذلك صار عندهم دراية ومعرفة بخطر السل.
التجارةكان عندي فرصة من حيث وفرة الوقت فعملي كان في فترة الصبح وهذا الامر جعل عندي مساحة للعمل في مجال آخر وهو التجارة وقد أسست محلا في سوق واجف لبيع الملابس وأخذت استورد البضائع من الخارج من تايلند والصين وغيرهما... ويتطلب الامر سفري فأسافر الى تايلند وسنغافورة وأجلب منهما البضائع.
«واجف»سوق واجف كان قريباً من سوق الحريم ثم توسعت الأسواق والأمان كان علامة بارزة في الكويت في تلك الأيام حين يأتي وقت الصلاة يذهب البائع الى المسجد لا يغلق المحل بل يضع قماشاً على البضاعة ويذهب ويصلي ويعود والبضاعة في مكانها وعليها القماش ولم يحدث لها شيء أمان كبير لم نكن نسمع عن حوادث السرقة... كان الصدق بين الناس والكلمة يلتزم بها وكل شيء رخيص كان بيع السمك بالكود ومتوافراً ورخيصاً، وكان البرد في الكويت شديد عندما تهب «الشمال» برد قارس جداً.
الوسائلكان الماء في الكويت يأتون به من الشط ووسائل نقله هي الحمير وتجمع الباعة في الصفاة وسنة 1954 حينما قدمت للبلاد لم يكن موجودا إلا الشارع الجديد ... والأرض وقت الربيع كله خضراء بعد السور ترى أنواع النباتات بها وبوابات السور أذكر منها الشامية والجهراء والشعب والسور كان مبنيا من الطين وبعد هدم السور توسعت البلاد وكثر العمران... وأنا تعلمت قيادة السيارة سنة 1958 عند معلم لبناني اسمه علي زريق وهو يعمل في مكتب لتعليم قيادة السيارات وحين انهيت تعليمي قدمت اختبار القيادة وكان أمراً فيه اريحية أما أول سيارة اشتريتها كانت «فولكس ويجن» ألمانية الصنع سيارة صغيرة وقد اشتريتها مستعملة بقيمة «1200 روبية».
الشهاداتعندي شهادات كثير وتكريم من وزارة الصحة والحمد لله سجلي ناصع في عملي وفي وقت الغزو رفضت العمل ولا اقبل اعمل في هذه الأوضاع وجلست 7 أشهر ولم تقبل نفسي أن أعمل.
«(الوسطى) أول مدرسة للبنات علمت فيها سنة 1937 وصرف لي راتب قدره 30 روبية»
مريم الصالح: أنا أول مدرسة كويتية لبنات الوطن
أمير البلاد حفظه الله مستقبلاً أول معلمة كويتية مريم الصالح ارسال | حفظ | طباعة | تصغير الخط | الخط الرئيسي | تكبير الخط
ضيفتنا اليوم هي الأستاذة مريم الصالح أول مدرسة كويتية تحدثنا عن مسيرتها التربوية التي امتدت عقوداً من الزمن فتذكر لنا أولى معلماتها وشيئاً من سيرة والدها ثم تدرجها في سلك التدريس الذي بدأ في مدرسة الوسطى وهي أولى المدارس بعدها درست في مدارس عدة ثم اختيرت لتكون أول ناظرة كويتية، فلنترك عزيزي القارئ مع سيرة أول معلمة كويتية.
كانت ولادتي في شهر أكتوبر عام 1926، وهو الشهر الذي يعود فيه عادة أهل الغوص من البحر، حيث ذكرت لي والدتي انها خرجت كغيرها من النساء في ذلك الاستقبال ولم يكن عمري اربعين يوما. والغوص كانت له مكانة اقتصادية في تلك الايام، وكان العائد من الغوص هو والد أمي، لذا تركتني والدتي عند جدتي لأبي وذهبت لاستقبال أبيها، وقد كنت البنت الوحيدة للوالدين من بين خمسة أولاد، يخيم الهدوء على طبعي وتذكر لي والدتي انني منذ صغري وأنا سريعة البديهة وحسن التصرف فإذا نهتني عن ضار لا أعود الى فعله، وشخصيتي محبوبة من قبل الجميع صغارا وكبارا، وكنا نسكن في المنطقة الوسطى في فريج السبت وبالقرب من فريج السرحان.
الوالد
حين توفي جدي كان والدي يبلغ من العمر أربع سنوات ولم يكن له ولد سواه، فحزنت عليه جدتي حزنا شديدا، فهو كان من العلماء المشهورين وتسلم القضاء في منطقة الزبير واشتهر بالنزاهة بالحكم وتبحر في أحكام الشريعة وقد تتلمذ على يديه كثير من العلماء ومن أشهرهم عالم الكويت عبد الله بن خلف الدحيان.
الهند
وفي احد الايام جاء أخو جدتي عثمان واقترح عليها ان تذهب الى الهند حيث ان عائلة آل ابراهيم من العوائل الكويتية المقيمة بالهند ترغب (بالمطوعة) تختم لبناتها القرآن، فرشحت لتلك المهمة وأخذت ابنها معها وهو والدي عبد الملك الصالح وكان عمره نحو 5 سنوات ونصف السنة، فذهبت واستقبلها آل ابراهيم أحسن استقبال وأكرموها حيث كان استقبالا مليئا بالحفاوة والتقدير.
ومكثت عندهم تدرّس بناتهم القرآن الكريم وهم قاموا بتدريس ابنها مع أبنائهم في مدارس الهند فتعمل اللغة الانكليزية وأتقن الهندية الى جانب المواد التي تدرس في تلك المدارس في ذاك الوقت.
وحين بلوغه سبعة عشر عاما عاد الى منطقة الزبير وأخذ يتردد على علمائها أمثال الشيخ محمد العوجان والشيخ عبد الله بن حمود والشيخ ابن دايل، فأتقن الفقه للإمام أحمد بن حنبل ودرس اللغة العربية الى جانب تجويد القرآن الذي كان ملما به.
المباركية
وفي عام 1916 قدم الى الكويت فأختاره الشيخ يوسف بن عيسى الجناعي وهو حينئذ مديرا لمدرسة المبارية ليكون مدرسا بها لما يتمتع به من خبرات وإجادته لعدة لغات، ثم درس في مدرسة مع الشيخ عبد العزيز الرشيد بعد عدة سنوات اختير ليكون ناظرا لمدرسة الاحمدية حين انشائها، وحين تأسيس مجلس المعارف اختير ليكون أمينا لأعمال المعارف وفي عام 1940 حين تأسست المدرسة القبلية طلب اعفاءه لكي يدرس بها لأنه يعشق العلم وهو جزء من شخصية وحياته وظل يدرس فيها حتى عام 1946 حيث كانت وفاته.
الدراسة
بدأت دراستي عند جدتي (أم أبي) وهي مطوعة تسمى حصة عبدالرحمن الحنيف وقد تتلمذ على يديها الكثير من البنات في فريج السرحان حيث مدرسة جدتي التي أنشأتها في بيتها ولكن من حرص والدي ووالدتي على تعلمي أدخلاني عند المطوعة نورة اليحيى خشية من أن تدللني جدتي فلا استفيد منها شيئاً، فالدراسة كما هي معروفة ترغيب وترهيب.
الختمة
ومن شدة ذكائي أنني ختمت القرآن الكريم في أقل من عام واحد ترتيلاً وتلاوة وعمري آنذاك أربع سنوات، وقد كانت من عادات الماضي الجميل أن من يختم القرآن الكريم يعمل له (زفّة) فهو موكب احتفالي يحتفى بصاحبه لمن ختم القرآن الكريم.
ومن خشية والدتي عليَّ من الحسد لانني صغيرة في السن فكانت تقول انها اذا قرأت جزء يس أزفها بموكب ختمة... وقد استمررت عند المطوعة وأعيد وأكرر تلاوة القرآن الكريم حتى لا أنساه.
الكتب
والدي كانت عنده كتب كثيرة يستمد منها ثقافته، فكان هذا يساعدني على الاطلاع عليها ولفت النظر إليها، والبحث عن القراءة فيها فكنت اقرأ بعض الكتب وأتهجى الحروف في صغري هذا، ما جعل الوالد يعجب مني نظراً لنباهتي في الكتب والبحث فيها، فأحضر لي السبورة والطباشير لاتعلم، فسعدت لذلك الأمر، لأنه رأى فيّ الرغبة في التعلم رغم صغر سني ثم خصص لي وقتاً يعلمني القراءة والكتابة، بعد ذلك ألحقني عند إحدى المعلمات وهي (الملاية) وهي عائشة زوجة السيد عمر ومعها ابنتها زهرة فكانتا تعلمان البنات القراءة والكتابة ومبادئ الحساب والحياكة والتطريز الى جانب دراستي في هذه المدرسة الأهلية كان والدي يجلس معي أيام العطل وفي أوقات الفراغ يثقفني ويعلمني في كل ما يختص بالسيرة النبوية والتاريخ والجغرافيا والتجويد والشرح والأحاديث النبوية ومبادئ الحساب حتى مسك الدفتر درسني ياه والدي، وبهذا ارتقى مستواي العلمي وزادت حصيلتي العلمية حيث انني استمررت مع الوالد أكثر من ست سنوات.
أخرى
توقفت الأستاذة المعلمة عائشة عن التدريس هي وابنتها زهرة فأدخلني والدي عند معلمة أخرى وهي الاستاذة بدرية بنت مطرة بضعة أشهر، ثم ألحقني عند معلمة أخرى وهي مريم العسكر ايضاً بضعة اشهر، لكني لم انقطع التعليم عند والدي خلال هذه الفترة كان والدي ينظر الى مستقبل الفتاة الكويتية بنظرة تفاؤل، فلم تمض سنوات قليلة حتى فتحت اول مدرسة كويتية لتعليم البنات.
التدريس
جلبت ادارة المعارف مدرّستين عربيتين وكانوا في حاجة الى مدرسة ثالثة لتعليم البنات، حيث ان مستوى الفتيات اللاتي التحقن في اول مدرسة لتعليم البنات قسمن ثلاثة مستويات، فاجري اختبار لمن عند المدارس الأهلية من البنات لتكون مدرسة ثالثة، ففزت في ذلك الامتحان وطلب مني ان اكون مدرسة للصف التمهيدي أدرس القرآن والكتابة والقراءة رغم ان عمري لم يتناهز العاشرة كانت عندي رغبة شديدة في التدريس لانني كنت امارسه عند المدرسات المطوعات اللاتي درسنني في صغري الى جانب مساعدة زميلتي في التدريس في شرح الدرس وطريقة تعليم الحديث.
البداية
بدأ عملي بالتدريس 1937 - 1938 وقد صرف لي راتب قدره 30 روبية كان عمري عشر سنوات في المدرسة الوسطى وهي تقع قريباً من مدرسة المباركية فكانت عبارة عن منزل مستأجر من بيت المانع، واستمررت لمدة سنتين ثم انتقلت للمدرسة القبلية حيث دمجت بعد ذلك المدرسة الوسطى مع القبلية حينما استأجرت المعارف منزلاً كبيراً من السيد خلف النقيب واستمررت في التدريس لمدة عشر سنوات بعدها عينت ناظرة لمدرسة الزهراء وهي اول مدرسة نموذجية للبنات. وكنت بذلك اول ناظرة كويتية.
التقدير
كان المعلم والمعلمة لهما الاحترام والتقدير من قبل المجتمع والطالب وكان اولياء الامور يوصوننا بأبنائهم خيراً، ويأخذون برأي المعلمة بكثير من المواقف، وكانوا يقولون لنا لكم اللحم ولنا العظم، وعندما تأتيني ولية الأمر تقول لي: يا معلمة مريم ادبي بنتي وعلميها حتى تكون معلمة ناجحة مثلك... وكنت انا شخصية ممتازة ومحبوبة من تلميذاتي ولي اسلوب خاص وطرق جذابة استميل بها الطالبات وقد استمددت ذلك من شخصية والدي رحمه الله.
الدبلوم
بعد مضي سبع سنوات حصلت على اول شهادة تعليمية وهي شهادة دبلوم تربية نسوية قدمت عليها دراسة منزلية وحصلت عليها سنة 1945، فكان عندي إلمام بالكتب الدينية والعربية والقصصية وما ساعدني على ذلك كثرة القراءة والكتابة حيث لم يكن هناك تلفزيون وغيره.
وكان من أبرز تلميذاتي من بنات الكويت الأوليات كثيرات جداً فكل بنت الآن تتعلم إما درست أمها أو جدتها وقد مارست مهنة التعليم ما يزيد على ربع قرن.
الزهراء
بعد مضي عشر سنوات عندما كنت أول ناظرة في الكويت في مدرسة الزهراء، حقيقة أني كنت ناظرة وسكرتيرة ووكيلة وأمينة مخزن وكنت أدرس 12 حصة في الاسبوع كل يوم نحو حصتين لكن بعدما تزوجت وأنجبت طفلتين كانتا بحاجة إلى رعاية، فلم يكن في ذلك الوقت خدمات ولا وسيلة من وسائل الراحة الكهربائية ما يساعد على خدمة الأولاد والزوج فطلبت من إدارة المعارف التخلي عن النظارة والرجوع الى التدريس، حيث ان مهمة التدريس تتيح لي الخروج للمنزل ورعاية الأولاد، أما الناظرة فلابد من وجودها بالمدرسة من أول الدوام إلى آخره.
فطلبت من الوزارة اعادة التدريس وإلاّ قبول استقالتي فوافقوا على ذلك فاستمررت في التدريس حتى عام 1962 بعد ذلك كنت فاتحة خير للمرأة الكويتية لعملها في قطاع العمل الحكومي حيث طلب مني أن أكون أول من يعمل بالوزارة فعينت أول موظفة لشؤون الطلبة ثم رئيسة لقسم أحوال الموظفات ثم مراقبة لمكتب السيد الوكيل فعملت 25 سنة في التدريس و15 في الوزارة ثم قدمت طلب تقاعد عام 1982 ولم أتوقف عند هذا الأمر بل أسست مدرسة خاصة سميتها مدرسة جوهرة الصالح الأهلية أمارس فيها الاشراف على التعليم الذي هو كالماء والهواء بالنسبة لي وبه أخدم مهنة التعليم.
الذهب
لقد حصلت على جائزة الدولة الذهبية سنة 1969 وصدر لي مؤلفات نبذة عن حياتي والكويت في سطور وصفحات من تطور التعليمي الكويتي.
الوالد الشيخ عبدالملك الصالح سنة 1960 من مدارس البنات القديمة الدراسة عند المطوع والملاية قديماً ... مع الزميل سعود الديحاني مريم الصالح تستعيد ذكرياتها مع «الراي» (تصوير علي السالم) الزي الدراسي لطالبات المدارس قديماً شهادات تقدير من مؤلفات الأستاذة مريم الصالح
الراي