أراد سامي من الكلية الصناعية معهداً مهنياً إدارياً يتخرج فيه "الفنيون الإداريون الذين يتولون مناصب القيادة الوسطى في المؤسسات". واستمر سامي في طرق هذا الباب، وما إن وافاه الأجل المحتوم حتى كانت الكلية الصناعية قد تحولت إلى "الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب" يحصل خريجوها على أعلى المؤهلات العلمية، وينتشرون في مختلف قطاعات الدولة، والقطاعين الخاص والمشترك.
أَولَى سامي أثناء وجوده في مجلس الأمة عضواً منتخباً في دورات عدة، نشاط وزارة الداخلية اهتمامه الخاص. فقد كان يؤمن أن الحياة لا تستقيم من دون توفر الأمن والأمان مهما بلغت درجات الرفاهية في العيش. وكان اهتمامه الأكبر موجهاً نحو الجريمة. وعند مناقشته لسياسة وزارة الداخلية في هذا الفصل طالب سامي "بمنع الجريمة ومكافحة الجاسوسية"، كما حدث في الفصل التشريعي السابق. "وسنّ القوانين، مع الاستعانة عند سنها بالجمعيات والنقابات المهنية"، وكان يطالب "بمحاربة الفساد من خلال سن قانون: من أين لك هذا؟".
وانتقل من الجريمة إلى حوادث المرور في دور الانعقاد الثاني في الفصل الثالث وذكر أن "عدد القتلى 145 والجرحى 2441 وفق بيانات وزارة الداخلية سنة 1970، ويرى في هذه الأرقام أمراً مخيفاً ويحمّل إدارة المرور المسؤولية منتقداً أساليبها وواصفاً إياها بالتخلف، محملاً إياها المسؤولية الأولى عن هذه الحوادث، وهو خط تبناه في الفصل التشريعي الأول، وظل مؤمناً بصحته ما لم يظهر عكس ما يؤمن به. ومن أجل تلافي هذا الأمر أو التقليل من خطره نادى "بضرورة وجود قانون أو قرار وزاري منظم لمدارس تعليم قيادة السيارات" التي تتولى تخريج السائقين، وقصد بذلك أن يكون التدريب على القيادة وفق قواعد أخلاقية وانضباطية وقانونية، كما رأى في ظاهرة تخلف المرور ما يشير إلى "أزمة بين المواطنين جميعاً ورجال الأمن بشكل عام ورجال المرور بشكل خاص". ويطالب سامي بحل هذه الأزمة من خلال معرفة أسبابها ونتائجها لأن في حلها كما رأى "مصلحة للبلد" وهو على حق في ذلك.
ومن المرور والجريمة، انتقل سامي في دور الانعقاد الرابع من هذا الفصل إلى مناقشة "الجنسية"، ومنحها في دولة الكويت، وأعلن "أن ما يزعجنا جميعاً ويقلق مستقبلنا في ظاهرة التجنيس عدم الوصول إلى حل علمي وجذري لموضوع الجنسية". ولا يكون الحل العلمي إلا من خلال وضع قانون محدد وقواعد ثابتة لمنح الجنسية. وحاول سامي أن يبدد قلقه هذا وتساءل في 10/12/1973 عن الذين "تقدموا طالبين الحصول على الجنسية الكويتية ولم يحصلوا عليها من بين العاملين في الوظائف المدنية في مختلف وزارات الدولة ومؤسساتها. وما عدد سنوات خدمة هؤلاء في العمل". وكان لسامي رأي في الجنسية أعلنه في الفصل التشريعي الأول، ويرى في التجنيس ظاهرة مقلقة لمستقبل الوطن أو يريد معايير محددة لمنحها، تتوازى مع البرنامج الاقتصادي والخدماتي للدولة.
وأوجز سامي رأيه في نشاط وزارة الداخلية بعد كل ما عرضه، وأبدى عدم رضاه عن حالة الأمن والتي يعيشها الوطن، ولم يفته التنبيه إلى ظاهرة "التسلل الإيراني التي تؤثر تأثيراً مباشراً في حالة الأمن". وكان الالتفات إلى مقاومة التسلل الإيراني في برنامجه الانتخابي.
كان سامي حاملاً لهموم وطنه ومواطنيه، يطرح مشكلاتهم في مجلس الأمة، المؤسسة التشريعية التي يحتمي بها المواطنون، ولكن همه الدائم كان الصحافة والإعلام، فذلك غذاؤه وواقعه وحياته، وتوجه هذا الفصل، وفي دور الانعقاد الأول، أول ما توجه إلى الإذاعة والتلفاز وطالب "بفصل الإذاعة والتلفزيون عن الإعلام، وجعلهما هيئة مستقلة، على غرار ما هو حاصل في كثير من بلدان العالم، وعلى غرار ما هو حاصل الآن في وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
والتفت إلى الصحافة مطالباً بتعديل قانونها ووقف الإجراءات الإدارية التي رآها "سيفاً مصلتاً على الصحافة". وكان همه الدائم تعديل المادة 35 من القانون رقم 3/ 1961 والمعدلة بالقانون 29/1965، وما انفك يطالب بتعديلها مقترحاً مع آخرين من زملائه مشروعات القوانين لهذا التعديل.
نجح سامي وصحبه عندما أحال رئيس مجلس الأمة قانون المطبوعات إلى لجنة التعليم والثقافة والإرشاد في 9/5/1971 وبحثته في 22/5/1971 ووافقت على القانون بالإجماع وصدق عليه صاحب السمو أمير البلاد وعدلت المادة 35 والمعدلة بالقانون 29/65 وأصبحت كما يلي:
"لا يجوز تعطيل أي جريدة بعد ترخيصها إلا بموجب حكم نهائي صادر من محكمة الجنايات، ولا يجوز تعطليها أكثر من سنة".
ونجح سامي في رفع السيف المصلت على رقاب الصحافة، ذلك السيف الذي كثيراً ما شهرته واستخدمته الحكومة ضدها. وكانت مطالبته بإلغاء المادة 35 نابعة من أن هذه المادة تقف حاجزاً دون التطور الصحفي وتقدمه، وبقاؤها يعني "بقاء أمراض مختلفة". وكان النجاح في تعديل هذه المادة أمراً ليس بالهين عند أصحاب الأقلام الحرة وهو مظهر واضح من مظاهر التقدم الحضاري للدولة وسلطاتها.
خصصت الكويت في السنة المالية 1972 / 1973 مبلغ مائة ألف دينار كويتي كمنحة لتلفزيون دبي، واستغل سامي هذه الفرصة ليتساءل في دور الانعقاد الثاني من الفصل الثالث عن "السياسة الإعلامية في الخليج"، وقصد من وراء هذا التساؤل "أنه يريد هدفاً قيما وأساسياً لتلفزيون دبي وإلا فلا معنى لوجوده".
وتساءل "ما المردود من هذا الجهاز؟" وهو تساؤل يدخل في صميم فكر سامي المؤسساتي. فعقله كان رافضاً لكل ما هو غير مبرمج لتحقيق أهداف واضحة ومحددة، وكان صرف المال العام عنده لا بد أن يكون مقنعاً يعطي المردود المطلوب من صرفه، وتراه يطالب بـ "إعادة النظر في المصاريف الإعلامية لعام 1973/ 1974"، ويرى فيها مغالاة ولم يقتنع بها. وما إن يأتي دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث حتى تبدو مظاهر بعض الارتياح في لهجة سامي المنيس نحو الصحافة والإعلام، فهو "يطلب التحديد وليس التعميم في النقد"، كما "يحيي الصحافة والصحافيين" من على منبر مجلس الأمة. وتزول بذلك النظرة السوداوية الى الإعلام وتحل محلها نظرة التفاؤل والاعتراف بأن هناك أعمالاً تستحق الإشادة، ربما كان ذلك بسبب نجاحه في تعديل المادة 35، التي رأى من خلال تعديلها توفير صحافة حرة تدافع عن تجربة الديموقراطية وانتشارها كمقوم أساسي لحياة المواطن.
ميزانية الدولة
كانت لسامي فلسفة للموافقة على إقرار الميزانية العامة للدولة، أو ميزانية أي وزارة أو مؤسسة حكومية، تقول "إننا إذا أقررنا الميزانية من دون محاسبة علمية دقيقة نكون قد أهملنا واجبنا الأساسي". أعلن ذلك في الفصل التشريعي الثالث وفي دور الانعقاد الرابع. وكان ذلك نهج سامي في كل مناقشاته للميزانية أو بنودها. يلتفت في مناقشة الميزانية أول ما يلتفت إلى موازنة منطقة الشعيبة الصناعية لعام 71/72، ويوافق سامي على ريعها، لكنه رأى "تناقضاً في الميزانية بشأن التثمين للعقار والبيوت"، وطالب بحل التناقض، وعند مناقشته للباب الثاني من ميزانية 1971/1972 اشار "إلى المحسوبية في شراء الأدوية لوزارة الصحة"، وهو أمر أشار إليه أكثر من مرة. كما انتقد "ظهور بعض الإنشاءات لفئات معينة من دون مراعاة لمصلحة الوطن". ذكر سامي أن ميزانية الباب الأول (خاص بالرواتب) في عام 71/72 "بلغت 153،227،100 دينار كويتي تنفق سنوياً على سبعين ألف موظف ومستخدم"، ولم يعارض سامي الرقم المذكور لكنه طالب "برفع إنتاجية الجهاز الإداري ليكون في مستوى الإنفاق"، ولم يتردد في الإشارة إلى "بعض مظاهر المحسوبية" موجهاً النقد لها.
كانت موازنة الباب الثاني في الميزانية 294،489،455 دينارا كويتيا، إلا أن سامي رأى في هذا الرقم استهتاراً في الصرف، وكان رأيه صرخة أثمرت في المستقبل، وفي نهاية المطاف نوقشت ميزانية الخطوط الجوية الكويتية كما نوقشت سياسة بنك التسليف والادخار، ولم يبد. سامي ملاحظات حول هذين الأمرين ذات بال. لكنه عند ذكر ديوان المحاسبة طالب "بعمل جدي لإيجاد المراكز الأساسية في الديوان ليجعل من جهازه الإداري جهازاً فعالاً". وكانت الاستجابة لمطلب سامي إيجابية، إذ سرعان ما تحول ديوان المحاسبة إلى مؤسسة رقابية على صرف الوزارات والمؤسسات الحكومية، ظهر أثرها في مستقبل مناقشات السياسات المالية للوزارات والمؤسسات الحكومية.
واستكمالاً لمناقشاته للمؤسسات المالية، تساءل سامي في دور الانعقاد الثاني عن "دور البنك المركزي في الاقتصاد الوطني والإشراف على أموال استثمارات البنوك وواقعها في الخارج، خصوصا أن 90% من أموال البنوك يتم استثمارها في الخارج"، وتساءل "هل من تعاون بين البنوك التجارية وخريجي ودارسي معهد المصارف الذي يشرف عليه البنك المركزي؟".
إن مناقشات سامي وتساؤلاته كانت على درجة من الأهمية، ولا بد منها، فمن دون هذه التساؤلات ما كان يمكن أن يثار التنبيه إلى محاسن ومساوئ المؤسسات التي يشير إليها وخطورتها. فمن ذا الذي كان يعلم أن 90% من أموال البنوك تستثمر خارج البلاد؟
كانت العمالة المدربة الفنية وضخها في سوق العمل شغل سامي الشاغل، لذا فهو يتساءل عن مصير دارسي معهد المصارف لما لوجودهم المتخصص من دور في رفع عمل المؤسسات المالية.
البلدية
التفت سامي في دور الانعقاد الرابع إلى البلدية ووضع أعمالها موضع النقد، من دون الانتقاص من دورها الرائد في نهضة الكويت الحديثة. ولفت الانتباه إلى تنفيذ قرارات المجلس البلدي التي رآها "تنفذ من جانب وتهمل من جانب آخر"، كما أشار إلى عدم المساواة في أنشطة البلدية، إذ هناك "تفاوت في النظافة في المناطق". ولم يغب عن باله أبداً في يوم من الأيام اهتمامه بالصحة العامة للمواطن فهو يريد "رقابة على المطاعم"، وأشار إلى "وجود تسممات عند التفتيش عليها". كما أشار إلى ما يحصل لبعض الألبان والأجبان والتأثير المدمر عند فسادها على صحة الإنسان. وطالب "بتنظيم الأرصفة في المناطق المختلفة".
أشار سامي إلى بعض المسائل التي يجب أن تزيد البلدية اهتمامها بها، لكنه لم يتنكر لدورها ولم ينقصها حقها ولا حقوق العاملين فيها، لذا نراه يوافق على ميزانية البلدية من دون تحفظ.
جامعة الكويت
سعى سامي ما وسعه السعي إلى جعل جامعة الكويت مؤسسة علمية أكاديمية يعتز بها كل مواطن، ولم يكن يخفي اعتزازه بهذا الصرح العلمي، ولا حرصه على تقدمه واحتلاله مركزاً متقدماً بين جامعات العالم. وحرصاً منه على تحقيق ذلك توجه برجاء من على منبر مجلس الأمة أن تكون هناك "طبيعة محددة لإدارة الجامعة واضحة المعالم في توسعها ومسؤولياتها". وأشار بخجل واستحياء إلى أن أسلوب الإدارة في الجامعة لا يريحه "لأنه يريد لجامعة الكويت هويتها الخاصة، فهو يرفض أن "تنقل جامعة الكويت ما يحصل حرفياً في الجامعات الأخرى".
وتراه هنا يلمس الجامعة برفق، فهي مؤسسة وليدة لم يكن عمرها يزيد على 5 سنوات عند حديثه عنها، وكان يريد لها التقدم والنجاح، لذا إشاراته مقرونة بالأمل والرجاء. وسامي يعرف أدب المخاطبة، فالجامعة مركز للعلم والعلماء ولا بد من مخاطبة أهلها بما يستحقون.
سامي وفلسطينمع دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثالث في 1971، كان الوضع متفجراً بين الأردن والمقاومة الفلسطينية إثر أحداث أيلول 1970، التي أثرت في العمل الفدائي الفلسطيني. وكان موقف سامي المنيس في مجلس الأمة واضحاً لا يحتمل المواربة أو المجاملة، فهو مع "الكفاح المسلح الفلسطيني ضد العدو الصهيوني"، وما كان له أن يؤيد طرفاً أو يتعاطف معه إذا "ما مس قدسية هذا الكفاح".
كما تحدث في هذا الفصل عن المعونة العربية للأردن التي أقرها مؤتمر قمة الخرطوم العربية بعد نكسة حزيران 1967 وكانت مخصصة لإعادة بناء الأردن وقواته. لكن سامي رأى أن هذه "المعونة ذهبت من أجل ضرب شعبنا العربي"، وتجلى ذلك "في المشاركة الأردنية الصهيونية للقضاء على الثورة الفلسطينية التي تخوض أشرف معركة".
كان سامي ملتزماً حتى العظم بتأييد الثورة الفلسطينية، وكان يود لو أن كل درهم عربي يذهب لمساندة هذه الثورة، ولم يكن يرى دور الثورة الفلسطينية في محاربة العدو الصهيوني وحسب، لكنه رأى فيها ثورة "تدافع عنا في الكويت وعن شرف الأمة العربية". وطالب بتحويل مبالغ المعونة الأردنية إلى الثورة الفلسطينية "لنرفع رأسنا".
ربما لم يتم تنفيذ مطلب سامي بتحويل المعونة الأردنية، لكن المؤكد والمعروف أن الكويت قدمت أضعاف المعونة الأردنية للثورة الفلسطينية ودعمها، ولا تزال تقدم حتى الآن. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن العلاقات بين الكويت والثورة الفلسطينية كانت علاقات مبكرة جداً. فقد شهدت ثورة 1936 في فلسطين تأييداً شعبياً في الكويت، مادياً ومعنوياً، شاركت فيه المرأة الكويتية. ومنذ عام 1936 حتى الآن كانت المسيرة مشتركة بين الشعبين، رغم ما أصابها من الشوائب إثر الغزو العراقي للكويت بعد 2/8/1990 التي رآها الشعب الكويتي وحكومته في تأييد قيادة الثورة الفلسطينية للغزو العراقي للكويت، رغم موقف كثير من الفلسطينيين المؤيد للكويت والرافض للغزو. ويسهل التدليل على موقف الثورة الفلسطينية المؤيد للغزو أو قل غير المؤيد للكويت من مواقف قيادة منظمة التحرير في مؤتمر القمة العربي في 11/8/1990 في القاهرة حيث لم تُدن الغزو وظهرت بمظهر المتخاذل في تأييدها للكويت، كما ظهر في موقف اتحاد العمال الفلسطيني أثناء انعقاد مؤتمر اتحاد العمال العرب في دمشق بعد الغزو، عندما أيد مندوب فلسطين موقف الوفد العراقي ضد موقف الوفد الكويتي ، وفي موقف اتحاد المعلمين الفلسطينيين الذي كان يحظى بتقدير الكويت ودعمها عندما لم يصدر عنه أي بيان مؤيد للكويت، وعندما ظهر بعض أعضاء لجنته التنفيذية على تلفاز العراق مؤيداً للغزو، وعندما اشتكى المرحوم جمعة ياسين من مراوغة أمين عام اتحاد المعلمين الفلسطينيين وعدم لقائه في تونس رغم ما بينهما من علاقات حميمة.
إلا أن الأمور بدأت في التحسن الآن خاصة بعد الاعتذار العلني للكويت الذي قدمه السيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن موقف المنظمة أثناء الغزو العراقي. وانطلاقاً من تأييده للثورة الفلسطينية، التي رأى فيها ثورة تدافع عن الأمة، أحس سامي بأن شعوب الأمة العربية قادرة على تجاوز نكسة 1967 وتحقيق نصر مؤكد. لذا فهو يطالب بأن يسجل في مجلس الأمة في دور الانعقاد الأول أن "هزيمة 1967 لم تكن للإنسان العربي بل للأنظمة العربية لأن الشعب العربي لم يكن يحمل السلاح". وكانت نظرة سامي محقة، فقد تمكن الشعب العربي من رد الهزيمة في حرب أكتوبر 1973.
كانت أحداث أيلول 1970 في الأردن دامية ضد فصائل الثورة الفلسطينية، أدمت قلوب أبناء الأمة العربية، وشحنتها بالحقد ضد كل من تآمر على هذه الثورة. وكان وصفي التل رئيس وزراء الأردن أحد هؤلاء الذين أدانهم الشعب بالإساءة إلى الثورة وإلى الشعب الفلسطيني. ويشاء القدر أن يتعرض وصفي التل للاغتيال في فندق شيراتون في القاهرة 1971 بعد أحداث أيلول 1970 في الأردن. وهنا رأى سامي في مقتل وصفي التل "ردّ اعتبار أساسياً لكرامة الشعب الفلسطيني". ورأى في مقتله "مقتلا للجريمة الصهيونية والاستعمارية والإمبريالية".
ومن هذا المنطلق رفض سامي المنيس سعي حكومة الكويت للعمل على "إيجاد صيغة بين النظام الأردني والمقاومة الفلسطينية". وتشكك في دور الانعقاد الثاني للمجلس في مشروع المملكة المتحدة (بين الأردن والضفة) ورأى فيه "مشروعاً مشبوهاً.. مشروعاً لتصفية القضية الفلسطينية.. قضيتنا". و"مؤامرة على شعبنا، نستنكره ونستنكره". كان سامي المنيس ابناً للقضية الفلسطينية نذر نفسه للدفاع عنها وعن شعبها من دون تردد أو تقلب، إذ رأى فيها قضية حق عربي سلبه الاستعمار الصهيوني. ولم يتردد لحظة في تأييد كل ما هو فلسطيني. وكلما كان يمنح الشعب الفلسطيني منحة مالية من أي جهة، كان سامي يقول هل من مزيد لهذا الشعب؟ وكان أكثر ما يهز وجدانه أن يرى دعماً مالياً للفلسطينيين قد تراجع أو انتقص منه، ونراه في دورة الانعقاد الثاني "يطالب بإلحاق الطلبة الفلسطينيين بمدارس المنظمة إن أرادوا" ويعترض بحدة على "إنقاص الدعم الحكومي لمنظمة التحرير من مائتي ألف دينار إلى مائة وخمسين ألفاً".
كانت قضايا الأمة العربية حاضرة في وجدان سامي، المنيس، فهو يعيش القضية الفلسطينية يوماً بيوم، وما كان له أن يغفل عن قضايا الخليج العربي لحظة واحدة، وكانت نظرته لمنطقة الخليج العربي نظرة واقعية، فرأى إيران خطراً ماثلاً وحقيقياً في منطقة الخليج العربي يتجسد "في نظرة إيران واحتلالها للجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة لدولة الإمارات العربية، وأن احتلال إيران لهذه الجزر لا يمثل إلا خطوة أولى تتلوها خطوات. ضاعت فلسطين، وضاعت أجزاء عربية أخرى، والآن يتم احتلال الجزر وغدا ستحتل إيران الشاطئ الغربي، والأطماع الإيرانية قد ستستمر ما دمنا نحن على الهامش".
وها هو سامي ينذر بخطر إيران على منطقة الخليج العربي من جهة، ويدعو إلى العمل الجاد لمواجهة هذا الخطر وإلا... ! ولا يزال موضوع الجزر العربية قائماً، إذ ترفض إيران الانسحاب منها، لكن الموقف العربي ثابت في ضرورة استردادها.
إضافة إلى هذا كانت حكومة الكويت طرحت توجيه نداء لقادة الخليج في عام 1971، إلا أن سامي رأى أن "قضية الخليج ليست قضية حكام بقدر ماهي قضية استعمار وتشهد صراعات أنجلو ـ أميركية ـ إيرانية". وكان يرى في النظرة إلى اختلاف حكام الخليج على أنه اختلاف شخصي "نظرة فيها من البساطة تصل إلى حد السذاجة، فخلافاتهم ليست شخصية". وكان يعتقد سامي أن منطقة الخليج بحاجة إلى "تحديد مفهوم حرية الأرض وحرية الإنسان"، لذا طرح حلاً لمنطقة الخليج ومشكلاتها، وهو "مساندة الثورة الشعبية في المنطقة" من أجل تحديد مفهوم الأرض وحرية الإنسان، ومن خلال هذه الثورة الشعبية يمكن القضاء على "التناقضات والخلافات بين الحكام، كما يمكن تحجيم الصراع الأنجلو ـ أميركي ـ إيراني وطرد نفوذه من منطقة الخليج العربي". كما دعا في الوقت نفسه إلى "تعاون بناء في منطقة الخليج العربي يقوم على أساس مصلحة الشعوب لا مصلحة أنظمة الحكم القائمة".
وكان دائماً مهموماً بالنظرة إلى المستقبل، ولا يقدم على تأييد مشروع أو قانون أو اتفاقية إلا إذا كان المستقبل حاضراً في الاتفاقيات والمشاريع، لذا فسامي يعارض أي اتفاقية لا تلتزم هذا الهدف أياً كان الطرف في هذه الاتفاقية.
إن مصير الثوار والمصلحين واحد في شتى الأقطار وفي شتى العصور، فسامي الذي يرفض الاستعمار الأنجلو ـ أميركي ـ إيراني، وسامي الذي يرى الثورة الفلسطينية دفاعاً عن شرف الأمة، وسامي الذي يرى ضرورة التقيد بأهداف واضحة عند الإنفاق، وسامي الذي يؤمن بصحة قضايا أمته وحرية مناقشتها وطرح جوانبها من غير لف ولا دوران، سامي هذا، وجدناه يتعرض في عام 1973 وفي دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث إلى طلب من وزير العدل "برفع الحصانة عنه بشأن ما نشرته مجلة الطليعة" التي يرأس تحريرها، وأحيل الأمر إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية.
وهنا، كعادة الكبار، يقف سامي أمام اللجنة التشريعية لمجلس الأمة ويطلب فيها "رفع الحصانة عنه للمثول أمام القضاء الكويتي بسبب شكوى الإعلام ضد الطليعة، إذ يأبى الكبير إلا أن يكون كبيراً. فسامي يعرف أنه سيمثل أمام القضاء إن رفعت الحصانة عنه لا بسبب رشوة أو فساد، سيمثل بسبب قوله الحق بجرأة لا يخشى في قوله لومة لائم، فأنعم به من مثول. لكن الحصانة لم تُرفع ولم يمثل سامي أمام القضاء.
كانت هذه مداخلات سامي المنيس في الفصل التشريعي الثالث الذي تميز بنشاط ملحوظ لمصلحة الوطن من خلال رفض اتفاقية المشاركة النفطية والوصول بهذه الثروة إلى التأميم. ولمصلحة الأمة العربية بطرح قضايا فلسطين والخليج العربي. وقد نجح سامي في انتخابات الفصل التشريعي الرابع، وسنمضي قدماً في تتبع نشاطه البرلماني في هذا الفصل كذلك، مع زملائه الذين نجحوا معه باسم التقدميين الديموقراطيين.
مجلس الأمة الرابع 1975
تنبأ د. أحمد الخطيب في الجلسة الختامية لمجلس الأمة في الفصل التشريعي الثالث ( يوليو 1974) بإقبال المنطقة على عمليات تصفيات شاملة من المحيط إلى الخليج حيث يراد للقضية الفلسطينية أن تصفّى، ويراد منا أن نعترف بإسرائيل ونتعايش معها، يراد منا أن نربط اقتصادنا جميعه بالاقتصاد الأميركي والمصالح الأميركية.. ويرون أن لا مكان لأي قوى وطنية أو ديموقراطية في البلاد العربية في وسط الأجواء التي تنبأ بها د. أحمد الخطيب جرت الانتخابات في الفصل التشريعي الرابع في 27/1/75 ونجح سامي المنيس عن الدائرة الثامنة (حولي) وتم افتتاح دور الانعقاد الأول لهذا الفصل في 11/2/1975.
وقبل هذه الانتخابات نشرت مجلة الطليعة في أكتوبر 1974 مشروع البرنامج الوطني الديموقراطي، وهو البرنامج الملزم للأعضاء التقدميين الديموقراطيين، ومنهم سامي المنيس. وكان هذا بعنوان برنامج العمل الوطني لنواب الشعب . واشتمل على أحد عشر موضوعاً هي:
حماية وتعزيز الديموقراطية والاستقلال الوطني، والتزام نواب الشعب بالآتي:
1 – العمل على صيانة الحقوق التي كفلها الدستور.
2 – العمل على حماية وتعزيز الديموقراطية وتوسيع إطار ممارستها.
3 – العمل على إنشاء المحكمة الإدارية.
4 – العمل على التخفيض من سن الانتخاب.
5 – العمل على فاعلية السلطة التشريعية.
الاقتصاد وتحرير الثروة النفطية والتنمية، الالتزام بـ:
1 – تأميم شركات النفط.
2 – الحد من استنزاف الثروة النفطية.
3 – التوسع في الصناعات النفطية.
4 – تحقيق التنمية الاقتصادية.
5 – دعم القطاع العام وتعزيز دوره في عملية التنمية.
6 – الاهتمام بالطاقة البشرية.
7 – ضبط حركة الأسعار.
8 – محاربة الإثراء غير المشروع.
9 – توثيق عُرى التعاون الاقتصادي العربي.
إصلاح الإدارة الحكومية، والتزم مرشحو نواب الشعب (التقدميون الديموقراطيون) بـ:
1 – وضع خطة مدروسة لإصلاح الجهاز الإداري على أساس احتياجات أجهزة الدولة.
2 – إعادة النظر في قانون الوظائف العامة.
3 – القضاء على المحسوبية والفساد.
4 – تطبيق مبدأ تفرغ الموظف لوظيفته في المناصب العليا والوظائــف القيادية.
العمل والعمال، التزم مرشحو نواب الشعب بـ:
1 – تحسين الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة.
2 – مساندة العمال في كفاحهم من أجل مصالحهم الاقتصادية.
3 – الدفاع عن حق النقابات في العمل بحرية.
4 – حق العمال في الإضراب سلمياً لتحسين أوضاعهم.
5 – رفع كفاءة العامل المهنية.
6 – مساهمة العمال واشتراكهم في إدارة المؤسسات التي يعملون فيها.
7 – العمل على وضع قانون التأمينات الاجتماعية لجميع العاملين في القطاع العام والخاص والمشترك.
8 – العمل من أجل وضع حد أدنى للأجور.
الثقافة والتعليم، الالتزام بـ:
في الثقافـــة:
1 – دعم الجمعيات والروابط والأندية الثقافية.
2 – التوســع في إنشاء المؤسسات الثقافية كالمكتبات وصالات العرض المسرحي.
3 – مكافحة الاتجاهات الثقافية والفكرية والرجعية المتخلفة
4 – مساندة وتطور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
في التعليـــم:
1 – اعتماد سياسة تربوية للتوسع في نشر التعليم والارتفاع بمستواه.
2 – الاعتمــاد على الأجهـزة الكفؤة والمسؤولين الأكفاء والقضاء على
المحسوبية والشللية.
3 – الحد من المركزية في وزارة التربية.
4 – تشكيل لجان متخصصة ومتنوعة لوضع المناهج.
5 – العمل على تطور كفاءات المدرسين.
6 – الاهتمام بالتدريب المهني وتطوير أساليبه.
7 – الحرص على تطبيق قانون التعليم الإلزامي.
في التعليم الجامعي:
1 – التأكيد على حرية البحث والتحصيل للأساتذة والطلبة.
2 – ضمان حرية الطلبة في العمل النقابي.
3 – ربط التعليم الجامعي بمخطط التنمية الاقتصادية.
الخدمات الاجتماعية والصحية، العمل على:
1 – رفع مستوى الخدمات الصحية والعلاجية.
2 – السيطرة على أسباب الأمراض: الأوبئة والأمراض السارية.
3 – رعاية الطفولة والأمومة.
4 – رعاية الشباب وحمايته من الانحراف.
5 – العناية بالمسنين.
6 – رعاية المعوقين.
7 – تكوين الأندية الرياضية.
8 – إنشاء مجلس استشاري للأسرة.
9 – تدعيم نظام المساعدات الاجتماعية.
10- توفير وسائل الترويح البدني.
11- المحافظة على البيئة الطبيعية.
الإسكان والمرافق، العمل على:
1 – إيجاد الحلول المناسبة لأزمة السكن: وحدات سكنية، كهرباء، هواتف..
2 – دراسة أوضاع ما بني من مساكن لذوي الدخل المحدود.
3 – كسر احتكار الأراضي وتدخل الدولة لمنع الممارسات الاحتكارية.
حقوق المرأة:
1 – الدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل وحصولها على حق الترشيح والانتخاب.
2 – حماية المرأة ومساعدتها للقيام بدورها كأم وكعاملة في المجتمع.
3 – تعديل قوانين الأحوال الشخصية بما يحمي حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل.
4 – رعاية الأسرة أساس المجتمع.
5 – انتشال المرأة من براثن الجهل بتطبيق التعليم الإلزامي.
السياسة السكانية والتجنيس والإقامة:
1 – وضع سياسة سكانية مدروسة.
2 – تعديل قانون الجنسية وضمان التطبيق العادل له.
3 – تشكيل لجان الجنسية من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة.
4 – وضــع شروط عادلة للإقامة تراعي الظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
الدفاع والأمن، تطوير أجهزة الأمن من خلال:
1 – رفع كفاءة أفراد القوات المسلحة والشرطة.
2 – رعاية أفراد القوات المسلحة والشرطة.
3 – تطبيق نظام خدمة العلم.
4 – رفع كفاءة الشرطة وأجهزة التحقيق.
السياسة الخارجية:
الخليج والجزيرة:
1 – محاربة الوجود العسكري والقواعد الأميركية.
2 – محاربة الأطماع التوسعية للنظام الرجعي الإيراني.
3 – العمل على إقامة جبهة عريضة على امتداد منطقة الخليج.
4 – فضح الحصار الإعلامي المفروض على الجماهير.
5 – تأكيد كفاح شعب عربستان من أجل الحرية والسلام.
الوطن العربي:
1 – العمل من أجل قيام الوحدة العربية.
2 – إقامة أفضل العلاقات مع الأنظمة العربية الوطنية.
3 – محاربة التخلف بكل أشكاله.
4 – المباشرة بإقامة المؤسسات الاقتصادية من أجل تكامل اقتصادي.
5 – المطالبة باستثمار رؤوس الأموال العربية (النفطية) في البلاد العربية.
6 – دعم المقاومة الفلسطينية المسلحة.
7 – رفض الحلول الاستسلامية التي تجهض نضالات الشعب الفلسطيني.
8 – العمل من أجل إنجاح الوحدة الوطنية الفلسطينية.
9 – إعطاء الشعب الفلسطيني مطلق الحرية في التنقل والتنظيم والعمل في البلاد العربية.
النطاق العالمي:
1 – المساندة الكاملة للجبهة المعادية للاستعمار.
2 – تأييد حق الشعوب في تقرير مصيرها.
3 – التعامل مع دول العالم على أساس مواقفها من قضايا التحرر العربية والاسلامية وبالذات القضية الفلسطينية.
4 – توطيد العلاقات وعرى التعاون الوثيق مع الدول الاشتراكية كافة ودول العالم الثالث التي تساند النضال العربي .
وأكد البرنامج أن ما ورد فيه لا يشكل وعوداً انتخابية وإنما خطة للعمل ودليلا يُسترشد به في الممارسة. ويلتزم أصحابه تجاه المواطنين بالسعي الدؤوب والعمل الجاد المخلص من أجل تحقيقه .
نواب الشعبي
خاضت مجموعة التقدميين الديموقراطيين انتخابات هذا الفصل التشريعي تحت اسم نواب الشعب، كما جاء في برنامجها الانتخابي الذي ذكرنا ملخصاً له. ونجح من مجموعة نواب الشعب المرشحين كل من د. أحمد الخطيب، عبد الله النيباري وسامي المنيس. ومنذ البداية لا بد من القول إن هذا الفصل التشريعي لم يكتمل، إذ سرعان ما حل المجلس في 29/8/1976 الموافق 4/ رمضان 1396 هـ وكانت آخر جلسة له في 30/7/1976. أي أنه لم يمارس صلاحياته أكثر من ثمانية أشهر ويومين.
صحيح أن د. أحمد الخطيب تنبأ بالخطر الداهم للمنطقة، متمثلاً في تصفية القضية الفلسطينية... إلخ كما أسلفنا، إلا أنه لم يتنبأ بحل المجلس بهذه السرعة وتنبؤاته الأخرى صدقت وها نحن نشهد تحققها يوماً بعد يوم.
نعود بعد أن وضعنا القارئ في الأجواء التي سادت حياة مجلس الأمة الرابع والتي انتهت بحله في 29/8/1976، إلى نشاط المرحوم سامي أحمد المنيس في هذا الفصل ودوري انعقاده الأول والثاني قبل حله. فلقد كان واضحاً التزام سامي برنامج نواب الشعب الذي أشرنا إليه، والذي حوى كثيراً من التركيز على الشأن الداخلي الكويتي وعلى القضايا التي تهم المواطن الكويتي وأجيال المستقبل.
وكانت أولى مناقشات سامي دفاعاً عن ذوي الدخل المحدود عندما أشار إلى القرض المقدم وقيمته سبعة آلاف وخمسمائة دينار إلى أصحاب بيوت ذوي الدخل المحدود لتمكينهم من بناء طابق ثان، ويطلب سامي "عدم خصم أي مبلغ من القرض لمن عليه ديون من هؤلاء الذين يشملهم القرض بغية تمكينه من الاستفادة من القرض في تحسين مسكنه". وأضاف سامي في اقتراح بشأن "إخراج أصحاب بيوت الدخل المحدود من معضلة اختيار شكل البيت أن توضع تصاميم لبيوت هذه الفئة من المجتمع، ومن ثم تعرض على المواطنين ليختاروا ما يحلو لهم من بينها"، وذلك في محاولة منه لتوفير الجهد والمال على هذه الفئة، وفي محاولة منه لإظهار هذه البيوت بمظهر معماري متناسب مع الطرز المعمارية التي تتلاءم وبيئة الكويت.
رأى سامي أن وزارة التربية تأخذ 23 في المائة من ميزانية الدولة "وذلك ع.زّ لنا"، لكنه يرى في الوقت نفسه أن التطور التربوي بطيء خاصة في الإدارة، لذلك فإن "هذا المبلغ من الميزانية لا بد أن توازيه قيمته في الإنتاج".
كما رأى سامي أن هناك "غيابا كاملا للتخطيط الشامل للعملية التربوية والتطوير التربوي الذي هو رأسمالنا الحقيقي، والاهتمام بتوجيه الأجيال توجيهاً متكاملاً من خلال التنسيق مع الوزارات الأخرى"، خصوصا وزارة الإعلام وأجهزتها الإعلامية. كانت هذه دائماً على مدى الفصول التشريعية المختلفة نظرة سامي إلى التربية، إذ كان يحمل عبء تنشئة الأجيال في المستقبل على كاهله، ولم يترك فرصة إلا ونادى خلالها بالتطوير التربوي ومناهجه، وبالاهتمام بالعمالة الكويتية وتدريبها. ولا تزال مطالب سامي بالتطوير مستمرة نشهدها في ما يحدث من مناقشات في مجلس الأمة للسياسات التربوية.
انتقل سامي بعد ذلك إلى مناقشة أمر ميزانية وزارة الداخلية التي تساوي 15 في المائة من الميزانية العامة، وكانت نظرته دائماً إلى وزارة الداخلية "أساسها الحد من الجريمة وانتشار أنواعها في الكويت من مخدرات وهتك عرض وسرقة"، وله في هذا الأمر وجهة نظر علمية، على وزارة الداخلية وأجهزتها الأخذ بها، تقول "إن معالجة الجريمة في الكويت يجب أن تكون معالجة علمية، على وزارة الداخلية وأجهزتها الأخذ بها"، وتضيف "إن معالجة الجريمة في الكويت يجب أن تكون معالجة عصرية من خلال البحث عن أسبابها ومنعها قبل حدوثها"، ولكنه كان يرى ضرورة اكتشاف الفاعل إذا ما وقعت جريمة، خصوصا ذلك النوع الذي يمس الأمن الاجتماعي. وكان يرى في تسجيل أي جريمة "ضد مجهول" قصوراً فاضحاً في عمل وزارة الداخلية التي ينبغي عليها من أجل القيام بواجبها على الوجه الأكمل، أن تهتم "بترقية كوادرها وتدريبهم وإعدادهم إعداداً عصرياً". وحتى يكون تعامل المجتمع مع الجريمة تعاملاً علمياً لا غوغائياً، طالب سامي وزارة الداخلية "بتقديم دراسات عن الجريمة والواقع الاجتماعي والانطلاق عبر وسائل الإعلام قد يكون سبباً في ارتكاب الجرائم من خلال عرض مسلسلات الجريمة والشر في التلفاز"، ونبه إلى خطورة ذلك وضرورة الابتعاد عنه.
أسباب الجريمة
في دور الانعقاد الثاني، نظر سامي إلى معالجة الجريمة ومعرفة أسبابها والوقوف على مخاطرها من زاويتين، الأولى "أرقام الميزانية الضخمة المخصصة للداخلية والإشارة إلى المجالات الرئيسة التي ينبغي الاهتمام به". أما الثانية، فقد رأى ضرورة تضمين الرد على الخطاب الأميري "الحديث عن الجريمة لأنها موضوع الساعة، هناك جرائم خطف، هتك عرض وسرقات.. والمطالبة بمكافحتها". كما وجه سامي نقداً مباشراً إلى الوساطة في الجرائم وحماية المجرمين وطالب بالنزاهة في تطبيق القانون. ولما كانت النزاهة تعني القضاء على الفساد والمفسدين، ولما كانت وزارة الداخلية هي المسؤول الأول عن الأمن الوطني، لذا نرى سامي يطالب من على منبر مجلس الأمة "بتطهير وزارة الداخلية من المفسدين والمجرمين" وكانت صيحة عالية لم تذهب سُدى.
ناضل سامي ما في وسعه من أجل أجيال الكويت، ولم يتردد لحظة في مناقشة الأمن الاجتماعي أو الأمن الوطني، كما كان يسميه أحياناً، واستكمالاً لسعيه الدؤوب من أجل تأمين مستقبل أفضل لأجيال الكويت، وحاضر أكثر مسؤولية واتزاناً، وجه اهتمامه إلى جامعة الكويت وأعلن ضرورة استقلال الجامعة. وساهم مساهمة ملموسة وفاعلة في مناقشة قانون الجامعة خصوصا المواد التي تتعلق بمجلس الجامعة وكيفية تأليفه وانعقاده. وظل يناضل إلى أن جاء تأليف مجلس الجامعة من وزير التربية رئيساً، وإلى جانبه مدير الجامعة وعمداء الكليات وشخصيات اجتماعية أخرى، وأصبح اجتماع مجلس الجامعة مرة كل شهر بدعوة من رئيسه وزير التربية خلال السنة الجامعية، ويجوز دعوة مجلس الجامعة بناءً على طلب ثلث أعضاء المجلس في أي وقت. ولم يهدأ لسامي بال إلا بعد أن أعيد قانون الجامعة إلى مجلس الأمة وجرت مناقشته وإقراره، وهو القانون المعمول به حالياً.
لم يكن سامي ليتردد في مناقشة أي شأن قريب أو بعيد من المصلحة الوطنية العليا. وكان صوته عالياً من دون مجاملة أو مواربة، لكن ذلك لم يكن يعني أنه لا يعرف متى يصمت ومتى يتحدث، فكان صمته واجباً عندما يتعلق الأمر بأسرار الدولة وخباياها العسكرية، فها هو يناقش مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى لجنة الداخلية والدفاع بتنظيم أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بتاريخ 16/3/1975، وقد بحثت اللجنة مشروع القانون بحضور وزير الداخلية والدفاع الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، وبحضور الخبير القانوني للمجلس ومقرره جاسم القطامي. وقد ناقش سامي مشروع القانون وأدخلت عليه بعض التعديلات لكن أحداً لا يعلم ما حدث وظل مكتوماً، فتلك مسؤولية وطنية لا يجوز تجاوز الحدود في الحديث فيها.
مشاركة فاعلة
كان هذا نشاط سامي ومشاركاته في الفصل التشريعي الرابع في ما يخص الشأن الداخلي، وهي مشاركات، على قصر هذا الفصل، فاعلة وثرية وحاسمة، وكانت له في هذا الفصل مشاركات تخص الشأن العربي والشأن الدولي. فنراه يطالب بإصدار بيان بتأييد الثورة الأريترية التي كانت تطالب باستقلال البلاد بعد أن أصبحت أريتريا دولة مستقلة. ويطلب سامي من مكتب مجلس الأمة إصدار هذا البيان على أن يبلغ المكتب لجنة الشؤون الخارجية في المجلس "بأي بيانات تحصل عليها من حكومة دولة الكويت تخص الشأن الأريتري". وما كان يمكن أن يهدأ سامي إذا ما أثيرت قضية القدس أو فلسطين الوطن السليب العزيز. فقد أثيرت في عام 75/76 في دور الانعقاد الثاني مسألة تدويل القدس الشريف، وهنا وقّع سامي مع تسعة أعضاء من مجلس الأمة، هم محمد الرشيد، جاسم القطامي، عبد الله الفوزان، حسين معرفي، عبد الله النيباري، ناصر العصيمي، يوسف المخلد، أحمد الخطيب وفيصل الدويش على اقتراح يطلب تحديد موقف لمجلس الأمة من مسألة تدويل القدس، ويقول الاقتراح:
"يرفض مجلس الأمة الكويتي التدويل، لأن أي تسوية لا تتضمن استعادة الأراضي المحتلة كاملة واستعادة الشعب العربي الفلسطيني لحقوقه الشرعية، بما في ذلك عودة القدس عربية إسلامية تعد تسوية مرفوضة".
وتمت الموافقة على هذا الاقتراح وصدر فعلاً، ولا تزال الكويت بكل فئاتها الرسمية والشعبية ملتزمة هذا الموقف لم يطرأ عليه أي تبديل أو أي تغيير رغم تبدل ظروف كثيرة في المنطقة. وامتداداً لهذا الموقف الداعم بلا حدود للقضية الفلسطينية وشعبها وقضية القدس، رفض سامي في دور الانعقاد الثاني ما عرضه وزير خارجية رومانيا أثناء زيارته للكويت من مشروعه الصهيوني الذي اقترحه في عام 1968 والقاضي بعدم الانسحاب الصهيوني من ضفة نهر الأردن الغربية... وكان رفض سامي لعرض وزير الخارجية الروماني منطلقاً من أن "الموقف الروماني يمس قضيتنا، قضية فلسطين".
ولم يكتف. سامي بالرفض فقط، بل طالب بأن "يرتبط موقف دولة الكويت من رومانيا بموقفها من القضية الفلسطينية"، وأشار إلى موقف رومانيا السلبي من الأمة العربية بعد نكسة 1967 عندما "رفضت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني أسوة بما فعلته دول المعسكر الاشتراكي آنذاك".
رأى سامي أن وزارة التربية تأخذ 23 في المائة من ميزانية الدولة "وذلك ع.زّ لنا"، لكنه يرى في الوقت نفسه أن التطور التربوي بطيء خاصة في الإدارة، لذلك فإن "هذا المبلغ من الميزانية لا بد أن توازيه قيمته في الإنتاج".
كما رأى سامي أن هناك "غيابا كاملا للتخطيط الشامل للعملية التربوية والتطوير التربوي الذي هو رأسمالنا الحقيقي، والاهتمام بتوجيه الأجيال توجيهاً متكاملاً من خلال التنسيق مع الوزارات الأخرى"، خصوصا وزارة الإعلام وأجهزتها الإعلامية. كانت هذه دائماً على مدى الفصول التشريعية المختلفة نظرة سامي إلى التربية، إذ كان يحمل عبء تنشئة الأجيال في المستقبل على كاهله، ولم يترك فرصة إلا ونادى خلالها بالتطوير التربوي ومناهجه، وبالاهتمام بالعمالة الكويتية وتدريبها. ولا تزال مطالب سامي بالتطوير مستمرة نشهدها في ما يحدث من مناقشات في مجلس الأمة للسياسات التربوية.
انتقل سامي بعد ذلك إلى مناقشة أمر ميزانية وزارة الداخلية التي تساوي 15 في المائة من الميزانية العامة، وكانت نظرته دائماً إلى وزارة الداخلية "أساسها الحد من الجريمة وانتشار أنواعها في الكويت من مخدرات وهتك عرض وسرقة"، وله في هذا الأمر وجهة نظر علمية، على وزارة الداخلية وأجهزتها الأخذ بها، تقول "إن معالجة الجريمة في الكويت يجب أن تكون معالجة علمية، على وزارة الداخلية وأجهزتها الأخذ بها"، وتضيف "إن معالجة الجريمة في الكويت يجب أن تكون معالجة عصرية من خلال البحث عن أسبابها ومنعها قبل حدوثها"، ولكنه كان يرى ضرورة اكتشاف الفاعل إذا ما وقعت جريمة، خصوصا ذلك النوع الذي يمس الأمن الاجتماعي. وكان يرى في تسجيل أي جريمة "ضد مجهول" قصوراً فاضحاً في عمل وزارة الداخلية التي ينبغي عليها من أجل القيام بواجبها على الوجه الأكمل، أن تهتم "بترقية كوادرها وتدريبهم وإعدادهم إعداداً عصرياً". وحتى يكون تعامل المجتمع مع الجريمة تعاملاً علمياً لا غوغائياً، طالب سامي وزارة الداخلية "بتقديم دراسات عن الجريمة والواقع الاجتماعي والانطلاق عبر وسائل الإعلام قد يكون سبباً في ارتكاب الجرائم من خلال عرض مسلسلات الجريمة والشر في التلفاز"، ونبه إلى خطورة ذلك وضرورة الابتعاد عنه.
أسباب الجريمة
في دور الانعقاد الثاني، نظر سامي إلى معالجة الجريمة ومعرفة أسبابها والوقوف على مخاطرها من زاويتين، الأولى "أرقام الميزانية الضخمة المخصصة للداخلية والإشارة إلى المجالات الرئيسة التي ينبغي الاهتمام به". أما الثانية، فقد رأى ضرورة تضمين الرد على الخطاب الأميري "الحديث عن الجريمة لأنها موضوع الساعة، هناك جرائم خطف، هتك عرض وسرقات.. والمطالبة بمكافحتها". كما وجه سامي نقداً مباشراً إلى الوساطة في الجرائم وحماية المجرمين وطالب بالنزاهة في تطبيق القانون. ولما كانت النزاهة تعني القضاء على الفساد والمفسدين، ولما كانت وزارة الداخلية هي المسؤول الأول عن الأمن الوطني، لذا نرى سامي يطالب من على منبر مجلس الأمة "بتطهير وزارة الداخلية من المفسدين والمجرمين" وكانت صيحة عالية لم تذهب سُدى.
ناضل سامي ما في وسعه من أجل أجيال الكويت، ولم يتردد لحظة في مناقشة الأمن الاجتماعي أو الأمن الوطني، كما كان يسميه أحياناً، واستكمالاً لسعيه الدؤوب من أجل تأمين مستقبل أفضل لأجيال الكويت، وحاضر أكثر مسؤولية واتزاناً، وجه اهتمامه إلى جامعة الكويت وأعلن ضرورة استقلال الجامعة. وساهم مساهمة ملموسة وفاعلة في مناقشة قانون الجامعة خصوصا المواد التي تتعلق بمجلس الجامعة وكيفية تأليفه وانعقاده. وظل يناضل إلى أن جاء تأليف مجلس الجامعة من وزير التربية رئيساً، وإلى جانبه مدير الجامعة وعمداء الكليات وشخصيات اجتماعية أخرى، وأصبح اجتماع مجلس الجامعة مرة كل شهر بدعوة من رئيسه وزير التربية خلال السنة الجامعية، ويجوز دعوة مجلس الجامعة بناءً على طلب ثلث أعضاء المجلس في أي وقت. ولم يهدأ لسامي بال إلا بعد أن أعيد قانون الجامعة إلى مجلس الأمة وجرت مناقشته وإقراره، وهو القانون المعمول به حالياً.
لم يكن سامي ليتردد في مناقشة أي شأن قريب أو بعيد من المصلحة الوطنية العليا. وكان صوته عالياً من دون مجاملة أو مواربة، لكن ذلك لم يكن يعني أنه لا يعرف متى يصمت ومتى يتحدث، فكان صمته واجباً عندما يتعلق الأمر بأسرار الدولة وخباياها العسكرية، فها هو يناقش مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى لجنة الداخلية والدفاع بتنظيم أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بتاريخ 16/3/1975، وقد بحثت اللجنة مشروع القانون بحضور وزير الداخلية والدفاع الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، وبحضور الخبير القانوني للمجلس ومقرره جاسم القطامي. وقد ناقش سامي مشروع القانون وأدخلت عليه بعض التعديلات لكن أحداً لا يعلم ما حدث وظل مكتوماً، فتلك مسؤولية وطنية لا يجوز تجاوز الحدود في الحديث فيها.
مشاركة فاعلة
كان هذا نشاط سامي ومشاركاته في الفصل التشريعي الرابع في ما يخص الشأن الداخلي، وهي مشاركات، على قصر هذا الفصل، فاعلة وثرية وحاسمة، وكانت له في هذا الفصل مشاركات تخص الشأن العربي والشأن الدولي. فنراه يطالب بإصدار بيان بتأييد الثورة الأريترية التي كانت تطالب باستقلال البلاد بعد أن أصبحت أريتريا دولة مستقلة. ويطلب سامي من مكتب مجلس الأمة إصدار هذا البيان على أن يبلغ المكتب لجنة الشؤون الخارجية في المجلس "بأي بيانات تحصل عليها من حكومة دولة الكويت تخص الشأن الأريتري". وما كان يمكن أن يهدأ سامي إذا ما أثيرت قضية القدس أو فلسطين الوطن السليب العزيز. فقد أثيرت في عام 75/76 في دور الانعقاد الثاني مسألة تدويل القدس الشريف، وهنا وقّع سامي مع تسعة أعضاء من مجلس الأمة، هم محمد الرشيد، جاسم القطامي، عبد الله الفوزان، حسين معرفي، عبد الله النيباري، ناصر العصيمي، يوسف المخلد، أحمد الخطيب وفيصل الدويش على اقتراح يطلب تحديد موقف لمجلس الأمة من مسألة تدويل القدس، ويقول الاقتراح:
"يرفض مجلس الأمة الكويتي التدويل، لأن أي تسوية لا تتضمن استعادة الأراضي المحتلة كاملة واستعادة الشعب العربي الفلسطيني لحقوقه الشرعية، بما في ذلك عودة القدس عربية إسلامية تعد تسوية مرفوضة".
وتمت الموافقة على هذا الاقتراح وصدر فعلاً، ولا تزال الكويت بكل فئاتها الرسمية والشعبية ملتزمة هذا الموقف لم يطرأ عليه أي تبديل أو أي تغيير رغم تبدل ظروف كثيرة في المنطقة. وامتداداً لهذا الموقف الداعم بلا حدود للقضية الفلسطينية وشعبها وقضية القدس، رفض سامي في دور الانعقاد الثاني ما عرضه وزير خارجية رومانيا أثناء زيارته للكويت من مشروعه الصهيوني الذي اقترحه في عام 1968 والقاضي بعدم الانسحاب الصهيوني من ضفة نهر الأردن الغربية... وكان رفض سامي لعرض وزير الخارجية الروماني منطلقاً من أن "الموقف الروماني يمس قضيتنا، قضية فلسطين".
ولم يكتف. سامي بالرفض فقط، بل طالب بأن "يرتبط موقف دولة الكويت من رومانيا بموقفها من القضية الفلسطينية"، وأشار إلى موقف رومانيا السلبي من الأمة العربية بعد نكسة 1967 عندما "رفضت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني أسوة بما فعلته دول المعسكر الاشتراكي آنذاك".
1- دعا البرنامج إلى وحدة العمل الوطني في الكويت. وقد جاء في الحديث عن هذا الهدف: نرى من الضرورة في ضوء فهمنا للمرحلة الراهنة. أن يواصل العمل الوطني مسيرته، وأن تنهض قواه الوطنية من كبوتها.. ولن يتم ذلك إلا في التوجه نحو تكتيل القوى الوطنية ووحدة العمل الوطني .
ومن دون جدال، فإن العناصر والقوى الوطنية كافة تلتقي في رفضها للقوانين غير الديموقراطية، وتلتقي في رفضها للفساد والسرقات والممارسات التي زكمت روائحها الأنوف. وتلتقي أيضاً برفضها للتدهور الاقتصادي وتحكم الشركات الأجنبية، وتلتقي على إطلاق الحريات العامة، وتطهير الجهاز الإداري والتخطيط لمستقبل البلاد والاهتمام بالصناعة الوطنية والوقوف في وجه الشركات الأجنبية .
2 - كما دعا في المجال السياسي والديموقراطي إلى:
1 - إلغاء القوانين اللاديموقراطية كافة، وبالذات قوانين الصحافة والأندية والوظائف العامة.
2 – إشاعة الديموقراطية.
3 – عدم تعطيل الصحف.
4 – عدم تدخل السلطة التنفيذية في سير الانتخابات.
* وفي المجال الاقتصادي من أجل الحفاظ على الثروة النفطية، دعا البرنامج إلى:
1 – دعم شركة البترول الوطنية.
2 – إنشاء معامل جديدة لتكرير النفط وصناعة مشتقاته وصناعة بتروكيماويات.
3 – إجبار الشركات الأجنبية على احترام القوانين والضغط عليها لإعطاء العمال حقوقهم.
* وفي مجال التصنيع والمستوى المعيشي دعا البرنامج إلى:
1 – تشجيع الصناعات الوطنية.
2 – تصحيح جهاز الدولة المتضخم.
3 – إزالة الفوارق الفاحشة في الدخل.
3 – وضع حد لسياسة التبديد والإسراف.
4 – الحد من الاعتماد على السوق الغربي.
5 – التوسع في إنشاء بيوت ذوي الدخل المحدود.
6 – الاهتمام بأبناء البادية .
* كما اهتم البرنامج بالتعليم والفن والثقافة فدعا إلى:
1 – اعتماد سياسة تربوية مدروسة.
2 – إقامة جامعة عصرية غير خاضعة لرغبات المسؤولين.
3 – الاهتمام بالشباب ودعم مؤسساتهم.
4 – الاهتمام بالأدب والفن.
5 – مكافحة الاتجاهات الفكرية الاستعمارية والرجعية، مع مكافحة الخرافات والشعوذة.
6 – رعاية المسرح وتشجيع العاملين فيه.
* والتفت البرنامج إلى قضايا الخليج العربي وطالب بما يلي:
1 – محاربة الاستعمار بكل أشكاله.
2 – محاربة الأطماع الإيرانية التوسعية.
3 – رفض المشاريع الاستعمارية كافة.
4 – المطالبة بإطلاق الحريات العامة.
5 – إقامة الجبهة الوطنية العريضة على امتداد الخليج.
* وركز البرنامج على فلسطين فدعا إلى:
1 – دعم المقاومة الفلسطينية.
2 – رفض الحلول السلمية كافة ورفض مشروع الدولة الفلسطينية (على جزء من فلسطين).
3 – العمل من أجل إنجاح الوحدة الوطنية الفلسطينية.
4 – عدم التضييق على الفلسطينيين.
5 – محاربة التسلل الصهيوني إلى البلاد.
* أخذ البرنامج بعين الاعتبار الوحدة العربية والعمل على تحقيقها، فدعا إلى:
1 – العمل من أجل قيام وحدة عربية.
2 – الانفتاح على الأنظمة التقدمية العربية.
3 – دعم جميع أطراف حركة التحرر الوطني في البلاد المستَعمَرة.
4 – المباشرة بإقامة المؤسسات الاقتصادية العربية المشتركة لتحقيق التكامل الاقتصادي.
* أما في مجال السياسة الخارجية العالمية فدعا البرنامج إلى:
1 – مواجهة الاستعمار.
2 – تأييد حق الشعوب في تقرير المصير.
3 – محاربة أجهزة التجسس الاستعمارية والصهيونية والإيرانية كافة.
4 – التعامل مع الجميع على أساس الموقف من القضية العربية وبالذات قضية فلسطين والخليج العربي.
5 – رفض جميع المعاهدات والأحلاف الاستعمارية والعدوانية .
وعلى أساس هذا البرنامج ـ الذي تعمدنا إيجازه ـ والالتزام بما جاء فيه، خاضت حركة التقدميين الديموقراطيين انتخابات 23/1/1971 لمجلس الأمة وتمكنت نواتها البرلمانية الصلبة، المتمثلة في أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي أحمد المنيس وأحمد النفيسي التي نجحت في الانتخابات، من العمل ما وسعها على المناداة بتطبيق برنامج التقدميين الديموقراطيين الذي سبق ذكره، وتحقيق أهدافه المتمثلة في:
أهداف البرنامج
تحقيق السيادة الكاملة والتخلص من النفوذ الاقتصادي الأجنبي وتصفية مظاهر التبعية الاقتصادية للامبريالية وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية . وكان أبرز ما في مسيرة التقدميين الديموقراطيين في هذه المرحلة تأييد القاعدة العمالية لهم عندما دعا اتحاد عمال الكويت إلى انتخاب مرشحي الحركة .
كان أساس البرنامج الانتخابي الذي سبق ذكره لانتخابات 1971 برنامج حركة التقدميين الديموقراطيين الذي أكد أن:
1 – حركة التقدميين الديموقراطيين الكويتيين تنظيم سياسي طليعي يسترشد بالنظرية العلمية والفكر الثوري العربي.
2 – تؤمن الحركة بالنضال السياسي بمختلف وسائله.
3 – تعبر الحركة عن مصالح الجماهير الشعبية وقواها الوطنية، ومن أجل تحقيق كامل مهمات مرحلة التحرر الوطني الديموقراطي.
4 – تدعو إلى تصفية جميع مظاهر التبعية الاقتصادية للامبريالية.
5 – تدعو إلى ترسيخ الديموقراطية كنهج ثابت في الحياة العامة للكويت.
6 – تدعو إلى إجراء إصلاح تقدمي في الجهاز الإداري للدولة.
7 – تؤمن الحركة بمساواة المرأة مع الرجل في جميع الحقوق والواجبات وممارسة الحقوق السياسية .
إنجاز المشاركة النفطية
استطاعت الحركة من خلال نوابها في مجلس الأمة الثالث 1971/1975، وبالتعاون مع النواب المستقلين، إنجاز موضوع المشاركة النفطية ومن ثم تأميم النفط، كما كان لها دورها في إقرار قانون المحكمة الدستورية . كان هذا هو الخط الذي سار عليه سامي المنيس بعد نجاحه في انتخابات مجلس الأمة الثالث 1971. وما يهمنا هنا هو نشاط سامي المنيس في هذا الفصل التشريعي الثالث ومتابعة أهم ما طرح من مناقشات واقتراحات. ولا بد من القول أن سامي المنيس انتخب أمين السر لمجلس الأمة في هذا الفصل التشريعي، كما انتخب مقررا للجنة العرائض والشكاوى، وهو أمر لا بد من الإشارة إليه كتعبير عن ثقة أعضاء المجلس به ووفق برنامج مجموعته التي نجحت في انتخابات 1971.
الفصل التشريعي الثالث
كان النفط واستعادة ملكيته للشعب والإشراف الوطني على إنتاجه وتكريره والاهتمام بأمر العاملين فيه عامة والعمال خاصة، أكثر ما اهتم به سامي في هذا الفصل التشريعي.
فكان أول تساؤلاته في الفصل التشريعي الثالث لدور الانعقاد الأول عن "سبب تأخير صرف الأعمال الإضافية للعمال، وكيف تصرف في وزارة ولا تصرف في أخرى؟". وكانت استجابة الوزارات سريعة لتساؤلات سامي عندما قامت بصرف هذه الأعمال الإضافية.
كان سامي فخوراً بالقوى العاملة في كل المجالات وبإنجازاتها، وكان يتابعها خطوة خطوة، فهو يفتخر بالقوى العاملة التي "استطاعت أن تحرز انتصاراً بإيجاد قانون العمل في قطاع النفط 1968، ثم صدور قانون معدل 1969".
لكنه كان يرى ايضاً أن شركات النفط "تطفش" العمالة الكويتية، أي تجبرها على ترك العمل "فالقوى العاملة الوطنية لا تزيد عن 10% في شركات النفط، وتقوم هذه الشركات بتسليم أعمالها إلى المقاولين للتخلص من العناصر الوطنية" وهو تأكيد لما قاله بأنها "تطفش" العمالة الوطنية. وتساءل سامي عن دور الشركات النفطية الأجنبية "هل القوانين والتشريعات التي نصدرها غير مقبولة ومرفوضة من شركات النفط؟ وهل هذه الشركات حكومة خفية؟". وحتى يثبت سامي أقواله بعدم انصياع الشركات النفطية لتنفيذ القوانين كعادته في توجيه أي اتهام "أثار العريضة رقم 19 من رئيس اتحاد العمال حول رفض شركات النفط تنفيذ القانون 28/1969 بشأن العمل في قطاع النفط المحال إلى لجنة العرائض والشكاوى بتاريخ 15/3/1971".
رأى سامي أن "شركات النفط تريد تفسير القوانين كما تشاء" لا كما يجيء في نصوصها.
ويشير سامي إلى ظاهرة لا تقل خطورة عن تقاعس شركات النفط عن تنفيذ القوانين، وهي أن خبراء الحكومة عاجزون أمام الشركات النفطية التي ترى أن قانون شركات النفط غير ملائم وغامض. فقد أعيد هذا القانون إلى مجلس الأمة مرتين من دون أن تأخذ به الشركات النفطية. وهنا تساءل سامي:
" متى يقف المجلس وتقف الحكومة أمام شركات النفط الاستعمارية؟" فالممارسات العملية لشركات النفط في نظر سامي هي ممارسات حكومات خفية، فهي لا تأبه بقوانين الشركات ولا بالقوانين الخاصة بالعمال.
يقف سامي أمام شركات النفط محارباً شرساً يريد انتزاع حقوق الوطن من بين مخالب لا تعترف بحكومات ولا نقابات، فنراه ينتقد الاتفاقية النفطية لأن "نصوصها ليست في مصلحة الكويت". ويستمر في كشف عيوب هذه الاتفاقية ورفضها هو ومجموعته المؤيدون له في مجلس الأمة والضغط من أجل إفشالها.
كان يريد النفط ثروة وطنية قومية يستغلها الإنسان العربي في السراء والضراء، فهو يقف موقفاً لا لبس فيه في عام 1973 "ويحيى الدولة على وقفها ضخ نفط الكويت"، وذلك بعد حرب أكتوبر 1973 ضد العدو الصهيوني، وهو يُغلّب المصلحة القومية على المصلحة الوطنية ويرى في النفط سلاحاً عربياً يجب استخدامه عندما يكون ذلك في مصلحة رفعة الأمة وسمعتها واستعادة كرامتها. ويعد موقفه من شركات النفط امتداداً لموقفه في مجلس الأمة الأول عندما كان عضواً فيه، فهو ثابت في نقده امتيازات شركات النفط وثابت في ملاحظته تصرف الشركات النفطية وعدم تنفيذها للبنود التي تتفق فيها مع الحكومة...
ونظراً لما كان للمعارضة من تأثير واضح في استرداد الكويت لثروتها النفطية، فإننا نورد ملخصاً لهذا الموضوع: ففي سنة 1971 أصبحت التوجهات السياسية داخل مجلس الأمة تنادي بتحديد الانتاج في حدود 2.95 مليون برميل يومياً، في عام 1972 فُوض أحمد زكي اليماني من أقطار الخليج العربي للوصول إلى اتفاقيات مع شركات النفط العالمية الكبرى بخصوص المشاركة، وتسمى هذه اتفاقية المشاركة التي تبدأ في 1978 ترتفع إلى 30 في المائة 1979، و35 في المائة يناير 1980، و40 في المائة يناير 1981، وإلى 51 في المائة في 1982، وتستمر حتى نهاية مدة الامتياز، وهي في الكويت سنة 2025.
ضد اتفاقية المشاركة
شن الوطنيون في المجلس حملة عنيفة ضد اتفاقية المشاركة، ورفضها المجلس بعد أن ناقشها بين يناير ومارس 1973، ورأى أن تبدأ المشاركة بـ 51% على أن تصل إلى 100% في نهاية عقود الامتياز. كانت رموز المطالبة باسترجاع الثروة النفطية في مجلس 1971: علي الغانم، سالم المرزوق، عبد اللطيف الكاظمي، بدر المضف وناصر الساير، أما ممثلو التقدميين الديموقراطيين فكانوا: د. أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي المنيس وأحمد النفيسي، وقد طالبوا ببحث السياسة البترولية وتشكيل لجنة وطنية لدراسة موضوع البترول.
كانت الدعوة في مجلس الأمة إلى رفع نسبة المشاركة والوصول إلى التأميم ولهذا قدم أعضاء مجلس الأمة في 22/12/73 اقتراحاً بمشروع قانون لتأميم النفط في الكويت، وهم: يوسف المخلد، فلاح الحجرف، عبد العزيز المساعيد، فالح الصويلح، محمد الرشيد وعبد الكريم الجحيدلي. وعقد عبد الله النيباري مناظرة تلفزيونية عن المجلس مع السيد عبد الرحمن العتيقي عن الحكومة، وكان واضحاً توجه الرأي العام لرفض اتفاقية المشاركة.
وهنا تدخل رئيس مجلس الوزراء آنذاك المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح (1977/2006) وبعد اجتماعه مع مندوب شركة غلف أعلن أن محتوى اتفاقية المشاركة لا بد أن "يراجع لتأكيد حقوق الكويت المشروعة". وإثر ذلك سحبت الاتفاقية من مجلس الأمة بسبب توقع رفض المجلس لها.
بعد ذلك بشهور، وافق مجلس الأمة على اتفاقية المشاركة التي تقضي بأن يكون للحكومة 60% من العمليات والحقول البترولية للشركتين (غلف، وبي بي) ابتداء من 1/1/1974.
وقد امتنع النواب التقدميون الديموقراطيين الأربعة عن التصويت على هذه الاتفاقية، ووعدت الحكومة على لسان السيد عبد الرحمن العتيقي وزير المالية والنفط أنذاك، بالسعي للحصول على المزيد، بما فيه خير هذه البلاد ومصلحة شعبها الكريم. وعلل عبدالله النيباري امتناع ممثلي الحركة التقدمية الديموقراطية عن التصويت بغياب شرط الوصول للتملك النهائي. أما الدكتور أحمد الخطيب، فقد رأى في مناقشة الاتفاقية "نصراً للديموقراطية" لكن اتفاقية المشاركة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما أعلنت حكومة الكويت في 5/3/75 بعد الانتخابات أنها قررت تأميم نفط الكويت. وتم تصديق مجلس الأمة بالإجماع على اتفاقية التأميم في 18/3/76. وكان على حكومة الكويت أن تدفع 50،5 مليون دينار مقابل القيمة الدفترية للموجودات التي انتقلت ملكيتها للحكومة .
ظهرت آثار التعاون بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء برئاسة الشيخ جابر الأحمد الصباح آنذاك واضحة لمصلحة الوطن، فقد تمكنت الكويت من انتزاع ثروتها الوطنية من براثن الشركات النفطية العملاقة بأقل التعويضات عن الموجودات. لذا لا بد أن يُسجل نتائج هذا التعاون كنموذج بناء في تاريخ السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكان لإصرار مجلس الأمة على انتزاع هذا الحق وقدرة الحكومة على التفاوض بذكاء وحكمة الفضل الأكبر في الوصول إلى التأميم واسترداد الحقوق.
أظهر سامي في ذلك الفصل التشريعي اهتمامه الواسع بالوطن ومشكلاته وسياسات الدولة ووزاراتها، وكان موضوعياً في طرحه، يسعى إلى تحقيق الأفضل من خلال تساؤلاته ونقده بعيداً عن التجريح أو التشهير. وتناول أول ما تناول مناقشته الرد على الخطاب الأميري، وكان أول مطلب له "أن يتضمن الخطاب مساندة الكفاح المسلح مادياً وتخصيص دعم مالي للثورة الفلسطينية ووقف المعونة الأردنية".
لم يرَ سامي خلاف حكام الخليج، الذي أشار إليه الخطاب الأميري، خلافاً شخصياً يستوجب توجيه نداء لهم، لكنه رأى فيه انه "صراع أنغلو أميركي ـ إيراني" يجب الالتفات إليه والتعامل معه بجدية وزارة الداخلية، وعندما جاء دور وزارة الداخلية ناقش الجريمة وأسبابها وخلص إلى القول إن "الفاعل مجهول" في جرائم البلد، "وحوادث المرور في تزايد"، وعزا ذلك إلى "الإدارة ومسؤولياتها وليس إلى الرعونة وحسب".
رأى سامي أن مجلس الأمة يناقش سياسة الحكومة من خلال الرد على الخطاب الأميري بشكل عام لكن الأعضاء "لا يستطيعون إضافة أكثر من السنة الماضية"، إلا أن ذلك لم يمنعه من التساؤل: "هل السياسة الخارجية تعبير عن الشعب وعن رغباته؟"، "وما موقف الكويت من الخليج العربي وإيران عندما احتُلت الجزر العربية؟". وفي استغراب لافت للنظر، يذكر سامي "أن التعامل الاقتصادي زاد مع إيران" بعد احتلال الجزر، وهي تحضر مؤتمر جدة (الإسلامي) أثناء حديثه عن الجزر، وهو هنا منسجم تماماً مع تطبيق برنامجه الانتخابي في مقاومة الاستعمار والتسلل الإيراني. وانتقل إلى الشأن الداخلي وتساءل: "ما أسباب حل المجلس البلدي 1972؟"، ويلاحظ "إعادة المادة 43 من مشروع قانون البلديات إلى اللجنة المختصة تخوفاً من عدم ترسيخ قواعد الديموقراطية". وأعلن سامي "أن أبناء الكويت يعيشون الاستغلال مقترناً بالاحتكار لسوق الكويت والأقلية التي تحتكره". لكنه يقرن هذا القول بالمثل العملي في السلوك الرسمي ويعلن أمام المجلس أن "مجلس الأمة منذ ثلاث سنوات يقف بحزم ويناشد الحكومة في شخص وزير التجارة، إعادة النظر في موضوع الأسعار ليرفع الاستغلال عن المواطن، لكن ذلك لم يحدث، فسياسة الحكومة، في نظره، أن تترك الباب مفتوحاً"، وهو أمر يرى فيه طريق الاستغلال، لذا نجده يعلن قائلاً: "يجب على وزارة التجارة، والحكومة جميعاً، أن تعيد النظر في سياستها بترك الباب مفتوحاً". كان منطقياً في طرحه فهو لا يتحدث من فراغ، إذ يطرح المشكلة التي يعاني منها المواطن لكنه يقرن المشكلة بحل يراه صالحاً. يضع يده على الداء ويصف الدواء أيضاً. من هنا جاء قبول سامي بين زملائه في المجلس واحترام الآخرين له.
تساءل سامي في دور الانعقاد الأول للمجلس الثالث عن: "الفلسفة أو السياسة التي ترسمها الدولة في خدماتها العامة للمواطنين، وإلى متى تستمر هذه الفوضى في الخدمات المعطاة للمقاولين، وفي انقطاع الكهرباء، وفي سياسة الإسكان، متى يمكن وضع سياسة اقتصادية حقيقية؟ إلى متى تستمر المحسوبية في شراء الأدوية لوزارة الصحة وتنفيذ الإنشاءات دون مراعاة لمصلحة المواطن؟".
تساءل سامي كذلك عن الفلسفة التي تنتهجها الدولة من مفهوم الاستملاك (التثمين) و"هل هي محاولة لتوزيع الدخل؟ كيف تم صرف 750 مليون دينار؟ إنها كذبة كبرى لم تصرف، ولكنها ذهبت إلى جيوب أفراد قلائل"، والغريب أن هذه العبارة "أفراد قلائل" لا تزال تتردد حتى اليوم كنقد موجه ضد المنتفعين من أموال الدولة! واشتدت مطالبة سامي بالحد من الغلاء كلما كثرت شكاوى المواطنين من وطأته عليهم وتأثيره في حياتهم، وعندما لم يجد صدى عملياً من المسؤولين لمطالبته بالحد من الغلاء وارتفاع الأسعار، بعد أن تأكدت له صحة ارتفاعها استناداً إلى تقارير موضوعية تقدم باستجواب إلى وزير التجارة والصناعة في 19/3/1974 وتمت مناقشته خلال دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثالث.
استجواب وزير التجارة والصناعة 1974
قدم الاستجواب الأعضاء: عبد الله النيباري، علي الغانم وسامي المنيس لوزير التجارة والصناعة بشأن ارتفاع الأسعار وتطبيق قانون الشركات والتراخيص التجارية والصناعية.
وجاء في الاستجواب:
بالنظر إلى تقصير وزارة التجارة والصناعة في واجبها، فقد أدى ذلك التقصير إلى الضرر بالمواطنين وبالاقتصاد الوطني، ويتمثل هذا التقصير في ما يلي:
1 – لم يقم وزير التجارة والصناعة بما تمليه عليه المسؤوليات الدستورية لمعالجة مشكلة الغلاء.
2 – "تهاونت وزارة التجارة والصناعة في تطبيق قانون الشركات والقوانين الأخرى، وقد أدى هذا التهاون إلى التلاعب في سوق الأسهم وفي الاكتتاب بأسهم الشركات الجديدة، مما أدى إلى استفادة نفر قليل على حساب المصلحة العامة".
3 – إن إعطاء التراخيص التجارية والصناعية يطبق بصورة فيها تمييز بين المواطنين ومحاباة لبعضهم، مما يعتبر مخالفة للدستور، كما أن الضرر يمتد ليمس المصلحة الوطنية عامة.
تحدث السيد عبد الله النيباري فتناول نقطتين:
1 – ممارسة حق الاستجواب مسألة يجب ألا يعتريها أي حرج لا من قبلنا كأعضاء ولا من الحكومة.
2 – نفى أن يصوَّر الاستجواب على أنه خلاف شخصي.
وفي أسلوب حضاري واضح، لم ينسَ النيباري ماضي وزير التجارة والصناعة السيد خالد العدساني في الكفاح من أجل الديموقراطية والحكم الدستوري التشريعي... "وعزاؤنا أننا نطبق عملياً ما أراد أن يغرسه هو فينا وفي المجتمع منذ 36 عاماً..."، "إننا نستجوب وزارة التجارة باعتبارها أو باعتبار الوزير ممثلاً
للحكومة في هذا المجال".
ارتفعت الأسعار في مدى سنتين بموجب التقرير المقدم إلى هذا المجلس من بعض الخبراء إلى 27 في المائة، أما السيد علي الغانم، أحد مقدمي الاستجواب، فقد أكد "احترامنا ومودتنا للسيد وزير التجارة والصناعة وتقديرنا لماضيه. وقانون التجارة الموجود حالياً فيه كثير من المواد القيمة لو طبقت لربما تفادينا كثيراً من الأخطاء وكثيراً من التلاعب الذي حصل في بعض الشركات. إلا أنني للأسف وجدت القانون لم يطبق ولم تعمل الوزارة على تطبيقه".
أما سامي المنيس، أحد مقدمي الاستجواب، فكان له تعقيب قال فيه "عندما يقدم الاستجواب فهو من أجل نصرة الحق وليس من أجل الهروب من قول كلمة الحق.. كنت أتمنى أن يفند الاستجواب من خلال النقاط الثلاث".
وكان تعقيب السيد الوزير حضارياً أيضاً عندما شكر السيدين عبدالله النيباري وعلي الغانم على ما قالاه، وأعلن أن الرخص التجارية كانت بناء على قرار أن لكل مواطن الحق في رخصة "وزعنا حوالي خمسين ألف رخصة وأنا أقول إنني أعطيت كل ذي حق حقه. وما زلت أعطي كل مواطن ما يطلب".
أما بالنسبة للأسعار، فأعلن السيد الوزير أنه "يمشي مع الدستور. دستورنا يقرر أن النظام الاقتصادي الحر هو نظام البلاد".
أما عن الموضوع الثالث، تأسيس الشركات، فقال "عندي ظاهرة صحية 100%.. إذا كانت الشركات ذات جدوى اقتصادية.. إذا كانت موافقة للقوانين فليس لي الحق أن أمنعها إطلاقاً. طبقت وزارة التجارة القانون بحذافيره" .
إن أهم ما في الاستجواب هو المظهر الحضاري والموضوعي في مناقشته، وهو أمر يحق لمجلس الأمة الكويتي أن يفتخر به، نظراً للمستوى الراقي الذي وصله النقاش في أروقة المجلس بين الأعضاء المنتخبين والوزراء. فلقد كان حسن النوايا واضحاً كما كان الالتزام بوصول رأي الشعب إلى الحكومة أكثر وضوحاً، كما كان رد الوزير قانونياً لجهة طبيعة النظام الاقتصادي في البلاد والقوانين المنظمة للشركات والرخص التجارية.
كان هذا أول استجواب برلماني شارك فيه سامي المنيس مع اثنين من زملائه وفقاً لما تتطلبه اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ولم يحدث أن شارك سامي قبل هذا في أي استجواب لأي وزير.
وقد أدى الاستجواب أثره، حيث قامت الحكومة بعد ذلك بزيادة الأجور لمواكبة الزيادة في أسعار السلع والمواد الغذائية وبدأ التفكير في نظام البطاقة التموينية للمرة الأولى منذ الاستقلال بعد ذلك الاستجواب.
لم يقف سامي مادحاً الخدمات العامة على سعتها وتوافرها، لكنه وقف مطالباً بتحديد الأهداف من هذه الخدمات ودورها في تنشئة المواطن الصالح، يريد خدمات ذات مردود وطني لا خدمات استهلاكية بلا معنى "بإنشاء مؤسسة استهلاكية تموينية كإحدى الخدمات التي تقدم للأسرة وتساعد المواطن على اقتناء المواد الضرورية التي لا ترهق ميزانية المواطن البسيط". ووضع بهذه الفكرة أساس مستقبل فلسفة الاستهلاك ومحاولة السيطرة عليها وتوجيهها وجهة نافعة وكان واضحاً أن سامي ينظر إلى الخدمات من زاويتين: الأولى أن تكون خدمات لها فلسفة محددة تؤدي إلى نتائج إيجابية في تنشئة المواطن، والثانية أن تكون من خلال مؤسسات منتظمة تعرف ما يريده المواطن البسيط وتقدم له ما يحتاجه.
كانت النظرة المستقبلية عند سامي لتقديم الخدمات واضحة، ونجدها اليوم متمثلة في اتحاد الجمعيات التعاونية، وفي مطالبات النواب المستمرة بتحديد الأسعار وفي نشاط البلدية المتمثل في الحد من التلاعب بالأسعار....
كان واضحاً في فكر سامي انشغاله بمستقبل أجيال الوطن الذي لم يرَه من خلال احتياطي الأجيال وحسب، ولكن من خلال "تنشئة مواطن مؤهل قادر على مواجهة الحياة بإيمان وعزيمة". فتراه يولي قضايا العمالة اهتماماً واسعاً من فكره ويلتفت إلى التدريب وضرورته في كل دورة انتخابية نجح فيها. وفي الفصل التشريعي الثالث في دور الانعقاد الأول وقف غاضباً في مجلس الأمة بسبب الفوضى في التدريب، إذ رأى في التدريب المهني "طامة كبرى لتعدد الجهات"... "الكل يدرب". وكعادته في إرساء فلسفة العمل من خلال المؤسسات، طالب بإنشاء "مؤسسة مهنية تشمل جميع التدريبات القائمة"، وهو مطلب تبناه في الفصل التشريعي الأول 63/65 ولم يكن قد تحقق في الفصل التشريعي الثالث 71/1975.
كان يريد مؤسسة مهنية مركزية تتولى التدريب في المجالات جميعاً ذات أهداف محددة، أبرزها "تأهيل كوادر فنية وإدارية كويتية" في سوق العمل الحكومي والخاص والمشترك. كان يريد عمالة فنية مدربة يستفيد منها الوطن وتجد فرص عمل لها في القطاع المشترك، أي القطاعين الحكومي والأهلي.
كان هناك في الكويت منذ عام 1954 الكلية الصناعية في الشويخ الصناعية، وقد انشئت لتكون نواة لتوفير الأيدي العاملة الفنية الوطنية لتسد فراغاً في سوق العمل، ولكن يبدو أن سامي لم يكن مقتنعاً في أوائل السبعينات بدور الكلية ولا بما حققته قياسا على عمرها الزمني وتكاليف إنتاجها، ونراه "يستفسر عن مسيرة هذه الكلية"، واضعاً الشك في استمرار وجودها ويدلل على ذلك بإعلانه "أن خريجي الكلية ما بين 1954 و1970 بلغ عددهم 589 خريجاً فقط، وهو عدد لا يساوي شيئاً بين أعداد العاملين ومن يحتاجهم سوق العمل".
أراد سامي من الكلية الصناعية معهداً مهنياً إدارياً يتخرج فيه "الفنيون الإداريون الذين يتولون مناصب القيادة الوسطى في المؤسسات". واستمر سامي في طرق هذا الباب، وما إن وافاه الأجل المحتوم حتى كانت الكلية الصناعية قد تحولت إلى "الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب" يحصل خريجوها على أعلى المؤهلات العلمية، وينتشرون في مختلف قطاعات الدولة، والقطاعين الخاص والمشترك.
أَولَى سامي أثناء وجوده في مجلس الأمة عضواً منتخباً في دورات عدة، نشاط وزارة الداخلية اهتمامه الخاص. فقد كان يؤمن أن الحياة لا تستقيم من دون توفر الأمن والأمان مهما بلغت درجات الرفاهية في العيش. وكان اهتمامه الأكبر موجهاً نحو الجريمة. وعند مناقشته لسياسة وزارة الداخلية في هذا الفصل طالب سامي "بمنع الجريمة ومكافحة الجاسوسية"، كما حدث في الفصل التشريعي السابق. "وسنّ القوانين، مع الاستعانة عند سنها بالجمعيات والنقابات المهنية"، وكان يطالب "بمحاربة الفساد من خلال سن قانون: من أين لك هذا؟".
وانتقل من الجريمة إلى حوادث المرور في دور الانعقاد الثاني في الفصل الثالث وذكر أن "عدد القتلى 145 والجرحى 2441 وفق بيانات وزارة الداخلية سنة 1970، ويرى في هذه الأرقام أمراً مخيفاً ويحمّل إدارة المرور المسؤولية منتقداً أساليبها وواصفاً إياها بالتخلف، محملاً إياها المسؤولية الأولى عن هذه الحوادث، وهو خط تبناه في الفصل التشريعي الأول، وظل مؤمناً بصحته ما لم يظهر عكس ما يؤمن به. ومن أجل تلافي هذا الأمر أو التقليل من خطره نادى "بضرورة وجود قانون أو قرار وزاري منظم لمدارس تعليم قيادة السيارات" التي تتولى تخريج السائقين، وقصد بذلك أن يكون التدريب على القيادة وفق قواعد أخلاقية وانضباطية وقانونية، كما رأى في ظاهرة تخلف المرور ما يشير إلى "أزمة بين المواطنين جميعاً ورجال الأمن بشكل عام ورجال المرور بشكل خاص". ويطالب سامي بحل هذه الأزمة من خلال معرفة أسبابها ونتائجها لأن في حلها كما رأى "مصلحة للبلد" وهو على حق في ذلك.
ومن المرور والجريمة، انتقل سامي في دور الانعقاد الرابع من هذا الفصل إلى مناقشة "الجنسية"، ومنحها في دولة الكويت، وأعلن "أن ما يزعجنا جميعاً ويقلق مستقبلنا في ظاهرة التجنيس عدم الوصول إلى حل علمي وجذري لموضوع الجنسية". ولا يكون الحل العلمي إلا من خلال وضع قانون محدد وقواعد ثابتة لمنح الجنسية. وحاول سامي أن يبدد قلقه هذا وتساءل في 10/12/1973 عن الذين "تقدموا طالبين الحصول على الجنسية الكويتية ولم يحصلوا عليها من بين العاملين في الوظائف المدنية في مختلف وزارات الدولة ومؤسساتها. وما عدد سنوات خدمة هؤلاء في العمل". وكان لسامي رأي في الجنسية أعلنه في الفصل التشريعي الأول، ويرى في التجنيس ظاهرة مقلقة لمستقبل الوطن أو يريد معايير محددة لمنحها، تتوازى مع البرنامج الاقتصادي والخدماتي للدولة.
وأوجز سامي رأيه في نشاط وزارة الداخلية بعد كل ما عرضه، وأبدى عدم رضاه عن حالة الأمن والتي يعيشها الوطن، ولم يفته التنبيه إلى ظاهرة "التسلل الإيراني التي تؤثر تأثيراً مباشراً في حالة الأمن". وكان الالتفات إلى مقاومة التسلل الإيراني في برنامجه الانتخابي.
كان سامي حاملاً لهموم وطنه ومواطنيه، يطرح مشكلاتهم في مجلس الأمة، المؤسسة التشريعية التي يحتمي بها المواطنون، ولكن همه الدائم كان الصحافة والإعلام، فذلك غذاؤه وواقعه وحياته، وتوجه هذا الفصل، وفي دور الانعقاد الأول، أول ما توجه إلى الإذاعة والتلفاز وطالب "بفصل الإذاعة والتلفزيون عن الإعلام، وجعلهما هيئة مستقلة، على غرار ما هو حاصل في كثير من بلدان العالم، وعلى غرار ما هو حاصل الآن في وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
والتفت إلى الصحافة مطالباً بتعديل قانونها ووقف الإجراءات الإدارية التي رآها "سيفاً مصلتاً على الصحافة". وكان همه الدائم تعديل المادة 35 من القانون رقم 3/ 1961 والمعدلة بالقانون 29/1965، وما انفك يطالب بتعديلها مقترحاً مع آخرين من زملائه مشروعات القوانين لهذا التعديل.
نجح سامي وصحبه عندما أحال رئيس مجلس الأمة قانون المطبوعات إلى لجنة التعليم والثقافة والإرشاد في 9/5/1971 وبحثته في 22/5/1971 ووافقت على القانون بالإجماع وصدق عليه صاحب السمو أمير البلاد وعدلت المادة 35 والمعدلة بالقانون 29/65 وأصبحت كما يلي:
"لا يجوز تعطيل أي جريدة بعد ترخيصها إلا بموجب حكم نهائي صادر من محكمة الجنايات، ولا يجوز تعطليها أكثر من سنة".
ونجح سامي في رفع السيف المصلت على رقاب الصحافة، ذلك السيف الذي كثيراً ما شهرته واستخدمته الحكومة ضدها. وكانت مطالبته بإلغاء المادة 35 نابعة من أن هذه المادة تقف حاجزاً دون التطور الصحفي وتقدمه، وبقاؤها يعني "بقاء أمراض مختلفة". وكان النجاح في تعديل هذه المادة أمراً ليس بالهين عند أصحاب الأقلام الحرة وهو مظهر واضح من مظاهر التقدم الحضاري للدولة وسلطاتها.
خصصت الكويت في السنة المالية 1972 / 1973 مبلغ مائة ألف دينار كويتي كمنحة لتلفزيون دبي، واستغل سامي هذه الفرصة ليتساءل في دور الانعقاد الثاني من الفصل الثالث عن "السياسة الإعلامية في الخليج"، وقصد من وراء هذا التساؤل "أنه يريد هدفاً قيما وأساسياً لتلفزيون دبي وإلا فلا معنى لوجوده".
وتساءل "ما المردود من هذا الجهاز؟" وهو تساؤل يدخل في صميم فكر سامي المؤسساتي. فعقله كان رافضاً لكل ما هو غير مبرمج لتحقيق أهداف واضحة ومحددة، وكان صرف المال العام عنده لا بد أن يكون مقنعاً يعطي المردود المطلوب من صرفه، وتراه يطالب بـ "إعادة النظر في المصاريف الإعلامية لعام 1973/ 1974"، ويرى فيها مغالاة ولم يقتنع بها. وما إن يأتي دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث حتى تبدو مظاهر بعض الارتياح في لهجة سامي المنيس نحو الصحافة والإعلام، فهو "يطلب التحديد وليس التعميم في النقد"، كما "يحيي الصحافة والصحافيين" من على منبر مجلس الأمة. وتزول بذلك النظرة السوداوية الى الإعلام وتحل محلها نظرة التفاؤل والاعتراف بأن هناك أعمالاً تستحق الإشادة، ربما كان ذلك بسبب نجاحه في تعديل المادة 35، التي رأى من خلال تعديلها توفير صحافة حرة تدافع عن تجربة الديموقراطية وانتشارها كمقوم أساسي لحياة المواطن.
ميزانية الدولة
كانت لسامي فلسفة للموافقة على إقرار الميزانية العامة للدولة، أو ميزانية أي وزارة أو مؤسسة حكومية، تقول "إننا إذا أقررنا الميزانية من دون محاسبة علمية دقيقة نكون قد أهملنا واجبنا الأساسي". أعلن ذلك في الفصل التشريعي الثالث وفي دور الانعقاد الرابع. وكان ذلك نهج سامي في كل مناقشاته للميزانية أو بنودها. يلتفت في مناقشة الميزانية أول ما يلتفت إلى موازنة منطقة الشعيبة الصناعية لعام 71/72، ويوافق سامي على ريعها، لكنه رأى "تناقضاً في الميزانية بشأن التثمين للعقار والبيوت"، وطالب بحل التناقض، وعند مناقشته للباب الثاني من ميزانية 1971/1972 اشار "إلى المحسوبية في شراء الأدوية لوزارة الصحة"، وهو أمر أشار إليه أكثر من مرة. كما انتقد "ظهور بعض الإنشاءات لفئات معينة من دون مراعاة لمصلحة الوطن". ذكر سامي أن ميزانية الباب الأول (خاص بالرواتب) في عام 71/72 "بلغت 153،227،100 دينار كويتي تنفق سنوياً على سبعين ألف موظف ومستخدم"، ولم يعارض سامي الرقم المذكور لكنه طالب "برفع إنتاجية الجهاز الإداري ليكون في مستوى الإنفاق"، ولم يتردد في الإشارة إلى "بعض مظاهر المحسوبية" موجهاً النقد لها.
كانت موازنة الباب الثاني في الميزانية 294،489،455 دينارا كويتيا، إلا أن سامي رأى في هذا الرقم استهتاراً في الصرف، وكان رأيه صرخة أثمرت في المستقبل، وفي نهاية المطاف نوقشت ميزانية الخطوط الجوية الكويتية كما نوقشت سياسة بنك التسليف والادخار، ولم يبد. سامي ملاحظات حول هذين الأمرين ذات بال. لكنه عند ذكر ديوان المحاسبة طالب "بعمل جدي لإيجاد المراكز الأساسية في الديوان ليجعل من جهازه الإداري جهازاً فعالاً". وكانت الاستجابة لمطلب سامي إيجابية، إذ سرعان ما تحول ديوان المحاسبة إلى مؤسسة رقابية على صرف الوزارات والمؤسسات الحكومية، ظهر أثرها في مستقبل مناقشات السياسات المالية للوزارات والمؤسسات الحكومية.
واستكمالاً لمناقشاته للمؤسسات المالية، تساءل سامي في دور الانعقاد الثاني عن "دور البنك المركزي في الاقتصاد الوطني والإشراف على أموال استثمارات البنوك وواقعها في الخارج، خصوصا أن 90% من أموال البنوك يتم استثمارها في الخارج"، وتساءل "هل من تعاون بين البنوك التجارية وخريجي ودارسي معهد المصارف الذي يشرف عليه البنك المركزي؟".
إن مناقشات سامي وتساؤلاته كانت على درجة من الأهمية، ولا بد منها، فمن دون هذه التساؤلات ما كان يمكن أن يثار التنبيه إلى محاسن ومساوئ المؤسسات التي يشير إليها وخطورتها. فمن ذا الذي كان يعلم أن 90% من أموال البنوك تستثمر خارج البلاد؟
كانت العمالة المدربة الفنية وضخها في سوق العمل شغل سامي الشاغل، لذا فهو يتساءل عن مصير دارسي معهد المصارف لما لوجودهم المتخصص من دور في رفع عمل المؤسسات المالية.
البلدية
التفت سامي في دور الانعقاد الرابع إلى البلدية ووضع أعمالها موضع النقد، من دون الانتقاص من دورها الرائد في نهضة الكويت الحديثة. ولفت الانتباه إلى تنفيذ قرارات المجلس البلدي التي رآها "تنفذ من جانب وتهمل من جانب آخر"، كما أشار إلى عدم المساواة في أنشطة البلدية، إذ هناك "تفاوت في النظافة في المناطق". ولم يغب عن باله أبداً في يوم من الأيام اهتمامه بالصحة العامة للمواطن فهو يريد "رقابة على المطاعم"، وأشار إلى "وجود تسممات عند التفتيش عليها". كما أشار إلى ما يحصل لبعض الألبان والأجبان والتأثير المدمر عند فسادها على صحة الإنسان. وطالب "بتنظيم الأرصفة في المناطق المختلفة".
أشار سامي إلى بعض المسائل التي يجب أن تزيد البلدية اهتمامها بها، لكنه لم يتنكر لدورها ولم ينقصها حقها ولا حقوق العاملين فيها، لذا نراه يوافق على ميزانية البلدية من دون تحفظ.
جامعة الكويت
سعى سامي ما وسعه السعي إلى جعل جامعة الكويت مؤسسة علمية أكاديمية يعتز بها كل مواطن، ولم يكن يخفي اعتزازه بهذا الصرح العلمي، ولا حرصه على تقدمه واحتلاله مركزاً متقدماً بين جامعات العالم. وحرصاً منه على تحقيق ذلك توجه برجاء من على منبر مجلس الأمة أن تكون هناك "طبيعة محددة لإدارة الجامعة واضحة المعالم في توسعها ومسؤولياتها". وأشار بخجل واستحياء إلى أن أسلوب الإدارة في الجامعة لا يريحه "لأنه يريد لجامعة الكويت هويتها الخاصة، فهو يرفض أن "تنقل جامعة الكويت ما يحصل حرفياً في الجامعات الأخرى".
وتراه هنا يلمس الجامعة برفق، فهي مؤسسة وليدة لم يكن عمرها يزيد على 5 سنوات عند حديثه عنها، وكان يريد لها التقدم والنجاح، لذا إشاراته مقرونة بالأمل والرجاء. وسامي يعرف أدب المخاطبة، فالجامعة مركز للعلم والعلماء ولا بد من مخاطبة أهلها بما يستحقون.
سامي وفلسطينمع دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثالث في 1971، كان الوضع متفجراً بين الأردن والمقاومة الفلسطينية إثر أحداث أيلول 1970، التي أثرت في العمل الفدائي الفلسطيني. وكان موقف سامي المنيس في مجلس الأمة واضحاً لا يحتمل المواربة أو المجاملة، فهو مع "الكفاح المسلح الفلسطيني ضد العدو الصهيوني"، وما كان له أن يؤيد طرفاً أو يتعاطف معه إذا "ما مس قدسية هذا الكفاح".
كما تحدث في هذا الفصل عن المعونة العربية للأردن التي أقرها مؤتمر قمة الخرطوم العربية بعد نكسة حزيران 1967 وكانت مخصصة لإعادة بناء الأردن وقواته. لكن سامي رأى أن هذه "المعونة ذهبت من أجل ضرب شعبنا العربي"، وتجلى ذلك "في المشاركة الأردنية الصهيونية للقضاء على الثورة الفلسطينية التي تخوض أشرف معركة".
كان سامي ملتزماً حتى العظم بتأييد الثورة الفلسطينية، وكان يود لو أن كل درهم عربي يذهب لمساندة هذه الثورة، ولم يكن يرى دور الثورة الفلسطينية في محاربة العدو الصهيوني وحسب، لكنه رأى فيها ثورة "تدافع عنا في الكويت وعن شرف الأمة العربية". وطالب بتحويل مبالغ المعونة الأردنية إلى الثورة الفلسطينية "لنرفع رأسنا".
ربما لم يتم تنفيذ مطلب سامي بتحويل المعونة الأردنية، لكن المؤكد والمعروف أن الكويت قدمت أضعاف المعونة الأردنية للثورة الفلسطينية ودعمها، ولا تزال تقدم حتى الآن. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن العلاقات بين الكويت والثورة الفلسطينية كانت علاقات مبكرة جداً. فقد شهدت ثورة 1936 في فلسطين تأييداً شعبياً في الكويت، مادياً ومعنوياً، شاركت فيه المرأة الكويتية. ومنذ عام 1936 حتى الآن كانت المسيرة مشتركة بين الشعبين، رغم ما أصابها من الشوائب إثر الغزو العراقي للكويت بعد 2/8/1990 التي رآها الشعب الكويتي وحكومته في تأييد قيادة الثورة الفلسطينية للغزو العراقي للكويت، رغم موقف كثير من الفلسطينيين المؤيد للكويت والرافض للغزو. ويسهل التدليل على موقف الثورة الفلسطينية المؤيد للغزو أو قل غير المؤيد للكويت من مواقف قيادة منظمة التحرير في مؤتمر القمة العربي في 11/8/1990 في القاهرة حيث لم تُدن الغزو وظهرت بمظهر المتخاذل في تأييدها للكويت، كما ظهر في موقف اتحاد العمال الفلسطيني أثناء انعقاد مؤتمر اتحاد العمال العرب في دمشق بعد الغزو، عندما أيد مندوب فلسطين موقف الوفد العراقي ضد موقف الوفد الكويتي ، وفي موقف اتحاد المعلمين الفلسطينيين الذي كان يحظى بتقدير الكويت ودعمها عندما لم يصدر عنه أي بيان مؤيد للكويت، وعندما ظهر بعض أعضاء لجنته التنفيذية على تلفاز العراق مؤيداً للغزو، وعندما اشتكى المرحوم جمعة ياسين من مراوغة أمين عام اتحاد المعلمين الفلسطينيين وعدم لقائه في تونس رغم ما بينهما من علاقات حميمة.
إلا أن الأمور بدأت في التحسن الآن خاصة بعد الاعتذار العلني للكويت الذي قدمه السيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن موقف المنظمة أثناء الغزو العراقي. وانطلاقاً من تأييده للثورة الفلسطينية، التي رأى فيها ثورة تدافع عن الأمة، أحس سامي بأن شعوب الأمة العربية قادرة على تجاوز نكسة 1967 وتحقيق نصر مؤكد. لذا فهو يطالب بأن يسجل في مجلس الأمة في دور الانعقاد الأول أن "هزيمة 1967 لم تكن للإنسان العربي بل للأنظمة العربية لأن الشعب العربي لم يكن يحمل السلاح". وكانت نظرة سامي محقة، فقد تمكن الشعب العربي من رد الهزيمة في حرب أكتوبر 1973.
كانت أحداث أيلول 1970 في الأردن دامية ضد فصائل الثورة الفلسطينية، أدمت قلوب أبناء الأمة العربية، وشحنتها بالحقد ضد كل من تآمر على هذه الثورة. وكان وصفي التل رئيس وزراء الأردن أحد هؤلاء الذين أدانهم الشعب بالإساءة إلى الثورة وإلى الشعب الفلسطيني. ويشاء القدر أن يتعرض وصفي التل للاغتيال في فندق شيراتون في القاهرة 1971 بعد أحداث أيلول 1970 في الأردن. وهنا رأى سامي في مقتل وصفي التل "ردّ اعتبار أساسياً لكرامة الشعب الفلسطيني". ورأى في مقتله "مقتلا للجريمة الصهيونية والاستعمارية والإمبريالية".
ومن هذا المنطلق رفض سامي المنيس سعي حكومة الكويت للعمل على "إيجاد صيغة بين النظام الأردني والمقاومة الفلسطينية". وتشكك في دور الانعقاد الثاني للمجلس في مشروع المملكة المتحدة (بين الأردن والضفة) ورأى فيه "مشروعاً مشبوهاً.. مشروعاً لتصفية القضية الفلسطينية.. قضيتنا". و"مؤامرة على شعبنا، نستنكره ونستنكره". كان سامي المنيس ابناً للقضية الفلسطينية نذر نفسه للدفاع عنها وعن شعبها من دون تردد أو تقلب، إذ رأى فيها قضية حق عربي سلبه الاستعمار الصهيوني. ولم يتردد لحظة في تأييد كل ما هو فلسطيني. وكلما كان يمنح الشعب الفلسطيني منحة مالية من أي جهة، كان سامي يقول هل من مزيد لهذا الشعب؟ وكان أكثر ما يهز وجدانه أن يرى دعماً مالياً للفلسطينيين قد تراجع أو انتقص منه، ونراه في دورة الانعقاد الثاني "يطالب بإلحاق الطلبة الفلسطينيين بمدارس المنظمة إن أرادوا" ويعترض بحدة على "إنقاص الدعم الحكومي لمنظمة التحرير من مائتي ألف دينار إلى مائة وخمسين ألفاً".
كانت قضايا الأمة العربية حاضرة في وجدان سامي، المنيس، فهو يعيش القضية الفلسطينية يوماً بيوم، وما كان له أن يغفل عن قضايا الخليج العربي لحظة واحدة، وكانت نظرته لمنطقة الخليج العربي نظرة واقعية، فرأى إيران خطراً ماثلاً وحقيقياً في منطقة الخليج العربي يتجسد "في نظرة إيران واحتلالها للجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة لدولة الإمارات العربية، وأن احتلال إيران لهذه الجزر لا يمثل إلا خطوة أولى تتلوها خطوات. ضاعت فلسطين، وضاعت أجزاء عربية أخرى، والآن يتم احتلال الجزر وغدا ستحتل إيران الشاطئ الغربي، والأطماع الإيرانية قد ستستمر ما دمنا نحن على الهامش".
وها هو سامي ينذر بخطر إيران على منطقة الخليج العربي من جهة، ويدعو إلى العمل الجاد لمواجهة هذا الخطر وإلا... ! ولا يزال موضوع الجزر العربية قائماً، إذ ترفض إيران الانسحاب منها، لكن الموقف العربي ثابت في ضرورة استردادها.
إضافة إلى هذا كانت حكومة الكويت طرحت توجيه نداء لقادة الخليج في عام 1971، إلا أن سامي رأى أن "قضية الخليج ليست قضية حكام بقدر ماهي قضية استعمار وتشهد صراعات أنجلو ـ أميركية ـ إيرانية". وكان يرى في النظرة إلى اختلاف حكام الخليج على أنه اختلاف شخصي "نظرة فيها من البساطة تصل إلى حد السذاجة، فخلافاتهم ليست شخصية". وكان يعتقد سامي أن منطقة الخليج بحاجة إلى "تحديد مفهوم حرية الأرض وحرية الإنسان"، لذا طرح حلاً لمنطقة الخليج ومشكلاتها، وهو "مساندة الثورة الشعبية في المنطقة" من أجل تحديد مفهوم الأرض وحرية الإنسان، ومن خلال هذه الثورة الشعبية يمكن القضاء على "التناقضات والخلافات بين الحكام، كما يمكن تحجيم الصراع الأنجلو ـ أميركي ـ إيراني وطرد نفوذه من منطقة الخليج العربي". كما دعا في الوقت نفسه إلى "تعاون بناء في منطقة الخليج العربي يقوم على أساس مصلحة الشعوب لا مصلحة أنظمة الحكم القائمة".
وكان دائماً مهموماً بالنظرة إلى المستقبل، ولا يقدم على تأييد مشروع أو قانون أو اتفاقية إلا إذا كان المستقبل حاضراً في الاتفاقيات والمشاريع، لذا فسامي يعارض أي اتفاقية لا تلتزم هذا الهدف أياً كان الطرف في هذه الاتفاقية.
إن مصير الثوار والمصلحين واحد في شتى الأقطار وفي شتى العصور، فسامي الذي يرفض الاستعمار الأنجلو ـ أميركي ـ إيراني، وسامي الذي يرى الثورة الفلسطينية دفاعاً عن شرف الأمة، وسامي الذي يرى ضرورة التقيد بأهداف واضحة عند الإنفاق، وسامي الذي يؤمن بصحة قضايا أمته وحرية مناقشتها وطرح جوانبها من غير لف ولا دوران، سامي هذا، وجدناه يتعرض في عام 1973 وفي دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث إلى طلب من وزير العدل "برفع الحصانة عنه بشأن ما نشرته مجلة الطليعة" التي يرأس تحريرها، وأحيل الأمر إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية.