آراء ذات منطق و جدوى

توابل / المفكر السيد ياسين: الخطاب الديني الراهن يعتمد النقل متجاهلاً العقل النقدي
المفكر السيد ياسين: الخطاب الديني الراهن يعتمد النقل متجاهلاً العقل النقدي



الجمعة 19 يونيو 2015 - الساعة 00:01
قال الكاتب والمفكر المعروف السيد ياسين إن المشكلة الرئيسة التي يعانيها العالم العربي والإسلامي تكمن في أن الخطاب الديني الحالي يقوم على النقل لا العقل، وذلك تسبب في انتشار «الخزعبلات» بين المسلمين بسبب عدم تنقية كتب الحديث. وأضاف في حواره مع «الجريدة» أن الهدف الرئيس لتجديد الخطاب الديني هو إبراز الوجه المشرق للآيات القرآنية والأحاديث لعلاج «الإسلاموفوبيا» في الغرب وتصحيح الصورة الذهنية المشوهة عن الإسلام، مطالباً بتنقية التراث الإسلامي من الشوائب والأحاديث الموضوعة، والكف عن نقل آراء قيلت في ظروف وبيئة مختلفة تماماً عن الحالية، وباستخدام التأويل بشكل صحيح... وإلى نص الحوار.

كتب الخبر: أحمد جاد
T+ | T-
أخبار ذات صلة
فالح عبدالجبار: الابتعاد عن القضايا المعاصرة ينتج فتاوى الهلوسة والجنون!
د. عودة خليل: لا عنف في الخطاب الإسلامي ولغته ثابتة
أستاذة الإنثربولوجيا د. علياء رضاه رافع:
مستشار الشؤون الدينية والقضائية لدولة الإمارات السيد علي الهاشمي: خطابنا الديني يحتاج إلى تفعيل لا تجديد
الباحث والناشط الحقوقي عمرو عزت: يجب ألا تدعم السلطة خطاباً على حساب آخر
ما المقصود بتجديد الخطاب الديني؟

يقوم الخطاب الديني التقليدي على النقل لا العقل، وهذه هي المشكلة الأساسية، والدارسون في الأزهر الشريف وغيره لم يتعودوا على تقاليد العقل النقدي، بل على تقليد العقل الاتباعي، وهو اتباع ما ورد في كتب التراث سواء كانت كتباً خاصة بالأحاديث النبوية الشريفة أو التفسيرات التقليدية للآيات القرآنية الكريمة.

كيف يمكن أن يقوم الخطاب الديني على إعمال العقل؟

لا يمكن تجديد الخطاب الديني إلا بعبور الجسر من العقل الاتباعي إلى العقل النقدي ونعني بالعقل النقدي في هذا المجال بالذات تنقية كتب التراث من الخزعبلات والخرافات والمرويات غير المعقولة التي تسيء إلى المقاصد الحقيقية للإسلام، فثمة فرق بين التفسير والتأويل. التفسير هو أن تبين معاني الألفاظ الواردة. أما التأويل فهو أنك تهدف إلى الوصول إلى المعنى الكلي للنص أو الآية، ومن يقفون على حد التفسير لا يفهمون المقاصد الحقيقية للآيات القرآنية، ومن يقفون عند نقل الأحاديث مهما كانت مخالفة للعقل يقترفون جريمة كبرى في حق الإسلام المعاصر.

حديث الذبابة

ما هي المشكلة المترتبة على النقل من وجهة نظرك؟

المشكلة الحقيقية في مسألة النقل أن ثمة مرويات وأحاديث ضعيفة، خصوصاً أن هذه الأحاديث جمعت بعد أكثر من 200 عام من وفاة الرسول (ص). ثمة تأثير لضعف الذاكرة ونقل الرواة عن الرواة... إلخ، بمعنى أنه كان ثمة مجهود محمود في تجريح الرواة الكاذبين أو الضعاف... إلخ، لكن المحصلة النهائية أدت إلى تسجيل أحاديث لا يقبلها العقل. على سبيل المثال، أحد كبار أساتذة الحديث في الأزهر كتب مقالة في صحيفة الأزهر بعنوان “حديث الذبابة حديث صحيح” وأكد أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال إن الذبابة في أحد جناحيها الداء والآخر الدواء، بمعنى أنه عند وقوعها في إناء تغمسها وتشرب منه، وهذا كلام مناف للعقل والصحة والذوق. هل يجوز في العصر الحالي أن ننصح أولادنا بكلام غير منطقي! لو أعمل عقله لأستبعد الحديث أياً كان سنده. كذلك ثمة أحاديث قيلت في مناسبات خاصة لا يجوز تعميمها، وثمة ما يسمى في الآيات القرآنية بأسباب النزول لا بد من معرفتها، إذ نزلت الآية لسبب معين ولا ضرورة لتعميم النص على الأزمان كافة، فربما يكون السبب متعلقاً بهذه الواقعة بالذات، فلا يجوز تعميمه وهذه مسألة العقل النقدي حين يعمل في مجال التأويل والتفسير القرآني وفي نقد الأحاديث التي ورثناها عن كتب الحديث.

ما هي أهداف تجديد الخطاب الديني؟

الهدف الرئيس لتجديد الخطاب الديني إبراز الوجه المشرق للآيات القرآنية والأحاديث. مثال على ذلك، أن ثمة صراع حضارات و»إسلاموفوبيا» في الغرب وصوراً مشوهة عن الإسلام يتبناها أبناء الإسلام مثل حركات التكفير الجهادية و»داعش» وغيرها، للأسف الشديد، تقدم صورة بدائية وهمجية وبربرية عن الإسلام مستندة إلى الأحكام والآيات والأحاديث. أحد أهداف تجديد الخطاب الديني إبراز مقاصد الإسلام الحقيقية وتبيانها للناس.
بناء على ذلك، ما هي مقاصد الإسلام الحقيقية؟

أبرز مقاصد الإسلام الحقيقية الحرية الإنسانية والعدالة الاجتماعية والتعارف بين الشعوب والتعامل الحضاري بين الشعوب، بغض النظر عن اختلاف الأديان. مثال على ذلك، الآية القرآنية التي تصلح أساساً لفلسفة الحوار الحضاري بين الشعوب وهي في قوله تعالى “إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” (الحجرات: 13). من الممكن أن أعتبر هذه الآية فلسفة حوار الحضارات، فالله سبحانه وتعالى خلق شعوباً وقبائل متعددة لتتعارف وتتعاون على البر وليس على العدوان وتلك فلسفة كاملة في آية واحدة.
ثمة أحاديث تصلح شعارات للعلاقات بين أصحاب رؤوس الأموال والعمال. يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: “أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه”. وتلك هي العظمة، وهذه يمكن أن تكون فلسفة كاملة في العلاقات بين أصحاب رؤوس الأموال والأجراء، وهي أنه لا تتلكأ في إعطائه حقه ولا تتراخى في إعطائه حقه ففور أداء مهمته أعطه حقه. بالتالي، يصلح هذا الحديث لأن يكون نبراساً للعلاقات. والقرآن الكريم مليء بآيات تصلح معالم لضبط قواعد السلوك الإنساني، كذلك الأحاديث. وثمة آيات لا علاقة لها بالعصر الحاضر، مثل حد الردة، وهو ما لا يتسق مع الوضع الراهن، فحد الردة كان يتسق مع بداية الدعوة المحمدية، والآن انتهينا من تلك القضية، وهذا ما يؤدي إلى إضفاء صورة عدوانية للإسلام هو براء منها.
الأمر نفسه في الفتاوى التافهة التي يصدرها السلفيون كل حين وآخر، والتي تقوم على التحريم. الفتاوى لدى نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي يكون فيها التحريم هو الأساس، بينما الإباحة هي الأساس في الإسلام، حيث حوَّل هؤلاء السلفيون الثقافة إلى تحريم وتقييد، من بينها أن الموسيقى والغناء ومشاهدة أفلام السينما حرام. تلك المسألة غريبة ونحن في عصر الانفتاح الثقافي والعالمي. في عصر العولمة لا يجوز تقييد حركة وفكر الناس ولا وضع القيود على فكر الناس أو حركتهم بدون مبرر واضح.

تنقية التراث


كيف يمكن تجديد الفكر الديني في ظل تعدد الخطاب السلفي؟

أولاً، تنقية التراث الإسلامي من الشوائب والأحاديث الموضوعة، والكف عن نقل آراء الآخرين التي قيلت وأُيدت في ظروف وبيئة مختلفة تماماً عن الحالية، واستخدام التأويل بشكل صحيح لنفسرها تفسيراً يتفق وروح العقل بتطوراته الراهنة في الحياة. ثانياً، نحتاج إلى الاعتماد على العقل في التفسير والتأويل لا على النقل حتى لا نرى أحاديث تنافي العقل وأخرى تنافي الذوق وثالثة مجافية لمنطق التفكير، مثل حديث إرضاع الكبير.

ما الدور المنوط بالمؤسسات الدينية في العالم العربي والإسلامي للعمل على إزالة الفهم الخاطئ للإسلام وتجديد الخطاب الديني؟

تلك القضية حرجة وحساسة. المؤسسات الدينية التقليدية عاجزة عن تجديد الخطاب الديني لأن فلسفتها في التعليم تقوم على النقل لا العقل، والمؤسسات الدينية التقليدية منها الجماعات الدينية والسلفية والإخوان المسلمين والأزهر، فكل هذه الجماعات تقوم على النقل وليس على العقل. بالتالي، فإنها تعجز عن التجديد. ويتطلب الأخير ثقافة وقراءات واسعة في علوم اجتماعية متعددة وليس في علوم الشرعية فقط، وليس في أصول الفقه والتفسير فقط. إنما لا بد للمجدد الديني من أن يكون عليماً بتراث العلوم الإنسانية والاجتماعية، ومن بينها الاقتصاد والسياسة وعلم الاجتماع وعلم النفس والأنثربولوجي، لأن هذه العلوم الإنسانية والاجتماعية تعطي للباحث أفقاً أوسع لفهم الطبيعة الإنسانية ولفهم التاريخ الإنساني والمجتمع الإنساني.

هل ينطبق هذا الكلام على الأزهر الشريف؟

طبعاً. على سبيل المثال، في الكتب المقررة على الأزهر تفسيرات مغلوطة ومرويات لا ينبغي أن تتضمنها كتب الأزهر. ثمة مثال مضحك على ذلك، عندما وجدوا أحد الكتب المقررة على طلبة الأزهر يقول إنه يجوز للمسلم أن يأكل لحم الأسير. وهو أمر يعد عبثاً، ولا أعرف لماذا ما زال موجوداً. قس على هذا، ستجد في الكتب المقررة في معاهد الأزهر في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية أموراً عدة على تلك الشاكلة، وفيها مرويات وخزعبلات ينبغي حذفها.
المشكلة ليست في تنقيتها بل في إعادة بناء العلوم الإسلامية، وهذا هو التجديد الحقيقي، والوحيد الذي فعل ذلك الدكتور حسن حنفي. لديه مشروع كامل لإعادة بناء العلوم الإسلامية وقد اطلعت على كتاب من جزأين بعنوان «من النص إلى الواقع لإعادة بناء أصول الفقه السني والشيعي» بهدف إعادة بناء علوم القرآن.
نحن في حاجة إلى إعادة بناء مثل هذه العلوم وتخليصها من الإسرائيليات والخزعبلات والمرويات، وجعل روحها مقاربة إلى روح العصر.

أزمة فكر

إذاً أزمة الفكر الديني هي في الأساس أزمة فكرية وثقافية؟

نعم، والدليل أنه عندما أتى محمد علي باشا، وكان عبقرياً، أرسل بعثات إلى فرنسا لتطوير طريقة التفكير، وستجد أن كل دعاوى أو بدايات دعاوى التجديد الديني كانت ممن شاركوا في هذه البعثات، مثل الإمام رفاعة رافع الطهطاوي، الذي تحول إلى عبقرية فكرية، واستطاع أن يعكس إدراكات المثقف المصري للحضارة الغربية بكل اختلافاتها، وعرف الفروق بين الحضارتين الإسلامية والغربية، وأراد أن يُقرِّب بين الحضارتين ووجد في الإسلام قيم الحضارة الغربية.

انتشار الجماعات الإرهابية المتمسحة في الدين هل يُعد علامة على غياب التجديد في الخطاب الديني؟

لا، هذا موضوع آخر.

هل تفشي ظاهرة التكفير ناتجة من عدم تجديد الخطاب الديني؟

يتمثل الجذر الأصلي للتكفير والإرهاب في رفض الجماعات الإسلامية المتعددة سواء كانت معتدلة أو متشددة للحداثة في صورتها الغربية، وقد التفت منذ زمن وخصوصاً فى كتابي “الكونية والأصولية وما بعد الحداثة” الصادر في القاهرة عام 1996 إلى أهمية تحليل خطاب التكفير في مواجهة الحداثة، وقررت أنه إحدى علامات التخلف الفكري والتدهور الحضاري التي لا يمكن أن يكون حولها خلاف صعود خطاب التكفير وانتشاره في أدبيات وكتابات من ينعتون أنفسهم بالكتَّاب الإسلاميين في صراعهم الدائم مع خصومهم الفكريين العلمانيين، ويعتمد هذا الخطاب في بنيته وآلياته على عدد من المسلمات الخاطئة، التي لابد لها أن تنتهي إلى نتائج باطلة.

ثوابت وتجديد

يرفض البعض محاولات تجديد الخطاب الديني بزعم أن ذلك من شأنه أن يطاول أصول الدين وثوابته القطعية. كيف يكون الرد على هؤلاء؟

كل هذه ادعاءات لممانعة التجديد ومقاومة التجديد، فهم لا يعرفون إلا النقل من التراث ولا يعملون العقل، وكل فتاواهم تدل على ذلك، فكلها فتاوى جاهدة من مجموعة من الجهلة السلفيين والمتخلفين فكرياً.

الإسلام السياسي

إلى أي مدى يعتبر الإسلام السياسي المسؤول الأول عن إحباط محاولات تجديد الخطاب الديني؟

لا علاقة بين هذا وذلك، وتلك المسألة كانت قبل ظهور الإسلام السياسي. وإذا اعتبرنا أن عام 1928، وقت إنشاء جماعة «الإخوان المسلمين»، هو تاريخ بداية الإسلام السياسي، لا نستطيع أن ننكر جهود الشيخ محمد عبده لتجديد الخطاب الديني وهو ألف كتاباً شهيراً اسمه «الإسلام والعلم». لكن مشكلة محمد عبده أنه لم تكن له مدرسة من أتباعه وتلامذته يقومون بمهمة التجديد. وللأسف، كان تلميذ محمد عبده الشيخ رشيد رضا وكان رجعياً ومتزمتاً، وهو أستاذ حسن البنا، وتلك المسألة أسبق من ظهور الإسلام السياسي.
وبعدها ننتقل إلى حقبة أخرى، وهي حقبة الهجوم على طه حسين وعلي عبد الرازق في الثلاثينيات، فالأول كتب في الشعر الجاهلي بعقل منفتح وعقل نقدي وفصلوه من عمادة الآداب وأرادوا محاكمته، وعلي عبدالرازق سحبوا منه الشهادة العالمية عندما قال إنه لا دولة في الإسلام، ومعنى هذا أن هجوم القوى التقليدية الإسلامية على المجددين كان مبكراً قبل ظهور الإسلام السياسي. بعبارة أخرى، كان بين المجددين والمقلدين أو التقليديين خلاف واستطاع أصحاب الثقافة التقليدية أن يردعوا ويرهبوا المجددين، فحادثة طه حسين أثرت في أمور كثيرة، كذلك حادثة علي عبد الرازق التي أخافت الناس من الإقدام على التجديد وهذا طبيعي.

في سطور:

السيد ياسين هو كاتب وباحث اجتماع مصري وخبير في شؤون الحركات الإسلامية، ولد في 30 أكتوبر سنة 1933 في محافظة الإسكندرية، خريج كلية الحقوق جامعة الإسكندرية.
حصل على كثير من الجوائز والأوسمة، منها، وسام الاستحقاق الأردني من الطبقة الأولى، عام 1992.
وسام العلوم والفنون والآداب، عام 1995، جائزة أفضل كتاب في مجال الفكر عن كتاب (الوعي التاريخي والثورة الكويتية) من معرض القاهرة الدولي للكتاب 1995. جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1996.
المؤلفات:
له عشرات المؤلفات منها، أسس البحث الاجتماعي 1963، دراسات في السلوك الإجرامي 1995، الشخصية العربية بين تصور الذات ومفهوم الآخر 1973، مصر بين الأزمة والنهضة 1990، تحليل مفهوم الفكر القومي 1978، السياسة الجنائية المعاصرة ودراسة نقدية للدفاع الاجتماعي 1973، الوعي التاريخي والثورة الكويتية: حوار الحضارات في عالم متغير، الأهرام 1995، الكونية والأصولية وما بعد الحداثة 1996.

الجريدة
 

post_old.gif
22-11-2011, 01:09 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

22/11/2011


"أحداث الأربعاء انفجار مرعب لما وصل إليه الاحتقان السياسي والاجتماعي" غرفة التجارة تطلق صرخة وطنية: الإدارة العامة أخفقت في استيعاب المتغيرات

Pictures%5C2011%5C11%5C22%5Cf74e4f21-6fd8-429a-b723-b10ca5102bd7_main.jpg
علي الغانم
تحت عنوان صرخة كويتية من مؤسسة وطنية، أصدرت غرفة التجارة الصناعة بياناً تاريخياً في ما يلي نصه:
في مسيرة الدول والمجتمعات، أحداث تشكّل منعطفات مفصلية بعيدة التأثير في اتجاهاتها وتحولاتها، وربما في كيانها أيضاً. ونكاد نجزم حين نزعم أن أحداث العنف غير المبرر وغير المسبوق، التي شهدتها الكويت ليل الأربعاء 16 نوفمبر 2011، تمثل أحد هذه المنعطفات بالغة الخطر، عميقة الأثر، ذلك أن تلك الأحداث بكل مراحلها ومجرياتها، وبكل عنفها وتداعياتها، وبكل أطرافها والمحرضين عليها، جاءت بمنزلة انفجار مرعب لما وصل إليه الاحتقان السياسي والاجتماعي في الكويت.
ورغم ما لحق بالاقتصاد الكويتي بكل أنشطته من أضرار بالغة جراء هذا الاحتقان المتصاعد على مدى سنوات، فإن بيان غرفة تجارة وصناعة الكويت هذا، ليس تعبيراً عن هموم الاقتصاد وإخفاقات التنمية على أهميتها وخطورتها، بل هو صرخة كويتية من مؤسسة وطنية، شهدت ولادة الدستور وساهمت في بلورة رؤاه وتطلعاته، وعاصرت ارتفاع صرح مجلس الأمة وشاركت في رفع قواعده، ثم عاشت بفخر فصول تألقه ونجاحاته، كما عايشت بحزن فترات انتكاساته، وبكت ـ مثل كل الكويت ـ يوم أطفأ الاحتلال أنواره، ومثل كل الكويت، لم تستطع أن تحبس دمعها ليلة انتهاك حرمته.

رصد
وبيان غرفة تجارة وصناعة الكويت هذا لا يقف عند تاريخ وحدود الحدث الخطير الحالك، بل يحاول أن يرصد أسباب هذا الاحتقان السياسي الغاضب، ليجد ان ضعف الإدارة العامة على اطلاقها، وهروب الحكومة من استحقاقات التغيير، ورهبتها من اتخاذ القرار قد وضع الكويت في أزمة بنيوية عامة وعميقة ونافذة الى صميم كل أنشطة الدولة والمجتمع.
فهي واضحة في إخفاق العملية التعليمية، وفي تردي الخدمات العامة والبنية الأساسية والمؤسسية، وفي إحباط جهود التنمية وغموض مشاريع الخطة. وأسباب الاحتقان المتفجّر تعود أيضاً الى تداخل حدود السلطات الثلاث، وطغيان بعضها على بعضها الآخر، والى أساليب الحكومة في تفريغ القوانين من مضامينها، وفي سعيها لفصل النص الدستوري عن روحه وحكمته، وتباطؤها في التصدي الجاد للفساد بكل صوره. وفي الوقت ذاته، لابد من الإعراب بكل صراحة ووضوح عن أن كل هذه الأسباب، على كثرتها وخطورتها وتراكمها، لا تعدو كونها تفسيراً للاحتقان المتفجّر ليل الأربعاء الأسود، ولا يمكن أن تشكل تحت أي تحليل أو تعليل تبريرا لانتهاك حرمة بيت الأمة، وتسلّق سوره، وكسر بابه، واقتحام قاعته، وإذلال قبته، وبتحريض ـ مع الأسف الشديد ـ من بعض أصحاب البيت أنفسهم، فتلك إهانة للكويت تاريخاً ووطناً وأهلاً، لا تكفي كل أخطاء الحكومة - على كثرتها - لتكون غطاء لرعونتها ومبرراً لطيشها وعبثها.
لقد أخفقت الإدارة العامة في استيعاب المتغيرات، فعجزت الحكومة عن احداث التغيير، ولم تنجح في اقناع المواطنين بصدق عزمها على الاصلاح. وبالتالي، في استعادة ثقتهم بغدهم، ولم يستطع الكثيرون من النواب الانتقال من مقاعد تمثيل الدائرة الى مواقف تمثيل الوطن، فاستمروا اطرافاً في الخلافات وشركاء في الأخطاء، بدل ان يكونوا مرجعية للصواب، وهكذا انغمس الطرفان في مناورات المصالح التي وضعت الوطن في خدمة السياسة، بدل تعاونهما في عملية التنمية والبناء، وتوظيف السياسة لخدمة الوطن.

إجابة
ومن جهة أخرى، لا تكتفي غرفة تجارة وصناعة الكويت في بيانها هذا بعرض المأزق وتحليل الاسباب، وتجريم الحدث، بل تحاول ان تتلمس اجابة للتساؤل الاخطر والاهم: ماذا بعد؟ والى أين؟ وهي في سعيها هذا لا تدعي - اطلاقاً - القدرة على ايجاد المخرج ورسم خارطة الطريق، فهذه مهمة لا يمكن ان ينهض بها الا توافق وطني، تتعاون في اطاره السلطتان التشريعية والتنفيذية، وتساهم فيه كل الاطياف الاجتماعية والسياسية.
ولكن هذه الحقيقة لا تمنعنا من القول ان أول وأهم شروط خروج الكويت من أزمتها البنيوية الشاملة والعميقة، ان تكون لنا رؤية متكاملة لبناء دولة القانون وفرض ثقافته وسيادته، بدءا من الحرص على توازنه ووضوحه وأبعاده التنموية، الى الحسم في اقراره بعيداً عن الصفقات والمجاملات وتسويات اللحظة الاخيرة، وصولاً الى الحزم في تنفيذه، والعدل في تطبيقه، ليشعر الجميع بانهم سواسية امام القانون في وطن عادل، وفي ظل حكم صالح.
ان سيادة القانون لا تتعارض مع مفاهيم دولة الرفاه، بل تدعمها، ولا تتناقض مع الحريات العامة والخاصة بل تحميها. وسيادة القانون هي المدخل الأساسي لتوظيف الروح القبلية مكوناً فاعلاً في الوحدة الوطنية، ولتوطين المعتقد الطائفي عنصر اثراء ثقافي وحضاري. وسيادة القانون هي المدخل الأكثر رحابة للارتقاء باداء مجلس الأمة، ووقف السباق المحموم لمجاملة المواطنين على حساب مستقبل أولادهم.

إلى أين؟
وفي صدد الاجابة عن التساؤل: ماذا بعد؟ وإلى أين؟ تود غرفة تجارة وصناعة الكويت ان تؤكد أمرين اثنين:
أولهما، ان تحقيق الاصلاح، والنجاح في معالجة الأزمة البنيوية العميقة يرتبطان بتعزيز تكاتف اسرة الحكم، ووحدة رؤاها وتوجهاتها، وبغير هذا يتعذر صون هيبة الدولة، وفرض سيادة القانون، وتحقيق فصل السلطات، خصوصاً ان ولاية اسرة الحكم في الكويت لا تستند الى الشرعية الدستورية وحسب، بل تستند - أيضاً وأولاً - الى الشرعية الوطنية التاريخية، ان صح التعبير.
وثانيهما، ان احداث «ليل الاربعاء الاسود» تعتبر - بالتأكيد - انتكاسة في مسيرة الديموقراطية الكويتية عموماً، وفي الحياة النيابية على وجه الخصوص. ومن واجبنا اليوم ان نجعل من هذه الانتكاسة نذيراً حافزاً على ضرورة قراءة التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتقنية قراءة صحيحة، والعمل على احداث التغييرات الكفيلة باستيعابها وتوجيهها نحو تعزيز الوحدة الوطنية وخدمة التنمية، فالتغيير هو الضمانة الحقيقية للاستقرار، والاخفاق في تحقيق التغيير باسلوب هادئ وتدريجي، سيؤدي الى ان يفرض الاصلاح نفسه بطريقة خطأ وخطيرة.
ان احداث «ليل 16 نوفمبر» لا يمكن ان تكون مبرراً لقمع الحريات، بل يجب ان تزيدنا تمسكا بالديموقراطية وإصراراً على تطويرها نحو مزيد من ضمانات الحرية والمساواة، ونحو الارتقاء بأداء مؤسساتنا الدستورية، لكي تستعيد الممارسة السياسية في الكويت بُعدها الاخلاقي، وتسترد حوارات قاعة عبدالله السالم مستواها الراقي، ولكي يعود الشارع الكويتي داعماً للشرعية لا بديلاً عنها، يعلن عن خياراته الحرة في صندوق الاقتراع، وليس بالتناقض مع نتائجه.

وأخيراً:
هذه شهادة حق دفاعاً عن الوطن، تقدمها غرفة تجارة وصناعة الكويت للتاريخ، من دون ان تأخذ حساباً للثمن والتكلفة، لانها تؤمن بان خطيئة من حضر الواقعة وكتم الشهادة طمعاً أو اتقاء، لا تقل عن خطيئة من حضر الواقعة وشهد زوراً!

أجابت عن سؤال «الكويت إلى أين؟» بالقول:
معالجة الأزمة بتكاتف أبناء الأسرة وتوحيد رؤاها
قراءة التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.. قبل أن يفرض الإصلاح نفسه بطريقة خطرة

أسباب الاحتقان الغاضب

1- ضعف الإدارة العامة
2- هروب الحكومة من استحقاق التغيير
3- تداخل حدود السلطات
4- تباطؤ في التصدي للفساد


 

post_old.gif
29-11-2011, 04:15 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

16/11/2011


قضية القبس اليوم مكسب بطعم العلقم وسلوك يشق الصف


يوم حزين مقلق، شهدته حياتنا البرلمانية والسياسية أمس!
البلاد تغلي بقضايا عديدة لا نبالغ إذا وصفناها بأنها خطيرة، في اساسها مسألة الايداعات المليونية لعدد من النواب، التي تتخبط فيها البلاد بقوة زلزال عالي الدرجات من دون أن تجد مخرجاً معقولاً ومقبولاً يصون نزاهة المؤسسات وأعضائها، ويعيد ثقة الناس بها وبهم.
مقلق ان تعمد الحكومة الى اسقاط استجواب موجه لرئيسها بالتصويت، فيُزال عن جدول الأعمال لأن الأغلبية معها وليس لأنه فنّده وردّ على محاوره، أغلبية يفرضها التضامن بين الوزراء، انضم إليها فقط أقلية من النواب، ففي الأمر شبهة مصادرة لحق الأمة ومجلسها في الرقابة والمحاسبة.
وفي الوقت نفسه، فانه خيار غير حكيم سياسياً، لأنه يدفع المعارضة، ولو مرغمة، الى الشارع. رغم أن قوى لا يستهان بها، ونحن من ضمنها، تتحفظ عليه ولا تحبذه، لانه عند الوصول اليه، لا يعود أحد يعرف إلى أين يمكن أن يصل السقف. وأي اتجاه تسلكه الأحداث.
الصعود إلى المنصة لا يضعف رئيس الوزراء أو أي وزير إذا كان واثقاً من نهجه وسياسته وأدائه، ويعمل بوحي القسم، وموجبات الأمانة، وهذا بالفعل ما حصل مع سمو الشيخ ناصر المحمد نفسه، فالصعود المتكرر إلى المنصة لم يضعفه بل زاده ثقة وحضورا، إنما ما أضعفه يكمن في مكان آخر، وتحديداً في المواقف الخاطئة لحكومته وبعض وزرائه تجاه قضايا حيوية، بل مصيرية، تواجهها البلاد: الفساد، والرشوة، وشراء الذمم والمحسوبيات، وتضخم الحسابات والايداعات، وغياب التنمية، وانعدام المبادرات، حتى أصبحنا أمام حكومة مشلولة، فاقدة البوصلة، تتخبط على غير هدى ومعها البلاد والاقتصاد ومصالح العباد، وربما الأسوأ، والأكثر خطورة أنها بسلوكها هي بالذات، وليس بفعل أي فاعل آخر، أعطت الناس الانطباع والشبهات، انها لا تتورع عن إفساد بعض من أرسلتهم الأمة إلى مجلسها، كي يشرّ.عوا ويراقبوا ويحاسبوا ويصححوا باسمها، فتُشْتَرَى مواقفهم وأصواتهم.. والانكى، بأموال الشعب.
في المقابل، كان سلوك المعارضة البرلمانية أمس مخيّ.با، لأنه لم يكن في مستوى الأزمة، بل جاء تائهاً، متخبطاً، رغم أنها تتبنى قضية عادلة.
فلم يكن هناك مبرر منطقي، ولا حتى عملي، لينسحب النواب المعارضون أثناء تصويت المجلس على اقتراح كتلة العمل الوطني بندب نائبين إلى البنك المركزي للتحقيق في مسألة الإيداعات، على أمل أن يكشف التحقيق الراشي والمرتشي، فيعرف الشعب الكويتي الحقيقة، مع أن التحقيق سابقة أقدم عليها نواب مشهود لهم بالكفاءة، وعلو الكعب في التشريع، والحرص غير المحدود على النظام السياسي، ونظافة المؤسسات، كان بينهم البرلماني المميز حمد الجوعان، شفاه الله.
لكن هذه الفرصة ضاعت، للأسف، ايضاً، وكما ان التصويت اسقط الاستجواب، فان الانسحاب أسقط لجنة التحقيق، بينما كان الاقتراح سيحظى بأغلبية مريحة لو صوتوا إلى جانبه، وهو كان خياراً عملياً معقولاً في اليد في ظروف تقلص الخيارات الأخرى.
من أكبر الأخطاء في السياسة أن ينحصر السياسيون، أو يحصرون أنفسهم، أسرى خيار واحد. أو فرض أولوية طرف ورؤيته على أولويات الأطراف الأخرى ورؤاهم، بدلاً من النقاش والاتفاق على خيار، أو عدة خيارات، يدعمها الجميع وفق تصنيف أولوياتها وتدرجها المتفق عليه، فتضيع القضية المراد تحقيقها بالرغم من أنها قضية عامة، تحظى باجماع واسع، وتدعمها أكثر من قوة واتجاه وكتلة. بينما الحكمة والحنكة تقتضيان فتح كل الخيارات الممكنة، ولجنة التحقيق خيار أساسي، خصوصاً أمام الاحتمال الاكبر لوصول الاستجواب في هذا الشأن إلى طريق مسدود، كما هو متوقع قياساً على ما جرى أمس.
والسؤال المحزن: لماذا شق المعارضة، أو تحديدا شق معسكر الساعين إلى معرفة حقيقة الإيداعات المليونية ومحاسبة المتورطين فيها؟
فالأمة كلها تدعم الوصول إلى الحقيقة، عبر أي طريق كان، وتؤيد حاملي لوائه.
والقضية أكبر وأهم وأخطر من أن تخنق في الاستجواب أو لا شيء، أو أن يستأثر طرف بالسعي للمعالجة، ويبعد الآخرين أو يستبعدهم، إلا إذا أيدوا رؤيته وأسلوبه! والأرجح ان الانسحاب قد صب الماء في طاحونة الحكومة.



القبس


 

post_old.gif
04-12-2011, 09:21 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

04/12/2011
الشال
مطلوب من الحكومة الجديدة متابعة عنيدة وتفصيلية لقضايا الفساد «الإيداعات المليونية» تستدعي إيقاف النواب المشبوهين


قال تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي: جاءت استقالة الحكومة متأخرة، ولكن أن تأتي الآن، خير من أن تتأخر أو لا تأتي، وهناك ضرورة للإفادة من دروس، تأخر تغييرها، من أجل قرار قادم أفضل، في اتجاه تشكيلها، وعلينا فقط استعارة بعض الخيال، حول أوضاع الكويت، لو أن حكومة مختلفة تسلمت البلد، في مايو الفائت، أو حكومة أخرى، تم تشكيلها، خلال سبتمبر الفائت، مثلاً. لو كان ذلك قد حدث، لما استقال نائبان لرئيس الوزراء، أو أحدهما، ولما لحقهما ثلاثة آخرون بما جعل تغيير الحكومة تحصيل حاصل، ولربما كان التعامل مع أزمتي الإيداعات المليونية وتحويلات وزارة الخارجية قد تم بشكل أفضل، ولما انفرط عقد الكوادر، ولما تم تحصين محاسبة رئيس الوزراء، ولا حادثة مجلس الأمة، وتلك أمثلة وليست حصراً لما كان يمكن اجتنابه، غير ما كان بالإمكان إنجازه.
والغرض من التذكير، ليس التباكي على تكلفة، غير ضرورية، تحققت، رغم أهميتها، ولكن التذكير بأن أي تشكيل للحكومة الجديدة، بنهج المحاصصة القديم، سيعني مزيداً من هذا الصنف من التكاليف، ولا إنجاز على الصعيد الإيجابي. والمحاصصة تعني المزيد من تمزيق البلد، بمكافأة المتعصبين لانتماءاتهم الفرعية، بدلاً من الانتماء الشامل للوطن، وتعني أن معيار الاختيار ليس إرادة الناس ولا كفاءة الإنسان، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى مؤسسة -مجلس الوزراء- دون الحد الأدنى المطلوب، من التمثيل أو القدرة، ونهايته فشل ينعكس بالأذى الشديد على الدولة، ونتمنى ألا تكون تسمية رئيس الوزراء الجديد، مؤشراً على المضي في الدرب نفسه.
ونقترح أن تشكل حكومة، لفترة انتقالية، تكون مهمتها تنفيس الوضع المحتقن، وذلك بتحديد قضايا رئيسة تتولى علاجها أو وضعها على طريق العلاج الجوهري، لتستقيل بعدها، ويحل مجلس الأمة، وتتم الدعوة إلى انتخابات جديدة. ويمكن أن تأخذ الحكومة شكل حكومة الوحدة الوطنية، أسوة بالحكومة اليونانية، الحالية، المؤقتة، ويمكن أن تكون حكومة مهنية -تكنوقراط- من كل الاختصاصات ومؤقتة، أيضاً، أسوة بالحكومة الإيطالية الجديدة. ونقترح لحكومة، تتمتع بالدعم من الأغلبية، بعد قرار المعارضة الصحيح بالتهدئة، وللحكومة المؤقتة، ثلاث مهام رئيسة، الأولى متابعة عنيدة وتفصيلية لقضايا الفساد، وأهمها، حالياً، الإيداعات المليونية وتحويلات وزارة الخارجية، حتى لو انتهت برفع الحصانة وإيقاف المشبوهين من النواب. والثانية، وضع الاقتصاد على الطريق الصحيح، سواء ما يتعلق بتحريك حقيقي لخطة التنمية، أو إطفاء حرائق قائمة أو محتملة، خصوصاً إن انزلق الاقتصاد العالمي إلى حقبة كساد، وهو أمر تتزايد احتمالاته. والثالثة، تأسيس هيئة مستقلة، مالياً وإدارياً، للإعداد والإشراف والإعلان عن نتائج الانتخابات النيابية، فالأساس في تخريب مخرجات الانتخابات العامة التي أشرفت عليها الحكومات، كان في التسامح عن فساد وإفساد الإجراءات والرقابة عليها.
ما لا نستطيع الجزم به، هو المدى الزمني لإنجاز الضروري على الجبهات الثلاث، ولكن لابد أن تتعدى الاشهر الستة، وتقل عن السنة، ونعتقد أن بالإمكان الاتفاق على أن تميل إلى الاختصار، أي أقرب إلى الاشهر الستة. وما لم نعترف بأن لدينا أزمة حقيقية، سببها الكيفية المريضة التي تشكل بها الحكومات، ولدينا أزمة احتقان، هي إفراز حتمي لهذا النوع من الحكومات، لا يمكن معها الاطمئنان على حال الكويت، من دون تنقية الأجواء وتسليم السلطة لحكومة وبرلمان، دائمين وصحيين، فلا أمل كبيرا في الإصلاح.



القبس


 

post_old.gif
16-12-2011, 12:57 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

15/12/2011


قضية القبس اليوم أين الخبراء والمستشارون؟


لو راقبنا مسار الأزمة المشتعلة هذه الأيام في الكويت لتبين انها تحمل في طياتها سمتين بارزتين:
الأولى، بعد نظر استثنائي لدى صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أبي السلطات جميعاً في تشخيص الأزمة واستخلاص الموقف الصحيح والقرار السليم تجاهها، فكانت استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، وحل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات نيابية.
أما الثانية، فإن الجهات الحكومية والمستشارين المخولين رسم الاجراءات الدستورية التنفيذية لرؤية صاحب السمو وقراره، لم يرقوا إلى المستوى المطلوب، وأفتوا باجراءات تبيّن انها غير منسجمة مع روح الدستور ونصوصه، فأدخلوا البلاد في دوامة كانت بالغنى عنها، بينما كان المفترض بتلك الجهات والمستشارين أن يُبدوا حساسية أكبر، ووعياً أرقى بما هو مطلوب، لنعبر هذه المرحلة بهدوء، وتتكلل الانتخابات بالنجاح.
لقد نبّه رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي ومعنيون وخبراء دستوريون إلى ضرورة أن تسبق حل المجلس، وهو خيار من اختصاصات سمو الأمير، الاجراءات الدستورية الصحيحة من قبل الحكومة، كي لا تقع في الخطأ والمحظور.
وأشاروا الى أن الاجراء الدستوري للحل يتطلب تشكيل حكومة جديدة، بين أعضائها عضو مجلس أمة واحد على الأقل، وقيام مجلس الوزراء بعد ذلك برفع كتاب إلى سمو الأمير يحدد فيه مبررات طلب حل المجلس. ولسمو الأمير صلاحيات كاملة، وهو شديد الحرص على تطبيق الاجراءات الدستورية.
لكن، للأسف، نشهد بلبلة في إدارة الأزمة مردها تضارب آراء الخبراء والمستشارين، بينما المفترض أن العبء يقع عليهم في ترتيب الإجراءات المقترحة ترتيباً يحقق الغاية المرجوة منها، ويحفظ في الوقت ذاته لأحكام الدستور هيبتها ووقارها، فكان لا بد ان يجتمع هؤلاء المستشارون وان يتدارسوا بصفة سريعة الإجراء الواجب اتباعه حتى نخرج بالبلاد من هذه الأزمة بحل دستوري لا يكون مثاراً لتعليق ولا عرضة لبطلان.
لم يحدث شيء من ذلك، بل رأينا هؤلاء الخبراء يتشرذم رأيهم فيعمل كل في اتجاه مستقل عن الآخر ويقدمون الحل بالتقسيط المريح، فيبدأون باستقالة رئيس الوزراء، مما خلق مشكلة دستورية، فاستقالة رئيس الوزراء تستتبع حتماً استقالة الوزراء جميعاً وفق ما يقضي الدستور، ولكنهم أشاروا بقبول استقالة رئيس الوزراء وتكليف رئيس وزراء جديد مع بقاء التشكيل السابق لتصريف العاجل من الأمور، ولهذا حين برزت ضرورة حل مجلس الأمة وقعوا في مشكلة جديدة، هي كيفية إجراء هذا الحل، فالحكومة المستقيلة لم تعد تملك الحق في المشاركة في طلب حل مجلس الأمة، والحكومة الجديدة لم يكتمل تشكيلها بعد.
ان حرص سمو أمير البلاد على صحيح الإجراءات الدستورية تمثّل في تشكيل حكومة جديدة أدت اليمين الدستورية أمام سموه، وباشرت أعمالها كسلطة تنفيذية مهيمنة على إدارة شؤون البلاد.
وإذا كانت هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، لاقت الارتياح والترحيب، فما زالت هناك إجراءات مثار جدل وتباين في وجهات النظر. فهل مرسوم الحل الصادر دستوري؟ وهل ينبغي سحبه، واصدار مرسوم جديد بناء على كتاب الحكومة الجديدة؟! هل تنبغي عودة المجلس المنحل لتؤدي الحكومة اليمين الدستورية أمامه؟ هل ينبغي ان يكون فيها «محلل»؟
أسئلة ينبغي ألا تترك للهواجس والتخمين، فإذا كانت الأسئلة مشروعة، ينبغي على الحكومة القيام بما عليها لتكريس إجراءات دستورية سليمة، أما إذا كانت تعتقد ان هذه الإجراءات قد تحققت بالفعل، ولا شبهة دستورية في الأمر، فلتوضح للناس رأيها وتقنعهم به.
فالمطلوب منا جميعاً، وأولنا الحكومة، العمل للخروج من النفق الدستوري، لنصل إلى انتخابات لا شبهات فيها، ومجلس لا يشك أحد في شرعيته.



القبس
 

post_old.gif
29-02-2012, 03:40 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

موقف الشيعة من مذابح سوريا سيكون ورقة سوداء في قادم الأيام، برأى خليل علي حيدر


27/2/2012 12:54:18 am
موقف الشيعة من مذابح سوريا سيكون ورقة سوداء في ...

الوطن


الشيعة.. ومذابح الشام

خليل علي حيدر

هل يتحمل الضمير الشيعي مذابح حمص ودرعا ودمشق وديرالزور وعموم الشام؟ وإلى متى؟.
هل يجيز هذا الضمير، شرعاً ومذهباً وانسانية، السكوت عن محاصرة المدن وضرب بيوت الناس بالدبابات والصواريخ وقتل سكانها دون تمييز؟ هل يمكنه السكوت عن قتل ما بين خمسين ومائة شخص كل يوم دون ذنب او جريرة، سوى انهم يرفضون القمع ويطالبون بالحرية والكرامة، ويريدون اختيار نظام الحكم برغبتهم؟ هل الاعتراض على «الموقف السلفي» او اي موقف كان من مطالب الشعب البحريني، يجيز للشيعة ان يتجاهلوا ما يحدث في سورية من جرائم رهيبة كل يوم؟ هل المذابح المستمرة في سورية منذ نحو عام، وهذا القصف الاجرامي البشع لمدينة حمص مثلاً، يشبهان ما يجري او جرى في البحرين؟
ألا يعد مثل هذا الموقف وهذه المقارنة المجحفة، اساءة في الواقع الى قضية الشعب البحريني ونضال شعبه ومطالبه الاصلاحية العادلة؟
هل خطآن يساويان صواباً، وهل جريمتان تنجم عنهما البراءة؟.
من يعمل في الخفاء داخل الكويت لتضليل الرأي العام الشيعي ويسعى لقيادتهم صفاً واحداً، لدعم النظام السوري، وتجاهل كل هذه الجرائم التي ترتكب كل يوم في مدن الشام؟.
من يعرف وصول المعلومات الصحيحة الى هؤلاء الناس، ومن يقلب لهم الحقائق ويتلاعب بالصورة ويربط مصير وموقف شيعة الكويت بمصير انظمة مغامرة او قمعية تدوس الناس في الشوارع وتعذب المتظاهرين وتنهب المقدرات وتهدم المدن؟.
كيف يمكن للشيعة ان يقولوا بعد هذا التجاهل لمذابح سورية انهم مع المظلومين والمستضعفين والمستباحين؟ كم سيبقى من مصداقية بكاء الشيعة في محرم وعاشوراء على القتلى والمظلومين، ان لم يستنكروا اليوم جرائم قتل الشعب السوري وتخريب دياره وتعذيب معتقليه؟
سيدفع الضمير الشيعي حتماً، ثمناً فادحاً من مصداقيته نظير هذا التجاهل والسكوت! وسيعتبر هذا الموقف الغريب ورقة سوداء محرجة في القادم من الايام، تماماً مثل تجاهل العالم العربي مثلاً لمذابح الاكراد في زمن صدام حسين، او جرائمه ضد الانتفاضة الشعبانية عام 1991، وسيبرر هذا التجاهل لآلام سورية مشاعر من الكراهية والنفور ضد الشيعة في كل مكان، ولوقت طويل قادم.
لقد دمر التشيع السياسي واحزابه وافكاره رؤية الشيعة لمصالحهم وتلاعب بكل موازينهم المنطقية، بل الاخطر من ذلك انه القى الرعب في قلوب معارضيه فصاروا يتجنبون كل ما يعرضهم لغضب هذه الاحزاب. على كل الشيعة ان يتساءلوا: من سيدفع ثمن مثل هذا الموقف وهذا التجاهل؟ وعليهم كذلك ان يتساءلوا: اين مجتهدو الشيعة وقياداتهم الدينية والسياسية والثقافية والأكاديمية؟ هل يجيز هؤلاء جميعاً هذه الجرائم والمذابح وقصف المدن؟ هل «ما جرى ويجري في البحرين» يبرر.. حتى ابادة الشعب السوري؟!.

خليل علي حيدر


 

post_old.gif
28-04-2012, 11:42 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

نعيش وطأة المشكلة.. ولا نعرف علاجاً










مواضيع ذات علاقة









الكويتيون يتأرجحون بين الأمل واليأس!
زيادات، كوادر، علاوات، منح، هبات، لكنها لا تصنع فرحة، بل يزداد الشعور بالضيق والحيرة. الشعور الذي يتسع ليشمل أناساً كانوا بمنأى عنه حتى الآن، وتتأجج رغبة جامحة في الصرف والاستهلاك، وكأننا ننتحر حتى آخر فلس!
جمودٌ في الاقتصاد. فوضى وتخبُّط في السياسة. وإحباط يزداد ويتراكم حتى يحجب، أو يكاد، كل ما هو ايجابي صنعناه.
ملاحظات كثيرة نتناولها يومياً ونعيدها ونكررها على مسامع كل من يهمه الأمر، علّنا نجد إجابة عنها من المعنيين في المواقع الرسمية، كما في غيرها.
مشاكل نعرفها ويعرفها الناس، ولكننا لا نعرف علاجاً لها، وعلى الارجح، فإن غيرنا لا يعرف، حتى لا نقول انه لا يريد حلاً وعلاجاً. وهذا بحد ذاته مشكلة نأمل أن يوضع حد لها، وأن نجد الطريق، ونبدأ العمل:
- نعلم أننا ننفق من مورد وحيد، هو النفط، ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن هناك تدنياً في مستوى التعليم ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن هناك ضعفاً في الصحة، وتراجعاً في الفن والثقافة، وتدهوراً في الرياضة ولا نعرف العلاج!
- نعلم أننا نعاني مشاكل الطائفية والفئوية، وارتفاع منسوب الغلو، وكراهية الآخر ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن هناك تأخيراً في المشاريع والمناقصات العامة ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن هناك فساداً شائعاً ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن هناك واسطة ومحسوبية في الجهات الحكومية ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن الميزانية العامة للدولة قد بلغت حدوداً كارثية ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن استهلاك الكويت من الكهرباء والماء أكثر بكثير من حاجتها، مقارنة بأي دولة من دول العالم، ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن الدعم الحكومي للسلع والخدمات في الميزانية قد قارب 6 مليارات دينار سنوياً، مما يساعد على الهدر والتبذير، ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن مشكلة المرور تتفاقم من سنة إلى أخرى ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن هناك مشكلة في قضية البدون ولا نعرف العلاج!
- نعلم أننا مقبلون على طوابير طويلة من الشباب والشابات الذين يسعون للحصول على وظيفة ولا نعرف كيف مواجهة ذلك وما العلاج!
- نعلم أن الأغلبية الساحقة تتكلم كثيراً وتعمل قليلاً ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن الحكومة لم تتمكن بعد من أخذ زمام الأمور بيديها، رغم الدعم المعنوي الكبير الذي حظيت به، ولا نعرف العلاج!
- نعلم أن مجلس الأمة منشغل بقضايا هامشية، وأنه يهمّش القضايا الحقيقية، ويدفع عنوة نحو أجواء طائفية غير مقدِّرٍ للتبعات والعواقب، ونرى فتوات أكثر مما نشاهد مشرِّعين ومراقبين، ولا نعرف العلاج!
- نعلم ان الإقليم يغلي، وأن الشرر يتطاير في كل اتجاه، لكننا لا نرى ولا نسمع، نغرق في توافه الأمور.. ولا نعرف العلاج!
نعلم، ونعلم، ونعلم، ولا نعرف العلاج!
لكننا نعلم ونعرف اننا لن نفقد الأمل. ولا نقتنع بأن شيئاً لن يُعالَج إلاّ إذا وقع السيناريو الكارثي وتدنى سعر النفط إلى 20 دولاراً، وحلّت المصيبة فسيستيقظ عندها الجميع!
نعلم، ونعرف، ان على الحكومة أن تغادر محطة اللارؤية، واللاخطة!
وان على المجلس أن يتخلى عن رغبات بعض أعضائه في تخريب نظامنا الديموقراطي، ويركز في التشريع والرقابة على ما تحتاجه الكويت حقاً من تشريعات وسياسة تضمن لها التقدم والازدهار، لا الانتكاس والعودة إلى الوراء.
وان على عاتق قوى المجتمع الحيّة، والفاعلة، مسؤولية المساهمة في عملية الإنقاذ، والانتقال من موقع «الأغلبية الصامتة» أو «اليائسة» إلى موقع الأغلبية الفاعلة، المبادرة.
الرغبة في التضحية، والاستعداد لتقديمها، شعور ساد لدى الكويتيين دائما، وإن خبا الآن وأصبح باهتا،
فإنه سيتوهج مجدداً، إذا اقتنعوا بأن تغيير الأشياء إلى الأحسن ممكن.
ولكي نعطي الناس الأمل ينبغي أن نقدم العمل.
ربما تكون البداية، بعد بلورة الرؤية، والعزم على القرار، والحزم في تنفيذه، الاعتماد على الفنيين والمتخصصين في علاج المشاكل، كلٌ في ميدانه، متسلحين بالبيانات والمقارنات اللازمة، والارادة الحازمة، فلعلّها تكون الخطوة الأولى في اتجاه علاج مشاكل قبل أن تزداد استفحالاً.
انها كويتنا، تستحق ان نهبَّ لها، ونفكرَ من أجلها.. والاهم أن نعمل.

القبس
 

post_old.gif
09-05-2012, 07:54 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

قضية اليوم



إنها مسؤوليتك! إنها مسؤوليتنا!












هذا لا يحدث الا عندنا!
بيت الأمة يتحول الى مسرح هزلي لتشويه كفاحها.
ونواب الأمة تتكشف حقيقة بعضهم، من الأغلبية كما من الأقلية، عن كونهم أدوات بشعة لتشويه الديموقراطية أولاً، تمهيداً للانقضاض عليها وخنقها تالياً.
هذا لا يحدث الا عندنا!
فبدلاً من ان يترسخ نظامنا الديموقراطي، وتتطور حياتنا النيابية، ليتعمق مبدأ المشاركة الشعبية، نجد نظامنا الديموقراطي في خطر. والمؤسسة التي منحناها ثقتنا كي تشرّع لحاضرنا ومستقبلنا، ومنحناها حق المراقبة والمحاسبة باسمنا، يحولّها بعض اعضائها من الأغلبية والأقلية، الى أداة هدم لكل المبادئ السامية التي كافح من أجلها الكويتيون جيلاً بعد جيل.
نواب ينخرون عن قصد وبسوء نية، في أسس اهم مؤسسات نظامنا الديموقراطي، ويمعنون في الاساءة اليها كي يكرِّهوا الناس فيها، ويسهلوا تدجينها ومصادرتها.
لغة هابطة في ادنى مستويات الانحطاط، لا كياسة فيها ولا لياقة.
لغة أقرب الى فحيح الأفاعي، تنضح بتحريض طائفي وفئوي ومذهبي كريه، يستدرج الفتنة، بدلاً من أن يكون مجلس الأمة حصناً لوحدتنا وتكاتفنا، على تباين أدياننا وطوائفنا ومذاهبنا وقبائلنا وعوائلنا ومناطقنا.
نواب في المعسكرين فقدوا البوصلة، يسيئون الى التفويض الممنوح لهم، ويستخدمونه في أبشع المواقع، ومن اجل اسوأ الأهداف والغايات.
يستهترون بالأدوات الدستورية، وينزلون بها الى حضيض التخريب.
عاجزون عن ان يؤدوا – بالامانة والشرف – المهمة التي انتدبتهم الأمة من اجلها.
يرفعون عُقُلهم، ويمدون ألسنتهم بسفيه الكلام، يبثون سمومهم في نسيجنا الوطني.. يصنفون مجتمعنا، ويثيرون النعرات، يحولون المجلس، بيت الأمة، مؤسسة التشريع والرقابة، إلى ساحة إثارة، وسباب، و«مطاقق».. غايتهم ان يهوي الى اسفل سافلين، فيعافه الناس، ويصدّوا عن الديموقراطية التي شيدوا بنيانها حجرا حجرا، بالجهد، والتعب، والكفاح، والتضحيات، فصانت كويتنا وحمتها، وكانت عماد تقدمها ونموها.
لا تساهل مع هؤلاء. فأنت الذي اخترتهم عندما وضعت ورقتك في صندوق الاقتراع. وعليك ان تحاسبهم الآن، ولا تنتظر يوم الحساب الكبير في الانتخابات المقبلة.
دعهم يعرفون الآن انك غير راض عن أدائهم، وانهم يخونون الأمانة.
قل لهم: انه مجلسنا، عماد ديموقراطيتنا، فيه نواب نجلّهم ونحترم أداءهم، يشرّعون ويراقبون، باسم الأمة، وبمستوى الأمانة والثقة اللتين مُنحتا لهم.
اما الذين يخربونه من داخله فزائلون.
إنها مسؤوليتك.
إنها مسؤوليتنا.
إنها مسؤولية مجتمع.






القبس
 

post_old.gif
20-05-2012, 12:28 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

تغريدة السعدون

حسن العيسى نشر في 20, May 2012 :: الساعه 12:01 am | تصغير الخط | تكبير الخط

timthumb.php
“تغريدة” رئيس المجلس أحمد السعدون عن موضوع الوحدة الخليجية تشرف كل مؤمن بالشرعية الدستورية وحكم القانون وحرية التعبير المقدسة، ولم يكن أحمد السعدون منغلقاً رافضاً كمبدأ الوحدة الخليجية، وإنما كان تحفظه الرصين ينبع من قناعة راسخة بأن أي مشروع وحدة يجب أن يكون بين أنظمة ترتفع في قوانينها وممارستها إلى مستوى الحريات السياسية في الكويت كحد أدنى، بمعنى أن تكون دولنا متشابهة في أنظمتها الدستورية، وهذا غير متحقق الآن.
ومربط الفرس في فكرة الوحدة الخليجية هو القضية الأمنية في دولنا، وأن هذه الوحدة وقوامها الاتفاقية الأمنية، التي تحفظت عنها الكويت حين وقعت بين دول الخليج في الرياض عام ٩٤، تخترق أحكام الدستور الكويتي في ما يتعلق بقضية حرية التعبير، والأهم من ذلك اختراقها مبدأ “إقليمية القوانين الجزائية”، بمعنى أن القوانين الجزائية لدولة ما، وكما استقرت عليه الشرعية الدولية لا يجوز أن تمتد إلى خارج إقليم الدولة (أرضها أو مياهها الإقليمية)، وهذا مبدأ لا يجوز أن يخضع للاستثناءات إلا في أضيق الحدود.
وفي مثل الاتفاقية الأمنية يصف أحمد السعدون بعض بنودها “بالمهزلة”، فالمادة ٢٨ تنص على التسليم الوجوبي للمتهمين حتى ولو كان الفعل “… غير معاقب عليه في الدولة المطلوب إليها التسليم أو حتى لو كانت العقوبة المقررة للجريمة في الدولة الطالبة التسليم لا نظير لها في الدولة المطلوب منها التسليم…”، يعني لو ارتكب كويتي –في الكويت- فعلاً يعد جريمة في أي من الدول الموقعة على الاتفاقية لكنه ليس جريمة في قانون الجزاء الكويتي، تلتزم الكويت بتسليم مواطنها للدولة صاحبة الاتهام…!.
هذا يعني أن قانون الجزاء الكويتي سينتفخ لدرجة الانفجار، ليضم كل قوانين الجزاء في دول الخليج… وهذا آخر ما ينقصنا ونحن نتجرع اليوم مرارات علقم الإسهال التشريعي الجزائي من مجلس الأوصياء البرلماني، وهذا بالمناسبة وبالمفارقة المحزنة معاً قد يقلل فروق حدود الحرية بمعناها العام الذي نتبجح به في الكويت بيننا وبين بقية دول الخليج…! لكنه من ناحية يبقى هناك الجزء الضئيل المتبقي من حرياتنا حسب الدستور المنتهك من رعاته وليس من أنظمة الخليج، ومن ناحية أخرى لنفهم ونتعلم من التجربة الأوروبية في مسار وحدة أممها بعد الحرب الكونية الثانية، فإجراءات الوحدة لم تكن رد فعل لتهديد أمني مباشر فقط من دولة مثل الاتحاد السوفياتي سابقاً، وإنما نشأ بداية من قناعة مفكرين كبار آمنوا بحرية الفرد مطلقاً، وأن ذلك الفرد الأوروبي لا يجب أن يتعرض لمحن الفاشية أو النازية أو الستالينية.
فكان بداية العمل الدؤوب لمفكرين مثل كونراد ادناور وكاسبري وشومان، ولخص المفكر الفرنسي جان مونيه كأحد أكبر مهندسي الوحدة الأوروبية الموضوع بعبارة “… نحن لا نريد أن نربط بين دول وإنما بين شعوب…”، واتحاد دولنا الخليجية إنما هو مشاريع أمنية لأنظمة حاكمة وحريات شعوبها ليست مسألة ذات أهمية عندها… فالدولة هي النظام الحاكم والنظام الحاكم هو الدولة، وهذا ما استعرناه من لويس الرابع عشر من فرنسا قبل الثورة العظيمة، وحتى الآن يعد فكر جان مونيه الفرنسي بعيداً عنا تماماً.


الجريدة


 

post_old.gif
26-05-2012, 02:27 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

قضية اليوم خطيئة لا تغتفر












كشفت قضية «داو» والتعويضات المليارية التي تطلبها الشركة الاميركية من الكويت، ان البلاد كانت ومازالت عرضة للأهواء الباطلة من هنا وهناك. فتكبد الخزينة خسارة تزيد على 2.1 مليار دولار سيكون بمنزلة صدمة هائلة بتداعياتها على اكثر من صعيد.
بداية، وعلى صعيد السلطة التنفيذية، نشهد كيف ان الترنح ذات اليمين وذات اليسار، رضوخا لصراخ نواب او تهويل سيكون بثمن باهظ جدا جدا. فما اقدمت عليه الحكومة السابقة برئاسة سمو الشيخ ناصر المحمد بالغاء الصفقة، كان قراراً سياسياً محليا ضيقا، غير عابئ بالتداعيات الدولية السلبية على الكويت وسمعتها ومناخ الاستثمار فيها، فضلا عن عدم احترامها للعقود التي توقعها، بما لذلك من دلالات خطيرة على المصداقية واحترام العهود.
فتلك الحكومة عاصرت الصفقة ومفاوضاتها مدة طويلة من الزمن، وكانت على اطلاع على الجدوى الاقتصادية والاستثمارية، فاذا بها، في نهاية المطاف، تتنصل بادعاء ذي علاقة بقلة الجدوى. وهذا ايضا يشير الى التخبط والتصرف وفقا لمجريات غير ذات صلة بأي أسس فنية سليمة، فإذا كانت الصفقة غير مجدية فيجب محاسبة من وقّعها. وإذا كانت مجدية فلنحاسب من ألغاها!
على صعيد القطاع النفطي، هناك مسؤوليات يفترض ان يتحملها اصحابها عندما تأتي المكاشفة بكل مفاصلها وخباياها. فالبند الجزائي الذي وافق عليه مسؤولون نفطيون يثير علامات استغراب كبيرة! ففي حالات مماثلة يكون ذلك البند بين 1% و15% بأقصى تقدير، فإذا به في حالة «داو» نحو 30% من قيمة الصفقة، وستأتي المحاسبة على كل شاردة وواردة في العلاقات مع «داو» منذ دخولها الكويت الى يومنا هذا.
كما ان للمستشارين القانونيين والاقتصاديين المحليين حصة من الاسئلة المطروحة، لأنهم لم يتحوطوا كفاية، ولم يكونوا على مستوى هكذا صفقات.
وهذا متصل ايضا بالمحامين الذين تولوا الدفاع عن موقف الكويت في هيئة التحكيم الدولية، لأنهم فشلوا في درء خطر التعويضات المطلوبة. وهنا أيضا يجب فتح ملف المرافعات هناك، وموقف شركة الكيماويات البترولية، وماذا قالت في غير مصلحة الكويت وحكومتها.
أما النواب، لا سيما الذين عارضوا الصفقة بشراسة بالغة وضراوة غير مسبوقة، فقد نصّبوا أنفسهم خبراء نفط وبتروكيماويات على مستوى عالمي، فإذا بهم يخطئون كل الحسابات، وينقلب السحر على الساحر.
فهؤلاء النواب المتعدون على السلطة التنفيذية، والذين يسلطون سيوفهم على رقاب الإدارة العامة، النفطية منها والمالية، يتحملون مسؤولية تاريخية في هذا الملف الملتهب. وأي منهم يحاول التنصل سيكون محاكماً أمام التاريخ، لأن ذاكرة الناس ليست قصيرة. فكلنا يعلم مدى الضغط الذي مارسوه، ومدى الصراخ الذي ارتفعت به عقيرتهم، مهددين بالويل والثبور وعظائم الأمور، فأين هم اليوم من هذه الصاعقة التي حلت بنا؟
إلى متى تستمر بنا الحال على هذا المنوال، بحروب سياسية يدفع المال العام ثمنها غاليا.. وغاليا جداً؟ كيف ستحاسب الحكومة السابقة عن خطأ جسيم كهذا؟ لا بل عن خطيئة قد لا تغتفر؟ لا ينفع التنصل من المسؤوليات في وقت قد تجبر فيه الكويت على دفع أكثر من 600 مليون دينار عبثاً، هذه الاموال التي هي لقمة عيش الكويتيين ومستقبل أبنائهم، تذهب سدىً لأن أشخاصاً لم يروا أبعد من أنوفهم، ولأن التنازلات السياسية المجانية اتضح أنها بكلفة خيالية، ولأن الرضوخ للشارع الضيق محلياً يورث مهازل في المحافل الدولية، ولأن أسلوب الترضيات والتراضي حفاظاً على الكراسي، سرعان ما يظهر سراب سلطته ليبقى الحمل الثقيل على كاهل المواطنين المساكين العاديين.
رب قائل ان الوقت الآن ليس لتحميل المسؤوليات بل لمواجهة هذه الكارثة المالية بتضامن جماعي.
هذا صحيح نظرياً، أما عملياً فالمبلغ بات ديناً علينا أمام العالم، ولا مناص من دفعه، وفق القانونيين، أو إجراء تسوية بشأنه، بحسب الاقتصاديين، وسريعاً.. سنكون أمام حقيقة صادمة مفادها أن للعبث أكلافاً هائلة وللاستهتار اثماناً خيالية.
واذا لم يتحمل احدهم المسؤولية ويدفعها من رصيده الشخصي والسياسي، فإن الحبل سيترك على غاربه، وستتكرر الخسائر بالمليارات، وستتكبد سمعة الكويت ومصداقيتها جراحاً يصعب التنبؤ بعمقها وألمها، وستدوم سيادة استسهال التكسب السياسي الرخيص على حساب المال العام الى ما شاء الله.
كلمة أخيرة: رب ضارة نافعة، فالمبلغ الملياري بمنزلة صدمة كهربائية عنيفة. فهل ينتفض جسمنا السياسي المريض ونصحو على هول الكارثة ونتعلم؟ ام لا حياة لمن تنادي، لان عمك اصمخ؟


القبس
 

post_old.gif
10-07-2012, 10:48 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

قضية اليوم



حكومات مشلولة










مواضيع مترابطة







إذا كان النهج الشعبوي الذي طغى على مجلس الأمة قد ساهم في إجهاض التنمية، وتعطيل الاقتصاد الوطني بالضغط، والصوت العالي، والغوغائية، والقوانين المعرقلة الخانقة وغير القابلة للتطبيق، أو عبر التبديد غير المنطقي لثروات البلاد ومداخيلها، مما أبقى الكويت في حالة مراوحة، وتضييع فرص التقدم، فإن الحكومات المتعاقبة منذ 2006 تتحمل المسؤولية الأكبر.. بالتواطؤ والضعف حيناً، وبغياب الرؤية وانعدام القرار والتخلي عن المسؤولية المنوطة بها كمهيمنة على مصالح الدولة، في أغلب الأحيان.

ولا يستقيم أي نقد لمعرفة واقع اقتصادنا، ولماذا غابت التنمية حتى سبقنا الآخرون، إلا بتحديد المسؤوليات، كل طرف في العملية حسب الأدوار المنوطة به. النواب الشعبويون مارسوا الويل والثبور وعظائم الأمور، فإذا بهم يعطلون مسارات ويحبطون تطلعات، إلا ان كلمة يجب ان تقال كي تتضح الصورة في حكومات متعاقبة منذ حوالي العقد كانت دون طموحات الكويتيين في التقدم والازدهار. حكومات نامت في عسل ارتفاع سعر برميل النفط وفوائضه المليارية المتراكمة، فتقاعست عن أي اصلاح أو تنمية، لا بل كانت فاقدة الرؤية الجديرة في ان تصنع منها مهيمنا على مصالح الدولة، فإذا بها اسماء وتسميات كبيرة ورقياً بمضمون قليل وانتاج محدود أو شبه معدوم، عملياً.
لقد استمر مسلسل التردد والتأجيل والتراجع واللاقرار والتخبط سنوات، والغرق في الثانوي والتيه عن الجوهري، حتى فقدت السلطة التنفيذية معظم هيبتها، وقدرتها على الفعل والابداع، وبقيت، أحياناً كثيرة، شبه مستسلمة يتناهشها المتربصون بها من داخلها وخارجها، ويتناتشها المصطادون في مائها العكر.

فإذا كانت التنمية المفقودة حديث كل الشؤون وجل الشجون، فقد كان الوزراء المعنيون بها من أشغال وماء وكهرباء ونفط ومواصلات واتصالات وتجارة وصناعة... يتم اختيارهم إما على عجل، أو بترضيات سياسية وقبلية وعائلية ومصلحية، دون أي تاريخ أو إنجاز سابق، يبشران بأمل في عمل أو نجاح لاحق. وفوق هذا، وقبله، دون أي تصور لخطة أو مشروع يتولى حقيبته القادر على التخطيط والتنفيذ.
اما إذا تسنى وجود وزير أو أكثر راغب في الانجاز وقادر عليه، فكنا نراه كيف يُحبط ويدور في حلقة مفرغة أو يُضحَّى به لأسباب متصلة بالضعف الحكومي من فوقه، والترهل الإداري من تحته، ويقعد عن أي عمل، معوضاً ذلك بتصريحات الوعود الخاوية التي سرعان ما يبددها واقع الحال المتدهورعلى نحو مخيف. ثم سرعان ما يُجبر على الاستقالة ويرحل!

وعندما كانت تعترض تلك الحكومات عقبات برلمانية كأداء، كان حل مجلس الامة يأتي منقذاً مرة بعد مرة.. لكن من دون كبير جدوى، اذ يعود الضعف ليتربع في القلوب، ويتمكن التردد من العقول، وتسود لغة المساومات، وتتوالى التنازلات مرضاة لهذا النائب او ذاك، وشراء لهذه الذمة او تلك.

ومع ان بصيص امل لاح في الافق، وتوسّم الناس خيراً بتوافق السلطتين، عندما اقرتا خطة تنمية خمسية بــ 35 مليار دينار، عل‍ى ان تتبعها خطط مماثلة حتى عام 2035 (!) وصدر قانون بذلك شمل كل مناحي البنية الاجتماعية من تعليم وصحة وسكن، والبنية التحتية من كهرباء وطرق ومواصلات.. فضلا عن تأسيس شركات لمرافق حيوية عديدة. وتفتق ذهن الحكومة عن تعيين وزير خاص للتنمية، ومعه سال حبر كثير عن الانجازات «العظيمة» ونسب التنفيذ «الهائلة»، لكن اتضح لاحقا انها هراء بهراء. وأُغرقت في متاهات طرق التمويل، والتجاذب وتحقيق النقاط والمكاسب الخاصة، وتحولت الى مصدر للتسلية بدل أن تكون وسيلة للتنمية. حتى ضاعت وانمحى ذكرها كأنها هباء منثور!

كل ذلك رغم الاستعانة ببيوت استشارية دولية مثل فريق طوني بلير، وشركات عالمية مثل ماكينزي ومونيتور وغيرها، التي قبضت عشرات الملايين سدى، لان الحكومة كانت اضعف من ان تنجز اي مشروع حيوي، وهي عجزت عن الاصلاح الاداري اللازم لازالة المعوقات البيروقراطية وعقم الدورة المستندية الطويلة، ناهيك عن الفساد الذي بقي مستشرياً في المفاصل الاساسية.

صمَّت تلك الحكومات آذانها عن مطالبات تسهيل الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص، لا بل اسهبت في العرقلة وتحبيط المستثمرين، وتمادت في وأد المبادرات، وحالت دون أي اسهام حقيقي للقطاع الخاص في التنمية، كما كانت وعدت في خطتها العتيدة. فالأراضي محتكرة للدولة بمعظمها، والبنية التحتية متهالكة، والروتين الإداري ممل قاتل، ومشاريع كثيرة قابعة في الأدراج. اما القوانين التي أقرَّت بمباركة الحكومة مثل الخصخصة وB.O.T فحدِّث ولا حرج عن شدة تعسفها وغرابة تعقيداتها. وتعمدت لي عنق كل القوانين والقواعد الاقتصادية، وادخلت الاقتصاد في سوق التسوية والمساومات القصيرة النظر والفاقدة الحس المستقبلي والرؤية التي تنقل البلد الى التطور، وحولت الاقتصاد الى خادم للسياسة بدلا من ان تكون رافعة له، تذلل امامه العقبات، وتزيل العراقيل.

كان الرأي العام يرثي لحال الحكومة ويتعاطف معها نسبياً عندما تشكو من المعارضة النيابية الشرسة. لكن القناع سقط كلياً مع مجلس 2009 الذي كان حكومياً بأغلبيته، بأعضاء معظمهم مطواعون إلى أبعد مدى، ومع ذلك استمر الضعف على حاله، ولم تحرز الحكومة أي تقدم يذكر على صعيد إنجاز التنمية بمختلف قطاعاتها. رغم انها تمتعت بالأغلبية التي كان يمكن أن تستفيد منها لو كانت جادة في مشاريع التنمية والتقدم. فأدرك الناس بالملموس أن فاقد الشيء لا يعطيه.

إن إلقاء اللوم على معارضة صعبة المراس فيه جانب من الحقيقة، لكنها ليست الحقيقة كلها. لتبقى العلة الأكبر في السلطة التنفيذية التي فوتت فرصاً ثمينة لا تعوّض. وليس أصدق من مؤشرات صندوق النقد والبنك الدوليين ومنتدى الاقتصاد العالمي التي تضع الكويت في مراتب متأخرة خليجيا، في تنافسية الاقتصاد، وخلله الهيكلي، وصعوبة ممارسة الأعمال فيها، فضلا عن حال اللاتوازن الضاربة أطنابها في الميزانية العامة التي تُهدر في الانفاق الجاري. ناهيك عن مؤشرات منظمة الشفافية الدولية التي تضع الكويت بين دول يعج فيها الفساد بلا أي سعي حقيقي للجمه والحد من خطره.

إننا أمام مشهد بقايا دولة، وادارة مترهلة مشلولة إذا بقيت الحكومات تُشكل على شاكلة التي قبلها، ولها ممارسات سابقاتها نفسها وصفاتها، اي لا رؤية ولا قرار ولا همة، وإذا استمرت الترضيات والمساومات والتسويات على حساب الوطن بأجياله الحالية والقادمة، وإذا لم تحصل انتفاضة قرار يعيد للسلطة التنفيذية هيبتها ونزاهتها وقدرتها على الانجاز، واذا استمرت يد الاصلاح الاداري والاقتصادي مغلولة مشلولة إلى ما شاء الله، وإذا استمر غياب تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، وإذا أمعنَّا في استسهال الغَرف من البرميل لتوزيع عطايا وهبات ذات اليمين وذات اليسار بلا طلب مقابل في الانتاج.. فهكذا منوال سيقضي حتى على بقايا الدولة.. ساعتئذ لات ساعة مندم.


القبس


post_old.gif
10-07-2012, 10:48 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

قضية اليوم



حكومات مشلولة










مواضيع مترابطة







إذا كان النهج الشعبوي الذي طغى على مجلس الأمة قد ساهم في إجهاض التنمية، وتعطيل الاقتصاد الوطني بالضغط، والصوت العالي، والغوغائية، والقوانين المعرقلة الخانقة وغير القابلة للتطبيق، أو عبر التبديد غير المنطقي لثروات البلاد ومداخيلها، مما أبقى الكويت في حالة مراوحة، وتضييع فرص التقدم، فإن الحكومات المتعاقبة منذ 2006 تتحمل المسؤولية الأكبر.. بالتواطؤ والضعف حيناً، وبغياب الرؤية وانعدام القرار والتخلي عن المسؤولية المنوطة بها كمهيمنة على مصالح الدولة، في أغلب الأحيان.

ولا يستقيم أي نقد لمعرفة واقع اقتصادنا، ولماذا غابت التنمية حتى سبقنا الآخرون، إلا بتحديد المسؤوليات، كل طرف في العملية حسب الأدوار المنوطة به. النواب الشعبويون مارسوا الويل والثبور وعظائم الأمور، فإذا بهم يعطلون مسارات ويحبطون تطلعات، إلا ان كلمة يجب ان تقال كي تتضح الصورة في حكومات متعاقبة منذ حوالي العقد كانت دون طموحات الكويتيين في التقدم والازدهار. حكومات نامت في عسل ارتفاع سعر برميل النفط وفوائضه المليارية المتراكمة، فتقاعست عن أي اصلاح أو تنمية، لا بل كانت فاقدة الرؤية الجديرة في ان تصنع منها مهيمنا على مصالح الدولة، فإذا بها اسماء وتسميات كبيرة ورقياً بمضمون قليل وانتاج محدود أو شبه معدوم، عملياً.
لقد استمر مسلسل التردد والتأجيل والتراجع واللاقرار والتخبط سنوات، والغرق في الثانوي والتيه عن الجوهري، حتى فقدت السلطة التنفيذية معظم هيبتها، وقدرتها على الفعل والابداع، وبقيت، أحياناً كثيرة، شبه مستسلمة يتناهشها المتربصون بها من داخلها وخارجها، ويتناتشها المصطادون في مائها العكر.

فإذا كانت التنمية المفقودة حديث كل الشؤون وجل الشجون، فقد كان الوزراء المعنيون بها من أشغال وماء وكهرباء ونفط ومواصلات واتصالات وتجارة وصناعة... يتم اختيارهم إما على عجل، أو بترضيات سياسية وقبلية وعائلية ومصلحية، دون أي تاريخ أو إنجاز سابق، يبشران بأمل في عمل أو نجاح لاحق. وفوق هذا، وقبله، دون أي تصور لخطة أو مشروع يتولى حقيبته القادر على التخطيط والتنفيذ.
اما إذا تسنى وجود وزير أو أكثر راغب في الانجاز وقادر عليه، فكنا نراه كيف يُحبط ويدور في حلقة مفرغة أو يُضحَّى به لأسباب متصلة بالضعف الحكومي من فوقه، والترهل الإداري من تحته، ويقعد عن أي عمل، معوضاً ذلك بتصريحات الوعود الخاوية التي سرعان ما يبددها واقع الحال المتدهورعلى نحو مخيف. ثم سرعان ما يُجبر على الاستقالة ويرحل!

وعندما كانت تعترض تلك الحكومات عقبات برلمانية كأداء، كان حل مجلس الامة يأتي منقذاً مرة بعد مرة.. لكن من دون كبير جدوى، اذ يعود الضعف ليتربع في القلوب، ويتمكن التردد من العقول، وتسود لغة المساومات، وتتوالى التنازلات مرضاة لهذا النائب او ذاك، وشراء لهذه الذمة او تلك.

ومع ان بصيص امل لاح في الافق، وتوسّم الناس خيراً بتوافق السلطتين، عندما اقرتا خطة تنمية خمسية بــ 35 مليار دينار، عل‍ى ان تتبعها خطط مماثلة حتى عام 2035 (!) وصدر قانون بذلك شمل كل مناحي البنية الاجتماعية من تعليم وصحة وسكن، والبنية التحتية من كهرباء وطرق ومواصلات.. فضلا عن تأسيس شركات لمرافق حيوية عديدة. وتفتق ذهن الحكومة عن تعيين وزير خاص للتنمية، ومعه سال حبر كثير عن الانجازات «العظيمة» ونسب التنفيذ «الهائلة»، لكن اتضح لاحقا انها هراء بهراء. وأُغرقت في متاهات طرق التمويل، والتجاذب وتحقيق النقاط والمكاسب الخاصة، وتحولت الى مصدر للتسلية بدل أن تكون وسيلة للتنمية. حتى ضاعت وانمحى ذكرها كأنها هباء منثور!

كل ذلك رغم الاستعانة ببيوت استشارية دولية مثل فريق طوني بلير، وشركات عالمية مثل ماكينزي ومونيتور وغيرها، التي قبضت عشرات الملايين سدى، لان الحكومة كانت اضعف من ان تنجز اي مشروع حيوي، وهي عجزت عن الاصلاح الاداري اللازم لازالة المعوقات البيروقراطية وعقم الدورة المستندية الطويلة، ناهيك عن الفساد الذي بقي مستشرياً في المفاصل الاساسية.

صمَّت تلك الحكومات آذانها عن مطالبات تسهيل الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص، لا بل اسهبت في العرقلة وتحبيط المستثمرين، وتمادت في وأد المبادرات، وحالت دون أي اسهام حقيقي للقطاع الخاص في التنمية، كما كانت وعدت في خطتها العتيدة. فالأراضي محتكرة للدولة بمعظمها، والبنية التحتية متهالكة، والروتين الإداري ممل قاتل، ومشاريع كثيرة قابعة في الأدراج. اما القوانين التي أقرَّت بمباركة الحكومة مثل الخصخصة وB.O.T فحدِّث ولا حرج عن شدة تعسفها وغرابة تعقيداتها. وتعمدت لي عنق كل القوانين والقواعد الاقتصادية، وادخلت الاقتصاد في سوق التسوية والمساومات القصيرة النظر والفاقدة الحس المستقبلي والرؤية التي تنقل البلد الى التطور، وحولت الاقتصاد الى خادم للسياسة بدلا من ان تكون رافعة له، تذلل امامه العقبات، وتزيل العراقيل.

كان الرأي العام يرثي لحال الحكومة ويتعاطف معها نسبياً عندما تشكو من المعارضة النيابية الشرسة. لكن القناع سقط كلياً مع مجلس 2009 الذي كان حكومياً بأغلبيته، بأعضاء معظمهم مطواعون إلى أبعد مدى، ومع ذلك استمر الضعف على حاله، ولم تحرز الحكومة أي تقدم يذكر على صعيد إنجاز التنمية بمختلف قطاعاتها. رغم انها تمتعت بالأغلبية التي كان يمكن أن تستفيد منها لو كانت جادة في مشاريع التنمية والتقدم. فأدرك الناس بالملموس أن فاقد الشيء لا يعطيه.

إن إلقاء اللوم على معارضة صعبة المراس فيه جانب من الحقيقة، لكنها ليست الحقيقة كلها. لتبقى العلة الأكبر في السلطة التنفيذية التي فوتت فرصاً ثمينة لا تعوّض. وليس أصدق من مؤشرات صندوق النقد والبنك الدوليين ومنتدى الاقتصاد العالمي التي تضع الكويت في مراتب متأخرة خليجيا، في تنافسية الاقتصاد، وخلله الهيكلي، وصعوبة ممارسة الأعمال فيها، فضلا عن حال اللاتوازن الضاربة أطنابها في الميزانية العامة التي تُهدر في الانفاق الجاري. ناهيك عن مؤشرات منظمة الشفافية الدولية التي تضع الكويت بين دول يعج فيها الفساد بلا أي سعي حقيقي للجمه والحد من خطره.

إننا أمام مشهد بقايا دولة، وادارة مترهلة مشلولة إذا بقيت الحكومات تُشكل على شاكلة التي قبلها، ولها ممارسات سابقاتها نفسها وصفاتها، اي لا رؤية ولا قرار ولا همة، وإذا استمرت الترضيات والمساومات والتسويات على حساب الوطن بأجياله الحالية والقادمة، وإذا لم تحصل انتفاضة قرار يعيد للسلطة التنفيذية هيبتها ونزاهتها وقدرتها على الانجاز، واذا استمرت يد الاصلاح الاداري والاقتصادي مغلولة مشلولة إلى ما شاء الله، وإذا استمر غياب تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، وإذا أمعنَّا في استسهال الغَرف من البرميل لتوزيع عطايا وهبات ذات اليمين وذات اليسار بلا طلب مقابل في الانتاج.. فهكذا منوال سيقضي حتى على بقايا الدولة.. ساعتئذ لات ساعة مندم.


القبس
 

post_old.gif
15-09-2012, 10:09 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

>شريط الكتاب


مشاهد محذوفة من الفيلم المسيء
تصغير الخط
الخط الاساسي
تكبير الخط




15/9/2012 الاتحاد 12:12:39 AM


كتب د.سعد بن طفلة - الاتحاد
تراجعت أخبار الثورة السورية ومأساة الشعب السوري بتقدم أخبار الاحتجاجات الدامية على فيلم يثير الغثيان بمادته وبذاءته وسخفه وتفاهته. فخدم الهدف بأن يطول كرب هذا الشعب العظيم أطول مدة ممكنة، هذا هو ما يخدم إسرائيل لأنها غير مطمئنة لبديل نظام الأسد الذي حتماً لن يكون في صالحها.

توارت الصورة التي رسمها 'الربيع العربي' للعالم على مدى العامين الماضيين: ملايين من شباب العرب ترفع شعارات الحرية والكرامة ومحاربة الفساد، وهي صورة ليست كما يشتهي أعداؤهم الذين يصورونهم 'كرعاع من الهمج لا تصلح لها الحرية ولا الديمقراطية'. وعادت شئياً فشئياً الصورة التي يتمناها أعداء الإسلام والعرب: موتورون معادون لأميركا والغرب ويقتلون السفراء والدبلوماسيين بسبب فيلم، فأين هم من الحرية والديمقراطية والتسامح؟ صحيح أن الفيلم لا علاقة له بكل هذه القيم، ولكن هذا ما سيعمل من أنتج الفيلم وموّله على إعادة تعزيزه وتغذيته للإنسان الغربي عبر إعلامهم من خلال أفعالنا نحن.

بقايا قذافي ليبيا وبلاطجة صالح وفلول مبارك، سارعوا لاستغلال الفيلم باسم الدفاع عن الدين، وهدفهم الانتقام والفوضى والحنين لماض لن يعود.

الرئيس المصري محمد مرسي صار كبالع الموس، يدرك أن متطرفين إسلاميين سيستغلون الحدث لإحراجه ودفعه للمواجهة مع أميركا والوقوف ضد قيم الحرية والديمقراطية محملين إياها المسؤولية عن فيلم الإساءة المخزي، في وقت يدرك أن عظم نظامه الجديد لايزال غضاً طرياً.

تقلصت فرص انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر القادم، وهذا هو ما يريد اليمين الصهيوني ومنتجو الفيلم بأميركا. لا أعتقد أن أوباما أفضل من غيره، وقد سجلت ذلك قبل انتخابه في مواجهة منافسه السابق جون ماكين عام 2008: سلم العراق لإيران، وبلع لسانه في مسألة المستوطنات، وتخبط ولايزال في الموقف من البرنامج النووي الإيراني، وتردد في مساندة ثورات 'الربيع العربي'، ويتبع موقف إسرائيل في إطالة الاقتتال في سوريا، ومع هذا فاليمين الصهيو أميركي يراه مسلماً في ثوب مسيحي رغم أنه قتل بن لادن، ويشدد في كل شاردة وواردة على أمن وحماية إسرائيل، ويخاف من نتنياهو. حاول احتواء الموقف بتصريح انتخابي: 'نظام مصر ليس عدواً ولا صديقاً لنا'، وقد يتبع هذا التصريح تصاريح أكثر تشدداً ضدنا لأسباب انتخابية إذا استمرت ردود الأفعال الدامية على الفيلم، وهو المتوقع.

إيران بدورها استغلت الحدث لتأجيج التوتر في المنطقة، فهي 'الغريق فما خوفي من البلل': حصار خانق وعزلة دولية ومناسبة لتشتيت الأنظار عن برنامجها النووي ودورها في سوريا ومحاولة لقيادة الركب والمزايدة باسم الدفاع عن الإسلام.

شاهدت الفيلم مضطراً لأني لا أكتب عن فيلم لم أشاهده، ولا أعلق على مقالة أو كتاب لم أقرأه، ولا أسجل رأياً حول مقابلة تلفزيونية أو إذاعية لم أستمع لها، فكان باختصار: بذاءة وخلاعة تثير الاشمئزاز والحنق، ولعل هذا هو المطلوب من إنتاجه أصلاً من قبل صهاينة تحقق لها أكثر مما كانت تتمنى، فقد مات ضحية الفيلم خمسة وجرح العشرات وشاهده بسبب ردود أفعالنا أكثر من 400 مليون على اليوتيوب حتى كتابة هذا المقال، وانشغلنا بهذه البذاءة، وفرضوا علينا ترتيب أولوياتنا، فكأنما كانوا يتحكمون بنا عن بعد بثمن بخس- خمسة ملايين دولار هي كلفة إنتاج تلك البذاءة الرخيصة.

لا يوجد مسلم يؤيد البذاءة ضد دينه، ولا إنسان متحضر يؤيد البذاءة أو التعدي على معتقد غيره، لكن لا أظن أنه يوجد مسلم أو إنسان متحضر يؤيد الدموية في ردة الفعل والوقوع بجهل وغباء في شراك البذاءة.

 

post_old.gif
05-10-2012, 07:51 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

30/09/2012
الشال
لا تنمية حقيقية قبل إصلاح الإدارة العامة أي تدخل لإنقاذ شركات بعينها.. فاسدٌ ويُفاقم الأزمة

Pictures%5C2012%5C09%5C30%5Cd275dd7c-10ad-4dd1-b102-19a7e2f218c7_main.jpg
البورصة جزء أساسي من الداء والدواء تصوير حسن يونس
تناول تقرير الشال الأسبوعي حكم المحكمة الدستورية الأخير، معتبرا إياه خطوة صحيحة في صناعة بيئة صالحة. وذكر التقرير: في 25 سبتمبر 2012، أصدرت المحكمة الدستورية حكماً جميلاً بإعلانها رفض الطعن المقدم من الحكومة، في دستورية الدوائر الانتخابية الخمس بأصوات أربعة لكل ناخب، وعدالة توزيع الأصوات ضمنها. وتقديرنا هو أن حكمها جاء لانتفاء صفة النزاع، ولاختصاص سلطتي القرار الأخريين، في مثل هذا الموضوع. وأهمية الحكم تأتي، أولاً، من نأي السلطة القضائية بنفسها عن الزج في أتون الصراع السياسي، لأنها تتولى مهام السلطة المرجعية المحايدة، والملاذ الأخير، إن احتدم الخلاف. وتأتي، ثانياً، من تقديرها السياسي الصحيح بأن الأحكام الدستورية لا يمكن أن تذهب إلى نتائج أسوأ كثيراً، من قرارها عدم التداخل ونقل قضايا السياسة الساخنة إلى ملعب أصحابها، وكان أي حكم، لو جاء مخالفاً لما أصدرت، سوف يعني الكثير من الفوضى السياسية. ويأتي، ثالثاً، من أن العدالة لا يمكن أن تكون مطلقة، وأن بعض التفاوت بين الدوائر لا بد أن يكون موجوداً، ومن الصعب على أي محكمة الجزم بأن %1 أو %10 أو %20، تفاوت، هو الحد الفاصل ما بين عدالة التوزيع وعدمها، ويظل تقدير العدالة والتعديل واجب السلطات الأخرى.

اصلاح الحكومة
على أن ما يهمنا، في تقريرنا، هو بيئة الاقتصاد العامة، ومن دونها لا معنى لإصلاح أو تنمية، وبهذا الحكم، حفظت السلطة القضائية هيبتها، وأثبتت حيادها وحكمتها، وهو إنجاز في اتجاه البيئة الصحية والصحيحة، والدور على السلطتين، التنفيذية والتشريعية. وخطوة الإصلاح الثانية والمهمة جداً، هي إصلاح السلطة التنفيذية، إذا يفترض الآن، أن ما يفصـل الكويت عـن إعادة تشكيل الحكومة الجديدة هو بضعة أشهر، وخيار الحكومة الثابتة، في صلبها، بغض النظر عن نتائج الانتخابات النيابية والأوضاع الحرجة، محلياً وإقليمياً وعالمياً، لم يعد مقبولاً. وفي الديموقراطيات، الأصل هو التغيير السلمي أي تداول السلطة وليس ثباتها، والخيار هو إما حكومة أغلبية برلمانية، أسوة بدول الغرب، معظمها، أو حكومة طوارئ أي تكنوقراط أسوة بإيطاليا، عدا ذلك ستعجز أية حكومة عن الوعي بمتطلبات البناء، واجتناب المخاطر. والواقع أن النهج في التشكيل الحكومي هو الأصل في تفتيت المجتمع الكويتي الصغير إلى عصبياته المختلفة. ففي المحاصصة الوزارية - اللبننة - تكمن المكافأة لكل فئة، ومعها يبدأ تخريب التزام السلطة التنفيذية وجهازها الحكومي الضخم، وكفاءتها، فالوظيفة ولاء وحق، وليست واجباً.

إصلاح البرلمان
ثم يأتي إصلاح السلطة الثالثة، أي البرلمان، والصحيح هو أن البرلمان خلاصة انتخابات عامة تمثل إرادة أغلبية الشعب، ولكن لابد أيضاً من إصلاح البيئة التي تفرز البرلمان. وقامت مجموعة شبابية بالتنبيه إلى واحد من أخطر أمراض تلك البيئة، ودعت إلى نبذ التقسيم وتجريم خطاب الكراهية، فالتقسيم المذهبي أو العرقي أو المناطقي جريمة كبرى، والديموقراطيات تجاوزته بالتصنيف السياسي، ولا بديل للديموقراطية عن الأحزاب المعلنة والمراقبة مالياً، ولابد من حياد جهة الإشراف على الانتخابات.
وبإيجاز شديد، لا تنمية ولا إصلاح من دون ديموقراطية، ولا ديموقراطية من دون فصل السلطات واستقلاليتها، ولا فصل واستقلال من دون مبدأ ديموقراطي أساسي، وهو نبذ مبدأ السلطة المطلقة، والتداول السلمي للسلطة. وذكرنا، في فقرة أخرى من تقريرنا، أن الإصلاح على المدى القصير، ضرورة لإطفاء حريق محتمل، ويشكر أي فريق حكومي إذا كان جاداً في مواجهته، ولكن البناء على المديين المتوسط إلى الطويل، يحتاج إلى إصلاح البيئة العامة بشكل جذري، وبدايته التي لا بديل لها هي إصلاح الإدارة العامة الديموقراطية. لقد جربنا لجان تصحيح المسار، ودراسات واستشارات مكلفة، محلية وعالمية، ومجالس للتنمية، ومجالس عليا للتخطيط والتنمية، وكلها قامت بالمطلوب منها، وكلها فشلت لأنها اصطدمت بإدارات عاجزة عن تحويل النصح والرؤى إلى واقع، وهذا دائماً ما سيحدث إذا أهملنا استحقاق الإصلاح جذرياً وهو إصلاح الإدارة العامة العليا.

سياسات احترازية
وحول السياسات الاحترازية الحكومية، قال الشال: كثرت الأحاديث، خلال الأسابيع القليلة الفائتة، عن تحرك لفريق الحكومة الاقتصادي، المكون من وزيري المالية والتجارة ومحافظ بنك الكويت المركزي والعضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار، بغرض وضع رؤى وسياسات وآليات تنفيذ لاجتناب حرائق محتملة. ونتمنى دائماً أن يكون أي تحرك نابعا من عمل مؤسسي تلقائي وواعٍ، وليس ناتجاً عن توجيه مؤقت، فالسلطات التي لا تعمل بقناعاتها ومن تلقاء نفسها لا تستحق البقاء، وأي عمل تقوم به بالتوجيه سوف يشوه ولن يدوم.
وحتى نفهم ما يسعى إليه العالم وما يفترض محاكاته تجب التوعية بأن الكويت على المديين المتوسط إلى الطويل، لا تستطيع الاستمرار في سياساتها الحالية، فهي غير قابلة للاستدامة، وستكون فرص نجاحه وتكاليف تحويله إلى ما هو قابل للاستدامة أفضل، كلما أبكرت بالأخذ به. ومواجهته تحتاج إلى اكتمال حلقة المؤسسات الدستورية، لأن فرص نجاحه ضئيلة، ما لم يتوافق عليه شبه إجماع وطني، وأولى متطلباته هو العدالة في توفير فرص الحياة اللائقة بحدها الأدنى للأجيال المتعاقبة. وما هو مطروح حالياً لا علاقة له بمعضلة المديين المتوسط إلى الطويل، ولا يتعدى اجتناب حريق كبير محتمل، في دولة تضمن عمالة مواطنيها كلهم، وتضمن ودائعهم، أي ودائع القطاع الخاص البالغة نحو 27.2 مليار دينار كويتي، ولو حدث، في الزمن القصير جداً، حريق غير ضروري، فقد يستهلك ما لديها من طبقة شحم ادخرتها لمواجهة تحديات المدى الأطول.

أكبر المخاطر
وأهم مخاطر المدى القصير، هي أن يمر الاقتصاد بمرحلة من التضخم السلبي لأسعار الأصول المحلية، وهو أمر غير سيئ، في الأحوال العادية، لأنه عملية تصحيح ضرورية، ولكن استمراره والمبالغة في العزوف عن شراء الأصول يجعلانه بخطورة التضخم الموجب والحاد. وإن حدث، فلن يستثني المليء من الناس أو المؤسسات، وسوف يمتد إلى المصارف وحافظة رهوناتها، في معظمها، عقار محلي وأسهم، وحينها يقع المحظور، إذ ستتحول الحاجة للمعالجة إلى تكلفة غير ضرورية وغير محتملة.
وبعض المؤشرات المقلقة على احتمال ولوج الاقتصاد مرحلة من التضخم السالب لأسعار الأصول كان في انخفاض مستوى ربحية الشركات المدرجة، في الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة فاقت %46 عن مستوى الربع الأول. وضمن مكونات ربحية الشركات المدرجة، للنصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالنصف الأول من عام 2011، نلحظ أن ثلاث شركات قيادية أسهمت مع أكبر 10 شركات ضغطت على مستوى الربحية إلى الأدنى، بينما شركة قيادية واحدة أسهمت في ارتفاعها. ومقارنة بانخفاض المؤشر الوزني الرسمي لسوق الكويت للأوراق المالية، منذ بداية سبتمبر 2008 إلى منتصف سبتمبر 2012، الذي بلغ نحو %45.3، نلاحظ أن شركتين قياديتين أسهمهما لا شك مرهونة («بيت التمويل الكويتي» و«زين») قارب انخفاض قيمتهما السوقية %60 أي أعلى كثيراً من انخفاض المؤشر. كما يبدو مقلقاً الاتجاه المحموم للاستثمار في نشاط السكن الاستثماري وارتفاع قيمه بنحو %30 وإيجاراته بنحو %9، حتى نهاية عام 2011، والنمو الشديد في الطلب على رخص البناء الاستثماري، مما ينذر بفقاعة مقبلة.

مبادئ قاسية
وللتدخل، إن كان ضرورياً، مبادئه القاسية، أولها أن أي تدخل يجب أن تحكمه أهداف خاصة بالاقتصاد الكلي، بينما أي تدخل لإنقاذ أفراد أو شركات بعينها هو تدخل فاسد وسوف يفاقم المشكلة. فالتدخل، مثلاً، يجب أن يكون بالأسعار العادلة وتقررها جهات محايدة وبغرض تحقيق عائد على المال العام المستثمر، بعد فترة، كما فعلت الولايات المتحدة الأميركية مع AIG. وأولويات التدخل يجب أن تحكمها نسبة التشابك مع البنوك المحلية وقيمته، وأن تذهب حصيلة الأموال، معظمها، لسداد الالتزامات للمصارف المحلية. ذلك لا يخفف من المخاطر على ضمان الدولة للودائع فحسب، ولكنه يحرر المصارف من متابعة تحصيل قروضها إلى البحث عن مجال لإقراض أموالها، بما يساعد في عودتها إلى دورها البنّاء والطبيعي.

القبس
 

post_old.gif
22-10-2012, 10:50 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

بلا سقف

د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب نشر في 17, October 2012 :: الساعه 12:01 am | تصغير الخط | تكبير الخط

الجريدة

لم تكن افتتاحية جريدة “الجريدة” ليوم السبت الماضي 13 أكتوبر منتظرة من جريدة هي الأقرب إلى المنهجية الليبرالية التي تدعو إلى الحرية والمساواة وإلغاء الفكر العشائري، فأن تعنون الافتتاحية بجملة تهديدية “إياكم المساس برمز الدولة” فإن ذلك بحد ذاته مناهضٌ للفكر المدني الديمقراطي الذي أتوقع من جريدتي أن تكون عليه. الموضوع لا يحتاج إلى فزعة في دولة المؤسسات والقانون، وإن كان من مساس فسيعاقب الماس عليه وبالقانون لا باللهجة التصعيدية من الجانب الآخر.
لتكن الأمور واضحة، شخصياً أنا أرفض أسلوب المعارضة الحالي من رأسه لأخمص قدميه، أرفض انتقاء الكلمات وحِدّة التعابير وحتى نبرات الأصوات، إنه أسلوب يترجى الفزعة ويستحضر السخط، ويبرر العنف اللغوي، ولربما ما هو أكثر من ذلك، ولكن، لا أعتقد أن العلاج يكون برد الصاع صاعين، وبالتحجيم والتكميم، فمن قال يتحمل نتيجة قوله، والقانون هو الفيصل في النهاية.
تتكلم الافتتاحية عن خرق السقف، نعم السقف خُرق من حيث الخطاب الموجه مباشرة إلى سمو الأمير، إلا أن “التطاول” و”تجاوز الأصول” اللذين تحدثت بهما الافتتاحية لا يتناسبان والسياسة الفكرية للجريدة. لسنا في الواقع دولة عادات وتقاليد وأصول، لكننا دولة قانون ودستور وقضاء، هي المنظمة والفاصلة والحامية. ترفض الافتتاحية “أي مساس بشخص الأمير” وهو رفض يجبه وجود قانون لا يكتفي بالاعتراض والتنبيه ولكن بالمعاقبة كذلك، هذا، مع إيماني بأن التوجه الليبرالي الحر هو ذاك الذي يدعو إلى المزيد من الحريات السياسية ورفع الأسقف وتمكين الناس من المزيد من وسائل المحاسبة، لا أن يتم تقييدهم بالأصول و”عاداتنا وشيمنا” و”نحن شعب وسط” وعلاقاتنا “رضا ومحبة وتفاهم”، ثم الانتهاء بالتأكيد على أننا “سنستمر على هذا التقليد” الذي تفرضه “أخلاقنا وواقعنا مثلما يفرضه التفكير السليم”. كيف تم الحكم على نوع واحد من التفكير بأنه السليم؟ وكيف ندعو إلى صون العادات والشيم والتقاليد ونحن نخوض في القانونية والدستورية والديمقراطية؟
سترفع الأسقف شئنا أم أبينا، فهذا هو ديدن العصور المقبلة، القداسة للبشر كمنطق محَفز تقليداً أو تخويفاً للتعامل لن يستمر، وعلينا أن نعلم أن المرحلة المقبلة من الحياة البشرية هي مرحلة بلا أسقف، سيتحدث بها الناس بحرياتهم المطلقة إن لم يكن عبر الميكرفونات المفتوحة فسيكون عبر آلاف الميكروفونات الإلكترونية المخبأة التي يعلو صوتها على تلك التقليدية. هذا ينطبق حتى على القداسات الدينية التي تنفجر المعارضة إلى أشلاء محاولة الدفاع عنها، فالمبدأ لا يتجزأ، والصوت الحر لا يصنف، والنقد من حق الجميع، وفي كل المجالات بلا استثناء. وكل ما يبقى هو الردود المنطقية السليمة الهادئة التي تجب النقد المريع وتنتصر عليه بالمنطق لا بالتهديد. وللقانون دور، ولكن في مسألة الحريات يجب أن يكون محدداً وضيقاً، فالدور الأكبر هو للحوار والرأي والرأي الآخر.
تُخرق الأسقف أحياناً فيتجدد الهواء أو يجلدنا صقيعه، وفي الحالتين نحتاج نحن هذا التذكير ولو من جانب معرفة ما يدور في الصدور. نعرف اليوم عن المعارضة ونوعيتها وطبيعة الفكر الذي يدور فيها أكثر بكثير من أيام الدواوين المغلقة، وقد يأتي ذلك في مصلحة الحكومة والنظام في الواقع، اللذين قد يستفيدان لا من نقاط الضعف فقط ولكن من مواقع النقد كذلك، وإن كانت لهجته متواضعة.
مهما ارتفعت الأسقف، الحرية الحقة والديمقراطية الصادقة تقولان بالمزيد، لابد لنا أن نتعامل وهذا المنطق إن كنا نريد حقاً أن ننتقل إلى مرحلة الدولة المدنية الخالصة، فنتعامل مع النقد مهما قسى لا أن نكبته ونمنعه، وتذكيراً للمعارضة: هذا الكلام ينطبق على كل الجوانب لا على تلك التي تأتي على مقاس قضاياكم فقط.




الجريدة


أنت السبب

د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب نشر في 22, October 2012 :: الساعه 12:01 am | تصغير الخط | تكبير الخط

timthumb.php
محزنة ومخزية نتائج ما يدور في البلد، وأولى النتائج المخزية تلك هي ارتفاع وتيرة العنف ليست الجسدية فقط، ولكن اللفظية كذلك. أسمع الشباب والشابات، في سخطهم على أحداث ساحة الإرادة، يتراودون رغباتهم في تعليم المعتصمين درساً “ولو كنت مكان الشرطة كنت فتحت دماغهم”، وفي الطرف الآخر تسمع ذات النبرة وإن اختلفت الزاوية “أشوف واحد من الشرطة يقرب، أكسر إيده”. وهكذا أصبحت لغتنا اليوم، هكذا وقف بعضنا يواجه بعضا.
ولقد عاب علي الأقربون استنكاري للعنف البوليسي، والتفنيد هنا حساس، ولكن، بعد الذي كان، هل بقيت حساسيات تستحق المراعاة؟ أنا أستنكر العنف البوليسي لأنني أعتقد أن الحكومات المتعاقبة أسست له ورسخته في الوجدان. في كل المظاهرات الشعبية، تحدث في الغالب أعمال شغب، فالأعداد الضخمة للجماهير عادة ما تشمل الطيب والسيئ. هنا، ضبط النفس مطلوب على الجهة الأمنية وليس على الشعب، وهنا، وخصوصاً في دولة صغيرة بتعداد قليل مثل دولتنا وتعدادنا، يمكن للتعامل الأمني أن يكون أفضل وأهدأ وأن تكون السيطرة أسهل، ولكن، عندما تضرب الدولة الشباب في ديوان الحربش، وعندما تضربه في ساحات تيماء، وعندما تضربه في ساحة الإرادة، سيأتي متوقعاً الضرب، موغور الصدر، مستفِزاً ومستفَزاً، وبانتظار العلقة القادمة، وأحياناً محفزاً لها، لرد الصاع صاعين. وهكذا هي المعادلة، تضرب الدولة في مناسبة لا تستحق، فيفلت منها العيار في مناسبة تستحق، ولا نستطيع نحن، من نملك شيئاً من الإنسانية التي تمنعنا قبول أي صورة للعنف، أن نساندها لا هنا ولا هناك.
كم هو بائس الوضع لأن الحكومة والسلطة لا تعطياني الفرصة لأخالف المعارضة، فكل ذرة فيّ تنضح باختلافي معها واستنكاري لها: ما تنادي به، الكيفية التي تنادي بها، اللغة العنيفة، الحس القبلي والديني المتطرفان، فقدان الاتزان في الخطاب السياسي، امتطاء صهوة البطولة الثورية، النوايا والأهداف التي ستسحق الدولة المدنية، كل هذا وأكثر يتنافى وكل ذرة منطق وقبول في عقلي. ولكن أين الملجأ؟ ألم تسلم الحكومة مقاليد البطولة لهؤلاء الثوار الجدد؟ ألم تتغاضَ عن الفساد والخراب وتتوانَ عن التنمية والإنجاز حتى أعطت بدل الحجة ألفاً عليها؟ ألم تضرب حين لم يستوجب الضرب (ولا أجد نفسي قادرة على استيعاب وجوب الضرب أساساً)؟ ألم ترمِ بالدكتور عبيد الوسمي على الأرض؟ ألم تخرق في قلوب هؤلاء الشباب ألف خرق ليدخل منه مسلم ووليد، وهذا وذاك فيأخذوهم في هذا الطريق؟ ألم تهنهم فتشحنهم ليأتوا مستفزين كما كانوا؟ حانقين كما كانوا؟ إن قلت لي حرضهم النواب، قلت لك أنت فتحت الباب لهذا التحريض، وإن قلت لي بل هو شباب أرعن عنيف قلت لك بل أنت بدأت بالعنف وأسست له. أنت السبب دوماً، أنت السبب.
سأموت قبل أن يأتي اليوم الذي أقول فيه حسناً فعلت أيها الأمن، عليك بالشعب، فإن قلناها نحن من ندعي العمل في المجال الإنساني، من ندعي الانتصار للحرية على مداها، فماذا بقي للآخرين؟ الصوت المناهض للعنف يجب أن يبقى مرفوعاً وصادحاً دوماً في المجتمع، حتى إن اعتقد من اعتقد أن العنف هنا دفاع مستوجب، فهذا الصوت يوازن الأشياء، ويذكر الأمن أن مهمتهم… حفظ الأمن.
في أعماق قلبي أؤمن أن هناك دوماً حلاً آخر، أعتقد أنه بالحصافة، والتي هي مطلوبة في الواقع من الأمن والحكومة والسلطة، يمكن تفادي العنف الذي يجب أن يأتي كآخر الإجراءات، إن أتى مطلقاً. وفي الكويت تحديداً، أعتقد أن قوات الأمن والحكومة هما المجبران اليوم على التفكير الحصيف بل التنازل، وليتهما لم يضطرانا لنقلها لهم، لكن تعسفهما السابق، وسياساتهما السابقة، وتماديهما السابق، وتحالفاتهما السابقة، كل ذلك يضع على ظهورهما اليوم عبء التنازل، وذلك بأن يجدا طريقة أخرى للحل، غير العنف، غير الصدام، مثلما صنعتم هذه المشكلة حلوها.
عندما كنت صغيرة، كنت أعتقد فقط بالأبيض والأسود، ثم علمتني الدنيا أن أغلب مساحاتها رمادية مقيتة، كم أكره هذه المنطقة الوسط، وكم أكره عجزي عن اختيار أبيض واضح، وكم أحنق على من أجبرني على هذا التنازل. أتوق إلى وقفة بيضاء، أقفها وأنا ناصعة الرضا دون هذه الشدة النفسية التي تسهرني على مقال لن يسمعني سوى المزيد من العنف… و”اللي يحب النبي يضرب”.



 

post_old.gif
24-10-2012, 03:02 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

طال عمركم

د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب نشر في 24, October 2012 :: الساعه 12:01 am | تصغير الخط | تكبير الخط

timthumb.php
كان خبر تلفزيون الصباح ليوم 21/10 الماضي يتردد مراراً وتكراراً أن قابل آل الصباح سمو الأمير وعاهدوه على الولاء والطاعة، وقد تكون تلك الفكرة هي لب المشكلة، ففي الدولة المدنية، ألا يجدر بالخبر أن يكون أن اجتمع آل الصباح والمستشارون والخبراء بسمو الأمير وأعلنوا توافقهم وسياساته الحاكمة واتفاقهم وقراراته السياسية؟ لماذا يعاهد الشيوخ على الطاعة ولدينا دستور وقانون وقضاء يحفظ حقهم وحق الشعب وقبلهم جميعاً حق سمو الأمير؟
ولقد دارت علينا رسائل تعدد خيرات الكويت مطالبة إيانا بأن “نحمد الله على النعمة”، وهو خطاب حزين جداً يعكس الفكر العربي المسكين الذي يرى أن لقمته وكسوته، أو بالأحرى نقصهما، هما المحفز الوحيد لمخاطبة السلطة. هنا انحصرت تطلعاتنا، وعليه هنا تحبس كينوناتنا، أوادم استهلاكية، رعايا تنتظر أن تُملأ أفواهها طعاماً أو ذهباً.
والمحزن فعلاً هو أن هؤلاء يعتقدون أن الخير والنعم هي هبات حكومية سلطوية، وأنها تستوجب الشكر والعرفان والامتنان. متى فقد البعض القدرة على رؤية أنفسهم مواطنين كاملي الأهلية، شركاء في الوطن، حتى باتوا يحمدون ويشكرون خيرات لا يحمد عليها سوى الخالق ولا يوالى بها سوى للأرض، خيرات نراها ذرو رياح الفساد والتقاعس والسياسات الحكومية، خيرات لا نقدرها نحن حق قدرها حين نرفض نحن بحد ذاتنا أن نرعاها ونؤمّن بها مستقبلنا وننعشها بتحمل مسؤولية نظام مثل الضرائب؟
وأما المضحك المبكي فهو أن ذات حجة النعم المستخدمة لإخماد اعتراض المعترضين، ليست بالمقبولة لتبرير ثورة “البدون”. فسكان تيماء يحيون تحت خط الإنسانية، وسكان الإسطبلات تحت خط الحياة بأكلمها، ولكن يبدو أنه حتى هؤلاء لا يُبرر لهم خروجهم على الرغم من أنهم محرومون ليس فقط من النعم، ولكن كذلك من الفتات الذي يحفظ الكرامات. وأما المؤسف المحزن فهو أن يستخدم أصحاب حجة النعم أسلوب التخويف المستقبلي من الإسلاميين والقبليين الذين سيحولون الدولة المدنية إلى ولاية عشائرية. الآن بدا الخوف واستلزمت المقاومة؟ سنوات ونحن نصرخ وأنتم ملتهون بنعمهم، لا تردون ولا تحركون ساكناً، وذات المنطق دائم الخرير من الأفواه: “احمدوا الله ولا تكبروا الموضوع”.
وها هو حمدكم للنعم قاد حكوماتكم لتحالفات مع قواكم الدينية والعشائرية لتصبح هاتان قوة ضخمة ليأتي اليوم فتلتفّ على حكوماتكم بحد ذاتها. واليوم ونحن نحذر من حكومات تطغى وتستبد ويستشري بها الفساد، ذات الخرير ينساب: “احمدوا ربكم على النعم”. الحمد والشكر لا يستلزمان إغماض العينين وإغلاق الأفواه والسير بعرج كالمتسولين. لسنا متسولين، ولا نضع أيادينا في جيب أحد نأخذ مما أعطاهم الله. نحن مواطنون، شركاء في هذا الوطن، لنا الحق في خيراته، ولنا المشاركة المستحقة في قراراته، وعلينا تقع مسؤولية مصيره.
فات زمن الرعايا الذين ينتظرون النعم، نحن في زمن المواطنة التي تتحمل المسؤولية. هل يشكل الإسلاميون خطراً؟ بلا شك، ولكن من قال إن المسير سهل؟ نحن أوصلنا البلد إلى ما هو عليه بحمدنا الخانع المستمر على النعم، وها هي النعم توشك أن تطير، والحريات توشك أن تطير، والعقول توشك أن تطير، ولا يزال كل ما في جعبة البعض أن يحمدوا ويشكروا النعم… التي هي ملكهم في الأصل. والحمدلله الذي لا يشكر على مكروه سواه.
«آخر شي»:
ما العنف الذي تتعامل به الدولة مع مواطنيها سوى دليل على نظرتها له، هل ما يحفظ للسلطة مكانتها هو أن تصر حتى لا تنكسر كلمتها أم أن تتواصل مع المواطنين وصولاً إلى الحل الوسط؟ لقد أسست الكويت أخيراً للتعامل العنيف مع مواطنين عزل، وهذا التأسيس سيدخل في الوعي الجماهيري قريباً.
الحكومة تريد القيادة؟ حسناً، فهي قيادة على كل الطرق، فإن اختارت أن تقود الحوار بالعنف، فسيتبعها المواطنون. أنتم الطرف الأقوى اليوم، فأحسنوا اختيار أسلوبكم، وعاملوا المواطنين على أنهم مشاركون وصناع قرار لا رعايا، فزمن السمع والطاعة فات… طال عمركم.


الجريدة


 

post_old.gif
03-11-2012, 05:49 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

>شريط الكتاب

جاسم السعدون ينصح لإنقاذ الأمة
تصغير الخط
الخط الاساسي
تكبير الخط




ذكّر الحكومة بالربيع العربي والبعد عن 'الإنقلاب الدستوري'

2/11/2012 الآن - كتب: جاسم السعدون 10:53:32 PM


جاسم السعدون




إنقاذ الامة هو الضرورة
جاسم السعدون
عندما خرج مليون متظاهر إلى ميدان التحرير في مصر في يناير 2011، يبدو أن الرئيس حسني مبارك قرأ الحدث بشكل صحيح، وفهم أن الوضع خطير، وعندما أفصح عن خوفه لبطانته، ضحك معظمهم على قراءته الخاطئة.
حجتهم التي رغب في تصديقها كانت، أن من خرج مليون مصري فقط من أصل 85مليون مصري، أي أكثر قليلاً من 1%، بينما ظل نحو 99% أو نحو 84مليون مصري محبين ومؤيدين لسيادتكم، وتكفي عريضة المليون الموقعين بالدم لتوريث جمال حسني مبارك، دليل حب ووفاء.
وعندما خرج الليبيون بدءاً من بني غازي ضد الرئيس معمر القذافي، خرج قائد الثورة عليهم في الميدان الأخضر، وخطب قائلاً، بأن كل الشعب الليبي يحبه، وأنه لا يملك سلطة أو منصب حتى يستقيل منه، وأن خصومه ليسوا سوى حفنة من 'الجرذان المقملة'، لقد كانت المؤشرات واضحة، ولكن القراءة كانت خاطئة.
وعندما توفي الرئيس السوري حافظ الأسد، وكان الرئيس بشار الأسد دون السن القانوني ليصبح رئيساً، إجتمعت لجنة تعديل الدستور في مجلس الشعب السوري المكونة من23 عضواً لمدة 25 دقيقة، وأقرت تعديل الدستور بخفض سن الرئيس. وعندما كان الأمل كبيراً في إيجاد مخرج سياسي للأزمة السورية، اجتمع الرئيس الأسد بمجلس الشعب، وكان مجلس 'هتيفة'، حتى أن أحدهم هتف بأن سوريا صغيرة على الرئيس الذي يصلح لرئاسة العالم، وجاءت القراءة الخاطئة للمؤشرات، وها نحن نعيش وضع سوريا المأساوي.
مع كل تلك الأحداث، مضافاً إليها اليمن وتونس وغيرهما، وما سوف نشهده لاحقاً، كانت الكويت استثناء من الربيع العربي، ذلك صحيح بسبب موروثها الديمقراطي على هشاشته، وكان الأمل هو قراءة الكويت تلك المؤشرات بشكل صحيح، وتعزيز بنائها الديمقراطي. ففي الديمقراطيات، هناك طريق واحد آمن، وهو ترك صناديق الاقتراع تعكس سلمياً أثر تلك المتغيرات، وتهضمها صحياً بمرور الزمن، ودون تدخل غير مشروع، سافر أو مبطن، لحرف مسارها. ذلك لم يحدث في الكويت، ومع الاحترام للجميع، استعاضت الحكومة عن صناديق الاقتراع، بجمع بعض وجهاء القبائل وبعض الملالي والسادة، وبعض الدواوين، للإيحاء بضخامة التأييد، واكتساب شرعية لا نزاع حولها في دولة مدنية ديمقراطية. والواقع أن ما فعلته، كان نتيجة نصح خاطئ، ليس بعيداً عن النصح الخاطئ الذي تلقاه الزعماء العرب السالف ذكرهم، وهي قراءة خاطئة للأحداث، ونتائجها ستكون حتماً وخيمة.
نتيجة القراءة الخاطئة، والنصح الأعوج بالتبعية، كانت ولادة الانقلاب الرابع على الدستور والأول منذ الغزو والتحرير الأسبوع الفائت، بإصدار ونشر قانون الضرورة بتعديل قانون الانتخابات، وخلاصته اللعب في عدد الأصوات لكل ناخب بخفضها إلى الربع، أي من4 إلى 1. وهو قانون غير دستوري، ليس لأن حالة الضرورة لا تنطبق عليه، وذلك قول صحيح، ولكن، لأنه استفراد بالسلطة وتدخل سافر لتشكيل مجلس أمة يتوافق مع تشكيل الحكومة الثابتة، خلافاً للمبدأ الديمقراطي، وهو غير دستوري حتى لو زاد المرسوم حق الناخب في التصويت لعشرة مرشحين.
والحجة الوحيدة التي قدمت لتسويقه هي، أنه يظل من حق مجلس الأمة القادم إلغاءه، وأن هناك سابقة مماثلة في عام 1981، والحجة باطلة من أساسها، وهي أكثر بطلاناً وخطراً إذا وفقنا في قراءة التغيرات التي حدثت في العالم والإقليم خلال جيل كامل، أو ثلاثين سنة تفصل عام 1981 عن عام 2012. فهي باطلة وغير دستورية حتى وإن أقرها مجلس الأمة بالإجماع في ذلك الحين، وبالإجماع في المستقبل، فأي مجلس يأتي من رحم إجراء غير دستوري هو مجلس غير دستوري ولا يحق له تثبيت إجراء غير دستوري. ويبقى الخطر الأكبر، هو في القراءة الخاطئة للمتغيرات السياسية، فالواضح أن الحكومة الكويتية فقدت تماماً قرون الاستشعار بعدم دعوتها لانتخابات عامة بعد إبطال مجلس عام 2012، وفقدت النظر عند اللجوء إلى المحكمة الدستورية لتحصين قانون الانتخابات، وفقدت السمع والنطق والتذوق، عند إصدارها لقانون الضرورة بتعديل قانون الانتخابات بعد تحصينه، فلم تعد تملك أي من الحواس الخمس، وتظل رشيدة.
فخلال ثلاثون سنة، تغير العالم بأكمله إلى الأفضل، فبعد أن كان نصف العالم بلا دساتير -المعسكر الاشتراكي-، وكان معظم الإقليم العربي حكام بلا شعوب، أصبح عالمنا اليوم عالم آخر تماماً. وفي عام 1981المختلف والرديء، احتاجت الحكومة إلى صرف 150مليون دينار كويتي لشراء الأسهم من الناس، وكانت رشوة عام 1978من أجل تمرير مقترح تنقيح الدستور من خلال لجنة حكومية، ورغم ذلك، رفضت اللجنة الحكومية مقترح التنقيح الحكومي. وفي عام 1981، وكان خامس سنة من عمر الإنقلاب الثاني على الدستور، وضمن أوضاع العالم والإقليم غير الديمقراطية، هناك من وهنت عزيمته، وأراد الحياة النيابية بأي ثمن، وكان خطأ، ولكنه حدث. وفي عام 1981، نشطت الحكومة في خرق القانون، وشرعنت شركات ورق، وعاش معظم الناس حلم الثراء الفاحش، وفي هوس عسل المناخ، مررت الحكومة قانون تفتيت الدوائر، وكان حصاده السياسي بسوء حصاد أزمة المناخ الاقتصادي. وفي عام 1981، كانت حرب مجنونة مستعرة بين العراق وإيران، تطرق الحدود الكويتية، وكان الخوف مبرر البعض في تمرير ما هو غير دستوري لشراء استقرار واهم. وفي عام 1981، لم تكن الكويت قد مرت بالانقلاب الثالث على الدستور في عام 1981، وكانت حصيلته حراك دواوين الاثنين وبعض جراحها لم يندمل بعد. ولم تمر الكويت بتجربة المجلس الوطني المسخ والذي أخذ اسمه تيمناً باسم المجلس الوطني المسخ الآخر لدى جار الشمال، أو مجلس صدام حسين. وفي عام 1981، لم تخبر الأسرة وفاءاً مثل وفاء شعبها الذي التف حولها في مؤتمر جدة بعد أن طالب الرئيس الفرنسي حينها 'فرانسوا ميتران' بإعطاء الحق للشعب الكويتي بالاستفتاء على بقائها من عدمه. وفي عام 1981لم يكن المعسكر الاشتراكي بكامله ساقطاً، ولم يبدأ حراك الربيع العربي في دول حكامها طواويس، ومجالسها النيابية إمعات وينتخبون بنسبة 99% على هوى حكوماتها الفاسدة.
قبل نصف قرن، بدأت الكويت مشروع الدولة، ودخلت حقبة صراع داخلي مرير ومدمر، بين مؤيدي المشروع، والأقوياء الراغبين بوأده، ثم تأتي كل تلك الأحداث، ودون استثناء واحد، لتقول بأن خيار مشروع الدولة كان الخيار الصحيح، فتقرر بمشروع قانون ضرورة العودة عنه، وهو مشروع انتحار، ووقفة واجب. ويفصلنا أقل من شهر واحد، بعدها سندخل حتماً نفقاً مظلماً، فالمؤكد أن مجلساً وطنياً جديداً سيولد، وفيه سيكون هناك أكثر من هتيف، وسوف يرشح هتيفته رئيس وزرائنا القادم ليدير أزمة العالم الاقتصادية وليس فقط مشروع التنمية المحلي، ولكن فساد القبيضة قادم، والصدام العنيف وغير المحتمل، حتماً قادم. وقراءة تلك المتغيرات تفضي إلى نصح قاطع ومخلص باستمرار الكويت استثناءاً من أحداث الربيع العربي، ولكن ناصحوا الحكومة صنفان، صنف صادق، وله نصف أجر، فتلك حدوده وخلاصة رؤيته الخاطئة، وصنف لا يهتم حتى لو انتحر وطن، فالأهم هو الجائزة أو المصلحة على المدى القصير.
لقد أصبح الوطن في مأزق، ومهما بلغت تكاليف الحاضر حتى الآن، يبقى الحصيف من يفهم أنها ستكون لا شيء تقريباً أمام تكاليف المستقبل، ومن أجل وطن، تبقى الشجاعة والحصافة هي في القدرة على وقف نزف قادم غير محتمل. والضرورة التي لا تحتمل الانتظار، هي في سحب كل قوانين الضرورة باستثناء قانون الموازنة العامة، وفتح حوار لا يمس المبادئ، أي لا يطال تقسيم الدوائر وآلية التصويت بأربعة أصوات، ولكن، يضمن أولوية نقاش مقترح الحكومة بتعديل قانون الانتخابات في مجلس الأمة القادم بتعهد من القوى والتكتلات السياسية مهما كانت نتائج الانتخابات القادمة. وعلينا جميعاً، دعم أي توجه للحوار ضمن احترام المبادئ الدستورية، وعلينا جميعاً نبذ أي فصيل سياسي يتكسب من حصيلة التوافق في حملاته الانتخابية إن تحقق ذلك التوافق، فما لم يحدث ذلك، أي التوافق وتقدير لشجاعة من حققه، الجميع خاسر، فنحن جميعاً سوف نخسر وطنًا أحببناه.
 

post_old.gif
03-11-2012, 10:39 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

من العقيد الغربللي للعقيد أحمد الحمود
تصغير الخط
الخط الاساسي
تكبير الخط




توقعت استقالتك كما غيرك فلن تنفع الحلول الأمنية والأفضل العودة للحق

3/11/2012 كتب العقيد متقاعد طيار عبدالكريم الغربللي 2:37:29 PM


الحمود والغربللي

أحم الدستور ... ليحميك
الوضع بالغ الخطورة ولا يحتمل التهوين كما لا ينقصه التهويل... فسفينة الوطن توشك ان تغرق وهي تقترب شيئا فشيئا من الهاوية السحيقة بسبب خلاف لا ضرورة له ويمكن تأجيل مناقشته في قاعة البرلمان دون الحاجة لزج البلاد والعباد في فتنه مقاصدها لا تخفى عن ذوي الألباب وآثارها المدمرة واضحة للعيان لا يصلح معها ان تدار بأسلوب المعاندة، بل تتطلب الحكمة والعدل والوفاء بالعقود والعهود. اذ لايمكن لعاقل ان يتصور شعب حر أبي وفي لوطنه وقيادته متمسكاً بدستوره الذي نظم العلاقة بين الحاكم والمحكومة وفق مبادئ حضارية راقية وفصل بين السلطات وحرم ان تطغى احداهما على الأخرى في نفس الوقت الذي حثهما على التعاون...، لا يمكن التصور ان مثل هذا الشعب يمكن ان يفرط بالعروة الوثقى ويقبل ان تحظى الحكومة منفردة بسلطة تقدير 'الضرورة' لصياغة واقتراح اصدار المراسيم بقانون...!!! فاذا ما تم ترسيخ هذه السابقة لنا ان نتصور ان اي خلاف يقع بين الحكومة وممثلي الشعب... فما على الحكومة إلا استخدام رفع كتاب عدم التعاون من ثم حل البرلمان وبعد ذلك فرض رأي الحكومة بمراسيم الضرورة..!!! وهذا لعمري نقض ونسف وتفريغ الدستور من محتواه ولا يمكن تصور قبوله او حتى السكوت عنه. شاب معالجة المواجهة الكثير من سوء تقدير الموقف واهمال تداعياتها الخطيرة على اصعدة متعددة، وخلقت مواقف متشنجة وغاضبة من غالبية الشعب التي عبرت عن ذلك بالتجمعات والبيانات والآن توشك ان تدخل في نهج جديد وهي المسيرات غير المسبوقة بالعدد والتنظيم ويسجل لها ضبط النفس وسلمية النشاط، رغم الاستفزار الذي ووجهت به بالقمع واستخدام القنابل الصوتية والمسيلة للدموع..، ودون الحاجة للدخول بالتفاصيل نلحظ ان الاصطفاف الشعبي قد ضم معظم أطياف المجتمع الحضرية والقبلية، الإسلامية، الوطنية، اتحاد العمال، اتحاد الطلبة، جمعية المعلمين، الجامعة والتطبيقي، وغيرهم ...، وهؤلاء لديهم من الامكانيات التي لا يمكن مواصلة تجاهلها او الاستخفاف بها، اذا ما فعلت هذه الامكانيات لاسمح الله فسوف تدخل البلاد في وضع كارثي أقلها العصيان المدني وجروح غائرة غير مسبوقة في جسد الوطن وسمعته وصورته الداخلية والخارجية. المخرج والحل من هذا المأزق والخلاف الفكري ـ حتى الآن ـ لا يجب ان يكون بالمكابرة وبالهروات والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والدخانية او باعتقال المواطنين والتعسف بالتعامل معهم بفكر مريض مثل المبالغة بتكبيلهم او حلق رؤؤسهم ..، او بتسليط الحملات الإعلامية الرخيصة التي تخون الشعب الذي ضم في جبهته مجموعة من ابناء الاسرة الحاكمة أعلنت رأيها المعارض بكل وضوح وعلانية..، كل تلك الأساليب العقيمة لن تجدي نفعاً بل سوف يزيد الشعب اصرارا على التمسك بمطالبهم الوطنية والتي لا يمكن ان تختزل - كما يتوهم البعض - بأشخاص ورموز مخلصة مهما بلغت اهمية تضحياتهم المقدرة..، فالمنطق المدعم بالاحداث التاريخية والمشاهدات الحديثة تؤكد ان لا جدوى من الأسلوب والقبضة الأمنية في حل الخلاف السياسي او الفكري... البطل مانديلا من السجن الى الرئاسة، وحسني من الرئاسة الى السجن..، وهذا يؤكد ان الحل الأمني ليس هو الحل بل انه يزيد الوضع تعقيدا... لذلك لابد من القراءة بروح المسئولية والموضوعية والصحيحة للأحداث وبروية وحكمة ونزع فتيل الأزمة بالعودة لنظام الانتخابات المحصن من قبل المحكمة الدستورية 'خمس مناطق واربعة أصوات'..، والرجوع الى الشعب مصدر السلطات لإقتراح اي تغيير في المستقبل. ويجب ان يعلم الجميع ان الخلاف عندما يكون في البيت الكويتي ـ وهو كذلك حتى الآن ـ فالرجوع عن الخطأ الى الحق لا غالب فيه ولا مغلوب... أما الفائز فهو أمن واستقرار ورقي دولة الكويت الدستورية.
عبدالكريم عبداللطيف السيدخالد الغربللي ـ الكويت السبت 3 نوفمبر 2012

 

post_old.gif
13-11-2012, 01:18 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif




ابتهال الخطيب: لم يعد ممكناً اليوم إغلاق حدود الدولة على أبنائها لمنعهم من التطلع إلى الأنماط السياسية المتطورة في دول العالم المتقدم.


12-11-2012 الجريدة 01:04 ص More Sharing Services Share on facebookShare on reddit Share on twitterShare on email
| تكبير الخط | تصغير الخط

نحتاج أموالكم


كتب المقال: د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب




ليست الحالة التي تمر بها الكويت غريبة لا على التاريخ الكويتي بحد ذاته ولا على تاريخ الانتفاضات الأممية في تاريخ العالم أجمع. مهما صغرت أو كبرت الانتفاضة، مهما تنوع حجمها أو أسلوبها أو توجهها، فعادة ما تقابل هذه التحركات بالتخوين أولاً وقبل كل شيء، فتصور السلطات المطالب البسيطة على أنها محاولات انقلاب قميئة يراد بها تغيير سيطول استقرار الأمة، وهذا الاستقرار عادة ما يعرف من الجانب الاقتصادي ويصاغ به. لذا، يسهل قبول مثل هذه الانتفاضات وتفهمها إذا ما جاءت في دول تعاني اقتصادياً، أما في الدول الأكثر راحة اقتصادية، فإن تفهم الانتفاضة يتطلب تفهماً عميقاً لمنطق المواطنة والحقوق الإنسانية ولقاعدة حكم الأمة لنفسها. فالإنسان، رغم كل التطور العقلي والعلمي والفكري الذي طاله، لا تزال بدائيته تقفز على وجه تصرفاته لتظهر نفسها أقوى من آلاف السنين التي عملت صياغة وتعديلاً وتهذيباً في الفكر البشري، فلا تزال القوة الجسدية مثلاً حكماً في الكثير من المواقف، حتى إن الكثيرين يستخدمون هذا المنطق في الحوار الدائر حول القيمة البشرية للرجل والمرأة. كما لا تزال مخاوف الإنسان من كل ما لا يعرف أو يرى تدفع به لتفسير هذه المخاوف تفسيرات ما وراء طبيعية، فيصبح الصوت الغريب في المنزل روحاً سابحة، ومرض الانفصام تلبس جن وعاصفة هوجاء غضباً من الرب. وكذا يقرأ الإنسان أي حراك لأخيه الإنسان، فإذا ما توافرت لقمته وسقف فوق رأسه وآلة تنقله وفائض يتسوق به، فهو محظوظ يجب أن يقبل يديه عن ظهر قلب ويقبل السلطة عن جبهة ويد، ففي الفكر البدائي القديم، هذا كان كل ما يتطلع إليه الإنسان، وذاك غاية أمله ومبتغاه.
تقول إحدى قصص التاريخ إنه ومن بدايات القرن السابع عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر، أغلقت السلطات الإمبراطورية اليابانية كل اليابان على مواطنيها، فلم تسمح لأحد بالخروج ولم تسمح "للغرباء" بالدخول. كانت اليابان تخاف من محاولات الغزو المستمرة لأراضيها، كما وتخاف على شعبها من التأثر بحراك العالم الخارجي، فأغلقت عليه بالضبة والمفتاح. عانت اليابان كثيراً هذا الانعزال التام فتخلفت علمياً كثيراً في هذه السنوات حتى ليقال إنه عندما فتحت اليابان موانئها لأول مرة سامحة لسفن أوروبا البخارية بالرسو عليها، فزع اليابانيون تماماً وهو يرون هذه السحابات الدخانية الضخمة تقترب من شواطئهم معتقدين أنها وحوش ضارية. لم يعد ممكناً اليوم إغلاق حدود الدولة على أبنائها لمنعهم من التطلع إلى الأنماط السياسية المتطورة في دول العالم المتقدم، لم تعد الشعوب تخشى الوحوش البخارية الضخمة القادمة لتأكلها. لقد وصلت البشرية إلى هذه المرحلة من الزمن حيث لم يعد إخفاء الحقائق أو تخويف الناس أو تقليص التطلعات أو تحجيم الأدوار ممكناً.
فما الذي يمكن أن يأتيه الشارع الناضج؟ ما المطلوب من الحركات والأحزاب الليبرالية الهوى، التي من المفترض أن تكون المعنية بالدرجة الأولى بمفاهيم المشاركة الشعبية في السلطة والحريات والانفتاح التام أمام الانتفاضات المجتمعة، لتحمي الحراك، اتفقت أو اختلفت مع أسلوبه، من أن يُسرق ويجير؟ هنا يأتي دورها لتوفر راية يتحرك بقيادتها الشباب، سبيلاً واضحاً نيراً لا يعانون في مسيرهم عليه التنازع بين مبائدهم وبين غايات البعض ومصالحهم الشريرة، مسار رشيق معبد بالمفاهيم العصرية للحريات والمواطنة الحقة والكرامة الإنسانية. الموضوع يحتاج مساهمة حقيقية فاعلة لكل من يؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها، مساهمة لا تتوقف عند حجة "هذا حراك مجير، هؤلاء إخوان، هذا انقلاب على الحكم"، بل مساهمة حقيقية لتوجيه هذا الحراك على مسار منظم دستوري شعبوي، تختفي في دروبه الفئوية، وتتحد على أرضه المطالب الشعبية التي طال أمد المطالبة بها، والتي لا تتوقف عند موضوع المرسوم الأميري الذي لا يعدو عن أنه رمزٌ لها وقشة أخيرة قصمت ظهر أمدها الطويل.
اليوم هي فرصة الحركات والتجمعات والأفراد ذوي التوجه الليبرالي الديمقراطي الحقيقي، خاصة هؤلاء المتخوفين من اختطاف الحراك من الجماعات الإسلامية، أن يوفروا راية ويتلمسوا الشارع ويهبطوا للدروب الحقيقية، اليوم عليهم أن يشاركوا بالعمل والتوجيه، بخبراتهم ونتائج تجاربهم، والأهم بأموالهم، فلكي ينجح الحراك الفكري في المجتمع وليتحول الى حراك شعبوي تنطوي أسفل رايته الشعوب، فعليه أن يعمل جيداً ويمول جيداً، وبلا هذين فإنه يترك الشارع بشبابه لقمة سائغة للأعداء الذين يُهابون.
اليوم يوم توحد كلمتكم وتواصل عملكم وتأثير أموالكم، التغيير الحق يبدأ بفكرة ذكية وتنفيذ منظم وتمويل سخي، فافعلوا تأمنوا مستقبل الأبناء ضد حكومة يرتع فيها الكسل والفساد، ومعارضة يرتع فيها التطرف والفئوية. هذا هو السبيل الوحيد، فلنفعل قبل أن توضع على مداخل هذا السبيل القواطع الحديدية، وما أكثرها في شوارعنا هذه الأيام.

 

post_old.gif
13-11-2012, 01:27 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

>شريط الكتاب

السلطويون دعاة ديمقراطية ألف نيلة ونيلة!.. حسن العيسى متعجباً
تصغير الخط
الخط الاساسي
تكبير الخط




13/11/2012 الجريدة 12:55:33 AM


الجريدة
آخر كلام / ديمقراطيو ألف ليلة وليلة
حسن العيسى

يخلط واهمو 'الصوت الواحد' بين الأشخاص والقضية، يعانون عمى فكرياً يساوي بين مواقف أكثرية أعضاء مجلس 2012 المبطل وما يُطرَح الآن من رفض الصوت الواحد حين فُرِض من الأعلى، أي من السلطة منفردة. ولأن عدداً من أعضاء الأكثرية 'المشاغبة' (كما يحلو للسائرين بالهدي السلطوي تسميتها) كانت لهم تصريحات ومشروعات طائفية أو محافظة متزمّتة في أيام المجلس القصيرة، تنبع من رؤية متعصبة للفقه وترفض الآخر، وتدين الحريات الليبرالية، إذن وحسب منطق السلطويين الأهوج يجب إدانة كل أعضاء ذلك المجلس، ومعهم يجب أن تدان حرية الاختيار الشعبي التي أوصلت هؤلاء المناكفين إلى المجلس.
يكاد السلطويون أن يجاهروا برفضهم حتى للديمقراطية كلها، ويكفرون بها، مادامت تلك مخرجاتها، لكنهم لا يفصحون صراحة عن ذلك، حتى لا يقال عنهم إنهم أعداء للديمقراطية، إلا أنهم في دواخلهم يؤمنون بأن وضعنا الحالي لا يصلح للديمقراطية، حتى بصورتها الناقصة والمشوهة بالطريقة الكويتية.
السلطويون، سواء كانوا كتاباً أو مغردين أو فقهاء السلطة، بعضهم، وأكرر كلمة 'بعضهم' انتهازيون، ويحملون في تجاويف رؤوسهم مخ الفداوي المثقف، فقد قبضوا، من خيرات وبركات السلطة بصورة غير مباشرة، ولابد من ردّ الجميل ومناصرة 'المعازيب' حين يغم عليهم الزمن. كل هؤلاء، يريدون ديمقراطية متكورة على ذاتها داخل مصباح علاء الدين، يفركون المصباح، كلما عنَّ لهم، ليخرج المارد الجني منكساً رأس الطاعة قائلاً لعلاء السلطة: 'شبيك لبيك الديمقراطية بين يديك!'، ويحقق طلباتهم بتشكيل مخرجات الانتخابات كما يحلمون، يريدون نواباً ليبراليين متحررين، ولا يكفي أن يكونوا مجرد ليبراليين صادقين دعاة حرية ونزاهة، بل لابد أن يكون مذهبهم 'شوية واسع' في قضايا المال العام والفساد حتى يغضوا النظر عن عورات كثيرة تبرز في الجسد السياسي للدولة.
ويمضغ السلطويون بعضهم مع بعض، أو يهلوسون مع أنفسهم كثيراً مجترّين عبارات مثل '... ملينا من عوار راس المجلس، شبعنا من الصوت العالي المزعج لمسلم البراك، زهدنا مشهد فيصل المسلم يهز بيده أمام الجمهور بشيكات دفعت أثماناً لسلعة شراء الأصوات، تعبنا من سماع عبارة الفساد والمفسدين من كثر ما يرددها أحمد السعدون'، ويمضي الكثير من السلطويين بحسن نية (ربما)، وهم تحت طبقات ثقيلة من وهم وخرف ثقيلين يرددون علينا بوعي، أو من دون وعي مقولات باهتة مثل 'إن مشاريع التنمية توقفت بسبب هذا المجلس، وإن البورصة نزلت بسبب هذا المجلس'... وكلاماً لا ينتهي يعلّق كل منغصات العمل السياسي والتردي الاقتصادي على مشجب البرلمان! مع أنهم يدركون، لو فكروا قليلاً، أن سلطة الحكم التي تملك كتلتها الدائمة داخل المجلس، كبرت أو صغرت تلك الكتلة حسب الفصول التشريعية، تستطيع أن تحقق ما تريد في قضايا التنمية، أو في رد الهجمات المناهضة للحريات الشخصية إذا طرحها بعض النواب لو أرادت السلطة ذلك حقيقة ولم 'تتعلث 'بالمجلس كعادتها، وأن 'حكومة الحكومة ' تمسك بخيوط اللعبة السياسية منذ لحظة ولادة الدستور وحتى اليوم عبر نوابها وعبر وزرائها، ومن خلال هيمنتها المطلقة على موارد الدولة المالية... أليسوا هم (السلطويون) مَن رددوا في السابق أن 'اللي تبيه الحكومة يصير' فماذا تغير اليوم عليهم؟ ولماذا تلك الإدانة المغرضة لجميع معارضيهم، ووصفهم لشباب الحريات المتظاهرين والمتجمعين في ساحة الإرادة بالغوغائيين والفوضويين والسذج 'المقصوص عليهم'؟!... أمرهم عجيب هؤلاء السلطويون دعاة ديمقراطية ألف وليلة... أو ألف نيلة ونيلة!

 

post_old.gif
21-11-2012, 03:05 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

رؤى وزوايا / سمات الدولة الدينية ومخاطرها
سمات الدولة الدينية ومخاطرها



الاثنين 19 تشرين ثاني 2012






كتب المقال: د. عبدالحميد الأنصاري
T+ | T-
مقالات أخرى

تحية إلى ديمقراطية الكويت

الإسلاميون والتدخل الدولي

الربيع العربي: حكومات وتحديات

الكويت وتعزيز «التوجه شرقاً»

الإسلاميون في السلطة




بوصول الإسلاميين إلى الحكم في دول الثورات تصاعدت المخاوف من أن يعمد الإسلاميون بعد إحكام سيطرتهم على مؤسسات الدولة إلى تقويض أسس الدولة المدنية لمصلحة الدولة الدينية، فما أبرز سمات الدولة الدينية وما مخاطرها؟
في تصوري أن أبرز هذه السمات التي تشكل فارقاً أساسياً عن الدولة المدنية هي:
1- مرجعية الفقيه: الدولة الدينية مرجعيتها "الولي الفقيه" كما في الحالة الشيعية و"المرشد الفقيه" في الحالة السنية، فهو الذي يقرر ما يراه صالحاً في كل شؤون المجتمع والدولة من غير معقب، بينما المرجعية الأساسية في الدولة المدنية هي الدستور والبرلمان الممثل للأمة.
2- تقليص مفهوم المواطنة: الدولة الدينية لها مفهومها الخاص للمواطنة، وهو مفهوم مختلف عن مفهوم المواطنة في الدولة المدنية، مفهوم المواطنة في الدولة الدينية مفهوم قاصر وعابر: قاصر لأنه يميز بين المواطنين على أسس مذهبية ولا يحقق العدالة السياسية، ولا تكافؤ الفرص في مناصب الدولة والحقوق والامتيازات المختلفة، فالدولة الدينية تقصر مفهومها للمواطنة على المنتمين إلى دينها، بل قد تضيق المفهوم ليقتصر على التابعين لمذهبها كما في الحالة الإيرانية، فهي لا تعترف بالمواطنة السياسية والقانونية لجميع أبناء الوطن على قدم المساواة، فتقصي غير المسلم من بعض الحقوق والامتيازات، فلا تسمح له بأن يتولى مناصب القيادة والتوجيه، كما أن غير المسلم لا يملك حرية إقامة المعابد كما يفعل المسلم إلا بناءً على شروط وضوابط متعسفة، بل قد لا تسمح الدولة الدينية لبعض الطوائف الدينية مثل البهائية والبوذية وغيرهما من إقامة دور للعبادة، مع أنهم مواطنون ومن حقهم أن يكون لهم مكان لعبادتهم طبقاً لـ"لكم دينكم ولي دين"، بل هناك من الفقهاء في الخليج من يحرم حتى إقامة الكنائس في جزيرة العرب بناءً على فهم ضيق لأحاديث نبوية.
والدولة الدينية إذ تفرق بين المواطنين بحسب انتماءاتهم الدينية والمذهبية فإنها أيضاً تفرق بين الرجل والمرأة، فلا تمكن المرأة من المناصب القيادية وامتيازات ممنوحة للرجل بحجة أن النساء ناقصات عقل ودين!
ومن ناحية أخرى فإن مفهوم المواطنة في الدولة الدينية مفهوم عابر للأوطان والحدود السياسية إلى اتباع نفس العقيدة أو الطائفة في الدول الأخرى، ومن هنا تسمح الدولة الدينية لنفسها أن تتدخل في شؤون الدول الأخرى بحجة مساندة الطائفة الدينية المنتمية إليها مستغلة بذلك العنصر الديني والمذهبي المشترك، وذلك لزعزعة الاستقرار السياسي خدمة لطموحاتها في الهيمنة والتمدد.
3- الانحياز السياسي والمذهبي: الدولة الدينية دولة غير محايدة تجاه معتقدات مواطنيها، فهي تفرض مذهبها ورؤيتها الأيديولوجية ولا تحترم التنوع والتعدد السياسي والديني والمذهبي في مجتمعها، وذلك في تناقض صارخ مع قيم الإسلام الكبرى: العدالة والحرية والمساواة، فلا تترك للمذاهب الأخرى فضاءً يمكن أن تمارس فيه حريتها واجتهاداتها، ولذلك فإن الدولة المدنية تنأى عن تبني خيارات مذهبية وطائفية معينة، وهي تحترم التنوع الديني والمذهبي والسياسي، وتراه إثراءً وقوة للدولة والمجتمع.
4- الشخصانية: الدولة الدينية تقوم على الشخصانية؛ أي شخصية الفقيه المرجعية الأعلى والمجتمع، لا حكم المؤسسات والقانون، وطبقاً لعبدالوهاب الأفندي الذي يقول "... ويمكن بدون مبالغة أن يقال إن الخميني تمتع بسلطة ونفوذ وتقديس لم يتمتع به أي من أئمة الشيعة في حياته، ووصلت سلطته حد الادعاء بأنه يجوز للإمام تعطيل الشريعة والفرائض لحماية الدولة الإسلامية". الدولة الدينية تجعل مرجعية الفقيه فوق الدستور والمؤسسات وفوق الشعب.
5- التسلط السياسي على الدين: يقول محمد محفوظ: "المشكلة الحقيقية التي تواجهنا في المجال الإسلامي عكس المشكلة التي واجهت الغرب، حيث كانت تغول المؤسسة الدينية على غيرها، وأما عندنا فالذي تغول هو السياسي ممثلاً في الدولة، والتهم كل شيء بما فيه الدين". الدولة الدينية اليوم تمارس ما كانت تمارسه المؤسسة الكهنوتية الغربية في توظيفها منابر المساجد والإعلام والصحافة والتعليم والقضاء والبرلمان وكافة مؤسسات الدولة لخدمة أهدافها السياسية، وهي بذلك تسيء إلى الدين وتنتهك حرمات المساجد باللغو السياسي.
6- إهدار الثروة الوطنية: الدولة الدينية تعيش حالة من القلق المستمر ضد مخاطر من أعداء متوهمين في الداخل والخارج فتلجأ إلى هدر الثروة عبر أسلوبين: تكديس الأسلحة ورصد الموازنات الهائلة للتسلح، وتمويل الوكلاء والإنفاق على الأنصار في الخارج وشراء الولاءات، وهي في سبيل ذلك تجوع شعبها وتذيقه الحرمان، وها هي الثورة الإسلامية مجسدة في دولتها وبعد مرور 35 عاماً، ومع توافر كافة الموارد لم تستطع أن تقدم نموذجاً صالحاً للحكم، ولا أن تحقق معيشة كريمة لشعبها كما فعلت ماليزيا مثلاً، والتي لا تملك ربع موارد إيران، فالشعب الإيراني يعيش اليوم وضعاً شديد البؤس مع أنه يملك أعظم ثروات العالم فهو يرى أحلامه في غد أفضل أحبطت بسبب سياسات حكامه.
7- العدوانية: الدولة الدينية دولة أيديولوجية والدولة الأيديولوجية بطبيعتها دولة عدوانية أو تستجلب العدوان، باستفزازاتها للدول الأخرى، ولأن الدولة الدينية ترى نفسها مكلفة بنشر رسالة إلهية وتصديرها للخارج كما ترى أيضاً- توهماً وضلالة- أن هناك أعداء تاريخيين في الخارج متربصين لها، ولن يسمحوا بأن تحقق طموحاتها وتنشر رسالتها، فإنها تهدر المليارات في سباق التسلح والمفاعل النووي ظناً أن ذلك يحقق لها قوة ردع داخلية، وفي نفس الوقت تسعى عبر التسلل إلى بيوت الآخرين من غير أبوابها الرسمية، بمختلف الطرق والوسائل إلى اصطناع وكلاء، واتخاذ أنصار تمولهم وتمدهم بالسلام بهدف إثارة الاضطرابات السياسية في الدول الأخرى، وزرع الانقسامات بين أبناء المجتمع الواحد خدمة لمصالحها السياسية، ولا أدل على ذلك من أن تمد ناظريك عبر الساحة العربية العريضة لتجد وتتأكد من أنه ما من اضطراب سياسي أو فتنة طائفية أو انقسامات وطنية إلا لإيران علاقة مباشرة أو غير مباشرة بكل ذلك.
إن أعظم مخاطر الدولة الدينية أنها بسياساتها التدخلية في شؤون الدول الأخرى، وتسللها وتمددها واتخاذها وكلاء مناصرين لها في الدول الأخرى، تستجلب عداوات الآخرين لها، فتتسبب في الإضرار بنفسها وبمصالحها الوطنية، كما تتسبب في استمرار معاناة شعبها وحرمانه من أبسط مقومات المعيشة الكريمة، كما تعيش كافة شعوب العالم، إضافة إلى أنها بهذه السياسات الاستفزازية تتسبب في توريط حلفائها وأصدقائها، انظر ما تفعله إسرائيل هذه الأيام بغزة من عدوانية ظالمة ومذابح بشعة، ضحاياها أبرياء مدنيون ونساء وأطفال.
ولكن هلا تساءلنا: لماذا تستفز "حماس" والمنظمات الجهادية الأخرى إسرائيل؟! لماذا يطلقون الصواريخ على القرى السكانية في إسرائيل؟ لماذا تحريك جبهة غزة؟ وما المصلحة المتحققة من إطلاق تلك الصواريخ؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ أليس المقصود من كل ما يحصل هو صرف الأنظار عما يحصل في سورية بهدف إنقاذ نظام الأسد والتغطية على جرائمه؟ وأليس المقصود استدراج مصر في حكم الإسلاميين وتوريطها في مواجهة غير متكافئة مع إسرائيل؟!

* كاتب قطري

الجريدة

 
عودة
أعلى