سعد الدين إبراهيم لـ «الراي»: كلام السيسي تحذير لـ «الإخوان» من أن الجيش سيتدخل لمنع الانهيار
مقابلة / توقع محاسبة مرسي على قتل المتظاهرين السلميين كما مبارك
خارجيات - الجمعة، 8 فبراير 2013 / 911 مشاهدة /
25
سعد الدين إبراهيم
×
1 / 3
شارك:
+ تكبير الخط - تصغير الخط ▱ طباعة
| القاهرة - من أحمد ممدوح |
اعتبر الناشط السياسي وأستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأميركية في القاهرة سعد الدين إبراهيم تصريحات وزير الدفاع المصري الفريق أول السيسي الأخيرة تحذيراً للجميع وتحديدا لجماعة الاخوان المسلمين من أن الجيش سيتحرك في لحظة ما لمنع انهيار البلاد نتيجة التجاذب السياسي وتجاهل الجماعة لمطالب القوى الثورية.
وتوقع إبراهيم في مقابلة مع «الراي» أن يُحاسب الرئيس محمد مرسي على الجرائم نفسها التي اتهم فيها سلفه حسني مبارك، وهي قتل متظاهرين سلميين، متهما وزير العدل في الحكومة المصرية المستشار أحمد مكي بأنه إحدى الخلايا النائمة لجماعة «الإخوان المسلمين» داخل النظام السابق، وقد ظهر ذلك جليا في ممارساته أثناء حكم مرسي.
وفي الاتي نص المقابلة:
• كيف ترى المشهد السياسي المصري عقب أحداث الذكرى الثانية للثورة وما تلاها؟
- إسالة دماء بين قطاع كبير من الشباب المصري مجددا نتيجة ابتزازهم سياسيا هو نكسة جديدة، يتحمل مسؤوليتها الرئيس الذي جاء ليحقق مطالب هؤلاء الشباب، لكنهم وجدوا أنفسهم بعد فترة وجيزة في مواجهة مع نظام يريد إنتاج ديكتاتورية قديمة. المشهد الراهن بكل بساطة هو حالة غضب عارمة من الشباب الذي خرج يوم 25 يناير منذ عامين يطالب بالحرية، حينها كانت جماعة الإخوان تهادن النظام، وبعد قليل بدأوا يستشعرون غضبة الشباب القوية فاشتركوا معهم في الميدان، ثم انقلب كل شيء وانعكست الروح التشاركية بعد جلوس ممثل لهم في مقعد الرئيس، وهو ما أدى إلى انفجار حالة الاحتقان المتراكمة منذ أزمة الدستور ثم الإعلان الدستوري المستبد ومحاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي من قبل أنصار الرئيس، وهو ما أدى إلى مشاهد المقاومة الحالية ضد هذه السلطة في الذكرى الثانية لثورتهم.
وكيف ترى اتهام قادة الإخوان لجبهة الإنقاذ بالمسؤولية عن الأحداث الراهنة؟
- للأسف، الفشل في كل النظم الاستبدادية وراثة لا جديد فيها، هم يظنون أنهم بتبريراتهم هذه يستطيعون التنصل من مسؤوليتهم، لكني أتعجب ممن يتنصلون من مسؤولياتهم، فذاكرة الشعوب غير قابلة للمحو أو التبديل، الوعود التي قطعوها على أنفسهم خلال الثورة والانتخابات الرئاسية مسجلة وموثقة، والآن هم يهربون من إخفاقاتهم بتحميل المعارضة مسؤولية فشل سياساتهم وغضب الشباب عليهم، ثم دعني أكون أكثر صراحة: من قال إن هؤلاء الشباب المتواجدين في التحرير هم أتباع جبهة الإنقاذ، أو ينتمون لحزب الوفد أو حزب الدستور الذي يتزعمه محمد البرادعي، أقول إن هؤلاء الشباب ليسوا بالضرورة أتباع قادة المعارضة الحالية، لكن يكفي أن نقول إنهم يرون أحلامهم يعصف بها النظام الإخواني المستبد، وهذا يكفي لأن يعترضوا ويحتجوا دون انتظار لجبهة معارضة أو حزب.
• لكن هناك بالفعل أحداث عنف... من يتحمل مسؤوليتها؟
- يُسأل عنها القائد السياسي الذي انتخب منذ شهور، نحن الآن وسط حالة احتقان سياسي يصاحبها غضب شعبي، وعلينا أن نعلم أن حركة الشارع ليست منظمة، ولا يمكن السيطرة عليها بسهولة، نحن نقف الآن أمام مشهد فارق في تاريخ مصر، الشباب الذي كان وقود الثورة يشعر بحالة ابتزاز سياسي، وتحد من قبل الرئيس وأنصاره الذين يصفقون ويهللون وفق أوامر قائدهم ومرشدهم، وحسب آليات السمع والطاعة عندهم، كل هذا يزيد الأمر توترا ويخلق العنف، نتيجة التباطؤ الشديد في إدارة الأزمة السياسية، وإدراك مطالب هؤلاء الشباب، والجلوس الجاد مع المعارضة لوضع نهاية لهذه التحديات التي تواجه مسار الثورة.
• كيف تقرأ تعامل مؤسسة الرئاسة في ضوء تحركات الرئيس مرسي وقراراته بشأن وقف نزيف الدم؟
- تزاملت والرئيس مرسي والمهندس خيرت الشاطر في سجون النظام السابق، وقد اقتربت منهم لأكثر من عامين، هم عندهم خلل حاد في إدارة الأزمات، وهم يعلمون أن هناك حالة غضب شديدة في الشارع بين الشباب، ويعرفون أن هناك أزمة سياسية لا تحل بإجراءات أمنية كما اعتقد مرسي.
فبعد تأخير شديد لمدة يومين خرج الرئيس ليحذر من الثورة المضادة، وأنه يحملها أحداث العنف في مدن القناة، ثم يفرض الطوارئ ويعلن حظر التجوال في مدن القناة، ويتوعد أنه لو استدعى الأمر أكثر من ذلك لفعل.
صحيح أن المشهد في بورسعيد يحتاج بعض التدقيق نتيجة الحكم القضائي الصادر في قضية شهداء مباراة كرة القدم بين النادي الأهلي والمصري وما نتج عنه من مظاهر سلبية، لكن مدن القناة منذ البداية كانت منتفضة مثلها مثل القاهرة والإسكندرية وبقية المحافظات نتيجة مطالب سياسية، أي أن الرئيس والجماعة يديرون خطابهم السياسي بمنطق الفشل والتهرب من المسؤولية.
• كيف ترى إذاً دعوة الرئيس للحوار الوطني؟
- سأقول إنها دعوة طيبة، لكنني أرجو أن يرد أي شخص عاقل على السؤال: ما نتائج الجولات السابقة للحوار؟
في بادئ الأمر تحاور الرئيس مع رموز العمل السياسي حينها، فخرج بعدها عليهم بالإعلان الدستوري الذي تسبب في إسالة الدماء أمام قصر الاتحادية بين أنصار الرئيس وخصومهم، وبعدها بالتبيعة رفضوا دعوته للحوار، وفي المرة الثانية فشل الرئيس في الوفاء بتعهده، وبعدها اجتمع مع الذين قبلوا الدعوة للحوار، ووضعوا شروط مصالحة وطنية، هي أن ما تتم الموافقة عليه في جلستهم سيذهب لمجلس الشورى ليشرع في ضوئه بعض القوانين لحل الخلاف السياسي حينها، وبعد الاتفاق على قانون الانتخابات البرلمانية ألقى حزب «الحرية والعدالة» بهذا الاتفاق خارج حساباته، فانسحب حينها من حضروا وأعلنوا عدم جدية الحوار ونتائجه، والآن تقول لي دعوة للحوار مجدداً دون ضمانات، إذاً ما الجديد الذي ستقدمه هذه الدعوة، خصوصا أن الرئيس حذر في خطابه من الوضع الأمني والثورة المضادة، أي أنه وأنصاره لا يريدون أن يعترفوا أن أزمتهم سياسية في المقام الأول، ويقدمون الملف الأمني على الحل السياسي.
• ما رؤيتك لدعوة البرادعي الرئاسة للحوار بحضور الجيش والشرطة؟
- هناك ضغوط خارجية تُمارس على الرئاسة والمعارضة للخروج من هذه الأزمة، وهنا كانت دعوة البرادعي للحوار مع الرئاسة لكن بشرط أن يكون هناك ضامن لهذا الحوار، فكانت دعوة الجيش والشرطة كشهود بين طرفي الخلاف السياسي لضمان الجدية، وكذلك فإن الجيش والشرطة هما شريكان في الأحداث اليومية، فالشرطة كل يوم تواجه المتظاهرين الرافضين لمرسي، ما أدى لعودة تسميم الأجواء بينها وبين الشباب، كذلك فإن الجيش من اللحظة الأولى هو الذي التزم بالتجربة الديموقراطية وفي النهاية هو المؤسسة الأخيرة لحماية الوطن.
• كيف تقرأ تصريحات وزير الدفاع عن أن الصراع السياسي الراهن قد يؤدي إلى انهيار البلاد؟
- هي رسالة واضحة أن الجيش يراقب ما يحدث جيداً، وأن استمرار هذا الصراع كما قال الفريق السيسي سيؤدي إلى انهيار الدولة. وهو نتيجة المواجهات المستمرة بين الشباب والشرطة والعناد السياسي المتمثل في موقف جماعة الإخوان، وبالتالي مفاد هذه الرسالة أن نتيجة هذا الصراع قد تستدعي تدخل الجيش في لحظة ما لمنع انهيار الدولة، وبالتالي هي رسالة تحذير جادة للجميع.
بالطبع تحديدا للإخوان لأنهم من في السلطة، وفي يدهم حل كثير من الأمور سياسيا، وكذلك رسالة لكل من يريد أن يعبث بمقدرات الوطن في هذه اللحظات الحرجة.
• لكن جماعة الإخوان تقول إنها لن تسمح بعودة الجيش لأي عمل سياسي، ولن تقبل بحوار يحضره الجيش؟
- دعهم يقولون ما يريدون، للأوقات العصيبة حساباتها، ولن تستمر حوادث العنف وإهدار أرواح شبابنا دون أن يتحرك ساكن، الجيش مازال يملك الكثير من زمام الأمور في اللحظات الحرجة.
دعني أؤكد أن مرسي لن يفلت من مغامراته هذه التي يسقط خلالها كل يوم أرواح جديدة وسيأتي اليوم الذي سيحاسب فيه على نفس تهم مبارك في قتل متظاهرين سلميين.
• كيف ترى اتفاق أحد أنصار الرئيس وهو حزب النور السلفي مع جبهة الإنقاذ حول بنود حل الأزمة؟
- بالطبع هي خطوة مهمة، فالذين وقفوا يوماً ما مع الرئيس وحزبه في الشارع في تظاهراتهم الداعمة أدركوا خطورة الوضع الراهن، وأدركوا عدم جدية النظام الإخواني في التعامل مع السلفيين كشركاء في كثير من الأمور، فالإخوان يستغلون السلفيين في تحركات وخطوات تصعيدية، لينأوا بأنفسهم من الصورة، وقد أدرك حزب النور حقيقة عدم جدية الإخوان في شراكة حقيقية معهم أو مع غيرهم.
لذلك كانت اللحظة الفاصلة في أن يجلس حزب النور مع جبهة الإنقاذ في مقر حزب الوفد ليخرجوا باتفاقهم حول ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية وإقالة النائب العام الذي مازال يُثار تجاهه شكوك بعدم مشروعية تعيينه والاتفاق أيضا على خارطة طريق واضحة للخروج من المأزق الحالي.
• كيف ترى ظاهرة شباب «البلاك بلوك»؟
- هي إحدى الثمار الطيبة للثورة، وهي تعبير عن فضاء جديد بين الشباب النقي، الذي وجد أن كثيرا من الأمور تخطف من يديه، فوجد ضالته في الفضاء الاجتماعي عبر «فيسبوك» لجمع عدد كبير من الشباب المتضامن على أهداف الثورة للنزول في مشهد احتجاجي ملثمين يريدون إيصال رسالة واضحة للنظام الحكام أن «للثورة شبابا يحميها».
وقد أعرب هؤلاء الشباب عن سلمية احتجاجاتهم، صحيح أنني أخشى أن يندس بينهم من يفسد تنظيمهم بارتكاب أي أعمال تخريبية، لكن هي رسالة واضحة من جيل جديد رافض لهذا الواقع والنمط الاستبدادي الجديد.
• ما تعليقك على قرار النائب العام بالقبض على أي عضو في «البلاك بلوك» إذا تواجدوا في أماكن تجمعات أو تظاهرات؟
- دعهم يقولون ما يشاءون، فقد أعلن مرسي حظر التجول في مدن القناة، وهنا أسأل أين هذا الحظر الذي سرعان ما كلف المحافظين بمعالجة الأمر تمهيداً لإلغائه بعد فشله. كذلك ستكون دعوة النائب العام مصيرها الفشل وإلا عليه مواجهة الآلاف من الشباب الغاضب. وأنا أطلق صيحة تحذير هي ألا يتمادى الأمر في استفزاز هؤلاء الشباب حتى لا يتفاقم الموقف سوءاً، لأن الخاسر هو الوطن، وعلى السلطة أن تستمع لهؤلاء الشباب، وتدرك دورهم في المجتمع، بدلاً من محاربتهم لخدمة شخص أو حزب، فقد رحل مبارك والحزب الوطني، وبقي هؤلاء الشباب أمل مصر وكذلك سيرحل مرسي ويبقى هؤلاء الشباب.
• ما ردك على تصريحات وزير العدل عن أن قانون التظاهر الجديد سيسمح باستخدام القوة المفرطة لمواجهة العنف؟
- أود أن أوجه سؤالاً لوزير العدل الذي دافعنا عنه يوماً في مركز ابن خلدون للدراسات وحقوق الإنسان: من الذي يتسبب في العنف، ومن الذين دعوا أنصارهم للنزول في وجه تظاهرات غاضبة أمام قصر الاتحادية فخلف عددا من القتلى؟ يبدو أن وزير العدل كان احدى الخلايا النائمة لجماعة الإخوان، فجماعة الإخوان في ظل النظام السابق كانت لا تستطيع التصريح بانتماءاتها السياسية للجماعة بسب موقعهم في الدولة وحساسية درجاتهم.
الراي