كمامات «الصحة».. مبالغة وهدر للمال العام
محليات
٢٠:٥٥
0 تعليق
كشفت تقارير الأجهزة الرقابية عن قصور لدى وزارة الصحة في إدارة الأزمات والتخطيط الاستراتيجي للتصدي لها، مشددة على ان التجاوزات وهدر المال العام اللذين شابا ملف تعامل الوزارة مع أزمة «كورونا» يدللان بوضوح على هذا القصور.
وبحسب تقارير رقابية، فقد بالغت وزارة الصحة خلال الاشهر الاولى من جائحة كورونا في شراء «الكمامات» بمختلف أنواعها، حيث شرعت في التعاقد لشراء أكثر من مليار كمام، الا ان ديوان المحاسبة لم يمكنها من استكمال إجراءات التعاقد على 488 مليون كمام، وسمح فقط بتمرير عقود تشتمل على توريد 650 مليون قطعة فقط، عمرها الافتراضي للاستخدام لا يتجاوز 3 سنوات من تاريخ التصنيع.
وفق تقرير ديوان المحاسبة ـ الجهة الأعلى رقابيا في الكويت ـ تبلغ تكلفة الكمامات التي استوردتها الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة الصحة 80 مليون دينار، كما ان تفاوت أسعار شراء المستلزمات الطبية أدى إلى تحميل المال العام مبالغ كبيرة.
هذا ويقدر حجم الكادر الطبي العامل في مواجهة ازمة كورونا او ما أصبح يعرف بـ«الصفوف الأمامية» في وزارة الصحة ما يصل الى 40 ألف موظف وموظفة يعملون بمختلف قطاعات الوزارة من أطباء وممرضين وفنيين وصيادلة وإداريين وغيرهم من الوظائف الأخرى.
فوق الحاجة
وأفادت مصادر ذات صلة لـ القبس، بأن حاجة وزارة الصحة في الأوقات الاعتيادية من الكمامات الطبية تبلغ 400 الف كمام شهريا، وأردف المصدر انه وعلى سبيل الافتراض؛ اذا ما كانت الوزارة تحتاج إلى 10 أمثال هذه الكمية وقت الأزمة، فسيبلغ استهلاكها 4 ملايين كمام شهريا، أي ما يعادل 48 مليون كمام سنويا، على افتراض استمرار الازمة -لا سمح الله-، وهذا الرقم يعني ان وزارة الصحة بحاجة الى 13 عاما و6 أشهر تقريبا لاستهلاك هذا الكم الكبير من الكمامات، اذا ما افترضنا ان عمر الكمامات الافتراضي دائم، وليس لثلاث سنوات فقط من تاريخ تصنيعها، علما بانه مرّ على الأقل اكثر من عام على تاريخ تصنيعها واستيرادها، والمتبقي من صلاحيتها لا يزيد على السنتين.
وفي حال انتهاء الأزمة خلال سنتين وعودة استهلاك الكمامات الى المستوى الاعتيادي (400 ألف كمام)، ستحتاج وزارة الصحة الى 4.8 ملايين كمام سنويا، أي ان الكمية التي استوردتها تكفي لـ125 عاماً لاستهلاك 600 مليون كمام فقط، مع تقدير ان كوادرها الطبية ستستهلك 50 مليون كمام خلال ازمة كورونا.
تخطيط غائب
وبهذا المنطق، تفتح تعاقدات وزارة الصحة ملف غياب التخطيط الاستراتيجي في الجهات الحكومية، خصوصا في وقت الازمات، اذ ان نجاحها في ملف محدد، لا يعني السكوت عن مبالغتها في اهدار عشرات الملايين من الدنانير من دون عائد يذكر على الوطن والافراد.
وبيّنت مصادر طبية لـ القبس أن صرف وزارة الصحة هذا المبلغ الكبير على منتج مثل الكمامات فقط، دليل غياب الخطط الحصيفة الخاصة في إدارة الأزمات، إذ إن مبلغا بحدود 80 مليون دينار تقريباً كفيل بإنشاء أكبر مصنع في الشرق الأوسط لصناعة الكمامات الطبية وغيرها من المنتجات الموازية، ومن المعروف أن مثل هذه الصناعات ليست معقدة، والكويت نجحت في إنشاء 4 مصانع كمامات إبان الأزمة.
7 انعكاسات سلبية
برز ملف الكمامات كنموذج لغياب التقدير الدقيق في مشتريات بعض الجهات الحكومية، وهذا يدلّل على سلبيات عدة منها:
01- غياب الخطط والسياسات العامة لإدارة الأزمات والكوارث، وعدم الاستفادة من الإمكانات المتوافرة بالدولة.
02- الانفراد بالقرارات دون إشراك أكبر عدد من المختصين والجهات المعنية للاستفادة من خبراتهم.
03- تحميل المال العام مبالغ طائلة في ظل عجز الموازنة دون القيام بدراسات جدوى كافية للاحتياجات الحكومية.
04- مخالفة لتعميم قواعد تنفيذ ميزانيات الجهات الحكومية.
05- عدم الاهتمام بدعم المنتجات المحلية ذات الأنشطة العاملة في المستلزمات الطبية الأولية.
06- غياب الشفافية في إجراءات الاستيراد بحسب التقارير الرقابية، وعدم تضمين بوالص الشحن تفاصيل عن أعداد الكمامات المستوردة وتكلفة الشحن.
07- تحميل المال العام رسوم شركات وكلاء الخطوط الملاحية، والمتضمنة رسوم الأرضيات وأجور تخليص الحاويات ونقلها وتفريغها.
4 مصانع كمامات
خلال الأشهر الأولى من انتشار الجائحة في الكويت، قامت وزارة التجارة والهيئة العامة للصناعة بتوفير التراخيص اللازمة لإنشاء 4 مصانع للكمامات، من خلال تسهيل عملية استقدام المعدات وآلات التصنيع والمواد الأولية من خارج الكويت، وغطت تلك المصانع جزءاً من احتياجات السوق المحلي أثناء الازمة، كما ساعدت مصنعا رئيسيا للكمامات على زيادة طاقته الإنتاجية من خلال المساهمة في نقل خط إنتاج جديد من الخارج، مع الإشارة الى أن غالبية منتجات المصانع الجديدة للكمامات حازت اعتماداً من وزارة الصحة الكويتية بأنها صالحة للاستخدام الطبي «الجراحي» والتقليدي.
شحنة في الميناء لمدة 30 يوماً
تساءلت مصادر طبية: كيف لجهة حكومية أن تستعجل الجهات الرقابية في استيراد مستلزمات طبية مثل الكمامات، في حين بقيت إحدى الشحنات في الميناء لمدة تصل إلى 30 يوماً حتى تحركت الوزارة ونقلتها إلى مستودعاتها، الأمر الذي أدى إلى تكبّد ميزانية الدولة مبالغ إضافية نتيجة التأخُّر في نقل الشحنة.
تقدير الاحتياجات.. غير دقيق!
خاطبت وزارة الصحة ديوان المحاسبة بتاريخ 6 أبريل 2020 بكتاب يشير إلى أن احتياجات الأقسام من الكمامات الطبية خلال شهر مارس 2020 تبلغ 145 مليون كمام طبي، إلا أن ديوان المحاسبة ومن خلال الفحص اتضح له أن معدل الاستهلاك الشهري أقل بكثير من تقدير الوزارة، مما حدا الديوان لوصف هذه المبالغة بعدم الدقة في تقدير الاحتياج، مما أدى إلى تحميل ميزانية الدولة مبالغ طائلة كان يمكن تفاديها لو قامت بتحري الدقة عند التقدير ومطابقتها مع الاحتياجات والاستهلاكات الفعلية من الكمامات.
أبرز الأخطاء في ملف الكمامات
كمامات «الصحة».. مبالغة وهدر للمال العام
محليات
٢٠:٥٥
168
0 تعليق
كشفت تقارير الأجهزة الرقابية عن قصور لدى وزارة الصحة في إدارة الأزمات والتخطيط الاستراتيجي للتصدي لها، مشددة على ان التجاوزات وهدر المال العام اللذين شابا ملف تعامل الوزارة مع أزمة «كورونا» يدللان بوضوح على هذا القصور.
وبحسب تقارير رقابية، فقد بالغت وزارة الصحة خلال الاشهر الاولى من جائحة كورونا في شراء «الكمامات» بمختلف أنواعها، حيث شرعت في التعاقد لشراء أكثر من مليار كمام، الا ان ديوان المحاسبة لم يمكنها من استكمال إجراءات التعاقد على 488 مليون كمام، وسمح فقط بتمرير عقود تشتمل على توريد 650 مليون قطعة فقط، عمرها الافتراضي للاستخدام لا يتجاوز 3 سنوات من تاريخ التصنيع.
وفق تقرير ديوان المحاسبة ـ الجهة الأعلى رقابيا في الكويت ـ تبلغ تكلفة الكمامات التي استوردتها الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة الصحة 80 مليون دينار، كما ان تفاوت أسعار شراء المستلزمات الطبية أدى إلى تحميل المال العام مبالغ كبيرة.
هذا ويقدر حجم الكادر الطبي العامل في مواجهة ازمة كورونا او ما أصبح يعرف بـ«الصفوف الأمامية» في وزارة الصحة ما يصل الى 40 ألف موظف وموظفة يعملون بمختلف قطاعات الوزارة من أطباء وممرضين وفنيين وصيادلة وإداريين وغيرهم من الوظائف الأخرى.
فوق الحاجة
وأفادت مصادر ذات صلة لـ القبس، بأن حاجة وزارة الصحة في الأوقات الاعتيادية من الكمامات الطبية تبلغ 400 الف كمام شهريا، وأردف المصدر انه وعلى سبيل الافتراض؛ اذا ما كانت الوزارة تحتاج إلى 10 أمثال هذه الكمية وقت الأزمة، فسيبلغ استهلاكها 4 ملايين كمام شهريا، أي ما يعادل 48 مليون كمام سنويا، على افتراض استمرار الازمة -لا سمح الله-، وهذا الرقم يعني ان وزارة الصحة بحاجة الى 13 عاما و6 أشهر تقريبا لاستهلاك هذا الكم الكبير من الكمامات، اذا ما افترضنا ان عمر الكمامات الافتراضي دائم، وليس لثلاث سنوات فقط من تاريخ تصنيعها، علما بانه مرّ على الأقل اكثر من عام على تاريخ تصنيعها واستيرادها، والمتبقي من صلاحيتها لا يزيد على السنتين.
وفي حال انتهاء الأزمة خلال سنتين وعودة استهلاك الكمامات الى المستوى الاعتيادي (400 ألف كمام)، ستحتاج وزارة الصحة الى 4.8 ملايين كمام سنويا، أي ان الكمية التي استوردتها تكفي لـ125 عاماً لاستهلاك 600 مليون كمام فقط، مع تقدير ان كوادرها الطبية ستستهلك 50 مليون كمام خلال ازمة كورونا.
تخطيط غائب
وبهذا المنطق، تفتح تعاقدات وزارة الصحة ملف غياب التخطيط الاستراتيجي في الجهات الحكومية، خصوصا في وقت الازمات، اذ ان نجاحها في ملف محدد، لا يعني السكوت عن مبالغتها في اهدار عشرات الملايين من الدنانير من دون عائد يذكر على الوطن والافراد.
وبيّنت مصادر طبية لـ القبس أن صرف وزارة الصحة هذا المبلغ الكبير على منتج مثل الكمامات فقط، دليل غياب الخطط الحصيفة الخاصة في إدارة الأزمات، إذ إن مبلغا بحدود 80 مليون دينار تقريباً كفيل بإنشاء أكبر مصنع في الشرق الأوسط لصناعة الكمامات الطبية وغيرها من المنتجات الموازية، ومن المعروف أن مثل هذه الصناعات ليست معقدة، والكويت نجحت في إنشاء 4 مصانع كمامات إبان الأزمة.
7 انعكاسات سلبية
برز ملف الكمامات كنموذج لغياب التقدير الدقيق في مشتريات بعض الجهات الحكومية، وهذا يدلّل على سلبيات عدة منها:
01- غياب الخطط والسياسات العامة لإدارة الأزمات والكوارث، وعدم الاستفادة من الإمكانات المتوافرة بالدولة.
02- الانفراد بالقرارات دون إشراك أكبر عدد من المختصين والجهات المعنية للاستفادة من خبراتهم.
03- تحميل المال العام مبالغ طائلة في ظل عجز الموازنة دون القيام بدراسات جدوى كافية للاحتياجات الحكومية.
04- مخالفة لتعميم قواعد تنفيذ ميزانيات الجهات الحكومية.
05- عدم الاهتمام بدعم المنتجات المحلية ذات الأنشطة العاملة في المستلزمات الطبية الأولية.
06- غياب الشفافية في إجراءات الاستيراد بحسب التقارير الرقابية، وعدم تضمين بوالص الشحن تفاصيل عن أعداد الكمامات المستوردة وتكلفة الشحن.
07- تحميل المال العام رسوم شركات وكلاء الخطوط الملاحية، والمتضمنة رسوم الأرضيات وأجور تخليص الحاويات ونقلها وتفريغها.
4 مصانع كمامات
خلال الأشهر الأولى من انتشار الجائحة في الكويت، قامت وزارة التجارة والهيئة العامة للصناعة بتوفير التراخيص اللازمة لإنشاء 4 مصانع للكمامات، من خلال تسهيل عملية استقدام المعدات وآلات التصنيع والمواد الأولية من خارج الكويت، وغطت تلك المصانع جزءاً من احتياجات السوق المحلي أثناء الازمة، كما ساعدت مصنعا رئيسيا للكمامات على زيادة طاقته الإنتاجية من خلال المساهمة في نقل خط إنتاج جديد من الخارج، مع الإشارة الى أن غالبية منتجات المصانع الجديدة للكمامات حازت اعتماداً من وزارة الصحة الكويتية بأنها صالحة للاستخدام الطبي «الجراحي» والتقليدي.
شحنة في الميناء لمدة 30 يوماً
تساءلت مصادر طبية: كيف لجهة حكومية أن تستعجل الجهات الرقابية في استيراد مستلزمات طبية مثل الكمامات، في حين بقيت إحدى الشحنات في الميناء لمدة تصل إلى 30 يوماً حتى تحركت الوزارة ونقلتها إلى مستودعاتها، الأمر الذي أدى إلى تكبّد ميزانية الدولة مبالغ إضافية نتيجة التأخُّر في نقل الشحنة.
تقدير الاحتياجات.. غير دقيق!
خاطبت وزارة الصحة ديوان المحاسبة بتاريخ 6 أبريل 2020 بكتاب يشير إلى أن احتياجات الأقسام من الكمامات الطبية خلال شهر مارس 2020 تبلغ 145 مليون كمام طبي، إلا أن ديوان المحاسبة ومن خلال الفحص اتضح له أن معدل الاستهلاك الشهري أقل بكثير من تقدير الوزارة، مما حدا الديوان لوصف هذه المبالغة بعدم الدقة في تقدير الاحتياج، مما أدى إلى تحميل ميزانية الدولة مبالغ طائلة كان يمكن تفاديها لو قامت بتحري الدقة عند التقدير ومطابقتها مع الاحتياجات والاستهلاكات الفعلية من الكمامات.
أبرز الأخطاء في ملف الكمامات
◄ المبالغة في تقدير الاحتياج من الكميات
◄ غياب الرؤية في إدارة الأزمة الصحية
◄ طلب كميات بلا تقدير لوقت صلاحيتها
◄ كلفة الكمية المستوردة تبني أكبر مصنع لإنتاجها
◄ إرهاق الموازنة بشراء كميات لا حاجة لها
◄ المبالغة في تقدير الاحتياج من الكميات
◄ غياب الرؤية في إدارة الأزمة الصحية
◄ طلب كميات بلا تقدير لوقت صلاحيتها
◄ كلفة الكمية المستوردة تبني أكبر مصنع لإنتاجها
◄ إرهاق الموازنة بشراء كميات لا حاجة لها
https://alqabas.com/article/5851533 :إقرأ المزيد