«المحاسبة» يفند تجاوزات المكتب الصحي في أمريكا
محرر القبس الإلكتروني 13 أكتوبر، 2016
0 تعليقات
AddThis Sharing Buttons
Share to طباعةShare to FacebookShare to TwitterShare to Google+Share to PinterestShare to ارسال ايميلShare to WhatsApp
محرر الشؤون المحلية |
انتقد ديوان المحاسبة في تقرير صدر عنه مؤخرا وزارة الصحة لتعاقدها مع إحدى الشركات الأميركية لادارة اعمال المكتب الصحي في واشنطن، مما ادى الى هدر مالي كبير.
وبحسب تقرير الديوان الذي حصلت القبس على نسخة منه، فإن «الصحة» وافقت على شروط العقد التي جاءت معظمها لمصلحة الشركة، ووضعت قيودا والتزامات عليها من دون مبرر، علاوة على عدم استفادة المكتب الصحي واشنطن من الخصومات التي كان يتحصل عليها من المستشفيات والمراكز العلاجية قبل إبرام العقد، وهو الأمر الذي أدى الى حرمان الخزانة العامة من خفض المصروفات التي تخفف من الاعباء المالية المترتبة على المكتب، فضلا عن عدم ممارسة المكتب لكامل اختصاصاته المنوطة به، رغم توافر العمالة المتخصصة وتحمل الوزارة لكل المصاريف المترتبة عليهم، وترك هذه الاعمال تحت تصرف الشركة.
تضارب القرارات
وأوضح التقرير أن «الصحة» لديها ضعف في اجراءات الرقابة الداخلية على المبالغ المسددة للشركة، خاصة فيما يتعلق بعدم توافر المستندات والفواتير الاصلية من المستشفيات لحالات العلاج، وغياب دور المدققين العاملين بالمكتب الصحي في مراجعة المطالبات المسددة، والاعتماد على الشركة في هذا الجانب، وعدم عرض الفواتير او صور عنها على الاطباء المحليين العاملين في المكتب الصحي للتحقق من مدى صحتها.
كما لاحظ الديوان تعارض القرارات الصادرة من وزارة الصحة بشأن اختصاصات المكاتب الصحية وبين العقد المبرم مع الشركة الاميركية الوسيطة في ادارة اعمال المكتب الصحي بواشنطن، حيث اصدرت الوزارة بتاريخ 3 مارس 2015 قرارا بشأن تنظيم اعمال المكاتب الصحية في الخارج، نصت المادة الاولى منه على «ان يكون التعاقد مع المؤسسات والمراكز الصحية بشكل مباشر ويحظر التعامل من خلال وسيط، سواء كان الوسيط شركة او فردا»، الا انه تبين من خلال التدقيق بأن صدور هذا القرار جاء بعد مرور شهرين فقط من تعاقد الوزارة مع هذه الشركة، وهو الأمر الذي يشير الى وجود تعارض في هذا الجانب وتضارب في قرارات الوزارة.
بيانات غير صحيحة
ومن المفارقات التي كشفها تقرير ديوان المحاسبة، أنه لدى مراجعة العقد المبرم مع الشركة تبين قيام الوزارة بتقديم بيانات غير صحيحة لادارة الفتوى والتشريع، ولجنة المناقصات المركزية قبل التعاقد، وتكشّف ذلك بوجود فرق بنسبة الخصم بالزيادة %2.5، عبارة عن قيمة ما تم عرضه على تلك الجهات والبالغة «آنذاك» ما نسبته %25، وما تم التعاقد عليه مع الشركة لاحقا بنسبة %27.5، مما ترتب عليه صرف ما قيمته 1.014 مليون دولار للشركة بالزيادة، وهو ما ادى الى اضاعة فرصة الاستفادة من هذه المبالغ على المكتب الصحي.
واثار الديوان تساؤلا حول اسباب عدم انتهاج الوزارة لمبدأ الشفافية والوضوح لدى تقديمها البيانات على الجهات الرقابية قبل التعاقد.
وبين التقرير أن الوزارة ولدى طلب الحصول على موافقة لجنة المناقصات المركزية قبل التعاقد، أشارت الى أن هذا الاتفاق لا يترتب عليه اي التزام مالي على المكتب الصحي بواشنطن، في حين أن الشركة تحصل على مقابل مادي كبير يتمثل بــ %27.5 من الخصومات التي تحصل عليها من المستشفيات والمراكز العلاجية التي تقدم فواتيرها للمكتب الصحي، علاوة على مايتم تحميله من غرامات على المكتب الصحي في حال تأخر عن سداد دفعات الشركة، والتي تبلغ نسبتها %9 من قيمتها، مقابل عدم فرض اي غرامات وجزاءات على الشركة في حال اخلالها او تقاعسها بتنفيذ التزاماتها التعاقدية!
تقليص صلاحيات
واستغرب التقرير قبول الوزارة لأحد بنود العقد مع الشركة الاميركية، الذي يحد من صلاحية المكتب الصحي في مراجعة وتدقيق اعمال الشركة للتحقق من صحة المطالبات المقدمة ومدى التزامها وتطبيقها للاعمال المنوطة بها، وذلك بالبند رقم 11 في الاتفاقية الذي نص على «ان التدقيق هو قيام المكتب الصحي بفحص ومراجعة المطالبات، وذلك بترخيص من الشركة» ووفق شروط، منها: بأن يكون التدقيق خلال 3 سنوات للفترة المراد تدقيقها، على ان يكون حجم العينة المراد مراجعتها لا يتعدى 150 مطالبة، كما ان التدقيق يجب ان يكون في موقع الشركة، في حين تلتزم الوزارة بدفع تكاليف ادارية اخرى غير محددة القيمة، وذلك عند عدم انتهاء المكتب الصحي من تدقيق الفواتير في غضون 5 ايام، وطلب عينات لاكثر من 150 مطالبة للتدقيق عليها، فضلا عن خلق مطالب ادارية اضافية على الطرف الثاني «من وجهة نظره».
ضياع للحقوق
وحمّل التقرير وزارة الصحة مسؤولية ضياع حقوقها وترتب التزامات مالية عليها نتيجة هذا التعاقد، وذلك بعدم قيامها باجراء دراسة جادة للعقد قبل إبرامه، والذي كَفَل حقوق الشركة وليس الوزارة، ومنحها تسهيلات عدة، كالتزامات مالية تقدر بـ%9 في حال تأخر المكتب الصحي عن السداد للشركة، وعدم تحمل الأخيرة لاي مسؤولية نحو استرداد المبالغ المدفوعة بالزيادة، كما أن الشركة هي المسؤول الوحيد عن التواصل مع مزودي الخدمات، فضلا عن انتهاء العقد دون جزاء في حال رغبة الشركة في ذلك، والحد من صلاحيات المكتب الصحي في المراجعة على اعمالها، وعدم تحملها ايضا لاي مسؤولية عن القصور في الخدمات العلاجية المقدمة للمرضى من قبل مزودي الخدمات.
وأشار التقرير الى ان الوزارة، وقبل تعاقدها مع الشركة المذكورة وعلى مدار السنوات الماضية، كانت تقوم بسداد فواتير علاج المرضى بالمستشفيات والمراكز في الولايات المتحدة الاميركية مباشرة، وتستفيد من الخصومات الممنوحة لها نتيجة السداد المبكر والالتزام من جانب الوزارة دون الحاجة الى وسيط.
ولفت الى أن التعاقد مع هذه الشركة تم وبحسب بنود الاتفاق بهدف بذل الجهود اللازمة نحو اجراءات الحصول على المواعيد والموافقات اللازمة لدى المستشفيات والمراكز للمرضى المبتعثين للعلاج هناك، اضافة الى مناقشة خطط علاج المرضى مع المستشفيات والتواصل مع المرضى المتلقين للعلاج منذ بداية وصوله الى نهاية علاجه، ومراجعة جميع المطالبات المقدمة من مراكز تقديم الخدمة الصحية، حيث أن هذه المهام تعتبر المحور الاساسي لعمل جميع المكاتب الصحية والموظفين العاملين فيها.
المستندات الأصلية
وأوضح التقرير أن عدد الموظفين المحليين العاملين بالمكتب الصحي في واشنطن يبلغ 69 موظفا تتحمل الوزارة رواتبهم التي تقدر بــ 3.664 ملايين دولار سنويا، علاوة على تكاليف اخرى لرئيس المكتب الصحي والملحقين الصحي والمالي والمتمثلة في «الرواتب وايجارات المساكن والعلاج الطبي ووسائل النقل والتعليم ومزايا اخرى»، علما بأن المكاتب الصحية الاخرى في بريطانيا وفرنسا والمانيا ومصر والاردن تمارس اعمالها دون ان يكون هناك وسيط او شركة تقوم بتلك الاعمال.
وأكد التقرير أنه بعد اجراء التدقيق والمراجعة تبين قيام المكتب الصحي بالسداد للشركة بناء على فواتير الكترونية اجمالية صادرة عنها دون ارفاق الفواتير او المستندات الاصلية الصادرة عن المستشفيات، والتي توضح تفاصيل تلك المبالغ وصحة الخدمات المقدمة للمرضى، وهو الأمر الذي دعا ديوان المحاسبة الى مطالبة وزارة الصحة بضرورة ايقاف اي مطالبات من الشركة في حال عدم توفير المستندات الاصلية المؤيدة لتلك المبالغ للتحقق من صحتها واستحقاقها التزاماً بالتعليمات المالية المنظمة لذلك.
هدر 11 مليونا
وبحسب التقرير، فإن التعاقد مع هذ الشركة ادى الى حرمان الخزانة العامة من ايرادات بلغ ما امكن حصره منها 11.163 مليون دولار أميركي نتيجة المبالغة في تحديد نسبة الخصم التي تتقاضاها الشركة من المراكز العلاجية والمستشفيات بالولايات المتحدة
«كقيمة مطالبات المستشفيات للمكتب الصحي» والبالغة %27.5، وذلك خلال الفترة من يوليو 2015 الى مارس 2016، مشيرا الى ان نسبة الخصم التي تحصلت عليها الشركة مرتفعة ومبالغ فيها، مما ادى الى حرمان المكتب من الاستفادة من هذه المبالغ، حيث كان يتحصل على تلك الخصومات قبل إبرام العقد.
و لاحظ الديوان وجود زيادة ملحوظة للاعباء المالية التي ترتبت على المكتب الصحي بواشنطن من خلال زيادة قيمة الدفعات التمويلية المحولة اليه بعد ابرام العقد مع الشركة المذكورة خلال السنة المالية 2016/2015، وهو ما تمثل بتنامي الصرف على حالات العلاج وزيادة المصاريف الادارية والتي بلغت جملتها 640 مليون دولار، رغم ان الوزارة افادت بأن الشركة المتعاقد معها ستوفر مبالغ على الميزانية العامة، في حين كانت مصروفات المكتب الصحي خلال السنة المالية 2015/2014 تصل الى 535 مليون دولار « تشمل مصروفات المكتب وعلاج الطلبة والعلاج والمخصصات للمرضى»، و 345 مليون دولار خلال 2014/2013.
توصيات الديوان
خلُص التقرير الى ضرورة قيام وزارة الصحة باعادة دراسة بنود العقد من جميع النواحي والاستعانة بمن تراه مناسبا من المختصين لديها او من الجهات الحكومية الاخرى ذات العلاقة بهذا الموضوع، لايجاد صيغة مناسبة او تغيير في البنود، حتى يتمكن المكتب الصحي في واشنطن من اداء دوره المطلوب منه، فضلا عن اعادة النظر في البنود التي لم تضمن حفظ حقوقه وتقلل الالتزامات المفروضة عليه دون مبرر، والعمل على دراسة نسبة الخصم المرتفعة الممنوحة للشركة، والتي تسببت في عدم استفادة المكتب الصحي منها وحرمانه من تخفيف الاعباء المالية المترتبة عليه، مع طرحها في مناقصة للحصول على خدمة افضل وبأقل اعباء مالية.
وشدد الديوان على ضرورة دراسة احتياجات المكتب بحسب الادوار التي يقوم فيها وفق هذا التعاقد وحتى لا تترتب مصاريف اضافية على ميزانية الدولة.
تخفيف الأعباء
بين تقرير الديوان أنه بعد مراجعة فواتير الشركة الالكترونية وطرح نسبة الخصم التي تحصل عليها الشركة من المستشفيات، فإن صافي الخصم الذي يستفيد منه المكتب الصحي لبعض المستشفيات أقل من النسب التي كانت قبل التعاقد، ما يدل على قدرة المكتب على الحصول على نسب خصومات أفضل تؤدي الى توفير تلك المبالغ وتخفيف الاعباء المالية المترتبة على المكتب.
وفد للتفاوض
أوضح التقرير ان الوزارة سبق أن قامت بإرسال وفد من المختصين الى الولايات المتحدة الاميركية بشأن التفاوض مع المستشفيات عن المديونيات المتراكمة على المكتب الصحي قبل التعاقد مع الشركة المذكورة، مبيناً أن الوفد نجح في خفض المديونية من 60 مليون دينار الى 40 مليوناً وهو ما يؤكد قدرة الوزارة على الحصول على خصومات مرتفعة مباشرة دون الحاجة الى وسيط، ومن ثم توفير مبالغ طائلة.
دورة مستندية
لفت التقرير الى ان الشركة المتعاقد معها قامت بالتعاقد مع شركة اخرى، بهدف أخذ مواعيد وموافقات من المستشفيات للمرضى، مما اطال في الدورة المستندية للمريض وترتب عليه تأخر علاجه، حيث إن معظم حالات العلاج بالخارج تكون طارئة وتحتاج الى الاستعجال بتقديم الخدمات الصحية له.
صحة المطالبات
أوضح الديوان ان المكتب الصحي قام بعمل مقارنة لاسعار الادوية المصروفة للمرضى من الشركة مع اسعار 3 صيدليات محلية، حيث تبين ارتفاع اسعار الشركة حتى بعد الخصم الذي تحصل عليه من المستشفيات، وهو الامر الذي يدل على مبالغتها وعدم صحة مطالباتها للمكتب الصحي، في حين لم يتخذ المكتب اي اجراء او متابعة مع الشركة للتحقق من ذلك.
التمديد للمرضى
من اللافت هو منح الوزارة للشركة صلاحية التمديد واستمرار العلاج للحالات المرضية التي تتعدى تكاليف علاجها 150 ألف دولار من دون الرجوع للمكتب الصحي، وهو الامر الذي يتيح للشركة فرصة التلاعب واصدار موافقات من دون النظر لأهميتها ومدى حاجة المريض اليها، ما يزيد من تكاليف العلاج وزيادة المبالغ المسددة عنها، وبالتالي ارتفاع نسبة الخصم الذي تستفيد منه الشركة.
تراخي المكتب
انتقد التقرير أداء المكتب الصحي في واشنطن، خاصة في تراخيه بالاعمال المطلوبة منه على الوجه الأمثل، ما نتج عنه تراكم مطالبات مالية قديمة للمستشفيات والمراكز العلاجية عن مصاريف علاج المرضى وتخص سنوات تسبق التعاقد مع الشركة، حيث تقدر هذه المبالغ بنحو 287 مليون دولار.
الاستغناء عن الشركة
ذكر التقرير ان رئيس المكتب الصحي في واشنطن عبر عن استيائه من تأخر المواعيد وكثرة المراسلات التي تتم للاستعجال، كما طلب الاستغناء عن الشركة الوسيطة، موضحاً أن الاطباء المحليين العاملين في المكتب الصحي يقومون بتلك الاعمال نيابة عن الشركة، بهدف الاستعجال والتسهيل على المرضى، رغم ان هذا يعتبر من اختصاصات الشركة كما هو وارد في بنود العقد.