دورة شاملة في النظرية الموجية-الدرس30-34
نظرية داو
شارلز هنري داو
وفقاً لشارلز هنري داو ، الإتجاه الرئيسي للسوق متسع بوضوح ، ليحتوي كل حركات المد والجزر ، والتي توقفها و تعترض طريقها الموجات ، أو المسيرات وردود الفعل الثانوية . الحركات من الحجم الأصغر هي "تموُّجات" (تصغير لكلمة موجة وتسمى رقرقة – المترجم) على الأمواج . هذه الأخيرة تعتبر في العموم غير مهمة ما لم يتم تشكيل حركة خطية (تُعرَّف على أنها تركيب حركي جانبي يدوم في نفس المنطقة لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل ويتحرك خلال مدى سعري في حدود 5 %) . الأدوات الرئيسية للنظرية هي مؤشر قطاع النقل (مؤشر السكك الحديدية سابقاً) ومؤشر قطاع الصناعة . أفضل المُروِّجين والدعاة الرئيسيين المُفسِّرين والمُنظِّرين لنظرية داو هم : وليام بيتر هاملتون ، روبرت ريا ، ريتشارد روسل ، إدوارد جورج شايفر ، هولاء المُنظِّرين قد ظلوا يحومون ويدورون بالقرب من نظرية داو ، ولكنهم قطعاً لم يغيروا أو يعدلوا شيئاً من مبادئها و مُسلماتها الرئيسية .
كما لاحظ شارلز داو في أحد المرات ، أنه يمكن المراهنة والمقامرة على رمال الشواطئ ، فعند إنحسار وتدفق المياه تتضح علامة حدود إتجاه مد المياه بالطريقة نفسها التي نستخدمها في الرسوم البيانية لتوضيح كيف تتحرك الأسعار . الذي توصلنا إليه من واقع الخبرة أن المعتقد الأساسي لنظرية داو يخبرنا بأنه إذا كان هناك مؤشرين هما أجزاء من نفس المحيط ، فإن عملية المد والجزر لأحد المؤشرين يجب أن تتحرك بإنسجامٍ تام مع الآخر لتكون حقيقية وجديرة بالتصديق . وهكذا ، فإن الحركة إلى قمة عالية جديدة في إتجاه مؤسَّس جديد بواسطة مؤشر واحد بمفرده وحيداً تكون قمة جديدة أو قاع جديد (حسب الإتجاه الذي نسير فيه) يقال إنها ناقصة تحتاج إلى "تأكيد" من المؤشر الآخر .
نظرية إيليوت الموجية لديها نقاط مشتركة مع نظرية داو . خلال تقدم الموجة الدافعة ، ينبغي أن يكون السوق "صحياً" وسليماً ، مع تأكيد للسلوك من عمق السوق والمؤشرات الأخرى . بينما نجد أنه خلال تطور الموجات الختامية والموجات التصحيحية ، تسود التباينات الأداء ، وعدم التأكيدات تكون مُرجَّحة . مُتابعي داو أيضاً مُسلِّمين بثلاث "مراحل" نفسية لتطور السوق . بطبيعة الحال ، لأن كلا النظريتين تصف واقعاً حقيقياً واحداً ، فبالتأكيد سيكون وصف هذه الأطوار والمراحل مشابه لشخصية موجات إيليوت 1 ، 3 ، 5 ، كما تم توضيحها وتبيّينها في الدرس 14 .
الشكل (30-1)
النظرية الموجية أثبتت الكثير من نظرية داو ، ولكن بالطبع لا تستطيع نظرية داو أن تُثبِت شيئاً من النظرية الموجية لأن مفهوم إيليوت عن السلوك الموجي ينطلق من قاعدة رياضية ، تحتاج فقط مؤشر سوقي واحد لكي تقوم بتفسيره وترجمته إلى لغة موجية ، تتطور وتتكشَّف وفقاً لبِنيَة محددة . على أي حال ، كلا النهجين يستندان على الملاحظات التجريبية ويتمم كل منهما الآخر في النظرية والممارسة . على سبيل المثال : غالباً يستطيع الترقيم الموجي أن يقدم إنذار مسبق لمُنظِّري الداو بقرب حدوث "عدم تأكيدات" وشكوك (حول مواصلة الإتجاه القائم – المترجم) . كما هو واضح في الشكل (30-1) ، إذ أكمل مؤشر قطاع الصناعة أربع موجات من التقلبات الرئيسية ، وجزءاً من الخامسة ، بينما يسير مؤشر قطاع النقل في الموجة B من تصحيح متعرج ، حينها يُصبح عدم التأكيد أمراً حتمياً لا مفر منه . في الواقع ، هذا النوع من تطور الأحداث على الرسوم البيانية قد ساعد المؤلفان أكثر من مرة . على سبيل المثال ، في مايو 1977م ، عندما كان مؤشر قطاع النقل يتسلق إلى قمم جديدة ، كان الهبوط السابق بخمس موجات في مؤشر الصناعة خلال شهري يناير وفبراير يعطي إشارات وبصوت عالي و واضح أن أي إرتفاع في هذا المؤشر سيكون مآله الفشل حيث أنه سيؤدي إلى خلق "عدم تأكيد" .
على الوجه الآخر من العملة ، "عدم التأكيدات" في نظرية داو غالباً تعطي إنذاراً للمحلل الإيليوتي لكي يختبر ترقيمه فيشاهد ما إذا كان الإنعكاس هو الحدث المتوقع أم لا . وبالتالي ، فإن معرفة أحد النهجين قد يساعد في التطبيق على الآخر . لأن نظرية داو هي الجد الأكبر للنظرية الموجية ، فإنها تستحق الإحترام لأهميتها التاريخية وكذلك لأدائها الثابت المسجل على مدى السنوات .
الدورات
أصبح تطبيق نهج "الدورات" على سوق الأسهم مألوفاً جداً في السنوات الأخيرة ، بالتزامن مع نشر العديد من الكتب حول هذا الموضوع . يتمتع هذا النهج بقدر كبير من المصداقية ، وإذا وُضِعَ بين يدي محلل بارع فسوف يستطيع أن يصنع طريقة ممتازة لتحليل السوق . ولكن من رأينا ، في حين أنه يمكن إستخدام هذه الطريقة لكسب الأموال في سوق الأوراق المالية ، بالضبط مثلما تفعل مع بقية الأدوات الفنية الأخرى ، إلا أن نهج الدورات لا يعكس الجوهر الحقيقي للقانون الذي يقف خلف تطور وتقدم الأسواق . فقد يستمر المحلل إلى أجل غير مسمى في محاولته للتحقق من دورية (الطول الزمني) الدورة الثابتة ، مع أن النتائج جديرة بالإهمال . النظرية الموجية تكشف لنا أن خصائص الدوامة الحلزونية تنطبق على السوق أكثر من الدورة الثابتة ، وبمعنى آخر فإن خصائص الطبيعة تنطبق على السوق أكثر من خصائص الآلة .
الأخبار
في حين أن معظم كُتَّاب الأخبار المالية يقومون بشرح سلوك السوق من خلال الأحداث الجارية ، إلا أنه نادراً ما يوجد أي علاقة إتصال جديرة بالإهتمام بينهم . معظم الأيام تحتوي على عدد كبير من الأخبار الجيدة والسيئة على حد سواء ، والتي تكون عادة مُدقَّقة بعناية ومُختارة بشكل إنتقائي من أجل أن توصلنا إلى تفسير ظاهري معقول لحركة السوق . في كتابه "قانون الطبيعة" ، علَّق إيليوت على قيمة الأخبار على النحو التالي : في أحسن الأحوال ، الأخبار هي الإدراك المتأخر من القوى المؤثرة بالذي تم بالفعل ، والتي مازال مفعولها يعمل لبعض الوقت ، وهي مذهلة فقط للذين يجهلون هذا الإتجاه . إن العبث في الإعتماد على قدرة أي شخص في تفسير قيمة أي بند أخباري واحد بالنسبة لسوق الأوراق المالية هي معروفة سلفاً منذ وقت طويل من قِبل الخبراء والمستثمرين الناجحين . لا يوجد بند أخباري واحد أو سلسلة من التطورات الأخبارية يمكن إعتبارها السبب الكامن وراء أي إتجاه مستمر ومطّرد . في الواقع ، وعلى مدى فترة زمنية طويلة ، نفس الأحداث قد كان لها تأثير مختلف تماماً لأن ظروف الإتجاه كانت متباينة . هذه العبارة يمكن إثباتها من خلال دراسة عارضة وغير رسمية لسجل 45 عاماً في مؤشر الداوجونز الصناعي .
خلال تلك الفترة ، تم أغتيال الملوك ، كانت هناك حروب وإشاعات عن الحروب ، إزدهار ، هلع وذعر ، إفلاسات ، عصر جديد ، صفقة جديدة ، "خرق للثقة" ، وجميع أنواع التطورات التاريخية والعاطفية . حتى الآن جميع الأسواق الصاعدة تسير وتعمل بنفس الطريقة ، كذلك وبشكل مشابه ، فإن جميع الأسواق الهابطة أيضاً تحمل خصائص مشابهة ، بدليل الرقابة وقياس رد فعل السوق على أي نوع من الأخبار ، إضافةً إلى مدى حجم وتناسب الشرائح المكوِّنة للإتجاه ككل . يمكن تقييم هذه الخصائص وإستخدامها للتوقعات والتنبؤات المستقبلية على سلوك السوق ، بغض النظر عن الأخبار .
في بعض الأوقات يحدث شيء غير متوقع تماماً ، مثل الزلازل . مع ذلك ، وبغض النظر عن درجة المفاجأة ، يبدو من المعقول أن نستنتج أن أي تطور من هذا القبيل سوف يُخصم من الإتجاه بشكل سريع جداً وبدون عكس هذا الإتجاه المحدد الذي كان سائداً قبل الحدث . أما هولاء الذين يعتبرون الأنباء والأخبار هي السبب وراء إتجاهات السوق فربما يكونون أسعد حظاً في المقامرة على سباق المضمار بدلاً من الإعتماد على مقدرتهم في التخمين بطريقة صحيحة لأهمية بنود الأخبار البارزة . لذا فإن الطريقة الوحيدة "لرؤية الغابة بوضوح" هو أن تتمركز في موقع فوق الأشجار المحيطة بها .
إعترف إيليوت إنها ليست الأخبار ، ولكنه شيء آخر هو الذي يشكل النموذج الواضح في السوق . عموماً ، إن السؤال التحليلي المهم ليس الأخبار في حد ذاتها ، بل على الأهمية التي توليها السوق أو تبدو أنها توليها لهذه الأخبار . في فترات تزايد التفاؤل ، رد فعل السوق الظاهر على خبر معين يختلف غالباً عن ما كان سيحدث إذا كان السوق في إتجاه هبوطي . قد يكون من السهل أن تضع ترقيم موجي إيليوتي يوضح تطورات السوق على الرسم البياني للأسعار التاريخية ، ولكن من المستحيل أن تُحسِن توقع ، فلنقل ، وقت حدوث الحرب ، وهي الأنشطة البشرية الأكثر حيوية ، على أساس سلوك سوق الأسهم المُسجَّل . إذن ، عندما نريد أن نضع علاقة بين علم النفس الخاص بالسوق ونربطه بالأخبار ، سنقول إنها مفيدة أحياناً ، خاصة عندما يتصرف السوق بطريقة معاكسة لما يمكن لأحد ما أن يتوقعه "عادةً" .
التجربة والخبرة توحي لنا بأن الأخبار تميل إلى أن تتخلف بالتأخر عن السوق ، الذي بعد ذلك ، يتبع بالضبط نفس التطور . خلال الموجات 1 و 2 من السوق الصاعد ، التقارير الأخبارية على الصفحات الأولى في الجرائد تجلب الخوف والكآبة . الوضع الأساسي بشكل عام يبدو في أسوأ حالة ، وبالتالي فالموجة 2 يُعتقد أنها سوف تحقق قيعان جديدة للخروج . عودة مواتية للأساسيات في الموجة 3 وذروة مؤقتة في وقت مبكر من الموجة 4 . ثم عودة جزئية لطريق الصعود من خلال الموجة 5 ، وكما تحدثنا مُسبقاً عن الجوانب التقنية للموجة 5 ، فهي أقل إثارة للإعجاب من الحضور القوي خلال الموجة 3 (راجع "شخصية الموجة" في الدرس 14) . في ذروة السوق ، الخلفية الأساسية لا تزال وردية ، أو حتى مُتحسِّنة ، إلا أن السوق على الرغم من ذلك ، يتحول مُنعكساً إلى الأسفل . ثم تبدأ الأساسيات السلبية تتعاظم مرة أخرى بعد أن يكون التصحيح ماضياً في طريقه على قدم و ساق . الأخبار ، أو "الأساسيات" بعد ذلك تُعوِّض السوق جزءاً من خسائره بشكل مؤقت بواسطة موجة أو أثنتين . هذا التطور المتوازي للأحداث هو علامة على وحدة الشؤؤن الإنسانية وتميل إلى تأكيد النظرية الموجية بإعتبارها جزءاً لا يتجزأ من التجربة الإنسانية .
الفنيين يجادلون ، في محاولة مفهومة لحساب الفارق الزمني ، إن السوق "يخصم المستقبل" ، أي في الواقع تخمينات صحيحة للتغييرات المستقبلية في الأوضاع الإجتماعية . هذه النظرية مغرية في البداية لأنها تسبق الأحداث الإجتماعية والسياسية ، فيبدو أن السوق يشعر بالتغييرات قبل وقوعها . ومع ذلك ، فإن الفكرة القائلة بأن المستثمر مستبصر هي خيالية إلى حد ما . على ما أعتقد أنه من المؤكد أن نزعات الناس وتعبيراتهم العاطفية تنعكس وتتجلى من خلال أسعار السوق ، وهي التي تسبب سلوك السوق بطرق معينة وهي التي تؤثر في نهاية المطاف على الأحصاءات الإقتصادية وتؤثر على السياسة ، أي أنها تُنتِج "الأخبار" . لتلخيص وجهة نظرنا ، بعد كل هذا ، السوق هو الأخبار ، لأغراضنا وأهدافنا نحن .
نظرية السلوك العشوائي
الإحصائيون في العالم الأكاديمي هم من وضع وأنشأ هذه النظرية وأخرجوها للعلن . النظرية تتمسك بالرؤية التي تقول إن أسعار الأسهم تتحرك عشوائياً ، وليس وفقاً لنماذج سلوكية يمكن التنبؤ بها . على هذا الأساس ، فإن جميع تحليلات السوق لا طائل منها ، كما لا يمكن الحصول على شيء من دراسة الإتجاهات ، والنماذج ، والقوة أو الضعف الكامن في الأوراق المالية الفردية .
الهواة ، بغض النظر عن مدى نجاحهم في المجالات الأخرى ، غالباً يجدون صعوبة في فهم الشيء الغريب ، "غير المعقول" ، أو المتطرف (الجذري) في بعض الأحيان ، وفيما يبدو أيضاً الطرق العشوائية في السوق . الأكاديميون أرادوا أن يتصرفوا مثل الأذكياء ، فلكي يشرحوا ويبرروا عدم قدرتهم على التنبؤ بسلوك السوق ، قام بعضهم وبكل بساطة بالتأكيد والجزم على إن عملية التنبؤ مستحيلة ! الكثير من الحقائق تناقض هذا الإستنتاج ، وليست كلها على المستوى التجريدي . للمثال ، فإن مجرد وجود المهنيين المحترفين الناجحين جداً الذين يصنعون المئات أو حتى الالآف من قرارات البيع والشراء سنوياً ، يدحض وبشكل قاطع فكرة السلوك العشوائي ، وكذلك وجود مديري المحافظ والمحللين الذين يتمكنون من الحصول على المهن والمناصب الرائدة ويديرونها بكل روعة خلال حياتهم المهنية الإحترافية .
إحصائياً ، هذه الفعاليات والسلوك تثبت أن القوى التي تقف خلف تحرك السوق وتطوره ليست عشوائية أو نتيجة للصدفة وحدها . السوق له طبيعة معينة ، بعض الناس يرون ما يكفيهم من هذه الطبيعة من أجل تحقيق النجاح . المضارب على المدى القصير جداً الذي يصنع العشرات من قراراته للبيع والشراء في الأسبوع الواحد هو في الحقيقة يفعل بأمواله كل أسبوع ما يشبه رمي قطعة من النقود المعدنية خمسين مرة في صف واحد مع سقوط العملة على وجهها في كل مرة . صرَّح ديفيد بيرجاميني ، بإن قذف العملة هو التمرين الجيد الذي مارسه الجميع على نظرية الإحتمالات في الرياضيات . إن المغامرة على الوجه أو الكتابة في العملة ، هو في الحقيقة رهان عادل لأن الفرصة لكلا النتيجتين هي 50 % . لا أحد يتوقع أن تسقط العملة على وجهها مرة واحدة في كل قذفتين ، ولكن في عدد كبير من القذفات ، فإن النتائج تميل إلى الخروج بشكل متساوي . لكي تسقط العملة على وجهها خمسين مرة بشكل متتالي ، فسوف نأخذ مليون رجل يقذفون العملات عشر مرات في كل دقيقة لمدة أربعين ساعة في الأسبوع ، وبعد ذلك فلن يحدث هذا إلا مرة واحدة في كل تسعة قرون .
لكي نشير إلى أي مدى تم إزالة نظرية السلوك العشوائي من الواقع الحقيقي فيكفي النظر إلى الرسم البياني للدورة العليا في الشكل (27-2) من الدرس 27 ، والذي نستنسخه هنا في الأسفل مرة أخرى . العمل في بورصة نيويورك لا يصنع تشوهات لا شكل لها ممزوجة بالتوهان دون قافية أو سبب . ساعة بعد ساعة ، ويوماً بعد يوم ، وسنةً بعد سنة ، وتغييرات الأسعار في مؤشر الداوجونز الصناعي تصنع سلسلة من الإنقسامات الموجية الناجحة والتي بدورها تنقسم إلى نماذج تنسجم بكل مثالية مع المبادئ الأساسية لإيليوت كما وضعها هو قبل أربعين عاماً . وهكذا فإن القارئ لهذا الكتاب قد يشهد بأن نظرية إيليوت الموجية تحدَّت نظرية السلوك العشوائي وحاصرتها عند كل منعطف .
الشكل (27-2)
تم النشر قبل 19th December 2012 بواسطة
http://ellioott.blogspot.com/2012/12/30-34.html