09-08-2011, 11:48 PM
البريمل
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768
عئلة من الأسرار إغلاق ملفات والده إلى الأبد كان الأولوية القصوى لجورج بوش الابن حين دخل البيت الأبيض كتب محمد أمين :
• باربرة بوش مع العائلة في كروفورد(تكساس)
تأليف: راس باكر
ترجمة وإعداد:محمد حسن ومحمد أمين
يظهر كتاب «عائلة من الأسرار»، لمؤلفه راس باكر، ان ما يعرفه العديد منا حول سلالة بوش الحاكمة ما هو الا جزء من واقع أكبر وأعمق.
في الواقع، يوحي الكتاب ان القوى «الخفية» التي أوصلت بوش - تشيني الى السلطة لا تزال تعمل، وهي فاعلة حتى الآن، وتبذل سيطرة خفية على آليات الديموقراطية بغض النظر عمن يشغل البيت الأبيض!
يطرح راس باكر، في تفاصيل آسرة، القصة التي لم تسرد من قبل عن كيفية تشكيل شبكة الممولين، من رجال النفط ورجال المخابرات السرية، للمناصب السياسية للرئيسين بوش، وما الذي فعله وقدمه لهم كل من بوش الأب والابن في المقابل.
ويرجع باكر بالتاريخ الى زمن نشوء «قوى الضغط» وشبكة الممولين بعد الحرب الباردة. يتضمن ذلك دراسات معمقة لاغتيال الرئيس الاسبق جون ف. كنيدي، ومعلومات جديدة تؤدي الى تفسير جديد تماما لفضيحة ووترغيت، والدور الخفي الذي لعبه فيها شقيق دبليو بوش السيد بوبي بوش، وكذلك سردا مفصلا للسجل الجدلي للرئيس دبليو بوش الابن في الخدمة العسكرية، والحملة القاسية لاحباط الاستفسارات فيها، وعرض مدمر لتوظيف الاقارب من قبل المتنفذين، وهنا ايضا روايات شخصية لم تكشف مسبقا، بما في ذلك الحقيقة وراء الحوار الديني الذي ساعد على تحويل بوش الابن الى النجاح السياسي.
ان الكتاب مثير من حيث ما يكشفه، وقد صُنع بشكل انيق، صورة تاريخية كاملة لسلالة بوش الحاكمة والعصر الذي شكلها، انها دراما اكتساح المال والسلطة والقوى غير المرئية والنصر الرمزي للنسب الذي نشر التراجيديا الوطنية.
لا يدور هذا الكتاب فقط حول عائلة بوش، انه عبارة عن كشف للتحالف المظلم الذي ظهر بشكل سلطة وراء العرش.
يتطلب هذا الخطاب فحصاً دقيقاً، خاصة انه يحمل بعض التفاصيل المحيرة. فهو يبدأ بحديث باهت حول تناول وجبة غداء مع دوريس اولمر، ولا يظهر اي شخص يحمل اسم اولمر في اي من كتب بوش الاخرى التي تضم مئات الاسماء من الاسر الصديقة، المعروفة منها والمغمورة. وبالتالي فانه ربما يستطيع فقط اقرب اقرباء باربرة بوش، مثل ابنائها معرفة دوريسي اولمر ويرغب في معرفة تناولها الغداء مع الأم، كما لا يعرف احد ان بوش زار اليونان في المناسبة التي ذكرتها باربرة، حيث كانت اسرة اولمر طيبة معه او لماذا عاملوه بتلك الطريقة.
اما الاسلوب وتعليقها على عملية الاغتيال في جزء من الخطاب وقولها «نأمل الا يكون وراءه شخص يميني معتوه بل «شيوعي» مجنون». وهو امر غريب ان يكتب عنه لاطفال. وليس من الواضح في الخطاب من هو متلقيه. فهي تقول «اسرتي العزيزة» وهو خطاب موجه الى البيت ومن كانوا بالبيت كلهم في سن العاشرة او اصغر، وكيف حصلت باربرة على هذا الخطاب الذي يقال انها كتبته قبل ثلاثين عاما؟ هل احتفظت بنسخة منه وعثرت عليها اخيرا؟ هل عثر عليه ابناؤها؟
إثبات وجود
واتصال بوش بمكتب التحقيقات الفدرالي حول احتمال ان يكون باروت وراء عملية الاغتيال لم يقدم الكثير لذلك المكتب. ربما كان الامر كذلك، ولكن من الواضح انه كان يلعب دوراً آخر، الا وهو: الاثبات في ملفات التحقيقات الحكومية انه في وقت وقوع عملية الاغتيال في دالاس كان بوش وباربرة في مدينة تايلر في تكساس، وهذا امر كان لدى بوش سببا وجيها يدعوه لاثباته كما سنرى في وقت لاحق.
وبالرغم من وجود عدة سيدات يحملن اسم دوريس اولمرت في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، فان هنالك واحدة ينطبق عليها وصف صديق قديم ساعد بوش عند زيارته الى اليونان، وكانت في عام 1963 تقيم في لندن وهي مسز الفريد اولمر الصغير.
والفريد اولمر وصف بانه شغل وظيفة «ملحق» و«سكرتير اول» في سفارة الولايات المتحدة في اثينا منذ اواخر الاربعينات وطوال الخمسينات، بيد ان بيان تأبين صدر عنه في مطبوعة لجامعة برينستون التي تخرج فيها، واشار الى مزيد عنه، حيث ورد فيه وصف لحياته في فترة الحرب في مكتب الخدمات الاستخباراتية ووكالة المخابرات المركزية (سي. آي. ايه) وكان اولمر صديقا مقربا من مدير الوكالة ألان دالاس وكاتم اسراره. وكان يجسد مقولة الا احد يستطيع الاملاء على الوكالة ما يمكن ان تقوم به - لا احد. ونقل عنه قوله: «لقد ذهبنا الى جميع ارجاء العالم وقمنا بما نرغب فيه»، كما انه ادار عمليات الانقلاب.
مخططات فاشلة
وعندما ارغم الرئيس جون كنيدي رئيس الوكالة ألان دالاس على التنحي عن منصبة في اعقاب فضيحة خليج الخنازير، ترك اولمر منصبه ايضا، وذهب للعمل لدى ستافروس نياكروس اليوناني احد اكبر ملاك السفن في العالم، وعدم تخلي اولمر عن مجال الاستخبارات، يتضح من ان نياكروس لديه تاريخ طويل مع وكالة المخابرات الاميركية، حيث ساعدها في عديد من العمليات السرية، وفي واقع الامر، فان الشركة التي كان يديرها اولمر اي شركة نياكروس لندن نفسها تابعة للوكالة.
وبحلول عام 1963 كان بوش يعرف اولمر منذ فترة تمتد إلى عقد من الزمن تقريبا، والاشارة التي وردت في خطاب باربره عن مساعدته لبوش في اليونان، قد تكون تشير الى اوائل الخمسينات عندما كان رئيسا لمكتب «سي. آي. ايه» في اثينا. ويبدو ان العلاقة بينهما استمرت، حيث توجد سجلات تشير الى زيارة بوش إلى اولمرت في لندن في صيف 1963، كما زاره مرة اخرى في عام 1965.
ولدى اولمر ارتباطات اخرى ببوش عبر روبرت ماهيو، وماهيو عميل سابق في مكتب التحقيقات الفدرالية، وكانت شركته الامنية تعمل كواجهة لعمليات وكالة المخابرات الاميركية غير الرسمية، او غير المصادق عليها، وماهيو صديق قديم لاولمر، فقد عمل الاثنان معا في التخطيط للانقلاب العسكري ضد الرئيس الاندونيسي سوكارنو في عام 1958، بل انه حاول استخدام ممثل للقيام بدور سوكارنو في فيلم جنسي مصور في احد البيوت، يمارس فيه الجنس مع عميلة مخابرات سوفيتية، كما كان ماهيو متورطا في سلسلة من المخططات الفاشلة بدأت في عام 1960. تتعلق بتكليف المافيا باغتيال فيديل كاسترو.
وقائع أغفلتها باربرة
الى جانب دوريس اولمر، فإن الشخص الاخر الذي ذكرته باربرة بوش في خطابها هو مستر زيبو، الشخص الذي اعارها طائرته في 22 نوفمبر. ومثل العديد من الاشارات في الوثائق المتعلقة ببوش، فإن هذه تبدو ايضا غامضة، وذلك الى ان يدرك المرء ان ذلك الاسم جرى تحريفه قليلا، ففي الواقع لا يوجد مستر زيبو، ولكن هناك شخصا، وهو قد توفي واسمه جو زيبا الذي اسس شركة دلتا للحفريات ومقرها تايلر، وهي شركة ضخمة لديها عقود في التنقيب عن النفط في انحاء متفرقة من العالم.
وجو زيبا مهاجر ايطالي قدم الى اميركا في شبابه المبكر، وعمل في مجال النفط. وقبل قدومه الى تكساس، فإن جوزيبي (جو) زيبا القادم من شمال ايطاليا وهو في الثانية عشرة من عمره، حلّ اولاً في نيويورك حيث يوجد شقيقه الاكبر كارلو (شارلي)، وعاش هناك وعمل نادلاً في احد مطاعم المدينة.
وكانت زوجة شقيقه شارلي تعمل خادمة لدى سيدة ثرية، هي مسز جورج تشرش التي يعمل زوجها في شركة المحاماة شيرمان وستيرلينغ في وول ستريت، حيث كان يتولى ادارة القسم المسؤول عن املاك وليام روكفلير ومالك شركة ستاندر اويل هنري روجرز.
ولم يكن لدى اسرة تشرش ابناء، فاحتضنت الاسرة الصبي الصغير جو زيبا، ووجدت له عملا كصبي متدرب في شركة شيرمان وستيرلينغ، وقد ترقى سريعا في الشركة حتى اصبح في نهاية المطاف محاسبا فيها.
وربما كان زيبا الايطالي الوحيد في وول ستريت في ذلك الوقت، وانضم الى الحزب الجمهوري والكنيسة المعمدانية المفضلة لآل روكفلير.
وبحلول الوقت الذي قدم فيه بوش الى تايلر للحديث امام اعضاء نادي كبيوانس الدولي كان لا بد له من التعرف على جو زيبا، وكان جو يملك فندق بلاكستون ويقيم فيه، وهو الفندق الذي قدم فيه بوش حديثه امام اعضاء النادي.
وتشير باربرة في خطابها الى استخدام طائرة زيبا عند مغادرة تايلر بعد ظهر يوم 22 نوفمبر.
ولكن ما لم تذكره باريره هو ان هنالك احتمالا كبيرا ان يكونا قد قدما على متن طائرة زيبا، وحقيقة اعارة زيبا طائرته الى بوش امر يثير الدهشة، اذ قال كيتينغ ابن جوزيبا، ان والده «لا يحبذ ان يكون له دور نشط في الحملات السياسية، ناهيك عن اعارته لطائرته» اما اذا كان جوزيبا ذاهبا الى مكان ما وكان السياسي ذاهبا اليه فلا مانع لديه من اصطحابه.
وبالرغم من ان تحركات طائرة زيبا في ما بعد ظهيرة 22 نوفمبر ومنذ مغادرتها تايلر تثير الحيرة فان الامر الاكثر اهمية هو: من اين اتت في صباح 22 نوفمبر؟ الاجابة هي من دالاس.
والوقائع التالية لم ترد من جورج بوش كما لم تظهر في اي مقالة أو كتاب، بل ان باريره نفسها لا تذكر اي شيء عنها، ففي صباح يوم 21 نوفمبر 1963 تحدث جورج بوش امام تجمع الاتحاد الاميركي لمقاولي الحفريات النفطية في فندق شيراتون في دالاس، وبما ان زيبا كان رئيسا سابقا لذلك الاتحاد فمن المحتمل ان يكون قد حضر ذلك التجمع، ومن المحتمل ايضا ان يكون زيبا وبوش قد امضيا الليلة في دالاس، وانهما كانا في دالاس صبيحة اليوم التالي الذي اغتيل فيه جون كنيدي.
بلاغ بوش
ويعيدنا هذا الامر الى السؤال المحير حول هدف بوش من الاتصال بمكتب التحقيقات الفدرالية في الساعة الثانية الا ربعا بعد الظهر في يوم 22 نوفمبر للابلاغ ان جيمس باروت مشتبه محتمل في قضية اغتيال الرئيس.
وذكر انه، اي جورج بوش، كان في تايلر في تكساس وابلغ مكتب التحقيقات الفدرالية انه يتوقع ان يمضي ليلة 22 نوفمبر في فندق شيراتون دالاس، ولكنه بدلا من ذلك وبعد الانتقال بطائرة زيبا الى دالاس غادر مرة اخرى فورا على متن طائرة تجارية الى هيوستون، فلماذا القول انه يتوقع قضاء الليل في فندق شيراتون في دالاس، اذا كان لا ينوي البقاء هناك؟ ربما كان ذلك لانه يود خلق نوع من الارتباك وتغطية حقيقة انه كان قد اقام مسبقا في ذلك الفندق الليلة السابقة، وكل من يتحرى الوضع سوف يدرك ان بوش كان في تايلر في وقت حدوث الاغتيال ونوى الاقامة في دالاس بعد ذلك، ولكنه الغى خططه في اعقاب وقوع الاغتيال.
إبان تولي بوش زعامة الحزب الجمهوري في مقاطعة هاريس، لم يكن لديه سوى عدد قليل للغاية من الموظفين من بينهم السيدتان اللتان ذكر اسميهما كمصدرين محتملين لتأكيد تهديد باروت المزعوم باغتيال كنيدي، (وهما مسز فولي وارلين سميت) ورجل وحيد يدعى كيرني رينولدز. وعلى الرغم من ان بوش لم يذكر رينولدز إلا إنه كان الشخص الأكثر قربا من باروت.
فبعد وقت قصير من تلقي مكالمة بوش، بعث مكتب التحقيقات الفدرالية عملاء منه إلى بيت باروت، ولم يكن باروت حينها هناك، ولكن وفقا لتقرير المكتب، فقد اثبتت ان مكان تواجده كان بعيداً عن موقع الجريمة، ربما في محاولة من أم لحماية ابنها. وهي رواية دحضها باروت في روايته لما قام به خلال ذلك اليوم.
فقد قالت الأم ان باروت كان في البيت طوال اليوم يساعدها في رعاية ابنها غاري وين باروت الذي احضراه من المستشفى في اليوم السابق، كما ذكرت ايضا شخصا آخر يمكن ان يساعد في تحديد مكان ابنها في ذلك اليوم، إذ قالت ان شخصا يدعى رينولدز جاء إلى البيت، وأبلغهما بمقتل الرئيس كنيدي وتحدث مع ولدها جيمس باروت حول كتابة بعض اللافتات في المقر الرئيسي للحزب الجمهوري.
وفي وقت ما لاحقا استجوب عملاء للمكتب باروت الذي قال انه لم تصدر عنه أي تهديدات ضد كنيدي، وانه لا علم له بعملية الاغتيال سوى ما عرفه من الروايات الاخبارية واشار الى ان معارضته لم تخرج عن نطاق التظاهر ضد اعضاء من إدارة كنيدي عند حضورهم إلى المدينة. وفي العام 1993 قال باروت في مقابلة ان رينولدز جاء إلى مسكنهم، وطلب منه كتابة لافتات لمقر الحزب الجمهوري، وابلغه بموت الرئيس كنيدي. واعطى باروت عملاء مكتب التحقيقات الفدرالية الاسم الأول لرينولدز وقال ان الاثنين عضوان في منظمة شباب الجمهوريين.
تمويه
والأمر اللافت للانتباه، هو أنه في اللحظة ذاتها عندما كان جورج بوش يتصل بمكتب التحقيقات الفدرالي لايصال «بلاغه» حول المتهم المحتمل، كان مساعد بوش في مسكن المشتبه يجري معاملة تجارية معه نيابة عن جورج بوش، ومن الواضح ان باروت معروف لدى بوش ولكنه لا يفصح عن ذلك، لماذا كان من المفترض ذهاب رينولدز الى مسكن باروت في ذلك الوقت؟ ما يمكن التوصل اليه هو ان رينولدز انقذ باروت بتوفير شهادة تثبت مكان وجوده اثناء حادثة اغتيال الرئيس، وبالتالي اصبح باروت دليل اثبات مكان وجود بوش ومساعد بوش دليلا لاثبات مكان وجود باروت، وتم ترتيب امور الجميع، والصورة الكاملة التي برزت تبدو وكأنها خدعة لصياغة سجلات تبعد الشبهات عن بوش اذ لزم الامر، وباروت ما هو الا مجرد تمويه وضحية ثانوية لا تلفت الانتباه. وفي عام 2007 اجريت مقابلة مع كيرني رينولدز، وسألته ان كان قد قرأ او سمع بمكالمة بوش الى مكتب التحقيقات الفدرالية المتعلقة بالتهديد الموجه الى الرئيس كيندي، وقال رينولدز انه لا علم له بهذا الامر، ولكنه وبعد تفكير تذكر الطلب إليه مصاحبة باروت الى مكاتب الاستخبارات وليس زيارة باورت. وفي تلك اللحظة من الحديث اطلعت رينولدز على تفاصيل تقرير مكتب التحقيقات الفدرالية الذي اوضح بجلاء ان رينولدز زار باروت فعلاً في بيته في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر في 22 نوفمبر، او بالضبط في الوقت الذي اتصل فيه بوش بمكتب التحقيقات الفدرالي، وقال انه لم يذهب البتة الى مسكن باروت بل التقاه في مقر الحزب، وذهب معه الى مكتب الاستخبارات.
أخطاء مقصودة
وعن سؤاله عن سبب اصطحابه للرجل الذي قال انه لا يعرفه جيداً والذي يعتقد رئيسه انه هدد حياة الرئيس كيندي، الى مكتب الاستخبارات، اجاب رينولدز انه لا يعرف ولكن ربما لان بوش كان خارج المدينة، وعن تلك النقطة قال رينولدز انه تذكر امراً وقال «كنت اعرفه بالاسم والشكل واعرفه معرفة عارضة في سياق العمل في مقر الحزب»، وقال «بعد قراءتي له جزءاً من مذكرة مكتب التحقيقات الفدرالية، يبدو انني أتذكر بعض ما حدث قبل اغتيال كيندي، فقد جاء كيندي الى هيوستون فيما اعتقد ليلة الخميس، وقد اغتيل صباح يوم الجمعة».
وقال رينولدز انه طلب إليه حضور مناسبة ليلة الخميس في بيت عضوة في الحزب تدعى مارغوري ارشت «وكان هنالك نوع من النشاط الاجتماعي السياسي في بيتها، وقد طلب إلي مراقبة باروت واعتقد انني فعلت ذلك وذاكرتي ليست دقيقة تماماً، ولكني اتذكر تماماً اليوم التالي بعد الاغتيال، ان شخصا ما اتصل بي وسألني ان كنت مع باروت في تلك الليلة وقلت نعم، اعتقد أنني أتذكر ذلك.
وسألته عن سبب رغبتهم في مراقبته لباروت. ورد مباشرة «لا أعرف، لقد كان شخصا غير عادي، يبدو منعزلا ومنطويا وهادئا ومهذبا وحديثه خافتا ولكنه لا يتحدث كثيرا ويبدو منطويا».
وفي الواقع وكما كشف عن ذلك تقرير مكتب التحقيقات الفدرالية، فقد كان شخصا غير مؤذ وبالكاد يستطيع الدفاع عن نفسه. ولم ينل قسطا كافيا من التعليم وانهيت خدمته في القوات الجوية لاسباب نفسية وتحول إلى العمل في مجال كتابة اللافتات، وكان يعيش مع والدته ويتطوع للعمل في مقر الحزب الجمهوري بهدوء ومن دون أن يبدر عنه أي حادثة. وذلك حتى مجيء اتصال جورج بوش.
والأمر الغريب الآخر هو أن عميل مكتب التحقيقات الفدرالية الذي تلقى مكالمة بوش، أو ربما بوش نفسه، اخطأ في تهجئة الاسم الأخير للشاهدتين اللتين قال بوش انهما تعرفان المزيد من التفاصيل حول باروت. وإذا كانت أرقام الهواتف التي قدمت في المذكرة صحيحة كان المكتب سيتمكن من الاتصال بهما. ولكن بعد سنوات لاحقة وجد الباحثون صعوبة في التوصل إلى هاتين الشخصيتين.
وقد تكون تلك أخطاء مقصودة أو غير مقصودة، وعلى أي حال فإنها تذكر بالطريقة التي اخطأت فيها باربرة بوش في اسم صديقهم زيبا في خطابها، وجورج بوش يعرف السيدتين المذكورتين معرفة جيدة وقد ظلتا تعملان معه لفترة طويلة وصحبتاه إلى واشنطن.
سر كبير
وباختصار فإن بوش أجرى مكالمة ببلاغ لا معنى له حول شخص بريء زميل لعميل في مكتب التحقيقات الفدرالية يعرفه بوش، ويدرك أنه يمكن الاعتماد عليه في تسجيل ذلك البلاغ الذي قد يرد ضمن مئات البلاغات التي قد لا تستحق التسجيل. وبينما كان لدى باروت شهود عيان يؤكدون وجوده في هيوستون قبل وقت اطلاق النار على الرئيس وبعده، وكانت عملية الاغتيال قد ارتكبت على بعد 240 ميلا من مكان وجوده، فقد كان لدى بوش شهود عيان من جمعية كيوانيس الدولية يؤكدون وجوده في حوالى الساعة الثانية عشرة والنصف وقت اطلاق النار، وهو الوقت المحدد لالقاء خطابه في حفل الغداء.
والسر الكبير بالطبع انما يكمن في الاتصال بمكتب التحقيقات الفيدرالية. ومن المؤكد ان بوش اجرى المكالمة، وان باروت بكل تأكيد لم يكن يشكل اي تهديد وعليه، فان جورج بوش يبدو كان مستعداً لالهاء مصادر التحقيق في اكثر الايام زحمة بالعمل في تاريخ المكتب، وهنالك امور محيرة اخرى بالاضافة الى ذلك، مثل ما اسباب ارسال بوش احد اعوانه لزيارة بيت باروت، في الوقت الذي وجه فيه اصبع الاتهام نحوه كمشتبه محتمل؟ ولماذا كان بوش مصراً على تأكيد وجوده في تايلر في ذلك اليوم، وتسجيل ذلك رسمياً؟ ولماذا لم يبد باروت انزعاجاً من اتهامه من دون وجه حق من قبل جورج بوش؟
الاجابة على ذلك ربما تكمن في اشارة بوش الى مكتب التحقيقات الفدرالية، بأنه سيسافر من تايلر الى دالاس وانه سوف يقيم في فندق شيراتون. وهذا الامر يشبه اللعبة التي بها الساحر اي اشغال انتباه المشاهدين المتابعين لخدعته من اكتشاف سرّها. ففي الواقع كان بوش مسبقاً في فندق شيراتون في دالاس في الليلة السابقة، حيث حضر احد المؤتمرات. وبابلاغه المكتب بأنه ينوي الذهاب الى دالاس يكون قد سجل رسمياً ان بقاءه في دالاس كان بعد مضي عدة ساعات من حادثة اغتيال كنيدي وليس قبلها ببضع ساعات.
إغلاق الملفات
وفي الواقع فانه على الرغم من عدم سفره من تايلر الى دالاس، الا انه امضى وقتاً قصيراً، ولم يذهب الى فندق شيراتون هذه المرة، بل عاد مباشرة الى هيوستون، ولم يكن الهدف من المكالمة الخاصة بباروت سوى اختلاق سبب لتسجيل وجوده في تايلر رسمياً. وحال اداء باروت للغرض المقصود كانت زيارة رينولدز له في وقت وقوع عملية الاغتيال، وتوفير اثبات لمكان تواجد باروت بعيداً عن موقع الجريمة. وباختصار لم يقع اي ضرر على اي احد.
وفيما يتعلق بخطاب باربرة بوش يمكن ان يطرح التساؤل حول تعرضها لشخص مثير للجدل بالاشارة الى استخدام بوش لطائرة زيبا. فقد ساعد ذلك في تأكيد ان بوش قد امضى بعض الوقت مع اسرة اولمر وكتابة اسم زوجة اولمر والخطأ في تهجئة اسم زيبا، قد يكون لاشغال المحققين في متابعة سير الوقائع وترتيبها. ويمكن لبوش ايضاً الادعاء انه ليس لديه ما يخفيه. فكل شيء واضح في خطاب باربرة.
والاسرار والحاجة الى اخفائها ستتحوّل الى مبدأ في حياة الاسرة السياسية. وسنرى كيف ان ذلك يفسر محاولة اخفاء المعلومات غير المسبوقة، التي تصل الى درجة الشك المرضي في ادارة جورج بوش الابن الذي من بين اولى الخطوات التي اقدم عليها محاولة اغلاق ملفات والده الى الابد.
الحلقة الثامنة: قصة المهاجر الروسي الذي لا يدخل بلداً الاّ وتقع فيه اضطرابات
القبس
البريمل

عضو مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

عئلة من الأسرار إغلاق ملفات والده إلى الأبد كان الأولوية القصوى لجورج بوش الابن حين دخل البيت الأبيض كتب محمد أمين :

تأليف: راس باكر
ترجمة وإعداد:محمد حسن ومحمد أمين
يظهر كتاب «عائلة من الأسرار»، لمؤلفه راس باكر، ان ما يعرفه العديد منا حول سلالة بوش الحاكمة ما هو الا جزء من واقع أكبر وأعمق.
في الواقع، يوحي الكتاب ان القوى «الخفية» التي أوصلت بوش - تشيني الى السلطة لا تزال تعمل، وهي فاعلة حتى الآن، وتبذل سيطرة خفية على آليات الديموقراطية بغض النظر عمن يشغل البيت الأبيض!
يطرح راس باكر، في تفاصيل آسرة، القصة التي لم تسرد من قبل عن كيفية تشكيل شبكة الممولين، من رجال النفط ورجال المخابرات السرية، للمناصب السياسية للرئيسين بوش، وما الذي فعله وقدمه لهم كل من بوش الأب والابن في المقابل.
ويرجع باكر بالتاريخ الى زمن نشوء «قوى الضغط» وشبكة الممولين بعد الحرب الباردة. يتضمن ذلك دراسات معمقة لاغتيال الرئيس الاسبق جون ف. كنيدي، ومعلومات جديدة تؤدي الى تفسير جديد تماما لفضيحة ووترغيت، والدور الخفي الذي لعبه فيها شقيق دبليو بوش السيد بوبي بوش، وكذلك سردا مفصلا للسجل الجدلي للرئيس دبليو بوش الابن في الخدمة العسكرية، والحملة القاسية لاحباط الاستفسارات فيها، وعرض مدمر لتوظيف الاقارب من قبل المتنفذين، وهنا ايضا روايات شخصية لم تكشف مسبقا، بما في ذلك الحقيقة وراء الحوار الديني الذي ساعد على تحويل بوش الابن الى النجاح السياسي.
ان الكتاب مثير من حيث ما يكشفه، وقد صُنع بشكل انيق، صورة تاريخية كاملة لسلالة بوش الحاكمة والعصر الذي شكلها، انها دراما اكتساح المال والسلطة والقوى غير المرئية والنصر الرمزي للنسب الذي نشر التراجيديا الوطنية.
لا يدور هذا الكتاب فقط حول عائلة بوش، انه عبارة عن كشف للتحالف المظلم الذي ظهر بشكل سلطة وراء العرش.
يتطلب هذا الخطاب فحصاً دقيقاً، خاصة انه يحمل بعض التفاصيل المحيرة. فهو يبدأ بحديث باهت حول تناول وجبة غداء مع دوريس اولمر، ولا يظهر اي شخص يحمل اسم اولمر في اي من كتب بوش الاخرى التي تضم مئات الاسماء من الاسر الصديقة، المعروفة منها والمغمورة. وبالتالي فانه ربما يستطيع فقط اقرب اقرباء باربرة بوش، مثل ابنائها معرفة دوريسي اولمر ويرغب في معرفة تناولها الغداء مع الأم، كما لا يعرف احد ان بوش زار اليونان في المناسبة التي ذكرتها باربرة، حيث كانت اسرة اولمر طيبة معه او لماذا عاملوه بتلك الطريقة.
اما الاسلوب وتعليقها على عملية الاغتيال في جزء من الخطاب وقولها «نأمل الا يكون وراءه شخص يميني معتوه بل «شيوعي» مجنون». وهو امر غريب ان يكتب عنه لاطفال. وليس من الواضح في الخطاب من هو متلقيه. فهي تقول «اسرتي العزيزة» وهو خطاب موجه الى البيت ومن كانوا بالبيت كلهم في سن العاشرة او اصغر، وكيف حصلت باربرة على هذا الخطاب الذي يقال انها كتبته قبل ثلاثين عاما؟ هل احتفظت بنسخة منه وعثرت عليها اخيرا؟ هل عثر عليه ابناؤها؟
إثبات وجود
واتصال بوش بمكتب التحقيقات الفدرالي حول احتمال ان يكون باروت وراء عملية الاغتيال لم يقدم الكثير لذلك المكتب. ربما كان الامر كذلك، ولكن من الواضح انه كان يلعب دوراً آخر، الا وهو: الاثبات في ملفات التحقيقات الحكومية انه في وقت وقوع عملية الاغتيال في دالاس كان بوش وباربرة في مدينة تايلر في تكساس، وهذا امر كان لدى بوش سببا وجيها يدعوه لاثباته كما سنرى في وقت لاحق.
وبالرغم من وجود عدة سيدات يحملن اسم دوريس اولمرت في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، فان هنالك واحدة ينطبق عليها وصف صديق قديم ساعد بوش عند زيارته الى اليونان، وكانت في عام 1963 تقيم في لندن وهي مسز الفريد اولمر الصغير.
والفريد اولمر وصف بانه شغل وظيفة «ملحق» و«سكرتير اول» في سفارة الولايات المتحدة في اثينا منذ اواخر الاربعينات وطوال الخمسينات، بيد ان بيان تأبين صدر عنه في مطبوعة لجامعة برينستون التي تخرج فيها، واشار الى مزيد عنه، حيث ورد فيه وصف لحياته في فترة الحرب في مكتب الخدمات الاستخباراتية ووكالة المخابرات المركزية (سي. آي. ايه) وكان اولمر صديقا مقربا من مدير الوكالة ألان دالاس وكاتم اسراره. وكان يجسد مقولة الا احد يستطيع الاملاء على الوكالة ما يمكن ان تقوم به - لا احد. ونقل عنه قوله: «لقد ذهبنا الى جميع ارجاء العالم وقمنا بما نرغب فيه»، كما انه ادار عمليات الانقلاب.
مخططات فاشلة
وعندما ارغم الرئيس جون كنيدي رئيس الوكالة ألان دالاس على التنحي عن منصبة في اعقاب فضيحة خليج الخنازير، ترك اولمر منصبه ايضا، وذهب للعمل لدى ستافروس نياكروس اليوناني احد اكبر ملاك السفن في العالم، وعدم تخلي اولمر عن مجال الاستخبارات، يتضح من ان نياكروس لديه تاريخ طويل مع وكالة المخابرات الاميركية، حيث ساعدها في عديد من العمليات السرية، وفي واقع الامر، فان الشركة التي كان يديرها اولمر اي شركة نياكروس لندن نفسها تابعة للوكالة.
وبحلول عام 1963 كان بوش يعرف اولمر منذ فترة تمتد إلى عقد من الزمن تقريبا، والاشارة التي وردت في خطاب باربره عن مساعدته لبوش في اليونان، قد تكون تشير الى اوائل الخمسينات عندما كان رئيسا لمكتب «سي. آي. ايه» في اثينا. ويبدو ان العلاقة بينهما استمرت، حيث توجد سجلات تشير الى زيارة بوش إلى اولمرت في لندن في صيف 1963، كما زاره مرة اخرى في عام 1965.
ولدى اولمر ارتباطات اخرى ببوش عبر روبرت ماهيو، وماهيو عميل سابق في مكتب التحقيقات الفدرالية، وكانت شركته الامنية تعمل كواجهة لعمليات وكالة المخابرات الاميركية غير الرسمية، او غير المصادق عليها، وماهيو صديق قديم لاولمر، فقد عمل الاثنان معا في التخطيط للانقلاب العسكري ضد الرئيس الاندونيسي سوكارنو في عام 1958، بل انه حاول استخدام ممثل للقيام بدور سوكارنو في فيلم جنسي مصور في احد البيوت، يمارس فيه الجنس مع عميلة مخابرات سوفيتية، كما كان ماهيو متورطا في سلسلة من المخططات الفاشلة بدأت في عام 1960. تتعلق بتكليف المافيا باغتيال فيديل كاسترو.
وقائع أغفلتها باربرة
الى جانب دوريس اولمر، فإن الشخص الاخر الذي ذكرته باربرة بوش في خطابها هو مستر زيبو، الشخص الذي اعارها طائرته في 22 نوفمبر. ومثل العديد من الاشارات في الوثائق المتعلقة ببوش، فإن هذه تبدو ايضا غامضة، وذلك الى ان يدرك المرء ان ذلك الاسم جرى تحريفه قليلا، ففي الواقع لا يوجد مستر زيبو، ولكن هناك شخصا، وهو قد توفي واسمه جو زيبا الذي اسس شركة دلتا للحفريات ومقرها تايلر، وهي شركة ضخمة لديها عقود في التنقيب عن النفط في انحاء متفرقة من العالم.
وجو زيبا مهاجر ايطالي قدم الى اميركا في شبابه المبكر، وعمل في مجال النفط. وقبل قدومه الى تكساس، فإن جوزيبي (جو) زيبا القادم من شمال ايطاليا وهو في الثانية عشرة من عمره، حلّ اولاً في نيويورك حيث يوجد شقيقه الاكبر كارلو (شارلي)، وعاش هناك وعمل نادلاً في احد مطاعم المدينة.
وكانت زوجة شقيقه شارلي تعمل خادمة لدى سيدة ثرية، هي مسز جورج تشرش التي يعمل زوجها في شركة المحاماة شيرمان وستيرلينغ في وول ستريت، حيث كان يتولى ادارة القسم المسؤول عن املاك وليام روكفلير ومالك شركة ستاندر اويل هنري روجرز.
ولم يكن لدى اسرة تشرش ابناء، فاحتضنت الاسرة الصبي الصغير جو زيبا، ووجدت له عملا كصبي متدرب في شركة شيرمان وستيرلينغ، وقد ترقى سريعا في الشركة حتى اصبح في نهاية المطاف محاسبا فيها.
وربما كان زيبا الايطالي الوحيد في وول ستريت في ذلك الوقت، وانضم الى الحزب الجمهوري والكنيسة المعمدانية المفضلة لآل روكفلير.
وبحلول الوقت الذي قدم فيه بوش الى تايلر للحديث امام اعضاء نادي كبيوانس الدولي كان لا بد له من التعرف على جو زيبا، وكان جو يملك فندق بلاكستون ويقيم فيه، وهو الفندق الذي قدم فيه بوش حديثه امام اعضاء النادي.
وتشير باربرة في خطابها الى استخدام طائرة زيبا عند مغادرة تايلر بعد ظهر يوم 22 نوفمبر.
ولكن ما لم تذكره باريره هو ان هنالك احتمالا كبيرا ان يكونا قد قدما على متن طائرة زيبا، وحقيقة اعارة زيبا طائرته الى بوش امر يثير الدهشة، اذ قال كيتينغ ابن جوزيبا، ان والده «لا يحبذ ان يكون له دور نشط في الحملات السياسية، ناهيك عن اعارته لطائرته» اما اذا كان جوزيبا ذاهبا الى مكان ما وكان السياسي ذاهبا اليه فلا مانع لديه من اصطحابه.
وبالرغم من ان تحركات طائرة زيبا في ما بعد ظهيرة 22 نوفمبر ومنذ مغادرتها تايلر تثير الحيرة فان الامر الاكثر اهمية هو: من اين اتت في صباح 22 نوفمبر؟ الاجابة هي من دالاس.
والوقائع التالية لم ترد من جورج بوش كما لم تظهر في اي مقالة أو كتاب، بل ان باريره نفسها لا تذكر اي شيء عنها، ففي صباح يوم 21 نوفمبر 1963 تحدث جورج بوش امام تجمع الاتحاد الاميركي لمقاولي الحفريات النفطية في فندق شيراتون في دالاس، وبما ان زيبا كان رئيسا سابقا لذلك الاتحاد فمن المحتمل ان يكون قد حضر ذلك التجمع، ومن المحتمل ايضا ان يكون زيبا وبوش قد امضيا الليلة في دالاس، وانهما كانا في دالاس صبيحة اليوم التالي الذي اغتيل فيه جون كنيدي.
بلاغ بوش
ويعيدنا هذا الامر الى السؤال المحير حول هدف بوش من الاتصال بمكتب التحقيقات الفدرالية في الساعة الثانية الا ربعا بعد الظهر في يوم 22 نوفمبر للابلاغ ان جيمس باروت مشتبه محتمل في قضية اغتيال الرئيس.
وذكر انه، اي جورج بوش، كان في تايلر في تكساس وابلغ مكتب التحقيقات الفدرالية انه يتوقع ان يمضي ليلة 22 نوفمبر في فندق شيراتون دالاس، ولكنه بدلا من ذلك وبعد الانتقال بطائرة زيبا الى دالاس غادر مرة اخرى فورا على متن طائرة تجارية الى هيوستون، فلماذا القول انه يتوقع قضاء الليل في فندق شيراتون في دالاس، اذا كان لا ينوي البقاء هناك؟ ربما كان ذلك لانه يود خلق نوع من الارتباك وتغطية حقيقة انه كان قد اقام مسبقا في ذلك الفندق الليلة السابقة، وكل من يتحرى الوضع سوف يدرك ان بوش كان في تايلر في وقت حدوث الاغتيال ونوى الاقامة في دالاس بعد ذلك، ولكنه الغى خططه في اعقاب وقوع الاغتيال.
إبان تولي بوش زعامة الحزب الجمهوري في مقاطعة هاريس، لم يكن لديه سوى عدد قليل للغاية من الموظفين من بينهم السيدتان اللتان ذكر اسميهما كمصدرين محتملين لتأكيد تهديد باروت المزعوم باغتيال كنيدي، (وهما مسز فولي وارلين سميت) ورجل وحيد يدعى كيرني رينولدز. وعلى الرغم من ان بوش لم يذكر رينولدز إلا إنه كان الشخص الأكثر قربا من باروت.
فبعد وقت قصير من تلقي مكالمة بوش، بعث مكتب التحقيقات الفدرالية عملاء منه إلى بيت باروت، ولم يكن باروت حينها هناك، ولكن وفقا لتقرير المكتب، فقد اثبتت ان مكان تواجده كان بعيداً عن موقع الجريمة، ربما في محاولة من أم لحماية ابنها. وهي رواية دحضها باروت في روايته لما قام به خلال ذلك اليوم.
فقد قالت الأم ان باروت كان في البيت طوال اليوم يساعدها في رعاية ابنها غاري وين باروت الذي احضراه من المستشفى في اليوم السابق، كما ذكرت ايضا شخصا آخر يمكن ان يساعد في تحديد مكان ابنها في ذلك اليوم، إذ قالت ان شخصا يدعى رينولدز جاء إلى البيت، وأبلغهما بمقتل الرئيس كنيدي وتحدث مع ولدها جيمس باروت حول كتابة بعض اللافتات في المقر الرئيسي للحزب الجمهوري.
وفي وقت ما لاحقا استجوب عملاء للمكتب باروت الذي قال انه لم تصدر عنه أي تهديدات ضد كنيدي، وانه لا علم له بعملية الاغتيال سوى ما عرفه من الروايات الاخبارية واشار الى ان معارضته لم تخرج عن نطاق التظاهر ضد اعضاء من إدارة كنيدي عند حضورهم إلى المدينة. وفي العام 1993 قال باروت في مقابلة ان رينولدز جاء إلى مسكنهم، وطلب منه كتابة لافتات لمقر الحزب الجمهوري، وابلغه بموت الرئيس كنيدي. واعطى باروت عملاء مكتب التحقيقات الفدرالية الاسم الأول لرينولدز وقال ان الاثنين عضوان في منظمة شباب الجمهوريين.
تمويه
والأمر اللافت للانتباه، هو أنه في اللحظة ذاتها عندما كان جورج بوش يتصل بمكتب التحقيقات الفدرالي لايصال «بلاغه» حول المتهم المحتمل، كان مساعد بوش في مسكن المشتبه يجري معاملة تجارية معه نيابة عن جورج بوش، ومن الواضح ان باروت معروف لدى بوش ولكنه لا يفصح عن ذلك، لماذا كان من المفترض ذهاب رينولدز الى مسكن باروت في ذلك الوقت؟ ما يمكن التوصل اليه هو ان رينولدز انقذ باروت بتوفير شهادة تثبت مكان وجوده اثناء حادثة اغتيال الرئيس، وبالتالي اصبح باروت دليل اثبات مكان وجود بوش ومساعد بوش دليلا لاثبات مكان وجود باروت، وتم ترتيب امور الجميع، والصورة الكاملة التي برزت تبدو وكأنها خدعة لصياغة سجلات تبعد الشبهات عن بوش اذ لزم الامر، وباروت ما هو الا مجرد تمويه وضحية ثانوية لا تلفت الانتباه. وفي عام 2007 اجريت مقابلة مع كيرني رينولدز، وسألته ان كان قد قرأ او سمع بمكالمة بوش الى مكتب التحقيقات الفدرالية المتعلقة بالتهديد الموجه الى الرئيس كيندي، وقال رينولدز انه لا علم له بهذا الامر، ولكنه وبعد تفكير تذكر الطلب إليه مصاحبة باروت الى مكاتب الاستخبارات وليس زيارة باورت. وفي تلك اللحظة من الحديث اطلعت رينولدز على تفاصيل تقرير مكتب التحقيقات الفدرالية الذي اوضح بجلاء ان رينولدز زار باروت فعلاً في بيته في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر في 22 نوفمبر، او بالضبط في الوقت الذي اتصل فيه بوش بمكتب التحقيقات الفدرالي، وقال انه لم يذهب البتة الى مسكن باروت بل التقاه في مقر الحزب، وذهب معه الى مكتب الاستخبارات.
أخطاء مقصودة
وعن سؤاله عن سبب اصطحابه للرجل الذي قال انه لا يعرفه جيداً والذي يعتقد رئيسه انه هدد حياة الرئيس كيندي، الى مكتب الاستخبارات، اجاب رينولدز انه لا يعرف ولكن ربما لان بوش كان خارج المدينة، وعن تلك النقطة قال رينولدز انه تذكر امراً وقال «كنت اعرفه بالاسم والشكل واعرفه معرفة عارضة في سياق العمل في مقر الحزب»، وقال «بعد قراءتي له جزءاً من مذكرة مكتب التحقيقات الفدرالية، يبدو انني أتذكر بعض ما حدث قبل اغتيال كيندي، فقد جاء كيندي الى هيوستون فيما اعتقد ليلة الخميس، وقد اغتيل صباح يوم الجمعة».
وقال رينولدز انه طلب إليه حضور مناسبة ليلة الخميس في بيت عضوة في الحزب تدعى مارغوري ارشت «وكان هنالك نوع من النشاط الاجتماعي السياسي في بيتها، وقد طلب إلي مراقبة باروت واعتقد انني فعلت ذلك وذاكرتي ليست دقيقة تماماً، ولكني اتذكر تماماً اليوم التالي بعد الاغتيال، ان شخصا ما اتصل بي وسألني ان كنت مع باروت في تلك الليلة وقلت نعم، اعتقد أنني أتذكر ذلك.
وسألته عن سبب رغبتهم في مراقبته لباروت. ورد مباشرة «لا أعرف، لقد كان شخصا غير عادي، يبدو منعزلا ومنطويا وهادئا ومهذبا وحديثه خافتا ولكنه لا يتحدث كثيرا ويبدو منطويا».
وفي الواقع وكما كشف عن ذلك تقرير مكتب التحقيقات الفدرالية، فقد كان شخصا غير مؤذ وبالكاد يستطيع الدفاع عن نفسه. ولم ينل قسطا كافيا من التعليم وانهيت خدمته في القوات الجوية لاسباب نفسية وتحول إلى العمل في مجال كتابة اللافتات، وكان يعيش مع والدته ويتطوع للعمل في مقر الحزب الجمهوري بهدوء ومن دون أن يبدر عنه أي حادثة. وذلك حتى مجيء اتصال جورج بوش.
والأمر الغريب الآخر هو أن عميل مكتب التحقيقات الفدرالية الذي تلقى مكالمة بوش، أو ربما بوش نفسه، اخطأ في تهجئة الاسم الأخير للشاهدتين اللتين قال بوش انهما تعرفان المزيد من التفاصيل حول باروت. وإذا كانت أرقام الهواتف التي قدمت في المذكرة صحيحة كان المكتب سيتمكن من الاتصال بهما. ولكن بعد سنوات لاحقة وجد الباحثون صعوبة في التوصل إلى هاتين الشخصيتين.
وقد تكون تلك أخطاء مقصودة أو غير مقصودة، وعلى أي حال فإنها تذكر بالطريقة التي اخطأت فيها باربرة بوش في اسم صديقهم زيبا في خطابها، وجورج بوش يعرف السيدتين المذكورتين معرفة جيدة وقد ظلتا تعملان معه لفترة طويلة وصحبتاه إلى واشنطن.
سر كبير
وباختصار فإن بوش أجرى مكالمة ببلاغ لا معنى له حول شخص بريء زميل لعميل في مكتب التحقيقات الفدرالية يعرفه بوش، ويدرك أنه يمكن الاعتماد عليه في تسجيل ذلك البلاغ الذي قد يرد ضمن مئات البلاغات التي قد لا تستحق التسجيل. وبينما كان لدى باروت شهود عيان يؤكدون وجوده في هيوستون قبل وقت اطلاق النار على الرئيس وبعده، وكانت عملية الاغتيال قد ارتكبت على بعد 240 ميلا من مكان وجوده، فقد كان لدى بوش شهود عيان من جمعية كيوانيس الدولية يؤكدون وجوده في حوالى الساعة الثانية عشرة والنصف وقت اطلاق النار، وهو الوقت المحدد لالقاء خطابه في حفل الغداء.
والسر الكبير بالطبع انما يكمن في الاتصال بمكتب التحقيقات الفيدرالية. ومن المؤكد ان بوش اجرى المكالمة، وان باروت بكل تأكيد لم يكن يشكل اي تهديد وعليه، فان جورج بوش يبدو كان مستعداً لالهاء مصادر التحقيق في اكثر الايام زحمة بالعمل في تاريخ المكتب، وهنالك امور محيرة اخرى بالاضافة الى ذلك، مثل ما اسباب ارسال بوش احد اعوانه لزيارة بيت باروت، في الوقت الذي وجه فيه اصبع الاتهام نحوه كمشتبه محتمل؟ ولماذا كان بوش مصراً على تأكيد وجوده في تايلر في ذلك اليوم، وتسجيل ذلك رسمياً؟ ولماذا لم يبد باروت انزعاجاً من اتهامه من دون وجه حق من قبل جورج بوش؟
الاجابة على ذلك ربما تكمن في اشارة بوش الى مكتب التحقيقات الفدرالية، بأنه سيسافر من تايلر الى دالاس وانه سوف يقيم في فندق شيراتون. وهذا الامر يشبه اللعبة التي بها الساحر اي اشغال انتباه المشاهدين المتابعين لخدعته من اكتشاف سرّها. ففي الواقع كان بوش مسبقاً في فندق شيراتون في دالاس في الليلة السابقة، حيث حضر احد المؤتمرات. وبابلاغه المكتب بأنه ينوي الذهاب الى دالاس يكون قد سجل رسمياً ان بقاءه في دالاس كان بعد مضي عدة ساعات من حادثة اغتيال كنيدي وليس قبلها ببضع ساعات.
إغلاق الملفات
وفي الواقع فانه على الرغم من عدم سفره من تايلر الى دالاس، الا انه امضى وقتاً قصيراً، ولم يذهب الى فندق شيراتون هذه المرة، بل عاد مباشرة الى هيوستون، ولم يكن الهدف من المكالمة الخاصة بباروت سوى اختلاق سبب لتسجيل وجوده في تايلر رسمياً. وحال اداء باروت للغرض المقصود كانت زيارة رينولدز له في وقت وقوع عملية الاغتيال، وتوفير اثبات لمكان تواجد باروت بعيداً عن موقع الجريمة. وباختصار لم يقع اي ضرر على اي احد.
وفيما يتعلق بخطاب باربرة بوش يمكن ان يطرح التساؤل حول تعرضها لشخص مثير للجدل بالاشارة الى استخدام بوش لطائرة زيبا. فقد ساعد ذلك في تأكيد ان بوش قد امضى بعض الوقت مع اسرة اولمر وكتابة اسم زوجة اولمر والخطأ في تهجئة اسم زيبا، قد يكون لاشغال المحققين في متابعة سير الوقائع وترتيبها. ويمكن لبوش ايضاً الادعاء انه ليس لديه ما يخفيه. فكل شيء واضح في خطاب باربرة.
والاسرار والحاجة الى اخفائها ستتحوّل الى مبدأ في حياة الاسرة السياسية. وسنرى كيف ان ذلك يفسر محاولة اخفاء المعلومات غير المسبوقة، التي تصل الى درجة الشك المرضي في ادارة جورج بوش الابن الذي من بين اولى الخطوات التي اقدم عليها محاولة اغلاق ملفات والده الى الابد.
الحلقة الثامنة: قصة المهاجر الروسي الذي لا يدخل بلداً الاّ وتقع فيه اضطرابات
القبس