الكــــــــــــويت التي كـــــــــــــــــانت ..........
الدريشة التي نطل من خلالها على ديرتنا و أهلها و ضيوفها في ماض من الزمان
أيام قبل ...........
قصص و روايات و حزاوي
وقائع و أحداث .....
من المطبوعات و النشرات ...و من سوالفهم
و من مصادر شتى ...
الموضوع لا حدود له لإنه رتم نمط حياة بلد و سكانه و أهله لعقود طويلة ..........
و هذه دريشتنا الأولى من عدة درايش مفتوحة ....مفتوحة ..نعم
لكي
نتمتع فيها و نفتخر و نتعجب ..
يأسرنا الشوق و يأخذنا الحنين ...
تلهب حماسنا سير الكفاح و النضال و الصمود
نتعلم القيم و الأخلاق و الإيثار
نطل منها على الكويت في ماض من الزمان يأخذنا إليه الخيال
على وقع
ما يرويه أصدقائنا و أحبابنا الكرام ...ذوي الخلق الرفيع عالي المقام
و الذين نكن لهم التقدير كله
و كل الإحترام
أمدهم الله و أهلهم الصحة و العافية اليوم و كل الأيام
أ حمد الشيخ: أغادر الكويت بعد نصف قرن.. فنسيان المرء جدوده كالساقية بلا منبع
• أحمد عادل الشيخ
أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه. ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي. «القبس» شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية..
في سلسلة حلقات من قديم الكويت نقلب صفحات الذكريات مع الرعيل الاول من رجالات الكويت الذين تخضرموا في مرحلتي ما قبل النفط وما بعده، وطالما ان الحنين للايام الخوالي، الى الكويت القديمة، كويت الخير والبركة والحياة الاجتماعية المتآلفة، هو القاسم المشترك الذي يجمعهم فمن الانصاف ان يشمل معهم عددا من الوافدين من مختلف الجنسيات التي قدمت الى الكويت قبل 40 او 50 سنة فجاهدوا وعملوا كل في مجاله، وما زالوا مساهمين في ورشة البناء والتنمية، وما كان هذا التواصل والعطاء ليستمرا لولا محبتهم لهذا البلد الخيّ.ر ومحبة الكويت واهلها لهم. في مستهل لقائنا مع الدكتور الصيدلي احمد عادل، قال عن اسمه المركب فقال: اسمي مركب من اسمين ووالدي ايضا اسمه مركب عبد الحميد حلمي، وجدي ايضا احمد الشيخ الذي كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب الوطني، وكان من السياسيين في حزب الوفد، ورفيق درب الزعيم السياسي المعروف سعد زغلول الحزب الذي تأسس في نوفمبر 1918 للسعي لاستقلال مصر بالطرق السلمية المشروعة، هو اول رئيس وزراء وفدي عام 1924، وتوفي 1927.
وقال الشيخ: توفي والدي وكان عمري 15 سنة، ولكنه رحمه الله ترك لي مكتبة غنية بالكتب الثقافية العلمية والموسوعات النادرة، واقول: «اللي ماله اول، ماله تالي» وهذه الكتب اخذها من جدي الشيخ، وكما قال المثل: نسيان المرء جدوده يصبح كساقية بلا منبع، وشجرة بلا جذور».
فلذلك خبرة الاقدمين تلعب دوراً كبيرا في حياة الانسان، وهؤلاء الذين بنوا الكويت يجب الا ننساهم وعلى الجيل الجديد ان يدرس تاريخ الكويت القديم ومتى ما اخذت من هذه الشجرة المثمرة تبني مستقبلك.
الصيدلة مستقلة عن الطب
وتحدث عن مهنته فقال: هي تحضير العقاقير الطبية، واهل الشرق من واضعي اركان هذا الفن، منهم سابور بن سهل المتوفى سنة 868، وامين الدولة ابن التلميذ المتوفى سنة 1164، والصيدلي كان يلقبونه ببائع العقاقير. واما كلمة الصيدلية فتدل وتشير الى المكان الذي تحضر او تباع فيه العقاقير،
وأضاف: من واجبنا تركيب الادوية، وتجهيز الملصقات، وكتابة الوصفات على الادوية للمرضى، وقديما كنا نركب الادوية بأنفسنا، وأما اليوم فيوفر المصنعون الدوائيون معظم العقاقير، والصيدلي قادر على تحضير المحاليل المطهرة والمراهم، وننصح الناس عند اختيار العقاقير ان تكون موصوفة من الاطباء، والا فالنتيجة سيئة، والرازي اول من اشار الى ضرورة استقلال الصيدلة عن الطب، واول صيدلية افتتحت في بغداد عام 621 هـ، 1224 م، ونظام المراقبة ادخل في عهد المأمون، واول صيدلية في الكويت هي الصيدلية الاسلامية، أنشأها المرحوم الحاج عبداللطيف الدهيم سنة 1927، والتي قامت بدور كبير، وأدت رسالة عظيمة، وهي خففت آلام المصابين، وللاسف اغلقت بعد وفاة صاحبها، وعندما دخلت الكويت قبل نصف قرن تعرفت على ظروف الكويتيين القاسية والصعبة، ولكنهم عولجوا وقضوا على كثير من الامراض عن طريق التلقيح، واول من تعاطى مهنة التلقيح الشيخ مساعد العازمي ضد الجدري، وعالجوا الجدري عام 1931، واما معالجة الاسنان وخلعها فكان يتولاهما الحلاق.
التداوي بالأعشاب
حدثنا الصيدلي احمد عادل: ان الطب الشعبي العربي والكويتي خاصة نشأ منذ زمن طويل، فكان العطار ينتزع المعلومات من الفلاحين، فكان يخرج الى البساتين والمراعي للوقوف على ما هو مفيد «فكان الطبيب الشعبي اسمه العشاب»، ومن ثم سمي «عطارا» عندما استخلص من الازهار العطرية عطرها ثم يبيعه، حتى اصبحت معظم الادوية الشعبية عطرية او من الاعشاب منها: الكزبرة التي تسمى تفاح الجان، وهناك ادوية ما زالت مستعملة منذ ايام الفراعنة والبابليين دون توقف مثل: الخل والزيت والعسل والخلة والخردل، فهي ادوية خالدة، ورغم وجود هذه الاعشاب الشعبية الا ان الاطباء وصفوا لمرضاهم نباتات بلادهم لانها افضل للصحة من المستورد حتى سمعنا الاقوال السائدة «البلدي بلدي والجلب كبوّه، فاكهة الديار تطيل الاعمار»، ولكن الادوية الطبية استعدت بتقدمها ودراستها وعلومها وتجاربها لجولة جديدة رائعة، ولكن كل ما نقوله مما سمعناه، فإن الذي انزل الداء انزل الدواء، والدواء يدفع القدر، وهناك ارجوزة صارت مثالا: «يموت راعي الضأن في جهله ميتة جالينوس في طبه». وقال: كل ما أقوله ان النهضة العلمية الحديثة، والوعي الصحي العالي لدى الناس قد أديا الى تنقية الطب العشبي من الخزعبلات، وان الطب الحديث أبان خصائص العشب وما يحويه من مواد طبية نافعة مثل: الثوم والبصل، والبابونغ، واليانسون، والفجل والجزر والخيار.
وتذكر الصيدلي د. احمد النباتات المجففة والمستعملة بكثرة عند القدماء من الكويتيين مثل: عشرج مسهل جيد للمعدة، غسل يوضع على محل الالتهاب كعلاج.
والحنة لصبغ الاطراف، والسدر للاغتسال عوضا عن الصابون، واوجاع الرأس والدوار يعالج بالكي، والزنجبيل لأمراض الصدر وطرد الغازات، وهذا الطب العشبي يعبر Folk Medicine، وعرف هذا الطب الحبة السوداء او حبة البركة وهي عشب موطنه حوض البحر المتوسط مسكن ومطهر وطارد للغازات، ومدر للبول، وهذا الريدم لتلوين الاسنان والشفاه الذي يستخلص من اغصان النباتات، وهذه الجعدة Teucrum Poliumi تفيد في علاج مرض البول السكري، وشفاء المعدة والامعاء.
الاطفائي صيدلي
وقال: بعد تخرجي في الثانوية العامة التي كانت دراستها 5 سنوات عام 1952، تأخرت فيها سنة واحدة بسبب حريق القاهرة، وانا من الذين كافحوها لأني كنت في الكشافة، واحمل رتبة الاطفائي، بعد ذلك دخلت جامعة القاهرة قسم الصيدلة بعد ان ان هدأت الاوضاع، ثم عملت في البحرية العسكرية «صيدليا»، وعملت صيدلانيا في حرب بورسعيد (العدوان الثلاثي على مصر).
وعملت على يخت الرئيس جمال عبدالناصر، كان ملكا للملك فاروق واسمه «المحروسة» وسمي ايام عبدالناصر «الحرية»، وانا المسؤول من الناحية الطبية على اليخت، وغادرنا عليه الى سوريا عام 1961، والمسؤول عليه من الناحية الفنية شاكر عبدالواحد القارح القائد الذي دمر المدمرة الاسرائيلية «ايلات»، واتذكر كان يدخل علينا الرئيس ومع مساعديه فاكهة التفاح من هدايا السوريين.
واضاف د. الصيدلاني: بعد ذلك جاءني عرض من الكويت عام 1963 فعملت في مستشفى الاميري، ثم مستوصف الدعية الذي كان من بيت عربي، وعملت في الاحمدي والمقوع والوارة والبدوية (الفحيحيل) والفنطاس، وابوحليفة، ثم الرميثية، والمستودعات الطبية، ولا انسى في هذه المناطق اخواني سلمان الدبوس (ابو تركي) والعداوين كلهم، وسعد مبارك، واخيرا عملت مديرا للادوية مع المعجل المتخصص في استيراد الادوية وتوزيعها.
غاية السعادة
وتحدث عن الدواوين الكويتية واسرها، والعلاقة التي ربطت بينه وبين اهل الكويت على الاحسان والكرم والسعادة الواقعية لا تغيرها ظاهرا وباطنا. فقال: عرفت الدواوين وذقت منها اللذة العقلية. واقول لاخواني عندما تدخلها انظر اين تضع نفسك، انك مع اناس كلهم فضائل وسعادة، لا يضيع وقتك. واذا دخلت ديوانية تجد البهجة والصفاء والنفس الناطقة والقدوة الصالحة وجلائل الاعمال. ديوانية لمّت الاهل والاصحاب، انها عادة حسنة، واتمنى من هذا الجيل ان يستمر على هذه الالفة رغم الحضارة الجديدة، مجتمع خرج العلماء والاطباء، واعرف الكثير منهم في المقدمة وما زالوا في ترابط لا مثيل له، والديوانية تلم وتجمع الشباب وتبعدهم عن الضياع.
وقال: وفي مصر عندنا ديوانية، بل دواوين من سنوات مضت تسمى «الدوار» عبارة عن غرفة كبيرة وخدماتها مستقلة عن بيت الحرم، وخاصة في الارياف، تجمع الاهال وتقام فيها الاحتفالات والمناسبات، وارفض الجلوس في المقاهي ولا انصح الشباب بها لانها مضيعة للوقت، وتجمع كل الاصناف من شارب السيجارة الى الشيشة الى الذين يتحدثون دون رقابة. ابني العزيز اجلس في بيتك مع كوب الشاي ومارس هوايتك بين اسرتك.
وتحدث بالم وحسرة عندما سألته عن الذكريات والاحداث التي مرت عليه من ثمانين سنة واكثر، قال: لم يبق لي الزمان الا القليل، وما زلت اتحسر على فراق ام كلثوم، ثومة خلقت لكل زمان حتى الذين لم يولدوا في زمانها يعشقون ام كلثوم، وحتى الزوجة تقول لزوجها انت عمري، وهو يقول لها بعيد عنك حياتي عذاب، اعتبرها رمزا لفترة من فترات الزمن، ام كلثوم غنت لكل الاجيال، وصلت الى قلوب الجماهير، هي بدأت ولم تنته، تربينا عليها، غنت للكويت، زارت ثومة الكويت بلدها الثاني عام 1968 ضمن نطاق جولاتها العربية والعالمية لدعم المجهود الحربي في مصر بعد نكسة 1967م، وقد حلت ضيفة على الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، هذه السيدة ثومة الكويت غنت ايضا قبل هذا التاريخ في الكويت عام 1963، خرج الناس ينثرون عليها العطور، وقدمت اليابان بمناسبة الزيارة للكويت فيلما مدته 12 دقيقة عنها.
وقال: من الاحداث المهمة في حياتي وفاة الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي يعتبر «عبدالله الثالث»، تولى امارة الكويت في 25 فبراير 1950، أتألم وتألمت على وفاته في نوفمبر 24 نوفمبر 1965م، عهد ازدهرت الكويت فيه، وحقق الاستقلال عام 1961، عرف عنه الادب والحنكة السياسية، وصنع الدستور، وأنشأ مجلس الامة، وتألمت كثيرا على وفاة امير القلوب، بحكمته وحنكته وخبرته استطاع ان يعيد الكويت الى ابنائه، ومن آلامي واحزاني الغزو الصدامي الغاشم على الكويت، والغدر الذي اصاب الامة كلها، هذا الغزو يحتاج الى دراسة واستطلاع والى كتابة وقصص للأجيال القادمة.
الغذاء السليم للعقل السليم
وتحدث عن ان الاكلات السليمة تعطي العقل السليم، فإنه سلامة الجسم في غذائه فقال:
يا ربة البيت انت المسؤولة عما على سفرة زوجك واولادك، لا نريد طعاما مزخرفا، ولكني انصح كصيدلي اعرف ما يضرنا وما ينفعنا، فهناك اكلات تؤذي الجسم من التركيبات والمكونات، أسأل اولادنا لماذا لا تأكلون أكلات آبائنا وأجدادنا الذين حافظوا على قواهم واجسامهم، مثل، الباجلة الطازجة، ومجبوس بلحم الغنم، والبرياني الطازج من كل شيء ومرق البامية، لماذا لا نأكل الكبوط؟ ولماذا لا تأكل يا ولدي الدولمة او محشي البصل؟ وفي وجبة العشاء اطلب من والدتك الحميس والهفتاني، والشبزي، والمربين والميدم.
وقال: لنبتعد عن الالوان والاكلات التي عرفت بالمدنية والتطور التي ضحيتها اجسامنا، والاولون عاشوا فوق المائة سنة لأنهم اكلوا الخثرة، وامحمر، ومطبك سمك، وملتوت، وهريس وجريش، وبثيث، اكلات لها تاريخ وجولات في حياتنا، يجب الا نبتعد عنها، لا ننسى محروك صبعه، وعصيده، وتشريب لبن، ومدكوك، عندنا دقوس صبار الطازج، ودقوس طماطم، لماذا دقوس انتاجه والانتهاء لمدة 3 سنوات، أكلات لها قيمة غذائية مثل: البرحي ــــ ابريم ــــ سعمران... الخ.
أين كوارع الجاموس، ولسان الخروف؟ وأين الفول البلدي والمشلتت والكبة النية مع الصنوبر؟ كل ما أقوله «الخروج من الطبيعة مضر».
أعد العدة للمغادرة
قال عادل الشيخ: بعد نصف قرن، بدأت أعد نفسي وأولادي لمغادرة الكويت، ولا أنسى الرفق الطيب الذي زان حياتي، وأنا أحببت أهل الكويت فهم رفقائي، وإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق، ومن يحرم الرفق يحرم الخير كله، والرفق مع إخواني في الكويت خلال نصف القرن كما قالوا «الرفق نصف العيش»، هم حسنوا صحبتي، وأنا حسنت صحبتهم، أولادي في القاهرة وأحفادي بحاجة لي، وأريد أن أعتزل، وأكتب مذكراتي، وأمارس الرياضة والكتابة في نادي الجزيرة، أصحابي كلهم أحيلوا الى التقاعد (المعاش).
وقال: أنصح إخواني وأبنائي في الكويت ألا تختلفوا مع الحكومة والمجلس، وأتمنى أن يكون مجلس الأمة تشريعيا لا يفرق بين المواطنين، أسماء تسمعها، جاءت متدينة تسمعها، ولا أعرف من أين جاءت هذه المسميات، وهذه الأسماء عندنا في مصر، أنصحكم ان تحافظوا على الكويت كشعب واحد، فليلتق. هذا بهذا فيمتزجان ويتحدان في إنسان واحد هو المواطن، وليعلم الجميع ان حب الوطن = حسب المواطنين، أخي الكويتي والمصري والعربي والمسلم لا تنظر الى ما يقدمه الوطن، بل ما تقدمه للوطن، والمواطن الصالح إنسان مصلح.
وفي الختام، قال أحمد الشيخ: لي كلمة أخيرة وأنا أغادر هذا البلد، وأغادر اخواني من آل المعجل:
«جفونا في حرقة وخضوع
وافتراقنا والليل يرخي سدولا
فوق ليل الفراق بين الضلوع».
وانها لحظة تفوق جميع العمر، يا ليتها من دون انتهاء، وإن قدر الله وشاء موعدا آخر لأحلى اللقاء.
• عبداللطيف الدهيم اول صيدلي في الكويت • الصيدلي يحضر العقاقير الطبية القبس
من محكمة إلى بريد.. ومن التصوير إلى بيع السمبوسة كشك مبارك قصة صمود عمرها 112 سنة
• كشك البوسطة مدخل سوق الخضرة
أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه. ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي. «القبس» شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية..
موضوعنا اليوم عن كشك مبارك، حيث التقينا للحديث عنه محمد جمال ومبارك حسين، اذاستهل الاخير حديثه بالقول: أكثر من سبعين سنة وأنا بين سوق الخضرة والدهن والحلوى، أي الأسواق القديمة، خصوصا سوق التمر الحالي الذي أعمل فيه ببيع الاراضي والعقارات، ويسمى في الكويت «دلال» أي السمسار. وأبرز ما في هذه الاسواق القديمة، وفي مدخل سوق التمر حاليا، هو كشك مبارك، أي الكشك الذي بناه المغفور له الشيخ مبارك الصباح، رحمه الله، في اوائل ايام حكمه عام 1897، وكان له سلم خارجي للصعود والنزول.
وقال: هناك من يقول ان هذا السوق كان يسمى بسوق الخضرة، وبالقرب منه سوق التناكه القديم جنوب سوق التمر.
كشك.. قصر حكم
اضاف ابو حسين: كشك هو تصغير لقصر او المكان الذي يحكم فيه وتصدر منه القوانين والاحكام، واول من كان يصدرها في كشك مبارك الصباح هو المغفور له الشيخ عبدالله الجابر بن عبدالله الصباح الذي تولى رئاسة المحاكم فيه (كشك) 1927، ثم تولى الاوقاف والايتام والمعارف والتربية، ووزارة التجارة والصناعة، رحمه الله، كان من مواليد 1898، وتوفي في 18/9/1996.
وقال: كلمة كشك تركية وفارسية تعني «نكهبان» اي الحراسة، وفي بعض الدول تعني الكلمة.. ماء الشعير، والكشك بمعنى ايضا طعام يتخذ من فقيع البرغل باللبن، والكشك يعني ايضا: روانف بارز، وحاجب العين، وطابقا مبنيا من الخشب، وهذا ما نقصد به في الكويت، وهو كشك مبارك، وكشك دكان متنقل من الخشب (جمعه اكشاك)، لقطة اجنبية تعرف باسم Kosil، وكشك البوسطة اي مبنى للبريد القديم داخل المدينة وهو كشك مبارك، وهناك كشك آخر في الحي القبلي عرف واشتهر باسم كشك الصقر (ديوان الحاج حمد عبدالله الصقر، اتخذ مقرا لمجلس الامة التشريعي سنة 1938).
وقال ابو حسين: كشك مبارك الصباح استغل في القديم ايضا مقرا للحراسة بجانب الاحكام بعد نقله من سوق
السلاح، وكان برئاسة الشيخ «صباح الفاضل الصباح» الذي عين اول رئيس للحراسة عام 1917، واطلق عليه «صباح السوق» لتجوله بنفسه في الاسواق، ومتابعة الحراس، توفي رحمه الله عام 1972 عن عمر يناهز 110 سنوات وفي حياته عين اول مسؤول على الحراس عبدالله جميدار من اخواننا البلوش. اضاف مبارك بوحسين: اكثر الحراس كانوا يقضون اوقاتهم اثناء الحراسة بــ«حبك الحبال» اي دمجها، ويسمى الفتال اي من يقوم بفتل الحبال من الياف النخيل، ومن الكمبار وهو ليف ثمرة الناريل «جوز الهند».
جيران الكشك
وتذكر ابو حسين ما كان يراه من سبعين سنة في هذه المنطقة حول كشك مبارك، فقال: كنت امشي من منزلنا في دروازة العبدالرزاق «فريج القروية» (اي الكرويه) حتى الكشك فاشاهد عماريات تلك السقفيات الهرمية الواحدة منها تسمى «عمارية» تشبك بالجريد والخوص او الخياش، وتكون على شكل 8، ويجلس تحتها البائع والحلاق للوقاية من اشعة الشمس، والعمارية لفظة عربية وانا كنت احلق بــ«آنتين» عند عزيز مراد، واحيانا حلاقي حسين عبدالسلام ووالدي كان يعطيني 3 آنات احلق باثنتين والآنة الباقية اشتري فيها نخي وباجلا، والعمارية كانت بالقرب من سبيل ابن دعيج. قال: ومن جيران الكشك صيدلية عبدالاله القناعي تحت الكشك، وبالقرب منه معمل بقصم لصاحيه «سلمان البقصمي» الذي كان يصنع البقصم من البيض والسكر والطحين، وكان البيت الكويتي لا يستغني عنه حيث يؤكل مغموسا بالشاي والحليب.
وتذكر ابو حسين رجلا من اهل بادية الكويت ذهب عند الشيخ عبدالله الجابر وهو جالس في الكشك اشتكى على بائع البقصم لأنه تلفظ عليه بكلمات غير لائقة، فاستدعاه الشيخ ليعاقبه، ولكن تدخل معزبه السلمان انقذه من العقاب، وكان عبدالله الجابر يتقن الفارسية.
وبالقرب من كشك مبارك 4 محال تناكة، أي الذين يصنعون الأواني المنزلية من صفائح الحديد الرقيقة، وسوقهم يسمى بسوق التناكة، وتحول فيما بعد الى سوق الجت (البرسيم)، ومن الباعة: يوسف التناك، بلال محسن، مندني الحلاق، بوعلي، وأشهر ما كانوا يعرضونه: القمع، الطرمبة لسحب الكيروسين، وسراي الكنديري، المنقاش، البمبو، الكول، أنبوب لحفظ الوثائق، الطشت، السطل، المقص، السندانة، المرزام، وبالقرب من الكشك أو تحته الطابق الأرضي محل حمد العجيل الذي ما زال يعمل ببيع السمبوسة والشباتي، وأكلات هندية خفيفة ومساحة الكشك تقريبا 30 مترا مربعا، وكان إيجار المحل روبية واحدة تعادل 75 فلسا، والذي كان يستافي أي يستلم الإيجارات بن عسكر وأحمد أبل.
وقال: كنت أشاهد الشيخ أحمد الجابر الصباح يمشي من قصر السيف الى الكشك، وكما قال عمي ان عربة الشيخ خزعل كانت تصل الى قرب الكشك ثم يكمل خزعل مسيره ماشيا الى الكشك، وسائق العربة كان أحمد عيد.
بوسطة الكشك
والتقينا أيضا محمد عبدالهادي جمال الذي تحدث عن انتقال المحكمة الى ساحة الصفاة، وتحول كشك مبارك الى مكتب للبوسطة (بريد) في فبراير عام 1942 في الدور العلوي، بعد ان كان بجانب مكتب المعتمد البريطاني، ومن ثم انتقل البريد الى منزل «جاشنمال» خلف ساحة الصفاة الجهة الشمالية عام 1941، وسمي مكتب البريد بـ«كشك البوسطة»، كما كان يسمى بريد الصفاة، وبريد الجمرك.. الخ.
وقال جمال: من الذين عملوا في كشك البوسطة (البريد) جاسم حسن عبدال المعروف بـ«جاسم البوسطة»، وخلف حسين التليجي، وكلمة «التليجي» مشتقة من «التل» التي كانت تطلق على البرقية ومشتقة من Telegram، بينما البوسطة مشتقة من كلمة Post الإنكليزية وتعني «البريد»، وحمد عبدالله الحميدي من الأوائل
وكان عدد العاملين في المكتب من 5 الى 6 افراد، وازداد العدد بعد ذلك الى 15 من الباكستانيين والهنود والايرانيين، واستمر العمل بالكشك الى ان تم نقله الى منطقة الجمرك على ساحل البحر في يوم 7 فبراير 1952.
عكاس الكشك
ويقول جمال: العكاس هو المصور وتعتبر هذه المهنة من المهن الحديثة على الكويت حيث قدم الى الكويت اول مصور في عام 1935 ويدعى الاسطى بدر وهو سوري الجنسية، اتخذ من بيته الواقع في الصفاة مقراً لعمله.
وقبل ذلك عرفت الصور الفوتوغرافية من القنصلية البريطانية بلصق صور المواطنين على جوازات السفر المؤقتة.
اضاف جمال: وبعد ان انتقل البريد من الكشك تحول الى مصور لمدة سنوات طويلة وكان ارمنيا يعرف بــ سهيل، وقد بقي حتى نهاية الستينات ومن ثم اغلق المحل، وبقي الكشك صامداً في الدور الارضي منذ 112 سنة.
وقدم لنا محمد جمال عدداً من الصور النادرة احداها التقطت عام 1949 لموظفي مكتب البريد البريطاني في الكويت في مقره الكائن بالكشك (الواقع عند مدخل سوق الصرافين).
واخيراً قال جمال: هناك كشك آخر شيده الشيخ مبارك الصباح المعروف بــ «الكشك الجنوبي» استخدم كمقر للبلدية في السنوات الاولى لتأسيسها قبل تشييد مبنى البلدية القديم في ساحة الصفاة
• مبارك حسين • محمد جمال • طرف سوق التناكة وفي الاعلى بقايا كشك الشيخ مبارك • سوق الماء.. ويبدو كشك الشيخ مبارك الصباح • كشك البلدية الصف الاول (جلوسا) من اليمين الى الشمال: محمد عظيم جوندال، باكستاني (موظف بقسم البريد) - لال بخش، باكستاني (مفتش قسم البرقيات) - ه. س. بريتيش، بريطاني (ناظر البريد - البحرين) ـ د. هـ. موريس، هندي (مساعد ناظر البريد - الكويت) - زين الدين. س. باركر، باكستاني (موظف في قسم بيع الطوابع).
الصف الخلفي (من اليمين): حسين علي حسين، كويتي (قسم التوزيع - البريد) توفي اثناء عمله بالبريد عام 1952 - صالح حسين خاجه، كويتي (قسم التوزيع - البرقيات) - محمود ابل، كويتي (قسم التوزيع - البرقيات) - غلوم محمد حسين
صورة يوم خرجت الكويت استنكاراً لمطالبات «الزعيم» ويوم تبرعت لمن أطاح بـ«الزعيم»
يرفعون علم الكويت وصور عبدالله السالم استنكارا لتصريحات «القائد الاحمق»
مجموعة من الصور التقطت يوم 27ــ6ــ1961 في الكويت احتفظ بها السيد بدر ناصر الغريب، أهداها لـ «القبس» بعد زيارة لرئيس التحرير الاستاذ وليد النصف.
التعليق على كل صورة كتب بخط اليد فحواه ان اهل الكويت خرجوا في ذاك اليوم المشهود بعد ان عقد عبدالكريم قاسم مؤتمرا صحفيا في مقره الدائم في وزارة الدفاع ببغداد يوم الاحد 25ــ6ــ1961 حيث طالب فيه بضم الكويت الى العراق على اعتبار انها مقاطعة تابعة للبصرة!، في اعقاب اعلان استقلال دولة الكويت وترحيب العالم بذلك.
التظاهرات جابت الشوارع وهي ترفع علم الكويت ذا الراية الحمراء وصور الشيخ عبدالله السالم الصباح تستنكر وتطالب بالرد على تلك الادعاءات والمزاعم الباطلة والتهجم الارعن على الكويت.
اطيح بـ«الزعيم» يوم 8 فبراير 1963 اثر انقلاب عسكري قاده حزب البعث ليتسلم السلطة ويسحل ما تبقى من اثر له، وتفتح صفحة جديدة وبيضاء بين البلدين في الفترة الممتدة ما بين 1961 و1963.
بعد الانقلاب شهدت العلاقات حالة من التوافق حين بدأ قادة النظام الجديد اصدار بيانات مطمئنة، مما دفع دولة الكويت الى ان تطلب سحب قوات الامن العربية التي اكملت الانسحاب يوم 20 فبراير عام 1963، وفي جلسة الجمعية العمومية للامم المتحدة في 14 مايو 1963 صدر القرار الدولي بقبول الكويت عضوا في الامم المتحدة لتصبح الدولة الحادية عشرة بعد المائة.
استجابة الشعب لتلك التغيرات ظهرت في اعلان نشرته «دنيا العروبة» بتاريخ 23 مارس 1963 تحت عنوان «نداء الى كل مواطن (...) ساهموا في انجاح اسبوع شهداء حرية العراق» بعد ان تخلص من الطاغية الاحمق عبدالكريم قاسم وقام الشعب العراقي بتصحيح الوضع المنحرف ليزيل عنه كابوسا اثقل كاهله لسنوات.
والدعوة الموقعة من سكرتير لجنة الاندية لجمع التبرعات هو فيصل الفليج الذي اشرف على تشكيل لجنة عليا من نوادي الكويت الثلاثة وهي نادي الكويت الرياضي ونادي القادسية الرياضي والنادي العربي، مهمتها جمع التبرعات من الشعب العربي في الكويت.
الساحات والشوارع تغص بالسيارات والمواطنين يوم 27ــ6ــ1961
بقلم: بول ايدوارد كيس
زار الصحفي بول ايدوارد كيس الكويت في عام 1952 حيث أجرى تحقيقاً مصوراً لمشاهدته في تلك الفترة من تاريخ الكويت نشرته مجلة ناشيونال جيوغرافيك في عدد سبتمبر 1952.
ويقدم كيس في تحقيقه لمحة لمجتمع الكويت في لحظة كانت تشهد البلاد فيها تحولاً عميقاً مازالت آثاره ماثلة إلى الآن أمام أعيننا. والتقط بعينه الصحفية اللماحة ما كان يدور في تلك المرحلة من تحولات في مجتمع الكويت المحافظ كان يشهدها وهو يتجول في أنحاء البلد.
وكان كيس قد أقام في الكويت في عام 1942، وفق ما ورد في حديثه حول أسواق الكويت، ولكنه لم يورد أي مقارنة فيما بين ما كانت عليه الأمور في تلك الفترة وزيارته للكويت في عام 1952، سوى قوله إن توافد الغربيين غيّر كل شيء.
في ركن من الصحراء الغربية التي لا ترحمها حرارة الشمس ظللت أراقب ثورة تتقدم خطاها.
وهي ثورة سلمية. والنضال الوحيد الذي يدور فيها يجري فيما بين الإنسان وأعدائه القدماء أي الوقت والمسافة والمناخ.
وقد بدأ الإنسان يحقق النصر والمكافأة التي حصل عليها هي النفط في شكل الملايين من براميل النفط من أحد أغنى الحقول في العالم.
ويقع هذا الأمر في الكويت المشيخة الواقعة تحت الحماية البريطانية في الطرف الشمالي الغربي للخليج العربي. وتقل مساحتها قليلاً عن مساحة ولاية نيوجرسي، حيث تبلغ مساحتها حوالى 6 آلاف ميل مربع، وتحيطها جاراتها إيران والعراق والمملكة العربية السعودية ومنطقة محايدة.
وتنتج شركة نفط الكويت من خلال حوالى 135 بئراً ما يقارب 800 ألف برميل من النفط يومياً. وتمتلك مؤسسة نفط الخليج وشركة النفط الانغلو - إيرانية عن طريق الشراكة إدارة العمليات.
ويبلغ إجمالي احتياطي الكويت المكتشف تحت الأرض 16.000.000.000 برميل أو نصف إجمالي احتياطيات الولايات المتحدة تقريباً.
الكويت تصبح ثرية فجأة
والأثر الأكثر وضوحاً لهذا الازدهار هو التضخم المفاجئ لدخل الكويت بوتيرة تقدر بحوالى 150 مليون دولار في العام.
ونصيب المشيخة يبلغ 50 في المائة من أرباح شركة نفط الكويت.
ومن خلال أعراف الحكم الوراثي، فإن هذا الدخل يذهب إلى الحاكم المطلق صاحب السمو الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي بات بالتالي أحد أكبر الأثرياء في العالم. وإذا رغب في إنفاق ذلك المال في شراء اليخوت والقصور أو اسطبلات خيول السباق أو حفظه بكل بساطة في حوزته. ولا يستطيع أي أحد أن يعترض على ذلك.
غير ان سموه اختار استخدام تلك الثروة الطائلة لمنفعة مواطنيه كافة. فمن خلال برنامج طموح من المشاريع العامة شرع الحاكم في بناء مجتمع نموذجي في منطقة متخلفة ومهملة من العالم.
وطوال سنوات إقامتي في منطقة الشرق الأدنى لم أشهد البتة تحولاً أكبر من ذلك.
فقبل سنوات قليلة كان مواطنو هذه المشيخة المغمورة البالغ تعدداهم 170 ألف نسمة يعملون في مهن ظلت تمارس عبر السنين في مجال الغوص لاستخراج اللؤلؤ وصيد السمك والسفر على متن السفن التجارية، وبناء السفن والعاصمة الكويت كانت تعرف بصفة عامة.
بأنها محطة ونقطة التقاء طرق القوافل وكمرفأ عميق للسفن الشراعية.
وقد منح هذا الوضع الجغرافي المثالي والضوابط الجمركية المتساهلة الكويت فرصة التحول الى نقطة مرور للعديد من الانواع المختلفة من البضائع والسلع التي تنقل فيما بين اوروبا وآسيا وافريقيا. والآن، وبعد قرون من استمرارها كمركز تجاري عادي تحوّلت الكويت الى مدينة مزدهرة تماثل ما حدث في مناطق جنوب غرب اميركا الغنية بالنفط.
وفي الشوارع ترى المواطنين بملابسهم الفضفاضة يسيرون في هدوء بجوار اميركيين واوروبيين يرتدون البدلات التي تشي بأنهم من رجال الاعمال او ملابس الكاكي التي تحمل أثار العمل، وتجد اللكنات من تكساس واكلاهوما ولندن وزيورخ تختلط باللغة العربية. وتبتعد الجمال والحمير عن الطريق لتفادي السيارات الاميركية وجرافات نقل التربة. وفي المرفأ ترسو المراكب القديمة التي تمر بجوارها ناقلات النفط.
حيوات قديمة بجوار الجديدة
بعد مغادرة عصر الآلة، حيث المنشآت النفطية في الاحمدي وبعد المرور عبر البوابات المصنوعة من خشب التيك التي يتم العبور منها عبر السور المبني من اللبن البالغ طوله 15 قدما وجدت خليطا غريبا من الجديد والقديم. فهنالك البدو بملابسهم وازيائهم التقليدية يختلطون بالكويتيين ممن يرتدون الازياء الغربية التي يجري تفصيلها في بغداد على نمط احدث الموضات الانكليزية. وسيارة ستيشن واغون جديدة لامعة عليها شعار لشركة طيران تقف امام متجر جديد يحتوي على «سجاجيد» هندية وطاولات وكراسي اميركية وديكورات من خشب التيك.
وعبر ميدان السوق المركزي الذي يطلق عليه اسم الصفاة رأيت غابة من الرؤوس، حيث يجلس رجال ينتمون لعدة دول يجلسون على مقاعد مرتفعة يحتسون القهوة والشاي.
وتجد الايرانيين والعراقيين والبلوش والهنود والنجديين والحجازيين والعمانيين والعرب القادمين من كل ارجاء الجزيرة العربية يتبادلون الحديث حول الاعمال التي يقومون بها او تلك التي يأملون في الحصول عليها في هذه المدينة المزدهرة.
إزالة المساكن لتوسيع الشوارع
وفي «شارع الأعمدة» يوجد مكتب ادارة الاشغال العامة الكويت الذي يضج بالعمل. وهنا يوجد اخو الحاكم غير الشقيق الشيخ فهد السالم الصباح يشرف على العمل الجبار الهادف لإحداث تغيير تام لوجه الكويت.
وعلمت من احد المهندسين في المكتب ان العديد من المساكن تتم ازالته لتوسيع الطرق وتحسينها. كما جرى تمديد خط انابيب لمسافة اميال لتوزيع المياه المحلاة النقية من محطة تحلية المياه الجديدة التي تنتج 1.200.000 غالون من الماء يوميا.
وتجولت في احد الشوارع الجديدة ونزلت من تلة مرتفعة نحو ميناء الشويخ الذي بنته الحكومة حديثا. ووجدت المخازن الجديدة اللامعة تستقبل الشحنات.
وداخل المرفأ المحمى شاهدت المئات من المراكب الشراعية راسية في الارصفة المشغولة او واقفة بمرساتها. ومعظمها من الابوام، وهذه السفن تجلب الى الكويت افضل المنتجات والبضائع الهندية والافريقية والمواد الاولية.
المراكب تحمل شحنات غريبة
وأثناء مراقبتي لانزال البضائع والشحنات في الميناء الجديد ادهشتني البضائع الغريبة، فقد كانت هناك ثلاث سفن تشحن بأكياس نوى التمور. وكانت تلك الاكياس تعبأ وتوزن بجانب السفينة ويعاد بيعها كعلف للحمير والخراف. وكانت سفن اخرى تمتلئ بربط ثقيلة من سعف النخيل.
والنوى والسعف يأتي جنوبا من شط العرب جنوب غرب البصرة والطابوق المربع ذو اللون الاصفر يأتي من ايران
وهنالك الزجاجات المصنوعة يدويا التي تجلب ايضا من ايران، وقد تمت تعبئتها بثلاثة الى خمسة غالونات من عصير الفواكه لاضفاء نكهات للشاي والتمور المجلوبة من البصرة وما جاورها تتكدس في اكوام عالية على متن العديد من السفن.
ودائما ما توجد في اسفل سفن نقل التمور برك صغيرة من الدبس المخلوط بالحصى والرمل والذباب وتجد الاطفال يملأون الجرار والعلب بتلك العصارة الداكنة اللون.
كما شهدت عدة سفن تشحن بالصدف المطحون المخلوط بالرمل، ويحمل الرجال هذا الخليط في قفاف على رؤوسهم ينتظرون الشاحنات والحمير، ويقوم البعض بتوزيع هذه المادة على الرصيف والمرفأ لتسوية الطرق الجديدة.
وفي خضم هذا النشاط نشر شراع ضخم على ارضية المرفأ الجديد وكان خمسة رجال يقومون بخياطة الشقوق الكبيرة التي كانت فيه.
ومع اقتراب الظهيرة تشب المواقد التي تعد الجهاز الاساسي في كل بوم من الابوام.
ويجلس الرجال القرفصاء في وقت لاحق حول الاطباق التي يخرج منها البخار، وقد امتلأت بالارز والمرق المبهر ووضعت على صوان زاهية اللون، واشاروا اتجاهي قائلين «تفضل» ومن بين البحارة ايرانيون يدخنون الشيشة.
ونادرا ما تشاهد النساء الكويتيات بالرغم من ان البعض منهن يعملن في بيع الدجاج الموضوع في اقفاص او في مجال خياطة الملابس التي تجلب لهن لاصلاحها.
ويبدو ان البعض منهن يأتين الى المرفأ لرؤية قوارب ازواجهن او آبائهن وكن يرتدين افضل ثيابهن والحلي الذهبية وقد غطين وجوههن ويرتدين خواتم فضية في اصابع القدمين، وحجول من الفضة، وهن يسرن معا في مجموعات صغيرة وتتحدث كل منهن فقط الى زوجها عند وصولها الى سفينته.
الصغار يصنعون ألعابا ميكانيكية
يلعب الاطفال البلى (التيل) بين مخازن السفن ويرسمون خطوطا مستقيمة على الرمل بأصابعهم لمساعدتهم في ارسال البلية في خط مستقيم.
وهنالك البعض ممن لديه لعب مصنوعة من علب الصفيح، واحدى هذه اللعب شاحنة جيدة الصنع ولعبة اخرى مكونة من مجموعة من العجلات الخشبية على محور محمول فوق عصي، ويمكن استخدام اليد كرافعة لتحريك المحور، وهي فكرة ذكية من صبي في العاشرة وقد ابلغني بفخر انه صنعها بنفسه.
أبواب مثل مقتنيات المتاحف
ومن الميناء عدت الى المدينة عبر منطقة سكنية من بيوت طينية، والبيوت القديمة جميلة في بساطتها، غير ان الابواب المصنوعة من خشب التيك اثارت دهشتي، فهي منحوتة يدويا ومزينة بمسامير كبيرة وضعت في انساق خاصة، وبها اقفال خشبية كبيرة في شكل فرشاة اسنان.
ووجدت نفسي اطالع الابواب، بابا بعد الآخر، والابواب الكبيرة غالبا ما يكون بها آخر صغير في احد الضلفتين والبعض منها يحمل التصميم ذاته كتلك التي نجدها في مؤخرة السفينة الشراعية.
والعديد من الابواب بها ايد للقرع مصنوعة من النحاس كتلك المصنوعة في اصفهان.
والمساكن الجديدة تحمل آثار البصرة وبغداد، فهناك الشرفات وبلكونات الطابق الثاني ومظلات الشبابيك واشكال الطابوق الاسمنتي وابواب على نمط ابواب البصرة التي تظهر ارتباط الكويت بمدن وادي دجلة.
وكنت احب السير في الشوارع الخالية في الليالي القمرية عندما يكون الليل ساكنا ويمر بجانبي بعض العرب الحفاة، وقد تعطروا بالصندل او عطر الزهور وهم يلقون تحية المساء بصوت خافت، وقد ارتدوا بشوتهم المزينة بالخيوط الذهبية والمصنوعة يدويا وغترهم البيضاء تلمع في ضوء القمر. وشاهدت برجا ضخما للتهوية وكالذي تجده في نائين ويزد في ايران وهذه الابراج ترتفع كطابق اضافي اعلى من سقف المبنى، وهي ابنية ضخمة مربعة الشكل كبيت المصعد وهي تلتقط الهواء المنعش من اي اتجاه.
ويعتبر هذا شكلا بدائيا من اشكال تكييف الهواء يعود الى آلاف السنين، وقد نمت ذات مرة في يزد في غرفة يجرى تبريدها بمثل هذه الابراج الا انني تغطيت ببطانية طوال الليل، فيما اصدقائي الذين ناموا في غرف اخرى احسوا بان الليل كان دافئا.
أعمدة أشرعة السفن تساعد في بناء المساكن
في الكويت تجد الطابوق الاصفر المستورد من ايران احيانا ما يشكل بالطريقة ذاتها كما في طهران والاهواز وكرمان أو اي مدينة ايرانية اخرى.
وبعض المساكن الجيدة قيد التشييد يظهر بها استخدام مواد مثيرة للاهتمام، فاعمدة اشرعة السفن القديمة التي تم التخلص منها تحولت الى عوارض خشبية للسقف وبعض الاعمدة تم تقطيعها واستخدامها كاطارات للنوافذ والابواب، والصخور المرجانية وحتى الطين يستخدم مرة اخرى في بعض الاماكن.
ووصلت فجأة الى الطرف الغربي لسوق الكويت واصبحت فورا جزءا من التجمهر والضجيج الذي يتعارض والهدوء السائد في المنطقة السكنية التي تركتها للتو وكانت النساء بالعباءات السوداء ومغطيات الوجوه يجلسن على قطع اسمنتية وامامهن قطع الملابس مطوية ومرتبة بعناية.
ومعظم النساء لديهن قطع ملابس جديدة وقديمة من تلك قمن بخياطتها او اصلاحها غير ان بضاعتهن تضم كل شيء القديم والجديد والمفيد وغير المفيد.
واشتريت من احدى النساء المنقبات براد شاي صغيرا من النحاس، وعندما اشرت اليه اسأل عن السعر ترددت المرأة قليلا ورفعت زوجا من السراويل الداخلية من المسولين المطرز وبدرت منها ضحكة مكبوتة وانطلقت مني ضحكة وقلت لها «لا ، براد الشاي» ولم ادخل معها في جدل حول السعر اذ كان روبية واحدة، وهزت رأسها في استغراب عندما اخذت ما اردت وذهبت.
من شمعات الاحتراق إلى زجاجات العطر
وتبدو الاغراض التي تعرضها النسوة بانها لا نهاية لها، فهناك الفساتين واغطية الرأس والسراويل الداخلية وملابس الاطفال والبراغي والخرز والمرايا والطوقي (القحافي) والمعدات وشمعات الاحتراق واكواب الشاي والقهوة والاقفال والمفاتيح والحلوى ومرشات ماء الورد وزجاجات العطر (المليئة والفارغة) وغير ذلك.
وبعيدا عن هؤلاء البائعات تجد المحلات مليئة بالمواد المستوردة من العديد من اجزاء العالم وفي احد المحلات حصائر معلقة فوق بابه وهي مصنوعة من القش، مربعة الشكل وملونة، وهناك مراوح يد مصنوعة من سعف النخيل بيد من اغصان النخل.
وبعض المحلات فيها أدوات المطبخ وآنية من الالمنيوم واطباق تشيكوسلوفاكية ويابانية مطلية بالمنيا، وعطور من الهند وحلوى وعلكة اميركية وملابس وبطانيات ومجموعات مختلفة من الخيوط من القطن والحرير والنايلون، والابر وشمع النحل وغير ذلك.
ومحلات بيع المواد الغذائية غالبا ما تكون في وسط بقية المحلات. وتجد الشاي الهندي والسيلاني والسومطري (الانواع السائدة)، بالاضافة الى التمر والارز والطحين الاسمر والفاصوليا والقمح، والزعفران والسكر والطاري والملح الطبيعي والفلفل الجاف وعلب السمن.
الباعة يعرضون الملابس المستعملة
بالقرب من الشارع الجديد الرئيسي اقيم مزاد للملابس المستعملة. ويحمل الرجال جاكيتا او اي قطعة ملابس فوق اكتافهم ويعرضونها امام تجمع المتسوقين ويصيحون عليها بالسعر المطلوب.
وتتلقى الكويت كميات ضخمة من الملابس الاميركية المستعملة. وتجد البدلات والجاكيتات المصممة على يد ترزية مشاهير في مثل هذه الاسواق. وكان رئيس عمال وظفناه ذات مرة لديه معطف من محل مشهور في نيويورك.
وتأتي هذه الملابس من اميركا في بالات ويجري اعادة فرزها وبيعها الى التجار الذين يأخذونها عبر الصحراء الى نجد، وعبر الخليج الى ايران، والشمال الغربي الى العراق، والكثير منها يباع في الكويت ذاتها.
وهنالك الصناديق القديمة المصنوعة في الهند والمزينة بالمسامير والمقابض النحاسية مكدسة في محل او محلين. وقد اعجبني احد هذه الصناديق الجميلة. وساومت صاحب المحل ولكني لم استطع اقناعه بتخفيض السعر اقل من 250 روبية (52.50 دولارا).
وقد رأيت مثل هذه الصناديق تباع بمبلغ 150روبية عندما كنت اقيم في الكويت في عام 1942. وتوافد الغربيين غيّر كل شيء.
وعلق احد المحلات لافتة كبيرة تقول «بنسلين للبيع». وكنت قد سألت في البصرة ذات مرة صيدليا عن اكثر المواد التي يبيعها فاجاب «صبغة الشعر السوداء، ادوية المعدة، ومحفزات تجعل الشخص المسن فحلا». وقال لي الصيدلي في الكويت الامر ذاته، مضيفا حبوب الفيتامينات.
وفي مركز السوق يوجد مكتب البريد واشتريت منه عددا من الطوابع البريدية التذكارية الكويتية الخاصة بالاولمبياد.
وخلف مكتب البريد شارع به محلات بيع الاغذية والخضروات، وتعرض معظم المحلات التمور التي تجلب من البصرة، وهنا تجد الرمان والبطاطس المستورد من ايران، والقرع الكبير من البصرة او الزبير، والبصل من ايران، والفلفل الحار من شمال البصرة، والبرتقال والليمون من بغداد، والعديد من الاشياء الاخرى مثل الشمار الذي يجلب من صفوان القريبة.
حاكم الكويت ومستشاروه ورجال النفط يتفقدون مرفأ تحميل ناقلات النفط
تستطيع محطة ميناء الأحمدي الكافية لرسو ثماني ناقلات تحميل اكثر من مائة الف طن من الخام كل 24 ساعة. الشيخ عبدالله السالم (بالبشت الأبيض) يسير مع ال - تي جوردان (بعيدا الى اليمين) مدير شركة النفط الكويتية.
تأخذ ناقلات النفط حمولتها من نفط الكويت في أقل من ثماني ساعات
تبدو أرصفة التحميل في شكل هيكل من الحديد الصلب يأخذ شكل حرف T وتتوغل هذه الارضية لمسافة ميل داخل البحر في ميناء الأحمدي. وهناك حواجز اصطدام تم تطويرها لإقامة المرافئ الاصطناعية ابان الحرب العالمية الثانية لتحمل الصدمات وحماية المرفأ والسفن في حالات اضطراب البحر.
وتتراوح درجات الحرارة بين 30 و170 درجة فهرنهايت، مما يؤدي الى تمدد الانابيب التي سمكها 24 بوصة، والى انكماشها بصورة كبيرة. ولاتاحة الفرصة للحركة، تم تركيب الخطوط على عجلات تتخذ شكلا منحنيا عند رأس المرفأ.
اثنان من التجار يسيران في الشارع الجديد الذي يقع في قلب مدينة الكويت المزدهرة
يغطي الاسفلت المجلوب من مصفاة عبادان في ايران قبل اغلاقها، الطرق. وهذا المتجر تخصص في بيع السجاد واللؤلؤ بجانب الأسلحة القديمة والصناديق المزينة بالنحاس والأواني الفخارية وبعض الأغراض القديمة المختلفة.
ويرتدي التاجران البشت العربي والغترة والعقال لحمايتهما من الحر والبرد على السواء فوق السترة الغربية.
وتنفق المشيخة الملايين من دولارات النفط في تحسين الطرق والشوارع والشبكة الصحية وشبكة مياه الشرب. وقد بدأت المساكن المبنية من الطين تنهار تحت انهمار مياه الامطار وتختفي.. واخذت مكانها ابنية مصنوعة من الاسمنت.
فرقة الموسيقى وحرس الشرف في استقبال رئيس الأمن العام
تقع على عاتق الشيخ عبدالله المبارك مهمة حفظ القانون والنظام في الوقت الذي يشهد فيه بلده تنفيذ برامج تطوير ضخمة نتيجة ملايين النفط. وتقع تحت امرته قوة مكونة من 400 فرد مزودين باحدث الاسلحة.
ويبدو الشيخ عبدالله (في الوسط) وهو يرد تحية الحرس اثناء مغادرته مكتبه، ويرافقه حراس شخصيون ومستشارون وسكرتارية. ويظهر افراد من الشرطة على جانبي الدرج.
للبيع: صقربينما الآخرون مشغولون بالنفط نجد هذا الشيخ ذا اللحية البيضاء واصدقاءه يتبادلون النقاش حول صفات هذا الصقر الصغير وسماته. وهذا النوع من الطيور عند تدريبه بطريقة مناسبة يستخدم في الصيد. ورياضة الصيد باستخدام الصقور من الرياضات المفضلة لدى شيوخ الكويت.
عبدالله السالم حاكم الكويت المصلح يقضي أوقاتا طويلة في دراسة المشكلات التي نجمت عن الثروة المفاجئةنصف ارباح شركة نفط الكويت يقدر بحوالي 150 مليون دولار تدفع للشيخ عبدالله السالم. وفي مقدوره انفاقها كما يشاء ويرى، ولكنه اطلق مجموعة من المشاريع العامة لخدمة المواطنين.
ويبدو الى اليسار حراس مسلحون يقفون في حالة استعداد اثناء مغادرة الحاكم قاعة المجلس.
الى اليمين اسفل: احد المواطنين يحيي الشيخ بتقبيل يده اثناء عودته
الى اليمين اعلى: افراد من الكشافة يرفعون علم الكويت
مسنّون يلعبون الدامة على شاطئ البحر
1 - لعبة الدامة من الألعاب المفضلة لدى المواطنين
حمّال ينقل مجموعة من السجاد2 - أطنان من السجاد الإيراني الزاهي اللون تمر عبر الكويت في طريقها إلى أسواق الداخل
السفن الشراعية المصنوعة من خشب التيك ترسو في مرفأ الكويتكانت الكويت حتى قبل ظهور النفط تضم مجتمعا مزدهرا نتيجة اهمية موقعها البحري، وعبر الخليج والمياه المجاورة عرف البحارة الكويتيون بمهاراتهم وجرأتهم وبأنهم مصدر ثقة تامة.
سبائك ذهبيةتعد الكويت مركزاً لاعادة تصدير المعادن النفيسة من أوروبا إلى آسيا.. ويبدو في الصورة صبي يحمل سبيكتين من الذهب وزنهما 50 رطلاً تقدر قيمتهما بحوالى 28 الف دولار، وفق تسعير وزارة الخزانة الأميركية، ولكن يجري تداولها بسعر أعلى في السوق السوداء. والأمن مستتب للغاية حتى انه يتنقل بدون حراسة.
2 - صيادو سمك يستخدمون أصابع اليدين والقدمين في نسج شباك الصيد في جزيرة فيلكا.. ويقوم أحدهم بصناعة مصيدة سمك من أفرع واغصان النخيل.
ينفق من أجل مساعدة مواطنيه
يدخل النفط حوالى 150 مليون دولار سنوياً في الحساب المصرفي للشيخ عبدالله السالم الصباح حاكم الكويت. وهو يبقي جزءاً ضئيلاً فقط لاحتياجاته الشخصية، والباقي يصرف على المدارس والمستشفيات والطرق والمباني العامة. وأحد أهم مشروعاته إقامة محطة لتحلية مياه الشرب في البحر، وهو ما يوفر للكويت أول مصدر مائي مناسب.
كويتيون من جميع الطبقات يتوقون إلى زيادة معرفتهم يصغون باهتمام إلى محاضريقف المحاضر تحت سلة الكرة في مدرسة المباركية الثانوية متحدثاً عن الفن العربي في اسبانيا. ومثل هذه اللقاءات يحضرها الطلاب والمواطنون عامة. ويبدو ضيف الشرف الشيخ عبدالله المبارك مدير الأمن العام وابن مؤسس المدرسة جالساً في وسط الصف الامامي. ولمقامه الرفيع ظلت الكراسي الى جانبه خالية.
مدرسة مهنية تحوّل بدو الصحراء إلى عمال مهرة
لتأهيل الكويتيين لتولي وظائف في مجال النفط تدير شركة الإنتاج الانغلو - أميركية مركزاً للتدريب في المقوع. وهنا بعد تلقي التعليم المدرسي الأساسي في مواد الحساب واللغة الإنكليزية يلتحق المتدربون بدورات تدريبية تتصل بالعديد من المهن. ويقوم هؤلاء الطلاب بحل مسألة في الهندسة الكهربائية.
بناة سفن كويتيون من اساتذة الفن القديم يشكلون خشب التيك القوي كالحديد باستخدام القدوم
تُختار جذوع أشجار التيك بأطوال مناسبة لبناء اجزاء اسفل السفينة أو قاعها ومقدمها وقائم مؤخرها، وتُبنى السفينة بهذه الاخشاب الاساسية عن طريق مخطط يكون فقط في ذهن رئيس المجموعة.
عيادة طبية متنقلة تتجول في قرى الكويت
بالنسبة للمرضى ممن لا يستطعيون الذهاب إلى العاصمة توفر الدولة وحدة متنقلة أميركية الصنع مزودة بطبيب وممرضة وفني.
ويظهر في الصورة طبيب يفحص مريضا مسنا في قرية خارجية فيما ينتظر بقية المرضى دورهم، ولا يكلفهم العلاج أي شيء. وهنالك مستشفيات جديدة أحدها بيطري، وهي تعد جزءاً من استثمارات الكويت الكبرى في مجال رعاية المواطنين.
صورة ما أحلى وجبة العدس في المدرسة الشرقية
المدرسة في الخمسينات
على الباب الخارجي لمدرسة الشرقية الابتدائية للبنين توجد لوحة مؤرخة بعام 1942 وهي سنة التأسيس.
سميت بالشرقية نسبة الى منطقة شرق واتخذت من شاطئ البحر بالحي الشرقي موقعا لها. استحدث فيها قسم ثانوي سنة 1947 ولغاية عام 1953. والصورة من مقتنيات بدر الغريب اهداها الى الاستاذ وليد النصف رئيس التحرير مع مجموعة من الوثائق والصحف القديمة، وعند التدقيق في الصورة تظهر «طوفة بيت المناعي» ومن الذكريات التي يحملها الدارسون فيها انه في احدى المرات سقط طالب في «جدر العدس» من شدة التدافق والجوع عند تناولهم للوجبة اليومية التي كانت دائرة المعارف توزعها على طلبة المدارس بالمجان. وكان الفراشون هم الذين يقومون بالطبخ داخل المدرسة وفي ركن خاص وعلى مرأى من الجميع وقبل ان ينشأ المطبخ المركزي بوزارة التربية فوجبة العدس كانت عزيزة كما يقولون. يظهر في الصورة وداخل المبنى ملعب كرة طائرة وسلة.. ومسرح.
القبس
صورة ما أحلى وجبة العدس في المدرسة الشرقية
المدرسة في الخمسينات
على الباب الخارجي لمدرسة الشرقية الابتدائية للبنين توجد لوحة مؤرخة بعام 1942 وهي سنة التأسيس.
سميت بالشرقية نسبة الى منطقة شرق واتخذت من شاطئ البحر بالحي الشرقي موقعا لها. استحدث فيها قسم ثانوي سنة 1947 ولغاية عام 1953. والصورة من مقتنيات بدر الغريب اهداها الى الاستاذ وليد النصف رئيس التحرير مع مجموعة من الوثائق والصحف القديمة، وعند التدقيق في الصورة تظهر «طوفة بيت المناعي» ومن الذكريات التي يحملها الدارسون فيها انه في احدى المرات سقط طالب في «جدر العدس» من شدة التدافق والجوع عند تناولهم للوجبة اليومية التي كانت دائرة المعارف توزعها على طلبة المدارس بالمجان. وكان الفراشون هم الذين يقومون بالطبخ داخل المدرسة وفي ركن خاص وعلى مرأى من الجميع وقبل ان ينشأ المطبخ المركزي بوزارة التربية فوجبة العدس كانت عزيزة كما يقولون. يظهر في الصورة وداخل المبنى ملعب كرة طائرة وسلة.. ومسرح.
• هدسون موديل 1928 - من السيارات الفاخرة التي كانت في الكويت
إعداد: سعد الشيتي
عرف عن الكويتيين حبهم للسيارات، حيث انها تأخذ حيزا من أفكارهم، وهم من أوائل شعوب المنطقة التي عملت على استيراد المركبات، التي كانت أروع وأقرب للتحف الفنية منه الى كونها تحفا تكنولوجية، لما كانت عليه رائحة الجلود ولوحات العدادات الخشبية الغريبة. ومع استعداد الكويت للاحتفال بمرور 100عام على دخول أول سيارة الى الكويت، أعد القائمون على معرض كويت كونكور للسيارات الفارهة، بحثاً حول أوائل السيارات التي استوردتها العائلات الكويتية في السنوات التي أعقبت وصول أول سيارة للبلاد من نوع منيرفا عام 1912، العائدة ملكيتها للشيخ مبارك الصباح، والتي استعملها من بعد وفاته الشيخ سالم المبارك ثم الشيخ احمد الجابر لفترة وجيزة، حيث عمل على شراء سيارة أميركية جديدة من نوع بيوك موديل 1921.
ويشير المؤرخون الى انه خلال سنوات ما بين الحربين العالميتين، كانت السيارات تورد الى الكويت بصورة خاصة عن طريق أفراد قبل تأسيس وكالات وشركات توزيع، وكانت احدى أشهر السيارات التي تسير في طرقات الكويت من نوع بويك طراز عام 1925. وكذلك كانت هناك سيارة من نوع فورد (موديل تي) يملكها مستر كلفرلي من البعثة الاميركية.
ويشير البحث الى انه قبل قيام الشيخ احمد الجابر بشراء سيارته قام التاجر حمد الخالد عميد بيت الخالد انذاك بشراء أول سيارة خاصة بعد أن أصبح الحصول على وقود السيارات (البترول) أمرا ميسورا، حيث كان البترول فى البداية يجلب من الهند بصفائح معدنية (تنك). ثم بدأ استيراده من مصافي الشركة الانكليزية الفارسية في منطقة مسجد سليمان (عبدان ).وكانت أميركية الصنع من نوع فورد طراز 1920 وكان يقودها محمد السيد عمر.
وبعد قيام عميد بيت الخالد حمد الخالد بشراء أول سيارة خاصة وتوافر الوقود، اخذ تجار الكويت يتطلعون الى اقتناء السيارات الخاصة، حيث تبعه مباشرة الحاج شملان بن علي بن سيف،الذي بدوره اقتنى مركبة من نوع فورد استوردها عن طريق وكيل سيارات فورد فى البحرين خليل يوسف كانو في عام 1923 لأنه لم يكن فى ذلك الوقت وكلاء للسيارات فى الكويت.
ويشير البحث الى أن أول وكالة سيارات في الكويت أسست في أواخر عقد العشرينات على يد علي الكليب (الخالد) الذي حصل على حق توزيع سيارات جنرال موتورز بموجب اتفاق مع الأخوين لاوي وكلاء شفرولية وبويك وجي ام سي في العراق. وعام 1936 حصل حامد النقيب شقيق السيد طالب النقيب على حق توزيع سيارات فورد بموجب اتفاقية مع شركة عدس في العراق مماثلة لاتفاقية الكليب مع شركة لاوي.وكان النقيب، الذي انضم اليه لاحقا حمد الحميضي، شريكا قد أسس شركة نقل بري تؤمن رحلات بين الكويت والبصرة.
وبقيت وكالة فورد للحميضي والنقيب حتى عام 1960 عندما حصلت عليها شركة الشايع والصقر وظلت معها حتى مقاطعة فورد عربيا عام 1966 بموجب قانون مقاطعة اسرائيل. غير ان الوكيل الأبرز والأشهر في الكويت يظل يوسف احمد الغانم، الذي خلال فترة قصيرة من حصوله على وكالة سيارات جنرال موتورز، أصبح احد اكبر وكلاء الشركة في العالم، وكان الغانم قد بدأ خطواته الأولى في تجارة السيارات عام 1936 بحصوله على وكالة هدسون بعد عودته من الهند، حيث كان يتلقى العلم، لكن رجل الأعمال الشاب الطموح ارتأى ان فرص النجاح ستكون اكبر مع شركة صانعة غير هدسون، وفعلا حصل على وكالة فرعية لشركة كرايسلر من الوكيل الاقليمي، غير ان خلافات في وجهات النظر مع الوكيل الاقليمي دفعت الغانم الى قطع العلاقة مع كرايسلر والتفاهم مع جنرال موتورز عام 1946. وفي عام 1952 حصل رسميا على وكالة الشركات بكل ماركاتها الرئيسية وان كان تخلى لاحقا عن وكالتي «بويك» و«جي ام سي» لمحمد صالح ورضا يوسف بهبهاني وذلك عام 1967. اما كرايسلر فذهبت وكالتها إلى شركة الملا.
سيارات خاصة
ومن أوائل الكويتيين الذين اشتروا السيارات الخاصة هو حمد الصقر، وذلك في عام 1926 حيث اشترى سيارة أميركية من نوع دودج، وتبعه في عام 1927 شملان بن علي بشراء سيارة أخرى من نفس الطراز ايضا. كما قام بنفس العام الملا صالح الملا بشراء سيارة من نوع اوفرلاند أميركية الصنع. وفى عام 1928 قام تاجر اللؤلؤ كبار الطواش في منطقة الخليج العربي هلال المطيرى بشراء سيارة اميركية فاخرة من نوع هدسون. كما قام حمد الصقر بشراء سيارة أخرى غير سيارته الاولى وذلك في عام 1929 وكانت صغيرة الحجم انكليزية الصنع من نوع اوستن ليتمكن بالتجول فيها في بساتينه في البصرة.
ومن بعد سيارة الصقر وتحديدا في أواخر العشرينات بدأ بقية التجار الكويتيين بالإقبال على شراء السيارات، وظهرت أيضا في تلك الفترة سيارات الاجرة التي لم يكن عددها في ذلك الوقت يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وظلت قليلة وعددها ضئيل مدة طويلة من الزمن. وذلك بسبب ان أصحاب هذه السيارات اجبروا على تأجير السيارة بالكامل على من يرغب في استخدامها. وهذا الأمر الذي لم يرغب به الكثير من الأهالي وذلك لارتفاع قيمة الأجرة التي كانت لا تستطيع تحملها الكثير من الأسر.
ومن أصحاب سيارات الأجرة القدامى التي دخلت الكويت في أواخر العشرينات هم عبدالله السديراوي، وعبدالله المسعود، وسعود المطوع، وصالح الفهد، وعبدالعزيز الملا.
• نفس موديل سيارة حمد الصقر ويلز أوفرلاند طراز 1928 • سيارة البويك في الكويت طراز 1923 • فورد T طراز 1926 من أشهر السيارات التي دخلت الكويت وتعود ملكيتها إلى الدكتور كالفرلي • سيارة أميرية محاطة بالحراس
بمناسبة مرور عام على اصدار الجريدة الرسمية «الكويت اليوم»، اصدرت دائرة المطبوعات والنشر في عام 1955 الجزء الاول من «سجل الكويت اليوم» وفيه توثيق للأحداث والنشاطات التي شهدتها الدولة آنذاك.
احتوى السجل على مجموعة فصول، منها فصل «صور لها تاريخ» اخترنا عددا منها:
1 ــــ مناسبة التتويج لسمو الامير الشيخ عبدالله السالم الصباح مع رئيس بلدية لندن وحاكم البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة.
2 ــــ الشيخ عبدالله السالم الصباح في زيارة البابا بولس السادس في روما، وظهر رئيس تشريفات الفاتيكان والسيد عزت جعفر.
في العام الدراسي 1939 - 1940 قدمت المدرسة المباركية مسرحية «فتح مصر».. ويبدو بالصورة فريق المدرسة الذي اشترك في تلك المسرحية، وهم في الصف الأول من اليسار: إبراهيم الملا، الشيخ جابر الأحمد الجابر، عبدالعزيز الشلفان، المرحوم معجب الدوسري، علي المواش، مرزوق الغنيم، عبداللطيف أمان، المرحوم محمد المغربي (أستاذ بالمدرسة)، المرحوم عبداللطيف الصانع، إبراهيم الفهد، محمد الفوزان، سليمان الجارالله، صالح الشلفان، سليمان الصانع، صقر الغانم، عبداللطيف العمر، صالح جاسم الشهاب.
وفي الصف الثاني من اليسار: المرحوم إبراهيم المدير، عبداللطيف الكاظمي، خالد العيسى، سعود الحميضي، عبدالمحسن الثنيان، خالد الجسار (وزير الأوقاف آنذاك)، إبراهيم المقهوي، جاسم مشاري الحسن، شيخان أحمد الفارسي، فيصل سالم، عبدالمجيد محمد حسين، عبدالعزيز المسلم، حامد الشيخ يوسف العيسى، داود مساعد الصالح، عبداللطيف سيد رجب.
وفي الصف الثالث من اليسار: الدكتور عبدالرزاق العدواني، المرحوم عبدالعزيز الناصر، المرحوم عبدالله الشيخ يوسف.
وفي مقدمة الصفوف الثلاثة يبدو حسين علي وسعيد يعقوب شماس.
من قديم الكويت أول بعثة صناعية كويتية إلى الولايات المتحدة
إعداد: يوسف الشهاب
كانت اول بعثة طلابية من الكلية الصناعية قد أرسلت لمتابعة الدراسة في الولايات المتحدة الاميركية في عهد وزير التربية الاسبق المرحوم خالد المسعود عام 1964. وقد تعددت التخصصات الدراسية في تلك البعثة بين الجامعات والكليات الاميركية، حيث اكملوا دراساتهم وعادوا الى الكويت بعد حصولهم على المؤهلات العلمية في تخصصاتهم المختلفة. فكانت تجربة البعثة الصناعية ناجحة رغم حداثتها، ورغم غربة السفر وسط مجتمع يختلف في عاداته وتقاليده عن المجتمع الكويتي، اضف الى ذلك ان اولئك الطلاب قد تعلموا الاعتماد على النفس في غسل ملابسهم واعداد وجباتهم الغذائية، وتعلم قيادة السيارة التي لم يكن جميعهم يجيدونها. وخلال تلك المرحلة الدراسية قام المرحوم صالح الشهاب، وكيل وزارة الاعلام المساعد في تلك الفترة، بزيارة الى الولايات المتحدة عام 1965 في طريقه الى المكسيك، وقد التقى بالطلاب الكويتيين من الكلية الصناعية وعدد من اساتذتهم للوقوف على سير الدراسة معهم واحتياجاتهم.. والصورة عن ذلك اللقاء يبدو فيها الطلاب من اليمين الصف الاول: عبد المحسن العويرضي، محمد قاسم، ابراهيم الشريدة، يعقوب الزنكي، عبدالله بورحمة، المرحوم مرزوق الهنيدي، يوسف بورحمة، مصطفى هاشم.
الصف الثاني: مازن بدران، علي رضا، فهد العصيمي، محمد غلوم، عبدالله خليل، الاستاذ المرحوم صالح الشهاب، جاسم المناعي، احمد الروضان، سالم الشهاب، المرحوم محمد الشويع.
الصف الثالث: مدرس الطلاب الاميركي ديفيد، سليمان الحداد، سليمان الخليفي، عبد الكريم المرجان، يوسف حمزة، عبد العزيز النصار، غير معروف، حمود العثمان، ابراهيم حمزة.
الصف الاخير: مدرس اميركي، عبدالعزيز الشارخ، علي الشريدة، محمد صالح العجيري، مطلق الشريدة، جعفر كرم، ناصر الغانم، احمد العدساني وزير الكهرباء السابق، عبدالعزيز العدواني، مدرس اميركي ثم غلوم العطار.
ولدت في الحصحص واستقررت في الدمنة مرورا بالشامية مرزوق الطمار: نحن العوازم زرعنا الكويت من الدسمة إلى الصبيحية
مرزوق الطمار
أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه. ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي. «القبس» شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية..
في سلسلة «من قديم الكويت» نقلب صفحات الذكريات مع الرعيل الأول من رجالات الكويت الذين تخضرموا في مرحلتي ما قبل النفط وما بعده، وطالما أن الحنين للأيام الخوالي إلى الكويت القديمة، كويت الخير والبركة والحياة الاجتماعية المتألقة هو القاسم المشترك يجمعهم، فمن الانصاف أن نشمل معهم عددا من الوافدين من مختلف الجنسيات التي قدمت إلى الكويت قبل 40 أو 50 سنة فجاهدوا وعملوا، كل في مجالهم، ومازالوا مساهمين في ورشة البناء والتنمية، وما كان ليستمر هذا التواصل والعطاء، لولا محبتهم لهذا البلد الخير ومحبة الكويت وأهلها لهم.
في مستهل لقائنا اليوم مع مرزوق مفرح الطمار العمير قال: أنا من مواليد 1928 ولدت في الحصحص (بنيد القار) حاليا، جاء الاسم لكثرة الحصم الذي يسمى «صلبوخ» كانت غنية بهذه المادة، وكان الحصم يباع بالقدم، حيث يوضع حوض من الخشب ثم يقاس عند البيع، وأراضينا غنية بالحصم، ولدت في عشة تلك الغرفة المغطاة بالبواري والباسجيل، والجنادل، والحصران مثل غيري الذين ولدوا في تلك الفترة، ومنا من ولد في «الكبتر» وهو عشة ولكن جوانبها مبنية، كبرت وترعرعت في الدسمة في مزرعة جدي ووالدي، وسميت بهذا الاسم لخصوبة أرضها، سميت قديما منطقة (و) نسبة إلى رمزها التنظيمي على الخريطة، ولكن سكانها عادوا إلى اسمها الأصلي، الدسمة.
بني فيها أول مطار، وهبطت في عام 1932 طائرة تابعة للخطوط البريطانية خلف بوابة البريعصي (الشعب) وهناك من يقول أو ما سمي بمطار بنيد القار، وأتذكر خيمة للموظفين، ولا برج، ولا أضواء، ولا أرضية مبلطة (مدرج)، أنا ابن الفلاليح والحصحص والدسمة.
وفي عام 1950 عندما بلغت من العمر 22 سنة انتقلنا الى منطقة الشامية التي كانت قرية صغيرة تُجلب منها مياه الشرب على الحمير والجمال، فنقلت الماء عبر بوابة الشامية على حمار المشهور بنقله 3 قرب ماء، وكان التقاء القوافل التجارية والحجاج من الكويت الى الشام، ومن ثم انتقلنا الى السالمية وكانت تدعى قديما (الدمنة) القرية الساحلية التي اسسها العوازم «صيادو الأسماك» ارض غنية من دمن الاغنام، كلما صفرنا ارضها فرجت منها الدمنان.
مناطق غنية بالخيرات، ولكن دفنت، وضاعت تحت المشاريع الحضارية.
الغوص
وقال الطمار: والدي -رحمه الله- عمل بالغوص كما غاص العرب من قبل على اللؤلؤ، قال لنا: غصنا لاستخراج الخير من البحر، وضعت «الفطام» على انفي، ومكثت تحت الماء دقائق، وحصلنا على انواع من المحار منها: فصمه، مصفوفه، عيسرين، اصديفي، زنبة، خالوف الخرط..
واضاف: كان والدي يعرف قاع البحر، منه: الرملي، الطيني، او القوع اليابس، وكان يتقن القوقع والحجارة، والدي ركب البقارة والبتيل، والبوم، والجالبوت، والسنبوك، والشوعي، ووالدي هو الغيض الذي جمع المحار واخذ ثلاثة اسهم.
الدانات الفريدة
وقال الطمار: هناك دانات مشهورة حصل عليها الكويتيون، فهذه دانة عمر بن الياقوت، ودانة كبيرة حصل عليها محمد بن مدعج العازمي وباعها وحصل والدي -رحمه الله- على 700 روبية من هذه الدانة المعروفة في تاريخ الكويت بدانة المدعج، ودانة الرفاعي، ودانة الدوب، ووالدي -رحمه الله- ذهب عدة مرات مع الخريش، وكان ينصحنا بالذهاب معه الى المزارع في غير اوقات الغوص فترة الصيف.
صبيحية
واحة في الجنوب بالقرب من برقان تبعد عن الديرة حوالي 32 ميلا وعن الساحل 20 ميلا، ارض سهلة، وهي محطة القوافل المارة من الجنوب الى الشمال، لوالدي في هذه المنطقة ارض زرعناها، وانتجنا فيها البطيخ والرقي والخيار وكثيرا من الورقيات، كانت منطقة يسكنها الكثير من اهل البادية، واخيرا تركنا الصبيحية وعملنا في البناء مع الوسمي والبحوه وعبدالسلام.
الدوبة
وقال: الدوبة من سفن التفريغ مصنوعة من الحديد تنقل البضائع من السفن في عرض البحر الى الميناء والعكس، وانا كنت انقل الرمل من الشويخ في الزبلان (جمع الزبيل) الى الدوبة التي كانت بعيدة عن الساحل بمسافة 50 مترا ويفرغ الرمل في البصرة وعبدان، وكنت امشي على الدوسة، وهي عبارة عن لوح من الخشب يتخذ جسرا متنقلا، وسميت «دوسة» لان العمال يدوسون عليها.
وقال الطمار: كان عمري 15 سنة والمسؤول عنا ابن فرح لمدة سنتين ويوميتنا 16 نات، وعملت ايضا بنقل البضائع لشركة نفط الكويت بواسطة الدوبة، كان معي ابن فلاح، والياقوت، وجاسم بورحمة، والحقيقة جاءنا وقت تعب وكد ومد، واخيرا جاء اناس لا نعرفهم واعتبرهم «لفو»، اي رجال غرباء عن اهلنا وبلدنا لا نعرفهم.
قيادة السيارة
وقال: تعلمت قيادة المركبة عن طريق علي الدوب المدرب المشهور الذي تدرب على يديه كثير من المواطنين، كان بحارا، وصاحب اللؤلؤ الكبير حصل على هذه الدانة عام 1935، وباعها وانتعشت حالته المادية فاشترى سيارة واخذ يدرب عليها، وانا كنت منهم، والذي اخذ عليها «تراي»، اي الاختبار لمدى قدرتي على القيادة -المغفور له- الشيخ سعد العبدالله الصباح في حي القبلي بين السكيك الضيقة، واصطدمت بالعاير (زاوية المنزل من الخارج)، طلب مني ان ارجعه الى الامن العام، ونجحت في المرة الثانية، فاشتريت شاحنة صغيرة عملت عليها في شركة K.O.C عام 1946، ومن ثم عملت بنقل الركاب من الديرة الى صيهد العوازم والدمنة والشامية.
وأضاف: وفي عام 1955 عملت مراقبا في البلدية حتى 1973، وتقاعدت ورشحت للمجلس البلدي عام 1976 عن الدائرة التاسعة السالمية ونجحت، وفي عام 1980 ايضا رشحت -والله سبحانه وفقني- وحتى عام 1984 ايضا عضوا في المجلس البلدي لثلاث دورات متتالية.
الوفرة الغنية
وتحدث عن مزرعته واهتمامه بالزراعة، واعتبرها مهنة الآباء والأجداد، قائلا:
اشتريت ارضا في منطقة الوفرة الزراعية في جنوب الكويت ب 28 الف دينار، بدأت ازرع فيها. انها منطقة غنية بآبار كثيرة، وسميت الوفرة لوفرة مائها ومراعيها، منطقة كانت ولا تزال تجلب منها الخضراوات والبطيخ والفراولة، وأنا كنت أتوسط لبعض الناس بصفتي عضوا في المجلس البلدي لحصولهم على اراض زراعية، وانا لم احصل عليها، ولكني اشتريت بمبالغ كبيرة من 28000 الى 61000 دينار، أثمرت هذه الاراضي خاصة اراضينا، وشاء القدر ان يدمر كل المحصولات والمباني فيها فاضت، حيث فاضت المياه عليها، ولم استلم اي تعويض، علما بأن غيري اخذ، نحن 4 مزارعين المتضررون، اثنان اخذا، اما انا (مرزوق الطمار)، وجاسم الحويتان فلم نأخذ، فأين العدالة؟ ولماذا هذا الظلم؟ قدمت شكاوى، واللجنة وافقت، وللأسف الى الآن (يماطلوننا).
وقال: نحن مثل شرابة «تتن» يشربه ويسبه هذا انتاجنا يقولون لنا قسم التسويق بيعوا الطماطم الكرتون الواحد بـ 40 فلساً، والخيار بـ 80 فلساً و... الخ أين المنفعة؟ أين الفائدة؟ أين الإنتاج الكويتي؟
العلاج الشعبي
وتحدث أبومفرح عن طرق العلاج الشعبي قديماً وقبل أن يدخل الطب المتطور إلى بلادنا، فكان التركيز على الأعشاب قبل ظهور النفط، وكان الكي في الجسم، والناس يلجأون إليه عندما تنعدم السبل، والمثل يقول: «آخر الطب الكي» أو آخر الدواء الكي، وأكثر مرض كان يكوى بسببه «عرق النسا».
قال الطمار: الختان الذي كان يسمى «التطهير»، الذي يقصد به قطع الجلدة التي تسمى «قلفة» وكان يقوم بهذه العملية في الغالب المرحوم أحمد الهندي، أو الحلاق. وأتذكر «الضميد» كان في الصحراء ويعتبر من أفضل المطهرين، ولا أعرف لماذا لم يذكر اسمه؟ وكذلك «أبوصفر» الحلاق المشهور في سوق الجت، وكانوا يختنون الأولاد من سن السادسة فما فوق، ومن الأمراض التي تعالج بالأعشاب الحصبة - الجدري - الإسهال - «شطفه» اسم بدوي - سابع أي بوصفار، وأكثر العلاجات بالحلول والخروع.
وتذكر أبومفرح الحجامة التي كانت تساعد على تخفيف الألم بعد استخراج قليل من الدم عن طريق كاسات زجاجية تسمى «كاسات الهوى»، ومن العلاجات «التجبير» أي وضع العيدان على العظم المكسور لتجبره، عملية تعتبر من أمهر الأعمال الطبية، والجروح لها علاج، وأتذكر «الصدو» مركب من: دهن الطيب - المر - الثوم - الملح - ... الخ وأحياناً بالرماد، والآيدين.
يضيف الطمار: لا بد أن أذكر الشيخ مساعد العازمي الذي اشتهر بالتلقيح ضد الجدري، وأحمد الغانم وعلي بن فضالة، وحمود الصانع، وإبراهيم غريب، والمنيفي وحجي رمضان بوشعبون، وأمراضنا كثيرة منها: أمراض العيون - السل - الصداع - اللوزتين - لدغة الحيات - الكسور... وقال مرزوق الطمار: الحظور جمع خطرة وهي عبارة عن مصيدة ثابتة في البحر تسمع بدخول الأسماك، ويمنع خروجها، مصنوعة من الخيزران، ومعظم هذه الحظور يعود إلى العوازم، كان الساحل الكويتي من الشمال إلى الجنوب مليئا بالحظور، ويزداد الصيد في فترة الشتاء، والأسماك التي في المناطق الطينية مثل: الزبيدي ــ شماهي ــ النويبي ــ ايجم، وأسماك القوع أي القاعية ضمنها الشعم ــ المزيزي ــ الطلاح ــ الشيم ــ السبيطي ــ الهامور، بينما يزداد صيد الزبيدي في فصل الربيع والصيف، وكانت الأسماك تحمل على ظهور «الكويش» هو الحصان غير الاصيل، وهناك مثل كويتي: «فلان كديش» بمعنى كلف بعمل صعب، أي فوق طاقته، أو تحمل الأسماك على ظهور الحمير لإيصالها إلى السوق، وإذا كانت الكميات كبيرة تملح وتصدر إلى إيران والعراق في أكياس من الخياش، والساحل الغني بالصبور كان مقابل الدعية وبنيد القار، وجزيرة بوبيان.
يضيف: توضع الحظرة في الأعماق المناسبة لها حيث ينحسر عنها الماء أثناء الجزر، وأحيانا توضع الحظور على خط واحد يصل عددها إلى 8 حظور، ويبلغ إنتاج الحظرة الواحدة من 300 ــ 400 كلغ، خصوصا في الصيف والربيع، وأما في الشتاء فينخفض الصيد ما بين 5 ــ 15 كلغ. وقال: أصحاب الحظور هم: بن شرار ــ اللذينات ــ الختلان ــ الغربة.. الخ، وعندما كنت عضوا في المجلس البلدي طالبت بتثمين الحظرة الواحدة التي تزال بسبب الإنشاءات البحرية الى 15 الف دينار بعد أن كا نت 3 آلاف دينار، وتزال لمن لا رخصة فيها، وكان أهالينا العوازم أصحاب الحظور يمشون بعد منتصف الليل، ويصلون الحراج في السوق مع الفجر وبعضهم يقطعون المسافات الساحلية سيرا على الاقدام، ووالدي كان يقول: «نذهب رجليه، ونرجع برجليه» وحتى الى البصرة كان يذهب ماشيا للعمل في المزارع.
وتذكر الطمار في الختام الاكوات التي كانت محاطة بسور وخندق، فقال: انها عبارة عن مجموعة آبار يملكها أناس جزاهم الله خيرا، تمتلئ بمياه الامطار، والسقاؤون وأنا منهم، كنا ننقل الماء الى الديرة عبر بوابة الشامية على الحمير، حافي القدمين وبيدي عصا طويلة، وحماري يحمل 3 قرب ماء، سعر الجربة الواحدة 2 آنة والكبيرة 3 آنات، وأكلي كان «طرك التمر»، ومن الاكوات المشهورة: كوت الهويدي ــ ابن حماد ــ السهول ــ كوت المزيد ــ كوت الجناعات ــ كوت الدخيل ــ كوت ابن طلب، واخيرا قال: أين اصحاب القلوب والنوايا النظيفة؟ وأين بوس الخشوم بعد الخصام؟
لقاء ثلاثة أجيال نقل المياه من الآبار الواقعة خلف السور
قدوم الشاوي
إعداد: فرحان عبدالله الفرحان
أظن لو سألت عن معنى كلمة «الشاوي» أي إنسان، مواطنا أو غيره في أرض الكويت، وعمره دون الخمسين لقال لك:
لا أعرف. إذن هذا هو «الشاوي» الكلمة والفعل والموقع، حقا انه كلما يخرج الأطفال تقودهم أمهم أو أخوهم الكبير إلى المدرسة في الصباح، ويتجمعون في ساحتها، ويبقون حتى الظهر، ومن ثم يذهب لتسلم الأطفال بعد قضاء ساعات في هذه المدرسة، تماما كما الشاوي الذي يظلل قطيعه بالرعاية والاهتمام.
في القديم لا يوجد بيت في الكويت، إلا نادراً، لا يوجد عندهم «سخله أو اسخله» اي ماعز كما نعرفها اليوم، وهذه الماعز تقدم لك ولأسرتك الحليب واللبن، وهي تعتبر جزءا من المنزل، حيث يقدم لها العلف الأكل والماء كل يوم وتوضع في الحظيرة (الياخور) إذا كان هناك معها حمار أو بقرة أو جمل، لكن لا يمكن الاستغناء عن هذه «المعزة»، حيث تأتيك بالحليب، ومن ثم يشرب جزء منه مع الافطار، وجزء ينقل إلى الاسكه، وهي القربة التي تخض هذا الحليب بعد أن يكون رائبا، ليفصل اللبن الرائب عن الزبد، وتنقل الزبد وتقدم كوجبة منفصلة مع التمر او تنقلب إلى سمن، وتقدم مع الرز.
واللبن الرائب قد يصفى في قطعة من القماش وبعد أن يصنع منه اليقط الأقط، وهكذا تكون فائدة الماعز كثيرة في البيت بالاضافة إلى تقديمها الحليب، فهي المؤنسة لصاحبة المنزل ومن ثم عندما تكون «مضرعا» وتشتهي التيس، وتكون في الشاوي في هذه الحال يتعرف عليها التيس من ضمن القطيع ويمارس معها العلاقة الجنسية التي على ضوئها تحمل وتنجب مولودا جديدا هو سخله او تيس صغير يسمى «جفره».
كان في الكويت قبل ستين سنة اكثر من شاوي، وهو الذي يرعى الغنم ويخرج بها إلى البرية، ونسب المكان الذي تجتمع به الاغنام الى هذا الرجل الذي يقود الاغنام الى المرعى، والغنم في الاصل تجتمع صباحا في بيت الشاوي الذي يقودها إلى المرعى صباحا ويعود بهما مساء ومن ثم كل أسرة تأتي وكأنهم في مدرسة روضة أطفال، الكل ينتظر معزته ليأخذها إلى منزله ليحلبها ويسقيها الماء.
هذه العادة جرت عليها الكويت منذ القديم لاعتبارات عديدة منها أن بعض العائلات غير موجودة في المنزل طوال النهار لهذا يقوم الشاوي برعاية هذه الشاة نيابة عنهم.
ثانيا: وجود المعزة أو الشاة مع مجموعة من شياه القطيع طول النهار يعطي من ناحية نفسية لهذه الأغنام والقطيع الراحة حيث تجد الألفة والطمأنينة مع بعضها.
ثالثا: خروجها من الصباح إلى المساء يجعلها تسير في الهواء الطلق النقي وتتعرض للشمس وترعى من عشب الصحراء ان وجد في المكان الذي ترعى فيه.
رابعا: الأغنام بطبيعتها تجد الألفة مع بعضها، خصوصا عندما يكون أكثر من تيس ذكر في هذه الجوالة (المجموعة)، حيث يمارس البطولات في المشي بينها متبخترا فهي ترتاح لذلك.
خامسا: الأغنام والماعز عندما تخرج من الصباح الباكر وتتريض بالفلاة مع بعضها فهذا يساعدها على الادرار.
سادسا: الحبس للأغنام وعدم الحركة والربط في مربط (بالمجول) يجعلها كأنها في سجن تحس باليأس لكن الشاوي هو الوسيلة للتنفس كالرياضة للإنسان.
وكلمة الشاوي تطلق على الرجل الذي يقود الغنم ويحرسها في الطريق كما تطلق على المكان الذي تتجمع فيه الغنم والماعز.
وكذلك تطلق كلمة الشاوي على الذي يشوي اللحم أو السمك أو أي شيء آخر ولا يقولون (شوّا) بتشديد الواو وهذه الكلمة تستعمل في بلاد الشام أما في الكويت والجزيرة العربية والعراق والخليج فيقولن «شاوي لراعي الغنم» والذي يشوي اللحم.
كان في الكويت في القديم كما قلت أكثر من شاوي ففي منطقة الشرق أكثر من شاوي وفي قبلة والمرقاب كذلك اكثر من شاوي لكنها تقلصت إلى أن كان آخر شاوي في المرقاب الذي قفل أبوابه بعد امتناع الناس عن ارسال اغنامهم من الصباح إلى هذا الشاوي وأصبحوا يرسلون ابناءهم إلى رياض الاطفال.
ومع ظهور الحليب المجفف الذي أخذ يستعمل في البيوت فقد استغنت كثير من العائلات عن الماعز والاغنام حيث الثلاجات والبرادات تحفظ الحليب البودرة والزبدة والجبن واصبح الشاوي في خبر كان من تاريخ الكويت.
لكنني هنا أقول: رحم الله حمد السعيدان الذي ذكر بعضا من المعلومات عن هذا الشاوي في موسوعته، حيث ورد في صفحة 789 بالجزء الثاني -وبارك الله في الفاضل ايوب حسين الايوب الذي اقتطف من صوره القيمة لوحتين لهذا الشاوي- يقول السعيدان:
الشاوي:
هو راعي الاغنام نسبة الى الشياه (الواحدة شاة) ولكل فريج «شاوي» خاص يقوم الشاوي بجميع اغنام الحي ووضعها في جاخور خاص بها، وفي كل صباح يوم تشاهد الناس يجرون معهم بعض الماعز والنعاج لتسليمها الى الشاوي، وبعد أن تجتمع أغنام الحي يقودها الشاوي الى الصحراء، حيث المراعي ويعود بها في المساء عند الغروب، ويأتي الأهالي لاستلام أغنامهم لتبيت عندهم حتى الصباح، وبعد أن يحلبوا ألبانها تعاد من جديد إلى الشاوي، ويتقاضى الشاوي أجورا شهرية تصل إلى روبيتين في الشهر للرأس الواحد، أما إذا لاحظ الشاوي أن التيس أو الخروف قد اعتلى احدى النعاج أو السخول فإن الشاوي يتقاضى بدل «كراعة» قد تكون روبية أو روبيتين وكذا اذا ولدت الشاة أو الماعز مولودا في الصحراء فإن الشاوي يأخذ «علاوة ولد»! نظير عنايته بالمولود، وللشاوي ذاكرة غريبة ومعرفة دقيقة لجميع أنواع الأغنام واصحابها، رغم كثرة الأغنام التي تبلغ خمسمائة رأس، ويصادف أن تضل أحد الأغنام طريقها أو تتخلف ثم تضيع، وفي هذه الحالة يكون الشاوي مضطرا للبحث عنها في الليل بين الأحياء والمنازل، وكثيرا ما كنا نسمع نداءه في الماضي يبحث عن الضالة بقوله «يا من عين (1) الصخلة جزاه الله خير» ويعتبر شاوي المطبة من أشهر الرعاة في الكويت وحوله يردد الاولاد هذه الاهزوجة:
ك يا شاوينا
شاوي المطبة
يصيّح على أمه
يبي ارطبّه
وأخيرا، فهذا هو الشاوي الكلمة والفعل والموقع جزء من تاريخ الكويت انقضى وربما لن يعود ثانية مع تطور المدينة، كان الشاوي
عندما يغادر الياخور او الحوش الذي تتجمع به الماعز متجها الى الصحراء، حيث لا سيارات تعيقه عندما يقطع الشوارع متجها الى خارج المدينة، ويكون يواكب هذا الركب او المجموعة او القافلة او الجوالة مع قائد الركب حمار راعي الحملة عليه «براشيم اجراس تسمع صوتها وهي تجلجل عندما يسير هذا الحمار». هذا الحمار له مهمة كبيرة، حيث يركبه سيد الرحلة اذا تعب من المشي من الصبح الى المساء واذا ولدت معزة في الطريق فورا يأخذ هذا المولود ويضعه في ( الحزي ــــ الخرج) ليسلمه الى صاحب المعزة التي ولدت في هذه الرحلة الميمونة. وعندما يأتي صاحب الشاة المعزة ليستلم معزته بعد الوصول رأسا يبشره بالخبر السار ويبارك له بالمولود الجديد، فإذا كان انثى اعطاه للشاوي هدية مضاعفة وان كان ذكرا تيسا فالهدية تكون متواضعة، وهذه عادة متبعة في تلك الحقبة من الزمن وعندما تصل المعزة الشاة الى المنزل مع وليدها فتكون هناك فرصة كبيرة لانه اصبح عندهم معزتان واذا كان تيسا فانتظروا حتى يكبر كم شهر ومن ثم يضعون عليه وليمتهم.
هكذا كانت اوضاع الكويت في القديم شاوي شاة ومدرسة من دون مدرسين.
قدوم الشاوي
إعداد: فرحان عبدالله الفرحان
أظن لو سألت عن معنى كلمة «الشاوي» أي إنسان، مواطنا أو غيره في أرض الكويت، وعمره دون الخمسين لقال لك:
لا أعرف. إذن هذا هو «الشاوي» الكلمة والفعل والموقع، حقا انه كلما يخرج الأطفال تقودهم أمهم أو أخوهم الكبير إلى المدرسة في الصباح، ويتجمعون في ساحتها، ويبقون حتى الظهر، ومن ثم يذهب لتسلم الأطفال بعد قضاء ساعات في هذه المدرسة، تماما كما الشاوي الذي يظلل قطيعه بالرعاية والاهتمام.
في القديم لا يوجد بيت في الكويت، إلا نادراً، لا يوجد عندهم «سخله أو اسخله» اي ماعز كما نعرفها اليوم، وهذه الماعز تقدم لك ولأسرتك الحليب واللبن، وهي تعتبر جزءا من المنزل، حيث يقدم لها العلف الأكل والماء كل يوم وتوضع في الحظيرة (الياخور) إذا كان هناك معها حمار أو بقرة أو جمل، لكن لا يمكن الاستغناء عن هذه «المعزة»، حيث تأتيك بالحليب، ومن ثم يشرب جزء منه مع الافطار، وجزء ينقل إلى الاسكه، وهي القربة التي تخض هذا الحليب بعد أن يكون رائبا، ليفصل اللبن الرائب عن الزبد، وتنقل الزبد وتقدم كوجبة منفصلة مع التمر او تنقلب إلى سمن، وتقدم مع الرز.
واللبن الرائب قد يصفى في قطعة من القماش وبعد أن يصنع منه اليقط الأقط، وهكذا تكون فائدة الماعز كثيرة في البيت بالاضافة إلى تقديمها الحليب، فهي المؤنسة لصاحبة المنزل ومن ثم عندما تكون «مضرعا» وتشتهي التيس، وتكون في الشاوي في هذه الحال يتعرف عليها التيس من ضمن القطيع ويمارس معها العلاقة الجنسية التي على ضوئها تحمل وتنجب مولودا جديدا هو سخله او تيس صغير يسمى «جفره».
كان في الكويت قبل ستين سنة اكثر من شاوي، وهو الذي يرعى الغنم ويخرج بها إلى البرية، ونسب المكان الذي تجتمع به الاغنام الى هذا الرجل الذي يقود الاغنام الى المرعى، والغنم في الاصل تجتمع صباحا في بيت الشاوي الذي يقودها إلى المرعى صباحا ويعود بهما مساء ومن ثم كل أسرة تأتي وكأنهم في مدرسة روضة أطفال، الكل ينتظر معزته ليأخذها إلى منزله ليحلبها ويسقيها الماء.
هذه العادة جرت عليها الكويت منذ القديم لاعتبارات عديدة منها أن بعض العائلات غير موجودة في المنزل طوال النهار لهذا يقوم الشاوي برعاية هذه الشاة نيابة عنهم.
ثانيا: وجود المعزة أو الشاة مع مجموعة من شياه القطيع طول النهار يعطي من ناحية نفسية لهذه الأغنام والقطيع الراحة حيث تجد الألفة والطمأنينة مع بعضها.
ثالثا: خروجها من الصباح إلى المساء يجعلها تسير في الهواء الطلق النقي وتتعرض للشمس وترعى من عشب الصحراء ان وجد في المكان الذي ترعى فيه.
رابعا: الأغنام بطبيعتها تجد الألفة مع بعضها، خصوصا عندما يكون أكثر من تيس ذكر في هذه الجوالة (المجموعة)، حيث يمارس البطولات في المشي بينها متبخترا فهي ترتاح لذلك.
خامسا: الأغنام والماعز عندما تخرج من الصباح الباكر وتتريض بالفلاة مع بعضها فهذا يساعدها على الادرار.
سادسا: الحبس للأغنام وعدم الحركة والربط في مربط (بالمجول) يجعلها كأنها في سجن تحس باليأس لكن الشاوي هو الوسيلة للتنفس كالرياضة للإنسان.
وكلمة الشاوي تطلق على الرجل الذي يقود الغنم ويحرسها في الطريق كما تطلق على المكان الذي تتجمع فيه الغنم والماعز.
وكذلك تطلق كلمة الشاوي على الذي يشوي اللحم أو السمك أو أي شيء آخر ولا يقولون (شوّا) بتشديد الواو وهذه الكلمة تستعمل في بلاد الشام أما في الكويت والجزيرة العربية والعراق والخليج فيقولن «شاوي لراعي الغنم» والذي يشوي اللحم.
كان في الكويت في القديم كما قلت أكثر من شاوي ففي منطقة الشرق أكثر من شاوي وفي قبلة والمرقاب كذلك اكثر من شاوي لكنها تقلصت إلى أن كان آخر شاوي في المرقاب الذي قفل أبوابه بعد امتناع الناس عن ارسال اغنامهم من الصباح إلى هذا الشاوي وأصبحوا يرسلون ابناءهم إلى رياض الاطفال.
ومع ظهور الحليب المجفف الذي أخذ يستعمل في البيوت فقد استغنت كثير من العائلات عن الماعز والاغنام حيث الثلاجات والبرادات تحفظ الحليب البودرة والزبدة والجبن واصبح الشاوي في خبر كان من تاريخ الكويت.
لكنني هنا أقول: رحم الله حمد السعيدان الذي ذكر بعضا من المعلومات عن هذا الشاوي في موسوعته، حيث ورد في صفحة 789 بالجزء الثاني -وبارك الله في الفاضل ايوب حسين الايوب الذي اقتطف من صوره القيمة لوحتين لهذا الشاوي- يقول السعيدان:
الشاوي:
هو راعي الاغنام نسبة الى الشياه (الواحدة شاة) ولكل فريج «شاوي» خاص يقوم الشاوي بجميع اغنام الحي ووضعها في جاخور خاص بها، وفي كل صباح يوم تشاهد الناس يجرون معهم بعض الماعز والنعاج لتسليمها الى الشاوي، وبعد أن تجتمع أغنام الحي يقودها الشاوي الى الصحراء، حيث المراعي ويعود بها في المساء عند الغروب، ويأتي الأهالي لاستلام أغنامهم لتبيت عندهم حتى الصباح، وبعد أن يحلبوا ألبانها تعاد من جديد إلى الشاوي، ويتقاضى الشاوي أجورا شهرية تصل إلى روبيتين في الشهر للرأس الواحد، أما إذا لاحظ الشاوي أن التيس أو الخروف قد اعتلى احدى النعاج أو السخول فإن الشاوي يتقاضى بدل «كراعة» قد تكون روبية أو روبيتين وكذا اذا ولدت الشاة أو الماعز مولودا في الصحراء فإن الشاوي يأخذ «علاوة ولد»! نظير عنايته بالمولود، وللشاوي ذاكرة غريبة ومعرفة دقيقة لجميع أنواع الأغنام واصحابها، رغم كثرة الأغنام التي تبلغ خمسمائة رأس، ويصادف أن تضل أحد الأغنام طريقها أو تتخلف ثم تضيع، وفي هذه الحالة يكون الشاوي مضطرا للبحث عنها في الليل بين الأحياء والمنازل، وكثيرا ما كنا نسمع نداءه في الماضي يبحث عن الضالة بقوله «يا من عين (1) الصخلة جزاه الله خير» ويعتبر شاوي المطبة من أشهر الرعاة في الكويت وحوله يردد الاولاد هذه الاهزوجة:
ك يا شاوينا
شاوي المطبة
يصيّح على أمه
يبي ارطبّه
وأخيرا، فهذا هو الشاوي الكلمة والفعل والموقع جزء من تاريخ الكويت انقضى وربما لن يعود ثانية مع تطور المدينة، كان الشاوي
عندما يغادر الياخور او الحوش الذي تتجمع به الماعز متجها الى الصحراء، حيث لا سيارات تعيقه عندما يقطع الشوارع متجها الى خارج المدينة، ويكون يواكب هذا الركب او المجموعة او القافلة او الجوالة مع قائد الركب حمار راعي الحملة عليه «براشيم اجراس تسمع صوتها وهي تجلجل عندما يسير هذا الحمار». هذا الحمار له مهمة كبيرة، حيث يركبه سيد الرحلة اذا تعب من المشي من الصبح الى المساء واذا ولدت معزة في الطريق فورا يأخذ هذا المولود ويضعه في ( الحزي ــــ الخرج) ليسلمه الى صاحب المعزة التي ولدت في هذه الرحلة الميمونة. وعندما يأتي صاحب الشاة المعزة ليستلم معزته بعد الوصول رأسا يبشره بالخبر السار ويبارك له بالمولود الجديد، فإذا كان انثى اعطاه للشاوي هدية مضاعفة وان كان ذكرا تيسا فالهدية تكون متواضعة، وهذه عادة متبعة في تلك الحقبة من الزمن وعندما تصل المعزة الشاة الى المنزل مع وليدها فتكون هناك فرصة كبيرة لانه اصبح عندهم معزتان واذا كان تيسا فانتظروا حتى يكبر كم شهر ومن ثم يضعون عليه وليمتهم.
هكذا كانت اوضاع الكويت في القديم شاوي شاة ومدرسة من دون مدرسين.
• أيوب حسين
يكتبها: حمزة عليان
لم يشأ أن يترك مرض السكري الذي داهمه في آخر سنوات عمره دون أن يهجوه مع أنه ليس من «الهجائين» بل من أولئك المحافظين على التراث الشعبي وقصصه التي حولها إلى لوحات فنية ويبدو أن السكري حرمه من متع الدنيا، خصوصا الحلويات، فقال فيه شعرا مطلعه:
وداعاً يا بني حلوى
وداعا يا لقيماتي
وداعا يا بني رهش
وداعا يا كنافاتي
وأنهاها بالبيتين التاليين:
خذوا حباتكم هذي
وقولوا للطبيبات
إذا أيوب طاوعكم
أذيع بالوفيات
¶ أيوب حسين أهميته أن لوحاته التي قاربت الـ 600 لوحة انتقلت إلى البيوت وصارت جزءا من المقتنيات الشعبية، ما ان تشاهدها حتى تقول ان هذه اللوحة لأيوب، حيث تفرّد برسم البيئة الكويتية ونقلها بأمانة، وتخال نفسك أمام مشهد طبيعي تماما مثلما تزور بيته الذي حوله إلى متحف وفيه كل الأشياء القديمة من الرحى والمحداق والملمص والملا لة والمحالة والصندوق المبيت وهو البيت الذي انتقل إليه من جدته فاطمة بنت حمدان.
¶ أكثر من خمسين سنة وهو يرسم، حفظ البيئة الكويتية ومنذ صغره وهو يهوى الرسم، مغرم إلى حد الثمالة في عشق حولي والسالمية (عندما كانت تسمى الدمنة) أيام الأربعينات والخمسينات فقد كانت بمنزلة البر والنزهة لأهل الكويت يذهبون إليها للتمتع بالربيع، ومن شدة عشقه لحولي استأجر بيتا فيها مع انه كان يسكن في حي «شرق» فريج الجناعات.
¶ ابن بيئته، لم ينسلخ عنها، ارتبط بها وجسدها في مختلف مناحي حياته اليومية، في ملبسه وفي مأكله وفي جلسته وفي أحاديثه، بقي وفيا للأرض وللأدوات القديمة التي تفتحت عيناه عليها وللأم التي برع في تقديمها من خلال الحوش والبحر والمدرسة التي عمل فيها وشاء ان يعقد قرانه بقاعاتها عام 1953 في مدرسة الصباح الابتدائية، (جنب مخفر شرق) قبل أن تهدم.
¶ «فيه عرج من المطوع» هكذا وصفه أحد اقربائه، لأنه شديد الولع بالحلو، محب له، يحرص على ألا يخلو بيته من الرهش والزلابيات والقيمات وان بات في المدة الأخيرة يعيش يتيما من السكريات والدهنيات مثلما صارت متعة صيد العصافير من الذكريات، فقد عرف عنه شغفه بصيد الطيور وكان «حبَّال» ماهرا يعرف أسماء الطيور وطرق صيدها خاصة في الأربعينات والخمسينات حيث كان معظم هذا الجيل يهوى الصيد
¶ وقف قبل أشهر في قاعة أحمد العدواني ليلقي كلمة باسم الفنانين التشكيليين متحدثا عن تاريخ معرض الربيع الذي أقيم لأول مرة عام 1959، وسط مجموعة من الفنانين المؤسسين والشباب في مشهد له رمزيته ودلالته من حيث تواصل أصحاب المدرسة الأولى مع جيل الشباب. وهذا المعرض الذي لازمه منذ عام 1958 عندما شارك فيه نحو 81 فنانا من مختلف الجنسيات وقدموا 142 لوحة بثانوية الشويخ ثم توالت المعارض في المباركية ليعزو ذلك الى وضع اللبنة الأولى للفن التشكيلي في الكويت وهو خميس شحاتة.
¶ معارضه عبارة عن جولة في أعماق الكويت القديمة، كويت الفريج، وان كان عدد من النقاد يأخذون عليه تقوقعه في «فريجه» الذي ترعرع فيه والبراحة التي كان يلعب فيها ليتمثلها في لوحاته دون ان يخرج الى الفرجان والبراحات الأخرى كما كتب الزميل فيصل العلي في «الوطن» وفي كل الاحوال تبقى رسالته من خلال لوحاته «محاكاة الكويت القديمة التي أحنَّ إليها»، ليوصل رسالة للأجيال الشبابية بأن الكويت هكذا كانت في الماضي.
¶ أعلن عن هويته الفنية بكل وضوح وبساطة «لوحاتي تنتمي للمدرسة الواقعية ولست الوحيد في تلك المدرسة لكنني الاحظ ان هناك الكثير من الفنانين الشباب الذين كانت بداياتهم عبر المدرسة الواقعية ثم تركوها نحو مدارس أخرى، بينما أجد نفسي في ذلك ولن أحيد عن تلك المدرسة التي تتميز بأنها مرتبطة بالبيئة وبالأصالة، ناهيك بكونها تحمل هوية بلدي وهي نقطة الانطلاق نحو العالمية».
¶ جمع مركز البحوث والدراسات الكويتية الإرث الفني لأيوب حسين في كتاب «التراث الكويتي»الصادرعام2005 شاملا لكل ما خطه بريشته عن البيئة المحلية خلال خمسين عاما من حياته الفنية «امتزجت فيها البيئة بالمشاعر والأحاسيس الفنية، كما امتزج فيها الفن بحب الوطن» فجاءت اللوحات تعبيرا صادقا عن التراث خلال الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين كما قال عنها د. عبدالله الغنيم «لتظهر معظم اللوحات» في كتاب واحد، لم شملها من بعد تفرق وشتات، كما افصح عن ذلك ايوب حسين نفسه أودعها في هذا الكتاب مرتبة ترتيبا زمنيا، توضح بداياته وتجاربه مع رسم البيئة الكويتية القديمة بدءا من عام 1958 في ثانوية الشويخ.
¶ بعض محطات سيرته الأولى فيها صورة عن علاقة أيوب بالطين والبيئة كما يرويها هو للزميل منصور الهاجري في «الرأي العام».
«بدأت العمل بالمتحف الوطني وكان معي العيناني واول عمل عملت نماذج للكويت القديمة جهزت الباسجيل والجندل والطين وعملت نماذج لأهل البحر. وبنيت بيتا طوله متران وعرضه ستين سنتيمترا.
وضعت فيه جميع مواد البناء كذلك بنيت مدرسة أهلية قديمة واحضرت ادوات التدريس، وفي السرداب عملت سفن الغوص والغاصة والسيوب عملتها من الورق وعلقتها بالخيوط، والعيناني يرسم على الجدران.. بقيت في المتحف لمدة سنة واحدة وفي العطلة الصيفية قررت العودة للتدريس، ولكن خميس شحادة رفض وقال نعينك مديرا للمتحف، ولكني رفضت وقلت: لا بد من العودة إلى التدريس (أنا رجل صاحب طنقوره).».
وبعد التقاعد عمل في البناء لحسابه الخاص يبني البيوت ويبيعها وعندما شعر بالتعب ترك البناء وتفرغ للرسم وكان ذلك في عام 1979 بعد ان خدم في التدريس من الخمسينيات ليصبح ناظرا.
¶ في كتابه الثاني «مع ذكرياتنا الكويتية» حرص ان يبرز نوع من المشاهد والحالات المتأصلة في نفسية اهل الكويت، بعضها قد اندثر والبعض الآخر يطارده الزمن فيهلكه، اجتهد بسرد وتصوير ملامح «خفية» من صميم البيئة يراها البعض انها تافهة لم يتطرق اليها احد فضلا عن تعارف الناس عليها واندماجه بها فأصبحت جزءا من حياتهم التي عاشوها كلها ذهبت ولم يبق منها سوى الذكرى، لذلك جاء هذا الكتاب، ليقف الجيل الحالي على حياة آبائهم الاقدمين الذين كافحوا كفاح المستميت وتعرضوا للمخاطر والاهوال في سبيل لقمة العيش.
¶ عمل على احياء التراث الشعبي القديم وركز اهتمامه على عادات الاطفال والفتيان قديما وتقاليدهم الاجتماعية بماضيها الحافل، تاركا لنفسه التعبيرعنها باسلوب سهل ولغة بسيطة يفهمها الجميع، قام بحصر انواب ألعاب الصبيان والبنات ومصنوعاتهم واغانيهم واهازيجهم شارحا نظمها وطرق تأديتها، موضحا بالرسم المبسط النوعية التي يتم بها ذلك مع ذكر اسم المناسبة التي قيلت فيها وبعض لوحاته الزيتية في كتابه المعنون «مع الاطفال في الماضي».
¶ عام 1982 أصدر كتاب «مختارات شعبية في اللهجة الكويتية» بعدما لاحظ ان الغالبية من الناشئة تنتابهم حالة من السرور عندما يتذكرون شيئا منها ويتبارون في كيفية نطقها، لذلك عمل على ان يحتوي الكتاب جملا واوصافا وتعابير ومفردات متآلفة ومتجانسة ليعطي فكرة ان معظم كلمات اللهجة الكويتية نابعة من «اصل عربي»!
¶ رحلته مع الفن التشكيلي امتدت لاكثر من 50 عاما بدأها بقلم الرصاص ومارا بالاقلام الملونة والالوان المائية ومنتهيا باستخدام الالوان الزيتية، وطوال تلك الرحلة عمل على ابراز معالم البيئة القديمة وهي هواية استقرت في نفسه بعهد الشباب ولم يتخل عنها، بل بقي ممارسا لها ومحبا، لكن ما هو فيها من تفاصيل، تلك هي الجذور التي نشأ فيها ومنها ولولاها لما وصلت الكويت الى ما هي عليه، «والعيب ان يتنكر البعض لذلك الماضي السعيد» كما كتب يوما عند افتتاح معرضه الفني الخامس للبيئة الكويتية.
السيرة الذاتية
• أيوب حسين الأيوب
• مواليد الكويت 1932.
• تخرج في صف المعلمين بالمدرسة المباركية عام 1949.
• عمل مدرساً في وزارة التربية عام 1949-1950 ثم وكيلاً ثم ناظراً بمدرسة ابن زيدون في حولي وتقاعد مع بداية العام الدراسي 1979-1980 فكانت خدمته ثلاثين عاماً.
• أنتج ما يقارب ستمائة لوحة، وجميع لوحاته تمثل البيئة الكويتية القديمة.
• شارك في معرض البطولة العربية عام 1958 وفي جميع معارض الربيع التي أقامتها وزارة التربية، كما شارك في معظم المعارض التي أقامتها الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية سواء داخل الكويت أو خارجها، وشارك أيضاً في المعارض التي أقامتها كل من جمعية المعلمين وجمعية الخريجين والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومتحف الكويت الوطني.
• أقام ستة معارض خاصة منفردة ومعرضين خاصين بمشاركة زميله المرحوم الفنان أمير عبدالرضا.
• أول من عمل بمتحف الكويت عام 1956 وأشرف على تأسيسه حيث صمم وبنى بيده نماذج متعددة للبيت الكويتي القديم والمدرسة القديمة وجهز المتحف بالألوان الشعبية القديمة وذلك في عهد الأستاذ خميس شحادة مفتش التربية الفنية سابقاً، ثم في عهد السيد أحمد العثمان المدير المالي للمتحف آنذاك.
• حاز على درع الريادة من الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية كما حصل على تكريم من سمو ولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح وشهادات تقدير كثيرة، وبعدها حاز على جائزة تقدير وتكريم من اللجنة المنظمة للمعرض الدوري الثالث لفناني دول مجلس التعاون الخليجي الذي أقيم في الشارقة في الفترة من 27-11 الى 4-12-1949.
• له مؤلفات شعبية تراثية مثل: «مع الأطفال في الماضي» خاص بالألعاب الشعبية، كتاب: «ذكريات الكويتية»، «حولي قرية الأنس والتسلي»، «مختارات شعبية من اللهجة الكويتية»، «من كلمات أهل الديرة».
• نال جائزة الدولة التشجيعية في الحفل المقام بهذه المناسبة مساء الثلاثاء 2-12-1997 عن أعماله التصويرية وجائزة الدولة التقديرية عام 2001 في مجال الفنون التشكيلية.
• جميع أعماله الفنية صارت من مقتنيات الأهالي والمؤسسات وشارك بعدد من لوحاته في افتتاح متحف الكويت الوطني عام 1957.
• بعض النقود الورقية الكويتية الحالية تحمل بعضا من لوحاته أو أجزاء منها.
• أقام العديد من المعارض في اليابان وفنلندا وشارك في معارض متنقلة في أوروبا والعالم العربي وأميركا.
• استدعي للتحكيم في عدد من معارض التصوير والفنون التشكيلة.
• متزوج وله ثلاثة أولاد وثلاث بنات وجميعهم أتموا تعليمهم الجامعي.
فيلم «بس يا بحر» أساء إلى البحر وهو خطأ بخطأ سيف مرزوق الشملان: أنا مكتو بنار التاريخ
سيف مرزوق الشملان
أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنتين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح او بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، الا ان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي.
«القبس» شاركت عددا من هؤلاء الأفاضل والفاضلات في هذه الاستكانة.
سيف مرزوق الشملان من مواليد 1344هــ ــ 1926 وقد استهل حديثه عن تأكيده مشاهدة الغوص في المغاصات وشاهد السفن تملأ سواحل كويتنا، ومنظر البحارة، وقد سمع العم أبو مرزوق أغانيهم، لأن عمل أفراد أسرة الشملان الغوص على اللؤلؤ، فمنهم الغواصون والطواشون (تجار اللؤلؤ)، فهذا عمه حسين بن علي آل سيف، سافر إلى باريس لبيع اللؤلؤ عام 1931، وجده المرحوم شملان بن علي آل سيف كان من أكبر تجار اللؤلؤ، وكان يسافر إلى الهند لبيع اللؤلؤ.
أول مرة ذهب أبو مرزوق فيها إلى البحر كانت عام 1942 مع جده شملان في جالبوت (سفينة شراعية) وصل إلى مغاصات الكويت والاحساء والبحرين، وسافر البحرين من دون جواز سفر وهذا امر عادي في ذلك الوقت، وكذلك في 1943 و1946 مر على هذه المغاصات كلها بالاضافة الى دبي وقطر.
وأبو مرزوق أشرف على رحلة التصوير عام 1955 من قبل دائرة المطبوعات والنشر لالتقاط صور في البحر، واول مدير لها كان بدر الخالد البدر، ونائبه فاضل خلف، فكانت الافلام السينمائية عن حياة الغاصة، وكان معهم في هذه الرحلة المرحوم راشد بن احمد الرومي آخر امراء الغوص وأبو مرزوق مؤلف كتاب «تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي» عام 1975، وكتاب «الألعاب الشعبية» من حرف الألف الى الذال، و«تاريخ الكويت» عام 1956، وتمت ترجمة تاريخ الغوص الى اللغة الانكليزية في لندن على حسابه الخاص وكتاب الجمعية الخيرية اسسها فرحان الخالد 1914.
وأبو مرزوق الشملان ركز على تاريخ الكويت وبذل جهدا في سبيل التأليف، وراجع العديد من الكتب العربية القديمة والحديثة، وتعب وسهر لأخذ هذه المعلومات التي دونها واستخلصها، وابو مرزوق اكتوى بنار التاريخ وكما قال الشاعر:
«لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من يعانيها»
وهذا ما سمعته في مستهل اللقاء معه حيث قال:
أنا مكتو بنار التاريخ، فهو امانة ثقيلة (مو شيء سهل)، واضاف ابو مرزوق: انا اعتبر سوق الداخلي تهدم وكذلك سوق المباركية تهدم مثل ما تهدم السور الثالث. يريدون توسعة المدينة، لو سمعنا كلام الجنرال هيستد ابنوا الكويت الجديدة من بعد القبلة الى الصليبخات.
صفحات الكويت
وتحدث الشملان عن اللقاءات التي اجراها مع كبار السن منذ سنوات مضت، فقال: انا اعتز ببرنامجي «صفحات الكويت» واقول صاحب الفضل واخراج البرنامج الذي يرجع اليه كل العمل والفضل هو صديقي القديم المرحوم الشيخ جابر العلي الصباح الذي تولى وزارة الاعلام والارشاد، كان رحمه الله يكرر ويصر على هذه اللقاءات، وقال لي: برنامجك هذا معلومات من شيابنا غير موجودة، ويعرف الكويت من الداخل والخارج. وانا اعتبر هذا الكلام نعمة. كما ان نجاح البرنامج واللقاءات من نعم الله عليّ، والتاريخ صعب، وارضاء الناس صعب اكثر لا الكبير ولا الصغير والتاريخ متعب ومسؤولية (وما أسهل أن ينتقد الإنسان).
وقال: أنا اتخذت هذا المسار ومؤمن به، منذ صغري كنت من محبي مادة التاريخ، وعشقت القديم منذ صباي، وكنت من المتفوقين في اللغة العربية ومادة الدين (التربية الإسلامية)، قلت ومازلت أقول أرجو من إخواني تنبيهي وإرشادي إلى أي ملاحظة، حتى تتضافر الجهود لخدمة تاريخ بلدنا الكويت.
مجالس على البحر
وتحدث عن بعض الدواوين التي مازالت قائمة وعامرة على الساحل (شارع الخليج العربي) التي لم تهدم من الشرق إلى القبلة. فقال سيف الشملان: لقد ساهمت بالمحافظة عليها بل وكان هذا طلبي من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح عندما قابلته بنفسي وقلت: يا بومبارك هذا إنذار لهدم التراث والقديم، فهذه الدواوين لها تاريخ، والبلدية أنذرتنا، فتكرم علينا رحمه الله وطيب ثراه، فأوقف الهدم، وبفضل الله تعالى وفضل سموه رحمه الله مازلنا في هذه الدواوين وهي: ديوان الشملان - العسعوسي - النصف - البدر - الخالد - الروضان، ولكن ديوان الملا صالح خاص لهم، فهذا لا يهدم، والبقية ثمنت فأصبحت ملك الحكومة.
وأضاف: أعتبر هذه الرسالة التي كتبتها تاريخية والموافقة عليها مفخرة لنا جميعاً وأيضاً الدواوين هذه من معالم الكويت.
وأما ديوانيتي (منزله الخاص) في الدعية فجلساتها كانت يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وكان الحضور كثيفاً، وحتى الأمير الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح كان يزورنا ويتناول وجبة العشاء، ولكن العمر والتعب حولا ديوان الدعية إلى متحف يجمع المقتنيات الكويتية النادرة على مر التاريخ، ومن الأسباب أيضاً رعايتي واهتمامي بوالدي. وأنا أزور الدواوين القديمة، ولكن زياراتي قلت بسبب العمر وأنا من مواليد 1926.
وأنا بالنسبة لديوان خزعل في الدسمان فيعتبر موقعه بعيداً عن البحر، ودواوين البحر، وبالقرب من السفن والبحارة، وأيام زمان اعتبر ديوان خزعل غير قديم، وبني بعد الشيخ مبارك الصباح رحمه الله.
يقول أبومرزوق: أنا أتحدث وقد دافعت وأدافع عن الدواوين القديمة، وأصحابها شخصيات كويتية، وكانت مفتوحة طوال العام ولا تغلق، كانت للأفراح والمآسي وديوان الملا صالح أبعد ديوان وآخره بالنسبة للشرق والدواوين القديمة.
بس يا بحر
وتحدث الشملان عن الفيلم الكويتي «بس يا بحر» من إخراج خالد الصديق، فقال: ما نقل وما شاهدناه في هذا الفيلم أساء إلى البحر. وكتبت مقالات كثيرة: فيلم شوه الحقائق، مضمونه غير صحيح، أخطاء في أخطاء، فيلم غير معقول يعرض التحرش في بنات الجيران، غير ممكن وغير صحيح، ولا البحارة يضربون النوخذة، ولا الأكل يتهاوشون عليه (معركة أو مشاجرة) غلط × غلط × غلط.
وقال: أنا لي دور كبير في الفيلم، ساعدت المخرج، وفتحت له منزلي وديواني للتصوير وللملاحظات والذكريات وللحفاظ على تاريخ الآباء والأجداد ولخدمة الغوص والبحر، وقدمت للمخرج والفيلم كل ما عندي من القطع الأثرية التي تخص البحر نقلتها من منزلي في الدعية إلى ديواننا (ديوان الشملان) على السيف، وللأسف خرج الفيلم في صورة غير ما كنا نتوقعه، شوه البحر والبحارة، وحتى التصوير في المسجد لم يوافق المؤذن الدخول فيه، تدخلت شخصيا وأخذت الموافقة وفتحت أنوار المنارة وحوش المسجد، فتم التصوير، وللأسف لا شيء عن حقيقة البحر.
وقال أبومرزوق، فيلم «بس يا بحر» قام على أكتافي وللأسف تغيرت الحقائق، وكل ما أقوله ان العاملين على الفيلم لا مجال ولا فهم لهم عن البحر، وهم بعيدون كل البعد عن الغوص، ولا أمانة لهم في نقل الحقائق، ولا شكر ولا تقدير لمن قاموا وقدموا هذه الخدمات، وكتبت مقالات كثيرة عن هذا الفيلم المشوه الذي غير الحقائق.
لقاءات موثقة
في بداية حديثه عن اللقاءات من رجالات الكويت شكر الاستاذ رضا الفيلي على جهوده الجبارة في توثيق تاريخ الكويت. قال أبومرزوق: رضا الفيلي رجل محب للعلم، كاف وعاف عن الشر، يعمل بصمت وعمله واضح وعلمي وموثق، فقام بتصوير لقاءات عدة.
واضاف: وأنا عندي لقاءات كثيرة خاصة مع الذين حاربوا وشاركوا في معركة الصريف سنة 1901، وكان البرنامج له صدى كبير وبيّن التاريخ وعرّف الأجيال برجالات الكويت الذين ساهموا وكافحوا للدفاع عن الكويت، ورفع مستوى المعيشة، والبرنامج حافظ على التراث وأعاد الذكريات، وأبرز البرنامج الذي قدمته شجاعة أهل الكويت وتفانيهم في خدمة هذه الأرض.
وقال: إن شاء الله وقدّر سأقوم بتفريغ هذه الأشرطة وأبدأ بكتابة تاريخ هؤلاء العظماء، وهناك كتاب عن حياتي تحت اسم «رحلتي مع الكلمة» قدمه لي أستاذي الفاضل المرحوم أحمد زكريا الأنصاري، وكتب عن شخصيتي الدكتور أحمد زكي.
وقال: أنا أتأخر في الإصدار لأني أريد الصدق وأريد أن أتحقق من المعلومات للتاريخ لأنه أمانة ثقيلة.
أضاف: وأنا من واجبي أن اجمع ما في ذاكرتي، وأراجع الكتب لأتزود المعلومات، ولحرصي الشديد على اعطاء القارئ معلومات صحيحة ومفيدة عن الكويت في الماضي وما قبل النفط، ولكن هناك من هاجمني في قصائده، ومن معه الذين دافعوا عنه، وسموني «السيف الخشبي» خاصة قصيدة العتيبي السيئة، ولكن ولله الحمد كان ردي عليهم بالمعلومات التاريخية الوثائقية، وانا وضحت في ردي على خالد الزيد، والخلاف بيني وبين هؤلاء عن التاريخ وما في التاريخ، وهؤلاء مجالهم الشعر لا التاريخ.
من تاريخ الكويت
كتابه الطبقة الأولى عام 1378ه - 1959، اعتمد سيف مرزوق الشملان في أخذ المعلومات لكتاب «من تاريخ الكويت» على رجال يوثق بأقوالهم، أبحروا وغاصوا، اشتركوا في بعض المعارك، وعلى الذين شاهدوه من الثقات، والمصادر الكتابية خاصة المكاتيب التي أرسلت لجدي المرحوم شملان بن علي بن سيف، وشقيقه المرحوم حسين بن علي بن سيف والعم الحاج محمد بن شملان، وسهرت الليالي وساعات أمضيتها في البحث والتنقيب، وكلما أعثر على شيء أقول: «كم في الزوايا من نفائس الخبايا».
وقال: وفي الطبعة الثانية من كتاب «من تاريخ الكويت» لم أحذف اي شيء، ولكن هناك أشياء متعلقة بالأنساب الأصيلة وغير الأصيلة.
خوش كتاب
«البعثة» مجلة صدرت في مصر عام 1946 ترعى شؤون الطلاب الكويتيين، ترأس تحريرها عبدالعزيز حسين ثم عبدالله زكريا الانصاري، اصدرها بيت الكويت في القاهرة. هذه المجلة كتب فيها ابو مرزوق مقالات كثيرة عن الكويت وقطر، وقال: عبدالله زكريا الانصاري «درة الدرر» اقبل رأسه قبل ان اشوفه.
واضاف: التاريخ امانة ثقيلة وانا مولع فيه. وكتب عن الغوص على اللؤلؤ وترجمته على حسابي الخاص الى اللغة الانكليزية وطبعته في لندن، وشكرني الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح طيب الله ثراه، وقال: خوش كتاب... خوش كتاب... خوش كتاب. وهذه شهادة اعتز بها. والخصماء يقولون ما يريدون، وكل كتاباتي عن الكويت، ولا اميل أو انحاز الى اي فئة دون اخرى، او الى اي جانب، كل اقلامي واوراقي للكويت، وكلام غير هذا مثل ما قالوا: كذب في كذب.
مدرسة السعادة
وقال سيف الشملان: ان جدي رحمه الله شملان بن علي آل سيف، اسس مدرسة السعادة عام 1924، وتعتبر ثالث مدرسة في الكويت بعد المباركية والاحمدية، ولكنها كانت خاصة ومجانية للايتام، اسسها جدي رحمه الله لحرصه على التعليم، ولمساعدة الفقراء والايتام، وموقعها بالقرب من ديواننا ومبنى وزارة الصحة على السيف. وكان جدي يتابع احوال الايتام والفقراء والمحتاجين الذين يدرسون في المدرسة، ويصرف عليهم ملابس الصيف والشتاء، واول مدير لها كان الشيخ احمد الخميس وراتبه مائة روبية، وكان رحمه الله يستحق هذا المبلغ الشهري لانه صاحب شخصية قوية، ومتكلم وخطيب ويفيد الجلساء وقد درست فيها وانا صغير.
شكرا
في الختام كلمة شكر اوجهها لفيصل بن شملان (بو احمد) الذي لولا جهوده المخلصة لما استطعنا اجراء هذا اللقاء، فقد كان ملازما ومتابعا وحاضرا في كل المراحل فله منا كل الشكر والامتنان، وندعو الله ان يمد العم ابو مرزوق بطول العمر والعافية.
مدرسة السعادة أسسها شملان آل سيف شملان بن علي بن سيف حسين بن علي آل سيف من اكبر تجار اللؤلؤ ديوان الشملان في الدعية ديوان الشملان على البحر
فيلم «بس يا بحر» أساء إلى البحر وهو خطأ بخطأ سيف مرزوق الشملان: أنا مكتو بنار التاريخ
سيف مرزوق الشملان
أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنتين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح او بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، الا ان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي.
«القبس» شاركت عددا من هؤلاء الأفاضل والفاضلات في هذه الاستكانة.
سيف مرزوق الشملان من مواليد 1344هــ ــ 1926 وقد استهل حديثه عن تأكيده مشاهدة الغوص في المغاصات وشاهد السفن تملأ سواحل كويتنا، ومنظر البحارة، وقد سمع العم أبو مرزوق أغانيهم، لأن عمل أفراد أسرة الشملان الغوص على اللؤلؤ، فمنهم الغواصون والطواشون (تجار اللؤلؤ)، فهذا عمه حسين بن علي آل سيف، سافر إلى باريس لبيع اللؤلؤ عام 1931، وجده المرحوم شملان بن علي آل سيف كان من أكبر تجار اللؤلؤ، وكان يسافر إلى الهند لبيع اللؤلؤ.
أول مرة ذهب أبو مرزوق فيها إلى البحر كانت عام 1942 مع جده شملان في جالبوت (سفينة شراعية) وصل إلى مغاصات الكويت والاحساء والبحرين، وسافر البحرين من دون جواز سفر وهذا امر عادي في ذلك الوقت، وكذلك في 1943 و1946 مر على هذه المغاصات كلها بالاضافة الى دبي وقطر.
وأبو مرزوق أشرف على رحلة التصوير عام 1955 من قبل دائرة المطبوعات والنشر لالتقاط صور في البحر، واول مدير لها كان بدر الخالد البدر، ونائبه فاضل خلف، فكانت الافلام السينمائية عن حياة الغاصة، وكان معهم في هذه الرحلة المرحوم راشد بن احمد الرومي آخر امراء الغوص وأبو مرزوق مؤلف كتاب «تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي» عام 1975، وكتاب «الألعاب الشعبية» من حرف الألف الى الذال، و«تاريخ الكويت» عام 1956، وتمت ترجمة تاريخ الغوص الى اللغة الانكليزية في لندن على حسابه الخاص وكتاب الجمعية الخيرية اسسها فرحان الخالد 1914.
وأبو مرزوق الشملان ركز على تاريخ الكويت وبذل جهدا في سبيل التأليف، وراجع العديد من الكتب العربية القديمة والحديثة، وتعب وسهر لأخذ هذه المعلومات التي دونها واستخلصها، وابو مرزوق اكتوى بنار التاريخ وكما قال الشاعر:
«لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من يعانيها»
وهذا ما سمعته في مستهل اللقاء معه حيث قال:
أنا مكتو بنار التاريخ، فهو امانة ثقيلة (مو شيء سهل)، واضاف ابو مرزوق: انا اعتبر سوق الداخلي تهدم وكذلك سوق المباركية تهدم مثل ما تهدم السور الثالث. يريدون توسعة المدينة، لو سمعنا كلام الجنرال هيستد ابنوا الكويت الجديدة من بعد القبلة الى الصليبخات.
صفحات الكويت
وتحدث الشملان عن اللقاءات التي اجراها مع كبار السن منذ سنوات مضت، فقال: انا اعتز ببرنامجي «صفحات الكويت» واقول صاحب الفضل واخراج البرنامج الذي يرجع اليه كل العمل والفضل هو صديقي القديم المرحوم الشيخ جابر العلي الصباح الذي تولى وزارة الاعلام والارشاد، كان رحمه الله يكرر ويصر على هذه اللقاءات، وقال لي: برنامجك هذا معلومات من شيابنا غير موجودة، ويعرف الكويت من الداخل والخارج. وانا اعتبر هذا الكلام نعمة. كما ان نجاح البرنامج واللقاءات من نعم الله عليّ، والتاريخ صعب، وارضاء الناس صعب اكثر لا الكبير ولا الصغير والتاريخ متعب ومسؤولية (وما أسهل أن ينتقد الإنسان).
وقال: أنا اتخذت هذا المسار ومؤمن به، منذ صغري كنت من محبي مادة التاريخ، وعشقت القديم منذ صباي، وكنت من المتفوقين في اللغة العربية ومادة الدين (التربية الإسلامية)، قلت ومازلت أقول أرجو من إخواني تنبيهي وإرشادي إلى أي ملاحظة، حتى تتضافر الجهود لخدمة تاريخ بلدنا الكويت.
مجالس على البحر
وتحدث عن بعض الدواوين التي مازالت قائمة وعامرة على الساحل (شارع الخليج العربي) التي لم تهدم من الشرق إلى القبلة. فقال سيف الشملان: لقد ساهمت بالمحافظة عليها بل وكان هذا طلبي من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح عندما قابلته بنفسي وقلت: يا بومبارك هذا إنذار لهدم التراث والقديم، فهذه الدواوين لها تاريخ، والبلدية أنذرتنا، فتكرم علينا رحمه الله وطيب ثراه، فأوقف الهدم، وبفضل الله تعالى وفضل سموه رحمه الله مازلنا في هذه الدواوين وهي: ديوان الشملان - العسعوسي - النصف - البدر - الخالد - الروضان، ولكن ديوان الملا صالح خاص لهم، فهذا لا يهدم، والبقية ثمنت فأصبحت ملك الحكومة.
وأضاف: أعتبر هذه الرسالة التي كتبتها تاريخية والموافقة عليها مفخرة لنا جميعاً وأيضاً الدواوين هذه من معالم الكويت.
وأما ديوانيتي (منزله الخاص) في الدعية فجلساتها كانت يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وكان الحضور كثيفاً، وحتى الأمير الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح كان يزورنا ويتناول وجبة العشاء، ولكن العمر والتعب حولا ديوان الدعية إلى متحف يجمع المقتنيات الكويتية النادرة على مر التاريخ، ومن الأسباب أيضاً رعايتي واهتمامي بوالدي. وأنا أزور الدواوين القديمة، ولكن زياراتي قلت بسبب العمر وأنا من مواليد 1926.
وأنا بالنسبة لديوان خزعل في الدسمان فيعتبر موقعه بعيداً عن البحر، ودواوين البحر، وبالقرب من السفن والبحارة، وأيام زمان اعتبر ديوان خزعل غير قديم، وبني بعد الشيخ مبارك الصباح رحمه الله.
يقول أبومرزوق: أنا أتحدث وقد دافعت وأدافع عن الدواوين القديمة، وأصحابها شخصيات كويتية، وكانت مفتوحة طوال العام ولا تغلق، كانت للأفراح والمآسي وديوان الملا صالح أبعد ديوان وآخره بالنسبة للشرق والدواوين القديمة.
بس يا بحر
وتحدث الشملان عن الفيلم الكويتي «بس يا بحر» من إخراج خالد الصديق، فقال: ما نقل وما شاهدناه في هذا الفيلم أساء إلى البحر. وكتبت مقالات كثيرة: فيلم شوه الحقائق، مضمونه غير صحيح، أخطاء في أخطاء، فيلم غير معقول يعرض التحرش في بنات الجيران، غير ممكن وغير صحيح، ولا البحارة يضربون النوخذة، ولا الأكل يتهاوشون عليه (معركة أو مشاجرة) غلط × غلط × غلط.
وقال: أنا لي دور كبير في الفيلم، ساعدت المخرج، وفتحت له منزلي وديواني للتصوير وللملاحظات والذكريات وللحفاظ على تاريخ الآباء والأجداد ولخدمة الغوص والبحر، وقدمت للمخرج والفيلم كل ما عندي من القطع الأثرية التي تخص البحر نقلتها من منزلي في الدعية إلى ديواننا (ديوان الشملان) على السيف، وللأسف خرج الفيلم في صورة غير ما كنا نتوقعه، شوه البحر والبحارة، وحتى التصوير في المسجد لم يوافق المؤذن الدخول فيه، تدخلت شخصيا وأخذت الموافقة وفتحت أنوار المنارة وحوش المسجد، فتم التصوير، وللأسف لا شيء عن حقيقة البحر.
وقال أبومرزوق، فيلم «بس يا بحر» قام على أكتافي وللأسف تغيرت الحقائق، وكل ما أقوله ان العاملين على الفيلم لا مجال ولا فهم لهم عن البحر، وهم بعيدون كل البعد عن الغوص، ولا أمانة لهم في نقل الحقائق، ولا شكر ولا تقدير لمن قاموا وقدموا هذه الخدمات، وكتبت مقالات كثيرة عن هذا الفيلم المشوه الذي غير الحقائق.
لقاءات موثقة
في بداية حديثه عن اللقاءات من رجالات الكويت شكر الاستاذ رضا الفيلي على جهوده الجبارة في توثيق تاريخ الكويت. قال أبومرزوق: رضا الفيلي رجل محب للعلم، كاف وعاف عن الشر، يعمل بصمت وعمله واضح وعلمي وموثق، فقام بتصوير لقاءات عدة.
واضاف: وأنا عندي لقاءات كثيرة خاصة مع الذين حاربوا وشاركوا في معركة الصريف سنة 1901، وكان البرنامج له صدى كبير وبيّن التاريخ وعرّف الأجيال برجالات الكويت الذين ساهموا وكافحوا للدفاع عن الكويت، ورفع مستوى المعيشة، والبرنامج حافظ على التراث وأعاد الذكريات، وأبرز البرنامج الذي قدمته شجاعة أهل الكويت وتفانيهم في خدمة هذه الأرض.
وقال: إن شاء الله وقدّر سأقوم بتفريغ هذه الأشرطة وأبدأ بكتابة تاريخ هؤلاء العظماء، وهناك كتاب عن حياتي تحت اسم «رحلتي مع الكلمة» قدمه لي أستاذي الفاضل المرحوم أحمد زكريا الأنصاري، وكتب عن شخصيتي الدكتور أحمد زكي.
وقال: أنا أتأخر في الإصدار لأني أريد الصدق وأريد أن أتحقق من المعلومات للتاريخ لأنه أمانة ثقيلة.
أضاف: وأنا من واجبي أن اجمع ما في ذاكرتي، وأراجع الكتب لأتزود المعلومات، ولحرصي الشديد على اعطاء القارئ معلومات صحيحة ومفيدة عن الكويت في الماضي وما قبل النفط، ولكن هناك من هاجمني في قصائده، ومن معه الذين دافعوا عنه، وسموني «السيف الخشبي» خاصة قصيدة العتيبي السيئة، ولكن ولله الحمد كان ردي عليهم بالمعلومات التاريخية الوثائقية، وانا وضحت في ردي على خالد الزيد، والخلاف بيني وبين هؤلاء عن التاريخ وما في التاريخ، وهؤلاء مجالهم الشعر لا التاريخ.
من تاريخ الكويت
كتابه الطبقة الأولى عام 1378ه - 1959، اعتمد سيف مرزوق الشملان في أخذ المعلومات لكتاب «من تاريخ الكويت» على رجال يوثق بأقوالهم، أبحروا وغاصوا، اشتركوا في بعض المعارك، وعلى الذين شاهدوه من الثقات، والمصادر الكتابية خاصة المكاتيب التي أرسلت لجدي المرحوم شملان بن علي بن سيف، وشقيقه المرحوم حسين بن علي بن سيف والعم الحاج محمد بن شملان، وسهرت الليالي وساعات أمضيتها في البحث والتنقيب، وكلما أعثر على شيء أقول: «كم في الزوايا من نفائس الخبايا».
وقال: وفي الطبعة الثانية من كتاب «من تاريخ الكويت» لم أحذف اي شيء، ولكن هناك أشياء متعلقة بالأنساب الأصيلة وغير الأصيلة.
خوش كتاب
«البعثة» مجلة صدرت في مصر عام 1946 ترعى شؤون الطلاب الكويتيين، ترأس تحريرها عبدالعزيز حسين ثم عبدالله زكريا الانصاري، اصدرها بيت الكويت في القاهرة. هذه المجلة كتب فيها ابو مرزوق مقالات كثيرة عن الكويت وقطر، وقال: عبدالله زكريا الانصاري «درة الدرر» اقبل رأسه قبل ان اشوفه.
واضاف: التاريخ امانة ثقيلة وانا مولع فيه. وكتب عن الغوص على اللؤلؤ وترجمته على حسابي الخاص الى اللغة الانكليزية وطبعته في لندن، وشكرني الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح طيب الله ثراه، وقال: خوش كتاب... خوش كتاب... خوش كتاب. وهذه شهادة اعتز بها. والخصماء يقولون ما يريدون، وكل كتاباتي عن الكويت، ولا اميل أو انحاز الى اي فئة دون اخرى، او الى اي جانب، كل اقلامي واوراقي للكويت، وكلام غير هذا مثل ما قالوا: كذب في كذب.
مدرسة السعادة
وقال سيف الشملان: ان جدي رحمه الله شملان بن علي آل سيف، اسس مدرسة السعادة عام 1924، وتعتبر ثالث مدرسة في الكويت بعد المباركية والاحمدية، ولكنها كانت خاصة ومجانية للايتام، اسسها جدي رحمه الله لحرصه على التعليم، ولمساعدة الفقراء والايتام، وموقعها بالقرب من ديواننا ومبنى وزارة الصحة على السيف. وكان جدي يتابع احوال الايتام والفقراء والمحتاجين الذين يدرسون في المدرسة، ويصرف عليهم ملابس الصيف والشتاء، واول مدير لها كان الشيخ احمد الخميس وراتبه مائة روبية، وكان رحمه الله يستحق هذا المبلغ الشهري لانه صاحب شخصية قوية، ومتكلم وخطيب ويفيد الجلساء وقد درست فيها وانا صغير.
شكرا
في الختام كلمة شكر اوجهها لفيصل بن شملان (بو احمد) الذي لولا جهوده المخلصة لما استطعنا اجراء هذا اللقاء، فقد كان ملازما ومتابعا وحاضرا في كل المراحل فله منا كل الشكر والامتنان، وندعو الله ان يمد العم ابو مرزوق بطول العمر والعافية.
مدرسة السعادة أسسها شملان آل سيف شملان بن علي بن سيف حسين بن علي آل سيف من اكبر تجار اللؤلؤ ديوان الشملان في الدعية ديوان الشملان على البحر
إعداد: فرحان عبدالله الفرحان
في الماضي مثلما كان الحديث يدور في المجالس عن السفر في البحر وما يلاقونه من الأهوال عندما تنقل السفن الخيرات والمؤن من الهند وتنقل كل المصنوع في تلك الحقبة للاستعمالات المنزلية وغيرها، كانت بعض هذه الحاجيات تشترى من أسواق الكويت لتنقل إلى السكان في هذه الصحراء الفسيحة، بعد ان يجلب هؤلاء إلى أسواق الكويت بضاعتهم من الصحراء من دهن وصوف وأغنام وأقط وما تجود به هذه الصحراء. كان كثير من الكويتيين من أبناء الصحراء، وكان لا بد من ان يصادفوا في هذه الصحراء الفسيحة بعضا من الذئاب التي كانت منتشرة في تلك الحقبة من الزمن، وكانت هذه الذئاب تحاول ان تفترس أي شيء حي لتأكله حتى الإنسان، وكان كثير من هؤلاء القوم يحتاطون لهذه الذئاب بالحراسة بالتناوب لأغنامهم وأنفسهم، والذئب إذا جاع يهاجم أي شيء، وكانت الكلاب هي جزء من الحراسة، حيث تنبه صاحب قطيع الأغنام أو صاحب البيت الذي تسكن فيه، وكانوا يستعملون كل وسائل الدفاع من الأسلحة من البندقية على حداثتها أو الحربة أو السكين أو الرمح المسنن والمدبب من الطرفين، ومع هذا يجب ان يربى الفرد في هذه الصحراء على الشجاعة ورباطة الجأش حين المواجهة وإلا انتهت حاله الى الهلاك امام هذا الذئب.
كانت الذئاب منتشرة في كل نواحي الكويت، وكانوا يطلقون على المنطقة التي تتواجد بها الذئاب «مقطع» وكانت تشتهر في كل مناطق الكويت، خصوصا الضباعية وطريق الجهرة من الكويت وكاظمة ومرتفعات قفى. كانت هناك قصص وقصص منها:
1 - كان شقيق لاعب الدامة المشهور أخو حمد ذاهبا مع أصحابه الى منطقة كاظمة وخرجوا في أول القرن الماضي من الكويت في سفينة شوعي ونزلوا ضيوفا عند صديقهم قرب كاظمة وكان يصطاد السمك ويربي الأغنام ليعتاش منها في حياته، وبعيد ان وصلوا الى كاظمة نصبوا خيمتهم قبل المساء وصلّوا المغرب والعشاء جمعا وقصرا وتوجهوا الى مضيفهم للعشاء، وبعد العشاء والحديث والسمر والجو البارد توجه شقيق أخو ابو حمد وحده بعد ان استأذن القوم لأنه يريد ان ينام مبكرا، وفي الطريق من مقر مضيفيه حتى خيمتهم اعترضه «كلب» فهجم عليه ليعضه ولكن شجاعة وقوة شقيق آل حمد أوهنت عزم هذا الحيوان حتى صرعه وجعله جثة هامدة فظن في نفسه ان هذا هو كلب آل مضيفيه وعندما دعوا للإفطار في الصباح الباكر تأخر عنهم ونام في فراشه على أنه مريض، وقال لأصحابه قولوا لهم انه مريض. وفي الافطار سأل صاحب العزيمة: أين أبو حمد؟ فقالوا له: مريض (فنط واحد من ربعه) وقال: أقولكم الصدق انه خجلان لأنه ذبح كلبكم البارح وهو راجع إلى خيمته، فقال صاحب العزيمة: كلبنا (كاهو) موجود سمعوه ينبح لا ما يصير نروح انشوف هذا الكلب. عندما جاءوا رأى الذئب فقال صاحب المنزل هذا ذئب يأكل كل كم ليلة من أغنامنا والحمد لله (فكيتونا منه) انقذتمونا منه هذا كان يأكل أغنامنا امشوا نروح حق أبو حمد ونشكره على هذا المجهود الذي جاء عن غير قصد (هذه القصة كانت مشهورة في تاريخ الكويت).
* * *
كان كثير من أهل منطقة المرقاب يتعاملون مع الجمال، ينقلون «الحطب الففاف الشجر» من منطقة واره إلى الكويت لاستخدامها كوقود. وكانت القافلة لبعض العائلات كما رويت لي تتكون من عشرة جمال مع الأشخاص الذين يقودون الحملة من واره إلى الكويت، وهم شخصان يرافقهما كلب وحمار ومعهما في العادة بندقية. ويروي لي بعض أبناء هذه الأسرة: خرجنا مع (الصبيان الذين يقودون الجمال) وكنت مع أخي وكنا صغارا، وفجأة بعد مغادرة واره بساعتين والوقت ليل مظلم دامس، وفجأة وضعونا أنا وأخي (الصبيان قائدو الحملة) على الجمال بين الففاف والكلب ينبح والحمار يصن أذنيه. وبعد لحظات سمعنا صوت اطلاق النار، طلقة واحدة قتلت ذئبا وفرت الذئاب الباقية، وسكت الكلب عن النباح. وواصلت الحملة حتى وصلت إلى مدينة الكويت مع الفجر ونحن الصغار نائمون بين الففاف حتى الصباح وفي الكويت ابتدأت الحملات تتحدث عن ذئب قتل في الطريق عندما حاول ان يهاجم الحمار والكلب ينبح وانقذ الحمار من هذا الهجوم الضاري.
كان وجود الكلب في حملات مثل هذه ضروريا لأنه على أقل تقدير ينبه في هذه الصحراء المظلمة بالإضافة إلى البندقية التي يحملها التجار معهم ويكون كل واحد من قائدي الحملة يلف خصره بحزام فيه سكين أو خنجر للطوارئ.
2- كان كثير من الكويتيين يذهبون إلى الغوص، وعندما يقل الماء عليه المخزون في الفنطاس (صندوق من الخشب) يتوجهون إلى الساحل يوقفون السفينة وينزل بعض السيوب والغاصة ومعهم قرب ودلو فراشيه للبحث عن الماء في الآبار البعيدة عن البحر لأن ماءها يكون عذبا وهم يتناوبون في نقل الماء إلى السفينة مع حراسة حتى لا يهاجمهم ذئب في الطريق والذئب عادة يبحث عن الشخص او الحيوان المنفرد حتى يستطيع التغلب عليه.
هذه السفينة الراسية على مقربة من الساحل يكون فيها بعض الغاصة والسيوب الذين ذهبوا لجلب الماء، حيث يبقون ويقيمون في السفينة للاستراحة من جراء هذا المشي الى المكان البعيد وحمل الماء، في هذه الأثناء نزل احد العاملين في السفينة ومعه «الساليه» (شبك لصيد السمك)، وكان يتفقد السمك وهو يسبح على الساحل وفجأة رأى ظل كلب في البحر، حيث المرتفع يطل على الساحل، فإذا به ذئب يتوجه اليه لينهشه، لكن في حركة سريعة يتوجه الى داخل البحر والذئب وراءه، فأخذ الشبك الذي يحمله ورماه على الذئب واخذ يندفع بالاتجاه الى سفينته بكل سرعة وقوة واخبر جماعته في السفينة فنزلوا، والكلب يتخبط في هذه الشباك وابتدأوا يضربونه بالعصي والمجاديف حتى صرعوه وفقد انفاسه ومات وكان الحظ يلعب دوره في بعض الاحيان.
***
3 ــــ يروى ان شخصا غادر منازل اهله ببيت من الشعر (الصوف) الى بعض اصدقائه في الليل وفي الطريق قابله ذئب ورآه عن بعد وهو متجه اليه وبكل رباطة جأش اخذ «غترته» الحطة (قطعة القماش توضع على الرأس) وربط بها رقبته واستل الخنجر الذي كان في حزامه وعندما هجم عليه الذئب وتماسكا اخذ الخنجر وشق بطن الذئب وهو متماسك معه والدم ينزف منه وبعدها بال الذئب وارتخت قوته بفقده كمية من الدم وسقط على الارض لافظا انفاسه وكانت نهايته.
أمام هذه القصة في هذه الصحراء الفسيحة والكويت
كان في الكويت تطلق اسم الذئاب على العائلات فتسمى الرجل بسرحان (وهو ذئب الصحراء) وهناك اكثر من عائلة اسمها السرحان وهناك عائلة اسمها الذياب بإبدال الهمزة باء على عادة أهل الكويت.
ويصغرّون الذئب ويقولون ذؤيب وفي بلاد الشام مثل نحن نبدل الهمزة بذئب ونسميه ذيب فإن في بلاد الشام يبدلون الذال الى دال ويقولون بدل ذيب ديب ودياب وهناك عائلات كثيرة تحمل الاسم.
ونحن في الكويت نطلق على بعض الاسماء ذيبة وعلى بعض المناطق البحرية نسميه: ذيبة
وهناك واد في المملكة العربية السعودية باسم الذب يسمى والدي السرحان، وهناك العرب القدامى مثل ما اطلقنا في الكويت على بعض المناطق البحرية ذيبة فإن العرب اطلقت قديما علي جزر مالديف ذيبة المهل وهو اسمها القديم، وأخيرا هذا ما اردت ان اثبته اليوم عن الذئاب والسراحين.
القبس
عالم الذئاب والسراحين في الكويت قديماً
إعداد: فرحان عبدالله الفرحان
في الماضي مثلما كان الحديث يدور في المجالس عن السفر في البحر وما يلاقونه من الأهوال عندما تنقل السفن الخيرات والمؤن من الهند وتنقل كل المصنوع في تلك الحقبة للاستعمالات المنزلية وغيرها، كانت بعض هذه الحاجيات تشترى من أسواق الكويت لتنقل إلى السكان في هذه الصحراء الفسيحة، بعد ان يجلب هؤلاء إلى أسواق الكويت بضاعتهم من الصحراء من دهن وصوف وأغنام وأقط وما تجود به هذه الصحراء. كان كثير من الكويتيين من أبناء الصحراء، وكان لا بد من ان يصادفوا في هذه الصحراء الفسيحة بعضا من الذئاب التي كانت منتشرة في تلك الحقبة من الزمن، وكانت هذه الذئاب تحاول ان تفترس أي شيء حي لتأكله حتى الإنسان، وكان كثير من هؤلاء القوم يحتاطون لهذه الذئاب بالحراسة بالتناوب لأغنامهم وأنفسهم، والذئب إذا جاع يهاجم أي شيء، وكانت الكلاب هي جزء من الحراسة، حيث تنبه صاحب قطيع الأغنام أو صاحب البيت الذي تسكن فيه، وكانوا يستعملون كل وسائل الدفاع من الأسلحة من البندقية على حداثتها أو الحربة أو السكين أو الرمح المسنن والمدبب من الطرفين، ومع هذا يجب ان يربى الفرد في هذه الصحراء على الشجاعة ورباطة الجأش حين المواجهة وإلا انتهت حاله الى الهلاك امام هذا الذئب.
كانت الذئاب منتشرة في كل نواحي الكويت، وكانوا يطلقون على المنطقة التي تتواجد بها الذئاب «مقطع» وكانت تشتهر في كل مناطق الكويت، خصوصا الضباعية وطريق الجهرة من الكويت وكاظمة ومرتفعات قفى. كانت هناك قصص وقصص منها:
1 - كان شقيق لاعب الدامة المشهور أخو حمد ذاهبا مع أصحابه الى منطقة كاظمة وخرجوا في أول القرن الماضي من الكويت في سفينة شوعي ونزلوا ضيوفا عند صديقهم قرب كاظمة وكان يصطاد السمك ويربي الأغنام ليعتاش منها في حياته، وبعيد ان وصلوا الى كاظمة نصبوا خيمتهم قبل المساء وصلّوا المغرب والعشاء جمعا وقصرا وتوجهوا الى مضيفهم للعشاء، وبعد العشاء والحديث والسمر والجو البارد توجه شقيق أخو ابو حمد وحده بعد ان استأذن القوم لأنه يريد ان ينام مبكرا، وفي الطريق من مقر مضيفيه حتى خيمتهم اعترضه «كلب» فهجم عليه ليعضه ولكن شجاعة وقوة شقيق آل حمد أوهنت عزم هذا الحيوان حتى صرعه وجعله جثة هامدة فظن في نفسه ان هذا هو كلب آل مضيفيه وعندما دعوا للإفطار في الصباح الباكر تأخر عنهم ونام في فراشه على أنه مريض، وقال لأصحابه قولوا لهم انه مريض. وفي الافطار سأل صاحب العزيمة: أين أبو حمد؟ فقالوا له: مريض (فنط واحد من ربعه) وقال: أقولكم الصدق انه خجلان لأنه ذبح كلبكم البارح وهو راجع إلى خيمته، فقال صاحب العزيمة: كلبنا (كاهو) موجود سمعوه ينبح لا ما يصير نروح انشوف هذا الكلب. عندما جاءوا رأى الذئب فقال صاحب المنزل هذا ذئب يأكل كل كم ليلة من أغنامنا والحمد لله (فكيتونا منه) انقذتمونا منه هذا كان يأكل أغنامنا امشوا نروح حق أبو حمد ونشكره على هذا المجهود الذي جاء عن غير قصد (هذه القصة كانت مشهورة في تاريخ الكويت).
* * *
كان كثير من أهل منطقة المرقاب يتعاملون مع الجمال، ينقلون «الحطب الففاف الشجر» من منطقة واره إلى الكويت لاستخدامها كوقود. وكانت القافلة لبعض العائلات كما رويت لي تتكون من عشرة جمال مع الأشخاص الذين يقودون الحملة من واره إلى الكويت، وهم شخصان يرافقهما كلب وحمار ومعهما في العادة بندقية. ويروي لي بعض أبناء هذه الأسرة: خرجنا مع (الصبيان الذين يقودون الجمال) وكنت مع أخي وكنا صغارا، وفجأة بعد مغادرة واره بساعتين والوقت ليل مظلم دامس، وفجأة وضعونا أنا وأخي (الصبيان قائدو الحملة) على الجمال بين الففاف والكلب ينبح والحمار يصن أذنيه. وبعد لحظات سمعنا صوت اطلاق النار، طلقة واحدة قتلت ذئبا وفرت الذئاب الباقية، وسكت الكلب عن النباح. وواصلت الحملة حتى وصلت إلى مدينة الكويت مع الفجر ونحن الصغار نائمون بين الففاف حتى الصباح وفي الكويت ابتدأت الحملات تتحدث عن ذئب قتل في الطريق عندما حاول ان يهاجم الحمار والكلب ينبح وانقذ الحمار من هذا الهجوم الضاري.
كان وجود الكلب في حملات مثل هذه ضروريا لأنه على أقل تقدير ينبه في هذه الصحراء المظلمة بالإضافة إلى البندقية التي يحملها التجار معهم ويكون كل واحد من قائدي الحملة يلف خصره بحزام فيه سكين أو خنجر للطوارئ.
2- كان كثير من الكويتيين يذهبون إلى الغوص، وعندما يقل الماء عليه المخزون في الفنطاس (صندوق من الخشب) يتوجهون إلى الساحل يوقفون السفينة وينزل بعض السيوب والغاصة ومعهم قرب ودلو فراشيه للبحث عن الماء في الآبار البعيدة عن البحر لأن ماءها يكون عذبا وهم يتناوبون في نقل الماء إلى السفينة مع حراسة حتى لا يهاجمهم ذئب في الطريق والذئب عادة يبحث عن الشخص او الحيوان المنفرد حتى يستطيع التغلب عليه.
هذه السفينة الراسية على مقربة من الساحل يكون فيها بعض الغاصة والسيوب الذين ذهبوا لجلب الماء، حيث يبقون ويقيمون في السفينة للاستراحة من جراء هذا المشي الى المكان البعيد وحمل الماء، في هذه الأثناء نزل احد العاملين في السفينة ومعه «الساليه» (شبك لصيد السمك)، وكان يتفقد السمك وهو يسبح على الساحل وفجأة رأى ظل كلب في البحر، حيث المرتفع يطل على الساحل، فإذا به ذئب يتوجه اليه لينهشه، لكن في حركة سريعة يتوجه الى داخل البحر والذئب وراءه، فأخذ الشبك الذي يحمله ورماه على الذئب واخذ يندفع بالاتجاه الى سفينته بكل سرعة وقوة واخبر جماعته في السفينة فنزلوا، والكلب يتخبط في هذه الشباك وابتدأوا يضربونه بالعصي والمجاديف حتى صرعوه وفقد انفاسه ومات وكان الحظ يلعب دوره في بعض الاحيان.
***
3 ــــ يروى ان شخصا غادر منازل اهله ببيت من الشعر (الصوف) الى بعض اصدقائه في الليل وفي الطريق قابله ذئب ورآه عن بعد وهو متجه اليه وبكل رباطة جأش اخذ «غترته» الحطة (قطعة القماش توضع على الرأس) وربط بها رقبته واستل الخنجر الذي كان في حزامه وعندما هجم عليه الذئب وتماسكا اخذ الخنجر وشق بطن الذئب وهو متماسك معه والدم ينزف منه وبعدها بال الذئب وارتخت قوته بفقده كمية من الدم وسقط على الارض لافظا انفاسه وكانت نهايته.
أمام هذه القصة في هذه الصحراء الفسيحة والكويت
كان في الكويت تطلق اسم الذئاب على العائلات فتسمى الرجل بسرحان (وهو ذئب الصحراء) وهناك اكثر من عائلة اسمها السرحان وهناك عائلة اسمها الذياب بإبدال الهمزة باء على عادة أهل الكويت.
ويصغرّون الذئب ويقولون ذؤيب وفي بلاد الشام مثل نحن نبدل الهمزة بذئب ونسميه ذيب فإن في بلاد الشام يبدلون الذال الى دال ويقولون بدل ذيب ديب ودياب وهناك عائلات كثيرة تحمل الاسم.
ونحن في الكويت نطلق على بعض الاسماء ذيبة وعلى بعض المناطق البحرية نسميه: ذيبة
وهناك واد في المملكة العربية السعودية باسم الذب يسمى والدي السرحان، وهناك العرب القدامى مثل ما اطلقنا في الكويت على بعض المناطق البحرية ذيبة فإن العرب اطلقت قديما علي جزر مالديف ذيبة المهل وهو اسمها القديم، وأخيرا هذا ما اردت ان اثبته اليوم عن الذئاب والسراحين.
شيء من الماضي أول مطبخ مركزي في الشرق الأوسط.. كويتي
• يوم افتتاح المطبخ المركزي عبدالله الجابر وعدد من المسؤولين والوجهاء
أنشأت إدارة المعارف بدولة الكويت قسما للتغذية والتي أقامت بدورها مطبخا مركزيا يمد طلبة وطالبات المدارس الابتدائية ورياض الأطفال والمدارس المختلفة بوجبات كاملة للإفطار يوميا، ووجبات غداء علاوة على المطبخين الخاصين بالمدرسة الثانوية بالشويخ والكلية الصناعية.
بدأ في تموين المدارس اعتبارا من تاريخ 17 سبتمبر 1955 وهو مزود بجميع الاجهزة والأدوات اللازمة، ومن أحدث طراز والأول من نوعه في الشرق الأوسط كما ذكر دليل «سجل الكويت اليوم» الصادر في شهر يناير عام 1956 ويقدم وجبات غداء كاملة مكونة من الأرز والخضار واللحم أربع مرات في الأسبوع، توزع على المدارس في ساعة معينة، ووجبات افطار يومية مكونة من اللبن أو الشوربة والسندويش لمدة 6 أيام أسبوعيا توزع الساعة الثامنة صباحا، ويستهلك المطبخ المركزي لانتاج وجبة الافطار يوميا ما يلي: حليب مسحوق 555 كلغ، عدس 450 رطلا، دقيق استرالي 2380 رطلا، دقيق كندي 560 رطلا، خميرة 26 رطلا، سمن 63 رطلا، ملح مائدة 63 رطلا، خل 1 رطل، مسحوق البيض 30 رطلا وجبن 400 رطل وزبدة 180رطلا ومارغارين 500 رطل.. أما المخبز فينتج 5 آلاف رطل يوميا من الخبز، ويوجد سبع غرف للتبريد، وقسم للسندويش وتقطيع اللحم وتجهيز الخضار والمطبخ وإعداد الحليب والنقل وفيه 28 سيارة.
• مدخل المطبخ المركزي • احدى الردهات الكبيرة داخل المطبخ
من قديم الكويت .. مقاهي الأمس .. ما أحلى الرجوع إليها
إعداد: يوسف الشهاب
لم تكن مقاهي الأمس مثل حال مقاهي اليوم.. فقد كانت ملتقى رجال البلاد وجيل الشباب بالأمس، فيها تعالج القضايا الاجتماعية والمالية بين طرف وآخر، وفيها يتم الصلح بين المتنازعين من دون اللجوء إلى المخافر أو المحاكم ابتعادا عن الحرج وحرصا على سمعة الإنسان الكويتي في المجتمع، وبين الشباب كانت مقاهي الأمس ملتقى للتعارف وتبادل الآراء ووجهات النظر.. صورة اجتماعية رائعة كانت تشهدها المقاهي بالكويت رغم بساطتها سواء في كراسي الجلوس الطويلة المصنوعة من الخشب والمغطاة بسجاد مستطيل أو في الشاي والحليب و الخبز الحار الذي اشتهرت به ــ قهوة سوق الخبازين ــ الواقعة في سوق الغربللي وكانت إلى جانب ذلك المرطبات التي انقرضت مثل ــ النامليت وسينالكو ــ وغيرها من المرطبات التي لم نعد نراها اليوم، وأيضا كانت المقاهي تقدم ــ القدو ــ أو النارجيلة، للرجال دون الشباب.. وبأسعار لا تتعدى الروبية مع الشاي، إنها صورة من صور المجتمع الكويتي القديم الذي تساوت فيه كل شرائح المجتمع فوق كراسي المقهى.. والطريف ان ساعات العمل بالمقاهي في ذلك الوقت تبدأ من الصباح بعد صلاة الفجر وتمتد إلى الساعة الحادية عشر ليلا، حيث يتوجه الجميع إلى منازلهم استعدادا لاستقبال يوم جديد بين العمل، وارتياد المقهى بعد صلاة العصر.
هذه الصورة التقطت عام 1961 في احد المقاهي القديمة الواقعة في سوق الغربللي.. ويبدو فيها من اليمين: حمد السنان، محمد صقر المعوشرجي وزير الأوقاف الأسبق، عبدالرحمن العياف، ناصر الرومي، ثم صالح الياسين، لاحظوا البساطة في الزبائن وأدوات المقهى.. إنها العفوية في حياة الأمس، التي يتمنى روادها الرجوع إليها.
القبس
الكوع والبوع والمقاسات الكويتية قديماً
إعداد: فرحان عبدالله الفرحان
أظن أن استعمال الباع والذراع اليوم أصبح في خبر كان، لهذا يحق علينا في هذا البحث أن نستعيد الذكريات التي كان يتعامل بها أهل الكويت في القرن العشرين، خصوصا أوله.. في القديم عندما كانوا يحفرون البئر يقولون قامة وقامتين او تلات او اربع على عمق البئر من قامة الانسان.
وكانوا يطلقون على مغاصات البحر للبحث عن اللؤلؤ بحر ثلاثة أبواع أو اربعة أو خمسة وهكذا، وكانوا يستعملون الباع وهو امتداد اليدين من الجانبين.
وكانوا اذا ارادوا ان يقيسوا الارض التي يكون ترتيبها للسكن عشرة اذرع أو عشرين ذراعا وكانوا يقيسون الاقمشة بالوار.
وكانوا ايضا يستعملون (الكوع، والشبر والنتر ايضا لمقاسات بعض الاقمشة.
وكانوا يقولون للمسافات الطويلة (البريد) وهي اطول مسافة وهي التي ربطوا بها اسم البوسطة المكاتيب والمراسلات التي ترسل بها، وهنا يسرني ان انقل ما اورده العالم احمد عطية في كتابه «اسلافي» الجزء الاول صفحة 309 التالي للفائدة:
البريد كلمة دخلت اللغة العربية عن الفارسية او اللاتينية المحرفة والجمع برد ويطلق البريد على نظام نقل الاخبار والرسائل، كما يطلق على حامل الرسائل وكذلك على المرحلة من مراحل السفر، والبريد ثلاثة فراسخ عادة، وهو فرسخان عند الفرس، واربعة عند المغاربة، (الفرسخ ثلاثة اميال).
استخدم البريد في الدولة الاسلامية منذ خلافة معاوية، ووضعت له النظم الخاصة على عهد عبدالملك، واتسعت شبكته على يد الوليد، كما ينسب لعمر بن عبدالعزيز اقامة الخانات على طرق البريد وسككه التي يقال انها بلغت في العصر العباسي 930 طريقا وسكة، وكانت نفقاتها 4 ملايين درهم في العصر الاموي، و 159الف دينار في العصر العباسي واستخدمت وسائل مختلفة لنقل البريد اهمها دواب الحمل وهي البغال والخيل ثم الجمال في المناطق الصحراوية، وكانت القافلة تتكون من اربعين او خمسين دابة او اكثر، ويقسم الطريق الى منازل او مراحل، عند كل منزل منها يستبدل السائقون الدواب بغيرها، لهذا كان البريد يقطع المسافة بين القاهرة ودمشق مثلا في اربعة ايام وبين القاهرة وحلب خلال خمسة ايام، وعني السلطان بيبرس خاصة بشؤون البريد حتى ان بريد الشام كان يصل الى القاهرة مرتين كل اسبوع.
واستخدم الحمام الزاجل او حمام الرسائل في نقل البريد، ويقال انه استخدم لاول مرة في الموصل تحت حكم آل زنكي، كما استخدمه الفاطميون في مصر، وفي عهد الايوبيين اقيمت له الابراج في القلعة وفي اكثر الثغور المصرية والشامية.
واستخدم الاغالبة النار لنقل الاخبار لاسيما على حصون الشواطئ فإذا ما اقتربت سفينة من سفن الفرنج من شاطئ تونس اشعلت النار في اقرب الحصون اشارة لغيرها فلا يمضي وقت طويل حتى تنتقل الاشارة الى مراكز الاسطول ليأخذ استعداده واهبته.
أمام هذا الشرح البارز للمقاسات علينا أن نعرج على الكويت في الحديث بعد ان توارث المقاسات التي كانت سائدة فيما مضى، فلم يعد الباع ولا الذراع، بل حل مكانهما الكليومتر والمتر والفوت، وأصبح التعامل للمقاسات في الأراضي في الكويت اليوم باستعمال المتر، وفي بعض الأحيان الفوت، وفي المقاسات الأصغر يستعمل الانج وهذه كلها ألفاظ أجنبية لكن مثل ما يقولون هذا واقع الحال.
ولم يعد إلا في بعض البلاد العربية حيث مازالوا يستملون كلمة «دونم» لألف متر وقصبة ونصف وربع قصبة وهكذا، وكانوا يقولون إن الدونم هو ألف وستمائة ذراع.
من قديم الكويت القبس
إعداد: يوسف الشهاب
بعد صدور أول دستور لدولة الكويت في عهد المغفور له الشيخ عبدالله السالم طيبه الله ثراه.. شهدت الكويت في 23 يناير 1963 إجراء أول انتخابات نيابية في مرحلة ما بعد الاستقلال بنظام الدوائر العشر، وكانت التجربة صوتية في ذلك الوقت، سواء لدى الحكومة او الناخب. ومع ذلك، استطاعت لجان الاقتراع ان تؤدي دورها وتنجح في مسؤوليتها طيلة ساعات النهار. كما أكدت الحكومة آنذاك قدرتها على التعامل مع الحدث الجديد بنزاهة وحيادية وضبط لسير الانتخابات وتوفير المناخ اللازم للاقتراع. ومن جانبه، أثبت المواطن يومها أنه امام مسؤولياته في اختيار المرشح المناسب بعيدا عن التعصب القبلي أو الطائفي او الفئوي. وبدوره، كان المرشح مدركا لطبيعة دوره الجديد، رغم غياب البوفيهات والندوات الانتخابية، كما هي في حاضرنا والتي أدت وللأسف إلى الكثير من التباعد بين أبناء الوطن الواحد، بعد أن خرج بعض المرشحين عن اصول التعامل مع الناخب وعن اخلاقيات الحوار، كما نراه في مجلس اليوم. كانت كل اجواء اول انتخابات نيابية في تاريخ الكويت مشجعة ونظيفة وصادقة النوايا والنفوس، ولذلك فقد لاقت التجربة النجاح، وأكدت أصالة اهل الكويت واستيعابهم لمفهوم الديموقراطية التي أساء ممارستها هذه الايام بعض النواب وللأسف... هذه الصورة من انتخابات اول مجلس أمة بالكويت بعد الاستقلال، حيث يبدو الشيخ نواف الاحمد الجابر، الذي كان آنذاك محافظاً في محافظة حولي يتفقد عملية الاقتراع.
إعداد: يوسف الشهاب
مرت الحركة المسرحية في الكويت بمراحل عديدة.. كانت البداية متواضعة وفق ما كان متوافرا من امكانات، سواء أكانت بشرية أو فنية، وهذا ما شهدته حقبة الأربعينات، حين أخذت كوكبة من أبناء الكويت آنذاك على عاتقها ادخال التمثيل على يد اساتذة المباركية والمدارس الأخرى، وجاء في الوقت ذاته عدد آخر من الأساتذة أمثال: عقاب الخطيب والمرحوم حمد الرجيب والدكتور صالح العجيري، وغيرهم من الذين شاركوا في وضع اللبنة الأولى للحركة المسرحية.
ثم جاءت الحقبة الثانية في الستينات، وهي مرحلة انشاء المسارح بالكويت وانخرط فيها عدد من الذين استهواهم حب التمثيل مثل المرحوم صقر الرشود والمرحوم عبدالرحمن الضويحي وسعد الفرج وعبدالحسين عبدالرضا وأحمد الصالح وعبدالعزيز النمش وجعفر المؤمن وغيرهم، كما شارك العنصر النسائي في تلك المرحلة فكانت المرحومة عائشة ابراهيم والمرحومة مريم الغضبان وسعاد عبدالله وطيبة الفرج ومريم الصالح وغيرهن من جيل الأمس.
وفي المدارس نشطت الحركة المسرحية على يد الاساتذة الذين قاموا بتشكيل فرق مسرحية من طلاب المدرسة لتقديم عروض على خشبة المسرح المدرسي، ولعل ابرز المسرحيات كانت مسرحية «اسلام عمر». وحين سافر ابناء الكويت للدراسة في الخارج كانت الحركة المسرحية مرافقة لهم فقدموا أكثر من مسرحية هناك، خاصة خلال دراستهم بالقاهرة، كما في هذه الصورة التي يعود تاريخها الى عام 1947، حيث يبدو الطلبة الذين شاركوا في مسرحية «مجنون ليلى» وهم (من اليمين) نوري عبدالسلام شعيب، عبدالباقي النوري، سليمان المدير، محمد الحربش. الصف الثاني: محمد خلف، المرحوم الدكتور عبدالرزاق العدواني، ابراهيم الملا، المرحوم عبدالعزيز حسين، وكان مشرفا في بيت الكويت، المرحوم محمد الفهد، المرحوم حمد الرجيب، المرحوم مهلهل المضف، وجاسم مشاري الحسن.
بدر النقي: الجراد غزا خيرات الكويت قبل الطاعون والجدري
• النقي يعرض الروبية الفضية
أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه. ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي. «القبس» شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية..
• الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالاً ونساء، إلى أن حققوا الطموح أو بعضاً منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، إلا ان قاسماً مشتركاً يجمعهم هو الحنين إلى الأيام الخوالي.
«القبس» شاركت عدداً من هؤلاء الأفاضل والفاضلات في هذه الاستكانة.
***
في مستهل لقائنا مع السيد بدر علي النقي من مواليد 1922 قال: لا أدري كيف قدر الطبيب تاريخ ميلادي فذكر لي انك من مواليد 1922 إلى 1924 قلت له: يا دكتور اكتب وقدر ولكن الموت واحد بين الشباب والشياب.
حديثنا كان في هذا اللقاء عن الجراد والدبا والمآسي التي جرت على أجدادنا بسبب الأسراب التي دمرت وخربت وأكلت الأخضر واليابس.
قال النقي: سؤالك ذكرني بالآهات والحزن وذكرتني يا جاسم بمرض الطاعون الذي أصاب هذا البلد، وبمرض الهيضة (الكوليرا) والجدري والانفلونزا، وأمراض أخرى أصابتنا أيضاً منها: السل والتراخوما والحصبة والفرنجي، والروماتيزم عند كبار السن.
أضاف: أما الجراد وأولاده الدبا الذي كنا نسميه جراد الدبا (حوريات الجراد الزاحفة) فكانت أسراباً في السماء وأسراباً على الأرض غطت أشعة الشمس ورمال الصحراء، على ما أتذكر في عام 1930 كان عمري ما بين 6 إلى 8 سنوات، عانت الكويت من غزو الجراد وجراد الدبا، وقامت أنثى الجراد (مكن) بدفن بيضها في الصحراء فتفقس وتكون جيشا من الدبا الزاحف نحو المدينة، فسيارات الاباء كانت تسحق الملايين، وأصبحت المزروعات عارية من الأوراق، وبعد أن قضى السرب على الأخضر دخل المدينة وسبب التلف الذي لا يحصى ولا ذكر.
قال: الدبا ملأ الابار ودمر وخرب وسميت هذه السنة بسنة الدبا، وأذكر بعض الأبيات:
«قد جاء كالسيل يعدو ليس يمنعه
شيء فما مل من شيء ولا وقفا
فلم نر طرقاً الا وقد ملئت
ولا جداراً ولا سقفاً ولا غرفاً
وأصبحت جملة الآبار منتنة
كأن في جوفها من ريحه جيفا
وكل طفل له من أهله حرس
يحمونه يقظة منه وحين غفا».
وكان الزارع يقول مثالين: «الزارع يزرعه والدبا يأكله». و«العنب شبعان دبا».
مزرعة والدي
وذكر كيف أتلف الدبا والجراد مزرعة النقي، فقال: الدبا أكل كل مزروعاتنا، كانت مزرعتنا عند مدرسة الصباح القديمة في الحي الشرقي قبل أن تبنى، كان والدي يزرع فيها الخضروات بأنواعها، في عام 1931 - 1932 وضع كل ما يملك فيها، وجاءت أسراب من الدبا فأكلت كل ما في المزرعة حتى اليابس منها.
أضاف النقي: قبل هذه السنة، أي من حرب الجهراء، أيضاً هجمت الأسراب فأكلت كل المزروعات ولكن بخسارة أقل (مزرعتنا كانت بنفس موقع مخفر الشرق). وأنا صغير شاهدت الجراد وجيشا زاحفا من الدبا غطت اسرابه السماء والأرض حجبت عنا أشعة الشمس، كنا نعتقد أن القيامة قامت، وكبار السن كانوا يذكرون بعض الآيات من ذكر الله سبحانه وتعالى: «فَأَرْسَلنا عَلَيهمُ الطُّوفَانَ والجَرادَ والقمل والضفاد.عَ» (الأعراف: 133).
وكنت أسمع منهم هذه الآية من (سورة القمر: 7) «خُشَّعاً أبصارهم يخرجون من الأجدَاث. كأنَّهم جرادٌ مُّنتَش.رٌ».
ففي هذه الأوقات اصبح النهار ليلاً والليل نهارا وكانوا يقولون لنا ان الجراد الأنثى (مكن) تضع بيضها في البر فتفقس البيضات فتخرج الدبا وهذه الدبات تنكز وتتناكز أي (تقفز وتزحف)، وتهاجم المزروعات، وكنا نسمي الدبا (عيال الجراد).
قال: بالإضافة إلى تدمير المزروعات، فإن اسراب الجراد أضرت بالمراعي التي لم تجد الأخضر، ففي عام 1930 دخلنا حربا مع الجراد وخسرنا كل المعارك لولا رحمة الله تعالى حينما تأتي الرياح الجنوبية فتلقي بها في الخليج.
مكافحة الدبا
قال النقي: سمعت من والدي عن جدي ان الدبا غزانا في عهد الشيخ مبارك الصباح 1896 ــ 1915 امر الشيخ واوصى الناس لمكافحة الدبا بوضع «كوطي كاز» اي علب كيروسين من الصفيح ويوضع فيه الدبا حتى يموت.
وقال: وسمعت من والدي ان والدتي وضعت ملابسنا على السطح فجاءت اسراب الجراد والدبا فأكلت الملابس واعتقدنا انها سقطت عند الجيران واخذنا نبحث عنها دون جدوى، وحتى الثوب الزري (خيوط قطنية مغلفة برقاق الذهب) لم يبق منه شيء، قال لهم جدي: امسكوا دبا وافتحوا بطنه واذا بتلك الخيوط تظهر في بطن الدبا لانه لا يهضم الزري واما بقية الخيوط القطنية فتهضم، ومن مكافحة الدبا كنا نضع صفائح الحديد على أسوار المزارع حتى لا تتلفها الاسراب، وبالرغم من هذه المآسي والدمار والكوارث شاهدت البعارين وهي تنوخ لانزال حمولتها من الحبوب والتمر وخيش الجراد، فكان بيت جدي بالقرب من المناخ.
وقال: في عام 1930 جاءت مجموعة من الاخوة البحرينيين لزيارتنا قالوا: وصلنا الكويت اعطونا عيش مشخول ولحم ارجاب (البعارين) وشاهدنا عسكرا لم نشاهده من عمرنا يمشون ويأكلون ويناكزون وأهل ما عندهم وسائل لمكافحة الدبا.
وان الدبا والجراد مع البعارين اكلت وقضت على الاعشاب المحملة على ظهورها وقضت على مزارع جمال عبدالله جمال واسماعيل علي جمال، وعلي اسماعيل جمال في الصوابر.
لا مكافحة والجيش الزاحف دمر البيوت، وأكل أبواب الخشب ودخل الغرف، وجيش الدبا سقط في الماء فتلوث.
وقال النقي: في عام 1934 وكان عمري 12 سنة عشت أيام الدبا، وعشت الدمار في مزارعنا ومزارع العيار في الجهراء خاصة أحواض البرسيم، الدبا لا علاج له ولا توجد طريقة لمكافحته. مزارع عمامي في الشرق، ومزارع الفحيحيل والفنطاس، ولا أذكر في الكويت أشجار النخيل إلا واحدة كانت في ساحة الصرافين، وهي نخلة سعمدان لأسرة الطواري، ففي عام 1940 آخر سنة الدبا، وأما الجراد، فاستمر حتى نهاية الستينات وبداية السبعينات.
ذكريات في خاطري
وتحدث أخيرا عن بعض الذكريات التي مازال يحتفظ بها، فأخرج روبية من محفظته قائلا: هي من الفضة وتحمل صورة الملك والامبراطور جورج السادس، والكويتيون تعاملوا بهذه الروبية من حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح الى الشيخ عبدالله السالم الصباح، ألغيت الروبية عام 1961 عند صدور الدينار الكويتي وهي تساوي 16 آنة.
ومن ذكريات النقي أيضا، المرض الذي أصاب الماشية في عام 1940، قال عنه: كنت أشاهد أغناما في بيوتنا تسعل سعالا شديدا ثم تموت، ومن 500 رأس من الغنم لا يسلم الا 10 الى 20 رأسا فقط، وكان يعالج برئة الفأر، وتوضع على أذن الماعز بعد جرحها قبل ان تموت والبعض كان يعالج مرض ابو رمح بقطع رئة الحيوان الميت وتوضع في اذني الحيوان السليم، فهذا علاج أكيد ولقد تم القضاء على أبورمح، وانا شاهدت الأغنام تتساقط قبل ان تعالج.
ومن ذكرياته التي تحدث عنها بألم قال: أغنامي ماتت بسبب الحسد، هذه العين التي لم تصلّ على النبي، وتريد زوال نعمة الله عن أخيه المسلم، واعتقد ان الحسد اشد الأمراض واصعبها حتى من «أبورمح»، واعرف صاحب العين الحاسدة، وقلت له: عينك تأكل الحسنات والخيرات والنعم كما تأكل النار الحطب، فإن الحاسد ساخط لنعم الله، اغنامي ماتت ولا انسى هذه المواقف الحزينة.
معلومات
• موطن الجراد القارة الأفريقية.
• طريقه الى الكويت من الحبشة ثم اليمن والجزيرة العربية والعراق وإيران.
• واسراب الجراد من شمال الجزيرة العربية الى مصر وسيناء وفلسطين.
• من عام 1929 - 1933 دمار شامل.
• 1930 حرب حقيقية مع غزو الجراد والدبا.
• 1931 في شهر أبريل وصل جيش من الجراد مع مليارات من الدبا الزاحفة، ولكن العواصف حملت الحوريات نحو البحر فغرقت.
• الجراد أتلف جبال الروكي عام 1870 - 1880.
• 1989 وصل اسبانيا وروسيا وباكستان والهند.
• اسراب الجراد تقطع 2000 كيلو متر.
• موجة جراد غطت الكويت قديما • الجراد • الدبا • أكل الأخضر واليابس