أين هي تبرعاتكم من المآسي بسوريا واليمن بدلا من تفاخركم وتبجحكم بالبذخ 'اللي يلوع الجبد' ؟!
3/10/2012 الطليعة - مقال يفرض نفسه 3:02:37 PM
د.أحمد الخطيب
للكويت تاريخ ناصع في نجدة الشعب العربي في انتفاضاته ضد الظلم الأجنبي ومحاولاته التسلط على المنطقة، وقد كانت سباقة عن غيرها من الدول العربية في هـذا المجال، على الرغم من صغرها، وكونها تحت الحماية الأجنبية، ولهذا أصبح للكويت مكانة خاصة في قلوب الأجداد العرب في كل مكان.
الشعب الكويتي كان من أول من بادر لنصرة الشعب الفلسطيني في انتفاضته ضد الغزو الصهيوني، المدعوم من الإنكليز، فقدم المال والسلاح، واشتهرت شاهة الصقر، رحمها الله، بتبرعها السخي آنذاك، مؤكدة دور المرأة الكويتية في صناعة هذا المجد.
وهذا مثال آخر* ثوار الجزائر ضد الظلم الفرنسي أشادوا بذلك في رسالة بعثها أحمد بن بيلا إلى محمد خيضر، عن طريق الصديق المرحوم عبدالحميد المهري، يذكر فيها أن التبرع الذي أرسلناه للثورة هو أول تبرُّع عربي يصل إليهم.
وقد تبرَّع الشعب الكويتي أيضا بـ 15 مليون روبية لإعمار بورسعيد، بعد أن دمَّرها الغزو الصهيوني - الإنكليزي - الفرنسي عام 1956، كما أنه لم يتردد أبداً في دعم كل الانتفاضات العربية في المغرب والجزائر واليمن بشطريه.
بالطبع، كان الدور الأول والأساسي هو للتجار آنذاك، لكرمهم ووطنيتهم التي لا يستطيع أحد أن يشكك فيها.
هذا، فضلاً عن مساهماتهم الخيرية للبلدان الأجنبية التي تمركزوا فيها، بحكم نشاطاتهم التجارية الواسعة (راجع مذكرات عبدالعزيز الشايع).
هذا الجهد أعطى ثماره في دعم استقلال الكويت ودخولها جامعة الدول العربية، على الرغم من محاولة البعض محاربتها. (راجع الكويت من الإمارة إلى الدولة). وقد تجذرت هذه السياسة في إنشاء الصندوق الكويتي، الذي قام بدور مميَّز، على الرغم من الكثير من الضغوط التي واجهته.
وفي الخمسينات، قام اتحاد الأندية الكويتية بهذا الدور بفاعلية مميَّزة - شاركت فيها المرأة بشكل كبير- تنبه لها أعداء التطور، فقاموا بحل اللجنة وحصروا جمع التبرعات بلجنة من التجار تحت إشرافهم. لكن هؤلاء التجار الأحرار أبوا إلا أن يواصلوا المسيرة المباركة، وأن يبدأوا هم أنفسهم بالتبرع السخي، قبل أن يدعوا الآخرين للتبرع.
بالطبع، هذا النشاط الكويتي المميَّز لم يعجب الغير، فتباغضوا وأفسحوا المجال لمن هب ودب بجمع التبرعات لمصالح حزبية وتنفيعية شوَّهت العمل الخيري، وشلت حركة اللجنة، وتركت السلطة مصير اللجنة للأقدار، وغيَّب الموت غالبيتهم، رحمهم الله، وجزاهم خيراً.. ومن بقي منهم ظل مستمراً بنشاطه، ولم يتوقف، وها هو الصديق عبدالعزيز الشايع مستمر في رفع راية العز التي حملتها تلك الكوكبة من التجار الوطنين.
أين هم الآن؟
أتذكر نخوة أولئك الرجال وأنا أرى تقاعس أغلبية تجار اليوم عما يجري في هذا الوطن العربي من مآسٍ، ولم تلاق وامعتصماه أسماعهم وهي تنطلق من أفواه أيتام العنف المجنون في سوريا واليمن، وصيحات المشرَّدين منهم في بلادهم وفي تركيا ولبنان والأردن الذين يعانون الجوع والعطش والمرض والحرمان، ما يجعل المرء يشعر بالقهر والخجل وهو يقرأ أن مليونيرية الكويتيين هم أعلى نسبة في العالم بالنسبة للسكان، فعندنا منهم المئات، وصدق من قال «أذل المال أعناق الرجال»!
أين أولئك الرجال الذين عرفهم العالم؟ أين أنتِ يا غرفة التجارة، لتوقظي الروح الإنسانية فيهم، ولكي يهبوا للمحافظة على سمعة الكويت، بدلا من التبجح والتفاخر في البذخ المخجل «اللي يلوع الجبد»؟!
ما أراه ليس سوى محاولات محدودة، لكنها مشكوره من قِبل الهلال الأحمر الكويتي، هذه المحاولات يجب أن تلقى الدعم من الجميع، وكذلك المبادرات الشبابية التي ترفع الرأس من شباب يتبرعون وفق إمكانياتهم المتواضعة ويقومون بإيصالها كل أسبوع إلى السوريين اللاجئين في الأردن من دون ضجة إعلامية، كما يفعل الانتهازيون الذين يستغلون مآسي الناس للبهرجة الإعلامية.
أسماء نشرتها صدى الإيمان
- تبرع لثورة المغرب مارس 1955
● عقيلة فهد المرزوق
● عقيلة يوسف إبراهيم الغانم
● عقيلة فهد عبدالعزيز المرزوق
● الآنسة حصة الغانم
● الآنسة فاطمة يوسف الغانم
● السيدة دلال الغانم
● عقيلة محمد البحر
● السيدة نورة الغانم
● عقيلة ناصر العلي
● عقيلة يوسف أحمد الغانم
● عقيلة أحمد العلي
● عقيلة مرزوق عبدالوهاب المرزوق
● عقيلة سالم يوسف الحميضي
● الآنسة بدرية المرزوق
● الآنسة غنيمة المرزوق
● عقيلة مرزوق جاسم المرزوق
● الآنسة ريم خالد العدساني
● عقيلة أحمد السعود
الحكومة دأبت على رعاية الفساد والمفسدين.. بنظر د. أحمد الخطيب
24/10/2012 الجريدة 12:39:13 AM
الجريدة
رسالة إلى النظام!
د. أحمد الخطيب
التجمعات والمسيرات التي شهدتها الكويت السبت الماضي كانت فريدة في حجمها وتنظيمها، مفرطة في سلميتها وحضاريتها، وممثلة للجيل الشبابي الصاعد في طموحاته إلى حاضر زاهر ومستقبل واعد. فكانت بإعداده لها، ودعوته إليها وقيادتها معبرة عن نبله ونبل مبادئه منادياً “سلمية سلمية”. ما حدث كان صرخة ألم مدوية مطالبة بالإصلاح الشامل، ومحاربة الفساد والمفسدين، وتعبيراً عن غضب الشعب الكويتي على الأوضاع السيئة التي وصلنا إليها… لم تكن فقط بسبب الانتخابات أو الدوائر أو غيرهما من طموحات البعض ممن ليس لديه همّ سوى الوصول إلى الكرسي بأي ثمن – وهم موجودون مع الأسف الشديد، إلا أنهم معروفون، وقد عزلهم الشارع الكويتي، كما هو معلوم. لقد كان من المفجع والمؤلم أن يعامل هذا المظهر الحضاري الراقي بعنف مفرط، ينم عن جهل أو تجاهل تام لما وصلنا إليه من سوء في الأداء الحكومي، وعمى تام بالنتائج الحتمية لاستخدام العنف، فالعنف دائماً يولد عنفاً مضاداً يقفز المتطرفون إلى قيادته ليدمر الجميع. ألم يتعظ المسؤولون من أحداث سورية العزيزة، عندما استخدمت السلطات العنف ضد صبية عبروا عن “ضيق صدرهم” بما يجري من فساد دام سنين طويلة، عبروا عنه بعفوية الطفل البريء، فتحول هذا التعبير البدائي في درعا إلى ما نشاهده الآن من دمار كامل لن تعود منه سورية إلى ما كانت عليه. لقد خسرنا سورية التي نحبها ونفخر بها. لن ننقذ الكويت الا باتخاذ إصلاحات جذرية فورية، وأولها تغيير ثقافة الأجهزة الأمنية السائدة، وغرس منهج آخر يتركز على حماية الكويت وأهلها من الأعداء، لا ملاحقة وترويع المواطنين. وكذلك العمل على تطهير هذه الأجهزة من القيادات الفاسدة الجاهلة لمهمتها الأساسية الشريفة في حماية الوطن، وتشكيل حكومة تحب الكويت وجميع أهلها دون استثناء، يتولاها أشخاص معروف عنهم الكفاءة والنزاهة لتغيير المسار الحكومي، الذي دأب على رعاية الفساد والمفسدين طوال العقود الماضية. يا مسؤولون اتقوا الله واتعظوا بما يجري حولنا ولا تجعلونا جميعاً دون استثناء نخسر وطننا الذي نحبه وليس لنا غيره.
«الربيع العربي» ليس انقلاباً.. وهو طلب للحرية والكرامة
استقبل الدكتور أحمد الخطيب نواب كتلة الاغلبية وغيرهم من الشخصيات الذين شاركوا في التجمع في ديوانه بمبنى جريدة الطليعة، وتبادل الخطيب الاحاديث مع الحضور، مؤكداً ان «الربيع العربي» خلق انساناً عربياً آخر، حيث كان في السابق متعلماً على الذل والاهانة، ولكن «الربيع العربي» علمه ان للانسان كرامة يجب ان يضحي من اجلها. واضاف: ان كرامة الانسان هي ان تكون له حرية ولا يكون «خروفاً يجر الى المسلخ وهو ساكت!»، لافتاً الى ان قضية الكرامة هزت أكبر دول العالم مثل الصين التي اجبرت على اجراء تعديلات واصلاحات. وبين ان «الربيع العربي» ادى الى حدوث اصلاحات في كثير من دول العالم، معتبراً ان «الربيع العربي» غرس في نفوس الشباب الكرامة بعدما تعود على الذل وان يكون هناك شخص يقدسه، مؤكداً ان الربيع العربي ليس انقلاباً على الأنظمة بقدر ما هو طلب الحرية والكرامة بوسائل سلمية. واستدرك قائلا: في بعض المناطق دخل العنف في التظاهرات السلمية «وخربطها»، لذلك أقول لكم لا تستعجلوا التغيير، خصوصاً ان تغيير الانسان ومفهومه بالحياة يحتاج وقتاً، والعملية ليست سهلة. واضاف الخطيب: «خلونا نستفيد من التجارب الناجحة للشباب في كثير من دول العالم»، ونحن مستعدون ان نموت من اجل الكرامة، قائلا: نحن جزء من العالم الذي يقبل على حركة تغيير للافضل، لا يستطيع ان يوقفها أحد.
أحمد الخطيب يوضح ويشخص الحالة والحال بالأزمة السياسية بالبلاد
4/11/2012 بقلم الدكتور أحمد الخطيب 2:30:01 PM
لا شك في أننا نعيش حالة حراك شعبي واسع افتقدناه زمنا طويلا، حراك انغمست فيه شرائح المجتمع كلها وهذا برأيي يبشر - ان شاء الله - بمستقبل زاهر لهذا البلد الطيب مع أنه حراك بحاجة إلى التهذيب في لغة الحوار، والترفع عن الإسفاف وسوء الظن الآثم.
ان الخلافات وكثرة الاحتمالات تساعد على بلورة الرأي الصائب بعكس القوالب الجامدة أو المحكومة بنظريات يعتبرها أصحابها مقدسة غير قابلة للتغيير، لأن ذلك يولد قطيعا بشريا لا عقل ولا إرادة له.
أنا لدي رأي واضح في أمور بلدي ذكرته مراراً ومارسته بعناد مستمر رغم ما تعرضت له من أذى لانني كنت مقتنعا به ولا أزال ولم أحد عنه شعرة واحدة. ولكنني لا أدعي العصمة ولا الحصانة من الخطأ، فالكمال لله وحده.
قناعتي الأولى هي أن صيغة التعامل التي وضعها الأجداد لإدارة الدولة والتي جعلت الكويت تحتل المركز المتقدم الذي وصلت اليه، والتي وضعت بصيغة قانونية في دستور عام 1962 يجب المحافظة عليها والتمسك بها حتى في ظل وجود اختلافات مهمة في المجتمع، لأن التفريط في هذا العقد الذي تم بين الصباح وأهل الكويت الممثلين في المجلس التأسيسي سوف يؤدي إلى الاطاحة بالكويت شعبا وحكاماً ووطنا، وأي عاقل يدرس المحاولات الجادة في التخلص من النموذج الكويتي كثيرة بدأت بمحاولة الأصدقاء الأعداء في منع قبول عضويتها في جامعة الدول العربية - وهذا مع الأسف الشديد يجهله أغلبية الكويتيين حتى من المؤرخين، وما عليكم سوى مراجعة الوثائق الرسمية للحكومة الأميركية... وهنا محاولات أخرى غير هذه معروفة قام بها كل من عبدالكريم قاسم وصدام حسين.
والسؤال هل انتهت هذه المحاولات؟
ساذج من يعتقد ذلك، وأنا لا أرى مصلحة عامة في التوسع.
ولكن في كل هذه المحاولات وغيرها، كان تلاحم الكويتيين رغم كل خلافاتهم الدرع الحصين الذي حمى البلد. ونحن الآن بأمس الحاجة إليه في هذه المرحلة الخطرة التي تعيشها المنطقة برمتها.
هذا الوضع المميز بدأ يهتز بعد وفاة الشيخ عبدالله السالم عندما اتضح بأن بعد نظره هذا لم يكن مقبولا من قبل المتنفذين في العائلة، وعبروا عنه بكل وضوح بأغنيتهم المشهورة بعد وفاته مباشرة «راح عهد المزاح لما جانا صباح».
فتم انتهاج سياسة معادية للتيار الوطني الاصلاحي بكل فئاته، وتم التحالف مع القوى المتخلفة وعبدة المال والاحزاب الدينية المعادية للدستور. فأصبح هناك تلاق استراتيجي معاد للدستور.
وكما تم تسليم التعليم برمته للقوى الدينية لينتهي التعليم الوطني والولاء الوطني، تم تسليمها أيضا وسائل الاعلام والمساجد والبنوك والمؤسسات المالية -لأهمية المال للعمل السياسي كما هو واضح الآن.
وبهذا عمت سياسية فرق تسد بتخطيط مسبق ومتعمد، وها نحن الآن نعيشه ونتعرض لكل مخاطره المدمرة. لم تعد للدستور قيمة، ولا القوانين محترمة، ولا رادع لسرّاق المال العام، ولا أعتقد أن هناك اثنين يختلفان حول تقييم الاوضاع التي نعيشها، ومع ذلك كنا نخوض الانتخابات رغم معرفتنا بأن الحكم أصبح مشيخة لا قيمة فيه لمجلس الأمة ولاحتى لمجلس الوزراء.
كنا نخوضها لنستفيد من هامش الحرية المتوفر والاستفادة من التواجد في المجالس لبث الوعي، والالتصاق بالشعب وأحيانا للمساهمة في خلق وعي شعبي لتحقيق انجازات تاريخية لا بأس بها بالنسبة لثروتنا النفطية، أو تحسين أوضاع الشعب.
كان الفساد أقوى منا - خصوصا - بعد ان تم تحجيم القوى الوطنية في الوطن العربي كله فالتحالف الحكومي مع القوات الدينية كان هو المشروع الاميركي الذي طبق في كثير من الدول العربية أيام الحرب الباردة لمحاربة المعسكر الاشتراكي نعم كانت هناك معارك شعبية فزنا بها مثل 'نبيها خمسة' إلا أننا كنا ندرك بأنها لن تحل المشكلة، إنما قد تخفف اللعب في العملية الانتخابية بمعنى تصعب فيه عملية نقل الأصوات وشرائها فقط لا غير، لكنها ليست قضاء تاماً على التزوير الحاصل. والتعديل أيضا هو رفض لقرار المحكمة الدستورية الواضح أي إلغاء للسلطة القضائية وهو تعليق للدستور.
كذلك فإن الإصلاح لم يتم في خروج رئيس الوزراء وقلنا ذلك في وقته عندما قلنا 'ساذج من يعتقد ذلك فالفساد بدأ منذ عقود عدة قبل مجيئه'. ومن السذاجة المفرطة لا بل الخطورة أن يعتقد البعض ان العلة في الدستور، وكان الدستور العلة في تحقيق ما يطالبون به من إصلاح للسلطة التنفيذية (الحكومة).
ويعتقد السذج أن الحكومة جادة في محاربتها للأحزاب الدينية. فالتحالف قائم، وسيطرتهم على التعليم والاعلام والأموال لاتزال قائمة، ومقارهم الحزبية منتشرة في كل المناطق في الوقت الذي لا يزال المقر الوحيد للقوى الوطنية الاصلاحية - نادي الاستقلال - مغلقاً لانه ارتكب جريمة الدفاع عن الدستور بنظر السلطة!
إذاً لماذا أدعو للمقاطعة الآن؟ أليس هذا تناقضاً في الموقف؟ قد يكون هذا صحيحا لو أن هذه الانتخابات كانت عادية، فمن يقول ذلك لم يطلع على سبب الاهتمام العالمي بها، ولم يلاحظ أن الأحداث في الكويت أصبحت تتصدر وسائل الاعلام العالمية الرئيسية، وباتت تحظى بتغطية إعلامية لم تعرفها الكويت من قبل، فالعالم يريد أن يعرف هل الكويتيون أصبحوا من النضوج في فهم أسباب تخلفهم أم لا؟!!!
ما هي نسبة الوعي عند الكويتيين؟
هل هناك نسبة كبيرة تدرك بأن الوضع الموجود غير دستوري وغير قانوني ومرفوض من الشعب أما ان الشعب راض على الأوضاع السائدة؟ أي هل هناك جوع للكرامة كما هو موجود في المنطقة أم أن الثراء المادي هو ما يهمه فقط؟ أنا اعتقد بأن حصر الموضوع في العملية الانتخابية تستطيح لأهمية هذه الانتخابات، فلا تغيير الدوائر أو الأصوات سيغير أي شيء، إذ ستبقى تركيبة المجلس تمثله للوضع السيء الذي نعيشه، وهذا ما قلته مراراً وأكرره الآن. الرأي العام العالمي مهم جداً بالنسبة للكويت خصوصاً لأننا أدركنا أهميته جيداً في مساعدتنا على القضاء على المجلس الوطني، ونريده أن يكون لنا عونا في مسعانا الاصلاحي للكويت.
بقي السؤال الذي حيرني.. وهو قول البعض لماذا يظهر الخطيب في صورة مع رموز التيار الديني الذي طالما حذر من خطره على الكويت؟ أتعجب من قائل هذا الكلام الظالم! ألم تلاحظوا بأنني لم أشترك في كل نشاط عام أتواجد فيه؟ ألم تلاحظوا أن المرة الوحيدة التي شاركت فيها كانت أمام مجلس الوزراء وكنت وحدي مع الحراك الشبابي بناء على اشتراطي؟ صورة واحدة تنفي كل هذا يا ظالمين؟ ألم تسألوا أنفسكم أين كانت الصورة؟.
ألا يؤنبكم ضميركم على الانتقادات أو العتاب دون السؤال على الأقل، أو تريدون مني أن أتنكر لأفضل عاداتنا العربية في إكرام الضيف ثلاثة أيام على الأقل حتى لو كان قاتلاً لقريب وهم قد أتوا طواعية لديواني في الطليعة بالرغم من أي هدف آخر قد يقوله البعض؟
وماذا قلت لهم؟ لقد تقبلوا برحابة صدر ما قلته بضرورة التمسك بدستور 62 دون تعديل لخطورة ذلك على الكويت في ظروف قد يكونوا غير مطلعين عليها.
وكنت كعادتي ملتزما باحترامي وعفة لساني مع ألد خصومي السياسيين حتى لو كانوا سبباً في سقوطي في انتخابات عام 1981. ثم من قال بأن كل أعضاء التكتل هم أعداء للدستور وضد الاصلاح؟ أنا مع المقاطعة لأقول للعالم أجمع ما يريد أن يعرفه بأننا جياع كرامة لا جياع مال.
أنا أشكر الكثيرين ممن أغضبهم هجوم البعض علي وأقول لهم إنني تعودت على ذلك، فأنا لن أتردد مطلقا عن اتخاذ الموقف الذي اعتقد بأنه ضروري حتى ولو كان يسبب الأذى.
هل نسيتم الحملة الظالمة التي شنت علي بسبب عدم دعمي لصدام في حربه ضد إيران لأن تبرير الحل العسكري لحل الخلافات مرفوض، والكويت الصغيرة الضعيفة أول دولة في العالم ترفضه؟ الا أن العمى الطائفي طمس الحقيقة أنذاك احتلال صدام للكويت أثبت للجميع بأننا كنا على حق وهم على باطل. الله يسامحهم .
هاجم بلير ووصفه بالكذّاب الخطيب: خطر إقليمي يهدّد حقوق الكويت
أحمد الحيدر
أكد د. احمد الخطيب ان هناك قضية مهمة في الكويت يتغاضى الجميع عن طرحها لمصلحة قضايا اخرى اقل اهمية، الا وهي مستقبل الكويت، في ظل الصراعات الاقليمية، مشيرا الى ان الكويت من الدول «الزوري» التي قد تؤكل حقوقها وسط هذا الصراع، سواء انتهى الى الحرب او الى السلم.
وتابع ان الصراع الاقليمي يتفاقم بوجود من يصب «البنزين على الضو» في الكويت، ما يفقد التفكير العقلاني ويمنح المتطرف السلطة والقيادة باعتماده على العاطفة.
وعاد الخطيب في ندوة حملت عنوان «ثوابت وطن»، اقامها مركز الدراسات والبحوث، الى عام 1923 عندما اجتمع مسؤولو العراق والسعودية لتقسيم الحدود، ومثل الكويت آنذاك المندوب البريطاني فوكس، فمنح الطرفين ثلثي ارض الكويت وانحصرت مساحتها من 67 ألف كلم مربع، الى 17 ألف كلم مربع.
وردا على سؤال من احد الحضور حول رأيه عن تقرير رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير ورؤيته للكويت عام 2035، قال الخطيب ان بلير «رجل خطر، لانه يخفي مبادئه وفكره بطريقة غير محترمة».
واعتبر ان وجوده في الكويت بحد ذاته «مسبّة»، لانه رجل كذّاب، حسب وصفه.
وذكر الخطيب انه عندما اغتيل ناجي العلي أغلقت رئيسة الوزراء البريطانية -آنذاك- مارغريت تاتشر مكتب الموساد الاسرائيلي في لندن، بينما قام بلير عندما تولى مهام رئاسة الوزراء البريطانية بإعادة فتح المكتب.
وأشار الخطيب الى الدستور الكويتي، قائلا «عندما وضعنا الدستور عام 1962 كنا نخطط لتعديله نحو الافضل والمزيد من الحريات بعد 5 الى 8 اعوام، لانه مؤقت ويلبي الحد الادنى من المطالب في فترة الانتقال من المشيخة الى الدولة، ولكننا اليوم بتنا نتمسك بدستور 1962، خوفا عليه بعد ان كثر المنقلبون ضده» معتبراً ان ليس هناك شيء اسمه حل غير دستوري، وإنما هناك حل دستوري فقط، وانقلاب على النظام، كما حدث عامي 1976 و1986 عندما تم تأسيس ما يسمى بالمجلس الوطني.
وقال إن هناك من تعمد ان يجعل القانون والنظام «لا يمشيان» ويعلق الناس بأشخاص «يمررون شغلهم»، مبيناً ان المواطن العادي الضعيف عندما لا يجد الدولة تحميه، وتضيع فيها حقوقه، فإنه يبحث عن ظهر، سواء كانت القبيلة أو الطائفة أو العائلة.
وتطرق في حديثه عن المصالح الأميركية في المنطقة قائلاً: «الأميركان باعونا الباتريوت وبعد أسبوع أبلغونا بأنه لا يصلح» متسائلاً: إذاً لماذا باعونا الباتريوت؟ وتحدث الخطيب عن التيار الوطني في الكويت قائلاً انه انحسر لعدة أسباب لأنه يفتقد التنظيم، والبرامج تخطاها الزمن، بينما هناك قوى أخرى وهي التكتلات القبلية والطائفية، والأحزاب الدينية تحالفت مع النظام، وهي غير آبهة بالعديد من المبادئ الوطنية.
وتمنى الخطيب ان يكون الحل في جيل شبابي له أغلبية ساحقة وتفكيره ووسائله مختلفة، ويفهم طبيعة المرحلة، ويعرف كيف يتعامل معها لإعادة الكويت كما كانت.
وأشار إلى ان مجلس الأمة يضم عناصر ممتازة، ولكنهم لا يجدون الصيغة التي تجمعهم.
كأننا نعيش في حلم مرعب لا نصدِّق ما نراه من تصرُّفات شاذة، على جميع المستويات، لم نعهدها قط في بلدنا الكويت، ولم نسمع عمَّا يماثلها في تاريخنا الطويل.
فبعد أن تحوَّلنا إلى دولة فاشلة في كل المجالات، ووفقاً للمقاييس الدولية المهمة، عمَّ فيها الفساد، حتى أصبح أمراً طبيعياً ومعترفاً به، ويتحتم التعايش معه. بعد كل هذا فوجئنا بما لم نحلم به، من تدهور لقيمنا ولتقاليد كنا نفتخر بها عقوداً طويلة، عندما كنا ملاذاً لدعاة الإصلاح في المنطقة، للمضطهدين في بلدناهم ينعمون بكرم الضيافة من أهلنا، على الرغم من كوننا تحت الحماية الأجنبية.
الآن، أصبحنا وكلاء للأنظمة المستبدة في معاقبة المصلحين في بلادهم، حتى الذين لا يُلاحقون في بلدهم ويتحرَّكون فيها بحرية، نجدهم يتعرَّضون عندنا للتوقيف والتحقيق والإهانة وعدم السماح لهم بدخول الكويت. والمخجل أن كُتباً لبعضهم تباع في بلادهم، وتُمنع في الكويت، من دون أن تكون للمادة التي فيها أي تعرُّض لأوضاعنا!
لقد أصبحنا «البوليس» الرسمي لهذه الدول، نقوم بمعاقبة كل من يدعو إلى الإصلاح، بعد أن كنا حماة للإصلاحيين، ونتحوَّل إلى ما يشبه «ممشة زفر» لهذه الأنظمة.
فلا نستغرب إذن ما نشاهده الآن على الساحة الكويتية من التضييق الشديد على الحريات ومطاردة ومعاقبة الشباب المسالم المطالب بالإصلاح، كما يجب ألا نستغرب التعذيب الذي يلحق بهم على أيدي بعض رجال الأمن، ممن لا إنسانية لديهم، على الرغم من التصريحات المتكررة للمسؤولين بالاهتمام بالشباب والاستعداد للاستماع لهم وتلبية مطالبهم المشروعة، فحرموا من حقهم الدستوري الواضح في التجمُّع والتظاهر أو الاعتصام أو ما شابه ذلك، مادام هذا الحراك يجوز سلمياً، ولا للسلطات أن تقول إن ذلك يجب أن يتم وفق قوانينهم غير الدستورية أو أوامرهم «الهيمايونية».
لماذا يتم استفزازهم ويُواجهون بوحشية مُفرطة؟
لماذا تُعطى الصلاحيات لعناصر متوحشة لتتحدَّى رؤساءها وتلقى التأييد والمكافأة، لا، بل تُنتقى لتُرسل للخارج، للتدريب على الطرق الحديثة في التعذيب؟
وقوائم الشباب من المرشحين للتعذيب والتحقير والتوقيف طويلة وتمدد من دون مبرر، وكل ذلك لإشاعة الرعب بينهم.
اسألوا بشار الأسد عن نتيجة هذه السياسة التي تم التعامل بها مع حراك طلاب درعا، وما أدَّت إليه.
الظاهر أن الزيارات المتبادلة بين بعض مسؤولي المنطقة وأميركا وأوروبا أسفرت عن تفاهم معيَّن، يقضي بأن يسمح للمسؤولين في المنطقة أن يلتزموا بـ«كوتا» محددة في التعذيب والقتل، كل وفق حجم سكانه، من دون التعرُّض للمساءلة، وذلك مقابل المساعدة على تخفيض المعاناة المالية التي تعانيها هذه الدول، فيُستفاد من تضخيم إيرادات النفط المتوافرة حالياً، وضمان أسعاره، بما لا يشكِّل عبئاً على هذه الدول، في حين تتحمَّل شعوب هذه المنطقة الثمن الذي نراه حالياً.
ألا يرى كل ذي عقل أن ما يحصل هو محاولة بائسة لوقف مسيرة التاريخ، وأن النصر الأكيد للشعوب، وأن هذا التحدي سوف يؤدي إلى تحدٍ أكبر وأعنف مما هو حاصل؟!
ألا يُدرك بعض المسؤولين ممن يملكون الحكمة أن رعونة بعضهم لن تؤدي إلا إلى الدمار والخراب؟
ولا نقول إلا «حسبي الله ونعم الوكيل».
الله يستر!
ما ذكره أوباما في خطابه الأخير حول تطوُّر قدرات الولايات المتحدة في مجال إنتاج النفط والغاز، واستغنائها عن دول الخليج النفطية، أثار قلقاً وهاجساً لدى «الربع» في المنطقة.
د.أحمد الخطيب
ندوة «دستورنا سورنا»: الدستور مستهدف
الخطيب: الظروف الإقليمية خطيرة فلا تعبثوا بالدستور
الخطيب
د. احمد الخطيب، استهل مداخلته بالقول ان دستور 1962 لم يتم تعديل اي بند من بنوده منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، وهذا هو الدستور الذي اوجد الكويت التي نفتخر بها حاليا، والتي اصبحت مضرب المثل في الجزيرة وعربيا وصارت فيها النهضة الشاملة في المجالات كافة في الرياضة والادب والفن والسياسة، والسيطرة على ثروتنا النفطية واستفادت دول النفط كلها من هذا الانجاز الدولي، والنشاطات التي كانت موجودة والتي كان تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني، اضافة الى الموقع الذي وصل اليه الكويتيون في اتحاد العمال العرب، واتحاد العمال الدولي، والصحافة وانتخب المرحوم سامي المنيس نائب الرئيس.
لقد وصلنا الى مراكز متقدمة في ظل الدستور، وكل ما حققناه كان في ظل دستور 1962، والذي كان خلاصة تجربة الكويت منذ نشأتها، وقبل ان يأتي آل الصباح الى الحكم.
والآن ما الذي تغير؟ هل تحول هذا الدستور الذي حقق لنا كل هذه الامجاد الى مشكلة؟ ما هي هذه المشكلة؟
هي مشكلة بالطبع بالنسبة الى الذين لا يحبون هذا الدستور.
يجب الا ننسى انه عندما توفي المغفور له الشيخ عبدالله السالم ظهرت الاغنية المشهورة التي غناها عوض الدوخي ويقول فيها «راح وقت المزاح لما يانا الصباح»، بمعنى ان عهد عبدالله السالم كان مزاحا، وبالتالي فان هذا العصر كما يقال كان محكوما عليه وبالنسبة اليهم طامة كبرى، وتم سحبها بسبب الغضب الشعبي.
خلاصة القول ان النية كانت مبيتة للتآمر على الدستور، ورفضه لم يأت الآن ليس لان هذا الدستور اصبح العامل المخرب لكل شيء.
اذا، منذ البداية كان هناك من يرفض هذا الدستور، وهذا برأيي نوع من عدم الفهم السياسي، فعبدالله السالم حين وافق على هذا الدستور لم يكن يتطلع فقط الى مصلحة الكويت، بل ايضا الى مصلحة الاسرة الحاكمة، كان شخصا حكيما وبعيد النظر ويقرأ المستقبل، وبالتالي كان يريد لحكم آل الصباح ان يستمر، وان لا تكون نهاية الحكم كنهاية الكثير من الانظمة الحاكمة في العديد من الدول. ولهذا على آل الصباح اليوم أن يدركوا ان هذا الدستور وضع لما فيه منفعتهم وبقاؤهم وليس ضدهم، ماذا يريدون أكثر من أن يكون جميع الكويتيين موافقين على هذا الموضوع، وأن تكون المادة الخاصة بهذا الشأن من المواد التي لا يمكن تعديلها حتى ولو اجتمع المجلس كله والحاكم نفسه لتعديلها لأنها مادة غير قابلة للتعديل.
دستور مؤقت
إن دستور 1962، كما قلنا هو دستور مؤقت، فالانتقال من وضع عشائري الى وضع ديموقراطي دفعة واحدة أمر غير ممكن وخارج عن مفاهيم المجتمع في ذلك الوقت، وكثير من الناس لم يكونوا مستعدين بعد لنقلة نوعية كهذه.
منذ 1938 لم تخلُ دائرة من فرد من الأسرة، وأصبحوا يمسكون بزمام الإدارة في البلاد وهم «الكل في الكل» ولفترة طويلة، كما باءت بالفشل محاولات عبدالله السالم في الحد من ذلك (ولم يكن يريد اللجوء الى العنف بالطبع) أو التخفيف منه (بإنشاء مجالس منتخبة مثلا)، ولهذا انتخب الكثير من المجالس في تلك الفترة وتم حلها لأن الكثير من الشيوخ المسؤولين عن الوزارات لم يكونوا قادرين على فهم ان هذه المجالس المنتخبة لديها الحق في النقاش واتخاذ القرار.
في ظل ذلك، كان الانتقال الى وضع ديموقراطي عملية صعبة، وعلينا ألا ننسى أيضا انه حين كان يتم الحديث في ذلك الوقت عن الديموقراطية والمشاركة كانت للنخبة وليس للشعب الكويتي، النخبة هي التي كانت متمسكة بهذا الموضوع لأن هذا هو تاريخ الكويت.
ولها الفضل الكبير لما حققته عبر تضحيات كبيرة يعرفها الجميع، غالبية الشعب الكويتي في تلك الفترة كان منشغلا بلقمة العيش نظرا للفاقة التي كان يعيش فيها، وهنا كان مهما بالنسبة لنا ألا يبقى هذا القطاع من الشعب - الذي كان يمثل الأغلبية - مهمشا وغير منضوٍ تحت مفهوم المواطنة بمعناها الحقيقي. وقانون الغوص أكبر دليل على هامشية ذلك القطاع.
دور الأغلبية المهمشة
وأضاف الخطيب: لهذا كان همنا انه في تلك الفترة ولكي يصبح هناك تطور، ان يكون لهذه الأغلبية المهمشة دور، الدستور اعطاها دورا، ولكن هذا لا يكفي فليس معقولا ان يقرأ كل فرد مواد الدستور ويفهمها، المهم ان يحس بمدى الافادة التي تعود عليه من هذا الدستور، لذلك ركزنا على المجموعات الشعبية وأدخلناها في العملية الانتخابية، وهنا شعر هؤلاء الناس أن أوضاعهم تغيرت، فبدلا من العمل بنظام «اليومية» أصبح هناك توظيف ونظام تقاعد وقوانين تحمي العمال، كما شعروا بانه أصبحت لديهم قيمة وكلمة ويحظون بالاحترام، لأنهم بدأوا يشكلون ثقلاً سياسيا لم يكونوا يتمتعون به في السابق. وقد تجسد هذا الثقل السياسي بحق التصويت.
هذا الثقل كان واضحا في أول مجلس للأمة، حيث نجح كل من تم ترشيحه في هذه المناطق، أي منطقة كيفان، خيطان ومنطقة النقرة وحولي.
في تلك الفترة بالذات، فكرنا بأن تعديل الدستور نحو الأفضل سيأتي مع هذا الوعي الشعبي، فعندما يكون هناك وعي وتمسك بالدستور يصبح للدستور قيمة، لا يمكن ان يكون للدستور قيمة الا اذا تمسك الناس به لشعورهم بأنه موجود لمصلحتهم ولكرامتهم ولمعيشتهم، فيصبح هذا العنصر ضرورياً.
وتابع الخطيب: لوعيهم بهذه المعادلة ولادراكهم بأنهم لن يتمكنوا من تحمل ما سيأتي في مجلس عام 1967 قام اعداء الدستور بتزوير الانتخابات بالتأكيد ليس لأن ما سيأتي سيهدد النظام.
فليس هناك اي احد ولا يمكن لأي عاقل في الكويت ان يهدد النظام، الكويت عائلة واحدة، مرتبطة بمصير واحد ثبتناه بالدستور كي لا يتغير شيء، إذاً لم يكن هناك تعديل، المشكلة انهم لا يريدون الدستور ولا يريدون المشاركة وحينما اكتشفوا انه بانتخابات 1967 سيكون للقوى الوطنية ليس اقل من 32 مقعدا، عمدوا الى التزوير بشكله البدائي والسمج الذي تم حينها والذي وصفه مراسل مجلة Time Magazin عندما شاهد عناصر من الشرطة تدخل لسرقة صناديق الاقتراع ب Desert ،Democrcy (ديمقراطية الصحراء) وحينها منعوا توزيع المجلة في الكويت. ولما اكتشفوا انها توزع سبع نسخ في الكويت فقط وهي التي تبيع الملايين عادوا عن هذا القرار المعيب.
اذاً بعد فشل كل المحاولات لتعديل الدستور، تم العمل على استهداف المجلس وتشويه سمعته، عن طريق اختيار اشخاص كان من الممكن ايجاد افضل منهم، وبالتالي المسؤول هو من اوجد هذه المجالس.
تخريب التعليم
علاوة على ذلك، تم تخريب التعليم وضرب القوى الوطنية والقومية في الوطن العربي كله وليس فقط في الكويت بقرار اميركي، تحالف الحكام مع الحركة الدينية لمواجهة المعسكر الاشتراكي، وهذا ما حدث مثلا في مصر والاردن وفي دول الخليج وبدأ تخريب التعليم، فالتعليم بدلا من ان يربي اولادنا على الديموقراطية وحب الوطن والاخلاص له، جاء ليضرب هذه المفاهيم كلها وليزرع مبدأ الولاء للغير.
اذاً تخريب التعليم هو جزء ايضا من تخريب العملية الديموقراطية ونسف دستور 1962 ما نراه مدبر وما يقال عن ان القضية اساسها المجلس عار عن الصحة، فالمشكلة في من يقوم بتخريبه بعد الفشل بتنقيحه.
وقال الدكتور أحمد الخطيب ان دستور 1962 تم الغاؤه من قبل ادارة الفتوى والتشريع عام 1976 عندما افتت بحق الحكم بالغاء الدستور لانه كان هبة من الحاكم ومن حقه ان يسترد هذه الهبة متى ما شاء.
وتمادت هذه الادارة في معاداتها للدستور عندما ذهبت للمحكمة الدستورية وتحدت الرغبة الأميرية في اعطاء المرأة حقوقها السياسية عندما كان الامر معروضا امام المحكمة الدستورية بطلب من بعض الناشطات الكويتيات، وتمكنت هذه الادارة من افشال سعي الأمير الى اعطاء المرأة الكويتية حقوقها السياسية.
كذلك فان المحكمة الدستورية نفسها اكدت حق الحكومة باصدار ما تشاء من القوانين اثناء حل المجلس، وكذلك منعت المجلس بعد عودته من النظر في هذه القوانين عندما طلب مجلس 1996 ذلك، وهكذا وضعت لنا المحكمة الدستورية دستوراً آخر لا علاقة له بدستور 1992.
ولم يقف الاعتداء على الدستور عند هذا الحد، بل ظهرت علينا وزارة الاوقاف بفتاويها، التي جعلتها سلطة فوق الدستور ومعطلة للقوانين، وشاهدنا احكاماً قضائية تصدر لا علاقة لها بالدستور ومخالفة لنصوصه.
ومع كل هذا يتهمون الدستور بانه وراء كل مشكلاتنا وهو مدفون من عام 1967.
يخرجونه من القبر عند الحاجة اليه مثلما حصل وقت الاحتلال في مؤتمر جدة ثم يعودون لدفنه مرة اخرى.
ثورة شبابية
قال د. أحمد الخطيب أعتقد أن من يفكرون بهذه الطريقة، فإنهم لا يعيشون في القرن الواحد والعشرين، وأعتقد أنهم كلما غابوا أو غيبوا عما يجري في العالم صارت كارثة بالنسبة إليهم، فهذا هو التاريخ ومجرى التاريخ، كلما صار التمادي أكبر، وكلما ازداد عدم الفهم لتطور التاريخ، أصبح الثمن أغلى، والعاقل يتعظ مما يجري حالياً.
العالم اليوم ليس كما كان في السابق، بالعكس الآن هناك ثورة شبابية تعم العالم أجمع.
ولن يستطيعوا رد العالم من القرن الواحد والعشرين الى قرن الجاهلية.
* الديموقراطية ليست بدلة زينة بل ثقافة متأصلة في المجتمع
* أهمية الاستجواب في أنه بداية المجابهة لكل مسعى للعبث بالدستور
* احترام نظامنا الدستوري مبعث فخرنا.. والتجاوب الشعبي يؤكد سيرنا على الدرب الصحيح
لنتوقف قليلاً كي نتفهم أهمية هذا الاستجواب التاريخي، فنجاحه أو فشله لا علاقة له بنجاح أو فشل طرح الثقة. وبقاء رئيس مجلس الوزراء أو ذهابه لن يغير شيئاً، لا بل قد يقول الكثيرون إنه لن يأتي أحد أفضل منه.
النجاح في هذا الاستجواب هو تأكيد أهمية احترام الدستور والقوانين، وفرض هيبة النظام الدستوري، ومحاسبة كل من يحاول ان يتطاول عليه، فالديموقراطية ليست بدلة زينة تلبس في المناسبات فقط، بل ثقافة متأصلة في المجتمع لتوفر للشعب حياة كريمة تحفظ حقه في المشاركة الحقيقية في اتخاذ القرار، فلا مساومة في هذا الحق. وكل من يتعدى على الدستور والقانون ينال جزاءه العادل، من دون استثناء.
فلا يقبل أبداً أن تُمس حصانة النائب التي كفلها الدستور وأكد عليها، هذا ما كنا نتفاخر به في السابق عندما تبوأنا مركزاً مميزاً في محيطنا البائس، اعترف العالم به، وعلينا ان نعمل بعزيمة لا تعرف الكلل لاستعادة تلك الأمجاد التي عشناها، ونرفض كل ما يشوّه صورتنا أمام العالم ويجعلنا أضحوكة للجميع،
كما ذكرت مجلة TIME الأميركية بعد تزوير الانتخابات عام 1967 ان انتخاباتنا كانت خاصة، واسمتها بتهكم «ديموقراطية الصحراء».
ان هذا الاستجواب، بحد ذاته، ودعوته الى محاسبة كل من يتعدى على نظامنا الدستوري، هو البداية للمجابهة الشجاعة لكل من يحاول ان يعبث بهذا النظام.
وبحسب هذا المقياس، يكون الاستجواب ناجحاً، ولا يهم عدد المؤيدين أو المعارضين، أو كثرة الداعمين له أو قلتهم.
ان التجاوب الشعبي مع هذا المسعى، الذي شمل جميع مناطق الكويت، يؤكد أننا سائرون على الدرب الصحيح لتحقيق الإصلاح الذي يريده المخلصون لهذا البلد.
الاعتصام التضامني دفاعاً عن الحرية في منطقة الأندلس: الخطيب: سلاحهم التقسيمات.. وسلاحنا التصدي للتخريب
• الخطيب مشاركا في الاعتصام
مبارك العبدالله
اكد المتحدثون في الاعتصام التضامني دفاعا عن حرية الرأي انهم لا يدافعون فقط عن الكتاب، وإنما ينصب دفاعهم عن الحرية وهي الأمر الوحيد الذي لا يمكن ان يتنازل عنه الشعب الكويتي.
وابدى المتحدثون في الذين احتشدوا في ديوانية النائب مسلم البراك بمنطقة الأندلس مساء أمس الأول تخوفهم من ان تكون سياسة مقاضاة الكتاب هي بداية خطط الدولة البوليسية.
ولم تخل الندوة التي شارك بها د. احمد الخطيب من اتهامات للحكومة بأنها تقف وراء رفع قضايا ضد اصحاب الرأي، مشيرين إلى ان هذا الأمر لم يبدأ إلا في عهد الحكومة الحالية، واكد المتحدثون في الندوة ان هناك سلسلة ندوات اخرى تتضامن مع حرية الرأي، موضحين ان الندوة القادمة ستكون في منطقة العقيلة.
لا خوف على الحرية
واكد النائب السابق د.احمد الخطيب ان هذا الجمع الكبير يعطيني الثقة بأن قضية الحرية وقضية الكويت الديموقراطية حية ولا خوف عليها.
واضاف: لا أحب تكرار الكلام، لكن ما أراه وألمسه أينما كنت يؤكد لي إمكانية هذا الشعب بكل فئاته بأنه قادر على المسؤولية.
وشدد على ضرورة التصدي وعدم التفرج على التقسيمات التي يحاولون فرضها على المجتمع والتي تعتبر سلاحهم، موضحا في الوقت نفسه ان سلاحنا هو مقاومة عملية التخريب في المجتمع الكويتي.
وتابع: كلنا نؤمن بنظامنا الديموقراطي، ورجائي واملي ان يكون هذا نصب اعيننا، فلنقاوم كل محاولة للتفريق ولنتوحد جميعا للدفاع عن كرامتنا ومستقبلنا.
واستطرد قائلا: أملي منكم جميعا ان نسعى قدر الإمكان ان نتحد حتى نحمي حريتنا وبلدنا، موجها حديثه إلى فئة الشباب: انتم الحاضر والمستقبل واملي كبير فيكم والتواصل بينكم ضروري.
واكمل: ارفضوا التفرقة، واليد الواحدة «لا تصفق»، فلنلتفت عن بعض الصغائر، ونقاط التفاهم كبيرة، وليكن حبكم للكويت وللحرية وللمساواة والدستور، فهذا ما يجمعكم، وأعملوا بكل جهد للملمة الصف، ويجب ان نضع حبنا للكويت دائما امام اعيننا.
وصف بعض حراكهم بأنه «لعب يهال» الخطيب: نمر بأسوأ الأوضاع وانقسام الحراك الشبابي.. فشَّلنا
الخطيب متحدثاً في الجلسة الحوارية
عبدالله القطان
انتقد د. أحمد الخطيب الوضع الحالي قائلا إنه الأسوأ «ما في ألعن من الوضع الذي نحن فيه»، منتقدا الحراك الشبابي الحالي في البلاد، لانشغالهم بالصراعات الداخلية.
ووجّه الخطيب حديثه للحراك الشبابي، قائلا: «عيب عليكم أن تكونوا في هذه الصورة، وفشّلتونا.. وهذا لعب يهال».
ووصف الخطيب، في الجلسة الحوارية، التي نظمتها رابطة الشباب الكويتي أمس في الجمعية الثقافية النسائية، هؤلاء الشباب بأنهم غير ديموقراطيين، لأنهم لا يحترمون آراء من يختلف معهم، قائلا: «كل مجموعة شبابية اختلفت تتفرّق، ومن ثم تُكّون أحزابا سياسية اخرى».
انسوا الخلافات
وطالب الخطيب الحراك الشبابي بأن يتحد، وأن يكون منظماً ويضم الكفاءات، وان ينسى الخلافات كي لا يضيع البلد، مؤكدا انه لا توجد في الفترة الحالية قوى شبابية على الساحة قلبها على البلاد، قائلا: «على الشباب أن يصحوا حتى لا يسجل التاريخ أنهم خذلوا البلاد، وهم الحاضر والمستقبل».
كما طالب الخطيب الحراك الشبابي بأن يكون حضارياً، محذراً إياهم «إياكم والعنف، حتى لو اعتدوا عليكم لا تردوا بالمثل، فمقبرة الحراك هو العنف».
وقال الخطيب إن العرب أمة تعودت على ان تقاد من قبل زعيم او قائد، وتكون كالقطيع وهذا المفهوم علّمنا حياة الذل، مؤكدا ان كرامة الإنسان اهم من ماله.
ثورات الربيع
وتطرق الخطيب الى الثورة العربية الربيعية الحالية، التي تحدث في عدة دول عربية، قائلا: إنها ليست ثورة جياع وفقر بل ثورة كرامة انسان، وكل الذين قادوا هذه الحركات الربيعية ليسوا فقراء، مشيرا الى ان هناك من يعتقد أن ما حدث في تونس لن يتكرر في اي دولة اخرى، ولكن سرعان ما انتقلت الثورة من المغرب العربي الى الخليج، وأصبحت الثورة الربيعية قضية عالمية، حيث خلقت عالماً جديداً.
من جهته صرح عضو مجلس الأمة الأسبق، د. خالد الوسمي: ان الحراك الشبابي هو نهر الحياة، والشباب هم القيادة في الحراك، وعليهم ان ينقذوا البلد من الازمة السياسية الحالية، ولكن بشكل سلمي.
الخطيب يذكرنا بحل مجلس 86 مع أجواء مجلس الصوت الواحد وتعليق الدستور
14/5/2013 الطليعة - مقال يفرض نفسه 1:58:47 PM
د.أحمد الخطيب
هل نحن أمام كارثة أخرى؟
بقلم: د. أحمد الخطيب
في عام 1985 غضب رئيس الوزراء على مجلس الأمة، لاستجواب قُدّم ضد أحد المسؤولين عن أزمة المناخ من الوزراء الشيوخ، وسافر خارج الكويت محتجاً، وأثناء العطلة البرلمانية عاد وأعلن عن قراره بحلّ المجلس، ما كان مفاجئاً للأمير، الذي اعترض للتعدي على صلاحياته، فتم التراجع.. لكن مؤقتاً.
وفي عام 1986، فوجئنا بسلسلة من الاستجوابات لوزراء عدة، مقدَّمة من النواب المحسوبين على الحكومة، الذين دعوا للاجتماع بينهم، للاتفاق على التعاون، لإنجاح استجواباتهم.
وعندما أدركنا بأن هناك خطة للإطاحة بالمجلس، حاول سامي المنيس إفشالها، إلا أننا وجدنا أن رئيس الحكومة اتخذ قراره بحلّ المجلس، ورفضه لأي حلّ آخر.
وكانت المفاجأة الكبرى، أن القرار الذي اُتخذ، هو إنهاء مسيرة الديمقراطية الكويتية، وإلغاء دستور 62، وتأليف مجلس وطني يضع دستوراً آخر، اتضح بأنه مجلس استشاري لا صلاحيات له.
وهكذا، انتصرت عناصر من النظام، التي رفضت صيغة المشاركة في الحُكم التي ارتضاها الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، ولم نفاجأ حينها بفرحة وتهليل بعض الأنظمة الخليجية لهذه الخطوة.
فهل نحن الآن أمام إعادة لمشاهدة المسرحية ذاتها، مع تغيير المشاركين، بعد أن تم تسريب عن تشجيع مبطن من قِبل مسؤولين في السلطة والمجلس لهذه الاستجوابات.
هنا لا يستطيع أي مراقب إلا أن يربط ذلك بالحماس المنقطع النظير لدول الخليج العربية تجاه الأمن الموحد والإعلام الموحد، فهل تمَّت دراسة وفهم المزاج الشعبي وردود الفعل المنتظرة؟
المتربصون بالكويت ومسيرتها الديمقراطية فسَّروا الصراع الداخلي لمصلحة مخططاتهم بالنسبة للكويت، ولم يفهموا طبيعة أهل الكويت.. نعم يختلفون أحياناً، إلا أنهم دائماً يتحدون لمواجهة أي خطر يهدد بلدهم، ولا يمكن أن يسمحوا للخارج بأن يستغل خلافاتهم لإيذاء بلدهم.. وهذا درس لقناه لمن أرادوا سوءاً للكويت عام 1990، نأمل أن يدركه الآخرون، مع أننا ندرك حساسية وخطورة الصراع الإقليمي المحيط بنا وشهية البعض لكياننا.
آمل أن تسود الحكمة، ونتعظ بما مرَّ علينا من مصائب، لنتفاداها، وإن شاء الله يأتي من يقول لي ' فال الله ولا فالك، وأنت غلطان بتحليلك'، فأقول له ' الله يسمع منك، وأكون سعيداً بذلك' .
وهذا ممكن من خلال التزامنا بأحكام الدستور، وإيماننا بالمشاركة، ونبذنا سياسة ' فرّق تسد ' ، وأن يكون الولاء للوطن وليس للأشخاص، ليوضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
بالرغم من تحفظي المعروف عن تصرفات البعض وأجنداتهم الخاصة والنأي بنفسي عن نشاطات لا أقتنع بها، فإنه لا يمكنني أن أغض الطرف عما حدث يوم الأربعاء الماضي بعد أن تأكدت أنا شخصياً من حقيقة ما حصل.
وأولها أن اقتحام القوات الخاصة غير مبرر إطلاقاً، فهناك جهات قضائية وأمنية أخرى منوط بها إبلاغ قرار المحكمة وتنفيذه. فهل فشلت هذه الجهات في القيام بدورها أو أنها منعت من ذلك؟ ثم لماذا تم اقتحام البيت ولا أقول التجمع بالقوة، وترويع النساء والأطفال الموجودين في البيت، وبعثرة وتدمير بعض محتوياته حتى ملابس النساء لم تسلم من هذا العبث؟
أليس من العيب والاستهتار نفي ذلك تماماً كما حصل عند نفي الاعتداء على الموجودين داخل ديوان جمعان الحربش، والاعتداء على النائب السابق عبدالرحمن العنجري وضربه رغم معرفتهم بأنه نائب يتمتع بالحصانة البرلمانية، مستهزئين بالحصانة والنيابة والدستور؟ إذن ما هي شرعية هؤلاء؟ من لقنهم احتقار الدستور والنظام الديمقراطي؟
الحكمة والعقل هي مسؤولية النظام بالدرجة الأولى، فلا يواجَه تهور شخص أو مجموعة بتهور مضاد، لأن ذلك قد يؤدي إلى دمار يفتح ثغرات لتدخل خارجي لا تعرف أهدافه الحقيقية، والمنطقة تمر بظروف خطيرة لا نعلم مدى تأثيرها على أوضاعنا.
هل تمت معاقبتهم؟ ومن درسهم ذلك؟ أليس من حقنا أن نتساءل عن هذا الجهاز الأمني وتصرفاته البشعة، وعن دوره ومهمته في بلد يتشدق المسؤولون فيه بالديمقراطية والحرية والإنسانية؟
لم أستطع إلا أن أربط ما جرى بسياسة جديدة أخذت تتضح ملامحها تريد إشاعة الخوف والرعب في المجتمع من احتفالية سمجة بإعدامات مقززة وقوانين إعلامية لتكميم أفواه الناس وخنق أجواء الرأي وكل منابع الإبداع.
هل المطلوب من الكويت أن تباري المنظومة الخليجية في منهجها بعد أن نجحت في تقسيم الكويت إلى مجموعات متنافرة متصارعة، مزقت نسيجها الاجتماعي الجميل؟ أليس في ذلك هلاك أكيد إن لم يتم تداركه؟
لماذا كل هذه المصائب؟ هل هناك أهداف خفية لا يمكن تحقيقها إلا في ظلام دامس لا سمح الله؟
إنني أكرر ندائي إلى الجيل الشبابي الواعد أن يلم صفوفه، ويقود الفزعة المطلوبة لإنقاذ البلد بالتعاون مع كل المؤمنين بالديمقراطية ودستور 1962، وذلك بكل الوسائل الحضارية السلمية ليعيد النسيج الاجتماعي إلى طبيعته الجميلة المنسجمة المتناغمة التي توجت الكويت أميرة على الخليج كله وأبعد.
التجمعات والمسيرات التي شهدتها الكويت السبت الماضي كانت فريدة في حجمها وتنظيمها، مفرطة في سلميتها وحضاريتها، وممثلة للجيل الشبابي الصاعد في طموحاته إلى حاضر زاهر ومستقبل واعد. فكانت بإعداده لها، ودعوته إليها وقيادتها معبرة عن نبله ونبل مبادئه منادياً "سلمية سلمية".
ما حدث كان صرخة ألم مدوية مطالبة بالإصلاح الشامل، ومحاربة الفساد والمفسدين، وتعبيراً عن غضب الشعب الكويتي على الأوضاع السيئة التي وصلنا إليها... لم تكن فقط بسبب الانتخابات أو الدوائر أو غيرهما من طموحات البعض ممن ليس لديه همّ سوى الوصول إلى الكرسي بأي ثمن - وهم موجودون مع الأسف الشديد، إلا أنهم معروفون، وقد عزلهم الشارع الكويتي، كما هو معلوم.
لقد كان من المفجع والمؤلم أن يعامل هذا المظهر الحضاري الراقي بعنف مفرط، ينم عن جهل أو تجاهل تام لما وصلنا إليه من سوء في الأداء الحكومي، وعمى تام بالنتائج الحتمية لاستخدام العنف، فالعنف دائماً يولد عنفاً مضاداً يقفز المتطرفون إلى قيادته ليدمر الجميع.
ألم يتعظ المسؤولون من أحداث سورية العزيزة، عندما استخدمت السلطات العنف ضد صبية عبروا عن "ضيق صدرهم" بما يجري من فساد دام سنين طويلة، عبروا عنه بعفوية الطفل البريء، فتحول هذا التعبير البدائي في درعا إلى ما نشاهده الآن من دمار كامل لن تعود منه سورية إلى ما كانت عليه. لقد خسرنا سورية التي نحبها ونفخر بها.
لن ننقذ الكويت الا باتخاذ إصلاحات جذرية فورية، وأولها تغيير ثقافة الأجهزة الأمنية السائدة، وغرس منهج آخر يتركز على حماية الكويت وأهلها من الأعداء، لا ملاحقة وترويع المواطنين.
وكذلك العمل على تطهير هذه الأجهزة من القيادات الفاسدة الجاهلة لمهمتها الأساسية الشريفة في حماية الوطن، وتشكيل حكومة تحب الكويت وجميع أهلها دون استثناء، يتولاها أشخاص معروف عنهم الكفاءة والنزاهة لتغيير المسار الحكومي، الذي دأب على رعاية الفساد والمفسدين طوال العقود الماضية.
يا مسؤولون اتقوا الله واتعظوا بما يجري حولنا ولا تجعلونا جميعاً دون استثناء نخسر وطننا الذي نحبه وليس لنا غيره.
انتفاضة الحرية والكرامة الشبابية يوم الأحد 21 أكتوبر فاجأت الكثيرين في ضخامتها وحسن تنظيمها وسلميتها، وأبهرت الجميع سواء داخل الكويت أو خارجها.
فقد أبرزت الوجه المشرف للكويت، ما جعلها تحتل مركزاً مميزاً في المحيط العربي والدولي، وتحظى بإعجاب عالمي ساعد في حمايتها من أطماع أعدائها المعروفين، الذين برزوا في أكثر من مناسبة.
لكن هذه الصرخة العالية ضد الفساد والمفسدين أرعبت أعداء الحرية والكرامة داخل الكويت وخارجها.
هذه القوى المعادية لم تتوان عن الاستنفار لإجهاض ما تم إنجازه، وكل حسب أجندته الخاصة، فبعض قوى الجهالة في قيادة الأجهزة الأمنية، التي تعيش في عصور الظلمات، ليس في قاموسها شيء اسمه الحرية أو الكرامة، وتريد تكريس مفهوم العبودية والتابعية والطاعة العمياء، لقد كان بإمكانها تطويق العناصر المندسة أو المخربة، وعزلها بهدوء دون معاقبة المسالمين، فعناصر كهذه دائماً ما تكون موجودة في كل تجمع كبير لأغراض عدة، لكن التصرف الشائن لبعض عناصر الأمن يثير الكثير من التساؤل المشروع، نظراً إلى ما يشكله من محاولة فاشلة للتقليل من أهمية الحدث، لأن هذا التحرك هدفه الإصلاح وإنهاء حقبة سيطرة المفسدين على مفاصل الدولة.
كذلك هناك عناصر داخل الأكثرية النيابية، لا هم لها إلا محاولة الوصول إلى الكرسي بأي ثمن، وقوى أخرى تريد خلق فوضى مدمرة تعطيها الفرصة لإحكام السيطرة على البلد لمصلحة حزبية، يشك الكثيرون في التزامها بكويت الدستور والديمقراطية.
إن على الحركة الشبابية المباركة، التي حققت هذا الإنجاز التاريخي الرائع، أن تنتبه لمن يخططون لعرقلة مسيرتها، وتجيير هذا الإنجاز لخدمة أجندات أخرى.
الحراك الشبابي بحاجة إلى توسيع قاعدته ليستوعب معظم، إن لم يكن كل، القوى الشبابية الديمقراطية الفاعلة في الساحة الكويتية، والبناء على ما تم تحقيقه من انتصار، والعمل في جميع مناطق الكويت بشكل منظم، لبناء قاعدة شبابية واحدة، بدونها لن يكون هناك تصحيح حقيقي لأوضاعنا الفاسدة المتردية.
لقد آن الأوان لبناء تنظيم شبابي متماسك مستقل يحقق طموحات مجتمعنا في الحرية والكرامة، في ظل دستور 62، ويعيد الكويت إلى سابق أمجادها، ويخلق الوعي الذي طال انتظاره لتطوير دستورنا المؤقت إلى دستور ديمقراطي حقيقي يؤكد سيادة الأمة... دستور لا يعلو أحد فوقه.
لم تشهد الكويت انتخابات حرة حقيقية بعد انتخابات عام 1963، فأعداء الديمقراطية في النظام كانوا لها بالمرصاد، فقد سارعوا إلى تفريغها من كل مقوماتها، حال وفاة راعيها، المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح، عام 1965، فزوَّروا انتخابات عام 1967 بشكل فج، وهدموا كل ركائزها، بتعليق العمل بقانون الانتخاب، ثم عبثوا بالتركيبة السكانية، وخلقوا نواب الخدمات، بتخريب الجهاز الحكومي، لتسهيل مهامهم في كسر كل القوانين لحل المشكلات المعيشية لأفراد الشعب، الذي وجد نفسه عاجزاً عن الحصول على حقه بالطرق المشروعة.
كما انتشرت ظاهرة الرشوة من قِبل بعض المرشحين وأفراد من النظام، وتم تسهيل نقل الأصوات للأتباع... كل هذه الإجراءات، وغيرها، جعلت مخرجات العملية الانتخابية تحت إمرة النظام، الذي استطاع أن يضمن أغلبية "طيّعة" في كل مجالس الأمة، بفضل هذا التزوير.
ومع كل هذا، كانت قوى المعارضة الرئيسة تخوض الانتخابات، لأنها اعتبرت وجود مجلس أمة، حتى بهذا الشكل، يوفر لها فرصة لإيصال اثنين أو ثلاثة من عناصرها لفضح التلاعب، وكذلك المساعدة في تنمية الوعي والاتصال بالناس وتحقيق بعض المكاسب المهمة، كتأميم النفط، من خلال تجنيد الشارع، لتحقيق مثل هذه الأهداف.
غيرنا من القوى الوطنية قاطع الانتخابات عام 1971، احتجاجاً على هذا التزوير المستمر، معتقدين أن ذلك سيرغم النظام على إصلاح ما أفسده، غير مدركين أن هذه المقاطعة من قِبلهم حققت الهدف المُراد بالنسبة للسلطة... لذلك عاد المقاطعون إلى المشاركة عام 1975، عندما تعرَّت نوايا النظام المُعادية للتجربة الديمقراطية كلها.
والسؤال الآن: أين القضاء؟ وأين السلطة القضائية والمحكمة الدستورية من كل هذا؟ ألم ينص الدستور على أهمية تشكيلها لضبط العملية الدستورية وفرض احترام الدستور؟ لماذا لم تبادر الحكومة إلى سن قانون المحكمة الدستورية وعرضه على المجلس، استكمالاً للنظام الدستوري؟
الجواب، لأنه يحدّ من إمكاناتها بالعبث بالدستور، وهذا الأمر جعلنا نبادر في مجلس 1971 إلى تقديم قانون خاص للمحكمة الدستورية، ما جعل الحكومة تقدّم مشروعها المضاد، الذي جعل الوصول إلى المحكمة الدستورية من قِبل الأفراد، حتى مجلس الأمة، مستحيلاً، كون أغلبية أعضاء المجلس أتت بهم الحكومة، تزويراً، كما ذكرت آنفاً.
والحقيقة التي يجب أن تُقال، انه كان لدينا هاجس بأن تلجأ الحكومة للمحكمة الدستورية، لتفريغ الدستور من محتواه، لأننا لم نجد منها حماية للدستور من قوانين كثيرة اعتدت على الحريات العامة التي كفلها الدستور.
وزاد هذا الهاجس بتعامل المحكمة الدستورية مع القوانين التي صدرت أثناء حلّ المجلس، في الفترة الواقعة بين عامي 1976 و1981، فمع أن المحكمة أقرت بأن هذه القوانين لا تخضع للدستور، ولا لقانون المحكمة الدستورية، فلا ولاية لها عليها، أي إنها غير دستورية، إلا أنها قالت إنها صدرت من حكومة قائمة لها الحق في إصدار المراسيم والقوانين لتسيير أمور الدولة، والأنكى من ذلك أنها أعطتها حصانة غير عادية من المادة 71 من الدستور، التي تلزم الحكومة في فقرتها الثانية بتقديم جميع القوانين التي صدرت في غياب المجلس إلى أول مجلس يُنتخب خلال أسبوع من انعقاده.
سابقة خطيرة
وأعطت هذه القوانين أهمية خاصة لا تتمتع بها القوانين الدستورية الأخرى، وفي هذه سابقة خطيرة وتعديل للدستور، فهو يسمح للحكومة بتمرير أي قانون تريده باللجوء إلى الحل غير الدستوري، خصوصاً أن التزوير المستمر في الانتخابات يضمن لها أغلبية مريحة لحماية هذه القوانين.
وهنا لابد من الإشارة إلى موقفي الخاص من انتخابات مجلس الصوت الواحد، فقد دعوت إلى المقاطعة، بعد أن كنت مع المشاركة في الانتخابات، كالعادة، وضد المقاطعة، فقد كان تعديل التصويت بالنسبة لي جزءاً من مسلسل تخريب الانتخابات، ولم يأت بجديد، ودعوت إلى المقاطعة، عندما اتضح أن العالم كان متلهفاً لمعرفة ما إذا كان الربيع العربي سيصل إلى شباب الخليج أم سيغرق في بحر بترول الخليج؟ أي، هل "البحبوحة" مقبرة للكرامة أم لا؟ لهذا دعوتي للمقاطعة كانت للرد على هذا السؤال، وتأكيد أن شباب الكويت يهمه كرامته، ويحركه تمرده على المذلة التي عاشها الشعب العربي قروناً طويلة.
ولله الحمد، فقد أتى جواب شباب الكويت مدوياً، برفض المذلة.
قانون الضرورة
سيكون الوضع تاريخياً في هذه المرحلة، لأننا أمام مقولة جديدة لم نسمع بها من قبل، وهي حق الحكومة وحدها في أن تحدد معنى "الضرورة"، التي تسمح لها بتجاوز مواد الدستور دون موافقة مجلس الأمة والمحكمة الدستورية، وهذا ما نبه لخطورته خبراؤنا الدستوريون والمحكمة الدستورية المصرية.
هذا الفهم لمراسيم وقوانين الضرورة يعني إلغاء كاملا للدستور، فلن يكون هناك دستور، بل سلطة قادرة على تمرير أي قانون تشاء تحت هذه السلطة المُطلقة.
نحن الآن أمام كارثة جديدة، من الممكن أن تنهي نظام الحكم في الكويت، كما عرفناه منذ نشأتها، والذي تم تقنينه بوثيقة تعد عقداً بين آل الصباح والكويتيين، اتفقوا عليها بقناعة تامة من دون إكراه، وتمخضت عن ولادة دستور 1962.
نحن الآن نشاهد محاولة جادة لنسف هذا كله، وبمفهوم يكرّس الانفراد باتخاذ القرار باتجاه واحد دون مشاركة أو رقابة من أحد.
فالقيود الدستورية لهذا القرار، كما ذكرت المحكمة الدستورية المصرية، هي التي "تصون الديمقراطية من أن تتحول من مذهب سياسي ودستوري إلى فلسفة "ميكافيلية" خطيرة قد ينزلق إلى مهاويها أشد الحُكام إخلاصاً وحرصاً على تحقيق المصلحة العامة، فتنتكس الحياة الدستورية، ويضيع في غمار ذلك كل ضمان لحقوق الأفراد وحرياتهم".
وقد أكد ذلك كل من د. عثمان عبدالملك ود. الطبطبائي في مذكرة كل منهما، والتي فصلها الأخ عبدالله النيباري في مقاله الأسبوع الماضي بجريدتي الطليعة والقبس، ولا داعي لإعادتها، تجنبا للإطالة.
ثقة كبيرة
لم أيأس بعد من القضاء، بل إن ثقتي كبيرة بقضائنا، وهذا ليس تمنياً، بل هناك مؤشرات مهمة تجعلني دائماً أكرر قولي، بأهمية القضاء واحترام قراراته، وحقه في أن يثبت استقلاله التام، فالقضاة ليسوا موظفين في الدولة يأخذون رواتبهم من الحكومة، لينسجموا مع رب العمل، فهم على العكس من ذلك... فالقضاء المستقل هو العمود الفقري الذي يثبت دعائم النظام الديمقراطي، فمن دون قضاء مستقل لا وجود لدولة ديمقراطية، فهو الحماية الحقيقية والأكيدة للنظام، كما قالها Chunchil.
دعوني أذكركم بأحكام رائعة صدرت من قضائنا الشامخ:
1- تبرئة المرحوم ناصر الفرج، رئيس اتحاد العمال، بعد اعتقاله وتعذيبه، بسبب موقفه من حلّ المجلس، وطلب القاضي منه أن يُقيم دعوى ضد أجهزة الأمن، التي عذبته عندما شاهد آثار التعذيب البشع الذي تعرَّض له.
2- الحُكم الذي صدر بعدم دستورية مواد كثيرة من قانون التجمعات.
3- الحُكم الذي صدر بإلغاء أمر بحل مجلس أمة 2009.
4- الأحكام الكثيرة التي بموجبها تمَّت تبرئة الكثيرين من شبابنا من تهم "ملفقة".
5- الأحكام التي صدرت، ولاتزال تصدر، ضد أفراد النظام في قضايا متنوعة.
إن ثقتي بقضائنا لم ولن تهتز أبداً، ومع أنني أدرك تماماً أن القضاة بشر، إلا أنهم كويتيون، وتهمهم مصلحة البلد وأمنه، في ظروف داخلية وإقليمية دقيقة لن نتمكن من تخفيف آثارها علينا، إلا بمسيرتنا التي اخترناها، ووفرت لنا الحماية طوال تاريخنا كله.
إن انتكاساتنا حدثت، عندما تجرأ النظام على ضرب هذه المسيرة، فحماية وطننا تكمن في حماية دستورنا ووثيقتنا التي تعاهدنا على احترامها لمصلحتنا جميعاً.
قراءة في أطروحات د. أحمد الخطيب
علي حسين العوضي
الحوار المتمدن 19-9-2005
برز نجم الدكتور أحمد الخطيب الذي اعتبره الكويتيون والعرب قائدا فعليا للجماعات الوطنية في الكويت، حيث كان الخطيب من أوائل الكويتيين من أفراد الأسر البسيطة الذي يلمع اسمه في أجواء العمل السياسي في الكويت•
وعبر حياته السياسية كان الخطيب في وضع القادر على التعبير عن موقفه واتجاهه السياسي وإزاء القضايا المطروحة، كما أنه كان قادرا على خلق تحالفات سياسية مع الجماعات الأخرى وعلى وجه الخصوص فئة التجار•
فعلى سبيل المثال تمكن الدكتور الخطيب من إقناع الأعضاء من فئة التجار بتعديل موقفهم المؤيد للحكومة والوقوف في صف المطالب التي تتبناها القوى الوطنية، فقد وجد هؤلاء الأعضاء في الخطيب الشخص الناطق باسم الجماعة والقادر على التعبير عن معاناتهم وهو تعبير عن مطالب القوى الوطنية التي كان الخطيب الناطق الفعلي باسمها•
البداية
ولد د. أحمد الخطيب عام 1927 في منطقة الدهلة بين إخوة ثلاثة: جاسم وعقاب والثالث هو أحمد نفسه• وفي سن السابعة بدأ دراسته في المدرسة المباركية إلا أنه لم يمكث فيها إلا نصف يوم حيث توجه للدراسة في مدرسة العنجري والتي كانت على طريقة " الكتاتيب "، وقد تعلم الخطيب فيها القرآن الكريم ومبادئ القراءة والحساب•
وفي عام 36/1937 التحق الخطيب بالمدرسة الأحمدية وبعدها المدرسة القبلية إلى العام الدراسي 37/1939 حيث عاد من جديد إلى المدرسة المباركية التي بقي فيها لفترة ثلاث سنوات وتحديدا حتى الصف الأول الثانوي الذي لم يكمله لسفره إلى بيروت في فبراير 1942 لدراسة الطب في الجامعة الأمريكية•
وحول كيفية بداية دراسته في بيروت يقول د• الخطيب: " في البداية أجري لي اختبار شامل ثم أخذت دروس تقوية باللغة الانجليزية وعلى ضوء النتائج التي حصلت عليها وضعوني في الصف الثاني الثانوي وخلال سنتين ونصف اجتزت المرحلة الثانوية "•
ويضيف قائلا: " بدأت الدراسة الجامعية في العام الدراسي 44/1945 ودرست ثماني سنوات منها أربعة سنوات لدراسة العلوم الطبية وأربع سنوات أخرى لنيل الدكتوراه وتخرجت عام 1952 بتخصص طب عام وجراحة وعملت مباشرة في المستشفى الأميري لمدة عام ونصف ثم ذهبت في دورة إلى لندن لمدة ستة أشهر لدراسة أمراض المناطق الحارة وعدت إلى الكويت عام 1954 وعملت بالأميري حتى عام 1957 حيث قدمت استقالتي وبدأت العمل في عيادتي الخاصة "•
العمل السياسي
كانت بداية الدخول في العمل والمعترك السياسي بالنسبة إلى أحمد الخطيب انطلقت من الجامعة الأمريكية في بيروت وبخاصة بعد حرب فلسطين عام 1948 والنكبة التي تبعتها وبروز المشاكل السياسية•
وكانت الجامعة معروفة بحساسيتها من القضايا القومية، وكان هناك رد فعل قوي لأي حدث عربي خصوصا إذا كانت بمشاركة طلابا فلسطينيين•
فهؤلاء الطلاب عاش الخطيب وتفاعل معهم في قضاياهم ومحنتهم، وشارك معهم في جمع الأموال والملابس وإعطائها للمحتاجين في مخيمات اللاجئين، كما أن قيام البنوك الأجنبية بتجميد أموال الطلبة استوجب تقسيم مخصصات الطلبة العرب مع الطلبة الفلسطينيين من أجل متابعة دراستهم، ليكون هذا الأمر إعلانا بشكل أو بآخر لدخول الخطيب الحياة السياسية•
ويتذكر الخطيب أنه في آخر سنة دراسية له في الجامعة، حدثت مظاهرات طلابية صاخبة احتجاجا على تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط عام 1952، وحدثت مصادمات مع رجال الشرطة في بيروت وتم فصل الخطيب مع زميل فلسطيني له من الجامعة•
ولأن انتشار القوميين العرب كان واسعا في لبنان، فقد بدأ إضراب طلابي شمل معظم المدارس احتجاجا على قرار الفصل، بل إن الطلبة ساروا في مظاهرة كبيرة نحو الجامعة تهتف بسقوط مدير الجامعة• ولم يكتف الطلبة بذلك بل حاولوا الهجوم على مدير الجامعة في بيته وخصوصا الطلاب القادمين من طرابلس الذين كانوا يحملون شحنة من الديناميت لنسف بيته•
ويقول الخطيب: " أمام هذا التيار الجارف من مظاهرات التأييد لنا، تحركنا من أجل إيقاف المتظاهرين وتهدئتهم•• وكذلك تدخلت الحكومة اللبنانية وأعادتني مع الزميل الآخر إلى الجامعة وسحب قرار الفصل الذي أصدرته الجامعة•• والطريف أن مدير الجامعة الأمريكية بنروز كان يتساءل مندهشا ويقول: لا أدري من هو مدير الجامعة•• بنروز أو أحمد الخطيب ! "•
القوميون العرب
في عام 1952 اشترك د• أحمد الخطيب مع جورج حبش ووديع حداد وهاني الهندي وآخرون بتأسيس حركة القوميين العرب والتي برزت كإحدى المنظمات القادرة على الامتداد في بقاع مختلفة من الوطن العربي• ففي عدن التي كانت محتلة من قبل بريطانيا كان فرع الحركة الذي يطلق عليه الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل يشارك في قيادة الكفاح المسلح ضد بريطانيا وهي المنظمة التي تسلمت الدولة الجديدة بعد استقلالها عام 1967، في حين كان المركز الرئيسي للحركة يتخذ بيروت مقرا له وكانت خلاياه تنشط داخل معسكرات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويرى البعض بأن الفرع الثالث الذي لم يعلن عنه بشكل رسمي أو قانوني بسبب حرمان قيام الأحزاب السياسية كان ينشط بصيغة غير رسمية وبمعرفة الدكتور الخطيب نفسه في الكويت•
فقد نجح د• الخطيب في عام 1952 بتشكيل أول خلايا الحركة مستثمرا الانفراج الديمقراطي الذي ساد الكويت عندما أصبح الشيخ عبد الله السالم أميرا على الكويت عام 1950 والذي اتبع سياسة ليبرالية، فقد تهيأت الظروف لانتشار الحركة مع ظهور النخبة التجارية وعودة الطلاب الكويتيين الدارسين في الجامعات العربية• ويفسر الخطيب إعجابه بفكر الحركة بقوله: " لقد ظهرت (نشرة) الثأر القومية ببرامج عملية أو قل بميثاق وطني يتضامن الجميع على تحقيقه لتفادي الأزمة المقبلة ونخرج أقوياء من هذه المعركة، فطالبت بأن نبدأ بأخذ زمام المبادرة من أعدائنا ونعمل سوية لمقاومة الصلح مع اليهود ونحطم مشاريع الغرب الدفاعية ونقوي أنفسنا بالاتحاد"•
وساهم د• الخطيب في تأسيس عدد من الأندية من مثل النادي الأهلي والنادي الثقافي القومي الذي أصبح مركزا لتجمع حركة القوميين العرب التي تركزت استراتيجيتها في الكويت في تلك الفترة على الإصلاح السياسي والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار السياسي ومحاربة الاستعمار الغربي وإنهاء معاهدة الحماية مع بريطانيا وتوحيد الكويت مع الوطن العربي، وأصدر النادي الثقافي القومي مجلة الإيمان لتعبر عن آرائه وأفكاره وملحقا أسبوعيا هو صدى الإيمان، وتعد هذه المجلة من أوائل المجلات القومية في الخليج العربي• ويوضح الخطيب مفهوم الإيمان - شعار النادي - بالقول: " إن إيماننا العميق باستحقاق أمتنا الحياة الحرة الكريمة هو الذي دفعنا إلى إنشاء هذا النادي وإصدار هذه المجلة الناطقة باسمه•• " إلا أنه بعد استقلال الكويت عام 1961 تغير اسم النادي إلى نادي الاستقلال والذي استمر على نهج النادي الثقافي إلى أن صدر قرار الحكومة بحل النادي نتيجة لحل مجلس الأمة عام 1976•
وشارك الخطيب أيضا في تأسيس لجنة الأندية الكويتية والتي كان الهدف من تأسيسها العمل على دعم كل ما يتعلق بشؤون الأمة العربية، فقد دعت اللجنة على سبيل المثال إلى تجمع شعبي في أغسطس عام 1955 تأييدا للخطوة التي أقدم عليها جمال عبد الناصر في تأميمه لقناة السويس والذي حضره أكثر من 4000 شخص حيث بثت إذاعة صوت العرب من القاهرة البرقية التي بعثها د• الخطيب والذي يعلن فيها نجاح الإضراب والمظاهرات التي قامت في الكويت تأييدا لمصر•
كما شارك د• الخطيب في مؤتمر الشعب العربي الذي عقد في دمشق كممثل عن لجنة الأندية الكويتية والذي حضرته الاتحادات والنقابات العربية تضامنا مع مصر في تصديها للعدوان الثلاثي والذي دعا إلى قطع النفط عن الدول الغربية التي شاركت في العدوان•
وساهمت لجنة الأندية الكويتية مساهمة فعالة في تأييدها للثورة الجزائرية ونضال الحركة الوطنية في المغرب العربي ضد الاستعمار الفرنسي، فعندما اعتقلت السلطات الفرنسية أحمد بن بيلا ورفاقه الأربعة زعماء جبهة التحرير الوطني الجزائرية دعت اللجنة إلى إضراب عام في أكتوبر 1956 تأييدا لزعماء الثورة الجزائرية، كما نظمت اللجنة تجمعا شعبيا ألقى فيه د• أحمد الخطيب خطابا سياسيا تأييدا لنضال الشعب الجزائري، واستطاعت اللجنة جمع أكثر من ثلاثة ملايين روبية كتبرعات من الشعب الكويتي للثورة الجزائرية• ويعتبر هذا المبلغ الذي تسلمته قيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية أول مبلغ يصل إلى ثوار الجزائر من الوطن العربي•
اللقاء الأول والمذكرة
ولا غرو أن يفرد الباحثون صفحات واسعة لتغطية جانب من الدور السياسي الطويل للدكتور الخطيب، منذ بداية عهده في العمل السياسي صاحب شخصية مؤثرة وقدرة فذة على إقناع الآخرين وهي الميزة التي هيأت له الفرصة لإقناع الأمير بالوقوف إلى جانب الشعب الكويتي وضمان ولائه للنظام وهي مواقف لابد أن يتعارض بشكل أو بآخر مع الجماعات الأخرى وعلى وجه الخصوص أفراد الأسرة الحاكمة في ذلك الحين•
فالتحولات السياسية الجذرية التي شهدتها الكويت وهي في غالبيتها تحولات ذات اتجاه ديمقراطي بدأت لأول مرة على إثر اللقاء الأول الذي تم بين الأمير - الشيخ عبد الله السالم - وبين الدكتور أحمد الخطيب عام 1955، فقد ترأس الدكتور الخطيب وفدا شعبيا وحمل إلى الأمير التماسا على شكل مذكرة أو مذكرة على شكل التماس للمطالبة بالإصلاح السياسي الشامل، ومع أن الطلب قد تم تقديمه قبل استقلال الكويت بما يقرب من ست سنوات، ورأى المراقبون والباحثون السياسيون أن تلك المبادرة وتعاطف الأمير مع المطالب المقدمة من قبل أعضاء الوفد كانت بمثابة اللبنة الأولى التي ساعدت على تشكيل شكل الدولة الجديدة في الكويت، وهي الدولة التي أخذت دورها الفعلي بعد الاستقلال عام 1961 والتي قامت أركانها على قاعدة إنشاء دولة حديثة بمؤسسات ديمقراطية ودستور شامل يفسح المجال لقيام حياة برلمانية وأعضاء منتخبين انتخابا حرا وديمقراطيا•
وكان الخطيب المصدر الفعلي لإقناع الأمير بأهمية التحالف مع القوى السياسية المختلفة ووراء زيادة تقبل الأمير وارتباطه بالجماعات السياسية المختلفة وبوجه خاص فئة التجارة وفئة القوى الوطنية التي كانت تعبر عن جديده في ذلك الحين•
دستور 1962
شارك د. أحمد الخطيب في عضوية المجلس التأسيسي عام 1962 وانتخب نائبا للرئيس• وقد أصدر المجلس دستور الكويت والذي لم تكن ولادته برأي الخطيب سهلة وميسرة بل كانت عسيرة بالنسبة إلى العديد من الأطراف• فقد تحقق دستور1962 نتيجة لوجود ثلاثة عوامل أساسية وهي:
1 - العمل الشعبي والوطني والقومي الذي حدث في الكويت وهو نضال امتد لفترة أربعين عاما (1922-1962) حيث قدمت تضحيات كبيرة من أفراد الشعب الكويتي•
2 - وجود المد القومي العارم في المنطقة وحركات التحرر في العالم•
3 - وجود الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم في الحكم•
ويضيف د• الخطيب حول العامل الثالث أن الشيخ عبد الله السالم كان مميزا في تفكيره عن الآخرين ونظرته المستقبلية، فقد أدرك أن الدستور هو أفضل طريقة لاستمرارية حكم آل الصباح الذي سيتكيف مع الأوضاع بدلا من أن يصطدم معها•
وأثناء المناقشات التي تمت في المجلس التأسيسي حول الدستور الكويتي، وقف الخطيب مدافعا عن الحرية السياسية للمواطن الكويتي ففي تعليقه على ديباجة الدستور قال: " ألاحظ أن هناك تناقضا بين الديباجة ومواد الدستور• فالقول في الديباجة•• ويفيء على المواطنين مزيدا من الحرية السياسية والمساواة•• الخ له مفهومه، ولكن لدى تصفح مواد الدستور لا نجد هذا المزيد من الحرية السياسية "• وأضاف أيضا: " هذه الديباجة يجب أن تترجم في بنود عملية واقعية "•
فعند مناقشة المادة 43 من الدستور والتي تتحدث عن حق تكوين الجمعيات والنقابات في المجلس التأسيسي، قال عن الأحزاب السياسية: "•• فما الأحزاب إلا تنظيم الجماهير على نحو يضمن لهم أن يأتي مرشحهم عاملا لخدمة المصلحة العامة لا أن يأتي لخدمة فلان وفلان من الناس• ومع الأسف الشديد إن معظم الأحزاب في البلاد العربية لم تقم بواجبها بإخلاص، وكلها لم تسر على طريق يخدم المصلحة العامة، فيجب ألا نتأثر بالتجربة التي قدمتها الأحزاب العربية فقد كانت أسوأ مثل• ونحن لو سرنا كسيرهم فلا بد أن نقع بالمشاكل نفسها التي وقعوا فيها، فالتنظيم الحزبي هو الطريق السليم لخلق مواطن واع، وإني أوافق مع الجميع على عدم تشكيل أحزاب سياسية الآن ولكن ما العمل للحياة السياسية وكيف المخرج ؟ فيجب أن نضع أسس حياتنا من الآن ولا يمكننا أن نقفز بتفكيرنا وعقولنا مئات السنين دون إيجاد التنظيم الحزبي الذي يحرك الجماهير "•
نقاط تستحق البحث
أما المادة 56 من الدستور حول تعيين رئيس الوزراء والتشكيل الحكومي فقد علق عليها الخطيب قائلا: " الحقيقة أن هذه المادة طويلة وأشعر أن فيها أربع نقاط تستحق البحث، النقطة الأولى•• وهي قضية الوزراء وكونهم أعضاء في المجلس وخطورة هذه النقطة في أن الوزراء المعينين يصبحون أعضاء في المجلس والمجلس المفروض أن يأتي منتخبا وبالتالي يشوه التعيين روحية الديمقراطية والوضع الديمقراطي الذي نسعى إليه•• النقطة الثانية التي أعتقد أنها بحاجة إلى مناقشة أيضا هي عدد الوزراء والشعور بأن هنالك محاولة لتضخيم هذا العدد• فجعل أو إفساح المجال لأن يكون عدد الوزراء ثلث أعضاء المجلس اعتقد أن هذا تضخيم لا محل له•• وفي الحقيقة فيها الكثير من التشويه الذي يدفع الشخص لأن يقف مترددا لمعرفة الأسباب الدافعة إلى رفع عدد الوزراء إلى هذا العدد الضخم وهذه النسبة الضخمة في المجلس واعتقد أن وجود هذه النقطة غير مستحب وغير سليم• النقطة الثالثة: هي قضية الاستشارة أو المشاورات التقليدية التي تسبق إعلان الوزارة أو تشكيل الوزارة فذكر هنا أنه يصدر المرسوم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء وأنا أريد أن ينص هنا أيضا: باستشارة المجلس ورئيس المجلس قبل أن تشكل أي وزارة• فمن الضروري أن تكون هناك استشارة رئيس المجلس وأعضاء المجلس واعتقد أن هذا شيء معروف ومسلم به• النقطة الأخيرة أو النقطة الرابعة هي قضية يمكن أن تكون حساسة فالأحسن أن نعالجها بصراحة وهي قضية أن الحكم في الكويت هو نوع من الحكم الملكي• هذا الحكم يستلزم أن يكون رئيس الدولة محاطا بهالة من الاحترام لأنه يمثل الدولة فهو رأس الدولة والولاء له• ويجب أن نبتعد عن كل شيء يمسه• وهذا أعتقد أنه من الأمور الأساسية في أي نظام ملكي موجود، لأن هذه السلطة العليا للجميع وليس لأحد فالملك للحكومة كما هو للمعارضة كما هو لكل شخص• فهذا الوضع يجب أن نعترف به وفي كل نظام ملكي يجب أن نتمسك بهذه النقطة••• بالنسبة إلى هذه المادة أعتقد نحن مقبلون على كون الوزراء أو بعض الوزراء أن يكونوا من أفراد العائلة الحاكمة• والأسس الديمقراطية الصحيحة هو أن يكون الوزراء أو الوزارة ما هي إلا مجموعة تقريبا من الموظفين المكلفين من قبل المجلس بأداء مهمة محددة معينة يقررها هذا المجلس وفي أي وقت تحيد الحكومة، تحيد الوزارة عن هذا الخط المرسوم لها من قبل المجلس فهي معرضة للانتقاد من قبل المجلس إلى المحاسبة من قبل المجلس إلى سحب الثقة من قبل المجلس وبالطبع أمور مثل هذه وعندما يحتد النقاش سوف يدور كلام يمكن الواحد ما يعرف حدوده فالخوف مثلا أن يكون هذا الكلام فيه مساس لهذا الشيء الذي نحن لا نريد أن لا يمسه أحد، فأعتقد هذا منزلق لا وجوب له والشيء الثاني بالنسبة إلى أي تجربة ديمقراطية إذا أردنا أن ننجح فمن الضروري أن يتعود العضو ويشعر أن له حقا على أن يحاسب أي وزير وأن يشعر أن هذا الوزير ما هو إلا شخص مؤتمن على عملية ليقوم بها ومن واجب هذا العضو أن يناقش ويحاسب الوزير، وأعتقد إذا صار الوزير أمينا وأصبح فعلا يقدر الواحد أن يناقش ويحاسب بالشكل هذا لأني مثل ما قلت هذا رمز، الواحد لا يستطيع أن يتعرض له، وبالطريقة هذه أعتقد أن صمام الأمان الذي يجب أن نحافظ عليه في أية تجربة ديمقراطية هذا الصمام هو محاسبة المجلس للحكومة، وأعتقد هذا الصمام يكون مفقودا في حالة من هذا النوع• وأريد أن ندرك ونحن نقر هذه المادة خطورة مثل هذه الأمور•
وحول المادة الثانية من الدستور ، يقول الخطيب: " هذه المادة وقفنا أمامها مطولا في المجلس التأسيسي عند وضع الدستور•• والصيغة الموجودة في الدستور الحالي باعتقادي ليست بحاجة إلى أي تعديل لأنها مصدر رئيسي•• وبالتالي فأي قانون يتعارض مع الشريعة الإسلامية المفروض أن يؤتى به إلى المجلس ويعدل•• والذين وضعوا الدستور ما أعتقد يقل إسلامهم وإيمانهم عن الذين يريدون تعديل هذه المادة "•
ويشير الخطيب إلى إنه عندما وضع الدستور في المجلس التأسيسي كان الرأي أن هذا الدستور هو دستور مؤقت، بمعنى مرحلة انتقالية من حياة غير دستورية إلى حياة دستورية كاملة، فهذه كانت قفزة غير معقولة، ولذلك تم الاتفاق على الفترة التي يجب أن تمر حتى يبحث تعديل الدستور والتي كانت خمس سنوات، أي أن المجلس الأول لا يحق له مناقشة التعديلات بل المجلس الثاني حيث يعتاد الناس على المشاركة والحياة الديمقراطية ووقتها يمكن أن يتطور الدستور ويسمح للناس بالمشاركة في القرار أكثر، فهناك المادة 175 من الدستور التي تذهب إلى أن أي تعديل في الدستور يجب أن يكون نحو المزيد من الحقوق والحريات•
مجلس الأمة
انتخب د. أحمد الخطيب عضوا في مجلس الأمة أعوام 1963 ـ 1971 ـ 1976 ـ 1985 ـ 1992 إلى أن اعتزل العمل البرلماني عام 1996•
واستطاع عبر وجوده بالمجالس المختلفة وبمعاونة زملائه من الوطنيين قيادة الحوار البرلماني بحنكة وقدرة فائقة وبرع في كشف أخطاء المؤسسات التنفيذية وتجاوزات الحكومة بدرجة أكسبت مجلس الأمة احترام الكويتيين وغير الكويتيين•
ويعتبرد• أحمد الخطيب أن دور مجلس الأمة - البرلمان وفقا للأوضاع الدستورية والسياسية دور محدود جدا، ولكنه يظل منبرا مهما للتوعية الشعبية ولطرح المطالب العامة، وهنالك إمكانية ليست قليلة لدور تشريعي ورقابي يقوم به مجلس الأمة لصالح الشعب وتطور الكويت وإصلاح الأوضاع•
ويؤكد الخطيب أنه لا يمكن اعتبار العمل البرلماني مجال العمل الوطني الوحيد وهو أيضا في المقابل ليس بديلا عن مجالات العمل الوطني الأخرى•
وحول أهم القضايا التي طرحت في مجلس الأمة أثناء تواجد الخطيب في المقعد النيابي، يحدد الخطيب مسألتين أساسيتين وهما:
1 - دور مجلس الأمة الكويتي في القضايا النفطية•
2 - أن مجلس الأمة لا يمثل الشعب الكويتي فقط بل الأمة العربية كلها•
وحول المسألة الأولى، يقول د• الخطيب : "مجلس الأمة الكويتي بتصوري لعب دورا أساسيا ليس كويتيا ولا عربيا فقط وإنما دوليا في قضايا النفط•• يعني مثلا شركات النفط أول مواجهة حصلت لها كانت مواجهة تأميم مصدق في إيران عام 1954 وهذا فشل•• لم تواجهه شركات النفط إلا خلال مجلس 1963 وفي سنة 1965 في اتفاقية تنفيق العوائد•• وهذه كانت اتفاقية مجحفة والشركات حسب طبيعتها وغطرستها كانت تريد ترتيب الأمور كلها لمصلحتها، وكان معروفا أن هذه الاتفاقية لو أقرت من قبل الدول الخمس تكون سارية المفعول على جميع دول النفط، والدولة الخامسة هي الكويت، فطرحت الاتفاقية في مجلس الأمة الكويتي، بالطبع كانت المفاجأة أن تسقط الاتفاقية في مجلس الأمة الكويتي وهذا يعني أن التآمر قبر في مجلس الأمة الكويتي وكان التصويت على رفض الاتفاقية بالإجماع• بالطبع كانت هذه صدمة للعالم والمهتمين بالنفط، لاستغرابهم أن يأتي مثل هذا الموقف من مجلس الأمة الكويتي، ولأول مرة ينتبهون إلى أنه يوجد مجلس في الكويت• ثم جاءت اتفاقية المشاركة في مجلس 1971 وأيضا كان لنا الشرف بالتعاون مع كل الطيبين الذين كانون موجودين في المجلس أن نسقط هذه الاتفاقية وتتحسن المشاركة وتتحول إلى تأميم• وأيضا هذا حدث بفضل مجلس الأمة الكويتي وتفهم ومساندة الشعب الكويتي لقضايا النفط واستعداده لمواجهة الاحتكار النفطي الذي كان ينهب ثروتنا• فالحقيقة أن مجلس الأمة الكويتي صار يحسب له حساب في مثل هذا النوع من القضايا•• وأذكر ما جاء في الصحف الأجنبية•• أذكر عندما طرحت اتفاقية المشاركة كتبت الايكونوميست أنه تم قبول كل الدول لهذه الاتفاقية لكن هناك مجلس الأمة الكويتي صاحب المفاجآت إن شاء الله هذه المرة لن يفعلها• وبعد سقوط الاتفاقية كتبت الايكونوميست أن مجلس الأمة الكويتي أعطانا درسا• هذه هي الحقيقة بفضل دور الشعب الكويتي وليس دور الأشخاص في المجلس، الكويت صارت رائدة في مجابهة الشركات الاحتكارية وانتزاع حقوقها في الثروة الوطنية وليس فقط حقوق العرب بل وحتى للآخرين وهذا موقف لم نعطه حقه من التشجيع والتقدير• لم نحس به• غيرنا هم الذين يثمنون قدره ويعطونه حقه"•
أما المسألة الثانية، فيتناولها الخطيب من خلال اهتمام العرب كلهم بانتخابات المجلس وبالمناقشات التي تدور فيه، لأن مجلس الأمة ـ برأيه ـ دائما وفي كل المناسبات يعبر عن ضمير الشعب العربي ويقول الكلمة التي لا يستطيع أن يقولها هذا الشعب العربي المقهور في كل مكان•
ويضيف "هناك العديد من المنجزات مثل : قضية القوانين العمالية، قانون الوظائف العامة، وموضوع الإسكان والتأمينات الاجتماعية" وغيرها من المنجزات•
الاستقالة
يقول د• أحمد الخطيب أنه بعد وفاة الشيخ عبدالله السالم في نوفمبر1965 بُدِأ العمل بتخريب الدستور وتخريب الديمقراطية وخرجت القوانين المقيدة للحريات والتجمعات والحريات الصحافية•
فقد أصدر مجلس الأمة عددا من القوانين المقيدة وسيطرت الحكومة على أغلبية نوابه بشتى الأساليب مما أدى إلى عجز نواب القوى الوطنية عن ممارسة العمل داخل المجلس• وبعد ثلاثة أعوام على انطلاقة التجربة الديمقراطية قدم هؤلاء النواب استقالتهم من مجلس الأمة•
وتلخصت الأسباب الرئيسية للاستقالة في:ـ
1- فرض قانون التجمعات الذي حرم المواطنين من وسيلة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم•
2 - سن تشريع يكبل حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر•
3 - تعديل قانون الوظائف العامة حيث أصبح مصير الموظف معلقا بإرادة أفراد الحكومة•
4 - تعديل قانون جمعيات النفع العام والأندية•
5 - سلوك الحكومة ومؤيديها في محاولة إجهاض التجربة الديمقراطية وتزييف إرادة الشعب•
تزوير الانتخابات وانقسام الحركة الوطنية
اكتشفت القوى الوطنية أن الدستور والديمقراطية تقرر تفريغهما من الجوهر الديمقراطي على الرغم من الإقبال على التجربة وترحيب الشعب لها•
ولذلك خاضت القوى الوطنية والديمقراطية انتخابات مجلس الأمة الثاني عام 1967 من خلال جبهة وطنية ضمت جميع القطاعات الوطنية ابتداء من رئيس غرفة التجارة إلى رئيس اتحاد العمال، ودخلت الحركة الوطنية هذه الانتخابات بقوائم موحدة من المرشحين في كل الدوائر الانتخابية تقريبا•
ولكن ماذا حدث في هذه الانتخابات ؟
يقول الخطيب: "انتخابات 1967 تم تزويرها بالكامل حيث أنه عندما تم إغلاق الصناديق وجاءت الشرطة بأسلحتها على المراكز وأخذت الصناديق لاستبدالها بصناديق أخرى معدة مسبقا "•
ويقول: "بعد تزوير الانتخابات اكتشفنا أن صناديق الاقتراع أخذت من لبنان وقبل انتخابات 1957 تم إحضار 40 صندوقا جديدة تم اكتشافها بالمطار وفي يوم الانتخابات استبدلت الصناديق القديمة بالجديدة"•
على إثر تزوير الانتخابات وهزيمة حزيران 1967 انقسمت أطراف الحركة القومية ـ الوطنية (حركة القوميين العرب) في الكويت إلى ثلاثة تنظيمات سياسية هي : الحركة الثورية الشعبية والتجمع الوطني بزعامة جاسم القطامي ومجموعة د• أحمد الخطيب والتي يطلق عليها القيادة التاريخية والتي اتخذت لنفسها تسمية حركة التقدميين الديمقراطيين الكويتيين•
وخاضت حركة التقدميين الانتخابات النيابية عامي 1971 و 1975، وشهدت هذه الفترة انكسارا حادا لأطراف الحركة الوطنية حيث خسرت بموجبها العديد من المقاعد النيابية•
فقد أعلن التجمع الوطني مقاطعته لانتخابات 1971 مطالبا القوى الوطنية بعدم المشاركة فيها، إلا أن التقدميين الديمقراطيين شاركوا بهذه الانتخابات مما حدا بالتجمع باتهام التقدميين بأنهم فوتوا بمشاركتهم لهذه الانتخابات فرصة كشف خطط الحكومة ونواياها وأن مشاركتهم جاءت لصالح السلطة•
واستمر هذا الصراع قائما بين طرفي الحركة الوطنية الديمقراطية في الكويت، ففي أثناء انتخابات 1975 والتي خاض مرشحو التنظيمين هذه الانتخابات، دارت منافسة شرسة بينهم في الدوائر الانتخابية ورافقت ذلك حملة من الاتهامات المتبادلة، وأدى ذلك في نهاية الأمر إلى خسارة العديد من المقاعد النيابية•
وحول هذا الأمر يقول د• الخطيب : إن "أخطر الأسباب كان الانقسام الوطني الذي دل على عدم تقدير الهجمة المضادة حق تقديرها•• فبدل أن تواجه القوى الوطنية القوى المضادة صفا واحدا كما فعلت القوى المضادة•• وصل الانقسام الوطني إلى حد التشهير الذي لم يستفد منه إلا أعداء الوحدة الوطنية وأعداء الشعب والتقدم"•
حل مجلس الأمة 1976
على الرغم من الانقسام الذي حدث بين أطراف الحركة الوطنية، فقد نجحت القوى الوطنية بعناصرها القليلة الواعية من خلال مجلسي 1971 و 1975 أن تعيد لمجلس الأمة قوته وهيبته وسلطته، وتصدت بقوة ودافعت عن حقوق الشعب الكويتي، ولعل أبرز القضايا التي كانت على جدول أعمال القوى الوطنية في تلك الفترة تمثلت في :
1- تأميم النفط بالشروط الوطنية ورفض الصيغ المشبوهة•
2- تحسين مستوى معيشة الفرد وحل قضايا الإسكان والغلاء•
3- ترسيخ الأمن في البلاد والعمل للقضاء على الجريمة•
4- العمل من أجل وضع الفوائض المالية في خدمة المصالح الوطنية•
5- العمل لتحقيق المساواة بين المواطنين•
فقد كان تحرير الثروة النفطية وتخليصها من أيدي الشركات الاحتكارية وسيطرة الشعب عليها من أجل رخائه من المرتكزات الأساسية التي ناضلت من أجلها القوى الوطنية الديمقراطية عبر السنوات الماضية ومازالت•
وقد عبر الدكتور الخطيب في إحدى جلسات مجلس الأمة لعام 1976 عن ذلك وجاء في كلمته : "إن الاتفاقية الأخيرة هي في الحقيقة تكريس لمسيرة طويلة خاضها هذا الشعب لانتزاع حقوقه الكاملة من شركات النفط والقوى التي تقف وراء الشركات"•
وقال "إن التزييف التاريخي الذي سمعناه•• لا يمكن السكوت عنه•• ما حصل هو انتقاص من قيمة ما حققته الكويت•• ومعركة النفط معركة طويلة ابتدأت في الثلاثينات وخاضها الشعب الكويتي دون مساعدة أحد•• فأول مجموعة كويتية تخرجت من البحرين ذهبت إلى شركة النفط للعمل•• إلا أنها لم تستمر فقد تخلصت الشركة منها وبمساعدة السلطة•• وهنا بدأ الصراع بين الشركة والشعب الكويتي والتي كانت الشركة تحول دون وصول أبنائه إلى مراكز مهمة في الشركة•• ثم جاء المجلس التشريعي الأول في الكويت وعندما طالب المجلس بالاطلاع على الاتفاقية رفض طلبه لأن الاتفاقية كانت تعتبر سرية•• إلا أن المجلس ضغط واستطاع أن يحصل على نص الاتفاقية واعتبرت هذه الحادثة بمثابة المسمار الأول في نعش المجلس التشريعي الأول•• وطورد السائقون والعاملون في الشركة بعد أن طالبوا بالمساواة في رواتبهم مع الأجانب•• وفي عام 1966 سقطت اتفاقية تنفيق العوائد وعمدت السلطة إلى وضع القوانين التكبيلية ثم جاء التزوير في انتخابات 1967 نتيجة لموقف المجلس في رفض اتفاقية تنفيق العوائد•• لقد ارتبطت الديمقراطية والكفاح الديمقراطي في الكويت بمعركة تحرير الثروة النفطية"•
إلا أن السلطة لم تحتمل وجود المجلس، فصدر قرار حل المجلس في أغسطس 1976•
حل نادي الاستقلال
بعد حل مجلس الأمة عام 1976 أصدرت عددا من الأندية وجمعيات النفع العام بيانا تنتقد فيه هذه الإجراءات ودعت الى احترام الدستور والديمقراطية، ونتيجة لهذا الأمر حلت مجالس إدارات هذه الجمعيات وتم تعيين مجالس جديدة لها•
ويتذكر د• الخطيب هذه الفترة: "نادي الاستقلال عومل بشكل سيئ ولأنني من مؤسسي نادي الاستقلال باعتقادي أن قصة النادي تصور الوضع في الكويت والحقد على العمل الوطني الموجود في الكويت، فحلوا الأندية التي وقعت على البيان وعينوا مجالس تدير الأندية وظلوا أربعة أشهر يبحثون عن شخص واحد يقبل أن يكون في مجلس إدارة معين في نادي الاستقلال والكل يرفض أن يكون عضوا في نادي الاستقلال وبعد أربعة أشهر تجري انتخابات في نادي الاستقلال، فوزير الشؤون عرض الأمر على مجلس الوزراء بأنه لم يستطع الحصول على أي كويتيين يكونون في مجلس إدارة نادي الاستقلال والأسبوع المقبل فيه انتخابات وعندما تخرج إدارة جديدة لا يحق لكم محاسبتها على ما قام المجلس السابق، فاتخذ قرار في مجلس الوزراء بأن كل وزير ملزم بأن يحضر مرشحا واحدا حتى لا تحدث انتخابات وفعلا كل واحد منهم أحضر "واحدا" وأعلنوهم وواحد منهم ثاني يوم قدم استقالته لأن الوزير لم يستشره وهو موظف في الصحة، وبعد أسبوعين كلهم استقالوا إلا واحدا وهو من أقذر خلق الله وما كان يفعل في النادي وعندما وصلوا الى طريق مسدود سحبوا رخصة النادي نهائيا وحولوه الى ناد للمعوقين وفي كل مناسبة نطالبهم بعودة النادي وعندما نذكر لهم موضوع النادي "يرجفون" وهو حقد ما بعده حقد، لأنه كان مقر الوطنيين والحركة الديمقراطية في الكويت كلها وما كان لحزب معين أو حركة القوميين كان لجميع أهل الكويت الشرفاء هذا كان مقرهم وكل شخصية تزور الكويت تحرص على زيارة نادي الاستقلال"•
تنقيح الدستور وانتخابات 1981
في عام 1980 أقدمت الحكومة على تشكيل لجنة تنقيح الدستور، وقدمت الحكومة التعديلات المطلوب إجراؤها• وقد رفض الشعب الكويتي هذه اللجنة•
ويقول الخطيب عن هذه اللجنة "على الرغم من أنها معينة من قبل الحكومة إلا أن موقفها الإجمالي كان مشرفا حيث رفضت أن تقر مقترحات الحكومة بعد أن اكتشفت حجم المخاطر التي ستترتب على هذا العمل"، وبذلك فشلت محاولة الحكومة لتعديل الدستور، ووجدت الحكومة نفسها مضطرة إلى إجراء هذه التعديلات من خلال مجلس الأمة•
فقد هيأت الحكومة لضمان تحقيق هذا الأمر بعدد من الإجراءات أبرزها تعديل الدوائر الانتخابية وقانون التجمعات وقانون المطبوعات•
وهكذا خاضت القوى الوطنية الديمقراطية انتخابات 1981 تحت شعار حماية الحياة الديمقراطية وحماية دستور 1962• إلا أن هذه الانتخابات شهدت سقوطا واضحا لمرشحي هذه القوى•
ويلخص د• الخطيب أسباب خسارة التيار الوطني بالتالي: "الظروف التي مرت بها المنطقة العربية في ظل الهجمة الامبريالية وانحسار المد الوطني والقومي في الساحة العربية، وانتشار نفوذ الأحزاب الدينية والتحالف بين السلطة وبينها بالإضافة إلى المنتفعين•• والاستقطاب الطائفي وتفتيت الدوائر الانتخابية وإعادة تقسيمها من عشرة دوائر إلى 25 دائرة•• ولا شك أن البحبوحة التي سببها سوق المناخ عام 1981 كان لها أكبر الأثر في حجب أصوات كثيرة عن المرشحين الوطنيين لاعتقادهم بأن وصول هؤلاء للمجلس ربما أدى إلى التدخل في الأوضاع السائدة في سوق المناخ آنذاك• علاوة على عامل آخر قد لا يكون قويا ولكنه عنصر مساعد وهو التلاعب في جداول قيد الناخبين•• كما حدث في منطقة الروضة، حيث لم تكن الجداول نظيفة تماما، بدليل أن المحاكم العادية قد حذفت أسماء نحو 140 شخصا من جدول الروضة سجلوا من دون حق"•
وجاء مجلس الأمة الخامس وقدمت الحكومة تصوراتها ومقترحاتها بتعديل وتنقيح الدستور، وتصدت الحركة الوطنية الديمقراطية لمشاريع الحكومة على الرغم من كونها خارج المجلس، ووجه الدكتور أحمد الخطيب وجاسم القطامي رسالة إلى مجلس الأمة حول اقتراحات الحكومة بتنقيح الدستور• وكانت التعديلات التي طرحتها الحكومة في المجلس تتمحور حول:
1- إزالة حق التشريع من أعضاء مجلس الأمة•
2- إلغاء حق الرقابة والمحاسبة من خلال رفع الحصانة عن النائب داخل مجلس الأمة•
3- وضع العراقيل أمام النواب لطرح وجهات نظرهم في النقاشات•
ويوضح الخطيب قائلا: "بعد أن فشلت لجنة تنقيح الدستور جاؤوا بمجلس 1981 لإقرار التعديلات•• وفشلت المحاولة•• ولكن يجب أن نسجل الدور الكبير الذي لعبه زميلنا الدكتور خالد الوسمي في ذلك الوقت حيث إنه الوحيد الذي نجح وكلنا سقطنا•• وكان هناك سبعة عوازم في المجلس وخالد أحدهم•• واستطاع أن يحجب هذه الأصوات•• وفشل التعديل في المجلس الذي شكل لهذا الغرض"•
مجلس 1985 والحركة الدستورية
في انتخابات 1985 عادت العناصر الوطنية إلى المجلس بقوة وكان الاتجاه الوطني الديمقراطي هو الاتجاه صاحب الأغلبية النيابية وكان هنالك تنسيق برلماني قوي ومؤثر بين جميع الكتل والتيارات، وقد كان للوعي الشعبي ووعي القوى السياسية والعناصر المستقلة دور في قيام تضامن حول المطالب الأساسية للشعب الكويتي•
ويوضح د• الخطيب: "اتضح هذا التضامن في أول جلسة لمجلس 1985 في انتخابات الرئاسة ومكتب المجلس واللجان•• ولما كانت القضية الأساسية آنذاك هي قضية المناخ•• تصدى المجلس لهذه المهمة بحزم واستجوب أحد الوزراء المعنيين بهذه القضية وتوفرت أغلبية كافية لطرح الثقة مما اضطره للاستقالة"•
لقد قامت القوى الديمقراطية بتجميع القوى السياسية المختلفة للمشاركة ولتوزيع المهمات في المجلس، وكان البرنامج الجماهيري المطروح هو حماية الدستور وتكريس الديمقراطية وحماية المال العام•
لقد فرض المجلس هيبته ولبى طموح الناس في مجابهة المشاكل الخطيرة في ذلك الوقت، واستطاعت القوى الوطنية والديمقراطية تفعيل الأدوات الدستورية، وتقدم عدد من النواب بمشاريع قوانين تحد من سطوة الحكومة وحرمانها من الامتيازات التي تتمتع بها مثل قانون محاكمة الوزراء وقانون استقلالية القضاء، ومطالبة النواب بأن يتولى المجلس الاطلاع على كشوفات وسجلات البنك المركزي• أدى ذلك إلى حل المجلس في 3 يوليو 1986•
وبعد حل مجلس الأمة أصدرت القوى السياسية الكويتية بيانا تنادي فيه بضرورة العمل بأحكام الدستور وعودة مجلس الأمة•
وأمام هذا الوضع، لم تجد الحركة الوطنية الكويتية إلا القيام بدورها الحقيقي وأخذ زمام الأمور• وبمبادرة من التجمع الديمقراطي بدأت اللقاءات بين مختلف النواب حيث ظهرت فكرة العريضة للمناشدة بعودة مجلس الأمة على أساس دستور 1962 والتي وقع عليها ما يقارب 25 ألفا من مجموع الناخبين، الا أن السلطة لم تستجب لهذه المطالب•
وفي هذه الأثناء تأسست الحركة الدستورية التي حددت أهدافها بالتالي:
1- استعادة الشرعية الدستورية•
2- الدفاع عن الدستور•
3- تعزيز استقلالية السلطات الشرعية•
4- إشاعة الحريات العامة•
5- حشد المواطنين وتنظيم صفوفهم•
6- العمل على تحقيق الأهداف بالوسائل السلمية•
وبدأت التحركات واللقاءات الشعبية وظهرت ديوانيات الإثنين المنادية بعودة مجلس الأمة والتي على أثرها تم اعتقال د• أحمد الخطيب وعدد من قياديي حركة المطالبة بعودة الدستور•
وفي أبريل 1990 أعلن عن إنشاء ما سمي بالمجلس الوطني، ورفضت القطاعات الشعبية هذا المجلس وقاطعت انتخاباته•
الغزو العراقي
في الثاني من أغسطس 1990 سقطت البلاد نتيجة للغزو العراقي الغاشم• وساهمت القوى الوطنية والديمقراطية في مؤتمر "جدة" والتي كان موقفها حاسما حول عودة العمل بالدستور•
ويحدد د• أحمد الخطيب موقف الحركة الديمقراطية الكويتية تجاه هذا الحدث في:
1- الإدانة الكاملة للاحتلال ورفضه والعمل على إنهائه•
2- التمسك بالشرعية الدستورية كما نص عليها دستور 1962•
ويؤكد د• الخطيب على أن القوى الديمقراطية الكويتية قد حققت نجاحا باهرا وكان حاسما في تحرير الكويت، وذلك من خلال عدة تحركات قامت بها هذه القوى، أهمها وأبرزها:
1- شرح طبيعة الاحتلال العراقي وممارساته الوحشية التي فاقت كل تصور لكسب المؤسسات الإنسانية•
2- إبراز هوية الشعب الكويتي الديمقراطية التي ميزته عن عموم المنطقة•
3- التوجه إلى حركات السلام وتحديد مسؤولياتهم تجاه هذه الحرب•
4- التصدي لمقولة الاكتفاء بالحصار الاقتصادي فهو كفيل بإخراج العراق من الكويت•
أما مؤتمر جدة، فكان للخطيب رأيه، فيقول : "مؤتمر جدة كان القصد منه مبايعة فقط، ولكن الحركة الوطنية الدستورية الكويتية بكل جماعاتها تنادت وقررت أن تحضر لأنها ليست ضد الشرعية الدستورية ولكنها مع الديمقراطية والدستور"•
ويضيف: "عندما ذهبنا الى مؤتمر جدة وجدنا أن (القصة مطبوخة)، كلمة الأمير ثم كلمة رئيس الوزراء وكلمة المؤتمرين•• شخص عيّنوه وكتبوا له، ماذا يقول، هنا قلنا المؤتمرون هم الذين يعينون من يتكلم باسمهم وهم الذين يقولون، ماذا يقول•• والى قبل انعقاد المؤتمر بست ساعات كانت معركة الصراع على قضية الديمقراطية والدستور•• فهم كانوا رافضين•• فكان الجواب حاسماً إما هذا الأمر وإلا فنحن منسحبون"•
ويفسر الخطيب كارثة الغزو العراقي بـ "الانفراد بالقرار•• وهذا الأمر كارثة ولا نريد أن يتكرر لأننا دفعنا الثمن غالياً"•
مجلس 1992
بعد تحرير الكويت في 26 فبراير 1991 من الغزو العراقي الغاشم أعلنت القوى السياسية الكويتية عن نفسها بسرعة، وأعلنت عن تشكيلاتها وكان المنبر الديمقراطي الكويتي أول التجمعات السياسية التي خرجت على الساحة الكويتية والذي وحد أطراف الحركة الوطنية الكويتية•
وخاضت القوى السياسية الكويتية انتخابات 1992 وتجنبت على حد تعبير د• الخطيب "الصراع فيما بينها واكتفت بطرح برامجها"•
ولكن هذا المجلس شهد تصدعا لتكتل القوى السياسية بعد الانتخابات مباشرة بداية من انتخابات الرئاسة وصولا إلى انتخابات اللجان•
ويفسر د• الخطيب هذا الأمر: "قبل الانتخابات وقع 30 نائبا من نواب مجلس 1985 على ميثاق شرف ينفذ في حال نجاحهم في الانتخابات، ولكن بعد الانتخابات أحس الإسلاميون بثقل داخل المجلس ثم رشحوا نائبهم لرئاسة المجلس ضد أحمد السعدون وخرقوا ميثاق الشرف الموقع قبل الانتخابات بفترة وجيزة•• (ولنا) أن نتصور الإسلاميين لديهم ثقل نيابي ومرشح•• والحكومة مستعدة للتصويت لأي شخص غير أحمد السعدون، فماذا يمكن أن يحدث؟ ولم يكن موضوع الرئاسة هو الوحيد•• فقد اتفق الإسلاميون مع الحكومة وسيطروا على جميع لجان المجلس"•
وحول ما قدمه مجلس 1992 قال: "القضية ليست فيما أنجزه المجلس وإنما في أن الحكومة لا تريد تنفيذ القوانين ويجب أن تكون هناك أغلبية برلمانية قادرة على إجبارها على التنفيذ" منوها أيضا بانجازات هذا المجلس وبخاصة فيما يتعلق بقانون حماية المال العام والاطلاع على ميزانية وزارة الدفاع وإقرار قانون محاكمة الوزراء•
مفهوم المعارضة
يؤكد د• أحمد الخطيب على أن مفهوم المعارضة السياسية من الصعب إطلاقه بدقة على الوضع في الكويت، فهذا التعبير قد يكون أكبر من الوضع الحالي•
ويفسر ذلك بالقول : "المعارضة تحمل معنى معيناً في الدول الديمقراطية البرلمانية، فهناك حزب في السلطة وهو الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات وحزب خارج السلطة يشكل معارضة في البرلمان لديه بديل يدعو له حتى يستطيع أن يكسب شعبيا ويفوز بالانتخابات التالية ليتسلم السلطة وينفذ برامجه• وهذا في الكويت غير موجود ووضعنا الديمقراطي مازال متواضعا"•
وهنا يشير الخطيب إلى الكيفية التي عملت فيها الأقلية - المعارضة والذي قصد منها التيار الوطني الديمقراطي في مجالس الأمة المختلفة والتي أدت إلى تحقيق العديد من الانجازات الوطنية، محددا عددا من العوامل في هذا المجال والتي تتمثل في:
1- اتخاذ الموقف الوطني الشعبي الذي يتجاوب مع أماني وطموحات الشعب الكويتي•
2- الطرح الموضوعي الواضح والمبسط والاهتمام بكل النواب وتوضيح الموقف لهم، لأنهم في حال وضوح الأمر لهم لن يترددوا في الوقوف إلى جانب مصلحة الوطن•
3- تجنيد الرأي العام حول القضايا المطروحة والانتقال بالمعركة من ردهات المجلس إلى الشارع وسط المواطنين بهدف خلق حالة واسعة•
ويؤكد الخطيب أنه بهذه الطريقة يمكن تحقيق العديد من الأهداف الوطنية والحفاظ على الديمقراطية في الكويت والتي على الرغم من أنها عرجاء - على حد تعبيره - إلا أنها السبب الرئيسي في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد•
الأحزاب الدينية والموقف منها
يقول د• أحمد الخطيب: "هناك حادثة مهمة في تاريخ الكويت السياسي كانت بمثابة الإعلان الرسمي الأول لرعاية الحكومة للتيار الديني•• ففي عام 1976 صدر مرسوم بحل مجلس الأمة وتعطيل العمل ببعض مواد الدستور وقامت الهيئات الشعبية والنقابات وجمعيات النفع العام بعمل عريضة للمطالبة بعودة الدستور ووقع عليها الجميع ما عدا جمعية الإصلاح الاجتماعي التي كانت لها مقاصد معينة وراء ذلك"•
ويضيف أنه بعد الحل صدر مرسوم تشكيل الوزارة وكان رئيس جمعية الإصلاح آنذاك وزيرا، وكانت المرة الأولى والأخيرة التي يصدر فيها مرسوم بتعيين شخص وزيرا وتذكر صفته وفي هذه الحالة ذكرت الصفة باعتباره رئيسا لجمعية الإصلاح وليس بصفته الشخصية فيما اعتبر المراقبون السياسيون ذلك مكافأة لجمعية الإصلاح ورئيسها على عدم معارضة حل المجلس•
ويوضح الخطيب علاقة التيار الديني مع الحكومة بأن الاثنين يجمعهما شيء مشترك وهو عدم الإيمان بدستور 1962 ، فالجماعات المتلحفة بالدين ترى أن الدستور خارج عن الدين وأن البديل هو الشورى وأن هم من يتحمل هذه المسؤولية•
وعن أسلوب عمل هذا التيار يقول: "في السابق كان هناك خلاف بين السلف والإخوان في أسلوب العمل•• السلف يعملون من الأسفل حتى يسقط النظام تلقائيا والإخوان يتجهون بعنفهم المعروف عنهم والموروث منذ أيام حسن البنا نحو إسقاط النظام مباشرة، ولكنهم (أي الإخوان) اكتشفوا أخيرا أن أسلوب العنف لم يعد يأتي بنتيجة بدليل محاولاتهم الفاشلة في مصر والجزائر والأردن وسورية حيث كانت ترتد عليهم"•
ويواصل د• الخطيب قائلا: "الآن أصبح تطابق في الأسلوبين والموقفين أي العمل من الأسفل وهم الآن متغلغلون في كل مكان في الدولة ولا يوجد مجال إلا وصلوا إليه ويشكلون بقوتهم المالية عناصر إرهاب للمواطنين، يهددون ويعتقلون ويوصلون - الناس - إلى السجن، بمعنى أنهم ماسكين الدولة"•
فالأحزاب الدينية من وجهة نظر د• أحمد الخطيب تحاول أن تستأثر بمجلس الأمة وتصبغه بصبغتها الحزبية الخاصة بدءا من معركة الرئاسة والسيطرة على اللجان، وانتهاء بطرح قضايا ليست ضمن أولويات الشعب الكويتي•
أما عن البرامج والأدبيات التي تطرحها هذه الأحزاب فيقول عنها الخطيب أنها تستهدف استغفال البسطاء وغير المتابعين للأحداث في البلد، ويجزم الخطيب أن تدني الوعي وخصوصا الوعي السياسي هو سبب اتجاه الكثيرين نحو التيار الديني رغم أنهم ليسوا من هذا التيار•
ماذا ينقصنا؟
يقول د• أحمد الخطيب أن هناك مسألتين في غاية الأهمية:
الأولى: هي أننا يجب أن نؤمن بالديمقراطية أكثر فأكثر، فهي واحدة من أكبر المنجزات التي تحققت، والحركة الوطنية لم تستطع الاستفادة مما تتيحه الديمقراطية من فرص لتنمية الوعي وترسيخ تقاليد للعمل السياسي على أسس علمية ونضالية معا•
ونعتقد أن الحفاظ على الديمقراطية وتعزيزها وتعميق إحساسنا بها هو مكسب وطني وجماهيري يظل المطلب الوطني الأول•
والثانية: هناك نواقص تعانيها الحركة الوطنية ولا بد من العمل على تلافيها بجدية أكبر، فقد قصرت القوى الوطنية في الوصول إلى الجماهير العريضة وفشلت في تعبئة غالبيتها، والمطلوب مزيد من الالتصاق بهذه الجماهير وبهمومها وطموحاتها•
ويرى الخطيب حتمية انتصار الديمقراطية في الكويت لأنها مسار التاريخ، والذين يريدون الوقوف في وجه هذا الأمر هم خاسرون في النهاية ويؤكد أن الخطر الحقيقي الذي يهدد هذه المسيرة هو خطر التمزق الطائفي والتعصب الديني وهما المقتل الحقيقي للديمقراطية، فالمهمة الأولى الموكلة لكل القوى الديمقراطية والوطنية التي تحب الكويت وتقدمها هو الوقوف بحزم أمام هذا الخطر
اعتزال العمل البرلماني
بعد انقضاء فترة مجلس الأمة السابع (1996 - 1992 ) أعلن د. أحمد الخطيب اعتزاله العمل البرلماني تاركا الفرصة أمام الشباب الوطني ليأخذ طريقه•
ويقول الخطيب إن : "المرحلة الحالية تتطلب وجوها جديدة تتحمل المسؤولية خاصة أن الأوضاع وطبيعة الناس والمشاكل في تغير دائم، ومن هذا المنطلق فإن الشباب هم أدرى بطبيعة هذه المشاكل والمفروض من هذا الفهم تشجيع الشباب وترك المجال لهم"•
ويؤكد الخطيب أن الديمقراطية ليست بوجود المجلس وإنما بوجود رأي كويتي يحمي التجربة الديمقراطية، فإذا أحست السلطة أن المجلس مدعوم لا تقدر أن تلعب به•
أحمد الخطيب: حذار من اللعب مع أعداء الكرامة وعبيد المال ولابسي أثواب المذلة
11-05-2014 أحمد الخطيب 01:26 م
| تكبير الخط | تصغير الخط
مقال مهم للدكتور أحمد الخطيب يطرح فيه رأيه بصورة مختصرة وخاطفة عما يدور حاليا في الأوساط الشبابية من اتهامات وتلاعب بالألفاظ والأقوال لما لهذا الأمر من تأثير سيء على الوضع القائم في الكويت والذي يسير نحو واقع سيء أيضا.
كما يحذر الخطيب في هذا المقال من مخاطر الانزلاق نحو الهاوية "واللعب مع أعداء الكرامة وعبيد المال ولابسي أثواب المذلة".
وفيما يلي نص المقال:
يشهد مسرح التواصل الاجتماعي وخصوصا «التويتر» حملة محمومة على أشخاص معينين بالتمجيد أو التجريح وكأن هؤلاء هم السبب فيما نعانيه من علة في أوضاعنا العامة، مع أن ما نعانيه من تخلف قد بدأ منذ عام 1965، عندما تشكلت أغلبية في مجلس الأمة أقرت قوانين أحرقت بموجبها كل تراث الكويت الديمقراطي، وتوجته بتزوير انتخابات عام 1967، ومنذ ذلك الحين، شهد المسرح السياسي تحالف أعداء المشاركة في الحكم والمافيا المالية للقضاء على كل المكتسبات الديمقراطية.
الأشخاص المتهمون الآن بأنهم السبب فيما نعانيه لم يكونوا متواجدين أصلا في تلك الحقبة، بعضهم كان في بطن أمه وبعضهم كانت "المصاصة" في فمه، أي أنه لا ناقة لهم ولا جمل في أصل هذه المصيبة التي نعانيها، فربط مشاكلنا الآن بأشخاص معنيين هو تسطيح فج يجب أن نتجنبه، والأخطر من ذلك أن نصبح دون وعي أداة في تعميق الانقسام الحاصل في المجتمع الكويتي ونزيد الطين بلة، فنخدم بذلك أعداء الوطن، ونلعب معهم في ملعبهم المدمر لنا جميعاً بدل أن تكون مهمتنا نشر الوعي ليعرف الشعب مصدر البلاء فيرفض الحوار مع المندسين المخربين من تحالف أعداء الديمقراطية.
حذار حذار من اللعب مع أعداء الكرامة، عبيد المال، ولابسي أثواب المذلة.
الحوار الشبابي المطلوب يجب أن يكون هدفه توحيد الموقف والرؤية وقطع الطريق على من جاء ليجند وسائل التواصل الالكتروني كالتويتر وغيره لتمزيق المجتمع.
الاختلاف بالتفاصيل مقبول ومفيد، إلا أن التشهير مرفوض، وجعل هذه الأمور تعمينا عن الإشكال الحقيقي هو المأساة.
حضوركم صمّام الأمان لهذه الأمة.. والمستقبل معقود على وعيكم وتعاونكم رسالة إلى الشباب: أنتم أداة التغيير
كتب أحمد الخطيب :
لقد حققتم بتجمّعكم في ساحة الإرادة أكبر إنجاز تاريخي لم تشهد الكويت مثله، وأفضى إلى رحيل الحكومة والمجلس كخطوة أولى في طريق الإصلاح، وهو إنجاز لم يستطع أعضاء مجلس الأمة بأدواتهم الدستورية الفعالة أن يحققوه.
إنجازكم هذا كان ثمرة تفعيلكم المادة السادسة من الدستور، التي تقول إن الأمة مصدر كل السلطات.. أنتم ـــ الشعب ـــ أعلى سلطة في الوطن، وتخضع لكم السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتستمد هذه السلطات صلاحياتها من ممثليكم في مجلس الأمة.
تحقيقكم لهذا النصر العظيم بتفعيلكم للمادة السادسة من الدستور، يعطيكم الامكانية لانتشال الكويت من المستنقع المخزي الذي نعيشه، بسبب شل إرادة الشعب وتعليق الدستور عمليا، وانتهاك القوانين، ومصادرة ثروة الأمة من قبل أشخاص ومؤسسات جشعة، لا تهمها المصلحة العليا للوطن، هذا الانتصار يجعل المستقبل أمانة في أعناقكم، ويمنحكم المسؤولية، وكل محب لهذا الوطن يعلم بأنكم قادرون على ايصال اشخاص الى المجلس بمستوى طموحكم، اشخاص محبين لهذا البلد ويريدون استقراره ورخاءه، وعودة دوره الريادي في المنطقة في كل المجالات.
نعم إن الكويتيين المخلصين يحنّون الى عودة ايام العز التي عاشوها برعاية أب هذه النهضة المرحوم الامير عبدالله السالم الصباح، الذي احتضن طموحات هذا الشعب وأشرف على تحقيقها بكل طاقاته.
ودعوني أقدم لكم بعض الآراء والاقتراحات التي من الممكن أن تساعدكم على تحقيق هذه المهمة التاريخية، لا بل المفصلية في تاريخ الكويت، والتي إن فرطنا فيها قد لا تتكرر في المستقبل المنظور:
أولاً: اللحمة الوطنية هي وحدها التي ستحمينا من الزلزال الذي يجتاح الوطن العربي. تماسكنا جميعا بكل شرائح المجتمع دون استثناء هو الذي سيساعدنا على اجتيازه بأقل الخسائر. ويقيني أن التوتر والشحن السياسي اللذين يقف وراءهما مفسدون هما اللذان يعطيان صورة كاذبة ومبالغا فيها، توحي بوجود شرخ في اللحمة الوطنية، فالكويتيون يحب بعضهم بعضا، وهكذا عاشوا وهكذا سيستمرون.
فإذا كانت الظروف والوقت القصير لموعد الانتخابات لا يعطيان الفرصة للمّ الشمل لكل فئات الشباب الفاعلة في جميع المناطق التي تمثل جميع شرائح الشعب، فلا أقل من التنسيق فيما بينها ليرمي الشباب بثقلهم، وهم الأكثرية ومعهم الكثيرون من غير الشباب من المخلصين والمحبين للوطن، من أجل دعم العناصر النظيفة الكفؤة من المرشحين، ورفض كل أشكال التفرقة، سواء كانت عائلية أو طائفية أو قبلية أو مالية، فالمعيار الوحيد المطلوب هو الكفاءة والأمانة. وأود أن أركز على أمر مهم، وهو أن أي عمل جاد لابد له من آليات تنفيذ وخطط للتحرك من أجل ضمان الاستمرار والفعالية في الأداء.
ثانيا: المراقبة الفعلية لعملية الانتخابات، وذلك عبر:
1 ــــ التأكد من سلامة جداول الانتخابات وفحصها، لمحاربة نقل الأصوات أو تزوير الجداول. ولابد من إيجاد فرق متخصصة بهذه المهمة.
2 ــــ رصد كل التأثيرات المالية وغيرها، والعمل على توثيقها بالتصوير، أو ببثها مباشرة ليطلع عليها الجميع في وسائط شبكات التواصل الاجتماعي المتطورة المتاحة لكم، وأنتم خير من يعرف كيف يستعملها، وها نحن نرى فعاليتها في التحركات الشبابية في الوطن العربي وفي العالم كله.. نريد أن تكون الأجهزة المنوط بها الإشراف وإدارة العملية الانتخابية تحت رقابتكم الصارمة، تمهيدا لتشكيل ما يسمى بالمفوضية العليا للانتخابات كجهة مستقلة.
3 ــــ التأكد من أن كل المخالفات تسجل في المحاضر الانتخابية، وهذا حق لكل مرشح أن يثبت طعنه في هذه المحاضر.
4 ــــ عملكم لا ينتهي عند إغلاق الصناديق وإعلان النتائج، بل يجب أن تتم مراقبتكم للفائزين ممن دعمتموهم، للتأكد من أن أدوارهم في المجلس وخارجه تطابق تعهداتهم في خدمة الوطن وليس لخدمتهم الشخصية.
والمراقبة والمحاسبة يجب أن تكونا مستمرتين طوال عمر المجلس، عليكم ملاحقة نوابكم في دواوينهم وبيوتهم ومكان عملهم، وإشعارهم بأنهم تحت المراقبة بالطرق السليمة المعروفة إن هم خانوا الأمانة، لأن البعض عندما يضمن الكرسي يبدأ في حصد المكافآت والهدايا والأموال الحرام من أعداء الأمة، فقد شاهدنا كيف يدخل الواحد منهم الدورة الواحدة حافيا ويخرج منها مليونيرا، ولا يبالي بخسارته في دورة مقبلة.
5 ــــ استفيدوا من خبرة شباب الربيع العربي والعالمي في أعمالكم، لأنكم جزء منهم، وفي تعاونكم قوة لكم ـ مع الأخذ في الاعتبار مسألة الخصوصية الكويتية، المتمثلة في وجود دستور 1962 ـ فهم المستقبل الأكيد لهذا العالم والعون لكم في حل مشاكلكم. والمستقبل الزاهر الذي تدعون إليه هو وحده الضمان الأكيد لأمن الكويت وحمايتها. فالكويت، كبلد صغير في هذه المنطقة، لا تستطيع أن تشعر بالأمان ضمن إمكاناتها الذاتية، والاعتماد على الغير هو انتحار أكيد، لأن السياسة هي مصالح لا مبادئ، والمصالح السياسية متغيرة وغير ثابتة.
6 ــــ ارصدوا المرشحين الحاليين، لأن قوى الفساد تحاول أن تسقط المرشحين الوطنيين والمصلحين، بدفع مرشحين آخرين لتشتيت الأصوات فقط لمصلحة مرشحيهم الفاسدين مثلهم، لأنه يصعب عليهم دعوة الغير لانتخابهم، لذلك فهم يدفعون الآخرين إلى خوض المعركة الانتخابية، وهؤلاء يقعون في الفخ عن حسن نية. هؤلاء من الممكن معرفتهم عندما تظهر عليهم مظاهر النعمة فجأة، فمن كان يعيش في بيت متواضع ينتقل فجأة الى بيت أكبر وأحدث، ومن صاحب دخل محدود، يصبح قادرا على تمويل حملة انتخابية مكلفة تفوق إمكاناته المادية.. هؤلاء يجب رصدهم ومعرفتهم وكشفهم وكشف من ورّطهم، لأن اعتماده على «ربع» الديوانية والأصحاب لا يؤدي إلى النجاح، بل الى حجب الأصوات النظيفة عن المرشحين المفيدين للوطن. لذلك فإن التحايل في الرشوة، وتأجير البيوت أو سراديب البيوت، والتوسّع الواضح بتعيين المندوبين وإعطائهم مكافأة، هي في الحقيقة شكل من أشكال شراء الأصوات، يجب كشفها ومحاربتها.
7 ــــ الحكومة تعهّدت بإجراء انتخابات نزيهة، وعليه فإن الشباب مخول للتأكد من نية الحكومة في اختبارها، بالتعاون معها في كشف هذه التجاوزات، وإحالة مرتكبها الى العدالة، سواء كان راشيا أو مرتشيا.
كلمة أخيرة
إن تعاونكم وتفانيكم في خوض هذه المعركة ضمانة لمستقبلكم ومستقبل أبنائكم.
إن إيماني بكم لا يتزعزع، فسيروا على بركة الله.
كل الطيبين في هذا البلد يدعون لكم بالتوفيق وسيساعدونكم في مهمتكم النبيلة هذه.
6/8/2014 القبس 2:47:56 AM
القبس
غزة.. المقاومة الشعبية تمرغ هيبة إسرائيل بالتراب
د. أحمد الخطيب
اعتقد الصهاينة بأن تحويل غزة إلى سجن كبير، كما سماه ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا كفيل بدفع الفلسطينيين إلى النزوح إلى مصر أو إلى الأردن، بعد ان صعب نقلهم جماعياً إلى خارج القطاع دولياً، ولم يدركوا أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يتخلى عن وطنه.
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يعتقد بأنه سيجبر أبناء غزة على ردم الأنفاق التي أصبحت تهدد أمن الإسرائيليين، بمجرد إعلان قراره باستعمال القوة، مثلما حصل مع صدام حسين، عندما تم إنذاره باستعمال القوة إذا لم يدمر قدراته الذرية، وقد امتثل حينها لأوامر أميركا، كما فعل كذلك بشار الأسد، بالتخلص من سلاحه الكيماوي، بعد ان تلقى إنذاراً مماثلاً من الغرب.. هذا التحليل الخاطئ هو الذي شجع نتانياهو على استعمال الأسلوب نفسه، لكنه نسي الفارق الكبير بين هاتين الحالتين، فصدام والأسد لم يملكا القاعدة الشعبية التي تقف معهما، لأن حكمهما فردي، ليست له امتدادات شعبية، بعكس الوضع في غزة، فقرار المقاومة فيها شعبي، نابع من إيمان الشعب في حقه باستخدام جميع الإمكانات المتوافرة لديه لتحرير بلده من استعمار استيطاني قذر، وهذا النضال يحظى بمواثيق دولية وتأييد الرأي العالمي، كما نشاهد الآن.
خطأ نتانياهو
تقول Judirudoren في جريدة نيويورك تايمز الأميركية بتاريخ 2014/8/1، إن «نتانياهو أدرك الآن خطأه في حصار غزة، وكان عليه أن يسهل الحياة على أهلها، كي يعيشوا حياة طبيعية، فما تكبدته إسرائيل من خسائر فادحة في الأرواح والأموال، وردود الفعل العالمية الغاضبة على تصرفاته الوحشية بقتل الأطفال والأبرياء - هذه التصرفات الخرقاء - حظمت الأسطورة الكاذبة لإسرائيل كدولة ديموقراطية حضارية مهددة من أنظمة دكتاتورية جاهلية لا قيمة للإنسان في مجتمعاتها».
كذلك، فللمرة الثانية تجد اسرائيل ان هيبتها العسكرية المزيفة تمرغ في التراب الفلسطيني بيد ابطال معركة تحرير الارض التي خاضتها جميع الفصائل الفلسطينية، لان معارك التحرر الوطني توحد المجتمع للمساهمة، كل وفق قدراته وامكاناته، سواء كانت عسكرية او قانونية او غيرها.. تماما مثلما حصل في معركة تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي، عندما ابهرت المقاومة العالم في شجاعتها في مواجهة العدوان، ووجدت كل الدعم من جميع مكونات الشعب اللبناني، ولي الشرف ان كنت شاهدا على ذلك.
الخيار السياسي
معارك التحرير من الاحتلال تجمع ما بين مكونات الشعب، اما معارك البناء بعد الاستقلال، فتحتمل الخلافات، وهذا برأيي ضروري، حتى تناقش جميع الآراء والحلول ليحسمها الشعب في انتخابات حرة ونزيهة، كونه - أي الشعب - مصدر كل السلطات والقرار النهائي بيده هو.
الخيار العسكري الصهيوني لقيام الدولة سقط منذ زمن بعيد، فشيمون بيريز رئيس وزراء اسرائيل السابق ومهندس القنبلة الذرية، والذي يعد عميد الساسة الاسرائيليين، يقول في كتابه عن مستقبل اسرائيل الذي صدر عام 1992 «جلس موشي دايان في مكتبه ينتظر مكالمة من قادة العرب المجتمعين في الخرطوم، ليعترفوا بهزيمتهم، رافعين الراية البيضاء، الا انه فوجئ بلاءات الخرطوم الثلاث، فادرك عندها ان الخيار العسكري قد سقط، ولا بد من اللجوء الى الخيار السياسي، لتكون اسرائىل جزءا من المنطقة».
شيمون بيريز طرح قبل يومين رأيا يدعو فيه الى اللجوء لحل سلمي وانهاء العدوان على غزة، كضمانة احسن لإسرائيل، كما يشجع اصحاب الرأي نفسه على المجاهرة برأيهم هذا.
لا نتفاءل كثيراً، لأن الفكر الصهيوني المعادي للعرب وللبشرية جمعاء متأصل في هذا المجتمع، كما ذكر الكاتب الاسرائىلي اسرائيل شاهاك في كتابه الذي يفسر فيه لماذا اليهود مكروهون في العالم.
إلا اننا لا يمكن ان ننسى قول الشابي شاعر الثائرين، حين قال:
إذا الشعب يوماً اراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
المقاومة الشعبية
ولا ننسى ان المقاومة الشعبية الجديدة اكتوت بنارها الدول الكبرى، مثلما حصل لأميركا في فيتنام وأفغانستان والشرق الأوسط، والروس كذلك في أفغانستان. والدول الأوروبية الأخرى، فهي بدورها تعيش كابوس هزائمها وجرائمها في دول العالم الثالث.
ولا يمكن أن أنهي هذا المقال من دون أن أعرج على ما تكتبه الصحف العالمية حول موقف بعض الدول العربية المخزي مما يحدث في غزة البطلة.
فمثلاً ذكر David D.Kirkrpatrick في مقال نشرته جريدة نيويورك تايمز الأميركية بتاريخ 2014/7/31، عن المبادرة المصرية لحل الأزمة، بأنها «تمت بالاتفاق مع أميركا وإسرائيل وبعض دول الخليج النفطية».
20/8/2014 الجريدة 1:03:21 AM
الجريدة
ما نشاهده الآن ليس انقلاباً.. بل ثورة كرامة لكل إنسان شريف
د. أحمد الخطيب
لو زارنا ضيف من كوكب آخر، لأخذته الدهشة مما يراه من غرائب في عالمنا هذا. البليونيرية (أصحاب البلايين) يتكاثرون كالفقع بعد أمطار الوسم... حتى إن مجلة فوربس، المعنية بهذه الشريحة من البشر، عجزت عن إحصائهم، فلم يعد هؤلاء الأغنياء كالسابقين لهم من تجار عقار أو إقطاعيين وصناعيين، بل انضمَّت إليهم مجموعات مختلفة من أبطال رياضيين في ألعاب عدة، ككرة القدم والتنس والسيارات والدراجات، وممثلين وعارضات أزياء وملكات جمال وموسيقيين ومغنين وعباقرة وسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة، كالمبدع بيل غيتس، وعباقرة الأسواق المالية، ولا ننسى تجار الدين، بطلعاتهم التلفزيونية ومحاضراتهم ومعالجتهم للمرضى، وازدهار مبيعات أشرطة محاضراتهم ومظاهر البذخ البادية على معيشتهم.
واللافت للنظر، كذلك، ازدهار تجارة البضائع الفاخرة، كالسيارات الباهظة الثمن والطائرات والشقق الفاخرة ذات الأسعار الخيالية، والحجز في أفخم الفنادق الراقية، حتى قبل أن يبدأ بناؤها... وكذلك ما يُصرف من أموال مبالغ في ضخامتها في مناسبات احتفالية للمرح أو للزواج.
مقابل كل هذا، نرى البديل المؤلم والمحزن... نرى فقراً مدقعاً... وأطفالاً يموتون من الجوع أو المرض في جميع القارات، وعائلات لا سكن لها غير الساحات المهملة والطرقات العامة، لأن ميزانيات هذه الدول تُصرف على الحروب وآلاتها المدمرة.
وهكذا، نرى 1 في المئة من البشر يموتون من التخمة، و99 في المئة يعيشون في عذاب.
فلا عجب إذا رأينا مظاهر غريبة، يصعب على كثيرين فهم لماذا كل هذا الدمار الذي يحلّ بنا؟ ولماذا نرى الاقتتال في كل مكان، وكأننا نعيش في جحيم؟!
ألا نقف مذهولين عندما نرى أطفالاً يحملون السلاح لقتل أطفال مثلهم أبرياء ونساء وطاعنين في السن؟!... لا، بل نرى هؤلاء الأطفال يفجرون أنفسهم، فرحين مستبشرين بدخول جنة في انتظارهم توفر لهم ما يطمحون إليه من لذة يحلمون بها... ونرى شباباً وشابات من مختلف أنحاء العالم يتسابقون للالتحاق بكل منطقة توفر لهم الفرصة للاشتراك في هذا العرس الدموي المجنون.
فما نتيجة هذا الوضع؟
الجواب، هو انبثاق غضب شعبي عالمي، بأغلبية شبابية رافضة لهذا الواقع المعيب، وليد ثقافة عالمية جاهلية لاتزال تتحكم في البشرية جمعاء، منذ بدء الخليقة... صراع وحروب عبثية لأسباب كثيرة وليدة هذا الضياع الذي نعيشه.
نحن نشاهد الآن جيلاً جديداً يرفض كل هذا ويريد التغيير في نمط الحياة، ويتمرد على أقطاب هذا الفساد العالمي وهو مصمم على القضاء عليه.
هذا الغضب عبَّر عنه بشكل رائع ج. د. سالنغر (J.D. Salinger) في روايته «الحارس في حقل الشوفان» (The Catcher in the Rye)، وهي قصة شاب أميركي فقد معظم أصدقائه في الحرب العالمية الثانية عند تحرير أوروبا من النازيين، فهو يتساءل، لماذا زُج به في هذه الحرب التي هي صراع بين دول استعمارية للحصول على مستعمرات؟ لأنها ضرورية لإنعاش اقتصادها، فبعضها له حصة الأسد من هذه المستعمرات، وبعضها الآخر لا حصة معقولة له من هذه الغنائم، كألمانيا وإيطاليا، وكذلك اليابان.
في هذا الكتاب انتقاد مرير للنظام العالمي الظالم، وقد لاقى هذا الكتاب إقبالاً غير مسبوق، لجرأته الواضحة، وظل هكذا إلى يومنا هذا منارة لشباب العالم الذين يريدون التغيير.
والسؤال هو: ما الذي يريد تحقيقه هؤلاء المتمردون؟ الكل متفق على حل المشكلة الماثلة أمامهم، إلا أن لكل مجتمع مشكلته الأساسية، وهنا نرى الاختلاف في أهداف الكثير من المحاولات.
يمكن القول إن أول ربيع عالمي كان في منتصف القرن التاسع عشر في أوروبا، وتم القضاء عليه بتحالف المجموعات الحاكمة والمؤثرة في المجتمع بمجزرة رهيبة كان ضحاياها بالألوف، إلا أن رسالتهم لم تمت... فبعد ثلاث سنوات فقط بدأ النظام الديمقراطي، وأنهى عبودية البشر في أوروبا والاستعمار.
وفي أواسط القرن الماضي أدَّى تحرك الشعب الأميركي إلى وقف حرب فيتنام، التي ذهب ضحيتها الألوف من الشباب الأميركيين في هذا البلد البعيد عن الولايات المتحدة الأميركية بآلاف الأميال.
الانزعاج الشديد من هذه الحرب، ورفض الشباب المشاركة فيها عبر تظاهرات صاخبة عمَّت البلد كله، وأصبحت الحروب لعنة مرفوضة.
هذا المزاج مثلته أغنية 'الحرب' التي غناها Bruce Springsteen، واحتلت المركز الأول بين أغاني ذلك العصر، كما ذكر Ian Morris في كتابه 'الحرب' عام 2014.
تقول الأغنية في نهايتها:
It ain't nothing but a heartbreaker
!War
Friend only to the undertaker
وكذلك، أنجز التحرك الشبابي الفرنسي، في أواخر القرن الماضي، تطوير التعليم في فرنسا، الذي نراه الآن، وكذلك النظام الصحي، الذي يُعد من بين أفضل الأنظمة في العالم.
وفي بريطانيا، تحرَّك شباب 'الهيبز'، كما يسمونهم، لتحرير بريطانيا من الجمود الطبقي المهترئ، الذي تسبب في تخلفها وتحولها إلى دولة من الدرجة الثالثة.
ودخلت المرأة إلى مجلس اللوردات بكثافة، وتم تغيير تشكيلة المجلس، ودخلته عناصر شعبية أبدعت في مجالات عملها المتعددة، من مثقفين وفنانين ورياضيين وغيرهم، ولعل أكبر ظاهرة لتلك الحقبة ظهور فرقة البيتلز والأميرة الشعبية ديانا.
ويجب ألا ننسى ما حصل في بقية الدول الأوروبية، كإنهاء الحكم الشيوعي في بولونيا، بقيادة عمالها، وكذلك الثورة البرتقالية في أوكرانيا، التي أطاحت حكاماً فاسدين، وكذلك شباب يوغسلافيا، عندما أطاحوا الرئيس سلوبودان ميلوسوفيتش أستاذ صدام حسين.
كان واضحاً أن هذه التحركات إقليمية في أغلبيتها، ولم تأخذ البعد العالمي بعد.
ويمكن التذكير بالتحرك العالمي، الذي حصل أثناء الثورة الإسبانية على الدكتاتورية، عندما أطاح الجنرال فرانكو النظام الديمقراطي، فهبَّت الجماعات الديمقراطية في أوروبا وأميركا إلى التطوع للقتال، بعدما تدخل النازيون الألمان والفاشستيون الطليان لمساعدة فرانكو، وخلَّدهم الفيلم الرائع 'لمن تقرع الأجراس'.
نحن الآن نشاهد الظاهرة نفسها... جموع شبابية بالآلاف تتدفق على مناطق القتال، المطالبة بالتغيير، لأنها عاجزة عن الفعل في أقطارها، وأخرى تساهم بحشد التأييد في دولها بالمهرجانات والمسيرات والتبرعات، مستغلين جميع وسائل الإعلام لشرف قضيتهم.
ما نراه الآن، بشكل واضح ومؤثر، في جميع القارات، هو الدعم للنضال الفلسطيني في غزة، وإدانة الكيان الصهيوني الاستعماري الاستيطاني القبيح.
هل ما نراه الآن فوضى عارمة لا فائدة منها، لأنها من دون برنامج أو قيادة؟
الجواب بالنفي الكامل.
ما نراه الآن هو تشخيص عالمي للواقع ورؤية واضحة جداً للعالم، الذي يريده الشباب المسالمون، المضحون بحياتهم.
نحن نشاهد الآن المخاض العسير لهذه الثورة، ونرى الشباب المسالمين يضحون بحياتهم، وبالآلاف، من دون كلل أو ملل، وهم يطيحون هذه الهياكل المهترئة في العالم، الواحد تلو الآخر.
أنا أحزن عندما أجد كُتاباً، أحترمهم، يهزأون بهذا الحراك الشبابي العالمي... لا، بل يتهمونهم بالخيانة والعمالة.
من يقول إنه مثقف ومحايد ويريد أن يعرف حقيقة هذا الحراك الشبابي العالمي، أقترح عليه أن يقرأ الكتاب التالي، وهو دراسة جادة توضح الكثير مما نجهله، واسم الكتاب 'Generation We' للكاتبين Karl Weber وEric Greenbery، وكذلك Diaries of An
Unfinshed Revolution، وهو حاصل على الجائزة الإنكليزية Penaward والكتاب لليلى الزبيدي وMathew Cassel.، وهي مذكرات لناشطين بارزين في الدول العربية المختلفة، التي تأثرت بالربيع العربي، وكيف تحول هؤلاء الشباب من شباب عاديين غير مسيسين إلى ناشطين فاعلين، كل في بلده.
ما نشاهده الآن ليس انقلاباً، بل هو تصميم على نسف ثقافة وحضارة موغلة في الفساد، لبناء مستقبل يعيد للإنسان كرامته، ويوفر له حياة كريمة ولذريته من بعده... إنها ثورة الكرامة لكل إنسان شريف... صحيح إن الثمن سيكون غالياً ومؤلماً، لكننا يجب أن نتقبل ذلك بكل رحابة صدر... لا، بل يجب أن نبارك ونساعد، كل وفق إمكاناته، لإيجاد مجتمع المحبة والسلام والحياة الكريمة للبشرية جمعاء.
المفكر السياسي ومستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، زبيغنيو بريغينسكي، نشر مقالاً في بداية الربيع العربي، جاء فيه: 'إن هذه أول ثورة عالمية تشهدها البشرية لتغيير مسار العالم، وستواجه صعوبات جمة، إلا أنني متأكد أن القطار قد بدأ مسيرته، وسيصل إلى المحطة الرئيسة حتماً، إلا أنني لا أستطيع القول متى سيتم ذلك'.
3/9/2014 الجريدة 12:51:54 AM
الجريدة
الربيع العالمي هو المستقبل.. طال الزمن أم قصر
د. أحمد الخطيب
في مقال سابق، ذكرت أن فشل الثقافة العالمية المبنية على القتل والتدمير، التي سادت العالم كله منذ بدء الخليقة، لم يعد مقبولاً ولا معقولاً، فتُصرَف الأموال الطائلة لتدمير البشرية، بدلاً من أن تُوظَّف لإسعادها، وذكرت كذلك أن هذا يفسر سبب ثورة الشباب العالمي على هذا الوضع، وانخراطه في الالتحاق بالبدائل المطروحة على الساحة، فهناك بديل ديني، يمثله «داعش»، وبديل آخر، يمثله الربيع الشبابي العالمي.
الانتصارات المذهلة لـ«داعش» في العراق وسورية أبهرت الشباب العالمي المتعطش إلى التغيير، فهبَّ مشاركاً أو مساعداً لهذا المشروع.
تقرير «نيويورك تايمز»
ففي تقرير نُشِر في جريدة نيويورك تايمز الأميركية، أُعِدّ من قِبل مجموعة من المختصين بتاريخ 28/8/2014، شدد على أهمية الجيش العراقي وضباطه، الذي خاض حرباً طويلة وصعبة أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، وأوضح أن هؤلاء الضباط يشكّلون العمود الفقري لـ»داعش»، وذكر أهمهم واختصاصاتهم المتفرقة وشهادة المسؤول عنهم في الكلية العسكرية، كضباط مميزين. وأشارت الصحيفة إلى تعامل الاحتلال الأميركي معهم، وطردهم بعد حلّ الجيش أو اعتقالهم، وكذلك محاربتهم، كجزء من المجتمع السني بشكل عام، ما كان من أسباب التحاقهم بـ«داعش».
ويذكر التقرير، كذلك، أن من بينهم ضباطاً شيوعيين أثناء حكم صدام، حيث يشكّل هؤلاء الجيل الجديد، ولديهم الخبرة في استعمال السلاح العراقي الموجود، الذي تم تخزينه بشكل لافت للنظر، لاستعماله في أي لحظة. ويُقال إن ذلك كان مخطط حزب البعث في ما لو فوجئ بانقلاب، ليكون جاهزاً للاستعمال من قِبل عناصر الحزب للعودة إلى الحكم.
رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي أنهى الجيش، واعتمد على تشكيلاته الخاصة المحدودة الخبرة في استعمال هذا السلاح، في حين أظهر البغدادي قدرة تنظيمية فائقة في توزيع الصلاحيات على رجاله، وإعطائهم الحرية في القيام بواجباتهم، سواء كانوا عسكراً أم مدنيين.
لقد وجد البغدادي في البيئة السنية، غرب العراق، الأرضية الصالحة للعمل.
تمويل وولاء
التمويل الهائل، الذي حصل عليه «داعش» من البترول، أو البنوك التي نهبها، عزّز قدراته، ولا ننسَ كذلك أن حزب الإخوان المسلمين، الأب الروحي لجميع الأحزاب الدينية، أغدق عليه الكثير من الأموال الفلكية، التي تفنن في جمعها من لجانه الخيرية الكثيرة، ومشاريعه الاقتصادية في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، المتحالف معها هذا الحزب، الذي يخدم استراتيجيتها المعادية للمشاركة الشعبية في الحكم، كما أن الكثير من الجماعات الدينية المسلحة في إفريقيا وآسيا أعلنت ولاءها لـ«داعش»، الذي اتبع أسلوب جنكيز خان وهولاكو في إشاعة الخوف والهلع، من خلال تصرفاته والتفنن في القتل والتعذيب والإعدامات الجماعية، ليبث الرعب في الأعداء، ليستسلموا من دون قتال.
مفاجآت
هذه التطورات فاجأت كثيرين، وأفزعت أصحاب المصالح في المنطقة، من الحكام وحاشيتهم المحتكرة للمال والسلطة، وهددت كذلك مصالح الدول الغربية، التي تحمي هؤلاء الحكام الحريصين على مصالح هذه الدول الأجنبية.
هناك أمر مهم يتداوله البعض، لم يُؤكَّد بعد، بأن البغدادي كي يكون خليفة للمسلمين عن جدارة، عليه أن يحكم من الموقع المقدَّس عند المسلمين، أي من الحرمين الشريفين ـ مكة المكرمة والمدينة المنورة ـ ويعتقد البعض بأن ذلك لن يكون مستحيلاً، ووفق ما أوردته جريدة «رأي اليوم» الإلكترونية بتاريخ 2014/8/29، في استطلاع غير رسمي، فإن نسبة كبيرة من الأهالي يؤيدون «داعش»، بسبب الأوضاع المتردية التي يحاول النظام الآن إصلاحها، لكن ببطء شديد، بسبب طبيعة النظام العائلي الديني.
حرب غزة
وفي هذا الإرباك، الذي تعيشه قوى الفساد، فوجئت بانتفاضة غزة، التي أبهرت العالم، واعتبرت بأنها «داعش ثانية» تحمل اسم «حماس» غزة. ولم تقف لتسأل نفسها: لماذا عاد الشعب في غزة إلى تأييدها والتعاون معها، بعد أن كان قد انقلب ضدها، بسبب حكمها الاستبدادي المعادي للأطراف الأخرى؟!
الانتفاضة في غزة شاملة، اشترك فيها الشعب كله لتحريرها من الحصار والاحتلال والإذلال سنين عدة. لقد كانت حرب تحرير كاملة للشعب كله، وهذا سر نجاح «حماس» وتحطيمها للصلف الإسرائيلي.
حرب غزة أظهرت للعالم الوجه القبيح لإسرائيل، الذي كانت تخفيه كدولة ديمقراطية إنسانية وحيدة في المنطقة، وأبرزت همجيتها وعنصريتها البشعة، فخرت طهارتها المزيفة، وهكذا انهزم المشروع الصهيوني، وتأكد للإسرائيليين أنه لا أمان لهم في هذه الدولة التي طالت الصواريخ الفلسطينية كل بلداتها.
الغرب، وبعض حكامنا، مع الأسف الشديد، وقفوا ضد هذه الانتفاضة، فجاء المشروع الإسرائيلي- الأميركي لإنهاء الحرب بتحقيق الأهداف الإسرائيلية من هدم الأنفاق، وتجريد الفلسطينيين من أسلحتهم، وفرض وصاية إسرائيلية على غزة.
بعد فشل هذا المخطط، جاء هؤلاء ليمثلوا دور المنظمة الإنسانية للإغاثة، لضخ الأموال لتعمير غزة، وإلهاء أهلها بتدبير حياتهم العادية المادية، ولم يدركوا أن أهالي غزة تجاوزوا هذه المرحلة منذ زمن بعيد، عندما استطاعوا العيش بكرامة طوال سنوات الحصار الإسرائيلي البشع. لم يفهم هؤلاء بعد أن الكرامة لا تُشترى بالمال.
المستقبل
وختاماً، فإن كل هذه المشاريع المطروحة، الداعشية أو العربية الرسمية، مآلها الفشل، و»داعش» غير قادر على مواجهة عالم أقوى منه بكثير، وسيتحول على الأكثر إلى مجموعات متفرقة تقوم بأعمال تخريبية متعددة، وربما مزعجة، لا أكثر، لأنه ضد مسيرة التاريخ وتطور البشرية.
الربيع العالمي هو المستقبل، طال الزمن أم قصر، وعلى الأنظمة العربية المرعوبة من هذه التطورات أن تدرك أنه ليس أمامها إلا الإسراع في عملية الإصلاح، التي تتيح الفرصة لشعوبها في المشاركة الحقيقية في الحكم، وإنهاء عهد الفساد والمفسدين.