لماذا يرتفع "الداو جونز" رغم انهيار الاقتصاد، وتفشي فيروس كورونا؟
أسواق الأسهممنذ ساعة (12 ابريل 2020 ,18:25)
3
Investing.com - بنهاية الأسبوع الماضي شهدنا مؤشر
ستاندرد آند بورز 500 يسجل أفضل مستوياته منذ سبعينيات القرن الماضي، وداو جونز وصل لارتفاعات تأخذ الأنفاس، وصلت لما فوق 1000 نقطة في بعض الأوقات عند الإغلاق. ويتوقع محللون وصول
الداو جونزلمستوى 25,000 نقطة مجددًا.
وليس هذا فقط، وصل الآن عدد المتقدمين بطلبات لإعانة البطالة لـ 10% من القوة العاملة بالولايات المتحدة، حدث هذا خلال 3 أسابيع منذ بداية الأزمة.
ويحوم الموت، واليأس في أرجاء العالم مع تفشي الجائحة الفيروسية كورونا. وما يشهده سوق العمل من كارثة ربما يكون هذا محض بداية لمنعطف الانهيار. أغلقت كثير من الأعمال الأمريكية حتى إشعار آخر. والآن، يسير الربع الثاني ناحية أرقام لم ترها الأسواق منذ الكساد العظيم.
يوجد أسباب منطقية تفسر تألق سوق الأسهم في ظل انهيار الأسواق. ولكن هذا لا يمنع من المقارنة بين حالة الاقتصاد الذي بدأ سقوطه الحر، والأسهم التي تسير فيها الأمور على ما يرام.
يوجد نوعان من القوى الطاغية الدافعة بمسارات متعارضة:
1- التجارة تتعثر عثرة كانت مستحيلة حتى في أعنف الخيالات قبل أسبوعين.
2- يراهن المستثمرون على تدخل لا مثيل له من واشنطن بحزم إنقاذ متتابعة، كان آخرها إعلان الاحتياطي الفيدرالي عن برنامج بـ 2.3 تريليون دولار لدعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة والحكومات الفيدرالي. وهذا ما يسهم في نفض الأعمال غبار الكورونا عن نفسها، وتحقيق ربحية على المدى الطويل.
لا تتوقف
مطبعة الفيدرالي عن طبع
الدولار الأمريكي وتوجيهه ناحية الأسواق.
ولكن هنا يحدث ما لم يكن في الحسبان، ويتغذى السوق على دمار الاقتصاد حرفيا، فوفق جيني جولدمان، رئيس الاستثمار في كيرتيا إنفيساتمنت، يتغذى السوق على أرقام البطالة المتصاعدة، ويراها أحد عوامل الدعم. إذ تزيد البطالة الضغط على الكونجرس لزيادة إجراءات وحزم التحفيز الاقتصادي، وينتظر السوق حزم أكبر من مجرد 2 تريليون دولار.
يقول: "تصور لو تحدث ديموقراطي أو جمهوري عن 16 مليون عاطل،" "يساعد هذا في خلق اتفاق حزبي لدعم حزمة التحفيز المقبلة."
تحصل الشركات الضخمة، صاحبة الأسهم القيادية، على إمكانية الوصول إلى رأس مال رخيص، خاصة بعد آخر برامج الإقراض من الفيدرالي، وقرار شراء أي نوع من السندات، حتى السندات الرديئة. وبالتالي، ستتحمل تلك الشركات الكبرى الكارثة الفادحة، وتخرج منها قوية على عكس الأعمال الصغيرة. وستخرج تلك الشركات بحصة سوقية أكبر، وأرباح أكبر.
ويرى المحللون ممن يضعون توقعات أرباح الشركات أن الضربة التي ستنالها ستكون متوسطة نسبيًا. وتشير استطلاعات آرائهم إلى أن خسائر الشركات المدرجة على مؤشر إس آند بي 500 ستكون 8.5% خلال عام 2020، مع هبو العوائد مجرد 0.1%، وفق فاكت سيت.
ومن ثم تظهر العوامل الفنية
يستغل المستثمرون الانهيار الحالي للمراهنة على انعكاس المسار سريعًا. فبالنسبة للشركات الأكثر تضررًا من فيروس كورونا: شركات الرحلات البحرية، والسلاسل الفندقية، وخطوط الطيران، كانت الأفضل أداء خلال مسيرة الأسهم الصاعدة الأخيرة.
وما يحدث هنا كالتالي: راهن مستثمرون على انهيار تلك الشركات بداية الأمر، ولكن تحول المسار أجبرهم على إغلاق مراكز البيع التي فتحوها، وباستمرار إغلاق مراكز البيع تتحول المسيرات (الرالي) الصاعدة المحدودة، إلى مسيرات أكبر وأوسع وأكثر استمرارية.
أمرًا آخرًا تنتظره الأسواق، اتفاق أوبك+ الذي يستمر انعقاد مجلسه لليوم. يسهم هذا الاتفاق في رفع أسعار النفط، أي رفع أسهم الشركات العاملة بقطاع الطاقة. ورأينا أدلة على هذا بعدة أيام للتداول خلال الأسبوعين الماضيين، كلما ارتفع النفط، ترتفع قطاعات الطاقة، وترفع معها المؤشرات.
وأخيرًا، تدفق الأموال للاستثمارات الآمنة، من القطاعين الخاص، والفيدرالي، مما يدفع معدلات الفائدة للانخفاض على المدى الطويل.
ويجذب هذا حملة الأسهم لشركات أرباحها أضعف، ومستقبلها يحيطه عدم اليقين، لأن الأموال الرخيصة متوفرة لفترة أطول الآن باستمرار تراجع معدلات الفائدة، التي طالما حلم ترامب بهبوطها أدنى الصفر.
نظل هنا في حيرة، لأنه حتى لو كانت أسباب صعود الأسهم موجودة، لا يعني هذا أنها أسباب وجيهة.
لا تعكس أسعار الأسهم الحاضر، بل تعكس العالم مستقبلًا مشرقًا. خلال الأزمة المالية العالمية، وصلت أسعار الأسهم إلى قاعها وبدأت الارتداد في مارس 2009. ولكن كانت معاناة الاقتصاد استمرت حتى يوليو من هذا العام، ولم يعد معدل البطالة إلى شيء من الاستقرار حتى أكتوبر من ذلك العام.
بيد أن هناك نقطة هامة يجب وضعها بالاعتبار: ما تنتظره الأسواق هنا هو تعافي على شكل حرف V أي هبوط عنيف ثم ارتداد قوي لنفس مستويات ما قبل الهبوط.
وفي ظل عدم اليقين، تظل هناك نسبة، حتى لو كانت ضئيلة بفضل جهود الفيدرالي فوق الخارقة، بعدم تحقق هذا السيناريو.
ماذا لو لم يتحقق التعافي السريع؟
يقول جيم باولسين: "لو كان ما يحدث الآن غير مكتوب له الاستمرار لفترة أطول، لو كنا حقًا بصدد فترة تتراوح ما بين 3 إلى 6 أشهر حتى يعود الوضع لما كان عليه، فالأسواق بالفعل احتسبت هذا."
"ما لم تحتسبه الأسواق هو بقاء الفيروس قويًا لفترة ما بين 4 إلى 6 أرباع."
وعندما يضرب السوق ما ليس متوقعًا، سيعود عندها لأيام كسر دوائر الهبوط، وإيقاف التداول لفترة من الوقت، وإغلاقات بأرقام هبوط عنيفة تتجاوز الـ 2,000 نقطة للداو جونز.
وفق ما نراه اليوم من تحركات، تستبعد الأسواق أي انهيار مثل السابق.
وبتفشي
البطالة، لن تغلق الأعمال. وعليه، عند انتهاء الأزمة يعود الموظفون إلى وظائفهم.
كل شيء أحاط بتلك الأزمة كان سريعًا ومفاجئًا، تحرك الاقتصاد في غمضة عين من الاستقرار إلى كساد وشيك.
وبالتالي، وبالنظر للتعافي الأخير، هيأت الأسواق نفسها على تلقي إنعاش للنبض من ماكينات طباعة النقود في وزارة الخزانة ومن الفيدرالي، وتلك النقود تبني جدارًا منيعًا يحيل بين الفيروس وبين الدمار الطويل المدى للنظام.
في أوقات الأزمات يتحول سوق الأسهم لحالة من الجنون التام. إذ يعني ما نقوله إن السوق ينتشي بأرقام البطالة القياسية، يراها أمرًا حسنًا سيسهم فيما بعد في دعمه. لا يكترث بحالات التفشي الواسعة، فبينما تحولت نيويورك لبؤرة وبائية، وتجاوزت حالات الوفاة في الولايات المتحدة أكثر من 2,000 شخص ليوم واحد، وينهار النظام الصحي، ولا تجد فرق العمل الطبية الأدوات اللازمة، يرتفع السوق سعادة بمعدلات الفائدة المنخفضة، وتريليونات الدولارات التي تضخ يوميًا إليه، وينتظر المزيد
https://sa.investing.com/news/stock-market-news/article-2026182