جميلة وشهية
إعداد: إيمان عطية
يبدو ان فكرة ان الايطالي وحده هو القادر على صنع افضل فنجان قهوة في العالم موجودة منذ بدء الخليقة، وهي فكرة بدأت تبدو مقبولة عالمياً، رغم انها في الواقع، ظاهرة حديثة نوعا ما.
ايميليو لافازا، الذي توفي الشهر الماضي عن عمر ناهز الـ78 عاماً، يمكن ان ينسب لنفسه الكثير من الفضل في ذلك، فهو من علم العالم، ليس صنع القهوة فقط، بل كيف يشربها ايضاً، وربما يفسر ذلك، سبب عدم وجود ستاربكس في ايطاليا دون ان تشعر بان شيئا ذا اهمية ينقصها.
كان يعرف بالسيد اسبريسو، لكن يقال ان قهوة لافازا المفضلة كانت ريستريتو، اي الاسبريسو المركزة، وهي القهوة الايطالية في ابسط صورها واكثرها اثارة، كان يمكن مشاهدته في كافي بلاتي في مدينته تورين، يحرك فنجان الريستريتو، يتكلم، يخطط ويحلم باساليب جديدة لبيع فكرة فنجان قهوة ايطالية.
ولد ايميليوا لافازا عام 1932 وكان شخصية بارزة واساسية ضمن جيل من رجال الاعمال الايطاليين الذين التحقوا بشركات العائلة في الخمسينات وبدأوا بالتوسع السريع، بداية في انحاء البلاد ومن ثم في خارجها، مع تمتع ايطاليا بتوسع اقتصادي طويل الامد فيما بعد الحرب.
كان ذلك هو الجيل الذي بذر البذور لما يعرف اليوم بـ«صنع في ايطاليا»، مجموعة من القطاعات والعلامات التجارية التي تصنع المنتجات العائلية والاستهلاكية، من الازياء الى المواد الغذائية والاثاث، التي تتميز بالحرفية ونمط الحياة الايطالية الانيقة، وقد حرص لافازا على ان تصبح القهوة جزءا لا ينفصل عن هذا التراث.
تعود جذور شركة لويجي لافازا اس بي ايه، الى بقالة اسسها جد ايميليو في احدى زوايا بلدة تورين عام 1895، وانضم الى المتجر كموظف مبيعات للقهوة يوصلها من الباب الى الباب، وعندما تسلم الرئاسة التنفيذية للشركة في 1971، كانت قد أصبحت بالفعل الشركة الرائدة كعلامة تجارية للقهوة في البلاد بعد ان كان لها الريادة في مفهوم البن المطحون المعبأ في اكياس مفرغة من الهواء، وهو ما جعل من القهوة متوافرة في الاسواق المركزية ومن امكانية صنع القهوة التي تقدم في المقاهي في المنزل والاستمتاع بها بقدر ما نستمتع بها في المقهى المركون في زاوية هنا او هناك.
وكان ذلك أول اختراق تجاري حاسم له ضمن ثلاثة آخرين بالنسبة للافازا، ولحظة مهمة أيضاً في حياة الأمة. فمع نمو ثقة الجمهورية بنفسها وزيادة الازدهار منذ الخمسينات وما بعدها، أصبحت ثرواتها الكثيرة متاحة على نطاق أوسع بكثير في جميع أنحاء البلاد. وعلى الرغم من التعدد الاقليمي والمناطقي الهائل في الطعام في ايطاليا، الا أنه يمكن للمرء دوماً أن يضمن الحصول على قهوة بجودة تورين أينما حل في أنحاء البلاد.
الاختراق التجاري الثاني الذي حققه لافازا كان أكثر ادهاشاً. فكما هي حال الكثير من رجال الأعمال الايطاليين، كان رجل مبيعات بارعا للغاية. ففي الخمسينات دخلت الاعلانات التجارية الى التلفزيون الايطالي، فما كان منه الا أن استغلها بأقصى طاقته. وخلال الفترة من 1957 ـ 1977 خصص التلفزيون الايطالي الحكومي آر ايه آي 15 دقيقة كل مساء للاعلانات في قسم يعرف باسم كاروسيلو. واعتاد أولياء الأمور الايطاليين تحذير ابنائهم وحثهم على النوم بالقول «بعد كاروسيلو ينبغي عليكم الذهاب الى النوم». ويحمل البرنامج اعلاناً لخمس منتجات تقريباً، وجعل أسلوبه المبتكر وغير التقليدي في العرض، منه مجالاً لاثبات الذات لمخرجي السينما الشباب. هنا في هذا البرنامج بالذات، تمكن لافازا وبالتعاون مع ماركو تيستا من تطوير شخصيات كارتونية جذابة وغريبة الأطوار، كارمينسيتا وكاباليرو اللذان يدخلان في علاقة غزل معقدة ومفعمة بالقهوة. وقد حظيت الشخصيتان بشهرة واسعة لدرجة أن أعيد احياؤهما في مسلسل قبل سنوات قليلة. وفيما بعد يصيغ الرجلان العبارة التالية «قهوة لافازا، كلما شربت أكثر، زادتك شعوراً بالانتعاش».
الاختراق الثالث تمثل في التوسع العالمي. فمع تنامي رغبة الأميركيين والأوروبيين في كل ما هو ايطالي في السبعينات والثمانينات، انطلق لافازا لارضاء واشباع تلك الرغبة. وما هو الا وقت قليل حتى بدأت أكياس القهوة المفرغة تنتشر في فرنسا وألمانياً وبريطانيا والولايات المتحدة لتزدهر المقاهي التي تستلهم التجربة والقهوة الايطالية. ويعود الكثير من الفضل في ذلك التطور التي توافر التكنولوجيا المطلوبة لصنع الاسبريسو التي كانت نزعة أخرى استغلها لافازا.
أصبحت لويجي لافازا اس بي ايه اليوم شركة كبيرة في حجمها: اذ بلغت دورة المبيعات فيها العام الماضي 1.1 مليار يورو وتدعي أنها تحوز على %48 من سوق القهوة الايطالية. وللشركة حضور في 90 دولة، وانتقلت اخيراً الى الهند والبرازيل. وكمشتر، لافازا يفضل دوماً البرازيل ويسافر بصورة دائمة الى هناك ويتكلم البرتغالية.
يعمل لدى الشركة في الوقت الراهن 4 آلاف موظف في أنحاء العالم، وتدعي أن 14مليون فنجان قهوة من لافازا تقدم يومياً. وفي هذا العام حطمت الشركة حاجز القرن كمزود وحيد للقهوة عندما اشترت شركة ايطالية لصنع مشروبات الشوكولاتة.
وعلى صعيد التسويق، فإن نهج لويجي لافزا اس بي ايه يظل مندفعاً لا هوادة فيه. فعلى مدى الــ18عاماً الماضية، انتجت الشركة تقويم لافازا وهي عبارة عن روزنامة من الورق المصقول الفاخر التي تقدم مفهوماً رفيعاً للأزياء والاعلان وتمزج بين الجمال والكافايين. وتصدر الروزنامة بالتعاون مع أشهر المصورين في العالم ومنهم ديفيد لاشابيل وآني ليبوفيتز.
قد يبدو ذلك بعيداً جداً عن تورين. لكن لافازا وكمعظم الايطاليين، يرتبط ارتباطاً عاطفياً عميقاً ووثيقاً بمسقط رأسه. فسينيور ايميليو، كما اعتاد موظفوه أن يطلقوا عليه، أصبح بمنزلة الرجل الكبير والمهيب في مجال الاعمال الايطالية، ليصبح عضواً فخرياً ضمن أشياء أخرى في بانك أوف ايتالي بين 1996 و2002. كما كان عضواً بارزاً في صناعة المواد الغذائية الأوروبية مترئساً عدة اتحادات عابرة للحدود.
ظل رئيساً للشركة حتى عام 2008 عندما سلم زمام الأمور الى أولاده وأحفاده، الذين يعمل خمسة منهم في الشركة. وقد أراد للشركة، بحسب ما يقول، أن تتبع المبادئ التي ورثها عن والده وجده، حيث يلتئم الجميع معاً في انسجام تام.
ماركس أند سبنسر الإدارة الهادئة لأكثر الشركات البريطانية شهرة
أشهر الشركات البريطانية
إيمان عطية
يعود روبرت سوانيل أدراجه الى مكتبه وبيده قارورة لغسل الفم. لكن رئيس مجلس ادارة ماركس آند سبنسر، أشهر متاجر التجزئة في بريطانيا يرسم ابتسامة خجولة على محياه حين يكشف وهو يرشف من اناء (....) نصف فارغ.
هذه التفصيلة الصغيرة تشي بشيء معبر: فبعد مضي أكثر من 30 عاما في العمل كمصرفي يقدم المشورة الى الرؤساء التنفيذيين ورؤساء مجالس الادارات.. هو الآن يتولى منصب مدير ورئيسا لمجلس ادارة. استطاع سوانيل أن يبني لنفسه مهنة وشبكة من العلاقات استنادا الى فضائل تقدير الأمور والاتزان والكلام المعسول وجزئيا نبذ مسؤولية الادارة.
فور استقراره في مكتبه في الطابق العاشر الذي زين برسومات لزوجته المصرفية السابقة، يشرح سوانيل كيف أنه أبلغ مصرف شرودرز في عام 1997 أنه « لم يعد يرغب في أن يكون جزءا من ادارة بنك استثماري. كل ما أردته ببساطة أن أعتني بأمر الزبائن وأن أكون «مستشاراً موثوقا به» لعدد من الشركات الكبيرة والمثيرة للاهتمام».
معايير
اذا كانت «كبيرة» و«مثيرة للاهتمام» هي المعايير التى تثير اهتمام سوانيل، فلابد أن ماركس آند سبنسر هي المكان المثالي. تولى في السابق رئاسة مجلس ادارة شركة واحدة فقط مدرجة في البورصة وهي «اتش ام في» الصغيرة لتجارة الموسيقى والكتب، لذلك فان تعيينه في منصب رئيس مجلس ادارة شركة مدرجة على مؤشر فايننشال تايمز 100 فاجأ المستثمرين عندما تسربت الأنباء صيف 2010. وعندما أخبر والدته بذلك، ردت بعد أن صمتت لوهلة « أعتقد أنه أمر جيد جدا».
ويبدو أن بقية بريطانيا تعيش حالة حماس بالغ ومستمر حيال ماركس آند سبنسر. فاذا جاءت تصميماتها مفعمة بالحياة فانها تتهم بأنها تهمل زبائنها الأساسيين وان أصبحت التصاميم قديمة الطراز وتفتقد الأناقة والعصرية يقال انها عاجزة أمام المنافسين والخصوم. وأعلنت عن أسوأ أداء لها في قطاع الملابس منذ ثلاث سنوات في يوليو الماضي مما أدى الى اجراء تعديلات في الادارة ومعاناتها من اشاعات بأنها عرضة لاستحواذ من قبل شركة للملكية الخاصة، تشهد المجموعة حاليا همة ونشاطا لاظهار تحسن في نتائجها المزمع الاعلان عنها قريبا.
موقع الشركة في نفسية التسوق والمساهمة البريطانية ليس السبب الوحيد وراء التركيز على سوانيل ومارك بولاند، الرئيس التنفيذي. اذ تولى الرجلان منصبيهما بعد فترة اتسمت بالاضطراب عندما كان السير ستيوارت روز يتولى الى جانب كونه الرئيس التنفيذي مهام رئيس مجلس الادارة في مخالفة لقانون الحوكمة البريطانية.
يعرف سوانيل السير ستيوارت جيدا. فعندما كان في سيتي غروب (الذي استحوذ على الأعمال المصرفية الاستثمارية لشرودرز في عام 2000)، قدم استشارة اليه في عدة عروض، منها دفاع ماركس آند سبنسر ضد العرض غير المرغوب فيه الذي تقدم به رجل الأعمال السير فيليب غرين في 2004. لكنه يصف علاقته بسلفه على أنها «علاقة عمل» ويقول انه في ممارسته لدوره الحالي لم ولن يتحدث اليه بشأن ماركس آند سبنسر.
وهي واحدة من العديد من الجوانب الخاصة بالماضي القريب لماركس آند سبنسر التى يتردد سوانيل فى مناقشتها. لكن يتضح في كل ما يقوله تقريبا، بلهجته المهذبة والجادة التى تذكر بالأمير تشارلز، أن أسلوبه الشخصي يختلف عن أسلوب سلفه الذي يتسم بالصراحة والمستوى الرفيع، وأنه يعتزم ادارة المجلس بطريقة تتحدى السخرية الشعبية للطريقة التى كان يدار بها.
وكما يقول مشيرا الى أهمية خصال التواضع وعدم الغرور لهذه الوظيفة « برأي، لايوجد هناك ما هو أسوأ من مجلس ادارة، حيث يكون لدى رئيس مجلس الادارة جميع الاجابات بينما يجلس باقي الأعضاء يتساءلون «ماهو دوري»؟
فهل كان ذلك هو نوع مجلس الادارة الذي ورثه سوانيل؟ نزل مرة أخرى حجاب الحذر على المصرفي السابق حين قال «لن أفاجئك حين أقول لك انني لن أخوض في هذا الأمر».
أداء جيد
ويضيف أن على الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الادارة أن يكونا منفصلين لأنهما منصبان مختلفان. «أعتقد أنه لايجب على رئيس مجلس الادارة أن يتولى المنصب ليصنع اسما له.. اذا بقيت غير معروف نسبيا عند انتهاء مهام منصبي في ماركس آند سبنسر، أعتقد صدقا أنني سأكون حينها قد أديت وظيفتي على نحو جيد».
واذا استطاع أن يبقي على نفسه غير معروف نسبياً وهو يعتلي قمة شركة هي محط أنظار الجمهور فان ذلك يعتمد على كيفية ادارته لعلاقاته مع الرئيس التنفيذي والمستثمرين ومجلس الادارة. يقول سوانيل انه وبولاند رسما المسؤوليات المختلفة لكل منهما، «هو يدير الشركة وأنا أدير مجلس الادارة» واتفقا على أن مجلس الادارة يجب أن يركز على ثقافة الشركة والاستراتيجية والخلافة. وكما يضيف « عندما تعرف كم يكلف «التخطيط لخلافة» الشركة عندما لاتسير الأمور على مايرام، تعرف كم هو هذا الأمر جوهري».
وفي الوقت الراهن، يبدو أن جهوده الرامية الى تشجيع التواصل مع المستثمرين تؤتي بثمارها. ففي 2009، طالبت السلطة المحلية لصناديق المعاشات التقاعدية، التى تمثل 55 صندوقا في القطاع العام البريطاني، بوجود رئيس مجلس ادارة مستقل ليحل محل السير ستيوارت. وقد أسند الى خليفته مهمة القاء الخطاب الرئيسي في مؤتمرها السنوي الذي يعقد الشهر المقبل.
في مجلس الادارة يحاول سوانيل أن يعزز من أجواء الانفتاح والتحدي وأن يضمن تركيز أعضاء المجلس على جدول الأعمال والمعلومات الصحيحة وأن يستخدم التوظيفات الجديدة حتى تتناسب ومهارات المعينين مع استراتيجية الشركة، من خلال اضافة الخبرة العالمية، على سبيل المثال. وكما تقول مارتا لين فوكس، سيدة الأعمال المبادرة التى تشغل منصب عضو في مجلس الادارة منذ 2007 « يتعاطى سوانيل مع التقييم بشكل جيد ولافت ويطالب دوما».
ويقول سوانيل ان مجالس الادارات الناجحة « يكون أعضاؤها مستعدين بشكل صحيح ويفهمون عملهم الحقيقي ولديهم حس مشترك بالهدف، وانهم مستعدون للتكيف والتأقلم عندما يواجهون أمورا صعبة، كما يحصل دائما». ومن ضمن تلك «الأمور الصعبة» احتمال تقديم عرض ما. ويقول انه لا يركز اهتمامه على وجود تهديد، لكن على محاولة ضمان أن يحافظ المستثمرون على ثقتهم من خلال المشاركة والنجاح الاستراتيجي.
أربعة جنيهات
ويقر قائلا «ماركس آند سبنسر ليست كغيرها من الشركات.. فهي شيء يشعر الناس حيالها بأن لديهم ملكية فيها». ولايزال يحتفظ في محفظته حتى الآن بأربع ورقات نقدية فئة جنيه استرليني حتى يذكر نفسه بعرض الاستحواذ مقابل 400 جنيه استرليني للسهم الذي ساعد على التصدي له قبل 8 سنوات. ويتم تداول الأسهم حاليا عند حوالى 388 جنيها استرلينيا.
فهل فكر في سيناريو شبيه بذلك الذي واجهته شركة كادبوري في 2010، عندما أوصى مجلس ادارة شركة صناعة الحلويات بالموافقة على العرض الذي تقدمت شركة كرافت الأميركية، رغم ماتسبب به ذلك من رثاء وطني عند العموم والسياسيين؟ «قد أكون فكرت في ذلك.. لكن السؤال افتراضي جدا ولن أجيب عنه».
هل هو مهم من يملك ماركس آند سبنسر؟
«ربما هو كذلك».
لكن هل سيكون الأمر مختلفا عند التعاطي مع عرض استحواذ كقائد للشركة عوضا عن مستشار لها؟ يجيب «قطعا. وأنا سعيد جدا لأن أكون في هذا الموقع. اذا سألت السؤال التالي: هل أنت مستعد لتحمل هذه المسؤولية؟ نعم، أنا مستعد. وهل أعتقد أننى مجهز تجهيزا جيدا للقيام بذلك؟ أجل. وهل أعتقد أنني رأيت أشكالا مختلفة حول هذا الموضوع بقدر ما رأى معظم الناس؟ مرة أخرى، أجل.
الاضطراب الذي أزعج لفترة وجيزة الهدوء والنظام الذي يدعي سوانيل أنه جلبهما الى ماركس آند سبنسر قد انتهى، لكن رد الفعل يؤكد وجود صلابة خلف ذلك السحر الطبيعي. ويدعي أنه لم يضع أبدا نصب عينيه رئاسة مجلس ادارة شركة عامة مساهمة. فكما يقول «كنت سأسلك ببساطة مسار آخر وأقول اننى لم أرغب في رئاسة أي شيء. لكن عندما أفكر في الأمر، أشعر بأنني لم أكن لأختبر نفسي لو لم أفعل».
ومع ذلك فان أكبر الامتحانات التي يواجهها سوانيل لم تأت بعد.
بطاقة هوية
تاريخ الميلاد: 18 نوفمبر 1950 في نانيوكي، كينيا
المؤهلات العلمية: مدرسة راغبي
السيرة المهنية: 1977 التحق بشركة شرودرز
1997 - 1993 رأس شركة شرودرز لتمويل الشركات في بريطانيا
2000 - 1997 نائب رئيس مجلس الادارة لشركة جي هنري شرودرز
1999 – 2010 عضو غير تنفيذي في «بريتيش لاند»
2000 - 2010 نائب رئيس مجلس الادارة/ رئيس مجلس ادارة للبنك الأوروبي الاستثماري لسيتي غروب. نائب رئيس مجلس الادارة لسيتي أوروبا
2006 – 2010 عضو مجلس ادارة غير تنفيذي في شركة 3i
2009 – 2011 رئيس مجلس الادارة لشركة اتش ام في
أكتوبر 2010، انضم الى مجلس ادارة ماركس آند سبنسر
يناير 2011 تولى منصب رئيس مجلس الادارة في ماركس آند سبنسر
العائلة: متزوج وله ابنان
الاهتمامات: جميع أنواع الرياضة (بما فيها نادي ويستهام يونايتد لكرة القدم)، الغولف والمسرح والموسيقى والفنون.
رئيس مجلس ادارة مدرسة راغبي وقيم ومؤسس لمؤسسة «سبرينغ بورد بورساري» و«كارير أكاديميز».
جديد مجموعة أرنو الفرنسية بيرلوتي.. من الحذاء الباهر إلى اللباس الفاخر
أرنو الإبن: أحذية غالية الثمن يبدأ سعرها من 1550 دولاراً
إعداد إيمان عطية
في نهاية عشاء أعده الشيف الذي يحمل ثلاث نجمات ميشلين يانيك ألينو، وقف شاب ليتحدث الى الضيوف المجتمعين على العشاء. يضم الحضور عارضي الأزياء ديفيد غاندي وايفا هيرزغوفا ومدير المعارض الفنية جاي جوبلينغ، اضافة الى الفنان دينوس تشابمان والمحررين جيفرسون هاك وسوزي مينكس، الذين تجمعوا لاعادة اطلاق بيرلوتي كعلامة تجارية رئيسية للملابس الرجالية الفاخرة. عمر الماركة الفرنسية للبضائع الجلدية 127 عاماً، غير أن الرئيس التنفيذي الذي يديرها لا يتجاوز الخامسة والثلاثين من العمر. ساد الصمت القاعة عندما بدأ يروي حكايته مع أول حذاء من ماركة بيرلوتي اشتراه له والده وهو في عمر السابعة عشرة. كان آنذاك يمر بمرحلة تمرد لذلك بالكاد ارتداه. لكنه احتفظ بالحذاء لفخره، وان بتكتم، بامتلاكه شيئا بهذا الجمال. يقدم له اليوم، الوالد الذي اشترى له ذلك الحذاء، العلامة التجارية برمتها ليديرها. ويقول إنه عازم على تقدير وتكريم فكرة الأملاك والقيم الموروثة. ويعد بألا يساوم على الجودة أبدا.
أنتونيو أرنو، الرئيس التنفيذي لدار بيرلوتي للأحذية، سليل عائلة أرنو التي تتحدر من روباي في شمال فرنسا، وتعد العائلة الأكثر نفوذا وسطوة في عالم الأزياء والبضائع الفاخرة العالمية. الشركة القابضة التي تمتلكها العائلة، وهي مجموعة أرنو، تملك حصة الأغلبية في «مويت هينيسي لويس فويتون» أو المعروفة أكثر باسم «ال في ام اتش»، مجموعة السلع الفاخرة التي تدير جيفينشي ومارك جيكوبس ودونا كاران وفيندي فيرف كليكوه وتاغ هوير وغورلين، وهذا غيض من فيض العلامات التجارية التي تزيد على ستين ماركة التي تندرج تحت مظلتها الكبيرة.
الوالد الذي يتحدث عنه بمحبة كبيرة هو بيرنارد أرنو، الذي يعد رابع أغني رجل في العالم بثروة قوامها 41 مليار دولار، وفق مجلة فوربس.
بدأت امبراطورية بيرنارد مع كريستيان ديور التي استحوذ عليها في 1984، ونمت أعماله بعد ذلك من خلال التوسع القوي والتعيينات الموحية، (فهو الرجل الذي وضع مصممين من أمثال مارك جيكوبس وجون جليانو وألكسندر ماكوين على المسرح العالمي)، لتصبح أكبر مجموعة للسلع الفاخرة في العالم. ومن المتوقع أن تبلغ مبيعاتها العام الجاري 33 مليار دولار.
وتعمل دلفين، الأخت الكبرى لأنتونيو أيضا في المجموعة. فبعد أن بدأت العمل في ماركات أصغر حجما نوعا ما للأزياء مثل «لو في» و«بوتشي»، تعمل حاليا كمديرة في ديور. بدأ أنتونيو العمل في ادارة الاعلانات في لويس فويتون، ومضى قدما في عمله الى أن ارتقى الى منصب رئيس الاتصالات قبل أن يصبح رئيسا تنفيذيا في بيرلوتي. كما يشغل أيضا عضوية مجلس ادارة «ال في ام اتش». ورغم أن الأخوين لديهما أشقاء صغيري السن (من زواج بيرنارد الثاني من هيلين مرسييه، عازفة البيانو الكندية) فإنه يبدو حاليا أن واحدا من الأخوين سيكون على الأرجح هو وريث بيرنارد.
لا فضائح
وكما يقول أنتونيو «نحن نعمل بجد واجتهاد، تربينا على القيم الحقيقية المتعلقة بأهمية العمل واحترام الناس. ولا نظهر في صحف الفضائح نلعب البلياردو». وخلافا للأمير هاري، عندما ذهب أنتونيو الى فيغاس كان بهدف لعب القمار، إذ يعتبر لاعبا من الطراز العالمي. ويواعد عارضة الأزياء ناتاليا فوديانوفا.
من الصعب تخيل كيف يبدو مستوى الثراء الذي يحياه أنتونيو، لكن في نظرة معقولة على عالمه يمكن سرد التالي: نظم حفل بيرلوتي ألينو، رئيس الطهاة الذي يعمل في فندق «شيفال بلان كورشوفيل»، فندق الـ5 نجوم الفرنسي، الذي تملكه «ال في ام اتش». وقُدم في الحفل شراب يبلغ سعر الزجاجة الواحدة منه 300 جنيه استرليني ماركة شاتو دي كيم، التي يعود تاريخ الكروم التي تنتجها إلى القرن الرابع عشر، وهي أقدم العلامات التجارية التي تملكها مجموعة «ال في ام اتش». كما نزل الضيوف في فندق بلغاري ذي الـ5 نجوم طبعا والمملوك أيضا للمجموعة. وبينما كان الوالد بيرنارد يتجوّل في غرفة المعيشة لجناح الفندق، كان يتحدث بحماس عن فنادقه وقائمة طعام الحفل.
محسوبية ومحاباة!
من السهل جدا، طبعا، التخلص من فكرة أن تعيين أرنو جاء على أساس المحسوبية والمحاباة. يستند بيرنارد أرنولد الى ثقافة الشركة العائلية (فقبل أن ينتقل الى عالم الأزياء، كان هو الجيل الثالث لعائلة أرنو، الذي عمل في شركة العقارات التي أسسها جده). لكن امبراطورية بحجم «ال في ام اتش» لم تبن من خلال محاباة العائلة والأقارب. ورغم أن بيرلوتي علامة تجارية راسخة وزبائنها يتسمون بالولاء لها، وتبدو المسألة سهلة للوهلة الأولى، إلا أنها شكلت تطوراً مهماً للمجموعة وتم استثمار أموال ضخمة في المشروع. نجاح «ال في ان اتش» يعتمد كثيرا على دار الأزياء لويس فويتون التي تحقق للمجموعة %37 من مبيعاتها. ومن المؤكد أن المبيعات ستتباطأ في بعض المراحل، لذلك كان على «ال في ام اتش» أن تنحو باتجاه التنويع. الملابس الرجالية الفاخرة تعد حاليا واحدة من المجالات السريعة النمو في الأزياء، لذلك فإن إعادة إطلاق بيرلوتي كعلامة تجارية للملابس وأسلوب الحياة يعد صفقة كبيرة وتنويع مهم وحيوي محتمل.
وكما تقول أونر ويستنيدج، محللة تجارة التجزئة في فيرديكت ريسيرتش «يمثل أنتونيو الشخص المناسب لإدارة بيرلوتي. فهي ليست بالعلامة الشهيرة في أميركا أو بريطانيا، لذلك فإن خلفية أنتونيو في التسويق والاتصالات تمنحه المؤهلات المثالية لتحديث العلامة التجارية وتقديمها الى زبائن جدد».
علامة لا تمسّ
ويقول أنتونيو «كانت بيرلوتي علامة لا تمسّ. اشترتها مجموعة «ال في ام اتش» في تسعينات القرن الماضي، وكانت ضمن عدد قليل من العلامات التجارية التي تشعر أنها اسم مقدس لا يمكن المساس به تقريبا، وهذا هو الموقع الذي تريده للعلامة التجارية، في عالم الفخامة والرفاهية، لابد أن تشعر بأنه يتعذَّر الوصول إليها. زوج من أحذية بيرلوتي يتمتع بهذا المذاق والإحساس، بتلك الفروق الدقيقة في اللون والمظهر، لذلك فكرت بالتالي: ماذا لو أخذنا ذلك وحوّلناه الى علامة تجارية للملابس الرجالية؟ كما أننا لسنا بشعراء، نحن رجال أعمال. ونعرف أن هذا الجزء من السوق يفتقر الى لاعب جيد حقيقي، دار تتحد مع الأصالة والتقاليد لكن برقي وأناقة ورفعة. فالأمر عادة ما يكون هذا أو ذاك».
مجموعة بيرلوتي للملابس الرجالية التي صممها أليساندرو سارتوري، الذي قدّم له أرنو عرضا ليجلبه من دار الأزياء الرجاليةZ Zegna التي كان يعمل بها، تطلق في الخريف الجاري وهي حتما تتمتع بذوق وأناقة رفيعين. فهي تجسيد لكيفية تصميم فخامة فائقة وعصرية. الملابس والسلع الجلدية لاتحمل أي شعار، فقط اسم مخاط، وبالتالي فان من هم على معرفة بالمجال سيميزون العلامة التجارية للمجموعة.
أسعار
الأسعار لافتة للنظر أيضا. فسعر الحذاء الذي يعتبر رخيصا نسبيا يبدأ من 1550 دولارا، لكن قد يتجاوز سعر حقيبة من جلد التمساح 35 ألف دولار. معاطف الكشمير تبدأ من 5200 دولار. لكن حتما هناك سوق عالمية لا يمكن إنكارها لهذا المستوى من المنتجات الفاخرة.
يعترف أرنو قائلا «إنه زوج حذاء غالي الثمن».
ويضيف «سعره 1600دولار. وقد يتساءل البعض لماذا ينفق الناس مثل هذا المبلغ على زوج من الأحذية؟ حسنا، لأنه بالنسبة لهم ليس مجرد حذاء، انه أسلوب حياة ورسالة لمن هم حولك من الناس. أعتقد أن أداء «ال في ام اتش» كان جيدا خلال الأزمة الاقتصادية الراهنة لأننا نصنع منتجاتها بالطريقة الصحيحة ولا نغش أبدا. نمو هذه العلامات التجارية ليس بالأمر غير اللائق، لأن زبائننا يعتقدون أنهم يشترون أصلا وليس مجرد منتج».
الاهتمام بأي زبون
قد تبدو الأسعار نخبوية، لكن أرنو يصر على أن العلامة يجب أن تتسم بالمساواة. وكما يقول «أعتقد أن الرجال يتهيبون من شراء الأحذية. فهم لايحبذون الجلوس وخلع الحذاء. لكن لا يجب على المرء أن يتهيب من شيء. واذا رأيت أن أحدا من المسؤولين عن البيع قد تجاهل شخصا ما فقط لأنه لا يبدو زبونا جيدا أفصله على الفور. أكره عندما لايتسم هؤلاء الرجال باللطف ولا يلقون تحية على الزبون. أقله لأن ذلك خطأ رهيب.
«أتذكر قبل فترة في معرض فينيس بينالي للفنون، كان هناك تمثال جميل لبرانكوزي في أحد المعارض وكان على الجميع أن ينتظر لرؤيته. جاء رجل الى المعرض ليرى التمثال لكن طلب منه أن يحصل على تذكرة أولا ويعود لاحقا لرؤيته. لذلك غادر الرجل وذهب الى مكان واشترى ثلاث لوحات لبيكاسو لأنه كان بيل غيتس. فاذا كان هذا ما حصل مع شخص مثل بيل غيتس، فهل لكم أن تتخيلوا كيف سيكون التعامل مع رجل عادي يرغب في رؤية برانكوزي. هذا بالضبط ما لا أريده أن يحصل في شركتي، لأنه حتى لو كان غير قادر على الشراء، لكنه سيرى أشياء جميلة وفي حال تمكن يوما ما من الشراء فان البضائع الجميلة ستبقى موجودة.
اذا ما رغب المرء في انفاق مبلغ كبير من المال على البضائع الفاخرة، فان لم يكن لشراء علامة أرنو التجارية، فربما يكون لشراء واحدة من العلامات التجارية التي تمتلكها عائلته.
ويقول أنتونيو انه لطالما كانت الأزياء جزءا من حياته ويعتقد أن انغماسه في السوق يمنحه ميزة تفضيلية كبيرة.
منذ نعومة أظافره
«تعلمت الأزياء منذ سن مبكرة جدا، مذ كنت في الثانية عشرة من عمري عندما كان والدي يشتري ويؤسس مجموعته. كنا نقضي جميع العطلات الأسبوعية في المتاجر ونتحدث عن العلامات التجارية ونناقش الحملات الاعلانية. أتذكر متابعتي للحملة الاعلانية لأفضل مبيعات كريستيان ديون من العطور وهو عطر بويزن. لقد مررت ببضع سنوات من التمرد عندما لم أرغب في أن أزعج نفسي بهذا المجال، لكنني عدت إليه».
ويضيف « الأمر ليس عبئا، فاما أن تعمل في مجال الأزياء وأن تكون محاطا بكل هذا الابداع والجمال والأشياء الجميلة واما العمل في المصارف. اخترت الأزياء. وهو طريق سعدت واستفدت من المرور فيه. وحقيقة أنني وأختي دلفين دخلنا في هذا المجال مبكرا جدا منحنا بداية متقدمة. لأننا نشعر بالأشياء وبالعلامات التجارية وبالشوارع ونعرف متى سيحدث الشيء قبل الآخرين ربما بقليل، ونعرف كيف نستفيد من ذلك».
التواصل مع المصممين
ويعتقد أنتوني أن أفضل شيء تعلمه من والده هو القدرة على التواصل مع المصممين بطريقة مناسبة وصحيحة، وهي المهارة الأساسية في صناعة الأزياء. وكما يضيف « آسف، لكن المصممين ليسوا فنانين، قد تكون لديهم الموهبة لكن ان أرادوا العمل بموهبتهم الفنية فعليهم التوجه الى الرسم أو النحت. أما هنا فهم يعملون في شركة وهم بحاجة الى الارشاد والتوجيه وهو ما يفعله والدي بشكل جيد. لقد شاهدته وهو يقوم بالأمر مرات عديدة وقد ألهمني ذلك حقيقة. لم يتمكن أبي من التحدث الى جون جيليانو على الاطلاق، لقد كان الأمر مستحيلا، لأنه لم يكن يرغب في الاستماع الى أي شيء لذلك انهارت العلاقة».
وعند سؤاله عما اذا كانت صعوبة العمل لدى والده تزيد من الضغط عليه من أجل تحقيق أداء جيد. يضحك ويرد «بالطبع هناك ضغوط، لكنني أحيا حياة رائعة وأقوم بوظيفة رائعة. لم أصل الى هنا دون بذل أي مجهود. لقد اجتهدت وتزداد ثقة والدي بي يوما بعد آخر».
¶ أوبزيرفر ¶
15/12/2012
بروفايل
عملاق التجزئة البريطاني يحظى بإعجاب المراهقين السير فيليب غرين مستمر في صفقاته الناجحة
فيليب غرين تحول من شراء الأسهم الى شراء الشركات بعد الإطاحة به من رئاسة {امبير داي}
إيمان عطية
في كل عام تدعو كلية للتدريب في مجال تجارة التجزئة تقع في وسط لندن، ضيفاً من المشاهير ليكون بمنزلة المفاجأة لتسليم الجوائز. منذ ثلاثة أعوام جاء الدور على غوك وان، المستشار اللامع في مجال الأزياء، لكن لم تكن تلك الشخصية التلفزيونية هي من تحلّق حولها الطلبة في أكاديمية تجارة الأزياء بالتجزئة. فمن أخذ كل من الطلاب دوره لالتقاط صورة معه كان رجلاً في منتصف العمر ممتلئ الجسم بشعر مجعد، يصل طوله إلى ياقته، مصفف إلى الوراء بعيداً عن وجهه الذي اكتسب سمرة الشمس.
يُظهر اختيار المراهقين للسير فيليب غرين لالتقاط الصور معه المكانة الخاصة التي يحتلها في بريطانيا، ويدير رجل الأعمال البالغ من العمر 60 عاما، وأحد داعمي الأكاديمية، مجموعة كبيرة لتجارة التجزئة تملك محلات في كل شارع رئيسي في بريطانيا تقريبا. وإضافة الى كونه واحدا من أنجح رجال الأعمال في البلاد، يعتبر السير فيليب واحدا من المشاهير الذين يرافقون الشخصيات الشهيرة من أمثال عارضة الأزياء كيت موس ومقدم برامج المواهب سايمون كويل، ويقيم حفلات فخمة ومترفة. كما احتلت هيكلية أعماله وشركاته التي تتسم بفعاليتها الضريبية العناوين الرئيسية للأخبار.
ومع ذلك، فإن أعماله الأساسية هي التي تصدّرت الأخبار في الفترة الأخيرة، بعد أن باع حصة قوامها %25 من سلسلة متاجر «توب شوب» و«توب مان» إلى مجموعة ليونارد غرين آند بارتنرز للملكية الخاصة، مثمنة جوهرتي امبراطوريته التجارية عند 2 مليار جنيه إسترليني. وهو ليس بالنبأ السيئ بالنسبة لاستثمار في الأسهم بقيمة 10 ملايين دولار في مجموعة البيع بالتجزئة «أركاديا» تم قبل 10 سنوات، وهو الاستثمار الذي در، وفق بعض التقديرات، قيمة إجمالية تبلغ حوالي 4 مليارات جنيه إسترليني.
ولا تعد هذه الصفقة مجرد بلورة لعائد مثير للإعجاب وحسب، بل تقدم أيضا اعترافا عاما مهما لرجل لا يزال يعتبر دخيلا وغريبا إلى حد ما. ويقول بثقة صارخة معتادة «400 ضعف ولا نزال نلعب، مازلنا في الملعب».
وفي عالم دُفع فيه تجار التجزئة التقليديين إلى الهامش من قبل المنافسين الإلكترونيين من أمثال «أمازون»، تظهر هذه الصفقة أنه في حال تمكّنت المتاجر الفعلية التي تقدّم خدماتها وجها لوجه إلى زبائنها، من تقديم المنتجات الصحيحة، فإن بمقدورها أن تخلق قيمة كبيرة.
وعلى النقيض، عانت «تيسكو»، التي كان ينظر إليها سابقا على أنها مجموعة البيع بالتجزئة الأكثر براعة وذكاء في بريطانيا، مؤخراً من مذلة القبول بحقيقة أنها أخفقت في قراءة السوق الأميركية من خلال سلسلة محلات البقالة «فريش آند ايزي»، التي افتتحتها هناك، متخلية بذلك عن حلمها الأميركي.
السير فيليب ليس من الأشخاص العازفين عن الإقدام عن المخاطر، بل إن حياته المهنية تميزت بالاقتراض لإحياء العلامات التجارية المملة والتي تعاني من صعوبات، الا أنه بقي حتى الآن ملتزما بما يعرفه حق المعرفة: الشارع الرئيسي لمتاجر التجزئة في بريطانيا الذي جلب اليه غرين الشغف بالتفاصيل والاحساس الغريزي بما يريده المتسوقون البريطانيون من الفساتين الضيقة التي تصممها الأخوات كارداشيان وصولا الى الألعاب المحشوة المعروضة في متجره «بي اتش اس».
ويقول من مكتبه الفسيح الكائن في منطقة ويست اند، بينما يمسك لعبة على هيئة كلب لونه بيج بآذان مرنة «انظر الى هذا الوجه وهاتين العينين. انه وجه لطيف. لا يمكنك أن تتعلم كيف تصبح بائعا. اذا كان لديك عين ثاقبة، يمكنك حينها أن تتعلم الوظيفة». ويتابع بعد أن التقط كوب ماء من على الطاولة الخشبية الصلبة، قائلا «أستطيع تقدير ذلك وهو ما أفعله».
وبالنسبة إلى أولئك الذين يعرفونه، يعتبر السير فيليب التاجر الأفضل، وان كان عرضة لحالات من الهيجان والصوت العالي واللغة المثيرة. إذ يقول أحد المديرين التنفيذيين الذي عمل معه «إنه مادة متكاملة، ولم يعد هناك الكثيرون من هذا النوع هذه الأيام».
البداية
أول صفقة مهمة قام بها غرين كانت في 1985 عندما استحوذ على «جان جيني»، شركة الجينز التي كانت تعاني من صعوبات، بمبلغ 65 ألف جنيه استرليني، وباعها خلال سنة مقابل 7 ملايين استرليني.
لكنه استثمر الجزء الأكبر من أرباحه في شركة تجارة التجزئة المدرجة «أمبير داي»، حيث أصبح الرئيس التنفيذي لها. وفي 1992، حذرت الشركة من تراجع أرباحها وتم الاطاحة حينها بالسير فيليب.
ويقول إنه عند النظر الى الوراء «فإن ما حدث كان أفضل شيء على الاطلاق. فلولا ذلك لربما ما زلت عالقا هناك. وبدلا من شراء الأسهم بدأت في شراء الشركات». لكن في نظر حي المال والأعمال في لندن فان موضوع «أمبير داي» وضع علامة في سجله. وعلى الرغم من أنه عاد الى الشارع الرئيسي لمتاجر التجزئة بعدما اشترى «بي اتش اس» في 2000 و«أركاديا» في 2002، الا أنه ينظر اليه على أنه خارج التيار السائد. وقد أدت محاولتان فاشلتان للاستحواذ على «ماركس آند سبنسر»، معقل تجارة التجزئة البريطانية، الى اشعال بعض أكثر المعارك مرارة وشخصية وقذارة، لم يشهد لها حي المال والأعمال مثيلا منذ سنوات. اذ ليس من المعتاد رؤية قادة الصناعة وهم يخوضون نزاعا ساخنا.
ومع ذلك، تم منحه لقب سير في 2006 وطلبت منه الحكومة قبل عامين أن يقدم لها المشورة بشأن الكفاءة. وقد سلط الحدث الأخير الأضواء على ترتيباته الخاصة بالضرائب. فالمالك النهائي للمجموعة هي زوجته ليدي كرستينا المقيمة في موناكو، والتي تسلمت 2.1 مليار جنيه استرليني كأرباح على الأسهم في 2005.
ويصر السير فيليب على أن عائلته لا تختلف عن أي مساهم آخر من الخارج أو أجنبي يمتلك أسهما ويتلقى أرباحا عنها. واضافة الى ذلك، قال أخيراً إن مجموعة أركاديا دفعت 2. 3 مليارات جنيه استرليني ضرائب خلال 10 سنوات منذ أن امتلكها.
ويقول «عندما قررنا ألا نعيش في بريطانيا في 1998، لم نكن نعرف حتى كيف نتهجي كلمة أركاديا. فأنا تاجر تجزئة ولست عرافا».
وبالنسبة إليه فان الاستحواذ على «أركاديا» يمثل «قصة نجاح بريطانية عظيمة». ومع ذلك، فان بعضاً من المتاجر الأخرى التي يملكها تشكل صداعاً له أكثر من «توب شوب».
ويصر على أن عملية البيع التي تمت خلال الفترة الأخيرة ليست تخارجا، إذ يقول إنه ملتزم بالأعمال التجارية وتجارة التجزئة، لا سيما التدريب المهني، مشيرا الى أن كلا ولديه يعمل في الصناعة.
أما عن نفسه فيخطط للاستمرار الى أن ينتابه شعور عدم الاستمتاع بالعمل: «اذا استيقظت صباح أحد الأيام ووجدت أنني اكتفيت فستكون تلك هي نهاية الفيلم».
«البزنس» يجري في جيناته!
ولد السير فيليب في عام 1952 في كرويدن في جنوبي لندن. وكان والداه يديران مشروعا تجاريا لبيع السلع الكهربائية ولاحقا السيارات. وقد كانت حياته المنزلية في ضاحية هامبستيد غاردن مريحة، رغم الفاجعة التي وقعت عندما توفي والده وهو في سن الثانية عشرة من عمره، تاركا والدته ألما تدير أعمال العائلة.
ويقول عنها «كانت مغامرة جدا» لدرجة أنها أصبحت من أوائل الذين أدخلوا محطات البنزين ذات الخدمة الذاتية. وكان لديها ممتلكات عقارية، لا تزال تحتفط ببعض منها وهي في سن الرابعة والتسعين من عمرها. ويضيف «لا تزال تذهب لجمع الايجارات وتطرق جميع الأبواب».
منذ كان في سن الثانية عشرة من عمره وهو يعمل خلال عطلة نهاية الأسبوع في الأعمال التجارية للعائلة. ويقول «اعتدت أن أخرج مع الرجل الذي يصلح جهاز التلفزيون. وكنت أحصل على نصف كراون (شلنان ونصف الشلن) بقشيشا مقابل حملي الأغراض لأعلى السلالم».
التحق بمدرسة يهودية مكلفة لكنه تركها في سن السادسة عشرة للعمل عند مستورد للأحذية. وكان هو ذلك المكان الذي تعلم فيه التعاملات التجارية والاستيراد من الصين.
ولد في نيويورك ودرس في فرنسا وعاش في البرازيل جون إيلكان.. يقود ثورة هادئة في «فيات»
إعداد إيمان عطية
توصف عائلة أغنيلي بأنها عائلة كنيدي الايطالية. وفي المخيلة الشعبية تتشابه العائلتان من ناحيتين على الأقل. فكلتاهما تتمتعان بالبريق والثراء والنفوذ وتملأ أخبارهما صفحات مجلات الشائعات والفضائح. كما عانت كلتاهما من المآسي والأزمات التى طبعت ملحمة سلالتيهما بأجواء شكسبيرية.
جون ايلكان (34 عاما) عيّن أخيرا رئيسا لمجلس ادارة مجموعة صناعة السيارات الايطالية فيات،التي تأسست في 1899 على يد جده الأكبر جيوفاني أغنيلي، وهذا ليس سوى فصل جديد في حكاية أغنيلي. لكنه قد يشكل نقطة تحول في مسار مجموعة صناعية رائدة في ايطاليا في وقت تستعد لتقسيم نفسها الى جزأين وتبني ثقافة تعددية الجنسيات.
في السيناريو الأصلي، لم يكن من المفترض أن يتولى ايلكان زمام امبراطورية فيات بهذه السرعة. فالوريث المختار لهذه المهمة، كان جيوفاني ألبيرتو أنغيلي، ابن أومبيرتو أنغيلي، الذي أدار شركة العائلة القابضة بينما كان جياني الأخ الأكبر ذو الكاريزما والجاذبية يدير فيات، وبالنسبة إلى البعض، حاكم ايطاليا وملكها غير المتوج.
ادواردو، الابن الوحيد لجياني الذي سمي نسبة لوالد جياني الذي توفي في حادث تحطم طائرة، لم يبد أبدا أي اهتمام بأعمال العائلة. وقد انتحر اداوردو في عام 2000، لكن قبل ذلك الحادث بفترة، كان يجري العمل على اعداد جيوفاني البيرتو للمنصب، أولا في شركة بياجو سكوتر ثم في فيات. لكن وفي عام 1997، توفي فجأة في عمر الثالثة والثلاثين نتيجة اصابته بنوع نادر من سرطان المعدة. حينها تم اختيار ايلكان، المعروف بـ «جاكي» (اختصار اسمه الثاني جاكوب) باعتباره الرجل الذي سيتولى زمام مصالح وأعمال العائلة اضافة الى فيات.
قرارات وأحداث مصيرية
وبدأ ايلكان بالحصول على ما يستحقه عندما عين رئيسا لمجلس ادارة الشركات القابضة لعائلة أغنيلي قبل عامين. لكن الأمور لم تجر بيسر وسهولة، على الرغم من توطيد علاقة وثيقة بمارشيوني. فالرئيس التنفيذي لفيات كان قد بدأ بتحقيق معجزات لما من خلال احياء ما اعتبر في حينها شركة صناعية مدارة على نحو سيئ للغاية.
بداية كانت هناك أزمة في نادي يوفنتوس، نادي كرة القدم المهيب الذي تسيطر عليه عائلة أغنيلي، الذي كان متورطا في فضيحة كبيرة تتعلق بالتلاعب في نتائج المباريات. تحرك ايلكان بسرعة لنزع فتيل الأزمة، فسرح الادارة وعين رئيسا تنفيذيا جديدا. وهبط النادي الى أندية الدرجة الثانية لكنه عاد الى دوري الدرجة الأولي الايطالي، حيث يعاني في الموسم الحالي.
ثم جاءت محنة أخيه لابو، الذي كان حينئذ رئيس ادارة علامة فيات التجارية، حين كاد أن يفارق الحياة جراء جرعة زائدة من الكوكايين. في ذلك الحين، والدته مارغريتا، ابنة جياني، قررت مقاضاة منفذي وصية والدها فضلا عن والدتها، بدعوى اخفاء معلومات عنها تتعلق بملكية والدها العقارية.
حفل زفافه الأسطوري
ومع ذلك، كان لا يزال بمقدوره أن يجد متسعا من الوقت لاقامة حفل زفاف خرافي ووفق أفضل ما تقتضيه تقاليد عائلة أغنيلي. العروس أميرة ايطالية، وحفل الاستقبال أقيم في جزيرة عائلتها على بحيرة ماجيوري. كعكة العرس التي قدمت للضيوف ومن بينهم وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنغر وهو صديق قديم للعائلة وسيلفيو برلسكوني، رئيس وزراء ايطاليا، بلغ طولها 5 أمتار وغطيت بسيارات فيات 500 الصغيرة المصنوعة من الشوكولاتة.
كل هذا قد يوحي ربما بأن هذا الشاب البهي الطلعة الطويل القامة ليس سوى صورة نمطية عن أفراد عائلة أغنيلي. لكن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة. فان كان أي شيء، فهو شاب خجول جدا ويقدم نفسه بأقل مما تقتضيه حقيقته. كيسنغر الذي عرف وريث أغنيلي منذ أن كان في التاسعة من عمره، يصفه قائلا «ذكي للغاية ويتمتع بحس عال من المسؤولية. رأيته في السنوات السابقة كيف تمكن من التعامل مع العديد من الأزمات بوقار بالغ وحكمة».
رجل معولم
كما أنه عالمي الطابع منفتح على الآخر بأصالة حقيقية. فقد ولد في نيويورك ودرس في فرنسا وعاش في البرازيل (حيث، وللمصادفة، تبيع فيات اليوم سيارات فيها أكثر مما تبيع في ايطاليا). يتحدث الانكليزية مع مارشيوني، وهو نفسه كندي وسويسري بقدر ما هو ايطالي، ويتحدث الفرنسية مع أخيه لابو.
وعلى عكس جده، الذي كان معروفا في سنين شبابه بعشقه للهو والنساء، فان ايلكان شاب مجد في عمله ومجتهد. يتجنب الأضواء ولا يحب الانخراط في السلطة السياسية لروما. وتجد المؤسسة الايطالية صعوبة في فهمه.
تقليديا، ايطاليا بلد لا يحب التغيير طالما أن لا شيء يتغير. لكن ايلكان ومارشيوني يتجاهلان التحذير. اذ عمل ايلكان بالفعل على تنظيم وجمع أصول العائلة في شركة واحدة مدرجة في البورصة وهي أكسور. وهو يعد الآن لتخفيف السيطرة على شركتها التاريخية للسيارات، اذا كان هذا يعني أن ذلك سيؤدي الى سيطرته على حصة أصغر في شركة أكبر وأكثر قابلية للاستمرار والنجاح.
كما وافق أيضا على تجزئة الشركة الى اثنتين، وهو أمر لم يكن ليخطر على بال جده حتى. وفي الواقع، حين كان جياني أغنيلي يتفاوض على عملية اندماج مع فورد أوروبا في الثمانينات، فشلت المباحثات بسبب عدم اتفاق الطرفان على حصص السيطرة. وتعثرت مباحثات مماثلة اخيرا بين فيات ودايملر للأسباب نفسها.
وبالتالي وفي حين يواصل مارشيوني الاشراف على استراتيجية الاحياء الأطلسية والعالمية الطموحة لفيات، وهو الأمر الذي ما كان يمكن له تنفيذه والمضي قدما فيه لولا أن قدم له ايلكان المساحة اللازمة للمناورة، يعمل الشاب أغنيلي بهدوء خلف الكواليس محدثا ثورة في الشركة وفي أصول العائلة الواسعة الأخرى.
العمل المتخفي
في سن يافع وفتي (22 عاما)، عين في مجلس ادارة فيات، في حين كان يواصل دراسته لعلوم الهندسة في كلية تورين للبوليتيكنيك. أرسل للعمل خفية في مصنع لفيات في بريمينغهام في بريطانيا، حيث أقام لدى احدى العائلات البريطانية من دون أن يكون لديها فكرة عن هويته الحقيقية، وكان يقضي أمسياته بتناول العشاء أمام جهاز التلفزيون. ثم عمل لاحقا، ومتخفيا أيضا في مصنع للتجميع تابع لفيات في بولندا. وتاليا عمل في ادارة التدقيق لدى جنرال الكتريك في الولايات المتحدة تحت جناح جاك ويلش، رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي السابق لجنرال الكتريك الذي كان صديقا لجده جياني وعضوا في مجلس ادارة فيات. توفي جياني في 2003، وتولى شقيقه أومبيرتو رئاسة مجلس ادارة فيات بعده، لكنه ما لبث أن توفي بعد 16 شهرا، ليدفع الشاب ايلكان الى دائرة الضوء في وقت كانت فيه فيات على حافة الهاوية. اذ كانت الشركة على وشك الافلاس ولابد من انقاذها من قبل بنوكها. وتم تعيين سيرجيو مارشيوني، كرئيس تنفيذي لها لتنظيم الشركة وحل مشاكلها، في حين تابع الوريث تدريبه لتولي أعلى منصب تحت العين الساهرة لجيانلويجي غابيتي، أحد مستشاري العائلة الأكثر ثقة.
كان يقول دائما: اثنان لا يمكن التهرب منهما الضرائب والموت (ا.ب)
«سأكون مطمئن البال عندما أموت»، الساعة اتت ورحل مؤسس مجموعة سواتش للساعات السويسرية، نيكولا حايك، بعد ظهر الاثنين اثر نوبة قلبية عن عمر يناهز الـ 82 عاما، بينما كان يمارس عمله كالمعتاد في مقر الشركة في مدينة بيين السويسرية.
وبالرغم من كبر سنه إلا انه ظل محافظاً على مركزه كرئيس لمجموعة سواتش. لكنه سلم ابنه «نيك» الإدارة التنفيذية للمجموعة منذ عام 2003.
يوصف حايك بأنه منقذ صناعة الساعات السويسرية، في أعقاب الركود الحاد الذي منيت به في ثمانينات القرن الماضي واكتسب شهرة كبيرة بمداخلاته في الشؤون الاقتصادية والمالية داعما نظام السوق وحرية التبادل التجاري. يعد حايك من اهم رجال الاقتصاد والصناعة في سويسرا في الربع الأخير من القرن العشرين. كان يضع دائماً 3 ساعات في يديه.
ولد نيكولا حايك في بيروت بتاريخ 19 فبراير 1928 في عائلة مسيحية. تلقى علومه الأولى في مدرسة الآباء اليسوعيين، ثم تابع دراسته الجامعية في جامعة ليون الفرنسية وحصل على شهادة «ليسانس» في الفيزياء والرياضيات. خبرته المهنية دفعته إلى سويسرا، وتحديدا إلى مدينة زيورخ حيث تدرب في شركة تأمين. وهناك أيضا تعرف إلى رفيقة دربه التي كان والدها رئيساً لشركة تصنع فرامل للقطارات في سويسرا. في تلك الفترة تعلم المهاجر الشاب اللغة الألمانية، ثم ما لبث أن أصبح مديراً للشركة بعد وفاة رئيس الشركة بجلطة في المخ. وفي موقعه الجيد اكتسب خبرة كبيرة في مجال التعامل مع المشاكل الصناعية. وقد افادته هذه الخبرة كثيراً في مراحل حياته اللاحقة.
وانطلاقاً من هذه التجربة اسس نيقولا حايك في عام 1963 شركة للاستشارات الهندسية في زيورخ وتمكن في سنة واحدة من توظيف 250 استشارياً. وفي تلك الفترة حصل على الجنسية السويسرية وتمتع بشهرة ومكانة واسعتين في الصناعة المحلية في سويسرا، كما عمل ايضا لشركة نستله ولمصلحة الجيش الاتحادي السويسري.
إمبراطورية فسيحة
في الثمانينات عمل حايك في صناعة الساعات وتدخل لإنقاذ المؤسسة السويسرية لصناعة الساعات والشركة العامة لصناعة الساعات من الإفلاس بسبب المنافسة وتفوق صناعة الساعات اليابانية آنذاك واكتساحها الأسواق، مما هدد الإنتاج السويسري الذي بقي متمسكاً حتى ذلك الوقت بإنتاج المحركات الميكانيكية رغم تراجع الإقبال عليها.
وكان حايك صاحب فكرة اندماج الشركتين السابقتين تحت اسم المؤسسة السويسرية للتقنية الدقيقة والساعات. واستناداً الى هذه النظرة تم دمج شركة «سيش» المنتجة لموديلات «اوميغا» و«تيسوت» و«اساغ» المنتجة لـ«لونجين» و«رادو». واستحوذ على حصة كبيرة من اسهمها وجذب عدداً من المستثمرين معه للنهوض بصناعة الساعات السويسرية حيث ادخل صناعة محركات الساعات العاملة بالكوارتز وعمل على إنتاجها بأسعار منافسة. فقد كانت «سواتش» الجديدة تباع بسعر 50 فرنكاً سويسرياً (38 يورو في يومنا هذا)، مما أدى إلى استعادة الساعات السويسرية لمكانتها في السوق العالمية بشكل تدريجي. ووفقا لأرقام الشركة فقد تم بيع 400 مليون ساعة سواتش في العالم حتى يومنا هذا.
وبعد النجاح الكبير الذي حققه اكتسب شهرة عالمية واسعة مكّنته من مواجهة الكثير من الصعاب واستحق لقب «ملك الساعات الفاخرة في العالم». ولاحقاً اشترى حايك علامات «بريجيه» و«بلاك بان» و«جاك دروز» و«غلاشوت». كما طور خطوط إنتاج «كالفن كلاين» و«تيفاني».
مع 19 علامة تجارية ، توسع حجم إمبراطورية حايك للساعات ووصل حجم أعمالها في سنة 2009 الى 5.4 مليارات فرنك سويسري( 4 مليارات يورو) من ما يعادل 1.4 مليار دولار في سنة 1983. وفاق عدد موظفيه الـ 24 ألف موظف يعملون في 160 مصنعاً. مجموعته وفرت لصناعة الساعات السويسرية العناصر الأساسية اللازمة لاستمرارها وبقوة في السوق العالمي، خاصة في أسواق الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، لا بل بتقدمها وبأشواط كبيرة على منافسيها.
في عام 1998 أطلق على مجموعته اسم «سواتش غروب» لكن الاسم يخفي مجموعة من ماركات الساعات العريقة التي ذكرناها سابقاً. كما ان الكثير من التقارير تصفه بأنه حول صناعة الساعات السويسرية، التي كانت تنازع وكان محكوما عليها بان يشتريها مستثمرون أجانب، إلى جوهرة عالمية.
في سنة 2008 سلم راية المجموعة إلى نجله نيك وظل محتفظاً برئاسة مجلس الإدارة، كما ادخل ابنته نائلة وحفيده مارك إلى كوادر الشركة.
نجاحات متتالية
في مايو الفائت قال حايك ان «سواتش» اكبر صانع ساعات في العالم بصدد عام قياسي، حيث من المتوقع ان تتجاوز المبيعات 6 مليارات فرنك سويسري (5.5 مليارات دولار).
ومع كل هذا النشاط لم يمنع حايك من إبقاء نظره مفتوحاً على العالم. فقد دفع باتجاه توفير نحو مليار فرنك سويسري في صفقة دبابات أميركية إلى سويسرا مهددا الأميركيين برفض بيعهم مكونات الكوارتز التي تستخدم في صناعة الصواريخ إبان حرب تحرير العراق.
حاول مواجهة الأزمة المالية الحادة التي ضربت العالم في 2008 محاولا التكيف معها، فلم يوقف إنتاج أي من الماركات التي يملكها خلافا لشركات أخرى. على الرغم من الخسائر التي تكبدها في البورصة. كما تميز في الآونة الأخيرة بهجماته الحادة على المحللين الماليين والمستثمرين واتهمهم بالجشع وبقصر النظر. قال في اكتوبر 2006 «اشكر كل من نصحني بالسيطرة على صناعة الساعات السويسرية قبل 30 عاما و التي لم يكن يرغب بها احد ، هؤلاء الناس جعلوني مليارديراً».
الجوائز والأوسمة
وخلال مسيرته الناجحة نال رئيس مجموعة سواتش الكثير من الجوائز والاوسمة لا سيما في النمسا وسويسرا، خاصة في مدينة بيان حيث مقر المجموعة فضلا عن فرنسا. كما حصل على دكتوراه فخرية في القانون والاقتصاد من جامعة بولونيا ومن جامعة نوشاتيل.
في الآونة الأخيرة استثمر في الطاقة الشمسية اقتناعاً منه بانها السبيل الوحيد لإنقاذ كوكب الأرض، وكان يردد دائما «لقد عشت حياتي كالعطشان واستطيع أن أقول ان مذاقها مثير».
نيكولا حايك احتل المرتبة 232 لاصحاب المليارات في العالم وتقدر ثروته بـ 3.9 مليارات دولار وفق مجلة فوربس.
6
توسع حجم امبراطورية نيقولا حايك وبلغ سنة 2009 نحو 4 مليارات يورو، وفاق عدد موظفيه 24 ألف موظف يعملون في 160 مصنعاً. وفي مايو الفائت قال حايك ان «سواتش» أكبر صانع ساعات في العالم بعدد عام قياسي متوقعاً أن تتجاوز المبيعات 6 مليارات فرنك سويسري.
صاحب حدْس
أشتهر نيكولا حايك، الذي كان تجسيدا حيا لمجموعة سواتش، بعمله لعدة ساعات في الوقت نفسه، كما كان صاحب رؤية ثاقبة في مجالات اخرى غير صناعة الساعات، فقد سعى هذا الرجل، الذي كان يعمل في الكثير من الاحيان طبقا لما يدركه بحدسه، من اجل تطوير سيارة تحترم البيئة تشتغل ببطاريات تعمل بالوقود الهيدروجيني.
وقبل ذلك بكثير، كان يحلم بتصنيع سيارة نظيفة. وفي التسعينات اطلق فكرة «سواتش موبيل»، لكن مشروع السيارة البيئية العزيز على حايك لم ير النور في نهاية المطاف، واقتصر الامر على سيارة «سمارت» الصغيرة التي صنعت من طرف شركة «دايملر كرايزلر»، دون ان تحقق النجاح المأمول.
غضب من المصرفيين
في الكثير من الاحيان، لم يكن نيكولا حايك (الرجل ذو السيجار) يتردد في امتداح المقاول والعامل والمبتكر، لكنه لم يكن يبدي القدر نفسه من التسامح، عندما يتعلق الامر بتوجيه الاستنكار واللوم الى الاوساط المالية. وكان يدين بشدة اولئك «المصرفيين الحمقى وسيئي النية»، الذين استخدموا المال للمراهنة ولتمتيع انفسهم بعلاوات مبالغ فيها.
وفي سويسرا، يتذكر الجميع ان نيكولا حايك لم يستنكف خلال التسعينات عن توجيه الانتقاد الشديد للسياسات التي كان ينتهجها آنذاك المصرف الوطني السويسري، باعتبارها معادية للصناعات التصديرية. وفي الفترة الاخيرة، انخرط الى جانب الزعيم الشعبوي كريستوف بلوخر والاشتراكي كريستيان لوفرا في الحملة الداعية الى تقليص احجام اكبر مصرفين في سويسرا (يو. بي. اي وكريدي سويس).
إشادة رئاسية
منذ الإعلان عن وفاة نيكولا حايك، تعددت الاشادات الصادرة عن أهم الشخصيات الصناعية والاقتصادية والسياسية في سويسرا، وكانت دوريس لويتهارد، رئيسة الكونفدرالية ووزيرة الاقتصاد، من أول المتدخلين مساء الاثنين فور الإعلان عن وفاته، وقالت: «بفضل التزامه وتدخلاته الشجاعة، أعطى حايك على مدى عشرات السنين، دفعات كبيرة ومهمة لمجمل المقاولين والاقتصاد السويسريين. إننا ندين له بالكثير».
من عشق السيارات إلى عشق الساعات استراتيجية تعيد لعلامة جيرار بيريجو العريقة ألقها
ميشال سوفيستي
خلفية في الجيولوجيا وتولّي منصب رئيس عمليات شركة فيراري (فرع المانيا) ليس بالاعداد المثالي لإدارة شركة لتصنيع الساعات.
ومع ذلك، كان هذا هو الطريق الذي أوصل ميشال سوفيستي، الرئيس التنفيذي الجديد لشركة جيرار بيريجو، إلى هذه الصناعة.
ويقول ان الرابط بين السيارات والساعات ليس امرا مستبعدا، كما قد يبدو «كلاهما متعلق جدا بالميكانيكا وكلاهما بحاجة الى عناصر جمالية قوية جدا. فانت تبيع السيارة اذا كانت جميلة. وتبيع الساعة لأنها جميلة. ثم تنظر بعدها بالطبع الى المحرك، في كليهما. لكن الشيء الذي تنظر اليه في البداية هو وجه الساعة وهيكل السيارة».
ويرى ان هناك تداخلا بين محبي ومتذوقي الساعات الفاخرة وبين المهووسين بالسيارات، مستذكرا كيف كان وهو رئيس تنفيذي لشركة فيراري المانيا يزور مع ضيوفه في معرض جنيف للسيارات صانعي الساعات في المناطق والمقاطعات المحيطة.
وفي واحدة من تلك الزيارات، التقى جان كلود بفير، احد عمداء صناعة الساعات. وبقي الاثنان على اتصال الى ان طلب بيفر من سوفيستي ان يساعده في اعادة تشكيل علامة اوميغا. وافق سوفيستي على ذلك وبعد 10 سنوات في مجموعة سواتش، ومهمة قصيرة في «ال في ام اتش»، انضم الى ساعات غوتشي في 2009.
وبعد ان استحوذت الشركة الام لغوتشي وهي مجموعة «بي بي آر» الفرنسية للسلع الفاخرة، على حصة اغلبية في مجموعة «سويند غروب»، شركة صناعة الساعات السويسرية الفاخرة في يونيو من العام الماضي، اصبح سوفيستي الرئيس التنفيذي لشركة صناعة الساعات السويسرية، وبالتالي تولى مسؤولية علامتها التجارية جيرار بيريجو.
ويقول عن ذلك «اول انطباع لي عن شركة تتمتع بتراث مذهل وهيكلية مهمة جدا هو ان لديها عمليات تصنيع متكاملة».
ويضيف «كما انها شركة تحولت بصورة كبيرة الى الماضي بدلا من الاتجاه الى المستقبل. وبالتالي فان المهمة التي اسندتها لنفسي ولفريقي هي اعادة توجيه هذا الشركة التي تبلغ من العمر 220 عاما باتجاه المستقبل».
الشق الأول في خطة سوفيستي كان يتعلق بحملة التسويق لانعاش العلامة التجارية. وخلال العام الماضي، اجتهد صانعو الساعات في الشرة في حرفتهم في مواقع تتباين بين تايمز سكوير في نيويورك إلى الالتيش في جبال الألب السويسرية.
ودشنت الشركة كاتولوغا يعرض بروفايل لصانعي الساعات الشباب لديها وأسست مدونة يمكن من خلالها أن يتواصل ملاك ساعات جيرار بيريجو مع صانعي تلك الساعات.
أما الشق الثاني فتمثل في تعيين دومينيك ويزو، الفرنسي الذي يوصف بأنه «سيد صناعة الساعات»، الذي صنع بعض أكثر الساعات جودة في التقنية على مستوى العالم والذي عمل معه سوفيستي في أوميغا.
ويقول سوفيستي إن ويزو يصمم ساعات «فائقة التعقيد» سيتم بيعها ضمن إنتاج محدود عند الانتهاء منها. كما يزود جيرار بيريجو بمعايير مختلفة يمكن استخدامها في ساعات أقل نخبوية.
الشق الثالث يتعلق بتبسيط مجموعة المنتجات. فكما يقول «على امتداد السنين، طورت جيرار بيريجو مجموعة كبيرة جداً من الساعات وجميعها ساعات جميلة لكن لا وجود للانسجام بينها. وقد فقدنا في إحدى المراحل الرؤية في عمليات البيع بسبب أن المجموعات كانت كبيرة جداً».
وقلص سوفيستي ما تقدمه الشركة من ساعات إلى 4 عائلات من الساعات، إضافة إلى عدد صغير من الساعات الراقية الفردية.
وفي العام المقبل، سيشهد التنوع في إنتاج الساعات مزيداً من التخفيض. وهو ما من شأنه أن يقدم للشركة رؤية أفضل وطريقة أفضل لإنتاج الساعات، وفق اعتقاده.
ويضيف «سيكون لدينا مكونات أقل وأكثر فاعلية وأسرع. ان السر هنا يكمن في البساطة».
الهدف الكبير الآخر يتمثل في زيادة التنويع في الأسواق، فالشركة قوية في آسيا لكن سوفيستي يحرص على تعزيز المبيعات في الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط.
أما التوقيت للقيام بذلك فقد جاء مناسباً، ففي سبتمبر تراجعت صادرات الساعات السويسرية لأول مرة في ثلاث سنوات، وسجلت الأسواق الرئيسية في آسيا وهي هونغ كونغ والصين وتايوان وسنغافورة تراجعاً بقرابة %20. ويتوقع بعض المحللين أن تمضي فترة طويلة يتم خلالها بيع المخزون من الساعات في تلك المنطقة.
سوفيستي متفائل بشأن البيانات، مشيراً إلى أن التراجع في الصين يعود ربما إلى الغموض الذي تسبب فيه التغيير في القيادة السياسية. ويرى ان الصين ستبقى سوقاً تتسم بالنمو على المدى البعيد.
04/01/2013
بروفايل
سلوكه الأخلاقي يُفتقد في بلد غارق بالفساد راتان تاتا.. عبقرية تتنحى عن قيادة أكبر شركات الهند
إعداد إيمان عطية
أول شيء تلاحظه عندما تبتعد عن صخب وسط مدينة مومباي باتجاه مقر مجموعة تاتا المتواضع هو الكلاب. اثنان بمظهر قذر يحومان بتمهل حول مكتب الاستقبال بينما كلب آخر يتبختر برضا بجانب أجهزة الأشعة السينية.
وتقول القصة انه في احدى الليالي ذات الرياح الموسمية الرطبة، قرر راتان تاتا، رئيس أكبر مجموعة هندية وواحد من أكثر رجال الصناعة نفوذا وتأثيرا في العالم والمولع بالكلاب، أن يسمح للكلاب الضالة والشريدة أن تأخذ من المجمع ملجأ لها. ولم يغادر بعض من تلك الكلاب المكان أبدا.
وتوضح تلك القصة على نحو رائع لماذا يبجل الكثيرون في الهند تاتا، الذي يوشك وهو في سن الرابعة والسبعين على التقاعد بعد توليه لأكثر من عقدين من الزمن رئاسة مجلس ادارة المجموعة.
صفاته
يتمتع تاتا، ربما بمكانة فريدة من نوعها، جزء منها كونه عملاقا في عالم الشركات وجزء آخر نابع من التبجيل الذي يكنه له الناس نتيجة أعماله الخيرية، رجل يتمتع بسمعة بأنه يتسم باللياقة والأخلاق والنزاهة في بلد تقوضت فيه القيم التقليدية بفعل الفساد والنمو الاقتصادي السريع.
يتحدث تاتا بلكنة أميركية رصينة كسبها من الفترة التي أمضاها في دراسة الهندسة المعمارية في جامعة كورنيل في أوائل الستينات.
إسهاماته
وفي عام 1991 استلم تاتا، الذي التحق بشركة العائلة بعد تخرجه في الجامعة وعمل مبدئيا في ورشة العمل في المصنع، رئاسة الشركة من عمه جي آر دي الذي رئس المجموعة لأكثر من نصف قرن. كان هذا أيضا هو العام الذي فتحت فيه الهند اقتصادها على العالم ونمت كل من الدولة والشركة منذ ذلك الحين بشكل كبير، حيث تعمل تاتا حاليا في أكثر من 80 بلدا. وما بدأ قبل نحو 150 عاما كمشروع صغير للنسيج والتجارة أصبح أهم المجموعات الصناعية في الهند. اذ تمتد عملياتها من الحديد والصلب الى السيارات ومحطات الطاقة الكهربائية الى مجال العمل بالاستعانة بمصادر خارجية في تكنولوجيا المعلومات. وبلغت ايراداتها في 2012 أكثر من 100 مليار دولار، أكثر من نصفها تحقق من خارج الهند، وتوظف المجموعة حوالي 450 ألف موظف.
وعلى الرغم من أنها تحتل مكانا في الطبقة العليا للشركات العالمية، الا أنها تبقى مجموعة غير عادية بهيكل ملكية معقد يربط شركتها القابضة الرئيسية (تاتا صانز) بأكثر من 100 شركة تعمل تحت مظلتها. ثلثا «تاتا صانز» مملوكة في المقابل لمؤسسة خيرية وزعت أرباحا تجاوزت 100 مليون دولار لمصلحة قضايا خيرية العام الماضي.
متواضع
تاتا يتميز عن بقية أباطرة الهند: فهو يعيش حياة متواضعة ويملك حصة بسيطة من أسهم المجموعة ولا يظهر بشكل واضح في القائمة السنوية لمليارديرات الهند التي تصدرها مجلة فوربس. وتنازل في شهر ديسمبر عن منصبه لنائبه سايروس ميستري البالغ من العمر 44 عاما الذي سيصبح أول شخص من خارج عائلة تاتا يدير المجموعة منذ تأسيسها في 1868 على يد جد تاتا الأكبر جامسيتغي.
وما يدهش هو الطريقة الأبوية التي يصف بها عملية تسليم السلطة التي امتدت لعام كامل. «ما كنت مشاركا فيه هو محاولة ربما أن أكون هناك، لكن كان علي التراجع وأن أجعل سايروس يعبر عن آرائه بشكل أكبر في الاجتماعات وأن أتحدث أقل ما لم ينتبني شعور قوي حيال شيء ما، وأن أمنحه مساحته في هذا المنصب».
حادثة غيرت حياته
عندما يتذكر أول عقد زمني له في ادارة الشركة، وهي الفترة التي خاض فيها سلسلة من المعارك الداخلية الشرسة لفرض سيطرة مركزية في المجموعة وتحسين أدائها بشكل تدريجي، يخص بالذكر حادثة واحدة على وجه الخصوص وهي بيع ذراع الشركة للمنظفات والصابون الى يونيليفر عام 1993. ويقول في هذا الصدد «ردة الفعل العنيفة التي جوبهت بها من قبل الاعلام وسوق الأسهم ومن موظفينا كانت مخيفة بالنسبة لرئيس جديد وفي بيئة فيها موظفون من الجيلين الأول والثاني، وكما يقال فان التوظيف في تاتا هي وظائف لمدى الحياة. وبعد ذلك، أصبحت حريصا ومتأنيا جدا حيال ما أنوي الشروع فيه».
مندفع ومغامر
ومع ذلك، وصف العقد الثاني من ادارته بالاندفاع المغامر باتجاه النمو العالمي، كون تاتا دفع بشركته نحو الخارج بهدف الاستفادة من الثقل الاقتصادي المتصاعد للهند. وتحقق ذلك بشكل خاص في المملكة المتحدة، حيث تعتبر المجموعة أكبر رب عمل في مجال الصناعة هناك، بعد ارث من سلسلة عمليات الاستحواذ اللافتة للنظر، شملت شراء شركة صناعة الصلب «كوراس» في 2007 وشركة صناعة السيارات البريطانية المتعثرة جاكوار لاند روفر بعدها بسنة.
وينظر الى هذا التوسع بعين الرضا والارتياح، وان يقر بوجود بعض الأمور القليلة التي يندم عليها. ويتابع قائلا «حيثما أشعر أننا ربما لم ننجح بقدر ما ينبغي، كان في تلبية بعض أهداف عقلية التغيير التي أملت في تحقيقها، المتمثل في تبسيط هيكلية الشركة حتى لا تدخل الادارة كثيرا بين الموظفين والمديرين ومزيد من التبادلية بين الشركات. لكن في الوقت نفسه، ما قمنا به كان من دون أن نضحي بأي من أخلاقياتنا أو نظم القيم لدينا بما فيها الجهود التي بذلت لجرنا الى مستنقع وشرك قضية احتيال رخص الجيل الثاني من الهواتف النقالة».
متهم بالفساد
ويتطرق تاتا الى موضوع مشاكل الهند مع المحسوبية الرأسمالية من دون تشجيع من أحد. قضية الاحتيال موضع النقاش تشمل الفساد الذي أحاط بعملية تخصيص رخص الجيل الثاني لشركات الاتصالات في 2008، والتي أشار مدققو الحسابات في الهند لاحقا الى أنها تسببت بخسارة الدولة مليارات الدولارات من العائدات الضريبية.
ولم تكن مجموعة تاتا متورطة بشكل مباشر، لكن تم الزج بتاتا نفسه لاحقا، عبر حادثة عرفت باسم «أشرطة راديا»، التي تم من خلالها تسريب تسجيلات حكومية سرية لمكالمات هاتفية قامت بها العضو في جماعة الضغط نيرا راديا الى الصحافة. وقد عملت راديا لبعض الوقت لحساب المجموعة، وتشمل التسجيلات المسربة بعض المحادثات بينها وبين تاتا.
ومن الواضح أن ذلك الجدل لا يزال يؤلمه. اذ يقول بنظرة جريحة «تمت تبرئتنا من قبل سلطات التحقيق من أي تورط في هذا الاحتيال. كانت نيرا راديا متورطة في الأمر. بالتأكيد كان لدينا تعاملات معها واتصالات هاتفية لأنها كانت تمثل شركة العلاقات العامة لشركتنا، وبالتالي كان لدينا من دون شك تعامل معها في ذلك الوقت وقبله أيضا، لكننا لم نضغط أو نسيس الأمر أبدا كما يحاول الاعلام أن يوحي».
لا يعترف بالفشل
أثبتت صفقات الشركة اللاحقة المميزة المتمثلة في شراء شركة صناعة السيارات جاكوار لاند روفر نجاحا باهرا، عززه ارتفاع الطلب في الصين. أما شركة كوراس، الذراع الأوروبية لشركة تاتا للصلب فان أداءها أقل جودة بسبب تراجع الطلب العالمي على الصلب. فهل يمكن أن يعترف تاتا بأن الصفقة كانت خطأ؟.
يقول: «لا، لن أفعل. لم يكن لدينا أية وسيلة لمعرفة أن تباطؤا اقتصاديا سوف يتبع هذه الصفقة... التوقيت لم يكن مناسبا، لكنه لم يكن من فعلنا». مايبدو أنه مثير للغضب هو مبلغ الـ 13.1 مليار دولار الذي دفعته المجموعة نظير شراء كوراس. «عندما قلت لشركة تاتا للصلب انه يتعين علينا أن نشتريها، كان سعرها حوالي 5 مليارات دولار، كانت الادارة تحاول اعاقة عملية الاستحواذ وتستبعدها».
انها مقولة معبرة وتشي بالتحديات التي تقف في وجه ادارة مجموعة من الشركات حيث يتوجب على الرئيس أن يدير بالاقناع وسلطة الأخلاق بقدر استخدامه للسيطرة المباشرة.
سيارة رخيصة
وعند سؤاله عن المشروع الذي يرتبط به تاتا بصفة شخصية: النانو، السيارة الرخيصة جدا التي تناسب قدرات وامكانات فقراء الهند. وقد كان هذا المشروع هو المفضل للرئيس المولع بالسيارات لكن مبيعاتها متواضعة منذ انطلاقة المشروع في 2009.
ويضيف: «أعتقد أن من غير المنطق أن أقول انني راض. انني محبط جدا. أعتقد أننا كنا.. ماذا عساي أن أقول؟ راضين جدا. حظينا بانطلاقة رائعة والكثير من الاهتمام العالمي والمصنع كان جاهزا تقريبا»، يقول ذلك ثم يشرح بصراحة ممتعة كيف أن تأخر الانتاج اضافة الى مشاكل شبكة بيع السيارات للمجموعة واستراتيجية الدعاية والاعلان قوضت المشروع.
ويتابع: «عندما كان علينا أن نسوق المنتج، كنا راضين عن أنفسنا، لكني ما زلت أعتقد أنه يمكن أن يبعث من جديد وأنه لا يزال يحظى بالاهتمام من دول مثل أندونيسيا وماليزيا وعلينا أن نستغل ذلك».
الهند مختلة
وعند سؤاله عن رأيه بالهند والتغييرات السريعة التى تشهدها قال « أشعر أن الهند بلد لديه حقا قدر كبير جدا من الامكانات، ولديه رأس المال البشري لتحقيق النجاح. لكن اذا ما جلست وتساءلت هل ستنجح؟ فانك سترى اختلالات».
وذكر مشاكل سياسية مختلفة تعيق عمل الشركات، من النقص في الطاقة الى الاستحواذ على الأراضي. تلك الأسباب كانت جزءا من سعي مجموعته للنمو والتوسع في الخارج، وكانت البداية في أوروبا، لكنه يقول إن التوسع على الأرجح في المستقبل سيكون في أفريقيا وأماكن أخرى في آسيا. «لو كان التشجيع نفسه للصناعة .. أعتقد أن الهند حتما بمقدورها منافسة الصين. لاشك في أن النظام السياسي في الصين قد يكون قادرا على انجاز أمور أكثر مما قد تفعله الديموقراطية، لكن حتى مع وجود هذا الاختلاف، أعتقد أن الهند لديها سوق كبيرة.. ولديها سيادة القانون ولديها لغة مشتركة. هناك كثير من الأمور التي تقف في صف ومصلحة الهند».
العائلة
يتمتع تاتا بسمعة الرجل الذي كرس حياته لشركته، لذلك عند سؤاله عما اذا كان قد ندم لأنه لم يتزوج ويكون عائلة، يجيب «انهما أمران مرتبطان، لأنه من الواضح أنه اذا كان لدي عائلة لما كنت كرست جل وقتي من أجل المجموعة. كما أن الأمور ستكون مختلفة جدا من حيث الأكل والنوم، وأن تعيش من أجل وظيفتك. ومع ذلك لم أشعر بها كوظيفة، لقد كانت بمنزلة مسألة شخصية بالنسبة إلي، ولم يكن الأمر من أجل المال، ولا من أجل حب الظهور. كان يتعلق الأمر بالتحدي الى حد كبير، والشغف من حيث نظرتي الى وظيفتي».
ويتطلع تاتا الى دوره الجديد في ادارة الأعمال الخيرية لمجموعة تاتا، لاسيما تطوير مشروعات خاصة بتغذية الأطفال، ومياه الشرب النظيفة، والاسكان منخفض التكلفة. ويقول في هذا الصدد « لا أنوي تضييع وقتي في الكسل».
مولع بالطيران
الطيران من الأمور الأخرى المولع بها، ويقول إن ذلك قد يشغله أكثر. « كنت أستخدم طائرة الشركة. ولكن الآن سيتغير ذلك». يقول ذلك بابتسامة حزينة، ويضيف «لذا كنت أبحث عن شراء طائرة صغيرة بمحرك واحد ربما، أو هيلوكبتر لأبقي على هذا الحب مشتعلا».
«هناك أشياء كالموسيقى والرسم اعتدت أن أمارسهما. دائما ما نفتقد أمورا كنا نمارسها في وقت ما، ولم يكن لدينا الفرصة لنقوم بها، ولعلها هي هذه الأشياء التي أريد أن أحاول استعادتها».
ماذا عن صورته الشخصية؟ «آمل أن يقول الناس إنني كنت قادرا على قيادة المجموعة بنزاهة، وإنني حاولت أن أفعل الصواب. وبما أنني قلت ذلك، فانك لا تنجح أبدا في ذلك، لأنك دوما ما تغضب شخصا ما، لكني أعتقد أن هذا ما أود أن يذكرني الناس به».
تيم كلارك يستمتع بالسخرية من منافسيه عقل إنكليزي بارد.. وراء أسطورة طيران الإمارات
إيمان عطية
يشغل تيم كلارك أفضل منصب بين جميع رؤساء شركات الطيران. فبمقدوره الخروج إلى الشرفة المطلة على مطار دبي الدولي ومشاهدة طائرات ايرباص A380 للشركة، وهي تستعد للإقلاع. وإذا ما شعر بالملل، يستطيع الاتصال ببرج المراقبة وتحريك طائرات الجامبو العملاقة هنا وهناك، كما لو كانت أكبر لعب في العالم.
تقول «تايمز»: أصبح لديه الآن مزيد من الطائرات لتحريكها بعد اتفاق دمج الخدمات بين شركة كانتاس الاسترالية للطيران و«طيران الإمارات»، الأمر الذي من شأنه أن يعمل على قلب الأوضاع في خريطة الطيران العالمي.
بموجب الاتفاق ستحول كانتاس أسطولها المكون من طائرات ايرباص A380 من سنغافورة، حيث كانت تعمل بالتحالف مع الخطوط الجوية البريطانية لمدة 17 عاما، الى دبي. وسيبدأ مسافرو كانتاس بالسفر من استراليا الى دبي، حيث سيكون بمقدورهم السفر الى 33 وجهة أوروبية بمحطة توقف واحدة وباستخدام خدمات طيران الإمارات. وتشغل كانتاس في الوقت الراهن رحلات الى لندن وفرانكفورت فقط.
وتضيف «التايمز»: كما سيكون بمقدور المسافرين من دبي الى استراليا الحجز في أثناء السفر على شبكة كانتاس المحلية وخدماتها الى نيوزيلندا بعد انتهاء اتفاق طيران الإمارات مع فيرجين استراليا. وكما يقول كلارك «انه توافق متقن. كانتاس قوية في الوجهات التي نعاني فيها من ضعف، وفي المقابل نحن أقوياء في الوجهات التي تعاني فيها كانتاس من الضعف».
وبموجب هذا التحالف مع كانتس، ستشغل طيران الإمارات 18 رحلة يوميا من بريطانيا الى كل مدينة رئيسية في استراليا. ويضيف مستغربا « الخطوط الجوية البريطانية لا تشغل سوى رحلة واحدة فقط إلى سيدني».
شركات «العالم القديم»
وتشير التايمز إلى ان الملاحظة الساخرة الموجهة الى واحدة من الشركات الراسخة المنافسة له قد تكون متوقعة. فمنذ أن أسست حكومة دبي «طيران الإمارات» في 1985، نبذتها الكثير من شركات «العالم القديم»، وتحديدا في فرنسا وألمانيا وأميركا الشمالية، معتبرين إياها أحدث لعبة تبذير للإمارة التي تدعم عمليات الشركة على نحو غير منصف من خلال تزويدها بالوقود بأسعار مخفضة جدا.
ويستهجن كلارك قائلا «كانوا يقولون إننا نغش، وإننا لصوص. كدت أدخل في مشاجرات مع مسؤولي شركات الطيران الأوروبية في المؤتمرات حين كانوا يصطفون لإهانتنا».
كل ذلك كان في السابق، أما اليوم فأصبحت «طيران الإمارات» شركة كبيرة جدا، إذ تصنف ثاني أكبر ناقل دولي للمسافات الطويلة في العالم بعد لوفتهانزا، حيث يسافر على متنها 33 مليون مسافر سنويا، مما يجبر منتقديها على إعادة النظر في ما يقولون.
إذ إن دمج كانتاس لعملياتها مع طيران الامارات ليس بالحدث الوحيد، فأكثر منتقدي شركات الطيران الخليجية الحديثة حدة باتوا يهرولون للقفز في أحضانها والتحالف معها.
فشركة اير فرانس/ كي إل إم تتحالف مع طيران الاتحاد، الناقل الجوي لأبوظبي. فيما رحبت شركة الخطوط الجوية البريطانية بالخطوط الجوية القطرية بالانضمام إلى تحالفها الذي يحظى بالرواج والشعبية «وان وورلد».
ويقول كلارك في هذا الصدد «بنغو، انه تحول زلزالي، ونظام عالمي جديد، فهؤلاء الذين كانوا يقفون ضدنا، غيروا مواقفهم. أنا سعيد ومستمتع».
إنشاء شركة طيران تقلب الأوضاع، حلم كان يراود كلارك منذ الصغر «أنحدر من عائلة طيارين ومسافرين». والده جوزيف كان كابتن ناقلة نفط في شركة شل. ولد كلارك في جزر الأنتيل الهولندية، وتنقل مع عائلته في جميع أنحاء الكاريبي وشرق آسيا. أما شقيقه بيت، فقد كان طيارا في الشركة التي سبقت بريتيش ايرويز وهي شركة بي أو إيه سي (BOAC).
وكشفت «التايمز» أنه أثناء وجوده في المدرسة الداخلية في كينت، كان يسافر لقضاء العطلات مع عائلته في بورنيو. وكما يقول «كانت تستغرق الرحلة ثلاثة أيام، وكان الأمر مرهقا للغاية، لكنني أحببت كل دقيقة فيها. لا أزال أتذكر ضجيج المحركات حتى الآن. طرت على متن BOAC وكي إل إم والخطوط الجوية الهندية وكانتاس. منذ عمر السابعة وأنا مهووس بالطيران».
أول وظيفة شغلها في مجال السفر، بعد أن تخرّج في جامعة لندن، وحصوله على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد، كانت لفترة قصيرة كمحصّ.ل تذاكر في الحافلات في الساحل الجنوبي. «فتحت تلك الوظيفة عينيَّ على السفر بالمواصلات العامة».
وسرعان ما بدأ العمل لدى شركة بريتيش كالدونيان بوظيفة منظم للرحلات ومساراتها. لكن الشركة واجهت مصاعب، وخوفا من أن يطرد من وظيفته، وهو بعد في سن الثانية والعشرين، التحق بشركة طيران الخليج التي كانت تأسست حديثا في البحرين. ويقول في هذا الصدد «كطفل اعتاد على العيش في الاغتراب، لم أنزعج من العمل في الخارج».
بقي في طيران الخليج الى أن طلب منه موريس فلاناغان، المدير التنفيذي في شركة الطيران الايرلندية، أن ينضم اليه لتأسيس شركة طيران خليجية جديدة تحمل اسم طيران الإمارات. «أعطوني صفحة بيضاء وطلبوا مني البدء في التخطيط»، على حد قوله.
دمج العمليات
وهو يقوم بهذا منذ ذلك الحين، مما أدى الى تنمية أعمال «طيران الإمارات» وصولا الى الاتفاق الأخير لدمج العمليات مع كانتاس.
كيف حصل ذلك الاتفاق؟ دعا كلارك آلان جويس، الذي يدير كانتاس الى عزبة ولغان فالي، التي تبلغ مساحتها 4 آلاف فدان وتقع في شمالي سيدني. كان لديه حدس بأن بمقدرهما أن ينجزا الأمر، لأن بإمكانهما مساعدة بعضهما بعض. وان لم يحصل، فليكن.
في صباح أحد الأيام، ارتدى الرجلان قبعتيهما من أجل جولة في عربة تجرها الخيول. وضع كلارك مخططا للصفقة. وكلما طالت الجولة زاد اتفاق الرجلين على بنود الصفقة. وفي أثناء العشاء، أنجز الرجلان الصفقة واحتفلا بذلك.
يجوز لكلارك أن يندفع ويدعي أن التحالف الجديد بين شركة طيران راسخة وشركة الطيران الخليجية الحديثة التأسيس يدل على ضعف منافسيه. لكن بعض المراقبين يقولون إن تلك الصفقة لها علاقة بمشاكل تخص شركة طيران الامارات نفسها. فكونها أكبر زبون لطائرات ايرباص A380، فقد تأثرت كثيرا بالمشكلة التي اكتشفت مؤخرا وتتعلق بوجود تشققات في الأجنحة. إذ تم توقيف ما يصل إلى خمس طائرات من أصل 44 طائرة ايرباص A380 عن الخدمة مرة واحدة الى أن تصلح ايرباص المشكلة.
كما يقول المحللون إن التوسّع الكبير جدا لطيران الإمارات يضر بنتائجها المالية. إذ دشنت الشركة 22 خط رحلات جديدة بين مارس 2011 ومارس 2012.
ويعلق كلارك على ذلك قائلا: «خطوط الرحلات الجديدة مكلفة. كما هي حال الوقود الذي يشكل %43 من تكاليفنا. وهو ليس مدعوما من الحكومة. كل يوم لنا بمنزلة تحدي ومعركة نخوضها، لكننا سنحقق أرباحا جيدة. صفقتنا مع كانتاس لا علاقة لها بالضغوط، فغاية الصفقة تقديم منتج أفضل للزبون».
ويضيف كلارك خطوط رحلات وخدمات جديدة. خدمة واي فاي سريعة ورخيصة متوافرة بالفعل على طائرات طيران الامارات A380، وقريبا ستكون متوافرة على طائراتها فئة بوينغ 777، لأنه على قناعة بأنه فور عودة النمو الاقتصادي، سيزداد أعداد المسافرين على نحو كبير جدا.
«بعد أن غرق الاقتصاد في الركود، سيعود ويحقق قفزة ونحن نريد أن نكون مستعدين لهذه القفزة في دبي، وفي هيثرو وفي كل مكان».
هيثرو. لا حديث يكتمل مع من له علاقة بالطيران، ناهيك عن رئيس شركة طيران، دون طرح سؤال: كيف تحل مشكلة كهيثرو؟
يقول كلارك إن بوريس آلايند، وهي خطة بتكلفة 80 مليار جنيه استرليني لبناء 4 مدارج لإقلاع وهبوط الطائرات على مصبّ نهر التايمز التي تحظي بدعم عمدة لندن بوريس جونسون، ستكون «أفضل شيء على الإطلاق».
مشكلتان كبيرتان
لكن هناك مشكلتان كبيرتان تتعلقان بهذه الخطة. أولا أنها لن تحدث بسرعة، على كل حال. فكما يقول «استغرق الانتهاء من بناء محطة 5 في مطار هيثرو 17 عاما. وهو مبنى واحد. سأكون طاعنا في السن أو ميتا قبل أن يكتمل بناء مهبط جديد».
ثانيا، يعتقد كلارك أن المكان خطأ. فكما يقول «الناس يشتكون من مطار هيثرو، لكن شركات الطيران تريد السفر اليه كما هو حال المسافرين أيضا، لماذا؟ لأنه بامكان %25 من المسافرين أن يصلوا اليه في غضون 30 دقيقة فقط، وهو يخدم أجزاء كبير من أنحاء لندن وجنوبي شرق وغربي انكلترا. ويمكن الوصول اليه بسهولة من الطرق السريعة M4 وM3 وM1. ولا تنطبق أي من هذه الأمور على بوريس آيلاند».
وبدلا من التخطيط لمركز جديد، ينبغي على بريطانيا أن تعمل على ما يجعل من مطار هيثرو أكثر فعالية وكفاءة، وفق كلارك الذي يضيف «يقول الناس ألا يوجد للمطار طاقة استيعابية. وهذا غير صحيح». فالطائرات الحديثة، حتى الكبيرة منها مثل A380 تقلع وتهبط بهدوء أكثر من ذي قبل، وهو ما ينبغي أن يمكن مطار هيثرو من العمل في وقت أبكر في الصباح وفي وقت متأخر في الليل.
كما أن استخدام مدرجي هيثرو للإقلاع والهبوط، بدلاً من استخدام واحد للإقلاع، وآخر للهبوط، من شأنه أن يزيد من عدد الرحلات. ويمكن نقل بعض خدمات المطار لرحلات المسافات القصيرة إلى مطارات لندن والمطارات المحلية الأخرى، ما يفسح المجال أمام مزيد من رحلات المسافات الطويلة.
«إذا فعلوا ذلك، فسيكون في مقدور هيثرو استقبال 120 مليون مسافر سنوياً»، أي بزيادة 50 مليون مسافر عن الوقت الراهن. ومن حسن حظه أن تلك المشكلات ليست مسؤوليته.
فمطار دبي الدولي يجري بالفعل عمليات توسع، إذ سيفتتح جناح جديد بلغت تكلفة بنائه ملياري جنيه إسترليني، وهو الأول الذي صمم خصيصاً لطائرات A380 في مطلع العام الحالي، الأمر الذي سيمكن المطار من التعاطي مع 15 مليون مسافر سنوياً. وبحلول ذلك الوقت، سيكون مطار دبي كبيراً جداً ومتطوراً للغاية، بحيث يبدو كما لو كان خارج من أحد أفلام جيمس بوند.
وكرجل إنكليزي أمضى حياته المهنية وهو يصارع قوى عالمية كبيرة عازمة على تدميره، ويشعر، الآن، أن الأمور دانت له، وتسير وفق ما يشتهيه، فقد راقت لكلارك الفكرة «اسمي جيمس بوند وسأقضي على كل هؤلاء الأشرار التافهون!».
أعمل في الجو..
لكني أحب البحر
يقول تيم كلارك: «أمر غريب بالنسبة لرجل يجري السفر عبر الجو في دمائه، إلا أن لدي شغف حقيقي بكل شيء له علاقة بالبحر. عندما أسافر في عطلة، فإنني أفضل الرحلات البحرية، وهو أمر يليق أكثر بشخص في الثمانينات من عمره، ولكنني أحب البحر جداً».
ويضيف: «أعتقد أن ذلك يعود إلى الأيام التي كنت أرى فيها والدي في البحر، إذ اعتلى البحر وهو في الرابعة عشرة من عمره إلى أن أصبح كابتن ناقلة نفط وأبحر في كل بقاع الأرض».
من هو؟
تاريخ الميلاد: 22 نوفمبر 1949
الحالة الاجتماعية: متزوج ولديه ثلاثة أبناء
المدرسة: كلية كينت، كانتربري
الجامعة: لندن (الاقتصاد)
الوظيفة الأولى: خدمات المسافرين في شركة بريتش كالدونيان، غاتويك في مارس 1972
الأجر: غير معلوم
المنازل: في بارنت غرين ورسيستيرشاير وليسمور في أيرلندا ودبي
السيارة: مرسيدس S500
الكتاب المفضل: Birdsong لمؤلفه سباستيان فولكس
الفيلم المفضل: السقوط (Downfall) من بطولة برونو غانز
الموسيقى: الريفية
الجهاز الإلكتروني: آيباد
آخر عطلة: في أيرلندا
يوم عمل: من 5.20 صباحاً إلى 6 مساء
يقضي تيم كلارك معظم وقته في رحلات العمل في الخارج، ولكن حين يكون في دبي، يستيقظ في الساعة 5.20 صباحاً، ويكون في مكتبه في الساعة 6.30 صباحاً. معظم أيام العمل تشمل اجتماعات متلاحقة داخلية وخارجية. يلتقي برئيسه الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس مجلس إدارة المجموعة ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل. ويكون في الجمنيزيوم في الساعة 5.15 عصراً، وفي منزله بحلول الساعة 6 مساء.
بار بومان.. نموذج لا يشبه غيره مصرفي سويدي: عيبٌ أن يطلب أي بنك دعماً حكومياً
بار بومان
ايمان عطية
مرة أو مرتان في العام، يقوم بار بومان بوضع شارة ذهبية كتب عليها «قيد التعليم». ويقضي اليوم في خدمة الزبائن في فرع من فروع بنك هانديلزبانكن. يقوم الرئيس التنفيذي لأحد أكبر بنوك السويد وأحد أكثر الجهات المقرضة المدروسة في العالم، بذلك ليكتسب معرفة دقيقة برغبات الزبائن واحتياجاتهم. فعلي سبيل المثال، وبينما أوقفت معظم البنوك السويدية التعامل مع السيولة النقدية في معظم فروعها، يسمح بنك هانديلزبانكن للناس بإيداع الأموال وسحبها في جميع أفرعه، رغم تكلفة هذا النوع من المعاملات.
هذا النهج أدى ببعض المنافسين إلى وصف هانديلزبانكن بـ «طالبان» لاتباعه نهجاً أصولياً في العمل المصرفي، ولكن يبدو أن الصناعي السابق البالغ من العمر 51 عاماً، والذي تحول إلى مصرفي مستمتع بهذا الوصف. ويقول في مقابلة صحفية في مقر البنك المطل على القصر الملكي في استوكهولم: «من الطبيعي أن الأمر سيكون أسهل قليلاً على الآخرين إذا قمنا بمنع التعامل بالسيولة النقدية، ولكننا لم نفعل، وهنا يكمن الفرق الشديد الوضوح وهو أن الزبائن يريدون ذلك».
إغضاب المنافسين
ويبدو بومان مسروراً لقدرته على إغضاب منافسيه بمهارة، من خلال النهج الذي يتبعه، ويبدو مبسطاً ويتمثل في وضع الزبائن أولاً، وتأسيس أفرع تقدم القروض والرهونات العقارية للشركات والسكان المحليين فقط، وعدم دفع مكافآت، وعدم استخدام ميزانية سنوية في أي جزء من البنك. السخرية من البنك وإطلاق وصف «طالبان» عليه جاءا عندما رفض هانديلزبانكن، وحده من بين البنوك السويدية الكبيرة، مساعدة الحكومة أثناء الأزمة المالية، ما أثار حفيظة المنافسين.
نموذج هانديلزبانكن المتمثل في «العودة إلى المستقبل»، كما يطلق عليه آندي هالدين رئيس الاستقرار المالي في بنك إنكلترا، جذب اهتمام الجهات التنظيمية الخارجية والمستثمرين ذلك أن البنك يقدم واحدة من أفضل العائدات، وأعلى معدلات لرأس المال من أي بنك آخر. وكان هالدين قال في كلمة له العام الماضي «نموذج عملهم رائع، بل حتى محافظ جداً في توجهه».
حساب المخاطر
يجسّد بومان رؤية البنك للعالم، ويطعم حديثه بتعليقات وعبارات قلما ينطق بها مصرفي آخر. يتحدث عن أنه قضى «5000 سنة» في دراسة كيفية حساب مخاطر الائتمان لنبذ الطريقة التي قدّم بها العديد من البنوك قروضاً في السنوات الأخيرة.
رؤيته حول دور هانديلزبانكن في المجتمع يتمثل في أنه فقط «متعهد بالباطن ومورد للاقتصاد الحقيقي»، وبأنه لا ينبغي على البنوك أن تقبل بأي مساعدة من الدولة، لأن في ذلك تحويل للأموال عمن هم بحاجة حقيقية إليها.
ولعل ذلك يكشف خلفيته في الصناعة: فبعد أن درس الهندسة في الجامعة، عمل ميكانيكيا قبل أن يشغل وظائف إدارية في شركتي «ساب سكانيا» و«أدامسونز ترانسبورت»، ومن ثم التحق بمصرف هانديلزبانكن، وهو في الثلاثين من عمره.
يقول محلل مصرفي في لندن «أنا من المعجبين جدا به. أحد الأمور القليلة التي تفتن محللاً مثلي هي حكمة بومان الشبيهة ببوفيت». تلك الحكمة مزيج بين التقليدية والحداثة.
يتمتع بومان بحس قوي تجاه تاريخ البنك. «التحدي الذي تواجهه الصناعة المصرفية هي أن دورة الأعمال طويلة جدا. تأسس البنك في عام 1871، وأول أزمة مالية مررنا بها كانت في 1876 بسبب سندات السكك الحديدية. وإذا اطلعت على تاريخنا، فلدينا توثيق جيد جدا له في السرداب، لقد حفظنا محاضر جميع اجتماعات مجلس الإدارة لأكثر من 140 عاما»، يقول ذلك وهو يعطي انطباعاً بأنه قرأ معظم تلك المحاضر.
أزمات
الدرس الأساسي الذي تعلّمه من جميع تلك الأوراق والوثائق، هو أن هناك أزمة مالية كل 15 - 20 عاما. ولذلك يعتقد بومان أن واحدة من مهامه الرئيسية والمهمة هي تذكير المديرين الجدد الشباب بذلك: أن «يضعوا في اعتبارهم أن الأمور يجب أن تكون قوية، قوية جدا بحيث تتمكن من الاستمرار في إدارة الأعمال ليس في الأوقات الجيدة وحسب، ذلك أن إدارة بنك في الأوقات الجيدة أمر سهل جدا، بل أيضاً أثناء الأوقات الصعبة. عندها عليك أن تستخدم أدوات الحماية وأن تكون مستعدا».
يعمل كبار المديرين على فحص والتدقيق في محفظة القروض بأكملها 4 مرات في السنة ويدرسون الوثائق والمستندات المتعلقة بالقروض التي تتجاوز مليون كرونة سويدية (153 ألف دولار) سنويا. وأي خسارة في الائتمان تتجاوز 5 ملايين كرونة سويدية (765 ألف دولار) يتم إخضاعها للتحليل من قبل الادارة العليا.
ويتم تكليف مديري الأفرع بمسؤوليات كبيرة: ليس لديهم ميزانية محددة، وعليهم أن يتعاملوا مع القروض المتعثرة بأنفسهم. ويجري السيطرة على التكاليف بشكل كبير من خلال «ضغط الأنداد»: اذ يبدو أن دافع المديرين الى ذلك هو الشعور بالفخر في موازنة دفاترهم.
وتتخذ الأفرع القرارات المتعلقة بالقروض، بدلا من الحسابات الخوارزمية، وتستند بشكل محض الى ما ذا كانت الشركة لديها التدفق النقدي اللازم والكافي لخدمة دينها. ويرفض بومان الممارسة الحديثة المتمثلة بالاعتقاد بأن أي قرض، مهما كانت مخاطره، يمكن تقديمه طالما السعر مرتفع كفاية. «يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن تحصل على جواب فيما يتعلق بما اذا كان هو السعر المناسب أم لا؟ وعندما يتبين لك أن السعر لم يكن مناسبا، تكون قد قمت أصلا بتوزيع الأرباح على مساهمي البنك في الأوقات الجيدة».
ولا يحظى نهج هانديلزبانكن دوما بالرواج بين المستثمرين، لكنه يجسد روح العصر الحالي.
تصنيفات
يتذكر بومان قصة بشأن الأصول المصنفة عند AAA، التى يفترض أنها الأكثر أمانا على الاطلاق، والتى تؤكد رغبته بعدم الانسياق والبقاء متماسكا وثابتا على مبدئه. جاء بعض المصرفيين الأميركيين العاملين في مجال العمليات الاستثمارية لبيع بعض السندات المقومة بالرهونات العقارية الى هانديلزبانكن قبل الأزمة المالية والتى تقدم عائدا بنسبة 8 – 9 % نظير ، كما صاغها بومان، «القيام بلا شيء». وقد قام مجموعة من المديرين التنفيذيين، برئاسته، بزيارة المصرفيين في نيويورك وطلبوا رؤية الوثائق الأساسية للرهونات العقارية، لكن الأمر لم يكن ممكنا. لهذا قام بومان بزيارة الساحل الغربي وزار بعض المنازل المستخدمة في السندات. ويضيف بكل بساطة « كان واضحا جدا أنه لايناسبنا».
كل هذا يتطلب صلابة واصرارا من نوع خاص. «بالاستناد الى حقيقة أن دورة الأعمال طويلة جدا وأن الذاكرة ليست هكذا دائما. نعرف أنه ينبغي علينا أن نعد أنفسنا للأوقات الصعبة وعندما تبدأ في القيام بذلك لا تتلقى دائما دعما كبيرا من سوق الأسهم».
وعلى الرغم من هذا النهج الذي يبدو قديم الطراز، فان لدى هانديلزبانكن بعض الجوانب الحديثة. فهو يتوسع في بريطانيا، على سبيل المثال، بوتيرة تلائم اكثر متاجر بيع الملابس بالتجزئة، يحيث يفتح فرعا كل أسبوعين. وفي الواقع، يقول برومان انه يتطلع الى ما يتخطى الصناعة المصرفية من أجل الأهم في العديد من المجالات. نموذج توسع البنك يأتي على غرار النمو السريع لمتاجر بيع بالتجزئة مثل ايكيا وهينيز آند موريتز، اللذين يقارن بهما البنك دائما بسبب التركيز على المدى البعيد.
فيديو
أحدث مشاريع البنك كان انشاء قناة فيديو خاصة به على موقعه الالكتروني، التى سرعان ما أصبحت خدمة أخبار رائدة على الانترنت. ويقول بومان انه لا يوجد أي موقع الكتروني لبنك سويدي لديه فيديو كليبات لكن عندما «سألنا زبائننا عن الطريقة التى يرغبون من خلالها في الحصول على معلومات قالوا فيديو كليبات».
هذا التركيز على تجربة العملاء هو ما يشدد بومان على أنه ما يميز مصرفه عن نظرائه. «نحن نحاول حقا أن نطور نموذج عملنا وما الى ذلك. لكن في نهاية المطاف، كل هذا العمل يختزل عندما يلتقي الزبون مع البنك: عبر الهاتف وعلى الانترنت والهاتف النقال ومن خلال التطبيقات أو في الفرع».
ويضيف «يجب عليك أن تكون موجودا في كل تلك المواقف والأماكن وأن تحاول أن تفهم ان كان جيدا بما يكفي أم لا؟ وقد يقول البعض ان ذلك نوع من الادارة الجزئية».
لكن رده على تلك الانتقادات هو أن نجاح المصرفي يتعلق بتفاصيل التفاعل مع الزبائن. «هذا هو مايتعلق به الأمر».
موقف للتاريخ
رفض رئيس بنك هانديلز بانكن السويدي بار بومان قبول اي دعم حكومي لمصرفه، وقال: حولوا الاموال الى من هم في حاجة اليها!.. وهذا ما اثار حفيظة منافسيه من المصرفيين الآخرين.
بار بومان.. نموذج لا يشبه غيره مصرفي سويدي: عيبٌ أن يطلب أي بنك دعماً حكومياً
بار بومان
ايمان عطية
مرة أو مرتان في العام، يقوم بار بومان بوضع شارة ذهبية كتب عليها «قيد التعليم». ويقضي اليوم في خدمة الزبائن في فرع من فروع بنك هانديلزبانكن. يقوم الرئيس التنفيذي لأحد أكبر بنوك السويد وأحد أكثر الجهات المقرضة المدروسة في العالم، بذلك ليكتسب معرفة دقيقة برغبات الزبائن واحتياجاتهم. فعلي سبيل المثال، وبينما أوقفت معظم البنوك السويدية التعامل مع السيولة النقدية في معظم فروعها، يسمح بنك هانديلزبانكن للناس بإيداع الأموال وسحبها في جميع أفرعه، رغم تكلفة هذا النوع من المعاملات.
هذا النهج أدى ببعض المنافسين إلى وصف هانديلزبانكن بـ «طالبان» لاتباعه نهجاً أصولياً في العمل المصرفي، ولكن يبدو أن الصناعي السابق البالغ من العمر 51 عاماً، والذي تحول إلى مصرفي مستمتع بهذا الوصف. ويقول في مقابلة صحفية في مقر البنك المطل على القصر الملكي في استوكهولم: «من الطبيعي أن الأمر سيكون أسهل قليلاً على الآخرين إذا قمنا بمنع التعامل بالسيولة النقدية، ولكننا لم نفعل، وهنا يكمن الفرق الشديد الوضوح وهو أن الزبائن يريدون ذلك».
إغضاب المنافسين
ويبدو بومان مسروراً لقدرته على إغضاب منافسيه بمهارة، من خلال النهج الذي يتبعه، ويبدو مبسطاً ويتمثل في وضع الزبائن أولاً، وتأسيس أفرع تقدم القروض والرهونات العقارية للشركات والسكان المحليين فقط، وعدم دفع مكافآت، وعدم استخدام ميزانية سنوية في أي جزء من البنك. السخرية من البنك وإطلاق وصف «طالبان» عليه جاءا عندما رفض هانديلزبانكن، وحده من بين البنوك السويدية الكبيرة، مساعدة الحكومة أثناء الأزمة المالية، ما أثار حفيظة المنافسين.
نموذج هانديلزبانكن المتمثل في «العودة إلى المستقبل»، كما يطلق عليه آندي هالدين رئيس الاستقرار المالي في بنك إنكلترا، جذب اهتمام الجهات التنظيمية الخارجية والمستثمرين ذلك أن البنك يقدم واحدة من أفضل العائدات، وأعلى معدلات لرأس المال من أي بنك آخر. وكان هالدين قال في كلمة له العام الماضي «نموذج عملهم رائع، بل حتى محافظ جداً في توجهه».
حساب المخاطر
يجسّد بومان رؤية البنك للعالم، ويطعم حديثه بتعليقات وعبارات قلما ينطق بها مصرفي آخر. يتحدث عن أنه قضى «5000 سنة» في دراسة كيفية حساب مخاطر الائتمان لنبذ الطريقة التي قدّم بها العديد من البنوك قروضاً في السنوات الأخيرة.
رؤيته حول دور هانديلزبانكن في المجتمع يتمثل في أنه فقط «متعهد بالباطن ومورد للاقتصاد الحقيقي»، وبأنه لا ينبغي على البنوك أن تقبل بأي مساعدة من الدولة، لأن في ذلك تحويل للأموال عمن هم بحاجة حقيقية إليها.
ولعل ذلك يكشف خلفيته في الصناعة: فبعد أن درس الهندسة في الجامعة، عمل ميكانيكيا قبل أن يشغل وظائف إدارية في شركتي «ساب سكانيا» و«أدامسونز ترانسبورت»، ومن ثم التحق بمصرف هانديلزبانكن، وهو في الثلاثين من عمره.
يقول محلل مصرفي في لندن «أنا من المعجبين جدا به. أحد الأمور القليلة التي تفتن محللاً مثلي هي حكمة بومان الشبيهة ببوفيت». تلك الحكمة مزيج بين التقليدية والحداثة.
يتمتع بومان بحس قوي تجاه تاريخ البنك. «التحدي الذي تواجهه الصناعة المصرفية هي أن دورة الأعمال طويلة جدا. تأسس البنك في عام 1871، وأول أزمة مالية مررنا بها كانت في 1876 بسبب سندات السكك الحديدية. وإذا اطلعت على تاريخنا، فلدينا توثيق جيد جدا له في السرداب، لقد حفظنا محاضر جميع اجتماعات مجلس الإدارة لأكثر من 140 عاما»، يقول ذلك وهو يعطي انطباعاً بأنه قرأ معظم تلك المحاضر.
أزمات
الدرس الأساسي الذي تعلّمه من جميع تلك الأوراق والوثائق، هو أن هناك أزمة مالية كل 15 - 20 عاما. ولذلك يعتقد بومان أن واحدة من مهامه الرئيسية والمهمة هي تذكير المديرين الجدد الشباب بذلك: أن «يضعوا في اعتبارهم أن الأمور يجب أن تكون قوية، قوية جدا بحيث تتمكن من الاستمرار في إدارة الأعمال ليس في الأوقات الجيدة وحسب، ذلك أن إدارة بنك في الأوقات الجيدة أمر سهل جدا، بل أيضاً أثناء الأوقات الصعبة. عندها عليك أن تستخدم أدوات الحماية وأن تكون مستعدا».
يعمل كبار المديرين على فحص والتدقيق في محفظة القروض بأكملها 4 مرات في السنة ويدرسون الوثائق والمستندات المتعلقة بالقروض التي تتجاوز مليون كرونة سويدية (153 ألف دولار) سنويا. وأي خسارة في الائتمان تتجاوز 5 ملايين كرونة سويدية (765 ألف دولار) يتم إخضاعها للتحليل من قبل الادارة العليا.
ويتم تكليف مديري الأفرع بمسؤوليات كبيرة: ليس لديهم ميزانية محددة، وعليهم أن يتعاملوا مع القروض المتعثرة بأنفسهم. ويجري السيطرة على التكاليف بشكل كبير من خلال «ضغط الأنداد»: اذ يبدو أن دافع المديرين الى ذلك هو الشعور بالفخر في موازنة دفاترهم.
وتتخذ الأفرع القرارات المتعلقة بالقروض، بدلا من الحسابات الخوارزمية، وتستند بشكل محض الى ما ذا كانت الشركة لديها التدفق النقدي اللازم والكافي لخدمة دينها. ويرفض بومان الممارسة الحديثة المتمثلة بالاعتقاد بأن أي قرض، مهما كانت مخاطره، يمكن تقديمه طالما السعر مرتفع كفاية. «يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن تحصل على جواب فيما يتعلق بما اذا كان هو السعر المناسب أم لا؟ وعندما يتبين لك أن السعر لم يكن مناسبا، تكون قد قمت أصلا بتوزيع الأرباح على مساهمي البنك في الأوقات الجيدة».
ولا يحظى نهج هانديلزبانكن دوما بالرواج بين المستثمرين، لكنه يجسد روح العصر الحالي.
تصنيفات
يتذكر بومان قصة بشأن الأصول المصنفة عند AAA، التى يفترض أنها الأكثر أمانا على الاطلاق، والتى تؤكد رغبته بعدم الانسياق والبقاء متماسكا وثابتا على مبدئه. جاء بعض المصرفيين الأميركيين العاملين في مجال العمليات الاستثمارية لبيع بعض السندات المقومة بالرهونات العقارية الى هانديلزبانكن قبل الأزمة المالية والتى تقدم عائدا بنسبة 8 – 9 % نظير ، كما صاغها بومان، «القيام بلا شيء». وقد قام مجموعة من المديرين التنفيذيين، برئاسته، بزيارة المصرفيين في نيويورك وطلبوا رؤية الوثائق الأساسية للرهونات العقارية، لكن الأمر لم يكن ممكنا. لهذا قام بومان بزيارة الساحل الغربي وزار بعض المنازل المستخدمة في السندات. ويضيف بكل بساطة « كان واضحا جدا أنه لايناسبنا».
كل هذا يتطلب صلابة واصرارا من نوع خاص. «بالاستناد الى حقيقة أن دورة الأعمال طويلة جدا وأن الذاكرة ليست هكذا دائما. نعرف أنه ينبغي علينا أن نعد أنفسنا للأوقات الصعبة وعندما تبدأ في القيام بذلك لا تتلقى دائما دعما كبيرا من سوق الأسهم».
وعلى الرغم من هذا النهج الذي يبدو قديم الطراز، فان لدى هانديلزبانكن بعض الجوانب الحديثة. فهو يتوسع في بريطانيا، على سبيل المثال، بوتيرة تلائم اكثر متاجر بيع الملابس بالتجزئة، يحيث يفتح فرعا كل أسبوعين. وفي الواقع، يقول برومان انه يتطلع الى ما يتخطى الصناعة المصرفية من أجل الأهم في العديد من المجالات. نموذج توسع البنك يأتي على غرار النمو السريع لمتاجر بيع بالتجزئة مثل ايكيا وهينيز آند موريتز، اللذين يقارن بهما البنك دائما بسبب التركيز على المدى البعيد.
فيديو
أحدث مشاريع البنك كان انشاء قناة فيديو خاصة به على موقعه الالكتروني، التى سرعان ما أصبحت خدمة أخبار رائدة على الانترنت. ويقول بومان انه لا يوجد أي موقع الكتروني لبنك سويدي لديه فيديو كليبات لكن عندما «سألنا زبائننا عن الطريقة التى يرغبون من خلالها في الحصول على معلومات قالوا فيديو كليبات».
هذا التركيز على تجربة العملاء هو ما يشدد بومان على أنه ما يميز مصرفه عن نظرائه. «نحن نحاول حقا أن نطور نموذج عملنا وما الى ذلك. لكن في نهاية المطاف، كل هذا العمل يختزل عندما يلتقي الزبون مع البنك: عبر الهاتف وعلى الانترنت والهاتف النقال ومن خلال التطبيقات أو في الفرع».
ويضيف «يجب عليك أن تكون موجودا في كل تلك المواقف والأماكن وأن تحاول أن تفهم ان كان جيدا بما يكفي أم لا؟ وقد يقول البعض ان ذلك نوع من الادارة الجزئية».
لكن رده على تلك الانتقادات هو أن نجاح المصرفي يتعلق بتفاصيل التفاعل مع الزبائن. «هذا هو مايتعلق به الأمر».
موقف للتاريخ
رفض رئيس بنك هانديلز بانكن السويدي بار بومان قبول اي دعم حكومي لمصرفه، وقال: حولوا الاموال الى من هم في حاجة اليها!.. وهذا ما اثار حفيظة منافسيه من المصرفيين الآخرين.
يقود «اتش أس بي سي الشرق الأوسط» وسط العواصف العاتية سايمون كوبر.. صاحب اليد القوية على المقود
أب لابنتين قدم إلى دبي بعد مسيرة في دول آسيوية عدة
السنوات الثلاث ونصف السنة التي أمضاها سايمون كوبر في بنك اتش اس بي سي الشرق الأوسط، جاءت في خضم أزمة مالية اقليمية وتغيير في الادارة وتداعيات الاتهامات الأميركية الموجهة للبنك بغسل أموال أو انتهاك العقوبات الدولية على ايران.
عهد الى كوبر، الذي يوصف داخليا بـ «اليد القوية على المقود»، بمهمة اعادة تنظيم ما تم الاعتياد على وصفه بـ«بنك العالم المحلي» وتحويله الى مصرف أصغر حجما مخصص لأعمال البنك الأكثر ربحية في المنطقة.
تم اقصاء كبار المديرين لافساح المجال أمام فريق جديد لما بعد الأزمة أعاد تركيز الاهتمام على أكبر اقتصاد في المنطقة، وهي السعودية وأكثر بلدانها تعدادا سكانيا وهي مصر، اضافة الى الامارات وعمان.
في الامارات، اشتري «اتش اس بي سي» أصول مجموعة لويدز المصرفية. كما اندمج البنك مع بنك عمان الدولي مما أدى الى انشاء أكبر مؤسسة مالية في السلطنة.
ويقول كوبر «اذا ما نظرنا الى السنوات الخمس الماضية، لا أرى أي مؤسسة مالية استثمرت اقليميا بالقدر نفسه».
ولعل البنوك العالمية المنافسة الأخرى تختلف معه في هذا الرأي، مشيرة الى أنها كانت أكثر قوة في اقراض الزبائن المحليين من بنك «اتش اس بي سي». كما تقوم المصارف المحلية في المنطقة باستحواذات كبيرة في رهانها على النمو في أسواق تتسم بالمخاطر العالية كمصر.
تغير البنك
لكن في أي من الاتجاهين؟ فقد تغير مصرف اتش اس بي سي خلال السنوات القليلة الماضية، منذ أن تولى كوبر المنصب بسبب الأزمة المالية والاضطرابات الناجمة عن الثورات العربية.
وكان على كوبر، الذي يشار اليه في بعض الأحيان على أنه المرشح المحتمل لأكبر منصب في البنك، أن ينظف الميزانية العمومية التي انطوت على تجنيب مخصصات كبيرة لتغطي القروض الطائشة التي قدمت في أثناء الطفرة والقيام بعدة جولات من تسريح الموظفين.
انسحب «اتش اس بي سي»، متبعا خطى البنك الأم العالمي، من أسواق تقدم عائدات محدودة. وقد يتساءل البعض عما اذا كانت عملية تحديد الأولويات تلك ستقوض الارث التاريخي لسلفه وهو البنك البريطاني للشرق الأوسط.
فيرد قائلا «من الواضح أننا سنركز على مناطق يمكن أن نزيد فيها النمو الى اقصى حد، لكننا لا نريد أن نخرج رؤوس الأموال من أسواق أخرى. سندير ذلك بحذر ودقة، لكن لا يمكن معاملة الجميع بالطريقة نفسها، لابد من تحديد أولويات الاستثمار».
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو الى أي مدى يمكن للبنك أن يترجم هذه الأولويات الجديدة الى أرباح أكثر؟.
يتعين على كوبر أن يعزز ارثه كرئيس تنفيذي خلال الأشهر الثمانية عشرة المقبلة. فكما يقول «آمل أن أكمل خمس سنوات».
فترة توليه المنصب شملت أيضا تداعيات ناجمة عن قضايا تنظيمية سابقة. اذ يدفع «اتش اس بي سي» غرامة بقيمة 1.9 مليار دولار لتسوية قضية الاتهامات الأميركية بتراخي معايير البنك في غسل الأموال والأنشطة الايرانية.
كما عمل «ستاندارد تشارترد»، البنك العالمي الآخر الرائد في المنطقة، على تسوية اتهامات وجهت اليه تتعلق بايران.
وقد تراجعت تجاوزات «اتش اس بي سي»، التي حصلت خلال فترة منتصف التسعينات مع تشديد قواعد الامتثال خلال السنوات الست الماضية.
اذ يدعي الكثير من الايرانيين المقيمين في دبي، على سبيل المثال أن البنك لم يعد يتعامل مع زبون يبدو من أصول فارسية.
العقوبات الصارمة لم تصعب الحياة على النظام في طهران وحسب، بل عاقبت التجارة القانونية التي دعمت على مدى عقود اقتصاد اعادة التصدير في ميناء دبي.
ويقول كوبر، الذي لم ينجر الى أي نقاش حول مدى فعالية وتأثير العقوبات الأميركية التي تتجاوز الحدود الاقليمية، ان البنك سيعمل على الحفاظ على معايير عالمية صارمة، لكنه أشار الى أنه لا شيء غير قانوني في القيام بمعاملات مع مقيم ايراني في الامارات التي لا تخضع للعقوبات الأميركية.
وبينما تضررت تجارة دبي التاريخية مع ايران، الا أن الامارة تمكنت من الوصول الى مستويات التدفق التجاري التي بلغتها قبل الأزمة وسط انتعاش كبير من أزمة الدين التي اندلعت بعد شهور قليلة فقط على وصول كوبر.
ويرى أن دور الامارات كملاذ آمن، جنبا الى جنب مع بنيتها التحتية الممتازة، يشكلان العامل الأساسي والمركزي في هذا الانتعاش. ويضيف «يأتي الى هنا الكثير من الناس قادمون من البلدان التي تأثرت بالربيع العربي لقضاء العطلات والاستثمار، مما أدى الى استفادة الامارات من الربيع العربي».
دراسته وخبرته
بعد أن تخرج في جامعة كمبريدج، حيث بدأ بدراسة الاقتصاد قبل أن يتحول الى دراسة القانون، التحق ببنك تجاري انضوى لاحقا تحت مظلة «اتش اس بي سي».
وقد أمضى كوبر، الذي يتسم بولائه واخلاصه الشديدين لعمله ويستمتع بلعبتي الرغبي والغولف، معظم مسيرته المهنية منذ ذلك الحين في آسيا، شملت مهام في سنغافورة وهونغ كونغ وتايلند.
جاء كوبر، الأب لابنتين، الى دبي قادما من كوريا الجنوبية حيث كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي.
وفي حال كان الانتقال الى الشرق الأوسط في البداية درجة جديدة على سلم الترقية الوظيفية للشركة، الا أنه بات يعتقد الآن أن أحد عوامل مرونة الشرق الأوسط خلال الأزمة، والمتثمل بعلاقاتها المزدهرة مع آسيا، يتطور ليصبح ظاهرة مثيرة للاهتمام بالنسبة للمصرفيين.
ويتابع قائلا «ماحدث هنا يتعلق كثيرا بتفكير الناس، لكن بصدق العلاقات بين آسيا والشرق الأوسط تنمو باطراد».
والشركات الكورية، مثل تلك التي تعمل على البرنامج النووي المدني للامارات، أصبحت ذات حضور أكثر وضوحا، كما أن الزيادة في أعداد السياح الآسيويين تشير الى «نقطة تحول مهمة الى الشرق الأوسط»، على حد قوله.
لكن ذلك لايعني أن المنطقة ستتحول بعيدا عن الغرب. فكما يقول «المنطقة تتسم بالبراغماتية والعقلية فيها لم تقم بعملية دوران الى الخلف U-turn لقطع التعامل مع الغرب، بل أدركت حاجتها لوجود زيادة في التركيز على الشرق وهذا ما تقوم به».
كريس هيوز نموذجاً هجرة معاكسة من الإعلام الرقمي إلى المكتوب
إيمان عطية
أي شخص يريد أن يشعر بالرضا والارتياح حيال ما حققه من إنجازات في حياته، عليه ألا يلتقي كريس هيوز. فهذا الشاب اليافع الذي ما زال أمامه 9 أشهر حتى يبلغ الثلاثين من عمره، حقق ثروة تصل إلى 600 مليون دولار على الأقل، وشارك في اثنين من أكثر المشروعات نجاحاً في السنوات الأخيرة: فيسبوك وحملة باراك أوباما الرقمية للرئاسة في 2008، ويقضي وقته، الآن، وبعضاً من ماله في محاولة إحياء مجلة سياسية ليبرالية عمرها قرن من الزمان «ذا نيو ريبابليك» التي أعيد إصدارها الشهر الماضي وسط ضجة كبيرة.
يقول هيوز في مزيج من التواضع والثقة «لقد كنت محظوظاً على نحو لا يصدق». بدا هيوز بشعره الأشقر ووسامته المفعمة بالنشاط كما لو كان إعلاناً لنمط حياة وأناقة الأثرياء الشباب الذين يتسمون بالكلاسيكية. ويضيف «أن تكون جزءاً من واحدة من كبرى الشركات في السنوات العشر الماضية، وجزءاً من عالم أوباما، وأن تتاح لك الفرصة، الآن، لإحياء هذه المجلة البالغة من العمر 100 عام، أشعر بأنني محظوظ على نحو لا يصدق».
مارك زوكربيرغ
حتماً كان هيوز محظوظاً، فمن حسن طالعه أنه حين كان طالباً للآداب والتاريخ في جامعة هارفارد أصبح صديقاً لمارك زوكربيرغ ورتبا معاً لتقاسم غرفة نوم في سكن الطلبة في سنتهما الثانية من الدراسة، وهي السنة نفسها التي بدأ فيها طالب علوم الكمبيوتر وعلم النفس في تطوير موقع التواصل الاجتماعي الذي أطلق عليه «ذي فيسبوك».
ولكن من الواضح، أيضاً، أن هيوز عمل جاهداً لتدعيم حظه، ولد ونشأ في مدينة هيكوري في ولاية نورث كارولينا. وهو الابن الوحيد لبائع الصحف ومدرس الرياضيات، الذي رباه على أن في استطاعته أن يفعل أي شيء يرغب فيه. في الخامسة عشرة من عمره، وعملاً بنصيحة والديه، تقدّم دون علمهم بطلب التحاق إلى بعض أفضل المدارس الثانوية في الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن يعلن أنه قد تم قبوله للدراسة في فيليبس أكاديمي في أندوفير، وهي المدرسة التي درس فيها الرئيسان جورج بوش الأب والابن، بمنحة دراسية كاملة. وكانت مدرسة فيليبس هي التي قادته إلى جامعة هارفارد وفيسبوك.
وبالعودة إلى التحدي الجديد الذي دخله، يتحدث هيوز عن خططه من أجل «ذي نيو ريبابليك» التي يشغل فيها منصب رئيس التحرير، قائلاً: «سنبتعد عن الرأي السياسي، وهو ما فعلته المجلة في معظم تاريخها، ونتجه نحو الصحافة الموضوعية والتقارير».
وعند الإشارة إلى أن هذا النوع من الصحافة الذي تغطيه بالفعل «ذي نيويوركر» وعلى نحو جيد، قال هيوز إن هناك متسعاً لمجلة أخرى في هذا المجال. ومن الطبيعي أن يضم العدد الأول، بعد إعادة إصدار الجريدة، مقابلة في المكتب البيضاوي مع رئيس هيوز السابق أوباما، التي لقيت أصداء جيدة، وإن أثارت بعض الدهشة، لكون هيوز ومحرر المجلة فرانك فوير هما من أدارا الحوار بدلاً من صحافي سياسي محنك.
تحقيقات ونقد
«ذي نيو ربابليك»، التي تأسست في 1914 كمجلة أسبوعية، (تصدر الآن مرة كل أسبوعين)، كانت تعد يوماً المكان الطبيعي لليبراليين، وكان من بين قرائها جون إف كينيدي وجيمي كارتر ومن بين كتابها جورج أورويل وفيليب روث، ولكن هيوز يقول إنه لا يريد للمجلة أن توصف مرة أخرى بأنها مجلة ليبرالية، مشيراً إلى أنه سيركز أكثر على التحقيقات الصحفية. ويضيف: سنستمر في نقد الفنون الجميلة، ولكن إلى جانب نقد الأوبرا سيكون هناك نقد للمسلسل التلفزيوني الناجح لكاتبته لينا دنهام والذي تلعب فيه، أيضاً، دور البطولة «غيرلز».
ويتابع «الشيء الذي سيظل ثابتاً هو التركيز على فئة المتعلمين والمؤثرين. وهم ليسوا كثيرين، بل بضع ملايين وهم الناس الذين يعتريهم الفضول تجاه ما يحدث في العالم».
ويواصل حديثه بعد أن أخذته الحماسة حيال الموضوع «أريد أن يكون لدينا طاقم عمل من أناس لديهم وجهة نظر، ففكرة أن الكاتب ليس لديه رأي قد عفا عليها الزمن، ولكن لا أريد أن نكون صوتاً لأي أيدولوجية بعينها، إذ يجب أن تكون التغطية محايدة وغير منحازة».
ومن غير المفاجئ، طبعاً، أن يكون هيوز مدمناً على التكنولوجيا ويحمل جهاز آيباد ميني أينما ذهب. إصلاح مجلة «ذي نيو ربابليك» والتعديلات التي سيدخلها عليها تشمل موقعاً إلكترونياً وتطبيقات جديدة على أجهزة الكمبيوتر اللوحي لتسهل قراءة المجلة على الإنترنت وعلى أجهزة آيباد، ما يخلق «تجربة منسقة ومرقمة».
ولكن كيف له أن يتفادى مصير مجلة «نيوزويك» التي ورغم كونها واحدة من المجلات ذات العلامات التجارية التي حظيت بتقدير عالمي في السنوات الثمانين الماضية، فإنها توقفت، أخيراً، عن إصدار طبعة ورقية.
مسألة بيزنس
يرد قائلاً «ما زالت نيوزويك تصدر طبعة إلكترونية على الآيباد»، مؤكداً أن شراءه مجلة «ذي نيو ربابليك» مسألة بيزنس.
ويتابع «أعتقد بأن عهد الأرباح الكبيرة في صناعة الإعلام التي شهدها القرن العشرين قد انتهت إلى حد كبير، ولكننا قمنا بالكثير من الأبحاث ودراسة السوق ووجدنا شعوراً حقيقياً بأن المعلومات باتت تنهال على الناس طوال اليوم، لدرجة مربكة، وأنهم يريدون مصدراً أو اثنين يمكن اللجوء إليه، بحثاً عن العمق والتحليل والمحتوى».
وعلى الرغم من قوله إنه ليس لديه خطط لوقف نشر النسخة الورقية المطبوعة للمجلة، فإنه يرى بوضوح أن الهجرة إلى الشكل الرقمي أمر حتمي. «بعد أربع أو خمس سنوات من الآن، أعتقد بأننا سنصل إلى مرحلة لن يبدو فيها الانتقال من المطبوع إلى الآيباد كأنه موت لأي شيء، بل لن يعدو أكثر من كونه تطوراً طبيعياً»، على حد قوله. ويقول مازحاً إنه من غير المرجح أن تكون المجلة «فيسبوك المقبل».
كان هيوز الشاب الودود الذي يتمتع بفصاحة الحديث وجاذبية صبي يافع رجل المبيعات الطبيعي لفيسبوك بينما تولى الشباب ذو سترات الهوديس أعمال البرمجة. أطلقوا عليه لقب «إيمباث» أي الشاب المتعاطف مع الآخرين، وهو الدور الذي أكسبه حصة قوامها %1 في الشركة، ولكن في عام 2007، في الوقت الذي بدأ فيه الموقع ينطلق بقوة ويحقق نجاحاً، ترك هيوز فيسبوك للعمل مع طامح للرئاسة غير معروف نسبياً، ليصبح مدير عمليات وسائل الإعلام الجديدة لأوباما خلال فترة الانتخابات الأولية للحزب الديموقراطي والحملات الرئاسية.
باشر مهمته كما فعل مع فيسبوك عبر تأسيس مجتمع على الإنترنت يشعر من خلاله الناس بأنهم مرتبطون مع بعضهم البعض. وأصبح «ماي دوت باراك أوباما دوت كوم» الموقع الذي يتجه إليه الأنصار العاملون في الحملة الانتخابية في جميع أنحاء البلاد، وهو الذي ساعدهم على الطواف في البلاد لجمع أصوات الناخبين وإرسال رسائل البريد الإلكتروني للناخبين وجمع أكثر من 30 مليون دولار للحملة.
بيد أن ليس كل ما يلمسه هيوز يتحول إلى ذهب. فبعد حملة أوباما، أسس موقع الشبكة الاجتماعية للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية يدعى «جومو». إلا أن المشروع تعثر وتم استيعابه في موقع «غود» في غضون سنة.
مزاحمة تويتر
ثم قبل عام تقريباً، انتقل هيوز إلى «ذي نيو ريبابليك» واستحوذ على حصة أغلبية في المجلة بمبلغ لم يتم الإفصاح عنه. ومثلها مثل مجلات أخرى كثيرة، كانت مجلة تستنزف القراء والملاك والمحررين والأموال. وتراجع توزيعها إلى 34 ألف نسخة من ذروة تجاوزت 100 ألف نسخة قبل عقدين من الزمن.
وفي حقبة يبدو فيها أن العمل الصحفي بات يدار على نحو متزايد من خلال 140 حرفاً (تويتر)، يبدو ما أقدم عليه كما لو كان خطوة ثقافية معاكسة: كان هنا حس إعلامي جديد ينتقل إلى مجلة تقليدية ملتزمة بنشر مقالات مكونة من 10 آلاف كلمة مطبوعة على الورق وتسلم إلى القراء عبر البريد.
وبينما يعترف بأن زوكربيرغ يعتقد بأن انتقاله إلى الإعلام القديم أمر «غريب تماماً»، إلا أن هيوز يرى أن من هم في مثل سنه من أبناء حقبة «تويتر» ما زالوا يقرأون. ويقول في هذا الصدد «أظهر تقرير لمركز بيو للأبحاث صدر، أخيراً، أن الشباب دون سن الثلاثين يقرأون كتباً أكثر مما كانوا يفعلون قبل 10 سنوات، ليس أكثر كثيراً، ولكن أكثر، ومن المرجح أن يكونوا قد قرأوها على هواتفهم النقالة كما قرأوها مطبوعة، إنه أمر جنوني».
وحري به أن يعرف أكثر من غيره. إذ يقرّ بأنه قرأ فصولاً كاملة من رواية الحرب والسلام على جهاز آيفون الخاص به، رغم أنه قرأ أجزاء على الطريقة القديمة في الكتاب المطبوع. وخلال فترة الأعياد قرأ رواية الأبناء والعشاق للكاتب دي إتش لورنس ويقرأ، حالياً، المجموعة الجديدة لجورج ساندرز للقصص القصيرة على جهاز آيباد الخاص به.
طرد رئيس التحرير
توزيع «ذي نيو ربابليك» آخذ في الازدياد وبلغ 44 ألف نسخة، ولكن الأمر لم يكن ميسراً وسهلاً أبداً. قام أولاً بطرد رئيس تحرير المجلة ريتشارد جاست، الذي صادف أنه هو الرجل الذي اتصل بهيوز للاستحواذ على المجلة. وحسب ما ورد كان جاست يعتقد بأنه كسب مستثمراً في المجلة، ولكن تبين أن هيوز كان أكثر تحكماً بعمل المجلة، واختلف الاثنان حول كيفية إدارتها. وبدأ هيوز، أيضاً، في موجة من التعيينات، حيث أعاد تعيين فوير محرراً وعين الروائي وكاتب المقالات والتر كيرن. إلا أنه حسب ما يقال، فشل في استقطاب كتّاب كبار من أمثال ريان ليزا وديكستر فيلكينز من ذي نيويوركر.
أوباما
وعند سؤاله عما إذا كان قد وجد الأمر غريباً أن يتلقي بالرئيس كصحافي وليس كمؤيد له (هيوز وشريكه شون أيلدريدج المستثمر والناشط السياسي، حضرا حفل تنصيب الرئيس أوباما الشهر الماضي، وقد نشر الأخير صوراً لهما على تويتر في بدلات متماثلة)، ضحك وقال «لقد مضى أربع أو خمس سنوات منذ أن كنت أعمل معه، وقد تغير الكثير منذ ذلك الحين. لقد تأقلمت سريعاً مع دور أن أكون جزءاً من الصحافة».
«ليس سراً أننى دعمته أو العديد غيره من المرشحين والقضايا الأخرى، ولكننا طرحنا أسئلة جيدة وصعبة حتى نجعله يوضح لنا كيف تغير وكيف تغيرت البلاد خلال السنوات الأربع الماضية، وما أجندته للسنوات الأربع المقبلة».
حتى في تجسيده لدور الصحافي حافظ هيوز على دبلوماسيته في الإجابة عن سؤال حول شعوره تجاه الرئيس اليوم. وفي حين أثنى على «جدول الأعمال الطموح جداً» الذي وضعه أوباما في خطاب التنصيب للولاية الرئاسية الثانية، وهو الخطاب الذي استمال الليبراليين، إلا أنه لم يقل أكثر من «من المثير فعلاً أنه وضع مثل هذه التوقعات الكبيرة لفترة ولايته الثانية».
وفي إشارة إلى أن وضع توقعات كبيرة يستحيل تحقيقها قد يكون سبباً كافياً لخيبة أمل الليبراليين من أوباما، خلال السنوات الأربع الماضية، أومأ هيوز برأسه موافقاً، وإن كان أعطى الانطباع، أيضاً، بأنه لا يتفق تماماً مع هذا القول.
يعيد شراء شركته ليحولها إلى خاصة في صفقة قوامها 24.4 مليار دولار للتخلص من المستثمرين والمحللين مايكل ديل الانعزالي يريد الخروج من وول ستريت
يتسم مايكل ديل بالانعزالية الشديدة، ولعل هذا ما يفسر إقدامه على سحب شركته من البورصة، وتحويلها إلى شركة خاصة غير مساهمة، بعد 25 عاماً على طرحها للاكتتاب العام.
ودائماً ماكان يبدو ديل (47 عاماً) منزعجاً من الأضواء، وإذا ما نجحت صفقة الشراء الممولة بالدين التي اقترحها، أخيراً، فإن كلاً من الرجل والشركة، التي أسسها في 1984، يمكن أن يتخلصا من تدقيق المستثمرين ومحللي وول ستريت.
يقول مراقب لصناعة التكنولوجيا ومقره أوستن في ولاية تكساس، رفض الكشف عن اسمه «مايكل ديل رجل حذر جداً، ومنغلق في كيفية تواصله مع العالم، وعند التواصل مع الناس يكون واعياً ومحترساً وحذراًَ جداً».
لم يعقد ديل مؤتمراً صحفياً في مقر شركة ديل في راوند روك بتكساس ولم يدل بأي مقابلات حين كان الجميع متحمساً لمعرفة المزيد حول أكبر صفقة لتحويل شركة إلى خاصة منذ الأزمة المالية.
ويخطط ديل بالشراكة مع شركة الملكية الخاصة سيلفر ليك لشراء حصص المساهمين في صفقة قوامها 24.4 مليار دولار ممولة بالدين. ومع إعادة استثمار حصته البالغة %16 في الشركة، مضيفاً إليها 500 مليون دولار من ثروته الشخصية، واستدانة ما يصل إلى 16 مليار دولار، يعني أن الملياردير، الذي يحل في المرتبة 17 في قائمة فوربس لأغنى الأغنياء في العالم بثروة شخصية قوامها 14.6 مليار دولار، سيكون له سيطرة الأغلبية على شركة ديل الخاصة.
وفي مذكرة إلى العاملين، لم يذكر الرئيس التنفيذي الشيء الكثير عن خططه من أجل المستقبل، وحثّ الموظفين على «التركيز على إنجاز وتحقيق النتائج المرضية لزبائننا وشركتنا».
ويقول المراقب «هو شخص انطوائي وانعزالي جداً ومتكتم، ولكنه تعلم مع مرور الوقت كيف يصبح متحدثاً باسم شركته ومسوقاً لها بسلاسة أكبر من السابق. ومع ذلك ما زال يحب الاحتفاظ بأوراقه وعدم الكشف عنها».
وتقدّم الأموال الجديدة للشركة دفعة في اتجاه أنشطة برامج الكمبيوتر والخدمات والسيرفرات، وبعيداً عن أعمال الكمبيوتر الشخصي التي صنعت علامة ديل وسمعتها، ولكنها باتت تعاني، أخيراً، من تراجع الإيرادات وتقلص الحصة السوقية.
وكما يقول باتريك مورهيد المدير التنفيذي السابق في شركة كومباك في تكساس ويعمل حالياً محللاً لصناعة التكنولوجيا عند «مور إنسايت آند استراتيجي»: «وول ستريت لم تكن لطيفة جداً في تقبل جهوده التي بذلها خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية». ولا تزال أسهم ديل أقل بمعدل الثلث عما بلغته قبل خمس سنوات، حتى بعد تلقي الشركة الدعم من التقارير بشأن عملية الشراء.
«مايكل واحد من ألمع رجال الأعمال. في مقدوره أن يستعشر وجود القيمة، وأعتقد بأن محاولته وضع شركته في موضع عدم الخروج من أعمال الأجهزة بل تنويع أنشطتها وأعمالها إلى برامج الكمبيوتر والخدمات، هي الخطوة الوحيدة التي يمكن أن تزيد قيمة الشركة، وأري في هذا الملاذ الأخير له، بل الخطوة المنطقية المقبلة».
وكان ديل اتخذ قبل ذلك خطوة إلى الوراء بعيداً عن الأضواء، بعد أن سلّم دور الرئيس التنفيذي إلى كيفن رولينز في 2004، وتولى حينها منصب رئيس مجلس الإدارة، قبل العودة إلى تولي زمام الأمور في 2007 بعد أن تراجعت حظوظ الشركة.
قام ديل بأكثر من 24 صفقة استحواذ منذ ذلك الحين، في محاولة لإعادة تشكيل الشركة، ولكن عملية الشراء الممول بالدين هي الخطوة الأكبر له على الإطلاق.
ويقول مورهيد: «يعتبر ديل صانع صفقات، وهي صفقة كبيرة بالفعل. الكثير من الرؤساء التنفيذيين يودون بشدة إدارة ظهورهم إلى الأسواق العامة».
يُلقب بـ«القديس» أنتوني جنكينز.. مصرفي يسعى لإنقاذ «باركليز» من الفضائح
يطلق المازحون في الحي المالي في لندن عليه لقب سانت أنتوني، بسبب صورته التي توحي بالشخص الجاد والمخلص جداً وفاعل الخير
وصقل جنكينز، الرئيس التنفيذي لبنك «باركليز»، هذه الهالة التي تحيط به عندما عرض أفكاره بشأن كيف يمكن اعادة احياء البنك الغارق بالفضائح بصورة فاقت أي بنك آخر، وجعله مصرفا ملتزما بالقيم والأخلاقيات لا يزال قادرا على تحقيق أرباح جيدة للمستثمرين.
«السلف» و«الخلف»
هناك الكثير من الفوارق والاختلافات بين جنكينز (51 عاما) وسلفه بوب دايموند (61 عاما) الذي أجبر على الاستقالة من البنك في الصيف الماضي بعد أن فرضت الجهات التنظيمية على البنك دفع غرامة قيمتها 290 مليون جنيه استرليني بسبب فضيحة التلاعب في أسعار الفائدة (الليبور).
واذ كان دايموند مصرفيا استثماريا أميركيا متهورا يتقاضى أجرا مبالغا فيه ويستخف بعجرفة بالعلاقات مع السياسيين والجهات التنظيمية والاعلام، نشأ جنكينز في عائلة من الطبقة العاملة في مدينة «ستوك أون ترينت» وهو بريطاني ومتواضع، شأنه شأن أي مصرفي عادي يمكن أن تلتقيه، تنازل عن استحقاق مكافأة قيمتها 2.75 مليون جنيه استرليني لعام 2012 ويتحدث عن الحاجة الى اعادة الأخلاقيات الى العمل المصرفي وحريص للغاية على اعادة بناء العلاقات المتصدعة مع المؤسسة البريطانية، لذلك قام بتعيين السير هيكتور سانتس، الرئيس السابق لهيئة الخدمات المالية، هيئة الرقابة البريطانية، على رأس ادارة الامتثال والشؤون التنظيمية في البنك، ويعلق بعض المراقبين مازحين بأن تقاعد البابا بنديكت السادس عشر ربما كان سببه حدوث نقص وشيك في مجلس ادارة «باركليز».
مهمته كبيرة
سيستغرق الأمر بعضا من الوقت قبل أن يعرف أحد ان كانت مهمة جنكينز مخلصة أم لا، وحتى ان كانت كذلك فهل ستنجح أم لا. في الوقت الراهن، الشكوك حياله ومهمته كبيرة. ويسخر المعلقون من اختصاراته المثقلة في أحاديثه الادارية (يحمل استعراضه لاستراتيجيته في البنك اسم «تحويل» والتي تشير أحرفها الأولى بالانكليزية الى «تغيير الى الأحسن» و«تحقيق عائدات مقبولة» والحفاظ على «زخم جريء ومتقدم».
بيد أن السياسيين متشككون حيال ما اذا كان التزامه بالقيم الأخلاقية الذي هلل له الكثيرون ذا عمق حقيقي. بينما تنتاب المستثمرين الشكوك حول ما اذا كان هذا المصرفي البسيط في مجال التجزئة المصرفية يمكن حقيقة أن يصلح واحدا من أكبر البنوك الاستثمارية في العالم وأكثرها تعقيدا؟ وفي الواقع، الجميع يتساءل: هل جنكينز أكثر من مجرد رجل مهمته تنحصر باجراء تغييرات شاملة؟
وشكّل إصلاح الصورة بدلاً من الإصلاح الجوهري أولوية بالنسبة له حتى الآن، وقدّم عرضاً لاستراتيجيته في قاعة رويال هولتيكلتشرال، وهي على مرمى حجر من مجلسي البرلمان. وشكّل اختيار هذا المكان إشارة متعمدة الهدف، منها إبعاد جنكينز عن مجال صناعة المال في منطقة كناري وورف، حيث يقع مقر باركليز وتنظم فيه عادة مثل هذه المناسبات.
الاعتدال المتزن
وتمتد عملية إعادة تجديد صورة العلامة التجارية لـ «باركليز» إلى الرجل نفسه، حيث يلعب دور «الاعتدال المتزن»، كما سمّاها أحد زملائه.
ومن المؤكد أن هيئة الرئيس التنفيذي في ذلك اليوم كانت استثنائية ولافتة في كونها لم تكن رائعة، ارتدى إحدى أفضل البدلات التي تعطي انطباعاً «أنا لست مصرفي استثمارات» (بدلة جاهزة الصنع لونها كحلي) وقميصاً أبيض بسيطاً يقول «ثق بي» وربطة عنق سادة «تتلاءم تماماً مع شعار باركليز ذي اللون الأزرق السماوي».
ويقول أحد الأصدقاء: عرف أنه بحاجة إلى أن يكون أقل عصرية وتماشياً مع الموضة، من دون بدلات زاهية ولافتة للأنظار ولا تصفيفة شعر قصيرة جداً ولا مشبك حزام معدني لماركة هيرمس يتباهي به، وهو ما سيثير حتماً غضب زوجته، على حد قول صديقه الذي يضيف: «عملت أماندا جاهدة على مدى عقد من الزمن لتجعله يرتدي بطريقة أفضل وأجمل، ولكن الآن تم التخلي عن ذلك الجهد كله».
في نواح كثيرة، يعتبر أنتوني جنكينز الحقيقي رجلاً مستقيماً، ومع أن بيته يقع في منطقة نايتسبريدج الفاخرة والمرموقة في لندن، إلا أنه بيته متواضع نسبياً، رجل أسرة محب لعائلته (أماندا كانت محبوبته أثناء الدراسة في جامعة أكسفورد)، ويعيش معهما في المنزل ابناهما، وهما في العشرينات من العمر، بعد أن عادا إلى العمل في لندن بعد التخرج من الجامعة.
بداياته
جنكينز، الذي كانت وظيفته الأولى تعبئة أرفف محل بقالة، يرى أن العمل المصرفي مهنة متينة اقتصادياً ومفيدة. بدأ، وفق الأصول، كمتدرب خريج في فرع لبنك باركليز في لندن في ثمانينات القرن الماضي. بعد مهمة في بنك سيتي غروب في الولايات المتحدة، عاد إلى المجموعة البريطانية، ليرتقي بسرعة من رئيس «باركليكارد» إلى رئيس بنك التجزئة، ثم الرئيس التنفيذي لكامل البنك في غضون ست سنوات. وازدهرت كل الأعمال التي ترأسها، لا سيما «باركليكارد»، رغم أن الفضيحة المتعلّقة بإساءة بيع ضمانات الائتمان وقعت تحت سمعه وبصره.
ورغم ترقيته إلى أعلى منصب في البنك، فما زال جنكينز يحاول الحفاظ على روتينه الأساسي. يستيقظ مبكراً في السادسة صباحاً على الأقل، ويكون في مكتبه في تمام الساعة السابعة والنصف. وعندما لا يكون مشغولاً بعشاء عمل مع الزبائن أو المستثمرين أو صانعي السياسات، يحاول أن يغادر مكتبه عند الساعة السادسة مساء لقضاء أكبر وقت ممكن مع عائلته ومجموعة صغيرة من أصدقائه المقربين.
أسلوبه
رغم كل التحديات والشكوك التي تحيط بإمكانية إصلاح باركليز، يؤكد أنصار جنكينز قدرته على النجاح بفضل مزيج من القدرة على التحليل والعمل الجاد المركز. ويقول زميل سابق له يدرس ويبحث بجد، يقوم بإخراج جميع الملفات ويضعها على الطاولة أمامه.
ومن المؤكد أنه تمكن من إقناع رئيسه السير ديفيد وولكر أحد نبلاء الحي المالي في لندن الذي تم تعيينه، الصيف الماضي، في إطار عملية الإصلاح التي أعقبت فضيحة الليبور على رأس باركليز.
ويصف السير ديفيد جنكينز بأنه مزيج قوي بين «الفولاذ المقاوم للصدأ والعاطفة»، ويضيف: لدى أنتوني عزيمة فولاذية لإعادة تحقيق زيادة في العائدات على الأسهم، وفي الوقت نفسه عاطفته للقيام بالعمل الصحيح بالطريقة الصحيحة أمر مطلق وأساسي.
بعض المصرفيين في المصارف الاستثمارية، لا سيما في نيويورك، سخروا من الإصلاحات ذات الطابع الشديد النقاء لجنكينز التي قد تقوض نجاحاتهم في المستقبل.
أما الآن ومع انتهاء الجزء الأكبر من التخطيط، فيتعين على جنكينز أن يثبت قدرته على تنفيذ أفكاره، فضلاً عن الاتيان بها واستحضارها وتخطي تعقيدات مؤسسة عالمية يعمل بها 140 ألف موظف، وسخرية المصرفيين والمراقبين على السواء.
الدليل القاطع على النجاح سيتمثل في نهاية الفضائح وتحقيق عائدات جيدة على الأسهم، وقد وضع جنكينز عائدات متواضعة عند 11.5 %، أي نصف مكاسب المستويات الحالية، هدفاً له.
ويعتقد جنكينز بأن إعادة تجديد باركليز ستستغرق ما بين 5 إلى 10 سنوات، وهو وقت كاف لتحويل البنك وتغيير مساره، ولكنه وقت كاف، أيضاً، لزوال الهالة المحيطة به.
بروفايل أمانسيو أورتيغا صانع مجد زارا.. لا يحب المجد!
أمانسيو أورتيغا.. قليل الظهور
هو أغنى من وارين بوفيت، وتملك شركته عقارا في الجادة الخامسة في نيويورك، تم شراؤها في واحدة من أغلى الصفقات العقارية في تاريخ الولايات المتحدة. ومع ذلك فإن عددا قليلا ممن يتسوقون في متاجر زارا لديهم فكرة عمن يكون أمانسيو أورتيغا. لكن أورتيغا، المؤسس وصاحب حصة الأغلبية في انديتكس الأسبانية، أكبر شركة لتجارة الملابس بالتجزئة في العالم من حيث المبيعات، يحب أن يكون الأمر كذلك.
في أسبانيا، التي ضربتها الأزمة وفيها واحد من أربعة أشخاص عاطل عن العمل، أصبح النجاح العالمي المستمر لأنديتكس مصدر فخر وطني.
إنها قصة أكبر نجاح في البلاد، وأصبحت منذ العام الماضي أكبر شركاتها من حيث القيمة السوقية. بيد أن أورتيغا وانديتكس لم يتلاءما في نواح كثيرة مع بهرجة أقرانهما في واجهة عالم الأعمال الأسباني.
تميل إدارة الشركة، التي تتخذ من منطقة غاليسيا الماطرة الواقعة في شمال غرب البلاد، والتي تبعد مئات الأميال عن مدريد وبرشلونة، المركزين الاقتصاديين لأسبانيا وتتجنب استخدام الدعاية والاعلان بصورة كاملة تقريبا، الى الحفاظ على ثقافة الصمت الدؤوب.
يجسد هذه الثقافة أورتيغا، الذي صنفته مجلة فوربس أخيرا كثالث أغنى رجل في العالم بعد أن ارتفع سعر سهم انديتكس %60 في العام الماضي. وقد رفع ذلك من قيمة الشركة الى 66.7 مليار يورو وحصة أورتيغا البالغة %59 الى 39.3 مليار يورو. أي نحو 51 مليار دولار.
وبينما يحتل الرجال العصاميون الأكثر شهرة في البلاد الأخرى أغلفة المجلات في غالب الأحيان، أو يشكلون مادة خصبة لكتب وأفلام السير الذاتية، عانى الذين تحمسوا لإلقاء الضوء على حياة «الرجل الذين صنع زارا»، كما هو عنوان إحدى السير الذاتية، طويلا للحصول على معلومات عنه.
وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي بذلته مجلات المشاهير الاسبانية المتلهفة، فإن الحياة الخاصة لأورتيغا ظلت محاطة بالسرية. فهو لم يجر أبدا أي مقابلة رسمية، باستثناء واحدة لكاتب سيرة ذاتية رسمي.
صورة رسمية واحدة
عندما أدرجت زارا في البورصة الأسبانية في 2001، وهو التعويم الذي بلور مكانة أورتيغا كأغنى رجل في أسبانيا، صدرت صورة رسمية واحدة فقط لمؤسس الشركة، كما أنه لم يحضر مراسم دق الجرس الرسمية في بورصة مدريد.
يعرف عنه أنه يعيش في شقة متواضعة في لاكورونيا في غاليسيا مع زوجته الثانية ويظهر عادة في المناسبات العامة مرتدياً جاكيت أزرق قاتماً وقميصاً أبيض مفتوحاً عند العنق.
ولد أورتيغا في المنطقة الشمالية من ليون عام 1936، أي السنة التي بدأت فيها الحرب الأهلية الأسبانية. ويتميز عن باقي كبار رجال الأعمال في أسبانيا بنشئته المتواضعة.
أمضى سنوات المراهقة وهو يعمل في متجر صغير لصناعة القمصان في لاكورونيا بعد أن انتقلت عائلته إلى غاليسيا عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، بسبب عمل والده كعامل في السكك الحديدية.
بدأ بعد ذلك مع زوجته السابقة في إنتاج الملابس في منزله، مستغلاً إمكانات الطلب الكامنة بين سكان غاليسيا الفقراء على الملابس العصرية، ولكن الرخيصة الثمن.
افتتح أول متجر لزارا في لاكورونيا في 1975، وفي أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي نمت الشركة، وتخطت المنطقة التي تأسست فيها، وافتتحت أول متجر لها في مدريد.
العامل الأساسي في نموذج عمل الشركة حتى في تلك المرحلة تمثل في قدرتها على إنتاج الملابس بسرعة، وبخطوط إنتاج قصيرة وتقديم الموضات الجديدة بثمن رخيص.
في البداية، تعامل الزبائن مع علامة زارا التجارية بشيء من الشك وعدم الثقة.
وكان خوسيه ماريا كاستيانو، الذي شغل منصب الرجل الثاني في إنديتكس لمدة 30 عاماً، صرّح لفايننشال تايمز في العام الماضي أن متسوقي الملابس الفاخرة في مدريد كانوا في البداية يشعرون بالخجل إذا ما شاهدهم أحد وهم يتسوقون فيما كان يعد حينها علامة تجارية دون المستوى.
متجر كل يوم
ويقول «عندما كنت في إنديتكس، كنا نرى الزبائن وهم يلقون بأكياس زارا عندما افتتح أول متجر في مدريد في 1988، ذلك أن الناس كانوا يعتقدون بأنها علامة تجارية رخيصة وسيئة النوعية. أما الآن، فقد أصبح أفراد العائلات المالكة يلبسون من زارا»، مشيراً إلى ولع دوقة كامبريدج بعلامة زارا التجارية.
وتواصل إنديتكس، حالياً، التوسع على الصعيد العالمي بوتيرة مذهلة، لا سيما أنها افتتحت 482 متجراً خلال سنتها المالية الماضية، أي أكثر من متجر في اليوم.
في صلب نجاحها نموذج عمل يحسدها عليه الكثيرون دون أن يتمكن أحد من استنساخه. فقرارها بتجنب العمالة الآسيوية الرخيصة والإبقاء على معظم إنتاجها في غاليسيا والبلدان المجاورة الأخرى، مكّنا الشركة من إنتاج الملابس بسرعة كبيرة.
فالموضات الجديدة التي تظهر في «أسبوع الموضة في باريس» تنعكس فوراً في مجموعة من الملابس وتصل إلى المتاجر في أقل من أسبوعين. وقد مكّن نموذج العمل ذلك الشركة من مماشاة اتجاهات الموضة والتفاعل مع الطلب في متاجرها في جميع أنحاء العالم بوتيرة أسرع بكثير من منافساتها.
تقاعد أورتيغا، البالغ من العمر 76 عاماً، من منصبه كرئيس لمجلس إدارة الشركة وسلّم الإدارة اليومية لشركة إنديتكس إلى بابلو إيسلا في 2011، بعد أن اختاره بنفسه من شركة التبغ «التاديس» ليصبح الرئيس التنفيذي لزارا في 2005، ولطالما طرحت فكرة أن ابنته مارتا البالغة من العمر 29 عاماً قد تخلفه، في وسائل الإعلام الأسبانية.
ومنذ أن انتقلت السلطة إلى إيسلا، يعرف المحللون إنديتكس بالشركة التي تواجه خطر الوقوع ضحية لنجاحها. فبعد أن ارتفعت أسهمها متجاوزة جميع الارتفاعات المتتالية، تشككت مجموعة كبيرة من المحللين فيما إذا كانت الشركة ستكون قادرة على الاستمرار في تحقيق توقعات السوق المرتفعة إلى عنان السماء.
ومع ذلك، لا يبدو أن إنديتكس تشعر بأي ضغوط، فكما يقول إيسلا «أفكر دوماً في سعر السهم على المدى البعيد وليس المدى القصير».
فايننشال تايمز
من نشأة متواضعة إلى ثالث أغنى رجل في العالم
1936: ولد في ليون شمالي أسبانيا لأب يعمل في السكك الحديد وأم لا تعمل (ربة منزل). انتقلت العائلة لاحقاً إلى غاليسيا، وترك المدرسة في سنوات عمره المبكرة ليعمل في متجر للخياطة.
1975: افتتح أول متجر لزارا في لاكورونيا بعد أن بدأ في إنتاج الملابس مع زوجته الأولى من منزلهما.
1988: افتتح أول متجر لزارا في مدريد، وبدأ التوسع في جميع أنحاء أسبانيا.
2001: أدرجت إنديتكس في بورصة مدريد بسعر 26 سنتاً للسهم وتم بيع السهم الواحد بمبلغ 14.70 يورو، لتقيم الشركة عند 9 مليارات دولار تقريباً.
2005: يتم جلب بابلو إيسلا من شركة ألتاديس الأسبانية للتبغ وتعيينه الرئيس التنفيذي لإنديتكس.
2011: يتنحى أورتيغا، الذي يسيطر حالياً على %59 من الشركة، عن منصبه كرئيس لمجلس إدارة إنديتكس، ويسلم المنصب إلى إيسلا.
2012: أصبحت إنديتكس أكبر شركة في أسبانيا من حيث القيمة السوقية، متفوقة بذلك على تيليفونيكا مع تجاوز سعر سهمها حاجز المائة يورو، لتتجاوز قيمة الشركة 60 مليار يورو.
2013: صنفت مجلة فوربس أورتيغا، الذي بدأ يستثمر في العقار، كثالث أغنى رجل في العالم.
25 قصة نجاح.. من أصعب البدايات.. إلى أنجح النهايات
25 قصة نجاح.. من أصعب البدايات.. إلى أنجح النهايات
11/06/2012 - 20:27
الكتاب: 25 قصة نجاح
الكاتب: رءوف شبايك
الناشر: دار أجيال
حين تضيق بك الطريق، وتبدأ تتساءل من داخلك عن جدوى الاستمرار في الكفاح، استعن بهذا الكتاب لتقرأ عن ثبات الناجحين، حتى تثبت مثلهم، ثم تنجح مثلهم. ثم عاود قراءته من حين لآخر، فالنفوس بحاجة للتحفيز من وقت لآخر.
التعريف بالكتاب
هل النجاح ضربة حظ؟ شيء نادر يحدث مرة ولا يتكرر؟ هل الناجحون ولدوا ليكونوا كذلك، لحكمة إلهية لا سبيل لفهمها؟ هل الفاشلون في الحياة مقدر لهم الفشل، وبالتالي فلا توجد قوة تحت سماء هذه الأرض تستطيع أن تغير من قدرهم وحالهم هذا؟
تأتي على كل واحد منا فترات يشعر فيها بأشد درجات الإحباط، يرثى فيها لنفسه، ويتشح فيها كل شيء بالسواد، ويصور له تفكيره أنه لا سبيل للوقوف بعد هذه العثرة، وأن ما حدث هو نهاية الطريق وخاتمة الأحداث، فلا عودة ولا نهوض بعد هكذا وقوع، فهل الأمر كذلك؟
هذا الكتاب كله محاولة لإقناعك بأن تجيب أنت بالنفي على كل هذه التساؤلات، من خلال قصص نجاح، جمعتها لك عزيزي القارئ من واقع الحياة التي نعيشها، لأناس تحلوا بالتفاؤل وتحملوا الصعاب، حتى أدركوا النجاح.
الناجحون الذين يحكي الكتاب قصتهم:
1. هارلند دافيد ساندرز، مؤسس مطاعم كنتاكي للدجاج المقلي
2. مروضة التنانين: إيما- ماري اركوارت
3. فيليب كان - مؤسس شركة بورلاند
4. توني شيه، مؤسس موقع لينك إكزشنج
5. توم موناهان – مؤسس مطاعم بيتزا هت
6. صابر باتيا – مؤسس موقع هوتميل
7. مايكل دل – مؤسس شركة دل
8. إيان ليوبولد - الذي أثبت خطأ أستاذه
9. مارك سبنسر – نجم البرامج الحرة
10. كلايد بيزلي، مجرم سابق، ومدير شركته الخاصة
11. أليكس أجيلا مؤسس شركة الينوير Alienware
12. قاهر السرطان، الكاتب الشهير أنتوني برجيز
13. فارح جراي يرشدك كيف تكون مليونير
14. جورج دي ميسترال مكتشف قماش فلكرو
15. سحر هاشمي مؤسسة جمهورية القهوة
16. جوركا زيلنينسكين تغتني من الترجمة على انترنت
17. كوك يون هو، مؤسس شركة إيه تي آي ATi
18. روبرت فويت، الطيار المبرمج
19. أسطورة الإعلانات دوني دويتش
20. غلطة دومنيك ماكفي جعلته مليونير قبل العشرين
21. جمال الهند: صالون شاهيناز حسين
22. أليكس تيو - مليونير النوايا الحسنة
23. أنيتا روديك مؤسِسة ذا بودي شوب
24. عـبـد العـزيـز العـنـزي – مؤسس موقع ومتجر كتـابي.كوم
25. أيمن راشد، مؤسس موقع اطلب.كوم
اخترت لكم قصص النجاح الآتية:
القصة الاولى.. صابر باتيا – مؤسس موقع هوتميل:
قصة صابر بانتا و جاك سميث هذه القصة توضح أن العمل على حل مشاكل الناس أهم أسباب النجاح, صابر بانتا هندي الجنسية بدأ تعليمه في الهند و انتقل إلى أمريكا للحصول على شهادة الجامعة في الهندسة الكهربية وبعد التخرج عمل بانتا في شركة Apple و لكنه تركها إيماناً منه بمشروعه الخاص وتعرف على جاك سميث و بدأوا البحث عن التمويل لمشرعهم الذى هو انشاء قاعدة بيانات على الإنترنت و لكن لم يجدوا تفاعل من أي مستثمر لأن في ذلك الوقت كان الإنترنت جديد وليس له جمهور مثل الآن ووجدا صعوبة في التواصل وإرسال رسائل شخصية عن طريق البريد دون الدخول فى تفاصيل كثيرة أو رقابة فبدأت الفكرة تظهر, و هى إنشاء أول بريد مجاني لمستخدمي الإنترنت و اقتنع مسئولو شركة داربر فيشر بالفكرة و قاموا بتمويل المشروع بمبلغ 300 ألف دولار و كانت هذه بداية موقع الهوت ميل hotmail.com في يوليو 1996, وسرعان مة انتشر الموقع و أصبح من أهم مواقع الانترنت ولم تنتظر شركة ميكروسوفت كثيرا فبعد سنة من انطلاقه استحوذت علية مقابل 400 مليون دولار و حصل الشريكين على الكثير من المال و أيضا وظيفة في ميكروسوفت لصابر بانتا من أجل التطوير في الموقع و بعد ذلك عاد للهن , و قام بانشاء حاضنة أعمال لمساعدة الشباب النابغ في وطنه.
القصة الثانية.. هارلند دافيد ساندرز، مؤسس مطاعم كنتاكي للدجاج المقلي:
ساندرز والنجاح يأتي بعد الستين، ولد ساندرز في 1890 والده عامل فى منجم فحم، توفى والد ساندرز و هو عمره 6 سنوات و اضطرت الأم للنزول للعمل لكي تستطيع الصرف على المنزل كان ساندرز الكبير و لم يجد مفر هو ايضاً من العناية بالبيت و أخوته وتقديم الطعام لهم وفي سن السابعة أتقن طهي عدة أطباق شهية ومنها الدجاج المقلي و عمل أيضا أكثر من مهنة حتى تزوجت والدته ودخل هو الجيش وهو فى عمر 16 وعمل أكثر من وظيفة من ملقم فحم لقائد عبارة نهرية لبيع بوالص التأمين ثم درس القانون و باع إطارات السيارات وعمل مدير محطات وقود.
أنهى هارلند دافيد ساندرز الرجل العجوز المشهور ذو الشعر الأبيض الذي ترمز صورته إلى أشهر محلات الدجاج المقلي كنتاكى ، بدء مشروعه و هو في الأربعين من عمره, حيث كان يقف في محطة القطار و يبع للمسافرين دجاجه المقلي اللذيذ، استمر 9 سنوات أتقن فيها ساندرز الخلطة السرية التي موجودة حاليا في مطاعم كنتاكى التي تتكون من 11 نوع من التوابل، وفي عامه الـ 45 أنعم عليه محافظ ولاية كنتاكى لقب الكولونيل لمهارته في طهي الدجاج المقلي, ولكن بعد ذلك تم تغير مسار القطار فأصبح المكان لا يجذب المارين مثل قبل وتكاثرت الديون عليه مما جعله يبيع عربته ليسدد الديون والضرائب، وعاد لبيته ينتظر التأمين الاجتماعي ليعيش منه و لكنه أدرك انه لا يزال في 65 من عمره و يمكنه العمل مجددا، فبدأ بطرح الفكرة على المطاعم، ولاقى دجاجه اللذيذ قبول من جميع المستثمرين أصحاب المطاعم، و بعد 12 عام أصبح هناك 600 محل يبيعون دجاج الكونونيل ساندرز، وعند سن 77 قرر بيع كل ممتلكاته لمستثمرين مقابل 2 مليون دولار عام 1964 وفي عام 1966 أصبحت شركة مساهمة في البورصة وفي عام 1971 بيعت مره أخرى مقابل 275 مليون دولار، وفي 1986 اشترتها شركة بيبسى مقابل 840 ميلون دولار، وفي عامه الـ 90 قرر قطع ساندر 250 ألف ميل لزيارة جميع فروع كنتاكى الموجودة في أكثر من مائة دولة وتضم أكثر من 33 ألف عامل.
القصة الثالثة.. مايكل دل – مؤسس شركة دل:
بدأ مايكل العمل فى 13 من عمره متخذاً منزل والديه كمقر لنشاطه الذي هو جمع الطوابع والذي جمع من خلاله ربحاً 2000 دولار, و في عامه الـ 15 قام بفك جهازه إلى قطع صغيرة وأعاد تجميعه مرة أخرى.. وفي عامه الـ 16 احترف بيع اشتراكات الجرائد وعمل ذلك معتمداً على المتزوجين حديثا وجمع ما يقرب من الـ 18 ألف دولار فتمكن مش شراء أول سيارة بي إم دبليو وهو في سن الـ 18.
وبدء شركته الناشئة عن طريق مبلغ من المال حصل عليه من جديه واستهدف مايكل في البداية أصدقاء الجامعة الذين يحلمون بامتلاك حاسوب يتناسب مع إمكانيتهم المادية وكان مايكل صاحب مبدأ إن البيع المباشر مفيد للبائع , لأنه يعرف السوق ومتطلبات العملاء وفي 1985 تمكنت شركته من إطلاق أول حاسب خاص بها وسمها تربو بي سي وكان معالج أنتل بسرعة 8 ميجا وركزت الدعاية على المجلات التقنية والبيع المباشر وتميز هذا المنتج عن غيره بالمرونة عن طريق تجميع الأجهزة حسب مطالبات العميل عن طريق أكثر من خيار مطروح , مما أدى إلى توفير الكثير من المال لكي يصبح من أرخص الأجهزة الموجودة في وقته وكانت شركة بى سيز المحدودة أول شركة تنجح في هذا النوع من البيع.
و في عام 1987 كان عائد الشركة 6 ميلون دولار, و في 1988 غير مايكل اسم الشركة إلى شركة Dell المعروفة لنا الأن وفي عام 1992 وضعت مجلة فورتشن شركة دل في أكبر 500 شركة حواسب, وفى 1996 تم فتح المتجر الإلكتروني والبيع عن طريق الانترنت, وفي 1999 تخطت شركة دلّ غريمها التقليدي Compaq في المبيعات والتصنيف العالمي وفي عام 2003 وافق مساهمي شركة دل في تغير الاسم ليتمكنوا من الدخول في مجالات أخرى غير الحواسب وفي عام 2004 بدأت دل في دخول مجال الشاشات المسطحة والحواسب والكاميرات ومشغلات الموسيقى.
مايكل دل ينتمي للطائفة اليهودية وهو من أكبر ممول لجورج بوش في حملته الانتخابية جاء ترتيب مايكل كرابع أغنى رجل في أمريكا مما يجعل ترتيبه ال 18 في رجال العالم , والجدير بالذكر أن عائدات شركة دل حوالي 40 مليار دولار ولديه أكثر من 40 ألف موظف وله فروع في أكثر من 170 دولة ومقدار مبيعات الشركة 300 ميلون دولار يوميا ومن أشهر تصريحات مايكل دل والأن يمكن أن نقول إخفاقات حيث سئل عن ما كل يجب عليه فعله أن كان مدير شركة أبل فى ظل المشاكل الكبيرة التي تواجها عام 1997 قال لو كنت مكان ستيف جوبز لكنت أغلقت الشركة و أعدت للمستثمرين أموالهم ولم ينسى ستيف جوبز المقولة حتى عام 2006 حين تختط مبيعات أبل مبيعات دل , فقال فى رسالة بريدية لمايكل دل الأن يجب أن يبتلع كلماته ويسحبها, وبعد سنتين من الإخفاق لشركة دل عاد مرة أخرى مايكل دل ليدير شركته من جديد.
القصة الرابعة.. سحر هاشمي مؤسسة جمهورية القهوة:
وهي من أكثر القصص التي أعجبتني في هذا الكتاب, بطلتنا هذه المرة إمرأة و هي سحر هاشمى إيرانية الجنسية ولدت عام 1968 و رحلت عن إيران في عام 1980 عقب اندلاع الحرب الإيرانية العراقية إلى انجلترا و تعلمت الإنجليزية ودرست القانون وعملت في المحاماة, ولكن ليس لفترة طويلة وبعد ذلك بدأت في البحث عن عمل أخر لمده 5 أشهر ولكن دون جدوى فقررت السفر إلى أخيها بوبى في أمريكا الذي يعمل كمستشار في أحدى بنوك نيويورك وبينما هي جالسة تنتظر قهوتها والكيك اللذيذ جال بخاطرها كم هي مشتاقة إلى هذه القهوة الأمريكية اللذيذة وكم هي تفتقدها في انجلترا لماذا لا تجد هذه القهوة في انجلترا و عصفت الفكرة داخل رأس سحر وعرضتها على أخيها الذي كان لديه حاسة استشعار للمشاريع الناجحة وشجعها عليه وعرض عليها مشاركته وعادت سحر إلى لندن وقضت وقت طويل في دراسة المشروع وقرأت كثيراً في كيفية إدارة المشاريع وظل تبحث لماذا تقدم القهوة في انجلترا سيئة المذاق لماذا لا تتطور وعرضت فكرتها على 19 مؤسسة تمويل ولكن دون جدوى لأن كانت الفكرة في ذلك الوقت تعتبر فكره مجنونة ولكنها لم تيأس وواصلت البحث عن تمويل وفي النهاية وافقت وزارة التجارة والصناعة الإنجليزية في إقراضها 75 ألف جنيه استرلينى.
و كان افتتاح أول مقهى في عام 1995 و كان مقهى جمهورية القهوة و كانت بداية قوية استطاعوا من خلالها تقديم أكثر من 10 أنواع قهوة منها بالعسل و منها بالبندق و منها ذات زبد كثيف و منها بطعم الموكا و منها بالقرفة ولكن رغم ذلك فكانت البداية صعبة, فقد كان يُنظر لأصحاب المقهى بعين الاستغراب وأيضا صعوبة الحصول على العمالة الجيدة والأصعب الحفاظ عليها.. لكنهم لم يفكرا في الانسحاب، بل فكروا في عمل حملة تسويقية دعائية والتعاقد مع شركة متخصصة وجاءت الحملة ببعض من الإيجابية , وفي ديسمبر 1996 كان افتتاح الفرع الثاني في وسط لندن مما دفعهم لتحويل الشركة مساهمة و طرح الأسهم في البورصة وعاد هذا عليهم بمبلغ 8.5 مليون جنيه إسترليني.. مما ساعد في توسيع ونشر المشروع وفى 2000 تم طرح مزيد من الأسهم والذي عاد عليهم بـ 20 مليون جنية استرالينى، المبغ الذي تم توظيفه في فتح 42 فرعا جديدا ليصبح إجمالي عدد المقاهي إلى 82 مقهى يعمل فيها أكثر من 800 موظف.
ومع الوقت تركت سحر وأخيها الإدارة لمديرين الفروع واكتفت سحر بالإشراف على الجودة، وفي 2001 تنحت سحر تماما عن الأداره للجمهورية التي كان عائدها حوالي 30 ميلون جنيه إسترليني سنوياً و تفرغت للكتابة.. تم اختيار سحر من ضمن أكثر 100 شخصية أثرت فى المجتمع الإنجليزي.
لم تتوقف سحر عن الإبداع وفجأة أعلنت عن مشروعها الجديد باسم سكني كاندي skinny candy أي الحلوة النحيفة و كانت الفكرة كيف تقدم حلويات diet صحية ولا يوجد بها سعرات حرارية دون أن تكون هذه الحلوى رديئة أو سيئة الطعم.
أنا أكتفي بهذه القصص لأنها من وجهة نظري من أجمل وأمتع ما قرأت ليس بالكتاب فقط بل مما قرأت على الإطلاق, و لكن الكتاب مليء بكثير من قصص النجاح الساحرة التي بها دروس كثيرة يمكن الاستفادة منها.
الدروس المستفادة من الكتاب:
- النجاح لا يقتصر على أحد.
- كلما اشتدت المحن فاعلم أن الفرج قريب.
- كن واثقاً فيما تقدم … يحترمك الجميع.
- ما لم يقتلك فهو يجعلك أكثر صلابة ولا يأس مع الحياة.
- حاول دائما استخدام سلاح جديد.
- رؤيا و إصرار يضمنان لك النجاح.
- النجاح لا يعنى الحصانة من الفشل و الفشل لا يعنى استحالت النجاح.
بعض المقولات الموجودة بالكتاب التي تشعل حماس أي كسول وتحيي آمال كل يائس:
- عندما يبدو أن كل شئ يعاندك و يعمل ضدك تذكر أن الطائرة تقلع ضد الريح.
- يمكننا أن نفعل "أي" شئ نريده ولكن لا يمكننا أن نفعل "كل" شئ نريده.
- الفشل ببساطة هو فرصة جديدة لكي تبدأ من جديد ولكن بذكاء أكثر.
- الفرص في عالم الأعمال لا تضيع أن لم تقتنصها فأنت تهديها لمنافسك.
- تصرف كأن أعمالك ستغير العالم.
- لم يندم أحد على بذل كل ما بوسعه كما يندم الكسلان على إفلاته لفرص النجاح.
- الفاشلون يفكرون في عواقب الفشل والناجحون يفكرون في مزايا النجاح.
- الخبرة هي ما تحصل عليه عندما لا تحصل على ما كنت تريد.
- إن لم تبدو الفكرة سخيفة في بدايتها فاحتمال نجاحها ضعيف. Powered by Orange Studio
قصة حياة بيل غيتس، وثروته التي تزداد مليون دولار كل ساعة
30/5/2014 الآن: مواقع اخبارية والعربية نت 5:28:22 PM
تعد شركة مايكروسوفت من أشهر الشركات العالمية في إنتاج برامج الكمبيوتر. ويعتبر بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت من أشهر وأغنى الرجال في العالم.
كالعديد من الشركات ، تأسست شركة مايكروسوفت من فكرة ، لكن هذه الفكرة كانت بمثابة حلم أو رؤية بعيدة المدى. كان الكمبيوتر غير معروف في أواسط السبعينات ، ولكن كان لدى بيل غيتس وبول ألن قناعة بأن ذلك سيتغير إلى الأبد بعد طرح برامج كمبيوتر فعّالة تغير طريقة عمل العالم أجمع .
من هو بيل غيتس !
ولد بيل غيتس في 28 / 10 / 1955م في سياتل في الولايات المتحدة ، من عائلة غنية ، ولكنه رفض أن يستخدم دولاراً واحداً في بناء نفسه وإمبراطوريته . أمه- واسمها ماري- كانت تعمل مدرسة وكانت سبباً رئيسياً في تنظيم حياته. أبوه - ويدعي بيل جونيور- كان محامياً نافذاً، ولكنه كان محافظاً مع بيل وأختيه كرستين وليبي.
منذ صغره، وحتى وهو ناضج كان بيل غير مرتب ومهملاً ، ولكنه كان لا يحب تضييع الوقت في الدراسة ولا في أوقات الفراغ، ويصف بيل غيتس جلسات العشاء مع أهله بأنها كانت في محيط غني يتعلم منه المرء الكثير. كان بيل شخصاً عادياً ولكنه في بعض النواحي كان مميزاً ومختلفاً ، وكان ذو ذاكرة ممتازة ، كان يردد دائماً: ’’أستطيع أن أفعل أي شيء أضع كل تفكيري فيه‘‘.
كان بيل يحب الانخراط في المخيمات الصيفية ويحب الرياضات على أنواعها، بخاصة السباحة.
يقول عنه أحد أصدقائه في تلك الأيام : ’ بيل كان أذكى منا جميعاً ‘. ومع ذلك فقد كان متواضعاً وعلى الرغم من أن عمره كان 9 أو 10 سنوات ولكنه كان يتكلم كالكبار وكان كل ما يقوله أعلى من مستوى تفكيرنا. كان بيل غيتس شغوفاً بالرياضيات والعلوم ، أرسله أهله إلى مدرسة ليك سايد وكانت مدرسة خاصة بالذكور.
تميّز منذ البداية :
في عام 1968 اتخذت المدرسة قراراً غير مجرى حياة بيل غيتس البالغ من العمر 13 عاماً، وبالنتيجة غير طريقة عمل جميع الشركات والأفراد ورفع من إنتاجيتهم بشكل خطير. تم جمع التبرعات خاصة من الأهالي وذلك لتتمكن المدرسة من شراء جهاز كمبيوتر مع برنامج معالج البيانات وعبر المدققة الكاتبة Tele type . وأكثر الطلاب اهتماماً كانوا ثلاثة: - كنت ايفانس - و - بول ألن - الذي كان أكبر من غيتس بسنتين وأسس معه بعد ذلك مايكروسوفت. وكان الثلاثة يجلسون مسمرين أمام الكمبيوتر في أوقات فراغهم ، حتى أنهم أصبحوا يفهمون بالكمبيوتر أكثر من أساتذتهم مما سبب لهم مشكلات عدة مع الأساتذة. وكانوا يهملون دراستهم بسبب هذه الآلة الجديدة.
بدأ بيل غيتس في سن الرابعة عشرة من عمره بكتابة برامج قصيرة، أول برامجه كانت ألعاباً محدودة، وكان يكتبها بلغة - BASIC - وكانت قدرته على كتابة البرامج نابعة من حبه للرياضيات وعلم المنطق.
بعدها بدأ بقراءة المجلات التي تتعاطى مع شؤون التجارة.
- إذا أحب بيل غيتس أن يكون جيداً في مجال معين ، فلا يرضى عن الأفضل بديلاً -
نقاط التحوّل :
في عام 1969 ، انشأ بيل غيتس وبول ألن شركة باسم - مجموعة مبرمجي ليك سايد للكمبيوتر - ، وكان ذلك نقطة تحول تعرف الطالبان خلالها على الكثير من الأمور، واستطاع بيل ورفاقه فك الرموز السرية لكمبيوتر الشركة، وبعدها دخلوا إلى برامج الحسابات ولعبوا بالأرقام وخفضوا قيمة فواتير استعمال الكمبيوتر. وعندما اكتشفت الشركة هذا الأمر اتصلوا بالمدرسة التي منعت بيل غيتس ستة أسابيع من استعمال جهاز الكمبيوتر.
استمر شغف بيل غيتس وبول ألن بالكمبيوتر، وكانا في انتظار الفرصة الحقيقية لتحقيق حلمهما الكبير. وفي الرابعة عشرة من عمره كان بيل غيتس لا يفارق الكمبيوتر حتى اجبره أهله على الاهتمام بدراسته ، وابتعد بذلك مدة سنة ، وبعدها عاد إلى عادته السابقة. وعلى الرغم من ابتعاده كان يوصف بيل غيتس بأنه عبقري الكمبيوتر بين زملائه.
في عام 1971 حصلت شركة مجموعة مبرمجي ليك سايد للكمبيوتر أول فرصة حقيقية على الرغم من أنها لم تكسبهم مالاً وهي كتابة برامج لإدارة شؤون الموظفين لشركة محلية علوم المعلومات(ISI). استثنى بيل غيتس من العمل مع المجموعة بحجة أن لا ضرورة لوجود الجميع ، ولكن بعد مواجهة بعض الصعوبات استدعي بيل لحاجتهم إليه، واستطاع أن يقوم بالعمل بشكل جيد وتسليمه في وقته.
بعدها ابتكر بيل غيتس وبول ألن نظاماً لتخفيف زحمة السير في المدن. كل ذلك وكان بيل غيتس مازال في المدرسة، ولكن كان لديه شغف لعقد المزيد من الصفقات، فأسس مع صديقه الثاني - كنت ايفانس- شركة(LOIGIC SIMULATION COMPANY ). ولتوسيعها دعوا زملائهم في المدرسة للالتحاق بهم .
وفي عام 1972 كلفت المدرسة رسمياً بيل غيتس وايفانس كتابة برنامج ينظم الحصص الدراسية في المدرسة. بعدها بأسبوع قتل - كنت ايفانس- في حادث عندما كان يمارس هوايته في تسلق الجبال. أصاب هذا الأمر بيل غيتس بصدمة ، ولكنه تابع مع بول الن.
بعد المدرسة كان متوقعاً من بيل غيتس أن يدخل إلى أفضل جامعة في الولايات المتحدة هارفارد ، وهذا ما حصل فعلاً. وجد بيل غيتس أنه ليس الأفضل في هارفارد في مادة الرياضيات ، وكانت قناعته: ’ إذا لم أكن الأفضل في الرياضيات فلماذا أتابع في هذا المجال؟ ‘.
انغمس بيل في عالم الكمبيوتر أكثر فأكثر مع شركة مركز الكمبيوتر، وكان يعمل لساعات طويلة ويبدأ نهاره الساعة 4 فجراً. وكان له زميل اسمه - ستيف بالمر - أعجب بـ غيتس أصبح يقضي معه الساعات الطويلة على جهاز الكمبيوتر.
نقطة التحوّل الثانية :
حدثت لـ بيل وكانت في شهر ديسمبر( كانون الأول) عام 1974 عندما كان بول ألن في طريقه لزيارة بيل غيتس، رأى خلالها نسخة من مجلة Popular Electronics ، وكانت على الغلاف صورة لكمبيوتر شخصي اسمه ALTAIR 8800 وأحضرها إلى غيتس، وأدرك أن عصر الكمبيوتر الشخصي سيبدأ وسيكون متوافراً للناس فبدأ بالتفكير في كتابة برامج لكل الكمبيوتر.
اتصل الاثنان بالشركة التي صممت الكمبيوتر وكان اسمها - MIST - وصاحبها ED ROPERTS فطلب منهما برنامجاً سهلاً للكمبيوتر، فأنكب الاثنان لمدة 8 أسابيع وأعطوه برنامجاً بلغة BASIC .
ويقول ROPERTS : ’ كان ذلك رائعاً ‘ . وفعلاً كان هذا الأمر نقطة تحول بالنسبة إلى عالم الكمبيوتر الشخصي، وكان هذا السبب الرئيسي لولادة شركة MICROSOFT والتي انبثقت من MICROCOMPUTER SOFTWARE .
في العام 1975 وقع غيتس وألن عقداً مع - MIST - لكتابة البرامج، ولم يكن لدى غيتس القدرة على فهم أجهزة الكمبيوتر وبرامجها المعقدة، انما كان لديه إلمام بالأمور القانونية.
من اللحظة الأولى لم يحب غيتس وألن صاحب - MIST - إد روبرتس والذي كان لديهم معه كثير من الاختلاف في وجهات النظر. كان بيل غيتس عصبياً - خاصة عندما علم أن البعض يقلد برامجه - . بدأ ألن وغيتس بحثهما عن مبرمجي كمبيوتر جيدين وكان ألن مازال مع - MIST - وبيل في الجامعة وبعدها ترك ألن عمله في - MIST - ليتفرغ لشركة مايكروسوفت التي فتحت أول مكتب لها في الطابق الثامن المكون من 4 غرف قرب مطار البيكركي.
طموح مختلف !
في عام 1977 قرر بيل غيتس أن يترك الجامعة نهائياً، وهذا القرار لم يعجب أهله بالطبع. حتى الجامعة لم تصدق أن بيل قد اتخذ هذا القرار، ولكنه كان قد عزم على قراره ، لأنه بدأ يمل من الجامعة وكان يريد أن يبقى قريباً من شركة مايكروسوفت . وفعلاً كان هناك لعدة سنوات ليلاً نهاراً ، عدا إجازتين قصيرتين.
أكثر ما كان يريده بيل غيتس هو أن يفسخ عقده مع اد روبرتس و- MIST - ، ووصل الأمر إلى المحكمة وكسبت مايكروسوفت القضية، وصار بإمكانها بيع برامج BASIC بحرية مطلقة، بعدها بدأت الأموال تتدفق كالماء، وباعت مايكروسوفت برنامج BASIC إلى أهم شركات الكمبيوتر كشركة أبل ، راديو شاك، NCR ، جنرال إلكتريك. كما انصب بول ألن ورفاقه على تطوير البرامج ، أما غيتس فكان همه توقيع العقود. ومع NISHI في اليابان وقعت مايكروسوفت عقداً في عام 1977 أعطى ملايين الدولارات للطرفين.
كان شعار مايكروسوفت: اعمل بكد وجهد، طور في منتجاتك، واربح. ومن المفارقات المضحكة أن الجميع كان يعمل بجد ليلاً نهاراً. الجميع يلبسون الجينز والتيشيرت. وعندما كان غيتس في رحلة عمل تم تعيين أول سكرتيرة لميكروسوفت ميريام لوبر. وعندما رجع اتصلت بأحد المدربين تشتكي أن ولداً صغيراً جاء إلى مكتب غيتس وعبث بالكمبيوتر. وفتحت فمها مندهشة من أن هذا الولد كان بيل غيتس نفسه ! ( كان بيل يظهر أصغر بكثير من عمره). وعندما علم زوج ميريام أن مديرها عمره 21 عاماً. اقترح عليها أن تتأكد إذا كانت ستقبض راتباً أم لا آخر الشهر.
نحو الأفضل :
قرر بيل غيتس وآلن أن ينقلا مكاتب الشركة إلى مكان أكبر لاستيعاب العمل المتزايد. وكان بل غيتس قدوة لكل الموظفين في العمل الجاد والمتواصل. كان يحب ما تبيعه الشركة، وكان يعتقد ’ أن أي صفقة أفضل من لا صفقة أبداً ‘. كان يأكل البيتزا الباردة ويبقى طوال الليل في المكتب. كان عدد موظفي مايكروسوفت 13 عندما جمعت أول مليون دولار، بعدها انتقلوا إلى سيشل واختار جميع الموظفين أن ينتقلوا مع بيل وآلن.
على الرغم من أن بيل غيتس كان مجتهداً ويعمل بكد، إلا أنه واجه صعوبات جمة في تعامله مع الموظفين. فقد كان غيتس غير صبور ويواجه الأشخاص بسرعة، ووجد الموظفون صعوبة في التعامل معه وإرضائه. ومهما كان العمل رائعاً كان بيل يقول يجب أن يطوروه، وكان يصرخ في وجههم إذا أحس بأنهم لا يعطون كل ما لديهم لمايكروسوفت.
واجه بيل غيتس صعوبة في اختيار موظفيه، وحدثت مشكلات عدة معهم، بخاصة عند حساب الساعات الإضافية، وتحديداً مع مارلا وودز السكرتيرة التي حلت مكان ميريام لوبو.
- // تعاونه مع IBM :
استعان بعد ذلك بصديقه القديم هارفرد ستيف بالمر كمساعد لرئيس مجلس الإدارة. كان يختلف معه في وجهات النظر، ولكن نقاشهما كان دائماً لمصلحة الشركة. وفي يوليو 1979 التحق ستيف سميث كمدير للتسويق، وكان عمر بيل غيتس 32 سنة ولكنه كان يظهر وكأن عمره 17سنة.
عرضت IBM على غيتس وألن العمل على إنتاج برنامج تشغيل وبرامج لها. وكان لدى IBM الاستعداد التام لدفع الملايين ليكون إنتاجها أفضل. ولكن بيل غيتس لم ينطلق من الصفر لكتابة DOS ولم ييأس بعدما فشلت المحاولة مع IBM انما ذهب إلى شركة كان لديها برامج تشغيل اسمها- منتجات ستيل للكمبيوتر- واسمه - QDOS_86 -. اشترت مايكروسوفت حقوق هذا البرنامج بمبلغ 25 ألف دولار. طورته الشركة وصار اسمه MS-DOS وباعته لشركة IBM، وكان هذا جواز سفر مايكروسوفت إلى النجوم.
اكتشف بيل غيتس أنه ذاهب إلى أهم اجتماع في حياته مع IBM ، من دون ربطة عنق، فذهب إلى السوق وتأخر عن الاجتماع، وكان لسان حاله يقول: ’’ الأفضل أن أتأخر من أن أذهب من دون ربطة عنق ‘‘.
عندما بدأت العلاقة بين IBM ومايكروسوفت كان هناك 340 ألف موظف و306 مليارات دولار كدخل سنوي لشركة IBM، وفي المقابل كانت مايكروسوفت شركة صغيرة تحتوي على 32 موظفاً وربح خفيف، ولكن IBM لم يكن لديها بيل غيتس. توالت التطبيقات، وبدأ بيل غيتس بوضع برنامج معالج الكلمات WORD 1.0 وطوره وكلف الشركة 3.5 ملايين دولار للدعاية والتجربة المجانية.
جمع بيل غيتس 30 من أفضل المبرمجين وقضوا عامين، مع عمل ساعات إضافية، في محاولة لاختراع ويندوز. النتائج كانت مخيبة للآمال، ولكن اختراع ((الماوس)) كان أمراً فعالاً وعملياً في ذلك الوقت. وفقد غيتس صبره وصار يهدد كل من في الشركة بإنهاء خدماته إذا لم يتم الانتهاء من ويندوز، وكان شخصاً ((لا يرحم في ذلك الوقت)).
في 13 مارس 1986 دخلت مايكروسوفت سوق الأسهم ، وأصبح بول ألن وبيل غيتس من أصحاب الملايين، وأصبح بيل غيتس من أغنى أغنياء أميركا، ولكنه ظل يعيش حياته بالطريقة نفسها. وفي مارس 1986 انتقلت مايكروسوفت مرة جديدة إلى مواقع جديدة لتستوعب ال1200 موظف في بارك لاند.
نجاح بيل غيتس ولـّـد لديه أعداء كثر حاولوا محاربته، وحصلت مشكلات عدة مع شركة أبل وصلت إلى المحاكم. ولكنه واصل إنتاج أفضل البرامج والتطبيقات التي تنتجها شركة مايكروسوفت.
مليون دولار في الساعة!
مرة جديدة يتصدر الأميركي بيل غيتس، أحد مؤسسي عملاق المعلوماتية 'مايكروسوفت'، لائحة أغنى أغنياء العالم التي باتت تضم عددا قياسيا من أصحاب المليارات، حارماً المكسيكي من أصل لبناني كارلوس سليم من اللقب الذي يحمله منذ أربع سنوات على ما أظهر تصنيف العام 2014 لمجلة فوربس الأميركية.
وزادت ثروة غيتس الذي يكرس معظم وقته لأعمال الخير، لكنه لا يزال ينشط داخل 'مايكروسوفت'، تسعة مليارات دولار لتصل إلى 76 ملياراً. وتقدم بذلك على كارلوس سليم صاحب امبراطورية الاتصالات. أي أنه كان يربح 633 مليون دولار شهرياً وحوالي 21 مليونا يومياً، وما يقارب المليون بالساعة. يذكر أن غيتس معتاد على المركز الأول وقد استعاد تالياً مرتبة احتلها 15 مرة في السنوات العشرين الأخيرة.
أما سليم الذي خطف منه المركز الأول في السنوات الأربع الأخيرة فاكتفى بالمركز الثاني بعدما تراجعت ثروته بمليار دولار في غضون سنة إلى 72 مليارا.
وعزز الإسباني امانثيو اورتيغا مؤسس ماركة زارا للألبسة موقعه في المركز الثالث الذي احتله العام الماضي مع 64 مليار دولار، أي أكثر بسبعة مليارات على ما أوضحت 'فوربس'.
وكشف ترتيب العام 2014 ارتفاعاً كبيراً في عدد أصحاب المليارات عبر العالم، ما يؤشر إلى طي صفحة الأزمة المالية ويعزز فرضيات تفاقم التباين. وبلغ عدد أصحاب المليارات 1645 شخصاً بارتفاع نسبته 15.3% في غضون سنة، وهو رقم قياسي مطلق منذ بدء التصنيف قبل 27 عاماً. وفي العام 2009 في خضم الأزمة المالية العالمية كان عدد أصحاب المليارات 793 شخصاً. وثلثا أصحاب المليارات هؤلاء حققوا ثروتهم بأنفسهم، فيما الباقون ورثوها كلياً أو جزئياً.
كل البشر يحلمون، وقليل من أحلامهم ما يتحقق على الواقع، وكل البشر يفكرون، وقليل منهم مايترجم أفكاره إلى شيء ملموس، فما بالنا إن رأينا تجربة فريدة من نوعها اجتمع بها الحلم والفكر والقرار والعمل بشخص واحد، كون فريقا وتقلب على كل الظروف وحول مشروعه إلى واقع أصبح مضربا للمثل حين نقل بلاده من العالم الثالث إلى الأول في ظرف عقود قليلة، فتاعلوا نتعرف على هذه الشخصية التي أطلق عليه 'الزعيم الأسطوري'، و 'الديكتاتور الرشيد'.
نظرا للتاريخ الطويل للسيد ( لي كوان يو ) باني سنغافورة الحديثة، سنقسم هذا التقرير الطويل إلى 3 أجزاء، سننشرها تباعا في
.
مستعمرة بريطانية
سنة 1819 اشترى البريطاني ستافورد رافلس لحساب شركة الهند الشرقية جزيرة سنغافورة وبنى فيها مدينة وأشرف على تنظيمها و كانت الجزيرة تشكو من نقص في السكان ولكنها تمثل موقعا استراتيجيا هاما، عرفت المدينة بعد ذلك هجرة صينية كبيرة، وأصبحت سنغافورة في بضع سنين المركز الاستعماري البريطاني في جنوب شرق آسيا، وما انفكت أهميتها تزداد إلى حدود بداية القرن العشرين حيث قررت بريطانيا إنشاء قاعدة عسكرية، أثناء الحرب العالمية الثانية احتل اليابانيون الجزيرة ما بين 1942-1945، بقيت سنغافورة مستعمرة إنجليزية إلى أن حصلت على استقلالها سنة 1959.
مساحة سنغافورة لا تتجاوز سبعمائة كيلومتر مربع وعدد سكانها يقدر حاليا بخمسة ملايين نسمة، بعد أن تدفق المهاجرون إليها وتعايشت الأديان والأجناس بكل أمان وسلام وعلى رأسهم البوذيون من أصل صيني –42%– والمسلمون 15% ومثلهم المسيحيون وبعض الهندوك والعرب من أصول حضرمية.
سنغافورة خالية من كل الموارد الطبيعية الثمينة، وتستورد الرمال والحجر، وكانت تعتبر دولة متخلفة قبل عقود قليلة جداً من الزمن، ولم تبدأ مسيرتها التنموية بشكل جاد إلا في بداية السبعينيات الميلادية، الآن تعتبر سنغافورة في قائمة أكثر عشر دول في العالم من ناحية الاستقرار الاقتصادي ومن ناحية معدلات النمو، وهي محطة سياحية لملايين السياح في كل عام، كما أنها محطة تجاربة لا يستغني عنها كل من يفكر في شرق آسيا.
قدوم لي كوان يو 1959
قد يظن البعض ان الشعوب (باعتبارها مجموعة أشخاص تعيش على أرض محددة) وحدها تصنع تاريخ الدول، وقد يظن البعض الآخر أن اسم البلد يوضع على خريطة العالم الاقتصادية منذ اللحظة الاولى لولادته. غير ان لهذا الواقع استثناءات، ان لم نقل صورة مقابلة. فلطالما ولدت دول دون أن تؤثر على الاقتصاد العالمي ‘بشعرة’، ولطالما صنع فرد واحد تاريخ شعب ودولة معا. هذه الصورة المقابلة (أو الوجه الآخر في المرآة، ان صح التعبير) يجسدها لي كوان يو. هذا ‘الثمانيني’، الذي ارتبطت باسمه عبارة ‘مؤسس سنغافورة الحديثة وقائد التنمية الاقتصادية في بلاده’.
ولد لي كوان يو في 16 سبتمبر عام 1923، وأصبح أول رئيس وزراء للجمهورية السنغافورية في عام 1959 بعد انتخابات برلمانية فاز فيها حزب العمل الشعبي الذي أسسه عام ،1954 وبقي في منصبه، الذي تولاه في سن ال35 سنة، حتى عام ،1990 بدأ حياته شيوعيا متزمتا وأنهاها نموذجا تاريخيا في التنمية. لم يتنازل عن فاصلة واحدة من تراث بلاده الاجتماعي. فأثار ازمة سياسية كبرى مع الولايات المتحدة لأن مراهقا اميركيا لطخ نظافة المدينة بالدهان. لكن هذا التمسك بالمبادئ والميراث والعادات لم يتعارض لحظة واحدة مع استخدام الحداثة من اجل الكفاية والضمان الاجتماعي والتقدم والنمو. وكانت النتيجة سنغافورة المعاصرة التي ارتبط اسمها باسم لي كوان يو ‘الديكتاتور الرشيد’.
الباني وطنا للناس
كان من المذهل اقامة مثل سنغافورة الحالية في فقر آسيا قبل اربعة عقود، غير ان لي كوان يو الذي جاء من اوكسفورد الى المستعمرة البريطانية السابقة، كان يحلم بأن يبني وطنا للناس وليس له. لذلك بنى المصانع لا الاذاعات. وامر الناس بالعمل لا بالاصغاء الى الاذاعة. ومنع التجمع الا للصلاة. واغلق السجون ليفتح المدارس. واقام في آسيا نموذجا مناقضا لكتاب ماو تسي تونغ وثوراته الثقافية. ولم يسمح للمذابح لدى الجارة الاندونيسية بالتسرب الى بلاده. وطبق حكم القانون، لكنه لم يحول بلاده الى سجن تطعم فيه الفئران كوجبات دسمة، كما لدى جارته بورما.
ويعتبر لي كوان يو خليطا سحريا من أداب الماضي وآفاق المستقبل. وكان قبل أي شيء حريصا على الكرامة البشرية، فحارب الفقر بالدرجة التي عارض فيها نفوذ اميركا. وجعل لكل مواطن بيتا بدل ان يكون لكل الف مواطن كوخ. اذ كانت تلك الجزيرة، التي أسسها السير ستامفورد رافلز عام 1819، مجرد قرية للصيادين تخلو من أي موارد طبيعية وفيها قاعدتان عسكريتان، ويسكنها خليط من المهاجرين غالبيتهم أتوا من الصين والباقي من ماليزيا والهند مع أقليات آسيوية أخرى. وبعد أن رحل المستعمرون من منطقة جنوب شرق آسيا خلفوا وراءهم فوضى عارمة، فكان على سنغافورة أن تواجه وحدها مخاطر التمدد الشيوعي في جميع أرجاء العالم، خصوصا أنها دولة فقيرة قريبة من الدب الروسي. ولم تجد سنغافورة حلا لهذه المعضلة سوى الانضمام إلى اتحاد الملايو عام 1963 الذي يشكل ما يعرف الآن بماليزيا. الا ان هذا الاندماج لم يصمد أكثر من عامين بسبب إصرار سكان الملايو المسلمين على احتواء سنغافورة من دون مراعاة وجود الغالبية الصينية البوذية فيها. وبعد أقل من عام على الانضمام، حدثت صدامات عرقية بين الصينيين والملاويين كانت كفيلة بخروج سنغافورة نهائيا من اتحاد الملايو في 9 أغسطس 1965 وهو نفسه تاريخ استقلال سنغافورة.
الوحدة والتحدي
يقول لي كوان يو في كتاب سيرته الذاتية عن تلك المرحلة: ‘بعد الانفصال مباشرة توليت منصب رئيس الحكومة، وكل شيء حولي ينذر بالانهيار، فنسبة البطالة تقارب 15% والدولة الجديدة تكاد تخلو من كل شيء: القوة العسكرية مؤلفة من كتيبتين ماليزيتين، البنية التحتية متخلفة للغاية، قوات الشرطة لا وجود لها من الناحية العملية، المدارس والجامعات لا تفي بالحاجة، الغليان العنصري والديني يهدد بالانفجار في أي لحظة، التهديد الخارجي لم يتوقف، وكانت ماليزيا تنتظر فشلنا على أحر من الجمر لتستخدم القوة في إعادة سنغافورة إلى حظيرة الملايو’.
وكانت عملية بناء الجيش وقوات الشرطة من أشد الأولويات التي فرضت نفسها على حكومة لي كوان يو. وعزز وجود بعض القوات البريطانية الرمزية في سنغافورة روح التفاؤل بالقدرة على الصمود في تلك الرحلة الحرجة. ولكن ما لبثت بريطانيا أن أعلنت عن نيتها سحب جميع قواتها من المنطقة بعد تراجع دورها في العالم تدريجيا. فخسرت سنغافورة الكثير بسبب هذا القرار لأن وجود القوات البريطانية كان يوفر 30 ألف فرصة عمل أي ما يعادل 20% من الناتج القومي الإجمالي، كما وجدت نفسها مضطرة إلى التعجيل في تنفيذ برامج التسليح المكلفة.
لي كوان يو: اهتممنا بالاقتصاد أكثر من السياسة، وبالتعليم أكثر من نظام الحكم
17/10/2013 الآن - تقرير - صحف ووكالات 8:34:19 PM
تحدثنا في بداية التقرير عن تاريخ سنغافورة وأسس بناؤها، وعملية بناء الجيش وقوات الشرطة من التي كانت على رأس الأولويات، وصهر مكونات المجتمع العرقية والدينية لوقف الغليان العنصري لمواجهة التهديد الخارجي من ماليزيا وغيرها، أنظر للتقرير (3 - 1)، الرابط: ' فرد ' صنع دولة (3 - 1)
واليوم نكمل الحديث على مسيرة السيد ( لي كوان يو ) باني سنغافورة الحديثة.
الأخطاء دروس
بعد الرحيل النهائي للقوات البريطانية من سنغافورة، يشرح لي كوان يو الإجراءات التي اتخذت لمواجهة المرحلة الجديدة: ‘لم يكن أمامنا إلا أن نبدأ بالسياحة، ما أدى إلى نجاح جزئي لكنه غير كاف للقضاء على البطالة. فكان من الطبيعي ألا تقتصر خططنا على جانب واحد من الاقتصاد، لذا شجعنا على بناء المصانع الصغيرة، خصوصا مصانع تجميع المنتجات الأجنبية على أمل أن نبدأ بتصنيع بعض قطعها محليا، وعرفنا الكثير من الفشل سواء لنقص الخبرة أو لعدم الحصول على الاستشارات الصحيحة.
وكلفنا ذلك الفشل غاليا لكننا استفدنا من الدروس المكتسبة وعملنا لئلا نقع في الخطأ مرتين’. ويضيف كوان يو نقطة مهمة: ‘اخترنا دائما الفرد أو العنصر الأفضل لأي مهمة أو واجب، مهما كانت انتماءاته أو أصله أو دينه، كنا نهتم بالنتيجة فقط وكنا نعلم تماما أن فشلنا يعني حروبا أهلية واندثار حلم'، وبعد انسحاب آخر جندي بريطاني، تمكنت حكومة لي كوان يو من استعادة جميع القواعد والأراضي والمباني التي كانت تعود الى البريطانيين واستغلالها بصورة مربحة، كما تمكنت من تقليص البطالة إلى حدودها الدنيا مع نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي. ومن بين أهم إنجازات تلك الفترة بناء مدينة جورونغ الصناعية على مساحة 9 ألاف فدان لجذب الاستثمارات الأجنبية. وفي فترة قصيرة، وثبت سنغافورة وثبتها الكبرى باستغلال موقعها الجغرافي المتوسط بين اليابان وأوروبا واندماجها الكامل في الاقتصاد الدولي وبعدها عن نقاط التوتر في قارة آسيا، فأصبحت تستقبل 70 % من تجارة الحاويات في العالم كما تحولت الى واحدة من أهم المراكز المالية.
أعراق مختلفة
وتتألف البلاد من مجموعة جزر صغيرة متناثرة. أما جزيرة سنغافورة فتنفصل عن ماليزيا بمضيق ‘جوهر’ عند الشمال. ويعتبر سكانها خليطا من أصول مختلفة (75% من أصول صينية و14% ماليزية و9% من الباكستانيين والهنود ثم أندونيسيون). وتنتشر بين سكانها اللغة الصينية واللغة الماليزية العامية. وتعتبر الإنكليزية لغة أساسية. كما يعتنق 15 % من سكان سنغافورة الاسلام أما البقية فيعتنقون البوذية والكنفوشية والطوطمية والمسيحية.
بناء الإنسان والاهتمام بالتعليم في المقدمة
إن الاسس التى اعتمدت عليها سنغافورة في تحقيق معجزتها اعتمدت اصلا على بناء الانسان وقبله الاعتماد على القيم الحضارية والتاريخ والتقاليد ومن ثم الانطلاق الى الاخذ بمقومات بناء دولة حديثة لا تعرف حدودا للتطور.
إن ثمة مجموعة اسس يمكن الاعتماد عليها في توضيح هذه المعجزة اولها تبني نظام حازم لتحديد النسل حيث لم تتجاوز نسبة زيادة السكان 1.9% في 1970 و1.2% في 1980، مما جنب البلاد كارثة الانفجار السكاني التي تمثل عائقا مخيفا للتنمية.
لكن ما إن اصبح الاقتصاد السنغافوري في حاجة إلى مزيد من الأيدي العاملة المؤهلة حتى غيرت الدولة سياستها السكانية في الاتجاه المعاكس باعتماد برنامج جديد يهدف لتحفيز المواطنين لزيادة النسل، خصصت له ميزانية تقد بـ 300 مليون دولار.
هذا التغير في السياسة السكانية ناتج عن أن كل مولود جديد في مرحلة التخلف يعني عبئا على الاقتصاد، بينما في مرحلة النمو و التقدم ومع توفر الخدمات التعليمية و الصحية اللازمة للأطفال فان ذلك يجعل منهم ثروة بشرية تدفع بدورها عجلة الاقتصاد إلى الأمام.
أما الاساس الاهم فارتكز الى سياسة تعميم التعليم وتحديثة باعتماد أفضل المناهج في العالم حيث تتصدر سنغافورة الأولمبياد الدولي في امتحانات المواد العلمية، بينما لم تستطع دولة عربية واحدة أن تكون من ضمن الـ 30 دولة الأولى في آخر النتائج المنشورة للتقييم الدولي للتقدم التعليمي في مادة الرياضيات على سبيل المثال .
واعتمدت المعجزة السنغافورية على اساس اخر لا يقل اهمية عن الاول والثاني حيث اعتمدت على بيروقراطية صغيرة الحجم ذات كفاءة عالية (قوامها حوالي 50 ألف موظف لا اكثر) وعلى درجة كبيرة من المهنية والتعليم والثقافة.
كما تم الاعتماد على اسس وظيفية تمثل نموذجا يمكن ان يدرس، من بينها ان التعيين في مختلف الوظائف يتم عبر مناظرات عامة مفتوحة للجميع بينما يحصل موظفو القطاع العام على رواتب تنافسية مثل القطاع الخاص إن لم يكن أعلى (200 ألف دولار راتباً سنوياً للوزير كمثال) الى جانب الشفافية وانخفاض نسبة الفساد الاداري والمالي الى حد ان سنغافورة تتصدر حاليا مؤشر الشفافية الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.
التعليم أولاً
من ناحية أخرى، رسم لي كوان يو خريطة نمو البلدان، ناهلا من خبرته فـي تأسيس دولة سنغافورة العصرية، قائلا: (الدول تبدأ بالتعليم، وهذا ما بدأت فـيه عندما استلمت الحكم فـي دولة فقيرة جدا، اهتممت بالاقتصاد اكثر من السياسة، وبالتعليم اكثر من نظام الحكم، فبنيت المدارس، والجامعات، وارسلت الشباب الى الخارج للتعلم، ومن ثم الاستفادة من دراساتهم لتطوير الداخل السنغافوري).
وتابع: (لقد جعلت سنغافورة خضراء، ونظيفة، على الرغم من ضيق المساحة التي لا تتعدى ال 700 كلم مربع، فشجعت على نشر محلات الزهور بدل المساحات الخضراء الشاسعة مثل فـي شنغهاي).
ورفض لي كوان يو مقولة انه عندما اخذ بالنموذج الاميركي بدل الروسي نجح فـي بناء دولة قوية، وقال: (صحيح اخذنا الكثير من الاميركيين، لكننا نعرف ان ظروفهم غير ظروفنا، واقتصادهم غير اقتصادنا، وجيرانهم غير جيرانننا، نحن سعينا الى تخصيص القطاعات والاعتماد على مهارات الافراد ونجحنا فـي تطوير بلدنا الصغير). وأكدالزعيم السنغافوري ان الولايات المتحدة لا تريد اقتصادا فـي العالم يوازيها لذا تعمل على فتح الأسواق. وختم لي كوان يو حديثه بالقول: (اصنعوا الانسان قبل اي شيء، امنوا المرافق والخدمات ثم اجعلوه يستخدمها بطريقة حضارية ونظيفة، واعيروا التفاصيل الحياتية اليومية كل الاهتمام).
واضع تفاصيل حياة السنغافوريين
لا يوجد شيء في سنغافورة لم يلحظه بصر لي كوان يو الثاقب أو ترقبه عيناه المتيقظتان: بدءا من اختيار النباتات لتحويل سنغافورة إلى واحة خضراء، مرورا بتجديد فندق رافلز الرومانسي، وانتهاء بحث الشباب، بشكل سافر وصريح وجريء، على الزواج من فتيات في مستواهم الثقافي نفسه. وتحمل سنغافورة النظيفة بصمة لي كوان يو الواضحة، ولا يعتذر عن تأثيره النافذ في بلاده: ‘إذا كانت سنغافورة دولة مربية، فأنا فخور برعايتها وتنشئتها’.
واختار لي كوان يو اللون الابيض للباس حزب العمل الشعبي الحاكم. وسأله مرة أحد الصحافيين عن سبب اختيار هذا اللون، فأجابه ‘هذه الملابس ترمز الى الشفافية والنظافة’.
دخل الفرد
في بداية السبعينات بلغت واردات سنغاورة ملياري دولار وقفز عام 2010 إلى 361 مليار دولار، كما بلغ متوسط دخل الفرد 56,694 دولار سنوياً، لتكون بذلك ثالث أعلى دخل في العالم حسب احصائيات صندوق النقد الدولي.
بعد معرفة تاريخ سنغافورة منذ استقلالها ومرورا بتناميها على كافة الأصعدة، ووصولها إلى اجمالي واردات بلغ 361 مليار دولار ومتوسط دخل فرد سنوي يقدر ب55 ألف دولار، نختتم تقررينا الموسع عن السيد لي كوان يو، باني نهضة سنغافورة، أنظر للجزئين الأول والثاني : الجزء الأول : ' فرد ' صنع دولة (3 - 1) الجزء الثاني : ' فرد ' صنع دولة (3 - 2)
النهضة التنموية
انطلقت نهضة سنغافورة الصناعية لتشمل كل القطاعات ومنها المنتجات الكيماوية والبلاستيكية والمطاطية والفولاذية والتجهيزات الالكترونية والصيدلانية والصناعات الغذائية.
وتعتبر سنغافورة حاليا من اكبر مصدري اسطوانات الكمبيوتر في العالم وواحدة من اهم مراكز صيانة السفن في العالم وتؤمن احتياجاتها الى الطاقة من 4 مفاعلات كهروحرارية يصل انتاجها الى نحو 25 مليار كيلوواط.
كما تقدم خدمات مالية لمعظم بلدان المنطقة وهو ما يشكل 27 في المئة من دخلها القومي ولديها مؤسسات اعلامية متقدمة تتمثل في 9 محطات راديو و3 شبكات تلفزيون و8 صحف محلية تخضع لرقابة شديدة وصارمة من السلطات المحلية.
انطلقت نهضة صناعية شملت كل القطاعات ومنها المنتجات الكيماوية والبلاستيكية والمطاطية والفولاذية والتجهيزات الالكترونية والصيدلانية والصناعات الغذائية.
وتعتبر سنغافورة حاليا من اكبر مصدري اسطوانات الكمبيوتر في العالم وواحدة من اهم مراكز صيانة السفن في العالم وتؤمن احتياجاتها الى الطاقة من 4 مفاعلات كهروحرارية يصل انتاجها الى نحو 25 مليار كيلوواط.
كما تقدم خدمات مالية لمعظم بلدان المنطقة وهو ما يشكل 27 في المئة من دخلها القومي ولديها مؤسسات اعلامية متقدمة تتمثل في 9 محطات راديو و3 شبكات تلفزيون و8 صحف محلية تخضع لرقابة شديدة وصارمة من السلطات المحلية.
سنغافورة لاتفارق الاحصائيات التنموية
لا تقرأ جدولا او احصاء الا وتجد اسم سنغافورة في المراتب الأولى. اذا كان الجدول عن النمو، برزت فورا سنغافورة. واذا كان عن الازدهار احتلت تلقائيا الصفوف الأولى. واذا كان تقديرا للمستقبل، حلت سنغافورة في الأوائل. فسنغافورة من أكثر بلدان الأرض أمنا ومن اكثرها اطمئنانا كما هي نموذج في المحافظة على البيئة ومثال في المحافظة على مستوى المعيشة. انها تتقدم الآخرين في كل شيء. والفارق بينها وبين محيطها المباشر او الأقرب او الأبعد، كالفارق بين ‘بورصة نيويورك’ و’بورصة الخرطوم’. وعندما تبحث عن سر نجاح هذا البلد الآسيوي، تقرأ في كل سطر من سطور تاريخه اسم ‘لي كوان يو’.
فلا تعرف ان كان السر في هذا الرجل الخارق ام في الشعب الذي تحول كل فرد فيه الى مسؤول. أم ان السر هو في حجم سنغافورة الذي يمكن الدولة من ضبط كل شيء ومراقبة الأمن بالعيون الالكترونية من دون الحاجة الى شرطي واحد. لكن النتيجة هي الأهم. اذ تمكن لي كوان يو في 31 عاما من تحويل الجزيرة النائية إلى أهم مركز تجاري ومالي في العالم. وبفضل سياساته الحكيمة، أصبحت سنغافورة من كبرى الأسواق المالية التي تضم أكثر من 700 مؤسسة اجنبية و60 مصرفا تجاريا إضافة الى بورصة مزدهرة لتبادل العملات الصعبة بحجم 60 مليار دولار، لتحتل المرتبة الثانية آسيويا بعد اليابان.
كيف ترك كوان يو المنصب
في عام 1990 ترك لي كوان منصب رئيس الوزراء ومنصب أمين الحزب، ثم عين مستشارا في مجلس الوزراء. وظل في منصب المستشار مدة 21 عاما، وفي عام 2011 أعلن لي كوان ترك مجلس الوزراء وافساح المجال للدماء الشابة، وابنه الأكبر يعمل حاليا رئيسا لوزراء سنغافورة بعد فوزه بالانتخابات.
نفط الخليج
خلال زيارته الكويت عام 2006 قال رئيس الوزراء السنغافوري الاسبق وصانع معجزتها الاقتصادية أن الدول النفطية يجب ان تضع في اعتبارها ان النفط لا يخلق فرصا للعمل ولكن الاستثمار الصحيح لعوائده هو الذي يؤدي ذلك ومن ثم يتحقق الرخاء للشعوب.
وقال لي كوان يو ان الدول النفطية يجب ان تستثمر عوائد النفط في المجالات التي يمكنها ان تخلق المزيد من فرص العمل لان ذلك يعني انها تسير في الطريق الصحيح نحو التطور والنمو. وحول تجربة التكامل الاسيوي وكيف يمكن لدول الخليج ان تقتدي بها اوضح كوان يو انه لا يوجد تجربة منفردة يمكن ان تعيش بمعزل عن البقية لان ' علينا ان نتعلم من بعضنا البعض ' مشيرا الى ان الدول الاسوية كانت لديها فرص للاستفادة من بعضها البعض نتيجة عوامل التشابه التي تجمعها. واوضح ان اول عناصر التكامل بينها اعتمد على التشابه الحضاري والرغبة لدى شعوبها في التطور والحصول على فرص افضل في الاقتصاد العالمي كما انها باتت اكثر ايمانا بأن اسواقها كفيلة باحداث التطور الاقتصادي الذي تسعى اليه .
واشار الى انه بالنظر الى الاسواق الاسيوية 'فاننا امام اسواق ضخمة يصل تعدادها الى اكثر من 500 مليون نسمة الى جانب الصين والهند اللتين يتجاوز تعدادهما 5 ر 2 مليار نسمة وهو ما يعنى وجود القوة الاستهلاكية العالية في اسواق متنامية '. وبالنسبة لدول الخليج فان هناك فرصا كبيرة للتكامل فيما بينها نتيجة العوامل المشتركة الا انه يجب النظر الى التكامل بصورة اوسع ليشمل دولا اخرى في المنطقة لا سيما في ضوء التطورات الحاصلة في العراق .
وحول توريث الحكم لاسيما وان رئيس الوزراء السنغافوري الحالي هو ابنه قال لي كوان يو ان الامر لا يمكن ان ينظر اليه من هذه الزاوية الضيقة لان وصول ابنه الى السلطة جاء نتيجة لانتخابات نزيهة وشفافة . وقال ان وصول ابنه الى رئاسة الوزراء لم يأت من فراغ حيث شغل مناصب رسمية عديدة قبل ذلك الى جانب انه فشل في الوصول الى رئاسة الوزراء في انتخابات اخرى مما يعني ان المجال كان مفتوحا امام الاخرين للمنافسة . واضاف ان ابنه يتمتع بمزايا عديدة فهو محام سابق وحاصل على شهادة في الكومبيوتر وهو ذو 'عقلية مختلفة' في اشارة الى كونه يمثل امتدادا له ولكن باسلوب مختلف يتواكب مع تطورات العصر.
وردا على سؤال حول ما ذكره لي كوان يو في كتابه حول الجيل الحالي والاجيال المقبلة وعما اذا كان يخشى من عدم تمكن هذه الاجيال من مواصلة مسيرة التطور قال ان 'علينا ان نضع في الاعتبار ان القيم الثقافية والحضارية لا تتغير بل شكل الحياة هو الذي يشهد متغيرات سريعة ومتلاحقة'.واضاف ان الجيل الحالي جاء في وقت اصبحت فيه البلاد اكثر ثراء وافضل من كافة النواحي وهو ما يجعله يعيش في اوضاع افضل تفرض عليه تحديات مواصلة المسيرة والاستمرار في الطريق الذي بدأناه . وحول توجهات الاستثمارات السنغافورية في دول الخليج اوضح ان الكويت من الدول النفطية الغنية القديمة الا انه عندما تتم مقارنتها بقطر فان الشركات السنغافورية تفضل الاخيرة لان بها مشاريع اكثر واكبر .
واشار الى انه يفضل التوجهات الاستثمارية التي تعتمد على النمو المتدرج مثلما يحدث في دولة قطر التي زارها العام الماضي أي 2005 ، وشاهد كيف تسير تطوراتها الاقتصادية .
وحول اسرار المعجزة السنغافورية قال ان الامر كان بسيطا اعتمد على مجموعة من الاسس اولها التعليم مشيرا الى ان بلاده كان فيها وقت تسلم السلطة اربعة انواع من المدارس التي تدرس المناهج باربع لغات الا انه جعل الانجليزية اللغة الاساسية على ان تكون اللغة الام لغة ثانية في معظم المدارس . واوضح انه خلال 20 عاما من هذا التغيير لمس الاباء مدى الفارق بين المدارس التي تدرس بالانجليزية والمدارس الاخرى لان فرص العمل كانت افضل كثيرا لخريجي المدارس الانجليزية في البنوك والمؤسسات المالية وغيرها وهو ما ادى الى التحول الى هذه النوعية. وقال ان لغته الصينية (لغته الام ) ضعيفة مقارنة بلغته الانجليزية (اللغة التي اكتسبها) لانه لا يمارس لغته الام كثيرا . واشار لي كوان يو الى الاساس الثاني الذي اعتمد عليه وهو 'النظافة لانه لا يمكن ان يكون القاء اعقاب السجائر في الشارع ' سلوك حضاري من هنا تم حظر الكثير من الامور ومن بينها امر قد يبدو تافها الا انه مؤثر وهو مضغ العلكة في الشارع' . وقال لي كوان يو ان التنافس وان كان امرا طبيعيا بين الدول والمدن والشعوب، الا ان ثمة خيار اخر يعتمد على التعاون والتكامل.
نصائحه للخليج والعرب
خلال حوار صحفي بالكويت مع مؤسس سنغافورة المعاصرة، قال أحد الصحفيين الاقتصاديين 'يكفي أنك بحضوره تشعر برهبة الزعماء، والاسهاب بالأجوبة، مما يدل على فطنة وحنكة وحضور واطلاع.
نصح الزعيم الآسيوي الدول العربية والخليجية بأخذ المثال السنغافوري للتنمية، 'خصوصا ان التحدي في تأسيس دول حضارية يكمن في التعليم، فنحن أنشأنا المدارس اولا ثم بنينا اجيالا مثقفة. واهتممنا كثيرا بنشر اللغة الانكليزية التي اصبحت لغة عالمية'. ويروي لي كوان يو قصة تثقيف الشعب 'فبعد تنظيف سنغافورة وانشاء البنى التحتية، بدأنا العمل الاصعب وهو نشر الثقافة التوعوية بين السكان، لذا سعينا لنشر ثقافة النظافة ليس فقط في المدارس بل في الاعلام والاعلان'.
وعن التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي، يشرح وجهة نظر جديرة بالدراسة فيقول: 'جيد ان ندرس القرآن الكريم والحديث ونحفظه. الا ان عددا قليلا من الاشخاص يجب ان يفعل ذلك. فاذا كان عدد ضخم من الناس يدرس القرآن الكريم، فمن سيدرس علم الكيمياء والطب والهندسة؟'. ويضيف لي كوان يو :'اولا يجب ان يحصل الجميع على تعليم عادل خصوصا اللغة الانكليزية والانترنت، فاللغة الانكليزية هي لغة عالمية اليوم وعبرها تستطيعون دخول عالم الانترنت من الباب العريض. فلا يكفي ان تتكلم اللغة العربية في القرية العالمية اليوم'. ويستطرد قائلا: 'نعم، عليك المحافظة على التقاليد. لكنك لا تستطيع ان ترتدي 'الجلابية' (الدشداشة) كل الوقت، فهذا غير عملي. فمن المفضل ارتداء ال 'تي شرت والجينز'. وقد تلحقون بالتكنولوجيا الجديدة، فهكذا فعل الصينيون واليابانيون. ويشدد لي كوان يو في حديثه الاخير امام الصحافة في الكويت:'التقاليد يجب ألا تجعل حياتك تقليدية'.
دور الكويت في المنطقة
وردا على سؤال عن دور الكويت الاقتصادي المستقبلي في المنطقة، يقول الزعيم الاسيوي: 'الكويت هي من اكثر الدول النفطية نضوجا، انها من الدول النفطية الغنية القديمة. لقد بدأتم التقدم في النمو منذ زمن طويل، اما اذا نظرتم الى قطر فستجدون هذه الدولة بدأت تستفيد من النفط في الاعوام القليلة الماضية، لذا عليها ان تسرع في النمو لتلحق بنظيراتها في الخليج. فعليها ان تنطلق بالمشاريع بقوة لتلحق بالكويت ودبي وغيرها. اما الكويت فهي في موقع اخر، وليس فيها مشاريع كثيرة كدولة قطر. لذا الشركات السنغافورية تستغل الفرص الكثيرة هناك'. اما عن دبي، فيعتبر لي كوان يو ان 'الامارة اصبحت مركزا عالميا وصلة وصل بين اسيا والمنطقة واوروبا'، مشيرا الى انه يفضل التوجهات الاستثمارية التي تعتمد على النمو المتدرج مثلما يحدث في دولة قطر التي زارها العام الماضي وشاهد كيف تسير تطوراتها الاقتصادية.
النفط وغير النفط
يعتبر صانع معجزة سنغافورة الاقتصادية ان الدول النفطية يجب ان تضع في اعتبارها ان النفط لا يخلق فرصا للعمل، ولكن الاستثمار الصحيح لعوائده هو الذي يؤدي الى تحقيق ذلك. ويقول: 'على الدول المنتجة للنفط ان تحول عوائدها الى مصدرين: تطوير البنى التحتية واستثمارها في قطاعات اخرى بعيدة عن النفط وحتى بعيدا عن الصناعات البتروكيماوية. فالنفط لا يؤمن عددا كافيا من الوظائف. لذا اخلقوا فرص عمل لتطوير المجتمع وتحديث الانشطة الاقتصادية والمالية المختلفة. وهكذا.. قد تصل الدول النفطية بعد 30 الى 40 سنة الى سلم الدول المتقدمة'.
التجربتان الآسيوية والخليجية
كيف يمكن لدول الخليج ان تقتدي بتجربة التكامل الاسيوي؟ يجيب كوان يو انه لا يوجد تجربة منفردة يمكن ان تعيش بمعزل عن البقية لأن 'علينا ان نتعلم من بعضنا البعض'، مشيرا الى ان الدول الاسيوية كانت لديها فرص للاستفادة من بعضها البعض نتيجة عوامل التشابه التي تجمعها، 'وكما تقدم اقتصادنا، مقارنة مع نظيره العالمي، يمكن لدول الخليج ان تأخذ منا بعض الدروس'. لكن كوان يو ينصح بالاخذ بعين الاعتبار خصوصية كل دولة على حدة، 'فاول عناصر التكامل يعتمد على التشابه الحضاري والرغبة لدى الشعوب في التطور والحصول على فرص افضل في الاقتصاد العالمي'.
توريث الحكم
سئل لي كوان يو عن رأيه في التوريث السياسي، خصوصا ان رئيس الوزراء السنغافوري الحالي هو ابنه. فيجيب: 'نحن نتمتع بنظام انتخابي وانا تركت الحكم في عام 1990 اما ابني فاستلم السلطة عام 2004، لكنه بدأ العمل في القطاع الحكومي منذ عام 1984 فهو صاحب خبرة طويلة في المال والاعمال والادارة فتنقل بين المناصب المتعددة من وزير الى حاكم للمصرف المركزي(...). ويضيف: 'اصلا، لم يدخل الحكم بعدي فورا لنسمي هذا وراثة، بل بعد 14 عاما من تركي السلطة التنفيذية الى جانب انه فشل في الوصول الى رئاسة الوزراء في انتخابات اخرى ما يعني ان المجال كان مفتوحا امام الاخرين للمنافسة. وهو يتحلى بالقدرات الكثيرة واختاره الحزب الحاكم ليكون قائد الدولة الجديدة. هو منفتح كثيرا ويتعامل بشفافية'.
الأجيال المقبلة
شدد كوان يو على انه لا يخشى من عدم مواصلة الاجيال المقبلة مسيرة التطور التي رسمها في سنغافورة 'اذ علينا ان نضع في الاعتبار ان القيم الثقافية والحضارية لا تتغير بل شكل الحياة هو الذي يشهد متغيرات سريعة ومتلاحقة. فكل جيل له خبرته المختلفة من جيل اهله'. ويطرح لي كوان يو اليابان مثالا على ذلك، في ظل التطور الذي تشهده في التقنيات من جيل الى جيل، 'فالتقاليد ما زالت هي هي، اما اسلوب التفكير وطريقة التصرف فقد تغيرا. الثقافة لم تختلف بل النظرة ونوع الحياة هو الذي اختلف'. ويتابع: 'الجيل الحالي جاء في وقت اصبحت فيه البلاد اكثر ثراء ما يجعله يعيش في اوضاع افضل تفرض عليه تحديات مواصلة المسيرة والاستمرار في الطريق الذي بدأناه'.
نختتم التقرير بشهادة زعماء وساسه عاشوا تجربة السيد لي كوان يو وقالوا عنه:
الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب: ‘لي كوان يو من الشخصيات اللامعة التي لم يسبق أن تعرفت على مثلها. فالمهتمون بسيرة هذا الآسيوي الناجح، عليهم أن يقرأوا قصة سنغافورة’.
رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر: ‘قرأت وحللت كل خطاباته، لقد استطاع أن يخترق أساليب البروباغندا الاعلامية دون أن يخطئ مرة قط’.
الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك: ‘غريب أمر سنغافورة التي تحولت خلال 30 عاما الى بلد راق. من يرد معرفة سر نجاح هذا البلد الآسيوي فعليه النظر الى لي كوان يو الذي حول المدينة الى دولة، وجمع حوله العقول اللامعة، ووصلت سنغافورة الى التقدم عبر طريق مختصر مثل الاهتمام بالنظام التعليمي ومحاربة البطالة والادخار’.
الرئيس الكوري الجنوبي السابق كيم داي جونغ: ‘كلما قابلت لي كوان يو، تأثرت تأثرا بالغا بذكائه الكبير ورؤيته الثاقبة وعمق فهمه للتاريخ والمجتمع. وبغض النظر عن موقعك في السياسة، ستجد أفكاره الحاذقة حول اسيا والعالم تشكل مصدرا للوحي الاقتصادي’.
هذه التدوينة ستكون مخصصة لنشر فقرات قصيرة تروي قصص نشأة شركات شهيرة، وسأجتهد لإضافة المزيد لها في نهايتها، والغرض منها تعريف القارئ ببدايات كبار الشركات اليوم، لأخذ الحكمة والعبرة، ومن أجل بعض التشجيع لمن حبسه التردد عن بدء شركته الخاصة. لنبدأ: 1 – فيروتشيو لامبورجيني Ferruccio Lamborghini
في بدايته كان الايطالي فيروتشيو مجرد مزارع تقليدي يقوم بتصنيع الجرارات (Tractors) الزراعية، الأمر الذي جعله من أغنياء البلدة، وجعله ينفق ماله في شراء السيارات الرياضية غالية الثمن، ومن ضمنها كانت عدة طرازات من سيارات فيراري. رغم سمعة فيراري الآن، لكنها في بدايتها عانت من مشاكل ميكانيكية كثيرة في ذاك الوقت، الأمر الذي جعل فيروتشيو يحاول إصلاح أعضال سيارته الفيراري بنفسه، لأنه في الأصل والقلب ميكانيكي. لاحظ فيروتشيو أن العيب ينبع من اسطوانة الدبرياج / القابض / كلاتش Clutch ولذا كثيرا ما طلب فيروتشيو من عمال الصيانة في شركة فيراري تصميم اسطوانة جديدة أفضل لحل هذه المشكلة، إلا أن هؤلاء لم يسمحوا له برؤية كيف يحلون له المشكلة في سياراته، وكان عليه ترك كل سيارة لفترة طويلة من الوقت حتى ينتهوا من تصليحها، وفوق كل هذا، كانت المشكلة تعود للظهور من جديد رغم كل هذه الخطوات.
قصص نشأة شركات شهيرة – لامبورجيني
لحل هذه المشكلة، طلب فيروتشيو مقابلة انزو فيراري مؤسس شركة فيراري ليشرح له المشكلة وحلها، وبعد فترة من الانتظار، التقى الاثنان ودار بينهما حوار ساخن، تبادلا فيه الهجوم بأن هذا لا يعرف كيف يبني سيارات متينة، وأن لامبورجيني رجل لا يفهم سوى في صنع وقيادة الجرارات الزراعية ولن يتمكن يوما من قيادة سيارة رياضية مثل فيراري. طبعا البقية معروفة، إذ ساعد هذا الحوار على نشأة المنافس القوي في عالم السيارات الرياضية: لامبورجيني. 2 – فريد سميث، مؤسس شركة فيدرال اكسبريس
أثناء دراسته الجامعية في جامعة ييل Yale الأمريكية في عام 1965، قدم فريد سميث بحثا دراسيا موضوعه مدى جدوى إقامة شبكة نقل خاصة فقط للطرود الكبيرة، عن طريق الشاحنات والطائرات، داخل حدود الولايات المتحدة الأمريكية. في ثنايا استعراضه لأوضاع الشركات التي كانت تشحن فقط الطرود الكبيرة، تطرق فريد إلى جانب الطرود الصغيرة وكيف أن نقل هذه الشحنات الصغيرة عبر شبكة نقل جوي ستكون فكرة جيدة لأساس عمل شركة ناجحة. رغم طرحه للفكرة بشكل عام، إلا أنه لم يتطرق لكيفية عمل شركة مثل هذه من الداخل وكيف يمكن لها تحقيق الربح وخفض التكلفة، الأمر الذي انتهى به حاصلا على درجة متوسطة في هذا البحث الذي قدمه. لم يفت هذا التقدير المتدني في عضد فريد سميث الذي تخرج والتحق بالبحرية الأمريكية كطيار وبعدما ترك الجيش أسس في عام 1971 شركته الخاصة لنقل الشحنات الصغيرة: فيدرال اكسبريس (تحول اسمها اليوم إلى فيديكس).
قصص نشأة شركات شهيرة – فيدكس
لا تترك الدنيا أحدا دون اختبار عسير، إذ تصادف بعد مرور سنوات قليلة على بداية شركته أن ارتفعت أسعار الوقود عالميا (حرب أكتوبر ومنع العرب تصدير النفط)، الأمر الذي كبد الشركة خسائر شديدة في كل شهر، حتى لم يتبق في حساب الشركة المصرفي سوى 5 آلاف دولار. عندها فعل فريد سميث شيئا جنونيا لا أنصح به قرائي، ألا وهو لعب القمار بما تبقى للشركة من مال، وشاء الله أن تنجح هذه الخطوة المتهورة، وربح 27 ألف دولار من هذه الخمسة، والتي أودعها بالكامل في حساب الشركة التي كانت بحاجة ماسة لهذه الدفعات النقدية لتستمر في العمل لبضعة أيام إضافية. هذه الأيام كانت كافية لتفلح جهود الشركة في الحصول على استثمار مالي ساعدها لأن تستمر وتنجح وتعمل اليوم في أكثر من 220 دولة حول العالم وتحقق دخلا سنويا بأكثر من 45 مليار دولار في 2013