للبناء على مشروع الدولة الكويت تستحق تغييرا بحجم ما حدث عام 1961
تناول تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي الإدارة العامة والوضع الحكومي وقال: ان الحكومة الكويتية السابعة والعشرين استقالت، وجاءت استقالتها لأسباب داخلية، كما كان حال سابقاتها، لكنها جاءت، هذه المرة، بعد أن حسم الجدل حول المشروع الأكثر صوابية وأمناً، مشروع الحكم أو مشروع الدولة، وجاء الحسم، على نحو قاطع، لمصلحة مشروع الدولة، في كل المنطقة العربية. وذلك يتيح فرصة للكويت للبناء على مشروع دولتها القديم والصحيح، الذي بدأته مطلع ستينات القرن الفائت، عندما كانت مثالاً يحتذى به، ومشروع الدولة يحتاج إلى إدارة، عنوانها الرئيسي هو الأداء وليس الولاء.
ما تحتاجه الكويت هو تغيير جوهري في نهج اختيار إدارتها العامة العليا أو مجلس وزرائها، حيث يقع نحو %80 من داء البلد ودوائها، والأمر ليس صعباً، كما يبدو للوهلة الأولى. فالخطأ الخطيئة، في كل تشكيلات الحكومات السابقة، يكمن في الأساس المتبع في تشكيل الحكومات، وهو: كيف نوزع المناصب الوزارية لإرضاء متقلديها؟ وكيف توظف الكويت إمكاناتها لخدمة إبقائهم في مناصبهم لأطول فترة ممكنة؟ بينما الصحيح هو: ماذا نريد للكويت أن تصبح في حدود وقت معلوم؟ ثم اختيار فريق الإدارة القادر -أكثر من غيره- على خدمة الكويت، أو تحقيق هدفها المعلن. والمعيار الأول الخطأ هو، تماماً، ما حصل في كل المنطقة العربية، وحوّل الجمهوريات إلى ملكيات وراثية، وضمن كل دولة، كانت هناك دويلات فاسدة صغيرة، وأصبح، معها، الفساد هو عنوان المرحلة، وهي مرحلة انتهت طوعاً أو قسراً، ولن تعود.
لقد امتد الفاصل الزمني بين ثورة عُمال بولندا، في عام 1980، وسقوط حائط برلين، في عام 1989، ثم سقوط الاتحاد السوفيتي، في عام 1991، نحو عقد من الزمن، ولكن النتيجة كانت قاطعة، الكل تغير إلى مشروع الدولة، ومن قاوم -مثل الاتحاد السوفيتي والاتحاد اليوغوسلافي- تفكك، ودفع أعلى ثمن.
واضاف الشال إن الفرص السانحة لا تتكرر، ولا يجب أن تختزل قضية تشكيل الحكومة لدينا في شخص الرئيس، فتغيير الرئيس قد يعني ضياع 6 أو 7 حكومات –وسنوات- قادمة، لنكتشف أن شيئاً لم يتغير، فالبلد تستحق تغييراً بحجم ما حدث في عام 1961، وبحجم ما يحدث، حالياً، في كل المنطقة العربية، ولكن بالاختيار.
وتعد الكويت من بين دول قليلة جداً، يولّد القطاع العام، فيها، ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، وتوظف الحكومة %78 من العمالة المواطنة، وكل ذلك يعتمد على بيع أصل مؤقت يمول نفقاتها العامة بنسبة %90، لذلك، هي بحاجة إلى مجلس إدارة -حكومة- متميز، ليقوم بضعف ما هو مطلوب من الحكومات في الدول غير الاستثنائية، وإن فشلت الحكومة في الهبوط الآمن بالبلد على بر الأمان فإن الأذى سيكون -عندما تتغير ظروف سوق النفط إلى الأسوأ، قليلاً،- بحجم الكارثة، وسيطال الغالبية الساحقة من بسطاء الناس، بدواً وحضراً وسنةً وشيعة، وهم يستحقون ما هو أكثر من شراء رضا بعض النافذين بالمناصب الوزارية. والمؤشرات الأولية، لا تبدو مريحة، ويبدو أننا بلغنا مرحلة الإدمان على إيذاء البلد الذي نحب، لكن، يظل في الوقت متسع لبعض التغيير الجوهري.
البحرين تنزلق إلى حرب أهلية ليس لها نهاية في المستقبل المنظور
(Alwatan)
مدير مركز «بروكينغز» بالدوحة:
دبي – رويترز: أخمدت حملة الحكومة البحرينية صوت المعارضة مما يفاقم خطر نشوب حرب أهلية قد تهدد استقرار المنطقة المنتجة للنفط.
وقال مطر ابراهيم مطر عضو جمعية الوفاق الوطني أكبر جماعة شيعية معارضة إن الأمر وكأن هناك رغبة في القضاء على الشيعة ليس من خلال القتل وإنما بفصل الناس من وظائفهم ويخشون من أنهم اذا تركوا منازلهم فسيعتقلون.
وتابع بأن الأمر وكأن هناك رغبة للخلاص من الشيعة في المجتمع.
وقال شادي حامد مدير مركز بروكينغز بالدوحة «استراتيجية النظام البحريني خطيرة على المدى الطويل... المعارضة اضطرت للرضوخ لكن هذا لن يدوم... البحرين تنزلق الى حرب أهلية منخفضة الكثافة وليس لها نهاية في المستقبل المنظور». وقد يذكي التيار الطائفي المحتدم التوتر بين دول الخليج وإيران.
وقال مطر إن هناك مخاوف من احتمال ان يلجأ الناس للعنف مضيفا أنه حتى لو كان هذا ما يريدون ان يفعلوه فان الحكومة تقمع كل شيء.
ويقول محللون إن البحرين التي تكررت فيها الاشتباكات بين محتجين شيعة شبان على مدى سنوات لكنها لم تشهد احتجاجات بهذا الحجم تلعب لعبة خطيرة وحذروا من أن عواقب الضغط على الشيعة قد تكون وخيمة.
وقالت غالا رياني من مؤسسة «اي. اتش. اس» غلوبال انسايت لاستشارات المخاطر في لندن «سيسهم هذا في شكوى الشيعة من التمييز ويوفر لهم دليلاً واضحاً على ان النظام يفرق بينهم وبين الموالين». وأضافت «اتباع هذه الاستراتيجية ينطوي على مخاطرة شديدة».
وقالت رياني «الحملة الوحشية التي شنتها البحرين والتدخل السعودي يشعلان النيران التي تريد الدولتان اخمادها... باختصار فإن التدخل حقق على الأرجح عكس ما كان مستهدفا منه».
وقال حامد من مركز بروكينغز ان الولايات المتحدة التي يتمركز أسطولها الخامس في البحرين «أخطأت خطأ جسيما في حساباتها» عندما اكتفت بالانتقاد ولم تساند مطالب المحتجين كما فعلت مع الانتفاضات التي اجتاحت شمال افريقيا.
وأضاف «نتيجة لعدم مساندتها لمطالب المحتجين ستظل البحرين مهددة بالصراع والأزمة والفوضى باستمرار. هذا غير مفيد للاستقرار او الأمن بالمنطقة ومن المؤكد أنه غير مفيد للمصالح الامريكية».
وقالت رياني «لا يستطيعون (الإيرانيون) ان يفعلوا شيئا يذكر بشكل صريح (حول البحرين) لكن ما يحذرون منه هو احتمال وجود مشاكل اطول مدى».
وأضافت «اذا وصلت البحرين الى وضع يكون فيه نوع من التمرد على مستوى منخفض فمن المحتمل ان تحاول عناصر بالحرس الثوري الإيراني دعم تلك العناصر».
ويتفق المحللون على أنه لا توجد مؤشرات بعد على ان البحرينيين تحركوا في هذا الاتجاه. لكنهم يحذرون من ان التطرف بين بعض الجماعات يتسلل ببطء مع استمرار الحكومة في الالقاء بثقلها ضدهم.
وبدأت احتجاجات البحرين بالدعوة الى اقامة نظام حكم ملكي دستوري وإجراء اصلاحات. ومع اشتداد الحملة بدأ المحتجون يرددون هتافات تنادي بإسقاط أسرة ال خليفة الحاكمة والنظام حتى خلال الجنازات التي شيعت في الفترة الاخيرة.
هذه المطالب الاكثر حدة فضلا عن انسحاب جمعية الوفاق المعتدلة من البرلمان احتجاجا على استخدام القوة تهدد الحوار السياسي الموضوعي وتفتح الباب أمام خيارات اكثر تطرفا.
وقال حامد «كلما استمرت الاضطرابات لفترة أطول كلما زاد احتمال ان يتطلع المزيد من البحرينيين الى الحصول على دعم من إيران».
شباب ساخط يتظاهر ضد نخبة استغلت وتكسبت من مقدرات البلاد والعباد معظم حكومات المنطقة يتجاهل البُعد الاقتصادي للاحتجاجات الشعبية
مطالب مالية واقتصادية تختلط مع السياسية في المنطقة
إيمان عطية
عندما أطيح بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي في يناير الماضي، ليؤجج هذا الحدث اشهرا من الانتفاضات الشعبية التي لا يزال وقعها مستمرا حتى الآن في العالم العربي، حمل متظاهر في العاصمة الاردنية عمان لافتة يتردد صدى كلماتها في العواصم العربية كافة.
فبينما كانت الحشود تتظاهر احتجاجا ضد ارتفاع اسعار المواد الغذائية، رفع احد المتظاهرين لافتة كتب عليها «الاردن ليست للأغنياء فقط، الخبز خط احمر، احذروا جوعنا وغضبنا».
كان ذلك انذارا مبكرا للدور المركزي الذي يلعبه الاقتصاد في التظاهرات العديدة التي اجتاحت دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وكما رفض الحكام السلطويون والمستبدون الذين تتحداهم شعوبهم الآن تقديم اصلاحات ديموقراطية وسياسية، تجاهلوا ايضا موضوع ان يقدموا لشعوبهم فرصة تحقيق مستوى معيشة معقول، او يقدموا لهم افقا بمستوى افضل. هذا الاخفاق الذي تعانيه الدكتاتوريات القاسية التي لا ترحم والانظمة الاستبدادية الاكثر اعتدالا من الناحية الظاهرية، يبقى هو الدافع الاساسي وراء التظاهر والاحتجاج والخطر الذي يهدد صحة وسلامة الوضع في العالم العربي على المدى البعيد.
البطالة
لقد حجب التحول الذي طرأ على الثورات من انتفاضات سلمية في تونس ومصر الى صراعات عنيفة في ليبيا وسوريا القوى الاقتصادية القوية التي تتشابك مع المطالب السياسية للمعارضين. فالمنطقة متخمة بالشباب الذين يتنامى احباطهم وسخطهم حيال ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف انظمة التعليم، وافتقارهم لفرص العمل اللائقة والكريمة، وكما كتب جوشوا لانديس، الخبير في الشؤون السورية في جامعة اوكلوهوما في مدونته: «يبدو ان الشوارع في سوريا تمتلئ بأعداد لا نهاية لها من الشباب العاطل عن العمل الذين يشعرون بالغضب والمستعدون للتغيير».
هناك بيانات اقتصادية مثيرة للقلق تفسر هذا الحراك الشعبي والتعبئة الجماهيرية الكبيرة للشباب في منطقة يبلغ سن نحو %60 من تعدادها السكاني دون الخامسة والعشرين. اذ يصل معدل البطالة في العالم العربي بين الشباب الى %25 وهي النسبة الاعلى في العالم، وفق دراسة صدرت الشهر الجاري عن مؤسسة التمويل الدولية، وهي ذراع البنك الدولي لتنمية القطاع الخاص. كما اظهر استطلاع للرأي اجراه معهد غالوب غطى 20 دولة وصدر الشهر الماضي، ان عدد الاشخاص الذين يصفون وضعهم بــ «المزدهر» تراجع في كل من مصر والبحرين اللتين شهدتا انتفاضتان، رغم ما حققتاه من نمو اقتصادي. ويقول محمد يونس، محلل أول في «غالوب»، أن نتائج الاستطلاع تبين أن الشباب لم يشعروا بأنهم استفادوا من الزيادات في النمو التي حققها الناتج المحلي الاجمالي، كونها لم تؤد الى خلق فرص عمل.
وفي كلماته اشارة الى المشاكل الاقتصادية الشاملة والمنهجية التي تواجه منطقة يشعر الناس في البلدان الفقيرة فيها بالغضب والاستياء حيال نخبة تستغلهم وتتكسب من أسواق يجري التلاعب بها لمصالحهم الخاصة، بينما يتساءل من هم في الدول الغنية ما اذا كانت حكوماتهم تنفق الايرادات المالية الكبيرة على نحو سليم وجيد.
في مصر، أعقب خلع الرئيس حسني مبارك، موجة من الاحتجاجات في عدد من الصناعات تراوحت بين المصارف والفنادق، بعد أن حول الناس اهتمامهم الى الأجور وظروف العمل.
وفي الكويت أيضاً يتساءل البعض فيما اذا كانت الوتيرة البطيئة في الانتقال بعيداً عن ثقافة الرفاهية والاستهلاك تشكل تهديداً بالحاق الضرر بالبلاد على المدى البعيد، من خلال تحجيم تنمية القطاع الخاص.
البعد الاقتصادي
وقد تجاهلت حكومات الشرق الأوسط بمعظمها البعد الاقتصادي للاحتجاجات والتظاهرات التي عمت ارجاء الوطن العربي، وبالتالي فإن قمعها أو تقديم المنح والعطايا لا يحل المشاكل الاقتصادية التي تشكل تحدياً للمنطقة على المدى البعيد.
وسواء تمكنت الحكومات العربية من تجنب تحديات مباشرة وخطيرة حتى الآن، أو خضعت للمتظاهرين كما حدث في مصر، أو قمعت التظاهرات كما هو الحال في سوريا، فإنها جميعاً ومن دون استثناء اظهرت اخفاقاً مماثلاً في المخيلة المالية. فهناك جمهور كبير من العرب، غالبيتهم من الشباب، الساخطين والبائسين الذين، ومهما قال عنهم الزعماء، ليسوا متطرفين دينياً ولا جواسيس للغرب، لكنهم وبمنتهى البساطة يتطلعون الى أفق أفضل وشيء من الرفاه والازدهار. وفي خضم العنف المرعب والصخب القوي في التطلع نحو الديموقراطية، هناك الملايين من الناس الذين ينتظرون وضعاً اقتصادياً أفضل، وعلى العالم أن يقر ويقدر ذلك في عصر الثورات العربية.
ملف التنمية مرشح للفشل بعد إعلان الحكومة الجديدة
السعدون: وُلدتْ في قتال وسترث ضعف الإنجاز والاستجوابات
التميمي: إمكان تجاوز مشكلات الخطة متواضع جداً
الغبرا: تغييرات المنطقة لم تنعكس على الحكومة أعرب خبراء عن اعتقادهم بأن الحكومة التي يرأسها الشيخ ناصر المحمد الصباح للمرة السابعة سوف تسير على خطى سابقاتها سواء من حيث طبيعة العمل أو من حيث الأزمات المتوقعة مع مجلس الأمة.
قال خبراء ومحللون إن ملف التنمية وخطتها التي تتضمن مشاريع قيمتها 30 مليار دينار (109 مليارات دولار) مرشح للأفول مع إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة في الكويت التي لم تتضمن سوى تغييرات هامشية وغير مؤثرة كثيرا.
واستبعدوا في تصريحات لـ'رويترز' أن تقوم الحكومة الكويتية الجديدة بتغييرات جذرية على المستوى الاقتصادي أو على المستوى السياسي.
وأعربوا عن اعتقادهم بأن الحكومة التي يرأسها الشيخ ناصر المحمد الصباح للمرة السابعة سوف تسير على خطى سابقاتها سواء من حيث طبيعة العمل أو من حيث الأزمات المتوقعة مع مجلس الأمة .
ليست جديدة
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت شفيق الغبرا إن الحكومة الجديدة 'ليست جديدة' كما أن تشكيلتها تعكس العمل بنفس الفكر والمنظور القديم.
وقال المحلل الاقتصادي عامر التميمي إن التغييرات في الحكومة الجديدة 'لا تذكر'.
وبدأت الحكومة الكويتية منذ منتصف العام الماضي تقريبا تنفيذ خطة تنموية تتضمن إنفاق 30 مليار دينار كويتي على مشاريع نفطية وبنية تحتية تشمل مدنا جديدة وموانئ ومطارا جديدا وطرقا وجسورا إضافة إلى التوسع في الرعاية الصحية وتطوير بنى التعليم والخدمات الاجتماعية.
وواجهت حكومات سابقة شكلها الشيخ ناصر انتقادات نيابية لاذعة وقدمت حكومته السابقة استقالتها في مارس الماضي تجنبا لتهديدات نيابية باستجواب رئيس الحكومة وعدد من الوزراء البارزين في حكومته.
لكن مؤيديه يؤكدون أنه مازال يحظى بثقة غالبية أعضاء البرلمان، اضافة إلى ثقة أمير البلاد الذي يملك وحده حق تسمية رئيس الوزراء وحق حل مجلس الأمة أيضا.
استجواب جاهز
وأعلن النائب خالد الطاحوس عقب أداء الحكومة لليمين الدستورية أمام أمير البلاد أنه سوف يتقدم باستجواب لرئيس الوزراء اليوم وهو موعد أداء الحكومة لليمين أمام مجلس الأمة مؤكدا أن استجوابه يحظى بتأييد كتل نيابية في البرلمان.
وقال جاسم السعدون مدير مركز الشال للدراسات الاقتصادية إن التشكيلة الحكومية الجديدة لا تحمل جديدا فقد ظل نفس الشيوخ محتفظين بمناصبهم الرئيسية دون تغيير ثم بدأ بعد ذلك 'ملء الفراغات' لباقي المقاعد الوزارية بنفس الطريقة القديمة المبنية على مراعاة الطوائف والقبائل والعائلات.
واحتفظ كل من الشيخ أحمد الفهد الصباح بمنصبه كنائب لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزيرا للتنيمة وزيرا للاسكان والشيخ جابر المبارك الصباح كنائب لرئيس الوزراء وزيرا للدفاع والشيخ أحمد الحمود نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للداخلية والشيخ محمد الصباح نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للخارجية.
تغيير طفيف
وأشار السعدون إلى أن الحقائب الاقتصادية ظلت كما هي تقريبا فنائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ظل كما هو ووزير المالية مصطفى الشمالي لم يتغير، وهاتان هما أهم حقيبتين اقتصاديتين في الحكومة.
وقال السعدون إن وزير النفط الجديد الدكتور محمد البصيري غير مختص بشؤون النفط شأنه في ذلك شأن الوزير السابق الشيخ أحمد العبد الله كما أن التغيير في وزارة التجارة التي تولت حقيبتها أماني بورسلي وهي أستاذة في جامعة الكويت لن يؤثر كثيرا لأن وزارة التجارة هي وزارة خدمية بالأساس كما أن دورها تقلص بعد بدء عمل هيئة أسواق المال منذ مارس الماضي.
وقال التميمي إن الوزيرة بورسلي كان لها مساهمات في وضع قانون هيئة أسواق المال، لكن لم يؤخذ في النهاية بالصيغة التي طرحتها للقانون، متمنيا أن تكون العلاقة المستقبلية 'سلسة' بين جميع الأطراف المعنية بالشأن الاقتصادي.
ومن الناحية القانونية فإن هيئة أسواق المال التي تتحكم في بورصة الكويت تتبع وزير التجارة وإن كانت تحظى بقدر من الاستقلالية النسبية.
وقال الغبرا إنه كان من المتوقع أن تنعكس التغييرات الجذرية التي تحدث في المنطقة والعالم على التشكيلة الحكومية الجديدة لكن ذلك لم يحدث.
وقال السعدون إن الحكومة الجديدة 'ولدت في قتال'، متوقعا أن ترث من الحكومة السابقة ضعف الإنجاز والاستجوابات النيابية، وهو ما سيجعل عمرها وعمر مجلس الأمة قصيرا جدا.
وتوقع الغبرا ألا يطول عمر الحكومة أكثر من بضعة أشهر أو سنة واحدة على أقصى تقدير.
وأعرب السعدون عن اعتقاده بأن الاستجوابات المتوقع تقديمها من قبل النواب سواء لرئيس الوزراء أو نائبه للشؤون الاقتصادية أو بعض الوزراء الآخرين لن تدع فرصة للحكومة الجديدة للمضي قدما بخطوات كبيرة في تنفيذ خطة التنمية.
مهام جسام
وقال التميمي إن على الحكومة الجديدة مهام جساما من الناحية الاقتصادية، أهمها تفعيل خطة التنمية التي يسير الانجاز فيها على نحو 'أقل من المتوقع'.
وأشار إلى أن خطة التنمية تنطوي على كثير من الطموحات غير الواقعية التي لا تتماشى مع القدرات البشرية والتنفيذية للجهاز الحكومي وما يرتبط به من بيروقراطية كما أن تتضمن مشاريع لا تتماشى مع قدرة الاقتصاد الكويتي على استيعابها.
وأكد التميمي أنه 'في ظل تصدع العلاقات بين الحكومة ومجلس الأمة فإن إمكانية تجاوز المشكلات التي تواجه الخطة متواضعة جدا، وفي نفس الوقت لا يوجد توجهات واضحة من مجلس الوزراء لتنفيذ المشاريع بشكل جدي أو حتى مواجهة الاعتراضات التي توجه للخطة بشكل واضح ومقنع'.
وأكد السعدون أنه سيكون من الصعب التنبؤ بأثر التشكيلة الجديدة للحكومة على أداء سوق الكويت للأوراق المالية، ولاسيما على المدى القصير، مبينا أنه على المدى المتوسط فإن تأثير الأحداث الإقليمية سيكون أكبر من السجالات الداخلية بين الحكومة والمجلس التي اعتاد عليها المواطنون الكويتيون.
تذبذبات حادة
وأشار إلى أن البورصة قد تشهد تذبذبات حادة صعودا وهبوطا إذا حدث تغير جذري في السياسة الداخلية كاستقالة جديدة للحكومة أو حل مجلس الأمة لكن ما عدا ذلك فإن تأثرها بما يحدث على مستوى العلاقة بين الحكومة والمجلس لن يكون كبيرا.
وقال التميمي إن البورصة تواجه نوعا من العزوف من قبل المستثمرين كما أن الثقة مفقودة في كثير من الشركات المدرجة، مبينا أن البورصة تحتاج إلى معالجات جذرية من قبل هيئة سوق المال 'وتنظيف السوق من كثير من الشركات المتعثرة أو إجبار المساهمين على معالجة شركاتهم'.
وقال التميمي إن البورصة تتفاعل مع الأحداث السياسية القائمة وعدم وجود توجهات عامة للاصلاح، وفي هذا الصدد فإنه لا يوجد ما يجعل البورصة تستبشر بالانتعاش خلال الشهور المقبلة.
ثمّن موقف الحكم الكويتي من أحداث البحرين الخطيب محذّراً: وضعنا السياسي خطر.. و«بربس»!
الخطيب متحدثا في الندوة
أحمد الحيدر
حذر النائب السابق والسياسي المخضرم د. أحمد الخطيب الحكومة من خطورة الوضع السياسي في الكويت، الذي وصفه بـ«البربس»، محذرا ممن يريد تكفير الشعب الكويتي بالدستور والديموقراطية ومجلس الأمة لكي تنتعش الطائفية.
وأضاف الخطيب في الندوة التي عقدها المنبر الديموقراطي الكويتي أمس تحت عنوان «لا للطائفية»، أن الكويت لم تشهد تاريخيا أي تفرقة طائفية حقيقية أو اضطهاد لفئة ما بسبب المذهب الديني، وهو ما ميزها ومنحها ورقة رابحة، مستدركا: «نقول ذلك رغم وجود التمييز بين الحكومة وفئة من التجار من جهة وبقية أفراد الشعب الذين كانوا يعاملون كـ «حبربش» من جهة أخرى بغض النظر عن مذهبهم.. إلا أننا نرى الحدة اليوم بسبب أطراف في الحكم».
النسيج الكويتي
وأوضح أن النسيج الاجتماعي الكويتي وُظّ.ف بشكل متميز في خدمة الوطن، حيث لعبت طبيعة التشكيلة الكويتية امتداد السكان لدول الجوار دورا في تعزيز الروابط مع شعوب الدول المجاورة، وإقامة علاقات مع الدول الجارة، مشيرا إلى أن وجود ميناء بحري متميز في شمال البلاد منحها بعدا إقليميا استغله بشكل حسن أجدادنا العقلاء.
وزاد أن اللحمة الكويتية وُضعت في دستور حديث ينظم العلاقة بين الناس ويجعل أي اضطهاد أو قمع يمارس خطأ يخالف الدستور، مشيرا إلى أن الدستور هو وثيقتنا التي تحمينا وسبق لها علاج الكثير من المشاكل في البلاد مثل الاحتلال وأزمة الحكم.
الشباب
وخاطب الشباب بالقول «أنتم القوة المؤثرة والأغلبية في الساحة.. لذا فإياكم أن يتم سحبكم لهذه المؤامرة الطائفية، لأنها تدمر الكويت وتدمركم»، معبرا عن فخره بالشباب العربي عامة الذي أثبت جرأته وصموده واستعداده للتضحية بشكل لا يوجد له نظير اليوم في العالم فبات النموذج الذي يقود العالم.
وذكر بأن صدام حسين عندما غزا الكويت لم يميز بين أبناء طائفة وأخرى، فلم نسمع عن مقبرة جماعية سنية وأخرى شيعية مثلا، مدافعا عن الطائفة الشيعية في الكويت بالقول «كل ما يثار عنهم غير صحيح..حتى في معركة الجهراء فهم لم يشاركوا بناء على طلب الشيخ سالم المبارك الذي قال لهم إنهم يكفروننا ونحن الذين نتبع المذهب السني مثلهم، فكيف إذا جئتم معنا؟».
تفرقة بغيضة
وشدد على أن التفرقة الطائفية البغيضة متى ما دخلت على عقل الفرد فإنها تعطله عن التفكير، مستطردا إن الكويتيين كانوا دائما مسالمين ولا يحبون اللجوء للعنف، لا سيما أنهم يعرفون المخاطر المحدقة بهم.
وأشار إلى أن الكويت جزء مهم من التطورات والتحرك الذي يحدث في العالم العربي اليوم، مشبها الوضع الذي نعيشه الآن بمرحلة التحرر العربي السابقة.
وأضاف: بعد ظهور حركات التحرر وجد الاستعمار نفسه في مأزق فأنشأ تحالفات مع قوى الفساد والاخوان المسلمين لقمع التحرر، فقامت تحالفات في المنطقة بين الأنظمة والتيارات الدينية والتيارات التي تعتمد على الفساد، فتدربت قوى الأمن العربية بعد تحالف النجاح الفاسد في أميركا والأردن ومصر لقمع الشعوب العربية.
تعذيب
وبين أن الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر اعترف بأنهم حينما كانوا يعجزون عن انتزاع اعتراف من شخص ما داخل الولايات المتحدة بسبب القوانين التي تمنع التعذيب فإنهم ينقلونه إلى دول صغيرة حتى ينتزع منه الاعتراف بواسطة التعذيب، حيث كانوا يرسلون من يريدون استخراج المعلومات منه إلى مركزهم في دمشق، في حين يرسلون من يريدون إخفاءه الى الأبد إلى مركزهم في مصر.
واستغرب تصريح أحد المسؤولين الأمنيين بأن العاملين في المخابرات تم تجهيزهم بأحدث الأسلحة والخبرات للحصول على المعلومات، رغم أن التدريب على السلاح يجب أن يكون موجها للجيش للدفاع عن البلد، معبرا عن أسفه لوصولنا إلى هذه المرحلة.
وهاجم الإخوان المسلمين بالقول: بدأ تنظيمهم حول العالم بالمال والعنف، ثم اُدخلوا إلى العملية السياسية، وهناك إثباتات على تواطؤهم مع الإنجليز، ولأنهم يعلمون أن العمل من دون مال أمر مستحيل، فقد ركزوا على تحقيق الموارد المالية بمختلف الطرق، في حين كان التركيز على العنف من اجل السيطرة.
ثورتان
وأشاد بالثورة التونسية والمصرية التي اعتبر أنها وجهت ضربة قاصمة للغرب وإسرائيل وبعض دول الخليج، مشيرا إلى أنها لم تكن تجد من يتوقعها، ما ساهم في نجاحها. وأوضح أن القذافي أعطى العرب لاحقا فكرة قاتل شعبك حتى تبقى في المعادلة، ولذا تكرر الأمر في سوريا واليمن، منوها أن أنجح وسيلة لتخريب الثورات اليوم، هي خلق المشاكل فيها، وأبرزها إثارة الطائفية، مثمنا موقف الحكم الكويتي من أحداث البحرين.
واتهم أنظمة في دول مجلس التعاون، وجامعة الدول العربية، والإخوان المسلمين بالعمل على تخريب الثورات العربية ومحاولة إجهاضها، مشيرا إلى أن التحرك في البحرين بدأ سلميا سنيا شيعيا، وأرسلت خلاله الكويت وزير خارجيتها كوسيط بموافقة الحكومة البحرينية، لكن لاحقا تدخلت عناصر مدسوسة، وعرضت مطالب مثيرة مثل إنشاء جمهورية إسلامية.
ولفت إلى أن الشعارات الطائفية التي رفعت من قبل العناصر المدسوسة في التظاهرات البحرينية جعلت دولا مجاورة ترتاب وتتحرك سريعا لتطويق الأحداث، فتحولت أحداث البحرين بقدرة قادر إلى حرب طائفية تقف خلفها دول إقليمية. وأقر بوجود خطر إيراني على المنطقة، لكنه رفض إسقاط الخطورة الإيرانية على جميع الشيعة في الخليج.
واسطة
قال الخطيب بلهجة مازحة: ما زالت جمعية الثقافة تحتفظ بشريط كلمتي في مسجد شعبان منذ 30 عاما.. ومن يملك واسطة عندهم فليأتني بالشريط!
رنة الشعبي
بمجرد أن سمع الخطيب رنة هاتف عباس الشعبي، الذي كان يجلس في مكان بعيد عن رؤيته بين الحضور، ابتسم وقال «عباس موجود؟»، فضجت القاعة بالضحك، وأشاد آخرون بقدرته الفائقة على التذكر وتمييز النغمة.
رأي متخصص مشاريع التنمية زيادة في الأعباء .. ومشروع المركز المالي مجرَّد أحلام
حمزة عباس
ان القرارات التي أقرها مجلس الأمة في أول جلسة له بعد تشكيل الحكومة الجديدة، ستعمق الكارثة المالية لهيكلية الميزانية الى درجة خطيرة اذا هبطت أسعار النفط، موضحاً أن شعوراً عند الناس مفاده أن خطة التنمية والمركز المالي ستعوض هذه النفقات، وهو شعور كاذب وزائف.
فكادر المعلمين والمعلمات، الذي أقر في مداولته الأولى، سيكلف الدولة 310 ملايين دينار، كما نُشر سابقاً، كما أنه على الرغم من عدم وجود معلومات كافية حول كلفة زيادة مكافأة طلبة الجامعات، الذي تم اقراره ايضاً في مداولته الأولى، وزيادة الـ 50 ديناراً، فانهما سيشكلان عبئاً كبيراً جداً على ميزانية الدولة.
على صعيد آخر، ان الكثير يتكلم عن خطة التنمية، وكأنها ستكون حلاً يساعد على تنويع موارد الاقتصاد الكويتي في حين أنني أرى فيها زيادة في مصروفات الدولة، فالخطة بحقيقتها هي خطة لانشاء وتمويل البنية التحتية بتكلفة 30 مليار دينار لغاية 2035، شاملة بناء المستشفيات ومحطات الكهرباء والمباني المدرسية والمناطق السكنية والطرق وغيرها، مشيراً الى حاجة تلك المنشآت بعد استكمال انشائها الى مبالغ ضخمة من النفقات لادارتها، ستُدرج في الميزانية العامة للدولة، وهو ما سيشكل عبئاً آخر على الميزانية.
أما حول اقرار زيادة كادر المعلمين والـ 200 دينار كمكافأة للطلبة الجامعيين في تطوير العملية التعليمية وتحقيق التنمية البشرية، فان ميزانية الدولة تذهب على الرواتب والأجور والدعم بأنواعه المختلفة، فاذا أضفنا عليها 310 ملايين دينار تقريباً كلفة كادر المعلمين، إضافة إلى 100 دينار إضافية للطلبة الجامعيين، فإن ذلك سيرهق ميزانية الدولة بشكل كبير ، في حين أنني لا أرى ، بحكم خبرتي السابقة التي امتدت 16 عاماً كعضو في المجلس الأعلى للتعليم، أي أمل في الحاضر أو المستقبل المنظور حسب المعطيات الاجتماعية والسياسية ولرفاهية الحياة، في أن يصل مستوى التعليم في الكويت إلى مصاف الدول الناشئة اقتصادياً، التي أصبحت في مراكز اقتصادية متقدمة، بعد أن طورت نظمها التعليمية بشكل جذري. أما عن تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، فإن الهدف الأول من المركز المالي هو جذب الأموال والأعمال من الخارج، وهذه المراكز تتطور ولا تخلق، حسب المقومات التي تتوافر فيها، لتقديم خدمات مالية ومصرفية واستثمارية وقانونية ولوجيستية إلى جهات محلية وإقليمية، كما أنها تعتمد على الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتوفير بنية تشريعية مناسبة، ومهارات مميزة عن طريق تعليم ذي جودة عالية، وبنية اجتماعية متسامحة، ومراكز ترفيهية عالية المستوى. وحتى نستطيع منافسة المراكز المالية والتجارية والإقليمية، فإنه علينا تحقيق معظم مؤشرات التنافسية العالمية، في حين أنه، وبعد اكتمال الخطة التنموية، إذا كتب لها الاكتمال، فسيكون المؤشر الوحيد الذي تملكه الكويت هو البنية التحتية، مؤكداً أن غياب الأسس الأخرى للمراكز المالية الناجحة، يدخل تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري ضمن الأحلام والتمنيات. مخطئ من يظن أن التحول إلى مركز مالي سيكون بديلاً عن النفط كمصدر دخل أساسي للدولة، فبريطانيا مثلاً لديها مركز مالي عريق يعتبر على رأس قائمة المراكز المالية العالمية الأكثر تطوراً، وتصل قيمة المعاملات اليومية في العملات الأجنبية فيها بيعاً وشراء إلى أكثر من 1.5 تريليون دولار من أصل 4 تريليونات دولار يتم تداولها عالمياً بشكل يومي، كما أن تعاملات السندات في بريطانيا، خصوصاً الـ Euro Bond، تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات، ولديها بورصات للأسهم والسندات، ومعظم السلع بما فيها النفط، ورغم أن ذلك المركز المالي يوظف مئات الآلاف من البريطانيين ومن جنسيات أخرى، فإن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا لا تتعدى %4!
هام جدا ذلك القرار التي اتخذته يوم أمس ( الأثنين ) لجنة التحقيق البرلمانية بشأن ، بإحالة الوزيرين السابقين الشيخ علي الجراح ومحمد العليم ، ومعهما أعضاء لجنة المناقصات المركزية وأعضاء اللجنة الفنية بوزارة الكهرباء المسؤولين عن فضيحة سكراب الطواريء ، بالاضافة إلى وكيل ديوان المحاسبة عبدالعزيز الرومي والوكيل المساعد بالديوان عصام الخالد ، بإحالة هؤلاء جميعا للنيابة العامة ، وبذلك تكون لجنة التحقيق قد أسدلت الستار عن فصل واحد من فصول هذه الفضيحة الكبرى ، وبقيت فصول سيجري بحثها لاحقا في مجلس الأمة وفي النيابة العامة ، حتى يسدل الستار عن القضية برمتها . لذا فإن المجلس والحكومة أمامهما اليوم فرصة تاريخية لإثبات جديتهما في التصدي لهذه السرقة العلنية ، ولعلها أيضا فرصة لإبعاد الشبهات التي التصقت بهما طيلة السنوات الأربع ، التي ظلت فيها تلك السرقة تعاني الاهمال ، إن لم نقل التواطيء ! ولعله من المفيد أن نذّكر ، بأن العنوان الرئيسي لما حدث فى تونس ومصر ، في الأشهر الأخيرة ، هو استشراء الفساد في هذه الأنظمة ، وتغلغله في كافة المؤسسات الحكومية ومواقعها .
ولقد ساهمت سلطات هاتين الدولتين ، فى استشراء الفساد وتمكين فئة قليلة من قوى تلك المجتمعات ، واستغلالها لمواقعها السلطوية ، فى نهب ثروات بلادها ، والتطاول على القانون ، وبالتالي ضياع هيبة الدولة ، من حيث كونها راعية لمصالح عموم الناس ، لا خاصتهم .
فأخذت تلك السلطات في السنوات الأخيرة ، منهج الاستخفاف بوعي الجماهير وشعوبها ، واستندت على فكرة أن هذه الشعوب ما هي إلا شعوب ميتة ، لا تجتمع ، وان اجتمعت يسهل تشتيتها ، ولكن الأحداث الأخيرة برهنت وأثبتت عكس ذلك .
وما نراه اليوم ، عندنا في الكويت ، وتحديدا فى السنوات الأخيرة ، من انتشار صارخ للفساد ، وبشكل جرئ ومخيف ، خاصة مايحدث فى أروقة السلطتين التنفيذية والتشريعية ، حيث أصبح الهم الرئيسي لمن يتسلق هاتين السلطتين ، أن يصبح مليونيرا إن كان لايملك شيئا من قبل ، أما من يملك الملايين فيريد أن يستحوذ على المليارات ، وكل ذلك يحدث خلال مدة وجيزة ، أو بين ليلة وضحاها كما يقولون ، وأمام أعيننا نحن الشعب المغلوب على أمره ، من خلال نهب الثروات والمناقصات ، بل وحتى بتنفيذ مهلهل رخيص ، هذا هو للأسف طموح غالبية أفراد السلطتين .
و لم يقف الامر عند هذا الحد وحسب ، ولكن انخرط بهذه الشبكة الفاسدة جهاز رقابي ، كان مناط به حماية الأموال العامة ، والذود عنها من خلال بعض قياداته ، التي أغراها المال الحرام ، واسترخصت أمانة وطنها .
أصبح اليوم معظم الساسة ،وبعض من قيادات المؤسسات الرقابية – للأسف الشديد - لا يخجلون من ممارسة كل أنواع الكذب والتضليل وتزوير الحقائق من أجل استمرار الفساد ، والتفاوض والتكسب بقضاياه ، من دون أن يضعوا مخافة الله سبحانه وتعالى نصب أعينهم . ومن لا يخاف الله ، حتما لا يخاف الناس .
طوارئ 2007 المحملة بتلك المولدات ' السكراب ' التى تم فرضها على الدولة ، وبمبلغ يناهز 409 مليون دينار ، مثال صارخ على مدى فساد السلطتيين وكافة أجهزتهم حيث لم يحدث فى تاريخ الدولة ومنذ تأسيسها حتى عام 2007 ، أن يتم شراء أصول مستعملة ، وتوصف فنيا بأنها ' خردة و سكراب ' ، لتوريدها ودمجها مع منظومة محطات كهرباء رئيسية ، معرضة الشبكة والنظام الرئيسي بانتاج الكهرباء وشبكات النقل والتوزيع بالدولة للخطر الكبير ، وإن دل هذا على شئ فيدل على مدى إستخفاف قوى الفساد بوعينا كشعب ، حيث تعتقد زمرة الفساد تلك ، أننا شعب لايدرك ولايعي ولايرصد تلك التجاوزات . حتى أن أمر صرف مبلغ 409 مليون كميزانية ل ' السكراب ' لم يصدر بمرسوم بحسب ما يتطلبه الدستور !! . إذا كيف وصلوا الى خزائن الدولة ؟ ومن أجاز لهم ذلك ؟ والسؤال الأخطر هو : هل هذه هى المرة الوحيدة ؟!.
لكن الصورة لم تكن قاتمة تماما ، فلم يرض شرفاء من هذا الوطن ، السكوت عن هذه الجريمة التي وقعت في وضح النهار ، فقفز مواطنين بسطاء بوجه تلك القوى الفاسدة ، ومن خلال اجتهادات منفردة ، ومن خلال جهود شتى ، بعضها كان من داخل الديوان ، وبعضها الآخر من خارجه ، وكان من تلك الجهود تقديم بلاغات إلى النائب العام تتعلق بلملفات التجاوزات الخطيرة في فرض ' السكراب ' ، وربما كان أهمها البلاغ الذى قدمه المواطن الشريف المدقق بديوان المحاسبة إحسان عبدالله ، وها هو اليوم يجلد ويجمّد ويقصى ، والكل يتفرج عليه من دون تحريك ساكن ، ولم لا يحدث ذلك ، وقد سبق أن تم عزل السيد عبد العزيز اليحيى الوكيل المساعد للرقابة على الوزارات والادارات الحكومية ، لمجرد كونه كتب تقرير ميدانيا يشرح فيه حال التجاوزات والمخالفات التى تمت فى عقود تلك المولدات ' السكراب ' ، وطلب إحالة الأمر للنيابة العامة . فما كان من رموز الفساد إلا أن تكالبوا عليه ، وأقصوه من الديوان ، لأنه ببساطة كان موظفا شريفا كتب فضائحهم بالمولدات والاعلانات والمدفع السكراب بلادين وغيرها الكثير والكثير من التجاوزات !!
عناوين الفساد كثيرة في البلد ، وتدل – للأسف الشديد _ على وجود برلمان صوري هزيل ، ونواب معظمهم متعاون ضد إرادة الشعب وممثلين عليه لا عنه .
أما حكومتنا فالحديث عنها يطول في مجال التغاضي عن السرقات ، وغض البصر عن السارقين ، والشواهد لديكم ولدينا كثيرة ، عن مدى التردي في كل مناحي الدولة ، وغياب رؤيا بناء دولة المؤسسات وتنميتها للديمومة والبقاء ، وكأننا نتعمد انتهاج منهج الدولة المؤقتة التى ستزول .
نحن اليوم أمام فرصة تاريخية ، نثبت فيها لأنفسنا قبل الآخرين ، أننا جادون كل الجد ، في اتخاذ خطوات خطوات جادة وصارمة في مواجهة هذا الملف الفضيحة ، ملف سكراب طواريء كهرباء 2007 ، نريد شفافية في التعامل مع هذه السرقة العلنية ، نريد تعاونا مع النيابة العامة في تقديم البيانات والوثائق لاإخفائها ، نريد ايقاف المتهمين في القضية عن العمل حتى يقول القضاء كلمته فيهم ، وخاصة مسؤولي ديوان المحاسبة ، فهؤلاء تحديدا يجب أن تغل أيديهم ، حتى لانعطيهم فرصة استغلال نفوذهم في تغييب بعض الحقائق أو إخفاء المستندات ، أو حتى تخويف وإرهاب الموظفين الذين يعملون تحت إمرتهم .
ان الامور اليوم تغيرت ، ومن هذا المنطلق ننبه أصحاب القرار ونحذرهم ، بأن المحاولات المستميتة لسرقة البلد ونهبها وتصفيتها من جانب قوى الفساد ، ستجر على الكويت المصائب والكوارث وبالتالي الضياع ، وأن غياب الرمزية الصالحة ، وتغييب رجالات الدولة الحقيقيين عن المواقع التي يستحقونها ، واسناد تلك المواقع للحرامية والنصابين ، ستكون عواقبه وخيمة ، وستكون معول هدم لكل تنمية نطمح لتحقيقها .
حتياطي الأجيال لا يغطي سوى 4.1 سنوات إنفاق فقط غريبٌ شعور الحكومة بالارتياح تجاه المالية العامة للدولة!
لا بد من مسؤول بالأصالة عن خطة التنمية بدل الفهد
تناول تقرير الشال الأسبوعي الحالة المالية للدولة، وقال في هذا الإطار: كشفت معلومات صحفية، تسربت من جلسة سرية لمجلس الأمة، الأسبوع قبل الفائت، ويفترض أنها تغطي السنة المالية2011/2010، أي كما في نهاية مارس 2011، عما يسمى بملخص الوضع المالي للدولة، ونُسب لمجلس الوزراء ارتياحه لذلك الوضع. وتشير الأرقام، في الملخص المسرّب، إلى أن صافي الموجودات المالية للدولة بلغ نحو 81.2 مليار دينار، بعد طرح نحو 21.6 مليار دينار، تمثل الالتزامات على الدولة.
ويخص احتياطي الأجيال القادمة، منها، نحو 69 مليار دينار، أي نحو 250 مليار دولار، وهو ما يمثل صلب الاهتمام، لأن الاحتياطي العام - في معظمه - يتكون من رأسمال مؤسسات أو استثمارات محلية، مثل الخطوط الجوية الكويتية وبنك التسليف والادخار والاستثمارات في سوق الأسهم المحلية وغيرها.
توزيع الاستثمارات
والأرقام – كما درجت العادة - تعرض في جلسة سرية وعلى نحو إجمالي، أي اننا لا نعرف توزيع تلك الاستثمارات طبقاً لنوع الاستثمار، أي إن كانت استثمارات مباشرة أو غير مباشرة، ولا طبقاً للقطاعات، ولا طبقاً للتوزيع الجغرافي - بينما نعرفها بالتفصيل وباليوم، بالنسبة إلى الصندوق السيادي النرويجي - ولكننا نعرف، ولا نؤكد، أنها زادت بنحو 5.4 مليارات دينار عما كانت عليه خلال السنة المالية السابقة، أي انها حققت نمواً بما نسبته %7.1، دون أن نعرف ما إذا كان ذلك هو العائد على الاستثمار، فقط، أم انه ناتج عن تحويل فائض الموازنـة العامة إلى الاحتياطي، في حين أن معرفة كل ذلك متاحة بالنسبة إلى الصندوق السيادي النرويجي. وهنا، لا بد أن نعيد التأكيد أننا لا نرى سبباً لعدم نشر التفاصيل، فالمعرفة حق لكل الناس، والسياسة العامة للاستثمار تحتاج إلى نقدها، إيجابياً وسلبياً، حتى يتم إصلاحها وتطويرها. كما إننا لسنا مع شعور مجلس الوزراء بالارتياح حول الوضع المالي للدولة - إن كان هذا شعوره - فمجلس الوزراء لم يذكر مبررات ذلك الشعور، ولكن يمكن أن نتوقع أنه أتى من ذلك النمو الموجب في احتياطي الأجيال القادمة البالغ %7.1.
قياس مفصل
إلا أن القياس بالزيادة المطلقة، وفي سوق رائج للنفط، لا يفترض أن يستخدم كتبرير لإصدار موقف إيجابي ومرتاح من قبل مؤسسة مثل مجلس الوزراء الكويتي. إذ يفترض، أولاً، أن يبني حكم الارتياح على مراجعة التطور في سياسات الاستثمار ومستوى الحوكمة وإعادة توزيع الاستثمارات، بما أدى إلى نموها في حقبة ما بعد أزمة العالم المالية. ويفترض، ثانياً، أن يقاس حجم الاحتياطيات بقدرتها على تغطية النفقات العامة، فعلى سبيل المثال، بلغ احتياطي الأجيال القادمة 213 مليار دولار، وبلغت النفقات العامة 10.3 مليارات دينار، أي 37 مليار دولار، مما يعني أن الاحتياطي كان يغطي نفقات 5.76 سنوات من الإنفاق العام، بينما بلغ حجم ذلك الاحتياطي، في عام 2011، نحو 250 مليار دولار اميركي، في حين بلغت النفقات العامة نحو 17 مليار دينار، أي نحو 61 مليار دولار، مما يعني أن الاحتياطي يغطي 4.1 سنوات إنفاقا، فقط، وأن تطور الحالة المالية للدولة غير مريح.
ولأننا لا نعرف تفاصيل مكونات الزيادة في الرقم المطلق، حتى، فإننا لا نستطيع دعم موقف مجلس الوزراء، فإن كانت معظم الزيادة قد أتت من مجرد تحويل فائض الإيرادات النفطية فالصحيح أن الوضع المالي غير مريح. وفي القياس المقارن، بدأت النرويج صندوقها التقاعدي – احتياطي الأجيال - بعد نحو 40 سنة من انطلاقة الصندوق الكويتي، وبلغ ذلك الصندوق، في تحديث لأرقامه إلى الأعلى، في 2010/12/31، نحو 525 مليار دولار، وكما هو واضح، فإن المقارنة لا تجيز لأحد ذلك الشعور بالارتياح.
مشروع تنمية حقيقي المخرج الوحيد لتجنب كارثة الكويت بحاجة إلى خلق 100 فرصة عمل مع كل طلعة شمسفي موضوع استقالة الشيخ أحمد الفهد من الحكومة، قال الشال: لسنا بصدد إعلان موقف من استقالة نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ففي زمن الاحتقان السياسي، نحاول عدم التدخل بالتعليق حتى لا يُجرح حياد تقريرنا، ولكننا بصدد النظر إلى الاستقالة من زاوية استقرار الإدارة العامة وفرص نجاح تنفيذ خطة التنمية. وفي التعليق على الإدارة العامة، كانت الاستقالة خلاصة ما ذكرناه، في كل تقاريرنا، والمتمثلة بأن الإدارة التي تشكل على أساس مكافأة الأشخاص بالمناصب ــــ وليس مكافأة البلد بقدراتهم ـــــ لا يمكن إلا أن تنتهي بالفشل، ومعه كل أنواع الصراعات من داخلها ومع الخارج، ونحن نقصد هنا التشكيل الحكومي.
وأثبتت الاستقالة أن ما يبنى على باطل فهو، حتماً، باطل، فمنذ عام 1981، عندما تم تفتيت الدوائر الانتخابية لم تعد هناك محرمات، فالسيطرة على مخرجات الانتخابات النيابية، لا تدخر جهداً أو وسيلة في تفتيت الدولة إلى عصبياتها الصغيرة، ولا تتحرج من شراء ذمم بعض النواب، بخرق القانون ومباشرةً بالمال، فالموالاة للأكثر قدرة وكرماً، ومن هو برسم البيع لا بد أن ينشد أعلى الأسعار، لأن الخلاف ليس على المبدأ، كما في حكاية الفيلسوف البريطاني الساخر برنارد شو، وإنما على السعر. ذلك يعني أن أزمة كبيرة طالت جناحي الإدارة العليا، أي السلطتين التنفيذية والتشريعية، ومن غير المقدر لأي خطة تنموية أن تقلع نحو أهدافها من دون جناحين.
شراء الود
وتحول الإدارة العامة، بجناحيها، إلى شراء الود السياسي، عن طريق تعميق الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، لا يترك هامشاً كبيراً ومؤثراً يجعلنا نشعر بتغيير ملحوظ ناتج عن استقالة المسؤول المباشر عن الخطة أو تعيين أحد مكانه. وصحيح أن الاهتمام بالخطة ونفاذها سيكون أكبر بوجود مسؤول متفرغ لها، ولكن، حتى تعيين مسؤول بالوكالة، لا يعني أنه سيستمر، إذ لا بد، لاحقاً، أن يأتي مسؤول، بالأصالة.
لقد كتبنا، في تقريرنا، مراراً، أن أهداف الخطة في اتجاه، والسياسات على أرض الواقع في الاتجاه المعاكس، وأصبح الأمل هو مجرد إبطاء السير في الاتجاه الخطأ، ويبدو أن تلك هي حدود التأثير، أما حالياً، فقد يتحقق مزيد من التسارع في الاتجاه المعاكس نتيجة الاستقالة. ومصدر هذا التسارع سيكون تعدد جبهات المعارضة للحكومة، فمن المؤكد أن استقالة نائب رئيس الحكومة ـــ ونتيجة خلاف ضمن الحكومة ـــ سيفتح جبهة معارضة أخرى، بما يدفع الحكومة إلى الإمعان في مسار شراء الولاءات. ولعل أول الغيث هو تلك الموافقة السريعة على تمرير زيادة الخمسين دينارا، وبأثر رجعي منذ عام 2008، رغم قرار سابق للحكومة بضبط النفقات، امتدحناه في فقرة أخرى من هذا التقرير.
لقد تجنبت الكويت عنف «الربيع العربي»، والسبب الرئيس كان في قرار استراتيجي حكيم، اتخذته في بداية ستينات القرن الفائت، بالتحول من «مشروع حكم» إلى «مشروع دولة». وفي السنوات العشر الأخيرة، تبنت الكويت مساراً معاكساً وفي غاية الخطورة، سيفقدها، تماماً، القدرة على توفير فرص عمل لصغارها، فقد زادت نفقاتها العامة نحو 5 أضعاف، في 11 سنة، بما يستنزف كل قدرة لها على الاستمرار في الإنفاق، ويقتل تنافسية اقتصادها، ومعهما لا يمكن تجنب مرحلة العنف في المستقبل.
ويذكر صندوق النقد الدولي، في تقرير قدمه إلى الثمانية الكبار G8 في اجتماع لهم في فرنسا بتاريخ2011/5/27 ـــ 26، أن عنوان الربيع العربي سياسي، ولكن سببه البطالة، وعلى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلق بين 50 و75 مليون فرصة عمل، في 10 سنوات، أي 20 ألف فرصة عمل، كل مطلع شمس، ونصيب الكويت منها نحو 350 ألف فرصة عمل، أي نحو 100 فرصة عمل حقيقية، كل يوم، ومشروع تنمية حقيقي هو فقط، مخرجنا لتجنب كارثة.
قضايا تثير التفاؤل في السلطات الثلاث
ألقى الشال الضوء على 3 قضايا مضيئة أخيرا في السلطات الثلاث، وقال حول السلطة التنفيذية: رغم أننا لم نعتد التفاؤل بأداء السلطة التنفيذية فإن من واجبنا الحياد، فكما نذكر ما عليها لا بد من ذكر ما لها، أيضاً. الأسبوع قبل الفائت، أصدرت الحكومة إعلان نوايا -تظل نوايا- لضبط السياسة المالية، فبعد اجتماع لمجلس الوزراء، صدر تصريح عنها يؤكد قلقها من انتفاخ رقم النفقات العامة -وهو أمر يستدعي ما هو أكثر من القلق- وأعلنت عزمها على خفض تلك النفقات، وإن لم تذكر آليتها لتحقيق ذلك الخفض، وأعلنت، أيضاً، عن نيتها تحصيل مستحقاتها من المواطنين، مثل فواتير الخدمات الباهظة التكاليف. والواقع أن دعم الكهرباء والماء بلغ مرحلة غير محتملة، فهو ليس استنزافاً من جانب المصروفات، فقط، ولكنه، بمرور الزمن، سوف يستهلك من الوقود ما يستنزف قدرة البلد على تصدير النفط ومنتجاته، ولهذا فإن إجزال الشكر إلى السلطة التنفيذية سوف يتضاعف لو وضعت آلية لتنفيذ نواياها، ولو نشرت، بين الحين والآخر، مستوى التنفيذ ضمن تلك الآلية، أي نسبة ضغطها لمصروفاتها ونسبة تحصيل مستحقاتها.
السلطة التشريعية
في اجتهاد غير موفق، وافقت اللجنة التشريعية في مجلس الأمة على زيادة رواتب النواب للدورة القادمة بنحو %150 رغم عدم توفر أي مقياس للمقارنة فيما إذا كان ذلك عادلاً أو غير عادل. وقد أوردنا، في فقرة سابقة، أننا لا نوافق على المبدأ في الظروف السائدة، فما يحدث في البلد أمر في غاية الخطورة على استقرارها وعلى حياة صغارها، إذ بلغت عملية استنزاف مواردها حدودها القصوى، وأصبح من الصعب جداً، نهوضها للمنافسة في أي إنتاج سلعي أو خدمي، وزيادة رواتب النواب سوف تفتح «باب جهنم»، من جديد، على المالية العامة، والشكر مستحق للجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة، التي رفضت الزيادة من حيث المبدأ وبإجماع الحاضرين، فنحن نحتاج إلى بعض الأمل بأن القدوة مازالت موجودة.
السلطة القضائية
السلطة القضائية هي الملاذ الأخير والحصن الذي يحفظ أساسات الدولة، وما يحدث في مصر، حالياً، مفخرة، لأن كل فساد النظام السابق، لم يستطع إفساد ثالث السلطات، وهي تساهم، حالياً، بوضع أساسات الدولة الحديثة. وتم في الكويت، في الفترة الأخيرة، تداول احتمال استقالة ركن فاضل من أركان السلطة القضائية، ولكن الأسبوع قبل الفائت حمل خبراً طيباً، إذ ان الخلاف كان إصلاحياً، والتعيينات العليا الأخيرة صاحبها حديث حقيقي عن إعادة استكمال بنية السلطة القضائية وملء شواغرها، وباكتمال بنائها تبدأ، من داخلها، عملية مراقبة ومراجعة أدائها، وهي تحتاج إلى تلك المراجعة والمراقبة. ونأمل أن تحصل السلطة القضائية على كامل استقلالها، وأن تكون قاسية في مراجعة أدائها، فليس هناك أهم وأجمل من سلامتها، ولا أخطر من شك – ولو كان بسيطاً - في الثقة بها.
مخاطر
1- استنزاف موارد الدولة وصل حدوده القصوى.
2-دعم الكهرباء والماء بلغ مرحلة غير محتملة.
3- زيادة رواتب النواب قد تفتح «باب جهنم» على المالية العامة.
مقدمة لا بد منها:
رياح التغيير التي تعصف في منطقتنا العربية، هي ـــ بالدرجة الاولى ـــ ثورة ضد النظام العالمي، كما عرفته البشرية في تاريخها الطويل المليء بالحروب العبثية والمأساوية التي ادت الى هلاك الملايين، وتدمير المدن، لا بل الدول، بسبب الجشع والتسلط وفرض سياسات وعقائد متعصبة معادية لحرية الانسان وكرامته، تريد ان تفرض مفاهيم بالية على الآخرين بقساوة متوحشة، لا توفر طفلا، او امرأة، أو معوقاً، تهدر الاموال الطائلة لدمار البشرية بدل ان تصرف لاسعادها وحمايتها من الفقر والمرض والحاجة، حتى رسالات الانبياء شوهت فدُمرت دور العبادة، وازهقت ارواح الابرياء في المساجد والاسواق، ولم تستثن ساحات اللعب للطفولة البريئة، باسم هذه الاديان التي دعت الى المحبة والاخوة والتراحم.
بعد كل هذه المآسي جاء الشباب العالمي برسالته الانسانية الرافضة لكل هذا التدمير، ليكتب تاريخا جديدا للبشرية يلغي كل هذا الهوس الجنوني من حكومات ومنظري هذه الحقبة السوداء من تاريخ البشرية.
نحن نشاهد الآن البدء في بناء مجتمع انساني جديد يرفض نمط معيشتنا البائس، ومع ان بذور هذه الفلسفة الجديدة بدأت عام 1945، اي بعد الحرب العالمية الثانية، وبسببها، عندما اطلق J.D.SALINGER صرخته في كتابه التاريخي THE CATCHER IN THE RYE ثائرا على الوضع القائم ـــ آنذاك ـــ عندما قتل معظم اصدقائه في نزول قوات التحالف على شواطئ النورماندي لتحرير اوروبا من الاحتلال النازي، واكتشف أن سبب هذه الحرب هو محاولة من دول المحور (المانيا وايطاليا واليابان) للحصول على مستعمرات في آسيا وافريقيا واميركا، اسوة بالاخرين الذين نهبوا ثروات هذه الدول لمصلحة الطبقة الحاكمة، فلماذا يُطلَب منه ان يذهب الى الموت في حرب لا مصلحة له فيها؟ فاعتزل العالم معلناً يأسه في اصلاح المجتمع، الا ان صرخته هذه كانت الشرارة الاولى التي اضاءت الطريق امام الشباب الذي تصدى لهذه المهمة، وخاض معارك مهمة نجح في بعضها، واخفق احياناً، الا انه لم ييأس حتى تبلور هذا التيار الشبابي ووضع تفاصيل اهدافه وسياساته في كل المجالات، وابتكر اسلوبه السلمي في إحداث التغيير.
وعلينا ان نسجل امتناننا الى الشباب الاميركي الملقب بــ «جيلنا نحن» GENERATION WE الذي ألهم شباب العالم بإنجازاته وزوده بخبراته الكثيرة لخوض المعارك السلمية المطالبة بالتغيير CHANGE في كل المجالات.
***
وعلينا ان نفتخر بأن الشباب العربي، شباب الربيع العالمي، وبشهادة العالم اجمع، قد احتل الموقع القيادي لهذه الحركة العالمية، بما اضافه اليها من جرأة غير مسبوقة وتضحيات لا حدود لها، هزت ضمائر كل المخلصين في العالم. وها هي تقود التحركات الشبابية في دول لا يخطر على البال أن التغيير ممكن ان يصلها، كالصين والهند ودول اوروبية كاليونان واسبانيا.
وشبابنا في الكويت ليسوا غريبين عما يجري في العالم، خصوصا ان السلاح السري لهذا التحرك العالمي هو ما وفرته الثورة المعلوماتية من انترنت وفيسبوك وتويتر.. الخ، التي جعلت التواصل بين الشباب العالمي سهلاً.
فالشباب العالمي أصبح يعيش في قرية واحدة ذات مشاكل واحدة وحل واحد، وهكذا سقطت التقسيمات الجغرافية والسياسية والثقافية وكل الايديولوجيات الممزقة للعالم.
تصوروا كيف يمكن أن يكون العالم عليه لو أن الأموال التي تصرف على الجيوش خصصت للبحث العلمي لحل مشاكل العالم وليس لتدميره؟!
لكن الطرق إلى التغيير يحكمها الأخذ بالاعتبار الظروف الموضوعية في كل بلد، فهذه الظروف قد تكون مهيأة في بلد، لكنها معقدة في بلد آخر.
***
فعلى شبابنا في الكويت أن يدركوا خصوصية الكويت وهي - باعتقادي - مميزة عما هو حولنا، لأن طريق الإصلاح ممكن أن يتم بسلاسة غير متوافرة لغيرنا، لكن - أيضاً - يجب أن ندرك أن الكويت تحكمها الجغرافيا، فهي بلد صغير في قلب محيط أكبر منها، تعصف بها تناقضات مهمة لا يمكن تفاديها قبل أن تتم عملية الإصلاح في هذه الدول، وهي إيران والعراق والسعودية، وتجنب الدخول في هذا الصراع المدمر لكل الأطراف. ومع الأسف الشديد، لن يكون لنا دور مؤثر في هذا، لأننا الطرف الاضعف، والذين يحاولون أن يجروا الكويت إلى هذا الصراع إنما هم يريدون إنهاء وجود الكويت عن قصد أو قلة إدراك لخطورة ما يجري، وبعضه تحت الطاولة لا يعرف عنه أحد غير أطرافه.
ولكن هذا ليس معناه ان أوضاعنا ممتازة وليست بحاجة إلى تحرك، هذا ما لا أقوله.
***
فالكويت تمر الآن بأسوأ حالة عرفها تاريخها - باستثناء فترة الاحتلال - فالفساد الموجود في جميع دوائر الحكومة وشركاتها امتد ليصل إلى معظم القطاعات في البلد، وأعني الفساد بكل معانيه، سواء كان مالياً أو اداريا او اخلاقياً. واصبح البلد ملكا لمن يملك المال والسلطة، وأصبح المواطن العادي المحروم من حماية الدولة ورعايتها - التي انهارت قانونا - بحاجة إلى أن يلجأ إلى عائلته أو قبيلته أو طائفته ليحمي نفسه أو يحصل على حقه. وقد تعمق هذا المأزق بتحالف اقطاب في النظام مع الأحزاب الدينية الانتهازية، لإنهاء الحياة الدستورية الديموقراطية في معاداة الطرفين لدستور عام 1962. وتم تهميش التيار الوطني بالاجراءات التي اتخذها النظام المعادي للدستور والمتحالف مع الاحزاب الدينية، وكذلك بعجز التيار الوطني عن تجديد نفسه.
في هذا الجو، اصبحت القيادة للموالين والفاسدين، وتم ابعاد العناصر الكفؤة النظيفة، وأصبح الولاء للأشخاص لا للوطن هو المقياس الوحيد لتولي المناصب القيادية، مما أوصلنا إلى الحضيض الذي نعيش فيه الآن، وأصبحنا نحتل المراكز الاخيرة في كل المجالات في مجتمعنا الخليجي بعد أن كنا رواده.
هذا الوضع اوجد حالة غريبة، خسر فيها مجلس الوزراء مهمته الرئيسية في ادارة البلد، وخسر مجلس الأمة دوره في الرقابة والتشريع، وأصبحت مهمة النائب تلبية مطالب ناخبيه سواء كانت مستحقة أو لا، وحتى يستطيع ان يقوم بذلك عليه أن يكون طيّعاً لمن هم في الحكم ان كانوا نوابا أقوياء أو يبتزون من هم ضعفاء بالتهديد بالمحاسبة، والاستجواب الذي أصبح في معظمه ابتزازاً واضحاً.
***
الشباب في حراكه الساعي نحو التغيير كغيره من الشباب العربي والعالمي، ليس أمام طريق مسدود لأن الكويت - رغم كل هذه العيوب - تملك ما أسميه منصة ممتازة للانطلاق لإحداث التغيير، هذه المنصة المهمة هي دستور 62 والحرية النسبية في التعبير، فالأمل ان تتحد الحركة الشبابية أولاً، ويكون هدفها المهم الانطلاقة للتبشير في كل مناطق الكويت لاختيار ممثليهم المؤهلين لانتشال البلد من المستنقع الذي وقع فيه، لأن الشباب لا يستطيعون ان يأتوا بالوزارة التي تحقق طموحاتهم، فدستورنا لا يعطيهم هذه السلطة، بيد أنهم قادرون على التحكم في المجلس عبر صندوق الاقتراع، وإذا صح بالمجلس، ففي التبعية يضطر المسؤولون الى تشكيل حكومة تلبي طموحاتهم وتتجنب محاسبتهم العسيرة، لانهم عندها هم الذين يتحكمون في تشكيل الحكومة، لأن الدستور - حيث تنص المادة السادسة منه على أن الأمة هي مصدر كل السلطات - يعطيهم الصلاحية باطاحة أي حكومة لا ترضيهم، وهكذا نحقق ما نريده من اصلاح أو فرض منهج جديد.
فما نشاهده من تحرك حتى الآن من دون رؤية واضحة لما هو مطلوب، يتيح الفرصة لعناصر معينة أن تجير هذه التحركات لخدمة مصالحها، اما بركوب هذه الموجة واما بخلق توتر ينهي مسيرتنا ويؤدي الى قبر دستور 1962 لانها ترفضه.
ولا ننسى أن هناك عناصر مهمة في الأجهزة الأمنية معادية للحريات والدستور، تريد ان تؤجج الوضع فتتعامل مع هذه التحركات بشكل ابتزازي وبافتعال العراك والصدام.
والحقيقة، فان الذي لا يعرف حقيقة الأوضاع في الكويت ويشاهد هذه التجمعات والتواجد الكثيف للقوات الأمنية على اختلاف اشكالها، يتصور ان أوضاعنا مشابهة لما هو موجود في ليبيا أو اليمن أو سوريا، ولعل هذه المناظر المسيئة للكويت وشعبها نبهت البعض للتحرك.
***
انه لمن السذاجة بمكان ان يعتقد أي شخص أن تغيير رئيس الحكومة هو الحل لما نعانيه، أو يعتقد أن استجواب بعض الوزراء سيأتي بالاصلاح، فما نعانيه نحن هو نهج بدأ منذ عام 1965 في تخريب منظم لنهجنا الدستوري الديموقراطي، لكن وقف هذا التخريب ممكن ان يتم من خلال الأدوات الدستورية المتاحة، فمن الجائز أن تصبح الكويت - لا سمح الله - مثل غيرها من الدول العربية، التي تعاني من المخاض العسير والمؤلم إذا ألغي الدستور، وحتى لا نقع في هذا الوضع الذي لا يريده أي محب للكويت، علينا ان نسلك طريقنا الخاص والمميز وقليل التكلفة لتحقيق الاصلاح الشامل الذي يطمح اليه شبابنا وشباب العالم.
كفانا مكابرة.. فقد آن الأوان لكي نعترف بأننا نعيش، ومنذ سنوات، أزمة طاحنة لم نعرف لها بعد حلاً مقنعاً، أو مخرجا ممكنا، فبتنا في طريق مسدود، نهرب إلى الأمام فنصطدم بالواقع المرير، ونهرول إلى الوراء، فتزداد الأزمة عمقا.
ونعيش في الوقت نفسه ايضا، ازمة مالية – اقتصادية لا تقل خطورة عن الاولى، وقد اخذت تتداخل بها وتتطابق معها، بما يهدد حاضرنا ومستقبلنا بعواقب وخيمة، خصوصا في ظل انعدام الحلول، أو اعتماد تلك المجتزأة فتتزايد الكلفة مع الحلول المتأخرة او التي لا تأتي ابداً.
إنها أزمة متشعبة ومستشرية على كل المستويات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية، وهي ناتجة عن غياب المشروع السياسي والرؤية الاقتصادية لإعادة تجديد المشروع الكويتي النهضوي، وأي محاولة لاختصار الأزمة بمستوى واحد، مثل القول إن المشكلة في مجلس الأمة أو الحكومة أو الحكم، كل على حدة، هي محاولة للتمويه على الأسباب الحقيقية للمأزق الوطني الذي نعيشه، ومحاولة لتطويل عمر الأزمة الوطنية التي نتخبط فيها.
هناك من يطرح الحل الدستوري لمجلس الامة مخرجاً للازمة الراهنة، ولكنه يتناسى ان انتخابات جديدة قد تعيد - والارجح كذلك – الوجوه نفسها، لكي ندور معها حول أنفسنا ونعيش الازمة اياها، بما يؤكد اننا كلنا شركاء في الدفع نحو الازمة وإعادة انتاجها بالانتخاب، وليس الحكم والحكومة وحدهما.
وهناك من يروج للحل غير الدستوري، باعتباره حلا عجائبياً للازمة، اي انه يقترح علينا ان ندور في المجهول، مع كل الاحتمالات غير السارة، بدل أن ندور حول انفسنا، كما نفعل اليوم.
المعادلة واضحة، الحل الدستوري يجعلنا نعود الى حلقة مفرغة ومغلقة، والحل غير الدستوري يجعلنا ندور في المجهول، ولم تكن الامور لتصل الى هذا الانحدار لولا تعسف نيابي وسوء اختيار شعبي يقابلهما سوء نية تجاه النظام الديموقراطي في بعض أوساط الأسرة.
فمسؤولية الازمة رباعية، ناخبين ونواباً وحكومة وحكما، ولا ننسى طبعاً عقم القوى السياسية، وعجزها عن بلورة مشروع إنقاذ وطني. وهي بالتالي مسؤولية جماعية عن المأزق، باتت تتطلب علاجا مختلفا يحافظ على الدستور بما يتضمنه من حقوق وواجبات، وعلى العملية الديموقراطية بإعادة تفعيل مؤسساتها وتنزيهها عن الشوائب، وبالتالي كلنا مسؤولون عن التفتيش عن مخرج للمأزق الراهن؟
لقد سبق أن طرحنا في «القبس» فكرة قيام الحكم بمبادرة جوهرها رؤية تشخص الداء لكي يتنادى الجميع لتحديد الدواء.
ولكي نكون اكثر تحديداً هذه المرة، لماذا لا نلتقي في اطار مؤتمر وطني للحوار لكي نطرح الحلول للأزمة الراهنة، خصوصا ان هناك إجماعا على عناوينها واحساساً بوطأتها وتلمساً لحلولها.
فالامر يستحق العناء لكي لا نزيد أزماتنا أزمة جديدة، بقرارات متسرعة من هنا وتقديرات خاطئة من هناك..
فلنضع كل القضايا على طاولة الحوار، من جوهر الازمة ومظاهرها ودور الحكم في العلاج حتى تركيبة الحكومة، ونوعية الوزراء إلى الاستجواب وظروفه وملابساته، مروراً بالاختناقات التي يعانيها النظام، مثل غياب البعد التنموي، وتوسيع نطاق التمثيل الشعبي وغياب المبادرة لدى السلطة وأسباب عدم تفعيل مواد الدستور، وما إذا كانت هناك مواد تستحق التعديل نحو مزيد من الديموقراطية والحريات.
وقد يسأل البعض: ومن هم أعضاء المؤتمر الوطني المقترح؟
طبعا، العضوية تشمل الأسرة والنواب المنتخبين، أي اعضاء مجلس الأمة الحالي، والحكومة، وجميع أطياف المجتمع الكويتي السياسية والمهنية والقطاعية. ولا يهم العدد ما دام الأمر لا يتعلق بتصويت بل بتوافق على الرؤى والحلول، لذلك تبدو آلية العمل اكثر أهمية، على ان يكون مآل كل نقاش الى لجنة من لجان مجلس الأمة لوضعه في صيغته القانونية النهائية. وحبذا لو بادر الحكم الى رعاية المؤتمر، لأنه، اي الحكم، موضع إجماع الكويتيين وتقديرهم واحترامهم.
ونؤكد أن المسائل التي نقترحها ليست نهائية بل مطروحة للنقاش، لأن الأساس هو الاتفاق على جدول عمل قابل للحياة على ان يعطى المؤتمر الوطني فترة محددة للنقاش – 3 أشهر مثلاً – يؤجل خلالها أي استجواب، ويكتفي الجميع بتصريف العاجل من الأمور، مادام مشروع محافظ البنك المركزي قد أخذ طريقه إلى التنفيذ، وما دامت الأزمة المالية هي البند الملح الوحيد الآن.
لنسلك طريقا ثالثة ونجرب، قبل ان نتخذ خطوة ونندم عليها لاحقا، خصوصا بعد تداخل الأزمتين السياسية والمالية، بحيث لا يستطيع احد القول انه قادر على اجتراح الحلول وحده.
انه جهد جماعي والتزام وطني عام. ففي عصر القلة المالية، ينبغي التعويض بالعمل المشترك والفزعة الجماعية من أجل بلدنا وأجيالنا.
تقرير الشال ننصح الحكومة والنواب بقراءة تقرير طوني بلير
طوني بلير
تناول تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي دور الانعقاد الثاني لمجلس الأمة وأولويات البلد، وقال: يبدأ الأسبوع الحالي دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة الكويتي، وتغيب أولويات البلد الحقيقية، ويغيب معها بُعد النظر وصناعة المستقبل، ويغلب عليها مبدأ الاقتسام، بدلاً من البناء، إذ يبلغ عدد مشروعات القوانين المقدمة من أعضاء المجلس، والتي تترتب عليها بنود إنفاق إضافية، أكثر قليلاً من ثلاثين مشروعاً، تبدأ بزيادة العلاوة الاجتماعية للعاملين ومنح غير العاملات من النساء رواتب، ومنح الطلبة زيادات في المكافأة، ولا تنتهي بمقترحات لشراء القروض الاستهلاكية والمقسطة. ولا يمكن بدقة حساب التكلفة الإجمالية لهذه المشروعات، وهي بمليارات الدنانير، ولكنها عملية تخريب كامل لتنافسية الاقتصاد ولإنتاجية وإنسانية الإنسان.
وفي بداية الصيف الفائت، قدم طوني بلير ملخصاً لدراسة حول مستقبل الكويت، بحلول عام 2030، وحدد الاختناقات المقبلة وربما القاتلة القادمة، وأحد أهمها السيطرة على نمو النفقات العامة، حتى إنه حدد زمناً لبداية ظهور هذه الاختناقات المالية يراوح ما بين خمس إلى ثماني سنوات. والدراسة ممولة من حكومة دولة الكويت، وغرضها، حتماً، ليس جمع المجلدات، وإنما فهم محتواها والتعامل المبكر مع نتائجها والحذر منها، ولكن غياب الحكومة فتح المجال، واسعاً، للتكسب السياسي على حساب مستقبل البلد ومصيره. والمشروعات الآنفة الذكر، التي يبدو أن البعض في الحكومة يسوّقها، تعني تماماً السير عكس الاتجاه الذي رسمته دراسة «بلير»، وتعني التعجيل بحدوث الاختناقات المذكورة.
ونحن ننصح بتحرك جاد وقوي لحماية البلد ومعظم ناسه ممن سوف يدفعون ثمن سياسة الاقتسام الحالية في عمالة أبنائهم وتعليمهم وصحتهم، ونقترح استصدار قانون يمنع طرح أي مشروع قانون يتطلب أي تكاليف مالية، بعد إقرار الموازنة العامة للدولة. ففي الدول الديموقراطية التي تعتمد في تمويل ماليتها العامة على مصادر ضريبية، هناك توازن تلقائي، فما يُعطى للبعض، لا بد أن يأتي من البعض الآخر، لذلك يصعب التكسب السياسي على حساب المالية العامة، وإصدار تشريع مانع في الكويت يشذب العمل الديموقراطي ويعزز مكانته. والواقع أن تحييد مشروعات التكسب السياسي على حساب المال العام، سوف يعني توفير الجهد والوقت لما هو نافع، وسوف يحسن نوعية تشكيلة الحكومة والمجلس، وحتماً سوف يساعد على تقوية عناصر مواجهة الفساد. ونعتقد أن الحكومة، وهي أكبر كتلة برلمانية، تستطيع أن تمرر مثل هذا التشريع، لو كانت راغبة، ولو عملت ككتلة واحدة مع نواب واعين في المجلس يشعرون بحرج سياسي من سيل مثل هذه المشروعات.
ونقترح بعدها أن يصرف كل من الحكومة والمجلس جهداً حقيقياً في قراءة وفهم دراسة «بلير» وقبلها كثيراً، وصياغة أولويات البلد الحقيقية والعمل على تنفيذها. فأكثر من نصف الشعب الكويتي من الصغار مسؤوليته في اعناقهم، وأضعاف هذا العدد لم يولدوا بعد ومصيرهم، بعد 60 سنة من عمر النفط، مازال مرتبطاً به، ولكنه لن يكون موجوداً عندما يرون الدنيا. ولا يزال في الوقت متسع، وفي الموارد ما يكفي، ومازال العيب الجوهري في الإدارة العامة، ولا يجب أن نعجز عن تغيير الإدارة، أو على الأقل العمل الجاد على تغيير نهجها.
لا تتأخروا في اتخاذ قرار التغيير الجوهري غضب ويأس وإحباط.. نحتاج إلى حكومة جديدة نظيفة
تناول تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي قضية الإدارة العامة وقال: لعل أهم عناصر النجاح في عصرنا الحالي هو الإدارة السليمة لعنصر الوقت، بمعنى أن القرار لا يكون مناسباً حتى لو كان صحيحاً، ما لم يتخذ في وقته المناسب، والكويت متأخرة، جداً، في اتخاذ قرارها المناسب بشأن تغيير جوهري، في تشكيل حكومتها، نهجاً وشخوصاً. لقد أصبحت الغالبية الساحقة من الناس، ليست غاضبة وحسب، وإنما بدأ اليأس يتسرب إلى القلوب من احتمال إصلاح الإدارة العامة، وهو ما أصبح معه التساؤل حول مصير البلد، ولو مجازاً، أمراً متكرراً. وكان معظم الناس، قديماً، يأملون في البناء والتفوق، ثم قبلوا بإصلاح الاعوجاج، وهم الآن يريدون الحفاظ على ما تبقى، بالحد من استشراء الفساد، أي الإصلاح بوقف التدهور السلبي.
ولم يتبق على دور الانعقاد الرابع - 25 أكتوبر 2011 - لمجلس الأمة سوى أقل من شهر واحد، وإذا ما انعقد، مع وجود الحكومة ذاتها، وفي ظل هذه الأجواء شديدة السخونة، فالاحتمال الطاغي هو حدوث معركة طاحنة تعطل مصالح البلد، في زمن أزمة مالية، تسود العالم، وأزمة سياسية، إقليمية، غير مسبوقة. ونعتقد أن الوقت المناسب لقرار تغيير الحكومة -نهجاً وشخوصاً- هو الأسابيع الثلاثة المقبلة، ونعتقد أن للقرار، في توقيته المناسب، مزايا جوهرية عديدة. أولاها اجتناب معركة غاضبة حتمية، قد تمتد إلى الشارع، وثانيها تغيير إيجابي، للمناخ القاتم وغير المسبوق، على مستوى الرأي العام، وثالثها أن التغيير مستحق، بسبب سوء الأداء، بغض النظر عن أولاً وثانياً، ورابعها هو وقف النزيف والهدر، الذي لا يمكن تعويضهما، من سيل المطالبات بالكوادر والتهديد بالإضرابات، وخامسها أن قيمة القرار -وهو حتماً قادم-، لو أتى متأخراً، ستكـون أقل، ومجرد رد فعل، وليس فعلاً إصلاحياً إرادياً، وقد يكون خاطئاً تماماً، إن حدث تحت الضغط.
ولا نميل إلى حل مجلس الأمة، بالتزامن، أولاً، لأن الحل المتكرر له استمرار لنهج ضعف الإيمان بالدستور والحياة الديموقراطية، وثانياً لأن نسبة كبيرة من أعضائه متهمون بالرشى، ولابد من محاسبتهم، وهم في مناصبهم، لأن المحاكمة الأهم هي المحاكمة السياسية. ونعتقد، ثالثاً، أن حكومة، جديدة ونظيفة، ستصلح المناخ العام وتوجه رسالة واضحة بأن الرشوة، بالخدمة أو الوظيفة أو المال، ليست طرقاً، للوصول إلى شرف تمثيل الأمة، وذلك يحتاج إلى بعض الحزم، من قبل الحكومة الجديدة، لينعكس إصلاحاً على الجناح الثاني للإدارة العامة، أي مجلس الأمة، وفي الأحوال كلها، يجب ألا يفتر الحماس في ملاحقة الراشي والمرتشي.
وانتشال البلد من ذلك الشعور العام بالإحباط يحتاج الالتفات، أيضاً، إلى ركن السلطة الثالث، أو السلطة القضائية، التي لابد من منحها استقلالاً كاملاً. ومن حق البلد عليها أن تقدم مشروعها للإصلاح والرقابة والتفتيش، ضمن آلياتها المستقلة، وليس في مصلحتها أو مصلحة البلد أن يطال حيادها ونزاهتها حتى مجرد همس.
والناس، كما يقال، على دين ملوكهم، والملوك، في الدول الديموقراطية، هم السلطات الثلاث الحاكمة، وطغيان سلطات الحكومة أو السلطة التنفيذية، في الكويت، يبرر البدء بمحاسبتها والقسوة عليها، ولكن الإصلاح، وإن بدأ من الرأس، لابد من تكملته بالالتفات إلى بقية الأعضاء، حتى يصلح سائر الناس، ومن دون إصلاح الإدارة العامة، لا تنمية ولا تقدم.
الحراك الحالي لن يحدث تغييرا في الحياة السياسية، برأى أحمد الديين مالم تكن هناك أجندة واضحة للإصلاح الديمقراطي تصغير الخط الخط الاساسي تكبير الخط
2/10/2011 عالم اليوم 12:52:50 AM
عالم اليوم
إعادة إنتاج الوضع البائس!
كتب أحمد الديين
على الرغم من أهمية الحراك السياسي الذي تشهده الكويت، وأيًّا كان السيناريو الذي ستتجه نحوه الأحداث الجارية، فإنّه في ظل غياب أجندة واضحة للإصلاح الديمقراطي، يتم التوافق على السعي لتحقيقها، لا يمكن تصوّر أن يؤدي هذا الحراك إلى إحداث تغيير ذي معنى في الحياة السياسية، حتى وإن تمت إطاحة رئيس مجلس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة برئيس جديد، أو جرى التعجيل في حلّ مجلس الأمة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تطوي صفحة المجلس والحكومة غير المأسوف عليهما!
وذلك يعود إلى أكثر من سبب، أبرزها أنّ تغيير شخص رئيس مجلس الوزراء، مع أهمية وضرورة هذا التغيير، لن يؤدي إلى تغيير جدّيّ في النهج السلطوي، فهذا النهج ليس مرتبطا بشخص، وإنما مرتبط بأوضاع قائمة؛ وبموازين قوى مختلة؛ وبمراكز نفوذ متمكنة؛ وبعقلية سائدة يصعب أن تتقبّل التخلي عن الإنفراد بالقرار... وبالتالي فإنّ أقصى ما سيحدث هو استبدال شخص بشخص، فيما هذه الأوضاع وموازين القوى ومراكز النفوذ وطريقة اتخاذ القرار ستبقى على ما هي عليه، وبذلك فإنّ رئيس مجلس الوزراء الجديد لن يختلف كثيرا عن الحالي، أو لنقل سيمارس دوره في ظل استمرار الأوضاع البائسة ذاتها التي قادتنا إلى ما نحن فيه من سوء إدارة وإفساد وفساد... وبالطبع سترتفع الأصوات الداعية إلى منح هذا الرئيس الجديد فرصة من الوقت، وستتكرر الأوهام حول “الرئيس الإصلاحي”!
أما في حال حلّ مجلس الأمة الحالي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، فإنّ أقصى ما يمكن أن يتحقق هو اعتزال بعض النواب الحاليين الذين افتضح أمر تورّطهم في الإيداعات المليونية وعدم ترشحهم مجددا، أو ربما سقوط بعض مَنْ سيقرر ترشيح نفسه في الانتخابات عقابا وفاقا على فساده... أما الانتخابات المقبلة فلن تختلف كثيرا عن الانتخابات السابقة... فالتدخل السلطوي؛ والمال السياسي؛ والإنفاق غير المحدد بسقف على الحملات الانتخابية؛ وشراء الذمم، وتسهيلات المعاملات والخدمات، وتأثير الاستقطابات الطائفية والقبلية والفئوية على اتجاهات تصويت الناخبين، التي سبق أن أدّت إلى وصول النواب الحاليين ستقود حتما إلى فوز أمثالهم ممَنْ لا يختلفون عنهم، هذا ناهيك عن أنّ قوى الإفساد لن تعدم وسيلة لرشوة عدد من النواب الجدد بوسيلة أو بأخرى... هذا في الوقت الذي سينصرف فيه جهد القوى الشعبية عن الحراك السياسي لينغمس في خوض معركة الانتخابات وحساباتها ولعبة أصواتها، التي ستعيد إنتاج الوضع الحالي البائس مجددا، وإن كان ذلك بأسماء جديدة!
ومن هنا فإنّ قوى الحراك السياسي معنية بأن تدرك ضرورة التركيز على ما هو أبعد من مجرد اكتفائها بطرح مطلبي رحيل رئيس الحكومة وحلّ المجلس، وذلك بأن تتوافق على أجندة واضحة للإصلاح الديمقراطي تؤدي إلى إحداث تغيير على موازين القوى بحيث يتم تقييد السلطة بالضوابط الدستورية ودفعها إلى القبول بالانخراط في مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة الذي حاولت تعطيله، والعمل على تمهيد الأرضية نحو تحقيق تطور ديمقراطي متسق يقوم على تعددية سياسية؛ وتداول ديمقراطي للسلطة التنفيذية؛ ونظام دستوري برلماني... وغير هذا لن يكون سوى تكرار عبثي لممارسة اللعبة السخيفة ذاتها!
لا شك في أن الإدارة العامة الآن، في خضم فوضى عارمة لم تشهدها الكويت من قبل، فإلى جانب الأزمة السياسية الخانقة، هناك تخبط هائل في قضية الرواتب والكوادر، حتى انفلتت الاضرابات من عقالها وعمت كل المرافق العامة بلا استثناء.
رب قائل، كيف لشعب أن ينفجر طلباً للزيادات بعد أشهر قليلة من منحة أميرية مليارية، أثارت حسداً في كل دول المنطقة، بالنظر إلى كرمها وحسن توقيتها، عندما كان الشارع العربي يغلي بمطالبات معيشية واقتصادية؟
كيف لموظفين حصلوا على زيادات رواتب بنسبة %20 سنوياً بالمتوسط العام منذ 2003.. وها هم اليوم يضربون ويعتصمون ويهددون ويتوعدون؟!
كيف يمكن تبرير هذا الغضب، إذا علمنا أن متوسط رواتب الموظف الحكومي الكويتي يزيد على كل المتوسطات المماثلة في الدول الصناعية والمتقدمة الكبرى، كما أكد تقرير طوني بلير وتقارير دولية أخرى؟
كيف يطالب الناس بالمزيد ومتوسط الدخل معزز بقيمة 4 مليارات إلى 5 مليارات دينار سنوياً، تنفق على دعم السلع والخدمات الأساسية على نحو قلّ نظيره في العالم أجمع؟
كيف يمكن تبرير كل هذا النهم، إذا علمنا أن متوسط دخل الفرد في الكويت يضاهي مثيله أو أكثر في الإمارات وقطر ويزيد على متوسطات السعودية وعُمان والبحرين؟
بين التفسيرات الممكنة ما يمكن سرده كالآتي:
أخطأت الحكومة خطأً جسيماً عندما عالجت مطالب قطاعية بترضيات قصيرة النظر، إذ انها لم تتنبه إلى بديهية جرَّها إلى لعبة مساواة عمياء هنا وهناك، بغض النظر عن الإنتاجية والاحقية. فعندما أقرَّت كوادر هنا وزادت رواتب هناك، أسالت لعاب كل البقية الباقية، حتى وقف الجميع في الطابور طلباً لخيرات علي بابا التي توزع بلا سؤال.
خلقت الحكومة تشوهات هيكلية في سلم الرتب والرواتب، عندما ذهبت في استنسابية العطاءات وعشوائيتها في عدد من القطاعات والمرافق، متناسية قطاعات ومرافق أخرى، تلك التشوهات أثارت غضبا مبرراً حيناً، وغيرة وحسداً أحياناً أخرى كثيرة، حتى بتنا اليوم في ما يشبه مزاداً علنياً يفوز به من يصرخ أفضل ومن يبالغ اكثر.
ومن شرّ البلية المضحك، تزامن تشكيل لجنة استشارية اقتصادية، أول أهدافها ترشيد الانفاق الجاري.. فإذا بوزارة النفط ترفع الرواتب على نحو مفاجئ وبسخاء غريب، دفع كل موظفي القطاع العام إلى طلب المعاملة بالمثل.. وهكذا تكون أعمال اللجنة قد ذهبت ادراج الرياح، في تناقض لا يوجد إلا في الكويت، بين رغبة سامية اصلاحية ورغبة حكومية ترقيعية لا تعرف معنى للاصلاح.
ضربت الحكومة عرض الحائط بكل توصيات البنك الدولي ومجلس الخدمة المدنية ورأي غرفة التجارة والصناعة ورأي اتحاد المصارف.. وراحت تقدم الوعود تلو الوعود والتنازلات تلو التنازلات، حتى شعر الجميع ان الفرصة سانحة ولا تعوض ابداً، فانهالت المطالب حتى بلغ سيل الإغداق المجاني حداً يمكن معه لأي موظف ان يطلب ما يريد وهو مطمئن إلى تلبية رغباته الثمينة.
مع انفجار فضيحة الايداعات المليونية لعدد من النواب المحظيين، انفجر أيضاً غضب الشارع من هكذا «بذخ».. حتى ان البعض جزم بأنه هدر للمال العام، فإذا به يطالب بنصيبه من هكذا كرم حاتمي مليوني بامتياز، وكيف للحكومة ان تقنعه بعكس ذلك؟! وكيف لمجلس الأمة ألا يقف منتصراً لمطالبه «المشروعة» في سوق نخاسة باهظ بكل المقاييس؟
ان فشل الحكومات المتعاقبة في خلق فرص عمل خارج الوظيفة العامة، بالإضافة إلى خوفها وترددها، ثم كرمها مع الموظفين (لا سيما غير المنتجين منهم)، في سعي لشراء الود، والتأييد والشعبية، ولو مؤقتاً، أو لمعالجة أزمة ولو على غير أسس علمية، وهي لا تحرص على الاقتصاد والثروة الوطنيين، جعل القطاع الخاص على مقعد المتفرجين بحسرة بالغة، وهو ينظر كيف يدهم الخطر كل الدولة، التي باتت مصرفاً ينفق ايرادات النفط على غول شره في دارها، لا تكفّ عن اطعامه حتى بات كبيراً ومفترساً ولا رادّ لأي طلب من طلباته.. ولا عزاء للاقتصاد والإنتاجية والتنافسية وكل مفردات الاصلاح الحقيقي الذي بات في خبر كان مع هكذا حكومة، لا همَّ لها إلا الترضيات على حساب المال العام.
تبقى الإشارة إلى أن كل ما سبق لا يدل إلا على سوء إدارة من النوع المستفظع.. فلا رؤية ولا برنامج ولا تخطيط ولا بُعد نظر ولا استراتيجية هادفة.. كل ما في الأمر الآن هو تناتش لإيرادات البرميل حتى آخر رمق، وتهافت على المغانم حتى آخر غنيمة، وشراء ولاءات على حساب الوطن، أََوَليس في ذلك جريمة موصوفة يا ترى؟!
16/10/2011
الشال
لا كشف سليماً للذمة المالية بلا ضرائب لتمرير فضائح الفساد يُخضعون ثروة البلد للاقتسام
كيف سيكون كشف الذمة المالية؟
تناول تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي قضية كشف الذمة المالية، وقال: حتى لا يذوب الأمل في الإصلاح، لابد من وقفة تقويم لدعاوى كشف الذمة المالية، على أنها الحل لمواجهة آفة الفساد، ونود القول إنها عامل مساعد، فقط إن توفرت النية للمواجهة، ولا معنى كبير لها، في غياب تلك النية. ففي دول العالم المتقدم والديموقراطي، هناك ضرورة في أن يكشف كل إنسان عن تعاملاته المالية، كل سنة، لأن كل إنسان عليه واجب دفع ضرائبه المستحقة للبلد. وهناك قوانين وضوابط مساندة، خاصة بالمسؤولين، ومن ضمنها كشف الذمة المالية، عند تسلم عمل حساس، ومن ضمنها ضرورة الكشف عن أي هدايا أو هبات، فوق ثمن محدد وزهيد. وهناك يقولون ويطبقون مقولة «أن لا أحد يمكنه اجتناب عزرائيل أو جابي الضرائب»، ولا يترددون، إطلاقاً، من تقديم أكبر مسؤول في الدولة الىقضاء، كما في حال الرئيس كلينتون، في تسعينات القرن الفائت، والرئيس الفرنسي جاك شيراك، حالياً.
في الكويت، لا قانون للضرائب يحتم كشف الذمة المالية، ولا شعور بضرورة الحفاظ على مال عام، لأن مصدره ليس دافعي الضرائب، والأدهى والأمرّ، هو أن تهم الرشوة موجهة إلى كبار المسؤولين، مما يقتل الحافز والنية لسنّ قوانين مكافحة الفساد، وتطبيقها. ولأن مستوى الفساد أصبح معطلاً رئيساً لأي جهد إصلاح أو تنمية، ولأن النفط لن يبقى إلى الأبد، ومن أجل تمرير فضائح الفساد، تخضع ثروة البلد للاقتسام، بدلاً من تنميتها، وأصبح الأمر يحتاج لما هو أكثر من قانون.
وأول الخطوات، وأهمها، تغيير جوهري في نوعية الإدارة العامة، نظافة وكفاءة، وثاني الخطوات إصدار تشريع ضريبة دخل، حتى لو دفع الموظفون، معظمهم، %1 من دخلهم، أو التحول إلى مفهوم المواطنة المانحة أو الإيجابية. وثالث الإجراءات هو القوانين المساندة، ومنها قانون الذمة المالية، والانضمام إلى منظومة القوانين المكافحة لغسل الأموال والفساد، بكاملها. فنحن لا نعتقد بإمكانية أن يعاقب مسؤول فاسد نفسه، ولا نعتقد بجدية أن يكون هناك رأي عام يقاتل آفة الفساد، إذا كان بالإمكان رشوة المواطن بالمقسوم، مقابل سكوته.
حلل «الشال» بيان وزير المالية عن السنة المالية 2012/2011: لابد من ذكر محاولة وزارة المالية السيطرة على النفقات العامة، والموقف الإيجابي المعلن من الهدر في النفقات العامة لوزير المالية وفريقه، في الحالات، معظمها، كما ان نشر معلومات المتابعة الشهرية، للنفقات والإيرادات العامة، أمر نقدره لهم. ولكن، نعتقد أن بيان وزير المالية الحديث عن الأوضاع الاقتصادية والنقدية والمالية، يحتاج إلى تغيير في الشكل، وفي محتواه من الأرقام والمعلومات، وفي المضمون.
فمن ناحية الشكل، لا يجوز أن يكرر التقرير الشكوى من الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد المحلي، وأحدها مالي، بينما الاختلالات تتسع، على أرض الواقع، بسبب سياسات الحكومة. فلم يعد البلد يحتمل الشكوى من الفساد، على أعلى المستويات، والفساد يتجذر، ولا يجوز أن يذكر بيان الحكومة واقع الاختلالات ومستوى المرض ـــ فقدان القدرة التنافسية ـــ ببلوغه مراحل حرجة، ويكتفي بالشكوى من هذا الواقع، فالأصل هو أن المحللين يشخّصون ويشتكون، ومسؤولية الحكومة هي العلاج، وليست المشاركة بالشكوى من باب رفع العتب.
أما في المحتوى، فالبيان يذكر إحصاءات السكان القديمة، نحو 21 شهراً أو حتى تاريخ 2009/06/30، عن الفترة التي يغطيها البيان ـــ 2011/04/1 إلى 2012/03/31 ـــ ومثلها بيانات الناتج المحلي الإجمالي، حتى عام 2009، وبالأسعار الجارية، وكثير غيرها، ونحن، مع صدور هذا التقرير، نعرف الكثير من المعلومات، حول شهر سبتمبر 2011، لكل من الصين وسنغافورة، في الشرق، والنرويج والولايات المتحدة الأميركية، في الغرب. كما يستخدم البيان لفظ «حتى الآن»، أو «حالياً»، عند كل من أرقام العمالة والبطالة، بينما يفترض أن تحديد تاريخ لها من أبجديات محتوى أي تقرير أو بيان. وفي المحتوى، أيضاً، يغفل البيان، وإن من باب الشكوى ورفع العتب هذه المرة، التنويه إلى أوضاع المستقبل، لو استمرت الحال على ما هي عليه، مثل سعر التعادل لبرميل النفط، لو استمر نمو الإنفاق على ما هو عليه، أو حال كل من البطالة المقنعة والسافرة، بعد عقد من الزمن، مثلاً.
أما في المضمون، فيذكر البيان قصة نجاح في زيادة العمالة المواطنة، من 8712 عاملاً في القطاع الخاص في عام 2001، إلى 76557 عاملاً، الآن، وربما يكون المقصود كما في 2010/09/23 لأنه آخر تاريخ يذكره البيان حول العمالة. وقدر التقرير البطالة السافرة، كما في 2009/6/30، بنحو %4.1، ارتفعت، حالياً ـــ ولا نعرف متى ـــ إلى %5.4، ولكنه يقلل من أهميتها، رغم ارتفاعها، ويذكر أن حجمها الحقيقي هو %0.7، أما البقية فهم ينتظرون الوظيفة الحكومية المناسبة. وجميعنا يعرف بأن لا وظيفة حكومية مناسبة، أو غير مناسبة، متوافرة. ويذهب البيان إلى تبرير، أكثر خطورة، هو أن الكثير من طالبي العمل كبار في السن ـــ فوق الـ 30 عاماً ـــ ومعظمهم إناث، وتعليمهم ضعيف، والكثير منهم لا رغبة حقيقية لديه في العمل، ومبرره هو الحصول على بدل البحث عن عمل.
ونحن، في هذه الفقرة، لم نتطرق إلى الوضع الاقتصادي باختلالاته، ولا لتحليل مكونات النفقات العامة في الموازنة ومعدلات نموها، نحن فقط أبدينا رأينا في صياغة البيان، أو ما ذكره بيان حكومي حديث عن أوضاع العمالة والبطالة. وإن استمرت الحال، كما يصفها البيان، على حالها، ومع قدوم نصف مليون مواطن إلى سوق العمل، في أقل من عقدين، يبقى اكتفاء أعلى سلطة عامة بالشكوى أمراً خطيراً وغير مفهوم.
الشال: الرضوخ للتدخل السياسي من أجل حماية الحكومة على حساب الهيئة 'سابقة خطيرة'
28/10/2011 الآن - تقرير الشال 7:08:22 PM
قال تقرير الشال الاسبوعي أن الحكومة ترددت كثيراً في حسم قضية المفوضين الثلاثة في هيئة أسواق المال وتحت ضغط استقالة نائب رئيس وزرائها بما يجعل احتمال استمرارها ضعيفاً إن حدثت استقالات أخرى اتخذت قرارها بإنهاء تكليفهم وكان قراراً خاطئاً.
والنتيجة هي إعلان هيئة المفوضين أنها غير معنية بقرار الحكومة فالقانون يجيز لها إنهاء مسبب لعضوية أي مفوض وما لم يقرر القضاء غير ذلك سوف تستمر في ممارسة مهامها.
ولابد من مناقشة الموضوع من زاوية كفاءة مجلس الوزراء الكويتي فالزمن الذي استغرقه تشكيل مجلس المفوضين تجاوز المهلة القانونية الممنوحة لمجلس الوزراء الذي قام بتمديدها أكثر من مرة وكان الفشل الأول.
ذلك الفشل الذي تم تبريره يومها بأنه ناتج عن عزوف المرشحين بعد 21 محاولة تشكيل وكان لابد من استخدام مؤشر على ضرورة إنجاز تشكيل محكم وكان التشكيل من حيت تكامل الاختصاصات جيداً وكان لابد من حصافة في حمايته.
وجاء الفشل الثاني من عجز أكبر حكومة في العالم عن الانتباه إلى إلغاء مراسيم أو قرارات لها بتعيين اثنين منهم في مجالس أو لجان حكومية.
ثم جاء الفشل الثالث في تدارك الجهد كله الذي بذل لإتمام التشكيل وإيجاد مخرج قانونيلمشكلة أوقعت الحكومة المفوضين فيها على الأقل من باب المسؤولية الأدبية والسياسية.
ثم الفشل الرابع في إبقاء الأمر عرضة لمماحكات وتجاذبات سياسية ومصلحية وحول هيئة شبه قضائية وحساسة ولشهور عدة من دون حسم وذلك حقق ضرراً ستكابده الكويت لفترة طويلة.
ثم جاء فشلها الخامس في الاكتشاف المفاجئ بأن مدير سوق الكويت للأوراق المالية المعين حديثاً قد بلغ السن القانونية وهي إما أنها كانت تعرف ولكنها تنوي تجاوز القانون أو أنها ضعيفة لدرجة عدم قدرتها على تدقيق بديهيات كهذه وهو حتى أكثر خطورة.
ونحن لا نعتقد أن الاستمرار في منصب أو الحصول على منصب عام بات هدفاً يستحق القتال من أجله مادام هذا هو نهج الحكومة ولكنْ نحن نعتقد بصواب قرار المفوضين بالاستمرار حتى حسم الأمر قضائياً.
فالرضوخ للتدخل السياسي من أجل حماية الحكومة على حساب الهيئة سابقة خطيرة ومواجهتها سوف تعني تأكيد استقلاليتهم إن استمروا ولكن الأهم أنها تعني حماية مسبقة لمن يأتي بعدهم.
فإن جاء حكم القضاء بإبطال عضوياتهم سوف يعني أن الإبطال لا يأتي سوى بقرار من المفوضين أنفسهم ضمن شروط بطلان العضوية أو من القضاء وينحصر دور الساسة في التجديد أو عدمه عند انتهاء كل دورة.
ولكن يبقى الأهم هو ذلك القلق على مستقبل البلد ففي هذا الاختبار السهل للحكومة فشلت وكان عدد أخطائها كبيراً بينما التحدي الأكبر هو تحويل البلد من مؤقت إلى دائم ولسنا متفائلين بأداء حكومة كهذه في تحقيقه.
رحبت باللجنة بتفاؤل يسنده دعم الأمير.. وحذر تفسره مرارة التجارب السابقة «الغرفة» للجنة الاستشارية الاقتصادية:
أي إصلاح مالي قبل الإصلاح السياسي لبن مسكوب في قربة مقطوعة
أعلنت غرفة تجارة وصناعة الكويت في بيان وزعته على الصحافة أمس تحت عنوان «الإصلاح: رؤية نافذة وإدارة قادرة وقرار شجاع»، انها، بتفاؤل مشوب بالحذر، استقبلت تشكيل «اللجنة الاستثمارية لبحث التطورات الاقتصادية». أما الحذر، فيجد تفسيره في تجارب اللجان المماثلة التي تراكمت تقاريرها على رفوف النسيان، طوال عقود ثلاثة أو تزيد. وأما التفاؤل، فيستمد مبرراته من حقائق وظروف عديدة تجعلنا نتطلع الى ان يكون حظ مقترحات اللجنة الاستشارية أفضل من سابقتها، فالمبادرة انطلقت من حضرة صاحب السمو الأمير بالذات. والمبادرة جاءت في ظروف دولية واقليمية تحمل كثيرا من النذر بعيدة الأثر. والمبادرة تهدف الى معالجة اقتصاد وطني قادته المزايدات السياسية الآنية والأنانية الى مأزق تفاقمت مخاطره وضاقت مخارجه، مما جعل الاصلاح الاقتصادي فعل مستقبل ووجود، لا خيار فيه، ولا بديل عنه، ولا قبل لنا بالتكلفة المالية والاجتماعية والسياسية لتأجيله.
في ظل هذا التفاؤل الحذر، تعرب غرفة تجارة وصناعة الكويت عن تقديرها الصادق لمبادرة حضرة صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، التي تعكس حرص سموه على المشاركة الشعبية الواعية في صياغة الرؤية المستقبلية لاقتصاد البلاد. كما تشيد الغرفة بالشخصيات المشاركة في هذه اللجنة، وترجو لها النجاح والتوفيق. والغرفة اذ تصدر بيانها هذا، لا تهدف الى تشخيص المأزق وعرض مشاهده وشواهده، أو طرح حلوله ومنافذه. فهذا ما سبق لها، ولجهات متخصصة وطنية ودولية عديدة، أن عالجته بعمق وتفصيل، كما ان الغرفة لا تقصد من بيانها هذا تأكيد مواقفها السابقة في شأن استنزاف المالية العامة بالإنفاق العقيم، لانها ستفعل ذلك من خلال جمع ونشر هذه المواقف قريبا.
غاية هذا البيان هي التذكير بعدد من المنطلقات الأساسية التي تأمل الغرفة من اللجنة الاستشارية ان تراعيها في رسم منهجها، وفي تحديد التوجهات الرئيسية لتقريرها. والتالي عرض سريع لأهم هذه المنطلقات:
الحرية الاقتصادية
من الثابت، ان مستوى التقدم والازدهار يرتفع كلما انخفض مستوى تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، فليس هناك دول تتمتع بدرجة كافية من الحرية الاقتصادية من دون ان تكون متقدمة، وليس هناك دول متقدمة لا تتمتع بدرجة كافية من الحرية الاقتصادية. وفي اعتقادنا ان هذا الارتباط الوثيق بين درجة الحرية الاقتصادية ومستوى التقدم والازدهار، يجب أن يكون المنطق الأساسي للإصلاح الاقتصادي في الكويت، ولإقرار السياسات والتشريعات والإجراءات اللازمة لتنفيذه. ولا ننسى هنا أن الخصخصة تمثل ركناً أساسياً في منظومة التشريعات والسياسات الرامية إلى تعزيز الدور التنموي للقطاع الخاص. وبالتالي، فإن التشريعات المنظمة للخصخصة ستكون قاصرة عن تحقيق أهدافها، ما لم تحافظ على توازن دقيق بين المعايير الفنية المتعلقة بالجدوى والتكلفة والمردود، وبين الاعتبارات الاجتماعية الهادفة إلى حماية حقوق العمالة الوطنية، وإلى احترام حق الدولة في التدخل لمصلحة التنمية والعدالة.
الإصلاح الإداري
إن إعادة صياغة الدور الاقتصادي للدولة، يتطلب - بالضرورة - إصلاحاً مواكباً ومكافئاً في الإدارة العامة، ذلك لأن ما يعانيه الجهاز الحكومي من تضخم في الحجم وندرة في الكفاءة، يجعل ضعف الإدارة العامة بمنزلة عنق الزجاجة الذي يتهدد بإجهاض جهود الإصلاح والتنمية.
والإصلاح الإداري الذي نقصده هنا، يقوم على إحداث تغيير كامل في مفهوم الوظيفة العامة، ينتقل بها من أداة لتوزيع الثروة إلى أداة التنمية المستدامة، كما ينتقل بالموظف العام من مقعد «السلطة الرسمية» إلى موقع «الخدمة المدنية».
الإصلاح السياسي
تحتل معالجة الاختلال الخطير في المالية العامة للدولة مركز الصدارة بين مهام اللجنة الاستشارية. ذلك ان التضخم السريع وغير المسبوق الذي سجله الانفاق العقيم على حساب الانفاق الاستثماري، أصبح أشبه بالجرح العميق النازف الذي يتهدد اقتصاد الكويت ومستقبل أجيالها. وما يجب التنبيه إليه هنا، هو ان هذا الجرح العميق النازف ليس ظاهرة مرضية بحد ذاته، بل هو نتيجة تضافر وتفاعل قروح عديدة في جسد الإدارة الكويتية. فهذا الجرح العميق النازف هو الحصاد المر لتسابق السلطتين التشريعية والتنفيذية نحو كسب ولاء البيروقراطية المسيطرة على صناديق الانتخاب. وهو الحصاد المر للتآكل المستمر في اختصاصات السلطة التنفيذية لحساب السلطة التشريعية، بعد ان تنازلت الأولى عن هذه الاختصاصات أو تهاونت في ممارستها. وهذا الجرح نتاج طبيعي لتضارب السياسات وتناقض الاجراءات، وقصور التشريعات، بسبب تسويات اللحظة الأخيرة وصفقاتها. ويساهم في تعميق هذا الجرح واستمرار نزفه التهاون المريب بإجراءات المساءلة والعقاب في قضايا الفساد، والجرعة السياسية المفرطة في القرار الاقتصادي.
ومفاد هذا كله، أن التصدي لاختلالات المالية العامة يتطلب اصلاحاً سياسياً حقيقياً، يطهر الجرح، ويعالج الأسباب التي تبقيه فاغراً نازفاً. وقبل مثل هذا الاصلاح السياسي، سيكون مآل أي محاولة للاصلاح المالي، مآل اللبن المسكوب في قربة مثقوبة.
المفاهيم والتشريعات
الاصلاح، تعريفاً، هو التغيير نحو الأفضل. والتغيير لا يمكن أن يكون حقيقياً وفاعلاً ونحو الأفضل، اذا فرضت علينا السياسة أو الاصطفافات الاجتماعية المختلفة أن يبقى كل شيء على حاله، وأن يستمر كل واحد في محله. فالاصلاح رؤية جديدة وقرار جريء. وبالتالي، يجب ألا يحول الاعتداد بالرأي، أو المجاملة في الموقف، دون اعادة النظر - بموضوعية وشجاعة - في الكثير من السياسات والتشريعات والمشاريع، وربما في كثير من المفاهيم والمواقع أيضاً.
لعل أول ما يستحق مراجعة علمية واقعية هو مفهوم الرفاه الاجتماعي وتطبيقاته، فقد أصبح لزاماً علينا أن نطرح تساؤلات مؤلمة وبالغة الأهمية، عما اذا كان بإمكاننا الاستمرار في الالتزامات الناجمة عن التوسع الكبير في مفهوم هذا الرفاه؟ وعما اذا كانت أشكال كثيرة من الدعم الحكومي رشيدة فعلاً وتؤدي الأهداف المرجوة منها؟ فبرنامج الرفاه الاجتماعي يجب أن يحدد بقدرة الدولة ومواردها، ويجب أن يلتزم بحدود الضرورة ولا يتجاوزها. والدعم الحكومي يجب أن يقتصر على مستحقيه، فلا يذهب الى المقتدرين، ويجب أن يكون مشجعاً على الانتاج لا محفزاً للاستئنزاف.
مقترحات موزونة
واضح من اسم اللجنة ومهمتها أن مسؤوليتها تقف عند حدود تقديم المشورة وبلورة المقترحات. أما عملية اصدار القرار والعمل على تنفيذه فهي مسؤولية السلطتين التشريعية والتنفيذية. وبالفعل، تم اختيار أعضاء اللجنة الاستشارية باعتبارهم من أهل العلم والخبرة والاختصاص. وبالتالي، فإن توصياتهم يجب أن تلتزم بهذه الصفات الثلاث، لتعبر عن آرائهم وقناعاتهم وتنسجم مع عقلانيتهم وحيادهم. أما التعامل مع المناورات السياسية، التي تسبق عادة إصدار القرار، فهذا من شأن أهل الحكم والسياسة، فليس المطلوب من اللجنة الاستشارية مقترحات قابلة للتمرير من خلال الرضوخ لضغوط السياسة على حساب الجدوى والصواب، بل المطلوب مقترحات قادرة على معالجة الأوضاع الاقتصادية، وتجاوز الاختناقات والصعاب.
أكدت الدراسات أن المجتمعات القائمة على الثقة هي المجتمعات الأقدر على التقدم. أما تلك التي تغلب على علاقاتها ثقافة الشك والتربص واحتمالات المؤامرة، فتبقى أسيرة الماضي والخوف من التغيير، ويبقى حراكها في دائرة الركود. وفي الكويت، سيبقى من المتعذر علينا أن نحقق الإصلاح الاقتصادي والإداري، ما لم تتبدد من سمائنا غيوم الشك والريبة، وتسود أجواء التعاون والثقة، وأهمها الثقة في المواطن، والثقة في مستقبل الوطن.
وأخيراً: قبل ربع قرن ونيف، وفي الخامس من مايو 1985، على وجه التحديد، جاء في كلمة رئيس الغرفة أمام جمعيتها العامة: «..... وما نخشاه فعلاً، هو أن نسمع غداً بتشكيل لجنة جديدة لدراسة الوضع الاقتصادي، تنتهي إلى تقرير آخر، يأخذ مكانه الى جانب سابقيه على رف النسيان».
نحن اليوم لا ينتابنا مثل هذا التخوف، لأننا، وبكل بساطة وصراحة، لن يكون لدينا بعد الآن فسحة من الوقت، ولا رصيد من المصداقية، يسمحان بتشكيل لجان جديد. فليس أمام «اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية» إلا خيار وحيد هو تقديم الرأي الصادق الصريح، ولم يعد أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية إلا طريق واحد، هو التعاون على التنفيذ الصحيح، لعل الكويت تتدارك مستقبلها.
النائب احمد السعدون يحذر من ان الربيع العربي سيحل في الكويت ان تم المساس بالدستور، ما يطرحه او يحذر منه السيد السعدون هو تحصيل حاصل، فدستورنا في العهد والحفظ والصون، منذ ان تحالفت مجاميع الردة القبلية والدينية مع السلطة لـ«حفظ» هذا الدستور ووضعه بإحكام على الرف.
دستورنا وضع على الرف منذ ان غض النظر السيد السعدون نفسه، عندما كان رئيسا للمجلس، عن استفتاء رئيس اللجنة التشريعية هيئة الفتوى في الاوقاف بمشاريع القوانين النيابية، دستورنا حفظ منذ ان اصبحت هيئة الفتوى في وزارة الاوقاف هي مطبخ القوانين، وليس اللجنة التشريعية لمجلس الامة. دستورنا لم يمس ولكن تم تجاهله عندما اصرت السلطة ومجاميع التخلف على وضع تفسير المادة 40 جانبا، وتطبيق مذهبها في الفصل بين الجنسين في التعليم العالي، وفي اخضاع التعليم الخاص لطغيان تخلف الاغلبية في مجلس الامة.
دستورنا، بل نظام الحكم تم تجاهله عندما ابتدع نواب مجلس الامة حل المعقّد من امور في الديوان الاميري، وليس تحت قبة عبدالله السالم، وآخر محاولة تمت قبل اسابيع برئاسة السيد السعدون نفسه. دستورنا تم تجاهله تماما عندما بارك النائب احمد السعدون وتكتله الهجمة الرجعية المقيدة للفنون والاداب، والمتطاولة على حريات الناس الشخصية وحقهم في الترفيه والفرح. دستورنا لم يكن حاضرا عندما قرر الخمسون نائبا كلهم في مجلس الامة ــ وبلا استثناء ــ تمرير قانون المطبوعات المقيد لحرية الرأي، والمانع للبحث العلمي، والمحرم لحق التعبير عما يجيش في النفس. دستورنا اشترط استقرار الوزارة لضمان استقرار البلد، وقيّد الاستجواب، بحيث يصبح نادر الاستخدام، واليوم الاستجواب هو الدارج، والاستقرار هو الاستثناء. دستورنا تم مسح الارض به عندما قرر نواب التخلف ان يكون لهم قسمهم الخاص بهم، وعندما لم يعترض احد من «عتاولة» الدفاع عن الدستور على ذلك. دستورنا اصبح في خبر كان عندما قررت المعارضة الجديدة الانصياع للرغبة الحكومية في تحديد التجمعات في الدواوين، ورضخت لحصر التظاهرات في ساحة الارادة.
مشكلتنا الاساسية يا سيدي ان دستورنا «محفوظ»، لم يفتح في مجلس الوزراء ولم يطلع عليه اعضاء مجلس الامة. دستورنا يا الحبيب في جيب رئيس الحكومة، وفي «تجوري» التكتل الشعبي، وتحت سجادة التنمية والاصلاح، وفوق سقف التكتل الوطني، ولكن ليس في عقل ولا قلب اي مواطن كويتي.
لا تستحق الكويت، وطننا الجميل، الخيّر، المعطاء لجميع أبنائه وبناته، أياماً سوداء.
فكيف يستسهل بعض ابنائها، وبينهم نواب، أن يجعلوا الاربعاء 16 نوفمبر 2011 يوماً كالح الظلمة، شديد السواد، سيبقى مغمساً بطعم المرارة والاساءة الى مؤسساتنا الدستورية؟!
اقتحام مجلس الأمة، وتخريب محتوياته، والاساءة الى رمزيته، كونه بيت الأمة، عمل فوضوي طفولي، مهما كانت الدوافع، وأياً تكن الأسباب. وهي ليست خافية، بل ظاهرة كالشمس ساطعة في عز النهار.
الاحتقان يتراكم، والغضب يتفاقم، كردة فعل على سلوك حكومة عاجزة، تتخبط من دون رؤية، قصيرة النظر، تركت حبل الفساد والرشوة والمحسوبية يصول ويجول، من دون أن يهتز لها جفن، أو تتحرك فيها رغبة للاصلاح، أو محاولة لاعادة الأمور الى جادة الصواب والقانون.
ورغم عجزها عن تسيير شؤون البلاد، وضمان تطورها وتقدمها، ومعالجة مشاكلها الآنية والمستقبلية، استقوت بامكانات لم تتوافر لمن سبقها من حكومات، وبألاعيب ابتدعتها، في ادارة الظهر للدستور، والتعلق بقشور اللوائح والنصوص، واهمال الجوهر والمضمون. وفي عهدها غرق ما يقرب من ثلث النواب الذين وضعت الأمة ثقتها فيهم ليشرعوا باسمها، ويراقبوا، ويجسدوا مبدأ المشاركة الشعبية، غرقوا بملايين ملوثة، حرام، لم تأت من جهد وكد وعمل، بل من بيع ضمائر، مقابل صوت أو موقف، فخدعوا من اختارهم، وجرحوا كرامة الأمة التي منحتهم شرف تمثيلها، سعياً وراء ثراء سريع سهل.
حكومة، بدل أن تكون بمستوى طموح الأمة وآمالها، فتشمّ.ر عن السواعد لكنس الأوساخ والقذارات، وتتصدى بجدية وحزم لقضية الايداعات المليونية للنواب، والتحويلات، تركت الغضب يتراكم في نفوس الكويتيين، ويغلي فيهم القلق من حجم الفساد المتفشي حولهم، ويهدد بلدهم ومستقبلهم، اختارت في هذه المسألة الخطرة، كما في قضايا كثيرة أخرى، أسلوب كنس المشاكل الى تحت السجادة لاخفائها، مما يشرّع الأبواب لقذارات اسوأ، رغم أن أي سياسي مبتدئ - شرط أن يكون حريصاً على الأمانة، يحترم الدستور وقوانين الدولة - يدرك أن حل الأمور جذرياً، للتغيير نحو الأفضل، هو ما يصنع النجاحات، ويراكمها في رصيده، ويعزز الانجازات في مسيرة الأمة.. بينما التكتم على القضايا، واتباع الأساليب الملتوية، يؤديان دائماً الى الغليان ثم الانفجار.
كل الكويت تعرف أن ممارسات الحكومة هذه كانت بمستوى خطايا. وكل القوى الحيّة، في مجلس الأمة وخارجه، كانت تسعى وتبذل الجهد، لبلورة المخارج المناسبة لما تتخبط فيه البلاد من أزمة تتفاقم يوماً بعد يوم، إلى أن كان الأربعاء الأسود.
الدستور يقر حق التظاهر، والتجمع، والتعبير عن الرأي.. لكنه، لا يقر التخريب، والاعتداء، وإتلاف الأملاك العامة، والإساءة الى الرموز، وأي رمز قد أسيء إليه في ذلك المساء المظلم؟! انه بيت الأمة، عنوان مشاركتها في الحكم، وقاعة التعبير عن إرادتها، والمساهمة في صناعة القرارات التي تسير بموجبها البلاد.
لقد أمن المشاركون في أحداث الأربعاء غطاء للحكومة، وأعطوها مكسباً ما كانت لتحلم به لو أن المعارضة استمرت ملتزمة إطار الدستور والحكمة، ولم يحد العمل لتغييرها عن الوسائل الدستورية، أو آليات الإصلاح والتغيير التي يوفرها، والتي طالما أثبتت فعاليتها في أكثر من محطة.
لن نشكك في النوايا، فسنفترض انها طيبة، ولن نجرّح بالدوافع، بل نرجّح نُبلها، ولن ننال من الأهداف، فهي مستحقة، فلا أحد يطيق الفساد، أو يتحمل تخريب الدستور. لكن الاعتراض الشديد، هو على سياسة قصر النفس والنظر، وعلى سيادة عقلية أخذ ما يُعتقد انه حق باليد، فهما أقصر طرق الفوضى والتخريب، وهذا أكثر ما يساهم في تغطية عجز الحكومة وأخطائها وخطاياها.
الحماسة المفرطة لا يمكن أن تخدم شعار التغيير، بل هي في السياسة بلاء.
الطيش والمغامرة يحرقان المراحل، ويورطان المعارضة وأنصار التغيير في مواجهات غير محسوبة، لأنهما يستهتران بالحسابات الدقيقة والمعطيات الواقعية، والعوامل المؤثرة.
فلتكن وقفة جادة من جميع أطراف الأزمة، جميعهم من دون استثناء.
فإدارة شؤون البلد لا يمكن ان تستمر في الطريق الذي تسير عليه.
ونقل معارضة هذه السياسة إلى الشارع، خطرة، فتندفع في مسالك طائشة ومغامرة، وسيُكتب لها الفشل المحتوم. بل هي مجدية تحت مظلة الدستور وفي ح.ماه، وضمن آلياته، ووفق العمل المشترك للقوى الحية على أساس أولويات منسقة، ومتفق عليها.