لقبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 26 قيادة القوات الخاصة البريطانية تطلب حمايةالأمير وتنبه إلى إمكانات تعرض موكبه لاعتداء مسلح! كتب رائد الخمار :
لندن – رائد الخمار:
جاءت في الجزء الثاني من وثيقة رفعتها قيادة القوات الجوية الخاصة في برادبوري لاين في هيريفورد إلى وزارة الخارجية وتناولت مهمة بعثة القوات الخاصة إلى الكويت، اشارة واضحة إلى الاهداف التي يجب حمايتها اولاً وهي بحسب الجدول المرفق:
1 - الأمير الشيخ جابر الأحمد
2 - الشيخ سعد العبدالله
3 - الشيخ صباح الأحمد
4 - اللواء عبداللطيف ثنيان (وكيل وزارة الداخلية رئيس الشرطة)
5 - اللواء يوسف الخرافي (نائب رئيس الشرطة)
6 - النقيب عبدالله المسعود
7 – الملازم محمود محمد الدوسري
واقترح التقرير ان يتم تنسيق عمل قوة مكافحة الارهاب مع عمل قوة حماية الشخصيات، التي دربتها قوة خاصة بريطانية في عام 1975 على ان يتم التنسيق مع فريق أميركي يدرب قوة مرافقة الشخصيات على حمايتها.
الخطر على الأمير
ونبه إلى مواقع خطر على الأمير، الذي يمكن ان يتعرض لاي اعتداء خلال توجهه من قصر الحكم إلى منزله، او خلال ذهابه صباحاً إلى قصر دسمان (...) وفي مواعيد محددة تقريباً.
وأشار إلى انه احياناً لا يتم تفتيش من يدخل ديوان الأمير من شخصيات وحتى من مواطنين عاديين، ما يمثل خطراً كبيراً في هذه الحالات.
ونبه إلى الاخطار المتمثلة في زوار المجلس (الديوانية)، حيث يستقبل زواره لمدة ساعة يومياً.
ومن بين ما خلص اليه التقرير ان بعثة اولية زارت قصر الحكم، عبرت قرب اجتماع للحكومة ولم تجد عليها اي حراسة، كما ان عدداً من البعثات الامنية التي زارت الكويت ودخلت قصر دسمان تحدثت عن فقدان الترتيبات الامنية المناسبة.
وشدد التقرير على ان سير روبرت ماركس (لم يذكر صفته)، كتب تقريراً رفع فيه توصيات تناولت كيفية حماية الأمير من اخطار محتملة... لكن الجانب الكويتي تجاهل ما ورد فيه.
وتحدث كاتب التقرير عن زيارة إلى معسكر مجموعة التدخل في الشرطة الكويتية قرب مطار الكويت، وكيف ان الفوضى تعمّه وعدم الانضباط واضح فيه، وكيف ان السلاح غير محروس ولا وجود للضابط المناوب في موقعه او انه لا يرتدي زيه الرسمي.
كما تحدث عن ان اي انذار للتدخل قد يستدعي على الاقل نصف ساعة للتدخل، من دون تنسيق مع غيره من القطاعات الامنية وكيف ان ارسال اول دورية تجاوباً مع طلب استغاثة، او للرد على طوارئ لا يمكن ان يتم مباشرة لعدم وجود دورية مستعدة للتدخل على مدار الساعة.
واقترح التقرير استخدام هذا المعسكر لقوة مكافحة الارهاب شرط ان يتم تحسين خدماتها وتزويدها بالمعدات اللازمة خصوصاً الاتصالات عالية الكفاءة وتعيين قائد كفوء صافي الذهن للمعسكر، لا يرتكز على اتصالاته فقط للوصول إلى المنصب ومن الافضل تعيينه بعد اخضاعه لتدريبٍ عالٍ.
ولاحظ ان لا مشكلة في الحصول على الاسلحة اللازمة والمعدات الضرورية لقوة مكافحة الارهاب، اذ يمكن في المرحلة الأولى الطلب من الجيش تزويد القوة بكل ما تريد او من الممكن شراء المعدات اللازمة من بريطانيا، خصوصاً ان الكويت لا تعاني اي مشكلة سيولة، ودينارها قوي.
وفي اشارة لافتة قال التقرير ان بعثة اس اي اس رافقها النقيب عبدالله المسعود، الذي يرأس قوة الحماية وتدرب في بريطانيا والكويت على ايدي البريطانيين، وهو شخصية جذابة وذهنه منفتح وينتمي الى احدى العائلات الاصيلة في الكويت، ومن المتوقع ان يتم تعيينه على رأس القوة المقترحة، خصوصاً انه يتمتع بعلاقات جيدة مع مختلف القيادات العسكرية والسياسية رغم صغر سنه وخبرته ورتبته، وهو على علاقة جيدة مع الاميركيين، خصوصاً انه تابع دورة تدريبية في الولايات المتحدة دامت تسعة شهور، رافقه فيها الملازم الدوسري واشرف عليهما خبراء من مكتب التحقيق الفيدرالي (اف بي آي).
دور الشيخ سعد
ولاحظ التقرير عدم وجود اي تنسيق خلال الازمات السابقة التي شهدت احداثاً ارهابية وكان الدور الرئيسي في معالجة الموضوع يتم عبر قرارات شخصية للشيخ سعد، من دون الاتكال على اي معلومات او تقارير تُرفع اليه سوى من بعض الضباط الهواة الذين يقرأون تقارير ترفعها اليهم اجهزة استخبارات صديقة وتدفع الكويت ثمنها مبالغ باهظة.
وتحدث عن عدم وجود غرفة قيادة مركزية واجهزة اتصال حديثة فيها وخرائط ومركز معلومات، وان الشيخ سعد عادة ما كان يتخذ من برج المراقبة في مطار الكويت مقراً للتعامل مع خاطفي الطائرات من الارهابيين.
الاهتمام بالتفاوض
وابدى الكويتيون اهتماما بالتدرب على التفاوض مع الارهابيين وباطالة فترة التفاوض وكيفية البدء بها ومن يكون المبادر بالاتصال، وطلبوا ايفاد بعض الضباط الشبان للتدرب على هذا الامر في المملكة المتحدة.
واقترح التقرير ان يتم انتقاء افراد القوة من الشرطة والجيش وان يكون اعضاؤها من ابناء الكويت، وان تُمنح هذه القوة مزايا كافية لكن يجب ان تخضع دورياً لتدريبات على كل ما يستجد، ومن الافضل ايضاً ان يتم اخضاعها لدورات سياسية تثقيفية، خصوصاً لمن سيتولى مستقبلاً التفاوض مع الارهابيين.
ويعتقد المسؤولون الكويتيون انه من غير المعقول ان تكون الكويت دائماً مستعدة لاستقبال طائرات الخاطفين، وان تؤمن لهم الحماية او المال فقط من اجل الافراج عن الرهائن.
وفي نهاية التقرير اشارة واضحة الى ان تشكيل قوة مكافحة الارهاب قد تخدم المصالح البريطانية بقوة، وان ربط نشاطات القوة الكويتية بقوة مكافحة الارهاب في بريطانيا وباخضاع افراد من الطرفين لتدريبات مشتركة قد يفيد في اي عمليات مستقبلية يمكن ان تتدخل فيها قوة خاصة بريطانية للدفاع عن مصالح التاج او لانقاذ رعايا بريطانيين من ايدي ارهابيين محتملين.
وطلب واضع التقرير اعطاء الكويتيين نسخة معدلة من التقرير من دون بعض الفقرات فيه.
وحمل التقرير في نهايته عبارة «نسخة عن التوصيات.. التقرير الاصلي ابقي قيد الحفظ بموجب المادة 4 من قانون حفظ المعلومات الصادر عام 1968».
لقبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 27 حكومتا الكويت والبحرين تلقتا تهديدات إرهابية كتب رائد الخمار :
لندن – رائد الخمار:
في الخامس من يوليو 1978 تسلم مكتب الخدمات في وزارة الدفاع البريطانية رسالة من كيرميت غوش في مكتب البحرية والطيران في وزارة الخارجية البريطانية ارسلت نسخ منها الى قيادة الاستخبارات الخارجية والسفارتين البريطانيتين في البحرين والكويت. وابقيت نسخة الرسالة الاصلية قيد الكتمان وسمح بنشر بعض منها بموجب «المادة اربعة من قانون حفظ المعلومات الصادر في عام 1968».
والرسالة، او ما افرج عنه منها كناية عن تقرير عما قام به فريق «اس اي اس» من تقويم للحاجات الامنية الخاصة بمكافحة الارهاب في البحرين والكويت، التي بدت اكثر اهتماماً والحاحاً في الحصول على المعونة البريطانية مدفوعة الاجر في شأن مكافحة الارهاب.
وارفق بالرسالة نسخة من تقرير الدبلوماسي البريطاني باري ديني (الملحق العسكري او مسؤول ام اي 6 في محطة الكويت) تحدث فيها عن الحفاوة والتكريم اللذين لقيهما الفريق في الكويت واعجاب المسؤولين العسكريين والسياسيين بكفاءة اعضائه.
وتحدثت الرسالة عن اهمية طلب البلدين المعونة اللازمة في التدريب على مكافحة الارهاب، وحتى المساعدة خصوصاً مع تلقي حكومتي البلدين تهديدات لا نعرف تفاصيلها كاملة بعد.
ومع توصية الرسالة بتقديم المعونة اللازمة «لأن البلدين صديقان مخلصان للتاج».
وفي الفقرة الثالثة من الرسالة المؤلفة من صفحتين فقط، وتحمل الرمز «ان بي بي 051/1»، اشارة واضحة الى معونات سابقة في هذا المجال، والى ان الكويت «بلد معرض للمخاطر الارهابية وهو بلد يقصده خاطفو الطائرات».
واشارت الرسالة الى ان تأمين التدريب والمعونة يعني ان بريطانيا ستستفيد من اي تسهيلات لأي مهمة يُكلف بها اي فريق من القوات الخاصة البريطانية في المنطقة، وهي مؤهلة لأن تكون «المركز الآمن» لاي عمليات خاصة في العراق أو ايران او السعودية او منطقة الخليج الادنى».
حزمة مالية متكاملة
اقترح غوش ان يتم تقديم حزمة مالية متكاملة تتضمن ثمن الاسلحة والمعدات واجور المدربين وكلفة انتقالهم بين بريطانيا والكويت والبحرين وغيرها من المستحقات المالية، اضافة الى التأمين على الحياة والتعويضات وغيرها.
وكان غوش تلقى موافقة من مستر لايدن في دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية، ودعماً لتدريب قوات من البلدين لتحمل تبعات تدريب القوات الخاصة فيهما مع اقتراح توقيع عقد يؤمن خدمات لاحقة في البحرين والكويت.
وتبين ان رسالة لايدن اخضعت للرقابة وحذفت فقرات منها.
وكان لايدن تلقى رسالة، اخضعت ايضاً للرقابة والحذف من مستر ديني في السفارة البريطانية في الكويت، اشادت بالنقيب عبدالله المسعود واهليته للتعامل مع القوات الخاصة في اي عملية تضطر لها الفرقة في الكويت ومنطقة الخليج.
مغاوير القوات الخاصة
واظهرت رسالة ديني ان اللواء عبد اللطيف الثنيان يريد بعثة تدريب من 10 «مغاوير» في القوات الخاصة البريطانية، من الذين لهم معرفة بمنطقة الخليج او خدموا فيها او قاموا بعمليات سابقة، خصوصاً خلال تعقب القوات البريطانية لمتمردين في عدن او عُمان.
ولاحظ ديني ان السفارة خلال الاتصالات مع القيادات الكويتية شددت على ان الكويت منطقة عالية الخطورة، وعليه فان كلفة التأمين ستكون عالية وان ايفاد اعضاء في القوة البريطانية من ذوي الخبرة الكبيرة ستكون عالية ايضاً.
وقال ديني «ان مهمة القوة الخاصة البريطانية قد تكون تدريباً لاعضاء في القوة مدفوعة الاجر، وانني اعتقد ان بعض ذوي الكفاءة العالية سيتسابقون للحضور الى الكويت خصوصاً مع المكافآت السخية التي قد تنتظرهم».
وفي الوثائق تقرير حمل تاريخ 7 يونيو 1978 رفع الى اللواء الثنيان بعنوان «المخاطر الارهابية التي تهدد الكويت» وحمل توقيع «المستشار» في السفارة البريطانية في الكويت.
وحمل التقرير تأشيرة السفير كمبريدج الذي اضاف اليه عبارة «اذا ارادت الحكومة الكويتية الاستعانة بالخبرة البريطانية في هذا المجال فيتعين عليها تقديم طلب خطي الى الحكومة البريطانية لتأمين عمل اللازم.
اختطاف كويتيين وطائرات
بدأ التقرير بالاشارة الى ان الكويت شهدت حادثتي خطف اساسيتين تعرضتا لرعايا كويتيين، واحدة في عام 1975 عند خطف وزراء النفط في فيينا وكان بينهم الوزير عبد المطلب الكاظمي، وهو الاول للطائرة الكويتية والثاني في عام 1977 عند خطف طائرة كويتية.
ولاحظ ان «الارهابيين اصبحوا اكثر تنظيماً واكثر دقة بترتيب اولوياتهم ومطالبهم وتسلم الفدية وتنفيذ اهدافهم» محذراً من عمليات احتلال سفارات على ارض الكويت او خطف مسؤولين كويتيين والمطالبة بفدية كبيرة».
وشدد على ان الحكومات التي تؤمن مطالب الارهابيين عادة ما تصبح هدفاً مكرراً، في حين ان الحكومات التي لا ترضخ لمطالبهم عادة ما يبتعدون عنها.
وحض وزير الداخلية على التشدد مستقبلاً وان تكون لديه الادوات للتعامل مع مطالب الارهابيين غير رزمات المال المغرية.
واقترح التقرير تدريب مجموعتين للتدخل من ذوي الكفاءة العالية، كل منها من 20 عنصراً على ان يتم تدريب مجموعة اضافية لاحقاً للتدخل والمساندة.
المتطلبات لأداء المهمة
وسرد ما يتعين على الكويت ان تفعله لتصبح قادرة على التعامل مع الارهابيين خلال سنة واحدة في البداية.
وقال «يجب اختيار ستين عنصراً من الشرطة» حدد مواصفاتهم بالآتي:
ـ لديهم الكفاءة في اطلاق النار واصابة الهدف بدقة.
ـ ان يتمتعوا بلياقة بدنية عالية، ولديهم الذهن الصافي.
ـ ان يكونوا شديدي الذكاء يتعلمون بسرعة، ولديهم إلمام بالخطر.
واقترح ان يطلع اعضاء المجموعات على مداخل المطار المدني وخرائطه ووسائل الاتصال فيه، وعمل برج المراقبة ونوعية الطائرات التي تحط فيه وعلى اهم فنادق العاصمة والسفارات فيها ومنازل الدبلوماسيين وبعض المباني الحكومية الحساسة، وحتى المدارس التي يمكن ان تكون اهدافاً سهلة.
وطلب تدريب 8 عناصر ليكونوا قناصة اذا استدعت الحاجة وان تكون لدى مختلف افراد المجموعة القدرات على استخدام مختلف انواع الاسلحة.
وارفق التقرير بلائحة بمختلف الاسلحة واجهزة الاتصال، والغاز الذي يمكن استخدامه في حالات ارهابية.
ولاحظ التقرير ان ما تقترحه الكويت لحضور عشرة مدربين من الفرقة الخاصة منطقي، وان امكانات تأمين وحدة كويتية خاصة مدربة للتعامل مع الارهابيين يمكن ان تكون جاهزة نهاية مارس 1979 «اذا امنت الحكومة الرجال والمعدات والتدريب على وجه السرعة».
وطلب اقتراح اسم ضابط من ذوي الكفاءة العالية والتدريب والعمق الفكري وعدم التهور لقيادة الفرقة، على ان تقدم له المساندة من قبل ثلاث لجان اساسية للتعامل مع الازمات.
وفصل عمل اللجان المساندة، وطلب اشراك رئيس الحكومة في اتخاذ القرارات الرئيسية من دون ان يكون مسؤولاً مباشرة عن التعامل المتواصل مع الازمة، او ان يتحدث بنفسه الى الارهابيين كما جرى سابقاً.
وحدد اسلوب التفاوض مع الارهابيين وحصره بشخص واحد دمث قادر على البقاء في خضم الازمة ساعات طويلة او اياماً من دون كلل.
وارفق التقرير بلائحة من الاسلحة والمعدات واجهزة الاتصال والمناظير الليلية والالبسة الواقية من الرصاص البريطانية الصنع.
وارفق التقرير بمجسم يفصل عمل وحدة مكافحة الارهاب وطريقة تعاملها مع الاحداث.
القبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 29 الأمير تركي الفيصل يتسلم رئاسة الاستخبارات.. وتنسيق أمني لمكافحة الإرهاب مع البريطانيين كتب رائد الخمار :
لندن ـ رائد الخمار:
كانت السفارات البريطانية في منطقة الخليج والشرق الاوسط تراقب بدقة ما يجري بين دول المنطقة خصوصاً في اعقاب زيارة الرئيس المصري انور السادات الى القدس المحتلة وبدء عملية السلام بين مصر واسرائيل ومحاولات دفع دول عربية اخرى لبدء مفاوضات مع الدولة العبرية عبر تسويق فكرة ان السلام يحمل معه الرخاء والبحبوحة ويؤمن الموارد اللازمة للتنمية.
وتابعت بريطانيا بدقة تحركات الجاليات العربية (العمالة) بين دول المنطقة وتأثيراتها في الاستقرار، ولم تبخل تقارير الديبلوماسية البريطانية عن الحديث عن الاسلام وانعاكاساته على الصلح بين العرب واسرائيل.
وعثرت «القبس» في وثائق الارشيف الوطني البريطاني عن عام 1978، التي افرج عنها نهاية العام الماضي، على تقرير نهاية عام 1977الذي يلخص ما جرى في المملكة العربية السعودية، كتبه السفير جون والتون ورفعه الى دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية وفيه حديث عن تولي الامير تركي الفيصل منصب رئيس الاستخبارات السعودية بدلاً من عمر شمس، اضافة الى زيارة وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن عبد العزيز الى لندن واجرائه محادثات امنية تناولت الاستقرار في السعودية ومنطقة الخليج.
يتحدث التقرير، الذي أُبقي اصله قيد الحظر حتى اشعار آخر، ونشرت اجزاء منه في نسخة منقحة عن العائلة المالكة التي لا تزال تُمسك الامور بيد قوية وتستلهم الاسلام في حكمها وتدافع عن القدس، التي تعتبرها في طليعة اولوياتها الخارجية نظراً لموقعها في الاسلام وقدسيتها لدى المسلمين.جاء التقرير في 14 صفحة و13 بنداً وتناول الوضع الداخلي والحكم والاوضاع الاقتصادية والعلاقات الخارجية للمملكة اضافة الى طبيعة العلاقات مع بريطانيا والموقف النفطي للملكة «التي تقود اوبك» من دون نسيان الاشارة الى موقفها المتميز عن ايران في هذا الشأن.
غياب النقد
تحدث التقرير عن بعض الانفراج في الوضع الداخلي وغياب اي تهديد حقيقي لحكم آل سعود بعد عدد من الاصلاحات التي كان بدأها الملك فيصل الراحل على رغم ان صحة الملك خالد متدهورة ولا يُعرف كيف سيكون الحكم بعده (...) مع ان تجارب انتقال السلطة في العقود الماضية كانت تجري من دون عوائق وبسلاسة تامة.
السياسة الخارجية
وقدم السفير موقع السياسة الخارجية في تقريره على الداخل وقال «ان الحكومة السعودية اعطت اهتماماً اكبر العام 1977 للسياسة الخارجية على ما كان الوضع في الداخل»، وبدأت تحاول لعب دور في القضايا الدولية بعد غياب مصر النسبي عن قيادة العالم العربي اثر مبادرة السادات.
وقال والتون «ان السعودية استخدمت قوتها المالية للتأثير في قرارات العالم الثالث لتأييد السياسة التي كانت تعتمدها في مواجهة اعدائها او الدول التي كانت تحاول ازاحتها عن موقعها».
واشار الى ان لب السياسة السعودية كان الدفاع عن القضية الفلسطينية من دون نسيان مصالح المسلمين في العالم مع محاولة مصالحة الدول العربية المتخاصمة لاظهار التضامن العربي للعالم الخارجي.
ولاحظ السفير ان الحكومة السعودية تحاول الابقاء على القيم العربية التقليدية حية وقوية في مواجهة موجة التحديث التي دخلت الى المنطقة منذ وصول نابوليون الى مصر.
ويعرف السعوديون انهم بحاجة الى التكنولوجيا الغربية لتحديث قدرات بلدهم، ويعرفون ان ليس لديهم اعتراض على الديموقراطيات الغربية، لكنهم يقولون ان لكل بلد او منطقة او تجمع بشري عادات وتقاليد يجب الحفاظ عليها، كما ان لهؤلاء القدرة على التكيف بالطريقة التي يراها الاسلام صحيحة.
ولا يقبل السعوديون قضايا اجتماعية مستوردة من الغرب على الاطلاق، ويعتقدون ان عاداتهم وتقاليدهم هي الاساس، خصوصاً انها ترتكز على تعاليم الاسلام.
وقارن السفير بين السياستين السعودية والايرانية في ظل الشاه وقال «ان الرياض عادة ما تتبع سياسة الحوار والمال للحصول على التأييد من المغرب العربي الى مشرقه، وهي تعتمد سياسة الريال في اليمن مع الرئيس الحمدي اكثر الدول جواراً وتأثيراً، نظراً إلى خصوصية العلاقة بين الدولتين.
واعطى السفير مثالاً على سياسة المال عندما دفعت السعودية بسخاء لكل من مصر وسوريا للتصالح، ولوقف الحملات الاعلامية بينهما ما دفع وزير المالية السعودي الى محاولة الاعتراض بسبب تأثير هذه الاموال في الموازنة السعودية خصوصاً مع انهيار سعر النفط.
ولاحظ السفير ان الاسلام والنفط اكثر العوامل تأثيراً في الموقف السعودي. وقال «ان الرياض تعتمد كلياً على الغرب في صادراتها النفطية، وهي لا تريد ازعاج اقتصاداته كي لا تتأثر صادراتها اليه، لكنها تحاول ايضاً اعتماد ديبلوماسية النفط للوصول الى حل عادل للقضية الفلسطينية وتحرير القدس المحتلة.
الموقف الداخلي
وتحدث السفير عن «انغلاق المجتمع السعودي» لكنه قال ان هناك حريات محدودة لكن العام 1977 شهد بداية «تأمين الجبهة الداخلية والمصالحات بين اتجاهات معينة» لكن الانفاق على المشاريع لم يكن بالمستويات السابقة بسبب اسعار النفط والمساعدات السخية الى كل من مصر وسوريا ودول عربية اخرى على حساب برامج التنمية السعودية.
ولاحظ التقرير ان حال الطرق في جدة تحسنت كثيراً بعد تنفيذ عدد من المشاريع التي اشرفت عليها شركات لبنانية ولفلسطينيين يعيشون في لبنان، كما تم منح عدد من العقود لشركات سعودية خصوصاً لشركات احد المقربين اليمنيين (بن لادن).
وتم التركيز على تحسين طرقات جدة لمساعدة موسم الحج الاساسي لنشر الدور السعودي. لكن التقرير تحدث عن حالة الرياض التي تعاني من طرقات ضيقة وعدم تنظيم، وانقطاع متواصل للكهرباء على الرغم من قرار رسمي بانتقال كل الهيئات الديبلوماسية واركان الدولة من جدة الى الرياض في موعد اقصاه العام 1980.
وتحدث التقرير عن ارتفاع تكلفة المعيشة، وعن التضخم العالي في السعودية وعن قلة المدارس للجاليات الاجنبية فيها على الرغم من ارتفاع عدد الغربيين في المملكة لتنفيذ مشاريع او للمساهمة في تطوير ابار النفط.
وما لوحظ العام الماضي ان السعوديين بدأوا يعتمدون اكثر على خبرات عربية في مواجهة ما يصفونه بانه «الغرب الذي يحاول سرقتنا واستغفالنا» بعدما تبين ان الحكومة دفعت مبالغ كبيرة لشركات غربية لتنفيذ مشاريع كان يمكن تأمينها بنصف السعر.
ونبه الى ان السعوديين يتبعون حالياً المثال الذي طبقته الكويت عبر طرح المشاريع في مختلف انحاء العالم للحصول على افضل الاسعار والسرعة بالتنفيذ والنوعية الحسنة، وهم اصبحوا يرفضون الاتكال على طرف واحد في تأمين حصولهم على الخدمة.القبس
لقبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 30 بريطانيا قلقة من تنامي النفوذ الأميركي في السعودية كتب رائد الخمار :
خالد بن عبدالعزيز آل سعود
لندن ـ رائد الخمار:
في الحلقة الثانية من تقرير دبلوماسي ارسله السفير البريطاني في السعودية جون والتون الى دائرة الشرق الاوسط في الخارجية في لندن عن احداث عام 1977، نبه الى ان السعوديين يتجهون اميركياً اكثر منهم بريطانياً بسبب العلاقات التاريخية بين البلدين منذ الاجتماع الشهير بين زعيمي البلدين في بداية تأسيس الدولة السعودية. وقال «ان النفوذ الاميركي يتنامى في السعودية على حساب العلاقات مع مختلف دول العالم».
وركز السفير في تقريره على اهمية ترابط الدولة السعودية والاسلام، وقال «ان الدين هو الملهم الرئيسي في عمل الحكومة وان الحركة الدينية ركن من اركان الدولة ان لم تكن ركيزتها».
العلاقات السعودية البريطانية
واشار التقرير الى ان العلاقات السعودية البريطانية تتنامى بقوة لكن ليس بنسبة تنامي العلاقات السعودية الاميركية التي تأتي في الدرجة الاولى لدى السعوديين، خصوصاً ان الشركات الاميركية لها تواجد اكبر فيها، خاصة في المجال النفطي.
وقال «ان الدبلوماسية البريطانية اعتمدت حواراً حثيثاً مع كبار المسؤولين السعوديين والوزراء خلال تواجدهم في لندن لزيارة الملك خالد ومتابعة تطور صحته اثناء تواجده للاستشفاء في العاصمة البريطانية. «وقال ان رئيس الحكومة البريطانية استغل زيارة ولي العهد السعودي الى لندن، لتقديم ولائه الى الملك المريض، ودعته الى غداء عمل في 10داوننغ ستريت مع بعض وزرائه» مشيراً الى ان «عدد اعضاء الحكومة السعودية في لندن تجاوز احياناً عدد الوزراء المتواجدين في جدة».
وقال ان السعوديين اكتشفوا بانفسهم اننا نستطيع تقديم خدمات جلى اليهم وانهم يستطيعون الاعتماد علينا في مشاريع التنمية والتسلح ودعم اتجاهاتهم السياسية والاستفادة من خبراتنا في مجالات عدة و«بالقدر نفسه الذي يعتمدون فيه على الولايات المتحدة».
وقال انه خلال العملية الجراحية التي اجراها الملك خالد في فخذه ونجحت يمكن ان تؤدي الى تدفق السعوديين للاستشفاء عندنا والى حصولنا على عقود قيمة في المجال الصحي في المملكة.
الأسلحة البريطانية إلى السعودية
واشار الى ان حجم التبادل التجاري مع المملكة يتضاعف سنوياً بنحو 200 مليون استرليني ويمكن ان يسجل السنة الجارية نحو 600 مليون استرليني، كما اننا قد نستطيع تصدير اسلحة الى السعودية على مدى السنوات الخمس المقبلة تصل قيمتها الى نحو مليار استرليني، خصوصاً مع انخفاض سعر صرف الاسترليني مقارنة مع الدولار المرتبط مع الريال السعودي.
لكن السفير نبه الى ان الشركات البريطانية لم تستطع بعد الحصول على اي من المشاريع العملاقة في السعودية التي تصب عادة في مصلحة الشركات الاميركية.
وذكّر السفير بما كتبه في تقرير في اغسطس 1966 عن ان السعودية تريد ان يعود الاقتصاد البريطاني قوياً وان ترتفع قيمة الجنيه، خصوصاً ان لديها استثمارات قيمة في المملكة المتحدة لا تريد خسارة بعض قيمها في التضخم وتراجع قيمة العملة.
وقال «ان السعوديين مسرورون حالياً من مسيرة تعافي الاقتصاد ووعدوا اكثر من مرة بزيادة استثمار بعض مردودهم النفطي في بريطانيا وضخ استثمارات جديدة في الاقتصاد... وبقدر ما يتحسن اقتصاد بريطانيا بقدر ما نستطيع اجتذاب الاستثمارات السعودية اليه».
صعوبات العمل اليومي
وتحدث السفير عن الصعوبات التي يواجهها «العمل اليومي» في السعودية على الرغم من ان الحياة بسيطة في السعودية لكن العاملين في السفارة يحنون الى العودة الى بلد منفتح آخر، خصوصاً مع الضوابط على تحركات المرأة والحريات المقيدة في الشوارع والتسوق وغيرها من الامور الحياتية اليومية.
وبعدما تحدث عن انه اصبح للسفارة تواجد معقول في الرياض بعد جدة قال «اننا نريد في خطوتنا التالية بناء قاعدة لنا في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، حيث يمكن ان نحصل على نسبة عالية من فرص العمل والعقود الجديدة للشركات البريطانية كما نستطيع مراقبة ما يجري في هذه المنطقة الحيوية المتعددة الاتجاهات الدينية (...)».
التفاوض الشفوي
وشدد على ان السعوديين يفضلون التفاوض على العقود شفوياً، وليس عبر المراسلات ويعتبرون ان الاتصال الشخصي اهم من الف رسالة.
وارفق السفير تقريره بروزنامة ما جرى في السعودية عام 1977 كالتالي:
عقد في الرياض اجتماع في التاسع من يناير حضره وزراء الخارجية العرب في دول الصمود والتصدي وانتهى الاجتماع باصدار بيان معتدل نسبياً.
وبين 11و13 يناير استضافت الرياض «المؤتمر الكبي البريطاني – السعودي» ومعرض المعدات الطبية البريطانية وكان ناجحاً جداً.
وبين 21 و23 يناير زار الرياض وجدة الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان مع وفد اقتصادي وعسكري كبير وتحاول فرنسا الحصول على حصة كبيرة من الكعكة السعودية خصوصاً في مجالات التسلح.
وثائقوفي السابع من فبراير زار الامين العام للامم المتحدة السعودية لمنح الملك خالد ميدالية السلام لخدماته في العالم.
وفي الحادي عشر من فبراير غادر الملك خالد للعلاج في لندن، وفي الخامس عشر من فبراير زارت الاميرة الكسندر جدة كما زارها في العشرين من الشهرنفسه وزير الخارجية الاميركي سايروس فانس الذي تزامنت زيارته مع زيارة حاكم «بنك انكلترا» المركزي لاجراء محادثات تتناول الودائع السعودية في المملكة.
وفي 21 فبراير تناول وزير الخارجية السعودي الافطار في 10 داوننغ ستريت.
وتحدث التقرير عن اجتماع بين وزير النفط والثروة المعدنية السعودي الشيخ احمد زكي يماني وطوني بن وزير الطاقة البريطاني تناول استقرار اسعار النفط في العالم وامكانات دفع السعودية ثمن بضائعها بعقود نفطية بدلاً من النقد.
وفي الثالث من ابريل زار الامير فيليب زوج الملكة السعودية بدعوة من كبار المسؤولين فيها، كما زار الوزير البريطاني طوني بن المملكة في 19 ابريل لاستكمال محادثاته مع يماني.
وزار الرئيس الفنزويلي جدة في 21 ابريل قبل ان يعود الملك خالد من رحلة العلاج البريطانية في 30 ابريل.
مساعدات لليمن
وشهد شهر مايو توقيع اتفاق تحديث هيئة البريد والهاتف في السعودية بمعونة بريطانية قبل ان تعقد هيئة التجارة في البلدين اجتماعها في التاسع من مايو، وزيارة الرئيس اليمني ابراهيم الحمدي الى الرياض في العاشر منه حين حصل على مساعدات مالية بالغة. كما زار وزير الخارجية البريطاني دايفيد اوين الرياض في 12 مايو والسلطان قابوس في 14 مايو.
وفي الرابع عشر من الشهرذاته وصل الرئيس حافظ الاسد لحضور قمة الرياض.
وتوقف السفير في سرد الاحداث عند زيارة وفد سعودي كبير الى لندن وواشنطن برئاسة ولي العهد السعودي الامير فهد وعضوية الشيح احمد زكي يماني ووزير المالية محمد ابا الخيل، وقال «انها زيارة تسوق وشهدت غداء عمل في المقر الريفي لرئيس الحكومة البريطانية في تشيكيرز، وتمت في العشرين من مايو وقبل زيارة واشنطن».
وشهد الشهر السادس زيارات عدة بينها زيارة رئيس وزراء باكستان ذو الفقار علي بوتو.
تسعير النفط
وفي اول يوليو اتفقت السعودية والامارات على تسعير نفوطهما وفق تسعير اوبك. وفي الحادي عشر زار السعودية الرئيس الصيني ين تشن لعقد اتفاقات نفطية كما استقبلت السعودية الرئيس اليمني الجنوبي على سالم الذي حصل على مساعدات اضافية.
وفي اغسطس استقبلت السعودية رئيس الوزراء الايطالي اندريوتي في الرابع من الشهر ثم وزير الخارجية الاميركي سايروس فانس بعد يومين. وفي 29 سبتمبر 1977 صدر اعلان عن انضمام السعودية الى ادارة صندوق النقد الدولي.
وفي العاشر من اكتوبر زار لندن وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن عبد العزيز.
وفي اول نوفمبر زار الرياض الرئيس المصري انور السادات، وفي 8 ديسمبر الرئيس الاسد وبعده بيومين وزير الخارجية الاميركي وقبل انتهاء العام زار الملك حسين المملكة.
القبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 32 محاولات لخطف وزراء ونواب إيرانيين
كتب رائد الخمار :
لندن ـ رائد الخمار:
لم تتوقف التظاهرات في طهران والمدن الايرانية الاخرى طول سنة 1978، لكنها تكثفت اعتباراً من منتصف العام، وبدأت فصائل يسارية عمليات مسلحة ضد الشرطة والمشتبه بأنهم اعضاء في جهاز الامن السري (الشاباك)، وجرت عمليات خطف لإداريين يُعتقد بانهم وراء الفساد (...)، كما جرت محاولات لاختطاف وزراء ونواب من انصار الشاه، لكنها باءت غالبيتها بالفشل بسبب سوء التنظيم.
شرائط الخميني
واكثر ما أساء إلى سمعة الحكومة الاضرابات التي كان تجار البازار يعلنونها في طهران من دون ان يتأثر هؤلاء بتهديدات الشرطة ولا بأخطار المصادرة. كما بدأت تصل الى العاصمة بعض الشرائط التي سجل عليها الامام الخميني تعليماته لانصاره المؤمنين التي تتطرق إلى مقاومة الظلم الاجتماعي والالتزام بأصول الدين، وترى في الاسلام القوة الكبرى في مواجهة الكبت والحرمان والاضطهاد.
أحكام عرفية
وقبل حوالى الشهر من اطاحة حكم الشاه وعودة الخميني الى ايران من باريس التي عاش فيها اربعة شهور تقريبا، وبعد فترة نفي امتدت منذ 1965 أقام خلالها في تركيا فالعراق فباريس، بعدما منعته الكويت من الاقامة في اراضيها، تلقت الخارجية البريطانية في الثامن من سبتمبر 1978 برقية عاجلة من السفارة البريطانية في طهران وُقّعت باسم «شالمرز» تتحدث عن فرض قانون الاحكام العرفية ومنع التجول في طهران والمدن الكبرى بين التاسعة مساء والخامسة فجراً، وتكليف الجيش والشرطة تطبيق القرار واعتقال من لا يلتزم، ثم محاكمته امام المحاكم العرفية.
وفي اليوم نفسه تلقت دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية في لندن برقية عاجلة من «شالمرز» ايضاً تفيد عن بلاغ رفعه الى السفارة مدير مكتب الخطوط الجوية البريطانية في طهران يخبر فيه أنه استُدعي الى اجتماع عاجل مع مسؤولي الطيران المدني الايرانيين لابلاغه بضرورة تعديل جدول الرحلات والغاء الرحلات الليلية من طهران وغيرها من المدن بسبب حظر التجول والاحكام العرفية.
واشار مسؤول «البريطانية» الى ان المسافرين القادمين على الطائرة البريطانية الى طهران قد يضطرون إلى البقاء في الطائرة حتى انتهاء حظر التجول، وان ترتيبات اتخذت من أجل تبريد الطائرة وتكييفها وتقديم المأكولات لركابها.
الأمن يفقد السيطرة
وطلب هذا المسؤول من السفارة الضغط على ادارة «البريطانية» لإعادة جدولة الرحلات حتى تصل الى مطار طهران قبل السابعة مساء كل يوم او في موعد لا يستبق الرابعة والنصف فجراً.
ووعد بالابلاغ عن كل المستجدات مع تأكيد ان الرحلات البرية بين مطار طهران والعاصمة ليلاً كانت قد اصبحت مشوبة بالخطر قبل احكام قرار منع التجول. كما ان السفر بين المدن الايرانية اشد خطورة لأن السلطات الامنية لم تعد تسيطر تماماً على الامن في البلاد.
وكان شالمرز قد ارسل إلى دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية في السادس من سبتمبر برقية طويلة تحدث فيها عن الاضطرابات التي حدثت في طهران خلال رمضان، وعن نتيجة حكم اموزيغار خلال رئاسته الحكومة وما حاول اصلاحه بعد «التركة الثقيلة من الفساد التي ورثها عن خلفه»، كما جاء في البرقية.
طموحات نووية
واشار الى ان الطموحات النووية للشاه تستهلك مخصصات كبيرة من الاموال التي يمكن ان توجه الى التنمية الاقتصادية.
ولاحظ شالمرز ان اصلاحات اموزيغار لم تنجح بخفض الضيق عن المواطنين بسبب الفساد المتفشي في الادارة على مختلف المستويات، وعدم اقتناع المواطنين بانه قادر على الوقوف في وجه «مؤسسة الحكم التي تتحكم فيها بطانة الشاه والذي يريد التدخل احياناً في قضايا بسيطة جدا».
واشار الى ان الصناعيين والتجار صدموا بقراراته، كما ان المواطنين رأوا فيه احدى لعب الشاه الجديدة وان اجراءاته لتحديث الاقتصاد وتحريره لن تنجح بسبب عجز المؤسسات عن استيعاب المستجدات.
وقال شالمرز ان رئيس الوزراء عاجز جداً عن تفهم رجال الدين، وقاصر عن التعاون معهم بكفاءة كما انهم يستطيعون تحريك انصارهم من دون جهد ويأتمر الانصار بأوامرهم من دون نقاش.
وعجز اموزيغار عن اقامة حوار بناء مع رجال الدين وبالتالي سيكون عاجزاً عن تنفيذ ما يريد من دون دعم هؤلاء، مما يعني ان تجار البازار يستطيعون في اي وقت، وكما يفعلون حالياً، التحكم في تنفيذ اي قرار حكومي وحتى الضغط لالغائه ساعة يأمر رجال الدين الاقوياء.
ولادة دولة إسلامية
وبدأت توزع في طهران كاسيتات عن اموزيغار واصوله اليهودية وكيف ان «هذا اليهودي يحكم بلداً اسلاميا».
واشار شالمرز الى ان اموزيغار بهائي وهو مكروه شيعياً (...) واعتقد ان حكم الشاه شارف علىنهايته وان الوقت اصبح قريباً لنشهد ولادة دولة تعتنق الاسلام والمذهب الشيعي لتنفيذ القانون والتعامل مع الغرب على هذا الاساس.
وتحدثت البرقية عن عجز رئيس الوزراء ايضاً في التعامل مع طلبة الجامعات، التي يسيطر عليها اليساريون، كما لم يستطع اتخاذ قرار باغلاق جامعة او جامعتين لترهيب الطلاب، ولم يستطع عبر زيادة مخصصات التعليم العالي من الحصول على رضا الطلاب الذين اصبحت اتجاهاتهم تميل من اليسار الى الدين واتباع تعليمات رجال الدين الاقوياء.
وتوقع شالمرز ان يتخذ الشاه قرار التخلي عن تحرير الاقتصاد وعن سياساته الليبيرالية لمصلحة ابقاء الدولة في ادارة الاقتصاد مع ما يتطلب ذلك من دعم المواد الاساسية.
وتحدثت البرقية عن استقالة اموزيغار وتعيين شريف امام رئيساً للوزراء بدلاً منه الذي بدوره بدأ يقدم التنازلات لرجال الدين مما اعطاهم بعداً جديدا في استخدام قوتهم عبر العظات التي يلقونها ضد الحكومة، وبدأت احياناً تستهدف الشاه نفسه وبطانته الفاسدة.
واشارت الى تفشي حوادث العنف ومن ثم احراق دور سينما في عبادان، اضافة الى بدء الهجمات ضد منشآت نفطية وبدء التعرض للاجانب المقيمين في مدن ايرانية مختلفة.
ترحيل البريطانيين
واقترح شالمرز على الخارجية بدء تطبيق برنامج ترحيل البريطانيين عن ايران وقال «انني اتفق مع زميلي في السفارة الاميركية على ان الشاه بدا وكأنه ضائع لا يعرف ماذا يفعل، وانه اصبح مشوشاً يتقوقع في قصره ويستمع الى اقتراحات المقربين منه، خصوصاً زوجته، من دون ان يثق بأحد... ويبدو انه مقتنع بان الازمة ستمر وهي مرحلية وانه باق على العرش الذي سيرثه ابنه من بعده.
وانهى شالمرز البرقية بالقول ان الشاه بدأ يقدم التنازلات ورجال الدين يضغطون للحصول على المزيد ولن يتوقف الضغط على الامبراطور حتى يتنازل عن العرش ويغادر الى المنفى وقد يلاحقه رجال الدين بعدها بسبب ما تعرضوا له من اضطهاد».
ولم ينس شالمرز الاشارة الى ان المستفيدين من حكم الشاه بدأوا يتحولون عنه ويبنون علاقات مع رجال الدين الاقوياء تحسباً للمستقبل.
وعن المؤسسة العسكرية قال «ان الجيش لا يزال متماسكاً، وهو يوالي الشاه حالياً لكن الشاه لن يستطيع الاستعانة بالجيش في مواجهة رجال الدين خصوصاً ان الجنود سيرفضون استخدامهم في مواجهة اخوانهم المواطنين وانهم قد يعصون اوامر الضباط الكبار كما جرى في حالات عدة.
القبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 33 الشاه يحارب عبر التلفزيون كتب رائد الخمار :
لندن – رائد الخمار:
منذ بداية سبتمبر 1978 بدا الشاه وكأنه يحاول الاهتمام بامور الدولة، وصوّره التلفزيون الايراني يومياً في استقبال رئيس الحكومة والوزراء وكبار الاداريين الايرانيين وخبراء الاقتصاد، لكن هذا الاعلام الموجه، الذي كان يبث صوراً للامبراطور وحاشيته واركانه من دون صوت على الاطلاق سوى صوت المذيع، لم يؤثر ايجاباً في الشعب الايراني او يغير اتجاهات المعارضة التي بدأت تستمع الى صوت الامام الخميني وصوره وبثه المباشر من المنفى عبر كاسيتات تصل الى ايران على رغم تشدد الشاباك.
رئيس وزراء جديد
وفي الحلقة الثانية من تقرير كتبه الدبلوماسي البريطاني في طهران ، وارسله برقياً الى دائرة الشرق الاوسط في لندن ووقعه باسم «شاملرز» ، يتحدث عن تعيين شريف امامي رئيساً للحكومة تحت ضغط الاصلاحيين ورفع الرقابة عن الصحف ، لكن يبدو ان رجال الدين الذين احسوا بأنهم يستطيعون الوصول الى الحكم واصلوا ضغوطهم على الحكومة في الشوارع والمساجد والمطبوعات للوصول الى اهدافهم.
شق آيات الله
ومع ان حركة رجال الدين لم تكن موحدة ضد الحكومة، فإن منشوراً وزع في طهران ، في بداية سبتمبر ، حدد عدداً كبيراً من المطالب بدا الشاه عاجزاً عن تحقيقها «لأنه شعر بأنها تسلبه سلطاته جميعا وقد تقوده الى الاعتزال او المنفى. وقرر مناهضتها عبر شق حركة المعارضة والحصول على دعم رجال دين كان وراء تعيينهم في الماضي».
وشدد آيات الله، الذين قادوا الدعوات الى التظاهرات ، من مطالبهم ووضعوا شرطاً اساسياً هو جعل الاسلام، وبالاسلوب الذي يفسرونه، دستوراً للبلاد وتكليف لجنة منهم لتشريع دستور جديد دون تدخل من احد من رجال الشاه.
ومن بين ما طلبه رجال الدين ان تخضع كل القوانين والقرارات لفحص منهم لمعرفة ما اذا كانت تتناسب مع الشريعة وتتوافق مع نظرتهم وتفسيرهم للدين!
شروط رجال الدين
وطالب رجال الدين بالافراج عن المعتقلين السياسيين كافة ومحاكمة المسؤولين عن اعتقالهم وطرد من لا يصلح في ادارة الدولة وحتى عودة رجال الدين من المنفى من دون اي ضوابط او شروط خصوصاً الامام الخميني.
ورفضوا اجراء مفاوضات مع الحكومة قبل تنفيذ شروطهم كلها، وتركوا مهلة قصيرة للحكومة لتنفيذ هذه المطالب وواصلوا الضغط والتظاهرات في وقت استمرت هجمات اليساريين على مرافق الدولة وعلى الاجانب.
ولاحظ الدبلوماسي البريطاني ان تأثير اي بيان من رجال الدين في الجماهير الايرانية كان كبيراً وحاسماً، وكان الايرانيون ينفذون ما يُطلب منهم من دون اي جدل وكأن الاوامر منزلة.
الدولة عاجزة والشاه ضائع
وبدت الدولة عاجزة عن التصرف والشاه ضائعاً وحائراً وسُربت انباء عن ان مقربين منه بدأوا يحولون اموالهم الى الخارج ويبحثون عن ملجأ في اي دولة تقبلهم لاجئين في اراضيها وبدأت دول عربية واجنبية، منها بريطانيا والولايات المتحدة، تتلقى طلبات تأشيرات دخول غير مسبوقة من كبار المسؤولين خصوصاً الذين يعارضون الخضوع لرجال الدين او المسؤولين عن محاربتهم.
وكانت بطانة الشاه بدأت البحث مباشرة مع صلاتها الخارجية لتأمين سفرها والحصول على اللجوء في دول عدة من دون مساءلة.
وطالب زعيم المعارضة سنجابي بالتحقيق في ما تمت سرقته من اموال الشعب الايراني وتقديم المسؤولين، مهما علت مناصبهم ، الى المحاكمة.
الاقتصاد ينهار
في الوقت نفسه انهار الاقتصاد الايراني وسط الفوضى وغياب القرار وبدأت الضغوط تتزايد للقيام بعمل ما من دون خوف وكان الجميع ينتظرون القرار الكبير من دون معرفة ماذا سيكون.
وفي بداية سبتمبر، استقبل الشاه بكل ابهة قادة القوات المسلحة الايرانية وكبار ضباط الشرطة في قصره، وافاد بيان بان الجيش والقوات المسلحة بأكملها اعلنت ولاءها للعرش والدفاع عنه.. لكن رجال الدين اصدروا بياناً طالبوا فيه الضباط بالانضمام الى اخوانهم في الدين والدفاع عن الاسلام في مواجهة الذين خرقوا الشرائع الدينية ونهبوا خيرات البلاد وهرّبوا اموالهم الى الخارج وانتهكوا الحرمات الدينية وكبتوا الحريات دفاعاً عن «الصنم»، في اشارة الى الشاه الذي لم يشعر بعد بان نظامه مهدد وان عرشه اهتز الى الابد وان ما يجري حالياً أخطر مما جرى في عهد مصدق.
وبدا لعدد كبير من الدبلوماسيين المعتمدين في طهران ان ما يجري هو المرحلة الاخيرة من حكم آل بهلوي وان قيام السلطة الدينية في ايران اصبح مسألة وقت قصير.
هجمات مسلحة
ووفق وثائق الخارجية البريطانية تحدثت برقيات عدة عن الهجمات المسلحة التي ازداد عددها وبدأت اخبارها تُنشر وتعلن من دون خوف او قلق او خشية الاعتقال.. وبدا ان الجيش الذي يؤمّن الامن في الساحات العامة يتحاشى الاصطدام بالمتظاهرين الا في الحالات التي يصبح فيها الجنود عرضة للخطر، وبدا ان المؤسسة الدينية ـ وعلى رغم تفرقها الى مجموعات ـ أصبحت متحدة ضد الشاه ومختلفة على ما قد يجري بعد رحيله.
في الوقت نفسه بدأ مسؤولون في البلاط يبحثون عن دولة ليزورها الشاه، وقد يبقى فيها، كما كانت الاشاعات تتحدث عن طائرات عدة كانت تحمل ممتلكات الشاه وعائلته الى الخارج وحتى ان احدى النشرات قالت انه تم تفكيك قصر بأكمله وبمراحيضه الذهبية ونُقل الى خارج ايران، تمهيداً لبنائه مجدداً، حيث ستستقر العائلة.
ترحيل الأجانب
في الوقت نفسه، بدأت مشاورات اميركية ـ بريطانية ـ فرنسية، لوضع خطط لترحيل الاجانب بعدما اشتدت الهجمات عليها، خصوصاً التعرض لباص ينقل موظفين يعملون في الخطوط الجوية البريطانية، كما افادت برقية في التاسع من سبتمبر ارسلت عاجلة من السفارة في طهران الى دائرة الشرق الاوسط.
وفي العاشر من سبتمبر سرت اشاعات في طهران بان الجيش اطلق النار على متظاهرين يساريين في وسط العاصمة وقتل عدداً منهم.. ودعا رجال الدين الى اضراب عام وتظاهرات الجمعة واغلاق المرافق حتى يتم تقديم المسؤولين عن اطلاق النار ومن أمرهم بذلك الى المثول امام محكمة اسلامية.
وسرت اشاعات بان الحادث اسفر عن سقوط ما يصل الى 300 شهيد، كما افادت بيانات ارسلت الى السفارة البريطانية التي حضت مباشرة على محاكمة الشاه وكبار المسؤولين.
في الوقت نفسه، تحدثت وثيقة عن مشاورات بين السفارتين الاميركية والبريطانية في شأن بدء اتصالات مع اطراف دينية معتدلة، لتأمين خروج الرعايا من ايران في اي وقت مستقبلي من دون تعرضهم للاذى، وتلقت السفارات ضمانات من هيئات دينية بحماية الاجانب اذا غادروا فوراً، خصوصا ان الايام والأشهر المقبلة ستكون عصيبة.
خروج.. بلا عودة
وفي الحادي عشر من ديسمبر 1978 تلقت دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية برقية عاجلة من السفارة في طهران تفيد بان الشاه سيغادر «الى غير رجعة» ايران الشهر المقبل وان الحجة الرئيسية لمغادرته ستكون بهدف العلاج، لكن معلومات الاسلاميين تفيد بانه لن يعود على الاطلاق، خصوصاً ان الامام الخميني الموجود في فرنسا يستعد للعودة واشترط مغادرة الشاه الى الابد، كي لا يقدمه فوراً الى المثول امام محكمة اسلامية.القبس
القبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 34 الرئيس اللبناني هاجسه إنهاء الولاية قبل التقسيم وسوريا تمسك بخناق جميع الفرقاء دون استثناء كتب رائد الخمار :
لندن – رائد الخمار:
أفردت الخارجية البريطانية صفحات خاصة عن لبنان في عام 1978 لكنها ابقت غالبيتها قيد الكتمان خصوصاً وان غالبية السياسيين الاساسيين لا يزالوا في الصورة السياسية داخل لبنان او في خارجه في سوريا وفلسطين واسرائيل. ومن غير المعتاد ان تجد نسخة عن التقرير السنوي للسفير البريطاني في اكثر من ملف من ملفات الخارجية البريطانية. ولم يُعرف ما اذا كان ذلك خطأ في ارشفة الملف/ التقرير ام تم عن قصد.
ماذا في التقرير الذي كتبه السفير البريطاني في بيروت سير بيتر وايكفيلد، الذي رفعه في 18 يناير 1978 الى وزير الخارجية دايفيد اوين والذي قال عنه المسؤول في دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية دايفيد تمبل انه «يرسم صورة سوداوية عن مستقبل هذا البلد» خصوصاً مع وصف السفير وايكفيلد حكم الرئيس الياس سركيس بأنه «فاشل» وبرغبة المارونية السياسية بـ«تقسيم البلاد» عبر كل وسيلة للبقاء في السلطة، وبأن سوريا اصبحت تمسك بخناق البلاد من دون استثناء..
ومع ان التقرير/ التقويم للموقف في لبنان عام 1977 لم يُنشر بحرفيته، إلا ان ما تضمنه لايزال يمثل حتى اليوم ما يجري في هذا البلد خصوصاً ان اعتيال كمال جنبلاط تم خلال العام، وتم تنصيب ابنه «وليد خلفاً له وهو الشاب اللعوب الذي سيحكم طويلاً الطائفة الدرزية، التي كانت دائماً توالي الغرب، اذا لم يقتل او تُقصص اجنحته» كما ورد في التقرير.
جاء التقرير في 11 صفحة و17 بنداً ويبدأ باتهام الموارنة والدروز بان ولاءهم خارجي على رغم «ادعاء الموارنة انهم يتحركون للصالح اللبناني فقط في حين انهم يعملون للابقاء على امتيازاتهم».
الدور السوري
ويتحدث البند الاول كيف ان السوريين، وبعد عام على دخولهم هذا البلد استطاعوا وقف الحرب الاهلية، وبدأت البلاد تعود الى طبيعتها عبر عودة اللبنانيين الى المقاهي و«السياح العرب الباحثين عن اللذة في بيروت»، ما زاد في حدة ازدحام السير في شطري العاصمة المقسمة التي يعيش سكانها القلق في شأن المستقبل.
وتساءل السفير ما اذا كان لبنان دخل مرحلة الاستقرار ام لا وقال «لا احد يعرف الحقيقة».
واشار الى انه التقى الرئيس (سركيس) مرات عدة، وظهر ان الرئيس لا يعرف شيئاً حقيقياً عما يجري وهو يعيش هاجس البقاء وانهاء ولايته قبل تقسيم البلاد.
وتحدث عن ان لبنان «كان دائماً مقراً للصراع بين الشرق والغرب لأن زعماءه السياسيين والدينيين يرهنون انفسهم خارج الحدود».
ولاحظ ان فترات بسيطة من الوقت حكم اللبنانيون انفسهم «لكن سرعان ما كانوا يعودون الى الصراع على رغم ان عمر استقلالهم لا يتجاوز الثلاثين عاماً».
وتحدث السفير غن ان «الحرب التي بدأت في عام 1975، خلطت الاوراق، بعدما كانت المشكلة فقط بين المسيحيين والمسلمين على اقتسام السلطة ولما دخل العامل الفلسطيني والسوري انقلبت المعادلة بشدة. فلا الموارنة يريدون التخلي عن بعض سلطاتهم، ولا المسلمون ارتضوا بمشاركة الفلسطينيين السلطة».
وتحدث عن الصراعات داخل كل طائفة وحسب مصالح كل مجموعة فيها و«ليس هناك ولاء لوطن بل نجد ولاء للمصلحة الآنية فقط».
واشار الى ان الموارنة والدروز هم الاكثر ارتهاناً للخارج بينما نجد «السنة على حيرة بين عروبتهم وبين التيار السعودي».
وفي هذا الجو الشديد الغموض نجد اكثر من نصف مليون فلسطيني على حيرة بين فصائلهم المختلفة الاهواء على رغم قوة منظمة التحرير التي يمكن ان تتعامل بابتزاز مع جميع اللبنانيين، وهي تحاول ابتزاز سوريا ايضا لكن سراً.
وتحدث عن انه في العامين الاخيرين من الحرب الاهلية لم يشارك المسلمون بقوة في الحرب، بل ان الذين شاركوا منهم هم اليساريون او الذين يتقاضون اموالاً من العربي والاجنبي وحتى اسرائيل التي مولت الكتائب والموارنة وسلحتهم وكان لها عملاؤها السريون بين المسلمين والفلسطينيين.
وخرج المسلمون في لبنان، والشيعة تحديداً، وقد فقدوا الكثير من سلطاتهم ودورهم في الحكم، وأعتقد انه سيكون دور للشيعة في لبنان خصوصاً وان إلهامهم يأتي من ايران التي ستلعب دوراً اساسياً في هذا البلد اذا انتصر رجال الدين فيها على الشاه وتسلموا الحكم.
الدور الفلسطيني بين السنة والشيعة
ولاحظ السفير ان القيادة الفلسطينية في لبنان همشت زعماء المسلمين واصبحت تتحكم في قراراتهم ولا يستطيع زعماء السنة في لبنان قبول ما لا يقبله ابوعمار على الاطلاق وهو قادر على تحويل بيروت الى «ساحة نار ساعة يشاء كما انه يتحكم بالاموال في المصارف اللبنانية الرئيسية وهو قادر عبر الودائع التي يملكها ان يغير في معادلة تسعير سعر صرف الليرة كما انه ينفق بسخاء على مجموعات من قيادات الاحياء في بيروت متحدياً الزعامات التقليدية، كما ساهم في تأسيس فصيل مسلح للشيعة وساند الدعوة التي ينادي بها الامام موسى الصدر الذي بدأت الاخطار تحوم حوله خصوصاً ان زعامته بدأت تهدد السيطرة الفلسطينية على مناطق واسعة من لبنان.
وتوقع السفير ان تكون بعض محاولات الاغتيال التي تعرض لها الصدر تمثيلية تحذيرية ليبقى في الطريق السليم ولا يحيد عن المخطط له او عن توجيهات القيادة الفلسطينية.
وتحدث السفير عن ان اعادة اعمار لبنان تواجهه مشاكل عدة ابرزها رفض الموارنة الدخول في حوار مع المسلمين قبيل نزع سلاح الفلسطينيين. ويرفض امسلمون ذلك لأن الكتائب سلحتها اسرائيل وهي لن تتخلى عن سلاحها قبل نزع السلاح الفلسطيني، والفسطينيون لن ينزعوا سلاحهم قبل العودة او زوال الاخطار، كما انهم لن يتمتعوا في اي بلد آخر بما لديهم من امتيازات في لبنان تشبه الى حد ما كان لهم في الاردن قبل عام 1970، عندما طردهم الملك حسين في حملة عسكرية يحاولون تفاديها في لبنان عبر الدخول طرفاً بين الطوائف المختلفة اساساً.
ولاحظ السفير ان توقف الحرب لم يوقف تدفق السلاح الى لبنان وان بعض مستوردي الاسلحة يبيعونها للطرفين استعداداً لجولة جديدة وانه في لبنان الآن اسلحة اكثر من الاسلحة التي كانت موجودة اثناء المعارك.القبس
لقبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 35 عدم الثقة بين زعماء الطوائف اللبنانية يمنع تأسيس دولة «للجميع بالتساوي» كتب رائد الخمار :
لندن ــ رائد الخمار:
في الجزء الثاني من تقرير رفعه السفير البريطاني في بيروت سير بيتر وايكفيلد، في 18 يناير 1978 إلى وزير الخارجية دايفيد اوين يتحدث عن «الخوف وعدم الثقة» بين زعماء الطوائف اللبنانية مما يمنع وضع اسس لدولة قادرة ان تكون «عادلة ومنصفة للجميع بالتساوي». وفي هذه الاجواء وجد الرئيس الياس سركيس، الضعيف اصلاً رهينة طائفته واعجابه برجل الحرب بشير الجميل على رغم ان الرئيس مسالم وخجول وقلق.
ويقول الرئيس ويردد انه «من دون توحيد الجيش والشرطة لا يمكن ان نطلب انسحاب الجيش السوري من لبنان» وفي ضوء ارتباط الازمة اللبنانية بما يجري في الشرق الاوسط من صراعات دولية وعربية ــ عربية سيبقى لبنان عرضة للتجاذبات الاقليمية والدولية، خصوصاً ان اللبنانيي وزعماءهم لا يشعرون بانهم مواطنون لدولة واحدة بل تتقاسمهم النزعات المادية والمعنوية.
و«مع بقاء الموقف في الشرق الاوسط معقداً وغير مقبل على حل قريب يفضل الموارنة التسلح مجدداً للابقاء على خياراتهم المختلفة، وفي طليعتها بناء دولتهم الطائفية بمساعدة اسرائيل» كما يقول رئيس الجمهورية السابق كميل شمعون.
وشمعون ذكي ويقرأ السياسة والتاريخ، ومع انه لا يؤمن بان دولة صغيرة للموارنة في جزء من لبنان غير قادرة على العيش مستقبلاً الا اذا تحولت إلى «منطقة محايدة يتفق على حمايتها جيرانها ويضمنون بقاءها بكل جدية» وهو ما لا يعتقد شمعون بامكانية تحقيقه الا بمعجزة من «السيدة العذراء» كما يقول!
ومع ان الطائفة المارونية مقسومة بين معتدلين ومتطرفين، فان غالبيتها تشعر بالحاجة إلى الهجرة إلى الغرب نهائياً او إلى الدول العربية المعتدلة التي ترحب بالاقليات الدينية نظراً لخوفها وولائها لمن يحتضنها.
ولاحظ السفير وايكفيلد ان جميع الدول العربية اكدت ايمانها بلبنان المستقل الموحد، لكنها لا تعمل على الاطلاق لتحقيق هذا المبدأ الذي لا يتفق اللبنانيون ايضاً في شأنه.
وتتميز المواقف الاسرائيلية في هذا الشأن، بينما يرى دعاة السلم مع العرب في بعض مراكز الدراسات اليهودية ان قيام دول صغيرة قرب اسرائيل عامل عدم استقرار يعتقد المتطرفون ان الدويلات الطائفية التي يمكن ان تدور في الفلك الاسرائيلي افضل للمستقبل من قيام دول مستقرة قادرة على النمو ومنافسة التجارة الاسرائيلية والخدمات التي يمكن ان تقدمها الدولة العبرية.
وتخشى الدول العربية قيام دولة طائفية اخرى في الشرق الاوسط خصوصاً ان بعضها يضم طوائف مختلفة قد تلجأ لاحقاً إلى محاولة تأسيس دويلاتها المستقلة.
التهجير
ولاحظ السفير انه على رغم انتهاء الحرب (...) فان التهجير الذي بدأ خلال عامي الحرب لا يزال مستمراً، وان المتطرفين الموارنة لا يزالون يحاولون تأسيس «مارونستان النقية والخالصة» التي ترفض اقامة المسلمين فيها حتى الذين يؤيدون نزع السلاح الفلسطيني في لبنان.
واشار إلى ان المنطقة المسيحية آمنة نسبياً خصوصاً تلك الخاضعة لسلطة بشير الجميل اشد انصار التعاون مع اسرائيل، وان رجال الاعمال الموارنة يحققون اموالاً ضخمة من تجارة الحرب ومن التعاون مع دول عربية وهم يدفعون «جزية» للاحزاب اليمينية مقابل حماية اعمالهم. ويمكن ملاحظة «هوة» كبيرة بين مستويات المعيشة في شطري لبنان.
الرئيس المتردد
وعلى غير عادة الدبلوماسيين، قال السفير وايكفيلد «ان الرئيس الياس سركيس، الذي تسلم منصبه قبل نحو عام عازب ومتردد في اتخاذ القرارات، ولا يقرر ابداً قبل ان يتأكد من ان قراره يحظى بموافقات مختلف الاطراف وهو من المستحيلات ولا يملك المخيلة لاقتراح الحلول.
وشدد السفير على ان عهد سركيس لا يزيد عن كونه صوريا، اذ انه ليس في لبنان حالياً اي جيش او شرطة، بالمعنى الحقيقي، كما ان معنويات الادارة في الحضيض وان الحكم الفعلي هو للميليشيا اليمينية في المناطق المسيحية وللفلسطينيين في المناطق الاسلامية. وتلعب القوات السورية دور «الحكم» وهي تنفذ ما تريده دمشق ومصالح حكامها بكل دقة في حين يحقق ضباطها مكاسب مالية ضخمة من غض النظر عن التجارة غير المشروعة والتهريب.
ولم يستطع الرئيس سركيس اتخاذ اي قرار جدي، وهو اضاع فرصة سنحت له مع توقف الحرب (...) وعندما تم اختياره بتوافق عربي ما اضاع سلطة الرئيس والحكومة المركزية.
وثائق اليومويقول الرئيس «ان بداية عهده يجب ان تكون فترة تهدئة لتبرد المشاعر قبل البدء بحوار جدي مع مختلف الزعماء اللبنانيين في شأن مستقبل بلدهم، وشكل على هذا الاساس حكومة مستقلين لا ينتمون الى اي طرف، وجاهد اعضاء الحكومة لاصلاح الادارة من دون جدوى، خصوصاً انهم لا يتمتعون باي سلطات يستمدونها من سلطات الرئيس العاجز».
تردد عربي
ونقل السفير عن سفير عربي، لم يسمه، قوله ان الدول العربية مترددة في تقديم مساعدات حسية الى لبنان «لأن مصيره معلق بانتظار اتضاح الرؤي في الشرق الاوسط الذي يغلي مجدداً، وهو مقسوم الى اتجاهات عدة» كما ان اوروبا تقدم مساعدات بالقطارة وتتردد الولايات المتحدة بمنح لبنان مميزات الدولة الصديقة حتى تتخلص الحكومة اللبنانية (...) من السلاح الفلسطيني وتهدأ الجبهة الجنوبية وهي تدفع الحكومة اللبنانية باتجاه اجراء محادثات سرية مع اسرائيل.
وأشاد السفير بقدرة اللبنانيين على التكيف وبعملهم الجدي في الخليج، حيث يتناسون خلافاتهم لكنهم يعودون اليها فور عودتهم الى بلدهم وهم يحولون اموالاً حجمها كبير من الخليج واوروبا والولايات المتحدة الى عائلاتهم في الوطن.
وتحدث السفير عن المعونات البريطانية الى لبنان، وقال «انها متواضعة لكنها تنفق على تقديم معونات فنية ومنح دراسية للبنانيين والفلسطينيين المقيمين في لبنان، الذين تقترحهم حركة فتح المعتدلة او بعض الاطراف الشيعية القريبة تاريخياً من المملكة المتحدة».
وفي نهاية تقريره، اشار السفير الى «ان العام انتهى بسلام نسبي على رغم اغتيال كمال جنبلاط خلاله، ولجوء الدروز الى تهجير للمسيحيين من مناطق في الجبل ليساهموا كالموارنة في اقامة دويلة طائفية قد يحكمونها مستقبلاً».
ولاحظ ان المنطقة تغلي، خصوصاً في ظل مبادرة السادات، مشيراً الى ان التواجد السوري لن ينتهي على الاطلاق في المستقبل المنظور حتى من دون غطاء عربي، لأن الدور السوري في لبنان اساسي في تعامل دمشق مع قضية الشرق الاوسط.
وشدد على ان العواطف السورية لم تعد مع الموارنة، الذين لم يتوقفوا عن التعامل مع اسرائيل والاعتماد عليها فقط، ولأنهم لم يتبعوا موقفها من مبادرة السادات وهي تدلل اليوم الحركات الفلسطينية على رغم انها لا تثق بياسر عرفات او بغالبية زعماء فتح.
وعن الدعم الاسرائيلي للموارنة و «شبه دويلتهم الجنوبية»، قال السفير انه يشكك بانه يكفي وقال «ان اسرائيل لا تثق بالموارنة المتقلبين الذين يرفضون الخروج علانية للسير في خطها وهم يلعبون معها كما يلعبون مع السوريين ويعتقدون انهم سيصلون الى ما يريدون».
واعرب السفير عن اعتقاده بان الحل في لبنان بعيد جداً حتى تتضح الصورة في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً ان الفلسطينيين يعيشون افضل حالاتهم السياسية في لبنان حيث بنوا «دولة ضمن الدولة» حتى انهم يستقبلون ما يشاؤون من دون اي احراج وبعيداً عن السلطة اللبنانية ولهم حيز في المطار يسيطرون عليه مباشرة.القبس
القبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 وصول «الليكود» اليميني إلى حكم إسرائيل بزعامة بيغن كتب رائد الخمار :
لندن – رائد الخمار:
تلقت الخارجية البريطانية في الواحد والعشرين من ديسمبر 1978 تقريراً مطولاً من السفارة البريطانية في تل ابيب، كتبه مايكل ستارك، فصل فيه توزع القوى السياسية في الكنيست ودور رئيس الدولة في تكليف اكبر الاحزاب، والشخصية التي تستطيع تأمين غالبية بين اعضاء الكنيست بتشكيل الحكومة.
ويظهر التقرير، الذي اختارته «القبس» لمناسبة الانتخابات الاسرائيلية التي جرت الثلاثاء، توزع القوى في الكنيست قبل ثلاثين عاماً، وماذا تغير في تركيبة الحياة السياسية وكيف اختفت احزاب وتراجعت قوى احزاب اخرى، وكيف ان الاسرائيليين يتجهون يميناً وتطرفاً.
يبدأ التقرير بمقدمة وتفاصيل من 28 صفحة عن توزع القوى، وكيف ان الكنيست ينتخب رئيس الدولة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد فترة اخرى، وان الرئيس الحالي هو اسحق نافون الذي خلف الرئيس السابق افرام كاتزر في 29 مايو 1978.
ويتشكل الكنيست من 120 عضوا (لم يتغير العدد رغم ارتفاع عدد المواطنين)، ويتم تجديد اعضائه مرة كل اربع سنوات على الاكثر، وتم اختيار اعضائه الحاليين في 17 مايو 1977 وسمي الكنيست التاسع.
وكان تجمع «الليكود» فاز باكبر عدد من الاصوات، واستطاع تشكيل حكومة ائتلافية منهياً بذلك اسطورة حزب «العمل» الذي شكل حكومات اسرائيل على مدى 29 عاماً.
واستطاع ائتلاف الليكود بزعامة مناحيم بيغن الحكم بمساعدة الاحزاب الصغيرة. ويضم التجمع الآن 45 من «الليكود» و12 عضواً من الاحزاب الدينية و7 من الحزب الديموقراطي واربعة من «اغودات اسرائيل» ومستقلا واحدا هو موشيه دايان، كما تستطيع الحكومة الاعتماد على نائب مستقل آخر هو فلاتو شارون.
ولا يمثل حزب العمل في الكنيست سوى 32 نائبا،ً وهو اكبر احزاب المعارضة التي لها 50 مقعدا بينها سبعة مقاعد لحزب «شاي» ومقعدان لحزب «شيلي» ومستقل ليبرالي واحد وآخر منشق عن حزب «اغودات اسرائيل».
كما تضم المعارضة ايضا النائب يوسف ياغوري من حزب «يعاد» وخمسة ممثلين عن الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة.
الليكود
وكان تجمع الليكود تشكل في سبتمبر 1973 من تحالف «عاحال» الوسطي الحر، مع «لائحة الدولة» و«حركة ارض اسرائيل» وتجمع انشق عن «لاعام» وسمى نفسه «الوسط المستقل».
وانضم الى التجمع بصفة مستقلة ارييل شارون بعدما استقال من الجيش واثر تشكيله الحزب الليبرالي مع عزرا وايزمن. ونادى شارون بتشدده في السياسة الخارجية وانفتاحه على رجال الاعمال في الداخل وتشجيعه المبادرات الخاصة والابتعاد عن الاقتصاد الموجه.
وتعود جذور «عاهال» الى تحالف انتخابي بين حزبي «حيروت» و«الليبرالي» في عام 1965 قبل ان ينضم الحزب الى حكومة الوحدة الوطنية بزعامة ليفي اشكول في يونيو 1967 قبل حرب الايام الستة. وترك قادة الحزب حكومة الائتلاف بسبب القبول بمبادرة الولايات المتحدة عام 1970 التي عرفت باسم «خطة روجرز للسلم في الشرق الاوسط».
وبقي حزبا «عاهال» في الكنيست مستقلين، لكنهما كانا ينسقان في اكثر من مجال.
وتعود جذور «حيروت» الى تأسيس الصهيونية مع فلاديمير جابوتنسكي في العشرينات والثلاثينات، وتشكيل «الارغن» في الاربعينات التي اعتمدت العنف والارهاب بتأييد من «هاغاناه» التي ساندتها الوكالة اليهودية في العالم.
وبعد تأسيس الدولة اليهودية في عام 1948 اندمج «ارغن» و»هاغاناه» لتأسيس «جيش الدفاع الاسرائيلي»، وشكل بيغن حزب «حيروت» مع شعار ضم اراضي اسرئيل كلها، بما فيها ضفتا نهر الاردن والجولان وسيناء.
ويعود تأييد بيغن الى اليهود الشرقيين الذين يعتبرونه الاب الروحي وزعيمهم الدائم. لكن في انتخابات 1977 انضم الى التجمع بزعامة بيغن نسبة 30 في المائة من العمال المهاجرين، وخمسة في المائة من سكان الكيبوتزات الذين كانوا تقليدياً يؤيدون تجمع «العمل».
وتعود جذور الحزب الليبرالي الى عام 1961 مع انضمام التقدميين الصهيونيين وبعض المنشقين عن احزاب مستقلة. واصبح الحزب يعرف باسم «الحزب الليبرالي المستقل» الذي جمع رجال الاعمال المعارضين لتدخل الدولة في الاقتصاد والحياة اليومية، ونادى بضم جميع الاراضي المحتلة في عام 1967 خصوصاً بقيادة سيمحا اهرليش وزير الاقتصاد في حكومة بيغن.
وتشكل حزب «لآم» (الوطن) في مارس 1976 من انضمام «الوسط المستقل» الى «لائحة الدولة» و«حركة ارض اسرائيل» لكن الحزب ما لبث ان انشق في عام 1978 الى فريقين يضم كل منهما اربعة نواب في الكنيست.
يُشار الى ان «الوسط المستقل» حزب يميني متطرف، وهو انشق عن «الوسط الحر» في عام 1974 لكنهما بقيا في تجمع الليكود حتى عام 1977.
وكان ديفيد بن غوريون شكل «لائحة الدولة» الذي رفض اتجاه حزب «رافي» للائتلاف مع «العمل» وما لبثت «لائحة الدولة» ان انضمت الى «لآم» بقيادة يغال هورفيتز.
وتشكلت «حركة ارض اسرائيل» بعد حرب الايام الستة من تآلف ضم يمينيين ويساريين وعناصر قيادية في الحركة الصهيونية وسكان الكيبوتزات، الذين يريدون من الحكومة الاحتفاظ بالاراضي المحتلة ومن ثم توسيع المستوطنات والكيبوتزات فيها. وفي عام 1973 انضمت الى الليكود في ظل زعامة اسحق شامير.
وتتميز سياسة «الليكود»، المسيطر على توجيهها حزب «حيروت» المتطرف، بتحرير الاقتصاد والتشدد في السياسة مع العرب، لكن التحالف يعبر عن نفسه داخل الكنيست فقط بينما سياساته تبقى مستقلة خارج البرلمان.
ويتناوب على رئاسة التجمع سنوياً رئيسا «حيروت» و«الليبراليين».
ويفصل التقرير بالاسماء قادة الاحزاب واتجاهاتهم السياسية وآراءهم الاقتصادية وعلاقاتهم مع الدول العربية، واتصالاتهم مع الحركة الصهيونية في العالم، وعلاقاتهم مع اقطاب الاعلام في الغرب واباطرة المصارف الاميركية وكبار الشركات في الولايات المتحدة.
القبس
القبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 37 حزب العمل آمن منذ حرب 67 بضرورة مقايضة الأرض بالسلام كتب رائد الخمار :
بيريس ورابين : محاولة فاشلة
لندن – رائد الخمار:
في الحلقة الثانية من تقرير رفعته السفارة البريطانية في تل ابيب وكتبه مايكل ستارك عن توزع القوى السياسية في الكنيست عام 1978 ودور رئيس الدولة في تكليف اكبر الاحزاب والشخصية التي تستطيع تأمين غالبية بين اعضاء الكنيست بتشكيل الحكومة، يظهر حزب العمل في المركز الثاني بين الاحزاب والتجمعات السياسية والعنصرية في اسرائيل في بداية تدهور دوره في السياسة الاسرائيلية وتحوله الى اليمين لكي يصبح اليوم في المركز الرابع بين القوى السياسية في الدولة الصهيونية.
تألف «العمل» اساساً من تجمع بين «ماباي»، الذي كان يُعرف باسم «افودا» و «رافيط » ومثل تنامي قوة الضباط الشبان وارتفاعهم الى اعلى سلم السلطة السياسية خلال سيطرة الحزب على الحكم بين 1948 و1977.
ويمثل الحزب يسار الوسط في الحياة السياسية الاسرائيلية ويؤمن عبر سياسة الكيبوتزات و «الموشاف» بحق الطبقة العاملة في الحصول على بعض خيرات الدولة والمشاركة في التمتع بما تنتجه اقتصادات الدولة. واقام قادة الحزب علاقات وثيقة مع «الهستدروت» (نقابات العمال) خصوصاً في المناطق الريفية من فلسطين المحتلة، لكن بعد التوسع المديني بدأ قادة الحزب وانصاره التقليديون ينحسرون واصبحت القيادات الجديدة تنبثق من المدن الرئيسية بشكل لم يعد فيه التأييد للحزب يجمع نسبة اكثر من 35 في المائة من «الكيبوتزات».
مقايضة الارض بالسلام
ومنذ ما بعد حرب 1967 وبعد توسع الاحتلال الاسرائيلي للاراضي المحتلة بدأ قادة الحزب يؤمنون بأن عليهم ان يقايضوا السلام بالارض لكن بالشروط الاسرائيلية، فهاجمت قيادة الحزب سياسة مناحيم بيغن وطروحاته حول ضم الاراضي المحتلة وادارتها مباشرة، واقترعت غالبية قيادة الحزب على اتفاقات كامب دايفيد ما عدا ييغال آلون الذي طرح مشروعه الخاص للشرق الاوسط وشلومو هيلل، وقد مثّلا جناح الصقور في الحزب.
واشار التقرير الى ان شمعون بيريز (رئيس الدولة الحالي) هو رئيس الحزب وزعيم المعارضة، وآد هوط الامين العام، وحاييم بارليف رئيس المكتب السياسي، وموشيه شاحال رئيس الجناح البرلماني في الكنيست.
ومن الشخصيات الرئيسية فيه اسحق رابين، رئيس الوزراء السابق وييغال ألون وزير الخارجية السابق، وييغال مشيل زعيم الهستدروت، وابا ايبان وزير الخارجية السابق، وشلومو هيلل وزير الشرطة السابق، وجاد يعقوبي وزير الاقتصاد السابق، ويوسي ساريد قائد الحرس الشاب وهو من الحمائم.
ومن اجنحة الحزب «المابام» الذي يؤمن اعضاؤه بالماركسية وله اتجاهات تؤمن بالمثال السوفياتي مع انه تحول في الاعوام الاخيرة الى جناح اكثر ديموقراطية، ومن ثم بدأ يؤمن بالعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة بين المنتجين والذين يساهمون في الانتاج.
واعضاء «مابام» يشكلون ميليشيا الحزب وقوته وهم يكرهون الاتجاه اليميني الديني المتطرف، وبعضهم تركوا الحزب لتشكيل تجمع «سيا» (اليسار الجديد في اسرائيل)... وعارض هذا الجناح بناء مستوطنات خارج الخط الاخضر وفي الاراضي المحتلة على اساس ان اسرائيل ستضطر للتخلي عنها مستقبلاً ضمن اي تسوية.
لكن بعض المتطرفين فيه اعلنوا انهم سيبنون مستوطنة في الجولان بدعم من الحكومة التي ارتأت تشجيعهم للضغط على حزب العمل المعارض وخفض نسبة تأييده.
الدولة الفلسطينية
ومنذ ما بعد حرب الـ67 بدأت اصوات في «مابام» تنادي بأن على اسرائيل ان تقبل اقامة دولة فلسطينية في الاردن او غيره من الاراضي المحتلة، ومن ثم توطين الفلسطينيين اللاجئين في دول الخليج واقطار عربية.
وايد «مابام» حركة السلام الآن التي بدأت تظهر في اسرائيل تباعاً بعد حرب 1967 التي اعتبرت علامة فارقة في الدولة.
واستلهمت الحركة قوتها من الكيبوتزات ومن الطبقة العاملة.
وتحدث التقرير عن ان المواطنين العرب الذين اقترعوا استطاعوا ايصال نائب الى الكنيست هو سيف الدين الزعبي.
يشار الى ان عرب اسرئيل اوصلوا في الانتخابات الاخيرة 11 نائباً.
الاحزاب الدينية
وبدأ تطور التأييد للاحزاب الدينية ينمو منذ العام 1955 وبتأييد ودعم من الحركة الصهيونية رغم الاتجاهات المختلفة لهذه الاحزاب بين متشدد ومتطور، لكنها جد متفقة على الاحتفاظ باكبر مساحة من الاراضي المحتلة ومن ثم عدم اعطاء العرب اي فرصة للمشاركة في خيرات اسرائيل.
وشاركت الاحزاب الدينية في حكومات اسرائيل منذ العام 1948 وادى موقفها المتشدد الى اسقاط حكومة الحكومة العمالية عام 1976، لأنها سمحت بوصول الطائرات المقاتلة الاميركية الصنع «اف – 15» الى اسرائيل ذات يوم سبت «واختارت عدم التصويت الى جانب الحكومة في وجه مشروع قرار بسحب الثقة منها بسبب عدم احترام السبت».
غوش ايمونيم
ومع ان الاحزاب الدينية التي حصلت في انتخابات 1977 على 12 مقعداً بدأت معتدلة منذ تأسيسها، الا انها أخذت تتحول يميناً الى التشدد بعد حرب الستة ايام، وقاد يهودا بن مائير حركة «غوش ايمونيم» التي نادت بحق اليهود في الاستيطان في مختلف انحاء ارض الميعاد من دون اي وازع، وطالب بدعم الحكومة لهذا الاتجاه من دون النظر الى الاخطار.
وتشارك الاحزاب في الحكومة عبر وزير الداخلية يوسف بورغ، وزير التعليم والثقافة زلومو هامر، ووزير الشؤون الدينية اهارون ابوحريصة.
ومن بين الاحزاب الدينية يأتي «اغودات اسرائيل» وهو ارثوذكسي متطرف وانضم الى الحكومة ضمن وعد بتحديث قوانين الدولة وتطويرها لتتوافق مع الشريعة اليهودية، رغم انه معتدل في تبني سياسة خارجية قريبة من حل سلمي.
وكان الحزب يعارض مشروع الحركة الصهيونية لتأسيس اسرائيل وفق اسس دينية بحجة أن فلسطين لا تخص اليهود وحدهم، واحتفظ الحزب بمدارسه الدينية التي تدرس برامج دينية بعيدة عن المناهج الحكومية واتجاهاتها.
وللحزب اربعة مقاعد في الكنيست.
لقبس تنشر وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1978 - الحلقة 38 السياسة والسياسيون في إسرائيل من دون مبادئ .. ويعملون وفق المصالح! كتب رائد الخمار :
لندن – رائد الخمار:
حقق تجمع «الأحزاب الديموقراطية»، برئاسة رئيس الاركان السابق البروفيسور ييغال يادين، في انتخابات الكنيست عام 1977 فوزاً على حساب حزب العمل ونالت 15 مقعداً، وحظيت في الحكومة التي شكلها مناحيم بيغن بمنصب نائب رئيس الوزراء الذي تسلمه يادين، كما نالت منصب وزير العدل وحظي به صموئيل تامير، ومنصب وزير الصحة والشؤون الاجتماعية لمصلحة الدكتور اسرائيل كاتز.
وقال مايكل ستارك في تقريره عن توزع القوى السياسية في الكنيست في عام 1978 ودور رئيس الدولة في تكليف اكبر الاحزاب والشخصية التي تستطيع تأمين غالبية بين اعضاء الكنيست بتشكيل الحكومة الذي رفعه الى الخارجية البريطانية : «ان السياسة والسياسيين في اسرائيل من دون مبادئ... ان البندقية تنتقل من كتف الى كتف وفق المصلحة الذاتية وللوصول الى السلطة وتحقيق المكاسب».
وتشكل التجمع في عام 1976 ومن ثم اتحد مع حزب «شيناي» (التغيير) الذي يرأسه البروفيسور امنون روبنستاين الذي شكل حزبه بعد حرب اكتوبر احتجاجاً من اعضاء حركة التغيير على الاخطاء التي ارتكبت في بداية الحرب.
واعلن الحزب انه يتخذ مبدأ الوسطية سياسة في الدولة، وهو يعلن انه سيحاول اصلاح النظم الانتخابية والاقتصاد والتركيبة الاجتماعية للدولة.
وفي مطلع عام 1977 انضم الى الحزب منشقون عن الليكود اخذوا على قيادته اتجاهه اليميني المتشدد، كما انضم اليه عدد من شخصيات حزب العمل الشبان. ونال الحزب 15 مقعداً في انتخابات الكنيست التاسع، وانضم الى حكومة الليكود في اكتوبر 1977. وما لبث ان ادى تضارب مصالح الاعضاء والقيادات الطموحة فيما بينها الى انشقاق خصوصاً بعد خلافات على السياسة الخارجية.
حزب «شاي»
وانبثق حزب «شاي» (المبادرة والتغيير) عن التجمع في اغسطس 1978 وترك الحكومة بسبب سياستها الخارجية غير الواضحة، وقاد البروفيسور امنون روبنستاين الانشقاق بعد اصطدامه بمناحيم بيغن، وانسحب معه كل من مئير آميت وصموئيل تولدينو المستشار الاول لمناحيم بيغن في الشؤون العربية.
حزب «يعاد»
وشكل حزب «يعاد» الجنرال عساف ياعوري، واعلن نفسه حزباً مستقلاً عن التجمع الديموقراطي وتجمع الليكود، ولم يؤثر في الحياة السياسية واكتفى فقط بدور ترجيح التصويت ونيل الثمن في القضايا التي تتساوى فيها الاصوات.
حزب «الجبهة الديموقراطية»
وتشكلت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، بعد انتخابات الكنيست التاسع، من عناصر «راكاح (الحزب الشيوعي) ومجموعة الفهود السود. وكانت الجبهة تُعتبر الناطقة باسم الاتحاد السوفيتي وعرب اسرائيل خصوصاً ان غالبية اعضاء الحزب من اليساريين العرب المتشددين وأقلية يهودية يسارية وحتى من اليساريين اليهود المتحدرين من أصل عربي.
ونال الحزب، برئاسة مئير ويلنر وعضوية توفيق طوبى وشارلي بيتون، في الكنيست التاسع 5 مقاعد.
حزب «شيلي»:
تعني كلمة «شيلي» (السلام لإسرائيل)، وتشكل الحزب من مجموعات صغيرة منشقة عن الاحزاب كلها، لكن ركنها الاساسي هو حزب «ماكي» المنبثق عن الفرع الصهيوني السوفياتي للمهاجرين القادمين من روسيا واوكرانيا.
وعقد زعيمه ارييه ايلييف، السكريتير السابق لحزب «ماباب» اجتماعات عدة مع اركان منظمة التحرير، بتكليف من مناحيم بيغن وبركته.
ونال الحزب في انتخابات الكنيست التاسع مقعدين حصل عليهما ايلييف وألوف ماتيتياهو، لكن الترتيبات قضت بأن يتولى مكانهما في نصف عمر البرلمان كل من يوري افنيري رئيس تحرير صحيفة «هاعولان هازيه» والعربية سعدية مارسيانو.
«أغودات إسرائيل»
وتشكل هذا الحزب الديني المتشدد المستقل، الذي له مقعد واحد في الكنيست، من العمال اليهود المتشددين بزعامة الراباي كاهانا الذي كان من اكبر معارضي معاهدة كامب ديفيد، ثم من اكثر المتشددين المعارضين لإخلاء المستوطنات في سيناء.
حركة حقوق اليمين
شكلتها شلومو آلوني قبل انتخابات عام 1973 بعدما انشقت عن «العمل» بسبب تنافر شخصيتها مع شخصية غولدا مائير.
وكان من أبرز أهدافها الدفاع عن حقوق المرأة، وموقف الحكومة من طلاق المرأة، والمتطلبات والموجبات على الزوج، والزواج المدني، واعتراف الحكومة به رسميا!
وكان الحزب من ألد اعداء سيطرة رجال الدين على مؤسسات الدولة.
حزب دايان
ويتحدث التقرير عن كيفية تخلّي غولدا مائير عن وزير خارجيتها موشيه دايان بعد تحميله مسؤولية عدم استعداد الجيش لحرب اكتوبر، ولعدم اهتمامه بإشارات عدة تتصل باستعدادات الجيشين المصري والسوري لعبور قناة السويس ومحاولة استعادة مرتفعات الجولان.
وكان دايان قد فاز على لائحة حزب العمل، برئاسة اسحق رابين، لكنه انشق بعد الانتخابات واصبح نائباً مستقلاً، وما لبث ان عرض عليه مناحيم بيغن منصب وزير الخارجية ليعزز فرص حكومته بوجوه وطنية (...) وليمنع الاحزاب الدينية من الايقاع بحكومته والتحكم بمصيرها.
«فلانو شارون»
ومن الظواهر في الحياة السياسية الاسرائيلية ما يُعرف باسم «ظاهرة شارون». فقد هاجر فلانو شارون من فرنسا الى اسرائيل بعدما حقق ثروة كبيرة في فرنسا التي غادرها في عام 1976 الى اسرائيل هرباً من ملاحقة محصلي الضرائب وارتكاب عمليات احتيال ضد صغار المودعين والتجار، وعندما حصل على عضوية الكنيست لم تستطع فرنسا استرداده اليها لمحاكمته.
ويفصّل التقرير كيفية اجراء رئيس الدولة مشاوراته مع قادة الاحزاب والمستقلين واضطراره الى الطلب من الحزب صاحب اكبر عدد من النواب أن يشكل الحكومة.
وعادة ما يلجأ اي زعيم حزب الى عقد تحالفات مع الاحزاب الصغيرة عبر منحها امتيازات ومناصب وزارية لدخول الحكومة والتصويت لمصلحتها عبر ما يُعرف باسم «ابتزاز المناصب».
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (2) رحيل الشاه في يناير.. غير وجه إيران إلى الأبد!
• عسكري ايراني يقبل يد الشاه المغادر إلى الابد (ارشيف)
لندن - رائد الخمار:
في الاول من يناير عام 1979 كانت ايران تعيش الايام الاخيرة لحكم الشاهنشاه محمد رضا بهلوي وتستعد لفترة تحول في تاريخها سيغير وجه بلاد فارس الى الابد وسينعكس على منطقة الخليج لاحقاً، كما انها «قد تؤثر في مصالح الدول الكبرى ومشاريعها في مختلف انحاء العالم»، كما جاء في تقرير رفعته وزارة الخزانة البريطانية الى رئيس الوزراء جيمس كالاهان في 16 يناير 1979 ووقع بالرمز السري «دي دبليو اتش».
وفي التقرير، الذي عثرت عليه «القبس» ضمن وثائق افرج عنها الارشيف الوطني البريطاني اخيراً وتنشر «القبس» موجزات عنها، تأكيد ان الشاه الذي غادر ايران الى الخارج مع عائلته وحاشيته في اليوم نفسه، لن يعود الى حكم البلاد على الاطلاق، كما ان ذريته ستبقى في المنفى وسيتغير وجه ايران الى الابد، وعلى الدول الغربية احتساب الخسائر والحد منها اذا امكن.
وبدأ الغرب يحتسب الخسائر، من دون معرفة المجهول، خصوصاً ان فترة حكم الشاه كانت عابقة بالمكاسب والعقود، وكفيلة بتأمين فرص العمل لمئات الالاف من المهندسين والعمال في الغرب والشرق وبتأمين النفط الرخيص لشركة «بريتيش بتروليوم» التي كانت تحصل على ما بين 40 و45 في المائة من النفط اللازم لزبائنها من ايران.
وجاء في التقرير الذي حمل عبارة «سري جدا»: «ان خسارة العقود الايرانية سيكون لها وقع مدمر على بريطانيا اقتصادا وصناعة عسكرية، اضافة الى سوق التأمين والمصارف على رغم ان الاخيرة مدينة لايران».
أثر الثورة في سوق الأسلحة
ستتحمل وزارة الدفاع (البريطانية) تغطية قيمة عقد تطوير معدات عسكرية كانت ايران وبريطانيا تتشاركان في تمويله. اضافة الى ان الصناعة العسكرية البريطانية قد تخسر عقودا لتزويد ايران بمعدات عسكرية بقيمة ملياري استرليني من بينها عقد بقيمة 1.250 مليار استرليني قيمة صفقة دبابات تم التعاقد عليها قبل نحو عام.
واشار التقرير الى ان الدبابات من «تشيفتين»، التي قد ترفض ايران اكمال دفع اثمانها او ترفض اضافتها الى ترسانتها الحربية، قد تباع في اسواق بديلة مثل الكويت والامارات وحتى مصر!
ويفيد البند الرابع من التقرير ان الخسارة الرئيسية من الغاء عقد الدبابات قد يتمثل في الاستغناء عن عدد من المهندسين المهرة في المصانع الحربية البريطانية ما قد يؤثر سلبا في تطوير اجيال جديدة من الدبابات البريطانية في العقود المقبلة خصوصا في مشروع انتاج الدبابات الجديدة عام 1985.
ولاحظت وزارة الخزانة ان مجمل خسائر عقود ائتمان التصدير قد تصل الى 910 ملايين استرليني من بينها عقود مدنية بقيمة 474 مليون استرليني علما ان «الحكم الجديد» قد لا يلغي كل العقود بل قد يحاول اعادة التفاوض في شأنها.
وعن حجم ضمانات التصدير والعقود في دول شريكة لبريطانيا وايران في حركة التجارة افاد التقرير ان بريطانيا في المرتبة الاخيرة في هذا المجال اذ ان المانيا عليها ضمانات تصل الى 4.95 مليارات استرليني، كما على الحكومة الفرنسية مبالغ تأمين تصل الى 1.475 مليار استرليني، ما يفيد ان المصدرين البريطانيين كانوا الاقل اعتمادا على الصادرات الى ايران من زملائهم في كل من فرنسا والمانيا او الولايات المتحدة.
وتُظهر ارقام التجارة من الدول الصناعية الى ايران حجم سوقها والمصالح التي يمكن ان تنبثق عنها، وتعطي فكرة عما يمكن ان تستفيد منه الدول الغربية في حال تم حل المشاكل مع ايران في الازمة النووية الحالية.
واستشهد التقرير باحصاءات صندوق النقد الدولي عن حجم ارقام التجارة مع ايران، وقال انها بلغت 3.878 مليارات استرليني للولايات المتحدة في النصف الاول من عام 1978 ارتفاعاً من 1.734 مليار في عام 1974. كما ارتفعت لبريطانيا من 635 مليوناً في 1974 الى 1.445 مليار اسرليني في منتصف عام 1978. وكانت الارقام الاخيرة لليابان نحو 2.83 مليار استرليني مقارنة مع 1.013 مليار عام 1974 في حين ارتفعت في المانيا الى 3.072 مليارات استرليني من 1.14 مليار في 1974، ونالت فرنسا حصة 1.020 مليار استرليني في ستة شهور من 1978 ارتفاعاً من 258 مليون استرليني في 1974.
وتحدث التقرير عن خسارة محتملة لشرطة «بريتيش بتروليوم» من النفط الايراني، لكنه قال ان الشركة يمكنها تعويض النفط المتوافر بكثرة من الاسكا او حقول بحر الشمال. ويعني ذلك ان الحكومة البريطانية ستبقى تتقاضى حصة من دخل اسهمها في شركة النفط من دون قلق من خسارة ما.
القرض الإيراني
يُشار الى ان الحكومة الايرانية اقرضت بريطانيا في عام 1974 مبلغ 1.2 مليار دولار بحجة دعم قيمة صرف الجنيه الاسترليني. وافاد التقرير ان استخدام هذا القرض لتغطية اي خسائر قد يتكبدها القطاع الخاص نتيجة تغيير الحكم في ايران قد يؤدي الى زعزعة الثقة بسمعة بريطانيا المالية خصوصاً ان ايران لم تتلكأ عن دفع اي مستحقات عليها حتى الآن.
وتبين ان المصارف البريطانية وفروعها كانت في وضع جيد، ولديها ودائع والتزامات لايران تصل الى 1.2 مليار استرليني كما ان لشركات ايرانية وافراد ومصالح حكومية ودائع وسندات بقيمة 1.250 مليار استرليني ما يرفع التزامات المصارف البريطانية للايرانيين الى 2.250 مليار استرليني نسبة 85 في المائة منها بعملات صعبة.
وتتمثل المشكلة الاساس للمصارف البريطانية باي محاولة للايرانيين بسحب هذه المبالغ فجأة او تصفيتها، مما قد يكشف المصارف البريطانية ويعرضها للاخطار.
ولاحظ التقرير ان فروع المصارف الاميركية في لندن لديها ودائع ايرانية ضخمة بعملات مختلفة تصل الى نحو 1.800 مليار استرليني.
لكن التقرير شدد على ان ايران تملك حصة كبيرة من احتياطي العملات بالاسترليني لكن هذه الحصة اقل من الحصة الكويتية، علماً بان الكويت مستعدة للدفاع عن الاسترليني ثانية دفاعاً عن مصالحها.
ولم يُشر التقرير الى من اعطى اشارة الاستعداد الكويتي للدفاع عن الاسترليني.
وكان تعامل ايران في سوق الاسترليني وغيره من العملات الاوروبية يُقدر في عام 1978 بنحو اربعة مليارات استرليني. ولم يذكر التقرير ما هو تأثير اعادة النظر في استثمار هذه المبالغ على اقتصادات اوروبية وبريطانية تحديداً.
وتحدثت وزارة الخزانة عن ضرورة الاحتراز من اعادة ترتيب الودائع الايرانية في الخارج، واشارت الى ان هذه الودائع ستعود حكماً الى السوق البريطاني للاستثمار ومن ثم الى بورصة لندن التي تعطي مردوداً اكبر من غيرها.
واعطى على سبيل المثال، ان ايران لن تستطيع استثمار اموال عائدات النفط في دول غير الدول التي كانت تتعامل مع الشاه، وقال في حال قرر الحكم الايراني الجديد التراجع عن زيادات الانتاج الاخيرة ستكون السعودية جاهزة لتلبية الطلب وتأمين البديل مما يعني ان اموال النفط في السعودية ستعود الى المصارف الغربية.
وخلص التقرير الى الاستشهاد باراء الاقتصاديين في «بنك انكلترا» (المركزي) التي تتحدث عن مخاطر ضئيلة حالياً او في المستقبل المنظور.
البازار عاجز
في اليوم نفسه تسلمت رئاسة الحكومة تقريراً امنياً من مستر ام، الذي يبدو انه كان عميلاً للاستخبارات الخارجية (ام اي 6) في طهران افاد عن عجز ممثلين عن البازار تأمين تسلم السلطة في الوقت الحالي وان الهيكلية الوحيدة القادرة على تسلم السلطة في اعقاب رحيل الشاه هي المؤسسة الدينية وزعماؤها.
واشار التقرير الى ان الزعماء الدينيين هالهم قرارت كان الشاه قد اتخذها في الستينات والسبعينات في شأن نزع مساحات واسعة من الاراضي واعادة توزيعها، اضافة الى ان رجال الدين انزعجوا من قرارات اصلاحية وتحديثية اتخذتها الحكومات المختلفة مما يعني انه يجب على اي حكومة ستؤيدها المؤسسة الدينية ورجال الدين ان تلغي هذه القرارات مما يعني ايضاً ان رجال الدين ستكون لهم السلطة الكبرى والاولى في ايران وان الحكم سيكون وفق الشريعة كما يُفسرها رجال الدين الشيعة.
وتحدث «العميل» عن خلافات وكراهية واسعة بين عدد كبير من رجال الدين الايرانيين، لكنه قال ان الخميني وحده يتمتع بسمعة جيدة وان الجميع قد يلتفون حوله حتى اشعار آخر وفرصة مواتية للحصول على سلطات في الحكومة الجديدة.
ونقل «ام» عن خبير ايراني لم يسمه قوله انه في ايران «يمثل الاسلام روح الحكم والصراع للسيطرة عليه، بينما يمثل البازار عيون الحكم والنفط قلبه وتبقى السلطة لرجال الدين الذين يستطيعون التحكم بملايين الايرانيين من دون وازع اخلاقي».
الحلقة المقبلة
الشاه ودع الرعية دون الإشارة للعودة
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 ( 3 ) ملايين الإيرانيين رفعوا صور الخميني احتفالا برحيل الشاه ووداعه «الرعية» من دون إشارة إلى العودة
• عودة الخميني الى طهران
لندن - رائد الخمار:
عند ظهر السادس عشر من يناير 1979 تسلم مقر رئاسة الحكومة البريطانية في لندن برقية عاجلة من السفارة في طهران تفيد بان الشاه غادر البلاد للمرة الثانية «ذليلا» خلال فترة حكمه التي بدأت في عام 1941، وانتهت رسميا بتحليق طائرته خارج الاجواء الايرانية في اجواء سادها اخراج مئات ملايين الدولارات والتحف والقطع الفنية التي هربها اصحابها، تحسبا من مصادرتها واتلافها، اذا تسلم الملالي الحكم كما هو متوقع.
وافادت البرقية، التي حملت الرقم 144، وعممت على السفارات البريطانية في عواصم العالم الرئيسية، ان الامبراطور غادر بعد ساعة من نيل حكومة بختيار ثقة المجلس على رغم اشاعات غير مؤكدة انه لن يغادر على الاطلاق!
وكانت ادارة المراسم نقلت ممثلي الصحافة الغربية الى المطار، استعدادا لمؤتمر صحفي كان من المتوقع ان يعقده الشاه قبل مغادرة البلاد، لكنه لم يظهر في اللحظة الاخيرة. واعلن راديو طهران ان الامبراطور غادر عند الساعة الثانية بتوقيت طهران في اجازة خارجية، وان رئيس الوزراء ورئيس المجلس كانا في وداعه في المطار.
ونقل الراديو عن الشاه قوله «الآن بعدما حصل رئيس الوزراء على ثقة المجلس، سأترك الحكم بين يديه خلال فترة استريح فيها» من دون ان يشير الى امكانات عودته الى بلاده.
وعلى الفور نزل ملايين الايرانيين الى شوارع العاصمة طهران، والمدن الرئيسية الاخرى محتفلين بانتصار «الثورة» واطاحة الامبراطور، رافعين صور الخميني الزعيم الجديد للبلاد.
واشارت البرقيات اللاحقة الى ان عناصر الجيش التي كانت تحرس السفارات الغربية والمراكز الحساسة، كانت صامتة وتتلقى الزهور من الايرانيين المبتهجين الذين راح بعضهم ينتزع تماثيل الشاه وصوره من اي مكان رفعت فيه.
وكان المجلس منح حكومة بختيار ثقة 149 نائبا ضد 43 وامتناع 13 عن التصويت، بعدما وعد بختيار باصدار مرسوم قريب بحل السافاك (البوليس السري) مع تأكيد احترامه للخميني الذي «يجب ان يكون المرشد من دون ازعاج نفسه في الحكم».
رأي الوزير مير فينديريسكي
بعد مغادرة الشاه مباشرة، زار السفير البريطاني في طهران سير انتوني بارسونز وزير الخارجية في حكومة شهبور بختيار، والاخير قبل سقوط الامبراطورية، للبحث في العلاقات في العهد الجديد وللبحث معه في التطورات.
ورفع بارسونز برقية بما جرى الى رئاسة الحكومة مباشرة للاهمية، خصوصا انه كان يستعد للمغادرة لتسلم منصبه في الامم المتحدة، ويريد الاطمئنان على مستقبل السفارة والعاملين فيها، والعلاقات الاقتصادية والسياسية بين ايران والمملكة المتحدة.
قال السفير ان الوزير «اكد لي ان تعويضات ستدفع للسفارة عن الاضرار التي حدثت نتيجة الشغب، وتحطيم نوافذها، كما شدد على ان حلف السنتو انتهى الى الأبد، مشيرا إلى ان تعاونا اقتصاديا مع دول الحلف أفضل بكثير من أي تعاون عسكري، الذي اصبح غير فعال الآن.
وابدى الوزير قلقه من المستقبل، خصوصا انه «يعتقد ان المتطرفين سيسيطرون على مقاليد السلطة» عبر انهاء أي سلطة لحكومة بختيار وجعلها عاجزة عن الحكم.
وأشار إلى ان الخميني لن يعود إلى البلاد قريبا (...) وأمل أن يكون رحيل الشاه فرصة لعودة الهدوء إلى طهران وغيرها من المدن الايرانية.
واشار السفير إلى ان وزير الخارجية لم يكن شديد الاطلاع على ما يجري، وان اعضاء الحكومة كانوا بعيدين عن الواقع في الشارع، وان لدى السفارة معلومات تفيد أن الخميني سيعود فور استقرار السلطة في ايدي رجال الدين واحكام قدرتهم على التحكم بالجيش وغيره من أدوات الأمن.
وتوقع السفير ان يعود الامام إلى طهران في فترة لا تزيد على ثلاثة اسابيع، وقال «إذا تأخر فسيسيطر على السلطة احد رجال الدين المتطرفين وتدخل ايران في حال من الفوضى كبيرة لا تُحمد عقباها».
وقال السفير ان الوزير ابلغه انه «لو غادر الشاه البلاد قبل ان يعيد الجيش تمركزه لكانت الامور أسوأ مما نتصور، خصوصا مع توقع اشتباكات بين المواطنين والجيش ما كان سيؤدي إلى وقوع مئات أو آلاف الضحايا».
استبعاد شاه جديد قبل ثلاث سنوات
ونقل السفير عن وزير الخارجية الايراني قوله ان الشاه الحالي لن يعود إلى البلاد على الاطلاق،
«ومع انني اؤيد الملكية وأنا من انصارها، إلا أنني لا ارى فرصة لتنصيب شاه جديد يمكن أن تتأمن قبل ثلاث سنوات».
وبعدما أشاد مرات بالشاه ومشاريع التحديث التي قادها اعترف بأنه ارتكب اخطاء وان الحاشية كانت سيئة، وطلب وزير الخارجية الايراني من الغرب الصلاة لتنتهي الازمة الايرانية، وقال «لا نريد تصريحات دعم علنية من الولايات المتحدة وبريطانيا لان رد فعلها سيكون عكسيا على الحكومة وستقدم الدعم للمتطرفين».
الخميني يريد الاتصال مع الجيش
في وثائق رئاسة الحكومة عن الثورة الايرانية، برقية ارسلها السفير بيتر جاي البريطاني في واشنطن الى الخارجية في الخامس عشر من يناير، قبل رحيل الشاه بيوم واحد، عن المستجدات في طهران وكيف تراهن واشنطن «ان الشاه سيغادر الى اسوان في موعد اقصاه ظهر السادس عشر، وانه ستكون هناك فترة حرجة بين 24 و48 ساعة، خصوصا ان الجيش لم يعلن تأييده المطلق لبختيار وفترة حكمه، على الرغم من ان الاميركيين كانوا يحضون كبار الضباط على تأييد بختيار ومواجهة الحكومة والشارع.
ولاحظ السفير ان عودة الخميني السريعة الى طهران قد تزيد عدم الاستقرار على رغم اقتناع الاميركيين انه يخشى على امنه وسلامته، وهو طلب من الاميركيين التوسط مع بعض كبار الضباط للحفاظ على سلامته، ومن ثم عقد مشاورات معهم فور عودته الى طهران.
ونقل السفير البريطاني عن وزير الخارجية الأميركية سايروس فانس قوله «ان بختيار طالب الادارة الأميركية بعدم اعلان دعمها المباشر لحكمه تحسبا لرد فعل معاكس من الايرانيين».
وأفاد السفير جاي بان الاميركيين كانوا على اتصال مع مختلف الاطراف، اولا مع البلاط، ثم الحكومة وكبار الضباط، اضافة الى حلقة وصل اساسية مع الخميني ورجال الدين، ثم قادة البازار ورجال الدين المتطرفين في الشارع.
وقال جاي «ان الاميركيين يفضلون التعاون مع الخميني، لانه معروف بكرهه للشيوعيين واليسار وروسيا، كما انه يستطيع ببراغماتية السيطرة على رجال الدين المتطرفين».
وأشار جاي الى ان الادارة الأميركية تعتقد ان الخميني قادر على تأمين الاستقرار في ايران ولو لفترة، في حين ان مراكز دراسة أميركية حذرت من انه «من بين اكثر رجال الدين كراهية للولايات المتحدة واسرائيل».
ولم يعط السفير البريطاني جوابا حاسما عن تساؤلات بريطانية عما اذا كان الشاه سيعود مستقبلا الى العرش وقال «ان اجوبة فانس كانت مبهمة بشأن المسألة».
وتضمنت الوثائق مجموعة من التقارير عن مناقشات المجلس بشأن منح الثقة لحكومة شابور بختيار، وكيف ان هذه المناقشات اظهرت ان ممثلي فئات وشرائح واسعة في المجلس شددوا على عدم منح الثقة للحكومة «لاننا لا نثق سوى برجال الدين والامام الخميني».
وتضمنت برقية كتبها السفير سير انتوني بارسونز في 14 يناير الى الخارجية ورئاسة الحكومة «بعض ابرز ما نشرته الصحافة الايرانية، التي رفعت عنها رقابة القصر والسافاك، عن مقابلة مع الخميني الذي شدد على أنه سيُشكل «المجلس الثوري الاسلامي»، ستتم تسمية أعضائه لاحقاً تمهيداً لتشكيل حكومة اسلامية في البلاد من واجباتها تأمين دستور اسلامي واعلان الجمهورية الاسلامية، ومن ثم اجراء انتخابات جديدة للحصول على الشرعية من الشعب الايراني المسلم.
ولاحظ السفير ان الخميني يعتبر أن المجلس الحالي والحكومة لا يتمتعان بالشرعية على الاطلاق. كما شدد على أن الخميني عدل رأيه السابق القائل بأنه لن يشارك في الحكم مباشرة وأصبح يقول انه «سيراقب أعمال الحكومة الاسلامية الجديدة».
وتضمنت برقية السفير حديثاً عن المظاهرات في شوارع طهران التي أصبحت ترفع شعارات اسلامية أكثر من مظاهرات العام الماضي التي كانت اكثر يسارية.
وبدا واضحاً أن رجال الدين في طهران، وغالبيتهم من انصار الخميني، يؤيدون الغاء الملكية وتنصيب الخميني زعيماً روحياً وملهماً للثورة ومرشداً عاماً.
ودعا رجال الدين الى اقفال عام في 19 و27 يناير في ذكرى وفاة الامام الثاني. ومن المتوقع أن يقرأ قادة المتظاهرين رسالة من الامام الخميني تتضمن بعض توجيهاته الى الجيش والشرطة والسياسيين.
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 الشاه عرض رئاسة الحكومة على خمس شخصيات فرفضتها (4)
• شهبور بختيار
لندن - رائد الخمار:
نجح الشاه محمد رضا بهلوي في الفترة الاخيرة من حكمه في الحصول على دعم شابور بختيار الرجل الثاني في الجبهة الوطنية المعارضة للشاه. واشترط بختيار للتعاون مع الشاه ان يتم تشكيل مجلس وصاية ينوب عن الأخير في غيابه بعدما يسافر في «عطلة».
وبعدما وُضع الاتفاق قيد التنفيذ حدث انشقاق في صفوف الجبهة، واصبحت برأسين الاول برئاسة بختيار والثاني برئاسة كريم سنجابي. وكان الخميني اعلن من باريس، بعد تشكيل الجبهة الوطنية لاسقاط نظام الشاه، ان كل من يتفاوض مع الشاه معاد للاسلام. وعلى رغم تعهد بختيار بتطبيق دستور عام 1906 والملكية البرلمانية، فان المعارضة والحركة الاسلامية والشيوعيين رفضوا التعاون معه، واعلن الامام الخميني طرده من الحركة الاسلامية مما ادى على الفور الى اثارة الشارع عليه وعنى حكماً سقوط حكومته لاحقاً.
سياسة «الجرعات المتتابعة»
ووفق الوثائق البريطانية عن عام 1979، التي افرج عنها الارشيف الوطني نهاية عام 2009 يتحدث تقرير كتبه السفير البريطاني في طهران انتوني بارسونز عن مقابلته لرئيس الوزراء شابور بختيار في الرابع عشر من يناير 1979:
«قابلت رئيس الوزراء لاحاول حل بعض القضايا المعلقة قبل ان اغادر منصبي واغادر طهران في هذا الوقت الحساس جداً. وبختيار حساس جداً ضد من يقول انه متعاطف مع التأثير الغربي، على رغم انه كذلك».
تحدث بختيار بالفرنسية وقال ان الامور تسير الى الأسوأ على رغم قوله انه «اعطى، في برنامج الحكومة الذي قُدم الى المجلس، الشعب كل ما طلبه». واشار رئيس الوزراء الى انه لا يزال يملك بعض الاوراق الاساسية ليتصرف لكنه سيجرب، كما فعل الانكليز في عام 1940، جرعات متتابعة.
واشار بختيار الى ان الشاه عرض رئاسة الوزراء على خمس شخصيات فرفضتها، وقال «قبلتها لأنني احسست ذلك من واجبي على رغم الصعوبات العديدة».
واعترف بختيار ان المهمة صعبة جداً، لكنه يريد ان يكمل مسيرة الدولة الايرانية الى الافضل.
تعويضات السفارة
وفي خضم حديث رئيس الوزراء عن المصاعب، اثار السفير مسألة التعويضات التي يجب على الحكومة الايرانية تحملها لسداد تكاليف اصلاح الاضرار في السفارة البريطانية نتيجة هجوم المتظاهرين عليها في الخامس من نوفمبر الماضي. وقلت له ان وزير الخارجية السابق ارسل فاتورة السفارة الى رئاسة الحكومة وهي تنتظر التوقيع. ووعد رئيس الحكومة بالنظر فيها ومتابعتها.
.. والدبابات
وفي شأن العقود الدفاعية والتدريب شرح السفير لرئيس الوزراء، الذي لم يكن قد نال الثقة بعد، حجم التواجد العسكري البريطاني في بلاده والذي يراوح بين تدريب القوات الجوية والبحرية والبرية وسلاح المدرعات. وقاطع بختيار السفير بقوله ان الجنرال توفانيان ابلغه ان عقد شراء دبابات تشيفتين الغي (...). واحتج السفير على ذلك مبلغاً رئيس الحكومة الايرانية ان عقد تصنيع الدبابات شمل بناء مصنعين خاصين لذلك وتوظيف آلاف الاشخاص ولا يمكن لاي طرف ان يلغي العقد من دون التشاور مع الآخر والنظر في جوانب التعويضات وغيرها، وانه تم تسليم اكثر من 900 دبابة، من اصل 1350، حتى الآن ولا علم لبريطانيا بما تتحدث عنه في الغاء العقد. وشدد على «اننا نعمل باستمرار لاستكمال تنفيذ العقد على مدى خمس سنوات مقبلة حتى نتبلغ رسمياً رغبة مفصلة من الحكومة الايرانية وفق ما جاء في العقد معنا.
وقال بختيار «اننا دفعنا ثمن كل الدبابات التي استلمناها وسأنظر في العقد الباقي علماً باننا لا نريد تسلحاً اضافياً يرهق الموازنة». وأضاف حرفياً «سأعيد النظر في عقود شراء الاسلحة من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وحتى مع روسيا».
واقترح السفير الاتصال مباشرة مع الجنرال توفانيان لمناقشة الامر معه والبحث في سبل الوصول الى حل، مع الاشارة الى ان المصارف البريطانية قادرة على تمويل مراحل تنفيذ العقد اذا احتج الايرانيون على قلة الموارد المالية.
ومع ان بختيار كان في بداية اللقاء متشائماً من المستقبل، الا أنه اشار الى امله بالانتهاء من اتخاذ قرارات مصيرية مع نيل الحكومة الثقة بعد يومين. وقال انه سيصدر اليوم قرار تشكيل مجلس الوصاية في غياب الشاه من تسعة اعضاء برئاسة رئيس الوزراء وعضوية كل من محمد جوادي رئيس مجلس الشيوخ، وجواد سيد رئيس المجلس، وعلي قلي اردلان وزير البلاط، وعبد الحسين علي عبادي المدعي العام السابق، ومحيي الدين علي فارزاداه وزير المال السابق، وعبدالله انتظام رئيس مؤسسة النفط وسيد جلال الدين طهراني المحافظ السابق لخراسان والجنرال عباس قره باغي ممثلاً عن القوات المسلحة.
ولم يعط بختيار جواباً عما اذا كان الخميني سيعود قبل مغادرة الشاه او بعدها وقال «اكيد ليس قبل مغادرة الشاه الذي سيسافر خلال يومين.. ولا ادري اذا كان الخميني سيعود فور ذلك».
واشنطن تصرفت بحماقة
واتهم بختيار الخميني بعدم اعلان ما يريد صراحة، والشيوعيين بالاستمرار في اثارة الشغب والفوضى، ولم يعط اي جواب شافٍ عن المجاهدين مكتفياً بالقول «ان هناك فريقين من المجاهدين «مجاهدو خلق» و«فدائيو خلق» ولم يزد.
وقبيل مغادرة السفير بادره بختيار بالقول «من المؤسف ان نتعرف على بعضنا البعض في مثل هذه الظروف وقبيل مغادرتك العاصمة طهران في نهاية مهمتك فيها... واعتقد ان التطورات التي تحدث سببها التصرفات الحمقاء لواشنطن (...) التي تجاهلت المعارضة ولم تتصل بها».
ورد السفير بالقول «لا اعتقد ان ذلك ممكن خصوصاً ان عيون الشاه كانت جد مفتوحة على كل شيء، واي اتصال مع المعارضة سيعني القضاء على اي فرصة للحصول على عقود تجارية او غيرها»!
واشار السفير الى ان بختيار يبدو حائراً ولا يسيطر على الوضع وهو قلق من تطور الاحداث بسرعة ويعلم ان رجال الدين سيتسلمون السلطة ويقضون على جميع عناصر المعارضة لاحقاً.
الموقف الأميركي
وفي الوثائق تقرير من السفير البريطاني في واشنطن بيتير جاي عن الموقف الاميركي من حكومة بختيار اعلنه وزير الخارجية سايروس فانس في 11 يناير 1979.
بدأ التقرير بنص شدد على «ان للولايات المتحدة مصلحة في رؤية ايران مستقلة حرة في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم... ان هذه هي سياستنا التي اتبعناها على مدى عقود».
ولاحظ السفير ان فانس شدد على اهمية استعادة الاستقرار والقانون في ايران لعودة البلاد الى حياة عادية وتأمين حل سياسي للمشاكل السياسية في البلاد.
وقال فانس قبيل اعلان تشكيل مجلس الوصاية: «ان الشاه لا يزال رأس الدولة ونحن نتعامل معه على هذا الاساس، وقال الشاه انه عندما يُغادر البلاد سيطبق الدستور ويكلف مجلس وصاية تولي مهامه».
ورحب فانس بتشكيل حكومة بختيار وقال «يجب ان تُعطى فرصة لمصالحة جميع الاطراف بعضها مع بعض ومن ثم اقرار السلم الاهلي وحل سلمي للأزمة.
ولاحظ الوزير الاميركي ان القوات المسلحة الايرانية يجب ان تبقى مستقلة وهي ضرورية لمساندة الحكومة الشرعية، ونحن عبرنا عن رأينا بان على افرادها العمل في خدمة الشعب الايراني ما سيؤدي الى حلول سلمية للازمة الحالية. وحضت الولايات المتحدة، كعادتها في ازمات قد تمس مصالحها الاقتصادية، الايرانيين على حل ازماتهم بانفسهم من دون تدخل خارجي، واعلن فانس ان حكومته ستتعاون مع حكومة بختيار كما مع الجيش في وقت كان الخميني حرم التعاون مع الاميركيين والشاه على الاطلاق.
واعلن فانس ان الادارة الاميركية لا ترى مصلحة حالياً في تدخل عسكري في ايران لحماية مصالحها في المنطقة المحيطة بها.
واعرب الوزير الاميركي ان حكومته ستبقى تراقب الوضع عن كثب وتتشاور مع الحلفاء في شأن اعادة الاستقرار الى ايران ومنطقة الخليج.
ووفق السفير البريطاني، وما ورد في البرقية الصادرة عن السفارة البريطانية في واشنطن بتاريخ 11 يناير وتحت الرمز «112350زد»، بدا ان الحكومة الاميركية لا تعرف ما سيجري وهي مشوشة الاهداف خصوصاً ان ما اصدره الخميني من ارشادات كان يصب خارج مصالحها النفطية والاقتصادية. ولم يُشر السفير على الاطلاق الى اي تدابير عسكرية اتخذتها الادارة في حال ساءت الامور في طهران والمدن الكبيرة او في حال سقوط الحكم في ايدي رجال الدين.
وتوقع السفير جاي ان تؤدي سيطرة رجال الدين على الحكم بزعامة الخميني الى ما قد يكون انهاء اي نفوذ لليساريين والجبهة الوطنية في ايران وقد «تحصل مذابح بين فئات عدة شاركت في الثورة على الشاه وان يكون الخميني هو الزعيم الاوحد مطلق الصلاحية في ايران».
ووفق رسالة حملت تعبير «سري جداً» وحذفت بعض سطورها، قال السفير جاي «يعتقد الاميركيون ان الحكم الاسلامي وعلى رغم شعاراته المعادية للولايات المتحدة والدول التي ساندت حكم الشاه سيستمر في التعامل التجاري مع الغرب كما سيستمر في تزويد الغرب بالطاقة اللازمة للاقتصادات الغربية».
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (5) السفير البريطاني يرسم صورة سوداوية للموقف في إيران:
حكومة بختيار غير قادرة على المبادرة وحكم البلاد!
• كريم سنجابي زعيم الجبهة الوطنية في ايران
لندن ــ رائد الخمار:
كيف كان الموقف قبل اسبوع من مغادرة الشاه طهران، وقبل نحو شهر من عودة الامام الخميني اليها بعد غياب دام 30 عاماً؟
رفع السفير البريطاني انتوني بارسنز تقريراً الى رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية في لندن وطلب تعميمه على السفارات البريطانية الرئيسية في العالم، ضمنه ملخصاً لما يجري في طهران والمدن الرئيسية بدأه بالقول «ان امكانية عودة الهدوء الى ايران في ظل حكومة بختيار سوداوية».
وقال «ان الحكومة اصدرت قرارات متلاحقة خلال الايام الاخيرة لم تضمن الهدوء والاستقرار ابدا، ولم تستطع الحكومة اخذ المبادرة من معارضي السلطة، ويبدو انه ما من احد، من بختيار الى الوزراء، قادر على تنفيذ القرارات المتخذة وحتى محاكمة اي مسؤول بتهمة الفساد».
وكان وزير العدل فازيري اعلن مشروع المحاكم الوطنية لمحاكمة الوزراء والمسؤولين السابقين الفاسدين، امام الصحافة واجهزة الاعلام، على ان تقضي المحاكم بالموت على كل من تدينه في وقت تم الافراج عن 266 محكوماً امام المحاكم العسكرية بتهمة العمل ضد النظام الامبراطوري، بينما اعلن وزير الحرب استقالته احتجاجاً مما اظهر ان القوات المسلحة لا تؤيد بختيار وقراراته بالدعم الذي كان يأمله.
طائرات مزدحمة
انتشرت اشاعات في مختلف انحاء ايران ان عدداً من الوزراء الكبار سيغادرون مناصبهم والبلاد ايضاً بعدما شهدوا ان الامور تسير في غير الطريق المرسوم.
وكانت الطائرات المغادرة ملأى بالركاب الغربيين وكبار رجال الاعمال، في حين شهدت المصارف سحوبات كبيرة وتحويلات مالية الى الخارج خصوصاً الى دول الخليج والولايات المتحدة وفرنسا.
وكان تأخر الشاه في المغادرة سبباً في عدم الاستقرار، كما ان الجيش لم يكن في حكم الاكيد يؤيد التغييرات السياسية، بينما سرت اشاعات ان بعض كبار الضباط بدأوا يجرون اتصالات مع اركان المعارضة، في حين استقبل الخميني سراً في منفاه عدداً منهم للبحث في تحييد الجيش عن الصراعات والحفاظ على وحدته وقوته.
السلطة المركزية تختفي
وشهدت طهران ومختلف المناطق شحاً في الوقود والبنزين، وقطعاً للكهرباء بعد اشتداد موجة الاضرابات والاضطرابات وغياب السلطة المركزية، في حين بقيت مصارف عدة مقفلة وقيل ان ودائعها واموالها سحبت، في حين كان البنك المركزي الايراني عاجزاً عن تلبية الطلب على العملات الصعبة.
وزاد الصعوبات تساقط الثلوج في مختلف المناطق، وعزل العديد منها بعضها عن بعض بانتظار قرار ما لا يعرف احد ما هو!
الاعلام يدعم المعارضة
ولوحظ ان الصحف الصادرة بالانكليزية والفارسية كانت تخصص عنواينها لقرارات وبيانات المعارضة والخميني، وتتجاهل قرارات حكومة بختيار التي لم تلق تأييداً اعلامياً من مختلف الاتجاهات.
وشهدت المناطق حالة من الفوضى، وفي تبريز شهدت المؤسسات العامة تخريباً متعمداً وتم احراق عدد من المؤسسات الحكومية والرسمية، وهوجمت منازل السياسيين ورجال الشاه من دون ان تتصدى قوات الامن والجيش لمن كانت تسميهم «المخربين».
ووفق اكثر من مصدر، رفضت قوات الجيش تطبيق الاحكام العرفية وانكفأت في ثكناتها، في وقت راح رجال الدين الصغار يوزعون المأكل ووقود التدفئة المصادرة على المحتاجين ويكتبون عليها «هدية من الخميني للمحتاجين».
«جبهة وطنية» لا مجلس وصاية
واعلن كريم سنجابي انه لن يشارك ابداً في مجلس وصاية على العرش، واقترح في مؤتمر صحفي تشكيل جبهة وطنية تضم رجال الدين ومختلف الاحزاب التي ترفض حكومة بختيار وكل ما يتصل بالحكم الامبراطوري.
وابلغ سنجابي السفارة البريطانية ان الدستور لم يعد قائماً على الاطلاق بعدما استغله الشاه لمصالحه الخاصة ولمصلحة البطانة.
وسرت اشاعات عن اعداد العسكر وكبار الجنرالات انقلابا على النظام للسيطرة على البلاد، لكن عدداً من الجنرالات اختفى من الصورة تماماً وقيل ان بعضهم غادر البلاد او نقل البندقية الى الكتف الآخر.
واعلن ان الجنرال بدري، القائد السابق للحرس الامبراطوري تسلم رسمياً قيادة اركان من الجنرال اوفيسي المختفي.
الانقلاب غير ممكن
وفي البند السابع من التقرير قال السفير ان اي انقلاب عسكري لن ينهي الازمة ولن يستطيع العسكر السيطرة على الوضع بعد الآن، خصوصاً ان كل تظاهرة يدعو اليها رجال الدين والخميني تحشد على الاقل مليوني شخص مستعدين للموت في اي مواجهة.
ولاحظ السفير ان نجاح اي انقلاب يجب ان يمهد له الجنرالات باعتقال الشاه ومنعه من مغادرة البلاد لتتم محاكمته على «جرائمه بحق الشعب» كما كان المتطرفون يأملون.
وخلص السفير الى القول «من الصعب جداً تصور اي شخص يستطيع خلافة بختيار في منصب رئاسة الحكومة، وانا ارى ان فرصة النظام الحالي انتهت الى الابد».
نصيحة للرعايا
وقال «سأقابل زملائي السفراء غداً للبحث في النصيحة التي يمكن ان نعطيها لرعايا الاتحاد الاوروبي ويمكن ان تكون بالاستعداد الى مغادرة ايران فوراً» بعدما قرر مجلس الامناء اغلاق مدارس المجلس الثقافي البريطاني.
وجاء في سلسلة برقيات وقعها السفير بارسنز ورفعها الى وزارة الخارجية ورئاسة الحكومة، ان بختيار قدم حكومته امام المجلس طالباً ثقته، في وقت كانت المظاهرات تشتد، ورفع المتظاهرون لافتات جديدة تطالب بمحاكمة الشاه وجميع من شاركوا في الفساد خلال عهوده الطويلة واعلان حكومة اسلامية في البلاد، كما طالب المتظاهرون بمحاكمة الضباط الذين امروا باطلاق النار على المتظاهرين في مختلف المدن الايرانية.
ولاحظ السفير في برقية حملت الرمز 111515زد ان النواب صمتوا عندما قدم لهم بختيار وزير الحرب الجديد الجنرال جعفر شوكت الذي دخل المجلس باللباس العسكري وعلى كتفيه اربع نجوم.
وسبق للجنرال ان كان قائداً للحرس الامبراطوري، ما يعني انه شديد الولاء للشاه، ونائباً لرئيس الاركان ومرافقاً عسكرياً للشاه كما حكم مقاطعة اذربيجان اثر احداث تبريز في فبراير 1978.
وكان بختيار عين الجنرال شوكت خلفاً للجنرال جام الذي استقال لاسباب لم تُعلن، في حين سرت اشاعات عن ان الجيش لم يرض عنه على الاطلاق.
وتساءل السفير بارسنز عما اذا كان الوزير الجديد يستطيع الحصول على ثقة كبار الضباط في هذا الظرف، اضافة الى اعطاء الثقة بان بامكانه اقامة توازن بين مطالب «الثوريين» و «اركان البلاط السابق».
الاقتصاد يتدهور
لاحظ السفير في برقية لاحقة ان الوضع الاقتصادي يتدهور بشدة والمصارف اصبحت مغلقة كلياً بعدما تراجع البنك المركزي عن تأمين السيولة لها لاضراب موظفيه ومحاولة الحكومة ضبط ما يُسمى هدر رؤوس الاموال.
واشار الى ان الكهرباء بدأت تنقطع عن بعض احياء العاصمة التي قد تعمها العتمة قريباً حتى في احيائها الراقية، ما سيشيع الفوضى ويسمح بعمليات نهب منظمة في غياب اي سلطة فعلية للشرطة والجيش الذي انكفأ الى ثكناته وبعض المراكز الحساسة واحياء السفارات ومبان حكومية اصبح يسكنها كبار الوزراء والمسؤولين.
وقال السفير ان البازار لا يزال مغلقاً ولا امل في ان يعود التجار الى العمل فيه الا فور الحصول على فتوى من رجال الدين، خصوصاً الخميني، الذي استقبل وفداً من ممثلي البازار زاره في مقره الفرنسي.
ومن بين ما ساعد في شل الحركة في طهران والمدن الكبيرة عدم استطاعة الموظفين في القطاع الخاص والحكومي الوصول الى مكاتبهم ومناطق اعمالهم بسبب اضراب النقل العام، وحتى فقدان البنزين وعمليات نهب مسلح، ما جعل الخروج بالسيارة مغامرة خطرة.
ولمّح السفير في برقية لاحقة الى ان احداً «لا يستطيع اعطاء اي تاريخ ممكن لبقاء الحكومة الحالية او الحديث عن مستقبلها»، لكنه قال «اذا بقيت هذه الحكومة فستستطيع بريطانيا التعامل مع وزراء الاقتصاد والمال والتجارة لأننا نعرفهم جيداً ونستطيع الاعتماد عليهم لتأمين مصالحنا».
وقال «اعتقد انه من غير المناسب تقديم طلبات الى هؤلاء في الوقت الحاضر لأن همومهم تنحصر حالياً في تأمين استمرارية الحكومة المشكوك في شرعيتها بعدما ادانها الخميني».
وبسبب امتناع الوزراء عن اتخاذ قرارات، حتى نيل الحكومة الثقة، بقيت ادارات الدولة مشلولة كما ان البنك المركزي يُدار بواسطة نواب حكامه للشؤون الادارية فقط، ولا يتدخل ابداً في الشؤون المالية او للحفاظ على قيمة صرف العملة الايرانية التي تدهورت بنسب 50 في المائة حتى الآن عند صرفها مقابل الدولار او الين. كما ان القطاع الخاص لا يستطيع العمل في غياب السيولة المالية التي يضخها عادة المواطنون وادارات الدولة في الاقتصاد الوطني.
الحلقة المقبلة:
المقابلة الأخيرة للشاه مع دبلوماسي غربي
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979-(24) البحرين تحض بريطانيا على التدخل مع الكويت لإلغاء فكرة مجلس شيوخ!
بارجة اميركية في مضيق هرمز
لندن - رائد الخمار:
قبل انعقاد قمة ابها الخليجية، في اللقاء الاول الجماعي للقادة الخليجيين بعد سقوط الشاه واعلان دولة رجال الدين في ايران، ومن ضمن جولة الدبلوماسي البريطاني سير انتوني بارسنز في دول الخليج، عُقد لقاء في الدوحة بين الدبلوماسي وامير قطر الشيخ خليفة بن حمد تناول موقف قطر من «ثورة الخميني» وتأثيراتها في الاستقرار القطري.
مع أمير قطر
في برقية الى الخارجية في لندن كتب السفير برانت 15 سطراً عن الموقف القطري في السادس من يونيو 1979 جاء فيها:
ان الامير لا يبدي قلقاً من التغييرات في ايران، لكنه عبّر عن مخاوفه من ان لا يستطيع الخميني السيطرة بصورة كاملة على الموقف، وان يتسلم اليسار الحكم في طهران (...) بالتعاون مع المتطرفين الكوبيين في اليمن الجنوبي (...).
وأعرب الشيخ خليفة عن ثقته الكاملة بان قطر تستطيع التعامل مع التطورات وأنها لا تحتاج أبدا، في الوقت الحالي، إلى مساعدات للسيطرة على الموقف الداخلي، ولا قلق من الجالية الإيرانية التي قدرها بين 20 و40 ألف شخص.
وقال الأمير كنا سابقاً نراعي خواطر الشاه الذي كان يهتم برعاياه في الخارج أكثر من الداخل لكننا حالياً، «سنلقن أي مشاغب درساً لن ينساه» من دون أن نخشى أي رد فعل من طهران.
صدمة من النصيحة البريطانية
وقبل لقاء تم مع أمير البحرين الشيخ عيسى بن خليفة في دورشستر لندن استقبل الأمير في المنامة الدبلوماسي البريطاني بارسنز والسفير في المنامة ووكر بحضور رئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان ووزير الخارجية الشيخ محمد بن مبارك في جلسة استغرقت ساعتين، وورد تقرير فيها رفع إلى الخارجية بتاريخ 7 يونيو 1979 وأفرج عنه نهاية العام الماضي بعد إخفاء فقرات أساسية منه.
ومن أهم ما جاء في التقرير أن أمير البحرين صُدم من النصيحة البريطانية للشاه بمغادرة البلاد، وقال للديبلوماسي البريطاني «كان يجب عليه البقاء والكفاح من اجل العرش، وعدم تركه للخميني وأتباعه»، وأضاف «اعتقد أن الأميركيين سحبوا البساط من تحته فهوى».
ولاحظ أن لا تأثير في الوقت الحالي في الوضع الداخلي في البحرين، خصوصاً بعدما زارت بعثة من شيعة البحرين طهران، وعادت مصدومة من الفوضى فيها و«اعتقد ان شيعة البحرين مواطنون صالحون وبلادهم فوق الجميع».
أسوأ من الشيوعية
وأعرب الشيخ خليفة عن قلقه من سقوط الخميني في أي مواجهة مع اليسار، وان تتقسم إيران إلى دويلات مختلفة يحكم أكبرها الشيوعيون ما قد ينعكس عدم استقرار في الخليج.
ولاحظ الشيخ خليفة، وخلافاً للأمير، أن الخميني قد يلجأ لاحقاً إلى تجييش الشعور الديني لدى الشيعة في منطقة الخليج للثورة ضد الأنظمة القائمة وقال «ان معتقدات الخميني المتشددة اسوأ من الشيوعية واخطر منها».
وعندما طلب بارسنز «نصيحة بحرينية عما يجب أن يقوله للسلطان قابوس» قال الشيخ عيسى «يجب أن تبقى البعثة العسكرية البريطانية في سلطنة عُمان» في حين قال الشيخ خليفة «أن الأنظمة الملكية في المنطقة يجب ان تتعاون ما بينها في هذه المرحلة الخطرة».
واضاف «ان السلطان يواجه اخطاراً امنية، ومن الطبيعي ان يطلب معونة مصرية، لكنه يجب ان لا يساند مصر في مسألة كامب دايفيد (...) ضد الموقف الجماعي لدول الخليج».
وردد الشيخ محمد بن مبارك ما قاله الشيخ سلمان بالمقلوب واشار الى ان دولة خليجية (حذف اسمها من التقرير) تسانده في موقفه وتؤيد الاستعانة بالمصريين.
وتم حذف الفقرة التاسعة من التقرير بأكملها.
واشار امير البحرين الى انه الغى زيارة كانت مقررة الى مسقط كي لا يظهر انه يؤيد الموقف العماني من كامب دايفيد.
واعرب الشيخ خليفة عن خيبة امله من قلة التنسيق الخليجي في المواقف الرئيسية، وطلب من بريطانيا المساعدة في جمع الشمل الخليجي في هذه المرحلة الحساسة.
نصيحة إلى الكويت
ونبه من خطورة اتجاه الكويت الى اختيار مجلس ثان (مجلس شيوخ)، مما سيعني حكماً المطالبة في البحرين بمجلس مماثل. وقال: ارجو نصيحة الكويت بالتنسيق مع البحرين في مراحل الديموقراطية.
وكان الشيخ خليفة اكثر المتكلمين، واشار الى الخلافات الحدودية بين السعودية والامارات التي تعاني من خلافات داخلية بين دبي وابوظبي، وطلب من بارسنز تقديم النصح للشيخ زايد والشيخ راشد بالعمل معاً. لكن بارسنز قال «للاسف لم يعد لدينا التأثير السابق في الامارات او في المنطقة على رغم اننا تدخلنا العام الماضي لمنع تقسيم دولة الامارات الى دول عدة».
وشددت القيادة البحرينية على ان منطقة الخليج لا تحتاج الى اتحاد بين انظمتها المتماثلة، بل الى ما يشبه مجلس تعاون ينسق السياسات الخارجية والاقتصادية.
وطلب امير البحرين من الديبلوماسي البريطاني ابلاغ تحياته الى امير قطر عند زيارة الدوحة بعدما ابلغه ان لا جديد في الخلاف بين البلدين في شأن جزيرة حوار.
وافاد التقرير ان شعور البحرين يتمثل بأن على قطر الغنية ان تقدم تنازلات لأن البحرين قد تعثر على نفط في منطقة حوار يساعدها في تأمين مستقبل ابنائها.
وتم حذف الفقرة الخاصة بالعلاقات السعودية البحرينية.
آراء متباينة
وخلص التقرير الى القول انه في السياسة الخارجية ظهر تباين بين مواقف الامير ورئيس الوزراء ووزير الخارجية.
وفي الثاني والعشرين من يونيو كتب مستر موربلي من دائرة الشرق الاوسط الى السفراء البريطانيين في منطقة الخليج والعالم العربي عن نتائج اجتماع حلف الاطلسي ومداولاته في شأن الشرق الاوسط، وظهر ان السعودية مهتمة بحل الصراع العربي - الاسرائيلي اكثر من اهتمامها بما يجري في ايران، وان الامير سلطان بن عبد العزيز ابلغ الاميركيين والانكليز بانه لتجاوز اثار معاهدة كمب ديفيد يرى ان السادات «يجب ان يذهب».
وفي الوثائق البريطانية تقرير، بتاريخ 22 يونيو 1979، تمت تغطية فقرات منه كتبه بارسنز عن لقاءاته في السعودية، وقال فيه «ان الرياض مملة جداً وهي مدينة تنقسم الى قسمين اساسيين الاولى غنية جداً والثانية فقيرة جداً وشعرت بفرح كبير لدى مغادرتها الى المنامة والدوحة»!
واشار الى ان القيادة السعودية قلقة مما جرى في ايران لكن قلقها الاكبر يأتي من مجريات الامور في الشرق الاوسط ومعاهدة الصلح المصرية الاسرائيلية التي لم تأخذ في الاعتبار مصالح الفلسطينيين الاساسية ومسألة مستقبل القدس المحتلة.
السادات مزعج جداً
وقال «ان القيادة السعودية منزعجة جداً من السادات ومشاريعه الخيالية، واسراعه الى عقد الصلح مع اسرائيل من دون التشاور مع العرب، ومن دون الحصول على اي شيء في المقابل».
وابدت القيادة السعودية ثقة بقدرتها على السيطرة على كل محاولة شغب قد يقوم بها فلسطينيون متشددون او اي فريق آخر. كما اظهروا عدم الرضى عن تفرد السلطان قابوس في قراراته الخاصة بالشأن الخارجي.
ولاحظ بارسنز ان بريطانيا لا تزال تتمتع بمركز جيد في السعودية على رغم التقارب الكبير بين الرياض وواشنطن. وقال «ان القيادة السعودية لا تثق كثيراً بالاميركيين لكنهم يعرفون انهم يحتاجون الاميركيين اثناء الازمات، وان الولايات المتحدة هي الاقدر على الدفاع عن المنطقة اثناء الضرورة».
قمة أبها
افادت مذكرة بتاريخ 1 يوليو صادرة عن دائرة الشرق الاوسط الى السفارات في منطقة الخليج بضرورة تقديم النصح الى القيادات السياسية فيها لعقد قمة لزعماء منطقة الخليج والخروج بسياسة موحدة من ايران على الاقل.
وتم عقد القمة في ابها اثناء رمضان، لكن نتائجها كانت عامة، وحتى البيان الصادر عنها كان مبهماً لا ينم عن وحدة رؤية لما يجري في المنطقة.
03 05 2014
أفرج الأرشيف الوطني البريطاني عن وثائق لوزارة الخارجية البريطانية ومراسلات لرئاسة الحكومة مع السفارات في الخارج عن العامين 1981 و1982 كان محظوراً نشرها قبل عامين. وتنشر القبس تباعاً بعض أبرز ما جاء فيها عن الوضع الداخلي في الكويت عبر تقارير بين السفارة البريطانية ووزارة الخارجية في لندن، خصوصاً في ظل الحرب العراقية - الايرانية وتطورات القضية الفلسطينية وانعكاساتها على الكويت، بسبب التركيبة السكانية مع تواجد نحو نصف مليون فلسطيني يقيمون بطريقة مشروعة او غير مشروعة.
وركزت بعض الوثائق على ما أسمته مواقف بعض الشيعة في الكويت تجاه الحرب كما موقفهم من اعطاء المرأة الكويتية حقوقها كاملة في الاقتراع مستقبلاً.
وكان عام 1981 ومن ثم عام 1982 شهدا ذروة التعامل في سوق المناخ، ومن ثم بداية نشوء الأزمة، وقد تطرقت بعض التقارير البريطانية الى الأمر وتحدثت عن حمى الديون الناتجة عن سوق المناخ، لكنها قالت «ان الكويت قادرة على احتواء الأزمة».
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981
الشيخ سعد رفض توزير جابر العلي حتى يلتزم سياسة الحكومة
لندن ــــ رائد الخمار- في السادس من مارس 1981، شكل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح حكومته الجديدة، بعد الانتخابات النيابية الاخيرة وعودة «الديموقراطية المتجددة» من 15 وزيرا وضمت كلاً من:
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح نائباً لرئيس الوزراء وزيراً للخارجية وزيراً للاعلام بالنيابة.
الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وزيراً للداخلية
الشيخ سالم صباح السالم وزيراٍ للدفاع
الشيخ علي الخليفة العذبي الصباح وزيراً للنفط
الدكتور عبد الرحمن العوضي وزيراً للصحة
حمد عيسى الرجيب وزيراً للاسكان والشؤون الاجتماعية
عبدالله الدخيل الرشيد وزيراً للأشغال العامة
خلف حمد الخلف وزيراً للكهرباء والماء
الشيخ سلمان الدعيج وزيراً للعدل والشؤون الادارية
عبد اللطيف الحمد وزيراً للمالية والتخطيط
يعقوب الغانم وزيراً للتربية
جاسم المرزوق وزيراً للتجارة
عيسى المزيدي وزيراً للاتصالات
احمد سعد الجسار وزيراً للاوقاف والشؤون الاسلامية
عبد العزيز حسين وزيراً لمجلس الوزراء.
الغائب الأكبر
وجاء في تقرير رفعه السفير البريطاني سيندي كمبريدج الى دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية في لندن، ان الغائب الاكبر عن التشكيلة الوزارية هو الشيخ جابر العلي نائب رئيس الوزراء وزير الاعلام السابق، لانه كان معارضاً لاستئناف الحياة الديموقراطية، ولان الامير جابر الأحمد «لا يستلطفه على الاطلاق»، كما ان الشيخ سعد يتضايق من ارائه في مجلس الوزراء.
ويقال انه «حفاظاً على تماسك العائلة ابقي منصبه وكالة في يد الشيخ صباح الأحمد حتى يُقرر الامير اعادته الى الحكومة بالتنسيق مع الشيخ سعد، وبعد ان يلتزم جابر العلي السياسة الحكومية ولا يُطلق مواقف تغاير ما يريده الامير ورئيس الوزراء.
أي تقييم؟
وفي الثالث عشر من مارس 1981 كتب ايان مكلوني رئيس القسم السياسي في السفارة تقريراً الى مايك كونر في دائرة الشرق الاوسط عن الوزارة الجديدة جاء فيه:
استقبلت الاوساط الكويتية الحكومة الجديدة استقبالاً حسناً، خصوصاً ان غالبية اعضائها غير منغمسين في اي شبهة فساد، لكن الصحافة انتقدت اعطاء وزراء اكثر من منصب مثل الخارجية والاعلام (...) والاسكان والشؤون الاجتماعية والعمل، اضافة الى خلط وزارة المالية مع وزارة التخطيط. وانتقدت جريدة «الوطن» نقل جاسم المرزوق من التربية الى التجارة وقالت «هل اكتشفت الكويت فجأة أهليته»؟
توسيع الحكومة وزيادة المجلس
وجاء في التقرير ان توسيع الحكومة يمكن ان يتم عبر زيادة عدد اعضاء مجلس الامة الى 60، وهو ما قد تقدم الحكومة مشروع قانون في شأنه، ما قد يسمح بزيادة عدد الوزراء الى 20 بعد الانتخابات العامة المقبلة. ويُشاع ان الحكومة قد تلجأ الى حيلة بمنع اربعة وزراء من اصل العشرين بعدم التصويت في مجلس الامة، كي لا يختل التوازن الذي نص عليه الدستور في شأن عضوية الوزراء في مجلس الامة.
وتساءل التقرير عما اذا كان الشيخ جابر العلي قد يقبل منصباً حكومياً يقتصر فقط على وزارة الاعلام.
ولاحظ ان ازاحة المرزوق من وزارة التربية قوبلت بالترحيب في اوساط الاتجاه الاسلامي خصوصاً مع جهودهم لـ «اسلمة المناهج».
البريطانيون والغانم
وتضمن التقرير نبذة عن بعض الوزراء واتجاهاتهم، وكتب على سبيل المثال عن يعقوب يوسف الغانم انه يحمل شهادة دكتوراه في اللغة العربية من جامعة القاهرة.
واضاف انه يعرف القليل عن الثقافة الغربية وتمت ترقيته سابقاً الى وكيل وزارة التربية بعد صراع داخلي على المنصب بعد ابعاد الوكيل السابق (لم تسمه الوثيقة) وهو يحب تنفيذ كل شيء بنفسه ولا يتكل على مساعديه على الاطلاق.
واشار الى انه يتكلم الانكليزية لكنه يفضل التحدث بالعربية مع الاجانب ومع انه صديق للبريطانيين لكنه لا يعطي معاملة فضلى للمجلس الثقافي البريطاني. وهو متزوج ولديه سبعة ابناء.
.. وعن الجسار
وعن الجسار، قال التقرير انه شاب في الاربعين وخريج دار العلوم في القاهرة، ثم درس في الجامعة الاميركية في بيروت وبدأ عمله مدرساً في الكويت قبل ان يحصل على ماسترز من جامعة ستانفورد الاميركية، وينضم الى وزارة التربية، وهو لطيف المعشر واعطى المجلس الثقافي البريطاني معاملة مشكورة.
.. والمزيدي
وعن الوزير المزيدي، قال التقرير انه في الاربعين وخريج هندسة من جامعة ميشيغن الاميركية، ويحمل ماسترز في ادارة الاعمال، بدأ عمله في وزارة التجارة واصبح وكيلها في عام 1977 قبل ان ينتقل الى العمل الحر بين عامي 1977 و1981 حين انتخب نائبا عن حولي وهو الوزير الوحيد العضو في مجلس الامة.
واشار التقرير الى ان المزيدي عراقي الاصل شيعي المذهب، ويراه المتشددون السنة والشيعة انه ينتمي الى المؤسسة الحاكمة اكثر منه الى الشيعة او السنة (...) وهو علماني بطبعه وله ابنتان.
الدخيل
وعن الوزير عبدالله الدخيل، قال التقرير انه يحمل شهادة في الهندسة من الجامعة الاميركية في بيروت، وعمل في وزارة الكهرباء والماء قبل ان يصبح وكيلاً للوزارة لدائرة المشاريع، كما خدم مديراً عاماً في مجلس الاسكان وهو رئيس سابق للجنة الاولمبية الكويتية ونائب رئيس نادي كاظمة. ويحترمه الجميع بسبب مهنيته العالية.
عبدالعزيز حسين
وعن الوزير عبد العزيز حسين، اعطي تقويما كتبه السفير كمبريدج درجة «مثقف جداً». وقال في تقرير الى دائرة الشرق الاوسط انه «متواضع ودمث الاخلاق ويعرف عما يتكلم وهو يعطي من المعلومات ما لا يمكن لغيره ان يكشفها ويتحدث بدبلوماسية وينتقد احياناً بريطانيا وغيرها».
واشار السفير الى ان الوزير اعطى شهادة حسنة لانتخابات عام 1981، منتقداً انتخابات 1967 التي تدخلت الحكومة فيها ولقيت احتجاجات عدة.
ونقل السفير عن الوزير قوله «انه خلافاً لتوقعات الحكومة يمكن اعتبار ان المجلس الجديد ليس موالياً للحكومة وقد يخلق لها المتاعب».
وعند سؤاله عما اذا كانت خسارة عبد المجيد الغربللي خسارة للحكومة، قال «ان احداً لم يتوقع ان يفوز الغربللي».
وعود ومتاعب
وتوقع عبد العزيز حسين كما توقع الوزير المزيدي قبله «ان يحاول النواب الجدد اثارة بعض المتاعب للحكومة خصوصا بعد الوعود الكثيرة التي قطعوها خلال الحملة الانتخابية».
ولم يبد الوزير اي قلق من تمرير المجلس الجديد القوانين التي صدرت في غياب المجلس، مشيراً الى انه صدر نحو 460 قانونا، واذا اراد المجلس ان يناقشها كلها فعليه ان يمضي عمره من دون اقرارها.
وشدد على ان اهم ما تريده الحكومة هو اقرار الموازنة العامة قبل عطلة المجلس وبدء شهر رمضان في السابع من يوليو 1981.
وابدى الوزير تفاؤلاً في العلاقات المتوقعة بين الحكومة والمجلس من دون ان يستبعد بعض المشاكل.
وتحدث عن الحيرة التي واجهت الأمير قبيل تعديل الدوائر بين اعتماد الدوائر الـ25 بمرسوم اميري، او اجراء انتخابات عامة وفق التوزيع القديم وجعل المجلس الجديد يقرها.
ونقل السفير عن الوزير قوله ان زيادة عدد الوزراء لا يمكن ان تتم قبل ان ينتخب مجلس جديد بعد اربع سنوات، وان الحكومة الحالية يجب الا يزيد عددها على 15وزيراً.
وعن عودة جابر العلي الى وزارة الاعلام قال عبد العزيز حسين «ان لا مجال لعودته الى الحكم الآن»، مشيراً الى ان جابر العلي معتكف ولا يريد المنصب مع احتمال ان يصدر الامير امراً بمنح الشيخ جابر العلي بعض المزايا الشرفية!
وعن عبد الرحمن العتيقي وما اذا كان سينال منصباً رفيعاً قال الوزير حسين «انه قد يمنح منصباً في مجلس التعاون اذا قبل». وقال انه لا يريد المنصب (امين عام مجلس التعاون) لانه لا يستطيع العيش في الرياض بسبب تقدمه في السن (...) وان امير الكويت قد يرشح شخصين للمنصب من دون ان يتحدث عن مصير عبدالله بشارة الامين العام الحالي.
الحلقة الثانية
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981
أصبح للكويت برلمان جديد لكن إلى متى؟
لم تترك الدبلوماسية البريطانية فرصة استئناف الحياة البرلمانية في الكويت عام 1981 من دون أن تعلق عليها، خصوصاً ان التمثيل النيابي كان قد غاب لاربع سنوات حكم خلالها الامير الشيخ جابر الاحمد من دون حاجة حكومته، التي كانت برئاسة ولي عهده الشيخ سعد العبدالله، إلى المساءلة أمام مجلس النواب.
ولم ينس السفير البريطاني سيدني كمبريدج، في تقرير رفعه الى وزير الخارجية لورد كارينغتون ودائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية بتاريخ 4 مارس 1981، أن يشير الى ان الأمير لن يتردد في حل مجلس الامة ثانية والحكم بأوامر اميرية اذا بدأ المجلس الجديد بعرقلة ما تريد حكومته تنفيذه.
13 نقطة
التقرير، الذي حمل صفة سري، جاء في 13 نقطة وفي 4 صفحات وبدأه بعبارة «أصبح للكويت برلمان جديد لكن الى متى؟».
وجاء في التقرير: في الثالث والعشرين من فبراير اختار 41676 رجلاً مسجلاً في لوائح الاقتراع نوابهم للمرة الاولى منذ حل المجلس بأمر اميري في عام 1976.
كانت نسبة الاقتراع التقريبية 80 في المائة في مختلف الدوائر الـ25 التي اختارت كل منها نائبين ليتشكل البرلمان من 50 نائباً يضاف اليهم اعضاء الحكومة، مما يعطي رئيس الوزراء سيطرة غالبية نسبية على اي حركة معارضة. وسيُفتتح المجلس الجديد في التاسع من مارس.
تساءل التقرير في الفقرة الثانية عن اسباب اتخاذ قرار العودة الى الحياة البرلمانية «من دون الحاجة الى ذلك»، قائلاً «انني سأحاول تفسير كيف ان مشيخة (...) تحكم بصلاحيات مطلقة تختار العودة الى الحياة البرلمانية بكل هدوء وحرية».
يشرح السفير: ان المجلس لم يعش طويلاً، وقد تم انتخابه في 1975، وكان مجلساً قوياً، أخّر المشاريع الحكومية، وهدد الاستقرار في الكويت (...)، كما ادعت الحكومة، خصوصاً في معالجة الازمة اللبنانية والانقسامات العربية. لكن الأمير حل المجلس في اغسطس 1976، وتعهد في حينه بإعادة الحياة البرلمانية خلال اربع سنوات.
وأشار السفير الى أن ما فعله الأمير «كان غير دستوري»، لكنه كان تصرفاً حكيماً واعطى البلاد فرصة للتفكير في كيفية حكم نفسها مستقبلاً.
وعندما انتهت السنوات الاربع على حل المجلس بدأت الاحاديث تدور عما اذا كان الامير سيلتزم وعده باعادة الديموقراطية ويعلن استئناف الحياة البرلمانية.
قرارات متوازنة
كانت الحكومة تحكم في غياب مجلس الامة بقرارات اميرية وبعد التشاور مع فئات في المجتمع، وكانت فئة التجار راضية، كما ان القرارات كانت متوازنة، خصوصاً في ظل تكيف دول الخليج مع الثورة الايرانية واشتعال الحرب بين العراق وايران.
وأشار السفير إلى أنه لاحظ ان الجميع في عائلة الصباح كانوا يريدون العودة الى الحياة الديموقراطية ما عدا الشيخ جابر العلي!
ولاحظ طبعاً انه كانت هناك ضغوط من اليسار والشيعة وفئة الشباب الذين تعلموا في الخارج تنادي بعدم تأخير العودة الى مجلس الامة. وقال «ان حادث مكة، الذي ارتبطت به مجموعة كويتية متشددة (...) اثبت المخاوف من الحكم المطلق».
وقال السفير كمبريدج «ان مختلف الضغوط لم تكن اساسية، بل كان للامير وولي عهده الكلمة الحاسمة في الامر.. واعتقد ان الامير كان حكيماً في استئناف الحياة البرلمانية بدلاً من ان تجبره الاحداث وان يفعل ذلك تحت ضغط من الراديكاليين او بعد احداث عنف متفجرة».
لماذا نتشاءم؟!
وفي البند السادس من التقرير، تساءل السفير عما يعطي الضمانات بان يكون المجلس الجديد افضل من السابق ولا يؤرق الحكومة ويُشغلها كما كان مجلس 1975. وقال ان الشيخ سعد قال له رداً على هذا السؤال: «لماذا انت متشائم؟!».
وقال السفير «ان وراء الجواب بعض الثقة وان النظام تصرف هذه المرة بحكمة اكبر».
واشار الى ان الشيخ سعد وكبار المسؤولين ورجال الثقة سوقوا التعاون بين الحكومة والناس والمجلس المستقبلي مع عدم نسيان ادانة ما جرى في السابق. وقال «ان النظام اتخذ عددا من الخطوات بينها توزيع الدوائر التي تعطي الحكومة بعض القوة في ادارة اي ازمة».
ولاحظ السفير كمبريدج ان المجلس الجديد يضم مجموعات قبلية وطائفية وعقائدية لا يمكن للحكومة ان تضمنها. وقال ان الدوائر الجديدة فتتت اصوات الشيعة واعطت القبائل تمثيلاً اوسع، كما شجعت الحكومة المعتدلين على التقدم الى الانتخابات لمنع وصول المتطرفين.
ولم ينس السفير الحديث عن الرشى الانتخابية!
نتائج الانتخابات
واشار الى ان تحليل نتائج الانتخابات اظهر ان المجلس الجديد سيكون نشطاً ومتعاوناً مع الحكومة, خصوصاً مع وجود 20 نائباً تقليدياً ونحو 12 من الشباب التكنوقراط وستة اسلاميين متشددين واربعة من الشيعة (مقارنة مع 10 في المجلس السابق) وثلاثة من النواب الوطنيين التقدميين الذين خسروا رئيسهم الدكتور احمد الخطيب ومساعده (لم تذكر الوثيقة اسمه) مع ان عدداً من التكنوقراط من المؤمنين باتجاهات الخطيب، في حين ان النواب الشيعة سيشنون حملة على الحكومة وسياستها المنحازة في الحرب العراقية الايرانية.
وشدد على ان النواب في غالبيتهم لا يحبون المواجهة من دون ان يعني ذلك انهم سيؤيدون الحكومة دائماً.
وقال التقرير ان من بين النواب 24 عضواً كانوا في المجلس السابق ولا تزال لديهم احقاد بسبب حل مجلس 75. لكن لا يمكن تشكيل غالبية يمكن ان تتحدى الحكومة.
مثال للمنطقة
ويعتقد الكويتيون انهم يعطون المثال لدول المنطقة لبدء تجربة نيابية مماثلة, وهم يعتقدون ان تجربتهم الديموقراطية ستكون قدوة. لكن على الكويت وحكامها وبرلمانها ان يلغوا الفوارق بين التجربة الديموقراطية وبقاء السلطة في يد الامير كما ينص الدستور.
ولا شيء يشير، كما قال السفير، الى ان عائلة الصباح ستتخلى عن لقب العائلة الحاكمة، حتى في ظل البرلمان، لكن كيف يمكن التكيف مستقبلاً مع ازدياد المطالبة الشعبية باسناد وزارات اساسية وسيادية الى ممثلي الشعب، او محاسبة رئيس الوزراء او ما اذا كان رئيس الوزراء سيبقى دائماً ولي العهد ام سيُسند المنصب الى شخصية من خارج الاسرة.
وتساءل السفير عن الخصوصية التي تمنع مساءلة رئيس الوزراء امام المجلس، وما اذا كان الامر سيحدث مستقبلاً بعد فصل رئاسة الحكومة عن منصب ولي العهد.
وقال التقرير ان الحكومة اعلنت مجدداً انها لن تفعل ما من شأنه ضبط البرلمان او تحديد صلاحياته لكن من دون شك «لن يتردد جابر الاحمد في استخدام صلاحياته الدستورية لحل المجلس او تعليق الحياة البرلمانية اذا احس بالضيق».
ولاحظ ان الامر قد لا يطرح مع المجلس الجديد «المتعاون» لكن كل شيء ممكن مع تسارع التطورات المحلية والخارجية.
مصنع خشب
وتحدث السفير عن ان المجلس الجديد لا يمثل «فكر الخطيب» على الاطلاق ولا يعطي تمثيلاً كافياً للشيعة ولا للمتعلمين من ابناء التجار والشباب التقدمي. واعرب عن اعتقاده بان هؤلاء لا يستطيعون السكوت في الازمات.
وتحدث السفير عن الصحافة وقال انها حرة، لكنه لاحظ ان الكويتيين قلة فيها، وغالبية العاملين فيها اجانب، مما يعني ان الحكومة قادرة على ابعادهم اذا تجاوزوا الحدود المرسومة لدورهم، ولو عبر توجيهات اصحاب الصحف وغالبيتهم يريدون الاسرة الحاكمة.
وقال السفير ان الديموقراطية في الكويت مثل مصنع خشب يمكن اشعاله في اي وقت.
وتمنى السفير ان تنجح التجربة الجديدة وان تنتقل عدوى الديموقراطية الى دول الخليج.
وفي تقارير لاحقة، قال السفير بشأن ما يواجه المجلس الجديد، ان على النواب التعاطي مع امور شائكة، مثل محاولة تعديل الدستور ودور الشريعة فيه، وما اذا ارتأى النواب ان تكون المصدر الوحيد للتشريع، بدلاً من ان تكون مصدر التشريع، اضافة الى حقوق المرأة في الاقتراع والترشيح.
وسيتناول المجلس مسألة منح الجنسية لــ «البدون» ومسألة قانون الاعلام وتحديث قوانين الشركات وغيرها، خصوصاً قانون «الخدمة المدنية» والتقاعد ومسألة الخلل في التركيبة السكانية بين المقيمين والمواطنين مع مشاريع للبحث في ضبط سيطرة جنسية من الوافدين على سوق العمل وبلوغ اعدادها مستويات غير معقولة.
ولم ينسَ السفير الاشارة الى قضية اخرى متفجرة، هي مسألة الاسكان ومنح الكويتيين الشباب القروض اللازمة للبناء وتكوين اسر.
وتحدث السفير عن مشروع قانون امام المجلس لمنع السفارات من استيراد الخمور، مما يعني تحول الكويت الى بلد مشابه لدولة مجاورة، وما اذا كانت الحكومة ستزيد من ليبراليتها في مجالات القوانين المدنية، ام تخضع لطروحات الاسلاميين المتشددين، الذين تزايد عليهم ايران!
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981 - (3)
الشيخ سعد رفض توزير جابر العلي حتى يلتزم سياسة الحكومة
الحكومة التي شكلت في مارس 1981 في اللقطة التذكارية (ارشيف)
تم النشر في 2011/12/30
لندن ــــ رائد الخمار
في السادس من مارس 1981، شكل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح حكومته الجديدة، بعد الانتخابات النيابية الاخيرة وعودة «الديموقراطية المتجددة» من 15 وزيرا وضمت كلاً من:
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح نائباً لرئيس الوزراء وزيراً للخارجية وزيراً للاعلام بالنيابة.
الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وزيراً للداخلية
الشيخ سالم صباح السالم وزيراٍ للدفاع
الشيخ علي الخليفة العذبي الصباح وزيراً للنفط
الدكتور عبد الرحمن العوضي وزيراً للصحة
حمد عيسى الرجيب وزيراً للاسكان والشؤون الاجتماعية
عبدالله الدخيل الرشيد وزيراً للأشغال العامة
خلف حمد الخلف وزيراً للكهرباء والماء
الشيخ سلمان الدعيج وزيراً للعدل والشؤون الادارية
عبد اللطيف الحمد وزيراً للمالية والتخطيط
يعقوب الغانم وزيراً للتربية
جاسم المرزوق وزيراً للتجارة
عيسى المزيدي وزيراً للاتصالات
احمد سعد الجسار وزيراً للاوقاف والشؤون الاسلامية
عبد العزيز حسين وزيراً لمجلس الوزراء.
الغائب الأكبر
وجاء في تقرير رفعه السفير البريطاني سيندي كمبريدج الى دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية في لندن، ان الغائب الاكبر عن التشكيلة الوزارية هو الشيخ جابر العلي نائب رئيس الوزراء وزير الاعلام السابق، لانه كان معارضاً لاستئناف الحياة الديموقراطية، ولان الامير جابر الأحمد «لا يستلطفه على الاطلاق»، كما ان الشيخ سعد يتضايق من ارائه في مجلس الوزراء.
ويقال انه «حفاظاً على تماسك العائلة ابقي منصبه وكالة في يد الشيخ صباح الأحمد حتى يُقرر الامير اعادته الى الحكومة بالتنسيق مع الشيخ سعد، وبعد ان يلتزم جابر العلي السياسة الحكومية ولا يُطلق مواقف تغاير ما يريده الامير ورئيس الوزراء.
أي تقييم؟
وفي الثالث عشر من مارس 1981 كتب ايان مكلوني رئيس القسم السياسي في السفارة تقريراً الى مايك كونر في دائرة الشرق الاوسط عن الوزارة الجديدة جاء فيه:
استقبلت الاوساط الكويتية الحكومة الجديدة استقبالاً حسناً، خصوصاً ان غالبية اعضائها غير منغمسين في اي شبهة فساد، لكن الصحافة انتقدت اعطاء وزراء اكثر من منصب مثل الخارجية والاعلام (...) والاسكان والشؤون الاجتماعية والعمل، اضافة الى خلط وزارة المالية مع وزارة التخطيط. وانتقدت جريدة «الوطن» نقل جاسم المرزوق من التربية الى التجارة وقالت «هل اكتشفت الكويت فجأة أهليته»؟
توسيع الحكومة وزيادة المجلس
وجاء في التقرير ان توسيع الحكومة يمكن ان يتم عبر زيادة عدد اعضاء مجلس الامة الى 60، وهو ما قد تقدم الحكومة مشروع قانون في شأنه، ما قد يسمح بزيادة عدد الوزراء الى 20 بعد الانتخابات العامة المقبلة. ويُشاع ان الحكومة قد تلجأ الى حيلة بمنع اربعة وزراء من اصل العشرين بعدم التصويت في مجلس الامة، كي لا يختل التوازن الذي نص عليه الدستور في شأن عضوية الوزراء في مجلس الامة.
وتساءل التقرير عما اذا كان الشيخ جابر العلي قد يقبل منصباً حكومياً يقتصر فقط على وزارة الاعلام.
ولاحظ ان ازاحة المرزوق من وزارة التربية قوبلت بالترحيب في اوساط الاتجاه الاسلامي خصوصاً مع جهودهم لـ «اسلمة المناهج».
البريطانيون والغانم
وتضمن التقرير نبذة عن بعض الوزراء واتجاهاتهم، وكتب على سبيل المثال عن يعقوب يوسف الغانم انه يحمل شهادة دكتوراه في اللغة العربية من جامعة القاهرة.
واضاف انه يعرف القليل عن الثقافة الغربية وتمت ترقيته سابقاً الى وكيل وزارة التربية بعد صراع داخلي على المنصب بعد ابعاد الوكيل السابق (لم تسمه الوثيقة) وهو يحب تنفيذ كل شيء بنفسه ولا يتكل على مساعديه على الاطلاق.
واشار الى انه يتكلم الانكليزية لكنه يفضل التحدث بالعربية مع الاجانب ومع انه صديق للبريطانيين لكنه لا يعطي معاملة فضلى للمجلس الثقافي البريطاني. وهو متزوج ولديه سبعة ابناء.
.. وعن الجسار
وعن الجسار، قال التقرير انه شاب في الاربعين وخريج دار العلوم في القاهرة، ثم درس في الجامعة الاميركية في بيروت وبدأ عمله مدرساً في الكويت قبل ان يحصل على ماسترز من جامعة ستانفورد الاميركية، وينضم الى وزارة التربية، وهو لطيف المعشر واعطى المجلس الثقافي البريطاني معاملة مشكورة.
.. والمزيدي
وعن الوزير المزيدي، قال التقرير انه في الاربعين وخريج هندسة من جامعة ميشيغن الاميركية، ويحمل ماسترز في ادارة الاعمال، بدأ عمله في وزارة التجارة واصبح وكيلها في عام 1977 قبل ان ينتقل الى العمل الحر بين عامي 1977 و1981 حين انتخب نائبا عن حولي وهو الوزير الوحيد العضو في مجلس الامة.
واشار التقرير الى ان المزيدي عراقي الاصل شيعي المذهب، ويراه المتشددون السنة والشيعة انه ينتمي الى المؤسسة الحاكمة اكثر منه الى الشيعة او السنة (...) وهو علماني بطبعه وله ابنتان.
الدخيل
وعن الوزير عبدالله الدخيل، قال التقرير انه يحمل شهادة في الهندسة من الجامعة الاميركية في بيروت، وعمل في وزارة الكهرباء والماء قبل ان يصبح وكيلاً للوزارة لدائرة المشاريع، كما خدم مديراً عاماً في مجلس الاسكان وهو رئيس سابق للجنة الاولمبية الكويتية ونائب رئيس نادي كاظمة. ويحترمه الجميع بسبب مهنيته العالية.
عبدالعزيز حسين
وعن الوزير عبد العزيز حسين، اعطي تقويما كتبه السفير كمبريدج درجة «مثقف جداً». وقال في تقرير الى دائرة الشرق الاوسط انه «متواضع ودمث الاخلاق ويعرف عما يتكلم وهو يعطي من المعلومات ما لا يمكن لغيره ان يكشفها ويتحدث بدبلوماسية وينتقد احياناً بريطانيا وغيرها».
واشار السفير الى ان الوزير اعطى شهادة حسنة لانتخابات عام 1981، منتقداً انتخابات 1967 التي تدخلت الحكومة فيها ولقيت احتجاجات عدة.
ونقل السفير عن الوزير قوله «انه خلافاً لتوقعات الحكومة يمكن اعتبار ان المجلس الجديد ليس موالياً للحكومة وقد يخلق لها المتاعب».
وعند سؤاله عما اذا كانت خسارة عبد المجيد الغربللي خسارة للحكومة، قال «ان احداً لم يتوقع ان يفوز الغربللي».
وعود ومتاعب
وتوقع عبد العزيز حسين كما توقع الوزير المزيدي قبله «ان يحاول النواب الجدد اثارة بعض المتاعب للحكومة خصوصا بعد الوعود الكثيرة التي قطعوها خلال الحملة الانتخابية».
ولم يبد الوزير اي قلق من تمرير المجلس الجديد القوانين التي صدرت في غياب المجلس، مشيراً الى انه صدر نحو 460 قانونا، واذا اراد المجلس ان يناقشها كلها فعليه ان يمضي عمره من دون اقرارها.
وشدد على ان اهم ما تريده الحكومة هو اقرار الموازنة العامة قبل عطلة المجلس وبدء شهر رمضان في السابع من يوليو 1981.
وابدى الوزير تفاؤلاً في العلاقات المتوقعة بين الحكومة والمجلس من دون ان يستبعد بعض المشاكل.
وتحدث عن الحيرة التي واجهت الأمير قبيل تعديل الدوائر بين اعتماد الدوائر الـ25 بمرسوم اميري، او اجراء انتخابات عامة وفق التوزيع القديم وجعل المجلس الجديد يقرها.
ونقل السفير عن الوزير قوله ان زيادة عدد الوزراء لا يمكن ان تتم قبل ان ينتخب مجلس جديد بعد اربع سنوات، وان الحكومة الحالية يجب الا يزيد عددها على 15وزيراً.
وعن عودة جابر العلي الى وزارة الاعلام قال عبد العزيز حسين «ان لا مجال لعودته الى الحكم الآن»، مشيراً الى ان جابر العلي معتكف ولا يريد المنصب مع احتمال ان يصدر الامير امراً بمنح الشيخ جابر العلي بعض المزايا الشرفية!
وعن عبد الرحمن العتيقي وما اذا كان سينال منصباً رفيعاً قال الوزير حسين «انه قد يمنح منصباً في مجلس التعاون اذا قبل». وقال انه لا يريد المنصب (امين عام مجلس التعاون) لانه لا يستطيع العيش في الرياض بسبب تقدمه في السن (...) وان امير الكويت قد يرشح شخصين للمنصب من دون ان يتحدث عن مصير عبدالله بشارة الامين العام الحالي.
تنويه
نشر خطأ في شرح الصورة التي ظهرت أم
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981 - (4) وعيد وتهديد قبل الانتخابات.. ووعود بالثروة بعدها!
الشيخ سعد يتحدث في المجلس متوسطا عبد العزيز حسين (لليسار) ويعقوب الغنيم
لندن ــ رائد الخمار
قبل أيام من إجراء انتخابات 1981، استقبل ولي العهد رئيس الوزراء الشيخ سعد العبدالله، رؤساء تحرير الصحف، أو من يمثلهم، وأبلغهم بتوقعات الحكومة، التي كانت ستستقيل وتُشكل حكومة جديدة برئاسته بعد الانتخابات في الثالث والعشرين من فبراير، من المجلس الجديد.
أسئلة وأجوبة
ولخص تقرير كتبه كريستوفر برنتس ما قاله الشيخ سعد للصحافة الكويتية وفق الآتي:
تناولت الأسئلة والأجوبة الانتخابات والتعاون بين الحكومة والمجلس الجديد، وكرر الشيخ سعد مراراً الخط الرسمي للحكومة، الضائع بين «الوعد والتهديد»، وعبارة «يجب على المجلس الجديد أن يكون متعاوناً، وإلا»، وأن يكون «شريكاً مسؤولاً مع الحكومة» وليس «مراقباً لأعمالها كما في كل الديموقراطيات» وفق ما قاله كريستوفر برنتيس من السفارة البريطانية في الكويت في التقرير الذي رفعه الى دائرة الشرق الأوسط بتاريخ 16 فبراير 1981.
مجلس نخبة
وتناولت الأسئلة ما يُشاع عن تشكيل «مجلس نخبة» لتعديل الدستور بعد الانتخابات، وشدد الشيخ سعد على ضرورة انتظار الانتخابات العامة وبعدها يمكن مناقشة الامر. وتساءل رؤساء التحرير، الذين كانوا يمثلون اتجاهات معينة في المجتمع الكويتي، عن الأسباب التي تمنع رئيس الحكومة من زيادة عدد الوزراء النواب في الحكومة الجديدة، مشيرين إلى أن اي بند دستوري لا يمنع ذلك، وأن الامر يمكن ان يمثل زيادة في مشاركة الشعب في ادارة شؤون البلاد.
واشار التقرير الى أن الشيخ سعد علا صوته عندما سأله أحد رؤساء تحرير الصحف (لم يذكر التقرير اسمه) عما إذا كانت احدى الوزارات السيادية ستُمنح لاحد النواب، وأجاب محتدّاً «هل تشككون بقدرة أو كفاءة أبناء الأسرة؟!».
الديموقراطية المثال
وركز الحضور على الاستفهام من ولي العهد عما إذا كانت الحكومة الجديدة عازمة على تشديد القيود على الصحافة، لكن الشيخ سعد اعترف بأن المجلس الجديد قادر على إقرار القوانين التي صدرت في غياب الحياة الديموقراطية (أربع سنوات) أو تعديلها. ونفى ما أشاعته الصحافة عن نية الحكومة نزع بعض الصلاحيات من مجلس الأمة، وقال «إننا نريد التعاون، وإن أي لجنة مكلفة باقتراح تعديلات دستورية ستطرح توصياتها على المجلس الجديد الذي سيناقشها، ومن ثم يقبلها أو يعدلها أو يرفضها».
وقال أيضاً إن المجلس يمكن أن يشكّل لجنة لدرس إقرار بعض التعديلات الدستورية، وإذا أقرت يمكن ان تأخذ الحكومة بها او تردها الى المجلس لإعادة النظر فيها. مكرراً على ضرورة التعاون بين المجلس والحكومة. وتحدّث الشيخ سعد عن الديموقراطية الكويتية «التي يجب ان تكون المثال على ما يجب ان تطبقه دول المنطقة، مع احتفاظ كل منها بالخصوصية».
ضمانات عدم الحل
وعما إذا كانت الحكومة تعتزم اقتراح قانون بإلغاء التفرقة بين المواطنين من الدرجتين الأولى والثانية، قال «إن المجلس يمكن أن يقترح ما يشاء، ومن ثم يجري البحث بالاقتراح».
وعن الضمانات بعدم حل المجلس الجديد، كرر الشيخ سعد دعوته إلى التفاؤل وعدم التشاؤم على الإطلاق، داعياً الى العمل يداً واحدة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وتناول الشيخ سعد الاشاعات التي تفيد بأن الحكومة تعرقل مبدأ أن تكون الشريعة هي المسيطرة، وقال «إننا لا نريد التدخل في ما يريده الشعب».
نصيحة.. لا أمر
وعما إذا كانت بعض دول المنطقة نصحت الكويت بأن الوقت غير مناسب لاستئناف الحياة الديموقراطية كما سأل أحد رؤساء التحرير، قال الشيخ سعد «أعتقد أنك استخدمت كلمة نصيحة بدلاً مما قاله غيرك بأن بعض الدول أمرت الكويت بذلك.. الحقيقة أن الكويت سيدة نفسها وهي تختار كيفية حكم نفسها وسياستها الخارجية». ولاحظ كاتب التقرير، الذي نسب بعض ما جاء فيه الى بعض من حضر، أن وكالة الأنباء الكويتية لم تنقل ما جاء في اللقاء حرفياً. وأشار الى ان بعض ما جرى، تناولته الديوانيات وجرى الحديث عنه في الخيم الانتخابية.
وخلص التقرير إلى القول إن ما قاله الشيخ سعد قد يتغير بعد إعلان نتائج الانتخابات وفي ضوء تشكيلة المجلس الجديد وما إذا كان سيتعاون معها كما تريد أم سيكون مشاغباً كالمجلس السابق.
بيان الشيخ سعد أمام مجلس الأمة
وفي الثالث عشر من مايو 1981 رفعت السفارة البريطانية في الكويت تقريراً كتبه ايان مكلوني الى دائرة الشرق الأوسط عن برنامج سياسة الحكومة، ألقاه الشيخ سعد أمام مجلس الأمة الجديد، ووعد فيه الجميع بالثروة. بدأ التقرير بالحديث عن أن الكويت خفضت إنتاجها من النفط بنسبة %17 اعتباراً من اول ابريل الى معدل انتاج 1.25 مليون برميل يومياً ليدوم الاحتياط 150 عاماً. ووعد بزيادة الحفر والتنقيب وبرفع طاقة إنتاج المشتقات النفطية في المصافي إلى 750 ألف برميل يومياً، اي نحو %60 من الإنتاج.
تحييد الخليج
وأعلن الشيخ سعد أن حكومته ستلتزم الحياد في الصراعات الدولية، وتؤيد الاقتراح السوفياتي بتحييد منطقة الخليج، مشيراً إلى أن مجلس التعاون الخليجي لن يؤيد أي طرف في الصراع العراقي ـ الإيراني، وأن لبه هو التعاون العسكري بين أبناء المنطقة الواحدة. وشدد على أن الكويت ملتزمة التوفيق بين مختلف الأقطار العربية، وهي ترفض اتفاقات كامب ديفيد، خصوصاً أن الاتفاقات لا تضع تسوية نهائية لمشكلة الشرق الأوسط وتزيد حدة الخلافات العربية.
الحدود مع العراق
وقال إن الحكومة لاتزال تعمل لإقناع العراق بترسيم حدوده معها، وإن المفاوضات تسير بروح أخوية (...) كما أن الكويت مستعدة للاشتراك في اي جهود اسلامية او دولية او عربية لايجاد حل للحرب بين العراق وايران. وفي الشأن الدفاعي، أكد عزم الحكومة على الاستمرار في تحديث القوات المسلحة، وتزويدها بالعتاد اللازم من اي طرف ترى فيه مصلحتها.
واحة سلام
وعن الأمن الداخلي تحدّث الشيخ سعد عن أن الكويت كانت دائماً «واحة سلام» لكن بسبب ما يجري حولها والاضطرابات في الشرق الأوسط والعالم «أصبح الوضع الداخلي معقداً» ما استدعى من الحكومة زيادة تدريب قوات الشرطة وتزويدها بمعدات حديثة.
السياسة الخارجية
وتبع البيان الحكومي مناقشات عن السياسة الخارجية، حيث انتقد بعض النواب الإسلاميين زيارة الشيخ صباح الأحمد إلى موسكو التي تساهم في «قتل أشقائنا في أفغانستان».
ورد الشيخ صباح بالقول إن الزيارة كانت «إيجابية ومثمرة وبناءة»، وقال «اننا انتقدنا التدخل الأجنبي في أفغانستان، وطالبنا بخروج مختلف القوى الخارجية منها، ورحيل الأساطيل عن المناطق المحيطة بها». وتم اقتراح تشكيل لجنة نيابية لتلعب دوراً يؤدي إلى وقف الحرب بين العراق وإيران، عبر برلماني البلدين.
العدساني رئيساً
وكان المجلس الجديد انتخب في أولى جلساته السيد محمد العدساني رئيساً له بغالبية 33 صوتاً (منها أصوات الحكومة) مقابل 32 صوتاً لمنافسه أحمد عبدالعزيز السعدون، الذي كان وزيراً للأشغال العامة، واستقال ليخوض الانتخابات البرلمانية، وتحدثت الصحافة الكويتية مراراً عن ان استقالته من منصبه، كانت بتشجيع من الحكومة التي ارتأت أنه الأكثر تأهلاً لرئاسة المجلس الجديد، ومساعدتها في ضبط «النواب المشاغبين». وتحدث التقرير عن ان بعض المشاكل الأساسية التي جرت في مجلس الـ 75 كانت بسبب سوء إدارة الجلسات، وعدم كفاءة الرئيس السابق للمجلس خالد الغنيم، وعدم قدرته على السيطرة على النواب، وعدم ضبطهم بلياقة.
ولاحظ التقرير ان عائلة العدساني أصبحت ترأس المجلسين المنتخبين في الكويت، مع رئاسة عبدالعزيز العدساني للمجلس البلدي.
اختيار الوزراء
وأشار الدبلوماسي البريطاني إلى معلومات تحدثت عن ان اختيار النائب الشيعي عيسى المزيدي لتولي حقيبة وزارية جاء صدفة، بعدما كان الشيخ سعد يأمل أن يتولى النائب الإسلامي عيسى الشاهين المنصب، لكنه رفض عرض المنصب. كما ان الحكومة كانت تعتقد بإمكانية تولية السيد عبدالرحمن الغنيم، لكنه فشل في الانتخابات، ولم يصل إلى منصب وزير المواصلات.
وتحدث التقرير عن غياب وجهين عن حكومة الشيخ سعد الجديدة، مما جعلها باهتة نوعاً ما أمام النواب، وقال «إن غياب الشيخ جابر العلي ووزير المالية السابق عبدالرحمن العتيقي، قد يجعل الجلسات مملة ومن دون حيوية. في حين ان تولية الشيخ سلمان الدعيج وزيراً للعدل والشؤون الإدارية مزعج جداً للنواب الإسلاميين الذين قد يستهدفونه لإزاحته». ونقل التقرير ارتياح الحكومة إلى نجاح العدساني في حين ان السعدون، «الذي ينتقل بين التقليديين والتجار والمحافظين، وبين المجموعات التقدمية، وفي طليعتها التجمع الوطني» كان سيجعل المجلس ألعوبة في يد جاسم القطامي!
س في القبس ص 19 عن الوثائق البريطانية، والصحيح أن د. أحمد الخطيب كان عضوا في مجلس 1975 وليس في مجلس 1981.
القبس تنشر وثائق الأرشيف البريطاني عن عام 1982 (1)… رصاصة أصابت رأس السفير الإسرائيلي في لندن وإسرائيل تغزو لبنان
كتب رائد الخمار في صحيفة "القبس":
الوثائق البريطانية اقتصرت نهاية السنة الجارية على وثائق رئاسة الوزراء فقط وتضمنت مئات الوثائق عن حرب فوكلاند… وبعض القضايا الدولية اخترنا منها ما ورد عن الحرب العراقية – الايرانية والغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982.
اما وثائق الخارجية البريطانية عن الكويت وبعض دول الخليج فتنشرها القبس عند الافراج عنها.
كما تكشف الوثائق التي أفرج عنها وتناولت المفاوضات التي دارت حول لبنان لجعل الجيش الاسرائيلي ينسحب من بيروت واخراج الفصائل الفلسطينية المسلحة منها، دوراً سورياً خفياً رعاه الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، وتناول تصفية حسابات مع الغرب ومع رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات مع دول عربية مجاورة ومؤثرة، وكيف انه لم يلتفت الى معاناة من كانوا يُقتلوا يومياً في بيروت المحاصرة، محاولاً الحصول على مكاسب سياسية.
وتُظهر وثائق، حصلت عليها «القبس» ومصدرها مراسلات وتقارير رفعت الى رئاسة الحكومة البريطانية عن مجريات المفاوضات لرفع الحصار عن بيروت التي شارك فيها الموفد الأميركي فيليب حبيب، كيف رفض عرفات نقل قواته من العاصمة اللبنانية الى دمشق، وكيف ابلغ مفاوضين عربا رفضه وضع عنق القضية الفلسطينية «في ايدي الأسد الماكر الخبيث الغدار».
وتكشف الوثائق كيف اعطى الأسد ضمانات للأميركيين بعدم تحريك اي قوات للدفاع عن الفلسطينيين واللبنانيين في بداية الغزو الاسرائيلي للبنان في السادس من يونيو 1982 طالما التزمت اسرائيل اهدافها باقامة منطقة آمنة داخل الاراضي اللبنانية وعلى امتداد 40 كلم من الدولة العبرية مع لبنان.
انشغلت المملكة المتحدة في عام 1982 بحرب الفوكلاند مع الارجنتين ونسيت باقي القضايا الدولية رغم ان شوارعها شهدت قضايا متفجرات بعضها قادم اليها من الشرق الاوسط. ولم تنس منطقة الخليج ابداً، اذ انها اعطت بعض الاهتمام للحرب العراقية – الايرانية وانعكاساتها على «الدول الصديقة» في المنطقة، ورأت انه مهما كانت نتيجة الحرب ستؤثر حتماً في مستقبل المنطقة، وقد تضطر حكومة «صاحبة الجلالة» الى لعب دور أكبر فيها بعد توقف الحرب ايا كان الفائز فيها كما اظهرت وثائق افرج عنها الارشيف الوطني كعادته كل عام. تشجيع صادرات الأسلحة
وارتأت الحكومة البريطانية، في تلك الفترة، والتي كانت ترأسها السيدة مرغريت ثاتشر ان معالجة البطالة التي تفاقمت بعد انسحاب بريطانيا من غالبية مستعمراتها السابقة وبلوغها مستوى ثلاثة ملايين شخص، تقتضي بتشجيع الصادرات الى المستعمرات السابقة وفي طليعتها صادرات الاسلحة خصوصاً التي اوصى عليها الجيش البريطاني عندما كان منتشراً في مختلف القارات واصبح بغنى عنها بعد الانسحاب خصوصاً من شرق السويس. اغتيال السفير
ومن ابرز ما حدث في تلك السنة، وفق الوثائق التي اقتصرت على مراسلات رئاسة الحكومة من دون وثائق وزارة الخارجية الدسمة والمراسلات بين السفارت البريطانية ولندن، محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن شلومو أرغوف (52 سنة) في الثالث من يونيو 1982 امام فندق دورشستر في مايفير واصابته برصاصة في الرأس جعلته يقع ارضاً مغمى عليه امام جمع كبير واطلق حراس السفير النار على «الشخص الشرق اوسطي الملامح الذي اصيب في الرأس في حين هرب اثنان كانا معه في سيارة وتم توقيفهما لاحقاً في منطقة بريكستون» كما ورد في تقرير رُفع الى السيدة ثاتشر. ..وممثل منظمة التحرير
وأظهر تقرير ثالث أن المجموعة (الثلاثة) من التابعية الفلسطينية والأردنية والعراقية، ويدعى الأول حسين غسان سعيد، والثاني مروان البنا، والثالث نواف الروسان، وهم من أتباع صبري البنا، المعروف باسم «أبو نضال»، الذي انشق عن حركة «فتح» وشكل تنظيم «المجلس الثوري». وتبين لاحقاً أن الثلاثة كانوا ينوون أيضاً إطلاق النار بعد أيام على ممثل منظمة التحرير في لندن نبيل الرملاوي. احتلال بيروت
وأدى الحادث إلى إرسال إسرائيل، التي كانت في ظل حكم رئيس الوزراء مناحيم بيغن ووزير الدفاع ارييل شارون، طائراتها لقصف مناطق لبنانية كانت تخضع للسيطرة الفلسطينية في غرب بيروت قبل أن يأمر شارون بإطلاق حملة عسكرية لغزو لبنان وإبعاد الفلسطينيين عن الشريط الحدودي ومنعهم من القدرة على إطلاق صواريخ على إسرائيل من لبنان. وتطور الغزو لاحقاً بدخول القوات الإسرائيلية العاصمة اللبنانية لتكون المرة الأولى التي تدخل فيها قوات إسرائيلية عاصمة عربية. وسيتم التوسع بما جرى في حلقات مقبلة. تدفق النفط
وكانت السنة هي الثالثة في ظل حكم ثاتشر، التي تسلمت مهامها عام 1979، وكان وزير الخارجية في حينها لورد كارينغتون، ووزير الخزانة جيفري هاو، ووزير الداخلية وليم وايتلو، ووزير الدفاع جون نوت، ووزير البيئة مايكل هيزيلتاين، ووزير الطاقة نايجل لوسون، الذي زار الخليج في ظل الحرب الايرانية – العراقية للاطمئنان على استمرار تدفق النفط من الخليج الى بريطانيا، اضافة الى الحفاظ على المصالح البريطانية في المنطقة. حرب الفوكلاند
ووفق وثائق رئاسة الحكومة كانت أبرز أحداث السنة كالتالي: اختفاء مارك ثاتشر ابن رئيسة الوزراء في الصحراء الغربية يوم 11 يناير، وتباشير حرب فوكلاند في 19 مارس، والغزو الأرجنتيني للجزر في الثاني من أبريل، ومن ثم توجّه السفن الحربية البريطانية الى الجزر لاستعادتها في الخامس من الشهر بالتزامن مع استقالة وزير الخارجية البريطاني لورد كارينغتون، لفشله في منع الغزو عبر الديبلوماسية ليخلفه فرانسيس بيم على رغم ان ثاتشر ابلغت مجلس العموم تضامنها معه ومسؤوليتها عن كل قرار اتخذه قبيل الأزمة. استقلال كندا
وشهد عام 1982 الاستقلال الكامل لكندا عن العرش البريطاني في السابع عشر من ابريل، وبعد ايام استعادت البحرية البريطانية، وإثر عمليات حربية ضارية ساوث جورجيا، إحدى جزر الفوكلاند، كما قصفت الطائرات البريطانية في اول مايو مطار بورت ستانلي، تمهيداً لإنزال قوات فيه، مع تدخل الغواصة النووية البريطانية كونكير لإغراق الطراد الأرجنتيني «جنرال بلغرانو»، في حين قصفت طائرات أرجنتينية البارجة البريطانية «شيفيلد» بصاروخ ايكزوسيت وأغرقتها في الرابع من مايو.
ووسط حرب فوكلاند والعمليات الحربية، زار البابا جون بول الثاني لندن وبدأ الحوار بين الكنيستين الانكليكانية والكاثوليكية. ومع استعار الحرب في فوكلاند وارتفاع نسبة الإصابات تمكنت قوات الملكة من تحرير الجزر في الرابع عشر من يونيو ومن ثم احتفل البريطانيون بولادة ملك جديد، عندما رزقت دايانا وتشارلز بأمير ذكر أطلقت عليه الملكة اسم وليم في الواحد والعشرين من يونيو. ريغان – ثاتشر
وشهد الشهر نفسه تثبيتا للتحالف الأميركي البريطاني وتوطيداً للشراكة بين البلدين في ادارة شؤون العالم، عندما أعلن الرئيس رونالد ريغان أمام جلسة مشتركة لمجلسي العموم واللوردات، وهو أول رئيس أميركي يتحدث في البرلمان البريطاني، في الثامن من يونيو تحالفاً استراتيجياً مع المملكة المتحدة «لجعل العالم أكثر أمنا» كما قال (…). طرائف في القصر
ولم تخل السنة من بعض الطرائف، إذ تمكّن مواطن انكليزي يدعى مايكل فانغان من دخول قصر باكنغهام عبر الأسوار والوصول إلى جناح الملكة والحديث معها في التاسع من يوليو وقبل أيام من تفجير ضخم في هايدبارك لندن في العشرين من الشهر.
كما تمكن المدافعون عن حقوق الحيوان من ارسال رسالة متفجرة الى 10 داوننغ ستريت مقر رئاسة الوزراء في الثلاثين من نوفمبر انفجرت بأحد العاملين وجرحته. كما انتهت السنة بتظاهرة ضخمة ضمّت ثلاثين ألف امراة، طالبن بحقوق أكبر في العمل والوظائف وبضمانات اجتماعية. قيد الكتمان
وما لفت النظر في وثائق العام أن ملفات كثيرة أبقيت قيد الكتمان ولم يُفرج عنها. وعند السؤال تبين أنها حساسة، وأما بعض الشخصيات الواردة أسماؤها فيها فلا تزال قيد الحياة.
ومن بين الملفات التي لم يفرَج عنها ما يتعلق بمبيعات أسلحة إلى دول في الخليج أثناء الحرب العراقية – الإيرانية، خصوصاً في ظل رفض الإمام الخميني وقف إطلاق النار بعدما تمكنت القوات الإيرانية استعادة كل الأراضي الإيرانية التي كانت القوات العراقية احتلتها في بداية الحرب، وبدأت تحتل أجزاء من الأراضي العراقية وتهدد حقول النفط في الخليج.
ودارت معارك ضخمة في تلك الفترة في منطقة البصرة ما أغلق طريق الملاحة البحرية أمام قوات صدام حسين، التي أصبحت تعتمد كلياً على مرفأ الكويت لاستيراد حاجياتها، ما جعل الكويت هدفاً محتملاً للقوات الإيرانية وأطلق إنذاراً في لندن والغرب، إضافة إلى مرفأ العقبة الأردني.http://www.lebanese-forces.com/2012/12/28/260914/ القبس تنشر وثائق الأرشيف البريطاني عن عام 1982 (2)… عرفات رافضاً نقل القوات الفلسطينية إلى سوريا: الأسد ماكر خبيث وغدار.. لن أسلمه عنقي
كتب رائد الخمار في صحيفة "القبس":
تكشف وثائق أفرج عنها الارشيف الوطني البريطاني وتناولت المفاوضات، التي دارت حول لبنان لجعل الجيش الاسرائيلي ينسحب من بيروت واخراج الفصائل الفلسطينية المسلحة منها، دوراً سورياً خفياً رعاه الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد وتناول تصفية حسابات مع الغرب ومع رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات ومع دول عربية مجاورة ومؤثرة وكيف انه لم يلتفت الى معاناة من كانوا يقتلوا يومياً في بيروت المحاصرة محاولاً الحصول على مكاسب سياسية.
وتُظهر وثائق، حصلت عليها "القبس" ومصدرها مراسلات وتقارير رفعت الى رئاسة الحكومة البريطانية عن مجريات المفاوضات لرفع الحصار عن بيروت التي شارك فيها الموفد الأميركي فيليب حبيب، كيف رفض عرفات نقل قواته من العاصمة اللبنانية الى دمشق وكيف ابلغ ابلغ مفاوضين عرب رفضه وضع عنق القضية الفلسطينية "في ايدي الأسد الماكر الخبيث الغدار" كما جاء في وثيقة رفعتها السفارة البريطانية في بيروت الى وزارة الخارجية في لندن وحفظت نسخة عنها في ارشيف رئاسة الحكومة وابلغ مضمونها الى الجانب الأميركي.
وتكشف الوثائق كيف اعطى الأسد ضمانات للأميركيين بعدم تحريك اي قوات للدفاع عن الفلسطينيين واللبنانيين في بداية الغزو الاسرائيلي للبنان في السادس من يونيو 1982 طالما التزمت اسرائيل اهدافها بأقامة منطقة آمنة داخل الاراضي اللبنانية وعلى امتداد 40 كلم من حدودها.
بالفعل، وعلى الرغم من التزام منظمة التحرير بوقف إطلاق نار وصواريخ من لبنان على إسرائيل تم ترتيبه في أعقاب غارات جوية إسرائيلية وأبلغت المنظمة الوسطاء من القوات الدولية على الحدود عند الثانية، فجر السادس من يونيو أن الفلسطينيين أمروا بوقف إطلاق الصواريخ على المناطق الشمالية من اسرائيل، لكن عند السادسة صباحاً شنت الطائرات الاسرائيلية حملة جوية شاملة على مختلف مناطق الحدود ونقاط التمركز وقواعد الصواريخ الفلسطينية، وعند العاشرة اجتازت قوات محمولة على المدرعات ودبابات قدّرتها القوات الدولية بنحو 150 ناقلة جند و100 دبابة، الحدود في اتجاه صور، ومجموعة أخرى باتجاه حاصبيا لتقترب من مواقع للجيش السوري في البقاع وثالثة في اتجاه جسر الخردلي ومرجعيون.
وأفادت قوات المراقبة الدولية (يونيفيل) بإنزال إسرائيلي جوي شمال صيدا، وبتواجد إسرائيلي بحري كثيف على امتداد الشاطئ اللبناني، خصوصاً مقابل صور وصيدا.
وقدرت يونيفيل عدد أفراد القوات الإسرائيلية التي اجتازت الحدود بحوالي 30 ألف عنصر، تساندها طائرات غير محدودة العدد. المنطقة العازلة
وفي السابع من يونيو تسلّم الرئيس الأميركي، رونالد ريغان، برقية من رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن، نُقل جانب منها الى البريطانيين عبر السفارة في واشنطن، يبلغه فيها بأهداف العملية، وهي إقامة منطقة عازلة على امتداد الحدود مع لبنان، وبعمق 40 كلم لمنع "الإرهابيين" من ترويع المواطنين الإسرائيليين في الجليل.
ووفق برقية من السفارة البريطانية في تل أبيب الى وزارة الخارجية في لندن، وأرسلت نسخ عنها إلى كل من السفارات البريطانية في دمشق والقاهرة وعمان وبيروت، استشهد بيغن بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وبما فعلته بريطانيا لشن الحرب على الأرجنتين واستعادة جزر فوكلاند.
وشدد بيغن على أن القوات السورية لن تهاجم ما لم تتصد للقوات الاسرائيلية المتقدمة نحو لبنان. واشار الى ان الحكومة الاسرائيلية تريد توقيع معاهدة سلام مع الدولة اللبنانية المستقلة، وقال إن الحكومة الإسرائيلية وافقت على دفع القوات الى لبنان في اجتماع مساء السبت. أين تبدأ مسافة الـ40 كلم؟
- ولم يحدد بيغن في رسالته أين تبدأ مسافة الـ40 كلم؟ هل من الحدود أم من منطقة يشرف عليها الرائد سعد حداد، قائد جيش لبنان الجنوبي المنشق عن الجيش اللبناني والمرتبط باسرائيل، أم من منطقة نهر الليطاني.
وأفادت البرقية بأن العملية العسكرية نالت شبه إجماع في إسرائيل، كما أيد اسحق رابين زعيم حزب العمل العملية، ونادى بعدم وقف النار حتى "تتوقف الأعمال الإرهابية ضد إسرائيل من لبنان وفي الخارج"، في إشارة إلى محاولة اغتيال السفير آرغوف في لندن.
وحده الحزب الشيوعي الإسرائيلي أدان العملية، وقال إنه مغامرة خطرة، وقد لا تكون محدودة، في حين أيدت الأحزاب الأخرى الممثلة في الكنيست عملية عسكرية محدودة الأهداف وسريعة. الأسد يقبل
وأبلغت إسرائيل السوريين عبر قنوات دبلوماسية (الأميركيون والبريطانيون) أن العملية غير موجهة ضدهم، وقبل الرئيس حافظ الأسد الأمر طالباً عدم مهاجمة الجيش السوري في البقاع أو في غيره من المناطق.
وأشار الدبلوماسي البريطاني السفير روبرت موبرلي، الذي أصبح لاحقاً سفيراً في العراق، الذي كتب البرقية، ان الاعتقاد السائد في تل ابيب أن العراق، وبإيعاز من صدام حسين طلب من أبونضال تنفيذ عملية ارغوف لإحراج البعثيين السوريين وجعل الأسد أضحوكة في العالم العربي. الحزام الآمن
ولاحظ موبرلي أن الحكومة الإسرائيلية ستتجاهل أي محاولة دولية لوقف إطلاق النار قبل تنفيذ الأهداف التي حددها وزير الدفاع ارييل شارون ووافق عليها مجلس الوزراء، وهي تتمثل في إبقاء نيران المدفعية الفلسطينية والصواريخ بعيداً عن الأهداف الإسرائيلية في الجليل.
وقال إن الإسرائيليين يريدون حزاماً آمناً في الجنوب، لكنهم لا يريدون البقاء طويلاً هناك، ويفضلون أن تحل قوات دولية في المنطقة التي سينسحبون منها بعد تدمير البنية التحتية للفلسطينيين.
وأشار إلى أن فيليب حبيب الموفد الأميركي الذي عيَّنه الرئيس رونالد ريغان للتوسط في الأزمة، سيقابل وزير الخارجية الإسرائيلي إسحق شامير ومن ثم رئيس الحكومة مناحيم بيغن في هذا الشأن "وأبلغني مدير عام الخارجية ديفيد كيمحي بأنهما سيبلغانه بالأهداف".
وفي برقية ثانية، حملت تاريخ 7 يونيو 1982، قال السفير موبرلي إن كيمحي أبلغه أن "الاعتداء على أرغوف كان القشة التي قصمت ظهر الجمل"، وأنها تسببت في استعجال العملية العسكرية الإسرائيلية بعدما شهدت زيادة في الاعتداءات عليها منذ وقف لإطلاق النار تم التوصل إليه في يوليو 1981، خصوصاً في الخارج. … إسرائيل استهدفت تسوية مثل الجولان
وادعى كيمحي أن إسرائيل تصرفت مثل بريطانيا التي سارعت إلى حماية مواطنيها في جزر فوكلاند، وأن الأهداف الإسرائيلية البعيدة المدى هي تحقيق سلام دائم وطويل المدى كالذي تحقق في الجولان مع حكومة الأسد.
وشدد السفير البريطاني على أنه أبلغ كيمحي أن المقارنة مع ما تم في فوكلاند لا يمت إلى الواقع بصلة، وأن ما فعلته بريطانيا كان لحماية أراض بريطانية، في حين أن الأراضي اللبنانية ليست إسرائيلية على الإطلاق لشن حملة عسكرية فيها.
وتحدث كيمحي عن خيارات أربعة بعد وقف إطلاق النار وانتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية، بينها وضع قوات دولية مثل تلك التي شكلت للإشراف على تنفيذ الهدنة في سيناء، وتشكيل حكومة لبنانية قادرة لا تسيطر عليها منظمة التحرير، وإنهاء الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان.
وشدد على أن إسرائيل لن توافق على تجريد قوات الرائد حداد من سلاحه وحل جيش لبنان الجنوبي قبل الاستقرار النهائي للوضع، ملمحاً إلى أن الجيش الإسرائيلي قد يبقى في لبنان لفترة موقتة لم يحدد مداها.
وتحدث كيمحي، عرضاً، عن تحريك سوريا دبابات ومدرعات إلى مناطق في البقاع الجنوبي، ولكنه شدد على أن إسرائيل لا تعتقد أن السوريين سيدخلون المعركة، وأن تعزيزات الدبابات السورية في المنطقة هدفها إعلامي فقط، خصوصاً أن أي قوات سورية لم تُحرك في منطقة الجولان، كما لم تُعلن هناك أي حالة تأهب. موقف موسكو
وتضمنت الوثائق بعض ما جاء في تصريحات مسؤولين روس نقلتها وكالة أنباء "تاس" السوفيتية من موسكو في 7 يوليو، وجاء فيها إدانة للغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان.
واتهمت موسكو الولايات المتحدة ودول الأطلسي بمباركة العملية العسكرية الإسرائيلية.
وطلب السوفيت وقف الأعمال الحربية، وانسحاباً إسرائيلياً فورياً من الأراضي اللبنانية، لأن الغزو "سيعيد الغليان إلى منطقة الشرق الأوسط ما يهدد الاستقرار في العالم".
ولاحظت الدبلوماسية البريطانية أن بيان «تاس» لم يكن بالقوة المعتادة على الرغم من أن الصحافة السوفيتية وصفت ما يجري بأنه الحرب العربية الإسرائيلية الخامسة، وأنها حرب إبادة إسرائيلية جديدة.
وقالت إن موسكو لم تُشر على الإطلاق إلى انعكاسات الغزو على تنفيذ اتفاقات كامب ديفيد كما لم تُشر إلى مصر على الإطلاق.
قبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981 - (5) قلق من تدهور الأمن.. و«دبلوماسية القنابل»
انفجارات في شارع فهد السالم 1980 .. اسلوب اجرامي للضغط على الكويت (ارشيف)
لندن ــــ رائد الخمار
رأت الدبلوماسية البريطانية ان عام 1981 بدأ مشرقاً مع عودة الديموقراطية الى الكويت، لكنها ايضاً الكويت تعيش قلقاً واضطراباً في ضبط الوافدين والمتسللين وفي منع جرائم بشعة وسط جشع وتسابق على تحقيق ارباح في سوق المناخ من دون أسس اقتصادية.
تجارة بالبشر
وفي تقرير رفعه تشارلز برنتس الى نلسون كونر في دائرة الشرق الاوسط بالخارجية البريطانية ابلغه فيه عن ان «القلق يعم الكويت من تزايد اعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين توافدوا الى الكويت منذ مطلع السنة في ظل انفلات امني غير معهود، ووسط القلق من ان تؤدي الحرب العراقية - الايرانية، وازدياد الاضطرابات في منطقة الشرق الاوسط الى تشجيع المتاجرين بالبشر لتأمين دخول من يرغب الى الكويت بعد دفع مبالغ معينة تراوح بين 1500 و2500 دولار حسب المنطقة التي يصل منها بالتواطؤ مع بعض العاملين في المناطق الحدودية وحتى بعض موظفي وزارة الداخلية».
أحداث غريبة
وفي التقرير الذي حمل تاريخ 20 ابريل 1981 «ان الكويت تعيش منذ الاسابيع الثلاثة الاخيرة وقتاً عصيباً وقلقاً في امنها الداخلي، خصوصاً ان احداثاً غريبة وقعت وضخمتها الصحافة بنشرها في صدر صفحاتها الاولى وبإثارة لافتة».
واورد انه «في الاسبوع الاول من ابريل عثر على فتاتين آسيويتين مقتولتين بعد اغتصابهما، في حين عاد مغتصب النساء الذي كان يخدرهن بالكلوروفورم الى العبث بالامن، كما ان حريقاً مفتعلاً اصاب مبنى تجارياً في شارع فهد السالم وسط بدايات محاكمة مشبوهين اوقفوا بعد محاولتهم ضرب جمعية الاصلاح الاجتماعي بالقنابل في ديسمبر 1980».
وقبيل اجراء الانتخابات العامة قُتل مواطن سوري في شارع فهد السالم وسط ظروف غامضة.
فرصة لزيادة الشعبية
ولاحظ التقرير في بنده الثالث ان الصحافة شنت بعد هذه الاحداث حملة على وزارة الداخلية، خصوصاً بعد حادثة الفتاتين. كما ان نواباً في مجلس الامة طالبوا الوزارة بالضرب بيد من حديد او باقالة المسؤولين عن الأمن اذا فشلوا في اقرار النظام واعادته الى شوارع الكويت. لكن لم يصل الامر بالنواب الى توجيه استجواب الى وزير الداخلية نفسه الشيخ نواف الاحمد على اعتباره من افراد العائلة الحاكمة وشقيق الامير (...).
وكانت الجريمة فرصة لنواب معينين لزيادة شعبيتهم في حين كان الأمر بالنسبة الى الوزراء التجربة الاولى للمحاسبة منذ اربع سنوات لم يتعرضوا للمساءلة امام الرأي العام.
.. أيضاً الإعلام «متهم»!
وردت الحكومة بحملة اعلامية محاولة الدفاع عن نفسها وسط اتهامات التقصير ومثل الشيخ سعد، باعتباره كان مسؤولاً عن تعيين غالبية الضباط في وزارة الداخلية عندما كان المسؤول عنها على مدى سنوات، امام مجلس الامة في التاسع من ابريل متوعداً بالضرب بيد من حديد في محاربة الجريمة، في حين اعطى مدير الامن اللواء محمد القبندي مقابلات للصحافة والتلفزيون، وانتقد تضخيم الاعلام ما جرى في الكويت والحديث عن انفلات الامن. وشدد الشيخ سعد والقبندي على اهمية الحفاظ على امن الكويت ومبادئها وعاداتها واخلاقها.
أنصار حداد
وبدأت الشرطة ورجال الامن بنشر دوريات، واقامة حواجز ليلية على الطرقات، بحثاً عن المقيمين غير الشرعيين واي مشبوه كما استهدف البحث عن قاتلي الفتاتين الآسيويتين قبل ان يُعتقل مواطن كويتي وآخر سعودي للاشتباه بدورهما في الجريمة. كما تم توقيف من المسؤولين عن احراق المبنى في شارع فهد السالم، ويعتقد انهم ينتمون الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من انصار وديع حداد.
نوعية الجرائم تتغيَّر
ومع ان الشيخ سعد ابلغ النواب انه من «المستحيل القضاء على الجريمة مائة في المائة مع احترام الحريات الشخصية، الا انه شدد على عزم الحكومة الاستمرار في اجراءات لخفض نسبتها». لكن ما شغل بال الكويتيين في هذه المرحلة نوعية الجرائم التي تغيرت مع تغير طبيعة سكان الكويت، وبدء تحول الكويت الى ساحة للتصفيات السياسية. وقال التقرير ان الكويتيين شعروا ان بامكان العراق ان يفعل ما يشاء في الكويت من دون ان يتمكن احد من ان يحاسبه على اي جريمة. وخلص التقرير الى القول «ان التحليل المتأني لما يجري هو ان الكويت لا تزال آمنة، لكنها خائفة»، وان «الحكومة تعتقد انها قادرة على ان تسيطر على الامن في مختلف الاحوال الا..».
رسالة سياسية.. بالقنابل
لكن الاحداث الامنية لم تتوقف عند هذا الحد.. وتلقت دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية برقية من السفير في الكويت، حملت الرقم 303، تحدثت عن انفجار خمس قنابل في شوارع الكويت في الخامس والعشرين من يونيو 1981 استهدفت ثلاث منها وسط مدينة الكويت قرب وزارة الداخلية وقرب قصر الضيافة ومديرية الامن، واستهدفت الثانيتان منشأة سياحية في السالمية، ومحولاً كهربائياً في الفنطاس، كان وزن اكبرها، وفق الخبراء، ثلاث كلغ من المتفجرات البلاستيكية. وذكر ان القنابل رسالة سياسية الى الكويت، ولم تستهدف ايقاع اضرار في الارواح البشرية. وسرت اشاعات بان منتمين الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وضعوها للضغط على حكومة الكويت واجبارها على الافراج عن المعتقلين، باحراق المبنى في شارع فهد السالم. وتم اعتقال عدد من المشتبه بهم بزرع القنابل وقيل انهم سيقدمون الى المحكمة في أسرع وقت ممكن.
ونشرت الصحافة تصريحات لمدير مكتب منظمة التحرير في الكويت عوني بطاش بان التفجيرات جريمة ارهابية، قائلاً «ان امن الكويت من امننا». وانعقدت جلسة طارئة للحكومة، ومن ثم جلسة سرية لمجلس النواب، تحدث فيها الشيخ سعد مطمئناً الكويتيين على امنهم.
محاكمة غيابية وحضورية
وفي السادس عشر من اغسطس، تسلم مايكل كرزنر في دائرة الشرق الاوسط تقريراً من كريستوفر في السفارة البريطانية في الكويت، تناول محاكمة المشبوهين حضورياً وغيابياً.
جاء في التقرير:
ان احكاماً صدرت في الخامس عشر من الشهر الجاري بحق 13 متهماً بتفجيرات القنابل في الخامس والعشرين من يونيو الماضي، وبانفجار 28 مارس الذي استهدف شركة ايرانية للملاحة البحرية.
وقضت المحكمة بالسجن مدى الحياة على ستة مشبوهين، بينهم اربعة غيابياً، في مسألة القنابل الخمس، وقضت بسجن احدهم سبع سنوات، ومن ثم ابعاده عن الكويت. وقضت في شأن الشركة الايرانية بالسجن مدى الحياة على متهم، وأُفرج عن ثلاثة، بينما تلقى آخر حكما بالسجن سنتين، في حين غرّمت المحكمة متهماً بمبلغ 400 دينار.
زيارات المسؤولين الفلسطينيين
وتناول التقرير علاقات الكويت مع منظمة التحرير وزيارات كبار مسؤوليها الى الكويت.
واشار الى ان الوضع في لبنان كان مدار بحث، اضافة الى أمن الكويت في ظل التفجيرات الاخيرة. وزار الكويت في الثاني من يوليو
ياسر عرفات رافقه صلاح خلف (ابواياد) ورفيق النتشة (ابوشاكر) ممثل فتح في السعودية وقابلوا الشيخ سعد.
كما زار الكويت في السابع والعشرين عبدالكريم حمد (ابوعدنان) من فتح الذي قابل الشيخ سعد وابلغه - شفوياً - تقريراً عن بعض القضايا الامنية.
وفي الخامس من اغسطس وصل الى الكويت خليل الوزير (ابوجهاد) يرافقه الكولونيل فخري من جيش التحرير وهاني الحسن المستشار السياسي لياسر عرفات، وقابل هذا الوفد الشيخ صباح الاحمد والشيخ سالم الصباح ولاحقاً الشيخ سعد، ومن ثم رئيس مجلس الامة محمد العدساني.
معونات إضافية
ورافق كل زائر الى اي مقابلة مع مسؤول كويتي بطاش او سليم الزعنون ممثل حركة فتح في الكويت والخليج.
ومع ان ما قيل عن الزيارات انها تناولت اطلاع الكويت على التطورات الاخيرة في لبنان بصفة ان الكويت عضو في لجنة المتابعة العربية، الا انه قيل ان جماعة فتح طلبوا اموالاً اضافية بعد المعونة الاضافية التي قدمتها السعودية وبلغت 20 مليون دولار.
وطلب عرفات من القيادة الكويتية استقبال جرحى الغارات الاسرائيلية في المستشفيات الكويتية ومنحهم اقامة حتى يستعيدوا صحتهم - على الأقل - الامر الذي لا يروق الكويت بسبب زيادة اعداد الفلسطينيين فيها لتجاوزهم الــ 250 الفاً، على اقل تقدير.
ارتياب من الموقف العراقي
في المقابل، لا تزال الكويت مرتابة من الموقف العراقي، خصوصاً ان اربعة من المحكومين غيابيا في قضايا التفجيرات هربوا الى العراق.
وكانت الحكومة اوفدت اللواء عبداللطيف الثويني الى بغداد بعد ايام من تفجيرات 25 يونيو في محاولة لاقناعها بتسليم الاربعة، لكن رد صدام حسين كان الرفض، مشدداً على ان تسلم الكويت بدورها للعراق العناصر المعادية له، التي تقوم بنشاطات هدامة ضد امنه.
واشار التقرير الى ان العلاقات السيئة مع العراق ومع الفلسطينيين انعكست على الامن الداخلي، مما دفع المسؤولين الكويتيين الى الحديث عن الامن في اي مناسبة ومحاولة تحديث منظومتهم الامنية عبر مختلف الوسائل والطرق وتأمين مخبرين بين مختلف شرائع الكويتيين والمقيمين.
المحكومون
وضم التقرير ملحقاً عن اسماء المحكومين في ضرب الشركة الايرانية، وهم:
وصفي يوسف اللافي (السجن مدى الحياة)، توفيق عمر احمد (السجن سنتين لحيازته مفرقعات) ومدحت عيسى حسان الدعاش (400 دينار غرامة)، وتم الافراج عن برهان الخطيب وعبدالله عبدالهادي صبح واحمد مصطفى ابوحسان.
وقضت المحكمة بالسجن مدى الحياة في قضية التفجيرات على حمزة ثقاب ابوالنور الطيراوي واحمد علي القديمات وخليل يوسف الشيخ (غيابياً) وخالد يوسف سعيد (غيابياً)، وعبدالهادي محمد الدويك (غيابياً) وصدقي عارف عبدالوهاب العطري (غيابياً) ونال عبداللطيف الدرويش حكماً بالسجن سبع سنوات، في حين تمت تبرئة خالد عبدالحميد الكشكش.
الحلقة المقبلة:
كيف رأت السفارة الانتخابات قبل حدوثها؟
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981 - (6) حملة انتخابات 1981 الأكثر بذخاً وتبذيراً
لندن ــــ رائد الخمار
شغلت الانتخابات النيابية في الكويت البعثات الديبلوماسية المعتمدة في الدولة، وراحت التقارير ترفع إلى وزارات الخارجية في الدول العربية والأجنبية، عما يجري في الكويت وعن الحملة والمرشحين وجهود الحكومة لتأمين «مجلس متعاون لا يؤسس لمشاكل مع السلطة»، كما تحدث تقرير كتبه تشارلز برنتس من السفارة البريطانية في الكويت، ووجه إلى مايط كونر في دائرة الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، بتاريخ 20 فبراير 1981 وحفظ في وثائق الأرشيف الوطني ضمن الملف «إن بي كي 1/014».
نفقات وبذخ
بدأ التقرير بالقول «إنه مع قراءة هذا التقرير يكون الكويتيون اختاروا أعضاء مجلسهم الجديد بعد شهر من الحملات الإعلامية والضيافة على حساب المرشحين في ديوانيتهم أو في الخيم الانتخابية، حيث الطعام والشراب مجاناً، وحيث ينفق المرشحون مئات آلاف الدنانير، ويبذخون على الحملة، وهي الأكثر تبذيراً في تاريخ الكويت.
وكان 530 مرشحاً تنافسوا في بداية الحملة، لم يبق منه في نهايتها سوى 447 مرشحاً تنافسوا على 50 مقعدا في 25 دائرة انتخابية سيتم اختيارهم في الثالث والعشرين من فبراير، بينما لم يتجاوز عدد المرشحين في انتخابات عام 1975 مستوى 278 مرشحاً في الدوائر العشر السابقة.
وعدد المرشحين ملموس جداً مقارنة مع عدد الناخبين في كل دائرة، حيث يتراوح بين 1500 و2000 ناخب سيختارون من بين معدل 15 إلى 20 مرشحاً في الدورة الحالية.
تصفيات ورشى
ووفق توقعات «الخيم الانتخابية قد يكفي 400 صوت انتخابي لإنتاج نائب من دون الحاجة إلى دورة انتخابية ثانية على الإطلاق. ويمكن لعائلة كبيرة وأفخاذها أن تختار المرشح الذي تريده، ومن ثم توصله إلى مجلس الأمة من دون الحاجة إلى تأييد عائلة أخرى، خصوصاً في المناطق البدوية، حيث جرت بعض التصفيات بين ابناء القبيلة الواحدة، وحيث جرى ضخ الرشى.
وسيلة تكسّب
ويبدو أنه ليس جميع المرشحين كانوا جديين في ترشيحاتهم، اذ استغل عدد من الضباط والجنود الانتخابات للاستقالة من الوظائف والاستعداد لدخول مجلس الامة ونيل الوجاهة، مع راتب شهري يصل إلى 800 دينار، إضافة إلى مزايا مقابل عمل ثلاثة أيام أسبوعياً لفترة دوام واحد.
وليس على المرشح سوى أن يدفع 50 ديناراً ليقدم ترشيحه، وقد يحصل على أضعاف مضاعفة للانسحاب إذا كانت لديه القدرة على تجيير 20 صوتاً وما فوق لمرشح آخر.
جهلة وطماعون يستغلون الديموقراطية
ولاحظ التقرير أن ما يصل إلى ما بين مئة و150 مرشحاً دخلوا الحلبة طمعاً بالحصول على مبالغ مالية من غيرهم من المرشحين، ما جعل العملية أشبه باستغلال بعض الجهلة والطماعين للعملية الديموقراطية. وذكر التقرير بقول سمعه السفير سيدني كمبريدج من الملحق الصحافي في سفارة الكويت في لندن حمد السعيدان بأن العملية الانتخابية أشبه بـ«مسرحية مضحكة»، خصوصاً بعد محاولة «مجهولين جهلة» الوصول إلى البرلمان.
وكان الشيخ صباح الأحمد أكثر سخرية عندما تحدث إلى سير ايان غيلمور رئيس مجلس اللوردات عن أسماء غريبة لمرشحين «يصعب نطقها أو تذكرها» وظهرت في لائحة المرشحين الساعين إلى الوصول إلى القبة البرلمانية.
لكن هذه النظرة المتشائمة، يضيف التقرير، لا يمكن تطبيقها على الجميع حتى في بعض الدوائر التي تُؤثر فيها الأصوات البدوية.
ويقول الكويتيون المتعلمون إنهم يعرفون الشخص المناسب لاختياره على رغم إمكانية وصول بعض المجهولين من غير أصحاب الكفاءة.
سعر الصوت والرشوة
وتحدث التقرير عن أن قيمة الصوت الانتخابي بلغت 300 دينار او 500 في دوائر خارجية او حتى مقابل «وعود مصاهرة».
وبدا أن الحملات الانتخابية الجدية تفيد الصحف التي تتقاضى مبالغ عالية من المرشحين لقاء نشر إعلاناتهم والحديث عن حملاتهم الانتخابية وبرامجهم، مع وعد من المرشح بشراء اعداد من الصحيفة التي تنشر برنامجه الانتخابي لتوزيعها في ديوانيته او في خيمته.
«الداخلية» تهدد .. والرشوة باقية
وعلى الرغم من أن دائرة الفتوى في وزارة الاوقاف حرمت في بيان أصدرته في الخامس من يناير الرشوة الانتخابية، وعلى الرغم من ان وزير الداخلية قال أخيرا «إن القانون سيطبق ضد الراشين والمرتشين»، إلا أن العملية مستمرة حتى ان بعضهم يتقاضون الاموال كي لا ينتخبوا الخصم على الرغم من نسبتهم إليه، ومن ثم يخفون جنسياتهم او يسلمونها مقابل الاموال كي لا يستطيعوا الاقتراع.
وجدد التقرير الحديث عن أن الأحزاب ممنوعة في الكويت، ويقدم المواطنون ترشيحاتهم بشكل فردي أو أحيانا عن القبيلة، لكن الحكومة حضتهم على الحديث عن تمثيل أبناء الكويت باكملهم وليس الدائرة الانتخابية الضيقة.
50 حزباً أو أكثر
ونقل التقرير عن الشيخ جابر العلي، الذي عارض العودة الى الحياة الديموقراطية، قوله لسير ايان غيلمو: «اذا سمحت الكويت بتأسيس احزاب يمكن ان نجد على الفور 50 طلبا او اكثر».
ولاحظ التقرير ان المرشحين داخل السور يتحدثون عن النفط والاموال العامة والقضايا الخارجية الحساسة، مثل فلسطين والحرب العراقية ـ الإيرانية ومجلس التعاون الخليجي وأسلمة القوانين، لكن مرشحي المناطق الخارجية يتحدثون عن فرص العمل في قطاع النفط والمدارس لأبناء البادية وبناء المساجد إضافة إلى التجنيس.
وتوقع التقرير خسارة النائب السابق أحمد الخطيب، لكن «المرشحين الثمانية» الآخرين الذين ينتمون إلى خط الخطيب وحركته الديموقراطية فرصهم أفضل وهم ينادون بـ«مشيخة» ديموقراطية وبمجتمع مثالي وهم يتمتعون بتأييد اليساريين والناصريين والشيوعيين والمنادين بتحويل الكويت إلى جمهورية.
الشباب الجامعي
وتحدث عن تجمّع آخر من الشباب الجامعي الذين يلتقون حول المثالية ذاتها، لكن فرصهم ضئيلة، لأن المجتمع الكويتي لاتزال تجمعه صلاة القرابة والبداوة، ويعتقد أن أصواتهم ستصب في مصلحة الصلات العائلية والصداقة وحتى القبلية من دون الأخذ في الاعتبار تشكيل كتلة متراصة يمكن أن تفرض نفسها لاحقا ككتلة مستقلين.
ويجمع هؤلاء على أن اليساريين في المجلس السابق تسببوا بحل المجلس وتعليق الحياة النيابية، وهم يعتقدون أن فرصهم الوظيفية أفضل بعدم مناكفة العائلة الحاكمة ومن ثم الاستفادة من العمل معها لتحديث المجتمع.
جمعية الإصلاح
وشدد التقرير على أن جمعية الإصلاح الاجتماعي «الوجه الشرعي الرئيسي للسنة»، تعتقد أن المجلس منبر مناسب لتأمين تطبيق الشريعة وتتحالف الجمعية مع من يناسب في خدمة مرشحيها، وتتبادل الاصوات معهم. ولهؤلاء مرشح رئيسي هو عيسى الشاهين. وتبني الحكومة علاقات جيدة مع الإسلاميين لمحاربة من تسميهم اليسار التقدمي الذي يريد ربط الكويت بالتيارات الأيديولوجية في العالم.
الشيعة الأكثر تنظيماً
ولاحظ أن الشيعة هم الفئة الأكثر تنظيما بين المجموعات الانتخابية وسيمثلون حكما في المجلس الجديد، لكن أعدادهم لن تكون كبيرة بسبب توزيع الدوائر الانتخابية. وقد يتحالف الشيعة مع التجار ويقترعون الى جانبهم، وعلى هذا الاساس يمكن للتجار أن يقدموا الدعم للمرشحين الشيعة في مختلف الدوائر.
الفرعيات ممنوعة والحكومة لا تطبق القانون
وعلى الرغم من أن الحكومة منعت الانتخابات الفرعية بين القبائل، لكنها لا تستطيع أن تطبق القانون على بعض القبائل، تحسباً منهم ومن انتقامهم لاحقاً.
ومع أن الحكومة لا تملك أوراقاً كثيرة، فإنها استطاعت ان تمنع النائب السابق المعارض خالد خلف من دخول المجلس الجديد عبر آلية تقنية تناولت جنسيته.. وتعتقد السفارة أن الانتخابات لن تشهد تزويراً وتدخلاً مكشوفاً من الحكومة.
وكانت الحكومة عقدت جلسات متلاحقة لإصدار بعض القوانين الحيوية قبل موعد استقالتها إثر الانتخابات النيابية.
وسيكون على المجلس الجديد أن ينتخب رئيسه وهيئة المجلس ورؤساء اللجان، ومن ثم البدء في إقرار القوانين التي صدرت في غيابه الذي دام أربع سنوات.
ويبدو أن المجلس الجديد سيتعاطى بحساسية مع الاقتراح القاضي بتشكيل لجنة لتعديل الدستور او بعض مواده وهي قضية حساسة جداً في الكويت.
لكن هناك قضايا حساسة جداً ستواجه المجلس الجديد مثل حق الاقتراع والترشيح للمرأة، ومن ثم اعتماد الشريعة المصدر الأساس للتشريع.
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981 - (7) الأموال والأسلحة في العلاقات الكويتية - البريطانية
لندن ــــ رائد الخمار
منذ وصول السيدة مرغريت تاتشر الى الحكم في انتخابات 1979 حاولت تأمين الاموال والاستثمارات الخارجية لاحياء الاقتصاد البريطاني، وعملت دائماً على اجتذاب «اموال النفط» والصناديق السيادية.
ومن بين اولى نشاطاتها «خليجياً» تشجيع مكتب الاستثمار الكويتي لضخ مبالغ اضافية في العقار، وحتى في الشركات والاستفادة من برامج التخصيص التي كانت بدأتها عبر بيع شركات القطاع العام بحجة «زيادة انتاجيتها في اقتصاد السوق» كما كانت تقول، من دون الاخذ بالاعتبار الانعكاسات على سوق العمل وزيادة نسبة البطالة قائلة «ان القطاع الخاص قادر وبكفاءة ايجاد فرص اكبر وانتاجية اكثر في الاقتصاد الوطني».
بين العتيقي والحمد
فور تشكيل الحكومة بعد الانتخابات العامة، تم توجيه دعوة الى وزير المالية الجديد عبد اللطيف الحمد لزيارة لندن، وبدء تعاون اكبر مما كان في عهد الوزير السابق عبد الرحمن العتيقي، الذي كان متحفظاً في ضخ اموال اضافية في سوق لندن «قبل ان تُظهر نسبة تنافسية اكبر»، كما ابلغ مسؤولين في السفارة البريطانية في الكويت.
الوزير الحمد زار لندن والتقى وزير الخزانة البريطاني سير جيفري هاو في 11 داوننغ ستريت، وكان برفقته السفير الكويتي في لندن ورئيس مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، اضافة الى سكرتيره الخاص.
ووفق تقرير عن الاجتماع الذي تم ظهر الثلاثاء 30 يونيو تناول الحاضرون بالبحث مواقف صندوق النقد الدولي عند البحث في مسألة عضوية منظمة التحرير، وانتقد الوزير الكويتي موقف بريطانيا ودول اوروبا السلبي من الامر.
استثمار متوازن
وبحث الطرفان الكويتي والبريطاني في برامج الطاقة وعلاقتها بالاموال اللازمة لتطويرها، ومسألة تأمين الطاقة من الدول المنتجة الى الاسواق الاستهلاكية.
وعند التطرق الى نشاطات مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، اوضح الحمد للوزير البريطاني ان سياسة الكويت الاستثمارية ستبقى متوازنة، وتتخذ القرارات وفق آلية السوق، مع الاخذ بالاعتبار تأمين النمو الاقتصادي في دول العالم الثالث (...) التي تؤيد القضايا العربية.
اشتروا شركاتنا
اعرب الوزير البريطاني عن أمله بسعي مكتب الاستثمار في لندن للحصول على نسب في الشركات البريطانية التي سيتم تخصيصها مستقبلاً، «لأنها ستؤمن مردوداً ممتازا» كما قال.
وعن القضايا النفطية واسعار الطاقة وامكانية تسعير النفط وفق حاجات السوق والنمو، قال الحمد «نعتقد ان الاسعار يحددها الطلب والنمو في الغرب او العالم الثالث». لكن الوزير البريطاني اعرب عن القلق من ان تؤدي الاسعار المرتفعة للنفط الى خفض فرص النمو.
وعن مستوى الفوائد على العملات الرئيسية في العالم سأل الوزير الحمد الوزير هاو عما اذا كان خفض الفائدة على الاسترليني والدولار يوازن الاسواق، الا ان الوزير هاو قال «اعتقد ان هدفنا مع الولايات المتحدة من خلال رفع اسعار الفائدة ايجابي لكم ولاستثماراتكم ومردودها خصوصاً الوديعة الكويتية الكبرى في بريطانيا (...) ونحن نحاول ضبط التضخم عبر الفائدة العالية على الاقتراض».
واشار الوزير الحمد الى انه على الرغم من مصلحة الكويت بالحصول على مردود افضل من فائضها الموظف في سوق الدولار، الا انها ترى ان من مصلحة العالم الثالث الاقتراض من الاسواق الدولية بفائدة اقل لحفز نموه.
من ألمع الكويتيين
وأرفق بالتقرير نبذة عن الوزير الحمد افادت بانه مولود في عام 1936 ومتعلم في القاهرة، قبل ان يدرس الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة هارفارد، كما عمل قبل تسلمه وزارة المالية في الكويت مديراً للصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والمدير الاداري لشركة الاستثمار الكويتية.
وانهت النبذة التي عرضت على الوزير هاو قبل الاجتماع القول بانه (الحمد) واحد من المع الكويتيين في مجاله، وهو يتمتع بمصداقية، اضافة الى الاحترام بين المصرفيين في اوروبا والولايات المتحدة من الذين تعاونوا معه، اضافة الى انه يتحدث الانكليزية بطلاقة مع لكنة اميركية.
لقاء الشيخ سالم ودوغلاس هيرد
كان الشيخ سالم الصباح وزير الدفاع الكويتي التقى في لندن، قبيل الانتخابات العامة، مع وزير الدولة للشؤون الخارجية دوغلاس هيرد وتناول اللقاء مواقف بريطانيا من قضية الشرق الاوسط، وامكانات الدعم الذي يمكن ان تقدمه حكومة لندن للكويت في مجال المشتريات العسكرية، والدعم الممكن سياسياً وعسكرياً لدول مجلس التعاون المقبل، اضافة الى انعكاسات الحرب العراقية الايرانية على الكويت وامنها.
وفي تقرير عن اللقاء الذي تم في لندن في 13 يناير 1981 بحضور السفير الكويتي، بدأ الحديث بسؤال من الشيخ سالم عن لقاء هيرد مع الشاذلي القليبي الامين العام للجامعة العربية في تونس، فأجاب الوزير البريطاني اننا ناقشنا امكانات الحوار العربي الاوروبي عندما تتولى بريطانيا رئاسة المجموعة الاوروبية، واشار الى انه أبلغ القليبي ان من الافضل ان تُحدد منظمة التحرير موقفها من مستقبل الصراع مع اسرائيل قبل انعقاد القمة الاوروبية المقبلة في البندقية في يوليو المقبل. ومن الافضل ان تقول المنظمة في بيان ما تقوله في الاجتماعات المغلقة في شأن اعترافها باسرائيل.
وذكر الشيخ سالم أن النظام السوري «يضغط على المنظمة كي لا تتخذ مواقف معتدلة».
وقال هيرد «اذا اردنا التأثير في مواقف الولايات المتحدة فعلينا الحصول على مساعدة من المواقف الفلسطينية». وعما اذا كانت زيارة كيسنجر الاخيرة الى الشرق الاوسط نالت دعم ادارة الرئيس ريغن قال هيرد «اعتقد انها اخذت علماً بما سيبحث لكنها لم تعطه الدعم الرسمي بانتظار النتائج».
فكرة التعاون
وابلغ هيرد الشيخ سالم، على رغم ان ليس له صلة بالسياسة الخارجية لدولة الكويت التي يرسمها الامير مع الشيخ صباح الاحمد «انه فوجئ بحماس دولة الامارات للمبادرة الكويتية في خصوص مجلس التعاون الخليجي».
وكشف سالم الصباح للوزير البريطاني كيف انبثقت الفكرة اثناء القمة العربية الاخيرة في عمان في نوفمبر الماضي. وقال «عندما استشارت الكويت السعودية في هذا الشأن اعطى الامير فهد بركته، كما ابلغ العراقيون بالاقتراح، ومن ثم ارسل الاقتراح رسمياً الى زعماء دول الخليج فنال الموافقة قبل ان يبحث الشيخ صباح الامر مع صدام حسين في بغداد، الذي اعطى موافقته لكنه لم يظهر رغبة في الانضمام الى المجلس لانه، على ما يبدو، انهم ارتأوا ان الايرانيين قد ينزعجون ويمتعضون ويصبحون عدوانيين تجاه دول الخليج.
وبدأت الاستعدادات للقمة الاولى لتوقيع البروتوكول بتأسيس المجلس بعدها مباشرة.
العسكر والأمن
وسأل هيرد عما اذا كانت القضايا العسكرية والأمن ستدخل في الاعلان الرئيسي للمجلس، قال سالم الصباح «لا، انه سيقتصر على العموميات، على رغم ان التدخلات العسكرية الخارجية والاضطرابات الداخلية هي التهديد الاكبر لدول المنطقة». واشار الى وجود «تنسيق أمني متكامل بين دول الخليج، خصوصاً في محاربة اي تدخل ايراني في امورها الداخلية».
المشاكل مع إيران
عندما استفهم الوزير عما اذا كانت حدثت مشاكل جديدة مع ايران، قال الشيخ سالم «اننا نتوقع احداثاً خصوصاً بعد حادث العبدلي، الذي كان مقصوداً.. ونحن مستمرون بشحن البضائع عبر موانئنا الى كل من ايران والعراق من دون اي عوائق».
وسأل سالم الصباح هيرد عمن له السلطة في ايران بعد الخميني، فأجاب «ان بني صدر يحاول اقامة مركز قوة معتمداً على البازار والتجار، الذين بدوا، متضايقين من رجال الدين».
وأعرب الوزير الكويتي عن القلق من ان الافراج عن الرهائن الاميركيين سيعني استئناف شحنات الاسلحة الاميركية الى ايران، مما قد يعيد العراق الى احضان السوفيت، وقد يطلب العراق من العرب استخدام سلاح النفط للضغط على اميركا لعدم تزويد ايران بالاسلحة.
التسلح
واثار الوزير البريطاني مسألة مشتريات الاسلحة وحضه الشيخ سالم على استعجال تفاصيل صفقة دبابات تشيفتين الى الكويت.
وتحدث عن حاجة الجيش الكويتي الى رادارات يمكن ان تساعد في تأمين الدفاعات الجوية في هذا الوقت الحيوي، وقال انني سأعود في السادس عشر من الشهر، هل يمكن ان احصل على ما طلبته قبل ذلك الوقت؟!
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981 - (8) شكوى بريطانية ضد القبس لسخريتها من «الإمبراطورية»
لندن ــــ رائد الخمار
لم تسلم الصحافة الكويتية من اشاعات عن ان الحكومة ستتشدد في قانون الاعلام الذي يتعاطى مع الصحافة، ويصلت «السيف» عليها حتى تلقت احتجاجات من بريطانيا العظمى، حيث الصحف لا تتورع عن كشف اسرار الموتى وتتجسس على الهواتف النقالة، بالاشتراك مع الشرطة من دون اي وازع اخلاقي وحتى تتهجم على زعماء الدول وتصفهم باقصى النعوت.
شكوى ضد القبس
في يوليو 1981 كانت القبس مدار شكوى بريطانية عندما استدعت دائرة الشرق الاوسط السفير الكويتي غازي الريس الى الخارجية لتحتج على مقالات نشرتها القبس تتناول السياسة البريطانية في الشرق الاوسط والعالم، وحتى سخرت من زواج تشالرز وديانا.
وجاء الاحتجاج الرئيسي على افتتاحية القبس في 14 يوليو 1981 تحت عنوان: «الامبراطورية التي تنهار مرة اخرى».
الافتتاحية موضوع الشكوى
وكان نص الافتتاحية الآتي:
«المملكة المتحدة» التي كانت توصف سابقاً بانها بريطانيا العظمى، لم تعد متحدة وعظمى! ولم يبق من رموز الملكية سوى صورة الملكة اليزابيت، وغرام تشارلز وديانا..
وما يجري في بريطانيا اليوم تحاول رئيسة الوزراء السيدة ثاتشر، ان تموّه اسبابه ومغازيه، فتستخدم تعابير العنف والاضطراب العنصري واعمال الشغب لوصف «الثورة الصغيرة» التي بدأت تمتد من لندن لتنتشر في العديد من المدن البريطانية بسرعة مخيفة لاي حكومة تملك ذرة عقل.
وبريطانيا تتجرع اليوم قطرات من «السم الهاري» الذي صنعته بنفسها سابقاً، وسقته شعوب مستعمراتها عشرات السنين. وعرف تاريخ البشرية انواعاً كثيرة من من الاستعمار والغزو والهمجية، قديماً وحديثاً.. الا ان الاستعمار الانكليزي كان له طابعه الخاص، انه كان مزيجاً من الهمجية المغلفة باشكال حضارية مزيفة، ولأنه استعمار لم ينته بخروج المستعمر الانكليزي، وظلت آثاره عشرات السنين.
جنكيز خان وهولاكو والاسكندر، لم يكونوا أسوأ بكثير من القناصل و«المندوبين السامين» الانكليز في البلاد الشاسعة، التي استعمروها، لتنال بريطانيا لقب الامبراطورية التي لا تغيب الشمس عن «املاكها».
أسوأ الغزاة
أسوأ الغزاة في التاريخ انتهى ضررهم بمجرد خروجهم من البلاد التي اجتاحوها. اما الانكليز فقد تركوا خلفهم في كل بلد استعمروه، بذور الخلافات والحروب الاهلية، وزرعوا النعرات الطائفية والاقليمية، ورسموا خرائط الحدود، بحيث تكون بمنزلة قنابل موقوتة، لا بد ان تنفجر وتتفاعل وتتسع آثارها على امتداد السنين بعد خروجهم. قد فعلوا ذلك بنفسية لئيمة، حاقدة، متعالية على البشرية.
وهذا الامر ينطبق على جنوب شرقي آسيا، والمنطقة الخليجية، والشرق الادنى، وافريقيا. ويكفي ان تكون اسرائيل، هي رائعة الفكر الاستعماري الانكليزي، الذي بدأ بنسج خيوطها بصبر وأناة ومكر ودهاء ودناءة طوال نصف قرن تقريباً، قبل وعد بلفور وبعده.
دولة درجة ثالثة
ويشهد البريطانيون اليوم، في مجلس الشيوخ وخارجه ازير «وكفكفة» الشروخ والتصدعات العميقة في جذور الامبراطورية التي كانت الشمس لا تغيب عن «املاكها»، وتحولت اليوم الى دولة من الدرجة الثالثة تكاد لا تشرق الشمس عليها.
لم نكن ننتظر اندلاع هذه الثورة الاجتماعية الصغيرة، التي بدأت تنتشر في بريطانيا بسرعة، لكي ندرك الازمة الحقيقية الحادة التي تعاني منها المملكة المتحدة، وهي الانهيار الداخلي، والاقتصادي، والاجتماعي والنفسي، حيث تبدأ دورات جديدة من دورات التاريخ، التي نصفها نحن العرب بانها من نوع «على الباغي تدور الدوائر».
مساحيق تجميل
.. فهؤلاء الذين يصنعون الثورة الداخلية في بريطانيا اليوم هم انفسهم «رعاياها» السابقون الذين استنزفت بلادهم وآباءهم واجدادهم، ثم منحتهم في وقت من الاوقات بعض الامتيازات الصغيرة، مثل تلك التي وردت في قانون الجنسية عام 1948، وفي قانون الهجرة سنة 1971.
وتحاول السيدة، التي توصف بأنها ذات قبضة حديدية (رئيسة الوزراء مرغريت ثاتشر) وضع بعض مساحيق التجميل على وجه الحكم الانكليزي العنصري البشع، ربما من دون ان تلاحظ ان حديد قبضتها ينخره الصدأ.. وماذا يستطيع الصدأ أن يفعل في تثبيت دعائم امبراطورية تنهار للمرة الثانية او الثالثة، وربما تصبح من دول العالم الثالث في غضون عقود قليلة باذن الله!
اتصالات من دون نتيجة
في وثيقة حملت تاريخ 22 يوليو 1981 كتبها تشارلز برنتس ورفعها الى مايك كونورز في دائرة الشرق الاوسط وحملت الرمز «ان بي كي301/1»: ان اتصالات ديفيد مايرز مع السفير غازي الريس، التي تناولت ما نشرته صحف كويتية ضد بريطانيا مفيدة، وان كانت لم تؤد الى نتيجة بعدما دأبت الصحافة الكويتية اخيراً على انتقاد اداء حكومة السيدة ثاتشر فجأة.
وكان السفير الريس ابلغ مستر مايرز (من الخارجية) ان الصحافة الكويتية حرة في ما تكتبه كالصحافة البريطانية، وهي «على ما اعتقد لم تنشر ما يمكن لقانون المطبوعات ان يعاقبها عليه مثل التعرض للذات الملكية (رئيسة الدولة) او غيره من المحظورات»، مشيراً الى ان البند 35 لا يمكن تطبيقه في هكذا مجال، ولا يمكن تطبيقه في مقال تناول الامير تشارلز.
واعطى التقرير مثالاً على ما جرى ضد جريدة «الرأي العام» التي عُلّ.ق صدورها بسبب تعرضها للسلطان قابوس عندما قالت ان الطائرات الاميركية التي حاولت انقاذ الرهائن من السفارة الاميركية في طهران هبطت في سلطنة عُمان بمعرفة السلطان قابوس. كما ان الصحيفة نشرت طابعاً قالت انه عُماني يتضمن خريطة فيها بعض اجزاء من اراضي اتحاد الامارات.
ولاحظ كاتب التقرير ان غالبية الصحف الكويتية شاركت الاهتمام العالمي في ما جرى في بريطانيا عن عرس تشارلز وديانا.
تعابير غير لائقة
وفي الرسالة اشارة الى ان ديفيد مايرز وصف السفير الريس بنعوت معينة. كاتب التقرير قال «استغرب ما قاله مايرز عن السفير الريس لأنه شخص كفؤ جداً، وانه مقرب من وزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد ومن ولي العهد رئيس الوزراء الشيخ سعد العبدالله».
يُشار الى ان السفير الريس كان عُيّن في لندن في تلك الفترة لكنه لم يكن قد استقبل رسمياً بعد.
أبو الطيب تشارلز
كانت ذروة اشتداد الحنق البريطاني بدأت عندما نشرت القبس مقالاً بتاريخ 21 يونيو 1981 كتبه صالح الشايجي، وشبّه الامير تشارلز بـ «الفأر»، وكان عنوان المقال «ابو الطيب تشارلز المتنبي».
ووجه السفير كمبريدج في رسالة الى روبرت بالمر في دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية بتاريخ 30 يونيو 1981، سؤالاً الى الخارجية عمن يمكن ان يتصرف لوقف هذه التعليقات، خصوصاً تزامنها مع احتجاجات القراء على التغطية الزائدة للعرس الملكي المنتظر في الصحافة الكويتية.
وطلب السفير تعليمات عما اذا كان يجب عليه تقديم شكوى الى وزارة الخارجية. وتذكر السفير كيف تم استدعاؤه الى الخارجية الكويتية في 7 مايو 1980 وتلقيه محاضرة وانتقاداً شديداً على بث فيلم «موت اميرة» الذي ينتقد الاسرة المالكة في السعودية.
ونصح السفير بانه من الواجب على بريطانيا ألا تترك الفرصة تفوت وان تبلغ الكويتيين بانهم يطبقون معايير مزدوجة، وانه «عندما يوبخوننا لأننا اهنا العائلة المالكة في السعودية علينا ان نوبخهم لانهم اهانوا ملكنا المقبل».
وطلب السفير من الخارجية اخذ الامر على عاتقها والاتصال بالسفارة الكويتية للاحتجاج لديها.
وشبه السفير في البند الخامس من التقرير الشايجي بانه «افعى الماء».
وكان الشايجي في مقاله انتقد طريقة تغطية الصحف للعرس الملكي، وقال «اننا على مدى شهور لم نسمع سوى عن الفستان والعروس والعريس.. ان تشارلز ابن ابيه الامير فيليب، دوق ادنبرة، الذي لا تزيد وظيفته في الحياة عن كونه زوج الملكة.. وان يتبع خطاها كما يتبع الكلب سيده».
واضاف «بما ان الملكة والامير فيليب والامير تشارلز وديانا بريطانيون وليسوا عرباً لهم الحق بان يشغلوا العالم بضجيجهم، خصوصاً ان تشارلز سيصبح عريساً» ولتصور الصحافة ما يجري بانه «زواج العام».
وطالب الشايجي الصحافة المحلية بالكف عن اهتماماتها بالعرس، لأن العروس ليست عربية، ولأن العريس ليس من الجنس البشري!
الحلقة المقبلة:
بعثة بريطانية الى الكويت
لتشديد الأمن في السفارة
- (9) السفارة البريطانية ملجأ للمسؤولين في الطوارئ.. والعمليات الإرهابية نادرة في الكويت
احتلال السفارة الاميركية في طهران عام 1979 (ارشيفية)
لندن ــــ رائد الخمار
في الثالث عشر من فبراير 1981، زار هنري نيكولاس من الدائرة الامنية في الخارجية البريطانية، يرافقه ليزلي ستوكس وجون باتل من الاستخبارات الخارجية الكويت للاطلاع على ما اتخذته السفارة من تدابير حماية في وجه الاخطار التي كانت تهدد الكويت والبعثات الدبلوماسية فيها.
وكان هدف الزيارة تقويم مدى استعداد السفارة لتأمين امنها في وجه الاخطار، ومدى الخدمات التي يمكن ان تقدمها للرعايا البريطانيين وحتى للبعثات العسكرية التي يمكن ان تكون في زيارة للكويت ولتحديث الاجراءات التي لا تزال متخذة منذ 1978.
ولم تقتصر زيارة البعثة الامنية البريطانية على المسؤولين عن امن السفارة البريطانية فقط، بل تعدتها الى الاجهزة الامنية المختصة في الكويت ومسؤولين عن الاستخبارات العسكرية والمسؤولين عن الامن الداخلي.
التهديدات
تضمن تقرير رفع عن الزيارة الى دائرة الشرق الاوسط في لندن، وارسلت نسخة عنه الى الاستخبارات الخارجية حديثا عن موقع السفارة ومحيطها وقربها من قصر الحكم، وامكانات اعتبارها مخبأ لأي مسؤول كويتي يريد اللجوء اليها في حال وقوع اي طارئ.
ولاحظ التقرير ان في الكويت عددا من البعثات الدبلوماسية لدول «الستار الحديدي (الكتلة الشرقية)، لكنها لا تمثل تهديدا للسفارة والعاملين فيها»، و«ان اقرب مبنى الى السفارة يقع على بعد 100 يارد منها».
ونبه من امكانات زرع آلات صغيرة لاستراق السمع عما يجري خصوصا في الطابق فوق «المكان السري» الذي «يستخدمه الدبلوماسيون للتداول في ما يجري او في شؤوون العلاقات مع الحكومة الكويتية، او مع الامن الكويتي، وحيث تعقد الاجتماعات لاتخاذ قرارات بالغة الاهمية».
الاقتحام مستبعد
وتحدث التقرير عن استبعاد اقتحام السفارة من اي مجموعات في الكويت، كما جرى اثناء اقتحام السفارة الاميركية في طهران لاسباب من بينها ان الكويتيين اصدقاء حتى الشيعة منهم لا يعادون السفارة بل يحضرون فعالياتها، وهم على درجة من الثقافة والتحضر وغير منظمين كما في طهران اضافة الى «ان ارتباطاتهم الاقتصادية مع النظام وعدم التمييز ضدهم في الكويت يمنعهم من اعتماد التطرف اسلوباً».
واستبعد التقرير ان تلجأ منظمة التحرير وبشكل رسمي الى تنظيم اقتحام للسفارة على الاطلاق والخوف الوحيد هو من بعض المتطرفين الفلسطينيين، الذين عادة ما يلجأون الى اساليب مغايرة مثل الهجوم على ديبلوماسي واحد في الاسواق او خلال احتفالات غير محمية.
وبسبب موقع السفارة وهيكليتها يمكن لأي هجوم تتعرض له ان يتأخر بواسطة الحراس وحتى تتمكن القوى الامنية الكويتية من التدخل. الا اذا كان هناك تواطؤ بين الامن الكويتي ومهاجمي السفارة.
ولاحظ التقرير ان العمليات الارهابية نادرة في الكويت بسبب ارتباطها ودعمها المالي للعديد من الحركات في العالم العربي.
لكن الاخطار يمكن ان تنشأ بسبب الصراع العراقي – الايراني، حيث يمكن للكويت ان تكون ساحة تصفيات بين الاثنين.
ونبه الى اخطار قد تأتي من النظام السوري في حال تأخرت الكويت عن ضخ اموال لدمشق او لمسؤولين فيها.
قصور أمني كويتي
وشدد التقرير على ان اجهزة الامن الكويتية قاصرة في منع اي عمليات ارهابية على قلتها، ومن الافضل ان تكون وحدة تدخل بريطانية على تأهب في البحرين ليمكن الاستعانة بها في الكويت اذا طلبت السلطات ذلك.
وتوقع التقرير ان تصبح التهديدات الارهابية في السنوات المقبلة اكثر جدية وترتفع نسبة الاخطار في هذا البلد الخليجي الذي اعتاد المسؤولون فيه على شراء استقرار بلدهم والخضوع لابتزاز الارهابيين.
ونبه من ان قرب الكويت من مناطق غير مستقرة و «تثوير» ايران او دول محيطة بالكويت سيؤثر سلباً في الاستقرار الداخلي وقد يغير التركيبة السكانية لاحقا، علماً بان التركيبة السكانية غير مستقرة بسبب الجاليتين الفلسطينية والايرانية الكبيرتين وعدم قدرة المسؤولين الكويتيين على التعامل مع الشعبين.
ولاحظ التقرير ان السور الذي يحيط بالسفارة وتغطيه بعض الاشجار في امكنة كثيرة، يمكن ان يتعرض للاقتحام بسهولة ماعدا من الواجهة البحرية حيث قوات الامن تراقب محيط السفارة على مدار الساعة وحيث السور اعلى على الشارع البحري.
وقال «اقترحت الشرطة الكويتية علينا بناء شريط عازل شائك او مكهرب حول السفارة وعلى السور وتجذيب الاشجار المحيطة به»، واقترح التقرير تقوية دفاعات المدخل الرئيسي تحسباً من اقتحامه بسيارة او شاحنة، علماً بانه مراقب من الشرطة او من رجل امن غير مسلح تابع للسفارة.
وانتقد التقرير رجال الشرطة الكويتيين المكلفين حراسة السفارة وغالبيتهم من كبار السن مثلهم مثل الحرس التابع للبعثة وهم لا يفقهون لغة ثانية غير العربية.
واعطى التقرير امثلة عما شاهد «كيف ان هنديين كانا يلتقطان صوراً لبعضهما البعض او بعض زوايا السفارة من الداخل، اثناء حضورهما الى المبنى لاجراء بعض المعاملات».
وانتقد السماح لسيارات بعض الزوار بالدخول واوصى بان تجري تقوية المدخل وجعل زجاجه مقاوماً للرصاص وابقاؤه تحت الرقابة واستخدام الرقابة بالكاميرا لجوانب السفارة كافة ليلاً ونهاراً.
صعوبة الاتصال بالضباط
وتحسباً من اقتحام السفارة، الذي قال «انه سهل جداً»، وقد يصل المقتحمون الى موقع السفير ومن ثم الى الغرف السرية في السفارة قبل ان يستطيع العاملون تدمير الشيفرة او احراق الاوراق السرية والارشيف الخاص بالمراسلات الحساسة.
وشدد التقرير على ان عملية كوماندوس عراقية سريعة قادرة على الوصول الى محيط السفارة وقصر الحكم ومنزل الامير وغيره من الدوائر الرسمية اذا تم انزال الكوماندوس ونقل بواسطة طائرات هليكوبتر من دون ان يكون بامكان الكويتيين التدخل خصوصاً ان قوة الطوارىء في الكويت لا يمكن ان تتحرك بكفاءة في الاوقات العادية وعندما لا تكون في حال استنفار قبل حوالي ثلاث ساعات.
ولاحظ التقرير ان كبار الضباط المسؤولين عن امن الكويت على كفاء جيدة «لكن يصعب الاتصال بهم منذ فترة بعد ظهر الخميس وحتى ساعة متأخرة من ليل الجمعة الا في حال الطارىء الشديد، كما ان سهرهم في منطقة واحدة ليل الخميس الجمعة وفي امسيات الاعياد يجعل السيطرة عليهم ومنعهم من التدخل او الوصول الى مقار اعمالهم ومراكزهم سهلة جداً.
واشار الى ان الطريق الممتد بين قصر دسمان وقصر السيف، الذي يسلكه الامير يومياً وفي وقت مُحدد، غير مراقب الكترونياً ومكشوف للمفاجآت، ولا يتم قطعه على المسارين عند سير الموكب الاميري او خلال جولات شخصيات اجنبية، ويمكن لأي سيارة ارهابية اعتراض الموكب او محاولة تفجيره بسيارة ملغومة.
يُشار الى ان محاولة لاغتيال الامير الشيخ جابر الاحمد جرت في 25 مايو عام 1985 من خلال سيارة ملغومة على هذا الطريق. وذكر في حينه ان عضوا في حزب الدعوة العراقي يدعى جمال جعفر علي الابراهيمي (معروف باسم مهدي المهندس) نفذها بتوجيهات من ايران.
الحلقة المقبلة:
زيارة مرغريت تاتشر الى الكويت
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981 (10) تاتشر تزور الكويت وسط التهديدات الإيرانية.. وترفض تبني أي مبادرة عربية لا تحمي أمن إسرائيل
الأمير جابر الاحمد مستقبلا تاتشر في سبتمبر 1981 والى جانبه جابر العلي
لندن – رائد الخمار
زارت رئيسة الحكومة البريطانية مرغريت تاتشر الكويت والبحرين بين 25 و27 سبتمبر 1981، وكانت زيارتها للكويت تلبية لدعوة وجهها اليها الشيخ سعد العبدالله في رسالة رسمية سلمها السفير الكويتي في لندن في الثالث من مارس. وشددت تاتشر في رسالة الى الشيخ سعد انها قبلت الزيارة «للبحث في العلاقات الثنائية وأمن منطقة الخليج في ضوء التوتر القائم فيها نتيجة للحرب العراقية ـ الايرانية وطموحات طهران بالسيطرة على المنطقة».
وتُظهر وثائق عدة ان تاتشر استعدت للبحث مع الشيخ سعد في مسالة الخليج ومبيعات الاسلحة وامكانات مساهمة مكتب الاستثمار الكويتي في برنامج التخصيص الذي بدأته حكومة صاحبة الجلالة، اضافة الى البحث في امكانات ابقاء ودائع كويتية في الاسترليني مع وعود بتحقيق العملة البريطانية تحسناً في مقابل الدولار.
لم تنس تاتشر مناقشة دور الكويت القيادي في منظومة دول التعاون الخليجي، التي وضع اسسها وزراء خارجية المنطقة في الرابع من فبراير 1981 في الرياض، والتي من المقرر ان يعلنها رسمياً قادة دول المجلس في 26 مايو 1981، ولا البحث في مسألة الشرق الاوسط ومبادرة الامير فهد للسلام في المنطقة التي كان يعتزم تقديمها منتصف العام وابلغ بها الدول الكبرى والصديقة مسبقاً. (المبادرة قدمت لاحقاً في 7 اغسطس 1981).
حساسية الكويت
وفي تقرير من السفارة البريطانية في الكويت حض السفير سيندي كمبريدج وزارة الخارجية على ابلاغ رئاسة الحكومة بضرورة تخصيص تاتشر وقتاً للاجتماع مع وزير الخارجية في حينه الشيخ صباح الاحمد ووزير النفط القوي الشيخ علي الخليفة، اضافة الى افساح المجال اذا امكن للقاء بعض الشخصيات الاقتصادية المؤثرة، «التي لا تستطيع الحكومة اغضابها بسبب الدعم السياسي الكبير الذي يقدمونه الى العائلة الحاكمة».
واشار التقرير الى حساسية الكويت تجاه التدخل الاجنبي في منطقة الخليج وقال «انها تتخذ خطاً تقدمياً بسبب تركيبتها السكانية والتواجد الفلسطيني الكثيف فيها».
وشدد على ان الكويت ودول المنطقة «لا تؤمن بوجود تهديد سوفيتي للاستقرار في المنطقة»، وهي لا تؤيد انشاء جيش خليجي موحد بل قوة رمزية محدودة تابعة لقيادة خليجية يمكن ان تُستخدم في الحفاظ على الامن الداخلي في الدول الاعضاء.
ولاحظ التقرير ان الكويت تؤيد انشاء القوة الخليجية، خصوصاً انها تشعر بانها مهددة من الداخل بسبب تركيبتها السكانية التي يتجاوز فيها الوافدون عدد السكان ولأن الفلسطينيين يشكلون نحو ربع سكان الكويت.
علاقات جيدة
مع ان الحقوق السياسية غير ممنوحة للمقيمين منذ فترة طويلة، وهناك بعض التفرقة في التعليم الجامعي، لكن الرعاية الصحية ممنوحة للجميع، كما ان التأمينات الاجتماعية مكفولة ومحاكم العمل عادة ما تنصف الاجير خصوصاً الوافد.
وتحدث التقرير عن العلاقات الكويتية – البريطانية ووصفها بالجيدة «لكنها اقل حرارة ودفئاً منها مع دول الخليج الاخرى».
وكانت بريطانيا حصلت من امير الكويت في عام 1899على حق تولي الدفاع عن الامارة وادارة سياستها الخارجية وبقيت الحال كذلك حتى الاستقلال في عام 1961.
خلاف واضح
واشار التقرير الى ان «الحماية البريطانية» صدت الاطماع العثمانية والعراقية وردتها، كما ابقت علاقات عسكرية وتعهدات بالدفاع عن سيادة الكويت حتى عام 1961 عندما انتهت المعاهدة مع الكويت وخرجت القوات البريطانية من الخليج.
وشدد التقرير على انه خلافاً للعلاقات مع دول الخليج الاخرى «نقدم الدعم المدفوع في مجالات التعليم والصحة والدفاع والابحاث العلمية والطاقة ويعيش حوالى 7 آلاف بريطاني في الكويت مع مميزات خاصة لهم».
وجاء تقويم زيارة السيدة تاتشر من خلال تقرير رفعه السفير عن لقاء مع الشيخ سالم الصباح بعد اجتماع استغرق حوالى ساعة ونصف الساعة.
ولخص الشيخ ما اثارته تاتشر بانه «توافق في وجهات النظر في شأن التعاون الاقتصادي والنفطي مع وعود باستعجال المبيعات العسكرية والاعتدة التي طلبتها الكويت من بريطانيا»
لكن بدا الخلاف واضحاً في شأن طلب بريطانيا من الكويت التشدد مع الفلسطينيين ومنعهم من املاء سياستهم على الحكومة الكويتية... كما انها شددت على الكويت بالا تحاول رفع اسعار النفط الى الاعلى بالتعاون مع دول «اوبك» على رغم ان اسعار الخام في تلك الفترة كانت في مستويات متدنية.
اسئلة صعبة
ولم تعد تاتشر، وفق رواية الشيخ سالم الجابر، بتبني اي مبادرة عربية للسلام لا تأخذ بعين الاعتبار امن اسرائيل،مؤكدة التزام بريطانيا الكبير بأمن الدولة اليهودية (...).
وما لفت الانتباه في التقرير الى ان الشيخ سالم اعتذر للسفير عن الاحراج الذي واجهته تاتشر اثناء المؤتمر الصحفي والاسئلة الصعبة التي وجهها الصحافيون في الكويت عن سياسة بريطانيا الاستعمارية وقال «حاولنا اقناعها بان تلغي المؤتمر الصحفي لصالح مقابلة مع وكالة الانباء الكويتية... لكنها رفضت».
وعلق السفير على ان رئيسة الوزراء معتادة على الاحراج الصحفي وهي لا تُحب الصحافة ولا تتضايق منها... وقال «على كل حال رئيس وكالة الانباء الكويتية (برجس حمود البرجس) ليس افضل في خطه السياسي من الصحافيين الذين سألوا.. انه يساري الاتجاه»!
وكان الصحافيون الكويتيون أثاروا ما قالته تاتشر عن عرفات بانه «ارهابي» الامر الذي نفته تاتشر بشدة مشددة بانه من «يقتل الاطفال الابرياء في اسرائيل ارهابي»!
وحاول التقرير تسليط الضوء على اتجاهات الاسرة الحاكمة وموقفها من الصحافة قائلاً «ان انصار الحركة الوطنة واليسار يسيطرون على الاعلام الكويتي، لكنه دافع عن قدرة اصحاب الصحف في ضبطها عبر معايير معينة».
ولاحظ السفير «ان الشيخ سالم الجابر (ابن الامير) يقرأ تقارير يرفعها المستشارون، لكنه بحاجة الى وقت طويل لكي يعرف كيف يحلل ما يقرأ ويناقش فيه».
الحل الكامل
وابلغ الشيخ سالم السفير ان الكويت تؤيد المبادرة المنتظرة التي سيقدمها الامير فهد وقد أبلغت السيدة تاتشر بالموقف الكويتي، لكن الكويت لن تُعلن موقفها النهائي من المبادرة قبل اعلانها رسمياً، واوصى مجلس الوزراء الاعضاء بعدم ابداء اي مواقف يحتمل ان تتعارض مع مضمون المبادرة لاحقاً.
واعرب عن اعتقاده بان المبادرة تؤمن الحل الكامل والشامل لازمات المنطقة وقد تنهي الدور السوري في لبنان ومن ثم تؤمن عودة الفلسطينيين او جزء منهم الى بلاده على المدى البعيد وانها قد تكون البديل لاتفاقات كمب ديفيد (...).
وعبر الشيخ سالم الجابر عن امله في ان تؤيد الولايات المتحدة مبادرة الامير فهد حتى اذا رفضتها اسرائيل لكي تتمكن من كبح المتطرفين في الجانب الفلسطيني وان تقطع الطريق على تنامي النفوذ الروسي في الشرق الاوسط وقال «ان منظمة التحرير وحدها القادرة على اقناع الفلسطينيين بأن حقوقهم محفوظة في المبادرة رغم انها تريد ضمانات معينة بحق العودة»، واشار الى ان الكويت أبلغت تاتشر انه «اذا قبل الفلسطينيون الاعتراف باسرائيل فهي (الكويت) لن ترفض ذلك على الاطلاق».
وشجع المسؤول الكويتي الحكومة البريطانية على الاعتراف البريطاني والغربي بالمنظمة ممثلاً شرعياً وحيداً للفلسطينيين بسبب تمثيل المنظمة لغالبية الفلسطينيين المطلقة.
الحلقة المقبلة:
العلاقات بين الكويت والاتحاد السوفيتي
لقبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن سنة 1981 (11) بريطانيا تخشى تمدد السوفيت إلى الخليج انطلاقاً من الكويت
بتاريخ 25 ابريل 1981 غادر الشيخ صباح الاحمد وزير الخارجية موسكو متوجها الى الكويت وكان في وداعه وزير خارجية الاتحاد السوفيتي اندريه غروميكو وكبار المسؤولين
لندن – رائد الخمار
على مدى عقدين بقيت العلاقات الكويتية السوفيتية المتنامية تحت رقابة من القوى الغربية، على أساس أن الكويت كانت منطلقاً لموسكو لبدء تطبيق علاقاتها مع دول منطقة الخليج ومحطة للتداول في الشأنين العراقي والايراني ومن ثم اليمن والامارات المتصالحة.
وتظهر وثائق «الخارجية» البريطانية منذ بدء الانسحاب البريطاني من شرق السويس في عام 1971 أن لندن كانت تضع السفارة السوفيتية والعاملين فيها مدار رقابة ومتابعة، خصوصاً ان في الكويت اتجاهاً عروبياً يسارياً يؤيد القضايا التقدمية في مختلف انحاء الوطن العربي، إضافة الى تأييد بعض المواقف التي كانت تتخذها موسكو في مختلف انحاء العالم.
مع ان الاتحاد السوفيتي يملك ثروة نفطية ولا يحتاج الى نفط الخليج حاجة دول الغرب والشرق إليه، فإن لندن ومن بعدها واشنطن كانتا تعتبران ان الخطر في العلاقات الجيدة بين الدول المنتجة للنفط والاتحاد السوفيتي، مما يعني تهديداً للمصالح الحيوية للغرب ولدول حلف الاطلسي من تمكن موسكو من عرقلة الامدادات الحيوية للطاقة او جعل اسعارها عبر الاصدقاء في الخليج غير مؤاتية للمصالح الغربية.
زيارة حساسة
كانت بريطانيا اول من حاول إبعاد النفوذ السوفيتي عن العراق في مختلف المراحل قبل تسلم صدام حسين السلطة، وخلال فترة حكمه عرضت تدريب العراقيين وتسليحهم من دون اعطاء العراق القدرة على الحسم تحسباً من التدخل في دول الخليج والتأثير في امدادات الطاقة وحتى في عمل الشركات النفطية الغربية في الخليج.
وتضمنت الوثائق البريطانية لسنة 1981 برقية مطولة مصدرها السفارة البريطانية في موسكو عن زيارة الشيخ صباح الأحمد الى العاصمة السوفيتية بعد فترة قصيرة من تشكيل الحكومة الكويتية التي تلت الانتخابات العامة واستئناف الحياة الديموقراطية وفيها عبارة «ان زيارة نائب رئيس الوزراء الكويتي وزير الخارجية وزير الاعلام بالوكالة الى موسكو حساسة جداً لأنها ستعطي المثال الجيد للدول الصغيرة، خصوصاً التي تحصل على مساعدات من الكويت، باتباع خطوات الاشقاء وبناء علاقات متوازنة بين الشرق والغرب».
وسلطت البرقية الضوء على البيان الذي صدر عقب الزيارة، الذي تحدث عن البيانات التي اصدرتها القمم العربية المختلفة، والاشارة الى «الوحدة الضرورية بين الاشقاء العرب لتحقيق تسوية عادلة في الشرق الاوسط في مواجهة التسوية الناتجة عن توقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر واسرائيل».
وأعربت الكويت والاتحاد السوفيتي عن عزمهما على مواصلة جهودهما المشتركة لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وقف الحرب الإيرانية - العراقية
ولاحظت البرقية ان البيان تجاهل الحديث عن منطقة الخليج تفصيلاً سوى بالعبارات العامة التي ترد عادة في البيانات الكويتية لكن البيان لم يُشر ايضاً الى الرغبة في خروج القوى الاجنبية كافة من منطقة الخليج كما كانت موسكو تُشدد في بياناتها السابقة.
وتحدث البيان عن دعم دول الخليج في جهودها الخاصة لاقرار الامن في المنطقة بعيداً عن التدخلات الاجنبية وعن دعم رغبة دول الخليج باستغلال مواردها الطبيعية وفق ما تشاء. واعرب الجانبان عن معارضتهما اقامة قواعد اجنبية في منطقة الخليج، من دون الاشارة الى القاعدة البحرية الاميركية في البحرين او التواجد العسكري السوفيتي المتنامي في العراق. واعتبرا ان هناك حاجة ملحة لوقف الحرب العراقية الايرانية وبدء محادثات اساسية لوضع تسوية بين الطرفين.
السلام العالمي
واستشهد البيان، نقلاً عما قاله وزير الخارجية السوفيتي اندريه غروميكو للوزير الكويتي الضيف، بما «شدد عليه الامين العام للحزب الشيوعي السوفيتي ليونيد بريجنيف عن رغبة موسكو الاكيدة وعزمها على فعل كل ما في وسعها للحفاظ على السلام العالمي». واعرب الجانبان عن القلق من ارتفاع نسبة التوتر الدولي، وشددا على اهمية وقف سباق التسلح العالمي خصوصاً في مجالات انتاج الاسلحة النووية.
واشارت البرقية الى استخدام الكويت التعابير السوفيتية في ادانة العدوان الاسرائيلي على الدول المجاورة وعلى استمرارها في احتلال الاراضي العربية، مشددين على ان الخطوات التي اتخذتها اسرائيل في شأن القدس «مرفوضة كلها وهي انتهاك صارخ للاعراف الدولية، واعربا صراحة عن رفض تسوية كمب ديفيد بين مصر واسرائيل لانها تعرقل الجهود الهادفة الى اقرار سلام عادل وشامل في الشرق الاوسط».
لكن برقية من السفارة البريطانية في الكويت الى دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية اشارت الى ان السوفيت ابلغوا الشيخ صباح الاحمد دعمهم المطلق و»بكل الوسائل المتاحة» لاي حلف عربي لاسقاط اتفاقات كمب ديفيد المصرية الاسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة. ولم تُشر البرقية الى موقف الكويت من التأكيدات السوفيتية لكنها قالت «ان زيارة العقيد معمر القذافي الى موسكو بعد زيارة الشيخ صباح يمكن ان تُفسر بانها دعماً سوفيتيا مطلقاً لاي جبهة ضد كمب ديفيد.
لا أسلحة للعراق
وفي 11 مايو 1981 كتب كينيث باسمور من دائرة الشرق الاوسط تقريراً عن زيارة الشيخ صباح الى موسكو اشار فيه الى ان الزيارة احيطت بهالة اعلامية خصوصاً ان الكويت لم تتعهد بشراء اسلحة سوفيتية وتمهلت بالتعهد بتمويل صفقات اسلحة للعراق بحجة ان ذلك يزيد من التوتر في الخليج ويزيد العلاقات الايرانية – الكويتية سوءاً. واشار التقرير الى ان الكويت ارادت من الزيارة الظهور بمظهر غير التابع لأي قوى اقليمية كبرى في العلاقات الدولية وان لها رأيها المستقل في التعامل مع الدول العظمى وانها تستطيع ولوج الابواب اكثر من غيرها، كما ان الزيارة تجعل من الحركة الوطنية في الكويت تُفكر مرتين قبل مهاجمة السياسة الحكومية في التبعية للاستعمار كما كانت تدعي. وكرر تحذيرات السفير البريطاني في الكويت وحضه على زيادة الضغوط والاتصالات مع الكويت لفرملة اندفاعها في العلاقات مع دول الكتلة الشرقية، وخصوصاً مع موسكو، كي لا تكون المثال لمشيخات الخليج. وقال التقرير «يعتقد ان دعوة امير الكويت للقيام بزيارة دولة الى بريطانيا مهمة.. لكن الفكرة اسقطت لاحقاً بسبب دعوة الملكة السلطان قابوس لزيارتها على اعتباره الصديق الاكبر للمملكة المتحدة في منطقة الخليج بعد سقوط الشاه».
وظهر في التقرير ان دعوة الامير ستتأخر الى ما بعد عام 1983 ويمكن ان تتم في خريف 1984. وفي الوثائق تقرير عن زيارة مدير ادارة الشرق الاوسط في الخارجية السوفيتية الى الكويت اناتولي فيلوف 15 و16 اغسطس 1981، حيث عقد اجتماعات على مستوى وكلاء الوزارات. ولفت الانتباه الى ان راشد الراشد وكيل الخارجية الكويتي استقبله لمدة ساعتين.
التمثيل الفلسطيني
ولاحظ التقرير الذي وقع باسم كريستوفر ان الجانب الكويتي تكتم على ماهية المحادثات كما ان السفارة السوفيتية في الكويت رفضت الافراج عن اي معلومات عن الغاية من زيارته، الا ان مصدراً في الخارجية الكويتية قال لكاتب التقرير ان للزيارة علاقة بأفغانستان (...) اكثر منها بالشأن الخليجي. ولم تكتف الوثائق بالعلاقات الكويتية السوفيتية، وافردت وثائق عام 1981 فصولاً عن جولة الامير في دول البلقان والكتلة الشرقية.
كما تضمنت الوثائق تقريراً من صفحتين عن جولة وزير الدولة عبد العزيز حسين الى الاتحاد السوفيتي بوصفه رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والتي دامت عشرة ايام شملت محادثات غير رسمية مع مسؤولين سوفييت. وتزامنت زيارة عبد العزيز حسين مع اعلان موسكو رفع التمثيل الفلسطيني لمنظمة التحرير الى مرتبة علاقات دبلوماسية كاملة.
ونشرت نوفوستي مقابلة مع الوزير الكويتي اعلن فيها ضرورة تولي الامم المتحدة دور الوساطة في الشرق الاوسط وابعاد ايدي اي دولة لتكون الوسيط في هذا الشأن مهما كبر حجمها ما اعتبر انتقاداً للدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في المنطقة.
الحلقة المقبلة:
بريطانيا تستغل قصف المفاعل العراقي
لبيع دفاعات جوية إلى السعودية