حفل على شاطىء البحر
تحقيق: نيفين أبولافي
لم تعد حفلات الاعراس تقتصر على تجهيز الكوشة الجميلة وبطاقات الدعوة والبوفيه، بل اصبحت مظاهر البذخ والمبالغة تطغى عليها، فبتنا نسمع عن عروس تختار صالة في افخم الفنادق ثم تغير ديكورها ومعالمها تماما، واخرى ترصع فستان زفافها بالذهب والاحجار الكريمة، وثالثة تصر على ان يحيي حفل زفافها مطربون معروفون، اما آخر صرعة فهي اختيار اغنيات خاصة لزفة العروس وزفة المعرس يكتبها مؤلف معروف ويلحنها ملحن مشهور، لذا بتنا نسمع عن ارقام فلكية في تجهيز الافراح قد تتعدى المائة ألف دينار.
ولتزايد الطلب على مثل هذه التجهيزات اصبحت هناك شركات متخصصة في هذا المجال تعمل على تجهيز الاضاءة والديكور والتنظيم الكامل للحفل.
وليد الجاسم اشرف بنفسه على تنظيم فقرات حفل زفافه وتجهيز جميع الامور المتعلقة بليلة العمر، التي وصلت تكاليفها الى ما يقارب ثمانين ألف دينار كويتي. حول هذه الترتيبات تحدث الجاسم قائلا:
ـــ اشرفت شخصيا على جميع التجهيزات الخاصة بحفل الزفاف، ووضعت برنامجا للحفل تضمن عدة فقرات غنائية احياها اربعة مطربين محليين، بالاضافة الى DJ، وقامت مذيعة بتقديم فقرات الحفل.
اما فيما يتعلق بالديكور الخاص بصالة الحفل فقد اتفقت مع شركة مختصة بامور التجهيز لمثل هذه المناسبات، فقاموا بتزيين مدخل صالة الفندق وصالة الحفل بالاقمشة الملونة والبالونات والورود بشكل متناسق مع الالوان التي اخترتها.
واستطرد الجاسم قائلا:
ـــ بعد تحديد الديكور العام للمدخل والصالة والكوشة بدأت بالتنسيق مع مهندسي الاضاءة لاختيار كيفية توزيعها وحركة الالوان وارتباطها بالموسيقى والحدث، سواء عند دخول العروس أو المعرس. واخترت ديكورا مميزا لدخول العروس حيث جعلتها تخرج من تحت الارض عبر ديكور متحرك هيدروليكي وسط اضاءة مبهرة وغناء المطربين.
اما هدايا الحضور فكانت علبا تحتوي على الشوكولاتة الفاخرة لكل منهم. وكل هذه الترتيبات كانت من افكاري واشرافي المباشر عليها. واكد الجاسم على ان الاهتمام بهذه المناسبة امر طبيعي للعروسين.
الديكور والإضاءة
ديما حجازي منسقة حفلات في شركة كبيرة تختص بتنظيم مثل هذه المناسبات. تحدثت عن اشكال متعددة لحفلات الافراح في الكويت، وقالت ان كلفة بعضها تصل الى ما يقارب المائة ألف دينار، وقد تكون اكثر من ذلك، بناء على ميزانية العميل والفكرة التي يريد تنفيذها.
واضافت:
ـــ التكلفة العالية تكمن في نوعية الديكور الذي يصمم على اساسه شكل الصالة. اما الاضاءة فتبدأ اسعارها من المستوى المقبول لتصل حتى 60 ألف دينار ويتم التحكم بالسعر من خلال تكثيفها واختيار الالوان وحركتها، فمنها ما هو اضاءة جانبية للصالة واضاءة خاصة بالكوشة واضاءة خاصة بالصالة نفسها. وقد يطلب بعض العملاء عرض اضاءة Lighting Show الى جانب اضاءات المدخل الخاص بالصالة واحيانا اضاءات خارجها ووضع اسماء العروسين في عدة مواقع من مكان الحفل.
وقالت حجازي ان بعض الافراح قد تتعدى تكلفتها الاجمالية المائة ألف دينار بعشرات الآلاف، وذلك تبعا لرغبة العروسين وذويهم .
اما بالنسبة الى اغرب الطلبات التي واجهتها في عملها، فاولها تجهيز مكان لحفل زفاف على شاطئ البحر، وآخر طلب تصميم مجسم طائرة يقام الحفل بداخله الى جانب تجهيزات الاضاءة واكسسوارات الطاولات والكراسي والهدايا التي تقدم للحضور وباقات الورود التي تملأ المداخل والمكان بشكل عام.
لكنها اوضحت ان هناك افراحا اخرى تجهز بتكاليف اقل، لكنها تكون مميزة ولافتة ايضا للحضور.
سباق الكوش
ولا يمكن الحديث عن الافراح من دون ذكر سباق «الكوش» الذي اصبح ظاهرة نشهدها في كل فرح، حيث ترغب كل عروس بان تكون كوشتها افخم من سابقتها من بنات جيلها في العائلة.
حول هذا الموضوع التقينا مصمم الديكور والكوش خالد المالك الذي بدأ حديثه قائلا:
ـــ تتراوح اسعار الكوش من المئات الى الآلاف، وميزانية صاحبة الفرح هي التي تحدد حجم الكوشة وفخامتها ونوعية الديكور الخاص بالصالة، فكل الامكانات متاحة ولكل سعره.
في بعض الاحيان ترغب العروس في ان تكون كوشتها مليئة بالتفاصيل والزينة كاستخدام الكريستال أو اللؤلؤ أو حتى الذهب ولكل من هذه الاكسسوارات سعره.
وقد درجت في الفترة الاخيرة ظاهرة تغيير ديكور الصالة بالكامل، اي اعادة هندسة المكان وتلبيس الجدران والسقف بما يتناسب مع الشكل المطلوب. وقد تصل اسعار هذه الاعمال حتى المائة ألف دينار ويزيد، وقد يصل سعر الكوشة الى ما يقارب العشرين ألف دينار أو اكثر في بعض الاحيان، كل حسب طلبه، وقد تفذت بعض الكوش بهذا السعر.
واضاف:
ـــ ان السبب في ارتفاع تكلفة الاسعار هو المنافسة بين الفتيات وذويهن في الافراح، حيث ترغب كل واحدة ان تكون افضل من غيرها، وتسعى وراء التميز والابهار، وهذا ما يدفع المصممين الى الابداع اكثر.
أغان خاصة
اما بالنسبة لآخر الصرعات في الافراح، فقد سادت ظاهرة إنتاج أغان خاصة بالعروسين للزفة وللفرح باصوات مطربين مشهورين، الى جانب التعاقد مع فرق استعراضية خاصة لاحياء الحفل.
حول هذا الموضوع تحدث خالد الشيخ ويوسف نجم المتخصصان في مجال الـDJ والاغاني والموسيقى، فاوضحا:
ـــ ان كثيرا من اصحاب الافراح يطلبون تسجيل اغاني الزفاف على CD لتوزيعه على الحضور. الى جانب الاتفاق مع مصورين للافراح من لبنان لنجد ان صالة العرس مليئة بكاميرات التصوير ذات الجودة العالية لتتراوح تكلفة التصوير وحده بين 4 و6 آلاف دينار، وقد تكون اكثر من ذلك في بعض الاحيان، ناهيك عن طلبهم وضع آخر الاغاني في عالم الفن والبحث عنها ان لم تكن قد نزلت في الاسواق المحلية مهما كانت التكلفة المادية.
وبذلك تصل تكلفة تجهيز الاغاني والتصوير الفوتوغرافي والفيديو مع تجهيز بطاقات الدعوة وعلب المحارم الورقية الى ما يقارب 12 ألف دينار.
فساتين مرصعة بالذهب واللؤلؤ
ولا تكتمل فرحة العروس طبعا الا بفستان العمر الذي يجب ان يكون مميزا. يقول مصمما الازياء ادهم ودينا:
ـــ فساتين الزفاف غالبا ما تتراوح اسعارها بين 1500 دينار وستة آلاف دينار وتصل احيانا الى اسعار خيالية، حيث يرتبط السعر بطلب العروس والتفاصيل التي ترغب في وجودها في فستان ليلة العمر، مثل تزيينه ببعض المجوهرات في حال ارادت ذلك.
وحول اغرب الطلبات التي وصلتهما، قالا:
ـــ احضرت احدى الفتيات عددا من السلاسل المصنوعة من الذهب الخالص لتضعها على فستان زفافها، وقد بلغت تكلفة هذا الفستان ستة آلاف دينار الا انها رفضت تصويره حتى لا يتم تقليده لكونه طلبا خاصا.
كما صممنا فستانا مطرزا باللؤلؤ الطبيعي بناء على طلب صاحبته، وقد بلغت تكلفة تصميم هذا الفستان وحده ما يقارب الألفي دينار من دون حساب سعر اللؤلؤ.
وقد اكدا ان الذوق العام هو الذي يفرض نفسه على الساحة بشكل كبير، ويعمل المصمم على مجاراته لحسابات تجارية وتسويقية ايضا.
تحقيـق: ثائـرة محمـد
مصيبة جديدة دخلت مؤخرا إلى المدارس، وهي تصوير المعلمات بالموبايلات، أو بالكاميرات من دون فلاش، خلسة ومن دون اذنهن، ومن ثم فبركة هذه الصور ونشرها عبر الإيميلات أو «الفيس بوك» لتشويه صورة المعلمة التي قد تكون خلعت حجابها أثناء دوامها الطويل ليقينها بانها وسط مجتمع نسائي لا يراها فيه الرجال، أو بسبب حرارة الجو، ولم تكن تتوقع للحظة، أنها قد تقع فريسة إحدى «المهووسات» من طالباتها، فتدفع الثمن لاحقا نتيجة تشويه سمعتها بعد بث صورتها بوجه هو وجهها لكنه ركب على جسدٍ مفبرك، فتبدو وهي ترتدي الملابس الخليعة أو «المايو»، أو ربما عارية تماما، لانها من وجهة نظر تلك الطالبة تستحق الفضيحة لكونها ظلمتها في درجة أو اساءت معاملتها.
ويبدو أن تشويه سمعة الآخر من خلال أخذ صور له وفبركتها، بات هاجسا أو هوسا أصاب البعض، بل أصبح هواية.. فبعد قصور هذه الظاهرة فترة على فئة المشهورين والفنانين، انتقلت هذه العدوى أو الهواية المريضة إلى الاشخاص العاديين، ومؤخرا إلى الطلاب من الجنسين في المدارس لتصبح عقوبة المعلم عند اساءته لأي طالب.. فضيحة عبر النت، حتى أصبح هذا الجيل يحتاج فعلا إلى إعادة تأهيل وتربية من جديد، خصوصا بعد أن خصصت مواقع ومجموعات عبر النت، وكل مجموعة تسمى Group، باسم المدرسة وبها العجب العجاب، حيث يشارك فيها الطلبة من المدارس الحكومية والخاصة معا.
تحقيقنا يرصد هذه الظاهرة وعواقبها وكيفية الحد منها عبر آراء المتخصصين، فتابعونا...
الطالبة شهد القيس في الصف الثاني عشر - أدبي في إحدى المدارس الحكومية أكدت وجود هذه الظاهرة التي بدأت بالانتشار بين الطالبات.. أما عما يحدث فقالت:
ــ تقوم بعض الطالبات بالتقاط صور للمعلمة التي تسبب لهن ازعاجا، ثم ينشرنها عبر 5hi أو يلتقطن صورا لزميلة لهن اختلفن معها.. وذلك للانتقام منها من أي تصرف فعلته بسيطا كان أو كبيرا.. وهذا الأمر جعل الثقة مفقودة حتى بين الطالبات أنفسهن بسبب حدوث مثل هذه الأفعال غير الواعية من البعض.
أما كيف يتم تصوير المدرسات من دون اذنهن؟
فأخبرتنا مريم الخبيزي عن ذلك قائلة:
ــ التصوير يتم في غفلة من المدرسة ومن دون علمها بأن ثمة طالبة تقوم بتصويرها من دون فلاش، ثم يتم انزال صور هذه المدرسة عبر «الفيس بوك».
• كيف يتم اكتشاف الأمر؟
- بعض الطالبات يخبرن بعضهن البعض بخبر النشر عبر «الفيس بوك»، ويتسرب الموضوع إلى المدرّسات عن المدرّسة التي تم نشر صورها، ثم يصل الأمر إلى الادارة التي تتخذ الإجراء المناسب.
• ما الاجراء الذي يتخذ في حق مثل هذه الطالبة المذنبة؟
ــ الفصل التأديبي أو النقل إلى مدرسة أخرى، بعد ابلاغ أهلها طبعا بما فعلت، وقد يصل الامر أحيانا إلى الفصل النهائي من جميع المدارس.
صور فضائحية للطالبات أيضا
ولكن هل يقتصر التصوير على المعلمات فقط؟ أم أن الطالبات معنيات أيضا ويقعن ضحية لضعيفات النفوس؟
أجابت هيا أحمد، طالبة المرحلة الثانوية في إحدى المدارس الحكومية قائلة:
ــ موضة التصوير عبر الموبايلات تخطت المعلمات لتنتشر حتى بين الطالبات أنفسهن.
لقد قامت إحدى طالبات الصف العاشر في مدرستي بتصوير بعض الطالبات والمعلمات، ثم نشرت صورهن عبر النت بشكل غير لائق. وعند كشف أمرها أمام الادارة بعد ابلاغ إحدى صديقاتها عنها، تم فصلها من مدرستنا ونقلت إلى مدرسة أخرى.
خلع الملابس أثناء الرياضة
المصيبة الكبرى أن هناك طالبات محجبات وملتزمات لدرجة كبيرة يقعن في فخ التصوير بسبب حصص التربية البدنية، التي يتم فيها تبديل الملابس حيث يكون هناك ازدحام في الغرف، فتضطر الطالبات إلى تبديل ملابسهن بعضهن أمام بعض بسبب عدم وجود غرف كافية لجميع طالبات الفصل، وحتى لا يتأخرن عن المدرّسة.
والذي يحدث أن بعض الفتيات ضعيفات النفوس يستغللن ذلك ويصورن زميلاتهن أثناء انشغالهن بتبديل الملابس، ثم تجد هذه وتلك صورها منشورة عبر النت، بل معها أحيانا تعليقات لا تنم إلا عن أخلاقيات فاسدة.
وأكدت لي إحدى مدرسات التربية البدنية في المرحلة الثانوية أن ذلك يحدث فعلا، وطلبت مني حرصا منها على سمعة مدرّستها أن لا يذكر اسمها، لأنه حدثت في مدرستها قصة مماثلة، أدت إلى تدخل القضاء لحل تلك القضية التي ما زالت عالقة.
جهاز تفتيش أو مباحث إلكترونية
والتقينا بالاعلامية المذيعة رانيا السبيعي لمعرفة رأيها في كيفية الحد من هذه المشكلة التي تواجه الفتيات والمعلمات في المدارس، فقالت:
• أولا وضع جهاز انذار وتفتيش عند مدخل كل مدرسة لمنع دخول الأجهزة الإلكترونية كالموبايل والكاميرا.
• فصل أي طالب، أو طالبة، تسوّل له نفسه الاساءة إلى معلمه أو معلمته فورا، لانه قدوة سيئة للآخرين، وحتى تكون العقوبة عبرة لغيره.
• وضع كاميرات في الصفوف المدرسية تراقب الطلبة أثناء الحصص.
• أن تكون عقوبة التشهير والاساءة المساءلة القانونية أيضا.
• توعية الطلبة عموما بوجود مباحث الكترونية تستطيع أن تراقب مصدر الايميل وتكشف صاحبه.
• نشر الوعي بين أفراد المجتمع بعدم دخول هذه المواقع المفبركة التي تخص المدارس ومعلميهم حتى من بعض الطلبة الفاسدين أخلاقيا.
• أن نعلم أبناءنا أن يكونوا على قدر المسؤولية، وأن نزرع فيهم الوعي والعلم والدين والصلاح حتى لا يسيئوا إلى أنفسهم وإلى مجتمعهم.
التواصل مع ولي الأمر
واعتبرت المديرة المساعدة ابتسام المصري أن الحل يكمن في توعية أولياء الأمور وتوجيههم لحل هذه المشكلة وغيرها من المشاكل من خلال اللقاء المستمر بينهم وبين التربويين في المدرسة، وقالت:
- المدارس لا يمكن أن تصل إلى حلول بمعزل عن البيت، ولهذا فالتواصل بين المدرسة وولي الأمر أمر ضروري حتى يتم ابلاغ ولي الأمر بما يفعله ابنه أو ابنته في المدرسة، ويبدأ ذلك من المرحلة الابتدائية حتى لا تنتقل الحالات المرضية إلى المرحلة المتوسطة، وتظهر نتائجها في المراحل الثانوية.
وشدّدت المصري على أن ابناءنا نعمة وأمانة سيحاسبنا الله عليها إن أهملناها تحت أي ظرف، وقالت:
ــ المصيبة أن وراء هذه الحالات وغيرها والدين منفصلين بالطلاق، فالولد والبنت ضائعان بين الطرفين أو يعيشان مع الجدة. وأذكر حالة مرت عليّ من فترة لطالبة من عبدة الشيطان، تمكنت الأم من احتوائها من خلال توعية المدرسة والتواصل معها، واستطاعت أن ترد ابنتها عن فعلها، فظروف الطالب لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار.
واستطردت المصري قائلة:
- أعمل في المجال التربوي منذ 25 عاما، ولم اسمع عن هذه الحالات الاجتماعية الغريبة والدخيلة إلا منذ فترة قريبة. والسبب من وجهة نظري التفكك الأسري وانتشار الطلاق في المجتمع. لقد سألنا مرة إحدى الطالبات: هل تكونين راضية عن نفسك عندما تضعين رأسك على المخدة؟ فقالت: إنني أنتقم من أبي لأنني رأيته مع الخادمة.
نحقق ولا نجرم
وعن فرض عقوبة بحق الطالب الذي يقوم بمثل هذا الفعل قالت:
ــ أنا لست مع العقوبة قبل اجراء التحقيق، فلعل الطالب يمر بظروف خاصة كما ذكرنا، فمن الظلم أن نطبق عليه القانون لأنه من الممكن أن ينحرف وهو ضحية والديه، فكيف نطبق القانون والعقوبة والطالب ضائع في بيته.. علينا سؤاله أولا كيف وصلت إلى هذه المرحلة؟
الوالدان مسؤولان عن انحراف أبنائهما، لان الغرس الصالح لا يؤثر فيه الفساد مهما عظم من حوله.
التفتيش ليس تربويا
ولمزيد من الجوانب التربوية لعلها تعود بالفائدة علينا وعلى طلبتنا، التقينا بالموجه التربوي عبدالعزيز العصفور ونوجز باختصار أهم ما قاله في هذا الشأن:
• التفتيش على الطلاب عند الدخول والخروج ليس سلوكا تربويا سليما، خصوصا مع البالغين، لهذا من الأفضل تأهيل الطالب لكي يكون رقيبا على زميله ويساعد في تقويم سلوكه، ويكون ذلك من خلال نشر الوعي بين الطلاب.
• من يثبت عليه جرم يعاقب وفق القانون لأنه ليس من حقه التعدي على خصوصيات الآخرين.
• توعية الأهل (أولياء الأمور) الذين لهم دور كبير في تربية الابن.. والذين أصبح همهم الأول اليوم السؤال عن درجات ابنهم لا عن سلوكه.
• منع احضار الموبايلات والكاميرات إلى المدارس.
• توعية الطلبة بالنتائج والمشاكل الناتجة من سوء استخدام الأجهزة.
• تفعيل التوعية بأهمية القيم بين الزملاء، لأنهم يتأثرون بعضهم ببعض أكثر من تأثرهم بمعلميهم وأهلهم.
حصاد محررة
• بغض النظر عن الاساءة التي قد تصدر من أي معلمة تجاه أي طالبة مهما عظمت أو صغرت، فان علينا أن نضع أنفسنا مكانها وأن نتخيل أننا قد نكون فريسة للعابثين بسمعة الآخر، فالمعلم ليس ملاكا معصوما من الخطأ، ولكن مهما اخطأ فان هناك اجراءات يمكن اتباعها ولا تصل بأي حال من الأحوال إلى تلفيق صور مفبركة خارجة عن الاخلاق.
• إحدى المعلمات الملتزمات الرافضات لمبدأ الغش من منطلق ديني وأخلاقي.. مارست صلاحيتها وسحبت ورقة الامتحان من الطالبة «الغشاشة» فكان عقابها فبركة صورتها عبر النت.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
• اقترحت الناظرة وفاء الجعفر على الاعلام التربوي الذي لا يقوم بواجبه أن يقدم من خلال بعض «الفلاشات» عبر التلفاز شخصيات جاذبة للطلبة تقوّ.م سلوكهم وتعلمهم كيف يقيّ.مون تصرفاتهم.
أولياء الأمور مسؤولون أمام القانون
على ولي الامر ان يدرك ان هناك قانونا جديدا سيتم تطبيقه يتعلق بتجريم الجرائم الالكترونية التي تتم عبر شبكة الانترنت ومحاسبة مرتكبيها، ومن ضمنها الاساءة الى سمعة الآخر، مما يضع ولي الامر في محاسبة قانونية ومساءلة عند تورط ابنه القاصر في اي قضية من هذا النوع، على اعتبار ان ولي الامر هو المسؤول أمام المباحث الالكترونية التي ستصل اليه من خلال متابعة بريده الالكتروني. لذلك على ولي الامر مراقبة ابنه في استخدام شبكة الانترنت بشكل دائم حتى لا يتورط ويورطه.
الاستقالة أو الطلاق
آخر قضية كانت لمعلمة تعودت خلع حجابها أثناء الحصص.. فقامت إحدى طالباتها وبدون أن تشعر بالتقاط بعض الصور لها، ومن ثم فبركتها لاحقا وبثتها عبر النت بشكل مخلٍ ومؤذٍ، وكانت النتيجة أن المعلمة عادت منهارة إلى بيتها من البكاء عندما سمعت من طالباتها عن الصور العجيبة المنشورة عنها، الأمر الذي دعاها أن تراها عبر «الغروبات»، فاصابتها الصدمة والفزع عند مشاهدتها لتلك الصور الفاضحة التي جعلت زوجها يهددها ويخيرها بين ترك المدرسة أو تركه «بالطلاق».. حيث عجلت هذه الصور المفبركة بخراب بيتها سواء بضيق العيش وترك العمل.. أو بالطلاق.
المعلمة قدمت استقالتها على الفور آسفة على جيل فقد الأخلاق.
الرأي التربوي : وفاء الجعفر: لا نريد تخريج مجرمين
التقينا ناظرة مدرسة ثانوية العصماء وفاء الجعفر لتحدثنا عن كيفية الحد من هذه الظاهرة فقالت:
- أولا: للحد من هذه الظاهرة لا بد من التفتيش اليومي على الطالبات ومصادرة الموبايلات منهن، وعدم تسليم الموبايل إلا لولي الأمر.
وتعلق: «أتفاجأ عندما أجد ولي الأمر يقول لي انه يعرف ان ابنته معها موبايل».
• تنبيههن باستمرار من خطر الموبايل والكاميرا وسوء استغلالهما.. والمساءلة القانونية التي سيتعرضن لها أن اسأن استخدامه.
• تحذير الطالبات أثناء الطابور بشكل مستمر ليستوعبن خطورة الأمر، لان الاستيعاب ضعيف عند البعض.
• اتخاذ اجراءات من خلال لائحة الجزاء المدرسي بشأن الطالبات المذنبات.
• عند ضبط الموبايل يجب التحفظ عليه وتسليمه إلى ولي الأمر الذي يتعهد بتحمل المسؤولية كاملة ويوقع على ذلك. وأنا لدي موبايلات مصادرة من ثلاث سنوات لم يعرف لها صاحب حتى اليوم.
• تعاون التربية مع الاعلام من خلال التحذير عبر التلفاز عن المساءلة القانونية التي سيتعرض لها الطالب الذي يستغل هذا الجهاز في مثل هذه الأمور.
• أطالب الوزارة بتحمل مسؤولياتها على مستوى عال، لانشغالها بالأمور الادارية.. لأننا أصبحنا مثل «الكتبة» لتنفيذ تعليمات الوزارة.
ومن المفترض أن يعطونا برنامجا محددا حتى نتحمل مسؤولية الادارة.
أما عن العقوبة المناسبة التي تستحقها الطالبة المذنبة فتقول الجعفر:
ــ المصيبة أن التربية تتعامل مع الطلبة على أنهم اكتمل نموهم.. وهي التي أصدرت قبل فترة برنامجا مفتوحا لاجتهادات ادارات المدارس لتدريس قيم اخلاقية، من المفترض أنها دور البيت والأهل.
لقد أصبحنا ندرس معنى الصدق والأمانة والاحترام وغيرها للطلبة، ولهذا من وجهة نظري نحن نريد لأبنائنا الوقاية التي هي خير من العلاج من خلال التوعية.. فما الفائدة لنا أن «نخرّب» مستقبل الطلبة أو أن نخرّج اشخاصا غير فاعلين أو مخرّبين أو مجرمين للمجتمع.
من خلال تجربتي الطويلة وعند استدعائي لأولياء الأمور وسماع كلامهم فهم يتحدثون فقط عن توفير الماديات والمال لبناتهم، وأخبرني احدهم انه غير مقصر في حق ابنته، فمصروفها كذا واشترى بكذا.. لكنه في الحقيقة لم يحتويها ولم يغدق عليها بالحب، فحرمها من أهم المشاعر واعتبر المال كافيا لها.
وأنا لست مع وجود جهاز تجسس على الطالبات لأننا نحتاج إلى تربية وعلم صحيح.. نحتاج في بلدنا إلى وعي وحب صادق نابع من القلب واحترام للآخر، نحتاج حقا إلى «ناس متربية على الأصول».
تحقيق: د. نورة ناصر المليفي
الزواج مشروع للإنجاب والاستقرار والإحساس بالأمان والسكينة، لكنه بات اليوم ـ في مجتمعنا الصغير ـ مشروعا للجنسية بعيدا عن كل معاني المودة والمحبة والصدق والإخلاص. وبعد أن تغير مفهوم الزواج وتحول من حاجة آدمية إلى مصلحة مادية، هل يمكن لمثل هذه الزيجات أن تستمر؟ وإذا استمرت بالفعل فهل يمكن أن يكون لها طعم حقيقي تستلذ به الأسرة؟ حول المزيد كان هذا التحقيق:
«ز. م» سيدة مصرية متزوجة من كويتي منذ عشر سنوات. قبلت به زوجا وهي التي تصغره بخمس وعشرين عاما لمجرد أن تحصل على الجنسية، فهو مطلق وله خمسة أبناء، وعصبي المزاج، ولا يريد للمرأة أن تناقشه أو تحاوره، وما عليها إلا التنفيذ. تقول هذه السيدة:
- جئت من أرياف مصر، شابة صغيرة، وقد زج بي أهلي في هذه الزيجة الرابحة بالنسبة لهم، فقد قدّم لي مهرا مغريا وشبكة واشترى لي شقة وكتبها باسمي، وكان هذا شرط قبول والدي، الذي طلب مني بعد ذلك أن أحسن عشرتي له، لأنني لو استمريت معه سوف أحصل على جنسية، وأبناء كويتيين.
المؤسف أن زوجي يعلم هذه الحقيقة، ويدرك تماما أن أهلي باعوني من أجل المال والجنسية، لذلك لا يعاملني بلطف. لقد شعرت معه أنني الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة، وان كل ما أملكه هو الطاعة فقط. الحوار ممنوع، وإبداء الرأي مرفوض، وإذا ناقشته في أي قضية يثور كالبركان، وهو محق في ذلك فهو مدرك تماما أنني قبلت الزواج منه من أجل مصلحة خاصة، وهذه الحقيقة تؤلمه، ولا يمكن أن يشعر بالأمان معي ولا بالحب ولا بالمودة.
الجنون يؤدي إلى الجنسية
أما «ن. س» فسيدة عراقية متزوجة من رجل كويتي ينادونه «المجنون» لأنه فقد شيئا من صوابه نتيجة حادث مروري وهو في سن الثامنة عشرة من عمره، وتروي السيدة تفاصيل قصتها:
- عندما بلغ زوجي الثلاثين من عمره طلب من أهله أن يخطبوا له. ولأنهم يدركون تماما أنه لا توجد امرأة كويتية تقبل به، خطبوني له وهم مقتنعون أنني سأوافق عليه لأنني كنت قبل الزواج به أعيش في الحصار العراقي، حيث الجوع والفقر، وكنت أعيش مع أربع شقيقات، وكانت المسؤولية تثقل ظهر والدي تجاهنا، في مأكلنا وكسوتنا ومدارسنا، وزواجي من كويتي يعد مطمحا ليس فقط لي بل لمعظم الفتيات هناك، لأنه الوسيلة الوحيدة للعيش في رغد، فمن يجرب الفقر يقبل بهذه الزيجة.
لم يجبرني والدي على هذا الزواج، لكنه نبهني إلى أنه سيمنحني فرصة الحصول على الجنسية الكويتية، وبالتالي أصبح مواطنة لها حقوق تشبه تماما حقوق الكويتية المتجنسة بالتأسيس، وسيكون لي أبناء كويتيون يساعدون أخوالهم في العراق مستقبلا، أو يمكن أن يعيش أخوالهم معهم في الكويت.
فكرت جيدا ووجدت أن كلام والدي عين الصواب وتزوجت من مجنون من أجل أن أصبح كويتية مستقبلا.
رجل انتهى تاريخ صلاحيته
«ر. ر» سيدة هندية تزوجت رجلا كويتيا يكبرها بأربعين عاما.. رجل انتهت صلاحيته على حد تعبيرها. وعندما سألناها عن سبب هذه الزيجة غير المتكافئة ردت:
- جاء زوجي إلى الهند ليتزوج فتاة شابة جميلة، بعد أن توفيت زوجته، وصار يعيش وحيدا في المنزل، أما أبناؤه فكلهم متزوجون، ومستقرون مع أسرهم ولا يزورونه إلا مرة في الأسبوع. ونظرا لشعوره بالوحدة قرر الزواج، ونظرا لكبر سنه وظروفه الصحية لم تقبل به أي سيدة كويتية، ومن هنا فكّر أن يسافر إلى الهند ويتزوج من أجمل فتاة، خاصة أنه يملك المال والثروة والمنزل، ويمكن لأي فتاة هندية أن تقبل به، إذا ما دفع وأغرى ذويها بالمال.
وتمكن زوجي من اغراء والدي بمبلغ محترم من المال، استطاع به أن يشتري لنا منزلا في الهند. لقد كان الدافع من زواجي ماديا، فأهلي أرادوا تصحيح أوضاعهم المادية، حتى لو كنت أنا الضحية، لأن مثل هذه الزيجة لا يمكن أن تكون مطمعا أو مطمحا لأي فتاة أو سيدة.
إنني أعيش مع زوج في غرفة واحدة كأننا أخوة، لأنه كبير جدا في السن ويعاني من القلب والضغط والسكر، فأي متعة سوف أشعر بها؟
إنني حفظت أسماء أدويته، وأوقاتها، ومواعيد زياراته ومراجعاته الطبية. حياتي معه حياة ممتلئة بزيارات مختلفة للأطباء، إنه زواج بصلاحية منتهية، لكن الجنسية في الطريق، والأوضاع ستكون للأفضل لي ولأسرتي مستقبلا، لأنني سأكون كويتية لي حقوق في هذا المجتمع.
زواج حبر على ورق باتفاق
حلقات مسلسل زواج المصلحة من أجل الجنسية مستمر، والأغرب فيها هذه الحكاية:
تقول «م. ك»، وهي سيدة فلبينية تعمل في أحد الصالونات في الكويت: تزوجت شابا كويتيا زواج حبر على ورق، لمجرد أن أحصل على الجنسية الكويتية، واتفقت معه على أن أسلمه مبلغ 300 دينار شهريا إلى أن أحصل على الجنسية، بعد ذلك يطلقني في المحكمة وتنتهي الحكاية.
وهذا الزواج شكلي بالنسبة لنا، لأنه زواج مصلحة لكلا الطرفين، لا توجد فيه مودة ولا ألفة ولا محبة ولا غيرة ولا إخلاص، فكل واحد منا يعيش حياته الخاصة بعيدا عن الطرف الآخر، ولا يسأل عنه، ولا أرى زوجي إلا مرة في الشهر في أي مقهى لمجرد أن يستلم المبلغ المتفق عليه.
رأي القانون:
لا دخل للنوايا بصحة الزواج
حول رأي القانون في هذه الظاهرة التقينا المحامي عبدالعزيز الرفاعي الذي أكد:
- أن قانون رقم 51 لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية المادة 1 في أن الزواج هو عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا، غايته السكن، والإحصان وقوة الأمة.
وتنص المادة 8 على أن الزواج ينعقد بإيجاب من ولي الزوجة وقبول من الزوج أو ممن يقوم مقامها.
وتنص المادة 10 على أنه يشترط في الايجاب والقبول أن يكونا منجزين غير دالين على التوقيت، وموافقة القبول للإيجاب صراحة أو ضمنا، وبقاء الايجاب صحيحا إلى حين صدور القبول، وأن يكون كل من العاقدين الحاضرين سامعا كلام الآخر، فاهما أن المقصود به الزواج.
وتنص المادة 11 انه يشترط في صحة الزواج حضور شاهدين مسلمين، بالغين، عاقلين، رجلين، سامعين معا كلام المتعاقدين، فاهمين المراد منه. وتصح شهادة كتابيين في زواج المسلم بالكتابية. فإذا توفرت شروط الزواج فهو زواج صحيح، لا دخل للنوايا فيه بشرط ألا يتم تحديد مدة للزواج.
تحقيق: د. نورة المليفي
الزوجة التايلندية تكتسح الأسر الكويتية، فبعد أن كان الزواج من شرق آسيا حالة فردية، تحول إلى ظاهرة اجتماعية لايمكن إنكارها. حتى إن أخفينا الحقيقة فإن الواقع يتكلم، والزيجات من هذا النوع تزداد وتزداد. وتحتار المرأة الكويتية ولا تملك إجابة عن سبب زواج الكويتي بتايلندية، فيصير حديث النساء في المقاهي والتجمعات النسائية تنفيسا لمعاناتهن، ومحاولة لمعرفة أسرار جذب التايلندية للرجل الكويتي. في هذا التحقيق نختصر المسافة ونلتقي عددا من الرجال الذين عاشوا هذه التجربة.
يؤكد (م.ح) أن الزوجة التايلندية تقدس الحياة الزوجية وتبحث دائما عن الاستقرار، وتتفانى في سبيل راحة زوجها. يقول:
- سمعت كثيرا عن سمات الزوجة التايلندية، ولي أصدقاء تزوجوا من تايلنديات وكانت بالنسبة لهم الزيجة الثانية، ولم يعلنوها لأسرتهم حفاظا على استمرار الزيجة الأولى، وقد نصحوني أن أتزوج تايلندية. وقررت أن أخوض التجربة، على الرغم من أن أهلي لم يقتنعوا بها، ولم يباركوها، لكنني أصررت على أن أنفذ ما أراه مناسبا لي، ومع مرور الأيام لا بد ان يزول الغضب، وتعود المياه إلى مجاريها.
وبالفعل تزوجت شقيقة زوجة صديقي التي تعمل في الكويت، وتتحدث ثلاث لغات، وهي مثقفة ورائعة في أخلاقها. وقد صدق أصحابي عندما أخبروني بأن التايلندية تقدس الحياة الزوجية، لأن زوجها بالنسبة لها هو الأهم، وهو الذي يحتل الأولوية في اهتماماتها، ومطيعة جدا وتبحث دوما عن راحة زوجها، ولديها رغبة في تعلم الطبخ الكويتي، وتعشق العمل داخل بيتها قبل عملها، هادئة لا تعرف الصراخ، ولا ترفع صوتها على زوجها، بل تنتظره حتى يهدأ ثم تحاوره بما يريد. وهنا يخجل منها زوجها، فيضطر الى احترامها رغما عنه، لأنها هي التي فرضت احترامها.
إنها تهدهده
ويوضح (ج.ن) أن الزوجة التايلندية لا تقدس الحياة الزوجية فقط، بل تدلل زوجها وتهدهده، وتعتبره ابنها الصغير أو ما نسميه بالعامية آخر العنقود. يقول:
- عشت مع زوجتي التايلندية خمسة عشر عاما ولم أشعر بأن حبها تغير، ولم أشعر بأن اهتمامها بي قلّ، بل على العكس، إنها تدللني أكثر من أبنائي، وإذا كبر الأبناء فأنا بالنسبة لها لم أكبر، وما زلت بين يديها طفلا تهدهده، وتغني له قبل النوم، وتتفانى في سبيل راحتي، وتتفنن في عمل البادكير لي والمساجات المختلفة.
ولا أبالغ إذا قلت إنني أنام وأصحو وهي لا تتوقف عن مساجها، إلى أن آمرها وإلا فهي مستمرة في عطائها لي، بكل حب وتقدير وتفان، لا يعرف الملل طريقا الى قلبها، صبورة تتحمل كل تجريح وكل أذى يصدر عن زوجها أثناء غضبه، ولا تشتكي الى أهلها، ولا تنام إلا وقد أزالت كل الغضب من قلب زوجها. وبذلك يتعشعش حبها في قلب زوجها، لحسن معاملتها له، واحترامها لكيانه، وتشعره بأنه سيد المنزل ومن دونه لا تستقيم حياتها، إنها بصراحة تستطيع بكل جدارة أن تمتلك قلبه.
زيجة غير مكلفة
أما (ف.م) فيرى أن الزواج بتايلندية يسير وسهل المنال، فهي زيجة غير مكلفة، بل مربحة، ومستقرة ودائمة. ويضيف:
- تزوجت تايلندية، لأنني كنت أمر بظروف مادية صعبة جدا. وسافرت إلى تايلند، وخطبتها من أهلها، وتزوجتها هناك زيجة غير مكلفة، ومع الأيام صارت مربحة، ومستقرة ودائمة إلى الموت، الذي لا يمكن أن نصده أو نمنعه، ولكن غير الموت لا يوجد شيء يفرقنا.
إنها تحبني وأنا أبادلها الشعور نفسه. ودارت السنون ولم ينطفئ حبها لي، فهي كثيرا ما تبحث عن وسائل تكسر بها روتين حياتنا، ومعها لم أشعر بالملل قط. والأروع أنها قنوعة، لا تبحث عن مادة أو مال، فلقمة تكفيها، وأربعة جدران تأويها، إنها لاتبحث سوى عن السعادة وإسعاد من حولها، وأولهم زوجها.
لقد صبرت زوجتي التايلندية على أيام شدتي ومحنتي، ولم تتذمر قط، ولم تشعرني بأنني مقصر معها، بل على العكس كانت الابتسامة لا تفارق وجهها، والآن وبعد أن انتعشت حالتي المادية، سوف أعوضها إن شاء الله عن تلك الأيام التي حرمتها فيها من رغد العيش.
مصلحة تحولت إلى عشق
(أ.خ) يعترف بأنه تزوج تايلندية هناك في بلدها من دون علم أهله من أجل مصلحة مادية، ثم تحولت هذه المصلحة إلى عشق. يروي قصته قائلا:
- كنت أعمل في التجارة، وكنت كثيرا ما اضطر الى السفر إلى تايلند لجلب البضاعة. وهناك تعرفت عليها.. تاجرة ذكية، تتصف بالأمانة والشطارة، وكثيرا ما كانت تعرفني على التجار المتميزين عندهم، حتى تحميني من أن أكون فريسة سهلة أو ضحية عند بعض التجار. تعلمت منها كيفية التعامل مع التجار المشهورين هناك، وعندما كانوا يشاهدونها معي كانوا يلتزمون بالصدق معي.
وهنا فكرت بالزواج بها لتسيير أمور التجارة عندي. وبالفعل تزوجتها واشترطت عليها عدم اصطحابها إلى الكويت، وأن تبقى في مكانها، على ان أزورها من حين إلى آخر. وافقت على كل شروطي، واستمرت في عهدها لي، ولم تطلب مني أن تعيش في الكويت.
بعد مرور سنتين شعرت بأنني ظلمتها معي، لأنها بالنسبة لي كالآلة التي أحركها، ولم تتذمر على وضعها، وهنا أحسست بأن حبي لها يزداد يوما بعد يوم، سنة بعد سنة، ووصل بي الأمر إلى أنني صرت عاشقا لها، لا أقوى على فراقها.
للمثقفين والمتعلمين نصيب
كما أن للمثقفين والمتعلمين والأكاديميين نصيب في الزوجة التايلندية، فها هو المهندس المعماري (م.غ) يتزوج فتاة تايلندية يكبرها بعشر سنوات، ليعيش نصف عمره القادم مع زوجة تقدره وتفهمه وتعشقه، وتبحث دوما عن راحته:
- تزوجتها بعد أن شعرت بأنها الزوجة المثالية، وأنها الوحيدة التي يمكن أن تهبني عطاءها واحترامها وتقديسها للحياة الزوجية. تزوجتها سرا، وهي الزوجة الثانية، ولا أريد أن أعلن هذا الزواج حفاظا على مشاعر أولادي الذين يحملون لي في قلبهم كل الحب والتقدير، خاصة أنهم يرون بأم عينهم ما أعانيه في المنزل مع والدتهم، ويشعرون بمدى صبري عليها، وكنت أقول لهم إنني أصبر على أمهم من أجلهم، فلا أريد أن تتزعزع ثقتهم بي.
وتفهمت زوجتي التايلندية الوضع، وقبلت بهذا الزواج السري. واتفقنا أن يكون سرا إلى الأبد، المهم أن نلتقي يوميا، ونعيش أجمل لحظات عمرنا، ثم أغادرها إلى المنزل، وأعود إليها في اليوم التالي لأجدها تنتظرني بفارغ الصبر، تستقبلني بابتسامة، وتقدم لي كل صنوف الراحة، التي افتقدتها في منزلي، الذي تحول في نظري إلى معتقل.
أما صديقه فهو طبيب ومتزوج تايلندية أيضا، التقى بها في العمل وعاشا قصة حب. درس أخلاقها وطباعها، فقرر الزواج بها في نهاية المطاف، وهو غير نادم على هذه الزيجة.
لكل قاعدة شواذ
حرصنا من خلال هذا التحقيق أن نكون حياديين في الموضوع وأن نكتب بصدق، وأن نعرض كل ما شاهدناه، من خلال هؤلاء الأشخاص الذين التقينا بهم، وعبروا عن تجربتهم. ولكن تجربة (خ.خ) كانت مختلفة عن الآخرين.. إنها تجربة مريرة عاشها مع زوجته التايلندية، التي لم يكتشف حقيقتها إلا بعد عشرين عاما من زواجه بها، وبعد أن أنجب أربعة أبناء. تزوجت ابنته الكبرى العام الماضي، بعيدا عن والدتها، التي هجرتهم دون سابق إنذار. يقول صاحب المأساة:
- كنت كثير السفر إلى تايلند، ولم أفكر في الزواج بكويتية لأن الكويتية تفرض قراراتها، وتتدخل في أمور زوجها الشخصية، وتحاول دائما أن تصلح الكون، ولا شيء يرضيها، وهي ترى دائما أن الرجل مقصر في حقها وحق أولادها، ولا تعترف بفضله.
وقد عشت مع أصدقائي الذين سبق لهم الزواج بكويتيات، وكنت دائما أساعدهم في إيجاد حلول لمشاكلهم، وهنا قررت أن أبقى أعزب إلى الأبد، إلى أن التقيت بها في تايلند.. فتاة جميلة ولطيفة، عشت معها ثلاثة أشهر شعرت فيها بالراحة، واتخذتها صديقة حميمة.
وكثرت أسفاري إلى تايلند لأنني اصبحت لا أستطيع الاستغناء عنها، وهنا فاتحتها بموضوع الزواج بي، أو بمعنى أصح برجل يكبرها بخمسة عشر عاما، فوافقت وتزوجنا هناك في تايلند، ثم عدنا إلى الكويت. ودخلت منزل والدتي وعرفتها عليها وعلى شقيقاتي، ومن النظرة الأولى شعرن بالراحة معها.
ولكوني غير متزوج من قبل، قررت أن أعلن زواجي في الكويت، وعقدنا مرة أخرى في المحكمة، وتقدمت للإسكان بطلب بيت العمر، وقدمت صورة من عقد الزواج للعمل، لتصرف لي علاوة الزوجية.
وهكذا عشت معها بأمن وسلام، وحب واطمئنان، إلى أن جاء اليوم الذي طلبت فيه أن تفتح مشروعا في تايلند، وأقنعتني بأن المشروع مربح هناك لأن الخليجيين كثر في تايلند، ويبحثون دوما عن المطاعم الخليجية. ولكوني لا أملك مبلغ المشروع بعت منزل العمر، وسافرت معها ومع الأولاد إلى تايلند لقضاء العطلة الصيفية ولفتح مشروع المطعم الكويتي هناك، خاصة أنها أصبحت تجيد الطبخ الكويتي الذي تعلمته من والدتي.
وبعد أن رتبنا كل الأمور ودفعنا رسوم المطعم والتسجيل - علما بأن المطعم قد سجلته باسمها، هدية مني لها على عشرين عاما عاشتها معي بحلوها ومرها- وبعد أن انتهت الإجازة وقررنا العودة، رفضت هي العودة معي، وطلبت مني أن أعود إلى الكويت مع أبنائي، وأن أبعث لها ورقة الطلاق.
كانت هذه الصدمة الحقيقية في حياتي، وعدت إلى الكويت مذهولا مجنونا غير مصدق ما حدث.. كيف تكشر زوجتي عن أنيابها فجأة؟ هل يعني أن حياتها معي في الأعوام السابقة تمثيل بتمثيل؟
تساؤلات لم أجد إجابة عنها، فما كان مني إلا أن أمهلتها وأعطيتها فرصة للتفكير، وعدت إليها العام التالي مع أبنائي لتراهم، فربما تحن إليهم وترجع معي إلى الكويت. عشنا معها العطلة الصيفية وكنت أرافقها إلى المطعم الذي كان يكتظ بالزبائن، خاصة أنها طباخة رائعة.
وعندما انتهت الإجازة الصيفية طلبت منها أن تعود معي إلى الكويت، لنعيش كأسرة حقيقية، فرفضت وطلبت مني الطلاق مرة أخرى، وقالت إنها لا ترغب في الاستمرار معي، بل تريد أن تتزوج شابا تايلنديا تعرفت عليه قريبا، ولا تقوى على هجره. كلماتها طعنتني، وأنا المغفل الساذج، فعدت إلى الكويت وطلقتها. وعندما تزوجت ابنتي الكبرى العام الماضي دعوتها الى الحفل لكنها لم تحضر.
النائب العام المستشار العسعوسي لـ «القبس»:
الإجرام أصبح متطورا.. ويشكل خطرا على البلاد
• المستشار العسعوسي متحدثا لـ «القبس» (تصوير: هشام خبيز)
أجرى اللقاء: مبارك العبد الله
أكد النائب العام بالإنابة المحامي العام المستشار ضرار العسعوسي أن النشاط الإجرامي أصبح متطورا، ومتنوع الصور والأساليب والوسائل، كما أنه يشكل خطرا على الأمنين الداخلي والخارجي للبلاد، وأشار إلى أن هذا النشاط يشمل بطبيعة الحال ازدياد وتطور جرائم الإرهاب، إضافة إلى الجرائم ذات الخطورة الإجرامية.
وأوضح المستشار العسعوسي في حوار خاص لـ «القبس» أن التشريعات الجزائية يجب أن تخضع دائما للتعديلات الجوهرية اللازمة لمواجهة كل المتغيرات الطارئة على المجتمع، موضحا ان الحاجة أصبحت ماسة لتعديل نصوص القوانين المعمول بها حاليا للعمل على تجريم كل الصور المستحدثة من النشاط الذي يهدد أمن المجتمع ومصالح البلاد القومية.
وأشار إلى أن ظاهرة جرائم الإرهاب ظاهرة عالمية لا تخلو منها أي دولة في الوقت الراهن، موضحا أن الكويت تعد من أقل دول العالم تعرضا للنشاط الإرهابي، ومع ذلك فإن أجهزة الأمن لا تغفل لحظة واحدة عن التحري والبحث والمراقبة لاكتشاف أي نشاط إرهابي يمس أمن البلاد، خاصة أن المنطقة المحيطة بنا من كل جانب تحفل بالصراعات الداخلية والخارجية التي تتولد عنها بالضرورة مثل هذه الأنشطة الإرهابية.
وأشار إلى أن الدليل في يقظة أجهزة الأمن وفاعليتها ما أعلن عنه أخيرا من اكتشافها بعض الخلايا الإرهابية قبل أن تمارس بالفعل أي عمل تخريبي يمس أمن البلاد، لافتا إلى أن النيابة لا تدخر أي جهد في الاهتمام بقضايا الإرهاب، فهي تجند لها أكفأ أعضاء النيابة العامة، وتتخذ فيها أشد التدابير والإجراءات اللازمة، وتكون حريصة على الانتهاء منها وعرضها على القضاء بأسرع وقت.
وتطرق إلى قضايا الاتجار بالبشر، موضحا أنه لا يوجد في قانون الجزاء الكويتي جريمة محددة تسمى جريمة الاتجار بالبشر، لكنها تشمل بيع وشراء الإنسان أو إكراهه على العمل أو حمله على ممارسة الدعارة أو استغلاله أو تسخيره لارتكاب أي نشاط غير مشروع، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك مشروع قانون يجري إعداده لإصدار قانون خاص يجمع شتات هذه الجرائم لتشديد العقوبة عليها والتوسع في تجريم أي نشاط يتصل بها.
ولم يخلُ الحديث مع المستشار العسعوسي من جرائم الاعتداء على المال العام، حيث أكد أن هذه الجرائم ليست في ازدياد، وإنما الاهتمام بالمال العام هو الذي يزداد، بحيث يزداد الكشف عن أي شبهات تحيط به أو أي مخاطر تهدده، كما أن البلاغات تزداد أمام النيابة العامة عن وقوع أو شبهة وقوع الاعتداء على المال العام أو الإضرار به أو التربح منه.. وفي ما يلي نص الحوار الذي تطرق إلى العديد من الأمور التي تختص به النيابة العامة:
إجراءات النيابة والإحالة
• ما نلاحظه في الفترة الأخيرة تزايد قضايا الإرهاب التي تعرض على النيابة العامة، فما السبب في ذلك؟ وهل ازدادت خطورة هذه الجرائم؟
- ظاهرة جرائم الإرهاب ظاهرة عالمية لا تخلو منها أي دولة في الوقت الراهن، وتعد دولة الكويت من أقل دول العالم تعرضا للنشاط الإرهابي، ومع ذلك فإن أجهزة الأمن لا تغفل لحظة واحدة عن التحري والبحث والمراقبة لاكتشاف أي نشاط إرهابي يمس أمن البلاد، خاصة أن المنطقة المحيطة بنا من كل جانب تحفل بالصراعات الداخلية والخارجية التي تتولد عنها بالضرورة مثل هذه الأنشطة الإرهابية، والدليل على يقظة أجهزة الأمن وفاعليتها ما أعلن عنه أخيرا من اكتشافها بعض الخلايا الإرهابية قبل أن تمارس بالفعل أي عمل تخريبي يمس أمن البلاد.
والنيابة العامة لا تدخر جهدا في الاهتمام إلى أقصى درجة بقضايا الإرهاب التي تحال إليها، فهي تبادر إلى تحقيقها على الفور، وتجند لها أكفأ أعضاء النيابة العامة، وتتخذ فيها اشد التدابير والإجراءات اللازمة وتحرص على الانتهاء من تحقيقها وعرضها على القضاء في أسرع وقت.
• وهل من وجهة نظركم أن التشريعات والقوانين القائمة للسيطرة على قضايا الإرهاب كافية؟
- التشريعات الجزائية يجب أن تخضع دائما للتعديلات الجوهرية اللازمة لمواجهة كل المتغيرات التي تطرأ على المجتمع، ومما لا شك فيه أن النشاط الإجرامي حاليا قد تطور وتنوعت صوره واساليبه ووسائله وخطورته على الأمنين الداخلي والخارجي للبلاد ويشمل ذلك بطبيعة الحال ازدياد وتطور جرائم الإرهاب وغيرها من الجرائم ذات الخطورة الإجرامية التي قد لا تنطبق عليها نصوص القوانين المعمول بها حاليا، لذا فإن الحاجة قد أصبحت ماسة لتعديل هذه القوانين للعمل على تجريم كل الصور المستحدثة من النشاط الإجرامي الذي يتهدد أمن المجتمع ومصالح البلاد القومية.
الاتجار بالبشر
• وماذا عن جرائم الاتجار بالبشر والمرجع في تحديدها؟ وما دور النيابة العامة في مكافحة مثل هذه الجرائم؟
- لا توجد في قانون الجزاء الكويتي جريمة محددة تسمى جريمة الاتجار بالبشر، وهذا شأن العديد من قوانين معظم الدول الأخرى، ولكن تعبير الاتجار بالبشر يطلق على بعض الجرائم التي اهتمت بها بعض منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية والمعاهدات والاتفاقات والمؤتمرات التي انعقدت لهذا الغرض، والتي انضمت دولة الكويت الى بعض منها، وقد جرى الاتفاق في هذه المؤتمرات على أن جرائم الاتجار بالبشر تشمل أساسا جرائم بيع وشراء الإنسان أو إكراهه على العمل أو حمله على ممارسة الدعارة أو استغلاله أو تسخيره لارتكاب أي نشاط غير مشروع، وجميع هذه الأنشطة الإجرامية معاقب عليها في قانون الجزاء الكويتي تحت مسميات أخرى دون تسميتها بوصف الاتجار بالبشر، وقد يلزم بالنسبة لهذه الجرائم أن يتدخل المشرع لإصدار قانون خاص يجمع شتات هذه الجرائم لتشديد العقوبة عليها والتوسع في تجريم أي نشاط يتصل بها، وبالفعل هناك مشروع قانون يجري إعداده لهذا الغرض.
والنيابة العامة تولي مختلف الجرائم التي يصدق عليها هذا الوصف اهتماما بالغا يتناسب مع زيادة الاهتمام بها على هذا النحو.
جرائم تقنية المعلومات
• لو تحدثنا عن الجرائم الإلكترونية، فهل نجد أن القانون يجرم إساءة استعمال شبكة المعلومات وتقنية المعلومات بأي صورة من الصور؟
- مما لا شك فيه أن التطور التقني الهائل لشبكة المعلومات يتطلب بالضرورة تدخل المشرع لتنظيم استعمال هذه الوسيلة المهمة من وسائل الاتصال على المستويين المحلي والدولي من أجل حماية الحقوق والحريات التي تتصل بها، ومن أجل حماية النظام العام والآداب العامة، وعدم المساس بكرامة واعتبار الأشخاص عبر هذه الوسيلة واسعة الانتشار.
شيكات بلا رصيد
• من خلال مرورنا بأروقة المحاكم نلاحظ ازدياد قضايا الشيكات بلا رصيد، فما أسباب ازديادها؟ وهل العقوبة المقررة لها في القانون كافية لاجتثاثها أو الحد منها؟
- التعامل بالشيكات أصلا معاملة مدنية، اختلفت التشريعات في إسباغ الحماية الجنائية عليها، فهناك تشريعات جزائية لا تنص على أي عقوبة لها، وهناك تشريعات تتشدد في المعاقبة عليها لضمان انتظام المعاملات البنكية وحماية للنشاط الاقتصادي في المجتمع، وهناك تشريعات تنص على عقوبة مخففة لها لكونها في الأصل معاملة مدنية بين الدائن والمدين، وكان قانون الجزاء الكويتي ينص على عقوبة مشددة هي عقوبة الجناية عن هذه الجريمة ولم يمنع ذلك أو يقلل من التعامل بالشيكات أو من ازدياد قضايا إصدار الشيكات بلا رصيد، لذلك جرى تعديل القانون عام 2003 لتخفيف العقوبة عن جريمة الشيك إلى عقوبة الجنحة بدلا من عقوبة الجناية، ولا أعتقد أن لذلك أي أثر في ازدياد أو نقص أو منع هذه الجريمة.
جرائم المال العام
• ماذا عن جرائم الاعتداء على المال العام، وهل تجد هذه النوعية من الجرائم نسبة تزايد أمام النيابة؟
- لا أعتقد أن الاعتداء على الأموال العامة في ازدياد، ولكن الاهتمام بالمال العام هو الذي يزداد، وتبعا لذلك يزداد نشاط الأجهزة الرقابية للمحافظة عليه، ويزداد الكشف عن أي شبهات تحيط به أو أي مخاطر تتهدده وتزداد أيضا البلاغات التي تقدم إلى النيابة العامة عن وقوع أو شبهة وقوع الاعتداء على المال العام أو الإضرار به أو التربح منه، وتبذل النيابة العامة جهدا كبيرا وعناية فائقة في تحقيق هذه البلاغات وتمحيصها للتأكد منها ولا تتوانى في إحالة أي قضية إلى المحكمة إذا ثبتت لديها أي جريمة من جرائم الاعتداء على المال العام، كما أنها في الوقت نفسه تقرر حفظ التحقيق إذا لم يثبت لديها وقوع هذه الجريمة ضد أي متهم، لأن النيابة العامة خصم شريف يهمها إدانة الجاني، كما يهمها إظهار براءة المتهم سواء بسواء.
نيابات متخصصة
• نظرا لوجود جرائم قد تكون جديدة في المجتمع.. هل لدى النيابة العامة إنشاء المزيد من النيابات المتخصصة؟
- التوسع في إنشاء النيابات المتخصصة ضرورة يتطلبها ازدياد وتنوع القضايا، والحرص على سرعة إنجازها، وتهيئة الوسائل والظروف المناسبة لتحقيقها، بما يتلاءم مع طبيعة وخصوصية كل نوع منها، ولهذا حرصت النيابة العامة في الكويت تباعا على إنشاء عدة نيابات متخصصة إلى جانب نيابات المحافظات، كنيابات الأحداث والمخدرات والخمور، والأموال العامة والشؤون التجارية، وأخيرا نيابة شؤون الإعلام والمعلومات والنشر.
وأرى أنه قد يكون من الملائم مستقبلا إنشاء نيابة جديدة متخصصة لجرائم الخطف والاعتداء على العرض، وذلك لما تتميز به هذه الجرائم من طبيعة خاصة تقتضي الحرص على سرعة تحقيقها في سرية تامة مع المبادرة إلى الكشف عن أدلتها المادية مع تهيئة كل الظروف الملائمة للتستر على الأعراض والمحافظة على سمعة المجني عليهم وسمعة ذويهم وعائلاتهم.
الأجهزة المعاونة
• هل تتلقى النيابة العامة معاونة فعالة من كل الإدارات والأجهزة التي تتعامل معها؟
- تستعين النيابة العامة في تحقيقاتها بالعديد من الأجهزة الفنية المتخصصة للوقوف على حقيقة الأدلة المادية المطروحة عليها، كإدارة الأدلة الجنائية والطب الشرعي وخبراء أبحاث التزييف والتزوير وإدارة الخبراء بوزارة العدل وديوان المحاسبة، وتتلقى النيابة العامة من جميع هذه الجهات تقارير وافية لا غنى عنها في العديد من القضايا، مثال ذلك تقارير المعاينة الفنية لمسرح الجريمة وتقارير البصمات ونتائج تحليل التلوثات والآثار المادية المرفوعة من مكان الحادث التي تقوم بها إدارة الأدلة الجنائية، وكذا تقارير خبراء أبحاث التزييف والتزوير اللازمة لفحص المستندات والأوراق المشتبه في تزويدها للتعرف على أوجه التزوير بها والتعرف على المميزات الخطية التي تدل على من حرر بيانات هذه المحررات، كما تستعين النيابة العامة بإدارة الخبراء التابعة لوزارة العدل وبديوان المحاسبة لمراجعة وفحص أعمال وحسابات الإدارات والمؤسسات العامة للكشف عن أفعال الاختلاس والاستيلاء والتربح من المال العام.
وهناك نوع آخر من المعاونة يتطلبه التحقيق في القضايا التي تتعلق ببعض الإدارات والمؤسسات الحكومية، مثل هذه القضايا تتطلب معاونة صادقة وفعالة من الإدارات المعنية سواء كانت هذه الإدارات مجنيا عليها أو كانت طرفا في خصومة ما، وللحقيقة فإن تعاون بعض الإدارات مع النيابة العامة في هذا المجال تعاون كامل يستحق الإشادة والتقدير سواء عن طريق تخصيص مندوب عنها لتزويد النيابة العامة بكل ما تحتاج إليه من معلومات أو المبادرة إلى تقديم ما لديها من أوراق أو أدلة مادية يحتاجها التحقيق لمعاونة النيابة العامة في أداء وظيفتها والمسارعة إلى تنفيذ قراراتها واجابتها إلى ما يتطلبه التحقيق من أوراق أو مستندات أو أدلة فنية، وأرجو أن تحرص هذه الإدارات على أداء واجبها القانوني هذا في خدمة العدالة من خلال تعاونها الوثيق مع النيابة العامة.
قرارات الحفظ
• تتجه النيابة في بعض القضايا المعروضة أمامها إلى التقرير بحفظ التحقيق، فما أسباب تلك القرارات؟
- سلطة النيابة العامة في حفظ التحقيق تستند إلى أن النيابة العامة تتولى الدعوى العمومية باسم المجتمع، وبموجب هذه السلطة تمتلك النيابة العامة سلطة رفع الدعوى الجزائية أو عدم رفعها لأي سبب من الأسباب، ومن أهم أسباب حفظ التحقيق التي نص عليها قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، الحفظ المؤقت لعدم معرفة الفاعل أو لعدم كفاية الأدلة، والحفظ النهائي لعدم صحة الوقائع أو لعدم الجدية.
وبالإضافة إلى ذلك، فهناك أسباب أخرى لحفظ التحقيق، كالحفظ لعدم الأهمية، أو الحفظ إداريا أو الحفظ لعدم جواز رفع الدعوى الجزائية لعدم تقديم شكوى من المجني عليه أو لعدم تقديم إذن من الجهة المختصة أو للحصانة البرلمانية أو القضائية أو الدبلوماسية أو الحفظ لانقضاء الدعوى الجزائية بوفاة المتهم أو لسقوطهما بالتقادم.
إجراءات مشددة
أكد المستشار العسعوسي أن النيابة تبذل قصارى جهدها وتهتم بشكل كبير بقضايا الإرهاب، مشيرا إلى أنه ليس هناك أي تهاون في التحقيق والقرارات، بل هناك إجراءات مشددة.
اقتراح بقانون
خلال الحديث عن الجرائم الإلكترونية وآخر تطوراتها، قال المستشار العسعوسي «اقترحت النيابة العامة بالفعل مشروعا بقانون أحالته إلى جهات الاختصاص، لدراسته والعمل على إصداره».القبس
تحقيق د. نورة المليفي:
عرضنا في تحقيق سابق قضية ساخنة تحدثت عن ظاهرة زواج الكويتي من تايلندية، فهذه الظاهرة باتت واضحة أمام الملأ لا يمكن إنكارها بأي حال من الأحوال، واليوم نعرض بعض الحالات الفردية لزواج الكويتية من تايلندي أو من سواه من شرق آسيا، وهذا ليس كلام من باب الافتراء، لكنه الواقع. ولتوضيح الحقائق من أفواه اصحابها أجرينا هذا التحقيق:
تؤكد «ن.ك»، وهي سيدة كويتية تزوجت رجلا فلبينيا، ان مثل هذه الزيجة تبدو غريبة، لكنها تحدث بالفعل، وحتى لا تظلموها عليكم أن تسمعوها:
- لقد أحببته.. نعم أحببته. وأمر الحب ليس بأيدينا، إنه شيء غريب لا شكل له ولا لون ولا طعم، لكنه يهاجم القلب، ويبدأ في بث سهامه، وتزداد هذه السهام حتى يستسلم المرء لها، عندها لا يفكر في هوية المحبوب أو جنسيته، ولا يبالي بما سيقوله الناس والمجتمع، وسينسى البرستيج والعادات والتقاليد.
وتضيف:
- أنا أتساءل: لماذا يتقبل المجتمع زواج الكويتي بتايلندية، ولا يتقبل زواج الكويتية بفلبيني ما دام دخل الإسلام؟ ألسنا كلنا كويتيين؟ ألم يساو القرآن ما بين الذكر والأنثى في العبادات وغيرها، فلماذا تشفعون للرجل وتقتلون المرأة وتنظرون إلى مثل هذه الزيجة على أساس أنها جريمة؟ ولماذا تقبلون بأسباب زواج الكويتي بتايلندية، وتقبلون أعذاره وتستمعون إليه وترفضون أن تستمعوا إلينا، ولا تقبلون أعذارنا؟
ما حدث كان خارج نطاق إرادتي، فأنا لم أتوقع أن أحب رجلا فلبينيا، لكنني التقيته في العمل. كان يعمل مهندسا معي، وكان قريبا مني، تعلمت منه أسرار العمل وأعجبت بأخلاقه ورقي ذوقه، وتفانيه وتضحيته من أجل أن يعلم الآخرين، وينقل إليهم ما يعرفه من معلومات.
إنه إنسان مختلف عن البشر الذين قابلتهم من قبل، فهو لا يعرف الحسد، ولا يبخل بمعلومة وعندما يسأله أي شخص فإنه يجيب بصدق، سواء أكان هذا السؤال خاصا بالعمل أو بغيره، إنه لا يفكر بإيذاء الآخرين أو يصعد على أكتافهم، أو يسابق من أجل الوصول، إنه مؤمن بأن الرزق من عند الله.
وبعد أن اعتنق الاسلام تزوجته هنا في الكويت، ورفض أهلي هذه الزيجة ولم يعلنوها للعائلة، وهذا لا يهم.. المهم أنني أعيش معه على سنة الله ورسوله في بيت يضمنا، ولا أفكر في الإنجاب لأنني مطلقة وعندي أبناء، وهو كذلك متزوج ولديه أبناء في الفلبين. لقد قررنا أن نعيش بقية عمرنا في هدوء وحب ووئام.
يقدس الحياة الزوجية
«ط.و» سيدة كويتية تزوجت تايلنديا وتقول عنه انه يقدس الحياة الزوجية، ولعل ذلك يعود إلى التربية والعادات والتقاليد في مجتمعهم، وتضيف:
- تزوجته.. نعم تزوجته من دون أن أبالي بما سيقول المجتمع عني، وأعلنت زواجي لصديقاتي، وقد شمت البعض، واستهزأ البعض الآخر. لكني لا ألتفت الى ما يقال، ولا أكترث بكلام الناس، فكلامهم لا يعنيني، لأنه لن يحقق لي السعادة أو يزيل عني الهم؟
أين كان الأصحاب والخلان عندما عشت أياما عصيبة سوداء مع زوج كويتي، لا يفكر إلا بنفسه وبديوانيته وبأصحابه وبسفراته؟ أين كانوا يوم كنت أعيش مع رجل متزوج لكنه يعيش حياة العزوبية، ويلقي بالأعباء على زوجته المسكينة؟ أين العادات والتقاليد التي تنصفني؟
مع الأسف ما وجدت من هذه العادات والتقاليد إلا الجبروت والإنصاف للرجل فقط، لأنه تعود أن يسمع «ما يعيب الرجل إلا جيبه» ومن هنا أخذ زوجي السابق هذا المثل وطبقه في حياتنا تطبيقا شاملا. فقد كان ميسور الحال، ويلبي طلبات المنزل المادية فقط، وعندما أحاسبه على كثرة أسفاره يرد ببرود: وماذا ينقصك؟ ألا أقوم بتموين المنزل وخلافه؟ ألا أوفر لك كذا وكذا؟
كل ما يوفره كان يدخل ضمن الشق المادي في الحياة، لكن الجانب العاطفي كان فارغا. لقد أهمل طليقي الكويتي بيته، وترك مسؤوليته على الزوجة، ولم يتعود في هذا المجتمع أن يساعد زوجته في المنزل، أو في تربية الأولاد، ويقول أنه رجل لا يحق له أن يدخل المطبخ.. وكل هذا يعود للتربية وللمجتمع. لقد تناسى حتى دينه، فرسولنا الكريم كان قدوة للرجال في بيوتهم، لكنهم لم يقتدوا به ولو بنسبة ضئيلة. وإذا وصف رسولنا الكريم الزوجة أو المرأة بالقارورة، فإن الرجل الكويتي تعامل معها كأنها رجل من فولاذ.
بينما الرجل التايلندي تربى منذ نعومة أظفاره على أن الحياة الزوجية رباط مقدس، فيه التضحية والمودة والتعاون والألفة والتفاهم، وهو يقلد أباه وجده في التعامل مع الزوجة، ويتفانى من أجلها ومن أجل أولاده، ويكون همه الأول والأخير توفير السعادة من أجلهم، وينسى حياة العزوبية، ويتقيد بالحياة الزوجية، التي تذكرنا بتعاليم ديننا بأن كل راع مسؤول عن رعيته، لا الزوجة فقط هي المسؤولة كما يحدث في البيوت الكويتية.
مثقف وكريم
«م.س» أيضا متزوجة برجل تايلندي، تعرفت عليه في إحدى رحلاتها إلى بانكوك. تقول:
- إنه رجل مثقف ويتحدث ثلاث لغات. وبعد أن عشت معه أجمل الأيام، عدت إلى الكويت وقد عاهدته بالعودة إلى بانكوك بعد بضعة أشهر. ووفيت بوعدي. وهكذا بدأت تنمو بيننا علاقة حب. لم أتوقع أن أحبه في يوم من الأيام، فقد فكرت به منذ البداية كصديق حميم، لكني لم أتخيل أن يرتعش قلبي له.
ولأني لا أقبل الا بالحلال اقترحت عليه الزواج، بعد أن تأكدت من صدق مشاعره. وطلبت منه أن يدخل الإسلام ففعل، وعقد القران هناك في بانكوك، حفاظا على السرية وعلى مشاعر أبنائي وعائلتي، خاصة أنه من الصعب أن يتقبل المجتمع الكويتي مثل هذه الزيجات، حتى إن كانت ناجحة، أو أن أصحاب هذا الزواج يشعرون بالسعادة وبالاستقرار. المهم أن الكويتية لا تخرج خارج نطاق الخليج، فحتى ان تزوجت من أبناء الوطن العربي، هناك علامة استفهام تلاحقها من مجتمعها، فما بالك لو أعلنت زواجها بفلبيني أو تايلندي؟
وتتابع «م.س» رواية قصتها:
- في البداية كنت خائفة من هذه الزيجة، لربما تسرعت، أو لربما أندم في المستقبل، لكن بعد أن تزوجته لم أندم قط على هذه الزيجة. إنه إنسان بمعنى الكلمة، يلجأ دائما إلى أسلوب الحوار والنقاش، وكما تعرفون أنه لا يخلو بيت من البيوت من المشاكل، لكن عندنا تصير المشكلة نقطة للحوار، نستطيع أن نصل إلى أسبابها، ونتعاون في حلها بكل هدوء، ويكون هذا الحل مرضيا لكلا الطرفين، وبقناعة كل واحد منا في أن ما نتخذه من حلول إنما هو من أجلنا.
كما أنه كريم لا يطمع في الزوجة الكويتية، ولا يسألها عن راتبها، ولا يطالبها بالانفاق عليه، ولا يجبرها على مساعدته ماديا، بل على العكس كثيرا ما يقدم لي الهدايا في مناسبة وغير مناسبة، وإن لم يملك ثمن هدية يشتري لي وردة ويقدمها لي بابتسامة، هامسا بأذني: إني أحبك.
لا تتصورون كم تسعدني هذه الكلمة التي لا يمكن أن أقدرها بثمن، وهي عندي تساوي كنوز الدنيا وما فيها. وهنا أتذكر أنني عندما كنت متزوجة بكويتي، لم أسمع منه مرة كلمة إني أحبك، وعندما كنت أسأله: هل تحبني؟ كان يجيب: كفاك مراهقة. فتخيلت أن الحب لا يمكن أن يكون إلا للمراهقين، وهل يعني ذلك أن نشطب الحب من قاموسنا، ونكابر ونحن في أمس الحاجة له.
إن زواجي بالتايلندي جعلني أعيش الحب كله، قولا وفعلا وذوقا وأخلاقا.
إن العلاقة بين الرجل والمرأة أمر محير، وأحيانا يكون مربكا ومثيراً لعلامات استفهام كثيرة، فمثلا: ما الذي يجعل رجلا عجوزاً يلهث وراء فتيات صغيرات لم يصلن لعامهن العشرين، وربما أصغر من ذلك بكثير؟! أهو المال وقدرته على شراء كل شيء، أم الرغبة الجنسية بتشكلاتها المثيرة للجدل، أم بناء نفسي هش يجعل صاحبه لا يهتم إلا بما يحقق له متعته الخاصة، أم تواطؤ مشترك من العجوز والبنت لاستغلال كل منهما للآخر؟!
إنها ظاهرة معقدة ومتشابكة تطفو على سطح المجتمع، وتؤرق الكثيرين، خصوصا عند اكتشاف أمرها، ولأنها واحدة من العلاقات السرية والمحاطة بكتمان وتعتيم كبيرين، فمن الصعب التوصل لحقائق أو إحصاءات دقيقة عنها، ولأنه لا يفيد كثيرا التنظير لها أو كتابة نصائح صماء، بقدر ما يفيد الاقتراب من بعض أطرافها، فقد طرحت هذا السؤال على مجموعة من الرجال في سن الستين فما فوق، ومجموعة من البنات تحت سن العشرين من جنسيات مختلفة، وجاءت الإجابات كاشفة، خصوصا بعد أن ضمنوا عدم البوح بأسمائهم أو أي معلومات عنهم.
علاقات عابرة
معظم البنات أكدن أن علاقتهن برجال «عواجيز» تكون عابرة أو مؤقتة ولا تتوافر فيها نية الاستمرارية، إنما هي تخضع أحيانا لاتفاق مسبق بقضاء فترة معينة معاً بشروط مُرضية للطرفين، وأحيانا أخرى لا يتم هذا الاتفاق صراحة، لكنه مفهوم ضمنا. كما أشرن إلى أن اللقاء بينهما يتم إما بالتعارف المباشر في أي مكان أو مناسبة ومن ثم تبادل أرقام الهواتف، أو عن طريق شخص (رجل أو امرأة) يعمل كوسيط للتعارف مقابل بعض الهدايا أو الخدمات أو مبلغ من المال، ويكون هو الضامن حتى لا يتم استغلال كل طرف للآخر، وفي هذه الحالة غالبا ما يتم التعارف في حفلة جماعية يقيمها الوسيط أو في مكان خاص يحدده «العجوز»، وقد يتم التعارف عن طريق تشابك العلاقات، كما ذكرت إحداهن أنها تعرفت على شريكها عن طريق قريبة لها عرضت عليها أن تصطحبها معها لإنهاء معاملة معينة في مكتبه، وكانت الفرصة سانحة، فلم يمر أسبوع حتى اشترى لها هاتفا مخصصا فقط لمكالماتهما، وبالطبع انتهت معاملة قريبتها، وبعد شهرين فقط استطاعت أيضاً تعيين أحد أقاربها في وظيفة جيدة، وإلى الآن يتكفل بكل مصروفاتها الدراسية وغيرها!
ذكرت الفتيات أن وراء إقامتهن لهذه العلاقات أسبابا عدة، منها:
يصرف ببذخ ويغدق عليها من الأموال والهدايا الثمينة التي يراعي فيها القيمة المادية أولاً، بعكس الشباب الذين لا يهتمون غالبا إلا بمعنى الهدية أكثر من قيمتها، وهذا نابع من الفقر أو البخل أو عدم حب شريكتهم!
يمكنه أن يوفر لها كل ما تحتاجه من شقة وهاتف نقال وسيارة فخمة وخادمة وسائق وملابس غالية وسفر إلى بلدان أوروبية وشواطئ مختلفة، وغيرها من وسائل المتعة والرفاهية.
يبذل كل جهده لإسعادها وتوفير الراحة لها وإشعارها بأنها كل حياته، ويفضلها على أسرته وزوجته وأولاده إن كان متزوجاً، وأحيانا يتحجج ليأخذ اجازة من عمله ليرافقها إلى حيث تشاء إذا طلبت منه ذلك، ليبرهن لها على حبه واهتمامه بها.
العجوز لديه قدرة كبيرة على التدليل والتعبير عن مشاعر الحب والغرام لشريكته.
أكدت معظم البنات أنهن في العلاقة الجنسية، يركزن بشكل مباشر على متعة العجوز واستحضار كل مهارتهن الأنثوية في معرفة ما يفضله وما يرغب فيه أو الاستجابة المباشرة لما يطلبه، وأنهم غالبا يكونون شركاء مريحين وليسوا كثيري الطلبات، لأنهم يحتاجون من يشعرهم بالثقة وأنهم مازالوا قادرين جنسياً، وألا تتضايق البنت من قدراتهم الضعيفة أو أخذهم لمنشطات ومقويات جنسية وتغض الطرف عن ذلك، بل تظهر استمتاعها بوجوده معها. قالت إحداهن انها قضت مع شريكها ثلاث سنوات متواصلة دون ملل أو عناء لأنها فهمت طبيعته واطمأن هو اليها جدا، خصوصا أنها كانت تضع له جرعة بسيطة من المنشطات الجنسية في العصائر دون علمه، فكان يتخيل أنه يصبح أكثر فحولة وقدرة جنسية معها، وأنها الوحيدة القادرة على استثارته واستعادة شبابه، مما كان يجعله لا يبخل عليها بأي شيء، إلى أن اتفقا على الانفصال لأن زوجته اكتشفت العلاقة وهددته بالفضيحة!
يتميز العجوز بكونه لا يسألها عن تفاصيلها اليومية ولا يضغط عليها بمراقبته لها أو يطلب منها أشياء فوق طاقتها.
حين يقرر أحدهما أو كلاهما الانفصال أو إنهاء العلاقة، غالبا ما يترك لها هدية أو مبلغا من المال، ويكونان حريصين على الابتعاد بهدوء حتى لا يتعرضا للأذى.
أما الرجال فكشفوا عن أسباب هذه العلاقات في ما يلي:
إن البنات الصغيرات يتميزن بنضارة الجسم والحيوية الجنسية وخفة الحركة أثناء الجماع والتنويع في الأوضاع وكراهية الروتين، ما يجعل الرجل «يُبدع» في العلاقة الجنسية، وتكون حياته معها أشبه بفيلم يعيشه بدلا من المشاهدة عن بُعد، فالرجل بعد سن الستين يشعر بكبر سنه وسن زوجته أيضاً، ويتعمق داخله إحساس بعدم الرضا عن حياته الجنسية الحالية وعن جسم زوجته رغم احترامه لها ومحبته وتقديره لها، كزوجة وأم أولاده، لكنها فقدت القدرة على إمتاعه، فهي تكرس كل جهدها واهتمامها لأبنائها وأحفادها وتُهمل الجانب الجنسي أو تفقد اهتمامها به، وترى أنها وشريكها كبرا في العمر ولا يجب أن يلتفتا لهذه الأمور، وهي لا تفكر في تجديد حياتهما الجنسية لأنها تتعامل معها كأنها توقفت تماما ومن العيب التفكير فيها، فيضطر الرجل للبحث عن فتاة صغيرة تكون متحفزة للمتعة ومدفوعة لها بحكم سنها.
أكد معظم الرجال أنهم لا يحبون المرأة الكبيرة في السن، لأنها تمنحهم إحساساً بأنها «مستهلكة» ومترهلة وتتميز بالوقار أكثر من «الدلع» فتصلح أن تكون أختا أو أما أو أي شيء آخر غير «العشيقة»، وأنها لا يمكن أن تكون بديلة لزوجته، لكنها مهمة في حياته وتجدد إحساسه بجسمه وقدرته الجنسية وحبه للحياة.
تهتم البنت الصغيرة بتدليل شريكها وغمره بالحنان والحب والرعاية التي يفتقدها في حياته الأسرية أو في حياته بمفرده، كما أنها لا تراقبه أو تسأله أين ذهب ومن أين أتى، ولا تدقق في عيوبه بل تشعره بأنه بلا عيوب تقريبا، وتفرح بأي شيء يقدمه لها وتكون ممتنة له طوال الوقت.
إنها تراعي تفاصيله وتهتم بها وتوفر له جوا هادئا، بل تحرص على متابعة كل شؤونه، أو الابتعاد عنها تماما، حسبما يطلب منها. إضافة إلى خفة الدم والإقبال على الحياة وعدم النكد على كل صغيرة وكبيرة وحب السفر والسهر وإجادة الرقص والأشياء الأخرى التي حرم منها لسنوات طويلة.
الجنس.. والمال
بنظرة متأملة لإجابات الرجال والبنات نجد أنها علاقة لا تخرج غالبا عن كونها بحثاً عن مفقود.. الجنس والمال.. هو يبحث عن قدرته الجنسية وشبابه الضائع الذي لم يعد قادرا على جذب فتيات في عمر الزهور، لكنه يمتلك مالاً يمكنه أن يشتري به عمراً آخر توهمه به هؤلاء الفتيات المانحات للمتعة والألعاب الجنسية مقابل ما يحصلن عليه من مال وهدايا وخدمات اجتماعية ووظيفية أو غيرها من المغريات.
إنها شكل آخر للبغاء، يشترط مواصفات بعينها، كأن لا يصل عمر البنت إلى 20 عاماً، وهو ما يحيل على الرغبة في جسد عذري، أو على الأقل غير مستهلك، يوهم الرجل بتحقيق ذلك الهاجس الذكوري بأنه الأول في حياة البنت، ويشبع له إحساسا وهميا بالتحقق والأهمية، هذا الوهم «الكازانوفي» يعكس شعورا دفينا بالعجز وعدم الكفاءة وانخفاض الثقة بالنفس وتقدير الذات. إضافة إلى الخوف اللاشعوري من الموت الذي يعوضه بحياة متجددة مع بنت صغيرة وكأنه يحسب نفسه عليها (فالمتعارف عليه أن الشاب يعشق الفتاة) وهو هنا يتوحد بالشاب بإحساس متصابٍ ينكر فيه نفسيا عمره الحقيقي وإن غلف ذلك بكثير من الادعاءات الزائفة.
اضطراب نفسي
في حالات قليلة، تعكس هذه العلاقات نوعا من الاضطراب النفسي والجنسي، فتكون تعويضاً لرغبات منحرفة مكبوتة، نتيجة تشوه علاقة أولية. كأن تكون هذه البنت الصغيرة -في بعض الحالات ما زالت طفلة- تعاني فقدانا لنموذج الأب السوي، وتشويها لصورته، وبالتالي تبحث عن تعويضها بالدخول في علاقات مرتبكة تمنحها الرعاية المادية والعاطفية، وعلاقة جنسية ناقصة، تستخدمها كوسيلة لاستغلال هذا الأب البديل (العجوز)، انتقاما من الأب الأصلي.
كما أن الرجل العجوز الذي لا يجد متعة جنسية ونفسية إلا في هؤلاء الصغيرات فقط، من دون قدرة على خوض تجارب أخرى ناضجة، يعكس ذلك إشباعا لرغبة محرمية مكبوتة، ربما تكون في ابنته أو من تحل محلها، لم يتمكن لاعتبارات اجتماعية أو أخلاقية أو أي موانع أخرى من إشباعها، فأزاحها على أخرى بديلة لها، ولعل التعبير الشائع حين نرى رجلا عجوزا مع بنت صغيرة: هذه مثل ابنته، هو تعبير صادق ومُعبر نفسيا عن علاقة تبحث لنفسها عن تبريرات للوجود.
عقارب الساعة تشير الى الثانية والربع بعد الظهر.
الاختناق المروري على الدائري الرابع بعد دوار العظام يشكل مع اشعة الشمس اللاهبة ونهاية يوم عمل، معاناة يومية لكثير من الموظفين والموظفات.
توت.. توت.. تات.. تات.
سيمفونية الازدحام.. واللي ماله خلق، يدويان بشكل يومي في شوارع الكويت.
تووت.. تووت.. تاااات.. تااات.
يشتد الازدحام وتأخذ سيمفونية الشارع.. بعدا يعبر عن الغضب.
وفجأة! يلعن ابوك وابو اللي جابكم يُبا شيل الزبالة مالتك حرك ما تشوف اطق لك هرن من ساع؟!
يقولها شاب عشريني لقائد المركبة التي امامه بطريقة فجة.
يفتح السائق المقصود بالاهانة، باب سيارته ويترجل «انا.. يا.. انت وين تبي تطير».
يتبادل الطرفان ابشع العبارات قبل ان تبدأ «الهوشة».
يتعطل الشارع.. يتجمهر الناس ويتحول الشارع مسرحاً للمعركة الحقيقية.
وهناك من بعيد يقف مسن سبعيني يهز برأسه قائلاً وشا السالفة.. عيب ليش الهواش.. هذيلي وين تربوا.. وين تعلموا.. ومن وين يايين؟!
ما يحدث في الشارع، وان كان يعكس واقعا مؤلما لتطور العنف الجسدي بعد اللفظي في الكويت.
يحدث ايضا في المجمعات..
في المدارس..
في الجامعات..
في الملاعب..
وايضا وايضا يحدث في مجلس الامة.
مشهدان من واقع الحياة الطفل محمد يضرب شقيقته الكبرى لأنه لا يريدها أن تذهب للتسوق!
بينما تتأهب سعاد لمغادرة المنزل للذهاب مع صديقاتها للتبضع في أحد المجمعات التجارية يعترض طريقها اخوها محمد معلنا امتعاضه لخروجها من البيت من دون سابق انذار، ويقول لها «على وين ان شاء الله»؟
سعاد: «الى السوق».
محمد: ومن اعطاك الاذن؟ انا رجال البيت.
سعاد: أأنت ولي أمري وانا اكبر منك بعشر سنوات؟
محمد: نعم انا المسؤول عن البيت بغياب ابي ولو عمرج الف.
تبدأ سعاد بالصراخ ويعلو صوتها مستنكرة الموقف. يبدأ الاخ فيعلو صوته ثم يهم بيده ويرفعها معلنا اول عنف اسري بضربة على محيا سعاد..
الدهشة سيدة الموقف.. سعاد التي تكبر اخاها بسنوات ترضخ لواقع اسري جعل السلطة لطفل قد يكون في عمر ولدها ولكنه الواقع الذكوري.
هذا الواقع فرض على سعاد ان تكون امرأة راضخة لواقع مجتمع العادات والتقاليد، وبوابة دخولها في العنف الاسري الذي ترضخ له كثير من النساء في البيت وفي الشارع وفي العمل وفي غيرها من الاماكن.
هذا الواقع جعل محمد لا يحترم اخته التي تكبره بسنوات، لانه ربما شاهد يوما ما والده يضرب امه ويضرب اخته، فتبلورت فكرة العنف من دون ان يتلقى دروسها في امهات الكتب.
وهذا الواقع فرض على سعاد ان تنكسر على يد اخيها اليوم وعلى يد زوجها في المستقبل، وهي بدورها تتشرب هذا العنف لتعنف الآخرين سواء ابناءها او مخدومتها او حتى من هم في الشارع والمتجمع وفي الاماكن العامة، لانها تربت على العنف وسط بيئة ربما لم يكن بيدها شيء لكي تقاوم.
مشهد آخرمشهد آخر لتكريس العنف:
أم خالد تنزل راكضة من على درج المنزل وصوتها «يلعلع» «تعالي يا..» «تعالي يا..» وهي تقذف خادمتها بأبشع الاوصاف وتضيف صارخة: بو خالد وينك؟ تعال شوف و«طقها».
يركض أبو خالد ملبياً نداء القوة وينهال ضرباً على الخادمة وهي تصرخ: «ليش بابا ليش مو انا.. والله ما يشوف هذا تلفون». وهناك على زاوية ليس ببعيدة يأخذ خالد من زاوية المنزل مكاناً للمذاكرة في كتاب عن التسامح وتقبل الرأي الآخر.
لكنه فجأة يترك كتابه ويندفع للمشاركة في عملية «الطق».
يكبر خالد وتنمو معه فكرة ان «الضرب» هو حل للمشاكل، أولم ير والديه يقومان بذلك؟، ومع الايام قد يصل خالد الى موقع متقدم في الدولة وهذه العقلية تلازمه، وربما يصل يوماً الى قاعة عبدالله السالم ويستخدم يديه في نيل الحقوق.
ذكريات ناظر سابق طلبة يجففون الصراصير.. ثم يدخنونها!
ظاهرة العنف عشتها في المدارس، خاصة في منطقة ابرق خيطان، عندما كنت وكيلاً للمدرسة (المسمى حاليا مديرا مساعدا)، وخلال السنوات التي عملت فيها في منطقة الجهراء (تيماء) ناظراً (المسمى حاليا مدير مدرسة).
ولا تغيب هذه الظاهرة عن ذهني وذهن العاملين المخلصين الذين عملوا في المدرسة الذين كانوا الظهر والسند والعون الكبير في المدرسة.
فالعنف في المدارس ظاهرة عالمية لا يخص التعليم في الكويت، فهو نتاج ثقافة عالمية تؤمن بالصراعات، خاصة عنف المخزون، وعنف الاسرة. وقد ظهر العنف المدرسي في حالة لا سابق لها خلال عملي في المدرسة لـ24 سنة او قبل هذه السنوات عندما كنت طالباً.
ان العنف بغض النظر عن حجمه او اسبابه فقد عرّفه العلماء والمختصون بأنه اخذ بشدة وقسوة وغلظة، وانا كناظر للمدرسة خرجت بنتيجة حاصلها ان العنف هو كل تصرف يؤدي الى الحاق الاذى بالآخرين، أجسمياً كان ام نفسياً، وقد يلجأ الطالب العنيف الى فرض رأيه بالقوة والكلمات البذيئة.
أساليب العنف
خلال سنوات عملي في المدارس من 1968 الى 1992 كنت شاهدا على ماجريات الأمور التي توالت فيها، فقد سمعت ورأيت وعاقبت واتخذت القرارات الصارمة بحق العنيفين الذين تجلى عنفهم في شكل شتائم بذيئة بحق الامهات والاخوات وردود تأتي من الطالب الآخر.
ومن اشكال العنف الضرب بالاقلام والكتر والسكاكين الصغيرة، وحتى شفرة المبراة استعملت في المشاجرات، واحدهم استعملها في اذية فرج الماعز وشق جفل (لية) الخروف.
صراصير
من العنف الذي لا يتصوره احد تجفيف الصراصير وطحنها كالبودرة ووضع المطحون في ورق كاغد العراقي ولفه كالسجائر وتدخينه.
وفي إحدى المرات احضرت احد الطلاب الى غرفتي وبدأت التحقيق معه في اسباب عدم لعبه والتزامه واهتمامه بمادة التربية البدنية، فأشار الى قدمه اليمنى، فإذا به يلبس 12 جورباً لم ينزعها منذ اكثر من عشرة ايام وعندما خلعناها اذ برائحة كريهة ملأت الغرفة كلها، واعترف الطالب انه يشم هذه الجوارب. وأحد الطلبة كان يضع البوتكس في زجاجة كوكاكولا وبيبسي وبعد نصف ساعة يرج الزجاجة ويبدأ بشمها.
الهروب من المدرسة بشكل غير متوقع، وبطريقة بطولية، وبعد الدوام يأخذ دفتر احد زملائه، وينقل ما دار في الفصل من شرح مع كتابة الواجب المطلوب منه وعند الاستفسار ينكر غيابه ويرى انه موجود والمدرس سجله دون علمه، اما الطلبة فيخافون منه ويدعون ان زميلهم كان موجوداً، وهذا من انواع العنف الذي يمارسه تجاه زملائه.
عدوانية
أسباب العنف: عضوية، سيكولوجية ــ نفسية واسرية، مؤثرات الجو العائلي الاسري الملبد بالخلافات بين الوالدين، هذه الاسباب تدفع الاولاد وخصوصا الطلبة الى اكتساب الكثير من الصفات العدوانية. ومن اسباب العنف مشاهدة الافلام التي تحتوي على السرقات والاعتداءات فتنعكس على سلوك الابناء، وكذلك الضغط النفسي في المدرسة، اسلوب المعلم يولدان العنف لدى المتعلمين، وايضا الفاظ المعلم عندما يسمعها الطالب مثل: يا متخلف ــ غبي ــ اكسر راسك ــ يا حيوان ــ ما تفهم، كلمات تولد العنف.
ومن أسباب العنف: المبنى المدرسي كما قالت نورية الصبيح (وزيرة التربية السابقة)، وكذلك احساس الطالب بالظلم، وايضا التعويض عن الفشل الذي يشعر به، والاختلاط بأصدقاء السوء، مناهج قديمة لا تفيد ولا تربي، ولا تمشي مع العصر، غياب اللجان الرقابية في المدرسة، وعدم تطبيق القانون، والكثافة الطلابية في الفصول، وعدم التزام اولياء الامور بشروط وقوانين التربية، وعدم احترام المعلم، وكذلك شخصية المعلم، والاعمار المتفاوتة بين الطلاب، ومن الاسباب: التمييز بين الطلاب المتفوقين والمقصرين واستفزاز المعلم للطالب، وجود شحنة زائدة لدى الطلاب، كيف يتم تصريفها؟
جاسم عباس
*****************
الآلات الحادة
اقتناء الآلات الحادة أصبح سهلا في وقتنا الحالي بالنسبة للطلبة، حيث تباع لهم من قبل «البقالات» من دون لا حسيب ولا رقيب.
«لا دقون» ثاني مرة
عند اتصالنا باستاذة كلية التربية هند الميعان وطلبنا رأيها في العنف كان ردها «لا دقون ثاني مرة»، فهل هذا هو الرد الاكاديمي؟
جراء تغير الحالة العمرية.. وإحساس الطالب برجولته عادل الراشد: العنف بين المعلم والطالب موجود .. بنسبة أقل
أكد مراقب مرحلة التعليم المتوسط في منطقة العاصمة التعليمية عادل الراشد أن ظاهرة العنف الطلابي تزداد في مدارس التعليم المتوسط، مقارنة بباقي المراحل، معزيا السبب في ذلك الى تغير الحالة العمرية للطلبة وتطور حالته الجسدية وإحساسه بالرجولة، مما يدفعه الى استخدام قوته في حالات عراك مع طلاب آخرين لأسباب غير مهمة في كثير من الأحيان.
وقال الراشد ان الطالب في هذه المرحلة العمرية يكره معاملته كطفل، فينتفض على أي طالب آخر أو حتى معلم يستخف بقدراته أو قوته، وهو أمر طبيعي تتفهم أسبابه الإدارات المدرسية، وتوقه الى معاملته كرجل أو شاب.
واشار الى انتشار ظاهرة تعارك الطلبة فيما بينهم في المدارس، إضافة الى انتشار السلوك العدائي بين الطالب والمعلم بنسبة أقل، موضحا ان الطلاب يشعرون بغضب شديد عندما يطلب المعلم منهم الوقوف أو الخروج من الفصل الدراسي، أو معاتبتهم لعدم انجازهم واجباتهم المدرسية.
تحت السيطرة
وحذر الراشد من خطورة تفشي ظاهرة العنف الطلابي في المدارس، موضحا ان معظم المناطق التعليمية تفرض سيطرتها على هذه الأمور وملمة بمخاطرها، موضحاً ان مكتب الخدمة الاجتماعية يتابع حالة جميع الطلاب ذوي السلوك العدائي، ويفرض رقابة على أدائهم ويبادر الى توعيتهم بشكل دائم الى حين انتظام سلوكهم، بالتنسيق مع اولياء أمرهم.
ولفت إلى أن عقوبة الطالب ذات السلوك العدائي يقررها مجلس النظام في المدرسة، التي تبدأ بتوجيه إنذار اليه، وتصل الى فصل الطالب اذا ما تبين ان سلوكه يشكل خطورة على باقي الطلاب، بهدف إشعاره بالعقاب، مستطردا بالقول ان حالات العنف لا تتكرر بشكل يومي.
وفي ما يتعلق بحالات العراك التي تحدث بين الطلاب خارج أسوار المدرسة وعند انتهاء الدوام المدرسي، قال الراشد ان إدارة المدرسة غير مخولة قانونيا بالتدخل، ومع هذه الحالات، فان معظم المسؤولين هم تربويون ويهتمون بطلبتهم.. وعليه يبادرون الى التخفيف من هذه الحالات ومنعها.
دخلاء
أصبحت عبارة «اراويك بالهده» في جميع المراحل التعليمية، فالمشاجرات، حدث ولا حرج، اصبح منظرها مألوفا، حيث يأتي الدخلاء من خارج المدرسة ويزيدوا النار اشتعالا.
=
طلبة المرحلة الثانوية
86% حضرنا اشتباكا داخل أسوار المدرسة
34% شاركوا في المشاجرات
50% المجتمع يتحمل المسؤولية
كشف استبيان اجرته «القبس» على 100 طالب في المرحلة الثانوية حول العنف بالمدارس ان 85% منهم يحملون مسؤولية الاشتباكات الحاصلة في المدارس الى تربية المجتمع، بينما حمل 22% منهم المسؤولية لإدارة المدارس، مقابل 20% اعتبروا ان الجهتين مذنبتان وتتحملان مسؤولية العنف بالمدارس.
وأكد 34% من العينة انهم شاركوا في اشتباكات داخل المدرسة او مشاجرات مقابل 66% لم يخوضوا اي شجار داخل المدرسة.
وأكد 86% انهم شاهدوا اشتباكات بالأيدي بين الطلبة، ولم ير اي اشتباك 14% من العينة.
تقدم لهم المأكل والملبس والمسكن مجاناً التربية تتبنى الطلبة العدوانيين أبناء المفككين أسريا
كشف وكيل وزارة التربية المساعد للتنمية التربوية بدر الفريح عن تبني الوزارة عددا من الطلبة الكويتيين ذوي السلوك العدائي، والمنبوذين من اسرهم، عبر تخصيص سكن خاص لهم في منطقة السالمية، وتوفير المأكل والمبس لهم وجميع احتياجاتهم خلال مشوارهم التعليمي، مشيراً الى ان اولياء امور هؤلاء الطلبة لا يعلمون شيئاً عن مصير ابنائهم ولا يسألون احيانا عنهم.
واعترف الفريح في لقاء مع «القبس» تحدث فيه عن ظاهرة العنف الطلابي داخل البيئة المدرسية، بارتفاع حالات السلوك العدائي بين صفوف الطلبة في مدارس منطقتي الاحمدي والجهراء التعليميتين مقارنة بباقي المناطق التعليمية، منوها بصعوبة تعداد هذه الحالات او اعداد احصائية بها خلال الفترات الدراسية، مشددا على حرص الوزارة على حصرها وتعزيز توعية الطلبة عبر جلسات خاصة واعتماد مشروع القيم التربوية الذي تبنته الوزارة اخيراً لاعداد جيل طلابي واع يحترم رأي الآخر.
واقر الفريح خلال اللقاء بمعاناة قطاعه في نقص اعداد الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين العاملين في المدارس، جراء عزوف الاختصاصيين الكويتيين عن التقدم لهذه الوظيفة وكذلك نقص اعداد المتقدمين من الجنسية المصرية، جراء غياب الكادر لهذه الفئة العاملة، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
كيف تعرفون ظاهرة العنف الطلابي داخل المدارس؟
ـــــ لا شك ان ظاهرة العنف الطلابي منتشرة في مختلف مجتمعات العالم، وليست حكرا على دولة الكويت، واود الاشارة هنا الى اننا كمسؤولين في وزارة التربية نفضل اعتبارها حالات وليست ظاهرة، ونحاول عبر مكاتب الخدمات الاجتماعية معالجة كل حالة على حدة، بالتنسيق مع اولياء الامور وادارة المدرسة للتقليل من انتشار اعمال العنف داخل المدارس، واحالة بعض الحالات التي يثبت معاناتها من امراض نفسية على اطباء متخصصين لمعالجتها.
ماذا عن مؤشر اعمال العنف الطلابي، هل هو في ارتفاع او انخفاض؟
ـــــ من الصعب تعداد حالات العنف التي تشهدها المدارس بشكل شبه يومي، خاصة اننا لا نملك مقياسا معتمدا لهذه الغاية، الا ان مدارسنا تشهد سنويا ارتفاعا في عدد طلبتها، وعليه فمن الطبيعي ان تزداد اعمال العنف بين الطلبة التي ترصد من ادارات المدرس، وعلى الرغم من غياب احصائية واضحة بالحالات التي تشهدها مدارس الوزارة سنوياً خلال الفترات الدراسية الاربع، فاننا حريصون دوما على رصد هذه الحالات ومعالجتها، وقد تبين لنا خلال العام الدراسي الماضي، ارتفاع اعمال العنف بين الطلبة في مدارس منطقتي الاحمدي والجهراء التعليميتين، مقارنة بالمناطق التعليمية الاخرى.
كيف تتعاطى ادارة المدرسة عند تسجيل حادثة عراك بين الطلبة او لجوء احدهم الى استخدام اي نوع من انواع العنف؟
لا بد من الاشارة هنا الى ان حالات العنف الطلابي لا يفتح بها او بحق مفتعلها ملف خاص، كي نتمكن لاحقا كقطاع مختص من حصرها على مستوى مدارس المنطقة التعليمية الواحدة. بخلاف حالات الصعوبة في النطق عند الطلبة او معاناة طالب من مشاكل اجتماعية على سبيل المثال.
فحالات العنف تحدث باستمرار بين الطلبة واحتكاك داخل المقاصف المدرسية او عند تجمعات الطلبة.
توعية الطلبة
ماذا عن العلاج الامثل لظاهرة العنف الطلابي؟
ــــ نسعى الى تثقيف الطلبة وتوعيتهم بضرورة احترام الآخر وآرائه، والالتزام بلوائح المدرسة والنظام، والابتعاد قدر الامكان عن اتباع اي نوع من انواع العنف المتعارف عليه. فالاختصاصي الاجتماعي داخل المدرسة يسارع دوما لتنبيه الطلبة المشتركين في اي حالة عراك او ما شابه.
واذا ما تكررت الحادثة مع الطلبة انفسهم، تقوم ادارة المدرسة باخطار اولياء الامور بها وفرض رقابة عليهم ومتابعة حالاتهم.
هل تؤيد عقوبة فصل الطالب من مدرسته، جراء ارتكابه عملا عدوانيا بحق زميله او معلمه؟
ــــ لا اؤيد فصل الطالب الذي يثبت انخراطه في العديد من اعمال العنف داخل مدرسته، خاصة ان هذا الاجراء لن يعالج المشكلة التي يعاني منها الطالب، سواء قمنا بنقله الى مدرسة ثانية او بمنعه من اكمال دراسته. لكن بعض الحالات قد تصل الى افتعال جرم جنائي يتخطى حدود وزارة التربية، وتصبح مسؤولية وزارة الداخلية، ولكن ررغم ذلك تبقى مسألة متابعة حالة الطلبة، وتحديدا الذين يشاركون دوما باعمال عنف، واخضاعهم للرقابة من قبل ادارة المدرسة، مسألة شديدة الاهمية.
من الملاحظ، ان حالات العنف لا تقتصر على الطلبة، بل يقع المعلم ضحية هذه الاعمال كذلك؟
ــــ للاسف، شهدنا العام الدراسي الماضي حالات اعتداء على معلمين، وهو اجراء خطر للغاية ويستدعي التوقف عنده، لا سيما ان اولياء الامور يشاركون ابنائهم الطلبة احيانا في اعمال عدائية بحق معلميهم، مما يعزز اقتناع الابناء بان العنف خير وسيلة لعلاج المشاكل، وهو مفهوم خاطئ للغاية. فالوزارة لا تسمح اطلاقا لاي طالب او ولي امر بالاعتداء على المعلم الذي يقوم بمهنة انسانية سامية، يجب على الجميع احترامه والتعامل معه برقي، لا سيما ان الطالب يقصد المدرسة للدراسة والتعلم، عوضا عن ارتكاب اعمال عدائية تتسم بطابع العنف غير المبرر، مما يجعل وجوده في المدرسة خطرا.
قانون حماية المعلم
ما اهمية الاستعجال باقرار قانون حماية المعلم في البلاد؟
ــــ يعتبر تبني وزارة التربية مشروع هذا القانون، دليلا واضحا على ايمان قياديي الوزارة باهمية تشريعه في اقرب فرصة ممكنة، لتأمين الحماية اللازمة للمعلم خلال ادائه مهنة التعليم، وفرض احترامه من قبل جميع الطلبة واولياء الامور وتأمين الرادع اللازم، خاصة اننا نسمع دوما عن وقوع مشاكل بين الطلبة والمعلمين في المدارس، وانتشار ظاهرة تدني مستوى الخطاب بين المعلم والطالب، وانعدام الاحترام الذي يجب ان يناله المعلم من طلبته داخل المدرسة. ومن البديهي القول ان الطالب الذي يستخدم لغة الضرب على سبيل المثال، لن يتوانى عن التحدث بلغة السب مع طالب آخر، او معلم. وأود التأكيد هنا حرصي الدائم على مطالبة ادارة الخدمة الاجتماعية والنفسية في الوزارة، بالتركيز على حالات العنف التي تشهدها مدارسنا، بهدف تقليلها ومعالجتها.
ما اهمية علاج مثل هذه الحالات خلال المشوار التربوي للطالب؟
ــــ اعتقد ان هذه المسألة تحتل مقدمة اهتمامات جميع المسؤولين عن متابعة قضية العنف الطلابي في مدارسنا، سواء على مستوى الادارات المدرسية، او في وزارة التربية، فتصحيح سلوك الطالب العدائي ضروري، لمنعه من استخدام العنف خلال حياته المهنية. وعليه ندعو الاختصاصيين النفسيين والمعلمين الى اهمية توعية الطلبة بالابتعاد عن العنف واستخدام لغة الحوار واحترام الآخر. وهذه المبادئ تعززت اخيرا عبر مشروع القيم التربوية الذي تبنته وزارة التربية اخيرا وسارعت الى تنفيذه في مدارسها، لخلق جيل واع ومسالم، عبر تخصيص فترة زمنية قبل الحصص الدراسية لتقديم شرح وافر عن اهم القيم الانسانية.
هل تعتقد أن ما تشهده مدارس الكويت من عنف طلابي يستدعي القلق؟
ــ لا بد من تعزيز رقابة الوزارة والمناطق التعليمية لظاهرة العنف الطلابي التي تشهده المدارس، عوضاً عن اقتصار اهتمام مسؤولي التربية على التحصيل العلمي، والمادة العلمية، واهمال المادة السلوكية للطلبة، ويجب متابعة حركة ونشاط كل طالب وحركته، ومراقبة سلوكه العدائي، والحد منه قدر الامكان.
طلبة منبوذون
هل يقتصر دور الوزارة على توعية طلبة السلوك العدائي؟
ـ أود الاشارة الى دور حيوي دأبت وزارة التربية على القيام به في السنوات الأخيرة، يتخلص بوجود حالات فردية لبعض الطلبة الكويتيين التي نلاحظ عبر متابعة حالاتهم أنهم منبوذون من أسرهم، حيث نلاحظ استخدام هؤلاء الطلبة للعنف واتباعهم سلوكاً عدائياً بشكل مستمر داخل أسوار مدارسهم. وعندما تبادر ادارة المدرسة الى مخاطبة أولياء أمورهم، لا تجد أي رد، جراء مشاكل عديدة أبرزها التفكك الأسري، وعدم رغبة الأب والأم في ابنهما الطالب أو الطالبة، مما يدفعنا عندها الى تبني الطالب، عبر توفير سكن له في السكن الخاص بالطلبة في السالمية، ونحتضنه عبر توفير احتياجاته من الملبس والمأكل.
كم عدد هؤلاء الطلبة حالياً؟
ـ يفوق عشرة طلبة، وتتراوح أعمارهم من الخمس سنوات الى الخمس عشرة سنة ونستقبل سنوياً أعداداً جديدة. كما أن بعض أولياء الأمور يصيبهم الندم، ويسرعون الى استرداد أبنائهم لا سيما بعد تحسن سلوكهم في التعامل مع الآخرين. وأذكر هنا أنني أقمت حفلاً خاصاً لعدد من هؤلاء الطلبة كمكافأة من الوزارة على تحسن سلوكهم، ونجاحهم في صفوفهم، بعد أن عانوا من الرسوب نتيجة مشاكل أسرية دفعتهم لاعتماد السلوك العدائي في حياتهم. وقد حرصت شخصياً على الاهتمام بهذه الفئة من الطلبة منذ تسلمي قطاع التنمية التربوبة، حيث قمت بمضاعفة أعداد الطلبة الذين تتبناهم وزارة التربية في هذا الاطار.
ما تقييمك لمستوى اختصاصيي الخدمة الاجتماعية والنفسية المكلفين بالتعامل مع الطلبة ذوي السلوك العدائي؟
ـ لم أتلق أي شكوى من ادارة مدرسة حول تدني مستوى الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين. الا أننا بحاجة الى تعزيز أعداد هؤلاء الاختصاصيين في المدارس بنسبة تزيد على 40%. ونعاني في هذا السياق من عزوف الاختصاصيين الكويتيين، على الرغم من حاجة مدارسنا اليهم. كما أننا فتحنا منذ مدة أبواب التعاقد مع اختصاصيين اجتماعيين ونفسين من الجنسية المصرية، ولم تتقدم شريحة كبيرة، ولهذا نعاني عجزا في هذا السياق، مما يستدعي تخصيص كادر لهذه الفئة من العاملين في قطاع التربية، لتحفيزهم على التقدم للعمل.
أسباب
اشار استاذ علم النفس د. خضر بارون الى ان من اهم اسباب العنف البنية القوية، الانفعال الشديد والاندفاع، ارتفاع التستستيرون، التربية، والتنشئة الاجتماعية القائمة على القسوة والحرمان العاطفي والمادي، ضعف الوازع الديني، ظروف المجتمع بما فيها من اخفاقات، احباطات، انتهاك الحقوق وانتقاص النواحي المادية، لا سيما الرواتب والبطالة، بالاضافة الى المحاباة بين الطلبة والابناء.
عبدالعزيز: طلبة مدرستي يتشاجرون على اتفه الأسباب
يعتبرطلبة المدارس الاكثر عنفا من غيرهم على حد قول عبدالعزيز المتروك الذي اكد انه لا يمر يوم في المدرسة من دون ان نشهد هوشات وشجار بين الشباب، فأسبابهم «تافهة» وغير مقنعة، والمدرسون اعتادوا على هذا الوضع وفق قوله.
واكمل المتروك «من اشد انواع الشجار الذي شهدته كان استخدام «العجرة» والسكين، فقد تشاجرعدد من الشباب بعد الانتهاء من المدرسة وبدأوا يتضاربون حتى وصل الدم الى الركب، وانتهت المسألة بهم الى المخفر، وبعد فترة اكتشفنا ان السبب يعود الى ان احد الطلاب تلفظ على الآخر بقوله «يا جنوس» فنادى الطالب ابناء عمومته كلهم وبدأت المعركة».
حلول مقترحة
اقترح المحامي فايز الفضلي الحلول التالية للحد من ظاهرة العنف المنتشرة في المجتمع الكويتي:
- تطبيق اقصى العقوبات على المذنبين.
- زيادة توعية الأفراد منذ الصغر.
ميلاد العنف
من المتعارف عليه ان ظاهرة العنف ليست ظاهرة حديثة وليدة العولمة المجتمعية، اذ ان البشرية شهدت اصنافاً لا تعد ولا تحصى، بداية من قتل هابيل لاخيه قابيل الى وقتنا الحالي.
يروي أحد نظار المدارس كيف أن الطلبة في المرحلتين المتوسطة والثانوية يمارسون العنف اللفظي - أبشع أنواع العنف اللفظي - بشكل عادي فيما بينهم.
وقال ان المدارس تربي وتعلم، ولكن تبقى المسؤولية الأساسية على البيت والأسرة في زرع بذور الفضيلة في نفوس ابنائهم، وهذا ما لا يحصل في كثير من البيوت.
وزاد ان باصات المدارس تتحول بشكل يومي الى ساحة للعراك بالأيدي بين الطلبة، وان ادارات بعض المدارس تأقلمت مع هذا الوضع وباتت تتعامل معه وكأنه امر عادي ومن المسلمات اليومية!
الوفرة المالية وضيق الحال في بيئة واحدة
سألت «القبس» مسؤولا أمنيا حول اسباب العنف، فقال ان المادة تلعب دورا اساسيا في العنف الذي يجتاح البلاد، فعندما يجد الشاب انه لديه وفرة مالية يقوم بأعمال عدائية تحت شعار المكابرة، اما في حال ضيق الحاجة، فان ذلك يولد روح الكراهية، والانتقام يتعزز ويكون المخرج هو العنف.
ولاحظ المرجع ان كلتا الفئتين تعيشان في بيئة صغيرة، الأمر الذي يولد العنف نتيجة تضاد الأفكار والمتطلبات.
وقال ان الشباب هذه الأيام لديهم قناعة أن بامكانهم الغاء الآخرين، وهذا ما لا يمكن ان يحصل انما يولد مزيدا من العنف.
عنف البنات
منظر العنف لم تخلوا منه حتى مدارس البنات، حيث تبين ان هناك بعض المشاجرات داخل الفصول والممرات والسبب هو عدم تدخل الادارة المدرسية الذي يكاد دورها ينعدم في بعض المدارس.
محمد: كلية الهندسة مرتع مشاجرات
محمد صقر قال ان العنف متواجد منذ القدم في الكويت وخصوصا في الجامعات، ولكن في هذه الايام تطور واصبح ظاهرة، ففي كلية الهندسة التي ادرس فيها نلاحظ شجارات بسبب التنافس والمشاكل الانتخابية، وخصوصا ان بعض القوائم لا تتعامل الا بأسلوب العنف.
واضاف ان ادارة الجامعة لا تتخذ قرارات صارمة حول هذا الموضوع، لذلك يتهاون الطلاب، ويتمادون في عنفهم لعدم وجود الرادع، فالاسرة والتربية يلعبان دورا كبيرا في هذه المسألة.
استبيان قسم الإحصاء في الجامعة: 30% التعصب الديني لبّ المشكلة
وافق 30،6% من طلبة جامعة الكويت على ان التعصب الديني من اهم اسباب تزايد العنف داخل الحرم الجامعي، مقابل 25،1% رفضوا تلك النظرة، واختار 44% اجابة «الى حد ما».
واعترض 83،5% من الطلبة في استبيان اجراه قسم الاحصاء تحت اشراف رئيسة القسم د. فهيمة العوضي على عينة قوامها 750 طالبا وطالبة على العنف الذي حصل بين القوائم، فيما بلغت نسبة الذين يعتقدون ان العنف ضروري في بعض الاحيان 12،9%، اما الذين يؤيدون العنف والمشاحنات بين القوائم مهما كانت الاسباب فقد بلغت نسبتهم 3،6%.
واشار 49،7% من الطلبة الى ان عدم احترام الرأي الاخر من اهم اسباب استخدام العنف والقوة في الانتخابات، في حين ارجع 14،5% السبب الى وجود اطراف خارجية تحاول فرض افكارها واتجاهاتها على الطلبة، مقابل 14،4% وجدوا ان السير في الحركات الفكرية المختلفة سبب رئيسي، فيما 12،4% اعتبروا ان عدم القدرة على التعبير عن الرأي واحد من الاسباب، و8،9% ذكروا اختلاف المذاهب.
وتطرقت الدراسة الى الحلول المناسبة لهذه الظاهرة، فأيد 26،6% الفصل المؤقت للطلبة المتسببين بالمشكلة كأسلوب رادع لهم ولغيرهم، واشار 10،1% الى وجوب الفصل الدائم، في حين طالب 17،5% بمساعدة الامن الداخلي للجامعة، مقابل 13% طلبوا مساعدة الشرطة في السيطرة على العنف والقوة اثناء الانتخابات.
اما عن تبعات هذه الظاهرة ومدى تأثيرها على قرارات التصويت للقوائم فقد كانت اجابات الطلبة على السؤال «اذا كانت قائمتك تسبب العنف والمشاكل فهل ستصوت لها مرة اخرى»، فقد اجاب 70% من المشاركين بأنهم لن يعيدوا التصويت لها، مقابل 30% قالوا ان هذا الموضوع لن يغير من قناعتهم وسيظلون يصوتون لقائمتهم.
أكثر من نصف الطلبة شاهدوا «هوشات» أمامهم!
كشف استبيان أجرته «القبس» على عينة عشوائية من طلبة الجامعة تبلغ 250 فردا عن مشاهدة 64% من الطلاب لاشتباكات حية بالأيدي. ويرجع 56% من الطلاب مسؤولية العنف للمجتمع، بينما يطالب 61% منهم بتشديد العقوبات كحل لظاهرة العنف.
اجرى الاستبيان الجامعي
مساعد الوردان
مشاري الفرحان
ايمان الجمال
محمد المرداس
الانتخابات الجامعية.. موسم الطق!
لم يعد بالامكان اهمال انتشار ظاهرة العنف بين طلبة الجامعة والتطبيقي وتزايدها خلال موسم الانتخابات الطلابية التي استبدل فيها المتنافسون الحوار وتقبل الآخر بالتشدد ومحاولات التضييق على الحريات بأشكال متنوعة.
ورغم ان العنف لا ينحصر في فترة الانتخابات فإنه يكون واضحا خلالها بتتبع سلوك القوائم الانتخابية وتصرفاتها العنيفة جسديا ولفظيا تجاه الآخرين، حيث يمثل العنف اللفظي أكثر أنواع العنف شيوعا بين الذكور في الجامعة حسبما تكشف دراسة اعدتها عمادة شؤون الطلبة حول اسباب العنف والعصبية والعوامل المؤثرة فيها.
وأشارت الدراسة صراحة إلى دور التنشئة الاجتماعية في زرع العنف والعصبية كسلوك تعبيري يتأثر بالمنطقة السكنية، حيث اتضح ان الطلبة القاطنين في المناطق الداخلية أقل عنفا وعصبية من ساكني المناطق الخارجية البعيدة عن العاصمة.
وبالنظر إلى كلية العلوم الإدارية ذات المزاج الحضري تجد أن حادثة العنف الوحيدة خلال 5 سنوات مضت كانت في ندوة سياسية نظمها اتحاد الطلبة بحشد مسبق من جميع الكليات وأفراد من خارج الجامعة، وعرفت بندوة الشرق الأوسط الكبير، بينما تشهد جارتاها الحقوق والاجتماعية اللتان لا يفرق بينهما سوى عبور المشاة بشارع صغير احداثا مؤسفة كان آخرها هوشة قبل اقل من شهر في الحقوق خلال فترة استقبال طلبات التحويل إلى الكلية، اضطرت معها إدارة الجامعة لطلب قوات الشرطة وملازمتها الكلية لحين انتهاء التسجيل آخر شهر رمضان.
وخلال الأسبوع الماضي شهدت كلية الآداب تكرار حوادث عنف لفظي وجسدي لم تتطور بسبب «المفاكك»، وفي التطبيقي تعرض عضو في قائمة الوسط الديموقراطي للضرب من قبل أعضاء في قائمة المستقبل الطلابي.
ما يحدث في الجامعة والتطبيقي هو انعكاس لواقع مجتمعي ينقله الشباب إلى مدارسهم وكلياتهم، ويظل السؤال مطروحا أين الحل هل يكون تشديد العقوبات مخرجا من المشكل أم أن تطبيق القوانين واللوائح بحق المخالفين كافية للزجر؟
ويعاني المسؤولون في الجامعة من ضغوط التيارات السياسية كلما دخلت كوادرهم الشبابية طرفا في «هوشة» وتستمر الضغوط دون حياء حتى يتم اعلان البراءة وفي أسوأ الأحوال تخفيف العقوبات إلى حدودها الاستثنائية الدنيا ولا عزاء لكرامة المجتمع.
ما شهدته الجامعة والتطبيقي خلال الأسبوع الماضي لن يكون ختاما لفصول العنف فدروب التوعية أبعد ما تكون في ظل تعزز بواعث العنف يوما بعد يوم.
الخطر في هوشات سببها فئوي أو ديني أو شعور بغياب العدالة ضمور رابطة الدولة يُرجع الكثيرين إلى رابطة الدم لنيل حقوقهم
ما الذي يحدث؟
ما الذي اصاب الناس وجعلهم يتعاركون لأتفه الاسباب؟
هوشات بالجملة تحدث في شوارع وساحات البلد الصغير، هوشة بوسط الطريق لان سيارة مالت على اخرى، وثانية بسبب خزة عين، وثالثة تفاعلت في دقيقتين من انتفاخ متبادل للذات كواحد يأمر والثاني يرد انا ما اشتغل عندك. وعلى الرغم من اشتكاء المواطنين من حرارة اطباع الناس في كل مكان فإن الواقع يقول ان اغلبهم مشارك في احتكاك «الكباريت» اليومي بصورة او بأخرى لان المشاحنات والملاسنات محسوبة ضمن الهوشات، وكم من «عركة» كبيرة بدأت بكلمة طائشة هنا او بتعليق هناك.
هل نحن ملائكة؟
متى كانت الكويت دولة ملائكية او متى سجل التاريخ وجود كيان افلاطوني من قبل؟ فالعنف اللفظي والجسدي موجود لدينا منذ زمن بعيد، ولكنه اليوم بات اكثر تكرارا وتشعبا في الاسباب مما كان سائدا في كويت الامس التي تميز اهلها برحابة الصدر والترفع عن بذيء الكلام.
والخطر كل الخطر يكمن في دخول اسباب جديدة للهوشات في الكويت مثل القبلية والطائفية والشعور بعدم العدالة التي ساهمت بشكل اساسي في تقسيم المجتمع اكثر مما هو مقسم جغرافيا بأمر من الحكومة التي وزعت القبائل والطوائف على المناطق السكنية. ومثل تلك الاسباب تخلق قوالب واحكاما مسبقة على قطاعات واسعة من الناس، وبمجرد الاحتكاك تنفجر كل الاحقاد قديمها وجديدها، ومن يضر.ب يظن انه يستعيد حقه المسلوب، ومن يُضرَب يفكر لحظتها في أنه يدافع عن مكتسباته.
في كويت الامس لم يكن الناس يتدافعون على الرزق رغم قلته ولا يتقاتلون على النفوذ رغم بساطة الناس ويسر جذبهم. اما اليوم فالرزق وفير والحسد كثير، والصراع على شفط السلطات صريح وعلني وكأن الدولة وقوانينها غير موجودة.
لماذا يغضب الناس؟
هناك خناقات مقبولة الاسباب، فمن يعترض طريق النساء يصبح ضربه واجبا قوميا، ومن يتطاول على كبار السن يصبح فرجة للناس، وكل عديم اخلاق ودين ومستقوٍ على خلق الله يصبح ويمسي على الخناقات ويتردد على المخافر.
ولكن هناك خناقات مختلفة في اسبابها لانها تطبخ على نار هادئة والنية فيها تبيّت قبل تحديد الهدف.
الناس يوميا يقرأون ويرون ويسمعون، والدواوين مفتوحة والكلام كثير: فلان اصبح وكيل وزارة بالواسطة وهو «أثول»، علان «هبر له خوش هبرة» وطلع براءة وكبار المسؤولين والوجهاء يستقبلونه في افراحهم وأتراحهم، الوزير الفلاني صبغ وزارته بأبناء عمومته ومحاسيبه، موظف يمارس صلاحيات واسعة ويحظى بكل الدورات التدريبية والمهمات الرسمية فقط لانه مقرب وواصل. من يطبق القانون ويُضرب له تعظيم سلام هو اكثر من يحاسب وتهضم حقوقه، والموظف البلدي المتفرج يحصل على الترقيات بالاختيار. هكذا ببساطة ما وصلنا اليه، وهناك مئات الامثلة.
هذه الضغوطات اليومية تعتمل في النفس، ومع تزايد الشكوى واجتماع المتحلطمين يوميا في الدوام والديوانية، وقلة القدوات الحسنة وتحول القانون الى نكتة سمجة، وضياع مبدأ الثواب والعقاب، تفرش الارض بالهراوات للمزيد من الهوشات في كل مكان وفي اي وقت.
بعد كل العرض من الطبيعي جدا ان يفكر الكثيرون في تحشيد انفسهم في قوالب وتكوينات او العودة الى رابطة الدم بعد ضمور رابطة الدولة، كي يحصلوا على حقوقهم المشروعة وغير المشروعة، ومع تزايد الامثلة على نجاح هذا الاسلوب يتحول المجتمع تدريجيا الى كتل متنافرة متصارعة لا تعمل سوى لمصالح افرادها وتوسيع مناطق النفوذ لارضاء اولئك الافراد.
إبراهيم المليفي
دور الاختصاصي الاجتماعي
كان لسان حال أغلب الطلبة ان الادارة المدرسية لا تتدخل في فض المشاجرات خارج المدرسة لدرجة ان بعض المعلمين يمرون مرور الكرام من جانبها، ناهيك عن غياب دور الاختصاصي الاجتماعي في فض هذا العنف ومصالحة الطلبة قبل خروجهم وحدوث ما لا تحمد عقباه
الطلاق والعنف
بين رئيس قسم المساعدات بادارة الرعاية الاسرية بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل جاسم الكندري ان عدد حالات التفكك الاسري يدل على ازدياد وارتفاع حالات العنف لما للتفكك الاسري من خطورة على الابناء، كاشفا عن اعداد حالات الطلاق المستفيدة من المساعدات التي تقدمها لهم وزارة الشؤون وصلت الى 7349 حالة.
ألعاب البلاي ستيشن تحض على العنف البدني الراجحي: الإعلام قد يكون أداة تدمير
قال أستاذ قسم الاعلام في كلية الآداب بجامعة الكويت د. مناور الراجحي ان وسائل الاعلام المرئية والمسموعة تعد من أهم الأسباب الرئيسية في انتشار وتصعيد ظاهرة العنف بين جميع فئات المجتمع، لاسيما من خلال الأفلام والمسلسلات التي تتجلى فيها الآلات الحادة المتمثلة في السلاح الأبيض.
وشدد على ضرورة توضيح وسائل الاعلام للهدف من استخدام العنف في الأفلام في سبيل خدمة الحبكة الدرامية، لافتاً الى أن وسائل الاعلام العربية عادةً ما تبرز وتبين أن صاحب القوة هو الانسان الذي يُشار اليه، وهذا ما يظهر في الأفلام العربية ولا سيما المصرية من خلال تجسيد دور «الفتوة».
وأشار الى أن أفلام هوليوود، والأفلام الكارتونية المتمثلة في المغامرات غير الحقيقية، فضلاً عن لعبة «البلاي ستيشن» القائمة على شعار التحدي «أكون أو لا أكون» من أهم الأمور التي أثرت بشكل سلبي في توليد العنف لدى الأطفال والمراهقين، موضحاً أن 95% من ألعاب «البلاي ستيشن» تعتمد على العنف البدني والعقلي.
واستطرد «يجب على وسائل الاعلام أن تصور وتوضح للجمهور حقيقة ما يُعرض، وأن الانسان الذي يستخدم العنف ليس سعيداً انما يحاول أن يكشف النقص الداخلي للعالم الخارجي، فضلاً عن تبسيط الصورة الذهنية للأطفال والمراهقين».
وقال ان انحراف جميع وسائل الاعلام المرئية، المسموعة والانترنت عن الأهداف الايجابية، التربوية، التوعوية، التثقيفية والارشادية يحولها الى آلة مدمرة تقصف المجتمع بأكمله.
وأضاف أن وسائل الاعلام سلاح ذو حدين، حيث انها يمكن أن تقوّ.م او ان تنحرف بالمجتمع، تضبط او تزيد من فوضاه وتثقف وتقلل من ثقافته، مسلطاً الضوء على أن الاعلام المرئي والمسموع، فضلاً عن الانترنت والمؤسسات الاعلامية، خرجت عن العمل الوظيفي آخذة بعين الاعتبار الدخل المادي الهادف للربح.
«إسقاط فوائد القروض» عنوان آخر لأزمة سوء توزيع الثروة 16.3 ألف قرض متعثر فقط .. أقامت البلاد ولم تقعدها
• هل تستحق قروض المواطنين فعلاً أن تكون أزمة بلد؟ (تصوير: أحمد هواش)
إعداد: مارون بدران
3.3% فقط من قروض المواطنين الاستهلاكية والمقسطة متخذة بشأنها إجراءات قانونية
489.3 ألف قرض للكويتيين رصيدها 5.15 مليارات دينار كما في 30 سبتمبر 2009
82.2% من قروض المواطنين الاستهلاكية صغيرة أي دون الـ 5 آلاف دينار
لم تشغل أي قضية الرأي العام الكويتي خلال الأعوام الخمسة الماضية بقدر ما فعلت قضية إسقاط القروض. فكانت حينا مدار شد وجذب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأحيانا مادة دسمة تناولتها وسائل الإعلام من جوانب مختلفة، حتى باتت قضية مجتمع بأكمله.
شرارة المطالبة بإسقاط القروض اندلعت في بداية 2004، وما فتئت حتى الساعة تشكل المحور الرئيسي لتوتر العلاقة بين مجلسي الأمة والوزراء. فالأول يضم عددا لا بأس بهم من نواب يطالبون بإسقاط القروض عن المواطنين، والثاني يدافع عن موقفه الرافض لتطبيق هذا المبدأ رغم رضوخه لمطالب عدة متعلقة بهذا الجانب.
وبمناسبة جلسة مجلس الأمة المزمع عقدها في 17 نوفمبر المقبل والمخصصة لمناقشة قضية القروض على المواطنين، أعدت «القبس» ملفا يلقي الضوء على تاريخ القضية، يشرّح بعض مفاصلها، يقرأ جوانب أساسية منها، ويشكل مادة توضع على طاولة حوار صناع القرار في البلاد. علما بأن النواب الذين طالبوا بجلسة خاصة للقروض هم سعدون حماد، غانم الميع، فيصل الدويسان، د. وليد الطبطبائي، مبارك الوعلان، عسكر العنزي، مخلد العازمي، صالح عاشور، حسين مزيد، إضافة إلى د. ضيف الله بورمية. وجلسة 17 نوفمبر، إذا كتب لها الانعقاد، ستكون مخصصة لمناقشة ودراسة 6 اقتراحات بقوانين بشأن إعادة جدولة أرصدة قروض المواطنين الاستهلاكية والمقسطة.
فعن أي قروض نتكلم منذ سنوات؟ وكيف بدأ الحديث عن «مشكلة ما»؟ وكم عدد المواطنين المتعثرين عن سداد قروضهم؟ وكيف تفاقمت مشكلتهم؟ وما العوامل التي ساهمت في ذلك؟ ما مسؤولية بنك الكويت المركزي والبنوك المحلية في هذا الشأن؟ وكيف تعاطى «المركزي» مع الملف؟ وما كان دور القطاع المصرفي بذلك؟ كيف اعتمد بعض أعضاء مجلس الأمة التهويل في هذه القضية.. وما أسباب ذلك؟ ما الاقتراحات بقوانين المقدمة حاليا أمام البرلمان وكيف ينظر إليها المختصون؟ هل الحكومة قادرة على الاستمرار بمقاومة الضغوط النيابية في هذا الشأن؟ وهل يعتبر إنشاء صندوق المعسرين اعترافا وزاريا بالمشكلة وما التعديلات المقترحة على هذا الصندوق؟ كيف انقسم مجلس الأمة ومعه الشارع بين رأيين؟ جملة أسئلة تحاول «القبس» الإجابة عنها في الملف التالي:
ما القروض الاستهلاكية والمقسطة؟
وفقا للتعريفات الصادرة عن البنك المركزي إلى البنوك المحلية، فان التسهيلات أو القروض الاستهلاكية هي تلك التي تمنح للعملاء بغرض تمويل شراء احتياجاتهم الشخصية من السلع الاستهلاكية والمعمرة أو لتغطية نفقات التعليم أو العلاج. ويتم تسديد هذه التسهيلات على أقساط شهرية. أما القروض أو التسهيلات المقسطة فهي تمثل التسهيلات الممنوحة للعملاء لاغراض غير تجارية وعلى وجه الخصوص لترميم أو شراء سكن خاص، وضمن حدود لا تتجاوز 70 الف دينار للعميل الواحد. وتسدد هذه القروض على أقساط شهرية من الراتب الشهري أو الدخل الشهري المستمر للعميل.
والقروض الاستهلاكية والمقسطة هي جزء من محفظة القروض الشخصية لدى البنوك المحلية والبالغ حجمها 8.1 مليارات دينار، كما في نهاية سبتمبر 2009. ويبلغ إجمالي القروض المقسطة أو الإسكانية لدى البنوك 4.45 مليارات دينار، كما في سبتمبر 2009، مستحوذة على حصة الأسد والبالغة 55.5% من إجمالي محفظة القروض الشخصية، في حين لا يتعدى حجم القروض الاستهلاكية لدى البنوك الـ620 مليون دينار، لتشكل 7.75% من القروض الشخصية. يُذكر أن هذه القروض الاستهلاكية باتت تضم في طياتها البطاقات الائتمانية أيضا. وهذه القروض هي للأفراد الكويتيين وغير الكويتيين معا. أما الحديث فيدور حول القروض الاستهلاكية والمقسطة للمواطنين فقط.
وقد حصلت «القبس» على أرقام رسمية تشير إلى أن عدد القروض الاستهلاكية والمقسطة الممنوحة من البنوك وشركات الاستثمار للعملاء الكويتيين بلغ 489.38 ألف قرض، كما في 30 سبتمبر 2009، رصيدها 5.15 مليارات دينار. وإجمالي الرصيد يشمل التمويل الاستهلاكي والمقسط (الإسكاني) الممنوح من الجهات الإسلامية (بنوك وشركات استثمار). علما بأن الرصيد من هذه الجهات الإسلامية يشمل العوائد المتبقية حتى تاريخ الاستحقاق.
ما أصل المشكلة ؟
يعتقد بعض النواب أن عددا كبيرا من المواطنين يرزحون تحت وطأة هذا النوع من القروض. لذا دعا هذا البعض منذ عام 2004، لأغراض انتخابية أو غيرها، من أجل إسقاط قروض جميع المواطنين على حد سواء. ولم يأبه هؤلاء بأي إحصاءات تقدمها السلطات النقدية أو التنفيذية تدل على أن عدد المتعثرين قليل جدا. فصحيح أن مشكلة المواطنين المتعثرين موجودة، وقد اعترف بها البنك المركزي والحكومة أيضا، لكنها لا ترقى لأن تكون أزمة بلد برمته. لذا سعى عدد من أعضاء مجلس الأمة إلى تضخيم المشكلة والتهويل عبر التهديد بالاستجوابات حينا وبطرح الثقة ببعض الوزراء أحيانا أخرى. وكانت التصريحات النارية تصب الزيت على النار في الكثير من الأوقات. فقد حل مجلس الأمة مرة بسبب عناد هؤلاء النواب على إسقاط القروض. والجدير ذكره أن عددا من هؤلاء لا يعرفون بالتحديد حجم المشكلة. فالبعض يمزج القروض الاستهلاكية وقروض شراء الأوراق المالية، وآخرون يخلطون بين القروض العقارية والقروض المقسطة، وآخرون يعتبرون أن جميع المواطنين الممنوعين من السفر هم متعثرون عن سداد قروضهم الاستهلاكية والمقسطة. فيختلط الحابل بالنابل وتختلف الأرقام بين نائب وآخر ومن تصريح لآخر.
فآخر أرقام رسمية والخاصة بـ«القبس» تدل على أن عدد القروض الاستهلاكية والمقسطة المتعثرة أو المتخذ بشأنها إجراءات قانونية لا يتعدى 16.33 ألف قرض، كما في 30 سبتمبر 2009، أي 3.3% من إجمالي عدد القروض. ويبلغ رصيدها 128.9 مليون دينار، أي 2.5% من الإجمالي. وهذا الرقم غير مخيف وغير مرعب بتاتا، كما يصفه بعض نواب إسقاط القروض.
وخلال الأعوام الماضية، لم تكن المشكلة ضخمة كما صور البعض. إذ اللافت في قضية القروض الاستهلاكية والمقسطة هو تراجع حجم النوع الأول من القروض خلال الأعوام الماضية مقابل انفجار التسهيلات الاسكانية. فوفق بيانات البنك المركزي، بلغ إجمالي القروض الاستهلاكية لدى البنوك المحلية دون شركات الاستثمار (للمواطنين والمقيمين) ذروته في سبتمبر عام 2005 عندما وصل 779.6 مليون دينار. ثم ما لبث أن بدأ رحلته التنازلية حتى بلغ 611.8 مليون دينار في سبتمبر 2009، أي بنسبة انخفاض 21.5% خلال 5 أعوام.
بينما قفزت القروض المقسطة أو الإسكانية من 1.71 مليار دينار في سبتمبر 2004 إلى 4.44 مليارات دينار في سبتمبر 2009 بنسبة صعود وصلت الى 160% تقريبا في 6 أعوام، والقفزة الكبرى كانت بين عامي 2004 و2005 حين بلغت نسبة الارتفاع 44%.
إذاً، المشكلة تتعلق بالقروض المقسطة أكثر بكثير من نظيرتها الاستهلاكية، خصوصا إذا عرفنا أيضا أن عدد البطاقات الائتمانية الصادرة عن البنوك المحلية قد انخفض من 517 ألفا في يونيو 2007 إلى 437 ألفا في يونيو 2009، أي أن 80 ألف بطاقة تقريبا خرجت من السوق في عامين، بعد ارتفاع غير مسبوق بين يونيو 2005 ويونيو 2007 بلغ 134 ألف بطاقة. وهذه المؤشرات الكلية تزيد الصورة وضوحا عن تقلص حجم القروض الاستهلاكية في الأعوام الماضية، عكس ما يدعي بعض النواب.
إلى ذلك، تشير الأرقام المتوافرة عن عدد المواطنين المقترضين إلى 278 ألف مقترض كويتي كما في نهاية 2007. أي أن عدد المقترضين يعادل نحو 26% من عدد الكويتيين ونحو نصف الراشدين منهم، بما يعني أن نحو ثلاثة أرباع الكويتيين أو نصف الراشدين لم يقترضوا. أما على مستوى المقترضين فهناك تباين شاسع بين معدل القرض الاستهلاكي الذي لا يتعدى 15 ضعف الراتب، والمقسط الذي يبلغ 70 ألف دينار. وحتى ضمن كل شريحة هناك تباين كبير، فالقروض الصغيرة دون الـ 5 آلاف دينار للقروض الاستهلاكية تبلغ 82.2% من إجمالي عدد قروض تلك الشريحة.
وهذه الأرقام تظهر خلاف ما ذكره بعض النواب المروجين لمشروع إسقاط الفوائد وإعادة جدولة الديون، عند قيامهم بتسويقه بدعوى أن 96% من الكويتيين مقترضون.
صراع على كيفية توزيع الثروة
تعتبر قضية إسقاط القروض أو الفوائد عن قروض المواطنين عنوانا جديدا فقط في أزمة قديمة هي الصراع القائم في البلاد على توزيع الثروة. فالكويت دولة غنية بالنفط والغاز، وسوء توزيع ثرواتها خلق ويخلق صراعا بين الطبقات والسياسيين والاقتصاديين وفئات المجتمع. ولو نجحت الحكومة في توفير الحياة الكريمة لكل مواطنيها عبر إنفاق رشيد وناجح وتنويع الاقتصاد وخلق آلاف فرص العمل، لما كان وصل الوضع إلى ما وصل إليه. والصراع على توزيع الثروة قضية شائكة لا مجال للبحث فيها ضمن هذا الملف، لكنها حجر زاوية في أي أزمة تولد في المجتمع. وسيبقى توزيع الثروة خلافا تاريخيا يأخذ صورا مختلفة في كل مرحلة، خصوصا أن هناك اختلافا أيضا في مقاربة القضية بين فئات المجتمع وبين الأجيال الحاضرة والمستقبلة.
زيادة الإنفاق بسبب ضعف الخدمات
عندما يُحكى عن قروض المواطنين، لا بد من التذكير بموضوع مهم، ألا وهو ارتفاع إنفاق الأسر الكويتية على أمور وخدمات كثيرة، كان من المفترض على الدولة توفيرها أو على الأقل تحسين ظروف تقديمها. فنقص المرافق السياحية والترفيه في الداخل خلق نزعة عند المواطنين للسفر والسياحة، كما أن مستويات التعليم والطبابة تراجعت، بدليل طفرة المستشفيات والمستوصفات الخاصة والمدارس والجامعات الخاصة أيضا، مما زاد من إنفاق الأسر ودفع آلاف المواطنين إلى الاقتراض. ومن نافل القول أن تحسين الخدمات العامة يساهم في تخفيف الأعباء عن سلة إنفاق العائلات الكويتية.
أرقـــــام
489.3 ألف قرض استهلاكي ومقسط ممنوحة لعملاء كويتيين
5.15 مليارات دينار رصيد قروض المواطنين على البنوك والشركات
16.33 ألف قرض استهلاكي ومقسط متعثر كما في 30 سبتمبر 2009
3.3% من عدد قروض المواطنين متخذ بشأنها إجراءات قانونية
128.9
مليون دينار رصيد القروض المتعثرة، أي 2.5% من الإجمالي
80 ألف بطاقة ائتمانية خرجت من السوق في آخر عامين
6
اقتراحات بقوانين بشأن إعادة جدولة أرصدة القروض
63 ألف مواطن ممنوعون من السفر بسبب ديون لا تتصل كلها بالاستهلاكية والمقسطة
780 مليون دينار الحد الأدنى لتكلفة إسقاط فوائد القروض
26.5 ألف مخالفة لشروط الإقراض تمت معالجتها بقيمة 80 مليون دينار
إسقاط فوائد القروض» عنوان آخر لأزمة سوء توزيع الثروة
الأزمة المالية لم تزد نسبة المتعثرين.. فقيود «المركزي» الائتمانية باتت شديدة للغاية فشل الحكومة في حل الملف الإسكاني فاقم قروض المواطنين
كيف تدحرجت كرة الثلج؟
إذا كان عدد المقترضين المتعثرين قليلا، فلماذا طالب إذاً أكثر من نائب بإنقاذ هذه الشريحة؟ صحيح أن عدد المواطنين المتعثرين قليل، وأن أغلب المقترضين منتظمو السداد، لكن هذا لا ينفي أن آلاف من الكويتيين يرزحون تحت الأقساط الشهرية، مما دفع بممثليهم في مجلس الأمة للدعوة إلى مساعدتهم. ولتفشي ثقافة الاقتراض عوامل عدة، منها:
1 - النزعة نحو الاستهلاك المفرط
بفضل ارتفاع دخل الفرد في الأعوام الستة الماضية، استفحلت ظاهرة الاستهلاك لدى المواطنين. فحسب دراسة صدرت عن وزارة التخطيط في أغسطس عام 2004، سجل متوسط الإنفاق الشهري للاسرة الكويتية نموا سنويا اربعة أضعاف رقم الدول المتقدمة، مما رفع معه أرصدة القروض الاستهلاكية. هذه الأرصدة التي قفزت 226% بين عامي 1989 و2003، لتشكل مؤشرا خطيرا في تلك الفترة. وقد نصح حينها وزير الصحة د. محمد الجارالله، والذي كان رئيس الفريق الوزاري لتغيير النمط الاستهلاكي، البنك المركزي بالتشدد في قيود منح الوحدات المالية للقروض الاستهلاكية. لكن عادات وانماط الصرف لشريحة كبيرة من الاسر الكويتية لم تتغير. فالسيارة آخر «كشخة» باتت ضرورة، والساعات والعطورات والموبايلات الفاخرة لم تعد من الكماليات، والاقتراض للسياحة والسفر بات قاعدة، مما أثقل ويثقل جيب المواطن.
2 - ثقافة البيت - الفيللا
لعل أبرز مشكلة ساهمت في تفاقم حجم القروض على المواطنين هي قضية الإسكان. فكما أسلفنا أن القروض الاسكانية لدى البنوك المحلية نمت 160% في 6 أعوام. فمع الغلاء الفاحش في أسعار العقار السكني، يصعب شراء بيت متوسط قابل للسكن دون 220 ألف دينار ولا تأجير شقة بأقل من 300 دينار. وبالطبع فان هذه الاسعار بالمقاييس العالمية تعد باهظة. وهنا تظهر مشكلة الحكومة القاصرة عن توفير منزل للمواطن، من خلال تباطؤ طرح المناطق والمدن الجديدة إلى جانب الضعف المزمن في خدمات المناطق التي انشئت منذ 10 أو 15 عاما. فصحيح ان الحكومة تعطي المواطن قرضا ميسرا قيمته 70 ألف دينار غير أن الفارق بين القرض وأسعار السوق يتجاوز 200% دون حساب الاكلاف اللاحقة في التأثيث والتعديلات على المنزل. فهذه التزامات تشكل خللا في سلة المواطن لنحو 15 الى 20 عاما على الاقل. ومما يزيد الطين بلة النزعة لدى المواطن الذي ما عاد يقبل بمنزل عادي بل بفيللا آخر طراز. اذاً، تعتبر أزمة الاسكان والفشل الحكومي في حلها بيت القصيد في أزمة قروض المواطنين، خصوصا اذا عرفنا أن 80 ألف طلب اسكان موجودة في درج الحكومة لم تلبَّ بعد.
كما ساهم ارتفاع أسعار مواد البناء في الأعوام الثلاثة الماضية في تفاقم قضية الاقتراض اذ ارتفعت هذه الأسعار بين 50% و250% عالميا ومحليا، مما زاد الطين بلة على المواطن الراغب في بناء بيت العمر. فلا مجال لتخفيف عبء القروض من دون تعجيل مشاريع المدن وتوزيع البيوت.
3 - المقامرة في البورصة
ثمة أرباب أسر أخذهم الحماس المفرط خلال الأعوام القليلة الماضية للاقتراض بهدف دخول البورصة وتحقيق الثراء السريع، على قاعدة «مثلنا مثل غيرنا». فاتجه هؤلاء الى البنوك وتحمل القروض لعل وعسى أن يصيب سهما ربح ألفا أو أكثر، وبالتالي «يطلع القرض ببلاش». ولطالما سمعنا أشخاصا رهنوا منازلهم من أجل قروض الأسهم، واستخدموا أموال زوجاتهم لذلك أيضا. فالقروض الشخصية التي منحتها البنوك الكويتية لشراء الأوراق المالية قفزت من 850 مليون دينار في سبتمبر 2004 الى 2.75 مليار دينار في سبتمبر 2009 أي بنسبة ارتفاع بلغت 224% تقريبا. أضف الى ذلك مئات ملايين الدنانير التي تسربت من القروض الاستهلاكية والمقسطة الى قاعة التداول. وهذه الظاهرة المخيفة فاقمت مشكلة القروض، خصوصا أن حقيقة السوق المرة جعلت العديد من هؤلاء يضرب اخماسا في اسداس، اذ تدهور الوضع، وكلما تدهورت الاسهم الى القاع ظهر قاع جديد وانتقل المقترضون من سيئ الى أسوأ.
4 - دور البنوك
من دون شك، لعبت بعض البنوك وشركات التمويل دورا سلبيا من خلال عملية تسويق القروض للمواطنين عبر اغراءات وجوائز وسحوبات، في حين أن البنوك في الدول الكبرى التي يزيد فيها دخل الفرد عن دخل الكويتي نجد فيها حملات وبرامج للادخار لجميع مستويات الدخل والأعمار. لكن المصرفيين يدافعون عن سياستهم هذه عندما يقولون ان لا فرص متاحة للعمل في الكويت غير القروض الاستهلاكية والعقار والأسهم. فالبلاد شبه مغلقة أمام المشاريع والبزنس الأجنبي التي قد تخلق فرصا أوسع وأضمن للتمويل. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تبلغ قروض القطاع النفطي 194 مليون دينار فقط من اصل 24 مليار دينار قيمة المحفظة الائتمانية لدى البنوك المحلية، علما أن الكويت بلد نفطي. وضيق الفرص هذا دفع بالمصارف الى المنافسة الشرسة على المقترضين الاستهلاكيين. مما دفع ببعض الوحدات المصرفية الى ارتكاب مخالفات لتعليمات البنك المركزي بهدف جذب العميل. فعلى سبيل المثال، كانت بعض المصارف تطلب من العميل أوراقا ثبوتية لدخل شهري غير الراتب لتزيد من حجم قروضه. وقد تعدت آلاف الحالات الاستقطاع الشهري المسموح به من قبل المركزي وهو 50% من الراتب، كما ارتفعت سنوات التقسيط لتتخطى مدة الـ15 سنة المسموح بها، وقد وصلت في بعض الحالات الى 22 سنة.
5 - الزيادات المتتالية في سعر الفائدة
بين يوليو 2004 ويوليو 2006، رفع المركزي أسعار الفائدة 11 مرة متتالية (5 مرات في 2004 و5 مرات في 2005 ومرة في 2006)، ليقفز سعر الخصم من 3.25% الى 6.25% في عامين فقط. جاء هذا الارتفاع القاسي بعد طفرة في الائتمان بين 2003 و2004 مما فاقم مشكلة القروض الموجودة والقروض الجديدة. علما أن المركزي كان حدد هامش ربحية البنوك عند 4% فوق سعر الخصم، قبل تخفيضه أخيرا الى 3%. اذاً، كانت فائدة القروض المقسطة، أي الضخمة، تخطت الـ10% مما زاد الطين بلة، وزاد من مخالفات شروط الاقراض طبعا، اذ وجدت البنوك نفسها أمام معضلة رفع القسط الشهري على المقترض لأكثر من 50% من الراتب أم تمديد فترة التقسيط لأكثر من 15 سنة.
6 - التضخم وارتفاع أسعار السلع
واجهت الكويت في الأعوام القليلة الماضية معدلات تضخم من الأعلى في تاريخها. وهذا التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار النفط والطلب المحلي وغلاء السلع العالمية بلغ ذروته في عامي 2007 و2008 عندما تخطى 10%، في حين ما زال مستقرا عند 6% في 2009. وهو كان النقطة التي جعلت كأس الديون تطفح على المجتمع، فالشخص الذي يدفع مقدما نصف راتبه لالتزامات أقساط وقروض سكنية واستهلاكية، من الطبيعي ان يصبح في مهب ريح الأسعار.
7 - الحكومة الراعية ودورها السلبي
تسيطر الدولة على معظم الانشطة الاقتصادية، وتعتمد أغلب القطاعات على الانفاق الحكومي. كما أن أكثر من 90% من اليد العاملة الكويتية موظفة في المؤسسات الرسمية. مما خلق مفهوم الدولة الراعية. اضف الى ذلك أن الدولة تدعم أسعار سلع وخدمات اساسية جدا كالكهرباء والماء والهاتف المنزلي والادوية والتعليم والبنزين. وهذا التوجه خلق مجتمعا في أغلبه اتكالي مؤمن بمبدأ «اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب».
جملة هذه العوامل وغيرها ساهمت في تحميل المواطن عبء القروض.. ولكن!
أزمة الديون.. عالمية
لا بد من التذكير بأن أزمة الديون هي أزمة عالمية، وكانت اساس انفجار الأزمة المالية العالمية الأخيرة. فلولا انفجار فقاعة القروض الإسكانية في الولايات المتحدة، لكان الوضع مختلفا اليوم. لذا من المفيد النظر إلى تجربة الدول المتقدمة التي لم تشطب ديون مواطنيها بل لجأت الى معالجات عامة أو موضعية ساهمت في إنقاذ من يفترض إنقاذه.
أين نحن اليوم؟
لم يستسلم نواب اسقاط القروض يوما. وآخر «تقليعة» كانت مطالبتهم عبر اقتراحات بقوانين باسقاط الفوائد عن قروض المواطنين الاستهلاكية والمقسطة واعادة جدولة ديونهم. وتتضمن هذه الاقتراحات بقوانين أمورا غير منطقية (نتناولها في مكان آخر من الملف). لكن من المفيد هنا تحديد البوصلة في هذا الملف الشائك أبدا. الحكومة ترفض رفضا قاطعا أي قانون يعالج المشكلة من خارج سياق صندوق المعسرين. وللعلم، أظهرت احصائية حصلت عليها «القبس» أن 12.4 ألف مواطن مقترض متعثر حجم قروضهم يبلغ 521.2 مليون دينار تقدموا للاستفادة من الصندوق. وحتى 29 أكتوبر 2009، وافقت لجان التسويات على طلبات 6.9 آلاف مقترض حجم مديونياتهم 263.5 مليون دينار. ولم يوثق منهم عقودهم في وزارة العدل سوى 3.3 آلاف مواطن، ديونهم 149.1 مليون دينار. وقد وصل المبلغ المستخدم من رأسمال الصندوق 80.3 مليون دينار لمعالجة هذه القروض الموثقة. وتفيد أوساط لجان التسويات بأن الاقبال على توثيق العقود في وزارة العدل (الخطوة الأخيرة قبل الحصول على مساعدة الصندوق) تباطأ في الفترة الأخيرة بسبب تجدد مطالبة النواب باسقاط فوائد الديون. وقد قدرت مصادر رسمية تكلفة اسقاط الفوائد بـ780 مليون دينار. وتطمئن الأوساط المصرفية اليوم على أوضاع القروض الاستهلاكية والمقسطة، خصوصا أن نسبة التعثر فيها لا يتعدى الـ3.3%. وقد سعى بنك الكويت المركزي الى معالجة 26.5 ألف مخالفة لشروط الاقراض بقيمة 80 مليون دينار. كما وضع قيودا متشددة على الائتمان الاستهلاكي والمقسط، مما خفف بشدة من وتيرة نموه. وتعترف البنوك اليوم بصعوبة الاقراض وفق الشروط الجديدة والرقابة المتشدة من قبل المركزي، وتقول أن الأزمة المالية الحالية لم تساهم بأي شكل من الأشكال في زيادة تعثر هذا النوع من القروض. فالرقم الذي كشفت عنه أخيرا الادارة العامة لتنفيذ الأحكام حول أن 63 ألف مواطن ممنوعون من السفر بسبب الديون، لا يتعلق كله بديون استهلاكية ومقسطة. فالمشكلة أبعد من ذلك. لعل وعسى هذه الدعوات لاسقاط القروض لا تعاقب القطاع الأكثر نجاحا في الاقتصاد المحلي، وعمله الرئيسي هو «الاقراض»، أي القطاع المصرفي والمالي المصنف كأبرز قطاع كفاءة في المنطقة، والذي يوظف 60% من عمالته المنتجة من المواطنين، بحكم القانون، ما يجعله ثاني أكبر موظف للعمالة الوطنية بعد الحكومة. كما أن هذه الدعوات هي معاقبة وتخريب لاحدى أنجح المؤسسات في الكويت وعلى مستوى الاقليم، أي بنك الكويت المركزي، وهي تدخل سافر ومحظور في شؤون السياسة النقدية واستهلاك لأصل، تحت مسمى فوائض الدولة.
كرونولوجيا
ماذا حصل بين 2004 تاريخ انطلاق مطالبة عدد من النواب بإسقاط القروض الاستهلاكية والمقسطة عن المواطنين وحتى اليوم؟ ما المكاسب التي حققها النواب من الحكومة مقابل مطالبهم الشعبية؟
2004
2004-بداية مطالبة بعض النواب بإسقاط القروض الاستهلاكية والمقسطة عن كاهل المواطنين.
2005
2005-27 يونيو: اسقاط مبلغ ألفي دينار من فواتير الكهرباء والماء المترتبة على المواطنين وايداع المبلغ نفسه في رصيد من سدد فواتيره بانتظام.
2006
2006-14 يناير: وفاة الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح.
29 يناير: إسناد الإمارة إلى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
9 فبراير: تشكيل الحكومة الأولى لناصر المحمد.
21 مايو: حل مجلس الأمة بسبب تشتت الرأي وعدم التعاون بين السلطتين.
29 يونيو: انتخابات مجلس الأمة.
1 يوليو: استقالة الحكومة بسبب انتخابات الفصل التشريعي الحادي عشر لمجلس الأمة.
7 يوليو: تشكيل الحكومة الثانية برئاسة المحمد.
24 يوليو: 200 دينار منحة أميرية لكل مواطن.
2007
2007-28 يناير: الشيخ الشيخ سالم العلي يتبرع بمبلغ 100 مليون دينار للكويتيين المحتاجين وأسر الشهداء.
2 فبراير: مجلس الامة يقر مكافأة بـ100 دينار لطلاب وطالبات جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي.
4 مارس: استقالة الحكومة بسبب عدم التعاون من قبل مجلس الأمة.
25 مارس: تشكيل الحكومة الثالثة لناصر المحمد.
12 أكتوبر: استقالة الحكومة.
28 أكتوبر: تعديل وزاري.
5 ديسمبر: مجلس الأمة يقر خمسين دينارا علاوة اجتماعية لموظفي الدولة. والحكومة تطرح على مجلس الأمة مشروع قانون بإنشاء صندوق المعسرين برأسمال 300 مليون دينار.
2008
2008-21 فبراير: زيادة رواتب الكويتيين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص. والمتقاعدين والمستفيدين من المساعدات الحكومية بواقع 120 دينارا للكويتيين، ونصفها للموظفين الوافدين العاملين في الحكومة، تضاف كعلاوة غلاء معيشة اعتبارا من مارس.
17 مارس: استقالة الحكومة بسبب عدم التعاون من قبل مجلس الأمة.
19 مارس: حل مجلس الأمة بسبب تقديم استجواب لرئيس الوزراء.
17 مايو: انتخابات مجلس الأمة.
28 مايو: تشكيل الحكومة الرابعة لناصر المحمد.
25 يونيو: إصدار القانون 28 عام 2008 لإنشاء صندوق المعسرين برأسمال 500 مليون دينار.
23 يوليو: زيادة الدعم الحكومي على السلع الاساسية مثل حليب الأطفال والطحين والصلب والإسمنت.
8 أغسطس: زيادة المواد وتجويدها في البطاقة التموينية.
25 نوفمبر: استقالة الحكومة بسبب طلب استجواب رئيس الوزراء.
2009
2009-12 يناير: تشكيل الحكومة الخامسة لناصر المحمد.
16 مارس: استقالة الحكومة.
18 مارس: حل مجلس الأمة بسبب تقديم 3 استجوابات لرئيس الوزراء خلال 10 أيام.
16 مايو: انتخابات مجلس الأمة.
30 مايو: تشكيل الحكومة السادسة لناصر المحمد.
يونيو: تقديم 6 اقتراحات بقوانين لإسقاط الفوائد وإعادة جدولة قروض المواطنين الاستهلاكية والمقسطة.
أغسطس: بدء الحديث عن تعديلات مطروحة من الحكومة على صندوق المعسرين.
15 سبتمبر: تخصيص 684 سهما لكل مواطن من أسهم بنك وربة وذلك للمواطنين المسجلين في سجل الهيئة العامة للمعلومات المدنية.
اتّبعوا مع الحكومة سياسة «خذ وطالب».. فنجحوا في مفاصل كثيرة نواب إسقاط القروض ونظرية «الدولة بقرة حلوب»
منذ بداية عام 2004 ونواب اسقاط القروض يسعون لتنفيذ مخططهم من خلال الضغط على الحكومة عبر وسائل مختلفة. بالمطلق، فشل هؤلاء في دفع الدولة لاسقاط القروض، لكنهم نجحوا في تسجيل نقاط عدة في هذا الصدد. وأبرز هذه النقاط كانت اسقاط ألفي دينار من فواتير الكهرباء والماء عن المواطنين ورفع الدعم لعدد كبير من السلع وزيادة رواتب موظفي الدولة وتعزيز بعض الكوادر وتوزيع المنح، بالاضافة الى انشاء صندوق المعسرين برأسمال 500 مليون دينار بدل 300 مليون، والسعي يدور اليوم لزيادته الى مليار دينار.
لكن هل استسلم نواب اسقاط القروض؟ بالطبع، لا. فسياستهم التي تعتمد على مقولة «خذ وطالب» أثبتت نجاحها حتى الساعة مع حكومات متعاقبة أذعنت لمطالبهم، ولو على مضض.
4 أعوام ونيف، وما زال بعض النواب يرددون النغمة نفسها لاسقاط القروض. فهم جعلوها شعار حملتهم الانتخابية في آخر 3 انتخابات نيابية. وقد اعتمد هؤلاء على تكتيكات مختلفة لتحقيق المكاسب أو تسجيل النقاط آنفة الذكر. فمنهم من نظم حملات اعلامية وبرلمانية وشعبية. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، توزيع النائب ضيف الله بورمية في احدى الحملات 50 ألف بروشور في جميع مناطق الكويت تطالب باسقاط الديون عن المواطنين، وتحثهم على حضور ندوات في هذا الشأن. ومن أبرز التكتيكات أيضا:
• جمع تواقيع النواب على طلب عقد جلسة لمناقشة اسقاط ديون المواطنين المستحقة على الدولة.
• المطالبة باسقاط 50% من قرض الرعاية السكنية التي صرفت لكل مواطن مستحق للرعاية السكنية.
• اقتراح قوانين مثل صرف ألف دينار لكل مواطن سواء كان مدينا أو غير مدين.
• انشاء محفظة مالية بمبلغ 200 مليون دينار لمساعدة المقترضين الكويتيين المتعثرين.
• محاولة مقايضة مشروع قانون الاستقرار المالي باعادة جدولة ديون المواطنين.
هذه التكتيكات أفلح بعضها، لكن بعضها الآخر لم يُكتب له النجاح. وآخر الاستراتيجيات المطروحة على طاولة البحث اليوم تتمثل في اقتراحات بقوانين لاعادة جدولة ديون المواطنين بعد اسقاط الفوائد عنها. وقد طلب بعض أعضاء مجلس الأمة جلسة خاصة في 17 نوفمبر المقبل لمناقشة هذه الاقتراحات. لكن على ماذا تنص هذه القوانين المقترحة؟
6 اقتراحات بقوانين
بعد أن سُحب من التداول عدد كبير من اقتراحات بقوانين لاسقاط القروض، قدم عدد من النواب 6 اقتراحات بقوانين الى رئاسة مجلس الأمة تحمل عنوان «اعادة جدولة ديون المواطنين من دون فوائد». الاقتراح الأول قدمه كل من أعضاء مجلس الأمة أحمد السعدون ومسلم البراك ود.حسن جوهر والصيفي الصيفي وخالد الطاحوس في 2 يونيو الماضي، وقد أحيل الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية مع اعطائه صفة الاستعجال. أما الاقتراح الثاني فقد تقدم به كل من النواب مبارك الوعلان وسعد العازمي وسالم العازمي وشعيب المويزري والنائب السابق د. بادي الدوسري في 9 يونيو الماضي. وقد مُنح صفة الاستعجال أيضا. يذكر أن القانونين شبيهان، ان لم نقل انهما نسخة طبق الأصل، ويتألفان من 7 مواد يضاف اليها المذكرة الايضاحية.
وينص القانونان على أن «تقوم البنوك وشركات الاستثمار الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي باعادة جدولة أرصدة القروض الاستهلاكية والقروض المقسطة المستحقة على المواطنين الكويتيين (..) بما لا يزيد على 70 ألف دينار لكل مقترض، بعد اسقاط كل الفوائد والعوائد عنها، وبعد استبعاد المخصصات المتوافرة مقابل رصيد كل قرض لدى الجهات الدائنة»، و«تتحمل الدولة كل الفوائد والعوائد (..)، ويقسط رصيد القرض على المواطن المدين على أقساط شهرية متساوية وبقسط لا يتجاوز 30% من الدخل الشهري لكل مدين، مستبعدة منه ما عليه من التزامات شهرية». ويلزم القانون البنوك وشركات الاستثمار في المستقبل بعدم استقطاع أكثر من 30% من راتب المدين، و«تعاقب أي جهة تقدم قرضا بمخالفة ذلك بغرامة تعادل ضعف القرض». كما «لا يجوز اتخاذ أي اجراءات قضائية جزائية أو المنع من السفر بحق أي عميل متعثر بعد العمل بهذا القانون». وينص القانون أيضا على أن «تصرف الدولة منحة مقدارها ألف دينار لكل كويتي» غير مدين.
وفي قراءة سريعة لهذا الاقتراح بقانون، يمكن الاستنتاج أنه يسعى لتحقيق العدالة بين المواطنين المدينين وغير المدينين، لكنه يحمّل خزينة الدولة عبء فوائد القروض في البنوك التقليدية والعوائد عليها في الوحدات الاسلامية، كما يحمّل المصارف عبء المخصصات التي جنبتها مقابل هذا النوع من القروض المتعثرة. وفي سياق آخر، يتدخل القانون في السياسة النقدية والرقابية التي يحددها عادة بنك الكويت المركزي وفق الظروف والمعطيات المتغيرة، عندما يمنع في المستقبل استقطاع الجهات الدائنة أكثر من 30% من راتب المدين، ويحرمها أيضا من حقها القانوني في مقاضاة ومنع سفر المتعثرين. وهذا يعتبر تدخلا غير حميد. فحتى لو كان هدف القانون حل مشكلة ديون المواطنين عبر اعادة جدولتها، فإنه حمل في طياته بعض الأخطاء الفنية المذكورة سابقا.
النفس الإسلامي
وبالانتقال الى الاقتراح بقانون قدمه النائب سعدون العتيبي في 3 يونيو 2009، يظهر أنه شبيه أيضا - ان لم نقل نسخة طبق الأصل - عن اقتراحين تقدم بهما النائب د.ضيف الله بورمية في 9 يونيو الماضي والنائب صالح عاشور في 17 يونيو. وينص القانون، المؤلف من 11 مادة ومذكرة ايضاحية، على أن «تقوم الحكومة بشراء ما تبقى من أصل القروض الاستهلاكية والمقسطة المستحقة على المواطنين (..) ولا تزيد قيمتها على 70 ألف دينار وأخذت بضمان الراتب وتسدد منه. وتسقط الأرباح والفوائد المترتبة على هذه القروض»، ثم «تقوم الحكومة باعادة جدولة ما دفعته من أصل تلك القروض على المواطنين من دون فوائد على فترة لا تزيد على 15 عاما، وبأقساط شهرية لا تزيد على 25% من الراتب».
غير أن اللافت في الاقتراح هو النفس الاسلامي المسيطر، اذ تفيد المادة الثالثة بأنه «يحظر اعطاء المواطنين أي نوع من أنواع القروض الربوية، ويجوز اعطاؤهم قروضا استهلاكية تتفق مع أحكام الشريعة الاسلامية»، في حين تقول المادة الرابعة: «يسمح لجميع البنوك العاملة بدولة الكويت بالتحول كليا للعمل بالنظام الاسلامي، أو فتح فروع لها أو تأسيس شركات مستقلة تتعامل مع الائتمان وباقراض المواطنين وفق أحكام الشريعة الاسلامية». وهذا الاقتراح ينسف الكثير من القوانين المالية والمصرفية في البلاد، ويطرح علامات استفهام عدة، بعضها دستوري وبعضها اخلاقي. لذا يبدو من الصعب جدا الموافقة عليه في مجلس الأمة أو حتى لجانه. وليزيد الطين بلة يقترح القانون أن «تتعهد الحكومة باعادة تعيين المواطنين الذين فصلوا من أعمالهم لتعثرهم عن سداد مديونيتهم». ويبرر النواب الثلاثة اقتراحهم لهذا القانون «الأعرج» بفشل صندوق المعسرين. ويقولون في هذا الصدد: «لعل أكبر دليل على ذلك (أي فشل الصندوق) أن عدد من تقدم للاستفادة من هذا الصندوق لا يجاوز 8 آلاف مقترض في حين أن عدد المقترضين تجاوز 275 ألف مواطن باعتراف الحكومة». لكن يبدو أنهم نسوا أن ليس جميع المواطنين المقترضين متعثرين!
أما الاقتراح بقانون السادس والأخير فتقدم به كل من أعضاء مجلس الأمة خالد سلطان بن عيسى ومحمد المطير ود.علي العمير ومخلد العازمي وشعيب المويزري في 11 يونيو الماضي ويضم 9 مواد ومذكرة ايضاحية. وهو القانون الوحيد المقترح، الذي لا يلغي قانون صندوق المعسرين، وينص على أن «تقوم البنوك وشركات التمويل الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي بجدولة القروض الاستهلاكية للمواطنين في تاريخ 31-5-2009، وتسدد على 12 سنة على أن يبدأ السداد في بداية السنة الثالثة بعد سنتي سماح، وعلى دفعات شهرية لما تبقى من أصل الدين ومن دون فوائد، نظير ما تم إيداعه من مبالغ نقدية من قبل الهيئة العامة للاستثمار ومؤسسة البترول الوطنية ومؤسسة التأمينات الاجتماعية». و «لا يحتسب لودائع المؤسسات الحكومية أي فوائد وتقوم الدولة بتعويض الأرباح المفقودة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية في نهاية كل سنة مالية». والنقطة الأخيرة هذه تعتبر غير منطقية، لأنها تحمّل خزينة الدولة عبئا آخر، لم تتحمله خزينة أي دولة في العالم. واللافت في القانون أيضا حظر منح القروض مستقبلا بفوائد، لأنه وفق المذكرة الإيضاحية تعتبر الفوائد الربوية سبب معاناة المواطنين. وهذا مردود عليه أصلا.
مما تقدم، يمكن وصف هذه الاقتراحات بقوانين إما بـ «العرجاء» أو «غير المنطقية». فهي تثير كثيرا من الانتقادات وتحمل في طياتها عديدا من التأويلات.
رفض البدائل
إلى ذلك، يرفض نواب إسقاط القروض أو إسقاط فوائد القروض أي بدائل أخرى لمشاريعهم، مما قد أدى ويؤدي وسيؤدي إلى توتير العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. هم الذين رفضوا قانون المعسرين واعتبروه فاشلا بكل المقاييس. حتى أن سياستهم «خذ وطالب» تدوم وتدوم وتدوم. فها هي الحكومة تمنح لكل مواطن أسهما مجانية في بنك وربة المزمع تأسيسه، والتي تبلغ قيمتها 68 دينارا تقريبا لكل فرد. لكن يبدو أن لا شيء يشفع بخزينة الدولة.
وقد اعتمد هؤلاء النواب أساليب التهويل لتضخيم مشكلة القروض، وكأنها حجر عثرة انطلاق التنمية في البلاد. وأخذوا منها قميص عثمان لـ «رش» الاستجوابات على الوزراء المعنيين. ولم ينفع حل المجلس 3 مرات معهم، ولم يستسلموا أمام رفض اللجان التشريعية والمالية لاقتراحات قوانينهم، بل تابعوا مسيرة مطالبهم غير آبهين بأي تبرير، منطقيا كان أو غير منطقي.
نواب معارضون
في المقلب الآخر، يرفض عدد لا بأس به من النواب حتى الحديث عن إسقاط القروض. ويصوّب نواب إسقاط القروض سهامهم على هؤلاء ويصفونهم بنواب الحكومة. فلطالما شكلوا سدا منيعا أمام الاقتراحات المتعلقة بإسقاط وجدولة ديون المواطنين. فعلى سبيل المثال لا الحصر، رفضت لجنة الشؤون المالية البرلمانية في 17 ديسمبر عام 2006 اقتراحات لاسقاط الديون، وساقت جملة مبررات لذلك، أبرزها:
1ــ سوف يترتب على اسقاط الديون إخلال واضح بمبدأ العدالة والمساواة.
2ــ ان التفرقة بين المواطنين ليست بالحجم اليسير الذي يمكن التغاضي عنه، حيث ان ارصدة القروض والديون على بعض الافراد تصل الى عشرات الالاف من الدنانير لكل منهم، ولذلك فان تكلفة الاسقاط طبقا للاقتراحات المقدمة تبلغ اكثر من 8 مليارات دينار، فكيف يتم توزيع هذا القدر الكبير من اموال الشعب الكويتي على فئة من المواطنين دون غيرهم.
3ــ يترتب على اسقاط القروض الاستهلاكية والمقسطة المقدمة من وحدات الجهاز المصرفي والمالي للمواطنين عدم المساواة مع المواطنين ممن عليهم قروض لجهات غير خاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي مثل الالتزامات القائمة على بعض المواطنين تجاه شركات السيارات وبيع الاجهزة الكهربائية والاثاث وغيرها.
4ــ غياب المبررات التي تستوجب اسقاط القروض الاستهلاكية والمقسطة عن كثير من المقترضين في ظل انتظام سدادهم تلك القروض، حيث ان حالات التعثر في سداد هذه النوعية من القروض تعتبر محدودة.
5ــ اسقاط القروض سوف يساعد على تشجيع النزعة الاستهلاكية في الكويت على حساب التوجه الى الاقتصاد والادخار.
6ــ سوف يترتب عليه فتح شهية بعض المواطنين للاقتراض من جديد، وسوف يثقل كاهل المواطنين بأعباء القروض الجديدة مرة اخرى، وبالتالي تصبح عملية اسقاط القروض كل فترة زمنية حقا مكتسبا يصعب التنازل عنه مستقبلا، وتصبح الحكومة في منزلة الكفيل الضمني للمقترض.
7 - من ابرز مبررات المطالبة باسقاط القروض التي استند اليها مقدمو الاقتراحات تتمثل في توافر الفوائض المالية. ومن الحصافة استخدام هذه الفوائض في اوجه الاستثمار لزيادة الناتج المحلي واصلاح البنية التحتية المتهالكة وتطوير التعليم والنهوض بالخدمات الصحية وخلق فرص عمل لنحو 14 الف كويتي سنويا وحل المشكلة الاسكانية، حيث ان معدل الاستثمار في الكويت من الناتج المحلي يبلغ ما نسبته 9% فقط بينما يرتفع معدل الاستثمار في بعض دول الخليج الى 23%.
8 - من ابرز مبررات المطالبة باسقاط القروض أيضا الزيادة الكبيرة في الاسعار التي اثقلت كاهل المواطنين بالاعباء الاقتصادية. والواقع ان اسقاط القروض لن يؤدي الى تغيير ذلك، بل على العكس سوف يؤدي الى ارتفاع كبير في الاسعار تصعب السيطرة عليه من قبل السلطات المعنية بالسياسة النقدية في البلاد.
9 - من ابرز مبررات المطالبة باسقاط القروض أيضا ارتفاع معدل الفائدة الذي تتقاضاه البنوك نتيجة للاقتراض مما يثقل كاهل المواطنين، وفي الحقيقة سوف يترتب على اسقاط القروض ارتفاع الاسعار وزيادة الانفاق مما سيؤدي بطريقة مباشرة او غير مباشرة الى ارتفاع معدلات الفائدة كأداة من الأدوات التي يلجأ اليها البنك المركزي لمواجهة هذا الوضع.
10 - اسقاط القروض سيؤدي الى انحدار في تقييم المؤسسات الدولية لجدارة الوضع المالي للكويت من حيث تبني الحكومة لاجراءات غير مدروسة مؤداها التسيب المالي من قبل الجهات المانحة للقروض والمواطنين طالبي الاقتراض، كما يترتب على ذلك التأثير سلبا على تقييم الجدارة الائتمانية للنظام المصرفي والمالي.
11 - اسقاط الديون يكرس مبادئ السلبية وعدم الالتزام بالقوانين واللوائح والقرارات السارية لدى المجتمع الكويتي، حيث يترتب عليها مكافأة المتقاعسين عن السداد ومخالفي القوانين واللوائح والقرارات السارية ومعاقبة الملتزمين بالسداد.
12 - سيعكس اسقاط القروض انطباعا ما بأن القوانين غير مستقرة في البلاد وان عدم الالتزام بالقوانين سيؤدي حتما الى تغييرها مما سيؤثر سلبا على كل القطاعات الاخرى في البلاد.
فالى من ستميل كفة ميزان مجلس الأمة، الى نواب اسقاط القروض أو فوائدها أم الى النواب «الحكوميين»؟ إن غدا لناظره قريب.
قرض الغانم الحسن
قدم النائب مرزوق الغانم في منتصف عام 2007 اقتراحا بقانون يمنح كل مواطن أتم 21 سنة قرضا حسنا بمبلغ 10 آلاف دينار تسدد على مدى 200 شهر، ولمن هو دون 21 سنة يمنح مبلغ 1000 دينار. وأشار إلى ان تخصيص هذا المبلغ أتى بعد دراسة تعكس مدى استفادة أكبر شريحة ممكنة من المواطنين، وهم 75 % من المقترضين بأدنى كلفة على المال العام، حيث لن تتعدى التكلفة 1.5 مليار دينار. لكن لم يكتب للاقتراح النجاح.
لماذا تفاقمت مشكلة القروض برأي عاشور؟
حدد النائب صالح عاشور في أحد تصريحاته 7 أسباب لتفاقم مشكلة القروض، وهي:
1- أخذ فائدة اكثر من اصل القرض
2- استقطاع اكثر من 50 % من الراتب
3- اعطاء قروض اكثر من 15 ضعفا للراتب
4- دمج راتب الزوج والزوجة لاخذ قرض مرتفع
5- تشجيع البنوك على اعطاء القروض بغياب الرقابة عليها
6- عدم تشجيع المواطنين على الادخار
7- ارتباط الدينار بسلة العملات والدولار
صندوق المعسرين.. اعتراف حكومي بالمشكلة
الحكومة تدعم سلعا وخدمات عديدة وتقدم قروضا ميسرة
يبدو موقف الحكومة من إسقاط القروض، كغيره من المواقف، قابلا للتغيّر على وقع الضغوط النيابية. فمنذ اندلاع شرارة مطالب بعض أعضاء مجلس الأمة بإسقاط القروض الاستهلاكية والمقسطة عن كاهل عدد من المواطنين بداية 2004، والحكومات المتعاقبة ترفض المبدأ «جملة وتفصيلا»، على حد تعبير أكثر من وزير. لكن يبدو أن تبدل المواقف رأسا على عقب بات قاعدة في حكومات الكويت، وليس استثناء. فبعد 3 سنوات من الشد والجذب بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، اعترف أخيرا مجلس الوزراء بظاهرة نمو عدد المواطنين أصحاب القروض المتعثرة، وأذعن لمطالب نيابية من أجل حل مشكلتهم، ولو على مضض.
فلطالما تغنت الحكومات المتعاقبة ووزراء ماليتها بأن نسبة المتعثرين من المواطنين المقترضين لا تتعدى الـ 2% من إجمالي المقترضين. لكن التوتر الدائم في العلاقة بين السلطتين فعل فعله، واستطاع نواب إسقاط القروض تسجيل نقاط لحسابهم بعد إصدار القانون 28 لعام 2008 وهو لإنشاء صندوق المعسرين.
ذكر أنه بموجب هذا القانون، يحق لكل مواطن من الاشخاص الطبيعيين المتعثرين في تسديد المديونية المستحقة عليه في صورة قروض استهلاكية ومقسطة، جدولة المديونية المتعثرة والاستفادة من قرض الصندوق، اذا كان هذا العميل قد اثقل بأعباء والتزامات شهرية ترتبت عليه لأي جهة، وبما يؤدي الى زيادة التزاماته الشهرية على نسبة 50% من دخله الشهري. والقرض الذي سيحصل عليه العميل من الصندوق من أجل جدولة المديونية هو قرض حسن من دون فائدة او أي عائد، سواء كانت الجدولة مع بنوك وشركات استثمارية تقليدية او العاملة وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية.
وها هي الحكومة اليوم تجاري مرة أخرى بعض النواب، وتعد بإجراء تعديلات على القانون المذكور لإفادة أكبر عدد ممكن من المواطنين من خلال رفع رأسماله إلى مليار دينار، بعد أن كان 500 مليون، وعبر تسهيل إجراءاته وتعليماته.
وكان وزير المالية مصطفى الشمالي قد كشف في 11 أكتوبر 2009 أن 12413 مواطنا تقدموا إلى صندوق المعسرين، إجمالي مديونيتهم 521.2 مليون دينار، داعياً المواطنين الذين لم يوثقوا عقودهم في وزارة العدل حتى الآن للاسراع في توثيقها للاستفادة من العروض التي يقدمها الصندوق.
واعتبر الشمالي تعديل قانون صندوق المعسرين الحل الامثل لمشكلة مديونيات المواطنين، موضحا ان الحكومة ستنتهي قريبا من اجراء التعديلات اللازمة ليتم عرضها على مجلس الامة لاقرارها. أما أبرز التعديلات المقترحة فهي:
رفع رأسمال الصندوق من 500 مليون إلى مليار دينار.
تمديد فترة التسجيل في الصندوق 6 أشهر إضافية.
أن يشمل الصندوق الديون المتعثرة حتى 31 ديسمبر 2008، بعد أن كانت 31 مارس من العام الماضي.
امكانية اقتراض المواطن مرة أخرى بحيث لا يتعارض مع سداده للقرض الحكومي والتسوية التي عملها سابقا.
يذكر أن إجمالي المديونيات للمواطنين الكويتيين حتى 31 يونيو الماضي بلغ ما يقارب 6 مليارات دينار مع الفوائد، وأن القرض المقدم من الصندوق للمواطن المتعثر لحل عثرته هو قرض حسن من دون فوائد. وقد عُهد بإدارة صندوق المعسرين إلى وزارة المالية، وفتح بنك الكويت المركزي حسابا مصرفيا لمصلحة الصندوق، ودبرت الهيئة العامة للاستثمار احتياجات الصندوق المالية من الاحتياطي العام للدولة.
12 سببا للرفض
لكن ماذا كان الموقف الحكومي قبل الاعتراف بالمشكلة؟ رفضت الحكومات المتعاقبة منذ 2004 إسقاط القروض لأسباب عدة، ذكرتها على لسان وزراء وفي مذكرات رفعت إلى مجلس الأمة. وأبرز هذه الأسباب:
1- ينبغي التأكيد على أن القروض والتسهيلات الاستهلاكية والمقسطة تعتبر من أكثر انواع القروض انتظاما، نظرا لأن سدادها في معظم الاحوال يتم خصما من الراتب، أخذا في الاعتبار تركز قوة العمل الوطنية في القطاع الحكومي مع ما يوفره ذلك من أمان وظيفي وانتظام في دفع الرواتب الحكومية. ولذلك تتدنى نسب عدم الانتظام او التخلف عن سداد تلك القروض والتسهيلات الاستهلاكية والمقسطة بشكل واضح في دولة الكويت قياسا بالمعدلات العالمية. ويستدل من تدني نسبة عدم الانتظار في سداد القروض والتسهيلات الاستهلاكية والشخصية على عدم وجود مشكلة عامة أو أزمة نظامية لدى المقترضين تستدعي التدخل الحكومي لمعالجتها.
2- حرص بنك الكويت المركزي على احاطة القروض والتسهيلات الاستهلاكية والمقسطة بمنظومة من الضوابط التي تساهم في تقنين وترشيد وتنظيم منح تلك القروض. وعلى وجه الخصوص، تهدف ضوابط البنك المركزي الى الحد من اندفاع الافراد للاقتراض، وفي الوقت نفسه الحيلولة دون مبالغة البنوك وشركات الاستثمار في منح تلك القروض والتسهيلات لتغذية النزعات الاستهلاكية.
3- من أسباب نمو الإقراض الاستهلاكي والمقسط برامج وسياسات الدعم الحكومي للسلع والخدمات الاساسية والتي ترفع الدخول الحقيقية للمواطنين، وبالتالي تزيد من قدرتهم على الاقتراض لتمويل احتياجاتهم الاستهلاكية. الى جانب التركيب العمري للمواطنين وارتفاع نسبة الشباب بينهم بما يطيل أمد العمر الوظيفي المتوقع لهم ويزيد من قيمة تدفقات دخولهم المستقبلية وبالتالي استعدادهم لتحمل اعباء الاقتراض، بالاضافة الى تزايد النزعة الاستهلاكية بشكل عام بفعل بعض الاعتبارات الاجتماعية.
4- ان الحديث عن الوفرة والفوائض المالية الناجمة عن ارتفاع اسعار النفط هو حديث تنقصه الدقة. فالثروة النفطية هي اصل ناضب، وكل برميل يستخرج هو استنفاد ابدي، لذلك البرميل لا يعوض. وبناء على ذلك تبرز اهمية ادارة معدل استنزاف الثروة النفطية من خلال استخدامها في بناء القدرات الانتاجية للاقتصاد الوطني.
5- الدعوة لاستخدام ما يسمى بالفوائض المالية لاسقاط القروض الاستهلاكية والمقسطة هي دعوة للتعجيل في استنفاد الثروة. وفي واقع الأمر هي دعوة لاهلاك ثروة الاجيال القادمة لحساب استهلاك الجيل الحالي.
6- اسقاط القروض من شأنه إحداث قفزة في قيمة الدخول المتاحة للانفاق لدى المواطنين. الأمر الذي سينجم عنه تزايد واضح في الطلب على السلع والخدمات، مع ما قد يترتب على ذلك من تسارع في الضغوط التضخمية وتزايد تداعياتها على جهود النمو الاقتصادي المرتكز على أسس راسخة وقابلة للاستمرار.
7- اسقاط القروض سيدفع بالعديدين الى التمادي في اللجوء للاقتراض لقناعتهم التي يولدها اسقاط الديون بعدم الحاجة للالتزام بالسداد. وفي ذلك تعطيل مؤثر في كفاءة المعاملات المالية وينجم عنه سوء في تخصيص الموارد، حيث يقترض من ليس في حاجة للاقتراض اساسا او يقترض بمستويات تفوق حاجته الفعلية.
8- انتهاك صريح لمبادئ العدالة الاجتماعية بين المواطنين سواء بين المقترضين، حيث تختلف قيمة التزاماتهم وما تم سداده منها، او بين المقترضين من جهة، وغير المقترضين الذين لن يستفيدوا من المقترح باسقاط القروض من جهة أخرى.
9- ينبغي التأكيد على ان القروض والتسهيلات الاستهلاكية والمقسطة على وجه الخصوص، والقروض والتسهيلات الشخصية عموما، تمثل عنصرا اساسيا من منظومة خدمات الوساطة المالية في الاقتصادات المتطورة لما تتيحه للافراد من امكانات وخيارات لتعزيز معدلات الانفاق الحالي بما يتواءم مع تدفقات دخولهم الحالية والمتوقعة. وترتيبا على ذلك تشكل تلك القروض والتسهيلات مجالا مهما لتوظيف الاموال لدى وحدات الجهاز المصرفي والمالي وبما يتيح لها تنويع محافظها المالية وبالتالي ادارة مخاطر الائتمان لديها بشكل اكثر كفاءة.\
10- اسقاط القروض والتسهيلات الاستهلاكية سيؤدي الى شرخ جسيم في هياكل توظيف الاموال لدى وحدات الجهاز المصرفي والمالي، وهي الهياكل التي تحملت الدولة تكاليف ضخمة لاعادة بنائها بعدما تعرضت له من اختلالات بفعل ازمة المديونيات الصعبة وتداعيات الغزو والاحتلال في مطلع التسعينات من القرن الماضي.
11 - هناك التزامات كبيرة على الخزانة العامة للدولة تقدر بأكثر من 20 مليار دينار يتعين تسديدها وتتمثل في قرض احتياطي الأجيال القادمة والالتزام التقديري للمشاريع الإنشائية تحت التنفيذ والعجز الاكتواري للتأمينات الاجتماعية والقيمة الحالية للمبالغ التي تؤديها الخزانة العامة للتأمينات نتيجة زيادات الرواتب.
12- النواب يثيرون معلومات مغلوطة ويتحدثون عن أرقام غير دقيقة. فعدد المقترضين بلغ 450 ألف مواطن بينهم عشرة آلاف متعثر يشكلون 2% فقط. كما أن 87% من القروض المتعثرة لا علاقة لها بارتفاع سعر الفائدة.
800 دعوى قضائية بإسقاط القروض
كشف المشاركون في ندوة «لا لصندوق المعسرين»، التي نظمتها الحملة الوطنية الشعبية لإسقاط القروض في جمعية المحامين الكويتية في سبتمبر 2008 عن تجميع 800 دعوى قضائية مقدمة من المواطنين تطالب باسقاط القروض، سيتم رفعها إلى المحكمة لتصبح اكبر دعوى قضائية في الشرق الأوسط. وقال المشاركون في الندوة وهم اعضاء في الحملة الوطنية الشعبية ان مشروع قانون صندوق المعسرين لا يخدم الا البنوك وليس فيه مصلحة للمواطنين.
إلى أين؟
جملة الأسباب الحكومية هذه لم تقنع النواب المطالبين بإسقاط القروض، فهددوا باستجواب الوزراء المعنيين وتوعدوا بطرح الثقة بالحكومة. فحل مجلس الأمة 3 مرات في 3 أعوام، لكن المطالبات بقيت على ما هي عليه. مما اضطر الحكومة الى الرضوخ في نهاية المطاف. هذه الحكومة التي لجأت وتلجأ لأساليب مختلفة لتفادي إسقاط القروض. ومن هذه الأساليب التعاون مع النواب الرافضين شراء الدولة لديون المواطنين. فعلى سبيل المثال لا الحصر، رفضت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية بإجماع اعضائها في 13 ديسمبر 2006 كل الاقتراحات النيابية الداعية إلى إسقاط القروض الاستهلاكية والاسكانية، «لوجود شبهة دستورية»، حيث تراوحت كلفة هذه الاقتراحات بين 7 و10 مليارات دينار.
وفي 11 يونيو 2007، سحب مجلس الأمة بموافقة 33 عضوا تقرير اللجنة المالية البرلمانية بشأن إسقاط القروض، في حين أعلن سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد عن أمر أميري بتكليف الحكومة انشاء صندوق لمساعدة المواطنين العاجزين عن سداد الديون المترتبة عليهم. وكان رأسمال الصندوق حينها 300 مليون دينار. كما لجأت الحكومة في بعض المرات إلى عدم إكمال نصاب بعض جلسات مجلس الأمة والمحددة لمناقشة قضية إسقاط القروض. ويبقى السؤال: هل ستنجح الحكومة في الحصول على عدد الأصوات الكافية في مجلس الامة من أجل تمرير تعديلاتها المقترحة على صندوق المعسرين، وإقفال الملف نهائيا؟ أم أن أصوات بعض النواب ستبقى تصدح مطالبة بإعادة جدولة ديون ناخبيهم؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال، على الرغم من أن تاريخ الحكومة قد يجيب أيضا!
سلع والتزامات غير أساسية تثقل كاهل المستهلك
الافراط في تملك اكثر من سيارة في البيت الواحد او للفرد الواحد.
الاقتراض للسياحة والسفر بمساعدة المصارف على ذلك بإغراءات كثيرة.
زيادة عدد الخدم عن الحاجة بحيث بات المتوسط اثنين في البيت الواحد.
المدارس الخاصة علما بأن التعليم مجاني في الكويت وينفق عليه بسخاء.
اللجوء لغير التعاونيات في الشراء علما بأن في التعاونيات سلعا أرخص.
توجه يتنامى عاما بعد عام لاقتناء منزل خارج البلاد.
ارتياد المعاهد الرياضية الفخمة والغالية.
اقتناء المعدات البحرية من طراد ويخت ضرورة عند البعض.
شراء الساعات الفاخرة والاقلام النادرة والموبايلات الحديثة.
سلع وخدمات مدعومة من الدولة
الكهرباء والماء بأسعار تعد بين الأدنى عالميا وتكاد تكون رمزية.
الهاتف الأرضي الثابت بأسعار متهاودة غير متوافرة في أي بلد في العالم.
الأدوية المدعومة، ناهيك عن مجانية الطبابة والاستشفاء بالداخل والخارج.
التعليم الذي تنفق عليه الحكومة مئات الملايين سنويا ليكون مجانيا لكل المواطنين.
هناك سلع أساسية عدة مدعومة الأسعار أبرزها الأرز والطحين والسكر واللحوم والخبز.
القرض السكني العام بقسط زهيد وفوائد شبه معدومة وعلى مدى سنوات طويلة.
الحكومة فشلت في الدفاع عن نفسها
تقدم الدعم لأغلب الخدمات.. وكتلة الرواتب تتضخم
فشلت الحكومة في الدفاع عن رفضها إسقاط القروض عبر الشرح للرأي العام أهمية ما تفعله للمواطن. فهي توظف 90% من اليد العاملة الكويتية وتقدم لهم مميزات سنوية وعلاوات اجتماعية لا تقدمها دول أخرى. وتستحوذ كتلة الرواتب على 40% من إجمالي ميزانية الدولة. كما أن الدولة تدعم سلعا كثيرة. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة الى أن الدعم الحكومي للسلع زاد 32 % بين السنتين الماليتين 2007/2008 و2008/2009 ليصل 2.5 مليار دينار. وهذه السلع تشمل الكهرباء والماء ومواد غذائية ورعاية اجتماعية ودعم مزارعين وصيادين. إذاً تسعى الدولة لتحسين أوضاع المواطنين ذوي الدخل غير المرتفع، خصوصا أنها ليست بحاجة لهذا العدد من موظفي المؤسسات الرسمية.
بين مؤيد ومعارض لشراء الديون
حجج المؤيدين
استغلال جزء من فوائض الدولة المالية لإعادة توزيع الثروة على المواطنين
الارتفاع المتكرر لأسعار الفائدة زاد من عدد المتعثرين
أبرز سبب للاقتراض هو أزمة السكن وغلاء العقار وتلكؤ الحكومة في استحداث مدن سكنية جديدة
الحكومة تدفع مئات الملايين على مساعدات دول اخرى دون عائد سياسي أو اعلامي حقيقي
الدولة أسقطت مديونيات عن شريحة محدودة من المواطنين خلال أزمة المناخ تبلغ قيمتها 9 مليارات دينار
يمكن الحد من كلفة اسقاط الفوائد عبر محاربة الفساد في المناقصات والمشاريع وتطبيق توصيات ديوان المحاسبة على الوزارات والجهات الحكومية
تراجع مستوى الخدمات العامة خصوصا في قطاعي الصحة والتعليم
الأزمة المالية فاقمت مشكلة مديونيات المواطنين
حجج المعارضين
معظم الفوائض الحالية ناتجة عن طفرة نفطية لا يمكن ضمان استمرارها
ظلم اجتماعي يقع على غير المقترضين، فضلا عن عدم تكافؤ الفرص بين المواطنين
إذا سقطت القروض سيرتفع التضخم لان الالتزامات ستصل الى الصفر وستكون الشهية للشراء عالية جدا
أكثر من نصف الكويتيين دون سن 21 عاما وبالتالي فإن الدولة تواجه كرة ثلج من البطالة والبطالة المقنعة ولا بد من توفير فرص عمل
الحكومة رفعت الرواتب والكوادر والبدلات وقدمت المنح المالية والعينية
ليس في الكويت ازمة سداد القروض والديون وكل ما يدور حول هذا الموضوع هو نوع من المزايدة الانتخابية لتجمعات ونواب
يجب استغلال الفوائض المالية في البنية التحتية ومشاريع التنمية
معالجة الأزمة المالية تتم عبر زيادة الانفاق الحكومي الاستثماري
08/11/2009
12413 مواطنا تقدموا للصندوق .. مديونيتهم 521 مليون دينار
نص قانون صندوق المعسرين .. والتعديلات المقترحة علية
مادة 1
في تطبيق أحكام القانون تكون للكلمات والعبارات التالية المعنى المبيّن قرين كل منها:
1 - العميل المتعثر: هو كل مواطن من الاشخاص الطبيعيين تعثر في سداد رصيد المديونية المستحقة عليه لاي من الجهات الدائنة، في ضوء تعريف الوضع المالي للعميل المتعثر، وينطبق بشأنه على احدى الحالتين التاليتين:
- أن يكون من العملاء الذين تم اتخاذ اجراءات قضائية بشأنهم من قبل اي من الجهات الدائنة.
- ان يكون الوضع المالي للعميل قد اثقل بأعباء والتزامات شهرية، ترتبت عليه لاي جهة، وبما يؤدي الى زيادة التزاماته الشهرية عن نسبة 50% من دخله الشهري.
2 - المديونية المتعثرة: هي الرصيد القائم للقروض الاستهلاكية والقروض المقسطة في تاريخ 31/3/2008 وفقا للتعريف الصادر عن بنك الكويت المركزي، التي حصل عليها العميل المتعثر من الجهات الدائنة.
3 - الجهات الدائنة: هي البنوك وشركات الاستثمار الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي.
4 - البنك المدير: هو البنك الدائن بأكبر قدر من اجمالي المديونية، القائمة على العميل المتعثر لدى الجهات الدائنة، وفي حال اذا ما كانت المديونية تجاه احدى شركات الاستثمار يكون البنك المدير احد البنوك والذي يحدده بنك الكويت المركزي.
5 - الوضع المالي للعميل المتعثر: يتم تحديده بمقدار الفرق بين مفردات كل من البندين التاليين:
أ - الدخل الشهري للعميل، ويشمل رواتبه الشهرية، واي ايرادات اخرى.
ب - اجمالي الالتزامات الشهرية المستحقة على العميل المتعثر لجميع الجهات الدائنة، بالاضافة الى ما قد يكون عليه من التزامات مالية شهرية تتعلق بنفقة واحكام قضائية واجبة النفاذ، واقساط تجاه بنك التسليف والادخار او المؤسسة العامة للرعاية السكنية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، واقساط شهرية مستحقة لاي من الجهات الحكومية.
6ــ قرض الصندوق: يتمثل في المبلغ الذي يحصل عليه العميل المتعثر من الصندوق، لاستخدامه في سداد جزء من مديونيته أو كلها لدى الجهات الدائنة، والذي سيتم تسديده للصندوق على اقساط شهرية من دون فائدة بعد سداد المديونيات القائمة قبل الجهات الدائنة.
7ــ اللجان: هي اللجان التي يتم تشكيلها لاقرار التسويات المقترحة لمعالجة المديونيات المتعثرة.
8ــ مجموعات العمل: هي المجموعات التي يتم تشكيلها من المختصين في الشؤون المصرفية والقانونية لدى الجهات الدائنة، الذين ترشحهم تلك الجهات بناء على طلب اللجان للقيام بدراسة التسويات المقترحة من البنوك المديرة، ورفع توصياتها في هذا الخصوص إلى اللجان.
9ــ تسوية المديونية المتعثرة: هي الجدولة المقترحة لمديونية العميل المتعثر من قبل البنك المدير، في ضوء الوضع المالي للعميل المتعثر، التي يتم بموجبها تحديد مقدار ومدة القرض الذي يقدمه الصندوق من دون فائدة، بما يؤدي الى معالجة اوضاع العميل المتعثر.
مادة 2
ينشأ صندوق تكون تبعيته وادارته لوزارة المالية لمعالجة اوضاع مديونيات المواطنين المتعثرين في تسديد القروض الاستهلاكية والقروض المقسطة الممنوحة إليهم، من الجهات الدائنة والثابتة بدفاتر وسجلات الجهات المذكورة في تاريخ 31/3/2008. ويمول هذا الصندوق من الاحتياطي العام للدولة بما لا يجاوز 500 مليون دينار كويتي.
مادة 3
تنشأ لجان لاقرار التسويات المقترحة لمعالجة المديونيات المتعثرة، ويصدر قرار من مجلس الوزراء بتشكيل تلك اللجان.
وتكون كل لجنة برئاسة احد رجال القضاء بدرجة مستشار، يندبه المجلس الاعلى للقضاء -كل الوقت- وعضوية ممثلين اثنين عن البنوك الكويتية، وممثل واحد عن شركات الاستثمار الكويتية، وواحد من ذوي الخبرة. ويحدد قرار مجلس الوزراء المكافآت المالية لاعضاء اللجان وتتحملها الخزانة العامة للدولة، بالاضافة الى المصاريف التشغيلية الخاصة بأعمال تلك اللجان.
مادة 4
تتولى اللجان الاختصاصات التالية:
1- تلقي التسويات المقترحة لمعالجة مديونيات العملاء المتعثرين من البنوك المديرة، ودراستها وفقا للمعايير والضوابط المقررة بشأن الاستفادة من الصندوق بالنسبة الى كل حالة، وذلك وفقا لما يقضي به القانون ولائحته التنفيذية.
مادة 5
على العميل المتعثر الذي يرغب في الاستفادة من هذا القانون وتنطبق عليه الشروط ان يتقدم بطلب إلى البنك المدير وفقا للنموذج المعد لهذا العرض، مرفقا به كل المستندات المؤيدة للبيانات والمعلومات الواردة بالنموذج، الذي تقره اللائحة التنفيذية.
مادة 6
يتولى البنك المدير، بالتنسيق مع البنوك وشركات الاستثمار الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي، والجهات الحكومية المشار اليها في البند (5/ب) من المادة 1 ما يلي:
1 - التحقق من البيانات والمعلومات المتعلقة بالعميل المتعثر واسباب تعثره ووضعه المالي.
2 - تقديم اقتراحات -مصحوبة بالدراسة والمستندات المؤيدة- بشأن اجراء التسويات اللازمة لمديونية العملاء المتعثرين مع كل من الجهات الدائنة، وذلك بجدولة المديونية على أقساط شهرية، ولفترة زمنية مناسبة، مع مراعاة ان يتم تحديد القسط الشهري، بما يمكن العميل من الاحتفاظ بنسبة 50% من دخله الشهري، ومن ثم تحديد قيمة قرض الصندوق، وفق الضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية.
3 - رفع التوصيات المناسبة إلى اللجان لإقرار التسويات بالنسبة إلى كل عميل متعثر، وفق الضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية.
مادة 7
للجان إقرار التسويات بناء على توصيات مجموعات العمل، والتحقق من انطباق شروط استفادة العميل المتعثر من الصندوق.
مادة 8
تصدر اللجان قراراتها بشأن اعتماد التسويات المقترحة، وتكون قراراتها نهائية، ولا يجوز الطعن فيها امام أي جهة من الجهات، ويتم اخطار البنوك المديرة المعنية بتلك القرارات.
مادة 9
تقوم البنوك المديرة بإبرام عقود التسوية مع العملاء المتعثرين، وفقا للقرارات الصادرة من اللجان، ومن ثم اخطار اللجان باتمام ذلك، وتكون عقود التسوية المبرمة مع العملاء موثقة من وزارة العدل ومشمولة بالصيغة التنفيذية.
مادة 10
تقوم البنوك المديرة، نائبة عن الدولة، ومن دون أجر، بإدارة القرض المقدم من الصندوق لكل عميل متعثر.
مادة 11
يحظر على جميع الجهات المخاطبة بأحكام المادة الأولى من القانون رقم 2 لسنة 2001 منح اي قروض او تسهيلات ائتمانية لأي من العملاء المستفيدين من الصندوق، إلا بعد تمام سداد كامل القرض المستحق عليه للصندوق.
مادة 12
تقوم الجهات الدائنة، والعملاء المتعثرون، عند ابرام التسوية، بالتنازل عن اي دعاوى قضائية متداولة، وذلك على النحو الذي يرد بيانه في اللائحة التنفيذية.
مادة 13
يحظر على الأشخاص المنوط بهم تطبيق احكام هذا القانون افشاء اي بيانات او معلومات تتعلق بالعملاء المتعثرين، الا في الاحوال التي يصرح فيها القانون بذلك. ومع عدم الاخلال بأي عقوبة اشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب من يخالف الحظر من الاشخاص الطبيعيين بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر وبغرامة لا تتجاوز مائتين وخمسة وعشرين دينارا كويتيا، او باحدى هاتين العقوبتين، مع الحكم على الجاني بالعزل في جميع الاحوال.
ويعاقب كل شخص اعتباري يخالف هذا الحظر بغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف دينار كويتي، ولا يحول ذلك دون توقيع جزاءات ادارية على المخالف من الجهة مانحة الترخيص له بمزاولة النشاط.
التعديلات على القانون
قدمت وزارة المالية أخيرا تعديلات على صندوق المعسرين بهدف اعادة فتحه أمام المقترضين المتعثرين. وبموجب هذه التعديلات سيرفع رأسمال الصندوق الى مليار دينار بدل 500 مليون.
وفي ما يلي نص مشروع تعديل قانون الصندوق:
المادة الأولى:
يستبدل بنصوص المواد 1 البند (2)، و2، و5، و11 من القانون رقم 28 لسنة 2008 المشار اليه النصوص التالية:
المادة 1 البند 2:
-2 المديونية المتعثرة: هي الرصيد القائم للقروض الاستهلاكية والقروض المقسطة في تاريخ 31/12/2008، وفقا للتعريف الصادر عن بنك الكويت المركزي، والتي حصل عليها العميل المتعثر من الجهات الدائنة.
المادة 2
ينشأ صندوق تكون تبعيته وادارته لوزارة المالية لمعالجة أوضاع مديونيات المواطنين المتعثرين في تسديد القروض الاستهلاكية والقروض المقسطة الممنوحة لهم من الجهات الدائنة - الثابتة بدفاتر وسجلات الجهات المذكورة في تاريخ 31-12-2008.
ويمول هذا الصندوق من الاحتياطي العام للدولة بما لا يجاوز مليار دينار كويتي.
المادة 5 الفقرة الثانية:
ويجب أن يتقدم بهذا الطلب في موعد أقصاه ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون، والا سقط حقه في الاستفادة من هذا القانون.
المادة 11
يجوز لجميع الجهات المخاطبة بأحكام المادة الأولى من القانون رقم (2) لسنة 2001 المشار اليه، منح قروض أو تسهيلات ائتمانية جديدة لأي من العملاء المستفيدين من الصندوق أثناء فترة سريان التسوية في حالة زيادة النسبة المتبقية للعميل من دخله الشهري المنتظم عن %50 من هذا الدخل وبما يفوق حجم القسط الشهري للصندوق مع عدم الاخلال بشروط التسوية.
وتجب مراعاة تحديد حجم المبلغ الفائض ومن الدخل المتاح الذي سيتم على أساسه منح القرض الجديد بعد استبعاد قيمة القسط الشهري من مبلغ الزيادة المتاح للعميل.
تبرع الشيخ سالم العلي
استقبل بيت الزكاة خلال الأعوام القليلة الماضية آلاف المواطنين الدائنين لتسوية مستحقات لهم على مدينين صدرت بحقهم أوامر ضبط واحضار، وذلك بفضل تبرع قدمه سمو الشيخ سالم العلي. وشمل هذا الاجراء المدينين الذين لا تزيد مديونياتهم على 5 آلاف دينار لأن هذه النسبة جاءت وفق دراسات مستفيضة لشريحة المدينين بغية توسعة قاعدة المستفيدين من التبرع نظرا لضخامة حجم المديونيات.
الحملة الوطنية لإسقاط القروض
خلال عام 2006، أطلق عدد من المواطنين المقترضين حملة سمّوها الحملة الوطنية لاسقاط القروض. وتهدف هذه الحملة، حسب مطلقيها، الى الضغط على المسؤولين، خصوصا الوزراء من أجل إسقاط القروض. وأبرز ما جاء في بيان التأسيس: «نحمّل الحكومة كامل المسؤولية في ما يتعلق بتراكم الديون على القطاع الأكبر من المواطنين، وكان عليها وهي التي لديها مستشارون وخبراء ان تفعّل القوانين التي تحمي المواطن من جشع البنوك والشركات التي تغالي في قضية الفوائد المترتبة على هذه القروض».
هل فشلت «الساي ــ نت»؟
تأسست شبكة المعلومات الائتمانية أو شركة ساي نت وفقا للقانون رقم 2 لسنة 2001 الصادر بتاريخ 4/1/2001 في شأن انشاء نظام لتجميع المعلومات والبيانات الخاصة بالقروض الاستهلاكية والتسهيلات الائتمانية المرتبطة بعمليات البيع بالتقسيط لدى البنوك وشركات الاستثمار وشركات التمويل والاجارة وغيرها. وبعد أن أخذ استكمال متطلبات انضمام المؤسسات الى الشبكة وقتا طويلا، لم تؤت الشبكة بالثمار المطلوبة. فبعد عملها بانتظام منذ عام 2004، لم تستطع تفادي كثيرا من المخالفات التي ارتكبتها البنوك ان من جهة تحديد القسط على المقترض لئلا يتعدى 50% من راتبه، وان من جهة تعدي مدة التقسيط فترة الـ15 سنة المسموح بها. ويفيد مصرفيون بأن الشبكة قد تكون فشلت في بعض الحالات، لكنها كانت تجربة ناجحة بشكل عام. ويعود فشلها أحيانا الى تأخر المعلومات من البنوك والشركات، ووجود بعض الثغرات التي نفذ منها مصرفيون لتقديم قروض لعملاء لا يستحقونها. كما أن «الواسطة» في بعض الأحيان كانت تلعب دورا للتعدي على الشبكة. لذا يدعو المصرفيون اليوم الى تعزيز دور الساي نت حتى تتفادى البنوك فعلا بناء أعباء على المواطنين المقترضين.
إجراءات «المركزي» لجمت القروض ونظّفتها من المخالفات
• سالم عبدالعزيز الصباح
منذ بداية الحديث عن اسقاط القروض الاستهلاكية والمقسطة في عام 2004 وبنك الكويت المركزي يرفض بشراسة تطبيق هذا الاقتراح النيابي. فخلال هرج نواب اسقاط القروض ومرجهم، كان «المركزي» يؤكد دائما أن «لا مشكلة تذكر» في هذا الاطار. لكن تحميل بعض النواب في الأعوام الثلاثة الماضية «المركزي» وسياسته النقدية بشكل مباشر مسؤولية تفاقم قضية القروض على المواطنين، دفعت بالبنك لاتخاذ سلسلة اجراءات للحد من أزمة القروض. لكن ما حجم مسؤولية «المركزي» في مسألة تفاقم القروض؟ وما رأيه في اسقاط الاستهلاكية والمقسطة منها؟ وكيف عالج بعض أوجه الخلل في هذه القضية؟
برأي البنك المركزي أن عوامل عدة ساهمت في نمو القروض الاستهلاكية والمقسطة في الكويت. ففي مقابلة نشرت في صحيفة «القبس» في 24 يناير 2004، وبالتحديد عندما دق مجلس الوزراء ناقوس الخطر في قضية النمو المتسارع للقروض، أشار محافظ «المركزي» الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح الى نزعة قوية للاقتراض بغرض الانفاق الاستهلاكي، الامر الذي قد يضغط على ميزانية الاسرة الكويتية.
وشدد المحافظ حينها على أهمية ضبط معدلات النمو في الائتمان المصرفي. ومن أبرز العوامل التي أدت الى نمو التسهيلات الشخصية برأيه:
- استمرار انخفاض معدلات الفائدة المحلية على الدينار، مع تدني أسعار الفوائد العالمية، وما لذلك من تأثيرات محلية تمثلت في ارتفاع قيم الاصول وتزايد الثروة، والتوسع في الطلب على النقود والاقتراض لتمويل شراء السلع واقتناء الاصول غير النقدية.
- استمرار حالة التفاؤل في أداء الاقتصاد الكويتي مع التماسك في اسعار النفط وتحسن الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية في المنطقة.
- السياسة الاسكانية للدولة والمتمثلة في منح بنك التسليف والادخار القروض السكنية للمواطنين، وكذلك قيام الهيئة العامة للاسكان بتوزيع البيوت. إذ يلجأ المستفيدون من قروض الاسكان الى القطاع المصرفي لطلب تسهيلات شخصية كتمويل اضافي لبناء مساكنهم، إضافة الى طلب تسهيلات لشراء السلع المعمرة من أجل تأثيث بيوتهم، وكذلك تأثيث البيوت الموزعة على المواطنين من قبل الهيئة العامة للاسكان.
- مبادرة البنوك الى تلبية تزايد الطلب على التسهيلات مدفوعة بعوامل المنافسة وما تحققه من ربحية على هذه النوعية من القروض مع توافر فائض في السيولة.
ووعد «المركزي» في حينها بالتشدد في تطبيق الضوابط على الإقراض الشخصي. لكن هل حصل ذلك بسرعة؟ وما مسؤوليته في تفاقم مشكلة المواطنين المتعثرين؟
سياسة رفع الفائدة
أحد أبرز الأسباب التي فاقمت مشكلة ديون المواطنين تكمن في سياسة رفع أسعار الفائدة، وهي السياسة التي يضعها البنك المركزي وحده بعد دراسة جملة معطيات. إذ بقي سعر الخصم (وهو سعر الفائدة الأساسي، الذي تضيف فوقه البنوك هامش ربح على القروض كان 4%، بعدها خفضها «المركزي» إلى 3%) منذ 7 نوفمبر 2002 إلى أول يوليو 2004 عند مستوى 3.25%. وهذا المستوى هو الأقل تاريخيا في الكويت. وقد تبع «المركزي» لتخفيض أسعار الفائدة إلى هذا المستوى مجلس الاحتياطي الفدرالي (المركزي الاميركي)، الذي خفض الفائدة الاميركية إلى مستويات متدنية جدا لتحفيز الاقتصاد بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. ومعدل الفائدة المنخفض هذا شجع المواطنين على الاقتراض.
لكن ماذا حصل بعد ذلك؟ بين يوليو 2004 ويوليو 2006، رفع «المركزي» أسعار الفائدة 11 مرة متتالية (5 مرات في 2004 و5 مرات في 2005 ومرة في 2006)، ليقفز سعر الخصم من 3.25% إلى 6.25% في عامين فقط. وحسب «المركزي»، كان لذلك أسباب ذكرها مرارا وتكرارا مثل: ان ربط الدينار مع الدولار كان يقضي ذلك، ان رفع الفائدة حجر اساس في عملية توطين الدينار والحد من خروج الاموال او هجرتها، فضلا عن الحد من الضغوط التضخمية.
غير أن هذه الأسباب المذكورة لم تمنع تفاقم مشكلة القروض على المواطنين. ويُشار هنا الى ان المصارف تعتبر ان لا مشكلة في القروض الاستهلاكية التي هي لآجال 4 او 5 سنوات في حدها الاقصى ولشراء سلع استهلاكية وسيارات وغير ذلك. المشكلة تكمن في القروض المقسطة التي تصل آجالها الى 15 سنة وهي بمبالغ كبيرة خاصة بالسكن. هذه القروض تأثرت بشكل كبير برفع الفائدة. وهناك حالة نموذجية يمكن الحديث عنها مفادها بان مقترضا اعتقد انه سيسدد قرضه ضمن الأجل المحدد. فإذا به، سنة بعد سنة، يراوح مكانه من دون تقدم في السداد، لأن قرضه الكبير ترتبت عليه فوائد كثيرة زادت مرة بعد مرة (11 مرة). فإذا به يجد نفسه يسدد الفوائد سنوات طويلة، وأصل القرض نفسه باق. وقد دخل هذا المواطن مثله مثل الآلاف من المقترضين في حلقة مفرغة، علما بأنه ليس متعثرا ولا اتخذت بحقه اجراءات قانونية لأنه يسدد بانتظام.
إذا، كان لزيادة الفائدة 11 مرة بين 2003 و2006 تبعات في تضخيم عدد من القروض، لا سيما الكبيرة التي يمتد تقسيطها الى 15 سنة. وبفعل ارتفاع الفوائد، وبالتالي تضخم القروض (المسماة مقسطة)، وجدت المصارف نفسها أمام حالة من اثنتين: إما رفع قيمة القسط، أو إعادة جدولة القرض. في الحالة الاولى حصل ان يتجاوز القسط 50% من الراتب، وفي ذلك مخالفة طبعا. وفي الحالة الثانية، وهي الأغلب الأعم من المعالجات، لجأت المصارف الى اعادة جدولة الاقساط (حتى لا يتعدى القسط 50% من الراتب)، فاذا بفترة السداد تمتد إلى أكثر من 15 سنة.
بين الثابتة والمتغيرة
لكن ماذا يقول بنك الكويت المركزي عن مسؤوليته في هذا المجال؟ في مذكرة نشرتها «القبس» في أغسطس 2009، يشرح المركزي كيف كانت تُحسب الفائدة على القروض الاستهلاكية والمقسطة. ويقول أنه حتى تاريخ 24 مارس 2008، عندما أصدر تعليمات إلى البنوك وشركات الاستثمار تضمنت اساليب جديدة لتحديد سعر الفائدة على القروض الاستهلاكية والقروض المقسطة، فإن القروض الاستهلاكية، وفقا للعرف المصرفي، كان يتم منحها على أساس الحسم (الخصم)، أي انه يتم استقطاع (حسم) مبلغ الفائدة مقدما من أصل القرض الاستهلاكي، علما بأن الحد الاقصى لسعر الفائدة على هذه القروض يجب ألا يزيد عن سعر الحسم المعلن من البنك المركزي. وعلى هذا الاساس، يحصل العميل على صافي القرض (أصل القرض مطروحا منه مبلغ الفائدة المستحقة عليه)، فيما يتم تقسيط القرض على أقساط شهرية لعدد سنوات القرض التي تبلغ اقصاها خمس سنوات.
ويعني ذلك بالنسبة إلى القروض الاستهلاكية انها كانت تعامل بأسعار فائدة ثابتة (التي يتم حسم مقابلها مقدما من أصل القرض في تاريخ منحه). لذا لم يكن العميل يخضع لأي زيادة في مبلغ الفائدة أو قيمة القسط الشهري في حالة أي ارتفاع في أسعار الفائدة بعد تاريخ منح القرض.
وفي ما يتعلق بالقروض المقسطة، فإن تحديد سعر الفائدة كان يتم بالاتفاق بين البنك والعميل. وقد يكون هذا السعر ثابتا، أي لا يتغير طوال فترة منح القرض، أو قد يكون متغيرا، أي قابلا للتغير أثناء فترة سريان القرض بناء على تغيرات أسعار الفائدة السائدة. لذلك، في حال الاتفاق على سعر فائدة ثابت، فإن هذا السعر لا يتغير إذا طرأ أي ارتفاعات لاحقة على أسعار الفائدة. وبالتالي لن يتحمل العميل المقترض أي أعباء جديدة، سواء من حيث الفوائد أو الاقساط. وفي حال الاتفاق على سعر فائدة متغير، فإن أي انخفاض يطرأ على أسعار الفائدة أثناء فترة سريان القرض سوف يكون في مصلحة العميل، حيث تطبق الاسعار الجديدة على رصيد القرض عند أول فترة استحقاق للفائدة. وعلى أساس نفس المبدأ، فإن اي ارتفاعات في اسعار الفائدة السائدة سوف تنسحب بدورها على هذه الفئة من العملاء. ووفقا للعرف المصرفي، فإن سعر الفائدة على هذه القروض المقسطة كان يتم غالبا على أساس أسعار فائدة متغيرة يتم احتسابها على الرصيد المتناقص للقرض.
ويذكر المركزي في هذا الإطار ملاحظتين يجب أخذهما بالاعتبار عند النظر في تأثير الزيادات التي طرأت في سعر الحسم المُعلن من البنك المركزي على أسعار الفائدة على القروض المقسطة، وذلك فيما بين عام 2004 وعام 2007، علماً بأن سعر الحسم قد اتخذ اتجاهاً هبوطياً منذ بداية عام 2008 ليصل إلى 3% حالياً.
الملاحظة الأولى: إن أصحاب هذه القروض قد استفادوا طوال فترة التراجع المستمر في أسعار الفائدة، وذلك عندما سجل سعر الخصم المعلن من البنك المركزي تراجعا مستمرا (من خلال تسعة تخفيضات متتالية) لينخفض من 7.25 % في نهاية 2000 ليصل إلى أدنى مستوياته التاريخية، وهو 3.25 % في نوفمبر عام 2002. ومما تجدر الإشارة اليه ان سعر الخصم ظل عند أدنى مستوياته لفترة نحو 20 شهرا (نوفمبر 2002 - يونيو 2004)، وذلك قبل اجراء اول زيادة في هذا السعر الى 3.50% في يوليو 2004. ويلاحظ ايضا من سلسلة التغيرات ان هذا السعر ظل مستمرا لأقل من 5 % (من 3.25 % الى 4.75 %) لفترة ناهزت ثلاث سنوات.
< الملاحظة الثانية: إن المعدلات الجديدة لأسعار الفائدة كانت تنسحب بطبيعة الحال على الرصيد القائم من هذه القروض، وهو الرصيد الذي تراجع منذ تاريخ المنح بمقدار الاقساط التي تم تسديدها من قبل العملاء. ويعني ذلك ان القروض القائمة، وبنسب متفاوتة منها، قد خضعت لمستويات فائدة منخفضة خلال فترة التراجع المشار إليها في هذه الاسعار، وان الرصيد المتبقي منها هو الذي كان يخضع لأي ارتفاعات لأسعار الفائدة.
من خلاصة ما تقدَّم يمكن القول ان أصحاب القروض المقسطة قد استفادوا من سلسلة التراجعات التي حدثت في سعر الحسم خلال الفترة من نوفمبر 1998 الى نوفمبر 2002 البالغ عددها 11 تخفيضا وبما مجموعه 4.25 %. واستفاد هؤلاء المقترضون من بقاء سعر الحسم مستقرا عند مستويات متدنية للغاية على مدى الفترة من نوفمبر 2002 حتى يونيو 2004. واستفادوا ايضا بدرجة ما من تطورات سعر الحسم خلال الفترات اللاحقة التي كان لايزال سعر الحسم عندها بمستويات منخفضة نسبيا.
لهذه الأسباب يرفض «المركزي» و«المالية» إسقاط القروض
إخلال بمبدأ العدالة بين المواطنين
تغذية النزعة الاستهلاكية وزيادتها
توليد قناعة بمعاودة إسقاط الديون مجدداً
زيادة الديون المتعثرة مستقبلاً
تزايد المخاطر الأدبية في الجهاز المصرفي
استنزاف احتياطيات الدولة وفوائضها
الإضرار بالعدالة بين الأجيال
من أقوال المحافظ
الافراط في الإنفاق الاستهلاكي أثقل كاهل ميزانية الأسرة الكويتية
استمرار النمو في التسهيلات يعكس السياسة الإسكانية للدولة
إسقاط الديون يولد تراخياً وعدم انتظام في سداد القروض الجديدة
البنوك ستأخذ مخاطر إضافية اطمئناناً إلى تكرار الإسقاط
اخلال واضح بمبدأ العدالة الذي نص عليه الدستور
من الحصافة استغلال الفوائض المالية في تحسين البنية التحتية
أصحاب القروض المقسطة استفادوا من الفائدة المنخفضة بين 2002 و2004
رفض المشكلة وتأخر التدخل
لم يتدخل «المركزي» جذريا لتعديل شروط الاقتراض الاستهلاكي والمقسط قبل 24 مارس 2008. وقبل ذلك، كان المركزي يرفض باستمرار الاعتراف بتفاقم ظاهرة المواطنين المتعثرين. وقد عبّر مرات عدة عن رفضه لاسقاط القروض. ففي مذكرتين موجهتين الى مجلس الأمة، الأولى في 16 نوفمبر عام 2006 أي قبل 10 أيام من الجلسة النيابية في 27 نوفمبر والتي شهدت رفض اسقاط القروض، والثانية في 27 نوفمبر 2007، حذر بنك الكويت المركزي من أن اسقاط القروض يخل بمبدأ العدالة الذي نص عليه الدستور ويضر بالاقتصاد. وباختصار للمذكرتين، قال المركزي ان المطالبات باسقاط القروض الاستهلاكية تنطوي على محاذير عدة، في مقدمتها:
الاخلال الواضح بمبدأ العدالة الذي نص عليه الدستور، اذ لا مساواة مع المواطنين ممن عليهم قروض لجهات غير خاضعة لرقابة البنك المركزي.
تفاوت في أرصدة الالتزامات القائمة بين عميل وآخر وذلك في ضوء مبلغ القرض عند المنح وما تم سداده من أقساط، وهو ما لا تتحقق معه المساواة بين جميع هؤلاء المواطنين.
غياب المساواة بين المواطنين المقترضين لأغراض تجارية وأغراض أخرى، وبين المواطنين المقترضين قروضا استهلاكية ومقسطة تلك التي تتم المطالبة باسقاطها.
تغذية النزعة الاستهلاكية لدى المواطن وزيادتها من خلال اعادة الاقتراض لاستهلاك الدخل المستقبلي.
توليد قناعة لدى المواطنين بمعاودة اسقاط ما عليهم من مديونيات مما يؤدي الى التراخي وعدم الانتظام في سداد القروض الجديدة، وبالتالي زيادة الديون المتعثرة مستقبلا.
تزايد المخاطر الادبية في الجهاز المصرفي والمالي.
استنزاف احتياطيات الدولة وفوائضها المالية دون أي مردود اقتصادي.
الاضرار بقضية العدالة بين الاجيال، اذ يفترض في السياسات الاقتصادية المتوازنة ألا تهدف الى تعظيم منافع جيل على حساب جيل آخر.
يقول المركزي في مذكرتيه ان القروض الاستهلاكية تتسم بدرجة عالية من الانتظام وتشكل أحد أهم روافد ايرادات البنوك وشركات الاستثمار، كما أنه يتم منح هذه القروض ضمن شروط وضوابط لا يترتب عليها اثقال كاهل المواطن، حيث يرتبط برنامج سدادها بالراتب والدخل الشهري المنتظم للعملاء المقترضين. ومن المبررات الأخرى التي وضعها المركزي لرفض اسقاط القروض، هي أن الدولة لا تثقل كاهل المواطنين بفرض ضرائب على دخولهم، كما ان معظم الخدمات يتم تقديمها لهم بالمجان فضلا عن دعم اسعار العديد من السلع الاساسية. ويعتبر من الحصافة استغلال الفوائض المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط في أوجه الاستثمار المختلفة المولدة للدخل، وتحسين البنية الاساسية للاقتصاد الوطني في المجالات الصحية والتعليمية والاتصالات والمواصلات وبما يساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة وتحقيق الرخاء الاجتماعي لجميع المواطنين.
اتخذ البنك المركزي سلسلة اجراءات للجم نمو القروض الشخصية منذ نهاية 2006. لكن التغيير الجذري في التعليمات لم يأت على القطاع المصرفي الا في 24 مارس 2008. فمباشرة بعد فشل التصويت على مبدأ اسقاط القروض في مجلس الأمة في 27 نوفمبر 2006، بدأ المركزي باتخاذ سلسلة اجراءات في هذا الصدد. ففي 3 ديسمبر 2006، جدد تأكيده للبنوك المحلية بضرورة الالتزام بتطبيق جميع الشروط الخاصة بالقروض بحذافيرها، وضرورة التحفظ في القروض الاستهلاكية والتشدد اكثر في منحها.
وقد أصدر المركزي في حينها جملة تعليمات وتعاميم جديدة لا يمكن تفسيرها، الا في اطار مجابهة حملة اسقاط القروض باجراءات فنية نقدية تلجم ولو قليلا جموح الاقراض والاقتراض. وفيما يلي بعض ما قام به المركزي للجم نمو القروض وتصويب المخالفات فيها:
1- تقنين الحملات الترويجية
من بين تلك الاجراءات محاولة تقنين الحملات الترويجية التي تقوم بها البنوك للتشجيع على الاقتراض بحوافز وجوائز وسيارات ورحلات سفر ورواتب مدى الحياة وغيرها من الادوات المشروعة.. والمثيرة في آن!
2- تحري المعلومات المستمر عن العملاء المتعثرين
دأب البنك المركزي على التشدد في طلبه من البنوك المحلية تزويده بكشوف احصائية حول حجم القروض المقسطة وحصر أعداد المتأخرين في السداد. فبالاضافة الى الطلبات الدورية العادية ونتائج عمليات التفتيش، لوحظ حرص «المركزي» على طلب بيانات اضافية حول القروض المقسطة وحجم الزيادة في هذه الطلبات ونسب التعثر فيها.
وفي 12 مارس 2007 على سبيل المثال لا الحصر، سلم البنك المركزي اللجنة المالية في مجلس الامة بناء على طلبها 11 كرتونا تحتوي على بيانات 450 الف قرض مقسط واستهلاكي ممنوحة من قبل البنوك وشركات الاستثمار، تحتوي على تفاصيل تلك القروض من حيث تاريخ المنح وقيمة القرض ورصيده وقسطه الشهري، الا انها لا تتضمن اسماء المقترضين او اي اشارة الى هويتهم تطبيقا لمبدأ السرية المصرفية.
3- تصويب مخالفات القروض
كان أبرز اجراءات عام 2007 طلب ملفات كاملة عن كل العملاء المقترضين لفحصها وقمع البنوك المخالفة للضوابط، حيث تبين ان هناك عشرات التجاوزات بأساليب مختلفة لجأت اليها بعض البنوك بهدف الالتفاف على التعليمات. وقد تعاونت المصارف بشكل لافت حتى انها ردت اموالا للمقترضين والعملاء بلغت عشرات ملايين الدنانير. وقد أصدر «المركزي» في 4 أبريل عام 2008 تعليمات يحمّ.ل بموجبها البنوك المحلية الأعباء المالية الناتجة عن اجراءات معالجة مخالفات القروض ومنحها حتى نهاية 2008 لتصويب أوضاعها. وقد أولى «المركزي» أهمية خاصة لموضوع المخالفات في القروض الاستهلاكية والقروض المقسطة. ويقول في مذكرة في هذا الشأن:
- تم التأكد من قيام هذه البنوك والشركات بتصويب جميع هذه المخالفات مع تحملها التكاليف المالية الناتجة عن تصويب المخالفات بجوانبها المختلفة، ورد ما حصلت عليه من منافع الى العملاء، وتقديم تقارير موقعة من مدققي الحسابات حول تصويب جميع المخالفات في القروض الاستهلاكية والمقسطة ومخالفات البطاقات الائتمانية، وذلك حتى يناير من عام 2007.
- كذلك تم تكليف مراقبي حسابات البنوك وشركات الاستثمار بتدقيق القروض الاستهلاكية والمقسطة الممنوحة فيما بين يناير وديسمبر من عام 2007، وهي القروض الجديدة التي منحتها البنوك وشركات الاستثمار بعد تاريخ ابلاغها بتصويب المخالفات التي تمت خلال الفترة السابقة.
منع تقاضي رسوم سداد مبكر على القروض الاستهلاكية والمقسطة.
تم رد مبالغ العمولات والرسوم المحصلة من العملاء دون الحصول على موافقة البنك المركزي المسبقة.
تم رد مبالغ التأمين التي سبق تحصيلها من العملاء الذين سددوا قروضهم قبل تاريخ الاستحقاق.
وكانت عدة بنوك فيها مخالفات، لا سيما لجهة استقطاع اكثر من 50% من راتب المقترض كأقساط، أو تمديد فترة سداد الأقساط لأكثر من 15 سنة المسموح بها في القروض الاستهلاكية.
وقد تم توقيع الجزاءات المناسبة على البنوك وشركات الاستثمار التي خالفت التعليمات، وذلك وفقاً لأحكام المادة 852 من قانون بنك الكويت المركزي رقم 32 لسنة 1968، وتتفاوت هذه الجزاءات في ضوء حجم المخالفات وطبيعتها ومدى تكرارها، ومنها جزاءات التنبيه، او منع ممارسة نشاط او وقف التعامل او عزل او تغيير وظيفة المسؤول عن المخالفة، بالاضافة الى الجزاءات المالية.
4-- تخفيض نسبة نمو المحافظ الائتمانية
في مارس 2008، طلب «المركزي» من البنوك خفض نسب نمو المحافظ الائتمانية بشكل كبير، واجراء اختبارات ضغط للوقوف على مكامن ضعف تلك المحافظ، وضرورة التأكد من استخدام القروض في الاغراض التي منحت لأجلها.
5- رفع أوزان المخاطر
في 13 مايو 2008، رفع «المركزي» وزن المخاطر للقروض الاستهلاكية والقروض المقسطة (الاسكانية) والارصدة المدنية لبطاقات الائتمان من 75%، وهو وزن مخاطر تفضيلي بموجب معيار بازل 2، الى 100%، مع الابقاء على وزن مخاطر 75% للقروض المقدمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي لا يتعدى حجم تسهيلاتها مبلغ 250 ألف دينار.
6- الحد الأقصى للقرض والقسط الشهري
حول هذا الموضوع، حدد «المركزي» في 24 مارس 2008 ما يلي:
يجب ألا يتجاوز مبلغ القرض الاستهلاكي خمسة عشر ضعف صافي الراتب الشهري للعميل (بعد الاستقطاعات) أو الدخل الشهري المستمر له وبحد اقصى 15 الف دينار.
يجب الا يتجاوز اجمالي القروض المقسطة الممنوحة للعميل الواحد 70 الف دينار (يدخل ضمنه الحد الاقصى المقرر للقروض الاستهلاكية).
يجوز للعميل الواحد ان يحصل على قروض استهلاكية وقروض مقسطة من اكثر من جهة، شرط ألا يتجاوز مجموع قيمة الاقساط الشهرية 40% من صافي الراتب الشهري للعميل (بعد الاستقطاعات) أو الدخل الشهري المستمر له، أو 30% بالنسبة للقروض المقدمة للمتقاعدين.
يراعى عدم دمج الراتب (او الدخل الشهري المستمر) بين العملاء ذوي صلة القرابة من الدرجة الاولى بمن فيهم الزوج والزوجة، وعدم كفالة اي من الزوجين للآخر.
7- تعديلات احتساب أسعار الفائدة
قام البنك المركزي بتاريخ 24-3-2008 بادخال تعديلات جوهرية على أسس وقواعد منح القروض الاستهلاكية والمقسطة (الاسكانية)، بالإضافة الى تخفيض هامش أسعار الفائدة على هذه القروض وكذلك طريقة احتساب هذه الفوائد، وتتمثل اهم هذه التعديلات في ما يلي:
تخفيض سعر الفائدة المحتسب على القروض الاستهلاكية والمقسطة ليصبح بحد اقصى 3% فوق سعر الخصم بدلاً من 4%.
تطبيق سعر فائدة ثابت على القروض الاستهلاكية وفقاً لاسعار الفائدة الاتفاقية السارية عند منح القرض.
لا يجوز خصم الفائدة مقدماً سواء كان ذلك بالنسبة للقروض الاستهلاكية، او القروض المقسطة.
تطبيق سعر فائدة ثابت على القروض المقسطة (الاسكانية)، وفقاً لاسعار الفائدة الاتفاقية السارية عند منح القرض، على ان تتضمن العقود، التي يتم ابرامها مع العملاء في هذا الخصوص، بنداً ينص على قيام الجهة المقرضة بمراجعة اسعار الفائدة المطبقة كل خمس سنوات خلال اجل القرض، بحيث يتم تعديل سعر الفائدة المطبقة ليتماشى مع السعر المعلن عن البنك المركزي في نهاية كل خمس سنوات من اجل القرض المقسط، وبشرط ألا يتجاوز مقدار التغيير في معدل الفائدة 2%، سواء بالزيادة او النقص، عن سعر الفائدة الاتفاقية المطبق بمقتضى عقد القرض قبل التغيير.
8- ضوابط الاستحقاق والجدولة
يكون الحد الاقصى لفترة استرداد القرض الاستهلاكي خمس سنوات، وألا تزيد مدة السداد في حال الجدولة عن سنة واحدة بخلاف فترة الاسترداد الاساسية.
يكون الحد الاقصى لفترة استرداد القروض المقسطة خمس عشرة سنة، والا تزيد مدة السداد في حال الجدولة عن ثلاث سنوات بخلاف فترة الاسترداد الاساسية.
يجب ان تكون عملية الجدولة في أضيق الحدود وبناء على اسباب مقنعة لتعثر العميل.
يجب الا يترتب على عملية الجدولة تقديم اي قرض جديد للعميل بخلاف الممنوح له والمراد جدولته.
9- ضوابط إجرائية
يمتنع تقديم القروض للعملاء المتخذة ضدهم اجراءات قانونية.
يجب على البنوك ان تقوم بدراسة طلب القرض وان تتأكد من مصادر السداد.
يجب تقديم شهادة بالراتب من جهة العمل او من التأمينات الاجتماعية بالنسبة للعميل المتقاعد.
تم وقف العمل بأسلوب الدفعة الأخيرة (البالون) لدى منح القروض الاستهلاكية والمقسطة اعتبارا من 30/3/2008.
يجب بيان التزامات العميل تجاه البنوك وشركات الاستثمار وأي جهات أخرى، بما في ذلك اقساط سداد الرصيد المدين لبطاقات الائتمان، او اوامر الدفع الشهرية واقساط التأجير التمويلي.. الخ، وذلك لدى تحديد حجم القروض الاستهلاكية والمقسطة المقدمة للعميل، وبما لا تترتب عليه زيادة الاقساط على الحد الاقصى.
10-ضوابط بطاقات الائتمان
ضم «المركزي» التسهيلات الممنوحة ببطاقات الائتمان الى حساب القروض الاجمالي الخاضع لإجراءات صارمة. وأصدر جملة تعليمات في هذا الصدد، هي كالتالي:
ألا يتجاوز المبلغ المسموح بتقسيطه، والناتج عن استخدام بطاقات الائتمان، عشرة أمثال الراتب الشهري او الدخل الشهري المستمر للعميل، بحد أقصى عشرة آلاف دينار كويتي، أيهما أقل.
ألا تتجاوز فترة استرداد الارصدة المدينة الناتجة عن استخدام البطاقات الائتمانية سنة واحدة غير قابلة للتجديد، تبدأ من تاريخ استحقاق الفواتير الشهرية التي تخصم من حساب العميل.
الا يتجاوز اجمالي الاقساط المستقطعة من العميل ـ سدادا للرصيد المدين الناشئ عن بطاقات الائتمان، وسدادا لاقساط القروض الاستهلاكية (عمليات التمويل) وغيرها من القروض المقسطة، سواء من خلال البنك المصدر للبطاقة الائتمانية او الجهات الدائنة الأخرى ـ 40 % من صافي الراتب او الدخل الشهري المستمر للعميل (30% للمتقاعدين).
ألا يتجاوز سعر الفائدة على الأرصدة المدينة الناتجة عن استخدام البطاقة الائتمانية التي يتم تقسيطها اسعار الفائدة الاتفاقية المحددة لمعاملات الاقراض بالدينار الكويتي التي لا تزيد على سنة (2.5% بالاضافة لسعر الخصم المعلن من البنك المركزي)، بالاضافة الى رسوم شهرية بواقع 0.5%.
عدم اصدار بطاقات ائتمان للعملاء القصر (دون سن 21 سنة) ممن لا يتوافر لديهم راتب او دخل شهري، مع مراعاة استيفاء كفالة ولي الأمر في حال اصدار بطاقات ائتمانية لهم.
منع منح العملاء اي حوافز نقدية او عينية مقابل حصولهم على تسهيلات او بطاقات ائتمانية، وكذلك وقف الحملات الاعلانية التي تقوم بها البنوك وشركات الاستثمار في هذا الشأن.
08/11/2009
بنوك أخطأت.. تتحمل مسؤولياتها
«بعض البنوك حاد عن اتباع أساسيات الائتمان الرشيدة وأساسيات إدارة الأصول والخصوم»
عبد المجيد الشطي، رئيس اتحاد مصارف الكويت.
أصعب موقف قد يتخذه أحد من مبدأ إسقاط القروض هو موقف البنوك. فالمصارف هي المعني الأول بديون المواطنين إلى جانب المواطنين أصحاب الديون أنفسهم. وعلى الرغم من أنها ستكون مستفيدة من إسقاط القروض، لما لهذه الخطوة من إيجابيات من ناحية توسيع القدرة الاستيعابية للمحفظة الائتمانية، فانها تحذر، وبشدة، من إسقاط القروض. ومنذ بداية الحديث عن هذا المبدأ في 2004، والبنوك ترفض الفكرة جملة وتفصيلا. لكن لماذا؟ وهل ساهمت البنوك فعلا بتفاقم أزمة القروض الاستهلاكية والمقسطة؟ وما مسؤوليتها في هذا المجال؟ وكيف سعت مع «المركزي» لحل مسألة المخالفات الائتمانية؟ وما اقتراحاتها لحل قضية أعباء القروض على عدد من المواطنين؟
في البداية، تجدر الإشارة إلى أن سهام العديد من النواب، في آخر 4 أعوام مضت، وُجهت إلى صدر القطاع المصرفي على اعتباره أحد المسؤولين عن تفاقم أزمة ديون المواطنين، على حد تعبير النواب أصحاب الشأن. وقد اتهم بعض أعضاء مجلس الأمة البنوك بـ«استغلال المواطنين لتحقيق ربحية كبيرة من وراء النمو السريع للإقراض الاستهلاكي والمقسط». كما رفع عدد من المقترضين دعاوى على بعض المصارف بسبب اللغط الذي أشيع حول عدم أحقيتها بتقاضي فائدة متغيرة على القروض المقسطة.
فحتى محافظ بنك الكويت المركزي قال في أحد اجتماعاته مع رؤساء البنوك في مارس 2008 انه من الملاحظ في الآونة الاخيرة ان صورة البنوك المحلية اصبحت غير جيدة في المجتمع. لذا نصح باتخاذ جميع الاجراءات اللازمة من جانب البنوك لتصحيح تلك الصورة بواقعية وموضوعية، من خلال ممارسة العمل المصرفي بكل مهنية. كما يجب ان يناط بالبنوك ممارسة مسؤوليتها ودورها الاجتماعي بالشكل المطلوب، بما يتناسب مع حجمها في الاقتصاد المحلي ودورها في المجتمع.
مخالفات وحملات ودعاوى
وكان «المركزي» قد قال منذ عامين في اجتماع مع البنوك أيضا: «لطالما حاورنا المصارف بالاقناع الادبي والحوار الثنائي، لكن لم نكن نجد استجابة حقيقية لمحاولات كبح التوسع الائتماني»، مشيراً الى بنوك تسعى لتعظيم ارباحها على حساب المزيد من الانكشاف للمخاطر. كلام محافظ المركزي جاء حينها عند انطلاق ورشة تنظيف مخالفات البنوك لشروط الإقراض. وقد نتج عن هذه الورشة حتى بداية 2008 تصويب حوالي 29.5 ألف مخالفة توزعت بين تجاوزات لسقف الاقتطاع من الراتب (اي اقساط نسبتها تزيد على 50% من الدخل)، وتجاوزات في مدد التقسيط التي زادت على 15 سنة. وفي هذا الإطار، تحملت البنوك المخالفة كامل مسؤوليتها ودفعت من خزائنها مبالغ بملايين الدنانير من أجل معالجة هذه المخالفات. يشار هنا إلى الحالات التي تجاوز فيها القسط الشهري 50% من الراتب:
- انخفاض الراتب نتيجة التقاعد او العجز الطبي او ما شابه.
- انقطاع الراتب نتيجة الانقطاع عن العمل.
- قد يزيد القسط على السقف المسموح في حال ارتفاع سعر الفائدة بعد تاريخ منح القرض إذا كان ممنوحا بسعر فائدة متغير.
- هناك حالات أخرى مثل الحصول على قرض من جهة غير خاضعة لشبكة المعلومات الائتمانية.
بالإضافة إلى معالجة المخالفات، حدت البنوك بشكل ملحوظ في الفترة الماضية من حملاتها الترويجية التي تسوق القروض، بهدف لجم إغراء المواطنين عن الاستدانة، وذلك تنفيذا لرغبة «المركزي» أيضا. وكانت هذه الحملات ساهمت دون شك في التشجيع على الإقراض الاستهلاكي بعد عام 2003، لا سيما أن البطاقات الائتمانية تدفقت بشكل غير مدروس إلى السوق، وبقيت خارج حسبة القروض أو حسبة ألا يتعدى القسط الشهري الـ50 % من الراتب لفترة طويلة قبل أن يدخلها «المركزي» ضمن التعليمات الائتمانية.
وفي سياق متصل، يفيد القطاع المصرفي بأنه ليس مسؤولا قطعا عن ارتفاع سعر الفائدة التي شكلت أحد أعمدة تفاقم مشكلة الديون، «فلسنا نحن من يحدد الفائدة، بل المركزي»، على حد تعبير المصرفيين. هذا وقد فازت البنوك بحكم أصدرته الدائرة التجارية الحادية عشرة بمحكمة الاستئناف في 21 أكتوبر الماضي، يقضي بأحقيتها باستخدام الفائدة المتغيرة في عقودها مع المقترضين.
لا لإسقاط القروض
إذن، تَعتبر البنوك نفسها غير مسؤولة عن تفاقم مشكلة القروض، وقد سعت لمعالجة الأوضاع الصعبة في هذه القضية. إذ شرعت في تسويات مع أصحاب القروض المتعثرة -وهي راغبة في مساعدة من ورط نفسه بقروض تراكمت عليه حتى ناء تحت أعبائها. كما أنها بادرت وجدولت ديون المسرَّحين من أعمالهم في القطاع الخاص بسبب الأزمة المالية، وأوقفت جميع الإجراءات القانونية ضدهم.
لكن ماذا تقول المصارف عن مبدأ إسقاط القروض أو شراء الدولة للديون؟
رأي القطاع المصرفي استمر نفسه منذ بداية الحديث عن اقتراحات بقوانين لإسقاط القروض، على الرغم من مطالبة بعض المصرفيين الفرديين في تصريحاتهم خلال الأزمة المالية بشراء الدولة لديون المواطنين. فاتحاد المصارف رفض، إن على لسان رئيسه عبد المجيد الشطي أو من خلال مذكرتين أعدهما لهذا الشأن، أي قانون يدفع الدولة لشراء مديونيات الأفراد الكويتيين. فحسب القطاع المصرفي المحلي، إنها سابقة عالمية خطيرة ينادي بها نواب في مجلس الأمة. وتقول البنوك في هذا الصدد: «نحن لا نعيش في جزيرة وعلينا النظر إلى معالجات تمت في مثل هذه القضايا حول العالم لنعرف ان لا شطب للقروض حصل في أي مكان من هذه المعمورة على النحو الذي يطالب به نواب أمتنا. لشطب القروض أسباب وقواعد لا تنطبق مطلقاً على الذي يطالبون به».
واعتبر رئيس اتحاد المصارف، في حديث نشر في نوفمبر 2007، أن إلغاء الفوائد او شراء الحكومة للقروض هي مطالبة مكلفة ماليا وتفتقر إلى مبدأ العدالة والمساواة، وتعزز الفكر الاقتصادي الريعي. وأضاف أنه سينشأ عن هذه المطالبة ما يعرف في علم الاقتصاد بالخطر المعنوي Moral Hazard أي عندما يشعر الفرد بأن الدولة مستعدة لشراء مديونيته، وسوف يكون غير مبال وغير ملتزم بتسديد ما عليه من قروض مستقبلا، وبالفعل فقد زاد عدد غير الملتزمين بالسداد الى الضعف منذ بدأت دعوة النواب الى اسقاط القروض.
كيف ساهمت المنافسة بين البنوك في تفاقم المشكلة
1ــ حملات تسويقية للقروض
2 ــ الترويج للبطاقات الائتمانية
3 ــ مخالفة تعليمات «المركزي»
212 مليار درهم القروض الشخصية.. و70% من الإماراتيين في الدوامة الإمارات: الحكومة تعتبر صندوق المعسرين مشكلة لا علاجاً
دبي ــ نور العبدالله:
يعاني الاماراتيون، كما كل مواطني دول الخليج، من استحكام حلقة القروض بشؤونهم المالية، وتقدر مصادر اماراتية نسبة المتعاملين بالقروض الشخصية من بين الاماراتيين بـ 70 في المائة، بينما تحصر التقديرات نسبة المتعثرين في السداد بنحو 10 في المائة فقط.. وكما الحال في الكويت صدّت الحكومة اقتراحاً برلمانياً بانشاء صندوق لمعالجة هذا الملف، معتبرة ان تدخلها سيعمق المشكلة ولن يحلّها.
وعملت السلطات الاماراتية، ممثلة بالمصرف المركزي وبالحكومة والمجلس الوطني الاتحادي (البرلمان)، على تقليل أعباء هذا الملف الاجتماعية والاقتصادية عبر العمل الحثيث على جسر الفجوة بين الودائع والقروض لدى البنوك التي زادت مطلع عام 2009 عن 110 مليارات درهم (نحو 9.5 مليارات دينار)، وتم اتخاذ العديد من الاجراءات لزيادة حجم الودائع لمعادلتها عبر سن التشريعات التي تمنع التحايل البنكي والسقوط في دوامة المطالبات.
صندوق المعسرين
وفي المقابل، ووسط تحرك نيابي وشعبي لاقناعها بتبني فكرة المساهمة في صندوق لسداد قروض المواطنين المتعسرين، اعتبرت الحكومة أن سدادها ديون المواطنين قد يشجع المقترضين الملتزمين على عدم السداد، ويخلق فرصاً للاحتيال، وأن المطاف قد ينتهي الى استفحال المشكلة لا علاجها.
وبحسب استطلاعات «القبس» تتمحور القروض الشخصية، التي وصلت مع نهاية سبتمبر الماضي الى 212 مليار درهم، حول استغلال القروض للزواج وشراء سيارة ومواد استهلاكية أو سفر، في وقت تشير أحدث الأرقام المعلنة الى أن عدد المقترضين في دولة الامارات، التي يصل عدد سكانها الى 4.3 ملايين شخص، يبلغ نحو 560 ألف مقترض.
وقال عضو اللجنة المالية في المجلس الوطني الاتحادي الاماراتي خليفة بن هويدن لـ«القبس» ان المجلس الوطني الاتحادي والحكومة يتعاونان في سبيل الوصول الى مرئيات مشتركة وعملية في نفس الوقت، للحد من تأثيرات هذه القضية على العائلات الاماراتية.
واضاف بن هويدن، العضو في اللجنة المؤقتة التي شكلها البرلمان الاماراتي في العام 2008 لمناقشة «مشكلة القروض الشخصية»، خلال حوار مطول مع «القبس» ان أعضاء المجلس الاتحادي ممثلين في اللجنة عقدوا طوال الصيف الماضي لقاءات مع الجهات المختصة للحض على الاسراع في تطبيق مقترحات القانون الائتماني، وأهمها انشاء هيئة اتحادية مستقلة للائتمان، وتقوية الجهاز الرقابي للمصرف المركزي، وتعديل السقف الاعلى لقيمة القرض بما يتناسب ومستوى الدخل، وعدم اقتطاع مايزيد على نصف راتب المقترض.
وقال ان المداولات مع الحكومة لم تنجح في اقناعها في انشاء صندوق مساعدة، موضحاً ان الحكومة رأت ان وجود مثل هذا الصندوق سيفتح المجال للناس للاقتراض، وستكون النهاية استفحال المشكلة لا حلها. وبيّن ان المعالجة الحكومية في هذا الملف الشائك انصبت على مخاطبة المصرف المركزي للبنوك للتسهيل على المقترضين.. بالتزامن مع توجه لعدم سجن المقترض بسبب تعثره، بعد دراسة وضعه، اذ يمكن عبر رفع دعوى مدنية التوصل الى تفاهم بين البنك والعميل المدين لجدولة تحصيل الديون، بدل السجن الذي يقضي على مستقبل وحياة أسرة هذا الشخص.
العيش الكريم
ويقول النائب بن هويدن انه يجب توفير العيش الكريم للمواطن، وان الراتب والمسكن العائدين للمقترض يجب ان يكونا بعيدين عن وضع اليد من قبل البنوك، وشدد على ان المجلس الوطني الاتحادي والحكومة يتفقان على منع رهن البيوت الخاصة مقابل القروض الشخصية الاستهلاكية على اعتبار ان هذا المسكن حق لاسرة وليس لفرد (المقترض).
واشار بن هويدن الى ان الحكومة اقرت العقد الموحد للقروض البنكية، ما يقطع الطريق على البنود الخفية والعمولات غير الواضحة وتغيير نسب الفائدة بين بنك وآخر.
وكان من أبرز ما طالب به النواب الاماراتيون الزام البنوك بعدم الاقتطاع من اجمالي دخل المقترض لكل الالتزامات المترتبة عليه بما لا يزيد على 40 في المائة من راتبه، وان لا تتجاوز فترة السداد الـ 60 شهرا.
وتبيّن الدراسات – على قلّتها – ان أكثر من 90 في المائة، بينما يقدرها النائب خليفة بن هويدن بنحو 70 في المائة فقط، من افراد المجتمع الاماراتي مدينون للبنوك، وهو ما يدفعهم احيانا الى بيع ممتلكاتهم او حتى دخول السجون.
يشار الى ان مشكلة القروض استفحلت خلال السنوات الخمس الاخيرة، كما وصلت القروض الاستهلاكية الى أعلى مستوى لها في ربع قرن. فالقروض باتت اليوم تتجاوز الـ 1020 مليار درهم، بينها نحو 212 ملياراً قروض شخصية، مقارنة بـ 202 مليار في العام 2004.
ويرى مراقبون ان المشكلة يصعب حلها، و يصعب ايضاً تركها لانها تتعاظم عاماً بعد عام، وقد وجّه بعض النواب الاماراتيين في الجلسات التي ناقشت موضوع القروض، اللوم الى المصرف المركزي وضعف رقابته على البنوك التي تتحايل على اللوائح وعلى الحد الاقصى المسموح باقراضه.
ويرى كثير من المهتمين ان مشكلة القروض الشخصية هي حصيلة تراكم ممارسات خاطئة من البنوك ومن المواطنين، وان حلّها غير متيسر في لحظة، بل يتطلب استراتيجية وطنية من دون ان يلقي المقترض باخطائه على الحكومة.
ومع ذلك، يصر العديد من العاملين في المجال المصرفي الاماراتي على ان لا مشكلة تعثر أو اعسار في قطاع القروض في الامارات، نظراً إلى انها لاتزيد عن معدل الـ 1.5 في المائة في أسوا الاحوال. وفي هذا الصدد اكدت مصادر مأذونة من بنك أبوظبي الوطني ان معدل التعسر ضعيف، وان هذا الامر لايشكل ظاهرة البتة.
وتظهر أرقام المصرف المركزي الاماراتي ارتفاع القروض الاستهلاكية في الدولة بنحو خمسة مليارات درهم منذ مطلع العام رغم القيود المشددة التي فرضتها البنوك في ضوء الازمة المالية العالمية من العام الحالي.
فمنذ يناير الماضي ارتفعت القروض الشخصية من 207.2 مليار درهم الى 212.5 مليار، وهو ما يزيد بثمانية مليارات عن قيمتها في مثل هذا الشهر من العام 2008.
ارتفاع حالات التعثر
تشير الدراسات الى زيادة حالات تعثر المقترضين في السداد.
وتفيد الارقام بان هذه الحالات ارتفعت من 3149 حالة في العام 1998 الى 5710 حالة في نهاية 2006.
ولا تتوافر ارقام عن عدد هذه الحالات بعد تفجر الازمة المالية العالمية، والتي كانت شديدة الوطأة على القطاع المصرفي في دولة الامارات العربية المتحدة.
08/11/2009
قطر: القروض المتعثرة تربك المواطن ولا تؤرق البنوك
• على المواطن المقترض تحمل مسؤولية اقتراضه
الدوحة - القبس:
يسعى محمد عبدالله، وهو مواطن قطري تخلف عن سداد قسط دينه أكثر من مرة بسبب تعثر أوضاعه المالية، الى محاولة الوفاء بالقسط المقبل عندما يحين موعد استحقاقه، بعد أن أخذت الخيارات المتاحة أمامه تتضاءل، فيما لو تخلف مرة أخرى عن السداد.
يقول عبدالله، الذي لا يتجاوز راتبه 10 آلاف ريال إنه حصل على قرض قيمته 120 الف ريال قبل أكثر من عامين، وكان ملتزما بسداد قسطه الشهري البالغ 4 آلاف ريال في موعده من دون تخلف، ولكن منذ عدة أشهر وفي ظل تبدل الأوضاع المالية نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وازدياد حجم المسؤولية الخاصة الملقاة على عاتقه، أخذ يتلكأ في السداد، ما اضطره الى الاقتراض من أصدقائه تارة، وبيع بعض ممتلكاته الخاصة تارة أخرى.
أما أحمد جاسم الذي يعمل في شركة مقاولات، فقد حصل على قرض لشراء سيارة «فورويل» من أحد البنوك القطرية، لكنه وفي ظل تعثر أوضاعه المالية، بدأ يتقهقر في عملية السداد والالتزام بمواعيد الاستحقاق، وأمام رفض البنك اعادة جدولة قرضه البالغ 100 الف ريال، اضطر الى بيع سيارته بعد أن أخذت الأقساط تضغط عليه كثيرا وتؤرقه الى درجة أنها أصبحت تشكل هاجسا كبيرا بالنسبة اليه، خصوصا أن دخله الشهري لا يتجاوز 8 آلاف ريال.
أما خلف الساعي، فقصته في اللجوء الى الاقتراض كانت مختلفة نوعا ما، فهو لديه «خير» كثير كما يقول، ولكنه أراد زيادته، وهنا يعترف بطمعه.
تذبذب أداء الاقتصاد
يقول الساعي انه حصل على قرض قيمته 250 الف ريال لتمويل اكتتابات في أسهم بعض الشركات ولشراء أسهم متداولة في البورصة، على أمل بيعها عندما ترتفع الأسعار، وسداد القسط الشهري للقرض من أرباحها، لكنه تعرض لانتكاسه -كما يقول- بسبب حال الأسهم السيئ واستمرار اتجاهها النزولي، مما جعله يتخلف عن سداد القسط في موعده في أكثر من مرة، ومن ثم عدم مقدرته على السداد، وبالتالي لجأ الى بيع الأسهم التي قام بشرائها بخسائر كبيرة.
ويضيف: «للأسف هذا الأمر ذهب بمدخراتي أدراج الرياح.. لن أقترض مرة أخرى».
عبدالله وجاسم والساعي يمثلون في الواقع ظاهرة قوامها آلاف القطريين الذين يلجأون إلى البنوك للاقتراض ويتعثرون في السداد فيما بعد.
هذه الظاهرة ما زالت في نطاق حدودها الضيقة، وفقا لمسؤول مصرفي سابق كان يعمل في مصرف قطر المركزي، الذي يقول انها لم تصل بعد إلى مشكلة كبيرة مؤرقة تتطلب حلولا عاجلة.
ويرى المسؤول المصرفي الذي اشترط اغفال اسمه أن تذبذب مستويات النشاط الاقتصادي يؤدي إلى تراجع ثروات شريحة كبيرة من الناس وإلى افلاس بعضهم، مضيفا: «هذه سمة عامة تزداد في أوقات الأزمات الاقتصادية».
ويقول انه من حيث المبدأ، أينما وجد نظام مصرفي، هناك قروض متعثرة، ولكنها تزيد أو تقل حسب الأداء الاقتصادي ومدى تأثره بعوامل وظروف عالمية من قبيل الأزمة التي مازلنا بصددها.
ويعتقد المسؤول المصرفي أن حجم القروض المتعثرة في قطر سجلت ارتفاعا في الآونة الأخيرة، مرجعا ذلك إلى هبوط في مستوى الناتج المحلي.
وبالفعل، سجل حجم القروض المتعثرة ارتفاعا بنسبة 26% منذ مطلع العام الحالي ولغاية الآن.
زيادة معدلات التعثر
فوفقا لبيانات رسمية صادرة عن مصرف قطر المركزي، ارتفع حجم القروض المتعثرة التي يسميها المصرف في العادة بالقروض «المشكوك في تحصيلها»، من 1.7 مليار ريال (467 مليون دولار) في شهر يناير الفائت إلى 2.3 مليار ريال (631.8 مليون دولار) حتى نهاية شهر سبتمبر الفائت.
وكان اجمالي القروض التي قدمتها البنوك القطرية يصل إلى قرابة 233.8 مليار ريال في بداية العام، منها 212 مليار ريال داخل قطر والباقي في الخارج.
أما حجم القروض الاستهلاكية، فكان يشكل نحو 55.8 مليار ريال من إجمالي القروض.
وكان في ذلك الوقت حجم المخصصات بما فيها مخصصات القروض المتعثرة يصل إلى 4.5 مليارات ريال. لكن في شهر سبتمبر الفائت، ارتفع حجم القروض إلى 251 مليار ريال منها 233 مليارا داخل قطر والباقي في الخارج.
كما ارتفع حجم القروض الاستهلاكية ليصل إلى حوالي 59 مليار ريال.
وتبعا لذلك، ارتفع حجم مخصصات دعم الديون إلى 4.9 مليارات ريال بما فيها مخصصات الديون المتعثرة.
ويقول المسؤول المصرفي إن تراجع حجم الناتج المحلي تترتب عليه خسائر لشركات كبيرة عاملة في القطاع الخاص، أو على الأقل تراجع كبير في أرباحها سواء كانت عقارية أو شركات خدمات أو مقاولات أو صناعية، وذلك نتيجة تجميد مشروعات حكومية أو تأجيلها من جراء انعكاسات الأزمة العالمية.
وتكبدت معظم الشركات المساهمة العامة القطرية المدرجة للتداول في بورصة قطر خسائر أو تدنيا واضحا في مستوى أرباحها المتحققة حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري مقارنة مع الفترة المقابلة من عام 2008.
مخصصات القروض
فمن مجمل 43 شركة يجري تداول أسهمها في بورصة قطر، تكبدت 23 شركة في قطاعات البنوك والتأمين والخدمات والصناعة خسائر كبيرة أو تراجعا في أرباحها للاشهر التسعة الأولى من هذا العام.
وتدنت أرباح البنوك وحدها بنسبة 6.3% من 8.2 مليارات ريال الى 7.7 مليارات، بيد أن نسبة الخسائر أو التراجع في أرباح مجمل الشركات المساهمة العامة القطرية بلغت نحو 15.1%، بعد أن بلغت أرباحها حتى نهاية سبتمبر 20.2 مليار ريال انخفاضا من 23.8 مليار ريال مقارنة مع أول تسعة أشهر من العام الفائت.
ويؤكد المسؤول المصرفي أن مصرف قطر المركزي كان يستشرف مشكلة الديون المتعثرة، فكان يطلب من البنوك العاملة في البلاد زيادة مخصصات القروض كلما زاد تعثرها، لذلك، تحفظت البنوك على الإقراض في فترة من الفترات خلال هذا العام بما فيها قروض الأفراد، لأنها كانت تدرك أن الناس «مقبلون على إعسار أو أنهم أعسروا».
ولم يسبق أن تدخلت الحكومة القطرية بشكل مباشر في قضايا القروض المتعثرة لمواطنيها، لكنها قامت مرة أو مرتين على الأقل في سنوات سابقة، ومن خلال «مكارم أميرية» بشطب ديون مواطنيها المتعلقة بأقساط الإسكان، والتي كان يصل حجمها حسب إجمالي الأقساط المتبقية الى قرابة 200 أو 300 ألف ريال وأحيانا 500 ألف ريال وأكثر، إذا كان المواطن قد حصل على قرض الإسكان للتو.
ولم يحصل ان تدخلت الحكومة القطرية لمحاولة إسقاط ديون مواطنين على بنوك خاصة، لكنها تدخلت وقامت بتوفير مظلة دعم قوية للبنوك في فترة سابقة من هذا العام، إما من خلال شراء نسبة من أسهمها المتداولة في بورصة قطر، أو من خلال شراء محافظها الاستثمارية المتعثرة.
حالات نصب واحتيال
أما حالات التعثير في السداد فليس مردها فقط تراجع الأداء الاقتصادي بفعل تداعيات الأزمة العالمية، أو الخسائر التي تكبدتها الشركات القطرية، حيث ان معظم المواطنين القطريين يعتبرون مساهمين في تلك الشركات وبالتالي سيتأثرون سلبا بخسائرها، وإنما يساهم في ذلك، بحسب الشكرجي، عوامل محلية أخرى من بينها تعرض العديد من المواطنين للاحتيال في حالات كثيرة بسبب شركات وهمية أو هروب مستثمرين الى خارج البلاد، ما كان يكلفهم أموالا طائلة قاموا باستثمارها في تلك الشركات ومع أولئك المستثمرين.
فعلى سبيل المثال، توقف العمل اخيرا في برج سكني كان يفترض أن يتم إنجازه خلال هذه الأيام، وعندما حاول المواطنون الذين قاموا بشراء شقق في هذا البرج الاستفسار عن الأسباب، وجدوا أن الشركة الوسيطة التي باعتهم الشقق على الورق قد «تبخرت» بعد أن أغلقت مكتبها في الدوحة، ولم يعد لها وجود، وما زالوا حتى الآن يبحثون في كيفية استرداد أموالهم.
وفي حالة احتيال أخرى، هرب مستثمر شركة كبيرة الى خارج البلاد ومعه نحو 200 مليون ريال، هي إجمالي أموال جمعها من عملاء ومواطنين على أمل استثمارها لهم، وبدلا من استثمارها وتنميتها، قام بسرقتها والهروب بها، ما أدى الى إفلاس العديد ممن كانوا قد وضعوا أموالهم في تلك الشركة، وضياع البعض الآخر ما بين «حانا ومانا»، بانتظار استرداد ولو جزءا يسيرا من ثروتهم المسلوبة.
وتنشر الصحف المحلية القطرية باستمرار عن حالات نصب واحتيال مماثلة يتعرض لها مواطنون ومقيمون في البلاد.
8 ملاحظات
في مذكرتين منفصلتين، الأولى نشرت في 24 مارس 2008 والثانية في 25 أكتوبر 2009، قدم اتحاد المصارف جملة أسباب فنية تنتقد اقتراحات بقوانين لإسقاط الفوائد وإعادة جدولة القروض والتعديل على قانون صندوق المعسرين، تلخص بالتالي:
1- لا عقود إذعان
المذكرة الايضاحية لبعض الاقتراحات بقوانين شبهت عقود القروض المصرفية بعقود الإذعان. إن عقود القروض المصرفية لا تندرج قانونا في عداد «عقود الإذعان»، فهي تختلف عنها، وليست لذلك شبيهة بها، أخذا بما هو مقرر من أن عقود الإذعان تتميز عن غيرها باجتماع سمات ثلاث، أولاها تعلق العقد بسلع او مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة للمستهلكين او المنتفعين، وثانيتها احتكار الموجب لهذه السلع او المرافق احتكارا قانونيا او فعليا او قيام منافسة محددة النطاق بشأنها، وثالثتها صدور الايجاب إلى الناس كافة وبشروط واحدة وعلى نحو مستمر، والقبول بهذه العقود ليس إلا إذعانا لما يمليه الموجب، فالقابل لا يملك إلا ان يأخذ أو يدع. ومتى كان الأمر كذلك، وكانت القروض الاستهلاكية والمقسطة لا يحتكرها بنك بذاته دون غيره أو شركة استثمار دون سواها، وهي تتم في سوق تسودها اعتبارات المنافسة، وتوقع عقودها طواعية ممن يقبل باختياره عليها، فإن أوصاف عقود الإذعان تنتفي قانونا عنها، ولا وجه بالتالي للشبه بينهما.
2- أقساط منخفضة
تنص بعض الاقتراحات على اعادة جدولة القروض بتقسيط أرصدتها على أقساط شهرية متساوية لا يجاوز كل منها 30% من الدخل الشهري للمدين، مستبعدة منه ما عليه من التزامات شهرية لجميع الجهات الدائنة، بالاضافة الى ما قد يكون في ذمته من التزامات مالية شهرية تتعلق بنفقة أو باحكام واجبة النفاذ، وأي أقساط تجاه بنك التسليف والادخار والمؤسسة العامة للرعاية السكنية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، أو أي أقساط مستحقة لأي من الجهات الحكومية أو مقابل سلع اشتراها أو لقاء خدمات حصل عليها من الشركات والمؤسسات التجارية الخاضعة لرقابة وزارة التجارة والصناعة والتي تقوم بمنح تسهيلات ائتمانية عن طريق البيع بالتقسيط للسلع أو بتقديم خدمات باثمان مقسطة او اي بيوع آجلة. ومما يسترعي النظر هنا أن النسبة التي يُسمح بخصمها من الدخل الشهري للمقترض، هي من جهة نسبة متدنية لا تكفي للوفاء بدائنيات الجهات الدائنة. كما ان فرضها من جهة ثانية يتضمن تعديلا لعقد القرض الذي تم رضاء واختيارا، وتضمن نسبة اعلى تسمح بها تعليمات بنك الكويت المركزي. كذلك لا يبدو واضحا ما اذا كانت الفائدة المتفق عليها اصلا في عقد القرض سوف تسري على الرصيد المعاد جدولته.
3- استبعاد المخصصات غير دستوري
نصت بعض الاقتراحات بقوانين على منح المواطن المتعثر قرضا حسناً من دون فوائد يسدد للجهات الدائنة لتخفيض قيمة القرض الى الحد الذي يمكن معه تسديد رصيد القرض، بعد استبعاد من هذا الرصيد المخصصات المتوافرة مقابله لدى الجهات الدائنة. ويعيب النص على استبعاد المخصصات من ارصدة تلك القروض ان هذه المخصصات تقع في نطاق الملكية الخاصة للجهات الدائنة والتي ينص الدستور، في المادة 18ــ1، على انها «مصونة» وانه «لا ينزع عن أحد ملكه الا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه، وبشرط تعويضه عنه تعويضا عادلا».
لذا، فان الاقتراحات بقوانين اذ تنزع المخصصات المملوكة ملكية خاصة للجهات الدائنة ومن دون تعويض عادل مواز لقدرها وعوائدها، تكون قد جاءت مجانبة للدستور ومنافية مقاصده. يضاف لهذا ان المخصصات ترصد من ارباح الجهات الدائنة لمواجهة مخاطر الديون غير المنتظمة، ويتحدد حجمها بنسب معينة تتدرج تبعا لمدى جسامة حالة عدم الانتظام ومدتها ومدى تدني قيمة ضماناتها. ويجري التصرف في هذه المخصصات وفقا لقواعد وضوابط معينة مقررة من السلطات الرقابية، وهي مطلوبة اذا عادت حالة التعثر في السداد نتيجة توقف الدخل الشهري أو انخفاضه. وليس مقبولا استبعاد كامل رصيد قرض تأخر سداده فترة معينة واتخذت عنه اجراءات قانونية لمجرد وجود مخصص مقابله معادل له. فهذا يعني اسقاط الدين واهدار حق الدائن، الامر الذي يفتقر الى الاسس المنطقية التي تلزم لحمله، ويحفز الى المزيد من التأخر في السداد، ويلقي الاضطراب في الحياة المصرفية والتجارية.
4- اسقاط الدعاوى من الطرفين
تفرض بعض الاقتراحات بقوانين على الجهات الدائنة التنازل عقب ابرام التسوية عن أي دعاوى قضائية متداولة تكون قد اقامتها تجاه العملاء المدينين بمديونيات متعثرة. غير أن هذا الحكم يستدعي ان ينص عليه أيضا في المقابل بالنسبة لهؤلاء العملاء، فيلتزمون بدورهم بالتنازل عن دعاواهم تجاه الجهات الدائنة، لوحدة الغاية وهي استقرار الاوضاع المالية لسائر الاطراف. ولا يجب حظر الدائنين لاتخاذ اجراءات قضائية جزائية ضد العميل بما في ذلك المنع من السفر، لأن علاقة الدائنية التي تربط بين العميل ودائنه تخضع لأحكام قانون التجارة طالما لم تقع جريمة تستتبع اتخاذ اجراءات جزائية، فضلا عن ان منع المدين من السفر هو اجراء وقتي تحفظي ينظمه قانون المرافعات المدنية، والتجارية ويهدف الى المحافظة على حق الدائن.
5- محاذير تنظيم السياسات الائتمانية
تضمنت بعض الاقتراحات بقوانين تنظيما لمنح القروض الاستهلاكية والمقسطة، ووضع جزاء على الجهة التي تقدم قرضا بالمخالفة لهذا التنظيم. والتنظيم المشار اليه يسلب الاختصاص الأصيل لبنك الكويت المركزي برسم وتوجيه السياسات الائتمانية بحسبانه الجهة الخبيرة والمؤهلة لهذه المهمة وفقا لأحكام المواد 15 و71 و73 من القانون رقم 32 لسنة 1968، كما ان من شأن هذا التنظيم تقليص الحدود التي يمكن اقراضها للقطاع العائلي الى حد كبير تعجز معه الجهات المقرضة عن تلبية احتياجات المواطنين، وتدفعهم الى السعي خارج النظام المصرفي، واللجوء إلى السوق غير المنظم والذي يتسم بالمغالاة الفاحشة في اسعار الفائدة وفي الضمانات. وفوق هذا كله، فإن تنظيم السياسات الائتمانية بقانون يصيبها بالجمود ويجردها من المرونة الواجبة.
6- الجزاء يتسم بالمغالاة
إن الجزاء الذي تفرضه بعض الاقتراحات على الجهات التي تقدم أي قرض بالمخالفة لهذا التنظيم، والذي يتمثل في «غرامة تعادل ضعف القرض الممنوح للعميل»، هو جزاء يتسم بالمغالاة، ولا يحفز على إقدام الجهات المقرضة على تقديم هذا النوع من الاقراض، وقد يضطرها الى التشدد في معايير منحه.
7- القوة الملزمة للعقود
تهدر بعض الاقتراحات القوة الملزمة للعقود المبرمة بين الجهات الدائنة وعملائها المدينين، وتعدل في أحكامها التي هي شريعة عاقديها. إذ تجبر الدائن المقرض على قبول ثمن الشراء قبل حلول الاجل المتفق عليه بحسبانه سداداً معجلاً، وتسقط عن حقه التعاقدي في استيفاء الفائدة، خلافا لما تنص عليه المادة 104 من قانون التجارة من انه «اذا كانت مدة القرض معينة، لم يجبر الدائن على قبول استيفاء الدين قبل حلول الاجل، ما لم يدفع المدين الفائدة المترتبة على المدة الباقية».
8- وفق الشريعة أم لا؟
تنص بعض الاقتراحات على أنه «يحظر على البنوك وشركات الاستثمار إعطاء أي نوع من أنواع القروض الربوية للمواطنين، ويقرض المواطنون قروضاً استهلاكية تتفق مع أحكام الشريعة». وعلى الرغم من أن مثل هذا الحظر ينطوي على تغيير جذري لبنيان الجهاز المصرفي الحالي ويقصره على البنوك وشركات الاستثمار التي تتعامل وفقاً لأحكام الشريعة الاسلامية، فإن هذه الاقتراحات لم تمانع مع ذلك في بقاء البنوك التقليدية مع السماح لها بفتح فروع أو شركات مستقلة تتعامل مع الائتمان واقراض المواطنين وفق أحكام الشريعة، وهكذا تفتقد أحكام تلك الاقتراحات إلى التناسق والانسجام. وحري بالنظر في هذا المقام أن الاقتراحات المذكورة تحرم الاقراض بفائدة متى كان مقدماً للمواطنين الكويتيين، بينما لا تحرمه إذا كان مقدماً لغيرهم. وأياً كان وجه الرأي في هذا النهج، فإنه ينطوي على تعديل جذري لقواعد مستقرة ينص عليها قانون التجارة، وكذلك القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية، وهي قواعد معمول بها في سوق مصرفية شديدة الحساسية بطبيعتها.
رأي غرفة التجارة والصناعة
أصدرت غرفة تجارة وصناعة الكويت في بداية عام 2008 تقريرا تضمن رأيها باسقاط القروض. وفي ما يلي ملخص لآثار تترتب على تطبيق هذا المبدأ وفق الغرفة:
1 - نشر روح الاتكالية والتهاون في الفهم والالتزامات بين المواطنين.
2 - احداث قفزة في الدخول المتاحة للإنفاق لدى المواطنين، الامر الذي سيؤدي الى تزايد واضح في الطلب على السلع والخدمات ينجم عنه تسارع في الضغوط التضخمية وتداعياتها.
3 - اسقاط القروض سيدفع أغلبية المواطنين الى التمادي في اللجوء الى الاقتراض لقناعتهم بعدم ضرورة الالتزام بالسداد، فيقترض من لا يحتاج الى قرض او يقترض غيره بمستويات تفوق حاجته، مع ما يعنيه ذلك من تأثير سلبي في كفاءة المعاملات المالية وفي تخصيص الموارد.
4 - اسقاط القروض فيه اخلال واضح بمبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين، فهذا الاقتراح يجرح مبدأ العدالة بين المقترضين وغيرهم، وبين المقترضين انفسهم تبعا لاختلاف مصدر قروضهم من جهة، وتبعا لقيمة قروضهم من جهة اخرى.
5 - ليس من المنطق أو العدل قياس اقتراح اسقاط الديون اليوم بتدخل الدولة واسقاط القروض الاستهلاكية عام 1991. فهذا الاخير تم في اطار الجهود الرامية الى ازالة آثار الاحتلال الغاشم، وعملا بالمادة 25 من الدستور التي تنص على ان تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الاعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة.
6 - اقرار اقتراح اسقاط القروض يعني استمرارا في النهج المالي والسياسي الذي ساد مرحلة طويلة سابقة. فأضعف أثر وفائدة الطفرة المالية الاولى، وهو النهج الذي ساهم الى حد بعيد في الاختلافات الهيكلية الاساسية بالاقتصاد الكويتي، وفي ايجاد مجتمع استهلاكي منخفض الانتاجية، يعتمد على ريع النفط والإنفاق العام.
7 - سيؤدي اسقاط القروض الى شرخ جسيم في هيكل توظيف الاموال لدى وحدات الجهاز المصرفي والمالي التي اعيد بناؤها وتعزيزها بتكلفة عالية بعد الاحتلال الغاشم وأصبحت اليوم تحتل مكانة مميزة اقليميا وعالميا.
متى يمنع الدائن المقترض من السفر؟
حسب مرجع أصول التنفيذ في القانون الكويتي للدكتور أحمد مليجي، أجاز قانون المرافعات في المادتين 297 و298 للدائن بحق محقق الوجود حال الاداء، ولو قبل رفع الدعوى، أن يطلب من القضاء إصدار أمر بمنع المدين من السفر، اذا قامت اسباب جدية تدعو الظن بفراره من الدين. وحدد القانون شروط منع السفر في الآتي:
• أن يطلب الدائن منع مدينه من السفر. ومن خلال هذا الشرط يتضح أن القاضي ليس له أن يصدر الامر بمنع المدين من السفر من تلقاء نفسه، بل لا بد من ان يطلب المنع الدائن بما له من مكنة منحها له القانون.
• أن يكون حق الدائن محقق الوجود حال الاداء. ويكون الحق محقق الوجود بأن يكون ثابتا بسبب ظاهر يدل على وجوده ويكون حال الاداء بأن يكون ميعاد الوفاء به قد حل واصبح واجب السداد. ومفاد هذا الشرط ان المشرع لم يتطلب ان يكون الدين معين المقدار. فلم يشترط القانون لاستصدار أمر بمنع المدين من السفر أن يكون هناك حكم مثبت للدين أو حتى أن تكون هناك دعوى موضوعية، بل أجاز للدائن طلب الامر بمنع مدينه من السفر، ولو قبل رفع الدعوى الموضوعية.
• أن يقدم الدائن الدليل على وجود أسباب جدية تدعو الى الظن بفرار المدين من الدين: مجرد عزم المدين على السفر لا يكفي لمنعه من السفر. لكن لا بد أن تقوم اسباب جدية تدعو للظن بفراره من الدين، ويكون عبء اثبات ذلك على الدائن، الذي يطلب منع مدينه من السفر، ولا يكفي مجرد الظن، ومثال ذلك ان يقوم المدين بإنهاء اعماله في الكويت وتسفيره أسرته وبيعه السيارة.
• أن يثبت الدائن أن مدينه قادر على الوفاء. ومفاد هذا الشرط انه اذا كان المدين معسرا غير قادر على الوفاء فلا جدوى من منعه من السفر، ويخضع تقدير ذلك لقاضي الموضوع.
وقد حدد القانون حالات يسقط فيها الامر بمنع السفر ولو كان الدين لم ينقض، وهي كالتالي:
1ـ يسقط المنع من السفر إذا وافق الدائن كتابة على اسقاطه.
2 ـ يسقط المنع من السفر اذا تخلف شرط من الشروط اللازم توافرها للامر به والسابق سردها.
3 ـ يسقط الامر بالمنع من السفر اذا لم يقدم الدائن لإدارة التنفيذ ما يدل على انه تم رفع الدعوى القضائية بالدين.
4 ـ كذلك يسقط اذا أودع المدين خزانة ادارة التنفيذ مبلغا من المال مساويا للدين وملحقاته وخصص هذا المبلغ للوفاء بحق الدائن مستصدر الامر بمنعه من السفر.
5 ـ يسقط اخيرا المنع من السفر اذا قدم المدين كفالة بنكية من أحد البنوك كافية لضمان الدين أو قدم كفيلا مقتدرا يقبله المختص.
حبس المدين
• لا يجوز حبس المدين الا بناء على حكم نهائي أو أوامر أداء نهائي. وعلى مأمور التنفيذ المختص التأكد من ذلك قبل الشروع في أي عمل أو إجراء من اجراءات طلب الحبس.
• يكلف المحكوم عليه بالحضور لتنفيذ الحكم متى طلب المحكوم له ضبطه وحبسه قبل البت في تحرير الضبط والحبس.
• إذا حضر وسدد المبلغ يقوم الموظف المختص باستلام المبلغ المعروض ويودعه على ذمة المحكوم له.
• إذا لم يحضر المحكوم عليه يحرر له طلب ضبط وحبس بناء على طلب المحكوم له.
• إذا حضر المحكوم عليه او تم ضبطه وامتنع عن الوفاء، يحرر الموظف المختص محضرا بذلك ويعرض الملف على مدير ادارة التنفيذ لتقرير ما يراه مناسبا بشأن حبسه.
• إذا امر المختص بحبس المدين يرسل مع النموذج المعد لذلك للجهة المختصة لتنفيذه.
تحقيق: ثائرة محمد
«مال عمك ما يهمك» هو بالتأكيد مال ليس مالك.. قد يكون مال صديق، او مالا يخص العمل او صاحب الحلال الذي تعمل لديه.. او ربما يكون للتجارة او للحكومة او للدولة.. في النهاية هو مال لا يعنيك من قريب او بعيد، وبالتالي لا يهمك ان تبدده او تستخدمه وتستغله.
والمال الذي أعنيه ليس بالضرورة عينيا او ماديا، بل قد يكون ممتلكات خاصة او عامة.. والمصيبة الجمة اليوم اننا عندما نستغل مال غيرنا او نبدده، يرى الكثيرون ان ذلك امر طبيعي ومألوف. فالموظف مثلا قد لا يشعر احيانا انه يستغل وظيفته، حتى لو بورقة وقلم ليسا من حقه بل من حق صاحب العمل.. وحقه فيهما فقط ما يكفيه لانجاز عمله.
والبعض ينظر الى الامر على انه استفادة «وابو البلاش كثر منه»، حيث يعتبر نفسه أحق من غيره، كما انه هكذا تعود، وهذا ما يراه من سلوك باقي الموظفين حوله، حيث يستنزف هؤلاء بشكل ملفت كل ما اتاحه صاحب العمل لمصلحة العمل، لا لمصلحة كل من يعمل به. وهذا الأمر لا يجري في العمل فقط، انما في كل مكان، حتى في الشارع والجمعية، بل في البيت ايضا. فحينما تبدد الزوجة مال زوجها حتى لا يرفع رأسه ليفكر بالزواج من أخرى، لا يهمها أنها تهدر تعبه.. وحينما تستنزف الخادمة مواد التنظيف في أقل من اسبوع لا يهمها ذلك لان غيرها سيدفع.
فلمال الغير الذي لا يهمنا اوجه كثيرة قد تكون أبسط او أعقد، لكن ما سنشير اليه نعتبرها أمورا بسيطة قد لا نلقي لها بالا، لكنها في الواقع خطيرة لانها استغلال سيئ لمال من المفترض ان نكون مؤتمنين عليه. وفي تحقيقنا هذا نناقش هذه الظاهرة غير المستجدة في المجتمع.
هل فكرت يوما كيف تكون أمينا على مال غيرك؟
ــ تقول داليا محمد:
للأسف ان كثير من الناس لا يفكر اليوم بما هو مؤتمن عليه الا من رحم ربي.. فعلى سبيل المثال حين تمنح بعض الشركات مصروفا خاصا للموظف لبنزين السيارة او تخصص له سيارة خاصة للعمل، فان البعض يستغل هذا البنزين في أمور خاصة، بل انني اعرف احدهم يجعل جميع افراد اسرته يستفيدون من البطاقة الخاصة بالبنزين بطريقة غير مباشرة ليقوم بـ«تفليل» سياراتهم على حساب الوزارة او الشركة.
كما ان هناك المهندسين المعماريين وغيرهم من المقاولين الذين يستغلون العمال ومواد البناء في مشروع ما، من اجل اتمام او بناء بيوتهم الخاصة او اجراء تعديلات عليها، مستغلين وقت العمل من جانب، ومن جانب آخر المواد التي يحصلون عليها مجانا او بمعنى اصح «يسرقونها» من دون معرفة صاحب العمل بكل تأكيد.
كل مهنة للأسف فيها كثير من الاستغلال والسرقات لصاحب المال والحلال، ويبقى مدى هذا الاستغلال من موظف الى آخر متوقفا على مدى امانته او خيانته لمهنته.
وتضيف: وليكون الشخص أمينا على مال غيره، لا بد اولا ان يكون أمينا مع نفسه، ويعرف قيمة المال وكم يعاني الانسان حتى يحصل عليه، وكيف يحافظ على ماله اولا حتى يحافظ على اموال الغير وممتلكاتهم.
تصوير أوراق امتحانات الأبناء
في كل المجالات، للأسف، تجد البعض يقوم بتصوير اوراقه ومستنداته او حتى اوراق امتحانات أولاده في اماكن العمل، من دون ان يستوقفهم ان في ذلك استغلالا للعمل، حتى لو كانت ورقة واحدة.
هنادي الشمري حدثتنا عن ذلك قائلة:
ان اقل استغلال يمكن ان نشير اليه هو قيام الكثير من الموظفين بتصوير اوراق تعنيهم او تعني ابناءهم، من دون ان يعرفوا ان هذه من طرق الاستغلال لاوراق العمل وحبر ماكينة التصوير المكلف، بل ان البعض يقوم بتصوير «ملازم»، أي ملفات كبيرة، مبددا وقت العمل والمال ايضا.
السائقون والتوصيل
وتضيف الشمري:
كما ان بعض السائقين، سواء الذين يعملون في البيوت او في الوظائف الحكومية او الخاصة، يستغلون سيارات العمل بعمل اضافي عليها كتوصيل الركاب من الشارع، اي يحولون السيارة إلى تاكسي اجرة. كذلك يستخدم البعض الموبايل الخاص بالعمل في اجراء مكالمات خاصة من دون الانتباه إلى ان ذلك يعد استغلالا للوظيفة في امور خاصة.
لكن في الوقت نفسه هناك من يهتم كثيرا بعدم استغلال مال غيره وتبديده، حتى لو كان بمقدار شعرة، لانه مال غيره، فالبعض لا يشحن حتى بطارية موبايله اثناء العمل لايمانه بان الكهرباء حق للدولة، ويخاف ان يحاسبه الله عليها.
استغلال ممتلكات الأصحاب
البعض قد يستأذنك باستعارة سيارتك، أو اوراقك، او أي امر خاص، ولانه صديق تمنحه ما طلب، فهل يعود اليك ما أخذه كما سلمته له؟
يقول حسين عبدالكريم:
عندما يستعير صديقي سيارتي يعيدها لي اما تالفة او مستهلكة من دون ان يبالي بي او بها. كثير من الناس عندما يتصرفون مثل هذه التصرفات لا يعتبرون ان ما حصلوا عليه امانة في اعناقهم سيسألون عنه، حتى لو غاب صاحب المال او الحلال..
ويشير الى ان البعض يتصرف بهذه العشوائية لانه اصلا شخص غير مسؤول، فهو اعتاد أن يبدد حتى ممتلكاته الخاصة.
الخدم
معروف عن كثير من الخدم الاسراف والتبذير خصوصا في مواد التنظيف، فما يبقى عند صاحبة البيت شهرا قد يبددونه ربما في اقل من اسبوع.
عن هذه الفئة وعلاقتها بـ «مال عمك لا يهمك» تقول شيماء المحمدي:
الخدم كما نعرف مصاريفهم واستهلاكهم كثير، وأسهل ما يقولونه عندما تسألهم عن شيء ما «ماما ماكو». وعندما تدخل اليهم خلسة تعرف كيف يبذرون في كل شيء، حتى في اسرافهم للماء، لأن منطقهم «انت اكو فلوس»، بمعنى أن تبذير الخدم يكون أحيانا بقصد «خسارة» صاحب البيت. وهذا التبذير يكون عن سابق اصرار وترصد وكأنه انتقام، لان الخادمة لا تملك المال كصاحبة البيت. والبعض الآخر يسرف ويبذر عن غباء وقلة وعي.
المال السايب يعلم السرقة
«مال عمك ما يهمك» تقولها رشا محمد الى كل من لا يتحمل المسؤولية ولا يشعر بتعب وعناء غيره في الحصول على المال. أما كيف يعلم المال السرقة فتقول:
ــ العتب اولا يقع على صاحب العمل، لان المثل المعروف يقول «المال السايب يعلم السرقة». فلو كان يراجع حساباته ويدقق فيها ويهتم بماله، او يترك هذه المهمة الى اشخاص اصحاب ثقة، لما كان ماله حقا مكتسبا عند الآخرين او العاملين لديه.
ان ضمير الموظف او العامل في أي موقع واي مكان، هو الفيصل في هذه القضية، ومن ليس لديه ضمير سيسرق او يستغل وهو مرتاح.. الأمر اذاً يتوقف على ضمير كل شخص وايمانه ومدى احساسه بالمسؤولية، والاخلاق التي تربى عليها والبيئة التي تعود عليها.
غياب الايمان الحقيقي
شيخة المعتوق ترى:
ان غياب الايمان الحقيقي باستشعار مراقبة الله له في كل الامور، يجعل البعض يستهين بامور قد تبدو بسيطة كورقة او قلم، او قد لا يفكر فيها اصلا، لان ما يراه حراما، هو الاستغلال المادي الكبير فقط، كالرشوة والاختلاس والتزوير وغيرها. اما الامور البسيطة فقد تغيب عن وعيه من دون قصد في كثير من الاحيان. لكن عندما يكون الايمان حقيقيا، يستشعر الانسان كل بسيطة ويقف ليسأل نفسه: هل هذه من حقي ام ان الله سيحاسبني عليها؟
علم النفس يبدد مال غيره لعدم احساسه الداخلي بالخطأ
عن اسباب اهمال مال الغير وتبديده او استغلاله وسمات هؤلاء الاشخاص، التقينا الاستشاري النفسي الدكتور حسن الموسوي، فقال:
ــ هناك سببان اساسيان لهذه الظاهرة: الاول يتمثل في عدم تحمل الانسان للمسؤولية، والمال احد المسؤوليات التي يتحملها الانسان، وعدم قدرته على الحفاظ عليه ناتج من انه شخص غير مسؤول.
اما السبب الثاني فهو الحالة النفسية التي تمر بها تلك الشخصية المهزوزة التي من سماتها عدم الحفاظ على المادة .
وحول اهم سمات الاشخاص المبددين لمال غيرهم يقول:
ــ هم اشخاص يعانون الاضطراب النفسي وعدم التوازن، وهؤلاء هم الاكثر تبديدا للمال لعدم شعورهم باهمية المادة وقيمتها. وتختلف النظرة في الحفاظ على المال من شخص تعب ليحصل عليه، وآخر يعتقد انه قد يحصل عليه مرة ثانية وثالثة.
وعدم شعور الشخص بان المال جاء بعد تعب، يجعله يبدد اموال غيره كنوع تعويضي للجانب المضطرب في شخصيته.
ويضيف ايضا: الضمير يكون نائما عند مثل هؤلاء الاشخاص والسبب عادة هو عدم الاحساس الداخلي بالخطأ الذي يفعله، لان الوضع العام وللاسف يعتبر هذا الأمر طبيعيا نتيجة اهتزاز القيم وتغير الاوضاع، مما يجعله شيئا دارجا، حيث يعتبر نفسه طبيعيا لانه يستغل مال غيره او يبدده. والاستثناء اليوم هو من يحافظ على مال غيره وعلى القيم وصحوة الضمير كون ذلك اصبح عملة مفقودة. ويرجع ذلك الى شخصية الانسان وقيمه وضميره واهمية احترام مال الآخر.
ويشير الى ان الامر اصبح طبيعيا كما ذكرنا عند كثير من الناس لعدم الاحساس بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم ونتيجة حبهم لذاتهم ايضا والانانية الطاغية عندهم.
• لكن كيف يمكن ان نحد من هذه الظاهرة المتفشية؟
ــ عن طريق مبدأ الثواب والعقاب (الاجراء السلوكي) بمعنى ان يعاقب كل من يتعدى على مال الآخر ويتلفه او يبدده ليكون عبرة لمن يعتبر.
صابر السويدان - سعد كميل - عائشة الرشيد
تحقيق: ثائرة محمد
اليوم نعيش في زمن الخبراء.. أنا وأنت وأمي وأمك كلنا خبراء، فمن يشك خيطا في ابرة هو خبير في الخياطة، اما من يخيط فهو خبير الخبراء.. ومن تصبغ الوجه بالألوان المزعجة والمتضاربة خبيرة تجميل.. ومن يبدي رأيه عبر عمود في صحيفة حول قضية سياسية ما، نقول عنه خبيرا او ناشطا سياسيا.. ومن يرسم موديلا شاذا او غريبا لا احد يجرؤ ان يلبسه نقول عنه خبير في التصميم والازياء.. ومن يمتلك مفردات الردح الصحفي والتطاول على الغير يقال عنه خبير ومفكر.. وهكذا...
فالخبراء بصراحة حدث ولا حرج، لأنهم كثر وفي كل المجالات، ولا مجال لحصرهم. ومصيبة المصائب عندما تقابل احد هؤلاء الخبراء «النص كم» فتجده صغير العمر ولا تتعدى خبرته العامين. اذن فمن منحه لقب الخبير؟
أعترف لكم بان الاعلام بكل اشكاله سبب رئيسي لانتشار ظاهرة الخبراء.. فهؤلاء اما ان يكون الاعلام أطلق عليهم لقب «خبير» ومنحهم هذا الشرف العظيم، واما انهم حازوا عليه مقابل مادي كالاعلان مثلا، واما نتيجة ابراز وتضخيم صورة الشخص في برامج «التوك شو» talk show وتقديمه على انه فلتة زمانه، بهدف الاثارة وجذب الانتباه.
والسبب الثاني انهم قد يكونون منحوا انفسهم هذه الالقاب حتى اصبحت كلمة «خبير» اليوم مشكلة كبيرة، قد يدفع ثمنها الناس بسبب قلة الوعي والانجراف في تصديق هذه الكلمة التي تعني الإلمام الكامل في هذا المجال والتخصص او ذاك.. وما اكثر من انجرف وراء كلمة خبير التي سمعها عبر الشاشة او قرأها في صحيفة، ودفع ثمن تصديقها حياته كلها.
تحقيقنا يرصد آراء بعض الخبراء الحقيقيين، فلنتابع اذن من هو الخبير، وكيف نستطيع ان نكتشف زيفه او حقيقته، وكيف نصل الى حلول لهذه الظاهرة المتفشية، وذلك من خلال بعض من لديهم خبرة في مجالاتهم، لعلها تكون بداية الوعي بتلك الأزمة.
في وطننا العربي لدينا خبراء لم يتجاوزوا الثلاثين عاما، اما في الولايات المتحدة الاميركية فلا يحظى احد بلقب خبير الا بعد الخمسين عاما او الستين، وبعد ان مر بسنوات طويلة من البحث العلمي والمهني. الخريج الجديد اليوم، الذي «لم يعرف كوعه من بوعه» حتى الآن يطلق العنان لنفسه بتلقيبها بالخبير والمستشار والعالم والبروفيسور وغيرها..
والأخطر منه شخص «خبير» لم يحصل حتى على شهادة في مجال عمله، وعندما تسأله عن خبراته وشهاداته تسمع منه العجب العجاب.. فمعنى الخبرة بالنسبة له هي الهواية والممارسة، حتى لو ليوم.
احدى خبيرات التجميل، وهي معروفة في الكويت وكانت تتصدر كثيرا من المجلات الاعلانية وعليها طلب كبير، عندما تسألها عن لقب الخبيرة الذي أطلقته على نفسها تفاجأ للأسف الشديد بردها ان الخبيرة تعني الفهم وحسن الذوق في ممارسة عملها، وانه ليس مهما نهائيا الشهادات العلمية او الباع الطويل في هذا المجال.. وان خبرتها، التي لم تتجاوز العامين، جاءت نتيجة تدربها على وجوه النساء حولها من صديقات وقريبات.. ويا للهول هي الآن خبيرة.. ولا عجب فنحن نعيش في زمن الخبراء.. ولنتابع.
فرق بين الخبير والمحلل
الخبير العسكري صابر السويدان، متخصص في الشؤون العسكرية والحرب والطيران لاكثر من 34 عاما، عمل خلالها كطيار ومقاتل ومدرب طيار ومتخصص في التخطيط الاستراتيجي في الطيران العسكري.. ورغم هذا يرفض في مقابلاته مع الفضائيات والاعلام ان ينعت بانه خبير. يقول:
- لفظ الخبير مسؤولية صعبة جدا، وتأتي من خلال الخبرات المتراكمة لسنوات عديدة في مجال معين، ولا بد ان لا يطلق مثل هذا اللفظ جزافا على كل من هب ودب، لانه يحتاج الى عشرات السنين من العمل المتواصل والخبرة التي تمنح الشخص بعدا استراتيجيا، بحيث يستطيع ان يعطي رؤية واضحة عن عمله. وهناك خلط اليوم بين لفظ خبير ومحلل.
واتهم السويدان ايضا وسائل الاعلام، وخصوصا القنوات الفضائية، بنشر هذا المفهوم، مشيرا في الوقت نفسه الى انه من الصعب تصديق خبير في اواخر العشرينات او اوائل الثلاثينات من عمره. كذلك فليس كل شخص كبير في العمر هو شخص خبير، لان الخبير هو الذي لديه الرؤية والخبرة، ويكون قدم للجمهور شيئا جديدا.
فائدة مالية
من لا يعرف خبير التحكيم الدولي سعد كميل الذي تجاوزت خبرته الـ 25 عاما.. فهو يرى رغم إلمامه بالقطاع الرياضي ان كلمة خبير مسؤولية وليست امرا سهلا، ويقول:
- الخبير هو الذي يلم إلماما كاملا بمجاله، والخبير في المجال الرياضي هو صاحب الخبرة والشهادة وهو الشخص المتمرس في عمله، اضافة الى ضرورة حصوله على الشهادات في مجاله. وخبرته تأتي نتيجة لعمله في النطاق المحلي والعربي والآسيوي او الدولي، فانا لا استطيع ان اقول عن نفسي اني محاضر دولي، لكنني خبير تحكيم لان الخبير هو المحاضر الذي يلم إلماما كاملا بالقانون الرياضي ويستطيع الاجابة عن جميع الاسئلة في القانون الرياضي بأدق التفاصيل.
ويضيف كميل قائلا:
- الخبراء قليلون في المجال الرياضي لاننا ما زلنا نجلب خبراء اجانب. فكلمة خبير لا بد ان نطلقها على من يستحقها وليس على أي ناشئ، لان «الخبير» تعني ايضا الفائدة المالية لصاحبها او العلاوة او الترقية، لهذا يسعى الكثيرون لسلب، او اكتساب اللقب.
بصمة واضحة
والتقينا بالاعلامية والناشطة السياسية عائشة الرشيد لتخبرنا الى اي مدى يلعب الاعلام دورا في بروز ظاهرة «الخبراء» التي قد يدفع الناس ثمنها حياتهم تقول:
- يتحمل الاعلام المرئي والمسموع مسؤولية تفشي هذه الظاهرة، وهي منح الالقاب لكل من هب ودب من دون ان يتحققوا من حقيقتها، مما يجعل الناس يصدقون بان هؤلاء خبراء فعلا.
على الاعلاميين التحقق اولا من ادعاء اي شخص بانه خبير او استشاري قبل الحاق هذه الالقاب به جزافا.. فالخبير الحقيقي تكون له بصمة واضحة، ويكون قطع شوطا كبيرا من الابحاث والمعلومات في مجاله التخصصي. ولان الاعلام اليوم مهنة من لا مهنة له، كثرت الالقاب هذه الايام حيث اصبحنا نرى كل واحد قام وألقى كلمة، يصبح ناشطا سياسيا.. وكل من عبر عن رأيه اصبح اعلاميا.
ويجب ان نكون في حذر من هذه الالقاب، ولا نمنحها الا بعد تحري الدقة والتأكد من صدقها حتى لا نضلل الناس. فهناك من يدفع للاعلام المال كما نعرف حتى يبرز كشخص خبير، وهذا واضح بشكل كبير في حياتنا اليومية.
اما عن الاجراء الذي لا بد ان تتدخل به الدولة او الجهات المسؤولة للحد من هذه الظاهرة، فتقول الرشيد:
- لا بد من وجود قانون يجرم كل من يضع امام اسمه كلمة خبير وهو ليس كذلك، لان ارواح الناس ليست رخيصة إلى هذه الدرجة حتى نغامر بها. كذلك لا بد أن تساهم وسائل الاعلام جميعها في الحد من هذه الظاهرة لانها السبب الرئيسي في تفشيها.
تشويش للرأي العام
والتقينا الدكتور عادل الحنيان، رئيس قسم الجراحة في كلية الطب، فسألناه عن تأثير كلمة «خبير» على الناس واطلاقها جزافا على اي كان، فقال:
- هذا أمر خطير حيث يعمل على «تشويش» الرأي العام ويدعم افكارا خاطئة تخدم الشخص الذي يسوق لنفسه. وقبل فترة بسيطة تحدثت مع وزارة الصحة عن احد الاشخاص الذي يدعي انه بروفيسور وهو خريج جامعة غير معترف بها.
لا بد ان تكون هناك مراقبة من كل الجهات حتى نحد من هذه الظاهرة الخطيرة، لان ما يحدث هو السماح لبعض هؤلاء بالظهور على انهم خبراء، وذلك، كما اخبروني، اما لأن لديهم واسطات او لان كفيلهم شخص مهم، كذلك تراخيصهم تجارية وليست طبية.
واعتبر الحنيان ان الخبراء ازدادوا بسبب الاعلانات التي ملأت المجلات الاعلانية، واصبحوا في كل مكان وفي كل مجال.
ويكمل الحنيان قائلا:
- المصيبة ان الخبراء لا نراهم الا عندنا نحن العرب، فالغرب ليس لديهم خبراء، حتى البروفيسور لا يقول عن نفسه كذلك، ويكتفي بلقب دكتور، ثم تكتشف بالصدفة من خلال مقابلاته وحديثه انه خبير وبروفيسور.
ويستطرد قائلا:
- جاءتني وصفة (ورقة طبية) نصفها الاول كله ألقاب: الدكتور، المتخصص، المستشار.. الخ. وبقيت اقرأ نصف الورقة المليء بالالقاب بينما كان النصف الآخر فارغا، ولا ادري اين الوصفة. ويا ليته يستطيع ان يأتي بشهادة واحدة من الاوصاف المكتوبة في ورقته.
عمره يكشف زيفه
الاعلامية نجاح طوباسي صاحبة مشروع «امرأة» تقول:
- الخبير لا يمكن ان يقول عن نفسه انه خبير، فالناس هم من يلقبونه بذلك نتيجة اعماله التي تشهد له بالخبرة والمهارة. وللأسف هناك جهل كبير بين الناس، حيث يتهافتون على الطبيب الخبير الذي ملأت اعلاناته التلفاز والصحف، وعمره وحده يكشف زيفه. ولم تعد كلمة خبير وحدها كافية عند الطموحين لحصاد الالقاب، بل أصبح يضاف اليها الاستشاري والمتخصص.. والخ، ليزيدوا في الهالة التي يرسمونها لأنفسهم وعلى الآخرين.
وتحدثنا الطوباسي عن احد المواقف التي وقعت فيها امرأة صدقت احد الخبراء الذين تصدروا احدى المحطات العربية، وسافرت اليه لاجراء عملية ودفعت له سبعة الاف دينار كويتي لاقتناعها بانه خبير، ثم اكتشفت بانه «حقير» وليس خبيرا بعد ان شوهها وسلب مالها.
وأكدت الطوباسي اهمية الاعلام والاعلاميين في الحد من هذه الظاهرة وعدم استخدام الالقاب من باب المجاملات، لان الناس يدفعون ثمن هذه الخدعة التي لا تكون مقصودة .. كذلك على الناس عدم تصديق اي خبر ينقله اليهم شخص بسيط عن الخبير الفلاني والعلاني، فيذهبون اليه قبل ان يتأكدوا من صحة ما سمعوه.
خبراء الأعشاب والأزياء
انتشر في الفترة الاخيرة خبراء الاعشاب والازياء بشكل لافت، وتعلق الطوباسي على هؤلاء الخبراء قائلة:
- من هم هؤلاء الخبراء؟ فأمي وامك وأمهات الناس، كلهن خبيرات في الاعشاب، ولم نكن نسمع عن تخصص في مجال الاعشاب. لو كانت هناك رقابة على كل هؤلاء، لما رأيناهم يزدادون انتشارا يوما بعد يوم.
اما تصميم الازياء، فآخر ما سمعته وكان مضحكا للغاية هو تقديم احداهن على انها مصممة الازياء العالمية، ثم صدمنا بان عمرها لا يتجاوز 18 عاما، وعاملة كما يقولون بعض «الخلاجين» ويسمونها ازياء.
المصيبة ان كلمة «خبير» عند النساء تعني التصديق المطلق، وتعقب الطوباسي قائلة:
- المرأة تصدق هذه الأمور، وتذهب إلى «الخبراء» مسرعة، خصوصا اذا عملت ان احدى الخبيرات نجحت بالصدفة في القيام بامر ما، مما يجعلها تنشر الخبر وكأنها انجزت اختراعا جديدا. وللاسف ان البعض اليوم اصبح يلقب نفسه ايضا بالطبيب او الدكتور حتى يحدث تأثيرا اكبر، خصوصا اذا كان اسمه اجنبيا..
وتقول: عملت في وزارة الاعلام مترجمة قبل الغزو، واكتشفت ان احد الخبراء في البرنامج اسمه كارل بورت وزوجته جين روبرت وأتى على انه خبير في منهجية وانتاج المسلسلات، واكتشفت لاحقا انه ليس له اي دراية باي منهجية في الانتاج، واتضح انه يعمل في مجال تنظيم المصارعات. وهذا النصب اكتشف لاحقا.
نعمة ونقمة
من جانبها تقول نجاة الحشاش ان وفرة وسائل الاعلام وتوسعها ساهمت في انتشار لفظ الخبير، وتضيف:
- الاعلام نعمة ونقمة في الوقت ذاته، نعمة لانه جعل العالم واحدا ونقمة لانه أبرز اناسا لا يحملون أي مصداقية، والمشاهد لا يستطيع التحقق من شخصية المتكلم. كما ان البعض يظهرون على الشاشات على انهم رجال دين وهم بعيدون عن الدين وليسوا على مستوى الاسلام، وهذا ينطبق على المتحدثين في جميع الاديان.
وأطالب الجميع بتحري صحة المعلومات قبل نشرها، بالاضافة الى المساهمة في تنمية وعي المشاهدين والمتابعين.
المطوع: الخبير اسمه يتكلم عن إنجازاته
حول انتشار ظاهرة الخبير التقينا المستشار والخبير النفسي الدكتور مروان المطوع، الذي قال:
- هذا الموضوع في غاية الاهمية بعد ان تفشى كظاهرة في مجتمعنا العربي. وكلمة الخبير تأتي من الخبرة، وهذه لا تكتسب بين ليلة وضحاها، فالخبير من لديه خبرة عميقة امتدت الى سنوات طويلة، وتعني بالانكليزية expert، وهو الذي يتكلم اسمه عن انجازاته من خلال المشاهدة العينية. وبعض الناس يلقبون الشخص بالخبير، على اعتبار انه حصل على أعلى الدرجات العلمية في تخصصه، ومارَس بعدها تدريبات عملية ونظرية، وقدم ابتكارات في مجاله بعد سنوات مضنية من البحث والدراسة.
ومن الخطأ ان تطلق كلمة خبير بكل بساطة على كل من هب ودب، او على من قرأ كتابا. كما انه من الخطأ ان يمنح الانسان نفسه هذا اللقب، لان به انتحال صفة ليست حقيقية، كما ان به نوعا من الكبرياء والتعالي.
لمن يمنح اللقب؟
ونسأله: هل هناك جهة معينة تمنح لقب «خبير»، ام ان الأمر تقديري؟ ومن منحك هذا اللقب؟
- طبعا هناك جهات تمنح صفة الخبير، هي المحافل العلمية او البورد الاميركي او الكندي او الزمالة العالمية الموثقة، وهي التي منحتني لقب خبير.
والخبير هو الذي حصل على جوائز تقديرية في مجال تخصصه وانجازاته في المحافل الدولية، وقام بنشر عشرات البحوث في المجلات المعتمدة دوليا او حصل على جائزة دولية. والخبير العربي لا بد ان يكون معروفا على مستوى العالم العربي على الاقل، ومثل هؤلاء الدكتور احمد زويل والدكتور مجدي يعقوب، والفلكي المعروف صالح العجيري، فهؤلاء اشخاص معروفون على مستوى العالم العربي.
كذلك لا بد ان يكون لدى الخبراء اعتماد مهني اولا من قبل جمعياتهم المتخصصة في مجالهم، فالخبير الهندسي لا بد ان يكون معتمدا من جمعية المهندسين الدولية والعالمية. وليس هذا وحده كافيا بل يجب ان تكون له بحوث وانجازات علمية على أرض الواقع حتى يحوز احترام الآخرين وتقديرهم، ويجعل الدولة او الجمعيات المهنية تمنحه رسميا هذا اللقب مثل: اختصاصي، استشاري، بروفيسور، خبير، باحث، عالم.. او غيرها من المسميات.
تسويق الألقاب
• الناس في الكويت والوطن العربي يمنحون أنفسهم ألقابا كنوع من التسويق، فما تعليقك؟
- أجل، هناك كُثُر يفعلون ذلك، فهذه خبيرة تجميل وتلك خبيرة ازياء وذاك خبير علم نفس وآخر خبير تغذية، وهم يلقبون انفسهم بذلك لاعطاء مصداقية اكبر لانفسهم، وليكونوا اكثر تأثيرا وقوة على الآخرين، لانهم يعرفون جيدا ان الناس اعتادوا تصديق كلمة خبير وتفضيلها على اي لقب آخر.
غش وتزوير
أما عن المسؤول في انتشار ظاهرة هذه الالقاب، فأرجعها المطوع الى كل من وزارات الصحة والتجارة والاعلام، التي لا تتحقق من ألقاب كثيرة، لأنه من المفترض ان يرتبط لفظ الخبير بهوية الشخص، حيث تكتب في هويته الخبير الفلاني، حتى لا ندخل في خانة الغش والتزوير والفوضى. حيث اننا سمعنا في الفترة الاخيرة عن خبراء كثر في الاعشاب، ومعظم هؤلاء هواة ربما لم يتجاوز عملهم في هذا المجال العامين. لهذا احمل الصحافيين والاعلاميين مسؤولية تفشي هذه الظاهرة، حتى ان كان البعض منهم يكتب بحسن نية.
ويستطرد المطوع قائلا:
في الدول الغربية لا يتأثرون بالمسميات، لان انجازات الشخص هي التي تؤثر فيهم، فيصدقونها بناء على واقع. اما نحن العرب فحتى التنجيم اصبح له خبير.
كيف يميز الناس ذلك؟
• كيف نستطيع تمييز الخبير الغثّ من السمين والصادق من المدعي؟
- من يدعي انه خبير فلا بد ان نسأل انفسنا عنه:
* من هذا الشخص؟ خصوصا اذا كنا نسمع عنه لاول مرة عبر الصحف او اي مؤسسة علمية.
• ما إنجازاته؟ فمن الممكن ان يكون شخصا غير معروف لكن انجازاته معروفة على ارض الواقع.
• نبحث عنه من خلال الانترنت في مجال تخصصه.
• على المستهلك ان يبحث ويسأل ويتحقق من ذوي الاختصاص حتى لا يسلم جسمه وحياته لهذا الشخص.
• عند التقاء الخبير، علينا ان نتحقق من صدقه بالسؤال عن ترخيص مزاولته للمهنة، فمن الممكن ان يكون خبيرا، لكن ليس لديه ترخيص معلق مثلا، لكنه يضع شهاداته وجوائزه التقديرية في مكتبه بالتأكيد. فمن حقنا السؤال عن شهادته والجامعة التي تخرج منها، لنتأكد أنها ليست من تلك الشهادات المضروبة وغير المعتمدة، كشهادات الانترنت، حتى لا يدفع الانسان حياته ثمنا لانخداعه بهذه الكلمة.
القبس تفتح ملف الفساد في البلدية والمجلس البلدي 1 الفساد وصل المقابر !
• موقع الجاخور بعد إزالته من المقبرة
إعداد الملف: زكريا محمد - عائشة علي
عند الحديث عن فساد البلدية لا بد للانسان أن يتذكر مباشرة الوصف الشهير، الذي أطلقه عليها سمو أمير البلاد بان «البلدية فسادها ما يشيله البعارين».
ورغم مرور سنوات على وصف سمو أمير البلاد لهذا الجهاز الحساس والمهم في الدولة، فان شيئا لم يتحسن في هذا الجهاز، حيث ان الفساد مازال ينخر فيها، وابزر دليل هو مضي ما يزيد على ثلاث سنوات دون وجود أي وكيل وزارة مساعد فيها وحتى الوزراء الذين تعاقبوا عليها كانت لهم ملاحظات عديدة على قيادييها إلا أنه لا يوجد أمامهم بديل سوى الموجود.
ولا بد من التذكير بالوصف الأخير الذي أطلقه عليها وزير الاشغال العامة ووزير الدولة لشؤون البلدية د. فاضل صفر عندما رفض مديرها العام المهندس أحمد الصبيح بأن لا يكون للأسد أسنان، رد عليه صفر «وإذا كانت أسنانه مسوسة».
وأكد صفر خلال رده على استجواب النائب مبارك الوعلان «ان الفساد والمفسدين موجودون في كل مكان، والأمر ليس مقتصرا على وزارتي الأشغال والبلدية، أوالحكومة فقط، ومن الصعب اقتلاع الفساد بصفة فردية، بل بالتكاتف، نواباً ووزراء.
ويتنوع حجم الفساد ونوعه في قطاعات البلدية المختلفة ومحافظاتها بأشكال وصورغريبة، منها اختلاف اجراءات اصدار التراخيص وغيرها من الامور التي تساهم في تعطيل المراجعين.
ولاشك أن شهرة البلدية بالرشاوى لا ينافسها أحد عليها، حيث أن الكثير من المعاملات لا يمكن إنجازها الا بعد دفع «المقسوم» وهي ان كانت المعاملة سليمة ولكن بفضل الروتين والبيروقراطية المعششة فيها يضطر الكثير من المراجعين إلى الدفع لسرعة إنجاز معاملاتهم.
ولو عددنا بعض المخالفات الموجودة في البلدية لاحتجنا إلى مجلد كبير لكي يستوعبها، ومن أبرزها المخالفات في البناء بمناطق السكن الخاص والاستثماري والتجاري والصناعي وغيرها من المباني في المناطق المختلفة حيث نجد انه يتم زيادة في عدد الأدوار أو المساحات والنسب وعدم إقامة مواقف للسيارات في العمارات الجديدة، من دون الحصول على موافقات من الجهات المعنية وهذا كله بسبب غياب الرقابة من المفتشين والمعنيين في الأجهزة الرقابية وفي بلديات المحافظات، وخصوصاً ان الموظفين في الجهاز الرقابي يتسلمون بدلات على عملهم ولكنهم لا يقومون بدورهم.
ولا شك في ان من يساعد على زيادة المخالفات هم المسؤولون الذين يساهمون في تحريض أصحاب العمارات والمنازل والمحلات على المخالفة، لأنه يتم بالنهاية ترخيص المخالفة من خلال إيصال التيار الكهربائي بطرق عديدة للمباني المخالفة أو إصدار تراخيص للمحلات ليتم بعدها سحب هذه التراخيص من الملفات أو سحب الملف بأكمله وتمزيقه أو إحراقه وعندما تسأل عن الملف يكون الجواب «مفقود»!
ومن الفساد الموجود في البلدية هو استغلال الموظفين لوظائفهم من خلال فتح المحلات بأسماء عائلاتهم أو حصولهم على «اتاوات» لحماية بعض الاشخاص المخالفين من زملائهم او حصولهم على بضائع مجانية او حتى وجبات غذائية او بطاقات تعبئة لهواتفهم النقالة او بطاقات تعبئة بنزين لسياراتهم مقابل عدم توجيه المخالفات، سواء كانت نظافة او انتهاء ترخيص او محلا يعمل بترخيص منته، او وضع اعلان غير مرخص، حيث ان صاحب المحل يجد ان دفع الرشوة افضل من دفع الغرامة التي اصبحت مشددة في الوقت الحالي، ولا تقل عن 100 دينار لاي مخالفة.
نظافة سيئة
وفي موضوع النظافة، نرى ان هناك تواطؤا كبيرا بين بعض الموظفين وبعض شركات النظافة، حيث نجد ان هناك ضعفا في الرقابة مع هذه الشركات في المدن والمناطق السكنية والمناطق الساحلية والبر.
وبدا للجميع ما يقوم به بعض العاملين على سيارات النظافة عندما يقومون بتفريغ الحاويات في السيارات وعملية الفرز التي تتم قبل عملية التفريغ، وما يحصل من بعثرة لهذه الاوساخ في الشوارع او تحت الحاويات ولا يتم تنظيفها.
ومن المشاكل الفساد الموجود في البلدية وما يحصل من اهمال متعمد لتطوير العاصمة التي ما زالت على وضعها الحالي منذ سنوات طويلة دون الالتفات إلى تحسين مظهرها، رغم ان هناك مشاريع تحدثت عنها البلدية لكنها لم تر النور، ومن أبرزها المركز الترفيهي والثقافي والتعليمي في شارع عبدالله الأحمد الذي كان يحلم سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله ان يراها «شانزلزيه».
ولا شك في ان الفساد ليس ببعيد عن اهم ادارة في البلدية وهي الادارة القانونية التي خسرت قضايا للدولة بلغت قيمتها عشرات الملايين من الدنانير جراء الاهمال والخلافات الحاصلة بين قيادييها، كذلك تضارب الفتاوى الذي يؤثر في سير المعاملات.
مشاريع متوقفة
وفيما يخص مشاريع البلدية فإنها وضعت ضمن برنامج عمل الحكومة مشروعات تنوي تنفيذها خلال السنوات الأربع المقبلة وترتبط بصحة المواطن وتعزيز دور القطاع الخاص وتحسين الخدمات، لكن هذه المشاريع ظلت لسنوات طويلة حبرا على ورق.
وهناك من يعتقد ان المجلس البلدي بعيد عن الفساد رغم أن هناك الكثير من الملاحظات والشبهات تدور حول بعض اعضائه السابقين، وكذلك بعض العاملين في الأمانة العامة وسكرتارية الأعضاء.
واللافت ان هناك أعضاء قاموا باستغلال عضويتهم في تمرير بعض المشاريع المخالفة سواء حسب القانون السابق 15 لسنة 72 أو حتى بالقانون الحالي 5 لسنة 2005 لكن بعض الوزراء اوقفوا هذه التمريرات.
وتظل الاتهامات ملاحقة للمجلس بأنه أحد المعرقلين للتنمية نتيجة أهواء بعض اعضائه في بحث المشاريع سواء باللجان الفرعية أو الرئيسية رغم ان القانون الحالي حوله إلى مجلس استشاري.
ويتبقى ان نعرف ان فساد البلدية وصل إلى المقابر.
تشجيع صفر
طلبنا من وزير الدولة لشؤون البلدية د. فاضل صفر، قبل نشر ملف الفساد في البلدية، المشاركة برأيه في هذا الموضوع، وخصوصا ان له رأيا واضحا فيه عندما كان عضوا في المجلس البلدي.
وتمنى صفر نشر ملف الفساد لتتم الاستفادة من القضايا المطروحة فيه لمحاولة اصلاح الخلل الذي قد يكون غائبا عن المسؤولين. مشيدا بدور الصحافة التي تبحث عن الحقيقة.
من يصدق!
يبلغ ايجار السيارة المستعملة والتي كان يستغلها أحد القياديين، وهي من نوع اميركي، 300 دينار شهريا. رغم ان السيارات الالمانية الفخمة وتكون موديل العام لا تتجاوز 350 دينارا.
والغريب ان المركز الذي تم استئجار السيارة منه عندما يقدم فاتورته لا يذكر فيها موديل السيارة او رقمها، فقط نوعها وعدد الأيام التي تم استغلالها، ومن دون ذكر اسم مستغلها ايضا!
(تصوير: حسني هلال.. هشام خبيز..أحمد هواش.. هشام كامل وعبدالسلام جديد)
طرق التنفيع كثيرة في البلدية التراخيص المخالفة في العارضيةمسؤولية من ؟
•
كشف مصدر مسؤول في البلدية ان هناك طرقا مختلفة للتنفيع فيما يخص التراخيص الهندسية للمحلات، منها عدم ذكر ان المحل وحيد في العمارات الاستثمارية مما ينتج عنه فتح محل آخر.
وأضاف المصدر انه تتم الاستفادة من اعلانات المحلات من خلال تسجيل مساحة الاعلان على سبيل المثال 2 x 3 وهو بالحقيقة 5 x 7 وهي تعتبر اموالا عامة مسروقة.
وأكد ان اكثر موظفي البلدية لديهم محلات ولكنها غير مسجلة بأسمائهم ولا احد يستطيع الاقتراب منها، مشيرا الى ان بعض الموظفين يحصلون على «اتاوات» شهرية من بعض اصحاب المحلات والا فإن من لا يدفع سيكون عقابه مخالفات جسيمة.
وبين المصدر ان احد موظفي البلدية والمعروف باسم (محمد خمسة) تم نقله من اكثر من موقع لقيامه بتحصيل اتاوة شهرية مقدارها خمسة دنانير من المحلات التي تكون تحت حمايته.
وبين ان شارع المخفر في منطقة جليب الشيوخ خير دليل على وجود المصالح والرشوة باعتبار ان العمارات في الشارع هي من النظام الاستثماري الذي لا يجوز فتح اكثر من محل واحد فيه، ولكنه تحولت الى تجاري بسبب الرخص المضروبة التي لا يوجد لأغلبها ملفات في البلدية.
وقال المصدر ان الانشطة المسموح بها في منطقة العارضية الصناعية محددة ولا يجوز اجراء تراخيص الا لنشاط واحد في القسيمة، ولكن ما يحدث حاليا هو العكس حيث يتم اصدار تراخيص لانشطة مخالفة وبعلم المسؤولين في البلدية الذين لا يتحركون خوفا من اصحاب هذه الانشطة وعلاقاتهم مع المسؤولين الكبار في الدولة.
وأكد المصدر ان سبب كثرة المخالفات في البناء هو غياب موظفي الرقابة الهندسية مما جعل اصحاب العقارات يتفننون في التجاوزات وزيادة المساحات وعدم التقيد بالانظمة او عمل مواقف السيارات، مشيرا الى ان اصحاب هذه العمارات يعلمون أنه لا يوجد اي عقوبة ستفرض عليهم.
وقال المصدر ان خطاب ايصال التيار الكهربائي الصادر عن البلدية كانت قيمته للمباني المخالفة تصل الى خمسة آلاف دينار، وبلغت حاليا الى حوالي عشرة آلاف دينار بعد التشديد في الرقابة على الموظفين.
وعلل المصدر قيام بعض الموظفين بمنح الاستثمارات او التغاضي المخالفات في 3 حالات هي ان يحصل الموظف على القيام بدوره في الذهاب للقسيمة والتأكد من قيام صاحبها بالالتزام بالشروط او ان تكون له علاقة عائلية او شخصية مع المالك او تمرير المعاملة مقابل الحصول على رشوة.
• استثناء ترخيص إعلان
التلوث البصري مستمر في البلاد
• لمن هذه الحاويات؟
كثيرا ما دار الحديث حول التلوث البصري في البلاد، وتم عمل دراسات وأبحاث كثيرة عنها إلا انه لا نتائج صدرت عن مثل هذه الدراسات، يبقى الحال على ما هو عليه.. ويزداد التلوث البصري يوما بعد يوم في ظل عدم اهتمام المسؤولين في قضايا البلاد المهمة، بل البحث عن مصالحهم والحفاظ على كراسيهم.
وليس من مسؤولية وزير البلدية د. فاضل صفر أن يتابع كل صغيرة وكبيرة في الجهاز التنفيذي باعتباره وزيرا سياسيا ولكن على المسؤولين عن مثل هذه القضايا الحساسة الاهتمام بالقضاء على مثل هذه السلبيات،
ومن أبرز ما تعانيه البلاد من تلوثات بصرية وجود المباني القديمة المتهالكة التي مضى عليها سنوات طويلة وتحتاج إلى الهدم، إلا أن أصحابها لا يعلمون عنها شيئا في الكثير من المناطق.
وتحولت الكثير من هذه العمارات والمباني القديمة المتهالكة إلى مرادم للنفايات لدرجة ان البلدية لا تستطيع تنظيفها باعتبارها أملاكا خاصة.
وما يلفت الانتباه أن بعض عمال النظافة أصبحوا يقومون بفرز الحاويات بدلا من تنظيف الشوارع والمناطق السكنية، وهي ظاهرة اصبحت دخيلة على البلاد وتحتاج الى متابعة وتشديد العقوبات والمخالفات على الشركات في حال ضبط عمالتها تقوم بفرز النفايات في المناطق.
• بقايا منازل تحولت الى مكب للنفايات
• فرز القمامة
• بانتظار سيارات البلدية
• كم طابقا؟
كيف يستفيد بعض الموظفين العاملين في مكاتب القياديين؟
أصبحت ظاهرة استفادة الموظفين من مراكز عملهم لا تقتصر على الوظائف الاشرافية أو الرقابية، بل وصلت الى الوظائف الادارية.
وشرح احد العاملين كيفية استفادة هؤلاء الموظفين سواء من الرجال أو النساء من عملهم في مكاتب القياديين الكبار من خلال عدة طرق يتم من خلالها الحصول على الهدايا أو تعيين بعض اقاربهم في شركات لها ارتباط بالبلدية.
وتبدأ عملية الاستفادة من خلال استقبال المراجعين الذين لديهم معاملات او مشاريع في مكاتب القيادي ووعدهم بسرعة ادخال معاملاتهم للمسؤول للتأشير عليها، واحالتها الى الجهة المسؤولة او انجازها بالوقت نفسه شريطة المراجعة في اليوم التالي أو بعد الاتصال بهم.
ثم يدخل الموظف بسرعة المعاملة الى المسؤول باليد وليس في البريد العادي، من اجل الاستعجال في التوقيع عليها، وبعدها يتم الاتصال بصاحبها لابلاغه بأنه استطاع انجازها ر غم ان المسؤول كان لا يريد التوقيع عليها.
ومن خلال كثرة تردد بعض اصحاب الشركات على مكتب القيادي يتم تسليم المعاملات الخاصة بالشركة لهذا الموظف ليصبح صلة الوصل مع المسؤول مقابل حصول الموظف على امتيازات معينة.
ويكشف احد العاملين طرقا اخرى للاستفادة من خلال تأخير تسليم المعاملة لصاحبها بحجة ان هناك مخالفات كثيرة في المعاملة والمسؤول يرفض التوقيع عليها لتتم مساومته بعد ذلك في الحصول على توقيع المسؤول لاحالتها الى ادارات اخرى يتم من خلالها
مشاريع البلدية.. مكانك راوح
سجل ديوان المحاسبة أهم ملاحظاته التي أسفر عنها الفحص والمراجعة للأرقام الواردة في الحساب الختامي للبلدية للسنة المالية 2008/2009 هو انعدام الصرف على اعتمادات بعض المشاريع الانشائية في الباب الرابع وظهورها بكامل قيمتها وفرا في الحساب الختامي وانخفاض معدلات الصرف على البعض الآخر بنسب متدنية.
ومما يذكر ان أغلب هذه المشاريع مضى عليها سنوات طويلة ولم يتم العمل بها أو تأخر العمل بها لأسباب مختلفة.
وكشفت مصادر بلدية أن المسؤولين أصبحوا يخافون من عملية طرح المشاريع خوفا من اتهامهم بالمصلحة الشخصية.
• نشر الغسيل في الشوارع
• تحويل أراضي الدولة الى مخازن للسكراب
• هل حصلت على ترخيص من البلدية؟
• من يرضى بذلك؟
ملايين الدنانير بلا تحصيل
استغرب ديوان المحاسبة في تقريره السنوي 2008/2009 استمرار عدم استيفاء وتحصيل البلدية الرسوم المستحقة للدولة على بعض الشركات التي قامت بالتعدي على اراضي الدولة في الدائري السابع، حيث امكن حصره من الرسوم منذ بداية استغلال تلك الشركات للأراضي دون ترخيص حوالي 71 مليون دينار.
رشاوى
أكد أحد مسؤولي البلدية أن هناك أربعة موظفين في احدى بلديات المحافظات يتقاضون الرشاوى والرواتب الشهرية من أصحاب المحلات والعقارات الاستثمارية، وذلك لعدم مخالفتهم أو ازالة المخالفات، ولتخليص معاملاتهم في البلدية من المسؤولين.
تصنيع الحلويات في المقبرة!
المكان مقبرة العضيلية القديمة
الحدث استغلال المقبرة كجاخور ومخازن وتصنيع المواد الغذائية
المسؤول حارس المقبرة من احدى الجنسيات الافريقية
اكتشفت ادارة تجهيز الموتى في البلدية قيام أحد الموظفين القاطن مع عائلته في مقبرة العضيلية بمنطقة جليب الشيوخ، استغلال المقبرة في عمل جاخور للأغنام ومخبز لعمل الدرابيل ومطبخ لتصنيع المواد الغذائية وتوزيعها على المحلات.
وأبلغت مصادر «القبس» أن ادارة الوفيات قامت بإبلاغ المسؤولين عن هذه القضية وطلبت التكتم عليها حتى لا تحصل أي مشاكل من الرأي العام نتيجة هذا العمل الخطير.
وقرر المسؤولون انهاء خدمات الحارس الوافد والطلب من الجهات المعنية إزالة جميع التجاوزات الموجودة بالمقبرة.
سحب تراخيص
أحد المفتشين الفاسدين قام بسحب جميع التراخيص سواء الصادرة من البلدية او التجارة، من أحد المطاعم وقام بإعطائها الى طرف آخر ليشتكي على صاحب المطعم مما ادخلهما في محاكم وقضايا، وما زال المطعم مغلقاً بسبب ذلك المفتش.
؟
ترددت معلومات تفيد بأن احد أحكام التمييز الذي خسرته البلدية بشأن استغلال اراضي الدولة والذي انتهت اليه المحكمة بعدم اختصاصها بتحصيل اي مستحقات للدولة، انما هو اختصاص اصيل لوزارة المالية، ولا يكون لغيرها من لجان الحكومة على اعتبار ان الجهة المختصة بقبض الاستغلال واعطاء المخالصات عن ذلك كان بسبب خطاب صادر من احد المسؤولين بأن البلدية لا علاقة لها بهذه التعديات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل تم تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة اسباب خسارة هذا الحكم رغم كسب البلدية لجميع القضايا المشابهة؟
كثر الحديث عن قضية استغلال بعض شركات الدعاية والاعلان لعقود الاعلانات في المحافظات من خلال زيادة مواقع هذه الاعلانات من دون دفع رسوم عليها، وأن هناك نية لدى البلدية بتجديد عقد بعض المحافظات لسنة أخرى من دون طرحها في مناقصة
مقاه مخالفة
ذكرت مصادر لــ«القبس» أن أغلب المقاهي والمطاعم الواقعة خلف مجمع المارينا مول تتميز بالتعدي على المساحات المقررة لها بالترخيص، حيث لوحظ أن بعضها ترخيصه يحمل مساحة 280 مترا مربعا وتستخدم فعلياً 800 متر مربع. وهناك من ثم تسجيل مساحته 85 مترا مربعا والمستخدم فعلياً 700 متر مربع.
وتتساءل المصادر هل تجاوز صاحب المقهى او المطعم بعد اصدار التراخيص من البلدية؟ أين دور البلدية والتفتيش على المساحات المخالفة؟!
القبس تفتح ملف الفساد في البلدية والمجلس البلدي (2) مباني السكن الخاص وصلت إلى 4 أدوار
عمارات استثمارية تحوّلت إلى تجارية
• ما زالت تحت الإنشاء ومخالفتها واضحة.. فأين المراقبون؟
إن غياب الدور الرقابي لأجهزة البلدية تسبب في انتشار ظاهرة بناء الدور الرابع والسرداب الساقط في مناطق السكن الخاص التي لم تجد من يوقفها خلال السنوات الثلاث الماضية، مما جعلها تتفاقم وتتزايد بسرعة في المحافظات الست، مع العلم انها مخالفة والقانون لا يسمح الا ببناء ثلاثة ادوار في السكن الخاص، وما دون ذلك يعتبر مخالفاً.
ويلاحظ ان المخالفات في السكن الخاص تكثر في المناطق الجديدة، مثل فهد الاحمد، عبدالله المبارك، اشبيليا وسعد العبدالله.
وأكد نائب المدير العام لمحافظتي حولي ومبارك الكبير المهندس اسامة الدعيج ان اجهزة الرقابة في البلدية تقوم بدورها اتجاه المخالفات في البناء سواء كانت السكنية أو الاستثمارية او التجارية، مشيرا الى انه في حالة اكتشاف أي تجاوز يتم تحرير مخالفة بحق صاحب العقار، ولا يتم ايصال التيار الكهربائي له الا بعد ازالة تلك المخالفة.
واضاف الدعيج لـ «القبس» ان امكانات الجهاز الرقابي في البلدية محدودة مقابل المساحات الكبيرة التي تغطيها كل محافظة، لافتا الى ان الاجهزة تعمل وفقا للامكانات المتاحة لديها، مع العلم ان هناك نقصا في اعداد المفتشين والمعدات والآليات.
ملف العقار
وبين الدعيج ان مفتشي البلدية عندما يجدون احد المباني العقارية مخالفا فإنهم يطلبون ملف صاحب العقار، وذلك للتأكد من سلامة الاجراءات قبل تحرير المخالفة، وبناء على القرار الوزاري رقم 206 لسنة 2009 بشأن تنظيم اعمال البناء، واستنادا الى قانون البلدية 15 لسنة 2005 فإنه يتم تحرير مخالفة بحق صاحب العقار، لا سيما انها تذهب الى ادارة الادعاء العام ومنها للمحكمة التي تقرر نوعية العقوبة لصاحب العقار المخالف.
واكد ان دور البلدية يتوقف عند تحرير المخالفة فقط ولا يجوز للمفتش الدخول للسكن الخاص، حيث انه يعتبر من الاملاك الخاصة التي لا يجوز التعدي على حرمتها، موضحا ان البلدية لم تتخل عن اجراءاتها العقابية واذا ما سمح المالك بدخول العقار فإن المفتش يقيس المساحات المخالفة في العقار وعلى اثرها يتم تحرير المخالفة له ولكن اذا لم يسمح له فإنه يتعذر على المفتش الدخول الا بموجب امر من النيابة العامة.
واشار الدعيج الى انه لم يتعرض خلال فترة توليه لمنصب نائب المدير العام لمحافظتي مبارك الكبير وحولي ان طلب اذنا من النيابة العامة، مؤكدا ان المواطنين متعاونون مع البلدية في تطبيق القانون.
ابتكار المخالفات
ومن جانبها، كشفت مصادر مطلعة في البلدية ان المواطنين تفننوا في ابتكار مخالفات البناء في مناطق السكن الخاص، فمنهم من حصل على استثناء ببناء السرداب بارتفاع ثلاثة امتار عن حجر الرصيف وبالتالي يتحول السرداب الى دور ارضي وبالتالي سوف يحصل العقار على ارتفاع كلي بحيث يتضح للعيان ان المبنى يتكون من اربعة ادوار متتالية.
ونجد بعض المواطنين قام بالاتفاق مع موظف البلدية، اما عن طريق الرشوة أو المعرفة العائلية بان يوقع على ان العقار مطابق للاشتراطات والمواصفات التي تطلبها البلدية، وعلى اثر هذا التقرير الصادر من البلدية نجد ان وزارة الكهرباء تسمح بايصال التيار الكهربائي للعقار مع انه مخالف فعليا، لا سيما ان هناك من يقوم ببناء الدور الرابع والتجاوزات السكنية بعد ايصال التيار الكهربائي للعقار وبذلك يكون متلاعبا على اللوائح والانظمة.
اسلوب التحاليل
وهناك اسلوب آخر للتحايل يقوم به المواطنون، خصوصا من يقع عقاره في موقع مميز فانه يقوم ببناء الواجهة الرئيسية للعقار بثلاثة ادوار فقط، والواجهة الخلفية تكون اربعة ادوار وفي بعض العقارات تصل الى خمسة ادوار كما هو واقع في منطقة العمرية على الدائري الخامس، حيث يوجد عقار مخالف مبني من خمسة ادوار ومازال قائما امام اعين مسؤولي البلدية والدولة الذين مازالوا مكتوفي الايدي جراء مثل هذه المخالفات السكنية.
ومن يتجول في البلاد يجد ان المناطق السكنية تحولت الى استثمارية بموافقة المجلس البلدي والبلدية، حيث انهما اتفقا على زيادة نسبة البناء في السكن الخاص وفقا لاحتياجات المواطنين حتى وصلت الى 210 في المائة و120 مترا مربعا لكي يصبح بمقدور المواطن بناء ثلاثة ادوار، ولكنهم لم يدركوا ان اصحاب العقارات في السكن الخاص بدأت شهيتهم تزداد امام زيادة نسبة البناء في السكن، حيث اصبح الاستثمار الحقيقي في انك تحصل على عقار سكني وليس استثماريا، حيث انه في الظاهر سكني وفي باطن الامر استثماري.
ووجدنا ان اغلب اصحاب العقارات السكنية قاموا بتأجير عقاراتهم من دون الاهتمام بالتأثير السلبي على الخدمات والمرافق الخاصة بتلك المناطق وماذا قد يحدث لها؟ ويذكر ان بعض اعضاء المجلس البلدي الحاليين سوف يطالبون، في دور الانعقاد الحالي، بزيادة نسبة البناء ومنهم من سيطالب بترخيص بناء الدور الرابع للخروج من المأزق القانوني الذي تقع فيه البلدية لعدم قدرتها على تحرير المخالفات لعدم قياس المساحات المخالفة في العقارات.
وأكدت مصادر بلدية ل «القبس» ان مفتشي البلدية يرصدون مخالفات البناء اما عن طريق الرقابة الميدانية اليومية أو عن طريق الشكوى التي قد يتقدم بها الجيران أو احد سكان المنطقة لوجود بعض المخالفات السكنية، مشيرا الى انه يتم توجيه انذار اولي لصاحب العقار المخالف يلزمه بوقف اعمال البناء وضرورة مراجعة البلدية مع التراخيص الخاصة بالبناء.
واضافت المصادر انه في حالة عدم استجابة صاحب العقار للانذار الاول فانه يبعث له انذارا ثانيا. وفي حالة تجاهله للمرة الثانية فان مسؤول البلدية يقوم بطلب المخطط الخاص بالعقار المخالف لاستخراج بيانات، وكذلك تحرير محضر مخالفة له ببناء دور مطابق للدور الثاني، او تحرير مخالفة ببناء جزء على العقار، ومن كلتا الحالتين فان صاحب العقار يحصل على مخالفة تحول الى المحكمة للنظر فيها، وبعدها يتم اصدار الحكم اما بازالة الجزء المخالف أو قطع التيار الكهربائي عنه او تغريمه ماديا.
تحول أنظمة البناء
كما أدى تقاعس البلدية عن تطبيق أنظمتها ولوائحها الى تحول العديد من المناطق الاستثمارية الى تجارية. ونلاحظ خلال جولة على بعض المناطق وخصوصاً في منطقة جليب الشيوخ أن بعض العمارات الاستثمارية التي لا يجوز فتح سوى محل واحد فيها تحولت الى مجمعات تجارية نتيجة وجود أكثر من محل فيها.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا صمتت البلدية عن هذه المحلات، وهل لديها تراخيص صادرة من الجهات المعنية؟.. فإن كان الجواب نعم فمن أصدرها وهل تمت مساءلته؟ وان كان لا فهل تمت مخالفتها واصدار قرارات بغلقها؟ خصوصاً أن أغلب هذه المحلات تقوم ببيع وتداول مواد غذائية وطبية وغيرها من البضائع التي لها انعكاسات على الصحة العامة.
الأحواش الساقطة
وكشفت مصادر أن المخالفات في مناطق السكن الخاص تتم بمعاونة المراقبين والمسؤولين في البلدية.
وقالت إن بعض المواطنين يقومون ببناء منازلهم بنسب أعلى من المسموح به في التنظيم، وكذلك قيام البعض بعمل الأحواش الساقطة بالمخالفة للوائح.
وأضافت المصادر أنه بعد أن يتم الانتهاء من البناء يقوم المراقبون بالتوقيع على عدم وجود أي مخالفات في البناء ومنح صاحب المنزل خطاباً الى وزراء الكهرباء والماء لايصال التيار الكهربائي.
وأوضحت المصادر: يتم بعد ذلك سحب التقرير من ملف صاحب العلاقة حتى لا تتم محاسبة الموظف في حال التحقيق بالمعاملة مستقبلاً.
العبد الله: إحالة مخالفات البناء إلى المحكمة الكلية لضمان تنفيذ الحكم
كشف المحامي حسين العبدالله ان نوعية القضايا التي ترفعها البلدية ضد مخالفي قانون البناء يجب أن تحول إلى المحكمة الكلية وليس إلى محكمة الجنح عن طريق الدائرة المستعجلة أو دائرة الحكومة حتى تضمن البلدية تنفيذ الأحكام ولو بالقوة الجبرية من قبل إدارة التنفيذة، مشيراً إلى ان محامي البلدية عندما يحضر إلى المحكمة سيوضح الضرر الواقع على الدولة من جراء هذه المخالفات التي تضر بالسلامة العامة والجيران.
وبين العبدالله ان تحويل القضية إلى محكمة الجنح لن يفيد المصلحة العامة بشيء، حيث إن العقوبة ستكون اما بتغريم صاحب العقار مادياً أو بالزامه في بعض الأحيان بإزالة مخالفته، لافتاً إلى انه من يضمن ان يقوم المواطن بإزالة مخالفته؟ حيث إنه لا يوجد إدارة تراقب تنفيذ الأحكام الجنائية للبلدية.
وأكد انه يفترض على الإدارة القانونية في البلدية ان تقوم بدور أكبر من خلال رفع قضايا ضد المخالفين من تلقاء نفسها وتطالب بأمر الإزالة الكاملة للمخالفة وكذلك المطالبة بالتعويض المادي عن الأضرار التي لحقت بالدولة بسبب وقوع تلك المخالفات وليس فقط ان يقتصر دورها على تحويل المخالفة إلى محكمة الجنح!!
استثناءات بالتلفون
كشفت مصادر مطلعة ان اغلب القياديين في البلدية اصبحوا يتبعون طرقا اخرى غير التوقيع على بعض المعاملات لاستثنائها، ويتم ذلك من خلال الكتابة على ورقة خارجية يتم وضعها فوق المعاملة مكتوب عليها «لا مانع من الاستثناء»، او من خلال الاتصال الهاتفي بالمديرين للتسريع بإنجاز المعاملة واصدار التراخيص اللازمة.
صفر يعترف بوجود المخالفات
حصلت «القبس» على وثيقة صادرة من وزير البلدية د. فاضل صفر عن وجود مخالفات في بلدية محافظة حولي تتعلق بتراخيص البناء والمحلات، داعيا الى اتخاذ الاجراءات بحقها.
ويبقى السؤال: لماذا تم توجيه خطاب واحد الى نائب المدير العام لمحافظتي حولي ومبارك الكبير رغم ان هناك بلديات اخرى فيها تجاوزات؟
منح استثناءات رغم منعها
رغم اصدار وزير البلدية د. فاضل صفر تعميما بمنع الاستثناءات وضرورة المحافظة والالتزام بالنسب واشتراطات البناء وقيام مدير فرع بلدية الجهراء عبدالله العلي بإصدار تعميم داخلي بالالتزام بالنسب، الا انه حصل استثناء من خلال تقليص مساحة الارتداد والالتصاق.
إعداد الملف
زكريا محمد
عائشة علي
تصوير: هشام كامل
• الواجهة 5 أدوار
• السرداب مرتفع
• عمارات استثمارية فيها أكثر من محل
• سرداب من دون ترخيص
• كراجات وسط المباني
• صورة ضوئية عن خطاب صفر
طرق استفادة سكرتارية الأعضاء
• يقوم سكرتير رئيس اللجنة او احد اعضائها أو الموظفون في الامانة العامة بالاتصال بصاحب المعاملة بأن معاملته وصلت الى اللجنة.
• يتم ابلاغ صاحب المعاملة في اتصال آخر بموعد عرض المعاملة على اللجنة ويفترض منه الاتصال على الاعضاء والضغط عليهم لتمرير المعاملة سواء كانت عليها ملاحظات او غير ذلك.
• أثناء بحث المعاملة في اللجنة واصدار توصيه من اللجنة سواء بالموافقة او الرفض يتم الاتصال بصاحبها لابلاغه بالقرار فإذا حصلت على الموافقة يطلب «الحلاوة».
المواطنون وأصحاب المشاريع والحكومة مسؤولون عن تفشي الفساد دفع «المقسوم» شرط لتمرير المعاملات
• خليفة الخرافي
اعترف عضوا المجلس البلدي السابق خليفة الخرافي وخالد الخالد بوجود الفساد في الجهاز التنفيذي في البلدية والمجلس البلدي.
وأكد العضوان ان بعض المشاريع لا يتم تمريرها الا بعد دفع «المقسوم» لبعض الاعضاء، والا فإنه سيتم تعطيلها مشددين على ان القضاء على هذا الداء الخطير يتطلب مشاركة الحكومة والمواطنين بالكشف عن هؤلاء المرتشين.
وقال خليفة الخرافي ان الفساد في البلدية والمجلس البلدي واضح من خلال تمرير المشاريع وتحويل نظام البناء الاستثماري الى تجاري والسكن الخاص الى استثماري، واصفا هذه القضايا بأن بها «بلاوي».
وكشف الخرافي ان بعض اعضاء المجلس البلدي في المجالس السابقة كانوا يعرقلون اقرار المشاريع حتى يجتمعوا بصاحب المعاملة من اجل الدفع لهم، قائلا ان مواقف بعض الاعضاء تندرج من باب «المزاج والحسد واللعانة».
وأكد الخرافي ان بعض الاعضاء يستفيدون بطرق متعددة وواضحة، وخصوصا انهم يأتون «ما عندهم شيء ويصبحوا مليونيرات» خلال سنوات قليلة.
ووصف الخرافي الفساد في جهاز البلدية انه «ألعن» من خلال قيام بعض المسؤولين باستثناء بعض العمارات الجديدة من عمل مواقف السيارات او منحهم امتيازات عديدة في البناء وايصال التيار الكهربائي للمباني المخالفة لعدم وجود رقابة ومتابعة مقابل مبالغ معينة، وخصوصا ان بعض الموظفين اصبحت مظاهر الثراء عليهم واضحة.
ودعا الخرافي الى سرية اقرار قانون من اين لك هذا حتى يتم القضاء على الفساد الموجود.
تصنيف الفساد
وصنف العضو السابق خالد الخالد الفساد بنوعين أولهما المالي المتعلق بالرشاوى، والآخر الاجتماعي ويتمثل بالعلاقات القبلية والعائلية والانتخابية لتمرير المعاملات.
وقال الخالد ان الفساد التشريعي في المجلس البلدي ينقسم إلى عدة أقسام منه المالي والانتخابي، وهو موجود منذ تأسيس المجالس البلدية السابقة ولكنه قل فور صدور قانون البلدية 5 لسنة 2005.
واضاف الخالد ان الجهاز التنفيذي في البلدية غير جاد بالقضاء على الفساد المالي ومحاسبة الفاسدين، مشيرا إلى انه بعد كلمة سمو أمير البلاد المشهورة بأن «فساد البلدية لا تشيله البعارين» لم نر أي وزير أو مدير عام يقوم بحملة منظمة للكشف عن بواطن هذا الفساد أو مشروع واضح للحد منه، منوها إلى ان أغلب تصريحات المسؤولين تكون بإحالة بعض الموظفين الى النيابة رغم ان المطلوب هو البحث عن الفساد وليس اتخاذ اجراءات ردة فعل كما يحصل حاليا.
واستغرب الخالد من عدم وجود مشروع سلطة لمحاربة الفساد أو الحد منه معربا عن اسفه أن نرى خلال الآونة الأخيرة ان السلطة هي من ترعى الفساد وتدفع الرشاوى.
وقال ان مشكلتنا هي في عدم تطبيق القوانين ومواجهة الفساد خصوصا ان هناك دلائل مادية واضحة على ان هناك أعضاء في المجالس البلدية مرتشون من خلال تصرفاتهم وتعاملاتهم مع بعض المعاملات، والمعلومات التي تأتي من بعض أصحاب المشاريع بأن هناك من الأعضاء من طلب منهم دفع مبالغ لتمرير مشاريعهم، ولكنهم لم يكونوا متعاونين لمنحنا الدلائل الكافية لكشف المرتشين.
وحمل الخالد المواطنين واصحاب المشاريع مسؤولية عدم مساعدتهم الحكومة بالكشف عن المرتشين خصوصا ان المسؤولية مشتركة بين الجميع للكشف عن مثل هؤلاء.
• خالد الخالد
• هل ستقضي مجالس المحافظات على الفساد؟
استفادة الأعضاء عبر سكرتارياتهم
أكد عضو مجلس بلدي سابق أن هناك أساليب عديدة لاستفادة العضو من عضويته في المجلس البلدي، مشيرا الى انه كان شاهدا على بعض المعاملات التي استفاد منها بعض الاعضاء ماديا في احد المجالس السابقة.
ويروي العضو قصة، احد المواطنين، الذي جاء يشتكي من تعطيل معاملته في احدى لجان المحافظات في المجلس السابق رغم انها سليمة ولا تحتاج الى اي استثناءات.
وقال: «ان صاحب المعاملة تلقى اتصالا من احد سكرتارية اعضاء اللجنة يخبره بأن عليه دفع المقسوم» اذا اراد فعلا سرعة انجاز معاملته والا فإنها ستبقى على الجدول.
واضاف العضو «بعد مراجعتي للمعاملة في اللجنة تبين انها سليمة ويتم تأجيل بحثها بحجة الكشف على الطبيعة» للموقع، فما كان مني إلا أن طلبت سرعة الموافقة عليها وإلا فإنني سأكشف أسباب تعطيلها مما اضطر الاعضاء الى الموافقة عليها فورا من دون أن يدفع صاحبها فلسا واحدا.
ويكشف العضو انه في المجالس الماضية استطاع بعض الاعضاء ان يتحولوا من اصحاب ذوي الدخل المحدود الى اصحاب الملايين نتيجة عدم تمريرهم المشاريع الا بعد ان يقوم اصحابها بدفع المقسوم.
ويقول العضو ان المشاريع التي لا يقوم اصحابها بالدفع فإنه تتم مهاجمتها وانها تهدف الى سرقة المال العام ويثيرون الشارع عليها حتى يستمر ايقافها بحجة المحافظة على المال العام.
طرق استفادة سكرتارية الأعضاء
• يقوم سكرتير رئيس اللجنة او احد اعضائها أو الموظفون في الامانة العامة بالاتصال بصاحب المعاملة بأن معاملته وصلت الى اللجنة.
• يتم ابلاغ صاحب المعاملة في اتصال آخر بموعد عرض المعاملة على اللجنة ويفترض منه الاتصال على الاعضاء والضغط عليهم لتمرير المعاملة سواء كانت عليها ملاحظات او غير ذلك.
• أثناء بحث المعاملة في اللجنة واصدار توصيه من اللجنة سواء بالموافقة او الرفض يتم الاتصال بصاحبها لابلاغه بالقرار فإذا حصلت على الموافقة يطلب «الحلاوة».
أشهر وكالة أنباء في الكويت وكالة «يقولون».. تعمل في كل زمان ومكان من دون كلل أو ملل
تحقيق: ثائرة محمد
وكالة «يقولون» منتشرة هنا وهناك.. على المستوى الاجتماعي والسياسي وفي ميدان العمل.. وفي الشارع وفي كل مكان تسمع هذا وذاك يخبرك بأنهم «يقولون».. فمن الذي يقول لا تعرف.. وما هدفه ايضا غير مصرح به..
وكالة «يقولون» على مستوى العلاقات الاجتماعية مثلا تحاول ان تتربص لتنتزع الثقة بنفسك.. فتخبرك ان الاخرين يقولون عنك كذا كذا.. وبالتأكيد هذا القول لا ينطوي على المديح لاننا شعوب لا تعرف غير الذم.. وكأنهم «يسبونك» بشكل غير مباشر تحت ذريعة «يقولون» عنك، وحين تسألهم عن كينونة هؤلاء الذين يقولون لا يمكن ان يصرح لك عنهم.. وكأنه يريد ان ينغص عليك او ان يزيد في حيرتك او يشتت تفكيرك فيمن حولك..
وكالة «يقولون» في المجال السياسي حدّث ولا حرج، وهم في الاونة الاخيرة يزرعون بذور الشتات في اواصر المجتمع وتماسكه، وهم الطابور الخامس الذي يدعون ان لديهم الدلائل والمستندات.. ثم نكتشف بانها تكمن في مصادر واهنة تعتمد ايضا على وكالة «يقولون».
في الحقيقة ان «يقولون» لا تنم الا عن ولادة اشاعة ربما انا او انت نروج لها دون ان ندري ماهيتها وهدفها وتأثيرها..
تحقيقنا التالي يكشف لنا عن هذه الوكالة المشبوهة واهداف اصحابها المتنوعة في المجالات.. فلنتابع الاراء علّنا نتمكن من كبح جماحهم والسيطرة على اهدافهم.
اعضاء هذه الشبكة او الوكالة كما قلت متوغلون فيما بيننا. ففي العمل تخبرنا عنهم علياء مهدي قائلة:
اعضاء هذه الوكالة هدفهم اثارة المشاكل والفتنة بين الموظفين وزرع الغيرة في نفوس العاملين وتحطيم امكانياتهم ومعنوياتهم من اجل ابراز انفسهم على الاخرين.. فالموظف الذي يتعامل مع زملائه من منطلق «يقولون» ليحقق مآربه، فيخبرهم انهم يقولون ان فلانا مثلا حصل على ترقية او زيادة راتب هو في الواقع يريد ان «يشيش» ويثير باقي الموظفين ليتمردوا ويطلبوا الزيادة مثله ويبقى هو ذلك المسالم في الصورة وقد لا يرتكز كلامه على مستند صحيح، ولكنه اعتمد من خلال وكالة سهلة تحقق هدفه ومساعيه في زيادة راتبه على حساب الاخرين..
وتضيف: كذلك يعتمد بعض الموظفين في الانتماء لهذه الوكالة ليس من اجل تحقيق مآربه ومكاسب مادية فحسب، وانما لطعن زملاء له يشكلون خطرا عليه او يتميزون عنه.. فيبدأ في محاربتهم بشتى الطرق معتمدا على «يقولون» حتى يخلعه من امامه نهائيا.
الطوب للشجر المثمر
اما كيف تؤثر هذه الوكالة «يقولون» على النفس وكيف نتعاطى معها تقول المذيعة رانيا السباعي:
سمعت كثيرا «يقولون عني» وما احب ان اؤكده ان من لا يتعرض لهذه الوكالة فهو شخص غير ناجح لان الشجرة المثمرة هي الوحيدة التي تُرمى بالطوب.. فلو لم اكن محط اهتمامهم لما التفت لي أحد.. فنجاح الانسان يولد لدى الاخرين الغيرة منه ويحيطه ايضا بالاقاويل التي تعتمد على تشويه الصورة الناحجة باي طريقة.. لأن تلك هي ضريبة النجاح..
ولكن اصحاب هذه الوكالة لا يؤثرون بي، بل على العكس يمنحونني دفعة الى ان ازداد نجاحا وتألقا وجمالا وثقة بالنفس اكثر، «فلا يهزك ريح يا مركب هوانا» لانني لو كنت شيئا لا يذكر لما تحدثوا عني، ولهذا لا يعنيني رأي الآخرين اطلاقا لاني أركز على ذاتي واعرف ان مفتاح الفشل هو محاولة ارضاء كل من تعرفه.. «فالقافلة تسير والكلاب تعوي او تنبح»، ولهذا انا اضحك كلما سمعتهم يقولون، وحتى نستطيع كبشر وقف هذه الوكالة عن التمادي علينا ان ندرك بوعي ان «يقولون» لا تترصد الا الناجحين والمشهورين للنيل منهم ومن نجاحاتهم لتشويه صورتهم، فكلما اهملناهم ولم نتوقف عند اقاويلهم انتصرنا عليهم وهزمناهم..
سبّ غير مباشر
وعصابة «يقولون» تؤثر في العلاقات الاجتماعية التي تخبرنا عنها رشا محمد قائلة:
هذه الوكالة تلعب دورا في الفتنة من خلال نقل الكلام الذي يثير المشاكل ويشوش الافكار ويزعزع الثقة بالاخر، مضيفة ان هذه الوكالة تؤثر فينا بشكل او باخر لان طبيعة البشر تحب ان تسمع ماذا يقال سواء عنها او عن الاخرين، معتقدة ان بعض افراد هذه العصابة هم انفسهم الذين يعتمدون في سب من امامهم طريقة غير مباشرة تحت ذريعة «يقولون»..
وايضا البعض منهم يعتمدها حتى يثير الفتنة والمشاكل ويفرق بين الناس حتى تفتر العلاقات الاجتماعية او تنقطع.. كذلك هم قد يكونون صادقين وسمعوا فعلا، وبذلك يكونون الطرف الثالث في تلك اللعبة لانهم ينقلون الكلام.. وهؤلاء غالبا ما يخرجون بسواد الوجه والخسارة بسبب حشريتهم وفتنتهم..
اعتباره مصدراً
الامر قد يتخطى العلاقات الاجتماعية الى الوحدة الوطنية هناك، ويمكننا ان نسمي جماعة «يقولون» مروجي الاشاعات. تخبرنا الناشطة السياسية نجاة الحشاش عنهم قائلة:
هؤلاء في المجتمع مروجون لإشاعات معينة ولاهداف معينة، وكثير منهم ليس لديه الدلائل والحقائق ليواجه ويتحدى بها، فكل ما لديه «يقولون» لاثبات وجود مصر لديه.. ونوعية اخرى تعتمد على «يقولون» لأنها تخاف ان تواجه الحقائق التي لديها او للاطاحة بسمعة اشخاص معينين لمنع وصولهم لمراكز معينة كالمسؤولين واصحاب الشركات وغيرهم..
اما من الاكثر انضماما الى وكالة يقولون اليوم، النساء ام الرجال في زمن تساوت فيه المرأة مع الرجل، فتجيب قائلة:
قديما كانت النساء هن الاكثر لأن كيد النساء عظيم.. اليوم يتساوى ويتنافس الرجل والمرأة معا على عضوية هذه الوكالة.
الكلام ببلاش
أما الكاتبة الصحافية غنيمة الفهد المستاءة والمتأزمة كثيرا من هذه الوكالة وما تبثه من اشاعات في المجتمع الكويتي فتقول:
في الاونة الاخيرة لا ادري ماذا اصاب المجتمع في نشر الاقاويل والاشاعات هنا وهناك.. فهؤلاء «اصحاب يقولون» يتحدثون تحت هذه الذريعة من باب الثقة بان ثمة امورا وصلتهم وكأنهم واثقون من صحتها..
اليوم للأسف اصبح كل الكلام مباحا، وهو ببلاش حتى صار أي شخص يضر الاخر بكل سهولة.. فالعفيفة تطعن بشرفها دون اي وازع ديني واخلاقي وبدون اي ضمير يحاسب.. وابن العائلة يضرب والعفيف والناجح يؤلف عليه ليطعن بعد ان انتشرت الصور المفبركة عبر الانترنت والتي لا تنم الا عن حسد وحقد لتشويه صورة الاخر..
اليوم يريد الانسان الذي لم يتعب ان يصبح بمستوى من يتعب على نفسه، فأجدادنا الذين ذهبوا الى شرق افريقيا واسيا وبنوا الكويت واسسوها بسواعدهم يريد من هو نائم على فراشه ان يتساوى معهم.. اصبح الكثيرون هم اعداء النجاح يضربون بقوة كل من هو ناجح ويتناسى هؤلاء ان الله هو موزع الارزاق، فلماذا نحاول نحن سلب هذا الرزق منه؟!
منهج في المدارس
وتكمل الفهد قائلة:
للتغلب على الذين لا نعرفهم من الطابور الخامس يجب ان يكون هناك منهج في المدارس يعلم الطلاب منذ نعومة اظفارهم طرق الإتيكيت في فن التعامل وكيفية التمييز بين الاشاعة والحقيقة ومن نصدق ومن نكذب من مصادر حتى نصل لوحدة الصف.. فالشعب الكويتي لا بد ان يكون واعيا ومثقفا لا يسمح لاحد بان يشق وحدة صفه باي طريقة كانت من خلال الوعي والادراك ودماثة الاخلاق المعروفة عنه، وبدلا من ان تضحك جماعة «يقولون» علينا نضحك عليهم.
ليمنح نفسه المكانة
أما المهندس عادل الخريبط فوصف اعضاء وكالة «يقولون» معلّقاً على ما يعتمدون عليه واسباب تصديق الناس لهم قائلا:
كثير من افراد المجتمع لا يعتمدون على الحقائق او يتمعنون بها اخذين الامور على علاتها.. اي يصدقون النقل الشهفي.. واعضاء وكالة يقولون يعتمدون اصلا على ذلك النقل كنوع من التميز عن الاخرين لاعطاء انفسهم المكانة كالقول مثلا، وهذا ما يحدث أخيرا، «انا عندي معلومة من ناس واصلين»..
ومن ينقلها على علم بمجريات الامور وما يحدث لكنه لا يتحرى صدقها وتأثيرها على المجتمع معتمدا على المعلومة الشفهية وعلى ان الناس لا تقرأ ولا تبحث ولا تطالع للتأكد مما سمعته، مؤكدا ان المجتمع لا يمكن ان يتطور اذا ما اعتمد على المعلومة المنقولة شفهيا تحت شعار «يقولون»، اما القارئ والباحث فيختلف اختلافا كليا عن الذي يعتمد على قال وقلنا..
وللأسف يخجل البعض من سؤال من يخبرونهم عن حقيقة أقاويلهم ومصدر الخبر الذي حصلوا عليه حتى لا يتهموا بالجهل فنصل في النهاية بعد تناقل الخبر الى ما يؤثر وينخر كيان الوطن وتماسك المجتمع..
علم النفس
العدوانية غريزة فطرية..تجعلهم يتحدثون بالجانب السلبي لا الايجابي
ويحلل الاستشاري النفسي الدكتور حسن الموسوي هذه القضية قائلا:
الناس بطبيعتهم يتكلمون عن بعضهم البعض بالجانب السلبي وقليلون جدا من يتكلمون بالنواحي الايجابية.. ونظرية التحليل النفسي تشير الى أن الانسان بغريزته يميل للعدوانية والعدوان بالضرب او اللفظ أو تشويه السمعة، لانه لا يرضى في النهاية ان يكون هناك من هو افضل منه.. وهذه غريزة فطرية عند الانسان. فالعدوان جزء من سيكولوجية الانسان على الاخر، فهو يخلق مشكلة من لا مشكلة حتى يثير الناس، فيغطي بالخبر المفبرك الذي ليس له أساس من الصحة على الخبر الاصلي..
شخصية المفبرك
ويكمل: شخصية الانسان الذي يروج الخبر لديه قدرة في ترويج وتلميع الخبر تجعل من حوله يصدقونه وتتمثل في:
• يستخدم وسائل أخرى تساعده على ذلك مثل النت والمسجات والدواوين وغيرها ليزيد من سرعة انتشار الخبر لخلق البلبة.
• لديه فراغ كبير فمن المعروف ان المشغول لا يفكر بهذه الامور.
• لديه زبائن كثيرون يصدقونه ويساعدونه في نشر ونقل وترويج خبر يقولون.
أين ينتشرون؟
وأين ينتشر اعضاء وكالة يقولون؟ مبينا انهم في الدول التي تهتم باخبار الاخرين اكثر من نفسها والدول التي لديها امراض نفسية مثل الغيرة المرضية والحسد.. أما المجتمعات التي لديها الحوار والتفاهم.. فأعضاء هذه الشبكة غير موجودين.. وغالبا ما تنتشر الأقاويل في ظل احداث معينة تشغل الناس حيث تكثر التحليلات والتفسيرات.
أين يكمن الحل؟
اما حل القضاء على افراد هذه الشبكة المنتشرة فيقول لا بد من التغيير في نمط المجتمع «التركيبة العقلية للمجتمع»، بالاضافة الى أنه يتم عن طريق الوعي عبر وسائل الاعلام المختلفة وفيما يتعلق بأمن الدول والاشاعات لا بد من التأكد من المصادر الحقيقية للخبر.
من المتضرر الأكبر منها؟
ويضيف ان الشخص المرموق المتميز والذي له شعبية ونجاح هو اكثر الاشخاص تعرضا للأقاويل ومجموعة يقولون، لان تميزه منحه قابلية اكثر من غيره في التحقق عنه لزيادة تفعيل وانتشار الخبر عنه لاحداث الضرر به.