في محيط القوانين-------------------------


post_old.gif
27-12-2010, 11:26 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,963

icon1.gif

القبس


أجهزة معاونة للقضاء تتسبب في تأجيل قضايا لسنوات ولا أحد يبحث عن الحل! أين العدالة.. من بطء العدالة؟

Pictures%5C2010%5C12%5C27%5C31606b4f-1738-40aa-a310-4816941f6ca5_main.jpg
قصر العدل
إعداد مبارك العبدالله
يواجه المتقاضون في البلاد منذ سنوات طويلة معضلة تتمثل في بطء تحقيق العدالة، اذ تصدر الاحكام القضائية بجميع درجاتها الثلاث، ويظهر من له حق ومن لا يستحق ذلك الحق، لكن بطء الاجراءات يؤخر فرص المظلوم بحصوله على العدل، وتمتع الظالم بأطول وقت دون أن تطاله العقوبة. والكويت في هذه الحال كغيرها من الدول المتقدمة تعاني ايضا من بطء العدالة. وقد سبق ان أشرنا الى ان محاكم الولايات المتحدة رسم عليها «سلحفاة» في اشارة الى بطء العدالة لديها، لكنه من غير المنطق ألا ننشد نحن الدولة المتميزة والراقية في كل شيء تحقيق هذا الامر، خصوصا ان ثقافة التقاضي أصبحت سائدة لدى مجتمعنا ولا بديل عنها في الحصول على الحقوق التي يطالب بها اصحابها.
ويرفض «القانونيون» ان يلصق هذا الاتهام بالسلطة القضائية لتكون هي المتسببة في هذا الامر، مؤكدين في الوقت نفسه ان الاجهزة المعاونة للقضاء، التي يتطلب منها اصدار تقارير تكميلية حتى يتم الاخذ بها في القضايا المنظورة امام المحاكم هي التي تعطل وصول هذه التقارير، مشيرين الى ان بعض الجهات تتسبب في الغاء بعض الدعاوى، وذلك لتأخر وصولها الذي يمتد لأكثر من عام كامل، وبالتالي ضياع حقوق المتقاضين.
وطالب البعض من القانونيين بالاخذ بالحلول التي اتبعتها بعض الدول في مجال حل مشكلة بطء العدالة، موضحين ان من ضمن تلك الحلول وضع غرامة مالية من خلال التعديل التشريعي لكل خصم في قضية يثبت انه كان يتعمد التقاضي، وهو يعلم علم اليقين انه ليس له حق.

البطء ظلم
ابتعد المحامي عبدالحميد الصراف قليلا عن ضرب امثلة في مسألة تعطيل العدالة او بطئها، مشيرا في الوقت نفسه الى قاعدة نص عليها الفقه الفرنسي مرتبطة بالموضوع، وتؤكد على ان البطء في تنفيذ العدل ظلم، كما ان البطء في تحقيق العدالة فيه مصادرة عن المطلوب انصافه من الناس.
واضاف الصراف ان بطء العدالة هو عدم انصاف الناس، بحيث يفوت ميعاد تحقيق الامر، وبالتالي هذه المصادرة المطلوبة.
وبين في الوقت نفسه ان البطء في سير العدالة ظاهرة عالمية وليست محلية، ومن ابرز الامور فيها تشعب الحياة، فالقضية لم تعد عن حق واضح المعالم، والقاضي اليوم يلجأ الى الأذرع الفنية في الامور الحسابية والاقتصادية وغيرها وقد تؤدي كل هذه الامور الى البطء في تحقيق العدالة.
واستطرد قائلا: في وضعنا المحلي ارى ان لبطء العدالة ابعادا اخرى، فالاحكام التي تصل إلى محكمة التمييز تحتاج الى وقت طويل جدا، على سبيل المثال، حتى تنتهي نيابة التمييز الى وجود وجه في نظر الحكم أو اصوله، الى غرفة المشورة، موضحا ان الحكم يعتبر نهائيا لكنه غير بات، وبالتالي طريقة وجود فحص القضايا معوق آخر.
وأشار الى ان الاجراءات التي رسمها القانون في بعض القوانين تعتبر معيقة لتحقيق العدالة، ومنها الاعلان وطريقة حصوله واعادة الاعلان وطريقة حصوله والشكوى في الجهاز المعاون وارجاء الشكوى.
تشجيع التحكيم
وضرب مثالاً على ذلك قائلاً: اذا تقدم احد الاشخاص بشكوى امام المحكمة، وبعد تقديم الشكوى امهل الخصم حتى يأتي، وبعدها يأتي مندوب عنه، واذا جاءت الجلسة الثالثة يأتي ليطلب الرد عليه، موضحا في الوقت نفسه ان الاجهزة المعاونة إن خلت من الرقيب في اداء المنصوص منها لتحقيق الغرض فهي تعتبر معوقا في تطبيق العدالة اذا أُسيء استخدامها او اذا لم تستخدم بالشكل المطلوب الذي يوافق غاية واضع القانون.
وخلص الى انه لا بد من تشجيع التوسط والتحكيم لتخفيف العبء على المحاكم، مشيرا الى انه في عام 1940 اجتمعت لجنة في مصر للبحث عن حل في تخفيف الاحكام المنظورة امام المحاكم، فكانت هناك خيارات اما ان يصدر القاضي الحكم في وقت معين، او يتم زيادة عدد الدوائر حتى يتم الفصل في القضايا بشكل سريع.
وقال انه بين الخيارين تم الاخذ بالاكثار من قاعات المحاكم، مشيرا الى ان ذلك يعتبر حلا لكنه ليس كل الحلول، فلابد من اللجوء الى بعض القوانين التي تؤدي الى تطوير الاجراءات، موضحا ان مركزية المحاكم انتهت واصبحت لا مركزية.

أقرب للظلم
وبدوره، اكد المحامي نجيب الوقيان ان العدل البطيء يكون اقرب للظلم، وهذا امر متعارف عليه في مسألة البطء في تحقيق العدالة، موضحا في الوقت نفسه انه ومن هذا المنطلق هناك الكثير من الشكاوى.
واضاف اننا لا نتحدث عن القضاء وانما نتحدث اولا عن الجهاز المعاون للقضاء، فهناك مشكلة تختص بموضوع الاعلانات، فمن الممكن ان ترفع الدعوى في نهاية الشهر، وبعد عام كامل ــ وبسبب قلة مندوبي ــ يأتي الاعلان، وهذا هو اول الاسباب.
واشار الى مشكلة التأخير في طباعة الاحكام القضائية، اضافة الى تحديد جلسة امام محكمة التمييز في ظل هذا الكم الهائل من الملفات التي تحتاج الى عدة دوائر للنظر فيها، وفي النهاية قد يموت الانسان من دون ان يحصل على حقه، ويبدأ الورثة بمتابعة القضايا، مبينا انه لهذه الاسباب قد تستغرق الدعاوى المنظورة امام المحاكم سنوات طويلة.
معاناة
ونبه الى انه اذا صدر حكم نهائي وبات، نجد معاناة اخرى تتمثل في تنفيذه، مشيراً الى ان جهاز التنفيذ ليس بطيئاً فقط، بل هو في مرحلة الموت، فدائما نقول انه لا فائدة من حكم من دون تنفيذه.
وخلص الى ان حل هذه المعضلة بعد عمله 29 عاماً في مهنة القانون، يكمن في خصخصة الاعلان والطباعة والتنفيذ حتى يكون هناك اصلاح وسرعة في العدالة.
ليس بطيئا
ويرى المحامي فهاد العجمي ان القضاء بشكل عام ليس بطيئاً، موضحاً ان اكثر من يعطل القضاء من خلال صدور احكامه هي الجهات المعاونة، فعلى سبيل المثال نجد ادارة الخبراء بطيئة في اعادة القضايا للخبير، اضافة الى مسألة القضية عندما تكون لدى النيابة، وتحتاج الى اجراءات رد الحصانة، كذلك القضايا التي يكون فيها طلبات كثيرة كاحضار الشهود وغيرها من تلك الاجراءات. وشدد على انه من الضروري اعطاء مدد مقيدة لادارة الخبراء وغيرها من الادارات المعاونة، اضافة الى اعطاء دورات تدريبية للاجهزة المعاونة بشكل عام، مشيراً في الوقت نفسه الى ان هناك مشكلة تتواجد في ادارة الاعلانات، فهناك قضايا تتأخر من قبل بعض مندوبي الاعلانات ما بين الاهمال وتزايد القضايا وعدم الدقة، وفيها تأجيل كثير من القضايا.
وقال ان المفترض أن يكون هناك رقابة عليهم، مستغرباً في الوقت نفسه من مسألة تسليم القضية في تاريخ وبعد شهر تقريباً لا يتم الاعلان عنها، اضافة الى ان هناك بعض القضايا يتم اعلانها عن طريق وزارات معينة وفيها آلية بطيئة جداً قد تتسبب في سقوط الدعاوى بانقضاء المدة بعد ان تمضي سنوات من دون اعلانها، خصوصاً اذا كان احد الخصوم اجنبيا وليس له محل في الكويت ويتم اعلانه عن طريق وزارة الخارجية، ويجب ان يكون فيها جهاز قانوني يتابع هذه المسألة حتى لا تسقط دعاوى الاشخاص.

العطل
واوضح انه في الواقع هناك قضايا تستغرق سنوات لاسباب يجهلها الناس، وعلى سبيل المثال التقاضي على ثلاث درجات، فبعض القضايا تمر عليها عطلة قضائية، اضافة الى وصول بعض القضايا لمحكمة التمييز وتتأخر لقلة الدوائر في هذه الدرجة.
وخلص الى ان المسؤولية الكبيرة تقع على وزارة العدل، اضافة الى الجهات التي تتبعها مثل ادارة الخبراء والطب الشرعي والادلة الجنائية وادارة الاعلانات، خصوصاً الادارات التي تحتاج الى اعادة ترتيب من جديد، كذلك قد تكون هناك حاجة لتعديل تشريعي في قانون المرافعات او قانون الاجراءات الجزائية في ما يتعلق بالدعاوى الجنائية، بحيث ترتبط احالة الدعوى من النيابة الى المحكمة بمدد معينة يجب ألا تتجاوزها، أما في قضايا الجنح فالوضع سيئ إداريا، لأن القضايا تتأخر كثيرا، والمتابعة ضعيفة وتحتاج إلى متابعة إدارية متمكنة للتغلب على الأسباب التي تؤدي إلى تعطل القضايا في الجنح العادية وجنح المرور، لأنه يترتب على الفصل في الكثير من جنح المرور رفع دعاوى ومطالبات مدنية لا يمكن رفعها إلا بعد الفصل في الجنحة المتعلقة بها.
الإعلان البطيء
اما المحامي نادر العوضي فقد أكد أن مسألة البطء في صدور الأحكام النهائية في القضايا الماثلة أمام المحاكم الكويتية والخاصة بالمتقاضين تنقسم إلى قسمين، فهناك الأجهزة المساعدة وهي من اسباب تأخر العدالة في وصولها إلى صاحب الحق، متسائلا: كيف يستمر إعلان القضية 6 اشهر على سبيل المثال، وتكون هناك مدة مماثلة لها لإعلانها في إدارة الخبراء؟ فضلا عن إعلان المدعى عليهم والذي يتسبب في التأخير ويعتبر جزءا من المشكلة.
واوضح ان هناك عائقا يتمثل في الكم الهائل من الخصومات بين الناس على «الفاضي» و«المليان»، حتى ان من له حق أصبح لا يستطيع الحصول عليه، فالكل يريد ان يستمر بالتقاضي لمدة سنوات حتى ينتقم من خصمه.
وقال ان الخصم لو يعلم أجور المحاماة والتكاليف الحقيقية في التأخير لسارع الناس الى عمليات التصالح في ما بينهم وحل القضايا بشكل ودي، وهناك جزء آخر فالعدالة ليست مسألة بسيطة، والوصول إليها يحتاج إلى خبرة ووقت ودراسة، وأغلب التأخير يكون من الأجهزة المساعدة في القضاء.

غرامات
وبيّن انه يجب تدارك هذه المشكلة سريعا وان يكون ذلك من خلال تعيين اجهزة مساعدة على كفاءة، فلماذا يكون اللجوء للعدالة غير مكلف مثلا؟ فلنجعل من يتعمد تعطيل العدالة ويعلم انه ليس له حق يدفع غرامة مالية، ففي اميركا وغيرها من الدول المتقدمة، لا تكون القضايا مزدحمة لأنهم يعلمون أن ذلك مكلف، موضحا ان عدم مراعاة الله بالخصومة يجب ان يكون مكلفا، والمحاكم في الدول المتقدمة تحكم على من يثبت لديه لدد.
واختتم بالاشارة الى الاختلاف في نوعية القضايا التي تنظر امام المحاكم، موضحا في الوقت نفسه ان هناك قضايا تأخذ 20 سنة حتى تنتهي بسبب طبيعة المنازعات والخلاف القانوني وما يحتويها، كما ان هناك قضية لا تستغرق اشهرا حتى يتم الانتهاء منها، فالعملية ليست واحدة، ويجب ان نعرف هذا الامر.


 

post_old.gif
28-12-2010, 02:19 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

بيع السَّلم..!





هل يجوز لك ان تبيع «الفقع» قبل ان يظهر في ارضك؟ وهل يجوز للشركة مكتشفة البترول ان تتعاقد على بيعه قبل ان تستخرجه من البئر؟ وهل يجوز للمؤلف ان يبيع كتابه قبل أن يبدأ في تأليفه؟ كل هذه الاسئلة وغيرها اجاب عنها القانون، واجابت عنها ــ من قبله ــ الشريعة الاسلامية، فقد عرف الفقه الاسلامي هذا النوع من البيوع واطلق عليه بيع السلم (بفتح السين) فالفقه الاسلامي مجمع على ان بيع المعدوم باطل، ولكنه استثنى من هذه القاعدة بيع السلم وعرفه بأنه بيع شيء غير موجود بالذات بثمن مقبوض في الحال على ان يوجد الشيء ويسلم للمشتري في اجل معلوم وهو الحل ذاته الذي اتبعه كل من التشريع المصري والتشريع الكويتي وان كان كل منهما لم يطلق عليه هذه التسمية، ففي القانون المصري يوجد بيع مؤجل التسليم ويكثر التعامل به في البورصة: في البضائع كالقطن، وفي الاوراق المالية المسعرة، كما اخذ به ايضا القانون المدني الكويتي واطلق عليه بيع الشيء المستقبل فنصت المادة 168 من ذلك القانون على انه «يجوز ان يرد العقد في شأن شيء مستقبل ما لم يكن وجود هذا الشيء رهينا بمحض الصدفة»، وعلى ذلك يجوز بيع ثمار الحديقة قبل ان تنضج كما يجوز بيع منزل تحت الانشاء او بيع مؤلف لم يتم الانتهاء من تأليفه، او بيع صاحب مصنع مقدارا معينا من مصنوعاته قبل ان يبدأ في انتاجها ولكنه يشترط لصحة البيع في هذه الحالة الا يكون وجود البيع مرتبطا بمحض الصدفة، لأنه اذا كان المبيع رهنا بمحض الصدفة، فإن العقد يبطل لعدم مشروعية المحل، فيبطل البيع الذي يبيع فيه الصياد ما سوف يخرج في شباكه من سمك بمبلغ معين، وهو ما يسمي ببيع الصياد ضربة شبكته لأن وجود السمك مرتبط بالصدفة فقد تخرج الشباك خالية، كذلك يبطل بيع النبات الذي يرتبط وجوده بمحض الصدفة مثل بيع الفقع الذي يوجد في ارض معينة، ففي هذه البيوع يدفع المشتري الثمن قبل ان يعرف ما تحتويه الشبكة من سمك او ما قد يوجد في الارض من فقع فالمشتري في هذه الحالة لا يشتري شيئا مستقبلا وانما يشتري املا في وجود الشيء وهو عمل من اعمال المضاربة غير المشروعة فالمتفق عليه انه اذا كان وجود الشيء مرتبطا بإرادة البائع فلا يكون وجود المبيع رهنا بمحض الصدفة، فصاحب المصنع الذي يبيع منتجات مصنعه المستقبلة لا يتعاقد على مجرد امل في وجود هذه المنتجات وانما يتعاقد على منتجات ستوجد حتما اذا بذل الصانع جهدا في انتاجها. اما اذا كان وجود المبيع لا يرتبط بإرادة البائع وانما بأمر خارجي عنه فإن الامر لا يعدو ان يكون مجرد احتمال قد يتحقق وقد لا يتحقق ولذلك فإن المشرع لا يبطل البيع الذي يكون محله شيئا محتمل الوجود او قابلا للوجود وانما يجب لبطلان العقد ان يكون ذلك الوجود مرتبطا بمحض الصدفة اي ان يكون وجوده او عدم وجوده مسألة صدفة بحتة، فبيع ثمار قائمة على اشجارها او محصول ستنتجه الارض يفيد بانه وان كان وجود المبيع لا يرتبط بإرادة البائع، لكنه لا يرتبط ايضا بمحض الصدفة، وانما بالمجرى العادي للامور، فما لم تحدث قوة قاهرة كظروف جوية تؤدي الى هلاك المحصول فإن المبيع سيوجد حتما ولا شك انه في هذا النوع من البيع يأخذ المشتري على عاتقه قدرا من المخاطرة ولكنها مخاطرة محسوبة بحسب اصول الزراعة وبالتالي لا يكون وجود المبيع رهنا بالصدفة المحضة، ومعنى هذا ان البيع يكون صحيحا اذا كان واردا على شيء يرتبط وجوده بإرادة البائع وحدها لان ذلك يبعده تماما عن محض الصدفة كما ان البيع يصح اذا كان مرتبطا بالصدفة مع عوامل اخرى ولكنه يبطل اذا كان وجوده او عدم وجوده رهنا بالصدفة وحدها اي دون ان يكون الى جانبها عوامل اخرى.


المستشار عادل بطرس
 

post_old.gif
29-12-2010, 10:26 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

القضاء.. والطغيان!







ظاهرة صحية تستطيع ان ترصدها اذا قلبت صفحات التاريخ القديم او الحديث، وهي ان السلطة القضائية دائما تكون اقل السلطات تأثرا بالطغيان، فالسلطة التشريعية تكاد تختفي لان الطاغية لا يقبل ان يشاركه انسان في الامر والنهي، والسلطة التنفيذية تصبح اداة الطاغية في تنفيذ رغباته، ووسائل الاعلام تصبح ابواقا للدعاية له، أما القضاء فيظل بعيدا نسبيا عن يد الطغيان، ومهما تفنن الطغاة في قهر شعوبهم وأغرقوهم في طوفان من الحيف والجور تبقى هناك جزيرة صغيرة وسط هذا الطوفان الكاسح محمية من الغرق، قد يطولها رذاذ يرش قمتها، او قد تضرب الامواج اقدامها، ولكن يظل جسمها او الجزء الغالب من جسمها سليما معافى لا يمسه سوء، هذه الجزيرة المحمية هي القضاء، فالظالم عادة لا يلاحق جميع القضايا المطروحة امام القضاء، فلا وقت لديه ولا قدرة له على متابعة كل القضايا، فيقصر تدخله على القضايا التي تهمه فقط كتلك التي تؤثر على اركان حكمه او التي تخص عددا من المنتفعين من حكمه وينصرف عما عداها، وربما يتعمد ذلك ليتظاهر بأنه يحترم القضاء، او ليتخذه ذريعة للدفاع عن احكام بعينها تصادف هوى في نفسه، فيتعلل بأنه لا يستطيع التدخل في احكام القضاء لان القضاء مستقل!، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فإن رجال القضاء في العالم كله، بحكم اعدادهم وبحكم تكوينهم، تواقون بطبعهم الى اقامة العدل بين الناس كلما وسعتهم الطاقة، ولهذا فإنهم لا يتركون فرصة يلتفت فيها الظلم عنهم الا وانتهزوها ليثبتوا ان القضاء دائما هو الملجأ والملاذ، بل ان كثيرين منهم وقفوا في وجه الظلم غير مبالين بما قد ينالهم من الطوفان، غير ملتفتين الى ما نال اقرانهم من قبلهم، فلم يقل احد ان قضاة مصر مثلا قد تأثروا في قضائهم بالمذبحتين اللتين وقعتا في سنة 1955 وفي سنة 1969 واللتين عزل فيهما عدد من خيرة رجال القضاء، فهذا الاعتداء الصارخ على استقلال القضاء لم يفت في عضد رجاله فظلوا على العهد بهم رافعين راية الحق والعدل متمسكين بإيصال الحقوق لاصحابها مهما كلفهم ذلك من عناء وعنت، ولقد عاصرت نموذجا حيا لهذا التحدي الذي يتحلى به القضاة في مواجهة الطغيان، ففي العهد الشمولي عرضت على القضاء قضية شهيرة كانت تعرف باسم قضية (سوكه) كان المتهم فيها يعمل ديبلوماسيا بوزارة الخارجية، لفقت له دولة المخابرات قضية جاسوسية وقدمته للمحاكمة طالبة اعدامه واحكمت الحلقات حوله حتى لا يفلت من براثنها، ولكن الحيلة لم تنطل على محكمة الجنايات الحرة الابية، فمحصت القضية تمحيصا دقيقا، ولما استبان لها فساد الاسس التي قام عليها الاتهام اصدرت حكمها ببراءة المتهم، ولما لم يرق حكمها لمن لفقوا الاتهام بطشوا بالدائرة التي اصدرته، وأحالوا القضية لدائرة اخرى لتعيد محاكمته، ولقد ظن الجميع ان هذه الدائرة الجديدة ستتعظ مما حدث للدائرة السابقة بعد ان تعلمت الحكمة من رأس الذئب الطائر! ولكن المفاجأة التي هزت اركان دولة المخابرات آنذاك هي ان الدائرة الجديدة بعد ان اعادت محاكمة المتهم قضت ببراءته من جديد، دون ان تعبأ بما حل بزملائهم اعضاء الدائرة السابقة، فلم يجد الطغاة بدا من الافراج عنه! وهكذا يثبت القضاء دوما انه مثل قطعة (الفلين) التي قد يخيل الى الناظر اليها وهي تهتز بشدة على سطح الماء ان الامواج العاتية ستجرفها كما جرفت غيرها وستسقطها الى القاع، ولكنها تظل طافية على السطح لا تسقط ابدا لانها لها ربا يحميها ما دامت تحمي حريات العباد وحقوقهم!


 

post_old.gif
14-01-2011, 10:09 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

القبس» رصدت تجاوزات المدافعين عن العدالة في المحاكم وخارجها محامون يخالفون القانون.. فماذا يفعل العوام ؟
Pictures%5C2009%5C02%5C02%5Cbd437ac5-3f69-403d-ab11-b82c60cd20b1_main.jpg


كتب مبارك العبدالله:
حينما يخالف العوام القوانين توقع عليهم العقوبات حتى لو كان خطأهم تم بناء على جهل بالتشريعات، لكن ما السبب في مخالفة بعض المحامين للقوانين، فقد اكد قانونيون ان بعض المدافعين عن العدالة يقعون في مخالفات اثناء التقاضي في قاعات المحاكم.
وعلى الرغم من ان لوائح القانون بشأن الالتزام بقوانين المحكمة وطريقة المرافعة من قبل المحامين امام هيئة العدالة يعتبر واضحا، فان هناك مخالفات قانونية تصدر من اهل القانون والبعض قد يتناساها عمدا.
وقد يكون تساهل القاضي في بعض الاحيان او بالاحرى تغاضيه عن هذه المخالفات هو السبب في تمادي بعض المحامين في مخالفة القوانين.
ومن ضمن هذه المخالفات عدم ارتداء بعض المحامين للباس الذي يميزهم عن الاشخاص العاديين (الروب الاسود)، فهم على علم بأن القاضي لا يؤيد ذلك الامر، بل انه يزعجه، لكنهم لا يبالون بذلك، وقد يكون السبب في بعض الاحيان انهم لا يرغبون في ارتدائه.
هذا الامر الذي نشاهده بشكل يومي في المحاكم واثناء المرافعات بدأ يتزايد كل يوم، ولكن محكمة الجنايات كانت لهذه الظاهرة بالمرصاد عندما اصدرت حكما ضد احد المحامين الذي اعترض على القاضي عندما طلب منه الاخير ان يلبس ثوب المحاماة، والا فإنه لن يسمح له بالمرافعة، وقد قضى الحكم بحبس المحامي شهرين مع الشغل، وامرت بوقف النفاذ لمدة ثلاث سنوات مصحوبا بكفالة الف دينار، لانها اعتبرت المحامي الذي لا يتقيد بلباس المحاماة قد اهانها.
واكد الحكم ان مخالفة المحامين للقوانين يوجب العقاب الرادع لأنهم يدافعون عن المتهمين، والاجدر التزامهم بالتشريعات اكثر من غيرهم.
«القبس» استطلعت الاراء في بعض تجاوزات حراس العدالة ورصدت الرأي القانوني في ذلك.


أكد رئيس جمعية المحامين عمر العيسى ان محكمة الجنايات أكدت ان القضاء هو حرم مقدس ،وهو ملجأ المجتمع لحمايته من الفوضى ومن انعدام الأمن ،وهو الساهر على اقرار السلام والعدل بين أفراده ولا يمكن بأي حال بناء دولة ديموقراطية ومستقرة من دون قضاء.
وأوضح انه يشترط دائما وأبدا في الراغب في تحمل تلك المهنة وتحمل مخاطرها ان تكون له الموهبة وان يتمتع بخصال الشجاعة الأدبية والجرأة والذكاء والفطنة وسرعة البديهة ، وما يعرف «بالحضور» والالمام بالقوانين والقدرة على الجدال بالتي هي أحسن ، والاقناع إلى جانب خصال الصدق والنزاهة والاستقامة والشرف.

تنظيم القانون
وقال إن المشروع الكويتي نظم مهنة المحاماة أمام المحاكم ،بالقانون الذي نصت احدى مواده على ان «يكون حضور المحامين أمام المحاكم بالرداء الخاص بهم» حفاظاً على هيبة المحكمة ولتمييز المحامي عن المتسلقين في المهنة وسائر المتقاضين أو المتهمين ولضمان معاملته معاملة خاصة واحتراما للرسالة التي يؤديها ،باعتباره من أسرة القضاء.
وأضاف العيسى: من الضروري الالتزام بقوانين المحكمة التي اقرها القانون، كما ان مسألة لباس الروب متروكة للقاضي ان كان يقبل ان يترافع المحامي من دونه أو لا.
وأضاف: القانون اشترط لباس المحامي أمام المحكمة، اما أمام النيابة أو المخافر فهو غير ملزم بذلك، مشيرا إلى ان للقاضي الحق في ان يلزم المحامي به أو يغض النظر في هذه المسألة.
وتابع: بصراحة أنا اعتبر الهوية أهم من الروب، لان فكرة الروب هي ان تميز المحامين من الاشخاص الآخرين، ومن الممكن ان يأتي شخص غير محام وينتحل الصفة أمام المحكمة، لكن من خلال الهوية التي تصدرها الجمعية سيتأكد القاضي من المحامي الذي امامه من خلال مطابقة الصورة والاسم، لافتاً إلى ان هناك عقوبات مشددة وإجراءات بحق المحامين المخالفين تصل إلى حد الفصل من الجمعية.

الروب الأسود
وبدوره بين المحامي فيصل العتيبي السبب في ارتداء الروب، موضحا ان القصة بدأت مع قاض اوروبي وبعدها بدأ الالتزام بلباس الروب الأسود.
وقال: هناك واقعة حقيقية حدثت في انكلترا، حيث كان احد القضاة جالسا على مقعد في شرفة فيلته الخاصة، وحدثت مناوشة بين طرفي الشارع المطلة عليه الشرفة، وقام احدهما بطعن الآخر بسكين وفر هاربا، وتصادف في تلك اللحظة مرور احد الافراد فقام بحمل المطعون بسيارته الى احد المستشفيات لاسعافه، الا ان ذلك الرجل الذي طعن فارق الحياة فور وصوله الى المستشفى وهو الامر الذي ترتب عليه القبض على الشخص الذي قام بنقله، واجريت معه التحقيقات وقدم للمحاكمة.
وتابع: شاءت الظروف ان يمثل ذلك الشخص امام القاضي، الذي رأى الواقعة بأم عينيه ويعلم علم اليقين ان المتهم الماثل امامه بريء من تلك التهمة.
ولما كان القانون الانكليزي يستلزم وجود مستندات تشير الى براءة هذا الشخص وعلى سبيل المثال شهادة الشهود، ونظرا لعدم وجود ذلك اصدر ذلك المستشار حكما بالاعدام على ذلك الشخص وبعد تنفيذ الحكم ظل ضميره يطارده الى ان أقر باعتراف صريح امام وزير العدل ومجلس القضاء البريطاني مبديا اسفه وانزعاجه من الحكم، الذي اصدره بحق ذلك الشخص كونه شاهد رؤية.
وفي اول جلسة بعد ذلك الاعتراف حضر جميع المحامين امام ذلك المستشار وكل منهم كان مرتديا الروب الاسود، وعندما استفسر القاضي منهم عن السبب في ذلك قالوا: انهم يعترضون على الحكم الذي صدر منه وأودى بحياة شخص بريء حاول اسعاف شخص مطعون. واعتبروا ذلك اليوم يوما حزينا في بريطانيا.
وتابع: من يومها درج رجل القضاء على ارتداء ذلك الزي الاسود (الروب) واضعا خلفه جيبا لكي يضع الموكل ثمة اي مبلغ من المال يدخل في مقدرته دون اتفاق سابق بين المحامي وموكله استنادا لكون تلك المهنة هي مهنة سامية لا ينظر فيها المحامي اساسا للكسب المادي، لكن للاسف بعض المحامين يغالون في الأجور ويستغلون موكليهم.

مواثيق شرف
قال العيسى: ان المهن بشكل عام تحتاج مواثيق شرف ومعايير وضوابط، بدءاً من اللباس والمظهر ومرورا بالسلوكيات والاخلاقيات وقواعد التعامل مع الآخرين، بيد ان المحامين وحراس العدالة ينبغي ان يكونوا الأحرص على الالتزام بالتشريعات، لافتا الى ان الوقت قد حان لتنقية المهنة من الأدعياء الذين شوّهوا صورة أهل القانون.

محامون مزيفون
أكد العيسى أن جمعية المحامين شكّلت لجنة لمحاربة أدعياء المهنة والمحامين المزيفين الذين يمارسون العمل القانوني بلا ترخيص، وهؤلاء سيتم اتخاذ إجراءات مشددة معهم.

استهتار
قال عدد من المحامين: إن المحامي اذا خالف القوانين بشكل عام وداخل قاعات المحاكمات بوجه خاصة، فهذا يدل على استهتار، وهنا يستحقّ العقاب.

القبس


 

post_old.gif
22-01-2011, 05:51 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

ثقافة الإصرار والتصميم (2-2)







بينا في المقال السابق ان ايسر مرحلة من مراحل القرار هي اصداره، فما دام القرار قد سبقته دراسة شملت دواعي اصداره والآثار التي تترتب على اصداره، فانه يكون من السهل اتخاذ القرار، اما اصعب مرحلة في القرار فهي مرحلة متابعة تنفيذه، لأن هذه المرحلة تتطلب قدرا كبيرا من الارادة والتصميم، كما تتطلب قدرا اكبر من اليقظة والانتباه حتى لا يستمر المخالف في مخالفته او يعاود ارتكابها من جديد، وضربنا مثلا بالمديرة المصرية للمدرسة الاميركية (مسز سلامة) التي اصرت على تنفيذ قرارها، وعاقبت من خالفته ولهذا كانت استثناء على الثقافة السائدة في بلادنا، لان كثيرا ممن يصدرون الاوامر لا يعنون بمتابعة تنفيذها، مما يشجع من ارتكب المخالفة ان يستمر في تنفيذها في غفلة من اعين الرقباء، ويتكرر هذا المشهد في مصر كثيرا، فاذا ما ضبطت مخالفة تتمثل في اقامة بناء بغير ترخيص مثلا او متجاوزا حدود الترخيص، يصدر الامر بوقف هذا البناء، ولكن اهمال متابعته يؤدي الى ان هذا البناء يرتفع، فكم من بناء بلغ ارتفاعه عشرة ادوار مثلا في حين ان المرخص به ثلاثة او اربعة ادوار، وهنا تكمن الصعوبة لان السكوت عن المخالفة او السكوت عن متابعتها يرتب اثارا تصعب ازالتها، ولهذا فاننا نحتاج الى ثقافة المتابعة السائدة في الغرب، ولقد تأكدت لي هذه المقارنة عملا حين كنت عضوا بمجلس ادارة هيئة مياه الشرب، الذي كان يتكون اغلبه من المهندسين، فقد كانوا في كل مرة يعرض فيها موضوع يطلب فيه الاستعانة بخبرة اجنبية، يعترضون على ذلك الطلب ويرددون عبارة واحدة يقولون فيها ولماذا الخبرة الاجنبية ونحن لدينا خبرات عالمية لا تقل في كفاءتها عن الخبرات الاجنبية؟ وكنت استمع اليهم من دون ان اعلق لانها مسألة فنية لا تدخل في مجال تخصصي الى ان وجدتهم في احدى الجلسات يطلبون الاستعانة بخبرة اجنبية فلم استطع السكوت، وقلت لهم لماذا هذه المسألة بالذات؟، لقد سمعت منكم عشرات المرات ان لدينا كفاءات تفوق الخبرات الاجنبية، فقالوا لي ان مهندسينا لا تنقصهم الكفاءة فعلاً، فهم من ناحية التأهيل العلمي والفني لا يقلون في مستواهم عن اقرانهم حتى في الدول المتقدمة، ولكن ينقصهم شيء واحد وهو القدرة على تشغيل العمال، فالمهندس المصري تأخذه الشفقة بالعامل، فاذا حاول تنفيذ الأمر المطلوب منه مرة او مرتين ثم فشل، فانه يتغاضى عن الاصرار على ارغامه على تجربته للمرة الثالثة، اما المهندس الاجنبي فهو يجبر العامل ان يعيد التجربة ولو مائة مرة حتى يؤدي العمل على الوجه المطلوب تماماً من دون اي تسامح أو تساهل ولأن المسألة المعروضة لا تحتمل أي تهاون، فانه لابد ان نستعين فيها بمهندسين أجانب! ولقد كان هذا اقراراً منهم بهذا الفارق بين ثقافتنا وثقافتهم وتسليماً بالأمر الواقع الذي يجب ان نسعى الى تغييره لتسود بيننا ثقافة المتابعة!

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
10-02-2011, 01:45 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

كلمة حق دولة المخابرات..! :






الأصل ان القانون لا يعيش الا في النور، فأحكامه لا يحسن تطبيقها الا تحت رقابة المخاطبين بها ففي جميع مراحلها تظل القوانين في النور تحت بصر وبصيرة الناس جميعا يشاركون في صنعها خطوة خطوة ثم يشاركون في مراقبة تطبيقها، ولكن الظروف قد تحتم ان يعمل ببعض القوانين في الخفاء بعيدا عن الاعين نظرا لما تفرضه طبيعة العمل بها من سرية لا يؤدى بغيرها، ومن هذه القوانين: القوانين الخاصة بأجهزة الاستخبارات تلك التي اصبحت ضرورة في الدولة الحديثة لان هناك فئات ضالة تعمل دائما في الخفاء لمصلحة نفسها او لمصلحة جهة او جهات اخرى معادية للدولة فلا يعلم بها احد الا بعد ان تكون قد خططت ودبرت ونفذت ومن هنا وجب مواجهة هذه الفئات بجهاز يعمل بطريقتها نفسها فهو يعمل في الخفاء ايضا يراقب من بعيد ويندس بين اعضائها ليكشف حقيقة ما يدور بينهم حتى يجهض الافكار الشريرة التي يسعون لتحقيقها، ولهذا فإن القانون يطلق يد القائمين على ذلك الجهاز لاتخاذ ما يرونه محققا لاغراضه، وعلى ما لهذا الجهاز من اهمية كبرى لانه منوط به حماية الوطن والمواطنين، الا عمله الذي يتطلب الخفاء يجعله بعيدا عن اعين الرقباء ولهذا قد تقع فيه سلبيات كبيرة لا يكشفها احد الا بالصدفة المحضة، ولقد بان من ملف استخبارات اعده جهاز من هذه الاجهزة وهو جهاز الاستخبارات العراقية الذي كان يعمل في ظل نظام صدام حسين في الفترة ما بين تحرير الكويت، وبين سقوط نظامه ففي خلال تلك الفترة جند ذلك النظام احد عملائه وكان يزوده بالاموال والهدايا العينية الثمينة، ولكن ملف المخابرات العراقية الذي تم ضمه الى احدى القضايا بعد سقوط النظام كشف عن ان ضباط الاستخبارات الذين كانوا يتولون امر ذلك العميل كانوا يأخذون لأنفسهم اضعاف اضعاف ما يزعمون انهم سلموه للعميل ولا يحاسبهم احد لان القانون كما قلنا لا يعمل الا في النور، وفي مصر ايضا كلنا ما زلنا نذكر ما اسموه دولة المخابرات، حيث كان مدير المخابرات هو الحاكم بأمره بإشارة من اصبعه يرفع اي شخص يرضى عنه وبإشارة اخرى ينزل به الى اسفل السافلين ولقد اعتدى في سبيل ذلك على كرامات شخصيات لم تكن تستحق سوى الاجلال والاحترام واغلب هذه القصص لم تظهر الا بعد ان دالت دولته فبدأت تتناوله اقلام الاعلاميين وكبار الكُـتاب بل وتتناوله كثير من الاعمال الفنية ما زلنا نذكر منها العمل الرائع الذي قدمه الروائي العظيم الراحل نجيب محفوظ في قصة «الكرنك» التي تحولت الى فيلم عرض وقت ان كان مدير المخابرات المقصود ما زال حيا، ولكن بعد ان زايلته السلطة فلم يكن في مقدوره سوى ان يقيم دعوى يطالب فيها بوقف عرض الفيلم، ولكنه لم يجب الى طلبه..! وليس معنى هذا اننا نشجب اجهزة المخابرات او اننا نطالب بإلغائها والا نكون قد فرطنا في امن الوطن والمواطنين، ولكننا نطالب بأن يتم اختيار من يقومون بهذا العمل الخطير اختيارا دقيقا مبنيا على معايير صارمة لا تسمح الا لمن كان على خلق ان يتبوأ مثل هذه المسؤولية التي لا يراقبه فيها سوى الله وضميره وان يتم تغيير القائمين عليه بصفة مستمرة بعد فترات قصيرة حتى لا يسمح لهم بأن يشكلوا مراكز قوة او يصبحوا من جديد دولة المخابرات..!

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
22-06-2011, 05:43 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

القبس» رصدت تجاوزات المدافعين عن العدالة في المحاكم وخارجها محامون يخالفون القانون.. فماذا يفعل العوام ؟
Pictures%5C2009%5C02%5C02%5Cbd437ac5-3f69-403d-ab11-b82c60cd20b1_main.jpg


كتب مبارك العبدالله:
حينما يخالف العوام القوانين توقع عليهم العقوبات حتى لو كان خطأهم تم بناء على جهل بالتشريعات، لكن ما السبب في مخالفة بعض المحامين للقوانين، فقد اكد قانونيون ان بعض المدافعين عن العدالة يقعون في مخالفات اثناء التقاضي في قاعات المحاكم.
وعلى الرغم من ان لوائح القانون بشأن الالتزام بقوانين المحكمة وطريقة المرافعة من قبل المحامين امام هيئة العدالة يعتبر واضحا، فان هناك مخالفات قانونية تصدر من اهل القانون والبعض قد يتناساها عمدا.
وقد يكون تساهل القاضي في بعض الاحيان او بالاحرى تغاضيه عن هذه المخالفات هو السبب في تمادي بعض المحامين في مخالفة القوانين.
ومن ضمن هذه المخالفات عدم ارتداء بعض المحامين للباس الذي يميزهم عن الاشخاص العاديين (الروب الاسود)، فهم على علم بأن القاضي لا يؤيد ذلك الامر، بل انه يزعجه، لكنهم لا يبالون بذلك، وقد يكون السبب في بعض الاحيان انهم لا يرغبون في ارتدائه.
هذا الامر الذي نشاهده بشكل يومي في المحاكم واثناء المرافعات بدأ يتزايد كل يوم، ولكن محكمة الجنايات كانت لهذه الظاهرة بالمرصاد عندما اصدرت حكما ضد احد المحامين الذي اعترض على القاضي عندما طلب منه الاخير ان يلبس ثوب المحاماة، والا فإنه لن يسمح له بالمرافعة، وقد قضى الحكم بحبس المحامي شهرين مع الشغل، وامرت بوقف النفاذ لمدة ثلاث سنوات مصحوبا بكفالة الف دينار، لانها اعتبرت المحامي الذي لا يتقيد بلباس المحاماة قد اهانها.
واكد الحكم ان مخالفة المحامين للقوانين يوجب العقاب الرادع لأنهم يدافعون عن المتهمين، والاجدر التزامهم بالتشريعات اكثر من غيرهم.
«القبس» استطلعت الاراء في بعض تجاوزات حراس العدالة ورصدت الرأي القانوني في ذلك.


أكد رئيس جمعية المحامين عمر العيسى ان محكمة الجنايات أكدت ان القضاء هو حرم مقدس ،وهو ملجأ المجتمع لحمايته من الفوضى ومن انعدام الأمن ،وهو الساهر على اقرار السلام والعدل بين أفراده ولا يمكن بأي حال بناء دولة ديموقراطية ومستقرة من دون قضاء.
وأوضح انه يشترط دائما وأبدا في الراغب في تحمل تلك المهنة وتحمل مخاطرها ان تكون له الموهبة وان يتمتع بخصال الشجاعة الأدبية والجرأة والذكاء والفطنة وسرعة البديهة ، وما يعرف «بالحضور» والالمام بالقوانين والقدرة على الجدال بالتي هي أحسن ، والاقناع إلى جانب خصال الصدق والنزاهة والاستقامة والشرف.

تنظيم القانون
وقال إن المشروع الكويتي نظم مهنة المحاماة أمام المحاكم ،بالقانون الذي نصت احدى مواده على ان «يكون حضور المحامين أمام المحاكم بالرداء الخاص بهم» حفاظاً على هيبة المحكمة ولتمييز المحامي عن المتسلقين في المهنة وسائر المتقاضين أو المتهمين ولضمان معاملته معاملة خاصة واحتراما للرسالة التي يؤديها ،باعتباره من أسرة القضاء.
وأضاف العيسى: من الضروري الالتزام بقوانين المحكمة التي اقرها القانون، كما ان مسألة لباس الروب متروكة للقاضي ان كان يقبل ان يترافع المحامي من دونه أو لا.
وأضاف: القانون اشترط لباس المحامي أمام المحكمة، اما أمام النيابة أو المخافر فهو غير ملزم بذلك، مشيرا إلى ان للقاضي الحق في ان يلزم المحامي به أو يغض النظر في هذه المسألة.
وتابع: بصراحة أنا اعتبر الهوية أهم من الروب، لان فكرة الروب هي ان تميز المحامين من الاشخاص الآخرين، ومن الممكن ان يأتي شخص غير محام وينتحل الصفة أمام المحكمة، لكن من خلال الهوية التي تصدرها الجمعية سيتأكد القاضي من المحامي الذي امامه من خلال مطابقة الصورة والاسم، لافتاً إلى ان هناك عقوبات مشددة وإجراءات بحق المحامين المخالفين تصل إلى حد الفصل من الجمعية.

الروب الأسود
وبدوره بين المحامي فيصل العتيبي السبب في ارتداء الروب، موضحا ان القصة بدأت مع قاض اوروبي وبعدها بدأ الالتزام بلباس الروب الأسود.
وقال: هناك واقعة حقيقية حدثت في انكلترا، حيث كان احد القضاة جالسا على مقعد في شرفة فيلته الخاصة، وحدثت مناوشة بين طرفي الشارع المطلة عليه الشرفة، وقام احدهما بطعن الآخر بسكين وفر هاربا، وتصادف في تلك اللحظة مرور احد الافراد فقام بحمل المطعون بسيارته الى احد المستشفيات لاسعافه، الا ان ذلك الرجل الذي طعن فارق الحياة فور وصوله الى المستشفى وهو الامر الذي ترتب عليه القبض على الشخص الذي قام بنقله، واجريت معه التحقيقات وقدم للمحاكمة.
وتابع: شاءت الظروف ان يمثل ذلك الشخص امام القاضي، الذي رأى الواقعة بأم عينيه ويعلم علم اليقين ان المتهم الماثل امامه بريء من تلك التهمة.
ولما كان القانون الانكليزي يستلزم وجود مستندات تشير الى براءة هذا الشخص وعلى سبيل المثال شهادة الشهود، ونظرا لعدم وجود ذلك اصدر ذلك المستشار حكما بالاعدام على ذلك الشخص وبعد تنفيذ الحكم ظل ضميره يطارده الى ان أقر باعتراف صريح امام وزير العدل ومجلس القضاء البريطاني مبديا اسفه وانزعاجه من الحكم، الذي اصدره بحق ذلك الشخص كونه شاهد رؤية.
وفي اول جلسة بعد ذلك الاعتراف حضر جميع المحامين امام ذلك المستشار وكل منهم كان مرتديا الروب الاسود، وعندما استفسر القاضي منهم عن السبب في ذلك قالوا: انهم يعترضون على الحكم الذي صدر منه وأودى بحياة شخص بريء حاول اسعاف شخص مطعون. واعتبروا ذلك اليوم يوما حزينا في بريطانيا.
وتابع: من يومها درج رجل القضاء على ارتداء ذلك الزي الاسود (الروب) واضعا خلفه جيبا لكي يضع الموكل ثمة اي مبلغ من المال يدخل في مقدرته دون اتفاق سابق بين المحامي وموكله استنادا لكون تلك المهنة هي مهنة سامية لا ينظر فيها المحامي اساسا للكسب المادي، لكن للاسف بعض المحامين يغالون في الأجور ويستغلون موكليهم.

مواثيق شرف
قال العيسى: ان المهن بشكل عام تحتاج مواثيق شرف ومعايير وضوابط، بدءاً من اللباس والمظهر ومرورا بالسلوكيات والاخلاقيات وقواعد التعامل مع الآخرين، بيد ان المحامين وحراس العدالة ينبغي ان يكونوا الأحرص على الالتزام بالتشريعات، لافتا الى ان الوقت قد حان لتنقية المهنة من الأدعياء الذين شوّهوا صورة أهل القانون.

محامون مزيفون
أكد العيسى أن جمعية المحامين شكّلت لجنة لمحاربة أدعياء المهنة والمحامين المزيفين الذين يمارسون العمل القانوني بلا ترخيص، وهؤلاء سيتم اتخاذ إجراءات مشددة معهم.

استهتار
قال عدد من المحامين: إن المحامي اذا خالف القوانين بشكل عام وداخل قاعات المحاكمات بوجه خاصة، فهذا يدل على استهتار، وهنا يستحقّ العقاب.

القبس


 

post_old.gif
22-06-2011, 05:47 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

قافة الإصرار والتصميم (1ــ 2) كتب عادل بطرس :



182531c8-d966-4ab1-b15e-021a475dfd98_author.jpg


من أخطائنا الادارية الشائعة اهمالنا متابعة تنفيذ الاوامر التي نصدرها، فكثيرون منا يظنون ان دورهم قد انتهى بمجرد اصدار الامر، مع ان الواقع يقول انه بصدور الامر يبدأ الدور الاهم والاصعب، وهو متابعة تنفيذه. وهي ثقافة للاسف لا نتمتع بها كما يتمتعون بها في الغرب، ولعل هذا هو ما يفرّق مدارسنا عن مدارسهم التي ينشأ فيها الطفل معتادا احترام الاوامر لأنه يعلم سلفا انه لا فكاك من الامر الذي صدر اليه، اما عندنا فإن الطفل يراهن على ان من اصدر إليه الامر سينساه بعد حين، واذا تذكره فإنه قد يتغاضى عن مخالفته، او قد يتهاون في متابعة المخالف. ولقد لمست هذا الفارق بنفسي، إذ كانت ابنتي تدرس في المدرسة الاميركية American College التي كانت تديرها مربية فاضلة اغلب الظن ان الكاتب الكبير اسامة انور عكاشة استوحى منها رائعته الشهيرة «ضمير ابلة حكمت»، وقد ارادت يوما ان تستشيرني في مسألة قانونية، فاتفقنا على ان اتوجه الى مكتب المديرة حين احضر ابنتي الى المدرسة، وانتظرها فيه الى ان تفرغ من حضور طابور الصباح، وحين جاءت لاحظت ان تلميذة في المدرسة تسرع من خلفها تحاول ان تستوقفها ومعها رجل يبدو انه والدها، فكان هذا الأخير يستعطف المديرة ويتوسل اليها والتلميذة تبكي في حرقة والمديرة لا تلتفت اليهما ولا ترد على توسلاتهما. ولقد فهمت من الحديث ان المديرة قررت حرمان التلميذة من الدراسة في ذلك اليوم عقابا لها على مخالفة ارتكبتها، وان الاب يتوسل اليها ان تسامحها، فقال لها كلاما كثيرا تبيّن لي منه انه طبيب جراح، وأن ابنته اخرجته من غرفة العمليات، حيث كان يستعد لاجراء جراحة لمريض، وهي في الثانوية العامة، ومن المتفوقات، وبغيابها هذا اليوم ستحرم من درسين مهمين في العلوم، ولكن المديرة لم تل.ن ولم تتنازل على الاطلاق، وبعد ان يئس الاب انصرف وهو حانق غاضب، وفي اثره ابنته تجر اذيال الخيبة. ويبدو انه قد بانت عليّ علامات الضيق تعاطفا مع الاب وابنته، ولهذا عندما انصرفا التفتت إليّ مديرة المدرسة وقالت لي «غدا سيعرف قيمة هذا الدرس، فالاخلاق عندي اهم من العلم»، وروت لي ان التلميذة اعتادت ان تترك الزرّ الاعلى في قميصها مفتوحا، فيما توجب تعليمات المدرسة ان يكون مقفولا، وحين نبهتها الى ذلك التزمت التعليمات داخل المدرسة، ولكنها كانت تفك الأزرار فور خروجها من البوابة عند الانصراف، ثم تعود فتغلقه عند دخولها في الصباح، وهكذا كانت المديرة تراقب هذا كله من نافذة مكتبها، ولهذا قررت عقابها بالفصل من المدرسة لمدة يوم واحد، وقالت لي «انا اعلم انها متفوقة، ولكن هذا العقاب لن يؤثر في تفوقها، لأن مدرّساتها لن يتركنها، وانما سيشرحن لها الدروس التي فاتتها في ذلك اليوم».
ولقد كانت هذه المديرة هي الاستثناء الذي يؤكد القاعدة السائدة في بلادنا، فنحن لم نتعود هذا الاصرار والتصميم، وقد تأكد لي ذلك من الصورة المقابلة التي سأعرض لها في المقال المقبل بإذن الله.

القبس

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
23-06-2011, 02:39 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

ثقافة الإصرار والتصميم (2-2) كتب عادل بطرس :






بينا في المقال السابق ان ايسر مرحلة من مراحل القرار هي اصداره، فما دام القرار قد سبقته دراسة شملت دواعي اصداره والآثار التي تترتب على اصداره، فانه يكون من السهل اتخاذ القرار، اما اصعب مرحلة في القرار فهي مرحلة متابعة تنفيذه، لأن هذه المرحلة تتطلب قدرا كبيرا من الارادة والتصميم، كما تتطلب قدرا اكبر من اليقظة والانتباه حتى لا يستمر المخالف في مخالفته او يعاود ارتكابها من جديد، وضربنا مثلا بالمديرة المصرية للمدرسة الاميركية (مسز سلامة) التي اصرت على تنفيذ قرارها، وعاقبت من خالفته ولهذا كانت استثناء على الثقافة السائدة في بلادنا، لان كثيرا ممن يصدرون الاوامر لا يعنون بمتابعة تنفيذها، مما يشجع من ارتكب المخالفة ان يستمر في تنفيذها في غفلة من اعين الرقباء، ويتكرر هذا المشهد في مصر كثيرا، فاذا ما ضبطت مخالفة تتمثل في اقامة بناء بغير ترخيص مثلا او متجاوزا حدود الترخيص، يصدر الامر بوقف هذا البناء، ولكن اهمال متابعته يؤدي الى ان هذا البناء يرتفع، فكم من بناء بلغ ارتفاعه عشرة ادوار مثلا في حين ان المرخص به ثلاثة او اربعة ادوار، وهنا تكمن الصعوبة لان السكوت عن المخالفة او السكوت عن متابعتها يرتب اثارا تصعب ازالتها، ولهذا فاننا نحتاج الى ثقافة المتابعة السائدة في الغرب، ولقد تأكدت لي هذه المقارنة عملا حين كنت عضوا بمجلس ادارة هيئة مياه الشرب، الذي كان يتكون اغلبه من المهندسين، فقد كانوا في كل مرة يعرض فيها موضوع يطلب فيه الاستعانة بخبرة اجنبية، يعترضون على ذلك الطلب ويرددون عبارة واحدة يقولون فيها ولماذا الخبرة الاجنبية ونحن لدينا خبرات عالمية لا تقل في كفاءتها عن الخبرات الاجنبية؟ وكنت استمع اليهم من دون ان اعلق لانها مسألة فنية لا تدخل في مجال تخصصي الى ان وجدتهم في احدى الجلسات يطلبون الاستعانة بخبرة اجنبية فلم استطع السكوت، وقلت لهم لماذا هذه المسألة بالذات؟، لقد سمعت منكم عشرات المرات ان لدينا كفاءات تفوق الخبرات الاجنبية، فقالوا لي ان مهندسينا لا تنقصهم الكفاءة فعلاً، فهم من ناحية التأهيل العلمي والفني لا يقلون في مستواهم عن اقرانهم حتى في الدول المتقدمة، ولكن ينقصهم شيء واحد وهو القدرة على تشغيل العمال، فالمهندس المصري تأخذه الشفقة بالعامل، فاذا حاول تنفيذ الأمر المطلوب منه مرة او مرتين ثم فشل، فانه يتغاضى عن الاصرار على ارغامه على تجربته للمرة الثالثة، اما المهندس الاجنبي فهو يجبر العامل ان يعيد التجربة ولو مائة مرة حتى يؤدي العمل على الوجه المطلوب تماماً من دون اي تسامح أو تساهل ولأن المسألة المعروضة لا تحتمل أي تهاون، فانه لابد ان نستعين فيها بمهندسين أجانب! ولقد كان هذا اقراراً منهم بهذا الفارق بين ثقافتنا وثقافتهم وتسليماً بالأمر الواقع الذي يجب ان نسعى الى تغييره لتسود بيننا ثقافة المتابعة!

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
23-06-2011, 06:33 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,963

icon1.gif

عيوب التحريات وراء براءة المتهمين بـ«الفرعيات» القبس
Pictures%5C2009%5C02%5C16%5C5fec420c-481d-45a5-8218-22ee93b406e3_main.jpg


كتب مبارك العبد الله :
بعد قيام الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية بمحاربة «الفرعيات» بشكل جدي كما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، عبر إحالة العديد من المواطنين بعد مداهمة المقار التي كانوا يجرون فيها الانتخابات الفرعية إلى النيابة العامة، التي قررت بدورها إحالة الأغلبية إلى المحاكمة، وطالبت بمعاقبة المتهمين بالعقوبة الأشد حسبما ينص القانون.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بعد كل هذا الجهد ومداولة القضية: لماذا نال أغلب المتهمين بانتخابات الفرعيات البراءة بعد كل هذه الضجة والحرب؟
هذا السؤال يحتاج إلى إجابة ولا يعتبر تدخلا في الشؤون القضائية، لأن الإجابة عليه واضحة ولا تحتاج إلا الى نقلها للناس.
فالواضح أن محاكمنا في القضايا المعروضة أمامها لا تصدر أحكام الإدانة التي تقضي بالامتناع عن النطق بالعقاب أو بالتغريم المالي أو الحبس لسنوات متفاوتة، إلا إذا كانت القضية تحمل أدلة تقطع باليقين والجزم وليس الشك والتخمين.
ويوضح القانونيون أن السبب الذي يؤدي إلى براءة المتهمين في الفرعيات، هو تحريات المباحث التي دائما ما تعتمد على نقل صور وأحداث ولا تحمل أدلة ووثائق يقينية، الأمر الذي لا تأخذ به المحكمة.
«لماذا تبرئ محاكمنا المتهمين بالقضايا الفرعية؟» سؤال طرحته «القبس» على أهل القانون الذين تعددت إجاباتهم في هذا الاستطلاع.

يقول المحامي محمد منور المطيري ان المحاكم تطبق قانونا لا علاقة له إلا بالأدلة. وأضاف: المشكلة تكمن في ضعف الأدلة، وجرائم الفرعيات كانت مبنية على تحريات المباحث، وأغلب القضايا إن لم تكن كلها كانت تقوم على دليل واحد مستمد من أقوال ضابط الواقعة بأن هناك أشخاصا تجمعوا في مكان واحد، ولم يكن هناك أي دليل حسي مادي يؤكد ارتكاب جريمة حسبما ينص عليها القانون.

الدليل المادي
وأشار إلى أن المحكمة لا تعتمد على الشك والتخمين وإنما على الجزم واليقين، فطالما كانت الأدلة المطروحة عليها وهمية، فمن المؤكد أنها ستحكم بالبراءة.
وزاد: حكم الإدانة لا يصدر إلا إذا كانت هناك أدلة قوية من الممكن أن يعتمد عليها القاضي في قضائه، ويجب أن يكون هناك ضبط لأجهزة الكمبيوتر مثلا في المكان الذي أجريت فيه الانتخابات الفرعية.
وأوضح أن القاضي لا يمكن أن يدين أشخاصا بناء على رواية ضابط الواقعة التي لم يعززها الدليل المادي، مشيرا إلى أن المشكلة كلها تقع بسبب تحريات المباحث.

إثارة
وبدوره، قال المحامي علي العصفور: لعل من القضايا التي يجدر الوقوف طويلا أمامها هي قضية الفرعيات، حيث أن الإثارة التي تصحب هذه القضايا تشغل الشارع والإعلام بشكل كبير، وهي في اعتقادنا تحمل في طياتها دعاية للأجهزة الأمنية بأنها تمارس دورها في منع الفرعيات، في حين أن هذا الدور هو بمنزلة ردود أفعال لما يثار من المرشحين عن وجود انتخابات فرعية تحت سمع وبصر وزارة الداخلية المناط بها منع مثل هذه الانتخابات.
وأضاف: بالتالي يكون هناك تحرك سريع للوقوف في وجه هذه الفرعيات، من دون أن تكون هناك تحريات مسبقة وكافية، مما يجعل من عملية الضبط مثار كثير من المشاكل، أولها وليس اخرها ما رأيناه من اشتباكات مع رجال الأمن، بحيث عكست صورة سلبية جدا عن كيفية التعاطي مع هذه الجرائم الانتخابية، والتي انعكست أيضا على الأدلة التي تقدم للنيابة حول هذه الجرائم، حيث أضحت هذه الأدلة غير كافية على حمل مثل هذا الاتهام، نظرا لعدم الجدية في تمحيص أدلة الإثبات.
وأكمل: المحكمة تمحص الأدلة ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن تأخذ بتحريات غير جادة وغير كافية، من قبل من يقوم بضبط هذه الجرائم، حيث أن التحريات لا تقوم على الصدق، والأدلة المقدمة غير كافية، وتكون قاصرة عن حد الإدانة لعدم وجود شواهد على هذه الأدلة، وهو ما يصم هذه الأدلة بالقصور الشديد، مما يجعل المحكمة أمام أسباب للبراءة في أحكامها وليس أسباب للإدانة.
وختم بالقول: يجب على جهة الضبط أن تعيد التفكير أكثر من مرة قبل تقديم أي أشخاص للمحاكمة بتهمة إجراء انتخابات فرعية من دون أدلة ترقى لمرتبة الإدانة وتبرر التعرض للحريات، وأحكام القضاء مثلت رسائل يجب قراءتها.

الخبرة
أما المحامي نجيب الوقيان فأوضح أن قانون الفرعيات صدر قبل فترة تعتبر قصيرة جدا بالنسبة للداخلية، لأن أمر تطبيقه والتعامل معه يحتاج إلى فترة طويلة، ناهيك عن محاربة هذه الانتخابات كل أربع سنوات مرة واحدة.
وأضاف: ضباط الداخلية والمباحث حتى الآن لم يتعودوا على الإجراءات ولم يقرأوا الأحكام حتى يقومون بتلافي النواقص في الأدلة .
وتابع: في قضايا أخرى كثيرة تجد ضابط المباحث متمرسا في البحث عن أدلة ويستطيع تكييف القضية من جميع الأوجه، ويعلم تماما أنه لا يجوز أن يقوم بأمر إلقاء القبض قبل أن يستصدر أمرا من النيابة بذلك.
وقال: بالنسبة إلي فإني أشعر بأن وزارة الداخلية كأنها تواجه أمرين: إما جهلها بالقانون وإجراءات تنفيذه لكونه يعتبر حديثا، أو أن يدخل في الموضوع الجانب السياسي، وبالتالي تجدها تفتح عينا واحدة، وكأنها تريد أن تنبه على استحياء وتبرر لخصومها السياسيين الذين يطالبون بمحاربة الفرعيات أنها قامت بتطبيق القانون .

عضوية مهددة بالإلغاء
أوضح المحامون ان هناك عددا من أعضاء مجلس الأمة يواجهون حاليا تهمة الاشتراك في تنظيم الانتخابات الفرعية وشراء الأصوات وهم محمد هايف، رجا حجيلان، حسين قويعان، عصام الدبوس، مشيرين إلى أن صدور حكم إدانة نهائي بحقهم يهدد عضويتهم في مجلس الأمة أو حتى الترشيح مرة أخرى في انتخابات مقبلة.

متى بدأت الفرعيات ؟
توضح مصادر قضائية لـ «القبس» ان بداية الفرعيات كانت عام 1976، إلا أن قانون تجريمها لم يفعّل إلا في العام 1998.
وأشارت إلى أن نص هذا القانون الذي صدر عن مجلس الأمة، وأضيف إلى المادة 45 من القانون رقم 35 لسنة 1962بشأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة الكويتي، تضمن معاقبة كل من نظّم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعا إليها، وهي التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين الى فئة أو طائفة معينة.
وأضافت: «الأحكام القضائية لا تعتمد دائما على الشك أو التخمين، وإنما تتطلب أحكام الإدانة أدلة يقينية تطمئن إليها المحكمة حتى تصدر حكمها، حسبما ينص عليه القانون، وذلك بالعقوبة الأشد، ومثال ذلك ان عقوبة جريمة الانتخابات الفرعية تصل إلى الحبس لمدة 5 سنوات».
وعلقت المصادر على مسألة عدم ظهور حكم إدانة لجرائم الفرعيات حتى الآن قائلة: «المشكلة تكمن في جهاز وزارة الداخلية، فالقاضي ليس منوطا به القيام بجمع الأدلة، لأن ذلك هو دور وزارة الداخلية، حيث لم تكن هناك قضية سابقة فيها أدلة يقينية تتمثل في ضبط وإحضار المتهمين أثناء الإدلاء بأصواتهم وغيرها من الأدلة التي تتمثل بوقوع جرائم الانتخابات الفرعية».

معنى الانتخابات الفرعية قانونا
فسرت المذكرة الإيضاحية الانتخابات الفرعية على انها عبارة عن تنظيم لانتخابات أولية، وهي الانتخابات التي تجري أو تتم خارج نطاق الإجراءات التي نص عليها قانون الانتخاب وتنص على أن يحدد ميعاد الانتخابات العامة بمرسوم ويحدد ميعاد الانتخابات التكميلية بقرار من وزير الداخلية.
وأشارت إلى أن الانتخابات الفرعية تكون بين من يرغبون في الترشيح من المنتمين الى فئة معينة (قبيلة أو طائفة) لاختيار واحد أو أكثر من بينهم يكون له وحده أن يرشح نفسه بصورة رسمية في الانتخابات التي يعلن عنها.

مخالفة الدستور
شدّد المحامون على ضرورة تحري الدقة من قبل جهة الضبط، وأن تكون لديها من التحريات الجدية والكافية ما يكون قادرا على حمل الاتهام قبل الولوج بأي إجراء من شأنه التعرض للحريات ووضع قيود عليها بما يخالف القانون والدستور.

الصناديق والكمبيوتر
أكد القانونيون ان المحاكم تبرّئ الفرعيات لأن هناك قصورا في الأدلة، وهي عبارة عن أدلة الصناديق واستخدام الكمبيوتر وغيرها من أشياء أخرى، مشيرين إلى أن كل ذلك لم تقدمه المباحث بصورة جيدة، والمحكمة أيا كانت القضية لن تصدر الإدانة بالصورة، فهي تلتمس مليون مرة دليل البراءة قبل الإدانة.


=========


العدالة المطلقة كتب عادل بطرس :



182531c8-d966-4ab1-b15e-021a475dfd98_author.jpg


العدالة المطلقة ليس لها وجود على الارض، فهي ليست من صنع البشر، ولا يمكن ان تكون كذلك، اما العدالة التي نعرفها، والتي نتعامل بها، فهي العدالة النسبية، وهي لا تعزى الى شخص واحد وانما يشترك في صنعها اشخاص عديدون، وهذا يتطلب ان يكون كل منهم اميناً صادقاً محايداً حيدة تامة، ابتداء من المبلغ عن الجريمة الذي يتعين عليه ألا يقدم على الابلاغ الا اذا كان واثقاً مما يقول، مستهدفاً الوصول الى العدالة، وغايته الوحيدة هي مصلحة المجتمع، وهو امر أنّى ان يتوافر في المبلغ، فكثير من المبلغين تدفعهم الى الابلاغ شهوة الانتقام، او في اقل القليل رعونة وعدم تبصر، وبعد ان يصل البلاغ فانه ينتقل الى القائم بجميع الاستدلالات، وهذا بدوره يجب ان يكون اميناً صادقاً مخلصاً في اداء عمله فيكرس وقتاً كافياً يتحرى فيه حقيقة الامر بقدر ما تسعه الطاقة فلا يكتفي بسؤال شخص واحد او شخصين لانهما اول من قابلوه او هما الاقرب الى ناظريه فيسأل بواب العمارة مثلاً او البقال المجاور لها وقد يكون ايهما او كلاهما مجاملاً او بينه وبين المبلغ عنه خصومة، فيدلي بأقواله غير متجرد من الغاية او الغرض ويأخذ المتحري كلامه قضية مسلمة فيكتب ان التحريات اثبتت كذا وكذا، محتمياً وراء القانون الذي يسمح له بأن يخفي المصدر الذي استقى منه معلوماته، فإذا انتقلت التحريات الى المحقق فإنه بدوره يجب ان يكون متحلياً بأعلى درجات الصدق والشفافية، وان يبذل الجهد الكافي للوصول الى الحقيقة دون ان يتأثر بالتحريات التي كثيراً ما تكون مضللة ولا يألو جهداً في تقصي اي دليل مهما كلفه ذلك من مشقة، كما يتعين ان تتوافر فيه الجرأة اللازمة لاتخاذ القرار المناسب فإذا تبين ان البلاغ كاذب امر بحفظ القضية من دون ان يخشى ان يُتهم بأنه يجامل احداً فهو يؤدي عمله متجرداً من اي اعتبار آخر، فالتحقيق امانة ومسؤولية وعلى صاحب الامانة ان يؤديها على اكمل وجه غير عابئ بما يقال عنه سواء من هذا الطرف او ذاك، فالحقيقة المجردة يجب ان تكون وحدها هي هدفه ومبتغاه فإذا فرغ من التحقيق واحال الامر الى القضاء فإن دائرة المسؤولية عن العدالة تتسع كثيراً فتشمل محامي المتهم كما تشمل محامي المبلغ اذا ادعى مدنياً، وكل منهما يجب ان يحتكم الى ضميره لانهم اعوان القضاء اي جزء لا يتجزأ منه فيجرى عليهم ما يجرى على القضاة من وجوب تحليهم بالحيدة والتجرد والسعي وراء الحقيقة وتلمس حكم القانون الصحيح من واقع النصوص والسوابق القضائية وبعد ان تكتمل هذه الحلقات جميعاً يعرض الامر على القاضي المختص، ولسنا في حاجة الى بيان ما يشترط في القاضي فهو مضرب الامثال في الحيدة والنزاهة والتجرد ولكن افعاله واقواله كلها تبنى على جميع الحلقات السابقة له التي عرضنا لها حالاً فما لم تكتمل هذه الحلقات فإن العدالة المطلقة لن تتحقق!

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
25-06-2011, 11:42 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

حرية التعبير
حدود الحرية كتب عادل بطرس :



182531c8-d966-4ab1-b15e-021a475dfd98_author.jpg


قبل ان نختم حديثنا عن حرية التعبير، يجدر بنا ان نتعرض لحدود هذه الحرية، فهي ليست مطلقة، فالحرية المطلقة هي الفوضى بعينها، وإنما هي - كأي حرية أخرى- تجد حدها الطبيعي عند حدود حرية الآخرين، فكل إنسان حر في ان يعبر عن رأيه كيفما شاء، بشرط ألا يمس حرية غيره. فالقانون وأحكام القضاء يمنعان المساس بكرامة الاشخاص أو حياتهم، أو معتقداتهم الدينية. والقاعدة أنك حر في ان تبدي رأيك في اي رأي أو عمل يصدر من احد الاشخاص، ولكنك لست حراً في ان تنقد صاحب الرأي أو العمل نفسه ما لم يكن هذا النقد متصلا بطبيعة عمله، فمثلا من حق الناقد الفني ان ينقد أداء الممثل أو المطرب أو المخرج، ولكن ليس من حقه ان يتناول صفاته الجسمانية أو حياته الاسرية، إلا إذا كانت قد أثرت أو تؤثر في العمل الفني الذي قدمه، وقد حدث أن أحد النقاد تناول مخرجا ووصفه بأن قفاه عريض وان بطنه ضخم بحيث يبدو كالمرأة الحامل في شهرها التاسع، مع ان المخرج لا يظهر في العمل الفني، ولهذا اعتبر هذا النقد خروجا عن حرية التعبير، بينما لو قال هذه الاوصاف ذاتها في ممثل ورتب عليه الناقد انه لم يكن يصلح للدور الذي اداه، فإن نقده يكون له محل. ولهذا حين عاب بعض النقاد على المطربة الراحلة ليلى مراد انها ظهرت في احد الافلام تلميذة في مدرسة ابتدائية وقت ان كانت قد جاوزت الخمسين من عمرها، كما عابوا على عزت العلايلي وفردوس عبدالحميد - انهما ظهرا في عمل تلفزيوني كعروسين في حين انهما كانا قد جاوزا سن الشباب بمراحل، اعتبر ذلك النقد مقبولا، والذي يقدر مدى ملاءمة النقد هو القاضي فهو الذي يتعرف على حدود النقد المباح ويحدد الحالات التي يتم فيها تجاوز هذه الحدود، ويبلغ هذا التجاوز مداه حين ينسب الكاتب الى من يكتب عنه امورا لو صحت لاستوجبت عقابه، كما لو قال انه لص أو مرتش فالكاتب في هذه الحالة يتعرض لعقوبة القذف. وقد رسم شيخ القضاة المصريين عبدالعزيز باشا فهمي حدوداً للمساس بسمعة الاشخاص، وكانت المناسبة نقدا وجه الى الفقيه الكبير عبدالرزاق السنهوري حيث اتهمه فيه احد الكتاب بأمور تمس سمعته ونزاهته. وطالب المحكمة بأن تحيل الدعوى الى التحقيق حتى يثبت ان ما نسبه الى السنهوري له اساس من الصحة، فأبى عبدالعزيز فهمي ان يفسح له المجال، وقال قولته الشهيرة انه لا يجوز للشخص ان يقدم على القذف ويداه خاليتان من الدليل. فعليه قبل ان ينسب امرا من الامور لاي شخص ان يبحث اولا عن الدليل وان يقدم على القذف وهو ممسك بالدليل في يده. ولمحكمة النقد المصرية كما لمحكمة التمييز الكويتية أحكام تعد علامات مضيئة تنير الطريق امام الكتاب والصحافيين ليتبينوا الفارق الدقيق بين النقد المباح الذي لا يرتب مسؤولية على الكاتب أو الجريدة، وبين تجاوز حدود النقد الذي يستتبع تلك المسؤولية. وكم نتمنى من الكتاب والناشرين الالتزام بهذه الحدود فيفرض كل منهم رقابة ذاتية على نفسه، يقيد بها قلمه بما ينفع المجتمع ويبعد به عما يضره. ولو فعلوا ذلك لخففوا عن كاهل القضاء كثيرا من اثقاله ولحققوا للصحافة الهدف المنشود منها في إنارة الرأي العام وتزويده بالمعلومة الصحيحة والخبر الصادق من دون مساس بكرامة الاشخاص.. فهكذا تكون حرية التعبير!

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
26-06-2011, 04:24 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

هل الكذب جريمة؟ كتب عادل بطرس :



182531c8-d966-4ab1-b15e-021a475dfd98_author.jpg


سألني صديق: هل الكذب جريمة؟ فقلت له نعم جريمة، ولأنه يعلم انه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص في القانون، فقد عاد يسألني: وما هو النص الذي يجرّمها؟ فقلت له إنه لا يوجد نص محدد في قانون الجزاء يجرم الكذب في حد ذاته، ولكننا لو تأملنا الجرائم والعقوبات المنصوص عليها في قانون الجزاء لتبين لنا أن الكذب هو العمود الفقري للأغلبية العظمى لهذه الجرائم، فلولا الكذب لما اكتملت جريمة من الجرائم العمدية، لأن السارق مثلا لا يستطيع أن يسرق الا اذا ادعى أنه المالك للمال المسروق، والنصّاب عدته الوحيدة في ارتكاب جريمته هي الكذب، فلو كان المتهم صادقاً لما استطاع أساسا أن يرتكب الجريمة او لما استطاع على الأقل ان يخفيها، والتزوير كذب، وشهادة الزور كذب.. وبعض الوظائف الخاصة أو الحساسة تقتضي في القائم بها أن يكون صادقا، ولهذا يتطلب منه قبل أن يتولى وظيفته أن يحلف اليمين بأنه سيؤدي عمله بالامانة والصدق، ونلحظ هذا أكثر ما نلحظ في المناصب السياسية، لأن رأسمال السياسي هو التزامه بالصدق والشفافية، فاذا ما استبان للناس عكس ما التزم به، فانه يكون موضعا للمساءلة، وقد تؤدي به هذه المساءلة الى العزل.
وكلنا نذكر أمثلة صارخة في هذا المجال، ففي أكبر دولة بالعالم، وهي الولايات المتحدة الاميركية، ارغم نيكسون على الاستقالة من منصبه كرئيس للجمهورية، لأنه كان اثناء حملته الانتخابية يتجسس على منافسه وأخفى هذه الحقيقة عن الكونغرس وعن الشعب الاميركي، فلما كشف أحد الصحافيين هذه الواقعة ثارت الفضيحة التي اطلق عليها «ووترغيت» نسبة الى المكان الذي تمت فيه، وأرغمته هذه الفضيحة على الاستقالة. وبالمثل فإن بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة كلنا نذكر ان اعضاء الكونغرس عصروه عصرا أمام شاشات التلفزيون في العالم كله، لأنه كذب في الادلاء بشهادته، فأخفى انه كان على علاقة باحدى العاملات في البيت الأبيض (مونيكا لوينسكي). فعلى مدى ساعات طويلة، خضع كلينتون للاستجواب العلني حتى يقر بجريمته، مما اضطره اضطرارا إلى أن يعترف بأنه كانت تجمعه بها علاقة ما، لا تصل الى الدرجة التي يتصورها البعض، ولكنها على اية حال خادشة للحياء، ولهذا حين كان يجيب على اسئلتهم المحرجة، كان كل همه الافلات من جريمة الحنث باليمين، فلو أنكر العلاقة تماما وكانت تحت يدهم أدلة تثبت كذبه لوقع في الفخ المنصوب له، خصوصا من أعضاء الحزب المعارض، وهو الحزب الجمهوري. ولو قال إنه تورط في علاقة تفقده الثقة والاعتبار لما كان صالحا للبقاء في كرسيه، ولهذا كانت مهمته شاقة غاية المشقة، وبان الحرج على قسمات وجهه أمام تلفزيونات العالم، فاضطر إلى ان يمشي بحذر كأنه يمشي على حد السيف، الى ان اقنعهم بصعوبة بالغة أنه لم يحنث باليمين التي أقسمها حينما تولى منصبه!
وأحيانا بل وكثيرا ما يلجأ المشرّع الى أسلوب «الوقاية خير من العلاج» ليتفادى وقوع المسؤول في الخطأ أساسا، فهو يمنع الأقارب من التقدم الى المناقصات أو المزايدات التي يكون المسؤول عن ارسائها قريبا لهم، فهو يفترض افتراضا أن القريب سيجامل قريبه، ولهذا منعه من الاشتراك في المزايدة أو المناقصة اساسا. وفي قانون الشركات يمنع عضو مجلس الادارة من التصويت في مسألة يكون له فيها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة، فالقانون يدرك ان النفس البشرية أمّارة بالسوء، ولهذا أراد أن يجنبها الدخول في تجربة أو امتحان لمدى صدق الموظف المسؤول، فافترض افتراضا أنه سيجامل، ولذلك أغلق باب المجاملة منذ البداية، ولهذا كانت المنجاة في الصدق وكان الكذب دائ‍ما جريمة!




أجر المحامي كتب عادل بطرس :



182531c8-d966-4ab1-b15e-021a475dfd98_author.jpg


عندما صدر قانون المحاماة رقم 42 لسنة 1964 كان مثار نقد من جموع المحامين لأن المادة (32) من ذلك القانون كانت تنص على ان يتقاضى المحامي أتعابا من موكله وفق الاتفاق المكتوب بينهما، ويجوز للمحكمة التي نظرت القضية أن تنقص الأتعاب المتفق عليها اذا رأت انها مبالغ فيها.
فقد كان مؤدى هذا النص ان يخضع الاتفاق على أتعاب المحامي لرقابة القضاء، خروجا على قاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين، فيميز بذلك بين المحامي، وبين باقي أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمهندس والمحاسب الذي في وسعه ان يتفق على الأتعاب التي يراها مناسبة للجهد الذي يتطلبه العمل، ولهذا ظل المحامون يطالبون بان تترك لهم حرية الاتفاق مع موكليهم على الأتعاب التي يتم التراضي بينهما على مقدارها بارادتهما الحرة، إلى ان استجاب المشرع أخيرا لذلك المطلب العادل، فتم تعديل قانون المحاماة بالقانون رقم 62 لسنة 1996 فأصبحت المادة (32) تنص على ان يتقاضى المحامي أتعابا وفقا للعقد المحرر بينه وبين موكله، من دون ان يعطي لأي جهة سلطة انقاص هذه الأتعاب، وبذلك أنهى المشكلة تماماً، وأصبح المحامي شأنه شأن سائر أرباب المهن الحرة، يملك كامل الحرية في الاتفاق مع موكله على مقدار الأتعاب التي يستحقها، وصدرت بعض الأحكام من محكمة التمييز تؤكد هذا التطبيق خضوعا لمبدأ سلطان ارادة المتعاقدين، واحتراما لقاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين، الا ان محكمة التمييز عادت فعدلت عن هذا المبدأ، واتجهت إلى ان وكالة المحامي لا تعدو أن تكون نوعا من أنواع الوكالة، فتخضع للمادة (711) من القانون المدني التي تعتبر الوكالة في الأصل تبرعية، واذا اتفق على أن تكون بأجر كان هذا الأجر خاضعا لتقدير القاضي، ومع احترامي الكامل لهذه الأحكام، فانني لا اتفق معها في هذا الرأي، لأن المحامي لا يمتهن الوكالة، فما الوكالة الا وسيلة يستخدمها المحامي لأداء عمله، ولكنها ليست كل عمله، فعمله لا يقتصر على مجرد ان ينوب عن الموكل في ابرام تصرف او حتى في مجرد الحضور امام المحاكم، وانما يستلزم منه دراسة وبحثا متعمقا، واعداد صحف الدعاوى وصحف الطعون ومذكرات الدفاع، كما ان كثيرا من اعمال المحامي لا يتطلب توكيلا، فمراجعة العقود مثلا لا تستلزم توكيلا وحضور المفاوضات والاجتماعات لا يتطلب توكيلا، وقد تنبه المشرع في المادة (711) ذاتها الى هذه الحقيقة، فنص على ان الوكالة تبرعية ما لم يتفق على غير ذلك صراحة، او يستخلص ضمنا من مهنة الوكيل، ومعنى هذا انه استثنى بعض المهن من الخضوع للمادة (711)– ومنها بلا شك مهنة المحاماة – فرأى انه لا يستقيم ان تكون الوكالة فيها تبرعية، وانما يتعين ان تكون بأجر، ولذلك فان هذا الاجر لا يخضع لأحكام المادة (711) فلا يجوز انقاصه، ولهذا فاننا نأمل ان تعيد محكمة التمييز النظر في هذا المبدأ الخطير، حتى تحقق الغاية التي تغياها المشرع من تعديل القانون، وهي المساواة بين المحامين، وبين سائر ارباب المهن الحرة!

المستشار عادل بطرس



القبس
 

post_old.gif
08-08-2011, 06:58 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

كلمة حق جريمة الموسم (1)
التعريف بالجريمة
كتب عادل بطرس :






جريمة مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم هي جريمة الموسم بكل المقاييس، فهي جريمة دولية شملت لبنان مسقط رأس المجني عليها، ومصر مسقط رأس المتهمين، ودبي التي وقع فيها مسرح الجريمة، وأخيرا بريطانيا التي تمت فيها محاولات لارتكاب الجريمة. كما ان دوافع ارتكابها غريبة غاية الغرابة، فالمتهم الأول ــــ وأنا هنا استقي معلوماتي من المرحلة التي وصلت اليها المحاكمة التي انتهت بصدور قرار من محكمة الجنايات بإحالة اوراق المتهمين الى المفتي بما يعني اتجاه المحكمة الى الحكم عليهما بالاعدام ــــ هذا المتهم الأول لم تكن تربطه بالمجني عليها أي صلة، فهو لا يعرفها إلا عن طريق الصور التي تنشر لها في وسائل الإعلام! ومع ذلك ارتكب جريمة بشعة بأن نحرها نحرا من دون ما دافع سوى الحصول على المال من المتهم الثاني الذي وعده بأن يدفع له مليوني دولار اميركي، وسددها له فعلا بعد ان انجز مهمته اي انه قاتل مأجور، وهو ليس قاتلا مأجورا كالصورة التي عرفناها في صعيد مصر، حيث يحترف بعض الفارين من وجه العدالة مهنة القتل، فيأتي من مخبئه ليقتل من استؤجر لقتله، ثم يعود الى مخبئه من جديد، وهي بهذا وسيلة للتكسب. أما في حالتنا ــ في جريمة الموسم ــ فإن المتهم الاول الاجير كان ضابطا في مباحث أمن الدولة تلقى علومه العسكرية في كلية الشرطة، وكان عمله الأساسي حماية امن الوطن والمواطنين، ومن ثم فإن إقدامه على ارتكاب الجريمة مأجورا من غيره، امر غريب غاية الغرابة، ولكنه مفهوم، أما المتهم الثاني الذي حرضه على ارتكاب الجريمة فهو شخصية كبيرة حباه الله كما قالت النيابة العامة بالمال والبنين، فهو يملك ثروة طائلة ويرأس مجلس إدارة شركة تقدر ممتلكاتها بالمليارات، وهو في الوقت ذاته عضو في مجلس الشورى وعضو في لجنة السياسات بالحزب الحاكم، ورجل منتشر في جميع وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة. ولهذا يحار المرء في الوصول الى الدافع الذي دفعه الى ارتكاب الجريمة، ولكن مرافعة النيابة العامة تكشف انه شغف بها ولكنها كما قالت النيابة بالضبط لم تشغف به، هو احبها وهي لسبب أو لآخر لم تحبه، هو اغدق عليها المال والهدايا من دون ان تطلب منه، وهي رفضت ان ترتبط به بأي علاقة، وقد حاولت ان تتملص منه بزعم ان زوجها اللبناني يحتكرها كمطربة ويفرض عليها قيودا ثقيلة، فدفع له المتهم الثاني مليونا ونصف مليون دولار أميركي ليخلصها منه، وحين اعلن لها حبه طلبت منه ان يتزوجها، ولكنه اخذ يماطلها ثم اعلن في المحاكمة ان امه رفضت اقترانه بها، فانصرفت عنه. وبعد ان طلقت من زوجها اللبناني نتيجة مساعي المتهم الثاني، اقامت علاقة مع ملاكم عراقي، واقامت معه في لندن فطاردها المتهم الثاني، وحين فشل في الوصول اليها كلف المتهم الاول بأن يخلصه منها على نحو او آخر، واشار عليه ان يتم ذلك بإلقائها من الشرفة، كما حدث مع سعاد حسني وأشرف مروان ــ وفق قوله ــ أو بحادث سيارة أو بأي طريقة اخرى وزود المتهم الأول بأماكن إقامتها، وحين شعرت الضحية بما يدبر لها في الخفاء تركت لندن وأقامت في شقة في برج في دبي، وهناك كانت نهايتها، حيث ذهب إليها القاتل المأجور ونفذ جريمته البشعة، وأوفى بوعده للمتهم الثاني، وهكذا بان ان الجريمة كانت بلا هدف، وهي احدى الجرائم التي اشرت اليها في مقال سابق وأسميتها جرائم الترف، فلا المتهم الاول كان في حاجة الى المال، فقد عمل في عدة دول جمع فيها مالا وفيرا، ولا المتهم الثاني كان في حاجة الى امرأة جديدة في حياته، ولهذا حق لنا ان نسأل ماذا كسب من وراء الجريمة؟ والى المقال المقبل بإذن الله.

المستشار عادل بطرس

القبس


 

post_old.gif
21-08-2011, 02:38 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

كلمة حق جريمة الموسم (1)
التعريف بالجريمة كتب عادل بطرس :




جريمة مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم هي جريمة الموسم بكل المقاييس، فهي جريمة دولية شملت لبنان مسقط رأس المجني عليها، ومصر مسقط رأس المتهمين، ودبي التي وقع فيها مسرح الجريمة، وأخيرا بريطانيا التي تمت فيها محاولات لارتكاب الجريمة. كما ان دوافع ارتكابها غريبة غاية الغرابة، فالمتهم الأول ــــ وأنا هنا استقي معلوماتي من المرحلة التي وصلت اليها المحاكمة التي انتهت بصدور قرار من محكمة الجنايات بإحالة اوراق المتهمين الى المفتي بما يعني اتجاه المحكمة الى الحكم عليهما بالاعدام ــــ هذا المتهم الأول لم تكن تربطه بالمجني عليها أي صلة، فهو لا يعرفها إلا عن طريق الصور التي تنشر لها في وسائل الإعلام! ومع ذلك ارتكب جريمة بشعة بأن نحرها نحرا من دون ما دافع سوى الحصول على المال من المتهم الثاني الذي وعده بأن يدفع له مليوني دولار اميركي، وسددها له فعلا بعد ان انجز مهمته اي انه قاتل مأجور، وهو ليس قاتلا مأجورا كالصورة التي عرفناها في صعيد مصر، حيث يحترف بعض الفارين من وجه العدالة مهنة القتل، فيأتي من مخبئه ليقتل من استؤجر لقتله، ثم يعود الى مخبئه من جديد، وهي بهذا وسيلة للتكسب. أما في حالتنا ــ في جريمة الموسم ــ فإن المتهم الاول الاجير كان ضابطا في مباحث أمن الدولة تلقى علومه العسكرية في كلية الشرطة، وكان عمله الأساسي حماية امن الوطن والمواطنين، ومن ثم فإن إقدامه على ارتكاب الجريمة مأجورا من غيره، امر غريب غاية الغرابة، ولكنه مفهوم، أما المتهم الثاني الذي حرضه على ارتكاب الجريمة فهو شخصية كبيرة حباه الله كما قالت النيابة العامة بالمال والبنين، فهو يملك ثروة طائلة ويرأس مجلس إدارة شركة تقدر ممتلكاتها بالمليارات، وهو في الوقت ذاته عضو في مجلس الشورى وعضو في لجنة السياسات بالحزب الحاكم، ورجل منتشر في جميع وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة. ولهذا يحار المرء في الوصول الى الدافع الذي دفعه الى ارتكاب الجريمة، ولكن مرافعة النيابة العامة تكشف انه شغف بها ولكنها كما قالت النيابة بالضبط لم تشغف به، هو احبها وهي لسبب أو لآخر لم تحبه، هو اغدق عليها المال والهدايا من دون ان تطلب منه، وهي رفضت ان ترتبط به بأي علاقة، وقد حاولت ان تتملص منه بزعم ان زوجها اللبناني يحتكرها كمطربة ويفرض عليها قيودا ثقيلة، فدفع له المتهم الثاني مليونا ونصف مليون دولار أميركي ليخلصها منه، وحين اعلن لها حبه طلبت منه ان يتزوجها، ولكنه اخذ يماطلها ثم اعلن في المحاكمة ان امه رفضت اقترانه بها، فانصرفت عنه. وبعد ان طلقت من زوجها اللبناني نتيجة مساعي المتهم الثاني، اقامت علاقة مع ملاكم عراقي، واقامت معه في لندن فطاردها المتهم الثاني، وحين فشل في الوصول اليها كلف المتهم الاول بأن يخلصه منها على نحو او آخر، واشار عليه ان يتم ذلك بإلقائها من الشرفة، كما حدث مع سعاد حسني وأشرف مروان ــ وفق قوله ــ أو بحادث سيارة أو بأي طريقة اخرى وزود المتهم الأول بأماكن إقامتها، وحين شعرت الضحية بما يدبر لها في الخفاء تركت لندن وأقامت في شقة في برج في دبي، وهناك كانت نهايتها، حيث ذهب إليها القاتل المأجور ونفذ جريمته البشعة، وأوفى بوعده للمتهم الثاني، وهكذا بان ان الجريمة كانت بلا هدف، وهي احدى الجرائم التي اشرت اليها في مقال سابق وأسميتها جرائم الترف، فلا المتهم الاول كان في حاجة الى المال، فقد عمل في عدة دول جمع فيها مالا وفيرا، ولا المتهم الثاني كان في حاجة الى امرأة جديدة في حياته، ولهذا حق لنا ان نسأل ماذا كسب من وراء الجريمة؟ والى المقال المقبل بإذن الله.



جريمة الموسم ( 2 ) ماذا كسب؟ كتب عادل بطرس :
Pictures%5C2009%5C06%5C22%5Cfd9977bf-f6a8-4ceb-a5a1-8e5e1844132d_main.jpg


182531c8-d966-4ab1-b15e-021a475dfd98_author.jpg


لو تعلق الأمر بالمتهم الأول كانت إجابة هذا السؤال في غاية السهولة، فهو قاتل مأجور، وما كان يهدف إليه من وراء الجريمة، هو المال وقد حصل عليه بالفعل، لا يهم بعد ذلك إذا كان قد ضبط وأصبح في طريقه إلى الإعدام، المهم أنه حقق الغاية التي سعى إليها، ولكن الأمر المحير هو إجابة هذا السؤال بالنسبة إلى المتهم الثاني، الذي حرض على ارتكاب الجريمة، فما كان يهدف إليه من وراء تلك الجريمة البشعة لم يتحقق، فلو أنه أحب امرأة وأراد أن يفوز بها فأزال العائق الذي يعترض طريقه للفوز بها، كما لو كان قد قتل زوجها أو عشيقها مثلا ليخلو له الجو معها، لكان ذلك مفهوما، لكن أن يقتل المرأة التي أحبها هي بعينها وليس سواها فهو أمر غير مفهوم على الإطلاق، قد يكون قد سعى إلى هدف لم نعرفه، أو لم نكتشفه بعد، وقد يكون هذا الهدف مجرد انتقام من المرأة، التي أحبها ولم تبادله حبا بحب أو التي هجرته إلى غيره، وقد يكون مجرد حرمان غيره من أن يستمتع بها.
وهذه الفكرة إذا كانت غريبة على أفهامنا، فإنها لم تكن غريبة على أفهام الكتاب والشعراء، فقد سئل أشهر عاشق في التاريخ (كازانوفا) هل يمكن أن تقتل من تحب؟ قال من دون تردد: نعم، إذا هجرتني وذهبت إلى أحضان رجل آخر، لأن في الهجر مذلة للرجل، خصوصا إذا كان رجلا مرموقا يشار إليه بالبنان، لأن عشق رجل آخر فيه إهانة لرجولته. وسئل الكاتب الروسي الشهير تولستوي: هل يقتل الرجل المرأة التي يحبها؟ قال: نعم، لو خانته أو أهانت رجولته أو تركته إلى رجل آخر. كما سئل الدكتور أحمد عكاشة أكبر علماء النفس، ما رأيك في إنسان بلغ آخر سلم المجد، ملك كل شيء وأي شيء فأصبح برلمانيا كبيرا وصاحب شركات ومال لا يعد ولا يحصى، فقط يأمر فيطاع، وربما يطاع قبل أن يأمر، ثم فجأة يصبح حديث الساعة لأن امرأة سلبت لبه فيتورط في جريمة قتل من احب وعشق، اجاب الدكتور عكاشة: ان القوة المطلقة مفسدة مطلقة، الانسان الذي تصبح بين يديه القوة والسلطة والمال قد توصله الى حقيقة خادعة، هو اول من ينخدع بها، عندما يعتبر اي نقد او اي تجاهل او اي رفض لطلباته بمنزلة خيانة عظمى تستحق الثأر، ثم اضاف: ان تزاوج السلطة مع المال يولد قوة جبارة، كأنك ملكت سر القنبلة الذرية بين يديك، وحينما سئل الطبيب النفسي الشهير: لماذا يبحث الرجال المشهورون المتخمون بالمال والسلطان عن المرأة دائما، قال الطبيب: عندما يستنزف الرجال كل متع الدنيا يبحثون عن الجميلات، فهم يريدون ان يغزوا قلوب النساء ويخضعوهن لسلطانهم، ومن اجل هذا يضحي الرجال بكل ما يملكون للفوز بقلوب الفاتنات ليتفاخروا بهن بين الاقران الذين يملكون مثلهم القوة والسلطان والمال، وهم يريدون دائما في نزواتهم ومغامراتهم العاطفية اخضاع من لم يقدر عليها احد، فيطلقون الزوجة من زوجها ويفرقون بين الخطيبين او الحبيبين فكل واحد منهم يتصور ان كل شيء يمكن امتلاكه، وتظهر عليه شهوة التملك الزائد فلا شيء يمكن ان يقف في طريقه، أو يقول له كلمة (لا).
والواقع انني كنت اعتقد ان الشعراء يجنح بهم الخيال دائما، بعيدا عن الواقع، فلم اكن اتصور ابدا ان العاشق الذي يحب امرأة يمكن ان يدفعه الحقد أو الانتقام الى ان يقتل المرأة التي احبها، ولكن ها هي الايام تثبت لي ان الكتاب والشعراء دائما يسبقون زمنهم..!
..وللحديث بقية.


المستشار عادل بطرس
 

post_old.gif
28-08-2011, 03:22 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

جريمة الموسم (4) تكلفة الجريمة كتب عادل بطرس :



182531c8-d966-4ab1-b15e-021a475dfd98_author.jpg



لو أحصينا الارقام التي نشرت في وسائل الاعلام عن المبالغ التي انفقت في قضية الموسم، لوجدنا انها ارقام تفوق الخيال، فوفقا لتقارير صحفية نشرت يوم 7/6/2009 تحمل المتهم الثاني بمفرده 70 مليون جنيه مصري، فقد ثبت من حسابات سوزان تميم في بنوك سويسرا، ومن الدعوى التي رفعها امام المحاكم السويسرية لتجميد ارصدتها، انه دفع لها مبلغ اربعين مليون جنيه، كما تحمل مبلغ عشرة ملايين جنيه أخرى، دفعها بشيك الى زوجها اللبناني عادل معتوق حتى يقوم بتطليقها، وتبين ان معتوق التقى المتهم الثاني في مصر، وابلغه انه اجرى لزوجته المجني عليها سوزان تميم 18عملية تجميل في انحاء متفرقة من جسدها، بتكلفة اجمالية بلغت مليوناً ونصف المليون دولار اميركي، واعطاه المتهم الثاني شيكا بالمبلغ نظير تطليقها، كما تبين ان المتهم الثاني انفق عدة ملايين اخرى على رحلات سوزان تميم على متن الطائرة الخاصة المملوكة له، كما وفر لها الاقامة في عديد من الفنادق، وتكفل بالانفاق على والدها ووالدتها وشقيقها وباقي افراد العائلة، ونظم لهم جميعا رحلة عمرة على نفقته الخاصة للاراضي المقدسة، وكانت الاقامة في افخم الفنادق بمكة، وذلك وفقا لاقراره في التحقيقات وامام المحكمة، كما تحمل المتهم الثاني ايضا مبلغ مليوني دولار اميركي، دفعها للمتهم الاول مقابل اتمام جريمة القتل، وبعد ارتكاب الجريمة اضطر المتهم الثاني الى دفع مبالغ مالية اخرى لعديد من المحامين على سبيل الاستشارات القانونية، فضلا عن الاتعاب المرتفعة التي دفعها للمحامي الذي ترافع عنه أمام المحكمة، كما تحملت الحكومة المصرية مبالغ تقدر بمليوني جنيه، طبقاً لمصادر قضائية وأمنية، منها نفقات سفر ضباط الشرطة الى دبي والاطباء الشرعيين بها الذين اقاموا في فنادق فخمة، باعتبارهم شهود اثبات، وتحملت وزارة الداخلية ايضاً عشرات الآلاف من الجنيهات، لتوفير وجبات سريعة لنحو ثلاثة آلاف من افراد الشرطة، قاموا بتأمين المحكمة، وقت المحاكمة. أما المتهم الاول الذي نفذ جريمة القتل فقد تحمل بدوره مبلغ مليوني جنيه دفع منها خمسمائة الف جنيه لفريق من الاطباء الشرعيين السابقين، لاستشاراتهم في التقرير الطبي الشرعي الصادر من دبي. كما دفع مبلغا مماثلا لاستشارات لعدد من اساتذة المونتاج والتصوير السينمائي، حتى يشكك في الصور التي التقطت له من الكاميرات المركبة في البرج الذي كانت تقيم فيه المجني عليها وقت ارتكاب الجريمة، بالاضافة الى ما تحمّله من اتعاب المحاماة للمحامين الذين تولوا الدفاع عنه.
وتعلق صحيفة الشروق المصرية على ذلك بأنها اعلى تكاليف قضية في مصر، ولو تأملنا هذه الارقام قليلاً، لتبين لنا انها كانت تكفي لاقامة مستشفى كبير، أو مدرسة، أو مركز ابحاث علمية، يدفع المجتمع الى الامام في وقت نشكو فيه، ونجأر بالشكوى من انخفاض مستوى الرعاية الصحية والتعليمية، في ظل هذه الكثافة السكانية المتزايدة مع قصور الموارد عن الوفاء بالمتطلبات اللازمة.
لو فعل هذا المتهم الثاني، لأقمنا له تمثالا في اكبر ميدان من ميادين القاهرة، ولأقام له كل مريض او محتاج تمثالا في قلبه، ولكسب دعاء المظلومين والمجهدين..!



جريمة الموسم (5) الدفوع القانونية؟ كتب عادل بطرس :





دفع المتهم الثاني ببطلان إجراءات التحقيق التي اتخذت معه بسب البدء فيها قبل رفع الحصانة البرلمانية عنه، وقد ردت النيابة العامة بأن مجلس الشورى قد وافق بتاريخ 27/8/2008 على رفع الحصانة البرلمانية عنه وتم استجوابه في 1/9/2008 اي بعد تاريخ رفع الحصانة عنه ولم تكن قد اتخذت اي اجراءات ماسة بشخصه او حرمة مسكنه، ثم اضافت انه اذا كان يرمي الى القول ببطلان كل اجراءات التحقيق في الدعوى السابقة على حصول ذلك الإذن فهذا مردود بأن الدستور قد حصر حصانة اعضاء مجلس الشورى على الاجراءات التي تتخذ ضد عضو المجلس نفسه كالقبض عليه او استجوابه او تفتيش مسكنه، فلا تشمل ما يتخذ من اجراءات مع غيره كسؤال الشهود واجراء المعاينة، ولهذا فإن حكم الدستور في هذه الحالة يعد مقيدا لنص المادة 9 من قانون الاجراءات الجنائية التي نصت على انه وفي جميع الاحوال التي يشترط فيها القانون لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى او الحصول على اذن او طلب من المجني عليه او غيره لا يجوز اتخاذ اجراءات التحقيق فيها الا بعد تقديم الشكوى او الاذن او الطلب، فقد فسرت النيابة العامة هذا النص في ضوء ما ذهب اليه فقهاء القانون الجنائي من ان الذي يمتنع على جهات التحقيق هو اتخاذ اي اجراء من اجراءات التحقيق الماسة بشخص عضو مجلس الشورى، اما غير ذلك من اجراءات التحقيق غير الماسة بعضو مجلس الشورى كسماع الشهود واجراء المعاينات وندب الخبراء والتحقيق مع متهمين آخرين فلجهة التحقيق أن تجريها دون انتظار اذن المجلس، كما ايدت هذا النظر بحكم حديث صادر عن محكمة النقض بجلسة 18/5/2006 ارسى المبدأ ذاته، ونحن نؤيد ما ذهبت اليه النيابة العامة ونضيف اليه انه لا يجوز قياس هذه الحالة على حالات الشكوى والاذن والطلب كما هي الحال في جرائم الزنى والسب والقذف، فهذه لا يجوز اتخاذ اي اجراء فيها الا بناء على الشكوى التي تقدم من صاحب الشأن، ففي جريمة الزنى مثلا لا جدوى من التحقيق مع اي جهة او البحث عن اي دليل اذا كان الزوج غير راغب في اقامة الدعوى الجزائية ضد زوجته، بل ان اتخاذ اي اجراء فيها، حتى لو بعيدا عن المتهم الاصلي، يخالف العلة من الحظر، فالزوج يخشى الفضيحة، ولهذا يكتفي بتسريح زوجته بالمعروف دون ان يحرك الدعوى ضدها، فإذا ما سئل بواب العمارة مثلا فإن الفضيحة تنتشر، اما في حالة الحصانة البرلمانية، فالحصانة لا تلحق الا العضو نفسه، فإذا حظر اتخاذ اي اجراء في الدعوى حتى ترفع الحصانة عن متهم بعينه، فقد يفلت باقي المتهمين من العقاب، كما دفع المتهم الثاني كذلك ببطلان التسجيلات الصوتية التي اجراها معه المتهم الاول وقد ردت النيابة العامة على هذا الدفع بأن مناط الحماية التي اسبغها المشرع هو حماية الحياة الخاصة للمواطنين، فلا ينسحب ذلك بطبيعة الحال على حالة تسجيل حوارات دارت بين اثنين متهمين بشأن ارتكاب جريمة واستشهدت في ذلك بحكم حديث لمحكمة النقض المصرية صادر في 18/5/2000، حيث قام المجني عليه في جنحة سب وقذف بتسجيل العبارات محل الجريمة على تلفونه الشخصي، ولذلك انتهت النيابة العامة الى طلب رفض ذلك الدفع ايضا.
.. وللحديث بقية.

المستشار عادل بطرس




وللحديث بقية.
 

post_old.gif
28-08-2011, 07:15 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

كلمة حق أجر المحامي كتب عادل بطرس :






عندما صدر قانون المحاماة رقم 42 لسنة 1964 كان مثار نقد من جموع المحامين لأن المادة (32) من ذلك القانون كانت تنص على ان يتقاضى المحامي أتعابا من موكله وفق الاتفاق المكتوب بينهما، ويجوز للمحكمة التي نظرت القضية أن تنقص الأتعاب المتفق عليها اذا رأت انها مبالغ فيها.
فقد كان مؤدى هذا النص ان يخضع الاتفاق على أتعاب المحامي لرقابة القضاء، خروجا على قاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين، فيميز بذلك بين المحامي، وبين باقي أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمهندس والمحاسب الذي في وسعه ان يتفق على الأتعاب التي يراها مناسبة للجهد الذي يتطلبه العمل، ولهذا ظل المحامون يطالبون بان تترك لهم حرية الاتفاق مع موكليهم على الأتعاب التي يتم التراضي بينهما على مقدارها بارادتهما الحرة، إلى ان استجاب المشرع أخيرا لذلك المطلب العادل، فتم تعديل قانون المحاماة بالقانون رقم 62 لسنة 1996 فأصبحت المادة (32) تنص على ان يتقاضى المحامي أتعابا وفقا للعقد المحرر بينه وبين موكله، من دون ان يعطي لأي جهة سلطة انقاص هذه الأتعاب، وبذلك أنهى المشكلة تماماً، وأصبح المحامي شأنه شأن سائر أرباب المهن الحرة، يملك كامل الحرية في الاتفاق مع موكله على مقدار الأتعاب التي يستحقها، وصدرت بعض الأحكام من محكمة التمييز تؤكد هذا التطبيق خضوعا لمبدأ سلطان ارادة المتعاقدين، واحتراما لقاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين، الا ان محكمة التمييز عادت فعدلت عن هذا المبدأ، واتجهت إلى ان وكالة المحامي لا تعدو أن تكون نوعا من أنواع الوكالة، فتخضع للمادة (711) من القانون المدني التي تعتبر الوكالة في الأصل تبرعية، واذا اتفق على أن تكون بأجر كان هذا الأجر خاضعا لتقدير القاضي، ومع احترامي الكامل لهذه الأحكام، فانني لا اتفق معها في هذا الرأي، لأن المحامي لا يمتهن الوكالة، فما الوكالة الا وسيلة يستخدمها المحامي لأداء عمله، ولكنها ليست كل عمله، فعمله لا يقتصر على مجرد ان ينوب عن الموكل في ابرام تصرف او حتى في مجرد الحضور امام المحاكم، وانما يستلزم منه دراسة وبحثا متعمقا، واعداد صحف الدعاوى وصحف الطعون ومذكرات الدفاع، كما ان كثيرا من اعمال المحامي لا يتطلب توكيلا، فمراجعة العقود مثلا لا تستلزم توكيلا وحضور المفاوضات والاجتماعات لا يتطلب توكيلا، وقد تنبه المشرع في المادة (711) ذاتها الى هذه الحقيقة، فنص على ان الوكالة تبرعية ما لم يتفق على غير ذلك صراحة، او يستخلص ضمنا من مهنة الوكيل، ومعنى هذا انه استثنى بعض المهن من الخضوع للمادة (711)– ومنها بلا شك مهنة المحاماة – فرأى انه لا يستقيم ان تكون الوكالة فيها تبرعية، وانما يتعين ان تكون بأجر، ولذلك فان هذا الاجر لا يخضع لأحكام المادة (711) فلا يجوز انقاصه، ولهذا فاننا نأمل ان تعيد محكمة التمييز النظر في هذا المبدأ الخطير، حتى تحقق الغاية التي تغياها المشرع من تعديل القانون، وهي المساواة بين المحامين، وبين سائر ارباب المهن الحرة!

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
18-09-2011, 05:26 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

القبس


كلمة حــق مصرع القانون!

Pictures%5C2009%5C09%5C28%5C2b3e88d7-2927-45a0-8113-b794090574c0_main.jpg


الحادثة البشعة التي نشرت بالصحف المصرية في الاسبوع الماضي حادثة مروعة تستحق ان نتوقف عندها طويلا ونتأمل، ليس من اجل جسامتها ولا من اجل خطورتها، ولكن لغرابة مسلك الجاني فيها الذي يكشف عن مدى ما طرأ على سلوك المخاطبين بالقانون من استهانة بأحكامه الى اقصى حد متصور. فالواقعة باختصار شديد تتلخص في ان المرحوم الاديب توفيق عبدالرحمن علي وكيل وزارة الاعلام السابق كان يقود سيارته في امان الله في حي من ارقى احياء القاهرة الكبرى، وهو حي المهندسين، وفي اهم شارع من شوارعها وهو شارع عرابي، حين اصطدمت بسيارته سيارة ميكروباص، فنزل الرجل المهذب من سيارته واتجه الى سائق الميكروباص الذي صدمه ليعاتبه عتابا رقيقا، فإذا به يفاجأ بأن السائق رد عليه بسيل من الشتائم ذهل لها الرجل المهذب الذي جاوز السبعين من عمره، والذي تعامل طوال حياته مع الآخرين بالأدب والذوق. ويبدو انه عزت عليه نفسه فأراد ان يرد هذا الاعتداء بسلوك حضاري مهذب فهدد السائق الذي سبه بابلاغ الشرطة، فإذا به يفاجأ بأغرب جملة سمعها في حياته، إذ خاطب السائق مساعده الذي يطلق عليه «التباع» قائلا «سوق يا واد اركب العربية وادهس الافندي اللي عاوز يربينا..» وبسرعة جلس الولد «التباع» الى عجلة قيادة الميكروباص وضغط على دواسة البنزين لينطلق الميكروباص بسرعة ويدهس الرجل، يمر عليه ويكسر عظامه وينطلق بسرعة الريح وسط ذهول المتابعين!
وحين اتضح ان الميكروباص مرتكب الحادث كان يسير بغير لوحات معدنية، نزل مدير امن الجيزة بنفسه ليقود حملات مرورية على شوارع الجيزة اسفرت عن ضبط 35 سيارة تسير في الشوارع من دون لوحات معدنية! فتمت مصادرة السيارات والقبض على سائقيها، وكان من بينهم سائق الميكروباص الذي قتل وكيل الوزارة وتابعه، حيث اتضح انهما لا يحملان ترخيص قيادة!
ولقد علق الكاتب الكبير صلاح منتصر على هذه الحادثة في عموده اليومي بالاهرام تحت عنوان «مصرع الذوق والأدب..» فندد بمسلك السائق والتباع اللذين قتلا الرجل الذي تجرأ وحاول عتاب السائق، وتساءل في نهاية مقاله: «ما الذي حدث في الدنيا حتى وصلنا الى هذا المنحدر الذي ينهزم فيه الادب والذوق تحت عجلات سيارة ميكروباص وبهذه الوحشية الغريبة؟!»، وإذا كنت أنعى مع الكاتب الذوق والاخلاق، فإنني أنعى معهما «القانون» ايضا، فلو ان السائق فكر للحظة واحدة انه لن يفلت من احكام القانون التي تعاقبه بعقوبة القتل العمد لما امر التباع بأن يقتل الرجل بهذه الطريقة البشعة، ولو ان التباع فكر للحظة واحدة انه سيزهق روحا بريئة، وانه لن ينجو بفعلته مهما حدث، لما انصاع الى امر معلمه بهذه السرعة والسهولة وكأنه يؤدي واجبا مفروضا عليه ولكنهما واثقان، أو هكذا كانا يظنان ان يد القانون لن تطولهما لان احدا لن يتعرف عليهما ما دام الميكروباص لا يحمل لوحة معدنية. ولقد كان ظنهما له اساس لان عددا كبيرا من سيارات الميكروباص تجوب شوارع القاهرة ليلا ونهارا وهي لا تحمل لوحات معدنية، كما ان سائقيها لا يحملون رخصة قيادة الى درجة انهم نشروا الرعب بين رواد الشوارع لكثرة ما يقع منهم من حوادث ومن سقوط عدد كبير من الضحايا من دون ان ينال سائقوها اي عقاب لان احدا لا يستطيع ان يتعرف على هويتهم، وظل الحال كذلك الى ان وقعت هذه الحادثة الجلل التي كان ضحيتها المرحوم توفيق عبدالرحمن. ولبشاعة الجرم تحركت الاجهزة المعنية، وضبطت هذا العدد الكبير من السيارات التي تسير من دون لوحات معدنية، كما ضبطت ايضا عددا كبيرا من السائقين الذين يقودون سياراتهم من دون ان يكون معهم ترخيص بالقيادة، وبطبيعة الحال ستخلو شوارع القاهرة من السيارات التي تسير بغير لوحات معدنية، ولكن الى حين ان تنسى الحادثة وتعود ريمة الى عادتها القديمة كما تعودنا دائما!

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
20-09-2011, 11:48 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

القبس


كلمة حق كرامة القاضي

ء

عقب تخرجي مباشرة وتعييني في مجلس الدولة توجهت مع زميل وصديق الى منزل اسرة عريقة ليخطب ابنتهم، واثناء وجودنا في صالون المنزل جاء لزيارتهم الشاعر الكبير عزيز باشا اباظة الذي كان صديقا حميما لتلك الاسرة، وكان قد بدأ حياته بالعمل في النيابة العامة ثم تدرج في مناصب عديدة كان اخرها محافظا لأسيوط، وبعد ان تعارفنا سألنا الشاعر الكبير: لماذا يشعر رجال القضاء بالاستعلاء حين يتكلمون؟ ويبدو انه لاحظ اننا رغم صغر سننا وقتها كنا نتحدث معه في كبرياء وشموخ، فقلت له اعتقد ان السبب في هذا ان القاضي لا سلطان عليه الا القانون، فالقاضي لا يخضع للتسلسل الرئاسي بحيث ينفذ امر رئيسه حتى لو كان غير مقتنع به ولكن عليه ان يقول رأيه في جرأة بغض النظر عن رأي رئيسه وقد وافقني على هذا الرأي، واضاف اليه: صحيح.. أنا كنت وأنا معاون نيابة اجعل رأسي برأس مدير المديرية وهذا ذكرني بيوم تسلمي العمل في مجلس الدولة فقد توجهنا الى المكان الذي سنعمل فيه وهو الشعبة المالية والاقتصادية في مجلس الدولة، حيث قابلنا رئيس الشعبة وكان وقتها نائب رئيس مجلس الدولة، فسألنا سؤالا قال فيه: لقد كان معكم زملاء حصلوا على تقديرات عالية مثلكم ولكن لم يتم تعيينهم في المجلس فهل تعرفون لماذا استبعدناهم؟ فأخذ كل منا يجتهد في معرفة الاجابة، وحين جاء دوري قلت له انني اعتقد ان السبب هو انهم سبق لهم ان عملوا كموظفين في الحكومة لمدد طويلة والوظيفة القضائية تختلف عن اي وظيفة اخرى، فالوظيفة القضائية تتطلب في الشخص استقلالا في رأيه واعتدادا بشخصيته، اما الموظف العادي الذي قضى سنوات طويلة من عمره لا يملك الا ان ينفذ اوامر رؤسائه حتى ولو كان غير مقتنع بها، فإنه يصعب عليه اذا ما انتقل من الوظيفة العادية الى الوظيفة القضائية ان يغير طبعه، فأيدني في هذا الرأي وقال هذا هو بالضبط السبب الذي استندنا اليه في اختيارنا لكم وبعد ذلك بسنوات قليلة كنت أعمل في ادارة الفتوى والتشريع لوزارة الخارجية التي كان يرأسها الدكتور محمود سعد الدين الشريف الذي كان عالما جليلا، وكان يعمل قبل مجيئه إلى مجلس الدولة مباشرة عميدا لكلية حقوق بغداد، وكنت وقتها أكتب مشروعات الفتاوى بالقلم الحبر وليس بالرصاص، وبخط منمق جميل وأكره الشطب تماما، فاذا ما اضطررت إلى تغيير كلمة أو حذف كلمة أعيد كتابة الصفحة من جديد حتى لا اشطب حرفا واحدا، وكان الدكتور الشريف يتولى مراجعة الفتوى قبل طباعتها، ففوجئت بان فتوى كنت قد رددت فيها عبارة سريان القانون عدة مرات، فوجئت بانه شطب على كل كلمة سريان القانون وكتب فوقها جريان القانون، فثارت ثائرتي وتوجهت إلى غرفة مكتبه التي كانت في مواجهة غرفة مكتبي، وحين فتحت الباب يبدو ان علامات الثورة كانت واضحة على وجهي، فقد وجدته يقابلني بابتسامة بالغة الرقة، ويقول لي أهلا ويبادرني بالقول انت اسمك عادل وابني اسمه عادل، ولهذا أنا أحبك، فهدأ من ثورتي قليلا، ولكنه لم يمنعني من ان أسأله وأنا أريه الفتوى عن سبب هذا الشطب؟ فنحى الملف جانبا وقال لنجلس أولا لنأخذ فنجان قهوة، ثم نرى ماذا تريد، فجلست في هدوء وقلت له في أدب شديد انني تعودت الا اشطب كلمة واحدة، ولا أحب ان يشطب لي أحد كلمة، واللائحة الداخلية لمجلس الدولة تعطيني هذا الحق، فهي تقول ان لي ان أكتب رأيي بكل حرية، فاذا أعجبك وافقت عليه، واذا لم يعجبك تكتب أنت رأيك وتحفظ رأيي في الملف، فابتسم وقال لي ان كلمة جريان كلمة جميلة تعودوا عليها في العراق، فتأمل المصطلح جريان القانون تجده أجمل كثيرا من سريان القانون، فأحكام القانون يجري تطبيقها على الحالة، ولا تسري فيها كتيار الكهرباء، فقلت له ان القاعدة ان خطأ شائعا خير من صواب مهجور، فما بالنا بصواب شائع وصواب مهجور، وكان الرجل كريما غاية الكرم رقيقا غاية الرقة فوعدني بالا يشطب لي شيئا، وانما يتناقش معي فيما يرى تعديله، ومن هنا تعلمت ان القاضي لا يجب ان يفرط في كرامته أبدا، ولا ان ينزل عن رأي ما دام مقتنعا به!

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
27-09-2011, 12:31 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

القبس


بسبب تزايد عدد القضايا واللجوء إليه من كل الفئات حالة ضغط على القضاء!

Pictures%5C2009%5C10%5C26%5C025ce827-df7d-48a7-b2e9-2f33d919a51b_main.jpg


القضاء ملاذ الجميع.. كلمة نسمعها دائما، وتتردد يوميا آلاف المرات في المحاكم من قبل دفاع المتقاضين، فالكل يعلم تماما ويقينا معنى هذه الجملة وحقيقتها. ولكن هناك ظاهرة جديدة تطفو على سطح القضاء، وخصوصا في السنوات القليلة الماضية، وهي أن المجتمع أصبح يلجأ إلى القضاء بجميع أطيافه وهو الأمر الذي لم تشهده محاكمنا في السابق، وإن كانت شهدته فلم يكن بهذه الكثرة والضجة التي تصاحبه إعلاميا.. فبالأمس كنا نتحدث عن ضرورة وضع أجهزة قانونية لفحص الدعاوى قبل رفعها، كما هو معمول به في الدول الأخرى، وذلك لأن هناك العديد من الدعاوى يأتي بسبب الكيدية والانتقام من قبل البعض الذين يعتبرون القضاء شماعة لإرهاق خصومهم بحضورهم إلى المحاكم على الرغم من أنهم يعلمون بأن تلك الدعاوى مرفوضة لعدم ثبوتها على أدلة يقينية، وهذا الأمر قابله رفض بحجة أن التقاضي مكفول للجميع ولا يجوز حرمان أحد من أخذ حقه، وهو الأمر الذي لم تشهده المحاكم الكويتية منذ تأسيسها.
لكن ما يحدث اليوم هو أمر أكبر من ذلك، فقد أصبح المواطن العادي يلجأ إلى المحاكم في كل شاردة وواردة للحصول على حقوق يراها مستحقة له ولا يجوز حرمانه منها، كما أن أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية أصبحوا ضيوفا بارزين على قائمة القضايا المعروضة وبشكل يومي في المحاكم، وهذا الأمر يجرنا إلى أسئلة عدة أولها وأهمها: هل الحقوق أصبحت لا تؤخذ إلا من خلال المحاكم؟ بعض القانونيين يرى أن لجوء المجتمع بكل أفراده وباختلاف مناصبهم وانتماءاتهم إلى المحاكم ظاهرة صحية تعبر عن الديموقراطية، لكن البعض الآخر يرى أن ما يحدث من ازدحام في القضايا المعروضة على المحاكم هو أمر استثنائي يحدث في الكويت فقط، وأن ذلك يدل على تقاعس بعض المسؤولين في الجهات الحكومية وغيرها عن عدم إعطاء الحقوق لأصحابها، مما يضطرهم إلى اللجوء للقضاء.
«قانون وعدالة» رأت أنه من الضروري طرح مسألة لجوء الجميع إلى القضاء. وناقشت مسألة إرهاق أعضائه بهذا الكم الهائل من القضايا، وعن مدى حقيقة الدعاوى أو أنها للشهرة الإعلامية، وفيما يلي التفاصيل:
اللجوء للقضاء مسألة قانونية أباحها القانون والدستور متى ما شعر أي طرف بالظلم.. هذا ما أوضحه رئيس جمعية المحامين عمر العيسى في بداية الأمر، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الدعاوى الكثيرة مرتبطة بسهولة اللجوء إلى القضاء، خصوصا مع وجود ضباط الدعاوى، وهذه مسألة استثنائية في الكويت وذلك بالنسبة للقضايا العادية.

إحباط
واضاف العيسى قائلا: أما القضايا السياسية، فإن شعور المواطن بالإحباط وعدم وجود الحل للكثير من المشاكل جعل الكثيرين يتجهون للقضاء، لإبراز هذه المشاكل من ناحية إعلامية، وبحثا عن حل لها من خلال صدور حكم يلزم الجهات في طلبات المتقاضين.
وضرب العيسى مثلا على ذلك بقوله: لجوء مجموعة من المواطنين للقضاء في قضية كارثة مشرف وإحالة دعواهم إلى إدارة الخبراء لبحث هذه المشكلة اتضح أنه أمر مجد، وذلك لأن هؤلاء أصبحوا السباقين في بيان المشكلة أكثر من بيان الجهات الحكومية، وبالتالي هناك ضغط سياسي وإعلامي يلجأ البعض منه إلى القضاء لإعطائه مساحة متقدمة في المطالبات.
واستطرد بالقول: أيضا فإن اللجوء الى القضاء في ما يتعلق بشكاوى الوزراء، وعلى رأسهم رئيس الوزراء سيوضح لنا الخط الفاصل بين النقد الموضوعي المباح قانونا، والتجريح الشخصي الذي دائما نبتعد عنه، لأنه ليس من عاداتنا وتقاليدنا. وبين أن صدور حكم في هذه المسألة يوضح للآخرين الفارق بين النقد الموضوعي المسموح به والتجريح، بعد اختلاط المفاهيم والمعايير اليوم، فكثير من الكتّاب ينتقدون بطريقة مبتذلة وتتصف بالتجريح، ويكون الطرح بعيدا كل البعد عن الموضوعية، ومن هنا يلجأ الكثيرون إلى المحكمة لمقاضاة الكتّاب أو الآخرين لمعرفة حدود الحرية المتاحة من خلال القانون والمحكمة.
وتابع: إذا أصدر القاضي حكمه في هذه المسألة تتضح معالم كثيرة، ولا يخفى علينا كذلك أن هناك أناسا آخرين يلجأون الى القضاء بهدف الشهرة الإعلامية من دون أن يكون للموضوع أهمية، وغالبا ما ترفض هذه الدعاوى في المحكمة، لكنها في النهاية تعكس ربح جولة إعلامية.
وأوضح أن القضاء يظل صمام الأمان بالنسبة للسلطات، وهو مصدر ارتياح وثقة أمام العامة والكافة، وبالتالي فإن الكل يشعر بالأمان والثقة أمام القضاء الكويتي العادل، وليس هناك صغير أو كبير في هذه المسألة، وهذا الأمر شجع الكثيرين لاستخدام الحق القانوني باللجوء إلى القضاء، ومن يخل بهذا الحق أو يستخدم حق التقاضي بأمر غير مشروع فإنه غالبا يعطى المجال أمام الآخرين لمقاضاته مرة أخرى للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به.
وأشار إلى أن القضايا السياسية زادت في السنوات الأخيرة، لأن شعور المواطن بأنه سيأخذ حقه أمام القضاء أفضل بكثير من إثبات وجهة نظره أمام الجهات الحكومية.
وقال إنه ومن خلال احتكاكنا كمحامين في كثير من الجهات، اكتشفنا أن هناك جهات كثيرة تقر بمطالبات المتقاضين، ولكن خوفا من المساءلة السياسية أمام مجلس الأمة، فإنهم يتخوفون من إعطاء هذا الحق للمطالب ويوجهونه إلى القضاء للمطالبة بذلك.
وتابع: اليوم أصبح اللجوء الى القضاء الشماعة التي تبرئ ذمة الجهات الحكومية من المساءلة السياسية، وهذا يؤكد أن هناك ضعفا في اتخاذ القرار وخوفا كبيرا من المساءلة، وبالتالي نرى الكثير من تلك الجهات لا تحل تلك المواضيع بطريقة ودية، ما جعل الكثيرين يلجأون الى القضاء.

ظاهرة صحية
ومن جانبها، أكدت المحامية الشيخة فوزية الصباح أن حق التقاضي كفله الدستور الكويتي، موضحة أن لجوء افراد المجتمع بكل أطيافه إلى القضاء ظاهرة صحية تدل على تنامي ثقافة التقاضي والقانون بدلا من ثقافة الفوضى.
وأضافت قائلة: رغم أن لدينا قضاء متطورا في الكويت، لكننا ما زلنا نعاني البطء في إجراءات التقاضي، ونتمنى أن نجد حلا لهذه الظاهرة.
وأكملت: لدينا ثلاث درجات من التقاضي، ما يعني أن نسبة الوقوع في الخطأ في تطبيق القانون متدنية جدا، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن حضارة الدول وتقدمها لا يقاسان بشوارعها الفسيحة ولا بأبراجها الشاهقة، بل بمدى تطبيقها للقانون.
وتابعت: لولا ثقة الناس بالقانون والقضاء لما لجأوا إلى المحاكم ولا انتشرت ظاهرة الفوضى، ولكن هناك نسبة من الناس ما زالوا يعتقدون أن تقديم شكوى ضدهم أمام المحكمة فيه إساءة وهذه نسبة قليلة جدا في المجتمع.
وتابعت المحامية الصباح: ما زلنا نطالب بتطوير القضاء في عدة مجالات ومنها استقلاليته إداريا وماليا عن وزارة العدل، وما زلنا نطالب بتعديل قانون إنشاء المحكمة الإدارية حتى تنظر جميع القضايا ومنها قضايا السيادة، فليس من حق السلطة التنفيذية أن تستأثر بقرارات بعيدا عن رقابة القضاء.
واستطردت: كما أننا ما زلنا نطالب بأن تكون الإدارة العامة للتحقيقات والإدارة العامة للأدلة الجنائية بعيدتين عن إدارة وزارة الداخلية وتحت مظلة القضاء.

حماية الحقوق
أما المحامي حسين الغريب فعلق على الموضوع قائلا: إن وظيفة القضاء هي حماية الحقوق القانونية لأفراد المجتمع من اعتداء بعضهم عليها، وذلك بما له من سلطة، إذ عندما يلجأ إليه المعتدى عليه بطلب دفع اعتداء المعتدي أو تعويضه عن الاضرار الناجمة من الاعتداء أو الاثنين معا، فيختص القضاء دون غيره من السلطات في الدولة بالقيام بوظيفة الحماية لهذه الحقوق.
وأضاف: لم يعد مقبولا اليوم أن يستعين المعتدى عليه بقوته الذاتية أو بأعوانه لدفع الاعتداء عن نفسه، إذ ثبت تاريخيا أنه في مثل هذه الحالة يتجاوز المدافع عن نفسه حق الدفاع إلى حق الاعتداء انتقاما من المعتدي.
وتابع: لذلك وجب على الجميع اللجوء إلى القضاء لحماية حقوقهم الشخصية، وبناء عليه من غير المستغرب أن يلجأ أعضاء السلطة التنفيذية، وعلى رأسهم سمو رئيس الوزراء، إلى القضاء طالبا دفع اعتداء وقع عليه حسبما يعتقد من نقد جارح من قبل بعض الكتاب او أعضاء مجلس الأمة أو غيرهم من خلال عملية النقد أو الرقابة السياسية.
أما عن حالات ازدياد اللجوء إلى القضاء، فمرد ذلك ـ حسب الغريب ـ إلى كثرة حالات التعدي على حقوق الناس من ناحية، وزيادة الوعي بدور القضاء وتعزز الثقة فيه من ناحية أخرى، ويعود السبب الأكبر من حالات التعدي على حقوق الناس للأسف من أفراد قائمين على إدارة جهات حكومية مسؤولة عن تطبيق القانون.
وخلص الغريب إلى أنه ولذلك السبب يلجأ المتعاملون مع هؤلاء إلى القضاء لردهم الى جادة الصواب، وهو ما نهيب بالقضاء العادل أن يضع حدا لتصرفات القائمين على تنفيذ القانون المخالفة للقانون.

تزايد الثقافة القانونية
عللت المحامية فوزية الصباح زيادة القضايا بزيادة ثقافة تطبيق القانون في المجتمع، وقالت: «قبل خمسة عشر عاما كانت هناك دائرة إدارية واحدة أو اثنتان في محكمة أول درجة تنظران القضايا الإدارية، وأغلبها قضايا الموظفين ضد جهات عملهم في ما يخص الترقيات والنقل وإنهاء الخدمة والاعتراف بالشهادات العلمية، أما الآن فتضاعفت الدوائر الإدارية لعدة مرات لأن الموظفين ازدادوا وتأكدوا من أن القضاء هو ملاذهم في أي ظلم يقع عليهم.

عدم حزم الحكومة.. السبب
ذهب العيسى إلى أن اللجوء للقضاء بكثرة يؤكد عدم حزم الحكومة في كثير من القضايا، وتخوفها، وهذا خطأ سياسي، ويجب في أمور كثيرة حلها في مجال هذه الجهات دون اللجوء للقضاء وبإطار قانوني سليم.
وقال: على المدى البعيد سيزيد شعور الثقة بالقضاء، لأن الكثير من الأمور إذا لم تحل سياسيا، ستحل من خلاله، وتأكيدا على ما نقول موضوع قانون التجمعات الذي ألغته المحكمة الدستورية، وكذلك نادينا في السابق بأن الزوجة ليست بحاجة إلى موافقة زوجها على جواز السفر، إلا أن الحكومة لم تأخذ بتلك الآراء، لكن المحكمة الدستورية أتاحت في حكمها قبل عدة أيام أن يكون للزوجة جواز سفر دون موافقة الزوج.












26/10/2009


كلمة حق إعادة التشكيل




ابتدع عالم القانون الكبير الدكتور السنهوري نظرية جديدة في القانون الدستوري اطلق عليها نظرية الانحراف بالسلطة التشريعية، على غرار النظرية المعروفة في القانون الاداري بالانحراف في السلطة الادارية. وخلاصتها انه اذا لجأ المشرع الى استخدام التشريع في غير ما اعد له، وهو ان يضع قواعد عامة مجردة تطبق على كل من تتوافر فيه شروط تطبيقها، فأراد ان يعالج بالقانون حالة فردية أو حالات فردية محددة بذاتها، فانه يكون مخالفا للدستور، ونشر هذه النظرية في سنة 1953 في مجلة مجلس الدولة التي كان يرأس تحريرها بوصفه رئيس مجلس الدولة آنذاك، ولانه، فيما نعلم، لم يكن قد وقع حتى وقت نشر هذه النظرية اي انحراف في السلطة التشريعية، فقد بنى العالم الكبير بحثه على افتراضات نظرية بحتة تصورها في ذهنه وضرب لها بعض الامثلة الصارخة، منها انه اذا ارادت الحكومة مثلا ان تتحايل على قاعدة عدم قابلية القضاة للعزل، فإنها تلجأ الى استصدار قانون بإعادة تشكيل الهيئة القضائية لتستبعد منها القضاة الذين تريد اخراجهم من تلك الهيئة، وبطبيعة الحال يكون مثل هذا القانون مخالفا للدستور، لانه يعالج حالة فردية في حين ان القانون يضع قاعدة عامة مجردة ولا يعالج حالات فردية، ولا يدري احد ما الذي دار في عقل العالم الكبير ودفعه الى التفكير بهذه الطريقة، فربما كان يقصد ان ينبه السلطة التشريعية الى بعض المزالق التي قد تقع فيها، خاصة ان السلطة التشريعية كانت وقتها تجتمع في يد شخص واحد هو رئيس الجمهورية، ومع ذلك يبقى التساؤل ما الذي اوحى اليه بالتفكير في اعادة تشكيل الهيئات القضائية بالذات؟ فعلى حد علمنا، انه حتى ذلك التاريخ لم تكن قد وقعت اي حادثة من هذا النوع في اي وقت او في اي بقعة من بقاع العالم. فلم يحدث ان اعيد تشكيل هيئة قضائية بقانون هروبا من عدم قابلية القضاة للعزل، والعجيب انه بعد اقل من عام واحد وقعت احداث مارس سنة 1954 المعروفة للجميع التي دب فيها الخلاف بين الرئيس محمد نجيب وباقي أعضاء مجلس قيادة الثورة فانحاز السنهوري إلى الشرعية، وطالب بعودة الحياة النيابية وكان جزاؤه ان تم الاعتداء عليه وأخرج من مجلس الدولة بطريقة مهينة فاعترض قضاة مجلس الدولة على الاعتداء على رئيسهم فأرادت الثورة أن تؤدب القضاة الذين اعترضوا على ذلك الاعتداء بعزلهم من مناصبهم. وحتى تفلت من قاعدة عدم قابلية القضاة للعزل طبقت المثل الذي ضربه السنهوري باشا نفسه بحذافيره فأعيد تشكيل مجلس الدولة وأخرج منه من أرادوا إخراجه وهو ما عرف فيما بعد بمذبحة القضاة الأولى. ثم أعجبتهم اللعبة فيما يبدو فتكررت في مذبحة القضاة الثانية التي وقعت في سنة 1969. وهكذا فإن ارهاصات العلماء في أبحاثهم تستشرف آفاق المستقبل وتتكشف ما يدور في الأذهان حتى قبل ان تقع في الواقع. وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن التعليق الذي ربما يكون قد دار في ذهن الدكتور السنهوري على هذه الاحداث وهو يرى ما تنبأ به او ما يكون قد تصور انه ضرب من الخيال قد تحقق فعلا في الواقع العملي بل وقد تكرر وقوعه! وأخشى ما أخشاه ان يكون العالم الجليل قد ندم على ابتداع هذه النظرية التي أراد بها ان ينبه المسؤولين إلى حالة جديدة من حالات مخالفة الدستور لم يكونوا يعرفونها من قبل، فقادهم دون أن يدري إلى الطريقة التي يخالفون بها الدستور!

المستشار عادل بطرس


 

post_old.gif
28-09-2011, 02:51 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,783

icon1.gif

كلمة حق الحكم آخر الجلسة...!



قبيل افتتاح إحدى جلسات محكمة القضاء الإداري، كنا نجلس في غرفة المداولة نحتسي القهوة ونضع اللمسات الأخيرة للأحكام التي سينطق بها رئيس المحكمة في تلك الجلسة، ونستمع إلى أي ملاحظات بشأن سائر الدعاوى التي ستنظر بعد لحظات، حين جاءنا سكرتير الجلسة يبلغنا ان أحد الزملاء أعضاء الدائرة سيتغيب عن جلسة اليوم لعذر طارئ، فكان لا بد أن نتقاسم القضايا الموكلة إليه لنحل محله عند نظرها وإصدار القرار فيها، وحين حل موعد افتتاح الجلسة صعدنا إلى المنصة بعد ان وضع الحاجب أمام كل منا ملفات القضايا التي سبق ان قرأتها وخبرتها جيداً، بالإضافة إلى قضية واحدة كانت تخص الزميل الغائب وأصبحت من نصيبي بعد اعتذاره عن الجلسة فشرعت فور جلوسي في تصفحها لألم بموضوعها حتى أكون جاهزاً لأي سؤال يوجه إلي من رئيس المحكمة أو أي ملاحظة أبديها له ليطلبها من الخصوم أثناء نظرها، ولدهشتي وجدت انها قضية بسيطة غاية البساطة لم تكن تستأهل أي بحث أو تأجيل، فالمدعي فيها يطلب إلغاء القرار الإداري الصادر من مصلحة الأحوال المدنية برفض إضافة لقب دكتور إلى بطاقته الشخصية، مستنداً في دعواه إلى أنه رجل له كرامات وأهل الحي الذي يسكن فيه يعلمون تماماً كراماته، ولهذا اشتهر بينهم باسم الدكتور عباس وقدم المدعي إثباتاً لدعواه شهادة صادرة من عدد من أصدقائه وموثقة أمام مأمور الشهر العقاري (الذي يقابل كاتب العدل في الكويت) يشهدون فيها بأنهم في وضح النهار رأوا رؤية في السماء يظهر فيها الدكتور عباس وهو يصارع الشياطين وينتصر عليهم، كما قدم نسخة من جريدة مسائية كان اسمها جريدة المساء لا أعلم ان كانت لاتزال تصدر في مصر أو حلت محلها جريدة الأهرام المسائي، وفي الجريدة نشر الخبر عن رؤية أصدقائه له في السماء وهو يصارع الشياطين وصور له وصور لأصدقائه ولعدد من أبناء الحي من جيرانه ومحبيه، وكلهم يشهدون له بما يدعيه، وحين نودي على القضية حضر الدكتور عباس بنفسه وقال انني سأترافع بنفسي في القضية، فأخذ يشرح لنا الظلم الذي يستشعره من حرمانه من اللقب الذي اشتهر به بين أهل الحي الذي يعيش فيه، مبينا ان له من العلم ما يفوق بمراحل كثيرين ممن يحملون اللقب! وبعد أن أنهى مرافعته العصماء مال الرئيس برأسه ناحيتي سائلا عن أي ملاحظة أو طلب لي، فهمست في أذنه طالبا حجزها للحكم، فسألني مرة أخرى عن الجلسة التي أختارها للنطق بالحكم والتي أكون فيها قد أعددت مسودته، فقلت له آخر الجلسة أي أخر الجلسة ذاتها التي نحن جلوس فيها، فاندهش الرئيس وعاد يسألني ومتى تكتب أسباب الحكم؟ فقلت له الآن وأنا جالس على المنصة ففهم ما أقصده، ونطق بالقرار «الحكم آخر الجلسة» فسعد صاحب القضية أيما سعادة بحجزها للحكم، متلفتا لمن حوله يمينا ويسارا وعلى وجهه ابتسامة الانتصار كأنما يريد ان يقول لهم ان مرافعته قد أثمرت، بينما لاح على وجه محامي الحكومة ظل ابتسامة باهتة، وبالفعل شرعت فورا في كتابة أسباب الحكم بالقلم الرصاص على ظهر ورقة غير مطلوبة من أوراق الدعوى، وأذكر انها لم تستغرق أكثر من نصف صفحة سردت فيها الواقعة باختصار شديد، وأضفت إليها ان لقب «دكتور» لقب علمي لا يجوز ان يستخدمه إلا من حصل على الدكتوراه كمؤهل علمي، ولهذا يكون القرار الصادر من مصلحة الأحوال المدنية برفض إدراج لقب دكتور أمام اسم المدعي قرارا سليما لا مطعن عليه، وتكون دعواه على غير اساس من القانون متعينا رفضها، وبعد أن فرغت من كتابة الأسباب وقعتها، ثم ناولتها إلى الزميل الجالس على يميني فقرأها سريعا ووقعها، ثم ناولتها للرئيس الذي قرأها ووقعها، وهكذا صدر أسرع حكم في التاريخ على ما أظن!

المستشار عادل بطرس


 
عودة
أعلى