شابت على أرضه الليالي ـ وضيعت عمرها الجبال.................... ولم يزل ينشد الديارا ـ ويسأل الليل والنهارا............
والناس في حبه سكارى ـ هاموا على أفقه الرحيب..... ....................آهٍ علي سرك الرهيب ـ وموجك التائه الغريب
يا نيل يا ساحر الغيوب
يا واهب الخلد للزمان ـ يا ساقي الحب والأغاني............. .....هات اسقني ودعني ـ أهيم كالطير في الجنان
يا لينتي موجة فأحكي ـ إلى لياليك ما شجاني ....وأغتدي للرياح جارا ـ وأحمل النور للحيارى ......فإن كواني الهوى وطارا ـ كانت رياح الدجى نصيبي ..........آهٍ على سرك الرهيب ـ وموجك التائه الغريب كلمات : الشاعر محمود حسن اسماعيل
رحلة إلى أوروبا الجديدة (1)
تالين بلد الصمت الكبير
فرانسوا هوتر - (لوفيغاور):
بعد عشرين سنة من انهيار حائط برلين زار كبير محرري لوفيغارو الفرنسية فرانسوا هوتر بلدان المعسكر الاشتراكي سابقاً، وكتب سلسلة من عشر حلقات، يعرض فيها حاضر تلك الدول:
في آسيا كنت استفز اصدقائي لدى تطرقي للآسيويين، وذلك ان الآسيوي في اي مكان يؤكد بانه صيني او ياباني او كوري وليس آسيويا، فشعور الصيني بانه ابن عم الياباني او الكوري او هذا الشعور بالانتماء الى دم واحد في هذه القارة، يبدو لهم غريباً.
فملوك آسيا او زعماؤها لم يقيموا تحالفات مع امم مجاورة لهم، واما هذه المسافة بين طوكيو وبكين وسيئول وهونغ كونغ التي لا يستطيع احد تجاوزها، فهي مثار فضول الاوروبيين، الذين اختلطت عائلاتهم على مر التاريخ، ويبدو ان جيناتنا تحتوي على هذا التناغم والانسجام، سنكتشف ذلك بعد قليل.
يقول بول ماكارتي «البارحة وصلت بسرعة»، وامس بالنسبة لجيلي هو سنوات الستينات، سنوات شارل ديغول وسنوات سباق التسلح بين المعسكرين الغربي والشرقي، واما مشروع اوروبا موحدة ومستقرة فكان مشروعنا، اوروبا هذه ستصبح معجزتنا، لانها دفنت الى الابد، الاممية التي اخذتنا الى الهاوية.
كان هناك الكثير لينسى
يعرف كل واحد منا ان الحضارة الاوروبية أنارها العداء المستمر بين فرنسا وألمانيا، لكن كان يتوجب اعادة بناء الدول لان جميع البلدان التي انخرطت في الحرب، كانت دولا منهارة. وكان هناك ايضا الكثير من الاشياء التي يجب نسيانها، لأننا تراجعنا الى العصور الوسطى بفضل تلك الحروب الوحشية.
ولأننا بدأنا من الصفر، اعتمدنا على الخريطة الجغرافية الأولى لأوروبا، وليس صدفة ان تتضمن اول خريطة للاتحاد الاوروبي اي خريطة دول الاتحاد الست المؤسسة، ان تتضمن تقريبا الحدود التي رسمها شارلمان.
لقد تم الاتفاق على اعادة بناء أوروبا وفق برنامج اجتماعي كريم حتى لا يبني الملل، عددا جديدا من الديكتاتوريات.
كان الطموح كبيرا، لكن الاخبار الاخيرة تشير الى أننا أصبحنا اليوم 27 دولة ضمن إطار اتحاد واحد بنصف مليار نسمة وناتج اجمالي اكبر من الناتج الاجمالي للولايات المتحدة الاميركية والصين مجتمعتين.
لقد تعلمنا كيف نعيش مع الألمان والايطاليين والهولنديين والدنمركيين والفنلنديين وحتى مع البريطانيين الذين تدين لهم أوروبا بالكثير، غير انهم يختبئون وراء الولايات المتحدة الاميركية حتى يخفوا خسارتهم للإمبراطورية.
لكن اوروبا التي تملك كل هذا التاريخ استطاعت ان تكسب الرهان.
في يوليو 1989 وبينما كنت مراسلا للوفيغارو في واشنطن، رافقت الرئيس الاميركي جورج بوش الاب وقرابة 200 مراسل الى بودابست وفرصوفيا.
وفي ساحة فوروسمارتي، في العاصمة الهنغارية، تقدم رجل الى الرئيس الاميركي، واعطاه قطعة من شجر السرو رُب.طَ اسفلها سلك، وكانت هذه اول قطعة، قطعت في الليل من الجدار الحديدي على الحدود الهنغارية - النمساوية.
لقد قام قرابة 20 ألف شخص الليلة الماضية باجتياح المكان في اتجاه الغرب، وفي هذه الجريدة ــــ أي لوفيغارو ــــ تساءل المصور الشهير جون اورمسون بحرارة عما اذا كان عام 1989 هو اهم عام في القرن؟ وفجأة تغيرت الجغرافيا التي انتقمت من التاريخ، لتلتصق اوروبا ببعضها البعض وتجد نفسها من جديد... لقد احتفلنا أخيرا بالذكرى العشرين للوحدة التي لا تزال بحاجة الى عمل كبير.
تبقى الدولة فيما عدا كرة القدم، هي الاطار العائلي لحياتنا اليومية، فالدولة هي التي تملك التعليم وهي التي تمنح المعاشات وهي التي تقوم بالحرب وهي التي تفرض الضرائب في الداخل والتي ترفعها ايضا، وهي كذلك التي ترجع الحق لأصحابه عن طريق العدالة.
تحتكر الدولة كل شيء، لكن لا احد من المواطنين يتصور مشاركته بكثافة في اوروبا؟ لان اوروبا لا تعني شيئا في الحياة اليومية.
إذاً ما الذي علينا فعله حتى يهتم القارئ والمواطن بأوروبا؟
ببساطة على القارئ ان يدخل في تفاصيل رحلة لها هدف، لقد جاءتنا فكرة اكتشاف ابناء عمومتنا في الشرق، فكرة اكتشاف هؤلاء الذين لا نعرفهم جيدا.
اقترحنا فكرة ان نذهب للقاء الناس في 11 بلدا اوروبيا، وشخصيا لا املك اي ذكريات ولا اي شيء عن هذه البلدان سوى بعض
07-01-2010, 05:44 AM justice
شخصياتها المثقفة كالأمراء الهنغاريين او الرومانيين الذين لجأوا الى منازل اصدقائهم في الغرب.
إذاً سوف اغطس في المجهول لألاحظ واتابع عن كثب مجتمعات معقدة جدا، غير اني قررت عدم الاكتراث بهذه الحواجز وقررت الذهاب الى البلطيق، باتجاه تالين عاصمة استونيا بلد الغابات والرواسب الطينية السوداء.
آن.. هي ممثلة كبيرة في بلادها استونيا، وستطلعني على الكثير من الأمور المهمة عن بلدها. كنا نتقاسم قنينة مشروب في مقهى في تالين، غير ان الصمت كان مطبقا على شفتيها، حيث كانت تجيب على أسئلتي بابتسامة محتشمة. أزعجني جدا صمتها، لكن صديقتها وتدعى تينا، أكدت لي أن هذه الأسئلة تؤثر فيها كثيرا.
خرجنا من المقهى، فإذا بها تشير بيدها إلى برج قريب وإلى شقة فيه، وتقول «انه بيت الجلاد».
شعرت هناك بأن الكلمات هي أدوات خطيرة جدا في استونيا.
ممنوع للأجانب
لم تكن استونيا قبل عشرين عاما جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا مثل المانيا الشرقية، وإنما ضاحية ممنوعة على الأجانب، حيث كانت الغواصات النووية التابعة للجيش الأحمر تختبئ في احدى جزرها.
استونيا اليوم هي سويسرا الشمال الكبير، لقد ذهلت من مستوى التطور الذي بلغته تالين خلال العشرين سنة الأخيرة، فسكان البلاد، البالغ تعدادهم مليونا وثلاثمائة ألف نسمة مرتبطون كل وقت بشبكة الانترنت مثل الهولنديين، كيف لا وفي هذه البلاد اخترع «السكايب» وهاتف القرن الواحد والعشرين؟!
واستونيا حيث شبكة الانترنت في هذه البقعة من العالم تمثل حقا من حقوق الإنسان منذ التحقت بالاتحاد الأوروبي منذ خمس سنوات تقريبا.
وزراء قبل الثلاثين
لقد تمكنت استونيا من الخروج في وقت قياسي من نفق الاتحاد السوفيتي المظلم، وتقول مارجو لوريستين وهي استاذة العلوم السياسية في جامعة تارتو، وهي المدينة الثانية في استونيا، ان الاستونيين كانوا مستعدين للعيش في مجتمع يختلف عن الاتحاد السوفيتي. لقد أضحكتني هذه السيدة عندما أخبرتني أن اثنين من طلبتها عينا في الحكومة ولم يكونا قد تجاوزا الثلاثين أحدهما عين وزيرا للدفاع وأما الآخر فقد عين وزيرا للخارجية، وأما هي فقد استنجدوا بها لحمل حقيبة الشؤون الاجتماعية في عام 1992.
بلد الرياح والأشجار
في بلد الرياح هذا بإمكانك أن تعيش بين الأشجار من دون أن تطأ قدماك الأرض من شدة تشابكها وكثافتها. هنا في استونيا البيوت تبنى من الخشب، وأما الطبيعة فمنظرها خلاب، لقد ذكرتني بالريف الياباني، واما السطوح في استونيا فتصبغ باللون الأحمر والأخضر، واما الجدران فباللونين الوردي والأصفر.
وعكس السويديين، الذين يلقبون هنا بــ«ملتهمي البيض» لافتقارهم للطاقة، فإن الرجال الاستونيين أكثر جدية ونشاطاً وأما النساء فطويلات وجميلات جداً، هن شقراوات، لكنهن لسن جذابات، وعلى الرغم من أنهن مؤدبات لكن يبدو أن لا احد بإمكانه الاقتراب منهن.
روبن هود محلي
ولدول البلطيق الثلاث، أي استونيا الشمالية وليتوانيا ولاتفيا على الحدود البولونية، قاسم مشترك، هو ذلك الارتباط الوثيق بين رجالها والطبيعة، وشعرت بذلك عندما قرأت مقالاً في الأسبوعية البلطيقية نيوز، يقول فيه الكاتب إن الشرطة تبحث عن روبن هود محلي يحميه السكان، على الرغم من تورطه في جريمة شنعاء.
كان قائد الشركة يشكو قائلاً «أنه أمر غريب، البدر مكتمل ولا شيء، في العادة، نتلقى العديد من المعلومات مع اكتمال البدر لكن لغاية الساعة لم يحدث شيء».
في هذه المناطق تلعب الطبيعة دوراً جوهرياً في حياة الرجال.
توجهت نحو بيت الكاتب جان كابلينسكي، الذي ضرب لي موعداً في قلب البلد على بعد 20 كلم عن اقرب طريق معبد.
كانت الساعة الثالثة بعد الظهر وكنت أظن أنه بقي لي المزيد من الوقت، لكني فوجئت ببزوغ القمر، الذي ما اكتمل ظهوره حتى وصلت الى مقصدي وكانت بيتا معزولاً.
دخلت لكني لم ألحظ إلا الاشياء المفيدة، كانت هناك خزنات وخزانة واسرة ومدفآت وطاولة ومجموعة كتب لمحت منها كتاب تولستوي «قانون الحب وقانون العنف» وكان مفتوحا.
تأمل روحك
بينما كان مستضيفي في المطبخ كنت اقرأ: «على أي واحد فينا ان يفهم جيدا انه ليس من حقه ولا بإمكانه تنظيم حياة الآخرين، وان عليه أن يدير حياته وفق مبادئه الدينية العليا التي تربى عليها، ومهما كنت مشرعا او قاضيا او مالكا او عاملا او متشردا، تأمل روحك».
المعاناة في كل مكان في هذا البلد، يتحدث جان عن والده البولوني الذي توفي في معسكر الماني، وعن جده الذي قتله السوفيات في بيته. كما يتذكر ايضا طفولته وحاجته الى بيت في الريف.
يقول جان: نحن نتحدث اللغة الاستونية التي تشبه قليلا الباسكية، لكن لا يوجد اطلاقا قاسم ثقافي مشترك بين استونيا وليتواينا ولاتفيا، الا التراجيديا التي تسبب بها الاحتلالين الألماني والسوفيتي.
في تالين، يعرض باعة الآثار تماثيل هتلر جنبا الى جنب مع تماثيل ستالين، فيما يباع زي الجيش الاحمر وزي الجيش الالماني في المحلات ذاتها.
هذا الامر صدمني لأنني اكتشفت ان ستالين لا يزال حاضرا في أذهان الناس، لقد كان طاغية، وهو بالنسبة إليهم طاغية لا يرحم أكثر من هتلر.
من قلب أوروبا
برلين.. مدينة الرموز التاريخية النابضة بالحياة
عندما تقف على اشارة المرور في برلين، منتظرا اللون الاخضر، لابد ان يلفت نظرك الكم الكبير من المشاة الذين يستعدون لعبور الطريق معك! وعندما تتجول في شوارعها النابضة بالحياة، لابد ان تلتقط مسامعك كلمات كثيرة من لغات عالمية، قد تكون من بينها العربية! هذه هي برلين، عاصمة المانيا التي تستقطب السياح من كل حدب وصوب، نظرا إلى ما تتمتع به من مقومات سياحية تجعلها احدى افضل وجهات السفر في العالم،
فوفق احصائيات هيئة ترويج السياحة في برلين، فإن المدينة تمكنت في عام 2008 من جذب نحو 7.9 ملايين سائح.
برلين احتفلت أخيرا بالذكرى العشرين لسقوط جدارها، وتوحيد ما كان يعرف آنذاك بالمانيا الشرقية والغربية، ولكن لاحتفالاتها دوما نكهة خاصة، نظرا إلى الكم الهائل من عشاق هذه المدينة، سواء كانوا من زوارها المحليين أو الاجانب، والذين يحرصون على مشاركتها جميع فعالياتها.
على الرغم من الازمات التي مرت بها برلين عبر التاريخ، فإنها ماتزال تحتفظ برموز تذكارية عديدة، فهي مدينة تحتضن جميع الازمنة في شوارعها ومبانيها ومعالمها، وماتزال تتحف زوارها بسحرها وروعتها وعمقها الحضاري، مما يجعل لزيارتك لها مذاقا خاصا.
بوابة براندينبورغ مثلا تعد رمزا من رموز عهد الانقسام الذي شهدته برلين في اربعينيات القرن الماضي، وقد كانت هذه البوابة مقفلة لسنوات عدة، واعيد افتتاحها بعيد انهيار جدار برلين، اما كنيسة كايسر فيلهيلم التذكارية والواقعة في حي كورفورستيندام، فهي تذكار للسلام ورمز معماري جميل، يعكس تصميم برلين على اعادة اعمار نفسها بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية.
واذا كنت من المهتمين بالتعرف على مراحل تاريخية انتهت منذ عقود طويلة، يمكنك زيارة نقطة التفتيش «تشارلي» التي مثلت سابقا جزءا من جدار برلين، التي كانت شاهدا على انقسام ألمانيا إلى دولتين (شرقية وغربية)، حيث قامت حكومة ألمانيا الشرقية في عام 1961 بتشييد سور برلين.
وهكذا أصبحت المدينة مقسمة إلى جزأين: الجزء الغربي التابع لألمانيا الغربية، والجزء الشرقي التابع لألمانيا الشرقية. وبقيت برلين على هذا الحال إلى حين سقوط الجدار في نوفمبر 1989 وتوحيد شطري ألمانيا في عام 1990. وبالتوجه إلى المحطة الشرقية بالقرب من شارع «بيرناور شتراسه»، يمكنك رؤية بقايا جدار برلين الشهير الذي تحول إلى آثار تاريخية تشهد على تقسيم برلين وتاريخ الحرب الباردة.
ومن الأماكن التي تحظى بإعجاب السياح ويقصدونها عادة مشيا على الأقدام هناك مبنى البرلمان الألماني، الذي قام بتصميم زجاجه الفنان نورمان فوستير Norman Foster، وهو يشكل مع مبنى الوزارة الفدرالية والمباني الحديثة الأخرى، ما يُعرف بمجمع باند ديس بونديس Band des Bundes.
ومن الصروح المعمارية المهمة ايضا في المدينة، يطل علينا برج التلفزيون في ألكسندربلاتس Alexanderplatz، الذي يبلغ طوله 368 مترا، ويوفر لمرتاديه من علو شاهق مشهدا بانوراميا رائعا لهذه المدينة.
المتاحف
عشاق المتاحف سيجدون ضالتهم في قلب مدينة برلين التي يتواجد فيها أحد أهم تجمعات المتاحف في العالم والذي يطلق عليه «جزيرة المتاحف»، التي تعتبر أكبر تجمع للمتاحف في أوروبا وتحتوي على تراث لأجيال وعصور متعاقبة يزيد عمره على 6000 سنة. تضم هذه المجموعة خمسة متاحف تتصف بأن شهرتها تتعدى حدود ألمانيا واوروبا، لا سيما أن المنطقة التي توجد فيها هذه المتاحف تم ادراجها على قائمة التراث العالمي لليونيسكو منذ عام 1999. وتعرض هذه المتاحف مقتنيات نادرة ورائعة بطريقة عرض دقيقة وهندسة معمارية قل نظيرها. وإلى جانب ما تحتويه «جزيرة المتاحف»، فإن برلين تحتضن أكثر من 170 متحفا، إلى جانب عدد كبير من صالات العرض الفنية والمراسم، والتي تظهر بشكل جلي المخزون الثقافي الذي تتصف به المدينة.
وللفن أيضا نصيب كبير في برلين، حيث تنتشر فيها دور أوبرا ذات صيت واسع، وأكثر من 150 مسرحا ومدرجا، فضلا عن عشرات دور السينما والمراكز والأروقة الثقافية. كما إنها تستضيف على مدار العام الكثير من المهرجانات والفعاليات المهمة، كمهرجان «برليناله» Berlinale الذي يعد من أشهر المهرجانات السينمائية على مستوى العالم، إلى جانب احتضانها لفعاليات موسيقية متنوعة تستقطب من خلالها أعدادا كبيرة من الشباب.
التسوق في شوارع تاريخية
اذا كانت برلين مدينة ثقافية وسياحية بامتياز، فهي ايضا من اشهر وجهات التسوق في العالم، حيث تستقطب كل عام اعدادا كبيرة ممن يأبوا ان يغادروها دون التسوق من متاجرها، وخصوصا ان للتسوق فيها متعة خاصة، لانه سيكون بامكانك التجول بين المباني التاريخية بينما تقوم بشراء احتياجاتك!
فمثلا يعتبر شارع كورفورستيندام التاريخي، الذي يسمى اختصارا بشارع «كودام»، من اكبر واشهر مراكز التسوق في العاصمة الالمانية برلين، حيث يمتد من حديقة الحيوانات الى منطقة شارلوتنبورغ على مساحة تبلغ نحو ثلاثة كيلومترات، وتصطف على جانبيه مبان تاريخية قديمة وفخمة، الى جانب عدد من المحلات التجارية الكبيرة لاشهر العلامات التجارية العالمية.
وكغيره من شوارع التسوق الاخرى، كشارع فريدريش، يزدان «كودام» في هذه الايام بزينة اعياد الميلاد لتمنحه الاضواء والالوان الاحتفالية طابعا خاصا يعطي لموسم الشتاء دفئا والقا، لا سيما مع منظر الاكشاك الخشبية التي تقدم المشروبات الساخنة، وتفوح منها رائحة المأكولات الالمانية الشعبية الخاصة بهذه المناسبة، الى جانب انواع لذيذة من الحلويات واشكال مبتكرة من الشوكولاته، ناهيك عن هدايا الاعياد التي تغلفها بساطة الوان الفرح.
عالم من الهدوء
على الرغم مما تتصف به مدينة برلين من زخم دائم وحيوية، فإنها تضم مساحات واسعة من اجمل المناطق الطبيعية، فالحدائق والغابات الخضراء والبحيرات الشاعرية تمنح زوار المدينة اجواء وعوالم لا مثيل لها من الهدوء والطمأنينة. وهنا يمكن ان ننصحك بزيارة تيرغارتن التي تعتبر اكبر متنزه في برلين، وتتحول الى مكان لاقامة حفلات الشواء العائلية في فصل الصيف.
ولا يجب ايضا تفويت فرصة التعرف على «الحديقة الشرقية» التي تعتبر نتاجا المانيا عربيا مشتركا، لا سيما مع ما تتميز به من
02-03-2010, 06:34 PM justice
تصميم متفرد مستوحى من الطراز العربي الاسلامي التقليدي، مما جعلها تمثل مكانا سياحيا جذابا يستقطب اعدادا كبيرة من الزوار.
رحلة إلى أوروبا الجديدة
صوفيا الأوروبية دوما تحت التأثير الروسي
فرانسوا هوتر - (لوفيغاور):
ترجمة: سليمة لبال
بعد عشرين سنة من انهيار حائط برلين زار كبير محرري لوفيغارو الفرنسية فرانسوا هوتر بلدان المعسكر الاشتراكي سابقاً، وكتب سلسلة من عشر حلقات، يعرض فيها حاضر تلك الدول:
انضمت بلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2007، لكنها لم تتمكن لحد الساعة من التخلص من شقيقها الأكبر والشيوعي السابق. نمط العيش في بلغاريا والتجارة وكل شيء هنا يذكرنا بروسيا، وهو ما يسخط عليه الدبلوماسيون المعتمدون هناك.
يستشيط الدبلوماسيون الأوروبيون غضباً، ويعبـّرون عن سخطهم من سفارة إلى أخرى، وتراهم يرددون الخطاب نفسه «المافيا هنا، لا وجود للعدالة، انه النموذج الروسي في الاتحاد الأوروبي، وهذا ما لا نريده».
وبالطبع إذا ما تغير ذلك، فسيسكت سفراؤنا عن المليارات العشرة التي قدمتها المفوضية الأوروبية لبلغاريا.
في الكونغو
تظن أنك في الكونغو عندما تطأ قدماك صوفيا، التي يبلغ عدد سكانها ثمانية ملايين نسمة، على الرغم من أنها أكثر تطورا من بوخارست، على سبيل المثال.
وأما نمط عيش سكانها، وعلى الرغم من الأرقام التي يقدمها الاقتصاديون، فلا يختلف تماما عن مدن ضواحينا.
المباني الشعبية ليست مهملة هنا، مثل بودابست، ومع ذلك فان كل الانتقادات الأوروبية موجهة اليها، ذلك أنها تمر بمرحلة لا نجرؤ حتى على مقارنتها حتى برومانيا او هنغاريا.
ثورة قصر
من المؤكد أن ثورة 1989 في رومانيا، لم تكن سوى ثورة قصر بسيطة، استطاع من ورائها القادة الشيوعيون الذين أصبحوا اليوم اشتراكيين، اقتسام أسهم البلد.
غير أن ما جرى في بلغاريا، هو تماما ما حصل في بوخارست وبأقل حدة في بودابست.
ويتذكر الجميع في بلغاريا ما حصل عام 1989، فمنذ ذلك العام، حصل المسلمون الأتراك على الحقوق نفسها التي يتمتع بها البلغار، إذاً لم ينبذ الأوروبيون البلغار!
لقد فهمت جيدا الوضع حين حضرت معرضا للمجوهرات الايطالية في محل موضة بصوفيا. لقد رأيت عارضات أزياء يرتدين فساتين ديور وفان نوتن في استقبال الضيوف الذين وصلوا في سيارات فاخرة يقودها سائقون مدربون.
وأما حفل الاستقبال فزانت مائداته الخمر الفرنسي والكايار الإيراني، بينما كان الحراس الشخصيون للضيوف متسمرين وراء الزجاج، يقاومون البرد القارس، ويشاهدون بين اللحظة والأخرى مسؤوليهم وهم يقبّلون الحسناوات تحت فلاشات كاميرات التصوير.
هذا الجو موروث عن الأجواء الروسية التي تعيشها موسكو، لكنه أيضا ما يزعج سفراءنا خاصة ان نصف سكان البلد يعيشون الفقر المدقع، وان بلغاريا تعيش على الطريقة الروسية، رغم أنها واحدة من دول الاتحاد الأوروبي.
موكب من السيارات المصفحة
إنهم يتنقلون في سيارات مصفحة ويملكون مدنا، بل مناطق بأكملها في بلغاريا ويتقاسمون الصفقات العمومية ويُدوّرون الأموال بينهم فقط، وليذهب الآخرون إلى الجحيم.
وجدت صوفيا على قطيعة مع أوروبا بثقافتها ونمط عيشها، وهو ما لم ألحظه في أوروبا الوسطى، فلتوانيا وليتونيا واستونيا وبولونيا وهنغاريا وجمهورية التشيك أدارت الظهر نهائيا لروسيا، وسكانها يجاهرون بكرهها لهم، على الرغم من أن دولهم مجبرة على التعامل معا لضمان تزودهم بالطاقة.
جذب وتنافر
في صوفيا تجتمع عوامل الجذب والتنافر، غير أن التعاطف هو ما يميز العلاقات في الدوائر التي يتحرك فيها القادة.
لقد أعلن الرئيس البلغاري جيورجي بارفانوف، في فبراير الماضي في موسكو، «بداية سنة بلغاريا في روسيا، وذكّر الجميع بان الزمن لن يستطيع على الإطلاق محو ما فعله الجنود الروس، الذي حاربوا من اجل الحرية في بلغاريا».
كانت هذه التصريحات مستهجنة وغير متوقعة تماما في بقية دول أوروبا الوسطى. ففي فيلنيوس، وردا على هذه التصريحات، قرر الاستونيون نقل نصب تذكاري يخلد الجنود الروس.
ويعتبر العديد من الدبلوماسيين ان بلغاريا ليست سوى قمر صناعي روسي، ذلك أن البصمات الروسية موجودة في كل مكان في هذا البلد.
جلب انتباهي في صوفيا زوجان هما الكسندر وماريا فازوف اللذان يبلغان من العمر 81 و75 سنة على التوالي، ذلك أنهما ينتميان إلى جيل عايش الشيوعية في أوجها، جيل هو الأكثر قدرة على الحكم على المرحلتين أو على الأقل مقارنة العشرين سنة الأخيرة مع الفترة الشيوعية.
أجابني الكسندر بابتسامة جميلة «لقد سقطت قنبلة ألمانية قرب بيت عائلتي وكنت مدرس اللغة الروسية».
لقد أنهيت مهام الكسندر في المدرسة قبيل إحالته على التقاعد لأنه نظم زيارات للكنائس لتلاميذه.
لاحظت الكثير من الكتب بشقة الزوجين في مختلف الاختصاصات وأنا أجول بنظري في المكان. كانت ماريا تسكب لنا القهوة مرفقة بالبسكويت.
وأما الكسندر فكان يجمع فتات الخبز من الأرض ليضعه في علبة ويعتذر مني عن ذلك ضاحكا.
استمعت إليه لمدة ساعتين، لكني شعرت خلالهما اني في هافانا أو أعيد قراءة رواية سوفياتية. كان يروي لي كيف كانت موسكو تصادق على البرامج المدرسية، وكيف كان جيرانه في السكن يكتبون تقارير تخص ابسط تفاصيل الحياة اليومية وزيارات لجنة الحزب في صوفيا وانزعاج الناس الذين لا يستطيعون التعبير مما يسمعونه في الإذاعة أو يقرأونه في جريدة الحزب.
قطع الكسندر الحديث لارتشاف القهوة، ثم نظر في عيني وقال «ذهبت للاطلاع على ملفي في الاستخبارات العامة بعد عام 1989. كان مكونا من 78 صفحة، ووجدت أن هناك من اشتكى عليّ، رغم اني كنت أعيش بمفردي ودون أصدقاء».
بعد صمت طويل أردف الكسندر بالقول «بإمكاننا اليوم التحدث بحرية اكبر، لكن الوجوه نفسها تسيطر على الساحة السياسية، لذلك لن يتغير شيء. بلغاريا اليوم تمثل حصان طروادة الروسي داخل الاتحاد الأوروبي».
نحن شعب مطيع
وفي جامعة صوفيا، لا يقول الطلبة شيئا سوى «نحن البلغار شعب يطيع بسهولة»، وهو ما أكده لي سلاف بيتكروف، البالغ من العمر 24 سنة، الذي يأمل أن تطبق بلاده القواعد التي يطبقها العالم.
وتقول ديان كاراجيورجيو، التي يبلغ عمرها 25 سنة، ان المشكلة هي تعايش الدولة والاستخبارات العامة مع الروس، ذلك أن مصالحهم تسبق كل شيء.
لا استطيع أن افهم أو أتصور أن القادة البلغار، حتى أولئك المعجبين بروسيا، خاضعون لضغوطات اقتصادية ومساومات شخصية، وليس لديهم أي نية أو إرادة للمواجهة على الأقل لخلق توازن في علاقاتهم مع الشرق والغرب.
لكن لماذا يماطل الاتحاد الأوروبي للضغط بصرامة لإصلاح هذا النظام بفرض شروط مقابل المساعدات التي يتلقونها؟
إن الاتحاد الأوروبي هو من يمنح الأموال وليس موسكو، فلماذا قبل الاتحاد الأوروبي انضمام بلغاريا ورومانيا إلى صفوفه، دون أن يفرض شروطه قبل الانضمام؟
هذه الإخفاقات هي أولا بمثابة عقاب للبلغار الذين لا يطالبون إلا بدولة عصرية، وعقاب أيضا للأوروبيين الذين يفقدون الثقة بتوسع الاتحاد الأوروبي. إننا نتقدم بخطوات بطيئة، وكأننا نشعر بالعار إذا ما فرضنا مبادئنا الديموقراطية وقيمنا في الحياة العامة والاقتصادية.
رحلة إلى أوروبا الجديدة (6)
جمهورية التشيك وذكرى نابليون
• في موقع اوسترليتز، مصنع اسمنتي يخفي وحدة الانتاج بمدفع علوه كيلومتر، هو أحد ىثار حرب الاباطرة الثلاثة
• في موقع اوسترليتز، مصنع اسمنتي يخفي وحدة الانتاج بمدفع علوه كيلومتر، هو أحد ىثار حرب الاباطرة الثلاثة
فرانسوا هوتر - (لوفيغاور):
ترجمة: سليمة لبال
بعد عشرين سنة من انهيار حائط برلين زار كبير محرري لوفيغارو الفرنسية فرانسوا هوتر بلدان المعسكر الاشتراكي سابقاً، وكتب سلسلة من عشر حلقات، يعرض فيها حاضر تلك الدول:
لم يتبق الكثير من انتصارات نابليون في النمسا، على الرغم من أن أوروبا الوسطى تحمل بين ثناياها الكثير من ذكرى أحلام غزو الامبراطور، شاءت ذلك أم ابت.
على طول الطريق السريع باتجاه أولوموتس، تتراءى لك المركبات الألمانية الصنع وكأنها في سباق، ذلك أن سرعتها في الغالب تفوق 200 كلم في الساعة.
الجميع على هذا الطريق، بين برنو المدينة الثانية في الجمهورية التشيكية وبراتيسلافا العاصمة السلوفاكية يسابقون الزمن،
فالسيارة هنا لا تزال لعبة من الضروري اظهار قوتها، ورغم سرعة السيارات وبهاء المناظر الطبيعية التي زانتها الثلوج، لكني تمكنت من مشاهدة اللافتات الإعلانية على طول الطريق.
في النمسا خاض نابليون أكبر معاركه في الثاني من ديسمبر عام 1805، وتعرف هذه المعركة بمعركة الأباطرة الثلاثة، حيث التقى فيها نابليونُ قيصرَ روسيا ألكسندر وإمبراطور النمسا فرانسوا الثاني.
وانتصر نابليون بعد أن تراجع القيصر من النمسا باتجاه روسيا، ورضخ إمبراطور النمسا لمطالب نابليون، ووقع معاهدة مع فرنسا، وبذلك وصل نابليون بعد هذا النصر إلى قمة المجد، وبدأ تنظيم أوروبا سياسيا، وفق مصلحته بعد أن قهر معظم أعدائه في القارة.
لقد زرت ساحة المعركة، وهي عبارة عن مستطيل يبلغ طوله 12 مترا، فيما يبلغ عرضه ثمانية أمتار.
إنها أراضٍ واسعة جدا، تحتوي على بيوت مجهزة، وقبالتها جلس سكانها لمشاهدة السيارات المارة.
من الطبيعي، أن يكون تطور هذه القرى بطيئا جدا، فالطرق مليئة بالطمي، والأرض مثقلة جدا، ذلك أنها ارتوت بدماء 1290 قتيلا فرنسيا سقطوا هناك وقرابة 16 ألف نمساوي وروسي قضوا حتفهم هناك ايضا.
لقد فهمت لدى زيارتي للنمسا، لماذا اختار نابيلون أن يقيم في قصر له هناك بعد المعركة، ذلك انه المكان الوحيد،الذي يمكن من خلاله أن تسيطر على المنطقة كلها.
لقد توجه نابليون إلى جنوده من على شرفة قصره آنذاك، بالقول «يا جنود، أنا راض عنكم.. ويكفيكم فخرا، أن تقولوا انكم كنتم في معركة النمسا.
ونحن تأثرنا كثيرا في صبانا عندما درسنا ذلك في كتب التاريخ.
المدن المقابر
فهم امبراطور النمسا، فرنسوا الثاني درس الهزيمة وقرر التخلي عن تاجه الامبراطوي بعد مرور ثلاثة أسابيع على المعركة أي في 26 ديسمبر 1805.
تعرضت اوروبا الوسطى منذ قرنين للتقسيم من قبل نابليون وهتلر وستالين. وموضوع التقسيم هذا له علاقة أيضا بحماسة فرنسا، فنابيلون المعروف بذكائه العسكري أصاب فرنسا بفقر الدم فيما أسال دماء أوروبا أيضا.
فالخسائر البشرية التي نجمت عن معاركه الكبيرة التي بلغ عددها 44 معركة،يمكن مقارنتها بخسائر الحرب العالمية الأولى بحسب تقديرات المؤرخين.
ويذكر التاريخ ان بضع آلاف فقط من الجنود الفرنسيين عادوا إلى فرنسا بعد حملته على روسيا وكان تعداد الجيش في البداية 600 ألف رجل.
لقد ترك نابوليون بصمته في أذهان الأوروبيين حيثما حل، فهم يحبونه في بولونيا وسلوفينيا، غير انه يجسد خيبة الأمل بالنسبة لبعض المدن التي أصبحت اليوم مقابر.
وفيلنيوس العاصمة اللاتفية هي واحدة من هذه المدن، لقد مكثت هناك أسبوعين كاملين، وعرفت أن 40 ألفا من قدامى المحاربين ماتوا هنا، بعد أن تمكنوا من الافلات من الموت بعد الهزيمة.
لقد عادوا وهم يحلمون بالراحة في هذه المدينة، لكن تم تجميدهم في ظرف ثلاثة أيام.
ان شهادات من عاشوا مثيرة جدا، لكن الغريب في كل هذا أن ما وقع غير بعيد أبدا من الناحية الزمنية، ذلك انه يعود الى 200 عام فقط.
لقد عثر عام 2003 على بقايا الهياكل العظمية لجنود في فيلنيوس، بينما كانت الأشغال تتم على قدم وساق لاقامة حظيرة سيارات لمبان فخمة في حي سيوراس ميستيليس.
انه حي من أحياء أوربا الوسطى، يحتوي على طبيب أسنان ومحطة لغسل السيارات ومصبغة ووكالة سفر.
سألت رجل نظافة في الحي، عن مكان دفن الجنود، فأجابني «هناك تحت المبنى الاحمر»، لقد قال لي هذا من دون تردد.
ذهبت إلى هناك بالفعل، وكان المكان جميلا جدا.
جنود نابليون الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية يرقدون غير بعيد عن بولونيا وعن المدنيين اللتوانيين الذين قتلوا خلال الثورة ضد السوفيت عام 1990.
أوروبا هي هنا في هذه المقبرة، لقد فهمت نوعا ما من أين أتيت، لقد ولدت في خمسينات القرن الماضي، لذا أنا أنتمي الى جيل من المدنيين الفرنسيين، الذين لم يتم استدعاؤهم للحرب منذ نابليون.
لذلك، يمكن أن نقول ان القتل هو الذي صنع أوروبا التي تنعم بالسلم والأمن اليوم.
ورغم ذلك، فقد لاحظت أيضا لدى عبوري الحدود التشيكية والسلوفاكية ان الاتحاد الأوروبي ضمد بعض جراح ماضينا، فهذه البلدان انضمت الى فضاء شنغن، وحدودها مفتوحة في ما بينها، وهذا أمر مهم بالنسبة الى شعوب هذه المنطقة التي تعثر قدرها بسبب الحروب.
رحلة إلى أوروبا الجديدة (8)
في رومانيا يصنع تلفزيون الواقع الحدث
فرانسوا هوتر - (لوفيغاور):
ترجمة: سليمة لبال
بعد عشرين سنة من انهيار حائط برلين زار كبير محرري لوفيغارو الفرنسية فرانسوا هوتر بلدان المعسكر الاشتراكي سابقاً، وكتب سلسلة من عشر حلقات، يعرض فيها حاضر تلك الدول:
توقفت في بوخارست، مدينة الثورة، التي شهدت عام 1989 اعدام تشاوسيسكو وزوجته رميا بالرصاص على المباشر. هنا غالبا ما يسيطر الفساد على حرية التعبير وأما وسائل الاعلام فلا تعتمد على الاطلاق على مبدأ انتقاء الأخبار.
سأل دليل سياحي مجموعة من السياح، أثناء زيارة احد الأماكن السياحية قائلاً: «لنرَ ما اذا كنتم بارعين وأذكياء: هل تعلمون، كيف تمكنوا من ادخال هذه السجادة الكبيرة الى هذه القاعة؟».
انه أمر غريب، ذلك أن هذا الشاب الروماني تحدث عن حجم المصابيح التي زينت القاعة وعن تفاصيل تافهة أخرى، لكنه لم يطرح سؤالا يفرض نفسه بقوة في قصر الشعب، هذا القصر الذي يمثل رمزا بالنسبة الى بوخارست بأبعادها الشيزوفرينية.
فخر من دون فائدة
لكن لماذا يفخر الرومانيون بمكان فارغ ومن دون فائدة، شيده الدكتاتور تشاوسيسكو، هذا الزعيم الذي يمقتونه؟ هل لأنهم فخورون بأنه يوصف بثاني اكبر مبنى في العالم بعد البنتاغون؟ أو ليثبتوا بأنهم يتحدرون من أوروبا وليسوا من أصول شرقية؟
هنا في بوخارست تعلم الرومانيون كيف يقدمون لاوروبا ما تريده بالضبط.
لقد أعلنت دولة الأمير فلاد، ابن دراكولا (الشيطان) قيام الثورة قبل عشرين عاما، هذه الثورة التي أوهم فيها الجميع بوقوع مجزرة رهيبة في تيميسوارا، ما دفع وسائل الاعلام الغربية الى الاسراع لنقل تفاصيلها.
الشارع يستولي على السلطة
لقد جمع المنشقون الموالون لغورباتشوف في الحزب الشيوعي الروماني الجثث التي استرجعوها من مصلحة حفظ الجثث ووضعوها في قبر كبير، حتى يتخلصوا من تشاوسيسكو وزوجته، ويحتمل أن يكون ذلك قد تم، بتواطؤ من جهاز المخابرات السوفيتي السابق كي جي بي.
في كل مكان من اوروبا الوسطى، استولى الشارع قبل عشرين سنة على السلطة بعد ان انهار النظام السوفيتي، لكن الشيوعيين في رومانيا وبلغاريا، كانوا أكثر قدرة على الاستشراف، حيث رتبوا جيدا لبقائهم بعد أن دفعوا الشارع الى الثورة.
لقد قدموا لــ 21 مليونا من الرومانيين محاكاة ساخرة عن محاكمة تشاوسيسكو في بوخارست.
فتشاوسيسكو وزوجته كانا متهمين بجريمة ابادة بعد ان نقلت وسائل الاعلام المجزرة الوهمية التي نفذت في تيميسورا لذلك حكم عليهما بالقتل، لينفذ القرار في ساعته، حتى يهدأ الناس بعد أن بث التلفزيون صور الجثث المرمية هنا وهناك.
لقد أعاد الشيوعيون في رومانيا صناعة ثورة على طريقتهم، بعد أن نفذوا طرق تطهير هي في الواقع طرق ستالينية مائة في المائة.
دور الرأسمالية
عمد الرفاق الى انشاء معلم للنصر، تخليدا لذكرى الشهداء الذين سقطوا خلال الأحداث التي جرت بعد أن دفعوا بالعمال الى مواجهة المتظاهرين في الشارع، وأما المعلم فيقع في قلب العاصمة بوخارست.
وعما جرى يقول رئيس تحرير يومية اديفارول وتعني الحقيقة، اوفيديو ناهوا «كان الناس فرحين، لان الثورة كانت حقيقية وأما التضليل فمارسته السلطة»
تحول المسؤولين
لم يتغير شيء في رومانيا خلال السنوات الأولى التي تلت الثورة، ذلك أن لا احد كان يعرف كيف يستغل هذه الحرية، ما عدا الشيوعيين القدامى الذين تحولوا إلى رأسماليين بعد أن اقتسموا قطاع الصناعة في البلاد، فأضحوا بذلك من الأغنياء.
لقد فتح تدخل الحلف الأطلسي في يوغسلافيا سابقا عام 1999، باب الاتحاد الأوروبي أمام رومانيا، التي تدفقت عليها الاستثمارات الاجنبية فيما بعد.
لقد وصف الازدهار الاقتصادي الذي عرفته رومانيا، بغير العادي، حيث يقدر الخبراء بان نصف ثروات البلاد، تمركزت في العاصمة، مثلما يذهب إليه الصحافي كريستيان ميتيتلو الذي اكد لي بان الفساد استشرى في الدوائر الحكومية.
ويميز العارفون بالوضع هناك بين دولتين داخل رومانيا، القديمة والتي تتميز بنشاطها وتطورها، و تقع في الشمال حيث استقرت غالبية المصانع الأجنبية، واما الثانية ففقيرة جدا وتقع جنوب البلاد.
وإن ابرز هذه التفاصيل لأني شعرت باني رجعت عشر سنوات للوراء لدى وصولي إلى بوخارست، مقارنة بدول أوروبا الوسطى التي وصلت منها، رومانيا متأخرة جدا مقارنة بجيرانها، لهذا قررت الاهتمام بما يمكن أن نفعله بمفهوم الحرية في القرن الواحد والعشرين في غياب تام للثقافة الاقتصادية بعد سقوط تشاوسيسكو الذي خدر البلد لمدة ربع قرن.
هنا استدانت الدولة لشراء سيارة داسيا وهي سيارة طورتها شركة رونو في رومانيا، كما تراها تسابق الزمن لإقامة مراكز تجارية، حيث تشير الإحصائيات الى افتتاح 300 مركز تجاري كبير سنويا.
وأخيرا نلاحظ انتشار القنوات التلفزيونية الشعبية، حيث تظهر صور الفتيات الشقراوات باستمرار، في رومانيا مثل باقي دول أوروبا الوسطى، تسقط الرأسمالية على رؤوس الناس مثل حبة جوز الهند، وهذا يبدأ بالتلفزيون.
وتقول انكا بودينسكي مديرة برامج بروتي في وهو الفرع الروماني للمجموعة الكاليفورنية يوروبيين ميديا، التي تستقطب برامجها 97 مليون مشاهد في سبع دول في أوروبا الوسطى، تقول «الجميع مرتبطون ببرامجنا، لقد منحناهم، ما لم يسبق لهم أن رأوه في حياتهم، لقد فجرنا ثاني ثورة في البلاد وهي الثورة الحقيقية».
قالت لي انكا أن الخبر المهم في نشرة أخبار التلفزيون يمكن أن يكون خبر تبني سيدة لطفل، تخلت عنه والدته، وأما أنا فأجبتها بالقول بان الرومانيين تقدموا على فرنسا، لأننا لا نملك بعد تلفزيون الواقع.
هلاك الطبقة المتوسطة
بعد التلفزيون، زرت يومية كليك، حيث التقيت رئيس تحريرها كريستيان ستانكا. صدر أول عدد من هذه الجريدة قبل ثلاث سنوات ويبلغ توزيعها الآن 530 الف نسخة يوميا.
عندما تتحدث كليك عن الاقتصاد لقرائها فإنها تشرح لهم ماذا يمكن أن يشتروا مقابل 20 يورو، أو تروي لهم قصة انتحار تلميذ مغرم بأستاذته.
يقول كريستيان: الجريدة تهتم بكل ما هو عاطفي ويحتوي على انفعالات.
وصفات صحف التابلويد هي نفسها في رومانيا أو جمهورية التشيك أو ألمانيا او بريطانيا، لكني لاحظت بان هناك مسافة بين الجرائد النوعية والصحف الشعبية والأمر كذلك في ما يتعلق بالتلفزيونات المحلية.
قال لي صحافي التقيته في رومانيا ويدعى جوزيج مارتن انه أراد أن يؤسس جريدة موجهة للطبقات المتوسطة، لكنه اكتشف بعد دراسة السوق بان الشريحة التي يود استهدافها غير موجودة تماما.
هذه نقطة أساسية وجوهرية، ذلك أن الطبقة المتوسطة في فرنسا أو ألمانيا، تتألف من المدرسين والإطارات والمهندسين. هذه الشريحة لا تضم الأغنياء وإنما تضم أناسا مثقفين ومتفتحين على العالم.
لقد مسحت الشيوعية الطبقة الوسطى في أوروبا الوسطى من الوجود تماما، لذا ترى عشرات الآلاف من حملة الشهادات العليا في رومانيا وهنغاريا، وهم يفرون سنويا من بلدانهم بحثا عن مستقبل أفضل.
رغم مرور عشرين سنة على الثورة في بوخارست، إلا أن السياسات المعتمدة والاقتصاد والاستثمارات لا تفسر كل ما يحدث هناك، ذلك أننا لا نستطيع بناء أمم بأناس محطمين.
بعد عشرين سنة من انهيار حائط برلين زار كبير محرري لوفيغارو الفرنسية فرانسوا هوتر بلدان المعسكر الاشتراكي سابقاً، وكتب سلسلة من عشر حلقات، يعرض فيها حاضر تلك الدول:
في ريغا لا يزال كابوس الحرب العالمية الثانية جاثما على انفاس الجميع، واما الماضي الرهيب للحرب فمتجذر في العمق.
يقول الفنان الليتواني انتاناس بوزوسكاس -وهو يتحدث عن تاريخ بلدان هذه المنطقة (البلطيق)-: ان النهر يحمل معه الكثير من الطين حين تبدأ مياهه بالتدفق، مما يستدعي انتظار الكثير من الوقت حتى يعود الى وضعه الطبيعي.
منذ المرحلة الثانية في هذه الرحلة، ومنذ وصولي الى ريغا عاصمة ليتوانيا، غرقت في بحر التاريخ. لقد استمعت الى متحدثين من اكاديمية العلوم وهو مبنى كبير يضم ايضاً الكاتدرائيات، واما الجدران فتمت صباغتها باللون الأخضر، في حين كان موديل الثريات قديما جدا ويعود الى سنوات الستينات.
بنطال من عهد الإمبراطورية
لاحظت الغبطة على محيا الناس في كافتيريا الاكاديمية، حيث كانت النادلات يرتدين بنطالات، تعود بنا طريقة خياطتها لعهد الامبراطورية الروسية، فيما كان احد الفنيين يجر عربة محملة بالبطاطا، وايضاً بالبريد اليومي للاكاديميين، واما من كانوا في الكافتيريا فاحدثوا جلبة بصحون الشوربة، حيث كانت تسبح بعض كرات اللحم المفروم.
هنا يأكلون كل شيء بما في ذلك اوراق السلطة التي تزين الطبق وقطعة الليمون التي توضع على اي صحن.
تفوح رائحة الشيوعية في شوارع ريغا وفي لياليها الشتوية، حيث ترى الأوجه حزينة وايضاً منغلقة على ذاتها، فيما الشوارع متجهمة واصحاب سيارات الاجرة يتصارعون على الدور لنقل المواطنين الى مختلف الاتجاهات.
أشباح في كل مكان
وأما في الريف، فيوجد أكثر من ثلاثمائة قصر، لا تزال آثارها شاهدة على سباقات الفرسان الليتوانيين، الذين حكموا المنطقة ثمانية قرون، لكنهم خسروا أملاكهم بعد الحرب العالمية الأولى.
لكن الأشباح تظهر في كل مكان هنا، ذلك أن ليتوانيا خسرت نصف سكانها في القرن العشرين.. فمنذ عشرة قرون، تعودت القوى المجاورة ويتعلق الأمر بالسويد وألمانيا وروسيا على اجتياح المنطقة وتقتيل شعبها لدى مرورها وهذا بمعدل مرتين كل مائة عام. وأما الوحشان هتلر وستالين فقد سفكا دماء الليتوانيين بقسوة لم تعرفها الكرة الأرضية من قبل.
ذكريات زمن غابر
لا يتحدث الناس اطلاقاً عن الحرب العالمية الثانية في أوروبا، غير أن ساعة الزمن عادت بي الى الوراء في ريغا، حيث حدثني شباب في الاربعين عن أمهاتهم اللواتي قتلن أو ضعن في تلك الفترة، التي لم يستطيعوا نسيانها، فالجرائم تلك وكأنها وقعت بالأمس فقط بالنسبة لهم.
وفجأة فرضت هذه الذكريات نفسها على حديثنا، حيث عدنا الى مرحلة الدكتاتورية الشيوعية ومرحلة تقديس القادة والخضوع للقوة ومراقبة الأذكياء وتحويلهم الى روبوتات أو عبيد.
لقد غادر آخر جندي في الجيش الأحمر ليتوانيا منذ 15 سنة فقط. وأما مقر وكالة الاستخبارات الواقع في مفترق الطرق بين شارعي بريفيباس (الحرية) وشارع ستابو (وهي آلة خشبية كان يعذب عليها المجرمون ليحرقوا بعد ذلك)، فما زال شاغراً حتى الساعة، ذلك أن لا أحد استغله.
في مبنى المخابرات
لقد زرت دهاليزه والزنزانات التي كانت تشهد عمليات التعذيب واحداها كانت تشهد يومياً اعدام 25 شخصاً. كان من يدخل هنا يدخل للموت أو للترحيل الى معسكرات العمل.
لقد اختفى هذا العالم ظاهرياً في ليتوانيا، لكنه لا يزال حاضراً في قلوب الليتوانيين وأرواحهم ويخنق عشرات الملايين من الأفراد في أوروبا الوسطى.
لقد سمعنا بهذا في فرنسا وتعاطفنا مع الجميع والبعض عندنا قرأوا عن معسكرات العمل هذه في كتب الأديب الروسي سولجينيتسين، غير أن هذا الرعب لم يكن في يوم من الأيام جزءاً من يومياتنا، مثلما هي حال أولئك الذين التقيتهم في ليتوانيا واستونيا ولاتفيا.
وأما الأمر الذي آلمني كثيراً في رحلتي بين أطراف أوروبا فهي تلك المسافة المعتبرة التي تفصل بين تاريخ منطقة وأخرى. ان الأمر يمثل حاجزاً حقيقياً بيننا، خصوصا أن التاريخ في ليتوانيا يمثل مشكلة قائمة لحد الساعة، ومشكلة يتحدث عنها الكبير والصغير والشاب، حيث كل واحد يحاول أن يروي ويفسر الأحداث وينسجها وفق منظوره.
.. وفي المتحف
وأما المتحف التاريخي، الذي يقع في قلب ريغا، فيروي حكاية انغلاق وتقوقع طويلة، وقعت ما بين سنتي 1940 و1991، كما يروي أيضاً حكاية ثلاث مراحل استعمارية، كانت الأولى على يد الجيش الأحمر التابع لستالين ما بين 1940 و1941، حيث توجه ستالين نحو دول البلطيق، حين احتل هتلر فرنسا محاولاً تنفيذ مقولته «لا رجل، لا مشكلة».
لقد تم قتل جميع النخبة المحلية فيما تم ترحيل 15500 لاتفي، و11 ألف استوني، و21 ألف ليتواني يوم 14 يوليو 1941، والقلة القليلة منهم عادت فيما بعد الى أوطانها.
قرر هتلر في 22 يونيو، الهجوم على روسيا، وفي ريغا استقبل الليتوانيون النازيين كمحررين، كانوا يأملون في الحصول على الاستقلال، غير انهم سرعان ما اصيبوا باحباط ذلك ان بلادهم سرعان ما دخلت في اطار مؤسسة نازية كانت تستعد لاحتلال المنطقة باسرها.
تقدم الجيش النازي، وبدأت المحرقة اليهودية التي انتهت قبل شهر من اجتماع وانسي الذي اقر الحل النهائي.
لقد شهد على المحرقة اليهودية العديد من الليتوانيين الذين تعاونوا مع الجيش النازي ومن بينهم فيكتورس اراجس، الذي حضر المجزرة التي ارتكبها النازيون في حق 70 الف من يهود ليتوانيا.
لقد قام الالمان بتجنيد الشباب الليتوانيين بالقوة حيث ضُم 115 الفا من السكان الى الجيش الالماني، فيما جُند 100 الف ليتواني في الجيش الاحمر، وبحسبة بسيطة فان 30 في المائة من سكان ليتوانيا لاقوا حتفهم خلال عام 1945.
وبينما كان سكان اوروبا الغربية يحتفلون بنهاية الكابوس، كان كابوس ليتوانيا قد بدأ لتوه، فستالين والسوفيت عادوا لاحتلال ريغا، حيث جرى ترحيل 42 الف ليتواني الى مناطق اخرى.
بوابة البلطيق
لقد استمر هذا الاحتلال 44 عاماً، وهو ما بقي لصيقا بالاذهان، لان الليتوانيين المرحلين تم تعويضهم بالروس، ذلك ان ليتوانيا مثلها مثل دول البلطيق هي بوابة روسيا على بحر البلطيق.
هكذا شاهدت ريغا بعد 18 سنة من قبول السوفيت استقلال دول البلطيق في عام 1991، واليوم فان 35 في المائة من سكان ليتوانيا يتحدثون الروسية التي يتحدثها ايضاً 65 في المائة من سكان ريغا.
يتماوج السكان هنا بين ثقافتين وبين تاريخين ايضاً، وبالنسبة للروس، يعتبر النازيون وحوشا، واما الليتوانيون المنحدرون من اصول المانية فيعتقدون ان لا شيء يمكن مقارنته بوحشية الشيوعية السوفيتية، لكني خلصت الى ان مسألة الهوية في ليتوانيا قضية ذات اولوية.
هاجس روسيا
بدأ هاجس روسيا ينجلي، ذلك ان الجاليتين اجبرا على فتح ابوابهما بعضهما لبعض، وساهمت اوروبا في ذلك كثيرا، بعد ان فرضت الحوار على الدول الساعية الى الانضمام للاتحاد الاوروبي، وعليه منح الليتوانيون جوازات سفر للناطقين باللغة الروسية، الذين يقبلون فكرة الاندماج في المجتمع الليتواني من جديد.
في نافرا الأستونية
ومن ريغا الى نافرا وهي نقطة التقاء الاتحاد الاوروبي بروسيا، واستونيا التي عاشت سنوات الاحتلال، لم تعد اليوم مهددة من قبل الاتحاد السوفيتي بعد 20 سنة من انتهاء الحرب الباردة.
كان جدي في نهاية ثلاثينات القرن الماضي يسبح في نهر الراين، ليجد نفسه فجأة في الضفة الاخرى اي في المانيا، حيث كان شباب في مثل سنه يقيمون خط سيغفريد، قبالة خط ماجينو.
وأتصور اليوم اللقطة ذاتها امام نهر نافرا، الذي يفصل بين روسيا واستونيا، لكن يبدو ان اوروبا الوسطى ادارت ظهرها لروسيا، في الحقيقة لم يتم الفصل في الكثير من الاشياء ولن يفصل في الاشياء جميعها في هذه الاقاليم التي تتوسط بلدين.
ويعرف المراسلون الصحافيون هذا جيدا، ذلك ان هذه البلدان في مواجهة قوى كبيرة. فالهند الصينية على سبيل المثال، تقع بين آسيا السمراء وآسيا الصفراء، وكانت محل اطماع الجميع.
وفي اميركا الوسطى، والكاريبي كانت دول صغيرة مثل بنما وكوبا محل أطماع كثيرة، والامر نفسه حصل في بلدان المغرب التي احتلتها دول الغرب، وأخيراً وفي اسيا الوسطى، لا تريد لا روسيا ولا الصين ازعاجا من الولايات المتحدة الاميركية، وتراهما تفعلان كل شيء حتى تبقى الولايات المتحدة الاميركية فترة اطول في افغانستان.
لقد تعلمت الأمم التي تعيش بين دولتين، كيف تتجاوز الاضطرابات الجيوسياسية، وشعوب أوروبا الوسطى هي واحدة من اهم الامم التي تنتمي الى المناطق المقسمة بين حضارتين. عانت دول البلطيق من ويلات عدة كادت ان تقضي عليها نهائيا وتمسحها من الخريطة، لكن شجاعة سكانها الذين تمسكوا بلغتهم حالت دون ذلك.
روسيا «فراغ كبير»
مدينة «نافرا» شيء آخر، انها نقطة التقاء مباشرة بين الاتحاد الاوروبي وروسيا. وفي هذه المدينة التي تأهل 65 الف نسمة هي المدينة الثالثة في استونيا.
لقد قتل 98 في المائة من سكانها في عام 1945 خلال المعركة التي جرت بين النازيين والسوفييت، لتصبح فيما بعد مستعمرة سوفياتية.
في الواقع لم يحصل الاستونيون على حق الاقامة في نافرا الا في عام 1991، اي بعد ان حصلت البلاد على الاستقلال.
و 95 في المائة ممن يعيشون في هذه المدينة يتحدثون اللغة الروسية، التي تدرس بها كل مدارس المدينة، بينما تدرس اللغة الاستونية، وهي اللغة الرسمية للبلاد، كلغة اجنبية.
ومدينة نافرا مهمة جدا، ذلك انها تروي قصة مدينة سوفيتية وجدت نفسها فجأة في اوروبا الغربية، غير انها تجد صعوبة في التأقلم وعاجزة عن التفاعل، لذا فان قدرها المحتوم هو الموت البطيء.
وعلى الرغم من ان سكانها اصبحوا مواطنين اوروبيين وبامكانهم التنقل بحرية في كامل اوروبا، الا ان احتقارهم للثقافات الاخرى ورفضهم السلبي للتغيير، يزيدان من تقوقعهم.. وتعكس نافرا ايضا الريف الروسي خاصة في المناطق التي تحاذي ضفة النهر، لكن في صورة اكثر فقرا.
تقول محافظة المتحف المحلي غالينا سمير نوفا وهي روسية درست في موسكو، بأن استونيا لا تفعل شيئا لهم، وان مدينة نافرا تفقد يوما بعد يوم سكانها، وبعد ان اوصدت المصانع ابوابها، هاجر أغلبية الشباب الى بريطانيا والمانيا وفرنسا، والى دول اخرى لم تنتم يوما الى المعسكر السوفيتي.
وتقول غالينا ان الشباب هنا لا يسهرون على الحفاظ على علاقتهم بوطنهم الام عندما يغادرون.
اضحكتني هذه المرأة بسوء نيتها، ذلك ان الروس هنا لا يفعلون شيئاً للتقرب لا من الاستونيين ولا من الغرب، انهم يفضلون التقوقع على الانفتاح.
قلت لغالينا بأن مدينة ايفاغورود الروسية والمقابلة لنافرا فقيرة ايضا، وان الروس سيتدفقون باتجاه الاتحاد الاوروبي اذا ما فتحت لهم الحدود مع نافرا، فأجابت «نعم كل الثروات في موسكو وسانت بيترسبورغ واما المدن الروسية الصغيرة فتعيش في فقر مدقع»، لقد ازعجتها ملاحظتي كثيرا، لذا خيم البرود على لحظات فراقي لها.
يطالب الجامعيون والمثقفون الذين التقيتهم في اوروبا الوسطى بدق ناقوس الخطر بخصوص الاوضاع في روسيا.
انهم يؤكدون بأن روسيا ليست فقط فولتا العليا والقنابل، مثلما كان يردد المستشار الالماني هلموت شميد، ولكنها وفق ما يقال هنا اي في جمهوريات البلطيق، «الفراغ الكبير».
قال لي البروفيسور جان فينيكي في فرصوفيا «الشعب الروسي ينهار بشكل غير مسبوق، ذلك ان الاقتصاد انهار بنسبة تتراوح ما بين 8 و 10 في المائة في عام 2009 وروسيا لا تملك سوى الصناعة العسكرية والثروات الطبيعية ولا شيء غيرهما».
وتقول مارغو لوريستين الاستاذة في جامعة تارتو «روسيا لم تعد من العالم الثالث وانما من العالم الرابع».
وهذا هو سؤالنا الاساسي، ذلك ان الصين ستكشف في غضون العشرين سنة المقبلة عن كامل قوتها، فيما لا تزال اوروبا غير مستعدة بعد لاي مفاجآت، لكن اي مستقبل لروسيا هذه الارض الغنية بثرواتها الطاقوية، بيننا وبين الصين؟
17-04-2010, 11:40 AM justice
روسيا هذه التي ما تزال متشبثة بالعصور الوسطى، وتفقد سنة تلو الاخرى سكانها وشعبها.
رحلة إلى أوروبا الجديدة (3)
وارسو من مدينة رمادية إلى أبراج شاهقة
فرانسوا هوتر - (لوفيغاور):
ترجمة: سليمة لبال
بعد عشرين سنة من انهيار حائط برلين زار كبير محرري لوفيغارو الفرنسية فرانسوا هوتر بلدان المعسكر الاشتراكي سابقاً، وكتب سلسلة من حلقات، يعرض فيها حاضر تلك الدول:
كان موعدي مع ماسيج فيتوكي في الطابق الرابع والعشرين من برجه الزجاجي، هو في الثانية والأربعين فقط ،لكنه يدير اكبر مؤسسات بولونيا، إنها مؤسسة تيليكومونيكاتا بولسكا، للاتصالات إحدى فروع فرانس تيليكوم.
لقد استطاع ماسيج برفقة موظفيه البالغ عددهم 24 ألفا أن يحقق رأسمالا قيمته أربعة مليارات ونصف يورو.
وصلت في الموعد وكان ماسيج، قد انتهى لتوه من اجتماع جمعه بنقابات شركته، البالغ عددها 18 نقابة.
لا يثير هذا النوع من الاجتماعات الشعور بالراحة أو الطمأنينة، لدى رؤساء المؤسسات، لذا سألت مستضيفي: «هل تمت الأمور على ما يرام؟» فأجاب «نعم اجتماع جيد ،لقد بدأوا الاجتماع بالقول، بان النقابات الفرنسية التابعة لفرانس تيليكوم حصلت على مليار يورو من الرئيس المدير العام، لان هناك من انتحر أو أصيب بانهيار عصبي ضمن العمال} .
إن تأقلم المؤسسة الخاصة صعب وصعب جدا في بولونيا ،لذا تساءلوا ،كم ستعطي لنا؟ فأجبتهم؟ ولا شيء؟ وبما أن الجميع أذعنوا ،انتقلنا لموضوع آخر.
بين وارسو وشيكاغو
كان ماسيج يروي لي القصة بطبيعة الحال حتى أكررها هنا وهناك ،انه جانب التنمر في الستايل البولوني ،وتصوروا معي أن يقول رجل مركزي مثل هذا الكلام في فرنسا؟
بعد النواح، الذي سمعته على الحدود بين استونيا وروسيا، وجدت نفسي في بولونيا، حيث تعلم الناس الكذب.
وليس صدفة، ان استقر البولونيون بكثافة في شيكاغو الاميركية، التي تعتبر ايضا المدينة البولونية الثانية في العالم.
انا واحد من هذا الشعب الذي لا يكسب المعارك فقط، بل الحروب ايضا، لكنه لا يعترف ابدا بالانتصار، ولاحظوا ان البولونيين ينشدون في نشيدهم الوطني «نابليون منحنا النموذج».
نمر أوروبا
بعد ثلاثين سنة من إنشاء نقابة «التضامن»، اصبحت بولونيا نمر أوروبا، لقد اكتشف حب الناس للعمل وفي كل منطقة من البلاد لمست ارادة الجميع لرفع بولونيا الى القمة. كانت وارسوا تبدو لي قبل عشرين سنة، مدينة نائمة ورمادية وحزينة ومتجمدة ايضا، لكنها اليوم اكثر نشاطا بابراجها الشاهقة ومتاجرها الكبيرة والاكثر عددا مقارنة بفرنسا.
التحول المعماري الذي شاهدته رهيب جدا، ورغم الازمة المالية الا ان النمو الاقتصادي البولوني كان ايجابيا مقارنة بالدول الغربية الاخرى.
قال لي ليسزاك بالسيروفيكز وزير المالية الاسبق في بولونيا ورئيس البنك المركزي حاليا: «بولونيا تحت الضغط، علينا ان نستدرك الوقت ونلحق بأوروبا الغربية، علينا ان نسجل نسب نمو ايجابية واكبر مرتين من الارقام المسجلة في المانيا وفرنسا، اي علينا ان نسجل على الاقل نسبة 3 في المائة.
لقد حكى لي ليسزك كيف يتقبل الناس في بولونيا اجراءات مؤلمة «مشكلتنا الأولى هي مشكلة إصلاح قانون المعاشات الذي بدأ في عام 1999، انهم يدفعون الناس للعمل مدة أطول، مما يخفض مصاريف الدولة».
سبب النجاح
ويقول رئيس تحرير مجلة بوليتيكا، مالك اوستروفيسكي ان هناك سببين وراء نجاح بولونيا الأول هو ان البولونيين يشتغلون بجد وباستماتة اكثر من الهنغاريين، وثانيا عدم تورط البنوك البولونية في قضايا صعبة لا يفهمونها.
وأما المستشار في بنك واست أل بي بولسكا والأستاذ الجامعي جان وينيكي فيقول «ان هاتين العقدتين هما اللتان ساعدتا بولونيا على النهوض، لقد فتنت دول المنطقة جميعها منذ عشرين سنة، بالولايات المتحدة الاميركية، لكنها غرقت في الأزمة المالية العالمية، التي خرجنا منها بمشقة».
لقد طبقت هذه الدول نظريات ميلتون فريدمان وجماعة شيكاغو، وأما المبدأ فهو تمكين المواطن من حريته في الاستهلاك بواسطة السوق الحرة، على أن تكون هذه الحرية مطلقة، وأما الأجور القليلة والسياسات المطبقة، فتهدف الى السماح للجميع بالدراسة وتمكينهم من ذلك بسهولة.
بعد هذا وجد الاقتصاد النيوليبرالي مكانا له في أوروبا الوسطى، بعد أن استفاد من تداعيات الأزمات والثورات، حيث فرض حلولا لابعاد السياسات الاقتصادية عن السياسات الاشتراكية والديموقراطية الأوربية، وكانت الخسائر معتبرة، الا بالنسبة لبولونيا. لكن كيف نفسر ذلك؟
يقول المدير العام لبنك لوكاس احد فروع كريديه بنك، باستيان شاربونتييه «ليس لدينا محركاً جماعياً، لكن كل فرد يملك ارادة للعمل، لان الجميع ذاقوا الجوع وأما من يحرك الأشياء، فهم الاطارات الشابة، الذين لم يشتغلوا تحت لواء الشيوعية».
لقد انشأ اندرج كليسيك في البداية بنكا على الانترنت ثم باعه، وبدأ في ادارة بنك بي كي دي بي قبل أن يتكفل بادارة شركة بي زاد يو، التي أضحت أول مؤسسة تأمينات في البلاد بعد أن بلغ تعداد عمالها 16 الف عامل، لكن تصوروا كم بلغت أرباحها عام 2009؟ بلغت مليار يورو وبهذا الرقم، اصبح اندرج واحدا من ابرز المسؤولين الاداريين في بولونيا.
وأما موعدي الثاني، فكان قبالة وزارة الدفاع، في البيت 1930، الذي سكنه، ليخ فاليسا زعيم تضامن عندما ترأس البلاد بين عامي 1990و1995، لكنه اليوم. مقر «لوياتان» وهي الجمعية البولونية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي ترأسها هنريكا بوشنيارز.
هذه المرأة الحديدية، تدافع عن خصخصة الاقتصاد وتقول ان الأمر يتعلق بمسؤولية على الجميع يجب تحملها، وتضيف «سيتغير نمط تفكيركم، إذا ما كنتم تخرجون الأموال من جيوبكم».
ازدهار البنى التحتية
أصبحت بولونيا بفضل تعدادها السكاني البالغ 38 مليون ساكن، عملاق أوروبا الوسطى، مقارنة بأمم المنطقة التي يتراوح تعدادها ما بين 1،3 مليون و10 مليون نسمة وأما السوق البولوني، فبات ذا ثقل بفضل تدفق الشركات الاستثمارية الأجنبية.
وينتظر أن يستثمر البلد 8 مليارات يورو في خطوط القطار السريع وأربعة مليارات العام المقبل في شق الطرقات السريعة.
والمال في هذا البلد الكاثولوكي، ما يزال من المحرمات، ذلك انه مرادف للفساد.
لا يستطيع مدير عام لشركة عمومية في بولونيا، أن يتقاضى مرتبا يفوق عشر مرات معدل الأجور في القطاع العمومي، وقال لي اندرج كليسيك رئيس مؤسسة التأمينات بي زاد يو ان مرتبه مثير للسخرية، لكنه يفعل ذلك من اجل بلاده.
وأما ماسيج فيتوكي فيتقاضى 500 ألف يورو سنويا ويوفر حاليا لأنه يستعد لاحقا لدخول معترك السياسة، ويقول ماسيج ان عليه ان يوفر كثيرا، لان مرتب الوزير في بلاده لا يزيد على 1500 يورو.
رحلة إلى أرض الحضارة.. الهند الساحرة (1)
كيرلا.. الفردوس الأخضر ومدينة الألف رأس
قارب على شكل كوخ على شط أحد الأنهار بدأنا اكتشاف جزء من قصة الهند العريقة والمهمة بعد الدعوة التي وجهت لبعض الصحافيين من قبل السفارة الهندية لدى البلاد، متوجهين الى مدينة الخيال والوادي الصامت والشطآن المزينة بأشجار النخيل وجوز الهند كيرلا، ساحرة الساحل الجنوبي لشبه القارة الهندية عبر مطار المنامة الدولي.
كانت رحلتنا طويلة لاننا كنا شغوفين للتعرف على القطاع الطويل من الارض الساحرة الهندية، فجاءت رحلتنا الى المنامة بسيطة لقرب المسافة بين الكويت والبحرين، لكن المسافة بين المنامة ومطار تيروننشا بورام الدولي طويلة استغرقت أكثر من 4 ساعات ونصف الساعة في جنح الظلام، ولدى وصولنا المطار استقبلنا المرشد «مجيب» الذي يقول انه درس اللغة العربية منذ الصغر، لكنه لا يتذكر منها سوى كلمتي «السلام عليكم» و«المدرسة».
المرشد «مجيب» المبتسم رحب بنا وكان الجو الاستوائي غريبا علينا، الا اننا تنفسنا الصعداء بعدما استقللنا الباص المكيف وبعدها بدأ «مجيب» يسرد قصة مدينة كيرلا المتميزة بطبيعتها الجميلة ووفرة الخضرة والغابات والمزارع الغنية بالاشعاب والنباتات الطبيعية والمكان المثالي لعلاج الامراض بطريقة «الايورفيدا».
وبانطلاق الباص متجها الى فندق «سموتيرام» الجبلي بدأت الرحلة الحقيقية لاكتشاف جزء مهم يعبر عن الهند بسكانها وعاداتهم وابداعاتهم وتعاملهم مع الآخرين.
كيرلا التي كانت مقصداً للفينيقيين والعرب والرومان والصينيين باعتبارها مركزا تجاريا مهما يطل على المحيط الهندي وبحر العرب يبلغ عدد سكانها 33 مليون نسمة، عاصمتها تريفا ندرام التي تأوي ما يقارب من 3.3 ملايين نسمة ومعظم سكان كيرلا من الهندوس حيث يمثلون 60 في المئة من عدد السكان فيما تبلغ نسبة المسلمين فيها 15 في المئة والمسيحيين كذلك، في حين يبلغ مجموع الديانات الاخرى 5 في المئة من عدد السكان واللغة الرسمية في كيرلا هي «المالايالامية» أو «الماليا لام».
ويقال ان كيرلا جذبت على مر العصور التجار والباحثين عن البهارات والعاج، كما قصدها ايضا الملاح البرتغالي الشهير فاسكو دي جاما عام 1498 وأبحر اليها الهولنديون عام 1604 واحتلت من قبل الانكليز عام 1800 الا انها استقلت مع بقية الولايات الهندية عام 1947.
كيرلا التي تغلب عليها أشجار جوز الهند تلعب دورا مهما في اقتصادها تحمل اليوم اسم «الولاية المثقفة» حيث ان سكانها جميعهم يتمتعون بتعليم عال أو متوسط على الاقل، حيث يصل عدد المتعلمين بها 95 في المئة من عدد السكان.
ويجتاز المدينة 44 نهرا بالعديد من الروافد والفروع وتشكل المياه الخلفية مرفقا اقتصاديا وسياحيا مهما حيث تشمل البحيرات ومداخل المحيط التي تمتد بشكل غير منتظم على طول الشاطئ وتوفر فرصة ممارسة رياضة القوارب وسط المناظر الطبيعية الخلابة.
فالفردوس الاخضر كما توصف به كيرلا نتيجة للمناظر الطبيعية الخلابة كالجبال والوديان وحقول الارز الوفيرة والبحيرات والشطآن الجميلة والمياه الخلفية والحياة البحرية الفنية بثمار البحر والحصاد الغني من شجر جوز الهند.
كيرلا، كما قال المرشد «نجيب» معظم سكانها من العاملين في منطقة الشرق الاوسط لاسيما دول مجلس التعاون ويعتبرون من أهم الموارد الاقتصادية للمدينة، حيث انها أرض خصبة للاستثمار، خصوصا في المجال الصحي حيث تتميز هذه المدينة بالمنتجعات الصحية الراقية، اضافة الى مجالي السياحة والزراعة.
معظم زائري هذه المدينة من الاوروبيين خصوصا من الدول الاسكندنافية وألمانيا وايطاليا، كما ان للعرب نصيباً فيها بحكم علاقتهم القديمة معها، حيث يمثل 50 في المئة من زائريها من العرب من الامارات والكويت.
وتشتهر هذه المدينة بصيد السمك حيث يعمل في هذا القطاع الرجال والنساء.
ولو عدنا الى انطلاقة رحلتنا من العاصمة تيروننتابورام المستوحى من «اناننتا التعبان» ذو الألف راس في الميتولوجيا الهندية، لوجدنا هذه المدينة الجميلة جدا تعبر عن حضارة فريدة من نوعها رغم انها مدينة فقيرة تنتظر الكثير من المستثمرين للمشاركة في بنائها وتشييد عمرانها، حيث ان هذه المدينة تتميز بموقع رائع على طول المساحات الواسعة ذات الحدائق العامة المتعددة والخضرة الكثيفة في ارجاء العاصمة، كما ان العديد من المرافق السياحية المهمة، الا ان وصولنا ليلا يعطينا فرصة التعرف اليها لاول لحظة سوى على الطريق الطويل الذي يربط مقر اقامتنا بالفندق، هذا الطريق الطويل دام اكثر من الساعة، حينها علق اعضاء الوفد على ان مشوارنا سيكون طويلاً بطول طرق كيرلا الجميلة رغم ان الجو كان في غاية الصعوبة، ولكن الاحساس بشغف البعث عن اصالة المدينة كان هو السائد، الى ان وصلنا الى الفندق حيث فوجئنا بالطراز الذي بني عليه وهو الطراز القديم جدا المعتمد على الاكواخ المطلة على البحر، كانت المفاجأة كبيرة جدا حين دخلنا بوابة المنتجع، الا أن الاستقبال الحار لموظفي الفندق اعطانا احساسا عميقا بكرم شعب هذه المدينة الساحرة ودماثة خلقهم.
واستقبلنا موظفو الفندق ببقات الزهور وقلادات الياسمين الفواحة حيث كانت الاحساسيس جميلة وغامرة، لانك وبعد معاناة ليل طويل نستقبل بالزهور والابتسامة اضافة الى شراب جوز الهند الطبيعي اللذيذ.
وبعد انتهاء جميع الاجراءات ذهبنا الى غرفنا وهي عبارة عن اكواخ حديثة ومكيفة تحتوي على جميع الامكانات الا انها تفتقر الى وسائل الترفيه كالتلفزيون والمذياع، كل ما بداخلها مصنوع من الخشب المحلي، سواء الاسرة التي تعود الى الطراز القديم جدا او المكاتب الخشبية او حتى الخزائن والمرآة، وقد وضع خارجها طاولة للجلوس للتمتع بشروق الشمس ورؤية الصيادين الذين يذهبون الى الصيد فجراً برفقة صغارهم الذين يقدمون المساعدة لاهاليهم.
ويحتوي الفندق او المنتجع او الاستراحة التي يقصدها السياح على اجزاء عديدة ومتخصصة إلا ان القاعة الرئيسة للاكل التي تعتمد على تقديم انواع الاكلات النباتية، يغير سقفها المصنوع من القش كل 6 اشهر تحسبا للمتغيرات المناخية، كما أن الاحساس الذي تشعر به، يجعلك تعيش حياة بدائية بطعم الحضارة، فالمكان يجمع بين الحضارة والاصالة الى ان تصل الى المركز الطبي والمركز التجاري حيث يمكنك استخدام الانترنت والتواصل مع العالم الاخر.
والمركز الطبي للفندق مشيد على احدث الطرز ويمكنك ان تأخذ كورسا من المساج بالزيوت الطبيعية المستخرجة من الاعشاب الطبيعية لتشعر بعدها بانك انسان جديد مفعم بالحيوية والنشاط.
فقبل المساج يقوم طبيب المركز بالكشف على الزبائن ومعرفة ما اذا كان الفرد مصابا بامراض معينة كالضغط والسكري او اشياء اخرى، لان لكل منها علاجاً خاصاً اضافة الى ان المكان يشعرك بالراحة والسكينة والهدوء، فالمنتجع مكان للبساطة والاسترخاء والتمتع بالجمال مع توفير ادنى وسائل الاتصال بالعالم الخارجي مثل الصحف التي تصل يوميا الى الغرف ومركز الانترنت زاهد الثمن. وبهذه الخطوات البسيطة المفعمة بطعم التعب والانبهار قضيت ليلتنا الاولى من رحلة التمتع بجزء من بلاد العجائب على ان يكون اليوم الثاني يوما للاكتشاف والمغامرات وطرح التساؤلات.
طبيعة خلابة ساحرة في كل مكان
رحلة نهرية لاكتشاف المعالم
إحدى السائحات في استرخاء تام
أكواخ صغيرة تمثل غرف الفندق
النهار
===============
الاسم : ولاية كيرلا الهندية.
عاصمتها : فاننتابورام.
الموقع : قارة آسيا.
السكان : حوالى 32 مليون نسمه.
العملة : روبية الهند
اللغة الرسيمة : المالايالامية.
واللحين الصوووور ::
/
\
/
\
جذبت ولايه كيرلا على مر العصور التجار والباحثين عن البهارات والعاج ، ولذلك قصدها الفينيقيون والعرب والرومان والصينيون .كما وصلها الملاح البرتغالى ((فاسكو دى جاما)) عام 1498 ، وابحر اليها الهولنديون عام 1604 ،اما الانجليز فاحتلوها رسميا عام 1800بالرغم من وجودهم فى البلاد قبل عشرات السنين.
نالت كيرلا الاسقلال مع بقية الولايات الهندية فى 15 اغسطس عام 1947.
تحمل كيرلا اليوم لقب (( الولاية المثقفة )) لان نسبة طلاب المدارس والجامعات فيها فى ارتفاع مستمر ، ولكنها لاتزال من افقر الولايات الهنديه.
اسطورة من بلادهم ::
يتناقل اهل كيرلا اسطورة المحارب " باروسوراما" الذى اشتهر بقوته وشجاعته.
ويقولون ان اسمه اشتق من كلمة (باروسو) اى (الفأس) لان الفأس كانت رفيقه الدائم يستخدمها فى القتال طوال 24 عاما.
وذات يوم شعر "باروسوراما" بالذنب وتأنيب الضمير للمجازر التى ارتكبها فهرب الى جبال (الغات) الغربيه واخذ يدعو طالبا المغفرة ووعد "باروسوراما"بأن يوهب قطعة من الارض بمساحة المسافة التى قد تقطعها فأسه عند رميها.
عندها استجمع (باروسوراما) قواه ورمى فأسه ، وتنتهى الاسطورة بالقول انه ما ان حطت الفأس على المياه حتى جفت مياه البحر ، وأضافت الى الهند مساحة 38.863 كيلومتر مربع ، اى مساحة ولاية كيرلا.
فنون شعبيه ::
منذ القدم وسكان كيرلا يقدمون عروضهم الفنيه لشكر الخالق على ما يمنحهم من خير وبركة ، فعند الوصول بحرا الى مكان ما ، وعند الانتهاء من موسم الحصاد وجمع الغلة . يجتمع اهل الولاية لاقامة الاحتفالات التى تبدأ بتقديم لوحة من الفولكلور المحلى تعرف باسم (كاثاكالى)اى (تمثيل قصة) والقصة هنا عبارة عن مجموعة من الاساطير تعود جذورها الى القرن الثانى.
وهى تقدم كعروض مسرحية منها العرض الرائع لاسطورة (رامايانا) وتحكى عن الصراع بين ملك سيرلانكا(رافانا) و (راما) الذى حاول استرجاع (سيتا) ملكة الزرع فى الهند بعد ان خطفها الملك وسجنها داخل قصره وتحكى هذه الاسطورة فى كثير من بلدان شرق اسيا.
عادات الأعراس::
من عادات الأعراس فى هذه الولاية ان يسأل أهل العريس بالسر عن الفتاة التى يكون قد اختارها ولدهم . تولى هذه المهمة لام العريس ولبعض المقربات منها .حيث يقمن بزيارة المنازل القريبه من منزل العروس قبل ايام قليلة من تحديد موعد الزفاف لمعرفة كل شىء عن ماضيها ، وللاستفسار عن ما اذا كانت تجيد تدبير الأمور المنزليه ورعاية اسرتها.
يحافظ اهل كيرلا يوم العرس على عادات قديمة تقضى بان يعقد العريس خيطا عليه حبوب من الخرز الملون حول عنق عروسه.
أعود معكم من جديد لأنقل لكم تجربه جديده وتقرر فريد لم يحكى ولم يُكتب عنه حتى الآن أحد , وأعتقد لن يكتب عنه (( أغلب الشعب يتخذ إسلوب الـتكتم الإعلامي بمثل هذي المواضيع
)),,
والتصريفه السااااااااائده على أغلب العالم (( سكرت فمي
)) ..
أتوقع بدأ الموضوع بالوضوح ,,
أنا الكاتبه والناقله للحدث على لسان من المجربه ..
خليجيه هي تنقلت بين كثير من المنتديات بحثاً عن رجيم مناسب جربت الكميائي والبروتين و .... , ....., و,
وتنحف كيلو إثنين وترجع لوزنها السابق ..
الى أن جاء أحد من أقاربها ليفاجئها بعد عودته من السياااحه أنه خسر من وزنه ما يقارب العشرين كيلو بمدة شهر وإلأجمل من هذا إستغنى عن العكازه ,
والسبب بعد الله أول وأخير لمركز صحي متكامل ,
فبعد أن رأت تجربته تشجعت لتذهب للسياحة لكيرلا الهنيه ولكن قبل الذهاب له تأكدت من جميع الضمان الصحي ((وتأكدت أن القائم عليه دكتور متخصص ودارس في هذا الشأن )) ,, << وهذه نقطه جدا مهمه فليس أي مركز يُكتب عليه صحي هو كذلك !!!
وكانت رحلتها لكيرلا للسياحه والتخسيس ..
إتجهت للمركز الصحي اللذي يدعى :
punarnavaهذا الرابط :
Ayurveda Hospital in Kerala | Punarnava Ayurveda Hospital | God's own Treatment @ God's own Country | Ayurveda Treatments in Kerala[/URL]
أنا حاولت أبحث عن المركز وعرفت بعد بحثي وسؤالي عنه فضلا عن ما نقلته عنها ...
علاجهم يعتمد على الأعشااب الطبيعيه بالإضافه إلى العلاج الطبيعي والمساج المشتهر بكيرلا (الإيروفدك ) والزيوت الطبيعيه
تحت أشراف طبيب وزوجته والطبيب يدعى dr.Anwar ..
..........(( الصور في المشاركه التاليه ))..............
يوم الأحد الموافق 20\8
أحضروا لي الفطور الساعة (8ونص) عبارة عن 2خبز شرائح مصنوعة من الأرز + صحن صغير خل حار مع بهارات
+صحن صغير طبخه مطبوخة من جوز الهند +شاي أخضر.
ثم مشيت أنا وزوجي لمدة (ساعة) ورجعنا عملنا مســاج +تدليك كهربائي..
التخلص من الوزن الزائد (السمنة) عن طريق الإيرفيدية
وهذي الطريقة أولاها هذا العلم القديم إهتماما كبير لأنها تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة تشمل كل الطبقات الإجتماعيا تقريبا
تعرف السمن بأنها التراكم الغير عادي والمفرط للدهون في الجسم ويتصف السمين على نحوي مميز بالكرش البارز الضخم وتضخم الأرداف ومن ضيقة الصدر ..
(السيطرة على السمنة)
يعطي (الإيرفيدية) أهميه أكثر إلى الحمية الغذائية ونشاط البدني وأخيرا العلاج الدوائي ..
(الحــــــــميه الغذائية)
وينصح فيها بتناول الحبوب مثل : :{الشعير والحمص الأخضر و البازلاء وأرز البامبو القديم وكما ينصح بذالك بتركاتو وحب الهيل والسمك الصغير والخضروات الورقية} والزيوت مثل : :{ زيت الخردل وزيت السمسم (على معدى خاوية في الصباح بكمية صغيرة )وتناول الماء والمشروبات قبل الوجبات بكمية كافية ..
(تمـــــرينات البدنية)
مهم بتخلص من السمنة مثل : المشي من (نص ساعة لساعة ) يوميا والنشاط البدني المعتدل ..
كما يمكن اللجوء إلى الصيام من يوم إلى يومين في الأسبوع ..
(ماذا يحدث في غرفة المساج)
كلمة المساج عامية لا تمثل علم الإيرفيدية لأن العلم يطلق عليها (أودهوارتن )وهو إجراء علاجي يتم فيه تدليك وفرك وهو بطبع علاج خالي من المتاعب والأعراض الجانبية والذي يتم فيه فرك الجسم بمساحيق الأعشاب الطبية في جميع أنحاء الجسم بطريقة دقيقة ويكون فيها إتجاه التدليك عكس إتجاه الشعر في الجسم وقد وجد له تأثيرات علاجيا في الكثير من الأمراض ومنها السمنة ويذيب الدهنيات ويوفر تقوي الجسم ويحسن الدورة الدموية ويتخلص من السموم و الأنسجة الميت ويخفف من التعب البدني والعقلي ويحسن أداء جميع أعضاء الجسم ..
كم مدة العلاج؟؟
مدة العلاج هي مدة الرحلة وهي ثلاثة وعشرين يوم
وكان المفروضأن نكمل ثمانية وعشرين يومحسب تقرير المستشفى ولاكن ظروف خاصه حالة دون ذالك ..
وفي أي مدينه في كيرلا؟؟
مدينة ((كوتشين ))..
مدة العلاج ؟؟
كل حسب حالته ..
وهل اقمتي لديهم ام اخذتي كورس المعالجه فقط وسكنت خارج المركز ؟؟
أقامة دائمة في غرف فندوقية ممتازة تشبه فندق أرب نجوم..
واذا عندك فكره عن كورس علاج الركب للمسنين ؟؟
عندي تجارب الأخرين من ناحية الركب علاجه أربعين يوم إستغنا عن الكرسي في الصلاة والعصى في المشي..
يوجد في كيرلا الكثير من المراكز المختصة في العلاج {الإيورفيدا}
في الكثير من المدن الكبيرا مثل: : كوتشين و تريفاندروم و كلكت ..
منتدى مكتوب العرب المسافرون...
إعداد: سليمة لبال
اذا ما كنت من عشاق الآثار الرومانية والفينقية، فما عليك سوى ان تحزم امتعتك وتسافر الى ليبيا، انها وجهة سياحية، غير معروفة، لكنها واحدة من روائع البحر الابيض المتوسط وافريقيا.
وحسب تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية لا ينظر الى السائح في ليبيا كحافظة نقود متنقلة مثلما هي الحال في دول اخرى.
بل العكس، فقلة من الدول توفر لزوارها الاجانب الهدوء الذي توفره ليبيا، التي تبقى مواقعها مجهولة الا بالنسبة لعلماء الاثار وعدد من عشاق الاحجار القديمة، فليبيا تظل ضحية صورة سيئة رسمت عنها منذ 38 سنة، على الرغم من انها واحدة من افضل وجهات البحر الابيض المتوسط.
هي ارض عذراء، تدفعك الى اكتشاف كل شيء فيها، باختصار هي جنة علماء الاثار، حسبما يؤكده جون ماري بلاس روبلاس عضو بعثة الاثريين الفرنسيين التي يديرها البروفيسور اندري لاروند.
لقد مر على ليبيا القرطاجيون والرومانيون والبيزنطيون واخيرا العرب، واثارهم شاهدة على ذلك، ولعل موقعي سوبراتا ولبتيس ماغنا اهم ما يمكن ان يختصر الازمان التي عاشتها ليبيا.
الوصول الى الموقعين الاثريين ليس صعبا على الاطلاق ويمكن بلوغهما برا انطلاقا من العاصمة طرابلس.
يقع موقع سوبراتا على ضفة البحر الابيض المتوسط، شيده القرطاجيون في القرن الخامس قبل الميلاد ثم انتقل الى حماية الرومانيين واليوم هو موقع مسجل ضمن تراث اليونيسكو العالمي.
لقد استمدت هذه المدينة ثرواتها من التجارة التي كانت بينها وبين روما، وكانت تخص تجارة المنحوتات وريش النعام والحيوانات المفترسة المستوردة من افريقيا السوداء من اجل العاب السيرك.
ولم تظهر سوبراتا الى الوجود من جديد الا بعد اكتشافها عام 1930، بفضل عمل عدد من علماء الاثار الايطاليين، بعد ان ردمت بفعل الزلزال الذي ضرب المنطقة في القرن الرابع.
المسرح الروماني
ويستحق مسرح المدينة الروماني لوحده زيارة خاصة، لقد بني خلال عام 190 بعد الميلاد ويعتبر واحدا من اجمل واكبر المسارح في افريقيا، وقبالته توجد معابد وتماثيل حجرية.
يكتشف زائر المكان وهو يتفقد اركانه وتفاصيله على وقع صوت الامواج المتلاطمة، الكثير من العجائب منها اللون الوردي والرمادي للحجارة وفسيفساء الارضيات وكأنها سجاد مزركش بكل الالوان والبحر وهو يقترب بزرقته ومياهه المنعشة.
لبده الكبرى
وتقع مدينة لبده الكبرى على الساحل المتوسطي عند مصب وادي لبده، الذي يعتبر مرفأ طبيعيا، وهو يوجد على بعد 3 كيلومترات شرقي مدينة الخمس، ولو انطلقت بالسيارة شرقا من طرابلس بعد ساعة تقريبا ستبدو لك مشارف هذه المدينة العريقة.
وظهرت مدينة لبده كمرفأ طبيعي يلجأ إليه البحارة والتجار الكنعانيون (الفينيقيون) اثناء رحلاتهم التجارية النشطة في المتوسط، وسرعان ما نما ذلك المرفأ التجاري، ليصبح أحد احواض المتوسط المهمة لدرجة أطلق على المدينة «لبده الكبرى» لتمييزها عن مدينة تحمل الاسم نفسه في تونس.
ويتميز موقع هذه المدينة بقربها من مناطق زراعية مهمة مثل مرتفعات الحسان الثلاثة (ترهونة ونهر السنبس ووادي كعام). وللدلالة على مدى تراثها وغناها، انزل الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر بها عقوبة لمسادنتها لخصمه بومبيي الذي هزمه سنة 48 ق.م، بلغت ثلاثة ملايين رطل من زيت الزيتون سنويا. وعلى الرغم من تلك الجزية المجحفة، ازدهرت مدينة لبده لتبلغ شأنا كبيرا في القرن الثاني الميلادي، خصوصا عندما اعتلى عرش الامبراطورية الرومانية أحد ابنائها سبتيموس سويروس (193م – 211م) الذي امتد حكم عائلته للامبراطورية الى سنة 235م، واثناء هذه الفترة شهدت مدينة لبده كبرى توسعاتها، حيث شيدت الساحة السويرية والشارع المعمد ونبع الحوريات وقوس النصر لسبتيموس سويروس.
ان الميدان القديم واطلال المعابد المحيطة به والمجاور للميناء، هو مركز المدينة قبل اتساعها في ولاية العهد الروماني، وفي هذه الاماكن نتتبع نمو المدينة واتساعها بالوقوف على التواريخ المتتالية التي اقيمت فيها المباني العامة الفخمة كمبنى السوق البونيقية (انشئ في عام 8 ق.م) والمسرح نصف الدائري (في السنة الأولى قبل الميلاد) ومبنى الكالكيديكوم في سنة (11م – 12م) ثم توالى انشاء المباني الأخرى خلال القرن الاول والثاني الميلاديين، التي من بينها حمامات الامبراطور هادريان (أقيمت بين عامي 126م – 127م) وجددت في عهد الإمبراطور سبتيموس سويروس.
جبال اكاكوس
مدينة صبراتة
وعلى شاطئ الحوض المتوسطي غرب طرابلس، تقع مدينة صبراتة الاثرية الخالدة، اسسها الفينيقيون في القرن السادس قبل الميلاد كاحدى المدن الثلاث: صبراته (تريبوليس)، أويا (طرابلس) وولبده.
وبعدهم جاء الرومان الذين تمكنوا من السيطرة عليها بعد مقاومة عنيفة من الليبيين. ونظرا لموقعها على البحر كانت ميناء تجاريا لتصدير المنتجات الافريقية المختلفة القادمة من داخل القارة خاصة العاج، وبلغت اوج مجدها في عهد الاباطرة السويريين في القرن الثالث الميلادي.
ومن أهم آثارها: الضريح البونيقي ويعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، والمباني العامة كالسوق والمحكمة وبعض المعابد من العهد الفينقي، والساحات الشعبية ومعابد ليبرياتر وسيرابس وهرقل، وكذلك المسرح وساحة القضاء والحمامات العامة في العهد الروماني والسور الخارجي وكنيسة جستنيان البيزنطية التي اشتهرت بفسيفسائها الجميلة والمعروضة الآن بمتحف صبراتة، ويوجد في المنطقة الاثرية متحف يضم اهم المقتنيات والتحف التي تم اكتشافها والتي تعود للمراحل التاريخية التي مرت بها المنطقة.
هذه بعض الصور للمدينه القديمه ولمتحف السرايا بمدينة طرابلس
وهذه طرابلس الحديثه عروس
آثار وآثار
أما مدينة شحات فأسست في حدود سنة 631 ق.م عن طريق بعض المغامرين الإغريق وشهدت أوج ازدهارها من نشاط زراعي وتجاري في القرن الرابع قبل الميلاد. وتعتبر من أكبر المدن الأثرية الواقعة في الجبل الأخضر، وبها آثار كثيرة تعود إلى عهود مختلفة تجعلها من أشهر معالم الحضارة المتميزة بروعة الفن الإنساني الرفيع.
ومن أهم آثارها الحمامات اليونانية ومعبد زيوس الفخم ومعبد أبولو وغيره من المعابد والاغورا (السوق اليونانية) ومجلس الشورى، وقلعة الاكرابوليس. ثم جاء العهد الروماني الذي أدخل بعض التحويرات على المباني اليونانية وشيد الكثير من المباني الجديدة التي لا تزال آثارها قائمة ومنها الحمامات الرومانية والمسرح ورواق هرقل والكثير من المعابد والنصب، والسور الخارجي الذي بني في القرنين الأول والثاني للميلاد، كما يوجد في قورينا الكثير من الكنائس التي تعود للعهد البيزنطي.
وبالقرب من المدينة تتواجد المقابر المنحوتة في الصخر، التي بني أغلبها على الطراز اليوناني تصميماً وهندسة. ولعله من المفيد لك أن تري المتحف الموجود في المنطقة الأثرية بشحات الذي يضم الكثير من المكتشفات والآثار الخاصة بالحقب المختلفة التي مرت بها هذه المدينة.
عندما احتل الرومان الجبل الأخضر في القرن الأول قبل الميلاد أطلقوا على تلك المنطقة منطقة المدن الخمس لاحتوائها على خمسة مراكز عمرانيةكبيرة هي قورينا «شحات»، أبولونيا «سوسة»، طلميثه «بطوليمايس»، يوهيسبرديس – برنيقي «بنغازي»، وتوكره «العقورية».
البحيره والميناء
ضروريات السفر
لا يحتاج الزائر العربي في ليبيا إلى مترجم، مما يجعل الرحلة ممتعة وفيها الكثير من الحميمية والأنس، غير ان زوار ليبيا يحتاجون إلى تأشيرة إجبارية تبلغ تكلفتها 45 يورو، كما يشترط على زائر ليبيا أن يصطحب معه أموالاً سائلة، ذلك ان بطاقات الائتمان غير مستعملة وغير صالحة هناك.
تماثيل لبتيس ماغنا
لا يمكن لزائر ليبيا ألا يزور موقع لبتيس ماغنا، الواقع على بعد 120 كلم شرق العاصمة طرابلس باتجاه مدينة سرت، ولبتيس ماغنا مسجل أيضاً ضمن التراث الإنسانية العالمي. وحتى تتعرف أكثر على تاريخ موقع لبتيس ماغنا الذي شيده الفينيقيون في القرن السابع قبل الميلاد، عليك أن تجوب شوارعه وتعبر ممراته المحفوفة بجدران تتراوح ارتفاعاتها ما بين 2 و3 متر، كما يتوجب عليك أيضاً هنا أن تأخذ الممر الرخامي، الذي تحطمت أجزاؤه بفعل زلزال عام 365 قبل الميلاد.
فيللا سيلين
أجمل ما يمكن أن تراه في موقع لبتيس ماغنا بالذات هو التماثيل المنتشرة هنا وهناك وأيضاً فيللا سيلين، التي يتردد عليها الكثير من السياح الأوروبيين الباحثين عن الجمال القديم، والواقعة على بعد كيلو مترات فقط عن موقع لبتيس ماغنا.
اكتشفت هذه الفيللا الرومانية عام 1974 وأنقذت بصعوبة من أطنان الرمال التي كانت تغطيها، غير انها لا تزال قائمة وشاهدة على الحياة والحضارة الرومانية خلال القرن الثاني قبل الميلاد، بغرفها وغرف الأطفال المزينة جدرانها بمختلف أنواع الزهور وبمعبدها الصغير المخصص للصلاة وفسيفساء جدرانها وباختصار فيللا سيلين هي كنز لا ينبغي ألا تزوره وأنت في ليبيا.