الكويت تنفق على التعليم كالإمارات وقطر وفنلندا… والنتائج أسوأ من زيمبابوي!
21 يوليو، 2015
سجل تعليق
تتساوى مع أنغولا وبوتسوانا وهندوراس ومنغوليا في مراحل انتقال الدولة من تحفيز النمو إلى الابتكار
• تدني مخرجات العملية التعليمية وضعف التأهيل الوظيفي لها
أظهر التقرير السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2014-2015 وجود خلل هيكلي في حقل محفزات الكفاءة، وغياب العلاقة الإيجابية بين ما يتم إنفاقه من أموال مقابل النتائج خصوصا على الصعيد التعليمي.
وحسب دراسة أعدها الباحث محمد جاسم التورة فإن تراجع الكويت في مؤشر محفزات الكفاءة ستة مراكز يشكل دليلاً إضافياً على تدهور منظومة التعليم والتدريب في البلاد، وأثبتت العديد من الدراسات والاختبارات التي أكدت ضعف مخرجات العملية التعليمية في الكويت، وضعف التأهيل الوظيفي لهذه المخرجات. وقد سبق لتقرير طوني بلير أن حذر من كارثة محققة بسبب تدهور التعليم في الكويت.
ويتم تحديد مركز الدولة في التنافسية، وفق هذا التقرير، عبر النظر إلى حزمة مكونة من 12 مرتكزاً مثل البيئة المؤسسية للدولة والسياسات والعوامل التي تحدد مستوى الإنتاجية في هذه الدولة. ويحدد مستوى الإنتاجية، بدوره، مستوى الازدهار الاقتصادي الذي يمكن تحقيقه. و تحدد مستوى الإنتاجية أيضاً معدلات العوائد التي يمكن تحقيقها عبر الاستثمار في اقتصاد ما، وهي المحرك الأساسي في معدلات النمو. وبتعبير آخر، فإن الاقتصاد الأفضل تنافسية هو الأقدر على النمو بشكل أسرع مع مرور الزمن. ويعتمد تحديد مركز الدولة في التنافسية العالمية، كما ذكرنا أعلاه، على 12 مرتكزا هي:
1 – المؤسسات
2 – البنية التحتية
3 – البيئة الاقتصادية الواسعة
4 – الصحة والتعليم الابتدائي
5 – التعليم العالي والتدريب
6 – كفاءة سوق السلع
7 – كفاءة سوق العمل
8 – تطوير الأسواق المالية
9 – الجاهزية التقنية
10 – حجم السوق
11 – تطور الأعمال التجارية
12 – الابتكار
ومن المهم أن نتذكر أن هذه الأسس ليست مستقلة: وبعضها يميل إلى تعزيز بعض، ونقطة ضعف في منطقة ما تترك في غالب الأحيان تأثيرها السلبي على مناطق أخرى.
أظهر المسح السنوي الذي يشرف عليه «المنتدى الاقتصادي العالمي»، الذي تصدر نتائجه في تقرير سنوي يعرف بعنوان «التنافسية العالمية»، في نسخته الأخيرة لعام 2014-2015، تراجع الكويت إلى المركز الأربعين، في حين تصدرت دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي مثل دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر قائمة الدول العربية من حيث القدرة التنافسية، كما احتلت مراكز متقدمة على مستوى العالم.
ووفق التقرير، احتلت الإمارات المركز الثاني عشر عالميا، متقدمة سبع درجات عن العام الماضي، في حين جاءت قطر في المرتبة السادسة عشرة مقارنة مع الثالثة عشرة قبل عام.
وفي السلم ذاته، حلت السعودية في المركز الرابع والعشرين. وهذه المراكز من بين 144 دولة يشملها التقرير.
ويعتمد تقييم التنافسية الدولية هذا على عشرات الأسس والمعايير والمرتكزات، ويستند في بياناته إلى آراء رجال الأعمال والمتخصصين بشأن مدى كفاءة الحكومة والشفافية والإجراءات.
وقد حازت بعض دول مجلس التعاون مواقع عالمية متقدمة في بعض المعايير، حيث حلت دولة الإمارات في المركز الثالث عالميا في معيار تطور البنية التحتية.
ويعزو التقرير التقدم الذي حققته الإمارات في هذا المجال الى جدارة البنية التحتية لإمارة دبي التي مكنتها من الفوز باستضافة معرض «إكسبو 2020» وجهود إصلاح وتطوير وتنويع الاقتصاد التي مكنت الإمارات من تعزيز القدرة التنافسية لاقتصادها.
وقال التقرير إن دفع الإمارات الى مسار تنموي أعلى يتطلب زيادة الاستثمار في الصحة والتعليم، وهما المجالان اللذان احتلت الإمارات فيهما المركز 38 عالميا. من جانب آخر احتلت قطر، إلى جانب النرويج، مركز الصدارة على صعيد استقرار الاقتصاد الكلي.
ويتم تحديد مركز الدولة في التنافسية وفق هذا التقرير عبر النظر الى حزمة مكونة من اثني عشر مرتكزا، مثل البيئة المؤسسية للدولة والسياسات والعوامل التي تحدد مستوى الإنتاجية في هذه الدولة.
ويحدد مستوى الإنتاجية، بدوره، مستوى الازدهار الاقتصادي الذي يمكن تحقيقه. كما يحدد أيضا معدلات العوائد التي يمكن تحقيقها عبر الاستثمار في اقتصاد ما، وهي المحرك الأساسي في معدلات النمو. وبتعبير آخر، فإن الاقتصاد الأفضل تنافسية هو الأقدر على النمو بشكل أسرع مع مرور الزمن.
وتنتج عن هذه المرتكزات ثلاثة مؤشرات فرعية، هي مؤشر المتطلبات الأساسية ومؤشر محفزات الكفاءة ومؤشر تطور مؤسسات الأعمال.
وفي التقرير الأخير، ظل ترتيب الكويت في المؤشر الأول، أي مؤشر المتطلبات الأساسية، الذي يقيس كفاءة المؤسسات والبنية التحتية والاقتصاد الكلي والصحة والتعليم الابتدائي، كما هو عند المركز 32، بينما تراجع ترتيب الكويت في مؤشر محفزات الكفاءة الذي يقيس أداء الدولة في كفاءة مستويات التعليم العالي والتدريب، وأسواق المال والعمل والسلع، ومدى الاستعداد التكنولوجي، بستة مراكز من 77 إلى المركز 83.
أما المؤشر الثالث الذي يقيس ترتيب الكويت في تطور مؤسسات الأعمال، والذي يقيس مدى تطور عمليات مؤسسات الأعمال والقدرة على الابتكار، فحققت فيه الكويت تقدما من المركز 101 إلى المركز 95.
ويشكل تراجع الكويت في مؤشر محفزات الكفاءة بستة مراكز دليلا إضافيا على تدهور منظومة التعليم والتدريب في البلاد، والذي أثبتته العديد من الدراسات والاختبارات التي أكدت ضعف مخرجات العملية التعليمية في الكويت، وضعف التأهيل الوظيفي لهذه المخرجات. وقد سبق لتقرير توني بلير أن حذّر من كارثة محققة بسبب تدهور التعليم في الكويت.
ومن أجل بيان موقع الكويت الضعيف والمتأخر في حقل محفزات الكفاءة، أي ضعف كفاءة مستويات التعليم العالي والتدريب، وأسواق المال والعمل والسلع، ومدى الاستعداد التكنولوجي سنستعرض أدناه مرتكزات التقرير الرئيسية الـ12، ثم نركز على مقارنة ترتيب الكويت مع مجموعة من الدول المختارة في نتائج قياس مكونات المرتكزات من الخامس الى العاشر، وهي المرتكزات المحددة لمؤشر محفزات الكفاءة التي يعتمد على تطورها انتقال الدولة من مرحلة التعليم والتدريب الأساسي الى مرحلة إنتاج المعرفة والابتكار. وسوف نجد عبر المقارنة أن دولة الكويت في وضع لا تحسد عليه من حيث جودة نظامها التعليمي وكفاءته.
مرتكزات التنافسية الاثنا عشر
يعتمد تحديد مركز الدولة في التنافسية العالمية كما ذكرنا أعلاه على اثني عشر مرتكزا هي:
1 – المؤسسات
يتم تحديد البيئة المؤسساتية من خلال النظر الى أطر العمل القانوني والإداري الذي يتفاعل فيه الأفراد والشركات والحكومات لتوليد الثروة.
وقد أصبحت أهمية وجود بيئة مؤسساتية سليمة وعادلة أكثر جلاء خلال الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة، وتتسم هذه البيئة بدور حيوي في تعضيد التعافي الهش، وذلك في ضوء الدور المتزايد الذي تلعبه على المستوى الدولي.
2 – البنية التحتية
تتسم البنية التحتية الواسعة والفعالة بأهمية كبيرة بالنسبة الى ضمان الأداء الفعال للاقتصاد، لأنها عامل مهم في تحديد مركز النشاط الاقتصادي وأنواع الأنشطة أو القطاعات التي يمكن أن تتطور في بلد ما.
وتسهم البنية التحتية الجيدة في خفض تأثيرات المسافة بين الأقاليم وتحقيق تكامل السوق الوطني وربطه بتكلفة متدنية مع الأسواق في دول ومناطق أخرى. وإضافة الى ذلك فإن نوعية واتساع شبكات البنى التحتية يؤثران بشكل كبير على النمو الاقتصادي ويخفضان التفاوت في الدخل ومعدلات الفقر في العديد من الطرق.
3 – البيئة الاقتصادية الواسعة
ينطوي استقرار البيئة الاقتصادية الواسعة على أهمية بالنسبة الى الشركات وإلى التنافسية الإجمالية لبلد ما. وعلى الرغم من أن استقرار البيئة الاقتصادية لا يستطيع وحده أن يحقق زيادة انتاجية دولة ما، فإنه من المؤكد أن اختلال هذه البيئة يمكن له أن يضر بالاقتصاد، كما شهدنا في السنوات الأخيرة، وبشكل لافت، في السياق الأوروبي.
وليس في وسع الحكومات توفير الخدمات بصورة فعالة إذا كان عليها تسديد دفعات عالية الفائدة على ديونها السابقة، ويحد العجز المالي من قدرة الحكومة في المستقبل على التفاعل مع دورات الأعمال التجارية، كما أن الشركات لا تستطيع العمل بفعالية وكفاءة إذا كانت معدلات الفائدة خارجة عن السيطرة.
4 – الصحة والتعليم الابتدائي
تعد القوة العاملة السليمة حيوية بالنسبة الى تنافسية وإنتاجية الدولة. ومن البديهي أن العمال الذين يعانون أمراضا لا يستطيعون أداء مهامهم بأقصى طاقتهم، وسيكونون أقل إنتاجية. ويفضي تدهور صحة العاملين الى إثقال كاهل الشركات بتكلفة كبيرة إضافية، لأن العمال المرضى غالباً ما يتغيبون عن العمل أو يعملون بمستويات متدنية من الفعالية. لذا ينطوي الاستثمار في الخدمات الصحية على أهمية اقتصادية واضحة.
وإضافة الى الصحة يتعين أن نأخذ في الحسبان كمية ونوعية التعليم الأساسي الذي يناله السكان، والذي يتسم بأهمية متزايدة في اقتصاد اليوم، لأنه يرفع من كفاءة العامل.
5 – التعليم العالي والتدريب
يتميز التعليم العالي والتدريب الرفيع المستوى بأهمية بارزة بالنسبة الى الاقتصادات التي تريد التقدم عبر سلسلة القيمة، بشكل يتخطى حدود العملية البسيطة المتمثلة في المنتجات والإنتاج.
ويتطلب اقتصاد العولمة اليوم من الدول التركيز على العمالة ذات التحصيل التعليمي الجيد، والتي تستطيع التصدي للقيام بأداء المهام المعقدة والتكيف السريع مع البيئة المتغيرة والاحتياجات المتطورة لنظم الإنتاج.
ويقاس ذلك بالنظر الى معدلات الالتحاق بالتعليم الثانوي والعالي ونوعية التعليم وفقاً لتقييم قادة الأعمال.
6 – كفاءة سوق السلع
تكون الدول ذات أسواق السلع الفعالة في وضع ملائم يمكنها من إنتاج المزيج الصحيح من المنتجات والخدمات في ضوء ظروفها الخاصة في العرض والطلب، وكذلك ضمان قدرة هذه البضائع على التداول بصورة فعالة تماماً في الاقتصاد.
وتنطوي المنافسة السليمة في الأسواق، المحلية والخارجية على حد سواء، على أهمية بالنسبة الى دفع وتحريك فعالية السوق والإنتاجية التجارية، وذلك من خلال ضمان ازدهار الشركات الأكثر كفاءة التي تنتج البضائع التي يطلبها السوق.
وتتطلب البيئة الأفضل لتبادل البضائع الحد الأدنى من التدخل الحكومي الذي يعرقل النشاط التجاري.
7– كفاءة سوق العمل
تنطوي كفاءة ومرونة سوق العمل على أهمية بالنسبة إلى ضمان تخصيص العمال لأدوارهم الأكثر فعالية في الاقتصاد، وتزويدهم بالحوافز التي تشجعهم على تقديم أفضل جهد ممكن في أعمالهم، ولذلك يتعين أن تتمتع الأسواق بمرونة تكفل انتقال العمال من أحد الأنشطة الاقتصادية الى قطاع آخر بسرعة وبتكلفة متدنية والسماح بتقلبات الأجور من دون الكثير من الاضطرابات الاجتماعية.
وبرزت أهمية هذا الجانب الأخير بشكل دراماتيكي من خلال الأحداث التي شهدتها الدول العربية، حيث كانت أسواق العمل الصارمة سبباً مهماً وراء معدلات البطالة العالية بين الشباب.
8 – تطوير الأسواق المالية
أبرزت الأزمة المالية والاقتصادية الدور المركزي الذي يلعبه القطاع المالي السليم والجيد الأداء في الأنشطة الاقتصادية. ويقوم القطاع المالي الفعال بتخصيص الموارد التي وفرها المواطنون، وأولئك الذي شاركوا في الاقتصاد من الخارج، بغية استخدامها بالطرق الأكثر انتاجية. كما يعمل على ايصال تلك الموارد إلى المشاريع الإنشائية أو الاستثمارية ذات العوائد الأعلى المتوقعة بدلاً من تلك المرتبطة باعتبارات سياسية، لذا فإن التقييم الشامل والملائم للخطار يعتبر أحد المكونات الرئيسية بالنسبة الى الأسواق المالية السليمة.
9 – الجاهزية التقنية
تعتبر التقنية في عالم اليوم بصورة متزايدة من بين العوامل الأساسية للشركات الساعية الى المنافسة والازدهار. ويقيس هذا العامل مدى الاستعداد التقني، وسرعة تبني الاقتصاد للتقنيات القائمة بغية تحسين انتاجية صناعاته، مع التشديد بشكل خاص على قدرته على الاستخدام التام لتقنيات المعلومات والاتصالات في الأنشطة اليومية وعمليات الإنتاج، من أجل زيادة الكفاءة وتمكين الابتكار من تحقيق التنافسية.
وتطورت تقنية المعلومات والاتصالات الى «تقنية الأغراض العامة» في زمننا، وذلك في ضوء تسربها الى القطاعات الاقتصادية الأخرى، ودورها في تمكين البنية التحتية في شتى آفاق الصناعة، ولذلك فإن بلوغ واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات يتسم بأهمية رئيسية من اجل تمكين الدول من تحقيق جاهزية تقنية شاملة.
10 – حجم السوق
يؤثر حجم السوق على الإنتاجية، نظراً لأن الأسواق الكبيرة تسمح للشركات بالاستفادة من مزايا الاقتصاد الكبير. وبشكل تقليدي تم تقييد الأسواق المتاحة للشركات بالحدود الوطنية. وفي عصر العولمة أصبحت الأسواق الدولية بديلاً للأسواق المحلية، خصوصا بالنسبة الى الدول الصغيرة.
وتظهر نتائج الدراسات التطبيقية الكثيرة أن الانفتاح التجاري يرتبط بصورة ايجابية بالنمو، رغم أن بعض البحوث الحديثة تلقي شكوكاً على متانة هذه العلاقة، وثمة شعور عام بأن للتجارة تأثيرها الإيجابي على النمو، خصوصا بالنسبة الى دول ذات أسواق محلية صغيرة.
11 – تطور الأعمال التجارية
مما لا شك فيه أن الممارسات التجارية المتقدمة ستفضي الى كفاءة أعلى في انتاج البضائع والخدمات. وينطوي تطور الأعمال التجارية على عنصرين يرتبطان بصورة وثيقة: جودة الشبكات التجارية الإجمالية للدولة، وكذلك عمليات الشركات واستراتيجيتها. وتنطوي هذه العوامل على أهمية خاصة بالنسبة الى دول في مرحلة متقدمة من التطور عندما تكون المصادر الأساسية لتحسن الانتاجية قد استنفذت الى حد كبير.
وتتسم نوعية الشبكات التجارية والصناعات الداعمة لبلد ما، بحسب قياسها عبر كمية ونوعية الموردين المحليين ومدى تفاعلهم، بأهمية لأسباب متعددة.
12 – الابتكار
قد ينشأ الابتكار من تقنيات جديدة ومن معرفة غير تقنية. وترتبط الابتكارات غير التقنية بصورة وثيقة بالمعرفة والمهارات، كما يعتمد الابتكار الى حد كبير على مدى تطور الشركات على النحو المبين في المرتكز رقم 11 من مرتكزات التنافسية.
العلاقة التفاعلية بين مرتكزات التنافسية الـ 12
على الرغم من تقرير التنافسية العالمي يعرض نتائج الأسس الـ12 للتنافسية بصورة منفصلة، إلا أن من المهم أن نتذكر أن هذه الأسس ليست مستقلة: وهي تميل الى تعزيز بعضها، كما أن نقطة ضعف في منطقة ما تترك في غالب الأحيان تأثيرها السلبي على مناطق اخرى.
وعلى سبيل المثال فإن القدرة القوية على الابتكار (12) سيصعب تماماً تحقيقها من دون وجود قوة عمل ذات صحة جيدة وذات مستوى تعليم وتدريب عاليين (4 و5) بما يمكنها من أن تبرع في استيعاب تقنيات جديدة (9)، ولن يكون ذلك ممكنا من دون تمويل كاف (8) للبحث والتطوير أو سوق فعال للسلع تجعل من الممكن نقل ابتكارات جديدة الى السوق (6).
وعلى الرغم من وضع المرتكزات كلها في مؤشر واحد فإن الإجراءات المطلوبة طرحت بالنسبة الى المرتكزات الـ12 بشكل منفصل لأن مثل تلك التفاصيل توفر فهماً للمناطق المحددة التي يتعين على دولة معينة القيام بعمليات تحسين فيها.
الكويت تتخلف عن أقرانها في الخليج
من قراءة بيانات التقرير يتبين أن على الدولة أن تجتاز مرحلتين يتم خلالهما تحفيز النمو من خلال توفر العوامل الأساسية، ثم من خلال تحسين الكفاءة قبل أن تتمكن من الوصول الى مرحلة القدرة على انتاج المعرفة والابتكار، وبين كل مرحلتين هناك مرحلة انتقالية لا يمكن للدولة الوصول إلى المرحلة اللاحقة الا بعد اجتيازها.
ووفق التقرير وفي ظل ظروف اقتصادية اعتيادية، فإن الدول التي يصل دخل الفرد فيها الى أكثر من 17000 دولار أميركي وعددها حاليا 40 دولة في العالم، ينبغي أن تكون قد وصلت الى هذه المرحلة أي انتاج المعرفة والابتكار، ولكن من وصل منها هو 37 دولة فقط، أي أن ثلاث دول لم تتمكن بعد من الوصول الى هذه المرحلة، ومن بين هذه الدول الثلاث الكويت. ويبين الجدول التالي دولا مختارة في درجة وصولها لهذه المراحل.
إن متوسط دخل الفرد في الكويت هو 47963 دولارا أميركيا، أي أعلى بكثير من المتوسط المطلوب وهو 17000 دولار، لكي تكون الدولة في مرحلة الابتكار، بينما الكويت ما زالت متوقفة في المرحلة الانتقالية من المرحلة الأولى إلى الثانية، وتقف في ذلك في مصاف الدول الفقيرة، وهذا يؤكد ضعف أدائها في مرتكزات الكفاءة، أي من المرتكز 5 الى المرتكز 10، التي تشمل قياس كفاءة التعليم العالي والتدريب، وكفاءة الانتاج، وكفاءة سوق العمل، ودرجة تطور الأسواق المالية، والجاهزية التقنية وحجم السوق.
بينما نجد أن 3 من أقرانها في مجلس التعاون (الإمارات والبحرين وعمان) قد نجحت في اجتياز المرحلة الثانية وتقف في المرحلة الانتقالية من الثانية الى الثالثة. والمفارقة هي ان اثنتين من هذه الدول الثلاث أقل ثروة ودخلا من الكويت، وهما البحرين وعمان. والأكثر مفارقة من ذلك أن قطر، وهي أحدث عهدا بالثروة والتنمية من الكويت وبفارق عقود من الزمن، وصلت الى المرحلة الثالثة، أي النمو عبر الابتكار وباتت في مصاف البلدان الغنية والمتقدمة.
ويدل هذا التوزيع في مراحل النمو على أن النظام التعليمي في الكويت وبرامج تطويره، بل ومجمل الخطط التنموية التي تركز بشكل رئيسي ومكثف على مشاريع البناء والعمران بعيدة كل البعد عن السياسات الجادة، التي يمكن لها أن تؤثر بشكل ايجابي على المرتكزات السابق الإشارة لها، والتي من شأنها أن تنقل الاقتصاد الكويتي الى اقتصاد ذي قدرات ومهارات ابتكارية.
مفارقات غريبة
ولبيان مدى ضعف نظام التعليم والتدريب في الكويت تم إجراء مقارنة للنتائج التفصيلية لمكونات المرتكز الخامس الخاص بكفاءة التعليم العالي والتدريب بين كل من دولة الكويت و4 دول أخرى هي: أولا: دولة الإمارات ودولة قطر باعتبارهما من نفس دول الإقليم، ويتمتعان بدخل مرتفع مماثل لما هو الحال في الكويت، وثانيا مع فنلندا باعتبارها دولة متقدمة تتمتع بنفس مستوى دخل الفرد في الكويت، بل ان متوسط الدخل في الكويت يزيد قليلا على فنلندا. ثم رابعا مع زيمبابوي الدولة الافريقية الفقيرة، التي يصل متوسط دخل الفرد فيها الى 987 دولارا، أي أن متوسط الدخل في الكويت يعادل 48.5 ضعف الدخل في زيمبابوي.
وأتت نتائج المقارنات صاعقة كما يبين الجدول التالي، الذي يوضح ترتيب الكويت في مكونات المرتكز الخامس الخاص بكفاءة التعليم العالي والتدريب مقارنة بترتيب الإمارات وقطر وفنلندا وزيمبابوي.
الكويت الأسوأ في جودة التعليم
احتلت قطر الترتيب الثالث عالميا في جودة النظام التعليمي، والامارات التاسعة، وفنلندا الثانية، وزيمبابوي الفقيرة الـ43، بينما الكويت، التي تنافس قطر والامارات وفنلندا في معدل الدخل، حلت في المرتبة الـ105، أي إن نظامها التعليمي أسوأ من فنلندا بمجموع 103 مراتب، وأسوأ من قطر بـ102 مرتبة، وأسوأ من الإمارات بـ96 مرتبة، بل وأسوأ من زيمبابوي الفقيرة بـ62 مرتبة.
وهذه مفارقة غريبة بكل المقاييس، وتشير إلى خلل ما في قمة الهرم التعليمي، أي إدارات وزارتي التربية والتعليم العالي، والى خلل في المناهج ونظم التعليم والخطط ذات الصلة.
فكيف يمكن أن تكون فنلندا، التي يصل متوسط دخل الفرد فيها الى أقل قليلا من الكويت عند 47129 دولارا، هي الثانية على مستوى العالم في جودة نظام التعليم، والكويت في المرتبة الـ105، وقطر حديثة العهد بالثروة وبناء منظومة التعليم أفضل من الكويت بـ102 مرتبة، بل وحتى زيمبابوي الفقيرة التي يمثل دخلها 2 في المئة من دخل الكويت تتقدم على الكويت 62 مرتبة، وهذا أقرب ما يكون الى مسلسل رعب.
الكويت الأسوأ أيضاً في العلوم والرياضيات
في جودة تدريس الرياضيات والعلوم حلت قطر سادسة عالميا، والامارات في الترتيب الحادي عشر، وفنلندا الثانية، وزيمبابوي الفقيرة في المرتبة 66، بينما الكويت التي تنافس قطر والامارات وفنلندا في معدل الدخل حلت في المرتبة 102، أي إن نظامها التعليمي أسوأ من فنلندا بمجموع 100 مرتبة، وأسوأ من قطر بـ96 مرتبة، وأسوأ من الامارات بـ91 مرتبة، بل وأسوأ من زيمبابوي الفقيرة بـ36 مرتبة، وهذه أيضا مفارقة غريبة بكل المقاييس وتشير الى خلل النظام التعليمي وتردي طرق التعليم المدرسي.
ويبين الشكل البياني التالي تردي وضع الكويت في مؤشري جودة التعليم وجودة تدريس العلوم والرياضيات، مقارنة بالبلدان الأربعة المشار اليها.
وليس مستغربا والحال كذلك أن تتفوق الادارة المدرسية في زيمبابوي الفقيرة في جودتها على الادارة المدرسية المترهلة في الكويت «الغنية»، فتحل زيمبابوي في المرتبة الـ80، والكويت في المرتبة 87، ودعك من المقارنة مع الأغنياء قطر والامارات وفنلندا فهي مضحكة مبكية، قطر العاشرة والامارات الثامنة عشرو وفنلندا الثانية عشرة.
ولا يختلف الحال كثيرا عند النظر الى مقارنات مدى توفر خدمات الانترنت في المدارس أو توفر خدمات البحث والتدريب أو درجة تأهيل الموظفين، والتي احتلت فيها قطر والامارات وفنلندا مراكز متقدمة ضمن الدول العشر أو العشرين الأولى، بينما جاء ترتيب الكويت في هذه المعايير الثلاثة 80 و100 و97 على التوالي.
إن هذه المفارقات الغريبة، وهذا التردي الواضح في جودة منظومة التعليم في الكويت، سواء التعليم العام أو الجامعي، يطرح عدة أسئلة مستحقة على الجهات الحكومية ذات الصلة بشأن أداء الكويت في مكونات المرتكز الخامس الذي يمثل عقبة على مسار انتقال الكويت الى مرحلة تنموية أفضل، وهذه أمثلة لبعض هذه الأسئلة المستحقة:
أسئلة موجهة إلى وزارة التربية
1. ما طبيعة الجهود التي تبذلها الوزارة في سبيل تحسين نوعية وجودة النظام التعليمي في الكويت؟
2. ما طبيعة جهود الوزارة في حقل تحسين ظروف التعليم بمراحله المختلفة وخاصة تطوير جودة المباني المدرسية؟
3. ما جهود الوزارة تجاه كفاءة تحسين الرياضيات والعلوم؟
4. ما الذي تقوم به الوزارة تجاه دمج التكنولوجيا في نظامي التعليم الخاص والعام؟
5. ما الذي تقوم به الوزارة تجاه رفع كفاءة المعلمين والموظفين الإداريين؟
6. ما الذي تقوم به الوزارة لزيادة نشر وتوصيل الانترنت الى كل مراحل التعليم العام والخاص؟
7. ما برامج وخطط الوزارة الخاصة بإدراج وتنفيذ الفصول الذكية في نظام التعليم؟
… وأخرى موجهة إلى وزارة التعليم العالي
1. ما برامج وخطط الوزارة تجاه تحسين نوعية التعليم في جامعة الكويت والتعليم التطبيقي والجامعات الخاصة بمختلف كلياتها؟
2. ما التدابير المتخذة لإعادة تقييم الجامعات التي توجه اليها البعثات الدراسية خارج الكويت، وهل يتم فعلا التركيز على أفضل 100 جامعة أو أكثر على المستوى العالمي في كل تخصص من تخصصات الدراسات الجامعية أو الدراسات العليا؟
3. ما البرامج والخطط القائمة لتحسين جودة النظام التعليمي العالي سواء في جامعة الكويت أو التعليم التطبيقي أو الخاص؟
4. لماذا لا توجد برامج للبحث والتطوير R&D وتحسين القدرة على الابتكار في مؤسسات التعليم العالي الحكومية أو الجامعات الخاصة؟ وما خطط تطوير القدرة على الابتكار على مدى السنوات الـ25 المقبلة؟
5. ما الذي قامت وتقوم به جامعة الكويت وهيئة التعليم التطبيقي من أجل المواءمة بين برامجها وتخصصاتها واحتياجات سوق العمل الديناميكية والمتغيرة؟
6. لماذا لم تنشأ في الكويت منذ تأسيس جامعة الكويت قبل 50 سنة سوى جامعة حكومية واحدة، رغم الزيادة الهائلة في عدد السكان واتساع الرقعة العمرانية والتزايد القياسي في الطلب على مرحلة التعليم الجامعي، وعجز جامعة الكويت عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة؟
… وإلى «الخدمة المدنية»
1. ما برامج ديوان الخدمة المدنية وخططه الراهنة لتطوير طرق ومعايير تنمية مهارات موظفي القطاع الحكومي لتحسين انتاجية الوظائف الحكومية وخلق فرص توظيف حقيقية منتجة للكويتيين في القطاع الخاص؟
2. كيف يقيم ديوان الخدمة المدنية كفاءة كل معهد من معاهد التدريب من أجل ضمان الحصول على مستوى متميز من تدريب الموظفين الحكوميين بما يحقق تطوير قدراتهم واعادة تأهيلهم؟
3. لماذا لا يميز ديوان الخدمة المدنية عند تحديد المرتبات والأجور بين شهادات البكالوريوس حسب مستوى الجامعة المصدرة للشهادة، رغم الاختلاف الشديد بين الجامعات ووجود نظم ومصادر لتقييم جدارتها في كل تخصص من التخصصات؟
4. لماذا لا يركز ديوان الخدمة المدنية عند ابتعاث موظفي الحكومة في بعثات دراسية في الخارج على توجيه هذه البعثات إلى أفضل 200 جامعة على مستوى العالم؟
http://acakuw.com/الكويت-تنفق-على-التعليم-كالإمارات-وقط/