اما الاختراع الثاني الذي افاد منه العمل القانوني فائدة كبرى فهو الكمبيوتر او الحاسب الآلي الذي حل محل الآلة الكاتبة اليدوية حيث كان الطباع يعاني معاناة كبيرة في تعديل حرف او كلمة او جملة، فيستخدم ممحاة او موسى او «كوريكتور» – واذا ضاقت الاسطر بحيث يتعذر عليه حشر الكلمة الجديدة فكان عليه ان يستبدل الصفحة كلها ويعيد طباعتها من جديد، واذا ترتب على هذا التعديل اخلال بتتابع الصفحات كان عليه ان يعيد طباعة المذكرة او الصحيفة من جديد، وهو عمل يستغرق وقتا وجهدا لا طائل من ورائه.
ولم يكن الطباع وحده هو الذي يحسب حساب هذا الجهد والوقت المهدر، وانما كان المحامي نفسه الذي اعد هذه الصحيفة او المذكرة يحسب حسابهما ايضا، خاصة اذا كان ملتزما بموعد تقدم فيه المذكرة او الصحيفة، ولكن اليوم في ظل الكمبيوتر اصبح العمل ميسرا غاية اليسر، ففي وسع المحامي ان يضيف فقرة كاملة او صفحة كاملة او يحذف فقرة او صفحة في ثوان معدودة ويعدل ترتيب الفقرات والصفحات، بل انه يستطيع ان يعطي امرا للكمبيوتر، بكبسة زر واحدة، فيستبدل بكلمة المدعى مثلا كلمة المستأنف او الطاعن في مذكرة من عشرين صفحة، فيتم التعديل في لحظة عين! وهذا كله يشجع المحامي على ان يعيد النظر في مذكرته مرات ومرات ليجعلها في النهاية في ابهى صورة ينشدها دون ان يحسب حسابا للوقت او الجهد الذي يبذل في هذا التعديل ودون ان يثنيه هذا الحساب عن التحسين والاجادة.
ولاتقف فائدة الكمبيوتر عند حد تيسير الحذف او الاضافة او التعديل او التغيير وانما له فوائد اخرى عديدة لا تكاد تقع تحت حصر، منها انه يعمل كذاكرة لحفظ الملفات والسوابق القضائية، فيستطيع الباحث ان يرجع لما سبق له او لغيره ان وصل اليه في بحث آخر، فيوفر الجهد والوقت الذي يبذله في اعادة البحث من جديد، وقد يجد ما سبق له او لغيره ان اعده مطبوعا جاهزا فيضيفه الى البحث الجديد الذي يجريه، فيوفر على الطباع عناء طباعته مرة اخرى، ويوفر على نفسه عناء المراجعة، وكل ذلك يصب في مصلحة الباحث، ويصب في النهاية في مصلحة اصحاب الحقوق التي نحرص جميعا على ايصالها في اسرع وقت وبأيسر السبل.
اما الاختراع الثالث الذي افادت منه العدالة فهو الفاكس الذي جاء مكملا لاختراع الكمبيوتر فقدم خدمة جليلة للعدالة لانه يسر انتقال صورة المستند من بلد الى بلد بل من دولة الى دولة في دقائق معدودة، فيستطيع صاحب الشأن ان يطلع على صورة المستند الذي يستند اليه خصمه ويرى بعينيه ماورد فيه من عبارات ويشاهد بنفسه توقيعه عليه، فيستطيع ان يحكم على مدى صحة ذلك المستند، ويستطيع ان يزود محاميه بالمعلومات الكاملة عن ذلك المستند فيحدد تاريخ صدوره، ودواعي صدوره، وما احاط به من ظروف ليمكن المحامي من اعداد الدفاع في قضيته، ويحقق الفاكس السرعة المطلوبة لاداء العمل القضائي او القانوني فيستطيع المحامي الذي يكشف حاجته الى ورقة لم يزوده بها الموكل ان يطلب منه ارسالها له بالفاكس، ليلحق موعد الجلسة بعد ان كان ارسال هذه الورقة يستغرق اياما او اسابيع!.. وللحديث بقية.
اما الاختراع الرابع الذي قلب موازين العمل القانوني بكل نواحيه فهو اختراع الشبكة العنكبوتية (الانترنت)، فهذا الاختراع قدم للعدالة خدمات مذهلة ابسطها انه يسّر الاطلاع على السوابق القضائية في اي مكان في العالم، كما يسّر التعرف على التشريعات الصادرة في اي مكان على وجه الأرض، بل ويسّر الاطلاع على المراجع العلمية في اماكن تواجدها، فأنت تستطيع ان تدخل الى مكتبة الكونغرس الاميركي التي تحتوي على كل ما يخطر او لا يخطر لك على بال حتى المراجع العربية القديمة والحديثة، والمقالات العلمية وتتابع احدث ما وصل اليه علم القانون من نظريات كما يسّر للمحامين متابعة قضاياهم وهم جالسون في مكاتبهم، ففي وسع المحامي ان يستعلم عن قضيته مباشرة من مركز المعلومات بالمحكمة التي تنظرها، وفي وسعه ان يبلّغ موكليه بما يتم في قضاياهم اولاً بأول، بل وفي وسع الموكل نفسه ان يدخل الى الموقع الخاص بمكتب محاميه ليعرف ماذا تم في قضيته في اي لحظة من لحظات الليل او النهار وكلها خدمات حققت للعدالة تيسيراً لم يكن يحلم به احد!.
وفي مجال الطب الشرعي الذي هو احد اهم مرافق العدالة، حقق العلم قفزة هائلة باكتشاف الحمض النووي DNA، فعن طريقه اصبح ميسوراً تحديد الانساب بصورة قاطعة بعد ان كان كل ما يملكه العلم في قضايا النسب هو اثبات ان هذا الابن لا ينتمي الى ذلك الاب اي بطريق الاستبعاد فقط، اما تحديد الاب على وجه اليقين، فقد كان العلم يقف امامه عاجزاً، فلم يكن في مقدور الابن الذي يدّعي ثبوت نسبه لاب معين ان يثبت صحة ادعائه، كما لم يكن في مقدور ذلك الاب ان ينفي ذلك الادعاء بصفة قاطعة، ولكن اليوم بعد التوصل الى هذا الاختراع صار ميسوراً الفصل في قضايا النسب فيصدر القاضي حكمه بكل اطمئنان، مستنداً الى تقرير الطب الشرعي الذي يفحص الحمض النووي للطرفين، ويقطع بما اذا كان ذلك الابن ينتمي الى ذلك الاب او لا ينتمي اليه. ولا تقف فائدة الـDNA عند حد تيسير الفصل في قضايا النسب، وانما له فوائد اخرى عديدة في مجال القانون الجزائي، فعن طريق ذلك التحليل نستطيع ان نحدد شخصية الجاني عن طريق فحص اي اثر يوجد في مكان الجريمة ولو شعرة واحدة من شعره، بعد ان كان الدليل الوحيد هو البصمات التي دأب المجرمون المحترفون على محوها من مكان الجريمة حتى لا يسهل التعرف عليهم! كما اصبح من الميسور كذلك التعرف على شخصية القتيل اذا كانت الجثة مشوهة مثلاً او كان الفحص بعد سنوات طويلة من الدفن.
وفي المجال الطبي، ظهر ايضاً اختراع القرص المدمج C.D الذي تسجل عليه العمليات الجراحية التي يجريها الجراحون خطوة خطوة، فإذا ما اقيمت دعوى ينسب فيها خطأ الى الطبيب الذي اجرى الجراحة كان من السهل على الطب الشرعي ان يطلع على ذلك الـC.D ويفصل في مدى صحة ما ينسبه المريض الى الطبيب. فيتبين ما اذا كان الطبيب قد قام بكل الخطوات اللازمة وفقا للاسس العلمية والعملية او انه فاتته خطوة وبهذا يحدد ما اذا كان قد أخطأ او اصاب.
وهكذا، فإن العلم قدم، ويقدم للعدالة خدمات جليلة!
نتيجة ازمة الاسكان التي استحكمت في مصر زمنا انتشرت ظاهرة الاعلان عن مشروعات وهمية لاقامة مساكن للتمليك، فقد استغل البعض ظروف الباحثين عن سكن يأويهم فأخذ يبيع لهم الوهم وقد يعرض عليهم شروطا مغرية تجذبهم الى الشراء، كأن يعرض سعرا اقل من سعر السوق، او بالتقسيط المريح، ويطلب مقدما في متناول المشترين، فيجمع الشاب مدخراته التي قضى عمره كله في جمعها ويأتي بها ليضعها بين يدي ذلك المعلن الذي يكتب له عقدا لتمليك الشقة المزعومة ويعده بأن التنفيذ سيتم خلال مدة وجيزة، فيبدأ يحلم بالمسكن الذي يتطلع اليه، وتمر الايام ولا يجد الشاب شيئا يدل على بداية التنفيذ، وقد يبدأ البناء فعلا وتكبر احلام راغب السكن، ولكنه بعد ان يكتمل البناء يتبين ان الشقة مباعة الى اكثر من مشترٍ او ان الطابق الذي وعده بأن يحصل على شقة فيه غير مرخص له باقامته اساسا، واذا راجع المالك اوجد له الف عذر وعذر.. ولقد استثارني هذا الموضوع فآليت على نفسي ان ابذل ما استطيع من جهد لمحاربة هذه الظاهرة، ولأن بضاعتي الوحيدة هي القاون، فلقد خطرت لي فكرة استصدار قانون يحظر على اي شخص الاعلان عن اقامة اي بناء الا بعد ان يحصل على ترخيص بالاعلان على ان يتضمن الاعلان الحد الادنى من البيانات التي يفرضها ذلك القانون واهمها اسم مالك الارض التي سيقام عليها البناء ورقم وتاريخ وثيقة التملك، ورقم وتاريخ رخصة البناء وعدد الادوار المرخص باقامتها، واسم المقاول الذي سيقوم بالبناء واسم المهندس الذي قام بالتصميم، واسم المهندس الذي يشرف على التنفيذ ومدة التنفيذ حتى يسهل على من يرغب في الحصول على شقة في هذا البناء ان يتأكد ان البائع مالك للعقار ومرخص له بالبناء، وان الشقة التي باعها له تدخل في نطاق الترخيص، ويعلم ولو على وجه التقريب الوقت الذي يتسلم فيه الشقة، وحتى يتم احترام هذا القانون تضمن المشروع عقوبات لمن يخالف احكامه تصل الى درجة الحبس ونص مشروع القانون على ان تعلق في موقع البناء قبل ان يبدأ لافتة كبيرة عني القانون بتحديد ابعادها والوانها بل وطريقة كتابتها حتى يسهل على كل شخص الاطلاع عليها، وقد سرت مع هذا المشروع خطوة خطوة، حيث بدأت بعرضه على وزير الاسكان انذاك، وبعد ما اقتنع بالفكرة سار المشرع مساره الطبيعي الى ان صدر به القانون رقم 30 لسنة 1984 ولقد شاء القدر ان أنتقل الى العمل في الكويت بعد ايام من صدور ذلك القانون، وحين جئت اليها وجدت ان الفكرة مطبقة فيها، فكثير من المباني مقام في موقعها لافتة كبيرة تحمل هذه البيانات وربما اكثر منها كقيمة العقد مثلا، وهو ما لم يكن واردا في القانون رقم 30 لسنة 1984 وهكذا طبقت الكويت ذلك القانون مع انه على حد علمي لم يتم تطبيقه في مصر ولو لمرة واحدة خلال ما يناهز ربع قرن!
تحقيق: محمد حنفي
في مسرحية عادل إمام الشهيرة «شاهد مشفش حاجة» يسأل عادل إمام حاجب المحكمة عن اسمه فيرد الرجل: برعي، تضج قاعة المسرح بالضحك وينتاب عادل إمام التعجب ثم يقول للرجل: اسمك ايه برعي.. ودا من إيه لا مؤاخذة، يعني حساسية ولا زعل ولا صحيت من النوم لقيت نفسك برعي، ولا سحلية عدت على رقبتك وأنت نايم.. وتضج القاعة بالضحك المتواصل على برعي.. هذا المشهد الذي تذيعة الفضائيات العربية يجسد مشكلة كبيرة يعاني منها الكثيرون وهي مشكلة الاسم عندما يكون غريبا ومثيرا للضحك والسخرية، التحقيق التالي عن مشكلة برعي.
في البداية يؤكد الاستشاري النفسي والاجتماعي خضر بارون أن مشكلة الأسماء الغريبة يتحملها الآباء في الدرجة الاولى وهي خطأ فادح يصل إلى درجة الجريمة التي يرتكبوها في حق أبنائهم ويواصل قائلا:
ـــ يولد الإنسان وهو لا يختار اسمه، وبعض الآباء يفكرون بطريقة غريبة فهو يريد أن يطلق أسماء أجداده وآبائه على أبنائه حتى لو كانت هذه الأسماء غريبة وبلا معنى وأحيانا تكون أسماء مثيرة للضحك والسخرية، هؤلاء يعتقدون أنهم بهذا الفعل يكرمون أجدادهم وآباؤهم لكنهم في الحقيقة يجنون على أبنائهم، والمثل يقول الحي أبقى من الميت.
عقد نفسية
ويشير بارون إلى أن مشكلة الأسماء الغريبة لا تظهر في مرحلة الطفولة حيث عادة لا يعي الطفل فلسفة وقيمة الاسم وتأثيره عليه فيقول:
ـــ في مرحلة المراهقة تبدأ المشكلة عندما يشعر المراهق أن الاسم الذي يحمله يشكل عبئا نفسيا عليه، حيث يكتشف في مرحلة المراهقة المبكرة أن اسمه الغريب يثير ضحك الآخرين وسخريتهم ويحقر من شأنه أمامهم.
لقد طلب مني أحد الرجال استشارة تتعلق باسمه فقال لي أن اسمه يشعره بالحرج في كل موقف لابد أن يستخدمه فيه، يثير ضحك الناس عليه ولا يعرف كيف يتصرف، والمشكلة تنطبق على الجنسين وليس على الرجال فقط.
وخطورة الأسماء الغريبة أنها يمكن أن تسبب عقدا نفسية لأصحابها، فعندما يشعر الفرد أن اسمه الغريب يجعله شاذا بين رفاقه، ويقلل من شأنه بينهم، يشعر بكراهية هذا الاسم وربما تمتد الكراهية إلى من أن أطلق عليه هذا الاسم سواء الأب أو الأم، والأخطر أنه يلجأ إلى الانطواء على نفسه والانزواء والابتعاد عن الناس والانسحاب.
كما أنه يمكن أن يفقد الفرد ثقته بنفسه وبالآخرين بسبب هذا الاسم الغريب الذي يحمله، ويمكن أن يسبب ابتعاده عن الوظائف القيادية التي يستخدم فيها اسمه كثيرا، أنا لا ألوم من يحملون أسماء غريبة ويريدون تغييرها لأن ما لا يعرفه الكثير من الآباء أن الاسم هوية الإنسان.
تغيير الاسم عن طريق المحكمة
أما المحامي محمد طالب فيقول ان مشكلة الأسماء الغريبة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية موجودة ولا يمكن إنكارها ويتابع:
ـــ في الكويت على سبيل المثال رفع الكثير من الأشخاص قضايا لتغيير أسمائهم، لا أعرف عدد الحالات وما إذا كانت حالات فردية أم ظاهرة، لكن المشكلة موجودة ويعاني منها آخرون رضوا بالاسم الغريب رغم الحرج والضيق الذي يسببه لهم.
تغيير الاسم في المجتمع الكويتي ممكنة ولكن وفق أطر محددة، فالقانون أجاز تعديل اسم الفرد إذا كان هذا الاسم يحط من قدره ويسبب تحقير الناس له ولكن يتم ذلك وفق إجراءات معينة حددها القانون.
أولى هذه الخطوات أن من يرغب في تغيير اسمه عليه أن يتقدم بكتاب إلى «لجنة دعاوي النسب وتعديل الأسماء» وهي لجنة قضائية يرأسها وكيل نيابة، وتقوم هذه اللجنة بالتعرف على سبب الرغبة في تغيير الاسم من خلال استدعاء الراغب في تغيير اسمه والشهود مثل أفراد أسرته، هذه اللجنة وجوبية بمعنى أن من يرغب في تغيير اسمه لابد أولا أن يمر على هذه اللجنة.
بعد ذلك ترسل اللجنة نتيجة التحقيق الذي قامت به إلى المحكمة وهي هنا «دائرة أحوال النسب» وهي المختصة بدعاوي الأحوال الشخصية ومنها تغيير الأسماء، ونلفت الانتباه هنا إلى إنه إذا كانت اللجنة وجوبية فإن رأيها بالنسبة للمحكمة غير وجوبي أي أن للقاضي أن يأخذ برأيها أو لا يأخذ فللمحكمة وحدها الحكم بتغيير الاسم أو برفض طلب الراغب في تغيير اسمه.
اختصام الدولة
ويشير طالب إلى نقطة مهمة وهي أن الشخص الذي يريد تغيير اسمه يختصم الدولة كلها في الدعوي فيقول:
ـــ الشخص الراغب في تغيير أسمه يختصم في الدعاوي كل الجهات المنوطة بتغير اسمه وهي هنا وزارات الدولة تقريبا لما يترتب عليه من تغيير في سجلات الدولة إن وافقت المحكمة على تغيير الاسم،ولكن دون أن يكون لهذه الوزارات رأي في الموضوع فالرأي الأول والأخير للمحكمة.
وبالطبع فليس كل من يرغب في تغيير اسمه تحكم له المحكمة بذلك، فهناك حالات كثيرة رفضت المحكمة تغيير الاسم لأنها وجدت أن الاسم يتماشى مع الأسماء المنتشرة في المجتمع ولا تسبب تحقيرا أو تقليلا من شان صاحب الاسم، بمعنى آخر لو أن شخصا اسمه أحمد يريد تغيير الاسم إلى حمد فهذا غير مبرر، ولو أن شخصا يحمل اسم مشعل يريدتغييره إلى اسم عمر فهذا غير مبرر أيضا.
لكن في الحالات التي يكون فيها الاسم غريبا ومضحكا غالبا توافق المحكمة على تغيير الاسم إلى آخر من الأسماء المتعارف عليها في المجتمع وليس باسم آخر أكثر غرابة وشذوذا.
قرارات وزراء الحكومة المستقيلة.. «عاجل من الأمور».. أم تنفيع ؟
أعضاء الحكومة المستقيلة
إعداد: مبارك العبدالله
من المتعارف عليه وفق الاطر القانونية التي رسمها الدستور انه بعد استقالة الحكومة لا يتم تكليفها بأي امر تتخذه، باستثناء ما يسمى بتصريف العاجل من الامور، مثل بعض الاجراءات الادارية التي من شأنها تعطيل العمل اذا لم يتم انجازها.
هذه القاعدة مفهومة ومعروفة لدى كل اهل القانون والخبراء الدستوريين، لكن هناك قرارات ادارية كثيرة تلغيها المحاكم وقد ذيلت بتوقيع الوزير كقرارات الترقية والاجازات وغيرها من الامور الخاصة بالوزارة.
ثمة اتهامات تشير اليها اصابع القانونيين بأن اغلب القرارات التي يتخذها الوزراء في نهاية عملهم بالوزارة التي يحتمل عدم رجوعهم اليها هي غير قانونية، وهدفها تنفيعي، لانهم يحسبون ان هذه القرارات مكافأة من الحكومة في نهاية الخدمة.
ويشير القانونيون الى اهمية حضور الحكومة لجلسات مجلس الامة، موضحين ان ذلك يعتبر الزاميا لها لانه يسمح للمجلس بلفت نظرها بشأن تجاوزاتها في القرارات التي اتخذت تحت بند «العاجل من الامور».
ويرون ان ما يتخذه بعض الوزراء اعضاء الحكومة من مجمل قرارات لا يندرج تحت مفهوم العاجل بمعنى الكلمة، مشيرين الى ان عدم ترقية موظف او تعيين وكيل وزارة او منح اجازة مرضية او ابرام صفقة او مناقصة لن يعطل عمل الوزارة او يغلق بابها اذا لم يتم اتخاذه.
«القبس» استطلعت آراء خبراء الدستور والقانونيين عن مفهوم القرارات العاجلة، ومتى يتم اتخاذها، وكيف يتصدى القضاء للمخالف منها في المحاكم.
في البداية يوضح الخبير الدستوري د. محمد الفيلي ان الحكومة المستقيلة تكلف دائما بتصريف العاجل من الامور الى حين تشكيل الحكومة القادمة وفق الاطر القانونية المعمول بها.
وأضاف: ان العاجل من الامور يستخدم في القانونين الدستوري والاداري، بمعنى ان ماكان عدم اتخاذه قد يفوت مصلحة او يلحق ضررا، وبالتالي يلزم اتخاذه كإجراء.
الشؤون اليومية
وتابع الفيلي: ويضاف الى ذلك الامور اليومية مما لا يستقيم عمل الادارة الا بها، كإجازة موظف، او شراء مواد مما تحتاجه الادارة، وهو ما يتصل بالحياة اليومية للادارة، مشيرا الى انه في بعض الدول يستخدمون تعبير تصريف الشؤون اليومية الادارية وليس العاجل من الامور.
وأكمل: اذا ومن هنا نعرف ان العاجل من الأمور ينصرف الى نوعين: الاول وهو ما لا يستقيم عمل الادارة إلا به في الحياة اليومية، والآخر هو ما كان عدم اتخاذ قرار به قد يلحق ضررا أو يفوت مصلحة مهمة.
وزاد: فاذا وصلنا الى هذا التعريف تأتي الاشكالية على ماذا ينطبق هذا المفهوم!، بالتأكيد يجب ان نأخذ كل قرار على حدة، ونتساءل هل ينطبق هذا الامر أم لا؟!
ولو رجعنا الى الأمور التي تتخذها الحكومة المكلفة بالعاجل من الأمور لوجدناها المرسوم وقرار مجلس الوزراء والقرارات الوزارية، وكلها تخضع لرقابة القاضي الاداري.
واضاف الفيلي: القضاء الاداري يستطيع تحديد ما اذا كان القرار يدخل ضمن العاجل من الامور أم لا، بالاضافة الى القاعدة الكلية للقانون الدستوري وهي ان الحكومة عضو في مجلس الامة، ويلزم حضورها جلسات مجلس الامة، وهذا الحضور يسمح للمجلس بأن يلفت نظرها الى ان هناك تجاوزا بشأن القرارات المتخذة بالعاجل من الامور.
حكومة عرجاء
ويعلق المحامي نجيب الوقيان على الموضوع قائلا: تعترف الحكومة بأنها في هذه الفترة تعتبر «عرجاء»، بدليل أنها امتنعت عن حضور جلسات مجلس الامة، الامر الذي جعل اعضاء المجلس يصرخون بأعلى الصوت بان هناك امورا عاجلة وقوانين ملحة لا تحتمل التأجيل، وان هذه الاستقالة في وجهة نظر الاعضاء لا تعتبر مبررا لغيابهم عن جلسات مجلس الامة، ويعتبر البعض منهم ان العاجل من الامور هو اصدار تلك القوانين وانه لا يمكن لهذا العرج ان يمنعهم من الحضور.
واضاف: ولكن ان قبلنا مجبرين بوجهة نظر الحكومة بأنها تعيش في العناية المركزة في هذه الفترة القصيرة، فلزاما عليها ان تكون حالة المرض سارية على كل افعالها، فتتوقف كذلك عن اتخاذ اجراءات نفعية لوزرائها.
وتابع: وعلى سبيل المثال لا يمكن ان يقبل عقلي ان يتم في هذه الفترة الحرجة تعيين أي وكيل وزارة او وكيل مساعد ولا حتى القيام بتوقيع مناقصات او نقل احد الموظفين، لان كل هذه الاجراءات لا تعتبر من وجهة نظري عاجلة ولا يمكن لأي وزارة ان تفلس اذا ما تم الامتناع عن تعيين وكيل وزارة جديد في هذه اللحظة، ولا أي صفقة او مناقصة سيترتب عليها اغلاق باب الوزارة في هذه اللحظة.
وقال الوقيان: اتمنى ألا يتحمل الوزير فقط المسؤولية السياسية عما يتخذه من اجراءات او صفقات في تلك الفترة فقط، بل يجب ان يحال الى محكمة الجنايات.
واوضح ان التجربة السياسية في الكويت اثبتت ان اكثر من وزير قبل ان يغادر وزارته الساعة 12 ظهرا بصفة نهائية وقع العديد من الاوراق والمعاملات وما خف وزنه وثقل ثمنه، وكالعادة لانه يعلم ان مجلس الوزراء دائما رحيم بوزرائه ويعتقد ان هذه هي مكافأة نهاية الخدمة له.
واستدرك قائلا: لكن محكمة الجنايات تطبق قانون الجزاء ولا تعرف خفيرا او وزيرا امام القانون.
معايير محددة
من جانبه، يوضح المحامي عماد السيف انه لا يوجد في الدستور تعريف محدد او معيار منضبط لتحديد القرارات التي يمكن اعتبارها من العاجل من الامور، والتي تتولى الحكومة المستقيلة تصريفها.
واضاف: «ما يعتبره البعض من الامور العاجلة قد لا يعتبره البعض الآخر كذلك، وفي حال غياب معيار محدد يمكن اخضاع قرارات الحكومة المستقيلة له حتى نضع حدا فاصلا وواضحا بين ما هو عاجل يجب اتخاذه دفاعا عن مصالح الدولة وحقوق الافراد، وما هو غير عاجل او مؤثر ولا يترتب على عدم صدوره اي ضرر بمصالح الدولة وحقوق الافراد».
وتابع السيف قائلا: «وفي غياب هذا الحد الفاصل والمعيار المنضبط فإنه يجب الرجوع الى تعريف الفقه والقضاء لحالة الاستعجال التي تمثل الركن الاساسي لاختصاص القضاء المستعجل وهو القضاء المختص بالنظر في الدعاوى المستعجلة التي يخشى على الحقوق المتنازع عليها في هذه الدعاوى من الضياع باتخاذ اجراءات سريعة لا تحتمل الانتظار».
واشار الى ان المشرع العادي كما هو المشرع الدستوري لم يضعا معيارا ثابتا لحالة الاستعجال مما حدا برجال الفقه والقضاء الى الاجتهاد في وضع تعريف للاستعجال واستقروا على ان الاستعجال هو الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه باتخاذ اجراءات سريعة لا تحتمل الانتظار، وترتيبا على ذلك فإن حالة الاستعجال تتوافر في كل حالة يراد منها درء ضرر مؤكد قد يتعذر تداركه اواصلاحه.
واكمل حديثه: «اذا استخدمنا تعريف الفقه والقضاء لحالة الاستعجال في رسم الحد الفاصل بين القرارات الحكومية العاجلة الواجب اتخاذها في حالة الحكومة المستقيلة وغير العاجلة الممكن تأجيلها وترحيلها إلى الحكومة الجديدة لا سيما ان فترة تشكيل الحكومة في الدستور الكويتي طويلة فإنه من السهل جدا تقييم القرارات التي تصدرها الحكومة هذه الايام من خلال مراقبة الهدف من وراء اصدارها من خلال استجلاء حالة الاستعجال التي تتطلب اصدار قرارات حكومية تهدف الى درء الضرر عن مصالح الدولة وحقوق الافراد المنوط بالسلطة التنفيذية الذود عنها».
تاريخ الاستقالة
اما المحامي مزيد اليوسف فيعلق على الموضوع قائلا: «بمجرد استقالة الحكومة، فإن يدها تغل عن تصريف الاعمال التي كانت داخلة ضمن مهامها وفي سلطتها، فالحكومة المستقيلة لا تخضع لرقابة مجلس الامة خلال الفترة الواقعة من تاريخ استقالتها وحتى تاريخ تعيين حكومة جديدة مكانها، وهي فترة ليست بالقليلة وقد تمتد لاشهر، وبالتالي لا يقبل التصريح لها بمباشرة اعمال لا يمكن مساءلتها عنها، طبقاً لقاعدة ان الحكومة الجديدة غير مسؤولة امام البرلمان عن اعمال سلفها».
واضاف: «لكن لهذا الاصل استثناء نص عليه الدستور الكويتي، عندما اذن للحكومة المستقيلة بتصريف العاجل من الامور لحين تولي خلفها زمام الأمور، وهو استثناء دعا إليه واجب صون مصالح البلاد والعباد الملحة، وضرورة سير مرافق الدولة بانتظام واطراد، وتجنباً لسقوط الدولة في ظلام غياب السلطة التنفيذية.
وأشار اليوسف إلى ان الدستور الكويتي لم يحدد ولا مذكرته التفسيرية، الأمور التي تعتبر عاجلة على سبيل الحصر، ولم يضع لها تعريفاً ثابتاً، فالحصر دون شبه مستحيل هذا أولاً، ثم كون تعريفها ليس بالعسير وهذا ثانياً، فالعاجل من الأمور وكما هو واضح من اللفظ يعني كل عمل لا بد للحكومة من القيام به حالاً دون تأخير، باعتبار ان التأخير في إنجازه يسبب ضرراً بمصالح الدولة الملحة، ويضاف إلى الأعمال الملحة، تلك اللازمة لضمان حسن سير مرافق الدولة بانتظام، فاستقرار مرافق الدولة يُعتبر أيضاً حاجة ملحة لأنها لازمة لمصالح العباد.
وتابع: ولأن تصريف العاجل من الأمور هو استثناء على الأصل، ولأنه يتعارض مع حرص الدستور الكويتي على إخضاع أعمال الحكومة لرقابة مجلس الأمة، فإنه يمتنع على السلطة التنفيذية التوسع في تفسير العاجل من الأمور، وألا تتخذه ذريعة لتصريف أعمال ما كان باستطاعتها القيام بها تحت رقابة نواب المجلس.
وضرب اليوسف على ذلك مثالاً بتدوير الموظفين وترقياتهم، كما في القرارات التي اتخذها الوزير أحمد باقر بشأن القياديين في الهيئة العامة للصناعة، أو توقيع عقود المشاركة في المشاريع الضخمة كمشروع «داو كيميكال للبتروكيماويات»، أو ترسية المناقصات ذات الجدل كمناقصة «مصفاة النفط الرابعة»، كلها أعمال لا تُعد مطلقاً من ضمن تصريف العاجل من الأمور، وإن قامت بها الحكومة فلا ريب ان غايتها التهرب من قبضة البرلمان الرقابية وليس تحقيق حاجات ملحة، لأن مثل هذه الأعمال لا يوجد فيها أي وجه للاستعجال، وبإمكانها الانتظار لحين تولي الحكومة الجديدة سلطتها بغير ضرر يمس بسلامتها.
وقال: إن خالفت الحكومة هذا النظر وتوسعت في تصريف أعمال تعتبر من ضمن العاجل، فكيف السبيل لمحاسبة مع وجود قاعدة ان الحكومة الجديدة لا تتحمل تبعات أعمال من سبقها أمام البرلمان؟
وزاد: الجواب يكمن في المحكمة الدستورية، المختصة بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح، إذ يمكن لمجلس الأمة اللجوء إليها للفصل فيما إذا كان هناك عمل تم اتخاذه من الحكومة المستقيلة يعتبر من ضمن العاجل من الأمور من عدمه، باعتبار ان هذا يدخل ضمن سلطة المحكمة بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية المراسيم بقوانين واللوائح.
واقعة مطروحة
أوضح الخبير الدستوري د. محمد الفيلي انه لا يستطيع التعليق على قرارات الحكومة المستقيلة الحالية وما اذا كانت تدرج تحت مسمى العاجلة ام لا، مشيرا الىانه يجب ان تكون هناك واقعة مطروحة حتى يتم تدارسها.
إحالة المحكمة
تنص المادة 13 من قانون محاكمة الوزراء انه على المحكمة المنظورة امامها اي دعوى يسري عليها هذا القانون ان تحيلها بحالتها من تلقاء نفسها الى المحكمة المشكلة طبقا لهذا القانون.
محاكمة الوزراء
طالب القانونيون بأن يحاكم الوزراء في حال ثبوت مخالفات بحقهم امام محاكم الجنايات لانها تطبق المواد الجزائية، مشيرين الى ان مواد القانون تنص على ضرورة معاقبة كل موظف عام او مستخدم او عامل تسبب بخطئه في الحاق ضرر جسيم بأموال او مصالح الجهة التي يعمل فيها او يتصل بها بحكم وظيفته او بأموال الغير او مصالحه المعهود بها الى تلك الجهة بأن كان ذلك ناشئا عن اهمال او تفريط في اداء وظيفته او عن اخلال بواجباتها او عن اساءة في استعمال السلطة داخل البلاد بالحبس المؤقت مدة لا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف دينار، ولا تزيد على 20 الف دينار او باحدى هاتين العقوبتين.
لا شك في أنك حر في ملكك، لا يمنعك أحد من التصرف فيه كيفما تشاء سواء بالبيع او بالشراء او بالهدم او بالبناء، ولك ان تستعلمه بنفسك او ان تؤجره لغيرك، كل هذا من حقك، فلا يستطيع احد ان يقيد حريتك فيه، فالملكية مصونة بنص الدستور، ومع ذلك فان هذه الحرية ليست حرية مطلقة، وانما هي حرية مقيدة، او كما يقول علماء القانون حرية قانونية او حرية مدنية، وهي الحق في فعل ما لا يحرمه القانون.
لهذا فقد نص الدستور على ان الملكية حرية فردية ذات وظيفة اجتماعية لانك تعيش في مجتمع، والمجتمع له حق عليك، ومن هذه الحقوق حقوق الجار، فإذا كانت الاملاك متلاصقة، فإن القانون يجبر كل مالك ان يضع حدودا لاملاكه المتلاصقة مع جاره، ويمنع كلا منهما من ان يقيم فتحات على ملك جاره الا في الحدود التي يسمح بها القانون، اي بارتفاع معين او بزاوية معينة احتراما لخصوصية ذلك الجار، بل يجبر كل مالك على ان يترك مسافة بينه وبين حدود جاره، ويمنعه من القيام باي عمل يقوم به لمجرد الاضرار بجاره، فالمالك الذي يقيم على حدود ارضه حائطا عاليا لمجرد ان يحجب الضوء والهواء عن جاره دونما فائدة تعود على المالك من ذلك الحائط يعد متعسفا في استعمال حق الملكية.
ولذلك فان من حق الجار ان يلجأ الى القضاء ليمنع المالك من اقامة هذا الحائط او ليقضي بازالته اذا كان قد اقامه، ولم تعد حقوق الجار اليوم مقصورة على الجدار او على المطل، وانما اتسعت لتشمل الذوق والجمال، فقد قضي في بريطانيا بإلزام مالك بتغيير لون واجهة منزله لان جاره يتأذى من ذلك اللون، وقد برر الحاكم ذلك بان الجار يطالع لون المنزل المواجه لمنزله اكثر مما يطالعه المالك نفسه، كما ان بعض المدن تفرض على ملاك العقارات فيها لونا معينا لطلاء واجهات منازلهم لاضفاء لمسة جمالية على المكان، من هذه المدن الدار البيضاء التي تفرض على جميع الملاك طلاء منازلهم باللون الابيض، كما ان بلدية باريس تفرض على المباني الاثرية الاحتفاظ باللون الرمادي الذي يعلو اسطح هذه الابنية صيانة للتاريخ.
وإذا كان لجارك حديقة تطل عليها شرفة منزلك فان من حقك ان تفرض عليه الاعتناء بهذه الحديقة لتبقى في حالة تسر الناظرين، فليس من حقه ان يتركها خربة او يستخدمها في تخزين اثاث بال او ما شابه ذلك ليؤذيك بالمنظر المواجه لشرفتك، وقد قضي في الكويت بإلزام الجار بأداء تعويض باهظ لأنه يملك مخزنا ملاصقا لمخزن آخر، وقد أهمل الأول في نظافة مخزنه الى ان تكاثرت فيه الحشرات وزحفت الى مخزن الجار، وهو مخزن للأثاث، فأتت على الاثاث الموجود فيه، والذي كان يقدر بالملايين، فألزمته المحكمة بالتعويض عن الضرر الذي اصاب ذلك الجار.. وهكذا فانك وان كنت حراً في ملكك فان لجارك عليك حقاً!
«المحامين» اعتبرت مطالبات إلغائها المتزايدة تدخلا في شؤونها هل أتعاب توقيع صحف الدعاوى قانونية؟
لماذا تفرض جمعية المحامين اتعاب توقيع صحف الدعاوى على المواطنين؟ ولماذا لا تكون هذه الاتعاب مجانية؟
تساؤلات تتجدد ومطالبات لم تنته في هذا الشأن، فقد سبق ان طالب قسم ضباط الدعاوي بإلغاء هذه الرسوم المتعلقة بالمعونة القضائية، كما ان ادارة الفتوى والتشريع، وحسب مصادر موثوقة، تجهز لاعداد مذكرة لرفعها الى مجلس الوزراء تطالب فيها بإلغاء هذه الرسوم، فلماذا لا يكون التوقيع على صحف الدعاوى مجانيا للمتقاضين.
بعض المحامين يشاطروننا الحس الانساني، اما البعض الآخر فيرى ان هذا الامر تدخل في شؤونهم القانونية، وبالمعنى الصحيح يرون ان عدم تحصيلهم للرسوم يعني ان يغلقوا مكاتبهم ويجلسوا في بيوتهم!
تقول جمعية المحامين، حسب ما جاء في رأيها الذي ابدته في مذكرة قدمتها الى رئيس محكمة الاستئناف بعد المطالبة بإلغاء هذه الاتعاب، «حرص المشرع الكويتي في شأن توقيع صحف الدعاوي والطعون الاستئنافية على ان توقع من محام مقيد مقبول بدرجة القيد التي تؤهله للتوقيع امام المحكمة المقبول للترافع امامها، فلا يجوز ان توقع صحيفة دعوى من محام متدرب، بل يجب ان يكون محاميا مقبولا للترافع امام المحكمة الكلية ليحق له التوقيع على الصحف الابتدائية التي تزيد قيمتها على 5000 دينار والا شابها البطلان، كذلك لا يجوز لغير المحامين او المحامين الذين تقل درجة قيدهم عن محام مقبول امام محكمة الاستئناف التوقيع على طعون الاستئناف».
حماية المتقاضين
واضافت: الهدف من هذه المادة هو حماية المتقاضين من الوقوع في اخطاء شكلية تذهب الحق وتلغيه، فحرص المشرع على ان يتحمل هذه المسؤولية محام مرخص له بذلك، فيحمل وزر الخطأ الشكلي الذي قد يعتلي الصحيفة، وهذا يتطلب جهدا قد يكون بسيطا، لكنه مثل بآثار البطلان الشكلية ومتحمل لتبعيته والرجوع عليه بالتعويض في حال وقوع بطلان الصحيفة او بطلان صحيفة الطعن من الناحية الشكلية.
وتابعت: ليس من المقبول ان تتحمل الادارة نتيجة اخطاء موظفيها من هذه العيوب الشكلية، فرغبة المشرع في فلترة القضية من متخصص يضفي عليها الحماية القانونية ويضمن حق المتقاضين اثناء سير الدعوى، وقد يكون المشرع قد لاحظ وجود اخطاء كثيرة من قبل الادارة، الامر الذي ادى به إلى صياغة هذه المادة لحفظ حق المواطنين والمقيمين على حد سواء من الوقوع في أخطاء شكلية تؤدي إلى ضياع الحقوق.
وتطرقت إلى بداية عهد الكويت بالقانون وفي فترة الستينات ولندرة المتخصصين القانونيين من المحامين أسندت هذا لأمر، قياساً على أداء الشقيقة الكبرى جمهورية مصر العربية لوجود من يدعي (عارض حاجة) أو ما اتفق على تسميته شعبياً بهذا الاسم على الموجودين أمام المحاكم المصرية حتى وقتنا هذا، لصنعتهم في صياغة حوائج الناس والمتقاضين فقامت الحكومة بتعيين، في وزارة العدل في فترة الستينات، من يسمى بـ «ضباط الدعاوى»، وأدخلوا إلى المحاكم في رقي واضح وأصبحوا منذ ذلك الحين وحتى الآن وهم يزاولون هذا العمل الرائع رغم جود ما يناهز ألف محام ومحامية في الوقت الحالي على استعداد تام للقيام بهذا العمل القانوني ولعدم وجود مبرر لبقاء ضباط الدعاوى لوفرة المحامين ومكاتبهم ولاعتراف القضاء والمشرع الكويتي والمتقاضين بدور المحامين الكويتيين، لأنهم جزء من المجتمع الكويتي وأبناء لهذا الوطن المعطاء ولهم دور يجب أن يقوموا به من دون منافسة أو ضغط.
الاستدلال بالقانون
وأشارت إلى أن المادة 46 من قانون تنظيم مهنة المحاماة تقول «دون الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون الجزاء أو قانون آخر يعاقب كل من اشتغل بالمحاماة من دون أن يكون مأذوناً له بتلك العقوبة المقررة لجريمة النصب المنصوص عليها في قانون الجزاء».
وقالت إن الإذن هنا لا يأتي حسب فهم المادة، بل ذلك الإذن هو الذي يصدر من لجنة قبول المحامين التابعة لجمعية المحامين الكويتية وعمل المحامي يكون في كتابة وإعداد الصحف والطعون والترافع والدفاع وكذلك إعداد وتقديم الاستشارات القانونية المكتوبة والشفوية وغيرها من الأمور، وضابط الدعوى لم يرد بجميع القوانين الكويتية إلا في المادة رقم 5 من الحديث عنها للاخطار بالقانون لسنة 1960، بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية والقوانين المعدلة له.
وزادت ان المشرع الكويتي لم ينظم قانوناً خاصاً لعمل ضابط الدعاوى على الإطلاق، بل كما جاء في نص المادة سالفة البيان متخصصاً في مطابقة ورقة الإعلان بعد كتابتها بمعرفة الطالب. وان كان لا يجيد ذلك يتم تعريض ضابط الدعوى بمعرفة الطلب، أي توجيه طالب الدعوى إلى ما يريد وكيفية الإعلان وعنوان خصمه وإلى كل ما يتعلق بورقة الإعلان، هنا يتبين ان ضابط الدعوى غير معني على الإطلاق بكتابة الصحيفة، بل معني حسب القانون بتحرير ورقة الإعلان إن أراد المتقاضي ذلك بمراقبة ضابط الدعوى، ولم يشر عن الدور في كتابة الصحيفة نفسها بمعرفة ضابط الدعاوى.
وأضافت: لن نطيل في ذلك، فالمسألة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، لكن لوجود العرف ولقلة عدد المحامين في وقت سابق سكت عن هذا الأمر من باب التخفيف عن الناس الذي نؤيده ونصر عليه.
تدخل في المهنة
وعن مقولة ان الجمعية يجب الا تحصل من المتقاضي اتعابا ردت قائلة: هذا تدخل في شأن المهنة غير مبرر على الاطلاق، فباستطاعة المحامين الا يوقعوا على صحف الدعاوى المكتوبة بمعرفة ضباط الدعوى او غيرهم وان يحيلوا جميع المتقاضين الى مكاتبهم ان ارادوا، لكنهم ورغبة من جمعيتهم في التخفيف على الناس ارادوا ان يساهموا بجهدهم القانوني في مراقبة الصحف التي تكتب هنا وهناك باتعاب رمزية لا تمثل شيئا من اتعاب المحاماة المعروفة.
ملاحظة.. وتقييم
واوضحت انه ومن باب الملاحظة والتقييم فان الكثيرين من زملائنا الاجلاء اكملوا بعض القضايا التي رفعت بوساطة ضباط الدعوى، وواجهوا الكثير من المصاعب لتصحيح شكل الدعوى ووضعها في مسارها الطبيعي، وقام المواطنون، ولاسباب كثيرة تمنعهم من متابعة الدعوى لطول امد التقاضي والدفع والدفاع، باسناد قضاياهم لمحامين متخصصين بعد عجز المواطن عن اكمالها ومتابعتها.
وبينت ان المحامي مسؤول عما يعتري الدعوى من خلل يرجع عليه بالتعويض في حالة اخفاقه، وتتبرأ الادارة من اي مسؤولية بسبب بطلان الصحف او عدم الدفع في اول جلسة عن العيوب الشكلية لمواطنين لا يعرفون شيئا عن هذه الدفوع.
واشارت الى ان الدول المتحضرة تعتمد اعتمادا كليا على المتخصصين القانونيين المرخص لهم بالترافع عن المتقاضين وكذلك فان شعوبهم تؤمن وتجل دور المحامي الذي يعمل من اجل صيانة الحقوق وتطبيق القانون.
رأي معارض
المحامية فوزية الصباح، من ضمن الذين يعترضون على دفع رسوم مالية مقابل توقيع المحامية على صحيفة الدعوى، وتوضح ذلك قائلة «ان القانون نص بصراحة على توقيع محام مقيد في جدول المحامين على صحيفة الدعوى قبل رفعها الى المحكمة، والا فان الدعوى باطلة من حيث الشكل، والهدف من ذلك هو مراجعة المحامي للصحيفة من الناحية الشكلية والقانونية واستيفائها الطريق الصحيح الذي رسمه القانون، لكن الواقع يشير الى ان ضباط الدعاوى نظرا لعملهم في مجال كتابة صحف الدعاوى يملكون خبرات قد تفوق خبرات المحامين احيانا، ومن ثم فان المحامي دوره يقتصر على التوقيع فقط».
واضافت: انا ضد الاجراء الذي اتخذته جمعية المحامين، وألزمت كل صاحب صحيفة دعوى بالتوجه الى مكتب الجمعية في المحكمة للحصول على توقيع مقابل مبلغ مادي، ثم ان المحاماة مهنة انسانية وليست تجارية حتى تتربح جمعية المحامين من وراء المساكين الذين لا يستطيعون توكيل محام.
وزادت متسائلة: الى اين تذهب اموال الرسوم؟ انها تذهب الى بعض الندوات التي لا تأتي بشيء جديد، او لسفرات اعضاء الجمعية لحضور بعض المؤتمرات والندوات وغيرها، أو لنفقات الجمعية والبوفيهات وحفلات الجمعية في الفنادق والمطاعم، وغيرها، ونحن كما ذكرنا ضد هذا الاجراء، لان صاحب القضية مجبر على دفع رسم مقابل التوقيع.
وتابعت: أتمنى صدور قانون يمنع جمعية المحامين من استحصال هذه الرسوم، وان كان لابد من دفع رسوم على التوقيع فلماذا لا تكون هذه الرسوم رمزية اي ان يُدفع دينار او ديناران على التوقيع؟ كما انني اتمنى ان تمتلك جمعية المحامين الشجاعة وتعلن عن المبالغ التي تتحصل عليها من رسوم التواقيع، وكذلك كيفية صرف هذه الرسوم بعد تحصيلها.
وقالت: انا لست ضد اعضاء جمعية المحامين الحاليين لأنني اكن لهم كل احترام، فهذا القرار غير الانساني صدر عن مجلس ادارة الجمعية السابق، وربما بسبب قلة موارد الجمعية، ولكن هذا لا يعني استغلال الناس وحاجتهم الماسة للتوقيع لاجبارهم على دفع الرسوم، وانا بهذه المناسبة اوجه ندائي الى السطلة التشريعية للاسراع في إصدار قانون يمنع تحصيل رسوم على المتقاضين مقابل التوقيع.
إجراء جوهري
ومن جهته قال المحامي هاشم الرفاعي «ان توقيع محام امام المحاكم الكويتية هو اجراء جوهري في شكل صحيفة الدعوى ويترتب على اغفاله بطلان القضية، وهذا يعني ان توقيع المحامي المقبول امام المحكمة يعد ضمانا من الضمانات لجدية التقاضي، كما ان المحامي قبل توقيعه للصحيفة يقرأ ما تحتويه وكيفية رفعها والجهة القضائية المختصة وذلك للاطمئنان الى ان الصحيفة كتبت بما يتفق مع الاحكام والقوانين القضائية، وفي كل الاحوال فإن هذا الاجراء ينص عليه القانون ولابد من اتباعه، اما تقاضي رسوم على التوقيع من عدمه فهو يعود الى جمعية المحامين خصوصا ان هذه الجمعية عليها مصاريف ونفقات كبيرة لا بد من سدادها.
ما بين الرأيين
اما المحامي نجيب الوقيان فكان ما بين الرأي المعارض والمؤيد عندما اكد ان المبلغ الذي يؤخذ من خلال التوقيع على صحف الدعاوى يعتبر زهيدا، لكنه اشار الى انه يجب الا يكون المبلغ المحصل هو مقابل توقيع فقط، وانما يلحقه نصح وارشاد، بحيث يعطي المحامي جزءا من هذا العمل النفعي استشارة شبه مجانية.
وتابع: جمعية المحامين بحاجة الى مصاريف لاثراء الثقافة القانونية، وعمل المحاماة يحتاج الى صرف، واذا كانت المسألة بالتوقيع فهناك مصاريف اخرى مثل هذه، خصوصا انه في كثير من الاحيان يقوم المحامون بعمل تطوعي عن طريق تكليف محامين بالترافع في قضايا تكلفهم في الحقيقة مبالغ طائلة.
الغني والفقير..
واوضح المحامي محمد الانصاري انه وفي ظل حرص الدولة على الاهتمام بمرفق القضاء بهدف الفصل في المنازعات بين المتقاضين، وفي ظل حرص الدولة على ان يكون باب القضاء مفتوحا امام جميع الافراد، الغني والفقير على حد سواء، حرص المشرع الكويتي على حماية حقوق الاشخاص المحدودي الدخل، وهم الذين تشق عليهم اتعاب توكيل محامين، وذلك للدفاع عنهم، لذلك اجازوا لذوي الشأن ان يرفعوا دعواهم من دون الاستعانة بمحامين وذلك من خلال ضباط الدعاوى الذين يعدون صحف الدعاوى بناء على طلب ذوي الشأن.
واضاف: نهيب بالزملاء المحامين تحري جانب الحيطة والحذر عند التوقيع على هذه الصحف، حيث يجب على المحامي قبل ان يوقع على الصحيفة ان يقوم بمراجعتها، والتأكد من خلوها من اخطاء قانونية قد يكون من شأنها اسقاط وضياع حقوق أصحاب الشأن، كما قد تحوي الصحيفة بعض العبارات التي تشكل جريمة السب والقذف المعاقب عليه قانونا.
وتابع: من هذا المنطلق يجب على المحامي ان يمعن النظر في الصحيفة قبل التوقيع عليها لوجود اسمه عليها، ولا يعفيه من هذا الواجب انه لا يأخذ اتعابا عن هذا التوقيع او ان ما يدفعه اصحاب الشأن من رسوم للجمعية نظير هذا التوقيع لا يتناسب مع الاتعاب التي يحصل عليها المحامون في الاحوال العادية، لان مسألة الاتعاب لا علاقة لها بمسألة المسؤولية عما ورد في تلك الصحيفة، لذلك نهيب بكل زميل ونقول له «اقرأ الصحيفة قبل ان توقع عليها وراجعها جيدا، وتأكد من صحة المعلومات والبيانات الواردة فيها، فهي في جميع الأحوال منسبوبة اليك، سواء أخذت على ذلك مقابلا ام لم تأخذ. لنجلس في البيوت
المحامية مي الغانم رفضت مبدأ الغاء رسوم صحف الدعاوى، حيث اعتبرت المبلغ المحصل لا يشكل عبئا على من يريد ان يرفع دعوى قضائية امام المحكمة.
وتابعت: كلنا يعلم ان مهنة المحاماة انسانية، لكن لا يمنع المحامي من مبالغ زهيدة نتيجة عطاء كبير، فهذا الامر يدعونا الى اغلاق مكاتبنا والجلوس في بيوتنا.
واشارت الى انه لا يوجد في العالم في الوقت الحالي موظف عمومي لصياغة صحف الدعاوى للمواطنين الا في الكويت وليبيا.
الرسوم: ١٠ دنانير لأول درجة و٢٠ للاستئناف
اوضح رئيس جمعية المحامين عبداللطيف صادق، ان الرسوم التي يتم تقاضيها بشأن توقيع صحف الدعاوى تكون بقيمة ١٠ دنانير لمحكمة أول درجة، و٢٠ دينارا لدعوى الاستئناف، اما التمييز فهي تحتاج الى شكلية معينة، لذلك فلا بد من ان يكون فيها توكيل للمحامي.
واشار صادق لـ«القبس» ان هناك دعاوى توقعها الجمعية بالمجان مثل قضايا النفقة او الامور التي تتعلق بالعمالة الوافدة، مراعاة لظروف بعض الأسر.
«قضية رأي عام» مسلسل مصري اذيع من قناة دبي في شهر رمضان الماضي وهو يدور حول جريمة اغتصاب كانت ضحيتها ثلاث فتيات الاولى استاذة في كلية الطب وهي متزوجة منذ زمن ولديها اولاد كبار، والثانية طبيبة متزوجة حديثا وحامل في طفلها الاول، اما الثالثة فتعمل ممرضة وهي آنسة لم تتزوج بعد، وكن عائدات من مهمة انسانية لانقاذ مريضة.
ولقد تناول المسلسل اثار هذه الجريمة البشعة على الضحية وعلى اسرتها وعلى المحيطين بها، فالزوجة طلقت وكادت تفقد وظيفتها، والحامل فقدت جنينها ثم فقدت حياتها ايضا، والمخطوبة فسخت خطبتها كما كاد اخوها ان يقتلها ليغسل عاره، ولقد اعجبني هذا التناول لانه لم يركز على الجريمة ذاتها، وانما اهتم بتداعياتها وانعكاساتها بل وموقف المجتمع من الضحية، فالبعض لامها من دون ادنى خطأ من جانبها، ومع ذلك فقد وقع المؤلف في خلط المفاهيم القانونية لجرائم العرض فقد كان ضابط الشرطة يتحدث عن الضحية الثالثة وهي الآنسة التي لم تتزوج بعد، فقال اننا في انتظار التقرير الطبي فاذا ثبت انها كانت عذراء فستكون العقوبة اشد لانه ستضاف الى جريمة الاغتصاب جريمة هتك العرض، وهو خلط ما كان يجوز ان يقع فيه المؤلف لان هتك العرض يمكن ان يطلق على اي فعل يصل الى جسم المجني عليها، اما جريمة الاغتصاب فهي اشد جرائم العرض، ولهذا فان عقوبتها هي الاعدام او الحبس المؤبد.
ولقد كان قانون الجزاء دقيقا في تعريفه لهذه الجريمة حين عبر عنها بقوله «من واقع انثى بغير رضاها سواء بالاكراه او بالتهديد او بالحيلة يعاقب بالاعدام او الحبس المؤبد» ومعنى هذا ان هذه الجريمة تأتي في اعلى درجات السلم بين جرائم العرض لما يتصف به من يرتكبها من خسة ونذالة وتجرد من الآدمية، ويتدرج العقاب بعد ذلك نزولا فتكون العقوبة الحبس لمدة خمس عشرة سنة اذا كانت المواقعة قد تمت بغير اكراه او تهديد او حيلة وكانت المجني عليها لم تبلغ الحادية والعشرين من عمرها، اما اذا كانت قد بلغت هذه السن وتمت المواقعة برضاها فانها تعاقب هي وشريكها بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات بشرط ان يتم ضبطهما متلبسين بالجريمة ولقد كنت اتمنى على المؤلف الا يقع في مثل هذا الخلط، لان ما تنشره وسائل الاعلام يرسخ في الاذهان ويعتقد البعض انه اليقين، وهو ما يلقي على عاتق الاعلام عبء التدقيق في اختيار المصطلحات القانونية تقديرا لعظم الاثر الذي تتركه في نفوس المتلقين.
حتى نصوص القوانين لها حظوظ، فبعضها يكثر تطبيقه، وبالتالي يتعدد تفسيره، فيكون له الحظ الأوفى في الفقه والقضاء، وبعضها الآخر لا يطبق إلا نادراً، ولهذا لا يقف أحد كثيراً أمام تفسيره وتأويله، ومن النصوص الأوفر حظاً في التطبيق النصوص المتعلقة بالمواعيد، كميعاد رفع الدعوى وميعاد الطعن بالاستئناف والتمييز وميعاد رفع دعوى الإلغاء، ولهذا كثر الحديث حولها وكثرت التخريجات والتأويلات فغطى الفقه والقضاء أحوالاً عديدة عرضت في العمل، منها وسائل إطالة الميعاد ووسائل قطعه أو امتداده وتحديد التاريخ الذي يبدأ منه الميعاد والتاريخ الذي ينتهي فيه، ومن هذه النصوص أيضاً النصوص المتعلقة بالتقادم لأنه يتوقف عليها نشوء الحق أو سقوطه، والنصوص التي يشوب صياغتها بعض الغموض فتكون مثاراً للخلاف. وقد برز أخيراً نص من هذه النصوص هو نص الفقرة «د» من المادة 2 من القانون رقم 2 لسنة 1999 الخاص بالإعلان عن المصالح في شركات المساهمة أو ما يطلق عليه مجازاً قانون الإفصاح تعددت الآراء بشأنه وصدرت عدة أحكام أخذ كل منها، بوجهة نظر مغايرة للأحكام الأخرى وما زال الأمر مطروحاً على محكمة التمييز لتقول كلمتها فيه فيتم التوحيد بين هذه الآراء جميعاً. ومن النصوص أيضاً ما يتعذر تطبيقه إلى درجة يصبح فيها النص معطلاً منذ صدوره، أو كما يقولون يولد ميتاً. ومن هذه النصوص نص المادة 202 من قانون الشركات التجارية الذي ينص على أنه «إذا عين مدير في عقد تأسيس الشركة دون أجل معين بقي مديراً مدة بقاء الشركة ما لم يقض عقد التأسيس بغير ذلك أو يجمع الشركاء على عزله»، والذي أثار صعوبة في التطبيق، بل نكاد نقول استحالة في التطبيق، فإذا كان المدير شريكاً في الشركة ومعيناً في عقد تأسيس الشركة وأراد بقية الشركاء عزله من منصبه، فإن هذا يتطلب إجماع الشركاء، بمعنى أن يوافق ذلك الشريك المدير على عزل نفسه من الشركة، وهو أمر يستحيل تصوره بطبيعة الحال، فليس هناك من يرضى بأن يعزل نفسه من منصب يشغله.. فالأولى به إذا أراد أن يترك منصبه أن يستقيل منه، لا أن يشترك مع باقي الشركاء في عزل نفسه من منصبه، وذلك لما في العزل من إضرار بسمعته. وإذا كان المشرع قد أوجد مخرجاً من هذا المأزق وهو أن ينص في عقد تأسيس الشركة على أنه يجوز عزل المدير بأغلبية الشركاء فإن هذا الحل قد يفوت الكثيرين فيقعون في مأزق حقيقي يؤثر على سير العمل في الشركة ويضر بمصالح الشركاء جميعاً بمن فيهم الشريك المدير. ولهذا فقد كنا نتمنى أن يخفف المشرع هذا القيد فلا يتطلب إجماع الشركاء، بل يكتفي بأغلبية خاصة كالتي اكتفى بها في المادة 212 الخاصة بتعديل عقد تأسيس الشركة، وهي الأغلبية العددية للشركاء الحائزين ثلاثة أرباع رأس المال، فعزل المدير ليس أكثر أهمية من تعديل عقد التأسيس، كما ان الاجماع غير مرغوب فيه لأنه يخالف طبيعة البشر!
هل يجوز للمتهم ان يدافع عن نفسه فيدعي انه لم يكن يعلم بأن القانون يجرم الفعل الذي ارتكبه؟ لو جاز ذلك لأصبح الامر فوضى، فكل متهم في وسعه ان يدعي انه لا علم له بالقانون الذي يحاكم به، ولا يستطيع احد اثبات علمه به، وهو ما يؤدي في النهاية الى تعطيل احكام القانون وتفويت الغرض منه، فيصبح حبرا على ورق. ولهذا استقرت احكام القضاء على افتراض العلم بالقانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، فمتى ما نشر القانون في الجريدة الرسمية قامت قرينة قانونية قاطعة لا تقبل اثبات العكس على توفرالعلم به، ويساعد على هذا الافتراض ان قواعد القانون تتوافق في الغالب الاعم مع قواعد الدين والاخلاق، فلا يستطيع احد ان يزعم انه لا يعلم ان القانون يحرم السرقة او القتل مثلا لأن الدين والاخلاق ينهيان عنهما. ولكن قد تدق التفرقة اذا كانت قواعد الدين والاخلاق لا تنهي عن العمل الذي يشكل جريمة جنائية، فالشباب حديث السن مثلا المفتون بالملابس العسكرية قد يرتديها للفت الانظار اليه دون ان يعلم انه يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، والامثلة على ذلك كثيرة، فقد حدث ان الرسام العالمي مايكل انجلو بعد ان تناول طعامه في احد المطاعم، اراد ان يدفع الحساب ولكنه لم يجد في جيبه نقودا، فاخرج فرشاته والوانه ورسم ورقة من اوراق العملة، واتقن الرسم لدرجة يخيل للناظر اليها انها عملة حقيقية، ثم اعطاها للغرسون وقال له: خذ حسابك واحتفظ بالباقي. لو فعل هذا اليوم لخضع للتحقيق بتهمة تزييف العملة لانها جريمة يعاقب عليها القانون، مع ان ما رسمه يعد لوحة فنية تساوي قيمتها اضعاف اضعاف قيمة الوجبة التي تناولها.. ولكن القانون هو القانون. ولهذا فقد جرى قضاء محكمة النقض المصرية، كما جرى قضاء محكمة التمييز في الكويت على ان الجهل بالقانون ليس بعذر ولا يستثنى من ذلك الا الحالات التي يستحيل فيها العلم بالقانون، فإذا حالت قوة قاهرة دون وصول الجريدة الرسمية الى منطقة من مناطق الجمهورية كحالة الحرب او الحصار مثلا، فإن اعتذار المتهم بالجهل بالقانون ينفي عنه القصد الجنائي لأن المشرع لا يكلف بمستحيل، كما أبان القضاء ان المقصود بالنشر في هذه الحالة ليس مجرد طبع القانون بالجريدة الرسمية، وانما لابد من توزيع الجريدة بعد ذلك على الجمهور، لأن التوزيع هو الذي يتيح فرصة العلم بالقانون، ومن ثم لا يقبل الدفع بالجهل بالقانون، الا اذا اقام المتهم الدليل على ان عدد الجريدة الرسمية الذي نشر فيه القانون لم يتم توزيعه. وقد ثارت في مصر اشاعة لا استطيع الجزم بمدى صحتها، انه اثناء العهد الشمولي كانت بعض القوانين تنشر في الجريدة الرسمية، ولكن لا يتم توزيعها وانما تطبع من عدد الجريدة المنشور به القانون نسخة واحدة، فقط تحفظ لدى الجهة المختصة ولا توزع على الجمهور. وقد عرضت على محكمة النقض المصرية حالة من هذه الحالات ولكنها رفضت الاخذ بها على اساس ان اصحاب الشأن عجزوا عن اثبات عدم توزيع الجريدة الرسمية على الناس، مع انه من المعلوم ان اثبات الواقعة السلبية امر من اشق الامور. والله لا يكلف نفسا الا وسعها.
«القبس» رصدت إجراءات تسجيلها وعقوبات غشها ضوابط قانونية لحماية العلامات التجارية من الاستغلال
للعلامات التجارية ضوابط وحماية كفلها القانون، فهي اولا واخيرا حق مكتسب لمن سجلها او ابتكرها، والمشرع يكفل هذه الحماية للتصدي للذين يسعون الى التقليد ويحترفون السطو بلا حق أو سند قانوني.
ان الشهرة التي تتمتع بها العلامة التجارية لا تمنحها الحماية ان لم تكن مسجلة، والعلامة التجارية غير المسجلة تجعلها عرضة للتبني من قبل اي شخص، وقانون العلامة التجارية في الكويت يتطلب تسجيل العلامة التجارية كشرط اساسي لمنحها الممارسة القانونية، ولأن الكويت بلد تزدهر فيه التجارة، وهناك توجه لان تكون مركزا ماليا وتجاريا، فمن الضروري ان يتنبه الجميع الى أهمية الوقوف على كيفية الحصول على الحماية القانونية للعلامة التجارية. ومن المعروف قانونا ان اي نشاط تجاري يبدأ بتسجيل علامته التجارية، والتي تكتسب اهمية كبيرة.
«القبس» رصدت اجراءات حماية العلامات التجارية، وفي ما يلي التفاصيل:
بداية، قال المحامي عبدالعزيز ابا الخيل:
• لما كانت المحاماة هي القضاء الواقف الذي يشارك القضاء الجالس مهمة الوصول الى الحقيقة، ولم تقتصر المحاماة يوما من الايام على المرافعة، فقط، وانما المحاماة علم وبحث واطلاع ومشاركة في كل ما هو جديد، حيث ان المحامي يحمل هموم ومشاكل الناس والمهنة، ولذا يرتدي الروب الذي يحمل اللون الاسود، لذا لا بد للمحامي ان يبحث ويزداد علما يوم بعد اخر ويجب ان يكون نبضا معبرا عما يرغب الناس فيه حاملا لواء التنوير والعلم والتبصير.
حماية من الغش
واضاف، ولما كانت بلدنا الغالية وارضنا الرحبة الواسعة ودولتنا العظيمة الكويت تتبوأ مكانا متميزا بين الدول، وتزدهر فيها التجارة والرواج التجاري والطفرة المتقدمة في جميع المجالات.
• ولما كانت العلامة التجارية ذات اهمية بالغة وواسعة في حياة الوطن والمواطن، لذا لزم الامر ان يكون هناك تعريف مبسط بها وما وضعه القانون لها من اهمية وفي البداية نقول: ان من اهم الاساليب التي يلجأ اليها التجار والصناع لتعريف المستهلكين بسلعهم العلامة التجارية، والتي كانت وظيفتها الاساسية تتبع السلع المغشوشة لمعرفة صانعها وضمان مستوى معين من الجودة للمصنوعات.
واشار الى اول ظهور لقانون يحمي العلاقة التجارية وهو القانون الفرنسي الذي صدر بتاريخ 1857/6/23، ثم توالت بعد ذلك الحماية في قوانين دول اخرى مثال ذلك القانون الانكليزي الصادر عام 1875 الخاص بحماية العلامة التجارية، وكذلك القانون الاميركي الصادر 1881.
• وفي دولة الكويت صدر القانون رقم 2 لسنة 1961 بإصدار قانون التجارة وخصص الفصل الاول من الباب الثاني المواد من 68 الى 92 للعلامات التجارية.
• وبصدور القانون رقم 68 لسنة 1980 بإصدار قانون التجارة تضمن الفصل الثاني من الباب الثالث نصوص المواد من 61 الى 85 للعلامات التجارية واجراءات تسجيلها، وهذا هو التنظيم القانوني للعلامات التجارية.
• واشار ابا الخيل الى ان العلامة التجارية وسيلة او رمز يودع على البضاعة لتمييزها عن البضائع المماثلة هل كل ما يأخذ شكلا مميزا من كلمات او امضاءات او حروف او ارقام او رموز او عناوين او اختام او تصاوير او نقوش او اي علامة اخرى تستخدم او يراد استخدامها في تميز بضائع او منتجات للدلالة على انها تخص صاحب العلامة.
• وغني عن البيان انه يجب ألا تكون هذه الرموز تخدش الحياء العام او الاداب العامة.
واردف بالقول لقد اعطى القانون الحق للشخص الطبيعي ـ او الاعتباري في طلب تسجيل العلامة التجارية ويسمح القانون للشخص بتسجيل العامة التجارية قبل ممارسة النشاط، حتى يتمكن من حجز العلامة التجارية وايداعها مرة كل خمس سنوات.
• والا فإن لاي شخص ان يطلب من المحكمة شطب العلامة لعدم استعمال من سجل العلامة خلال هذه المدة، وحيث ان المادة 64 من قانون التجارة اشترطت في من يتقدم لتسجيل العلامة ان يكون مقيما بدولة الكويت، وان كان البعض يرى انه يجوز لاي شخص ان يقدم طلبا لتسجيل العلامة سواء كان بالكويت او غيرها وايا كانت جنسيته.
• هذا، وقد اعطى القانون الحق لمن سجل العلامة التجارية ان يقدم طلبا في اي وقت للاضافة او التعديل على علامته شرط ذلك ألا يمس هذا التعديل ذاتية العلامة بشكل
جوهري وحدد القانون اجراءات يتم اتباعها لطلب الاضافة او التعديل.
• ولما كانت العلامة التجارية ذات اهمية خاصة لمالكها فقد وضع لها القانون حماية خاصة بحيث انه اذا تم تسجيل العلامة واستقرت ملكيتها، فإن مدة الحماية عشر سنوات،
وذلك طبقا للقانون التجاري الكويتي فلصاحب الحق ان يكفل استمرار الحماية لمدة جديدة اذا قدم طلبا بالتجديد خلال السنة الاخيرة الى ادارة سجل العلامات التجارية
وفق الاوضاع المشار اليها في المادة 77 من القانون التجاري الكويتي.
أكثر من مسجل
• وقد تنبه المشرع الى انه قد يتقدم اكثر من شخص بطلبات تسجيل علامة واحدة او متقاربة عن فئة واحدة من المنتجات، ففي هذه الحالة يلتزم المسجل بوقف التسجيل وتظل الطلبات موقوفة الى ان يقدم المتنازعون طلبا مصدقا لمصلحة احدهم، او لصدور حكم قضائي لمصلحة احد المتنازعين.
> وحفظا لاستقرار اوضاع العلامات التجارية، فقد وضع القانون عقوبات لجريمة تزوير او تقليد العلامات التجارية المسجلة ايا كان شكل هذا التزوير سواء بالاضافة او التقليد او المحاكاة، بل عاقب كل من استعمل علامة مزورة او مقلدة، هو عالم بذلك بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على ستمائة دينار كويتي او بإحدى هاتين العقوبتين.
تنظيم قانوني
• الكويت بلد تزدهر فيه التجارة والابتكارات الجديدة، فهل هناك تنظيم قانوني في الكويت يضع الضوابط القانونية للعلامات التجارية وما هو ان وجد؟
توجهنا بهذا السؤال الى المحامي حمدان النمشان فقال: صدر المرسوم بالقانون رقم 1980/68 بإصدار قانون التجارة الكويتي بتاريخ 15 اكتوبر1980 ليحل محل القانون رقم 1961/2 بإصدار قانون التجارة. وكان القانون الاخير اول
قانون حديث في البلاد لتنظيم المعاملات التجارية في شتى نواحيها بعد ان كانت مجلة الاحكام العدلية تحكم النشاط التجاري الى جانب الاعراف والتقاليد، ثم تغير الواقع الاقتصادي في الكويت وظهرت المشروعات العامة التي تتخذ شكل الشركات المساهمة اثناء فترة العمل بقانون التجارة رقم 1961/2، وقطعت فيها التجارة شوطا بعيد
المدى في سبيل التقدم والازدهار، وتطورت الحركة التجارية تطورا ملحوظا وظهرت الوان جديدة من النشاط التجاري لم تكن مألوفة من قبل، واتسعت اعمال البنوك اتساعا ضخما وتعددت جوانب نشاطها وتنوعت خدماتها في مجالي الائتمان والاستثمار.
الامر الذي اصبحت معه احكام القانون رقم 1961/2 على حداثة عهدها غير مواكبة لخطى هذا التطور، فأصدر المشرع الكويتي قانون التجارة رقم 1980/68 لتطوير القانون السابق وتجديده وتنظيم مسائل لم تعالجها التشريعات الحديثة بما يتمشى مع حركة التجارة العالمية مثل مسؤولية الناقل الجوي والوكالات التجارية ووكالة العقود بوجه خاص، وعمليات البنوك المتعددة مثل الاعتمادات المستندية وهي عماد التجارة الخارجية، وكذلك خصم الاوراق التجارية وخطابات الضمان وغيرها من العمليات المصرفية المهمة.
فكان لصــدور قـانـون التجــارة رقم 1980/6اثر بالغ في سد النقص في القانون السابق، وقد قام على دراسات فقهية قيمة اعانت على سلامة تطبيقه، وجاءت نصوصه مرنة حتى تستجيب لمقتضيات التطور التجاري وتتيح للقضاء سلطة ارحب في التقدير والتفسير.
وقال النمشان ان العلامة التجارية هي كل ما يأخذ شكلا مميزا، من كلمات او امضاءات او حروف او ارقام او رسوم او رموز او عناوين او اختام او تصاوير، او يراد استخدامها في تمييز بضائع او منتجات للدلالة على انها تخص صاحب العلامة بسبب صنعها او اختيارها او الاتجار بها او عرضها للبيع.
ولا يصح ان يكون علامة تجارية ولا يجوز ان يسجل بهذا الوصف ما يأتي:
1 ــ العلامات الخالية من اي صفة مميزة او العلامات المكونة من بيانات ليست الا التسمية التي يطلقها العرف على البضائع والمنتجات او الرسوم المألوفة والصور العادية للبضائع والمنتجات.
2 ــ اي تغيير او رسم او علامة تخل بالآداب العامة او تخالف النظام العام.
3 ــ الشعارات العامة والاعلام وغيرها من الرموز الخاصة بالدولة او بهيئة الامم المتحدة او احدى مؤسساتها او بإحدى الدول التي تعامل الكويت معاملة المثل او اي تقليد لهذه الشعارات.
4 ــ رموز الهلال الاحمر او الصليب الاحمر وغيرها من الرموز الاخرى المشابهة وكذلك العلامات التي تكون تقليدا لها.
5 ــ العلامات المطابقة او المشابهة للرموز ذات الصيغة الدينية المحضة.
6 – الاسماء الجغرافية اذا كان من شأن استعمالها ان يحدث لبس فيما يتعلق بمصدر البضاعة او اصلها.
7 – اسم الغير او لقبه او صورته او شعاره ما لم يوافق مقدما على استعمالها.
8 – البيانات الخاصة بدرجات الشرف التي لا يثبت طالب التسجيل استحقاقه لها قانونا.
9 – العلامات التي من شأنها ان تضلل الجمهور او التي تتضمن بيانات كاذبة عن مصدر المنتجات او عن صفاتها الاخرى، وكذلك العلامات التي تحتوي على اسم تجاري وهمي او مقلد او مزور.
هل يجوز لاي شخص ان يسجل علامة تجارية، سألنا النمشان فقال: كل من يرغــــــب في استعمال علامة لتمييز بضاعة من انتاجه او صنعه او عمله او اختياره او كان يتاجر بها او يعرضها للبيع او ينوي المتاجرة بها او عرضها للبيع له ان يطلب تسجيلها وفقا لاحكام هذا القانون.
ويجوز لمالك علامة سبق تسجيلها ان يقدم في اي وقت طلبا الى المسجل لادخال اي اضافة او تعديل على علامته لا تمس ذاتيتها مساسا جوهريا، ويصدر قرار المسجل في ذلك وفقا للشروط الموضوعة للقرارات الخاصة بطلبات التسجيل الاصلية ويكون قابلا للطعن بالطرق ذاتها.
وقال مدة الحماية المترتبة على تسجيل العلامة عشر سنوات ولصاحب الحق فيها ان يكفل استمرار الحماية لمدد جديدة اذا قدم طلبا بالتجديد خلال السنة الاخيرة بالاوضاع والشروط المنصوص عليها في المادة 66. وخلال الشهر التالي لانتهاء مدة الحماية يقوم المسجل باخطار صاحب العلامة كتابة بانتهاء مدة حمايتها او يرسل اليه الاخطار بالعنوان المقيد في السجل، فاذا انقضت الاشهر الثلاثة التالية لتاريخ انتهاء مدة الحماية من دون ان يقدم صاحب العلامة طلب التجديد شطب المسجل من تلقاء نفسه العلامة من السجل.
واضاف: اذا طلب شخصان او اكثر في وقت واحد تسجيل العلامة ذاتها او علامات متقاربة او متشابهة عن فئة واحدة من المنتجات، وجب على المسجل وقف جميع الطلبات الى ان يقدم تنازل مصدق عليه من المتنازعين لمصلحة احدهم، او الى ان يصدر حكم نهائي لمصلحة احد المتنازعين.
حقوق ومكتسبات
قد يرفض المختص تسجيل علامة تجارية، فأي حقوق تكون لطالب التسجيل؟ وماذا عليه ان يتخذه قانونا؟ عن ذلك قال النمشان: كل قرار يصدره المسجل برفض التسجيل او تعليقه على شرط، يجوز للطالب ان يطعن فيه امام المحكمة الكلية خلال ثلاثين يوما من تاريخ ابلاغه بالقرار، وللمحكمة ان تؤيد القرار او تلغيه او تعدله. وإذا لم يطعن الطالب في القرار في الميعاد المقرر ولم يقم بتنفيذ ما فرضه المسجل من القيود في هذا الميعاد، اعتبر متنازلا عن طلبه. وزاد بالقول مع عدم الاخلال بالمادة 65، يكون للمسجل ولكل ذي شأن حق طلب الحكم بشطب العلامات التي تكون قد سجلت بغير حق، ويقوم المسجل بشطب التسجيل متى قدم له حكم نهائي بذلك.
حق الطعن
لطالب التسجيل أن يطعن في قرار رفض التسجيل خلال 30 يوما من تاريخ ابلاغه بالقرار امام المحكمة، وللمحكمة حق تأييد القرار أو إلغائه أو تعديله «وفق نص المادة 71 تجاري».
رفض التسجيل
أعطى القانون الحق للمسجل أن يرفض تسجيل العلامة التجارية أو ان يعلق تسجيلها على ضرورة تنفيذ بعض القيود أو التعديلات، والمسجل في هذه الحالة ملزم بإخطار طالب التسجيل كتابة القرار والأسباب التي قام عليها القرار.
شعارات إسرائيل
يكفل القانون للمسجل أن يشطب العلامات التي يقرر مكتب مقاطعة اسرائيل في الكويت بأنها مطابقة أو مشابهة لعلامة أو رمز أو شعار إسرائيلي، وان يقرر عدم تسجيلها.
الإجراءات كافية
قال المحامي عبدالعزيز أبا الخيل ان الاجراءات الواردة في نصوص القانون الحالي للعلامات التجارية، من حيث تسجيلها واستغلالها وحمايتها جزائيا، كافية في الوقت الحالي، وان التعديل او التدخل من قبل المشرع يكون عند ظهور خلل في التطبيق العملي لهذا القانون، وهذا متروك لأهل الاختصاص والتشريع.
أين بيتي الآمن وفراشي الدافئ الحنون؟! أطفال تحت السلالم
كتب أحمد ناصر :
تحقيق: أحمد ناصر
تمر على الإنسان في حياته مشاهد وصور كثيرة، منها الجميل والقبيح أو الرائع والقاسي.. ولكنني لا أعتقد أن هناك مشهدا وصورة مرا على أحد أقسى من هذين اللذين أضعهما بين يديك عزيزي القارئ في هذا التحقيق.
كنت خارجا من عند أحد الأصدقاء بعد سهرة عائلية، عندما توقفت زوجتي فجأة بعد أن لفت نظرها وجود فتاة صغيرة تجلس خائفة على طرف السلم (!) لم يلفت المنظر انتباهي وأكملنا مشوارنا. قالت لي زوجتي عندما جلسنا في السيارة «إن الفتاة الصغيرة تبدو خائفة. أشعر بأنها بحاجة إلى المساعدة». ورجتني أن ننزل ونسأل الفتاة لعلها بحاجة إلى المساعدة.
ذهبنا إليها.. جلست زوجتي بجانبها وسألتها بحنان إذا كانت تحتاج إلى مساعدة، فهزت الفتاة الصغيرة (عمرها 10 سنوات) رأسها بالنفي. ولكننا لم نتركها بعد أن انهمرت الدموع من عينيها ثم انفجرت تبكي.. وقالت: «مللت من هذه الحالة.. إنني صغيرة، أريد أن أنام في فراشي».
صعدنا معها إلى حيث تسكن في الطابق الرابع من العمارة، طرقنا الباب، فخرجت إلينا امرأة في منتصف العقد الرابع، وكأن على رأسها شيطان ينفث علينا النار. هجمت على زوجتي وسحبت الفتاة الصغيرة من يدها وطلبت منا أن لا نتدخل في شؤون أسرتها وأغلقت الباب.
سألت صديقي الذي كنا في ضيافته في اليوم التالي عن الموضوع، فقال إن سكان العمارة تعبوا وهم يتوسطون لدى هذه المرأة القاسية جدا، كما وصفها، من أجل أن لا تعاقب ابنتها بهذه الطريقة غير الإنسانية، فسألته:
• أين تذهب الفتاة في مثل هذا العمر الصغير؟
- كانت بعض الزوجات في العمارة يأخذنها لتبيت عندهن، ولكن والدتها - هداها الله - هددتهن بأنها ستشكو عليهن وتتهمهن بخطفها!!
• وأين والد الفتاة؟
- الزوجان منفصلان والحضانة عند الأم.
قسوة أم
تحرك فضولي الصحفي وطلبت من ابنة أختي وكانت معها في المدرسة نفسها أن تساعدني في معرفة قصتها.. قالت الفتاة في خجل شديد لابنة أختي التي تعادلها في العمر:
ـ إنني أعيش مأساة كبيرة لا يعرفها أحد، والدتي قاسية جدا علي.. وإذا فعلت أي شيء لا يعجبها أو تعتبره خطأ تعاقبني بأشياء متعددة، من ضمنها، بل أشدها قسوة علي، عندما تطردني من البيت وتطلب مني أن أنام في الخارج، ولا تسمح لأحد بأن يساعدني. والويل كل الويل إذا اتصلت بوالدي، أبقى طوال الليل تحت السلم.
• وما الأخطاء التي تطردك بسببها؟
- يعتمد الأمر على مزاجيتها، فأحيانا تتجاوز عن ما أفعله، وأحيانا أخرى تعاقبني على أمور تافهة جدا، ولذلك أتجنب دائما أن أفعل أي شيء إذا كانت متضايقة.
• وهل تنامين في الخارج إلى الصباح؟
- نعم، مع أنني أظل أرجوها وأطرق الباب طوال الليل، ولكنها لا ترد علي.
• ألا تخافين من المبيت تحت السلم؟
- (أجابت بخوف وكأنها تتذكر تلك اللحظات): أرتعد خوفا وألتفت يمينا ويسارا وأسمع أصواتا غريبة. إنها ليال سوداء في حياتي.
مادة الرياضيات
لم تكن متابعة هذا التحقيق سهلة، ظللت أبحث عن أي حالة شبيهة ولكن من دون جدوى، وقررت أن أغلق الملف إلى أن قال لي أحد الأصدقاء في الديوانية إن ابنه استضاف الليلة السابقة ابن الجيران (عمره 9 سنوات) لأن والده طرده من المنزل لأنه رسب في مادة الرياضيات لنصف العام (!).
طلبت منه أن أجلس مع والد الصبي لأسأله عن الموضوع، استبعد الفكرة في البداية ولكنه رضخ أمام إلحاحي. التقيت والد الصبي الصغير وأخبرته بأنني صحفي، وطلبت أن أسأله عن موضوع ابنه فقبل على الفور من دون اعتراض، ما دام الأمر من غير اسم ولا صورة.
• لماذا طردت ابنك من المنزل؟
- (بثقة) لأنه رسب في الاختبار.
• هل تعلم أين ذهب في تلك الليلة؟
- لا يهمني!!
• كيف لا يهمك، أليس ابنك وأنت مسؤول عنه؟
- عندما يخطئ يصبح مسؤولا عن تصرفه، صغيرا أو كبيرا الأمر لا يختلف.
• (أغاظني بلا مبالاته) أين والدته، هل أخذت رأيها؟
ـ طلقتها منذ أربع سنوات (بهدوء) وهو ابني وفي حضانتي، لتهتم هي بأبنائها من زوجها الجديد، هل هناك سؤال آخر؟
• نعم، هل يزعجك إذا علمت أن شخصا ما اغتصب ابنك على سبيل المثال أم علمه السرقة، أو تعاطى المخدرات؟
ـ بكل تأكيد، الوالد الذي لا يهتم بمثل هذا لا يصلح أن يكون أبا، أريد أن أوضح لك أمرا.. إنني أطرد ابني من اجل أن يعرف أنه فعل شيئا خطأ، وليس من أجل أن أدفعه لتعلم مزيد من الأخطاء، أعتقد أنه يعرف ذلك.
مأساة ابن
وصلت إلى الابن عن طريق ابن صديقي، وسألته عن شعوره عندما يطرده والده من المنزل، فأجاب بحسرة لم يستطع أن يخفيها عني:
ـ لا أعلم لماذا يطردني والدي، وما الخطأ الذي أقترفه ليجعلني أنام في الشارع، إنها ليلة لا أنساها في حياتي أبدا، كم أشتاق فيها إلى فراشي الدافئ.
• أين تذهب في غالب الأحيان، هل تجد صديقك وجارك دائما؟
- في البداية كنت أخفي الموضوع عن أصدقائي، وأختبىء كلما مر والد صديقي أو أي أحد آخر، إلى أن رأتني والدته ذات ليلة فطلبت من ابنها أن يسألني عن سبب وجودي خارج المنزل في الليل، فشكوت له الحال، ومنذ ذلك الوقت وأنا أنام عندهم عندما يطردني والدي، أما في السابق فكنت أبقى تحت سور منزلنا إلى الصباح.
• بماذا تفكر وأنت في الخارج؟
- (دمعت عيناه) أظل طوال الوقت أفكر بوالدتي، وأتمنى أن تكون في هذه اللحظة بجانبي، كانت حنونة جدا علي ولا تزال، ولا أعلم لماذا طلقها والدي!
• لماذا لا تحاول الاتصال بها في مثل هذه الحالة؟
ـ لأن والدي يضاعف العقوبة علي إذا علم أنني اتصلت بها، كما أنني لا أحب زوجها، إنه أقسى من والدي ولا يحبني.
فتاتان في الشارع
لم أستطع أن أتابع حواري مع هذا الطفل الصغير، لأنه ظل يبكي فأشفقت عليه وتمنيت لو أنني أملك سلطة لأقاضي كل من يسيء معاملة هؤلاء الأطفال، وهذا ما دفعني إلى البحث عن خيوط أخرى في هذا الموضوع، فسألت أخصائية تعمل في إحدى مدارس البنات عن مثل هذه الحالات وهل صادفتها، فأجابت بلا تردد:
ـ بكل تأكيد، عندي حالتان أتابعهما باستمرار.
• وكيف علمت بموضوعهما؟
- لاحظت إحدى المدرسات أن الفتاة تنام أحيانا في الفصل، فأرسلتها إلي لكوني أخصائية المدرسة، وتابعت حالتها من غير أن أحرجها، فانفجرت باكية وقالت إنها لم تنم البارحة لأن والدتها طردتها من البيت عندما «لاسَنَتها» كما تقول، وتعني عندما ردت عليها بصوت مرتفع، ثم اكتشفت بالطريقة نفسها الطالبة الأخرى.
• ما وضعهما الاجتماعي؟
ـ الأولى وضعها طبيعي، ولكن والدتها متحكمة في كل شؤون المنزل والأسرة ولا أثر لشخصية والدها، أما الطالبة الأخرى فإنها يتيمة الأب.. والأم - هداها الله - تعيش حالة اكتئاب شديد وتعالج في الطب النفسي لهذا السبب، وينعكس هذا الاكتئاب للأسف الشديد على تربيتها لأبنائها الثلاثة وهذه الفتاة هي الوسطى بين أخوين.
• هل حاولت أن تتكلمي مع أسرهما؟
بالطبع، تحدثت مع والدي الفتاة الأولى.. حالة والدها يرثى لها فهو مثل السائق للأسرة ليس أكثر من هذا، للأسف لم أحقق أي تقدم في حديثي مع الوالدة على الرغم من أنني جلست معها أكثر من أربع مرات، كانت تقول في كل مرة «مارسي علمك ودراستك على بنات غير بنتي».
أما الفتاة الأخرى فحالتها أصعب بكثير من هذه الفتاة، لأن والدتها كما قلت لك تعاني من اضطرابات وكآبة شديدة.
• (قاطعتها) لماذا لا تتحول حضانة الفتاة في مثل هذه الحالة إلى خالتها أو جدتها؟
ـ لا يريد أحد من أسرتها أن يعتني بها وأخويها، لأن الأم تزوجت من دون موافقة أهلها، فهم يعاقبونها بهذه الطريقة.
• هل مرت الفتاتان بأحداث غريبة، كتهجم أو تحرش بعض المارة بهما؟
ـ لا، لأن طردهما أو ما تسميه الوالدتان عقابا يكون في حوش المنزل، والحمدلله أن هناك حوشا، تظل الفتاة في أحد أطرافه إلى أن يطل الصباح، والمنع يشمل أيضا المبيت في غرفة الخادمة.
• هل أثر هذا الطرد على سلوكهما؟
ـ لم يظهر شيء منه إلى الآن، ولكنني أعتقد أنه سيظهر في السنوات القادمة.
زهرتان في مهب الريح
حاولت أن أتحدث مع الفتاتين، لكن الأخصائية طلبت أن أرشح امرأة لتتحدث معهما، فقامت زوجتي بهذا الدور وجلست مع إحداهما، بينما رفضت الفتاة الثانية خوفا من والدتها ذات الشخصية القوية، كما قالت الفتاة، سألتها زوجتي:
• متى طردت آخر مرة من البيت؟
- قبل شهر ونصف تقريبا. عادت والدتي إلى البيت فوجدته مقلوبا رأسا على عقب، كان أخواي يلعبان كرة القدم في الصالة، فضربتهما ضربا مبرحا.. وعندما شاهدت الدموع في عين أخي الأكبر رجوتها أن تتركهما، لكنها دفعتني عنها وعادت إلى ضربهما مرة أخرى، فوقفت أمامها لأحول بينها وبينهما فصرخت في وجهي وطردتني من البيت.
• كم كانت الساعة؟
- التاسعة والنصف ليلا، كان الجو ليلتها باردا، لكنني والحمدلله كنت أرتدي ملابس ثقيلة. ظللت أبكي طوال الليل، ليس بسبب وجودي في الخارج فهذا شيء اعتدت عليه، ولكن خوفا على أخي من بطش والدتي، ولذلك كنت أسترق السمع لما يحدث في الداخل.
• ماذا فعل أخواك؟
أخواي لا حول لهما ولا قوة، كانا ينظران إلي من الداخل ليشعراني بأنني لست وحيدة، هذا التصرف أشعرني بالأمان وهي الخطة التي نلجأ إليها عادة عندما يطرد أحدنا إلى الخارج. لم نكن ننام نحن الثلاثة تضامنا مع المطرود منا، ونظل نصدر أصواتا وننظر من النافذة لكي يشعر بالأمان والراحة. والله لو تشعر والدتي بمدى الخوف والهلع والقهر الذي نشعر به لما طردتنا ولو لثانية واحدة.
عدت إلى الأخصائية وسألتها:
• ماذا تفعلن إذا لم تستجب الأسرة لمحاولاتكن وطلبكن التوقف عن مثل هذا الطرد؟
- نظل نتابع الحالة مع ولي الأمر من دون يأس، وإذا تطلبت الحالة مزيدا من التدخل نرفع الأمر إلى المنطقة التعليمية وهي التي تتصرف في مثل هذه الحالة.
معاناة طفل
أوصلني بحثي في الموضوع إلى حارس إحدى العمارات السكنية التي تحدث مثل هذه الحالة في العمارة التي يقوم بحراستها، قال:
ـ في إحدى الليالي وبينما كنت أنقل القمامة سمعت صوتا قرب السلم في أحد الأدوار، صعدت وأنا أعتقد أنه قط، ففوجئت بصبي صغير. سألته عن بيته فأشار إلى إحدى الشقق في الدور نفسه، طرقت الباب فردت علي والدته بقسوة وطلبت مني أن أتركه وأقوم بحراسته إلى الصباح (!) لأنها تعاقبه على خطأ قام به.
كان صبيا صغيرا قلت له «يا ولدي إذا أردت أي شيء فأنا في غرفتي، ولا تخف فأنا لا أنام إلا في الصباح».
أغلقت هذا الملف وأنا على يقين من أن هناك حالات كثيرة تعاني أكثر من التي التقيتها في هذا التحقيق بكثير، ولكنها تحت عباءة المجهول، لا يعلم أحد شيئا عنها ولا نعرفها، تئن لوحدها بسبب قسوة والديها اللذين يفترض أن يكونا رمز الحنان والأمان عندها وليس الخوف والحرمان، لها الله.. فهو أعلم وأرحم بها.
حالات عديدة في ملفات المحاكم
قال المحامي محمد طالب، محامي المحكمة الدستورية والتمييز وعضو جمعية المحامين ورئيس لجنة مكافحة مدعي المهنة:
ـ هذه الحالة من الحالات الكثيرة التي تمر علينا، ترافعت عن العديد من القضايا من هذا النوع، وهي في الغالب تقع في الأسر التي تعاني من انفصال الوالدين، فيحاول الحاضن سواء كانت الأم أو الأب معاقبة الطرف الثاني من خلال معاملة الأبناء بشيء من القسوة.
وتعتبر هذه الحالة من الحالات الجنائية حسب الحالة وتفاصيلها بطبيعة الحال، يقوم الطرف الثاني عادة برفع قضية ضد الحاضن يتهمه فيها بسوء معاملة الأبناء خاصة في مجال الطرد، وهي حالات تقع كثيرا للأسف الشديد من دون مراعاة لشعور الأبناء أطفالا كانوا أو مراهقين، ومستشفى الطب يحتوي العديد من الحالات التي نطلب منه عادة أن يقوم بعلاجها لأنها بحاجة ماسة إلى العلاج النفسي بسبب سوء معاملة الحاضن لهم.
والحال لا يتوقف عند الحاضن أو الحاضنة، بل إن الطرف الثاني يتحمل أحيانا جزءا من هذه المشكلة الإجتماعية الكبيرة، عندما يرفض تسلّم الأبناء في اليوم المخصص له ويتركهم في العراء مهما كان عددهم، وتكون الحاضنة تركتهم عنده فيضيع الأبناء في مثل هذه الحالة.
وأذكر أن زوجة رفعت قضية حضانة ونفقة لأبنائها من طليقها، وظلت القضية في المحاكم سنتين، وبعد أن حكمت لها المحكمة بما تريده تركت الأبناء والنفقة وتنازلت عن القضية، فرفض الوالد تسلّم الأبناء والنفقة فظلوا تائهين بين والديهما، وكانت الأم تعاقبهم والأب يعاقبهم نكالا بالطرف الثاني.
جمعية خاصة
من المؤسف أن لا توجد في الكويت أي جمعية أو هيئة أو جهة معينة تدافع عن حقوق الأطفال الذين يتعرضون لإهانات أو إساءة أو أي مشاكل أخرى تعرض حياتهم ومستقبلهم للخطر. وعلى الرغم من وجود الكثير من الجمعيات الأهلية والهيئات الحكومية والمؤسسات الخاصة التي تهتم بشؤون الطفل المختلفة كالدراسة والتقدم العلمي، إلا أننا نفتقد واحدة فقط تضع نصب عينيها الطفل والمطالبة بحقوقه، وتطالب برد اعتباره والمحافظة على كيانه كإنسان، ومن هنا ندعو لإنشاء جمعية أو هيئة خاصة تدافع عن حقوق الطفل في الكويت، وندعو المهتمين بهذا الموضوع للتحرك من أجل حماية أطفال كل ذنبهم أنهم وقعوا ضحية خلافات أسرية أو عقد شخصية من والديهم.
فهي سرقة مصدر و منبع الافكار و الابتكارارت الانسانيه التي اتت بالرزق لاصحابها
و القانون يجرمها و يعاقب عليها
و لكن ينظر اليها على انها تدخل في سياق التصرفات الانسانيه التي اعتاد الكثير من الناس عليها و على اساس انها من العادات الشائعه
و لاتعتبر من المحرمات الصريحه ....و لا يعرف معظمهم ان القانون يعاقب عليها
كما ان سلوك عدم احترام تطبيق القوانين و شيوع الظلم في المجتمعات الناميه يمهد لهذه الاعمال
justice
==================
الأقراص الممغنطة قنابل موقوتة في شوارعنا
كتب أسامة الكسواني :
كتب أسامة الكسواني:
لقد أصبحت ظاهرة قرصنة بيع أقراص DVDs ظاهرة خطيرة في انتشارها بلا رقيب ولا حسيب وأصبح الباعة المتجولون في تزايد مطرد من خلال الأرصفة وإشارات المرور، فالقانون يمنع نسخ الأفلام والاتجار بها من دون موافقة قانونية، ولا تقتصر الخطورة هنا على بيع تلك الأفلام غير المشروعة فقط بل خطورتها تكمن في نوعيتها التي هي في متناول الجميع ولجميع الأعمار بلا استثناء، فأينما ذهبت وأينما وطئت قدماك تراهم بازدياد يفترشون الأرصفة وأمام المحال و المراكز التسويقية الكبرى، ولم تقف تلك الظاهرة عند ذلك الحد بل أصبحت وسائل البيع لديهم مختلفة، فانتقلت إلى المناطق السكنية وأماكن العمل بلا استثناء، فأين الرقابة على هؤلاء؟
كيف تتم عملية القرصنة الرقمية لأقراص الـ DVDs؟يستغرب البعض منا في مدى انتشار تلك الكمية من الأقراص الممغنطة وسرعة تجهيزها، فالعالم اليوم ومن خلال التكنولوجيا الرقمية الحديثة لا تستطيع أن تقف في وجه الصعوبات تلك فباتت في متناول الجميع ولكل الأعمار بلا استثناء، فلا تستغرب عزيزي القارئ في حال طلبك لأحد تلك الأقراص الممغنطة النادرة أو التي لم تتوفر لدى الباعة في لحظة الشراء بأن يقوم بتجهيزها وإرسالها إلى أي مكان تريده وفي ساعات قليلة، الأمر في غاية السهولة لديهم، فكيف يتم ذلك وما هي طرقهم؟
1 ـ عمليات نسخ الأفلام الأصلية
لا يمكن تجاهل وجود جهاز الأقراص الممغنط الآن في كل حاسوب مباع، لأنه أصبح من الضروريات في كل جهاز وكل بيت، بل وأصبح العديد من الأشخاص لدى شرائه حاسوبا جديدا أن يشترط وجود تلك النوعية من الأجهزة، وذلك بسبب احتياجه لدى مشاهدة الأفلام أولا، وثانيا وهو الأخطر القدرة على نسخ أفلام أخرى، والأسباب التي تستدعيه لذلك عديدة، وهو عدم تحمل تكلفة الفيلم المراد نسخه أو لندرة ذلك الفيلم وعدم توافره في الأسواق، فعملية النسخ لا تتعدى الدقائق من خلال العديد من البرمجيات المنتشرة في الإنترنت، وفي الدول الغربية يتم استئجار تلك الأفلام ومن ثم إعادتها مرة أخرى فيقوم بعض ضعاف النفوس القيام بعمل نسخة منها إلى حواسيبهم مباشرة، ولكن يسهل الإيقاع بهم.
2 ـ التحميل المباشر من الإنترنت
عند التحدث عن تلك الطريقة فإنه يشترط وجود سرعة كبيرة من خلال الإنترنت لتحميل أي نوع من البيانات إن كانت صوتية أم مرئية وبأنواعها المختلفة وبجودة عالية، ويتم تحميل تلك الأفلام بإحدى الطرق التالية، الأولى أن يتم التسجيل من خلال مواقع لشركات كبرى في الإنترنت تختص اختصاصا مباشرا بالأفلام بأنواعها، ومن خلال أجر اشتراك شهري يتم الدفع من خلاله عن طريقة بطاقة الائتمان، عادة تكون القيمة رمزية إلى حد ما في حال الطلب لعدد كبير من الأفلام، وبعد تحميل تلك الأفلام من الإنترنت ومن خلال الموقع يتم نسخها مباشرة إلى أقراص الدي في دي، ويكفي أن يقوم المستخدم بعملية التحميل لمرة واحدة فقط مع التأكد من جودة الفيلم على القرص الصلب في الحاسوب، ومن ثم يقوم بنسخها على أقراص ممغنطة عدة في آن واحد، على سبيل المثال يمكن القيام بعمل عشر نسخ من أفلام الأقراص الممغنطة لنوع الفيلم الواحد في دقائق معدودة من خلال أجهزة معينة خاصة بنسخ الأقراص، وهي أجهزة مرخص لبيعها، حيث لا يمكن لأي جهة أن تقوم بوقف استخدام هذه الأجهزة إلا في حالة سوء استخدامها كما يقوم البعض لذلك الغرض.
أما الطريقة الثانية فيتم فيها تحميل أو تنزيل الأفلام بطريقة القرصنة ومن خلال مواقع محددة تحتوي على تلك الأفلام بأنواعها ومن ثم القيام بتحميلها إلى الحاسوب مباشرة، وعادة تكون تلك الأفلام تحمل بعضا من شعاراتها، ويتم وضع ذلك الشعار على الفيلم بعد أن تم تحميله من موقع الشركة الأصلي المباع منه.
والطريقة الثالثة هي غريبة نوعا ما، وأصبحت معروفة لدى البعض ويتم سؤال البائع هل هي بطريقة «العرض السينمائي الطياري»؟ والمقصود بطريقة العرض السينمائي الطياري هو قيام أحد الأشخاص بالجلوس بأحد مقاعد السينما وبيده آلة تسجيل كاميرا فيديو عالية الجودة والقيام بتوجيهها على شاشة السينما مباشرة، ناهيك عن الأشخاص الذين يمرون أمام تلك الشاشة الضخمة التي يمكن رؤيتها بوضوح للعيان إضافة إلى وجود رداءة في الصوت، ومن ثم يقومون باعادة انتاج الفيلم من خلال برامج محددة آملين بالقيام ببعض التحسينات من خلال الفيلم كإلغاء أوقات الاستراحة وتحسين الصوت والصورة الظاهرين أمامهم، ومن ثم وضع شعارهم على الفيلم، وأحيانا لا يتم ذلك، خشية المساءلة القانونية لهم، وأخيرا يتم نقل محتوى الفيلم بالكامل إلى مواقعهم أو إلى المنتديات التي تخصهم أو التي يشاركون فيها، فيقوم المستخدم والمتصفح للإنترنت بتحميل هذه الأفلام إلى حاسوبه مباشرة، وأحيانا يضطر ناسخ الفيلم إلى تجزئته لأجزاء مختلفة تسهيلا على المستخدم من القيام بتحميله ومن ثم دمجه مرة أخرى.
iTunes Store تبدأ خدمة تأجير الأفلام بدأت iTunes Store عن إطلاقها لخدمة تأجير الأفلام وذلك من خلال برنامجها أو من خلال الأجهزة الرقمية التي تحتوي على تطبيقات الـ iTunes وذلك من خلال البحث عن الفيلم المطلوب تأجيره ومن ثم تحميله على الجهاز الرقمي أو الحاسوب، وبأجر رمزي، حيث يشترط على المستخدم القيام بمشاهدة الفيلم في مدة أقصاها 30 يوما، وفي حالة عدم مشاهدة الفيلم خلال تلك الفترة سوف يقوم البرنامج من تلقاء نفسه بإلغاء الفيلم من القرص الصلب للجهاز الرقمي، وطرق الحماية الخاصة بتلك الأفلام هو عدم قدرة أحدهم على نسخ الفيلم لأي جهة أخرى واستخدامها لما تحتويه من شيفرة ذكية في الإلغاء التلقائي، ومنذ بداية انطلاق تلك الخدمة أصبحت iTunes Store من المواقع المهمة لدى العديد من الأشخاص الذين يفضلون تلك العملية ولاقت رواجا منقطع النظير مما أدى إلى ارتفاع أرباحها إلى ملايين الدولارات في أسابيع قليلة منذ اطلاق تلك الخدمة.
الوسيلة الفاعلة لانتشار الفيروساتإن المعضلة الأساسية هنا التي يجهلها الكثيرون هو أن لتلك الأقراص الممغنطة التي تباع بشكل غير قانوني عبارة عن قنابل موقوتة ومتنقلة لما تحتويه من فيروسات خطيرة إضافة إلى العديد من ملفات القرصنة التي يستخدمها البعض ويستغلها في سبيل التوغل إلى حاسوب الضحية مباشرة، ومع وجود الكثيرين من المستخدمين الذين لا يملكون حماية فاعلة في حواسيبهم فإنهم يعتبروا من الذين يقومون بوضع تلك الملفات بأيديهم مباشرة ومن خلال تلك الأقراص وبمجرد وضعها في أجهزة الأقراص الممغنطة وبمجرد البدء في عرض الفيلم فإنهم قد قاموا بنقل العديد من الملفات التي أصبحت تتفاعل في الخفاء وفي أثناء عرض الفيلم على الحاسوب أو من خلاله، وبمجرد البدء في تفعيل الإنترنت تبدأ الملفات التي زرعت بالحاسوب بالعمل مباشرة وإرسال العديد من البيانات التي قام بالحصول عليها، والأمر الخطير هو وجود الفيروسات التي لا يمكن مسحها من تلك الأقراص إلا بطريقة صعبة جدا، فنصيحتنا للمستخدم هو أنه وبمجرد ظهور إشارة إلى وجود أحد الفيروسات في تلك الأقراص التوقف مباشرة عن استخدامه وبذلك تقوم بعملية ايقاف لتأثير تلك الفيروسات في حاسوبك.
ولا شك فيه هو وجود بعض الجهات المشبوهة والمنظمة لتلك الأعمال التي تهدف إلى زرع تلك الملفات التجسسية في تلك الأفلام خصوصا انتقائهم لأفلام الإثارة والرعب التي ما يلبث أن تقوم فئة عمرية من المراهقين بامتلاكها وهم الهدف المطلوب لديهم لزرع تلك الملفات التجسسية في حواسيبهم، ومن ثم انتقالها من حاسوب إلى آخر في مكان الاستخدام، وبدأت تلك الأقراص بالظهور في الدول العربية منذ زمن قصير خصوصا للدول التي لم توقع اتفاقيات حقوق الملكية الفكرية.
إحدى وسائل التهريب المقنع تطورت أساليب التهريب لمواد الأفلام الخليعة والأفلام المحظورة إلى ما هو أبعد من ذلك، ولقد سمعنا الكثير من القصص التي نقرأها في وسائل الإعلام المختلفة عن قيام مجموعة من الشباب في مقتبل العمر ببيع أقراص ممغنطة الـ DVD التي هي بالأصل عبارة عن أفلام محظورة البيع، فتقوم تلك المجموعة من الشباب بوضع ملصق لفيلم مغاير لحقيقة محتوى الفيلم، وليس كذلك، بل أصبحت من إحدى الطرق التي يتم فيها تهريب المخدرات في أغلفتها أو حتى تهريب البيانات السرية بشتى الطرق.
أين رقابة الأهل؟لا ننكر الدور الفاعل لجهود رجال الأمن في رقابة الشباب من خلال شرائهم لتلك الأقراص والمحاولات التي يقومون فيها برصد الباعة المتجولون القائمين على تلك المهنة في بيع تلك الأقراص الممغنطة بشكل غير قانوني، ولكن يبقى الأمر منوطا في أيدي الآباء في وضع ومتابعة رقابة أبنائهم وهم في سن المراهقة حيث يحتاجون إلى من يقوم بتوجيههم إلى الطرق السليمة وإبعاد سموم تلك الأفلام المحظورة عنهم وتنمية أفكارهم لما فيه مصلحتهم، ومن خلال تعاون الأهل مع تلك القضية فإنهم يساعدون رجال الأمن في حفظ الوجه الحضاري ومنع ضعاف النفوس من استغلالهم لشتى الطرق لتلك الأقراص الممغنطة المباعة بشكل غير قانوني.
طرق الحمايةتتعدد طرق الحماية الخاصة بتلك المواد إلى عدة طرق تسلكها بعض الشركات حماية لمنتجاتها من أيدي القراصنة والعابثين في دول العالم أجمع آملين منهم في ايجاد أقل كم ممكن من الخسائر المادية من جراء النسخ غير المشروع، وعادة تكون تلك الطرق بالنسبة لتلك الشركات غير مكلفة بالمعنى المادي، بل بإضافة حماية خاصة على تلك الأقراص التي تمنع القراصنة من الوصول إلى أسهل الطرق في سبيل إتمام عمليات النسخ.
وأول الطرق التي تلجأ إليها الشركات هو بوضع آلية تشفير على القرص الممغنط تمنع المستخدم من إتمام عملية النسخ بأي شكل من الأشكال وبطريقة تشفير تتراوح بين 64 إلى 128 بيتا، وهي الطرق الأنسب حتى الآن لما يجد فيها العديد من الصعوبات من فك الشيفرة الخاصة بها.
ومن إحدى الطرق الغريبة التي قامت إحدى الشركات اليابانية بتجربتها حيث ستقوم بدمجها من خلال الأقراص الممغنطة هو وجود آلية التدمير الذاتي، فتلك الطريقة هي من أنجح الطرق خصوصا للأشخاص الذين يحاولون البدء في عملية نسخ لمنتج أصلي ومع ظهور رسالة تحذيرية للمستخدم في أنه بحالة القيام بعملية نسخ غير مشروعة فإن محتوى القرص سوف يقوم من تلقاء نفسه بإلغاء الملفات مباشرة من خلال تقنية حديثة لا يمكن اختراقها وتحويلها بأي شكل من الأشكال إلى برمجيات أخرى لفكها والتعامل معها.
أما الطرق الثانية فهي عبارة عن وضع ملفات للحماية غير قابلة للنسخ مع الملفات الأصلية مما يمنع عمل القرص بشكل كامل حتى لو حاول المستخدم أن يقوم بنقل الملف بأكثر من طريقة ووضعها على الحاسوب فإن محتواها سوف يقوم بالتغير مباشرة حيث تكون من دون فائدة تذكر.
وعليه قام المشرعون في أنحاء العالم بوضع التشريعات اللازمة للحد من تلك القرصنة الفكرية بأنواعها ومحافظة على حقوق الآخرين لأعمالهم في شتى المجالات المرئية والصوتية وغيرها الكثير.
نص القانون الخاص بحقوق الملكية الفكرية.
تنص الفقرة (ب)، (د) من المادة 42 من القانون رقم 64 لسنة 1999 في شأن حقوق الملكية الفكرية على أن:
(يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين في:
ب - كل من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو أذاع على الجمهور بأي طريقة كانت أو أدخل إلى البلاد أو أخرج منها مصنفا مقلدا.
د - كل من أزال أو ساعد على إزالة حماية تنظم أو تقيد إطلاع الجمهور على المصنف أو الأداء أو البث أو التسجيل.
ويجوز للمحكمة أن تقضي بمصادرة جميع الأدوات المخصصة للنشر غير المشروع إذا كانت لا تصلح إلا لهذا النشر وكذلك بمصادرة جميع النسخ..)
يولد القانون فكرة، ايا كان صاحب الفكرة موظفا او غير موظف، كتبا او قارئاً، مختصا او غير مختص، المهم ان تكون لديه فكرة تصلح ان تكون اساسا لقانون، فاذا ما ولدت الفكرة اخذت مسارين: الاول هو مشروع القانون الذي تقترحه الحكومة، فاذا ما تبنت الفكرة جهة حكومية، فان المشروع يصعد حتى يصل الى الوزير المختص، ثم يعرض على مجلس الوزراء، ليصدر به مرسوم يقدم الى مجلس الامة، اما المسار الثاني فهو الاقتراح بقانون، فإذا تبنى الفكرة عضو من اعضاء مجلس الامة، فإنه يقدمه الى المجلس كاقتراح بقانون، ومتى ما قدم مشروع القانون او الاقتراح بقانون الى مجلس الامة بدأت مرحلة مناقشته واقراره.
وتبدأ هذه المرحلة بعرض المشروع على مجلس الامة، ليحيله مباشرة الى اللجنة المختصة اذا كان مشروعا بقانون، اي اذا كان مقترحا من الحكومة، فالمشروع المتعلق بالصحة العامة مثلا يحال الى لجنة الشؤون الصحية، والمشروع المتعلق بالتعليم يحال الى لجنة شؤون التعليم وهكذا.. وتتولى هذه اللجنة النوعية دراسته ومناقشته، واقتراح ما ترى ادخاله عليه من تعديلات ثم تقدمه الى المجلس مشفوعا بتقرير منها، اما اذا كان ما قدم الى المجلس اقتراحا بقانون، اي مشروعا اقترحه احد الاعضاء، فانه يتعين ان يحال اولا الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية قبل احالته الى اللجنة النوعية المتخصصة، ثم يعرض المشروع وتقرير اللجنة على مجلس الامة لمناقشته بصورة عامة، فاذا ما وافق المجلس على المشروع من حيث المبدأ انتقل الى مناقشة مواده مادة مادة، ويؤخذ الرأي على كل مادة ثم على المشروع في مجموعه ولكل عضو عند نظر مشروع القانون ان يقترح التعديل او الحذف او الاضافة، ثم يقترع نهائيا على المشروع، فإذا ما اقره مجلس الامة يرفع الى سمو الامير للتصديق عليه واصداره، ومن هذا يظهر ان اخطر مرحلة يمر بها القانون هي مرحلة مناقشته واقراره من مجلس الامة، لان في هذه المرحلة تجري تعديلات عديدة على المشروع من اكثر من عضو.
وقد تخل هذه التعديلات بالبناء التشريعي للمشروع، وقد تفقده اتساقه وانسجامه، فقد يقترح احد الاعضاء اضافة حكم لا يتفق مع سائر احكام المشروع، وقد يقترح اخر حذف حكم ترتبط به عدد من الاحكام، وقد يحوز ذلك التعديل او ذاك الاغلبية اللازمة لاقراره فيتم ادخاله على المشروع ويصدر القانون على هذا النحو، مما يربك القائمين على تفسير النص وتطبيقه، وتتعدد المنازعات حول تفسيره، وتبدو هذه الظاهرة اكثر وضوحا في المشروعات التي يقترحها الاعضاء عنها في المشروعات التي تقترحها الحكومة، لان الاخيرة تتولى صياغتها جهة قضائية متخصصة، هي ادارة الفتوى والتشريع التي تخصصت في هذا العمل وتمرست عليه مدة تقارب النصف قرن، وعلاجا لهذه المشكلة نقترح ان يشمل اختصاص ادارة الفتوى والتشريع صياغة مشروعات القوانين جميعا سواء التي تقدمها الحكومة، او التي يقترحها الاعضاء، وحتى تتحقق الفائدة المرجوة، نقترح ان تتم هذه المراجعة كآخر مرحلة من مراحل مناقشة القانون اي قبل ان يقترع عليه نهائيا، على ان يقتصر دورها على صياغة التشريع وتنسيق احكامه حتى تصبح نسيجا واحدا متكاملا ومدروسا، وبهذا نتفادى العديد من المنازعات حول تفسير النص وتأويله.
المشرع عندما يسن قانونا فانه يبتغي من ذلك تحقيق مصلحة عامة لجميع افراد المجتمع دون تمييز، غير ان المشرع ولغرض في نفسه خالف تلك القاعدة عند اصداره المادة 26 مكرر «ب» من قانون ايجار العقارات رقم 35 لسنة 1978، اذ ميز بين الاماكن المؤجرة لاغراض السكن والاماكن المؤجرة لغير اغراض السكن، فأعطى لمؤجر الاولى دون الثانية الحق في انهاء العلاقة الايجارية مع المستأجر بعد مضي خمس سنوات من تاريخ العقد، هذا التمييز جلب لمؤجر العقار الواحد الذي قام بتأجير بعض وحداته لغرض السكن والبعض اآخر للاغراض التجارية مشاكل ومنازعات كثيرة، اذ انه بموجب النص القانوني المشار اليه، يستطيع اخلاء مستأجري الوحدات السكنية، وفي الوقت نفسه لا يستطيع اخلاء مستأجري الوحدات التجارية، الامر الذي ادى الى حرمانه من اعلى عائد استثماري من الوحدات الاخيرة، خصوصا خلال الفترة الماضية التي شهدت رواجا في سوق العقارات التجارية ارتفعت معه الايجارات الى ثلاثة اضعاف عما كانت عليه قبل عامين، ذلك ان مالكي تلك العقارات لم يتمكنوا من مواكبة سعر السوق والاستفادة من زيادة الاجرة التي طرأت على اجرة الوحدات المؤجرة لغير اغراض السكن، وان عليهم الانتظار مدة خمس سنوات على آخر زيادة، تنفيذا لنص المادة 11 من القانون السالف، وان عليه اللجوء الى القضاء للحصول على حكم يقضي له بتلك الزيادة، وكثيرا ما تكون قليلة وبعيدة عن المرجو منها فضلا عن ان الزيادة المقضي بها تكون باثر مباشر اي تسري من تاريخها.
وامام تلك العقبات التي رسختها نص المادة 26 مكرر «ب» المشار اليها، فقد برزت في سوق المعاملات عقود ايجار غير عقود الايجار المألوفة، تضمنت شروطا جوهرية غير مألوفة بعقود الايجار العادية يمليها المالك المؤجر على المستأجر بغية ضمان طرده في حال عدم اذعانه لطلب المؤجر بالاخلاء او بزيادة الاجرة وفق السعر السائد في السوق، باعتبار ان تلك الشروط تخرج تلك العلاقة الايجارية من نطاق تطبيق قانون ايجار العقارات رقم 35 لسنة 1978 الى دائرة تطبيق نصوص القانون المدني التي تجيز له طرد المستأجر في حال انتهاء مدة الايجار، التي غالبا ما تكون مشاهرة اي شهرا بشهر او سنة واحدة، وهكذا فقد تغلب مؤجر الوحدات المؤجرة لغير اغراض السكن على الظلم الذي اوقعه المشرع بهم والذي حرمهم من ميزة اخلاء تلك الوحدات مثل اقرانهم من مؤجري الوحدات المؤجرة لاغراض السكن، واضحى هذا التمييز غير المبرر من حيث الواقع لا وجود له.
«وراء الشمس» تعبير اصطلاحي شاع استعماله عقب قيام الثورات، ابتكره من ذاقوا مرارة النفي او الابعاد او الاعتقال بغير محاكمة، دون ان يعرفوا ما الجريمة التي ارتكبوها، وما نوع العذاب الذي ينتظرهم، ولا المدة التي سيقضونها وراء الشمس.
لقد كانت هذه المجاهيل وحدها كفيلة بإلقاء الرعب في نفوس الناس، فيحسب كل منهم الف حساب حتى للانفاس التي يتنفسها، خشية ان يتعرض لمكروه لم يتوقعه، واصدق تصوير على هذه الحالة هو ما رواه لي استاذ من كبار الاساتذة في جامعة القاهرة، ممن أثروا مكتبة القانون بمؤلفات كانت ولا تزال من اهم المراجع، وممن عرف عنهم عزوفهم التام عن السياسة، سواء قبل الثورة او بعدها، وانصرافهم الكامل للبحث والتدريس، روى لي انه في الايام الاولى للثورة، كان يجلس في محرابه يعد ابحاثا او يؤلف كتابا، في تلك الضاحية الهادئة المنعزلة التي لا تكاد تمر فيها سيارة، فكان حين يسمع محرك سيارة تقترب من الفيللا التي يسكن فيها يتوقف ذهنه عن التفكير، ويتوقف قلمه عن الكتابة خشية ان يكون قد صدر امر باعتقاله وجاءوا لينفذوا الامر قائل: قد يكون هناك طالب ممن قسوت عليهم في الدرس قد لفق لي تهمة بأنني تفوهت بعبارة تحمل على انها ضد الثورة فأتوا ليأخذوني من الدار الى النار...! وهذا هو ما احدثته ثورات اخرى في دول مجاورة، فحين زرت العراق لاول مرة قبل حكم صدام مباشرة وقت ان كان نائبا للرئيس، وكنت مستشارا في مجلس الدولة المصرية مبعوثا من جامعة الدول العربية لتنظيم اجهزة وزارة العدل في العراق، اقاموا لي حفل عشاء في قصر من القصور المصادرة اعتقد ان اسمه «قصر الصنوبر»، حضره وزير العدل ورئيس ديوان التدوين القانوني (المشابه لمجلس الدولة في مصر) وجلست الى المائدة الى يمين الوزير، وجلس الى يميني مستشار في ديوان التدوين القانوني، وكان فضوليا ثرثارا بصورة لا تطاق، لم يترك كبيرة او صغيرة الا سألني عنها مثلا عن المهمة التي أتيت من اجلها وعن كيفية اختياري لأدائها وعن سبب اختيار المستشار الفرنسي، وغيره، وغيره، الى درجة انه لم يعطني فرصة ولو للحظة واحدة، لألتفت ناحية اليسار، حيث يجلس الوزير لأتبادل معه التحية، وفي صباح اليوم التالي كنت في زيارة مستشار آخر في ديوان التدوين القانوني، كان مخصصا لمرافقتي فشكوت له من مستشار الامس الذي لم يمكنني من تبادل الحديث مع الوزير، فنظر إلي قليلا ثم نهض من مكتبه وتوجه الى باب الغرفة التي كنا نجلس فيها، وفتح الباب ونظر يمينا ويسارا، ليتأكد من ان احدا لا يقف امام الباب ليتسمع، ثم عاد الى مكتبه واخرج ورقة صغيرة جدا في حجم طابع البريد وكتب عليها «هذا شيوعي» ثم مزقها في الحال الى قطع صغيرة جدا حتى لا يستطيع احد ان يقرأها من بعده، فأحسست بمدى الرعب الذي يعانيه الرجل، ثم تأكد احساسي في المساء عندما اصطحبني للتنزه على نهر دجلة، ففي الطريق مررنا امام احد دور السينما فأسعدني ان اجد فيلما مصريا يعرض فيها، فقال لي باسما اننا نحب الافلام المصرية كثيرا، فقلت له انه فيلم قديم، الآن يعرض لدينا في مصر فيلم جميل هو فيلم «الكرنك»، وهو فيلم يتناول التعذيب الذي كان يمارس ضد الشباب ايام دولة المخابرات، واخذت احكي له بعض احداث الفيلم، ناسيا ان مثل هذا الحديث كان محظورا ايام الطغيان، ولكنني تنبهت فورا حين لاحظت ان الرجل في حالة يرثي لها، يتلفت يمينا ويسارا خشية ان يسمعنا احد ونحن نتحدث عن الظلم والطغيان، فتوقفت فورا وغيرت الموضوع، فانفرجت أساريره وأحس انه نجا من الذهاب وراء الشمس!
دولة القانون شكلا
او
استخدام الشكل القانوني في القرار السياسي
============================
كلمة حق 4 فبراير..!
:
4 فبراير سنة 1942 تاريخ مشهور في الحياة السياسية في مصر، ففيه ارغم الانكليز الملك فاروق على تكليف النحاس باشا برئاسة الوزارة، لم يكن هذا التكليف في حد ذاته مشكلة، لان النحاس باشا كان زعيم حزب الاغلبية الحائز ثقة البرلمان، فكان من الطبيعي ان يكلف بالوزارة، ولكن غير الطبيعي ان يرغم الملك على ذلك التكليف بقوة السلاح، فقد بعثت اليه السفارة البريطانية مندوبا ينذره اما بتكليف النحاس بتشكل الوزارة، واما باسقاطه من العرش.. واحاطوا القصر الملكي بالدبابات، الى ان امتثل فاروق للامر وكلف النحاس بالوزارة، وكانت هذه اهانة بالغة لمصر ولملكها في ذلك الوقت!
وفي 4 فبراير سنة 1977 وقف كمال الدين حسين متحدثا في مجلس الشعب، وكمال الدين حسين لمن لا يعرفه كان رجلا من رجال الثورة، اشترك مع عبدالناصر في حركة الضباط الاحرار وتبوأ عدة مناصب عليا الى ان اختلف معه عبدالناصر فأبعده عن دائرة الحكم، وظل في الظل حتى توفي عبدالناصر وتولى السادات رئاسة الجمهورية، وهنا انتقل كمال الدين حسين الى صفوف المعارضة وانتخب عضوا في مجلس الشعب عن دائرة من دوائر القليوبية، المهم وقف كمال الدين حسين متحدثا في مجلس الشعب في 4 فبراير سنة 1977، واستهل حديثه موجها الخطاب الى انور السادات، قائلا: هذا يوم مشؤوم على مصر، واخذ يكيل الاتهامات لانور السادات متهما اياه بتزييف الانتخابات وبقمع الحريات والعبث بالاقتصاد القومي، مما اثار حفيظة الاعضاء الموالين للحزب الحاكم فتباروا في الرد عليه وفي شجب محاولته التطاول على انور السادات، وانتهى الامر الى طلب اسقاط عضويته وكان هذا امرا ميسورا ما دامت الاغلبية تؤيد ذلك الاسقاط، فبعد عدة جلسات اسقط مجلس الشعب عضوية كمال الدين حسين، واعلنت وزارة الداخلية خلو الدائرة وفتح باب الترشيح اليها، فتقدم للترشيح عدد من الاشخاص كان من بينهم كمال الدين حسين، ولكن اللجنة المختصة في وزارة الداخلية رفضت قبول اوراق ترشيحه بمقولة ان من اسقطت عضويته وفقا للمادة 96 من الدستور لا يجوز له اعادة ترشيح نفسه في الدورة ذاتها، وحين ابلغ كمال الدين حسين بقرار وزارة الداخلية رفض طلب ترشيحه لجأ الى مجلس الدولة طالبا الغاء قرار الرفض وعرضت القضية على الدائرة الاولى بمحكمة القضاء الاداري، التي كنت احد المستشارين الجالسين فيها، فاصدرنا حكما بالغاء قرار رفض الترشيح، واستندنا في ذلك الالغاء على ان المادة 96 من الدستور خلت مما يمنع العضو الذي اسقطت عضويته من اعادة ترشيح نفسه، والعلة في ذلك واضحة، وهي انه اذا كان ممثلو الشعب قد اسقطوا عضوية النائب فانه ليس هناك ما يمنع من ان يعود النائب الى الشعب نفسه، ليقول كلمته. ذلك الحكم بطبيعة الحال لم يرق للقائمين على الأمر فلجأوا الى المحكمة الدستورية يطلبون منها تفسير المادة 96 من الدستور فصدر التفسير قاضيا بان من اسقطت عضويته وفق المادة 96 من الدستور لا يجوز له ان يرشح نفسه من جديد، فلجأ كمال الدين حسين مرة اخرى الى محكمة القضاء الاداري طالبا الغاء حكم المحكمة الدستورية العليا، واصفا اياه بانه قرار اداري منعدم، ولم يكن هذا القول بطبيعة الحال مقبولا فرفضت الدعوى، فلجأ كمال الدين حسين الى قاضي الامور المستعجلة في محكمة (بنها) مستشكلا من حكم المحكمة الدستورية فأصدر حكما بوقف تنفيذ حكم المحكمة الدستورية..! فلجأ نواب الحزب الحاكم الى مجلس الشعب، وعقدوا جلسة مسائية طارئة اصدروا فيها تفسيرا تشريعيا يقضي بعدم جواز الترشيح، وهكذا اصبح 4 فبراير في تاريخ مصر رمزا للصراع على السلطة، ورمزا للمساجلة بالأحكام القضائية!
للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن هذا هو نص الدستور وقد وضع بذلك هدفا من الاهداف الرئيسية لأن المال العام كما هو معلوم مملوك للشعب كله وليس مملوكا لاحد على وجه التحديد، ولهذا كان من واجب كل مواطن ان يصونه ويحميه من اي اعتداء وهنا تتبدى ايجابية المواطن او سلبيته فالمواطن الايجابي لا يكتفي بأن يتخذ موقفا سلبيا بأن يمتنع عن الاعتداء على المال العام وإنما عليه ان يتخذ موقفا ايجابيا بأن يجعل من نفسه رقيبا على المال العام يحافظ عليه محافظته على ماله الخاص فإذا رأى من يعتدي على المال العام مهما كان هذا الاعتداء بسيطا فواجبه ان يتدخل ليوقف هذا الاعتداء ان كان في مكنته ذلك، او ليبلغ السلطات لتتخذ ما تراه لازما من اجراءات فراكب اي وسيلة من وسائل النقل العام مثلا إذا شاهد صبيا يتلف الجلد الذي يكسو المقاعد او يخلع مطفأة مثبتة أمامه فإن من واجبه ان ينهاه عن هذا الفعل لانه يضر بالمال العام بل ان البعض تصل ايجابيته الى حد مراقبة تنفيذ القوانين واللوائح باعتبار ان التعدي على القوانين واللوائح في النهاية يعد تعديا على المال العام، فسائق السيارة الذي يرى سيارة أخرى أمامه أو الى جواره تسير في اتجاه عكس السير عليه ان ينبه السائق الآخر الى أن هذا السلوك يعرضه ويعرض غيره للخطر فلا يصح ان يقول لنفسه أنا لست مسؤولا عن القانون او ان هناك من هو مسؤول عنه فهذا سلوك سلبي يجب ان نعمل جميعا على مقاومته، بل ان البعض قد يشتط في سلبيته الى درجة يسهل فيها على المخالف التمادي في مخالفته، ظنا منه انه يساعده في حين انه يؤذيه ويؤذي من حوله حتى لو مر الأمر بسلام لأن المخالف سيتمادى في المخالفة بعد ان يحس بمن يساعده على الاستمرار فيها وقد نظم قانون الجزاء جرائم المال العام، ثم صدر قانون خاص هو قانون حماية الاموال العامة الذي أعاد تنظيم هذه الجرائم فعرف المقصود بالمال العام وشدد العقوبات المقررة على انتهاكه ونظم الاجراءات التي تتخذ في هذه الجرائم واهم هذه الجرائم اختلاس المال العام او الاستيلاء عليه بغير حق او تسهيل الحصول عليه بهذا الطريق أو ذاك وحتى يؤتي التشريع ثمرته لم يكتف القانون بتقرير العقوبات الرادعة على كل من يتعدى على المال العام من حبس وغرامة وإنما أوجب ان يحكم على الجاني برد ما اختلسه او استولى عليه او سهل لغيره الحصول عليه فهذه هي الثمرة التي تعود على المال العام بالنفع لانها ترد اليه حقوقه السلبية وليس معنى هذا اننا نقلل من شأن العقوبات الأخرى كالحبس والعزل والغرامة فهذه كلها عقوبات لها اهميتها لان وظيفتها الردع لان من توقع عليه مثل هذه العقوبة يردع غيره من الاتيان بمثلها، ولكن الاهم منها ان يستعيد المال العام حقوقه حتى لا يتآكل نتيجة استمرار التعدي عليه فالمال العام لن يفيد شيئا من استمرار حبس الجاني او من عقابه ايا كانت العقوبة ولكن فائدته الحقيقية ان تسترد الدولة حقها في المال الذي أخذ منها عنوة ولقد لفت نظري ان احدى الشركات الالمانية العملاقة طلبت ان ترد الاموال التي حصلت عليها بطريق غير مشروع من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء الذي فرضته الامم المتحدة على العراق اثناء فرض الحصار عليها وذلك في مقابل ان تعفى من المحاكمة، وهو اقتراح عملي لانه يمكن المال العام من ان يستعيد حقوقه في اسرع وقت، وبأيسر السبل فيا حبذا لو ان مشرعنا طبق هذا المبدأ بأن يفسح المجال امام المحكوم عليه ليرد ما حصل عليه من المال العام في مقابل اعفائه مما تبقى من العقوبة المحكوم بها عليه فبهذا نضرب عصفورين بحجر واحد اولهما ان نستعيد للمال العام حقه في اسرع وقت وبأقصر الطرق، وثانيهما ان نخلي السجون من عدد لا بأس به من شاغليها الذين يحملون الدولة حملا ثقيلا من الانفاق عليهم وحراستهم واحيانا لعلاجهم مما يصابون به من امراض وبهذا يتحقق الهدف الذي سعى إليه الدستور وهو حماية المال العام والذود عنه واسترداد ما سلب منه فهو واجب لا يجوز التخلي عنه تحت اي ظرف من الظروف.