بيان «جمعية الإصلاح» السياسي يعمّق إشكالية «الإخوان» بين الولاء للوطن... وموالاة «التنظيم العالمي»
«الجماعة» في الكويت تخشى نضوب «التمويل الأكبر» بعد الأزمة الخليجية الأخيرة
محليات - الثلاثاء، 13 يونيو 2017 / 3,812 مشاهدة /
8
شارك:
+ تكبير الخط - تصغير الخط ▱ طباعة
| كتب المحرر السياسي |
البيان يفتح الذاكرة على كل ممارسات «الإخوان» قبل الربيع العربي وخلاله وبعده
عارضوا القيادة وسرقوا «نبيها خمس» من الشباب وأداروا الفوضى السياسية
«البراءة السياسية» كانت «الاعدام الاجتماعي» الذي طبقته ضد أعضائها المخالفين لقراراتها
أثار بيان جمعية الإصلاح الاجتماعي المتضمن إشادة الجمعية «بجهود صاحب السمو لاحتواء الأزمة بين الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي» تساؤلات عدة في أكثر من اتجاه، أهمها عدم القدرة على إخفاء الجانب السياسي ضمن ترخيص... اجتماعي.
ففي الوقت الذي تفاخر فيه «الإصلاح الاجتماعي» بأنها جمعية نفع عام محلية تتبعها لجان خيرية لجمع التبرعات وتوزيعها على مستحقيها بهدف تنمية المجتمع، بحسب الترخيص الصادر لها من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، الذي ينص بشكل صريح على أنه لا يجوز لها المشاركة بأي أعمال سياسية، نجد أن الجمعية تخرج عن إطار العمل الخيري لتتدخل في الشأن السياسي المحلي والخليجي بل وحتى العربي والدولي، غير عابئة بما يمكن أن يتسبب به خروجها على قانون جمعيات النفع العام من أضرار وإحراجات سياسية وأمنية للكويت.
وكثرت التساؤلات عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء إقحام جمعية الإصلاح الاجتماعي نفسها في الشأن السياسي الخليجي الملتهب حالياً، عبر بيان رسمي تم تداوله وتوزيعه، كان في ظاهره الاختباء خلف عباءة سمو الأمير ومباركة نهجه الدائم المتكرر، في الأخذ بزمام مبادرات الصلح بين الأشقاء وتقريب وجهات النظر، لكن إجابات هذه التساؤلات سرعان ما فندها متابعون للشأن السياسي المحلي والخليجي قائلين إن تنظيم «الإخوان المسلمين» في الكويت (حيث جمعية الإصلاح الاجتماعي) والتنظيمات المنبثقة المتوزعة على جغرافيا الوطن العربي والعالم، «جماعة براغماتية نفعية تنطلق من مفهوم تحقيق المصلحة الآنية، دون الالتفات إلى المصلحة العليا لأوطانها».
ولفت مراقبون إلى أن الكويت - قبل دخول دول كثيرة على جبهة الدعم - كانت أكبر ممول للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين بسبب قدم وجوده، منذ إنشاء جمعية الإرشاد قبل استبدال الاسم ليكون جمعية الإصلاح الاجتماعي، مع ما يتوافر للمواطنين والمقيمين من متوسط دخل مميز بسبب ارتفاع الرواتب وبحبوحة العيش التي ينعم بها المواطن والوافد، واستخدام جمع التبرعات عبر إطلاق الشعارات العازفة على الوتر العاطفي وملامسة الجانب الإيماني عند الكويتيين، ما أتاح لجمعية الإصلاح جمع مبالغ طائلة وإن كانت غير ثابتة كانت تنفقها على أعمال دعم التنظيم محلياً ودولياً، مع حرصها على استغلال علاقات أعضائها للحصول على مخصصات ومنح حكومية بأسماء كوادرها مثل الأراضي الزراعية والجواخير دون استغلالها بهدف بيعها لاحقاًَ والاستفادة من قيمتها لدعم التنظيم، قبل أن تلجأ إلى تجميد مبالغ طائلة من أموال التبرعات واستثمارها في شركات تجارية وشراء عقارات وقفية تدر ريعاً ثابتاً يخصص لدعم الجماعة محلياً وعربياً لتحقيق أهداف التنظيم.
ومع الشعور بإمكانية خسارة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين لما يمكن وصفه بالضرع الذي لا ينضب للقيادات والمشاريع بعد الأزمة الخليجية الأخيرة، والخشية من تضييق الخناق على جماعة الإخوان المسلمين في الكويت واتخاذ إجراءات شبيهة لتلك التي تم اتخاذها في دول خليجية، كان لافتاً قيام الجمعية بإصدار بيان التأييد المتواري خلف المساعي الحميدة لصاحب السمو أمير البلاد.
ويرى المراقبون أن صدور «بيان الإشادة» في هذا الوقت يهدف إلى محاولة النأي بإخوان الكويت عن ربطهم بالمستجدات على الساحة العربية عموماً والخليجية خصوصاً، خشية أن يفقد التنظيم العالمي المكاسب التي يتحصل عليها من فرعه في الكويت، الذي يضطلع حالياً بدور «البنك الممول» للتنظيم.
وللتأكيد على ازدواجية المعايير وتراجع المبادئ خلف المصالح لدى التنظيم محلياً ودولياً، ذكر المراقبون بمواقف عدة للحركة الدستورية الإسلامية الذراع السياسية لجمعية الإصلاح الاجتماعي (حزب سياسي غير مرخص في الكويت) منها تعمد الحركة مناوءة القيادة السياسية والسعي لتأليب أفراد المجتمع على ممارسة «فوضى سياسية» غير مرخصة قانوناً بغية حمل السلطات على تنفيذ أجندة التنظيم محلياً، وعدم تقبله للرأي الآخر المختلف مع توجهاتهم، بل وصل الحال أن قام التنظيم المحلي بمنع بعض منتسبيهم من المشاركة في العمل الوزاري ثم فصلهم من الجماعة وتوجيه الأتباع لمقاطعتهم اجتماعياً في خطوة غير مسبوقة في المفهوم الديني للتعامل الاجتماعي الذي تنادي به أدبيات التنظيم حسب ما هو مثبت في رسائل مؤسس الجماعة حسن البنا.
وليس بعيداً عن ذاكرة أهل الكويت ما حصل في العام 2006 من انقسام شباب الحركة إلى قسمين، أحدهما يؤيد قرار المكتب السياسي (حدس) ضد الدكتور محمد البصيري في البراءة منه والامتناع عن التواصل معه اجتماعياً لقبوله المشاركة في الحكومة كوزيرٍ مستقل، والثاني برفض قرار المقاطعة الاجتماعية. وعاب المؤيدون لقرار الحركة في رفع الغطاء السياسي عن البصيري، لهجة بيان «البراءة السياسية» الذي احتوى كثيراً من التجني والانتقاص من قدر مواطن قدم للحركة الكثير، خصوصاً في منطقة الجهراء حيث كان يرأس فرع جمعية الإصلاح هناك واستخدم علاقاته الشخصية واسم عائلته الكريمة لخدمة التنظيم المحلي لكن الحركة كافأته بجزاء سنمار، ووجهت أتباعها «لإعدامه اجتماعياً».
ومع أن «الإخوان المسلمين» في الكويت حظوا بما لم تحظ به جماعة أو جمعية أو مكون سياسي أو تجمع ثقافي أو اجتماعي، إلا أن البراغماتية التي تسيطر على عقول منظريها وقادتها كانت كفيلة لأن تدفع الجماعة لاصطناع خلاف مع الحكومة من خلال استغلالها لموجة الحراك المطالبة بتغيير الدوائر الانتخابية وسرقتها لجهود حملة «نبيها خمس» التي قادتها مجاميع شبابيّة مختلفة في العام 2005، لتقطف ثمار «الحصاد المر» عام 2007.
ومع ما تحتويه حركة الإخوان المسلمين من إرث حركي قديم وقدرة على المناورة السياسية، إلا أنها ضاقت ذرعاً بأحد أهم مفكري الجماعة ومنظريها الحركيين وأحد القامات البارزة فيه وواحد من أهم أعضائها وهو الدكتور إسماعيل الشطي حين كان وزيراً في الحكومة، لتقوم بتعليق عضويته في التنظيم المحلي بسبب رفضه الاستقالة من الحكومة بعدما طلبت الحركة الدستورية الإسلامية منه ذلك، على إثر رفض الحكومة لقانون الدوائر الخمس في 2006.
واستمرّت المواجهة مع الحكومة منذ ذلك الحين من خلال تأييد الاستجوابات والتصويت مع طرح الثقة ضد عدد من الوزراء في أكثر من مناسبة وصولاً إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية في محاولة للضغط على السلطة بهدف تحقيق مكاسب للحركة على حساب مصلحة المجتمع الكويتي.
ثم ومع اندلاع موجة التظاهرات العربية الداعية لإسقاط أنظمة عربية كانت الحركة الدستورية ضمن صفوف الداعمين لهذه التظاهرات التي أدت إلى خلق حالٍ من الفوضى في المنطقة العربية وفقدان الأمن في دول ما يسمى «الربيع العربي» وانهيار اقتصادات تلك الدول ما تسبب في مواجهات مسلحة وتفجيرات وقتل على الهوية وتشريد مواطنيها، لتعود الحركة المزهوة «بنشوة الانتصار» بعدما تمكن «الإخوان» في مصر من الاستيلاء على السلطة، إلى التأييد والمشاركة في الاعتصامات والتظاهرات المحلية التي أدّت إلى استقالة رئيس الحكومة في الكويت، قبل سعيها لتكون ضمن قيادة كتلة الأغلبية المعارضة في مجلس الأمة 2012، الذي تم حله وبالتالي رفضها المشاركة في العملية السياسية ودعوتها الناخبين الكويتيين لإعلان «عصيان المشاركة» والامتناع عن التصويت في الانتخابات لإحراج الحكومة محلياً وخارجياً.
وأخيراً، اضطرت جماعة الإخوان المسلمين في الكويت ونتيجة للمستجدات الإقليمية، إلى الرضوخ للواقع من خلال انتهاج سياسات يصفها متابعون بأنها محاولة للمهادنة والنأي بالنفس عن أي صدام، وقد برزت ملامح هذا السلوك بعد بدء عملية عاصفة الحزم لإعادة الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، التي شكلت رأس الحربة مع الإمارات العربية المتحدة ومصر في تصنيف «الإخوان المسلمون» كجماعة إرهابية محظورة، حيث كان لافتاً قيام (حدس) بتعليق جميع أنشطتها العامة وفقاً لما وصفته «تعزيز الصالح العام وتحقيق وحدة الصف».الراي