28-11-2010, 09:58 PM
البريمل
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,702
القبس قضت يوما في ورش نادي الأطفال التفاعلي تجربة حية لدمج المعاقين تهزم الروتين الحكومي
• معلمة الأشغال اليدوية صفاء ابراهيم
كتبت عنود العلي:
كثر الجدال في الفترة الأخيرة وانقسم افراد المجتمع بين مؤيدين ومعارضين لتطبيق دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع الاصحاء، لكن التجربة التي نعيشها الآن اختلفت ولو بالشكل البسيط في تطبيقها، فخرجت من الطابع التقليدي ومجرد الدمج في المدارس وغيرها لكنها طبقت الدمج بشكل اجتماعي مبسط خارج عن النطاق التعقيدي غير المألوف.
«نادي الأطفال التفاعلي» تجربة ربما لم تكن الأولى في تطبيقها لكنها تميزت في خلق جو يحمل في طياته الألفة والرحمة والعفوية وتعدت النمط التقليدي للدمج من خلال طابع تعليمي مبسط لتوصل الفكرة للأذهان والقلوب، وللوصول إلى مجتمع مثقف يعي حقوق المعاق ومشاعره واحتياجاته ويساهم في دعمه ومساندته، فكانت البداية بالطفل فهو الخطوة الأولى لإثبات أن الدمج الاجتماعي هو اللبنة الأساسية في بناء الاندماج.
«القبس» عايشت فكرة نادي الأطفال التفاعلي الأول ليوم كامل رصدت خلاله التطبيق ونتائجه والآراء من حوله وخرج بالحصيلة التالية:
الحصة الأولى
الوقت: الساعة الثامنة صباحاً.
المكان: نادي المشروعات السياحية الذي أخذ شعار «نادي الأطفال التفاعلي» وتحديداً داخل ورشة الرسم التي ضمت الأطفال المعاقين وآخرين أسوياء.
كان أحمد ينظر إلى عبدالله بتمعن كبير وتدقيق، عبدالله طفل من فئة متلازمة الداون يحمل صفات تميزه عن غيره من الأطفال هذا ما لفت انتباه أحمد حتى دار الحوار التالي:
أحمد: «انت شنو اسمك؟».
عبدالله: أنا اسمي عبدالله».
أحمد: «تعرف تلون».
عبدالله: «أنا أحب الرسم وايد».
وقطع هذا التعارف البريء مدرس الرسم فقال للجميع اليوم يا أطفال نجتمع كلنا لنتعاون ويساعد بعضنا بعضا، موضحاً لهم ان هذا المكان بما فيه سيجمعهم لمدة شهر كامل يجب من خلاله ان نثبت اننا اخوان مهما اختلفت اشكالنا واوضاعنا، قاصدا بذلك تنبيه الاسوياء الى ان هناك فئة من ذوي الاعاقة تنشد مد يد العون لها والمساندة.
بدأت ورشة الرسم بهذه الكلمات الرقيقة التي فتحت آفاق الاطفال وقربتهم من بعضهم لبعض.
بدأ الجميع يساعدون الآخرين ويتعرفون عليهم، يتبادلون الالوان وكراسات الرسم غير انهم يكتسبون مهارة عظيمة من معلم ماهر، فلم نجد سوى الابتسامة وصفاء النفس من نفوس طاهرة قضى الله لبعضها بالعجز وللآخر المساعدة والمساندة.
الحصة الثانية
المكان: ورشة لتعليم لغة الاشارة
الوقت: الساعة التاسعة صباحاً
وهنا كان عادل شغوفا بتعلم لغة الاشارة ولشدة رغبته في اكتسابها واتقانها بسرعة فائقة، اخذ عادل وزميلته امل مكان مدرس لغة الاشارة لفترة بسيطة، فأخذا يساعدان زملائهما في توصيل المعلومة واتقان الفكرة، فتعلما ايام الاسبوع والالوان وكيف يعرفان باسمائهما، وكانت فرحة عادل وامل لا توصف بهذا العمل حتى جاء احد الاطفال الصم واقترب منه عادل وسلم عليه وصافحه بحرارة وعَّرف عن اسمه بلغة الاشارة وجلس الى جانبه حتى حذا الآخرون حذو احمد، فكان تقارب الاطفال بعضهم لبعض امرا ملموسا ادخل البهجة الى نفس مدرب لغة الاشارة، فوجدنا الابتسامة تعلو وجهه، حتى جمعهم مرة اخرى وبدأ بتعليمهم اشارات اخرى قاصدا بذلك اكتساب وقت اكبر في تعليمهم كل الاشارات.
وبدا المعلم فخورا بما يرى من تعاون ودعم بين الاطفال الاسوياء وحب وحنان من ذوي الاعاقة.
المحطة الثالثة «غرفة المكتبة»
الوقت: الساعة العاشرة
بدأت المعلمة بتوزيع القصص على الاطفال واختار منها البعض الآخر، وعندها قالت «كل واحد يخلص من قصته يبدلها مع الي يمه» كدعوة منها للتعارف والتعاون.
قالت عبير لاحد الاطفال المكفوفين «شرايك اقرالك انا القصة؟»، رد الآخر بحب «انا موافق».
وبعد ان انتهى الجميع قالت المدرسة لعبير «تعالي يا عبير الى الوسط» وطلبت من الجميع التصفيق لها، وقالت للاطفال ان عبير لم تترك زميلها محمد الذي تعذرت عليه القراءة دون ان تقرأ له القصة، لكنهم قرؤوها سويا.
فضربت لهم مثلا جميلا في الايثار والتضحية مقابل مساعدة الآخرين اذا احتاجوا المساعدة.
وبدأت المدرسة في توجيه بعض الاسئلة للاطفال الذين تعاونوا في حلها ولم تكن الاعاقة مجالا للحواجز بينهم او قطع المتعة التي ترسخت بينهم.
اعترض الحصص وقت مستقطع حتى لا يشعر الاطفال بالملل، فاتجه الجميع الى محطة تلوين الوجه وتجديل الشعر وتلوين الاظافر.
عندما وقفت لالتقاط بعض الصور التفت عبير الى احد اطفال متلازمة الداون وقالت «ابله شوفي اظافري حلو الصبغ» ابتسمت واجبتها «وايد حلو» تابعت تلوين اظافرها وهي مبتسمة في قمة الفرحة.
استمتع الاطفال بالبالونات وانغام الموسيقى وقضى الاصحاء وذوو الاعاقة وقتا ممتعا.
الحصة الرابعة
المكان: ورشة الاشغال اليدوية، حيث كانت الساعة الحادية عشر صباحا.
كان الاطفال يعملون بجد ويساعدون معلمتهم ويبتكرون العديد من الاشكال الجميلة. في احد اركان الفصل جلست «ليلى» تثبت الخرز بالخيط حتى عملت منه قلادة، وما ان انتهت حتى اخذت تنادي المدرسة «ابلة شوفي شنو سويت» فرحت المدرسة بعمل ليلى كثيرا وشجعتها على عمل قلائد اخرى، الجدير بالذكر ان ليلى احد اطفال الاعاقة الذهنية، فكان من الواجب تحيتها وتشجيعها.
على هامش الحديث، تشاجر احد الاطفال مع الآخر على بعض القطع التي يعملون بها، فما كان من باقي الاطفال الا تهدئتهم وفض النزاع الذي حدث، الطريف في الامر ان النزاع حدث بين طفلين من ذوي الاعاقة، لكن الاسوياء عملوا على تفريقهما وقاموا بدور «حمامة السلام»، وهذا ينفي ما يقال في بعض الاحيان من ان الاطفال الاسوياء يخافون التعامل مع ذوي الاعاقة، حيث مازال حس الطفولة ينبض بحب الآخرين دون النظر الى اشكالهم وهي الفطرة التي فطرها الله اذا توافر الجو المناسب والتهيئة الجيدة فهي تكبر وتنمو حتى تصل الى مجتمع صحي ونقي.
وجبة بالمحبة
في تمام الساعة الثانية عشرة قام المسؤولون والمعلمات بأخذ الطلاب الى صالة المطعم لتناول وجبة الغداء، جلس الاطفال حيث اختلط الاسوياء والاطفال ذوي الاعاقة وجلس الجميع على طاولة واحدة لم يفرق بينهم اي شيء.
على احدى الطاولات جلست سحر مع آلاء كانت سحر احد الاطفال المكفوفين تفاعلت معها الاء حتى انها ساعدتها في تناول الوجبة بشكل جيد.
قالت آلاء الوجبة جدا لذيذة أليس كذلك؟
سحر اجل وانا احبها كثيرا.
آلاء سأساعدك في فتح العلبة لتناولها.
تعاون الاطفال فيما بينهم بشكل فعال جدا فلم يعد بينهم ما يسمى معاق او سوي.
استمتع الجميع بتناول وجبة الغداء وما ان انتهوا حتى عاد الجميع لمواصلة النشاطات اليومية في نادي الاطفال التفاعلي.
هكذا قضت «القبس» يوماً من امتع الايام شهدنا فيه مشاعر دون تزييف لكنها تحتاج للعناية والاحتضان.
يجب علينا ان نعلم ابناءنا ان هناك من يحتاج إلى الرعاية والامان وهذا لا يتحقق الا اذا بدأنا بتقويم انفسنا.
الاشخاص من ذوي الاعاقة جزء لا يتجزأ من المجتمع يجب عدم فصلهم او الاستغناء عنهم لكننا ان راعيناهم فسنجد منهم الكثير سنجني الحب والحنان والعطاء، و«الدمج» هو البداية.
مشرف الإشارة
قال مشرف ورشة لغة الاشارة محمد الرامزي ان الهدف من النادي هو دمج الاطفال ذوي الاعاقة مع الفئات الاخرى في المجتمع، مشيراً الى ان البرامج وورش لغة الاشارة، اثبتت فعاليتها، حيث كان عدد الاطفال يتراوح بين 4 و 6 اطفال من الاسوياء، بيد انهم كانوا شغوفين بتعلم لغة الاشارة، حيث تعلموا ايام الاسبوع واسماءهم والالوان في فترة وجيزة وفي اقل من ساعة، وهذا ما جعلني في قمة السعادة.
واكد ان الطفل الصغير بالفعل كالورقة البيضاء تستطيع ان تبدأ في تعليمه، وهذا ما نطمح اليه.
وعبر الرامزي عن سعادته بهذا النادي، ووجه الدعوة الى جميع اولياء الامور بألا يتهاونوا في جلب ابنائهم الى هذا المكان، حتى يتحقق الهدف المنشود من هذا النادي، وهو دمج الاطفال ذوي الاعاقة، وهذا مهم جداً، حتى لا تكون هناك عزلة لهم، ونكون نحن من قام بعزلهم، مشدداً على ان دمجهم يعني انهم اصبحوا معنا، واصبحوا منفتحين على الحياة.
وشدد ايضاً على ضرورة منح ذوي الاحتياجات حقوقهم، وهذا ما يطالب به كل العالم.
واضاف نتمنى في الكويت ان يكون هناك وعي واعلام يعرف بالاشخاص ذوي الاعاقة اسوة بالدول الاوروبية ومن سبقونا هناك، اعلام منشود للتعريف بذوي الاعاقة، وما هي الاعاقة، وكيف نتعامل معها وما هي خصائصها؟ وبالتالي لا ينفر الاسوياء من المعاقين ان رأوهم في اي مكان. وناشد الرامزي وزارة التربية بأن تطرح مقرراً جديداً حتى وان كان اختيارياً لتعلم لغة الاشارة لفئتي الابتدائي والمتوسط، لأن هاتين الفئتين يكون الحفظ لديهما سهلا، هذا بالاضافة الى سرعة التواصل، فالتعليم يبدأ من الصفر والدمج يكون منذ البدايات الاولى، متمنياً ان نحذو حذو الدول المتقدمة في وضع المناهج والبرامج والحصص لتعليم كيفية التخاطب مع الاصم، بالاضافة إلى معرفة من هو المعاق وما هي الاعاقة.
التعامل مع ذوي الاعاقة أسهل
أكدت مدرسة الاشغال اليدوية هناء ابراهيم ان النادي لم يشهد اي فروقات بين الاطفال، سواء الاسوياء او ذوي الاعاقة، موضحة ان الجميع بدأوا التدريس بانصات جيد. وبينت ان إعاقات اطفال متلازمة الداون من اجمل الاعاقات التي تعمل بجد، وتتعلم بسرعة ان وجدت ما تستمتع به ويشغل وقتها.
وتمنت ان تطبق هذه التجربة على المدارس الحكومية، حتى وان احتوت المدرسة على فصل واحد لذوي الاعاقة، فقد يخلق هذا الامر ترابطا وألفة اكثر بين الابناء، موضحة ان مراعاة الفئة العمرية امر في غاية الاهمية بالنسبة للاطفال ذوي الاعاقة.
واكدت هناء ان الانسان بطبيعة الحال اذا احب شيئاً ابدع فيه واتقنه، وهذا ايضاً شأن ذوي الاعاقة، فالمدرسة هي الاساس في جذب الطلبة، لذلك يجب اختيار الكوادر المناسبة للتعامل مع الفئتين، مشددة على ان التعامل مع فئة ذوي اعاقة في اغلب الاحيان اسهل من الاسوياء، لما يحملون من براءة وشفافية، لذلك وجب الاهتمام بهم وبإنتاجاتهم وتعليقها وتجميلها حتى يشعرون بقيمة انجازاتهم.
خطوة اولى في تقبل الإعاقة
قال الفنان التشكيلي ناجي الحاي المشرف على ورشة الرسم في النادي، ان فكرة دمج الاطفال من ذوي الاعاقة مع الاسوياء فكرة رائعة ومثمرة، ولها اهميتها في المجتمع، مؤكداً ان هذه الفكرة تحمل دوراً ريادياً واساسياً في المجتمع.
واوضح ان الانسان المعاق له الحق في ان يزاول نشاطاته وابداعاته، شأنه شأن الاسوياء، لانه يحمل طاقة وابداعا، مشدداً على امنياته بأن تعمم هذه الفكرة على الصعيد المستقبلي.
وعن انطباعاته قال الحاي انه منذ بداية اليوم الاول، بالفعل لمسنا تجاوب الاطفال مع بعضهم البعض سواء كانوا معاقين او أسوياء، واعتقد أنها الخطوة الاولى في تحقيق الدمج وتقبل الاطفال الاسوياء للاطفال ذوي الاعاقة.
فرصة للتعارف
عبر الطفل عثمان الراشد من فئة الاسوياء عن فرحته بهذه التجربة، مؤكدا انها فرصة للتعرف على ذوي الاحتياجات وكيفية التعامل معهم.
واكد الراشد حبه لتعلم لغة الاشارة، متمنيا تعميم الفكرة في المدارس حتى يتعلمها جميع الاطفال الذين لم يأتوا النادي.
أصدقاء
جدد
أنا سعيدة بأصدقائي الجدد»، هكذا قالت منال فتحي مبدية فرحتها بدخول النادي والتعرف على أطفال في مثل سنها وأكبر قليلاً، وشددت على رغبتها في أن تأتي كل يوم إلى النادي لتلعب وتلهو وترسم مع أصدقائها.
أحب معلماتي كثيراً
قالت كوثر حمد انها أحبت النادي كثيراً، وان كل الأطفال الموجودين هم أصدقاؤها، معبرة عن سعادتها بالمجيء إلى ورشة الابداع، لافتة إلى أنها تحب المعلمين والمعلمات كثيراً.
ألفة بين الأصحاء والمعاقين
ذكرت المتطوعة بدور البلوشي أن أكبر فائدة تحققت من فكرة النادي، هي مساعدة الأطفال بعضهم لبعض.. حيث كانوا متعاونين كثيراً ويقضون وقتاً ممتعاً في اللعب من دون تعب.
وأكدت أن تجاوب الأطفال الأسوياء مع ذوي الاعاقة أمر لم نشهده من قبل، فلم نر فيهم خوفاً ولا ارتباكاً أو عدم رغبة في مجالستهم، كما أنهم يقضون الوقت في تبادل الأحاديث واللعب حتى أثناء تناول الوجبات.
مطلوب أندية طوال العام
أم أمان ولية امر طفلين معاقين قالت لقد سمعت عن النادي من خلال المذياع فحرصت على ان اتي بابنائي الى هذا المكان الرائع لتنمية مواهبهم من خلال الانشطة المقدمة لهم والبرامج المختلفة.
واضافت «لقد حقق النادي بالفعل الدمج لابنائها»، معربة عن فرحتها لكونها جعلت ابناءها يخوضون هذه التجربة، وتمنت ان تستمر هذه التجارب طوال السنة، والا تقتصر على وقت معين، مشيرة الى ان الاطفال ذوي الاعاقة يحتاجون الى الرعاية، وهم يستحقون ما هو اكثر.
أطفال الداون.. عصافير المرح
اكدت مشرفة ورشة المهارات الحياتية رانيا محمد حسن ان تجربة الدمج جميلة ومفيدة، ولاحظنا تفاعلا واندماجا بين ذوي الاحتياجات والاصحاء، مما حقق متعة كبيرة لهم، موضحة ان تنوع الورش ساعدهم في التقارب وقضاء وقت ممتع بكل المقاييس. واكدت ان اطفال متلازمة الداون من اكثر فئات الاعاقة مرحاً وتفاعلا اثناء العمل في الورش، وقد جعلوا العمل شائقاً، واضفوا عليه نكهة خاصة حيث انهم فئة معروفة بالمرح والطاقة وخفة الدم.
وبينت رانيا ان فئات الاسوياء كانوا يراعون لمساندة الاطفال من ذوي الاعاقة، حيث جند البعض انفسهم لمساعدتهم وتعليمهم بشكل فعال وملحوظ، والمبهج في الامر ان السعادة بدت على وجوه الاسوياء الذين عملوا على دعم الاطفال المعاقين وهذا هو الهدف الاساسي للنادي.
• عثمان الراشد
• الرامزي يعلم الاسوياء لغة الاشارة
• الفنان التشكيلي ناجي الحاي في ورشة الرسم.
• منال فتحي إحدى المشاركات في النادي
• كوثر حمد وعبدالله
• المتطوعة بدور البلوشي
• أم أمان وابنتها فاطمة
البريمل
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,702
القبس قضت يوما في ورش نادي الأطفال التفاعلي تجربة حية لدمج المعاقين تهزم الروتين الحكومي
كتبت عنود العلي:
كثر الجدال في الفترة الأخيرة وانقسم افراد المجتمع بين مؤيدين ومعارضين لتطبيق دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع الاصحاء، لكن التجربة التي نعيشها الآن اختلفت ولو بالشكل البسيط في تطبيقها، فخرجت من الطابع التقليدي ومجرد الدمج في المدارس وغيرها لكنها طبقت الدمج بشكل اجتماعي مبسط خارج عن النطاق التعقيدي غير المألوف.
«نادي الأطفال التفاعلي» تجربة ربما لم تكن الأولى في تطبيقها لكنها تميزت في خلق جو يحمل في طياته الألفة والرحمة والعفوية وتعدت النمط التقليدي للدمج من خلال طابع تعليمي مبسط لتوصل الفكرة للأذهان والقلوب، وللوصول إلى مجتمع مثقف يعي حقوق المعاق ومشاعره واحتياجاته ويساهم في دعمه ومساندته، فكانت البداية بالطفل فهو الخطوة الأولى لإثبات أن الدمج الاجتماعي هو اللبنة الأساسية في بناء الاندماج.
«القبس» عايشت فكرة نادي الأطفال التفاعلي الأول ليوم كامل رصدت خلاله التطبيق ونتائجه والآراء من حوله وخرج بالحصيلة التالية:
الحصة الأولى
الوقت: الساعة الثامنة صباحاً.
المكان: نادي المشروعات السياحية الذي أخذ شعار «نادي الأطفال التفاعلي» وتحديداً داخل ورشة الرسم التي ضمت الأطفال المعاقين وآخرين أسوياء.
كان أحمد ينظر إلى عبدالله بتمعن كبير وتدقيق، عبدالله طفل من فئة متلازمة الداون يحمل صفات تميزه عن غيره من الأطفال هذا ما لفت انتباه أحمد حتى دار الحوار التالي:
أحمد: «انت شنو اسمك؟».
عبدالله: أنا اسمي عبدالله».
أحمد: «تعرف تلون».
عبدالله: «أنا أحب الرسم وايد».
وقطع هذا التعارف البريء مدرس الرسم فقال للجميع اليوم يا أطفال نجتمع كلنا لنتعاون ويساعد بعضنا بعضا، موضحاً لهم ان هذا المكان بما فيه سيجمعهم لمدة شهر كامل يجب من خلاله ان نثبت اننا اخوان مهما اختلفت اشكالنا واوضاعنا، قاصدا بذلك تنبيه الاسوياء الى ان هناك فئة من ذوي الاعاقة تنشد مد يد العون لها والمساندة.
بدأت ورشة الرسم بهذه الكلمات الرقيقة التي فتحت آفاق الاطفال وقربتهم من بعضهم لبعض.
بدأ الجميع يساعدون الآخرين ويتعرفون عليهم، يتبادلون الالوان وكراسات الرسم غير انهم يكتسبون مهارة عظيمة من معلم ماهر، فلم نجد سوى الابتسامة وصفاء النفس من نفوس طاهرة قضى الله لبعضها بالعجز وللآخر المساعدة والمساندة.
الحصة الثانية
المكان: ورشة لتعليم لغة الاشارة
الوقت: الساعة التاسعة صباحاً
وهنا كان عادل شغوفا بتعلم لغة الاشارة ولشدة رغبته في اكتسابها واتقانها بسرعة فائقة، اخذ عادل وزميلته امل مكان مدرس لغة الاشارة لفترة بسيطة، فأخذا يساعدان زملائهما في توصيل المعلومة واتقان الفكرة، فتعلما ايام الاسبوع والالوان وكيف يعرفان باسمائهما، وكانت فرحة عادل وامل لا توصف بهذا العمل حتى جاء احد الاطفال الصم واقترب منه عادل وسلم عليه وصافحه بحرارة وعَّرف عن اسمه بلغة الاشارة وجلس الى جانبه حتى حذا الآخرون حذو احمد، فكان تقارب الاطفال بعضهم لبعض امرا ملموسا ادخل البهجة الى نفس مدرب لغة الاشارة، فوجدنا الابتسامة تعلو وجهه، حتى جمعهم مرة اخرى وبدأ بتعليمهم اشارات اخرى قاصدا بذلك اكتساب وقت اكبر في تعليمهم كل الاشارات.
وبدا المعلم فخورا بما يرى من تعاون ودعم بين الاطفال الاسوياء وحب وحنان من ذوي الاعاقة.
المحطة الثالثة «غرفة المكتبة»
الوقت: الساعة العاشرة
بدأت المعلمة بتوزيع القصص على الاطفال واختار منها البعض الآخر، وعندها قالت «كل واحد يخلص من قصته يبدلها مع الي يمه» كدعوة منها للتعارف والتعاون.
قالت عبير لاحد الاطفال المكفوفين «شرايك اقرالك انا القصة؟»، رد الآخر بحب «انا موافق».
وبعد ان انتهى الجميع قالت المدرسة لعبير «تعالي يا عبير الى الوسط» وطلبت من الجميع التصفيق لها، وقالت للاطفال ان عبير لم تترك زميلها محمد الذي تعذرت عليه القراءة دون ان تقرأ له القصة، لكنهم قرؤوها سويا.
فضربت لهم مثلا جميلا في الايثار والتضحية مقابل مساعدة الآخرين اذا احتاجوا المساعدة.
وبدأت المدرسة في توجيه بعض الاسئلة للاطفال الذين تعاونوا في حلها ولم تكن الاعاقة مجالا للحواجز بينهم او قطع المتعة التي ترسخت بينهم.
اعترض الحصص وقت مستقطع حتى لا يشعر الاطفال بالملل، فاتجه الجميع الى محطة تلوين الوجه وتجديل الشعر وتلوين الاظافر.
عندما وقفت لالتقاط بعض الصور التفت عبير الى احد اطفال متلازمة الداون وقالت «ابله شوفي اظافري حلو الصبغ» ابتسمت واجبتها «وايد حلو» تابعت تلوين اظافرها وهي مبتسمة في قمة الفرحة.
استمتع الاطفال بالبالونات وانغام الموسيقى وقضى الاصحاء وذوو الاعاقة وقتا ممتعا.
الحصة الرابعة
المكان: ورشة الاشغال اليدوية، حيث كانت الساعة الحادية عشر صباحا.
كان الاطفال يعملون بجد ويساعدون معلمتهم ويبتكرون العديد من الاشكال الجميلة. في احد اركان الفصل جلست «ليلى» تثبت الخرز بالخيط حتى عملت منه قلادة، وما ان انتهت حتى اخذت تنادي المدرسة «ابلة شوفي شنو سويت» فرحت المدرسة بعمل ليلى كثيرا وشجعتها على عمل قلائد اخرى، الجدير بالذكر ان ليلى احد اطفال الاعاقة الذهنية، فكان من الواجب تحيتها وتشجيعها.
على هامش الحديث، تشاجر احد الاطفال مع الآخر على بعض القطع التي يعملون بها، فما كان من باقي الاطفال الا تهدئتهم وفض النزاع الذي حدث، الطريف في الامر ان النزاع حدث بين طفلين من ذوي الاعاقة، لكن الاسوياء عملوا على تفريقهما وقاموا بدور «حمامة السلام»، وهذا ينفي ما يقال في بعض الاحيان من ان الاطفال الاسوياء يخافون التعامل مع ذوي الاعاقة، حيث مازال حس الطفولة ينبض بحب الآخرين دون النظر الى اشكالهم وهي الفطرة التي فطرها الله اذا توافر الجو المناسب والتهيئة الجيدة فهي تكبر وتنمو حتى تصل الى مجتمع صحي ونقي.
وجبة بالمحبة
في تمام الساعة الثانية عشرة قام المسؤولون والمعلمات بأخذ الطلاب الى صالة المطعم لتناول وجبة الغداء، جلس الاطفال حيث اختلط الاسوياء والاطفال ذوي الاعاقة وجلس الجميع على طاولة واحدة لم يفرق بينهم اي شيء.
على احدى الطاولات جلست سحر مع آلاء كانت سحر احد الاطفال المكفوفين تفاعلت معها الاء حتى انها ساعدتها في تناول الوجبة بشكل جيد.
قالت آلاء الوجبة جدا لذيذة أليس كذلك؟
سحر اجل وانا احبها كثيرا.
آلاء سأساعدك في فتح العلبة لتناولها.
تعاون الاطفال فيما بينهم بشكل فعال جدا فلم يعد بينهم ما يسمى معاق او سوي.
استمتع الجميع بتناول وجبة الغداء وما ان انتهوا حتى عاد الجميع لمواصلة النشاطات اليومية في نادي الاطفال التفاعلي.
هكذا قضت «القبس» يوماً من امتع الايام شهدنا فيه مشاعر دون تزييف لكنها تحتاج للعناية والاحتضان.
يجب علينا ان نعلم ابناءنا ان هناك من يحتاج إلى الرعاية والامان وهذا لا يتحقق الا اذا بدأنا بتقويم انفسنا.
الاشخاص من ذوي الاعاقة جزء لا يتجزأ من المجتمع يجب عدم فصلهم او الاستغناء عنهم لكننا ان راعيناهم فسنجد منهم الكثير سنجني الحب والحنان والعطاء، و«الدمج» هو البداية.
مشرف الإشارة
قال مشرف ورشة لغة الاشارة محمد الرامزي ان الهدف من النادي هو دمج الاطفال ذوي الاعاقة مع الفئات الاخرى في المجتمع، مشيراً الى ان البرامج وورش لغة الاشارة، اثبتت فعاليتها، حيث كان عدد الاطفال يتراوح بين 4 و 6 اطفال من الاسوياء، بيد انهم كانوا شغوفين بتعلم لغة الاشارة، حيث تعلموا ايام الاسبوع واسماءهم والالوان في فترة وجيزة وفي اقل من ساعة، وهذا ما جعلني في قمة السعادة.
واكد ان الطفل الصغير بالفعل كالورقة البيضاء تستطيع ان تبدأ في تعليمه، وهذا ما نطمح اليه.
وعبر الرامزي عن سعادته بهذا النادي، ووجه الدعوة الى جميع اولياء الامور بألا يتهاونوا في جلب ابنائهم الى هذا المكان، حتى يتحقق الهدف المنشود من هذا النادي، وهو دمج الاطفال ذوي الاعاقة، وهذا مهم جداً، حتى لا تكون هناك عزلة لهم، ونكون نحن من قام بعزلهم، مشدداً على ان دمجهم يعني انهم اصبحوا معنا، واصبحوا منفتحين على الحياة.
وشدد ايضاً على ضرورة منح ذوي الاحتياجات حقوقهم، وهذا ما يطالب به كل العالم.
واضاف نتمنى في الكويت ان يكون هناك وعي واعلام يعرف بالاشخاص ذوي الاعاقة اسوة بالدول الاوروبية ومن سبقونا هناك، اعلام منشود للتعريف بذوي الاعاقة، وما هي الاعاقة، وكيف نتعامل معها وما هي خصائصها؟ وبالتالي لا ينفر الاسوياء من المعاقين ان رأوهم في اي مكان. وناشد الرامزي وزارة التربية بأن تطرح مقرراً جديداً حتى وان كان اختيارياً لتعلم لغة الاشارة لفئتي الابتدائي والمتوسط، لأن هاتين الفئتين يكون الحفظ لديهما سهلا، هذا بالاضافة الى سرعة التواصل، فالتعليم يبدأ من الصفر والدمج يكون منذ البدايات الاولى، متمنياً ان نحذو حذو الدول المتقدمة في وضع المناهج والبرامج والحصص لتعليم كيفية التخاطب مع الاصم، بالاضافة إلى معرفة من هو المعاق وما هي الاعاقة.
التعامل مع ذوي الاعاقة أسهل
أكدت مدرسة الاشغال اليدوية هناء ابراهيم ان النادي لم يشهد اي فروقات بين الاطفال، سواء الاسوياء او ذوي الاعاقة، موضحة ان الجميع بدأوا التدريس بانصات جيد. وبينت ان إعاقات اطفال متلازمة الداون من اجمل الاعاقات التي تعمل بجد، وتتعلم بسرعة ان وجدت ما تستمتع به ويشغل وقتها.
وتمنت ان تطبق هذه التجربة على المدارس الحكومية، حتى وان احتوت المدرسة على فصل واحد لذوي الاعاقة، فقد يخلق هذا الامر ترابطا وألفة اكثر بين الابناء، موضحة ان مراعاة الفئة العمرية امر في غاية الاهمية بالنسبة للاطفال ذوي الاعاقة.
واكدت هناء ان الانسان بطبيعة الحال اذا احب شيئاً ابدع فيه واتقنه، وهذا ايضاً شأن ذوي الاعاقة، فالمدرسة هي الاساس في جذب الطلبة، لذلك يجب اختيار الكوادر المناسبة للتعامل مع الفئتين، مشددة على ان التعامل مع فئة ذوي اعاقة في اغلب الاحيان اسهل من الاسوياء، لما يحملون من براءة وشفافية، لذلك وجب الاهتمام بهم وبإنتاجاتهم وتعليقها وتجميلها حتى يشعرون بقيمة انجازاتهم.
خطوة اولى في تقبل الإعاقة
قال الفنان التشكيلي ناجي الحاي المشرف على ورشة الرسم في النادي، ان فكرة دمج الاطفال من ذوي الاعاقة مع الاسوياء فكرة رائعة ومثمرة، ولها اهميتها في المجتمع، مؤكداً ان هذه الفكرة تحمل دوراً ريادياً واساسياً في المجتمع.
واوضح ان الانسان المعاق له الحق في ان يزاول نشاطاته وابداعاته، شأنه شأن الاسوياء، لانه يحمل طاقة وابداعا، مشدداً على امنياته بأن تعمم هذه الفكرة على الصعيد المستقبلي.
وعن انطباعاته قال الحاي انه منذ بداية اليوم الاول، بالفعل لمسنا تجاوب الاطفال مع بعضهم البعض سواء كانوا معاقين او أسوياء، واعتقد أنها الخطوة الاولى في تحقيق الدمج وتقبل الاطفال الاسوياء للاطفال ذوي الاعاقة.
فرصة للتعارف
عبر الطفل عثمان الراشد من فئة الاسوياء عن فرحته بهذه التجربة، مؤكدا انها فرصة للتعرف على ذوي الاحتياجات وكيفية التعامل معهم.
واكد الراشد حبه لتعلم لغة الاشارة، متمنيا تعميم الفكرة في المدارس حتى يتعلمها جميع الاطفال الذين لم يأتوا النادي.
أصدقاء
جدد
أنا سعيدة بأصدقائي الجدد»، هكذا قالت منال فتحي مبدية فرحتها بدخول النادي والتعرف على أطفال في مثل سنها وأكبر قليلاً، وشددت على رغبتها في أن تأتي كل يوم إلى النادي لتلعب وتلهو وترسم مع أصدقائها.
أحب معلماتي كثيراً
قالت كوثر حمد انها أحبت النادي كثيراً، وان كل الأطفال الموجودين هم أصدقاؤها، معبرة عن سعادتها بالمجيء إلى ورشة الابداع، لافتة إلى أنها تحب المعلمين والمعلمات كثيراً.
ألفة بين الأصحاء والمعاقين
ذكرت المتطوعة بدور البلوشي أن أكبر فائدة تحققت من فكرة النادي، هي مساعدة الأطفال بعضهم لبعض.. حيث كانوا متعاونين كثيراً ويقضون وقتاً ممتعاً في اللعب من دون تعب.
وأكدت أن تجاوب الأطفال الأسوياء مع ذوي الاعاقة أمر لم نشهده من قبل، فلم نر فيهم خوفاً ولا ارتباكاً أو عدم رغبة في مجالستهم، كما أنهم يقضون الوقت في تبادل الأحاديث واللعب حتى أثناء تناول الوجبات.
مطلوب أندية طوال العام
أم أمان ولية امر طفلين معاقين قالت لقد سمعت عن النادي من خلال المذياع فحرصت على ان اتي بابنائي الى هذا المكان الرائع لتنمية مواهبهم من خلال الانشطة المقدمة لهم والبرامج المختلفة.
واضافت «لقد حقق النادي بالفعل الدمج لابنائها»، معربة عن فرحتها لكونها جعلت ابناءها يخوضون هذه التجربة، وتمنت ان تستمر هذه التجارب طوال السنة، والا تقتصر على وقت معين، مشيرة الى ان الاطفال ذوي الاعاقة يحتاجون الى الرعاية، وهم يستحقون ما هو اكثر.
أطفال الداون.. عصافير المرح
اكدت مشرفة ورشة المهارات الحياتية رانيا محمد حسن ان تجربة الدمج جميلة ومفيدة، ولاحظنا تفاعلا واندماجا بين ذوي الاحتياجات والاصحاء، مما حقق متعة كبيرة لهم، موضحة ان تنوع الورش ساعدهم في التقارب وقضاء وقت ممتع بكل المقاييس. واكدت ان اطفال متلازمة الداون من اكثر فئات الاعاقة مرحاً وتفاعلا اثناء العمل في الورش، وقد جعلوا العمل شائقاً، واضفوا عليه نكهة خاصة حيث انهم فئة معروفة بالمرح والطاقة وخفة الدم.
وبينت رانيا ان فئات الاسوياء كانوا يراعون لمساندة الاطفال من ذوي الاعاقة، حيث جند البعض انفسهم لمساعدتهم وتعليمهم بشكل فعال وملحوظ، والمبهج في الامر ان السعادة بدت على وجوه الاسوياء الذين عملوا على دعم الاطفال المعاقين وهذا هو الهدف الاساسي للنادي.