سامي أحمد عبدالعزيز المنيس (1932ــ2000)
ــ رئيس المنبر الديموقراطي الكويتي 1999ــ2000، وأمينه العام 1993ــ1999 وأحد مؤسسيه في عام 1991.
ــ عضو مجلس الأمة الكويتي في الفصول التشريعية الأول 1963ــ1965 والثالث 1971ــ1975 والرابع 1975ــ1976 والسادس 1985ــ1986 والثامن 1996ــ1999 والتاسع 1999ــ2000.
ــ رئيس لجنة شؤون التعليم والإرشاد في مجلس الأمة 1985.
ــ رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمة في فصليه التشريعيين الثامن 1996ــ1999 والتاسع 1999ــ2000.
ــ صاحب امتياز صحيفة «الطليعة» الأسبوعية.
ــ رئيس تحرير صحيفة «الطليعة» الأسبوعية 1965ــ1985.
ــ صاحب امتياز ورئيس تحرير صحيفة «الجماهير» 1962، صدرت منها ثلاثة أعداد فقط ثم عطلت.
ــ أحد مؤسسي نادي الاستقلال الثقافي الاجتماعي ورئيس مجلس اداراته لأكثر من دورة.
ــ أحد أعضاء المؤتمر الأول لاتحاد الصحافيين العرب المنعقد في الكويت 1965.
ــ عضو الأمانة العامة لاتحاد الصحافيين العرب 1973ــ1975.
ــ نائب رئيس اتحاد الصحافيين العرب 1985ــ1996.
ــ رئيس اللجنة الدائمة للحريات الصحافية في اتحاد الصحافيين العرب 1996ــ2000.
ــ عضو منظمة الصحافيين العالميين وحائز جائزة المنظمة للحريات الصحافية 1984.
لمع عام 1963
لمع اسم سامي أحمد المنيس في تاريخ الكويت السياسي بعد نجاحه في أول انتخابات تشريعية (1963)، وكان عمره آنذاك واحداً وثلاثين عاماً، إذا ما سلمنا أن تاريخ ميلاده 1932، وكان مجهزاً بسلاح المعرفة والتجربة العملية في الحياة، وكان تجسيداً لقطعة من تراث الكويت الوطني. وعند نجاحه لم يكن منذ شبابه المبكر بعيداً عن هموم العمل الوطني على صعوبة الحياة الشخصية التي كان يعيشها والتي ما كانت لتؤهله لغير كسب العيش. فقد عرف المسؤولية ولما يزل يافعاً، حين توفي والده في عام 1937 وكان عمره آنذاك خمس سنوات، لذا، فقد تربى يتيماً في أسرة عريقة امتزج تاريخها بتكوين المجتمع الكويتي الأصيل، وعمل أفرادها في البحر والتجارة والمهن والوظائف العامة .
وأبى سامي منذ نعومة أظفاره إلا أن يكون كادحاً يوفر العيش الكريم لأسرته، فما إن بلغ الرابعة عشرة عام 1946 حتى كان عاملاً في شركة نفط الكويت في ظروف قاسية، كان لها تأثيرها في تفكيره في المستقبل عندما تبنى قضايا العمال عموما وقضايا عمال النفط خصوصا، بعدها عمل صيدلياً في دائرة الصحة في الكويت ثم صاحب صيدلية بعد الاستقلال حتى 1963 عندما تركها لدى انتخابه في أول مجلس للأمة.
سعى سامي إلى طلب العيش بعرق الجبين مما حرره من الكبرياء ومركبات النقص والخوف، فكان الطهر والنقاء صفتين بارزتين في سلوكه. ويبدو أن وضوح الشخصية والطهر والالتفات إلى تحمل المسؤولية كانت صفات أهلته للالتقاء مع د. أحمد الخطيب والسيد عبد الله النيباري اللذين شاركاه في كثير من الصفات، أهمها الطهر السياسي والوطنية وتحمل المسؤولية نحو الوطن والأمة. فالدكتور أحمد الخطيب من مواليد 1927 تخرج طبيباً بشرياً من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1952.
وكانت هذه صفات بارزة في سلوك المرحوم سامي أحمد المنيس. وحتى هذه السنة، لم يكن سامي قد التقى د. أحمد الخطيب لقاءً سياسياً أو تنظيمياً. ويبدو أن أول لقاء تم بينهما كان في نادي الجزيرة (القادسية حالياً) بعد عام 1952، وكان د.الخطيب قد نجح في تأسيس نواة الحركة القومية العربية في الكويت،
كما نجح في تأسيس النادي الثقافي القومي عندما تقدم د. الخطيب، أحمد السقاف، محمد السداح، أحمد زيد السرحان، عبد الرزاق البصير، عبد العزيز العيسى، يوسف الغانم ويوسف مشاري البدر بطلب إلى السلطات لتأسيس هذا النادي، وساعدهم نصف اليوسف وعبد الحميد الصانع. وقدم الطلب إلى الشيخ عبد الله مبارك الصباح وتمت الموافقة عليه على أن تكون العضوية للكويتيين فقط.
النادي الثقافي القومي
وقد تلقى النادي دعماً من مجلس المعارف يقدر بخمسة عشر ألف روبية في جلسته بتاريخ 28/6/52، أما الصوت المعبر عن النادي فقد كان مجلة صدى الإيمان التي صدر العدد الأول منها في 1/1/1953. كما يبدو أن تلك الفترة شهدت انضمام سامي المنيس إلى حركة القوميين العرب وإلى النادي الثقافي القومي الذي تبنى الدعوة الى القومية العربية. إذ كان لسامي اهتمامه السياسي في تلك الفترة من خلال التجارب التي عاصرها، وخصوصاً أثناء سفراته إلى مصر حيث تشرب النزعة القومية وارتبط بالمفكرين العرب منذ بداية قيام الثورة المصرية في 23/7/1952. وكان يلاحظ على سامي في تلك الفترة سفره المتكرر إلى القاهرة وسافر سنة 1952 إلى الهند ليدرّس اللغة العربية. وينبغي القول هنا إن الكويت أنشأت مدرسة في بومباي عام 1952 لتعليم اللغة العربية لأبناء العرب هناك، ونشر القيم الإسلامية وكان مجلس المعارف يتولى الإنفاق عليها، ويبعث المدرسين والمدرسات إليها، وبقيت قائمة حتى عام 1959/1960 ولا ندري ما إذا كان سامي قد درّس العربية في هذه المدرسة أو غيرها، لكنه عاد من الهند بعد أشهر ليعمل صيدلانياً في دائرة الصحة قبل الاستقلال.
أما أول لقاء مع رفيق دربه الآخر عبد الله النيباري، فقد كان في المهرجان الخطابي الذي أقامته المدرسة المباركية عام 1948، وكانت بداية أساسها الوطنية والحماسة لقضايا الأمة وقضيتها المركزية فلسطين .
تعد الحركة التي أسسها د. الخطيب وريثا لحركة 1938 في الكويت التي حملت اسم الكتلة الوطنية وشباب الكتلة الوطنية، وكان لها مطلبان أساسيان هما مجلس تشريعي منتخب ودستور يقيد من سلطة الحكم . ويعدّ ظهور الكتلة الوطنية حلقة من حلقات معركة الدستور التي عاشتها الكويت حتى نجحت في تحقيق ما سعت إليه.
لقد تتبعنا المرحوم سامي المنيس في نشاطه البرلماني فصلاً تشريعياً إثر الآخر، ورصدنا كل مناقشاته وتساؤلاته واستجواباته وأقواله استناداً إلى محاضر مجلس الأمة المطبوعة، وعمدنا في نهاية الكتابة عن هذا النشاط إلى تلخيص أهم الموضوعات والأمور التي حظيت بالاهتمام من نشاط سامي.
أغنى سامي نقاشات مجلس الأمة بتساؤلاته ومداخلاته وطرحه قضايا وطنه وشعبه، قضايا أمته العربية التي آمن بدورها الحضاري وحتمية وحدتها. وكان التزامه بطرح هذه القضايا بلا حدود وبلا تحفظ. وخاض الانتخابات جميعها ملتزماً بالفكر القومي وضمن قائمة انتخابية ضمت إخواناً له في مختلف الفصول التشريعية كان أبرزهم جاسم القطامي، أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، أحمد النفيسي، خالد الوسمي، سليمان خالد المطوع، يعقوب يوسف الحميضي، بدر العجيل، عبد الرزاق الخالد الزيد، علي عبد الرحمن العمر وراشد التوحيد، وجميع هؤلاء أعضاء في حركة التقدميين الديموقراطيين الوطنية، أو في تنظيم مؤازر لحركة القوميين العرب من بين تجار الكويت تحت اسم " الرابطة الكويتية ".
حملت قائمة سامي الانتخابية في الفصل التشريعي الأول سنة 1963 اسم "نواب الشعب"، وهو تحالف قومي وطني بين القوميين العرب والرابطة الكويتية التي أسست عام 1958 "وكان وراء تأسيسها قيادة تنظيم فرع حركة القوميين العرب في الكويت كواجهة سياسية اجتماعية بين التجار، وذلك للثقل السياسي والاجتماعي لهذه الطبقة" .
ونجح منهم ثمانية كانوا فعلاً فرسان الديموقراطية الأوائل وهم جاسم القطامي، أحمد الخطيب، سامي المنيس، سليمان خالد المطوع، عبد الرزاق الخالد الزيد، علي عبد الرحمن العمر وراشد التوحيد.
التقدميون الديموقراطيون
في عام 1971 حملت القائمة اسم التقدميين الديموقراطيين ونجح منها: أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي المنيس وأحمد النفيسي، وذلك في انتخابات مجلس الأمة الثالث. وفي هذا المجلس برز الأربعة دعاة مثابرين للضغط من أجل تأميم نفط الكويت إلى أن نجحوا، بمؤازرة القوى الوطنية وتعاون الحكومة ومجلس الأمة، في هذه الدعوة. نجح ثلاثة من الأربعة السابقين في انتخابات مجلس الأمة لعام 1975 هم أحمد الخطيب، عبد الله النيباري وسامي المنيس. أما في مجلس الأمة الخامس 1981 فلم ينجح أحد من التقدميين الديموقراطيين. وكانوا قد خاضوا هذه الانتخابات باسم "التجمع الديموقراطي" الذي ظهر سنة 1976. أما في انتخابات 1985 وفي مجلس الأمة السادس، فقد كان سامي في قائمة "التجمع الديموقراطي"، لكن هذا التجمع اختلف في تأليفه عن التجمع السابق، إذ اقتصر تكوينه على الفئات اليسارية فقط. وفي هذه الانتخابات فاز د. أحمد الخطيب، سامي المنيس، د. أحمد الربعي، جاسم القطامي وفيصل الصانع في مجلس كانت فيه الأغلبية للمعارضة، وهي أقوى من مؤيدي الحكومة. لكن هذا المجلس لم يدم طويلاً، إذ حُلّ بعد ثمانية أشهر ويومين، بسبب محاولات تفتيش المعارضة على سجلات البنك المركزي، والاستجواب الشهير الذي قدم إلى وزير النفط آنذاك علي الخليفة الصباح.
كان همّ سامي وشعاره استثمار البشر، لذا فإن له مقولة شهيرة "الاستثمار في البشر قبل الحجر" ، ولازمه هذا الشعار في كل ما كان يطرحه من مشكلات تخص الوطن أو المواطن، كويتياً كان أم عربياً.
كانت لسامي المنيس تجربة غنية وصفها بقوله: "إن تجربتنا في العمل السياسي تؤكد أنه لا يمكن النظر إلى بلادنا بشكل معزول عما يدور في المنطقة" . وكانت هذه رؤيته للأحداث المتلاحقة في وطنه وربطها بما يحدث حوله في المنطقة العربية أو المناطق المجاورة.
كما وصف التجربة الكويتية قائلاً: "إن جوهر التجربة الكويتية يتلخص في شكل رئيس واحد اسمه الدستور. والصراع الذي حدث خلال عشرين عامــاً (1963 – 1983) ومازال ممتداً، جوهره الحقيقي هو الحرية التي يحمي سياجها الدستور.. والمحاولات الدؤوبة لتقليصلها يقابلها نضال لا يهدأ للحفاظ عليها" .
لذا، فإن من عرف سامي أحمد المنيس عرف فيه العفوية والوضوح والثبات على المبدأ، ومن عرفه عرف فيه انصهار ذاته في الدفاع عن الدستور والديموقراطية والحرية، وفي الدفاع عن وطنه الكويت وعن أمته العربية وعن حقوق الإنسان. كانت لديه حصانة أسطورية ضد إغواء المال وسطوته ، وتلك صفة لا يقوى عليها إلا الرجال. تطلع إلى خلاص الوطن والأمة من واقع ما بعد الاستعمار والحماية فرأى في الديموقراطية طريق الخلاص، ديموقراطية تتمثل في الرقابة على السلطة التنفيذية ومحاسبتها، ديموقراطية يتم في أجوائها اقتراح التشريعات تحت قبة مجلس الأمة لتقر أو ترفض من الأغلبية، ديموقراطية فيها دستور آمن به الشعب وأيده وأصبح ملاذاً له يلجأ إليه كلما لاحظ انحرافاً في أداء أي من السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
حماية الدستور
رفع سامي أثناء حياته البرلمانية ما بين 1963 و2000 شعارات دخلت في صلب التقاليد العريقة للعمل البرلماني، فقد نادى حتى آخر لحظة من حياته بحماية الدستور وصيانته وعدم الالتفاف عليه ورفض أي مساس به بعد أن أيده الشعب.
نادى بالمساواة بين كل من عاش على أرض وطنه الكويت، لا فرق بين وافد وكويتي، فقد آمن أن "وطنه الكويت جزء لا يتجزأ من المنطقة، ولا يمكن النظر إلى الكويت بشكل معزول عما يدور في هذه المنطقة" .
انضم إلى حركة القوميين العرب بعد عام 1952 في النادي الثقافي، وكان همّه مع رفاقه تأسيس مجلس تشريعي منتخب ووضع دستور للبلاد، ونادى بإلغاء الحماية البريطانية ووضع سياسة حازمة تجاه شركات النفط .
والأهم من هذا، نادت جماعة النادي الثقافي القومي منذ تأسيسها بإنشاء المؤسسات والجمعيات والروابط المستقلة نوعا ما عن الدولة، وهي دعوة لبناء المجتمع المدني في الكويت. وكانت "دعوة حضارية مستقبلية نوعية". وارتبط بناء المجتمع المدني في الكويت على نحو محدد بحركة القوميين العرب التي ينتمي إليها سامي والتي ارتبط بها تأسيس شبكة جمعياتية من المؤسسات والنوادي والروابط والاتحادات المهنية والثقافية والرياضية. ولا سيما تأسيس النقابات العمالية والطلابية التي كانت تعويضاً عن غياب الأحزاب .
ولا أحد ينكر دور هذه الجماعة في تأسيس النادي الثقافي القومي ومن بعده نادي الاستقلال واتحاد الطلاب ونقابات عمال النفط واتحاد العمال الكويتيين ونادي المعلمين.. إلخ.
القوميون العرب
نجح القوميون العرب _ فرع الكويت، الذين كان سامي المنيس أحد فرسانهم مع أحمد الخطيب وجاسم القطامي وعبدالله النيباري وأحمد النفيسي، بالتعاون مع مجموعة من التجار الوطنيين، على رأسهم عبد اللطيف ثنيان الغانم أحد رموز حركة 1938 في الكويت في إنشاء أول مجلس تشريعي منتخب في الكويت، ولقي هذا التعاون صداه في نفس حاكم الكويت آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح، وترجم إلى عمل شعبي تمثل في انتهاج الديموقراطية سبيلاً للحياة السياسية في الكويت. وكان المجلس التأسيسي برئاسة عبد اللطيف ثنيان ونائبه د. أحمد الخطيب واضع أول دستور للبلاد 1962. وتبع ذلك انتخابات تشريعية لأول مجلس أمة كويتي عام 1963 ليكون المجلس الرائد في منطقة الخليج العربي كلها. وليفوز سامي وسبعة من أصحابه من بين خمسين عضواً في انتخابات هذا المجلس، ولتبدأ مسيرة سامي المنيس الديموقراطية المسؤولة في أروقة مجلس الأمة، ولتمتد هذه المسيرة إلى ديوانيته في منطقة العديلية وإلى صحيفة الطليعة التي عشقها واستمر رئيساً لتحريرها منذ صدورها عام 1965 حتى عام 1985 وكاتباً فيها حتى وافاه الأجل المحتوم، بعد أن توج عشقه لها بمنحه جائزة الصحافة العربية 2001 بعد وفاته. وكان سامي نائبا لرئيس اتحاد الصحافيين العرب 1985 حتى 1996.
كانت مسيرة سامي المنيس الديموقراطية في مجلس الأمة مرآة للفكر الديموقراطي الذي لا يشوبه أثر المصالح الشخصية ولا الخشية من مسؤول أو المجاملة لصديق، كانت مرآة للموضوعية المتجردة، وعفة اللسان وأدب الاختلاف والصمود على المبدأ مما أكسبه احترام كل من عمل معه.
مجلس الأمة الأول 1963
ليس أمامنا إلا أن نضع مسيرة سامي المنيس الديموقراطية من خلال مناقشاته المسجلة في محاضر مجلس الأمة في الفصول التشريعية التي نجح فيها، لنثبت ما ذهبنا إليه عندما نجح سامي المنيس في أول انتخابات تشريعية في الكويت 1963، هو ومجموعته الثمانية، وحملوا اسم نواب الشعب، بقي هذا سنوات عدة في فصول تشريعية لاحقة. كان دستور الكويت نافذاً وأصبح مجلس الأمة واقعاً ولم يعد حلماً. ولم يكن أمام سامي إلا أن يعض على هاتين المؤسستين بالنواجذ ويسعى ما وسعه السعي إلى تفصيل دورهما من خلال كفاحه الدؤوب من أجل تثبيت حق مجلس الأمة في الرقابة ومساءلة الحكومة واستجواب وزرائها، والدفاع عن حقوق الشعب وأمواله والحدّ من نفوذ شركات النفط وامتيازاتها والقضاء على استغلالها ومناصرة العمال أينما وجدوا، والسعي إلى توفير حرية الصحافة والتعبير.
لذا، كان سجله الديموقراطي حافلاً بالقضايا الداخلية والخارجية التي طرحها في مسيرته والتي لم يتردد لحظة في متابعها في كل فصل تشريعي انتخب فيه. وها نحن نتتبع مسيرة سامي وهذه القضايا في الفصول التشريعية التي انتخب فيها، فصلا فصيلا، وتقسم إلى مجموعتين الأولى سامي والقضايا الوطنية، والثانية سامي والقضايا العربية والعالمية.
ففي الفصل التشريعي الأول وفي دورات انعقاده الثلاث كانت أهم القضايا التي استحوذت على فكره قضية النفط، وشركات النفط والعاملين فيها بشكل خاص، وقضايا العمال بشكل عام. فقد أخذ سامي على عاتقه تحرير العمال المستغَلين وكشف ادعاءات هؤلاء المضللين، ونجح في إقناع العمال بذلك. وكانت أولى مداخلاته حول هذا الأمر في دور الانعقاد الثاني عندما طالب " إحالة مذكرة عمال شركة نفط الكويت إلى الحكومة لبحث أوضاعهم، وطالب بمساهمة الشركات النفطية في تشغيل العاملين، خصوصا أن امتيازات شركات النفط أكثر مما يقرره القانون ".
وفي دور الانعقاد الثالث، أشار سامي إلى أن سكان الكويت 330000 نسمة ولم تساهم شركات النفط حتى الآن في حل أزمة العمالة بشكل صحيح. وهناك لوائح داخلية تصدرها الشركات تحول دون عمل المواطنين. وتتمتع شركات النفط بامتيازات أكثر مما يقرره القانون، فنحن لا نعرف ما نوع المواد التي تستوردها شركات النفط، وما أسباب الاستثناءات التي تتمتع بها، ولماذا لا تدفع الشركات رسوماً جمركية".
كان سامي واضحاً في مناقشة أمور شركات النفط من غير لف أو مواربة، فقد أعلن في دور الانعقاد العادي الثالث " أن شركة نفط الكويت لم تنفذ أي بند من البنود التي اتفقت عليها مع الحكومة بشأن العمال، وهناك حقيقة مؤسفة جداً هي أن العمال في قطاع النفط أو شركات النفط أو القطاع الأهلي أوضاعهم محزنة، ومنها الاستغلال البشع، وفيها تعسف، فماذا عملت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لحفظ حقوق العمال؟".
بالنسبة للعمال الآخرين، فقد أعلن سامي في الفصل التشريعي الأول ودور الانعقاد العادي الثاني أنه " لا يجوز أخذ مكاسب العمال الطبيعية والشرعية وهي خدماتهم لما قبل 1959، كل إضافة في قانون العمل يجب أن تكون لمصلحة العمال لا لمصلحة رؤوس الأموال، وعلى العامل الكويتي أن يقرر مستقبله بيده وبتفكيره وبنظرته للمصلحة العامة من دون وضع شروط قانونية تحجم هذا الحق". كما طالب "بإنشاء نقابة عمالية في شركتي نفط"، وتساءل عن "سبب رفض طلب العمال الانضمام إلى هذه النقابة " لا سيما أن سامي كان الداعية الأول لإنشاء نقابات عمال النفط، ونجح في تأسيس أو لجنة عمالية عندما عمل مع شركة النفط 1946 وعمره أربعة عشر سنة . لذا كان حديثه عن تأييده لمطالب العمال صدى لتجربة قاسية وصعبة عاشها في مطلع حياته عاملاً في شركة النفط نفسها، ورأى معاناة العمال وقاسى همومهم. وكان حلقة الوصل بين أفراد النقابات عام 1961 وحركة القوميين العرب، ومع عام 1964 بدأت نقابات الوزارات، بدءا من وزارة الصحة، وتوالت الجهات، حتى توجت بالاتحاد العام لعمال الكويت في 1967 وكانت لسامي المنيس مساهمة فعالة في توجيه الحركة النقابية العمالية وإعداد كوادرها .
تنفيق العوائد النفطية
من هنا كان أمر العاملين في شركات النفط هماً من همومه، فكان يطلب التخفيف عنهم وتحقيق العدالة لهم، ولم يكف عن طرح هذا الأمر في مجلس الأمة. وبفضل جهوده وجهود النواب الوطنيين ونجاح هؤلاء في التعاون مع آخرين من الأعضاء من أجل مصلحة الوطن، نجح مجلس الأمة في إفشال اتفاقية تنفيق العوائد النفطية، وشكل ذلك أول صدمة لشركات النفط الاستعمارية التي كانت ترى أنها قوة لا يمكن التصدي لسيطرتها واستغلالها.
وتعود أهمية نجاح مجلس الأمة في إفشال اتفاقية تنفيق العوائد إلى ما تركته من آثار في عالم النفط، إذ وضع هذا النجاح أول مسمار في نعش الشركات النفطية حتى انتهى الأمر بتأميم النفط. وقد تم إفشال تنفيق العوائد النفطية في عام 1965. وتنفيق العوائد مصطلح يعني أن تحسب العائدات (الريع) المقدم من الحكومة للشركات النفطية العاملة في أراضيها على أنه جزء من النفقات العامة للشركة ولا تخصم من الأرباح العائدة للحكومة بموجب مناصفة الأرباح . وكان قد صدق على الاتفاقية كل من إيران والمملكة العربية السعودية وليبيا وقطر، ورفض الكويت لها آنذاك كان يعني مفاجأة خاصة لمنظمة أوبك (الدول المصدرة للنفط) التي عقدت الاتفاقية باسم أعضائها وكان نفاذها مرتبطاً بموافقة الكويت.
التدريب المهني
وإلى جانب مصالح العمال، التفت سامي مبكراً إلى موضوع التدريب المهني، فطالب في دور الانعقاد الثاني في الفصل التشريعي الأول الحكومة "بتدريب مهني وحل المشكلة مع شركات النفط"، كما طالبها "بالإسراع في تكوين المدرسة المهنية، وهي مدرسة تختلف في مهماتها عن الكلية الصناعية". وكان واضحاً التعاون مع الحكومة في هذا المجال، ففي الأول من مارس 1965 وافق سمو أمير البلاد على اعتماد إضافي بمبلغ خمسين ألف دينار لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لمواجهة نفقات تدريب الكويتيين العاطلين عن العمل. ورأى سامي استكمالاً لهذه الخطوة "أن يتم دفع رواتب للمتعطلين وعددهم آنذاك 925 عاطلاً".
طالب سامي في دور الانعقاد الثالث "بإنشاء هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية ومعنوية كحل عملي لمشكلات ذوي الدخل المحدود البالغ عددهم خمسين ألف مواطن، ويتوزع إنشاء بيوتهم على عدة جهات وتتهرب بعض الوزارات من طلباتهم". وذلك في محاولة منه لتوزيع البيوت بعد إنشائها عن طريق جهة واحدة مسؤولة بدلاً من تعدد الجهات.
كان سامي واضحاً، يريد الحلول الجذرية لكل مشكلات المواطن، ولم يكن يريد توزيع جهده بين هنا وهناك، فهو يريد مدرسة مهنية واحدة لمختلف أنواع التدريب، ويريد هيئة تشرف على ذوي الدخل المحدود. وتبدو عقلية العمل من خلال المؤسسات واضحة في فكر سامي المنيس.
لقد ناقش سامي المنيس في دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الأول موضوع الجنسية في مجلس الأمة، وطالب "بالتساهل في إجراءات الجنسية مع أبناء بادية الكويت، وإعادة تشكيل اللجنة العليا للجنسية وتعيين مقرر لها مع أعضاء متفرغين". كما طالب "بسحب الجنسية ممن أخذها بغير حق" وهو يرفض التوقف في إعطاء الجنسية، ويرى "أن لجنة الشؤون الداخلية هي المخولة بالتحقيق في موضوع الجنسيات التي أعطيت".
والتفت سامي في الفصل التشريعي الأول دور الانعقاد الثاني إلى الصحافة والإعلام، ورأى أن "الصحافة يملكها الشعب". وطالب بإعادة النظر في قانون المطبوعات. وكان مدركاً منذ البداية لدور التلفاز في الإعلام، وطالب بارتفاع أجهزة الإعلام إلى مستوى المسؤولية. كما طالب بصرف المبلغ على برامج تؤدي خدمة للمواطنين، معلنا رفضه المطلق "لأي مبلغ سري يخصص لوزارة الإرشاد" (الإعلام حالياً). ورأى أن "الترفيه مطلوب لكن من دون إثارة للجنس والعواطف، لذا فهو " يرفض إقامة الحفل السنوي للتلفاز" (60 ألف دينار) لأن "الحفل يزيد من مشكلات الشباب والبلد".
يضع سامي المنيس منذ البداية في الفصل التشريعي الأول دور الانعقاد العادي الثالث، أسساً لمناقشة ميزانية الدولة والحساب الختامي للمؤسسات، ويضع فلسفة واضحة للمستقبل، فهو لا يرى في مناقشة "حساب ختامي أرقاماً، إنما يرى موضوع السياسة المالية بشكل عام". ولما كان هذا هو المبدأ، فقد رفض التصديق على الميزانية، لأن "هناك إدانة صريحة من اللجنة المالية للحكومة بالفوضى"، إن صح التعبير، ولأن "اللجنة المالية تشكك في صحة الأرقام، ولأنه يرى أن مردود الميزانيــة "صفر على الشمال والإنتاج أقل بكثير من ضخامة الميزانية". وسامي المنيس لا يعترض على أرقام الميزانية، ولكن اعتراضه على مصير هذه الأرقام وأين تنفق وما مردودها على حياة الوطن والمواطن. فهو مستعد لبذل الأموال مقابل إنتاج للوطن.
لم يتردد سامي المنيس لحظة واحدة في الإعلان عن أن الكويت بلد عربي وجزء من الوطن العربي، ومصيرها مرتبط بمصير هذه الأمة، أفراحاً وأتراحاً. ولم يكن متردداً أبداً في الطلب إلى مجلس الأمة مناقشة قضايا الأمة، إضافة إلى مناقشة قضايا الوطن. ففي الفصل التشريعي الأول دور الانعقاد الثاني "أهاب سامي بحكومة الكويت والحكومات العربية أن تعيد النظر فوراً في علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الحكومة البريطانية، في ضوء عدوانها السافر على بلد عربي شقيق هو الجمهورية العربية اليمنية". وسامي يعلن هذا الموقف أمام مجلس الأمة وهو يعلم متانة العلاقات البريطانية الكويتية في عام 1964/ 1965، لكنه يرى مصلحة الأمة العربية فوق أي مصلحة. ويذهب سامي إلى المطالبة "بالاهتمام بنضال اليمن وزيادة المنح الدراسة لأبناء الخليج".
كانت قضية فلسطين في صميم وجدان سامي المنيس، يتحدث عنها في الديوانية، وفي جريدة الطليعة، في مجلس الأمة وفي أي مكان. ولم يكن متردداً أو متهاوناً في طرح ما يمس فلسطين في مجلس الأمة الكويتي. فقد أراد البعض في عام 1964 أن تسمى "فلسطين السليبة"، لكنه والمجلس كله يوافق على التسمية التي اقترحها المرحوم عبد العزيز حسين "الوطن السليب فلسطين العزيزة". وكان يأنف من ذكر الكيان الصهيوني ويرى فيه "دولة العصابات" بدلاً من إسرائيل. ورأى في الصهيونية عدواً لدوداً للأمة العربية، لذا نراه يطالب مجلس الأمة بإلحاح "بالكشف عن الجاسوسية لمصلحة الصهيونية وملاحقتها". ولا يتردد في الموافقة والمطالبة بتنفيذ تحويل روافد نهر الأردن عندما لجأت إسرائيل إلى تحويل مياه النهر إلى أراضيها لتستفرد بالانتفاع بها وحدها في عام 1964.
الجيش
وطالب سامي، من دون مواربة، بتصفية مكتب الكويت في لندن، ورأى أن "تزويده للجيش الكويتي بما يلزم أمر مرفوض، فالجيش الكويتي جيش الأمة". وواضح أن طلب سامي لقي آذاناً صاغية، إذ عُيّ.ن ملحق عسكري في السفارة الكويتية كما أراد سامي.
إضافة إلى القضايا التي ناقشها وأثارها في الفصل التشريعي الأول 63ـ64ـ65، أثار سامي قضايا تمس حياة المواطن، وطالب بحلها، فهو يطالب "بسرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية"، ويطالب "بقانون للبرق والهاتف"، كما طالب بألا يجمع المختار بين وظيفتين. ومن الأمور التي ناقشها سامي ورأى أنها تمس حياة المواطن الوافد على السواء، مطالبته لوزير الداخلية بـ "تلبية مطالب أهل النقرة بشأن وجود مسرح الخليج العربي عندهم". وجاءت استجابة وزير الداخلية لهذا المطلب بالرد على سامي في 25/11/63 "أخطرنا المسرح بمراعاة رغبة أهالي منطقة النقرة وعدم القيام بالأعمال التي تزعجهم".
كما ناقش سامي في هذا الفصل قانون الإيجار وقانون البناء من دون ترخيص، إلا في الملك الخاص بإذن من البلدية، " ويرفض الإيجار من الباطن إلا إذا كان بالتفاهم مع المالك". وأشار إلى ظاهرة تفشي الخمر وردّ انتشار هذه الظاهرة إلى " القلق الذي يصيب المواطنين والشعب من عدم الاستقرار، وشارب الخمر إما لمزاج أو لتفريج الهموم والنسيان". وأكد سامي عند مناقشته لهذا الأمر "أنه لا يكفي منع الخمور ولكن يجب دراسة الأسباب والمشاكل التي دعت إلى هذا التفشي"، "وإذا كان من الواجب منع الخمر وتشديد العقوبة، فإنه يجب أن نضع العلاج الكافي، وأن نهيئ الاستقرار النفسي للمواطن".
كان يحرص ما وسعه الحرص على أموال الدولة وعدم إنفاقها في سبل لا يقتنع بها، لذا نراه يطالب "بإلغاء 650000 دينار المرصودة في الميزانية لشراء مكيفات لأنها لا تشترى سنوياً". واستغل حديثه عن المكيفات ليتحدث عن استهلاك الكهرباء وتساءل "هل يعقل تنوير الشوارع ونحن نشتكي من قطع الكهرباء؟"، كما طالب هنا بإعفاء ذوي الدخل المحدود من دفع ثمن الكهرباء.
لم يكن يفوّت فرصة فيها منفعة للمواطن، خصوصا الكادح أو العامل أو أي من ذوي الدخل المحدود إلا وانتهزها للدفاع والمطالبة بالحقوق، فهو يطلب "مصادرة المواد الغذائية غير الصالحة. لا تصديرها إلى الخارج وارتكاب جرائم إنسانية". وعندما ارتفعت بعض الأصوات ضد الباعة المتجولين ورأت فيهم ضرراً بالاقتصاد رفض سامي هذا الأمر ورأى أن "الحديث عن هؤلاء مبالغ فيه".
التربية
والتفت إلى التلاميذ الذين يقبلون في السنة الأولى الابتدائية استثناء من وزير التربية عندما يبلغون خمس سنوات ونصف السنة بدلاً من ست سنوات، فطالب "بأن يكون هذا الاستثناء عن طريق لجنة، وليس عن طريق الوزير".
كما التفت سامي إلى وزارة الصحة وحثها في ذلك الفصل التشريعي على "ضرورة الإشراف على العيادات الخاصة وبيع الأدوية في الصيدليات". وشارك في مناقشة قانون مزاولة مهنة التمريض وتساءل عند مناقشته عن "الفرق بين الممرض والمضمد اللذين وردت تسميتهما في قانون المهنة".
كانت بداية عهد أول مجلس أمة بداية امتداد التعليم الثانوي للبنات خارج مدينة الكويت، إذ وافق مجلس الأمة، بتشجيع واضح من سامي، على إنشاء ثانوية الفحيحيل للبنات في العام الدراسي 66/ 1967، وكان ذلك بداية التوسع في ثانويات البنات في مختلف مناطق الكويت.
وختاماً لسرد هذا النشاط البرلماني، لا بد من القول إن مجلس الأمة الكويتي انضم إلى الاتحاد البرلماني الدولي في 12/5/1964 وظهرت شعبة برلمانية من أعضائه وقبلت في 2/6/64 في عضوية الاتحاد الدولي .
إن الفرحة بعرس الديموقراطية لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما بدأت المسيرة تتعثر، وذلك من طبيعة الأمور. فالتجربة ناشئة وفريدة في منطقة الخليج العربي، وهناك من يشجعها، وهناك من يخشاها ويعمل ضدها، والذين يقلبون صفحاتها داخل الكويت وخارجها بين مستفيد وخاسر أناس كثر، وكان لا بد للتجربة الكويتية من مواجهة المصاعب التي قد تعطلها أحياناً تحت تأثير الظروف الداخلية والخارجية، لكنها لم تثنها عن الاستمرار.
الأزمة بين المجلس والحكومة
تجمعت خيوط الأزمة بين مجلس الأمة والحكومة منذ الرد على الخطاب الأميري في دور الانعقاد الثالث للفصل التشريعي الأول، وكانت للأزمة أسبابها، أولها الخطة الخمسية، وذلك عندما رأى سامي المنيس أن "الخطة الخمسية التي ترسم سياسة الدولة لا تزال في الأدراج". وثانيها، ما اعترض عليه سامي من عبارة جاءت في الرد على الخطاب الأميري تقول: يشجع المجلس خطوات الحكومة من أجل التنظيم الوظيفي والإداري... إذ رأى سامي "لا وجود لخطوات". وتساءل: "أين التنظيم الإداري والتوظيف؟"، واقترح أن تكون العبارة "يتابع المجلس خطوات الحكومة باهتمام" بدلاً من يشجع... إضافة إلى ما سبق كانت هناك إدانة صريحة في اللجنة المالية الخاصة للحكومة على "الفوضى المالية". وفي هذه الفترة تمكن مجلس الأمة من إحراز نصر كبير، عندما نجح في إسقاط اتفاقية تنفيق العوائد النفطية، ودعا إلى "انتزاع الغاز الطبيعي من أيدي الشركات النفطية وإعادة ملكيته للدولة".
وفي الفترة نفسها في أواخر عام 1964 اعترض بعض النواب على التشكيل الوزاري الجديد، مما أدى إلى استقالة الوزارة. وفي الخامس من يناير 1965 استقال السيد عبد العزيز الصقر رئيس مجلس الأمة وأصر على استقالته وتولى رئاسة المجلس من بعده السيد سعود العبد الرزاق .
استطاعت الحكومة الرد على مواقف المعارضة، التي كان سامي أحد رموزها، بتنظيم تحالف من 31 نائباً في المجلس مؤيد لها، وأصبح هؤلاء أغلبية في المجلس. وأصبح نواب الشعب الثمانية الذين يمثلون التيار القومي، ومنهم سامي المنيس، غير قادرين على مواجهة إقرار القوانين المقيدة للحريات ومنعها، مثل فصل الموظفين ومنع الحديث في السياسة في النوادي وإغلاق الصحف إدارياً ، وبعد مضي ثلاثة أعوام على التجربة البرلمانية التي انتهت بوجود القوانين المقيدة للصحافة والنشر، والتي جعلت من المستحيل ممارسة الصحافة لوظيفتها، وفرض قوانين قسرية بتعديل قانون الوظائف العامة الذي سلب الهوية الأساسية للمواطن الموظف، وجعل مصيره معلقاً بإرادة أفراد الحكومة، وفرض عليه الانتقال من وظيفته إن أراد الترشيح، رأى نواب الشعب الممثلون للتيار القومي في مجلس الأمة أن الغرض الحقيقي وراء سلوك الحكومة ومؤيديها، هو محاولة إجهاض التجربة الديموقراطية وتزييف إرادة الشعب.. وتحول مجلس الأمة إلى مؤسسة لاديموقراطية، ومصدر لقوانين جائرة لا تتفق وإرادة الشعب.
كانت تلك انتقادات نواب الشعب للحكومة، وكان تفكيرهم في تقديم الاستقالة مبكراً، لكن وفاة الشيخ عبد الله السالم الصباح أمير البلاد أجّل هذه الاستقالة. وعندما تأكد لهؤلاء النواب تصميم الحكومة، على حد تعبيرهم، على تنفيذ القوانين المقيدة للحريات تقدم هؤلاء الثمانية باستقالاتهم من مجلس الأمة، وهم: جاسم القطامي، د. أحمد الخطيب، سليمان خالد المطوع، يعقوب يوسف الحميضي، سامي أحمد المنيس، عبد الرزاق الخالد الزيد علي عبد الرحمن العمر وراشد التوحيد .
أما د. أحمد الخطيب، مؤسس حركة القوميين العرب في الكويت، فقد لخص أسباب الاستقالة على النحو التالي:
فرض قانون التجمعات الذي حرم المواطنين وسيلة التعبير عن آرائهم ومواقفهم.
سن تشريع يكبل حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر.
تعديل قانون الوظائف العام حيث أصبح مصير الموظف معلقاً بإرادة الحكومة.
سلوك الحكومة ومؤيديها في محاولة إجهاض التجربة الديموقراطية وتزييف إرادة الشعب .
وكانت استقالة هؤلاء مدوية وتعد حدثاً بارزاً في تاريخ الحياة البرلمانية في الكويت (انظر الملحق ـ نص الاستقالة) ردت على استقالة الثمانية بالإعلان عن انتخابات تكميلية في بداية عام 1966 لكن نواب الشعب المستقيلين طالبوا بمقاطعة هذه الانتخابات كدليل على إيمان الشعب بأن الديموقراطية أصبحت عندنا زائفة، وأن الشعب قد كفر بهذا المجلس الذي لم يعد يمثله .
ورغم هذه الدعوة للمقاطعة، فقد جرت الانتخابات، وبغض النظر عن عدد الأصوات التي نالها الناجحون في هذه الانتخابات الفرعية، فإنهم أصبحوا أعضاء في مجلس الأمة. وشككت المجموعة المستقبلية في هذه الانتخابات ورأت أنه لا يمكن اعتبارهم ممثلين حقيقيين للشعب، إذ كيف يعتبر نائباً حقيقياً من حصل على بضعة أصوات لا تشكل أكثر من 20% من أصوات الناخبين؟!، إنهم لا يمثلون إلا أنفسهم .
كان انتخاب المجلس التأسيسي 1962، بعد استقلال الكويت 1961، الذي وضع الدستور وتبعته انتخابات أول مجلس أمة في تاريخ الكويت 1963 لافتاً للتفكير، خصوصا أن السلطة كانت ترفض أي استجابة لانتخابات برلمانية، فما الذي حدث؟ كان ما حدث بتوافق بين المواطنين وحركة القوميين العرب من جانب، وبين أمير دولة الكويت آنذاك المرحوم الشيخ عبد الله السالم الصباح من جانب آخر، لأسباب أهمها الإلحاح الشعبي منذ 1938 على تأسيس مجلس تشريعي، وما نتج من وحدة وطنية شاملة إثر مطالبة عبد الكريم قاسم بضم الكويت، والموقف العربي الرافض لمزاعمه والمؤيد للكويت، وترى مجموعة القوميين العرب أن ما حدث يعود إلى أن:
1) السلطة كانت تسعى دائماً إلى إيجاد صيغة من التمثيل الشعبي تفيد ولا تضر، كما كانت السلطة بحاجة إلى تثبيت كيان الكويت كدولة والرد على الانتقادات الموجهة ضد نظام الحكم.
2) بريطانيا الحليفة للكويت لم تكن ترى أن من مصالحها ومصالح الغرب أن تظهر أمام العالم كحامية لأنظمة حكم فردية .
فما الذي كان وراء فك التحالف؟ يرى القوميون من خلال ما نشروه أن نجاحهم في الانتخابات سبب قلقاً للسلطة. وقد شعرت هذه السلطة بعد السنة الثانية من عمر المجلس أنه استنفد أغراضه بالنسبة لها. فقد ثبت كيان الكويت في الجامعة العربية والأمم المتحدة، وأصبحت عضواً فيهما، كما أنها حصلت على اعتراف العراق بها بعد انقلاب 1963 ضد عبد الكريم قاسم وقتله. ورأت السلطة أن الفرصة سانحة للتخلص من العناصر الوطنية، كما أن نجاح مجلس الأمة الكويتي في رفض اتفاقية تنفيق العوائد النفطية أكد مدى خطورة العناصر القومية .
رغم ما حدث في الفصل التشريعي الأول من استقالات وانتخابات تكميلية وقوانين لم يرضَ عنها النواب القوميون، أو "نواب الشعب" كما سموا آنذاك، فإن الجو الديموقراطي في الكويت لم يصل إلى درجة الكبت كما في بعض البلدان الأخرى، وبقي هامش المطالبة الشعبية بالديموقراطية مفتوحاً، ولكن ليس بالطريقة التي يريدها "نواب الشعب".
وعقد أول مجلس أمة كويتي آخر جلساته في 3/1/67 وكان فصله التشريعي خمس سنوات وليس أربع سنوات، أي بزيادة سنة تكميلية. وأعلن عن انتخابات المجلس التشريعي الثاني في 25 يناير 1967 وكان الجو مهيأ لتقدم نواب الشعب في الانتخابات وزيادة عددهم إلى أكثر من ثمانية أعضاء، كما كان في المجلس الأول. وكان سامي مرشحاً في الدائرة الثامنة (حولي) لكن ترتيبه حسب النتائج المعلنة كان التاسع في القائمة، أي أنه لم ينجح.
لكن هذا الفصل اقترن بالحديث عن التزوير في الانتخابات، إذ قام بعض رجال الشرطة ودخلوا بعض اللجان الفرعية وأخذوا صناديق الاقتراع لنقلها إلى اللجان الرئيسة من دون غلقها وختمها، ومن دون مرافقة أحد مندوبي المرشحين حسب رواية بعض النواب والمرشحين .
ونتيجة لهذا صدر بيان في 27/1/1967 وقعه 38 مرشحاً، من بينهم ستة أعلنت الحكومة فوزهم، على رأسهم المرحوم عبد العزيز الصقر، جاء فيه: لجأت السلطة إلى التدخل المباشر في عملية الانتخاب، إذ فوجئ المواطنون بتنفيذ خطة مبرمجة لتزوير الانتخابات بشكل سافر ومفضوح .
وأصدرت جمعية الصحافيين الكويتية بياناً استنكرت فيه عملية التزوير، وكذلك الاتحاد الوطني لطلبة الكويت وجمعية المحامين والحقوقيين وجمعية الخريجين، واتحاد عمال الكويت، ومستخدمي القطاع الحكومي، ولكن المجلس عقد جلساته ولم يكن للمعارضة دور فيه، وغاب جميع رموزهم عن هذا المجلس الذي لا يزال ما حدث فيه موضع قيل وقال في تاريخ الحركة النيابية الكويتية.
كان أبرز نتائج هذه الانتخابات على حركة القوميين العرب، ظهور تيار راديكالي بين صفوف شبابها أدخل الحركة في مأزق مع التجار وأدى إلى انقسام القاعدة في حركة القوميين العرب، وذلك عندما عقد الراديكاليون مؤتمرا في أكتوبر 68 فصلوا فيه قيادة أحمد الخطيب للحركة، والتزموا بالكفاح المسلح والماركسية اللينينية . لكن ما حدث بعد ذلك من تصفية حركة القوميين العرب لنفسها وتحولها إلى منظمات قطرية، أدى إلى ظهور حركة التقدميين الديموقراطيين في الكويت 1969 من رحم حركة القوميين العرب، وكان د. أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس قادة الهرم لهذه الحركة، وتحولت القيادة الراديكالية إلى منظمات يسارية أخرى.
ووصف السيد عبد الله النيباري هذه الحركة بأنها حركة ديموقراطية تقدمية قابلة للتطور المستقبلي، وتسعى إلى تحقيق أهدافها عن طريق النضال السياسي والعمل البرلماني. وحددت الحركة أهدافها في تحقيق السيادة السياسية الكاملة والتخلف عن النفوذ الاقتصادي الأجنبي بتصفية جميع مظاهر التبعية الاقتصادية للإمبريالية، وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية .
ومنذ ذلك التاريخ حل اسم التقدميين الديموقراطيين محل اسم القوميين العرب الذين خاضوا الانتخابات 1963 باسم نواب الشعب، وخاضوا انتخابات المجلس الثالث في 23/1/1971 تحت هذا المسمى أيضا.
غُيّب سامي المنيس عن مجلس الأمة الثاني هو وكثيرون من تنظيمه، وكانوا مرشحين للفوز في انتخابات هذا المجلس، لكنهم لم يكفوا عن نضالهم السياسي من خارج المجلس ضد ما حدث في انتخابات 1967، ورأوا فيها قتلاً للديموقراطية. وانعكس ما حدث على مجموعة القوميين العرب في الكويت ككل، إذ رأت فئة منهم ضرورة النضال المسلح ضد ما جرى في انتخابات 1967 وانفصلت عن المجموعة الأم، وكانوا في معظمهم من الشباب الراديكالي، لكن سامي المنيس ومعه عبد الله النيباري وأحمد الخطيب... بقوا متمسكين بالنضال السياسي من أجل تحقيق الديموقراطية ورفضوا اللجوء إلى الكفاح المسلح بكل أشكاله . وأصبح اسم هذه المجموعة "مجموعة التقدميين الديموقراطيين" أو جماعة الطليعة التي يتزعمها د. أحمد الخطيب ومعه عبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي. وكان لهم برنامجهم الديموقراطي الوطني الذي يسعى إلى التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الكويت، وخاضوا انتخابات مجلس الأمة الثالث في 23 يناير 1971 على أساس البرنامج الوطني، وحققوا نجاحهم المتوقع والمنشود، إذ فاز كل من أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي في هذه الانتخابات، ورفع هؤلاء لواء المعارضة للمشاركة النفطية والمناداة بوجود جهاز وطني يقوم بعمليات إنتاج النفط وتسويقه وضرورة تأميم الغــاز.
كأي جماعة سياسية منظمة، خاض التقدميون الديموقراطيون الذين يعد سامي أحد رموزهم، انتخابات مجلس الأمة الثالث في يناير 1971 وفق برنامج سياسي طرحوه على المواطنين قبل موعد الانتخابات بسنة كاملة. وقد طرحت الجماعة برنامجها في يناير 1970 بعنوان "برنامج العمل الوطني الديموقراطي" الذي أعلنه نواب الشعب (التقدميون الديموقراطيون) في يناير 1970، ليتلاءم مع مرحلة التحرير الوطني الديموقراطي ضد معسكر الخصم الرئيس المتمثل في الإمبريالية العالمية وإسرائيل والرجعية العربية وإيران، إضافة إلى الشركات الاحتكارية الأجنبية، وليلائم القوى الوطنية التقدمية التي حددها البرنامج بأنها تتكون من الطبقة العاملة وشرائح الطبقة المتوسطة والموظفين والمدرسين والمهنيين وصغار التجار وبعض العناصر الإصلاحية ذات التوحد الوطني من البرجوازية الكبيرة .
برأيي
ان قراءة مسيرة رجل بارز يجب ان لا تنحصر في تتبع مواقفه و مبادئه
بل يجب ان تكون القراءة ذات ابعاد اكبر
بحيث يمكن ان تفيد في المجالات التاليه
اكتساب الخبره السياسيه
التعرف على مسار النشاط السياسي في تلك الفتره
التعرف على الاخطاء
التركيز على النهج
التعرف على الاهداف و الغايات و ما تم تحقيقه منها
استخلاص الدروس و عبر
نهج السلطات
الجوانب الدستوري و القانونيه
مادة للبناء عليها في ممارسة السياسة
المنعطفات التاريخيه و المواقف تجاهها
التعديلات على المسار السياسي في مواجهة الاحداث
برأيي
ان قراءة مسيرة رجل بارز مناضل من اجل الحريه يجب ان لا تنحصر في تتبع مواقفه و مبادئه
بل
يجب ان تكون القراءة ذات ابعاد اكبر
بحيث
يمكن الاستفاده و الاستزادة منها في المجالات التاليه :-
اكتساب الخبره السياسيه
التعرف على مسار النشاط السياسي في تلك الفتره
التعرف على الاخطاء
التركيز على النهج
التعرف على الاهداف و الغايات و ما تم تحقيقه منها
استخلاص الدروس و العبر
نهج السلطات
الجوانب الدستوريه و القانونيه
مادة للبناء عليها في ممارسة السياسة
المنعطفات التاريخيه و المواقف تجاهها
التعديلات على المسار السياسي في مواجهة الاحداث
تحديد امكانية اتخاذ الشخصية قدوه اذا ما كان متوافقا مع قناعة و مبادىء القارىء
كان أبرز نتائج هذه الانتخابات على حركة القوميين العرب، ظهور تيار راديكالي بين صفوف شبابها أدخل الحركة في مأزق مع التجار وأدى إلى انقسام القاعدة في حركة القوميين العرب، وذلك عندما عقد الراديكاليون مؤتمرا في أكتوبر 68 فصلوا فيه قيادة أحمد الخطيب للحركة، والتزموا بالكفاح المسلح والماركسية اللينينية . لكن ما حدث بعد ذلك من تصفية حركة القوميين العرب لنفسها وتحولها إلى منظمات قطرية، أدى إلى ظهور حركة التقدميين الديموقراطيين في الكويت 1969 من رحم حركة القوميين العرب، وكان د. أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس قادة الهرم لهذه الحركة، وتحولت القيادة الراديكالية إلى منظمات يسارية أخرى.
ووصف السيد عبد الله النيباري هذه الحركة بأنها حركة ديموقراطية تقدمية قابلة للتطور المستقبلي، وتسعى إلى تحقيق أهدافها عن طريق النضال السياسي والعمل البرلماني. وحددت الحركة أهدافها في تحقيق السيادة السياسية الكاملة والتخلف عن النفوذ الاقتصادي الأجنبي بتصفية جميع مظاهر التبعية الاقتصادية للإمبريالية، وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية .
ومنذ ذلك التاريخ حل اسم التقدميين الديموقراطيين محل اسم القوميين العرب الذين خاضوا الانتخابات 1963 باسم نواب الشعب، وخاضوا انتخابات المجلس الثالث في 23/1/1971 تحت هذا المسمى أيضا.
غُيّب سامي المنيس عن مجلس الأمة الثاني هو وكثيرون من تنظيمه، وكانوا مرشحين للفوز في انتخابات هذا المجلس، لكنهم لم يكفوا عن نضالهم السياسي من خارج المجلس ضد ما حدث في انتخابات 1967، ورأوا فيها قتلاً للديموقراطية. وانعكس ما حدث على مجموعة القوميين العرب في الكويت ككل، إذ رأت فئة منهم ضرورة النضال المسلح ضد ما جرى في انتخابات 1967 وانفصلت عن المجموعة الأم، وكانوا في معظمهم من الشباب الراديكالي، لكن سامي المنيس ومعه عبد الله النيباري وأحمد الخطيب... بقوا متمسكين بالنضال السياسي من أجل تحقيق الديموقراطية ورفضوا اللجوء إلى الكفاح المسلح بكل أشكاله . وأصبح اسم هذه المجموعة "مجموعة التقدميين الديموقراطيين" أو جماعة الطليعة التي يتزعمها د. أحمد الخطيب ومعه عبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي. وكان لهم برنامجهم الديموقراطي الوطني الذي يسعى إلى التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الكويت، وخاضوا انتخابات مجلس الأمة الثالث في 23 يناير 1971 على أساس البرنامج الوطني، وحققوا نجاحهم المتوقع والمنشود، إذ فاز كل من أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي في هذه الانتخابات، ورفع هؤلاء لواء المعارضة للمشاركة النفطية والمناداة بوجود جهاز وطني يقوم بعمليات إنتاج النفط وتسويقه وضرورة تأميم الغــاز.
كأي جماعة سياسية منظمة، خاض التقدميون الديموقراطيون الذين يعد سامي أحد رموزهم، انتخابات مجلس الأمة الثالث في يناير 1971 وفق برنامج سياسي طرحوه على المواطنين قبل موعد الانتخابات بسنة كاملة. وقد طرحت الجماعة برنامجها في يناير 1970 بعنوان "برنامج العمل الوطني الديموقراطي" الذي أعلنه نواب الشعب (التقدميون الديموقراطيون) في يناير 1970، ليتلاءم مع مرحلة التحرير الوطني الديموقراطي ضد معسكر الخصم الرئيس المتمثل في الإمبريالية العالمية وإسرائيل والرجعية العربية وإيران، إضافة إلى الشركات الاحتكارية الأجنبية، وليلائم القوى الوطنية التقدمية التي حددها البرنامج بأنها تتكون من الطبقة العاملة وشرائح الطبقة المتوسطة والموظفين والمدرسين والمهنيين وصغار التجار وبعض العناصر الإصلاحية ذات التوحد الوطني من البرجوازية الكبيرة .
برنامج المعارضة
1- دعا البرنامج إلى وحدة العمل الوطني في الكويت. وقد جاء في الحديث عن هذا الهدف: نرى من الضرورة في ضوء فهمنا للمرحلة الراهنة. أن يواصل العمل الوطني مسيرته، وأن تنهض قواه الوطنية من كبوتها.. ولن يتم ذلك إلا في التوجه نحو تكتيل القوى الوطنية ووحدة العمل الوطني .
ومن دون جدال، فإن العناصر والقوى الوطنية كافة تلتقي في رفضها للقوانين غير الديموقراطية، وتلتقي في رفضها للفساد والسرقات والممارسات التي زكمت روائحها الأنوف. وتلتقي أيضاً برفضها للتدهور الاقتصادي وتحكم الشركات الأجنبية، وتلتقي على إطلاق الحريات العامة، وتطهير الجهاز الإداري والتخطيط لمستقبل البلاد والاهتمام بالصناعة الوطنية والوقوف في وجه الشركات الأجنبية .
2 - كما دعا في المجال السياسي والديموقراطي إلى:
1 - إلغاء القوانين اللاديموقراطية كافة، وبالذات قوانين الصحافة والأندية والوظائف العامة.
2 – إشاعة الديموقراطية.
3 – عدم تعطيل الصحف.
4 – عدم تدخل السلطة التنفيذية في سير الانتخابات.
* وفي المجال الاقتصادي من أجل الحفاظ على الثروة النفطية، دعا البرنامج إلى:
1 – دعم شركة البترول الوطنية.
2 – إنشاء معامل جديدة لتكرير النفط وصناعة مشتقاته وصناعة بتروكيماويات.
3 – إجبار الشركات الأجنبية على احترام القوانين والضغط عليها لإعطاء العمال حقوقهم.
* وفي مجال التصنيع والمستوى المعيشي دعا البرنامج إلى:
1 – تشجيع الصناعات الوطنية.
2 – تصحيح جهاز الدولة المتضخم.
3 – إزالة الفوارق الفاحشة في الدخل.
3 – وضع حد لسياسة التبديد والإسراف.
4 – الحد من الاعتماد على السوق الغربي.
5 – التوسع في إنشاء بيوت ذوي الدخل المحدود.
6 – الاهتمام بأبناء البادية .
* كما اهتم البرنامج بالتعليم والفن والثقافة فدعا إلى:
1 – اعتماد سياسة تربوية مدروسة.
2 – إقامة جامعة عصرية غير خاضعة لرغبات المسؤولين.
3 – الاهتمام بالشباب ودعم مؤسساتهم.
4 – الاهتمام بالأدب والفن.
5 – مكافحة الاتجاهات الفكرية الاستعمارية والرجعية، مع مكافحة الخرافات والشعوذة.
6 – رعاية المسرح وتشجيع العاملين فيه.
* والتفت البرنامج إلى قضايا الخليج العربي وطالب بما يلي:
1 – محاربة الاستعمار بكل أشكاله.
2 – محاربة الأطماع الإيرانية التوسعية.
3 – رفض المشاريع الاستعمارية كافة.
4 – المطالبة بإطلاق الحريات العامة.
5 – إقامة الجبهة الوطنية العريضة على امتداد الخليج.
* وركز البرنامج على فلسطين فدعا إلى:
1 – دعم المقاومة الفلسطينية.
2 – رفض الحلول السلمية كافة ورفض مشروع الدولة الفلسطينية (على جزء من فلسطين).
3 – العمل من أجل إنجاح الوحدة الوطنية الفلسطينية.
4 – عدم التضييق على الفلسطينيين.
5 – محاربة التسلل الصهيوني إلى البلاد.
* أخذ البرنامج بعين الاعتبار الوحدة العربية والعمل على تحقيقها، فدعا إلى:
1 – العمل من أجل قيام وحدة عربية.
2 – الانفتاح على الأنظمة التقدمية العربية.
3 – دعم جميع أطراف حركة التحرر الوطني في البلاد المستَعمَرة.
4 – المباشرة بإقامة المؤسسات الاقتصادية العربية المشتركة لتحقيق التكامل الاقتصادي.
* أما في مجال السياسة الخارجية العالمية فدعا البرنامج إلى:
1 – مواجهة الاستعمار.
2 – تأييد حق الشعوب في تقرير المصير.
3 – محاربة أجهزة التجسس الاستعمارية والصهيونية والإيرانية كافة.
4 – التعامل مع الجميع على أساس الموقف من القضية العربية وبالذات قضية فلسطين والخليج العربي.
5 – رفض جميع المعاهدات والأحلاف الاستعمارية والعدوانية .
بعدها أثار سامي مسألة العمالة الكويتية التي أثارها في الفصول التشريعية السابقة، وتساءل عن نسبة وجودها في القطاعين الخاص والمشترك (ويقصد بها القطاع الأهلي مع الحكومي) وطالب "بمشاركة العمالة الكويتية في هذا القطاع المشترك". ونراه هنا يطرح أمراً يعالج واقعاً معاشاً ينسحب على المستقبل أيضاً. وتبدو رؤية سامي المستقبلية والواقعية التي تلائم حياة المواطن الكويتي لمعالجة مشكلة العمالة واضحة، عندما نجد الحكومة قد أخذت بهذه الفكرة في الأعوام الأخيرة، وأصبح لزاماً على الشركات والمؤسسات توظيف عدد معين من الكويتيين. اتخذت الحكومة في دور الانعقاد الثاني للمجلس الذي انتهى عمليا في 30/7/1976 قراراً بمنع تعيين الكويتيين في الدوائر الحكومية، إلا إذا كان الكويتي حاصلاً على الشهادة الثانوية العامة. ولم يرضَ سامي عن هذا القرار وناقشه من مختلف جوانبه. ومن الأمور التي رآها في هذا القانون أنه "ربما كان لمنع التسرب من المرحلة الثانوية" وهو أمر لا يعارضه سامي "لكن المتسربين يبحثون عن عمل". وهنا تساءل سامي "عن مسؤولية القطاع الخاص والقطاع المشترك في عملية التوظيف وتوفير فرص العمل"، وتساءل أيضاً: "لماذا لا يكون هناك تشريع وقانون لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة؟"، وهو أمر طرحه سامي في دور الانعقاد الأول أيضاً. وحتى تكون مناقشته عملية وحتى يكون طرحه للداء مقروناً بالدواء، اقترح سامي وضع تشريع ينص على ألا تتعامل "الحكومة مع أي قطاع مشترك أو مؤسسة أهلية ما لم تأخذ عدداً معيناً من الكويتيين"، صحيح أن هذا لم يحدث في عام 1976 لكنه حدث فعلاً فيما بعد وأصبح إلزامياً مع مطلع القرن الحادي والعشرين. ذلك هو سامي العضو المتطلع دائماً إلى مستقبل الأجيال والملتزم دائماً مناقشة مشكلات وطنه بفكر استراتيجي لا بمنحى عاطفي آني. لم تغب الثروة النفطية في الكويت والسيطرة الوطنية عليها عن بال سامي لحظة واحدة، فهو لم يكف عن طرحها في الفصول التشريعية جميعها التي نجح فيها في الوصول إلى عضوية مجلس الأمة، وفي كل دور انعقاد من هذه الفصول (الفصل التشريعي أربع سنوات، كل سنة دور انعقاد) طالب سامي الحكومة بتقديم "بيان إلى مجلس الأمة عن سياستها النفطية" ومن ثم لجأ إلى مناقشة هذه السياسة خاصة ذلك القرار الخاص "بالتأميم الكامل لشركة البترول الوطنية".
تملك النفط
ويبدو أن دور الانعقاد الأول لهذا الفصل كان مشحوناً بقضية الثروة النفطية وتملك الدولة لها. ففي هذا العام (1975/1976) شهدت الكويت أيلولة جميع حقوق شركة النفط البريطانية (B.P.) المحدودة وشركة الخليج (Gulf) الأميركية إلى دولة الكويت. وقد كان ذلك بعد مسيرة من المفاوضات بين الحكومة والشركتين انتهت عندما قدمت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة تقريرها الخامس عشر عن مشروع القانون المقدم من الحكومة والقاضي بالموافقة على الاتفاقية الخاصة بأيلولة حقوق الشركتين أعلاه إلى دولة الكويت، وبموافقة مجلس الأمة على مشروع بقانون نفذته الحكومة مع شركات النفط بهدوء تام ومن دون ضجيج أو إثارة، وكان ذلك انتصاراً حاسماً للمطالب الشعبية والوطنية الكويتية التي قادها سامي المنيس ومجموعته من التقدميين الديموقراطيين والتي أيدهم فيها أحمد الخطيب وعبد الله النيباري. وهو أمر يجب أن يحتسب للقوى الوطنية وللحكومة وللشركات أيضاً التي رأت من مصالحها الانصياع لمطالب الأمة من دون إثارة مشكلات كان من المحتم أن تنتهي في غير مصلحتها. ومن السيطرة النفطية الكاملة للكويت على ثروتها، انتقل سامي في دور الانعقاد الثاني إلى مناقشة أدق التفاصيل في هذه السياسة، فهو يتفحص مجلس إدارة شركة نفط الكويت (K.O.C.) ويرى في تعيينه به كما كان موجوداً آنذك 1975 / 1976 "خطوة غير متقدمة" لأن "السيطرة الوطنية على إدارة هذه الشركة تتطلب مواصفات غير المواصفات التي تفضل بها وزير النفط".
وناقش سامي في مجلس الأمة ميزانية شركة نفط الكويت (كي أو سي)، وليس ميزانية وزارة النفط، وتلك أول مرة نلحظ فيها مناقشة مجلس الأمة لميزانية هذه الشركة، وربما بعد أيلولة ملكيتها لدولة الكويت. وكانت قبل ذلك من الشركات الأجنبية التي تتمتع بامتيازات، وما كان مجلس الأمة مخولاً بمناقشة ميزانيتها. انتهز سامي فرصة أيلولة الشركة إلى دولة الكويت ورفع صوته كعادته عالياً مطالباً الشركة الوطنية "بتحضير الكوادر الفنية الكويتية للحاضر والمستقبل والاهتمام بها ووضع خطة لهذا الغرض". وسامي يطرح هذا الأمر، وقد طرحه مراراً وتكراراً في الدورات السابقة، في ظروف مختلفة، فالشركة التي يخاطبها بتهيئة الكوادر الفنية شركة كويتية ولم تعد شركة استعمارية مستغ.لة تحول دون تهيئة الكوادر الفنية المدربة الكويتية خشية منها على التأثير في سياساتها الخاصة بها. لذا، فهو يطالب بحق وطني في عام 1976، وكان قد مضى على تصدير أول دفعة من النفط ثلاثون عاماً، إذ صدّرت الكويت أول شحناتها في عام 1946. وهو على حق في ما يطرح، إذ يريد أن يرى صناعة النفط الكويتية بعد مرور ثلاثين عاماً على بدئها، في أيد كويتية عربية لا في أيد أجنبية في معظمها كما كانت الحال قبل تأميم النفط. ونعتقد أن سامي قبل وفاته رأى تحقيق الكثير من آماله في شركة النفط بعد تزايد العمالة الكويتية فيها.
الميزانية
شارك سامي في دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الرابع في مناقشة ميزانية الدولة، ولم يكن يرى في الميزانية أرقاماً ولكن كان يريدها كعادته أهدافاً وعطاء وإنتاجاً للوطن، بغض النظر عن أرقامها، لذا نجده يطالب الفعاليات الاقتصادية بتقديم الخدمات للعاملين في المؤسسات الاقتصادية من تعليم وتطبيب وترويح. وأردف طلبه هذا بتمنٍ على الحكومة أن تدرس إمكانية "أن تفرض على المؤسسات والفعاليات الاقتصادية تقديم خدمات للعاملين في هذه المؤسسات". كان الوطن يعيش في ذات سامي، فهو يرى الميزانية أرقاماً لمصلحة الوطن، ولما كان الوطن للجميع، فقد رأى أن على المنتفعين من هذا الوطن المساهمة في تخفيف الضغط عن الميزانية العامة للدولة. فهو يذكر أن وزارات التربية، الصحة والأشغال، تأخذ 63 في المائة من ميزانية الدولة، وتأخذ الصحة من 24 – 25 في المائة من هذه الميزانية لكنه يرى أن "التوجيه الصحي الذي يمكن أن يخفف من الإنفاق على الصحة أو زيادة النفع من ميزانيتها مفقود ولا بد من وجوده وفق برنامج مدروس".
أشار سامي إلى ملاحظة جديرة بالاهتمام، وهي لوم الفعاليات الاقتصادية والحكومة، فقد ذكر أنه "لا يرى أحدا يأخذ بملاحظات أعضاء مجلس الأمة عن الميزانية منذ عام 1963" عندما ناقش أول مجلس أمة ميزانية الدولة. ونرى سامي في نظرة مستقبلية يطالب بمشاركة الفعاليات الاقتصادية في تحمل أعباء الخدمات مع الحكومة، وكان مطلبه هذا ناجحاً، إذ نرى الآن الكثير من المستشفيات والمرافق العامة تقوم بإنشائها والإنفاق عليها الفعاليات الاقتصادية الوطنية أو المؤسسات.
كان أبرز نتائج هذه الانتخابات على حركة القوميين العرب، ظهور تيار راديكالي بين صفوف شبابها أدخل الحركة في مأزق مع التجار وأدى إلى انقسام القاعدة في حركة القوميين العرب، وذلك عندما عقد الراديكاليون مؤتمرا في أكتوبر 68 فصلوا فيه قيادة أحمد الخطيب للحركة، والتزموا بالكفاح المسلح والماركسية اللينينية . لكن ما حدث بعد ذلك من تصفية حركة القوميين العرب لنفسها وتحولها إلى منظمات قطرية، أدى إلى ظهور حركة التقدميين الديموقراطيين في الكويت 1969 من رحم حركة القوميين العرب، وكان د. أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس قادة الهرم لهذه الحركة، وتحولت القيادة الراديكالية إلى منظمات يسارية أخرى.
ووصف السيد عبد الله النيباري هذه الحركة بأنها حركة ديموقراطية تقدمية قابلة للتطور المستقبلي، وتسعى إلى تحقيق أهدافها عن طريق النضال السياسي والعمل البرلماني. وحددت الحركة أهدافها في تحقيق السيادة السياسية الكاملة والتخلف عن النفوذ الاقتصادي الأجنبي بتصفية جميع مظاهر التبعية الاقتصادية للإمبريالية، وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية .
ومنذ ذلك التاريخ حل اسم التقدميين الديموقراطيين محل اسم القوميين العرب الذين خاضوا الانتخابات 1963 باسم نواب الشعب، وخاضوا انتخابات المجلس الثالث في 23/1/1971 تحت هذا المسمى أيضا.
غُيّب سامي المنيس عن مجلس الأمة الثاني هو وكثيرون من تنظيمه، وكانوا مرشحين للفوز في انتخابات هذا المجلس، لكنهم لم يكفوا عن نضالهم السياسي من خارج المجلس ضد ما حدث في انتخابات 1967، ورأوا فيها قتلاً للديموقراطية. وانعكس ما حدث على مجموعة القوميين العرب في الكويت ككل، إذ رأت فئة منهم ضرورة النضال المسلح ضد ما جرى في انتخابات 1967 وانفصلت عن المجموعة الأم، وكانوا في معظمهم من الشباب الراديكالي، لكن سامي المنيس ومعه عبد الله النيباري وأحمد الخطيب... بقوا متمسكين بالنضال السياسي من أجل تحقيق الديموقراطية ورفضوا اللجوء إلى الكفاح المسلح بكل أشكاله .
وأصبح اسم هذه المجموعة "مجموعة التقدميين الديموقراطيين" أو جماعة الطليعة التي يتزعمها د. أحمد الخطيب ومعه عبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي. وكان لهم برنامجهم الديموقراطي الوطني الذي يسعى إلى التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الكويت، وخاضوا انتخابات مجلس الأمة الثالث في 23 يناير 1971 على أساس البرنامج الوطني، وحققوا نجاحهم المتوقع والمنشود، إذ فاز كل من أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي في هذه الانتخابات، ورفع هؤلاء لواء المعارضة للمشاركة النفطية والمناداة بوجود جهاز وطني يقوم بعمليات إنتاج النفط وتسويقه وضرورة تأميم الغــاز.
كأي جماعة سياسية منظمة، خاض التقدميون الديموقراطيون الذين يعد سامي أحد رموزهم، انتخابات مجلس الأمة الثالث في يناير 1971 وفق برنامج سياسي طرحوه على المواطنين قبل موعد الانتخابات بسنة كاملة.
وقد طرحت الجماعة برنامجها في يناير 1970 بعنوان "برنامج العمل الوطني الديموقراطي" الذي أعلنه نواب الشعب (التقدميون الديموقراطيون) في يناير 1970، ليتلاءم مع مرحلة التحرير الوطني الديموقراطي ضد معسكر الخصم الرئيس المتمثل في الإمبريالية العالمية وإسرائيل والرجعية العربية وإيران، إضافة إلى الشركات الاحتكارية الأجنبية، وليلائم القوى الوطنية التقدمية التي حددها البرنامج بأنها تتكون من الطبقة العاملة وشرائح الطبقة المتوسطة والموظفين والمدرسين والمهنيين وصغار التجار وبعض العناصر الإصلاحية ذات التوحد الوطني من البرجوازية الكبيرة .
1- دعا البرنامج إلى وحدة العمل الوطني في الكويت. وقد جاء في الحديث عن هذا الهدف: نرى من الضرورة في ضوء فهمنا للمرحلة الراهنة. أن يواصل العمل الوطني مسيرته، وأن تنهض قواه الوطنية من كبوتها.. ولن يتم ذلك إلا في التوجه نحو تكتيل القوى الوطنية ووحدة العمل الوطني .
ومن دون جدال، فإن العناصر والقوى الوطنية كافة تلتقي في رفضها للقوانين غير الديموقراطية، وتلتقي في رفضها للفساد والسرقات والممارسات التي زكمت روائحها الأنوف. وتلتقي أيضاً برفضها للتدهور الاقتصادي وتحكم الشركات الأجنبية، وتلتقي على إطلاق الحريات العامة، وتطهير الجهاز الإداري والتخطيط لمستقبل البلاد والاهتمام بالصناعة الوطنية والوقوف في وجه الشركات الأجنبية .
2 - كما دعا في المجال السياسي والديموقراطي إلى:
1 - إلغاء القوانين اللاديموقراطية كافة، وبالذات قوانين الصحافة والأندية والوظائف العامة.
2 – إشاعة الديموقراطية.
3 – عدم تعطيل الصحف.
4 – عدم تدخل السلطة التنفيذية في سير الانتخابات.
* وفي المجال الاقتصادي من أجل الحفاظ على الثروة النفطية، دعا البرنامج إلى:
1 – دعم شركة البترول الوطنية.
2 – إنشاء معامل جديدة لتكرير النفط وصناعة مشتقاته وصناعة بتروكيماويات.
3 – إجبار الشركات الأجنبية على احترام القوانين والضغط عليها لإعطاء العمال حقوقهم.
* وفي مجال التصنيع والمستوى المعيشي دعا البرنامج إلى:
1 – تشجيع الصناعات الوطنية.
2 – تصحيح جهاز الدولة المتضخم.
3 – إزالة الفوارق الفاحشة في الدخل.
3 – وضع حد لسياسة التبديد والإسراف.
4 – الحد من الاعتماد على السوق الغربي.
5 – التوسع في إنشاء بيوت ذوي الدخل المحدود.
6 – الاهتمام بأبناء البادية .
* كما اهتم البرنامج بالتعليم والفن والثقافة فدعا إلى:
1 – اعتماد سياسة تربوية مدروسة.
2 – إقامة جامعة عصرية غير خاضعة لرغبات المسؤولين.
3 – الاهتمام بالشباب ودعم مؤسساتهم.
4 – الاهتمام بالأدب والفن.
5 – مكافحة الاتجاهات الفكرية الاستعمارية والرجعية، مع مكافحة الخرافات والشعوذة.
6 – رعاية المسرح وتشجيع العاملين فيه.
* والتفت البرنامج إلى قضايا الخليج العربي وطالب بما يلي:
1 – محاربة الاستعمار بكل أشكاله.
2 – محاربة الأطماع الإيرانية التوسعية.
3 – رفض المشاريع الاستعمارية كافة.
4 – المطالبة بإطلاق الحريات العامة.
5 – إقامة الجبهة الوطنية العريضة على امتداد الخليج.
* وركز البرنامج على فلسطين فدعا إلى:
1 – دعم المقاومة الفلسطينية.
2 – رفض الحلول السلمية كافة ورفض مشروع الدولة الفلسطينية (على جزء من فلسطين).
3 – العمل من أجل إنجاح الوحدة الوطنية الفلسطينية.
4 – عدم التضييق على الفلسطينيين.
5 – محاربة التسلل الصهيوني إلى البلاد.
* أخذ البرنامج بعين الاعتبار الوحدة العربية والعمل على تحقيقها، فدعا إلى:
1 – العمل من أجل قيام وحدة عربية.
2 – الانفتاح على الأنظمة التقدمية العربية.
3 – دعم جميع أطراف حركة التحرر الوطني في البلاد المستَعمَرة.
4 – المباشرة بإقامة المؤسسات الاقتصادية العربية المشتركة لتحقيق التكامل الاقتصادي.
* أما في مجال السياسة الخارجية العالمية فدعا البرنامج إلى:
1 – مواجهة الاستعمار.
2 – تأييد حق الشعوب في تقرير المصير.
3 – محاربة أجهزة التجسس الاستعمارية والصهيونية والإيرانية كافة.
4 – التعامل مع الجميع على أساس الموقف من القضية العربية وبالذات قضية فلسطين والخليج العربي.
5 – رفض جميع المعاهدات والأحلاف الاستعمارية والعدوانية .
وعلى أساس هذا البرنامج ـ الذي تعمدنا إيجازه ـ والالتزام بما جاء فيه، خاضت حركة التقدميين الديموقراطيين انتخابات 23/1/1971 لمجلس الأمة وتمكنت نواتها البرلمانية الصلبة، المتمثلة في أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي أحمد المنيس وأحمد النفيسي التي نجحت في الانتخابات، من العمل ما وسعها على المناداة بتطبيق برنامج التقدميين الديموقراطيين الذي سبق ذكره، وتحقيق أهدافه المتمثلة في:
أهداف البرنامج
تحقيق السيادة الكاملة والتخلص من النفوذ الاقتصادي الأجنبي وتصفية مظاهر التبعية الاقتصادية للامبريالية وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية . وكان أبرز ما في مسيرة التقدميين الديموقراطيين في هذه المرحلة تأييد القاعدة العمالية لهم عندما دعا اتحاد عمال الكويت إلى انتخاب مرشحي الحركة .
كان أساس البرنامج الانتخابي الذي سبق ذكره لانتخابات 1971 برنامج حركة التقدميين الديموقراطيين الذي أكد أن:
1 – حركة التقدميين الديموقراطيين الكويتيين تنظيم سياسي طليعي يسترشد بالنظرية العلمية والفكر الثوري العربي.
2 – تؤمن الحركة بالنضال السياسي بمختلف وسائله.
3 – تعبر الحركة عن مصالح الجماهير الشعبية وقواها الوطنية، ومن أجل تحقيق كامل مهمات مرحلة التحرر الوطني الديموقراطي.
4 – تدعو إلى تصفية جميع مظاهر التبعية الاقتصادية للامبريالية.
5 – تدعو إلى ترسيخ الديموقراطية كنهج ثابت في الحياة العامة للكويت.
6 – تدعو إلى إجراء إصلاح تقدمي في الجهاز الإداري للدولة.
7 – تؤمن الحركة بمساواة المرأة مع الرجل في جميع الحقوق والواجبات وممارسة الحقوق السياسية .
إنجاز المشاركة النفطية
استطاعت الحركة من خلال نوابها في مجلس الأمة الثالث 1971/1975، وبالتعاون مع النواب المستقلين، إنجاز موضوع المشاركة النفطية ومن ثم تأميم النفط، كما كان لها دورها في إقرار قانون المحكمة الدستورية . كان هذا هو الخط الذي سار عليه سامي المنيس بعد نجاحه في انتخابات مجلس الأمة الثالث 1971. وما يهمنا هنا هو نشاط سامي المنيس في هذا الفصل التشريعي الثالث ومتابعة أهم ما طرح من مناقشات واقتراحات. ولا بد من القول أن سامي المنيس انتخب أمين السر لمجلس الأمة في هذا الفصل التشريعي، كما انتخب مقررا للجنة العرائض والشكاوى، وهو أمر لا بد من الإشارة إليه كتعبير عن ثقة أعضاء المجلس به ووفق برنامج مجموعته التي نجحت في انتخابات 1971.
الفصل التشريعي الثالث
كان النفط واستعادة ملكيته للشعب والإشراف الوطني على إنتاجه وتكريره والاهتمام بأمر العاملين فيه عامة والعمال خاصة، أكثر ما اهتم به سامي في هذا الفصل التشريعي.
فكان أول تساؤلاته في الفصل التشريعي الثالث لدور الانعقاد الأول عن "سبب تأخير صرف الأعمال الإضافية للعمال، وكيف تصرف في وزارة ولا تصرف في أخرى؟". وكانت استجابة الوزارات سريعة لتساؤلات سامي عندما قامت بصرف هذه الأعمال الإضافية.
كان سامي فخوراً بالقوى العاملة في كل المجالات وبإنجازاتها، وكان يتابعها خطوة خطوة، فهو يفتخر بالقوى العاملة التي "استطاعت أن تحرز انتصاراً بإيجاد قانون العمل في قطاع النفط 1968، ثم صدور قانون معدل 1969".
لكنه كان يرى ايضاً أن شركات النفط "تطفش" العمالة الكويتية، أي تجبرها على ترك العمل "فالقوى العاملة الوطنية لا تزيد عن 10% في شركات النفط، وتقوم هذه الشركات بتسليم أعمالها إلى المقاولين للتخلص من العناصر الوطنية" وهو تأكيد لما قاله بأنها "تطفش" العمالة الوطنية. وتساءل سامي عن دور الشركات النفطية الأجنبية "هل القوانين والتشريعات التي نصدرها غير مقبولة ومرفوضة من شركات النفط؟ وهل هذه الشركات حكومة خفية؟". وحتى يثبت سامي أقواله بعدم انصياع الشركات النفطية لتنفيذ القوانين كعادته في توجيه أي اتهام "أثار العريضة رقم 19 من رئيس اتحاد العمال حول رفض شركات النفط تنفيذ القانون 28/1969 بشأن العمل في قطاع النفط المحال إلى لجنة العرائض والشكاوى بتاريخ 15/3/1971".
رأى سامي أن "شركات النفط تريد تفسير القوانين كما تشاء" لا كما يجيء في نصوصها.
ويشير سامي إلى ظاهرة لا تقل خطورة عن تقاعس شركات النفط عن تنفيذ القوانين، وهي أن خبراء الحكومة عاجزون أمام الشركات النفطية التي ترى أن قانون شركات النفط غير ملائم وغامض. فقد أعيد هذا القانون إلى مجلس الأمة مرتين من دون أن تأخذ به الشركات النفطية. وهنا تساءل سامي:
" متى يقف المجلس وتقف الحكومة أمام شركات النفط الاستعمارية؟" فالممارسات العملية لشركات النفط في نظر سامي هي ممارسات حكومات خفية، فهي لا تأبه بقوانين الشركات ولا بالقوانين الخاصة بالعمال.
يقف سامي أمام شركات النفط محارباً شرساً يريد انتزاع حقوق الوطن من بين مخالب لا تعترف بحكومات ولا نقابات، فنراه ينتقد الاتفاقية النفطية لأن "نصوصها ليست في مصلحة الكويت". ويستمر في كشف عيوب هذه الاتفاقية ورفضها هو ومجموعته المؤيدون له في مجلس الأمة والضغط من أجل إفشالها.
كان يريد النفط ثروة وطنية قومية يستغلها الإنسان العربي في السراء والضراء، فهو يقف موقفاً لا لبس فيه في عام 1973 "ويحيى الدولة على وقفها ضخ نفط الكويت"، وذلك بعد حرب أكتوبر 1973 ضد العدو الصهيوني، وهو يُغلّب المصلحة القومية على المصلحة الوطنية ويرى في النفط سلاحاً عربياً يجب استخدامه عندما يكون ذلك في مصلحة رفعة الأمة وسمعتها واستعادة كرامتها. ويعد موقفه من شركات النفط امتداداً لموقفه في مجلس الأمة الأول عندما كان عضواً فيه، فهو ثابت في نقده امتيازات شركات النفط وثابت في ملاحظته تصرف الشركات النفطية وعدم تنفيذها للبنود التي تتفق فيها مع الحكومة...
ونظراً لما كان للمعارضة من تأثير واضح في استرداد الكويت لثروتها النفطية، فإننا نورد ملخصاً لهذا الموضوع: ففي سنة 1971 أصبحت التوجهات السياسية داخل مجلس الأمة تنادي بتحديد الانتاج في حدود 2.95 مليون برميل يومياً، في عام 1972 فُوض أحمد زكي اليماني من أقطار الخليج العربي للوصول إلى اتفاقيات مع شركات النفط العالمية الكبرى بخصوص المشاركة، وتسمى هذه اتفاقية المشاركة التي تبدأ في 1978 ترتفع إلى 30 في المائة 1979، و35 في المائة يناير 1980، و40 في المائة يناير 1981، وإلى 51 في المائة في 1982، وتستمر حتى نهاية مدة الامتياز، وهي في الكويت سنة 2025.
ضد اتفاقية المشاركة
شن الوطنيون في المجلس حملة عنيفة ضد اتفاقية المشاركة، ورفضها المجلس بعد أن ناقشها بين يناير ومارس 1973، ورأى أن تبدأ المشاركة بـ 51% على أن تصل إلى 100% في نهاية عقود الامتياز. كانت رموز المطالبة باسترجاع الثروة النفطية في مجلس 1971: علي الغانم، سالم المرزوق، عبد اللطيف الكاظمي، بدر المضف وناصر الساير، أما ممثلو التقدميين الديموقراطيين فكانوا: د. أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي المنيس وأحمد النفيسي، وقد طالبوا ببحث السياسة البترولية وتشكيل لجنة وطنية لدراسة موضوع البترول.
كانت الدعوة في مجلس الأمة إلى رفع نسبة المشاركة والوصول إلى التأميم ولهذا قدم أعضاء مجلس الأمة في 22/12/73 اقتراحاً بمشروع قانون لتأميم النفط في الكويت، وهم: يوسف المخلد، فلاح الحجرف، عبد العزيز المساعيد، فالح الصويلح، محمد الرشيد وعبد الكريم الجحيدلي. وعقد عبد الله النيباري مناظرة تلفزيونية عن المجلس مع السيد عبد الرحمن العتيقي عن الحكومة، وكان واضحاً توجه الرأي العام لرفض اتفاقية المشاركة.
وهنا تدخل رئيس مجلس الوزراء آنذاك المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح (1977/2006) وبعد اجتماعه مع مندوب شركة غلف أعلن أن محتوى اتفاقية المشاركة لا بد أن "يراجع لتأكيد حقوق الكويت المشروعة". وإثر ذلك سحبت الاتفاقية من مجلس الأمة بسبب توقع رفض المجلس لها.
بعد ذلك بشهور، وافق مجلس الأمة على اتفاقية المشاركة التي تقضي بأن يكون للحكومة 60% من العمليات والحقول البترولية للشركتين (غلف، وبي بي) ابتداء من 1/1/1974.
وقد امتنع النواب التقدميون الديموقراطيين الأربعة عن التصويت على هذه الاتفاقية، ووعدت الحكومة على لسان السيد عبد الرحمن العتيقي وزير المالية والنفط أنذاك، بالسعي للحصول على المزيد، بما فيه خير هذه البلاد ومصلحة شعبها الكريم. وعلل عبدالله النيباري امتناع ممثلي الحركة التقدمية الديموقراطية عن التصويت بغياب شرط الوصول للتملك النهائي. أما الدكتور أحمد الخطيب، فقد رأى في مناقشة الاتفاقية "نصراً للديموقراطية" لكن اتفاقية المشاركة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما أعلنت حكومة الكويت في 5/3/75 بعد الانتخابات أنها قررت تأميم نفط الكويت. وتم تصديق مجلس الأمة بالإجماع على اتفاقية التأميم في 18/3/76. وكان على حكومة الكويت أن تدفع 50،5 مليون دينار مقابل القيمة الدفترية للموجودات التي انتقلت ملكيتها للحكومة .
ظهرت آثار التعاون بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء برئاسة الشيخ جابر الأحمد الصباح آنذاك واضحة لمصلحة الوطن، فقد تمكنت الكويت من انتزاع ثروتها الوطنية من براثن الشركات النفطية العملاقة بأقل التعويضات عن الموجودات. لذا لا بد أن يُسجل نتائج هذا التعاون كنموذج بناء في تاريخ السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكان لإصرار مجلس الأمة على انتزاع هذا الحق وقدرة الحكومة على التفاوض بذكاء وحكمة الفضل الأكبر في الوصول إلى التأميم واسترداد الحقوق.
أظهر سامي في ذلك الفصل التشريعي اهتمامه الواسع بالوطن ومشكلاته وسياسات الدولة ووزاراتها، وكان موضوعياً في طرحه، يسعى إلى تحقيق الأفضل من خلال تساؤلاته ونقده بعيداً عن التجريح أو التشهير. وتناول أول ما تناول مناقشته الرد على الخطاب الأميري، وكان أول مطلب له "أن يتضمن الخطاب مساندة الكفاح المسلح مادياً وتخصيص دعم مالي للثورة الفلسطينية ووقف المعونة الأردنية".
لم يرَ سامي خلاف حكام الخليج، الذي أشار إليه الخطاب الأميري، خلافاً شخصياً يستوجب توجيه نداء لهم، لكنه رأى فيه انه "صراع أنغلو أميركي ـ إيراني" يجب الالتفات إليه والتعامل معه بجدية وزارة الداخلية، وعندما جاء دور وزارة الداخلية ناقش الجريمة وأسبابها وخلص إلى القول إن "الفاعل مجهول" في جرائم البلد، "وحوادث المرور في تزايد"، وعزا ذلك إلى "الإدارة ومسؤولياتها وليس إلى الرعونة وحسب".
رأى سامي أن مجلس الأمة يناقش سياسة الحكومة من خلال الرد على الخطاب الأميري بشكل عام لكن الأعضاء "لا يستطيعون إضافة أكثر من السنة الماضية"، إلا أن ذلك لم يمنعه من التساؤل: "هل السياسة الخارجية تعبير عن الشعب وعن رغباته؟"، "وما موقف الكويت من الخليج العربي وإيران عندما احتُلت الجزر العربية؟". وفي استغراب لافت للنظر، يذكر سامي "أن التعامل الاقتصادي زاد مع إيران" بعد احتلال الجزر، وهي تحضر مؤتمر جدة (الإسلامي) أثناء حديثه عن الجزر، وهو هنا منسجم تماماً مع تطبيق برنامجه الانتخابي في مقاومة الاستعمار والتسلل الإيراني. وانتقل إلى الشأن الداخلي وتساءل: "ما أسباب حل المجلس البلدي 1972؟"، ويلاحظ "إعادة المادة 43 من مشروع قانون البلديات إلى اللجنة المختصة تخوفاً من عدم ترسيخ قواعد الديموقراطية". وأعلن سامي "أن أبناء الكويت يعيشون الاستغلال مقترناً بالاحتكار لسوق الكويت والأقلية التي تحتكره". لكنه يقرن هذا القول بالمثل العملي في السلوك الرسمي ويعلن أمام المجلس أن "مجلس الأمة منذ ثلاث سنوات يقف بحزم ويناشد الحكومة في شخص وزير التجارة، إعادة النظر في موضوع الأسعار ليرفع الاستغلال عن المواطن، لكن ذلك لم يحدث، فسياسة الحكومة، في نظره، أن تترك الباب مفتوحاً"، وهو أمر يرى فيه طريق الاستغلال، لذا نجده يعلن قائلاً: "يجب على وزارة التجارة، والحكومة جميعاً، أن تعيد النظر في سياستها بترك الباب مفتوحاً". كان منطقياً في طرحه فهو لا يتحدث من فراغ، إذ يطرح المشكلة التي يعاني منها المواطن لكنه يقرن المشكلة بحل يراه صالحاً. يضع يده على الداء ويصف الدواء أيضاً. من هنا جاء قبول سامي بين زملائه في المجلس واحترام الآخرين له.
تساءل سامي في دور الانعقاد الأول للمجلس الثالث عن: "الفلسفة أو السياسة التي ترسمها الدولة في خدماتها العامة للمواطنين، وإلى متى تستمر هذه الفوضى في الخدمات المعطاة للمقاولين، وفي انقطاع الكهرباء، وفي سياسة الإسكان، متى يمكن وضع سياسة اقتصادية حقيقية؟ إلى متى تستمر المحسوبية في شراء الأدوية لوزارة الصحة وتنفيذ الإنشاءات دون مراعاة لمصلحة المواطن؟".
تساءل سامي كذلك عن الفلسفة التي تنتهجها الدولة من مفهوم الاستملاك (التثمين) و"هل هي محاولة لتوزيع الدخل؟ كيف تم صرف 750 مليون دينار؟ إنها كذبة كبرى لم تصرف، ولكنها ذهبت إلى جيوب أفراد قلائل"، والغريب أن هذه العبارة "أفراد قلائل" لا تزال تتردد حتى اليوم كنقد موجه ضد المنتفعين من أموال الدولة! واشتدت مطالبة سامي بالحد من الغلاء كلما كثرت شكاوى المواطنين من وطأته عليهم وتأثيره في حياتهم، وعندما لم يجد صدى عملياً من المسؤولين لمطالبته بالحد من الغلاء وارتفاع الأسعار، بعد أن تأكدت له صحة ارتفاعها استناداً إلى تقارير موضوعية تقدم باستجواب إلى وزير التجارة والصناعة في 19/3/1974 وتمت مناقشته خلال دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثالث.
استجواب وزير التجارة والصناعة 1974
قدم الاستجواب الأعضاء: عبد الله النيباري، علي الغانم وسامي المنيس لوزير التجارة والصناعة بشأن ارتفاع الأسعار وتطبيق قانون الشركات والتراخيص التجارية والصناعية.
وجاء في الاستجواب:
بالنظر إلى تقصير وزارة التجارة والصناعة في واجبها، فقد أدى ذلك التقصير إلى الضرر بالمواطنين وبالاقتصاد الوطني، ويتمثل هذا التقصير في ما يلي:
1 – لم يقم وزير التجارة والصناعة بما تمليه عليه المسؤوليات الدستورية لمعالجة مشكلة الغلاء.
2 – "تهاونت وزارة التجارة والصناعة في تطبيق قانون الشركات والقوانين الأخرى، وقد أدى هذا التهاون إلى التلاعب في سوق الأسهم وفي الاكتتاب بأسهم الشركات الجديدة، مما أدى إلى استفادة نفر قليل على حساب المصلحة العامة".
3 – إن إعطاء التراخيص التجارية والصناعية يطبق بصورة فيها تمييز بين المواطنين ومحاباة لبعضهم، مما يعتبر مخالفة للدستور، كما أن الضرر يمتد ليمس المصلحة الوطنية عامة.
تحدث السيد عبد الله النيباري فتناول نقطتين:
1 – ممارسة حق الاستجواب مسألة يجب ألا يعتريها أي حرج لا من قبلنا كأعضاء ولا من الحكومة.
2 – نفى أن يصوَّر الاستجواب على أنه خلاف شخصي.
وفي أسلوب حضاري واضح، لم ينسَ النيباري ماضي وزير التجارة والصناعة السيد خالد العدساني في الكفاح من أجل الديموقراطية والحكم الدستوري التشريعي... "وعزاؤنا أننا نطبق عملياً ما أراد أن يغرسه هو فينا وفي المجتمع منذ 36 عاماً..."، "إننا نستجوب وزارة التجارة باعتبارها أو باعتبار الوزير ممثلاً
للحكومة في هذا المجال".
ارتفعت الأسعار في مدى سنتين بموجب التقرير المقدم إلى هذا المجلس من بعض الخبراء إلى 27 في المائة، أما السيد علي الغانم، أحد مقدمي الاستجواب، فقد أكد "احترامنا ومودتنا للسيد وزير التجارة والصناعة وتقديرنا لماضيه. وقانون التجارة الموجود حالياً فيه كثير من المواد القيمة لو طبقت لربما تفادينا كثيراً من الأخطاء وكثيراً من التلاعب الذي حصل في بعض الشركات. إلا أنني للأسف وجدت القانون لم يطبق ولم تعمل الوزارة على تطبيقه".
أما سامي المنيس، أحد مقدمي الاستجواب، فكان له تعقيب قال فيه "عندما يقدم الاستجواب فهو من أجل نصرة الحق وليس من أجل الهروب من قول كلمة الحق.. كنت أتمنى أن يفند الاستجواب من خلال النقاط الثلاث".
وكان تعقيب السيد الوزير حضارياً أيضاً عندما شكر السيدين عبدالله النيباري وعلي الغانم على ما قالاه، وأعلن أن الرخص التجارية كانت بناء على قرار أن لكل مواطن الحق في رخصة "وزعنا حوالي خمسين ألف رخصة وأنا أقول إنني أعطيت كل ذي حق حقه. وما زلت أعطي كل مواطن ما يطلب".
أما بالنسبة للأسعار، فأعلن السيد الوزير أنه "يمشي مع الدستور. دستورنا يقرر أن النظام الاقتصادي الحر هو نظام البلاد".
أما عن الموضوع الثالث، تأسيس الشركات، فقال "عندي ظاهرة صحية 100%.. إذا كانت الشركات ذات جدوى اقتصادية.. إذا كانت موافقة للقوانين فليس لي الحق أن أمنعها إطلاقاً. طبقت وزارة التجارة القانون بحذافيره" .
إن أهم ما في الاستجواب هو المظهر الحضاري والموضوعي في مناقشته، وهو أمر يحق لمجلس الأمة الكويتي أن يفتخر به، نظراً للمستوى الراقي الذي وصله النقاش في أروقة المجلس بين الأعضاء المنتخبين والوزراء. فلقد كان حسن النوايا واضحاً كما كان الالتزام بوصول رأي الشعب إلى الحكومة أكثر وضوحاً، كما كان رد الوزير قانونياً لجهة طبيعة النظام الاقتصادي في البلاد والقوانين المنظمة للشركات والرخص التجارية.
كان هذا أول استجواب برلماني شارك فيه سامي المنيس مع اثنين من زملائه وفقاً لما تتطلبه اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ولم يحدث أن شارك سامي قبل هذا في أي استجواب لأي وزير.
وقد أدى الاستجواب أثره، حيث قامت الحكومة بعد ذلك بزيادة الأجور لمواكبة الزيادة في أسعار السلع والمواد الغذائية وبدأ التفكير في نظام البطاقة التموينية للمرة الأولى منذ الاستقلال بعد ذلك الاستجواب.
لم يقف سامي مادحاً الخدمات العامة على سعتها وتوافرها، لكنه وقف مطالباً بتحديد الأهداف من هذه الخدمات ودورها في تنشئة المواطن الصالح، يريد خدمات ذات مردود وطني لا خدمات استهلاكية بلا معنى "بإنشاء مؤسسة استهلاكية تموينية كإحدى الخدمات التي تقدم للأسرة وتساعد المواطن على اقتناء المواد الضرورية التي لا ترهق ميزانية المواطن البسيط". ووضع بهذه الفكرة أساس مستقبل فلسفة الاستهلاك ومحاولة السيطرة عليها وتوجيهها وجهة نافعة وكان واضحاً أن سامي ينظر إلى الخدمات من زاويتين: الأولى أن تكون خدمات لها فلسفة محددة تؤدي إلى نتائج إيجابية في تنشئة المواطن، والثانية أن تكون من خلال مؤسسات منتظمة تعرف ما يريده المواطن البسيط وتقدم له ما يحتاجه.
كانت النظرة المستقبلية عند سامي لتقديم الخدمات واضحة، ونجدها اليوم متمثلة في اتحاد الجمعيات التعاونية، وفي مطالبات النواب المستمرة بتحديد الأسعار وفي نشاط البلدية المتمثل في الحد من التلاعب بالأسعار....
كان واضحاً في فكر سامي انشغاله بمستقبل أجيال الوطن الذي لم يرَه من خلال احتياطي الأجيال وحسب، ولكن من خلال "تنشئة مواطن مؤهل قادر على مواجهة الحياة بإيمان وعزيمة". فتراه يولي قضايا العمالة اهتماماً واسعاً من فكره ويلتفت إلى التدريب وضرورته في كل دورة انتخابية نجح فيها. وفي الفصل التشريعي الثالث في دور الانعقاد الأول وقف غاضباً في مجلس الأمة بسبب الفوضى في التدريب، إذ رأى في التدريب المهني "طامة كبرى لتعدد الجهات"... "الكل يدرب". وكعادته في إرساء فلسفة العمل من خلال المؤسسات، طالب بإنشاء "مؤسسة مهنية تشمل جميع التدريبات القائمة"، وهو مطلب تبناه في الفصل التشريعي الأول 63/65 ولم يكن قد تحقق في الفصل التشريعي الثالث 71/1975.
كان يريد مؤسسة مهنية مركزية تتولى التدريب في المجالات جميعاً ذات أهداف محددة، أبرزها "تأهيل كوادر فنية وإدارية كويتية" في سوق العمل الحكومي والخاص والمشترك. كان يريد عمالة فنية مدربة يستفيد منها الوطن وتجد فرص عمل لها في القطاع المشترك، أي القطاعين الحكومي والأهلي.
كان هناك في الكويت منذ عام 1954 الكلية الصناعية في الشويخ الصناعية، وقد انشئت لتكون نواة لتوفير الأيدي العاملة الفنية الوطنية لتسد فراغاً في سوق العمل، ولكن يبدو أن سامي لم يكن مقتنعاً في أوائل السبعينات بدور الكلية ولا بما حققته قياسا على عمرها الزمني وتكاليف إنتاجها، ونراه "يستفسر عن مسيرة هذه الكلية"، واضعاً الشك في استمرار وجودها ويدلل على ذلك بإعلانه "أن خريجي الكلية ما بين 1954 و1970 بلغ عددهم 589 خريجاً فقط، وهو عدد لا يساوي شيئاً بين أعداد العاملين ومن يحتاجهم سوق العمل".