


البريمل

عضو مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

القبس
كلمة حـق أبـواب الدستورية (1)

بقلم: المستشار عادل بطرس
المحكمة الدستورية هي واسطة العقد في منظومة القضاء الكويتي التي بغيرها ينفرط العقد، فهي التي تحمي الدستور أبا القوانين، وهي التي تقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الاعتداء على الشرعية الدستورية، ولهذا كان طبيعيا أن اثارت الاحكام التي صدرت من المحكمة الدستورية اخيرا اهتمام الكثيرين الى درجة انه لا تكاد تخلو صحيفة واحدة من الاشارة اليها. ولقد دفعني هذا ان اعد هذا المقال لأعلق فيه على تلك الاحكام، ولكن تأخر نشر المقال لأنني كلما شرعت في نشره صدر حكم جديد حقق نصرا جديدا للشرعية الدستورية مما يضطرني إلى ارجاء النشر لاشمله بالتعليق، واليوم عزمت على نشر المقال بإذن الله ما لم يصدر حكم جديد يحقق نصرا جديدا، وهو ما أتمناه!
ولقد كان احدث هذه الاحكام الحكم الذي صدر برفض الطعن في صحة عضوية النائبتين د. رولا الدشتي ود. أسيل العوضي، وقبله مباشرة الحكم بعدم دستورية القانون الذي فرض على المرأة الحصول على موافقة زوجها على استخراج جواز سفر لها، وكلها انتصارات للدستور والمرأة، ورغم أهمية موضوعات هذه الاحكام لأنها مؤثرة في الحياة السياسية والاجتماعية في المجتمع الكويتي، فإنني لا اعتزم أن أتناول موضوعها في هذا المقال، وإنما سأتناول فيه طريقة عرض النزاع على المحكمة الدستورية، وفي هذا المجال لا بد أن نعترف بأن المحكمة الدستورية كانت عند إنشائها متشددة غاية التشدد في قبول الدفع بعدم دستورية القوانين واللوائح، فعلاوة على الشروط القاسية التي اشترطها قانون إنشائها لقبول الطعن بعدم دستورية القوانين وأولها التمييز بين الحكومة ومجلس الأمة من جهة وسائر الأفراد من جهة أخرى، فالأولى تملك أن تقيم دعوى مبتدأة تطعن فيها بعدم دستورية قانون من القوانين أو لائحة من اللوائح، أما الأفراد فإنهم لا يملكون إقامة مثل هذه الدعوى وإنما كل ما يملكونه هو الدفع بعدم الدستورية من خلال دعوى موضوعية يقيمونها على ان تقرر المحكمة التي تنظر تلك الدعوى أن الدفع بعدم الدستورية دفع جدي فتوقف الدعوى وتحيل الدفع الى المحكمة الدستورية، علاوة على ذلك أضافت المحكمة الدستورية شرطاً آخر جرت به أحكامها منذ بداية إنشائها حتى سنة 2007، فقد جرت هذه الأحكام على عدم قبول الدفع بعدم دستورية القانون إذا ما كان المدعي قد كشف في صحيفة دعواه الموضوعية عن اعتزامه ابداء هذا الدفع، فقد كانت تعتبر الدعوى في مثل هذه الحالة دعوى دستورية أصلية تخفت في شكل دفع فتقضي بعدم قبوله، وقد خلق هذا التفسير المتشدد نهجا خاصا أوجب على الأفراد سلوكه عند اللجوء الى الدفع بعدم دستورية نص من النصوص، وهو تجنب الإشارة الى عدم دستورية ذلك النص في صحيفة الدعوى بأي شكل من الأشكال حتى لا تعد طعنا بعدم الدستورية بدعوى أصلية وهو ما لا تملكه إلا الحكومة ومجلس الأمة. ولقد كان هذا التشدد سببا في أن ظلت أبواب المحكمة موصدة في وجه كل من يفكر في الطعن بعدم الدستورية، إلى أن عدلت عن هذا الشرط القاسي بحكمها الصادر في سنة 2007، الذي قالت فيه ان الدفع بعدم الدستورية دفع موضوعي يجوز ابداؤه في أي حالة تكون عليها الدعوى، ولا مانع يمنع المدعي من ابدائه في صحيفة دعواه، ففتحت أبواب المحكمة أمام الأفراد للدفع بعدم دستورية القانون، ومن ثم أصدرت هذه الأحكام المبهرة.
وللحديث بقية..
