سجل حقوق الانسان ----- أين منه سجل الكـــويت

العقوبات التبعية

وعرف قانون الجزاء العقوبات التبعية فيما تنص عليه المادة 67 من أنه "تعد العقوبة تبعية إذا كان القانون يقضي بها كأثر حتمي للحكم بالعقوبة الأصلية، وتعد تكميلية إذا كان توقيعها متوقفا على نطق القاضي بها، سواء أوجب القانون عليه ذلك أو أجازه له".

وعدَّد قانون الجزاء العقوبات التبعية والتكميلية في ثماني عقوبات نصت عليها المادة 66، ما يعنينا منها في هذا المقام:

1- الحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة 68.

وتنص هذه المادة الأخيرة على أن كل حكم بعقوبة جناية يستوجب حتما حرمان المحكوم عليه من الحقوق الآتية:

• تولي الوظائف العامة، أو العمل كمتعهد، أو كملتزم لحساب الدولة.

• الترشح لعضوية المجالس والهيئات العامة، أو التعيين عضوا بها.

• الاشتراك في انتخاب أعضاء المجالس والهيئات العامة.

2- العزل من الوظائف العامة.

ومن الجدير بالذكر أن المادة 70 من قانون الجزاء توجب على القاضي، إذا حكم على موظف عام بعقوبة جنحة من أجل رشوة أو تعذيب متهم، لحمله على الاعتراف أو استعمال سلطة الوظيفة، لمجرد الإضرار بأحد الأفراد أو استعمال أختام رسمية على نحو مخالف للقانون أو تزوير، أن يقضي بعزله عن الوظيفة مدة يحددها الحكم، بحيث لا تقل عن سنة، ولا تزيد على خمس سنوات.

أي أن من أدين في إحدى الجرائم التي تضمنها التعديل سالف الذكر، يكون وضعه أسوأ كثيرا من المحكوم عليه في جريمة رشوة أو تعذيب متهم أو استخدام سلطته الوظيفية للإضرار بالناس أو تزوير أو استعمال أختام رسمية على نحو مخالف للقانون.

ذلك أن المادة 70 من قانون الجزاء فيما أوجبته على القاضي من عزله من الوظيفة قد قيدته بألا تزيد مدة العزل على خمس سنوات.

ومن العقوبات التكميلية التي يجوز للقاضي الحكم بها، ما نصت عليه المادة 70 من قانون الجزاء، وقضت دائرة التمييز، بأن طلب النيابة العامة توقيع عقوبة العزل المؤقت المنصوص عليها في هذه المادة يعتبر غير ذي موضوع – أمام محكمة التمييز - وقد قضت محكمة الجنايات بعزله عزلا مؤبدا، جلسة 25 /5/ 87 طعن بالتمييز 70/ 87 جزائي.

وهي باعتبارها عقوبة تبعية لارتكاب إحدى هذه الجرائم، فلا تسري بما تضمنته من حرمان من حق الانتخاب والترشح، إلا على الجرائم التي وقعت بعد العمل بهذا القانون، وفقا لصريح نص المادة 32 من الدستور "ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها".

أما الجرائم سالفة الذكر، التي وقعت أفعالها قبل العمل بهذا القانون، وتمت الإدانه فيها، سواء قبل العمل بهذا القانون أو بعده، فلا توقع عليها هذه العقوبة التبعية، إنما تسري في شأنها الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الانتخاب، والتي تقضي بأن "يُحرم من الانتخاب المحكوم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخله بالشرف والأمانة إلى أن يرد إليه اعتباره".

وهو القانون الذي كان معمولا به وقت ارتكاب هذه الجرائم، حتى لو صدر الحكم بالإدانة بعد العمل بالتعديل سالف الذكر.

ثانيا- مخالفة أحكام المادة 179 من الدستور

تنص المادة 179 من الدستور على أنه:

لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ، ويجوز، في غير المواد الجزائية، النص في القانون على خلاف ذلك، بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة.

ويقول المستشار والخبير الدستوري الراحل د. عوض المر، رئيس المحكمة الدستورية في مصر، إن الأصل في النصوص العقابية، أن يكون سريانها بأثر مباشر، فلا يكون تطبيقها رجعيا إعمالا لقاعدة كفلتها المواثيق الدولية، ورددتها المادة 66 من دستور جمهورية مصر العربية، التي تقضي بأنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون الذي ينص عليها. ولا نفاذ للقوانين الجنائية بالتالي فيما قبل وقت العمل بها، وإلا كان تطبيقها رجعيا.

وبتعيين ذلك ألا تتعلق هذه القوانين بغير الأفعال التي ارتكبها جناتها بعد سريانها، ليكون نفاذ تلك القوانين سابقا عليها (الرقابة القضائية على دستورية القوانين في ملامحها الرئيسية – ص 242)

ثالثا- القانون الأصلح للمتهم

ويقول د. عوض المر إن سريان القوانين الجنائية، على وقائع اكتمل تكونيها قبل نفاذها، وإن كان غير حائز أصلا، إلا إطلاق هذه القاعدة يفقدها معناها.

ذلك أن الحرية الشخصية، وإن كان يهددها القانون الجنائي الأسوأ، إلا أن القانون الجنائي الأكثر رفقا بالمتهم يكفلها ويصونها.

وفي هذا السياق تنص المادة 15 من قانون الجزاء على أنه إذا صدر، بعد ارتكاب الفعل، وقبل أن يحكم فيه نهائيا، قانون أصلح للمتهم، وجب تطبيق هذا القانون دون غيره.

ومع ذلك، إذا صدر بعد الحكم النهائي قانون يجعل الفعل غير معاقب عليه إطلاقا، وجب تطبيقه، واعتبار الحكم كأن لم يكن.

وقضت محكمة التمييز – في تطبيق المادة 15 من قانون الجزاء، بأنه من المقرر لاعتبار قانون ما أصلح للمتهم في معنى هذه المادة، أن يتحد القانون الذي أسس الاتهام والعقاب عليه في الفعل المنصوص عليه في كل منهما وحدة تشمل كل عناصر هذا الفعل وكل أركانه، فإن اختلف الفعل المنصوص عليه في أحدهما عن الفعل الذي ينص عليه الآخر، فإن المزاحمة بين القانونين تمتنع، وتمتنع بالتبعية المفاضلة بينهما لا تطابق كل منهما على الواقعة المنصوص عليها فيه. (جلسة 289/ 12/ 1980- طعن بالتمييز رقم 241/80 جزائي).

المبحث الثاني: العزل السياسي عقوبة تجرد المواطن من حقوق المواطنة

ولا جدال في أن حرمان المواطن من حق الانتخاب والترشح، هي عقوبة تجرد المواطن من مواطنته، وهي وإن لم تنحدر إلى سحب الجنسية، فإنها تلصق عاراً بالمواطن، وتصبح عاراً مضاعف الأثقال عليه، إذا ظلت تلاحق المواطن مدى حياته، فلا تفتك عنه أو تزايله إلا بوفاته، عندما لا يتيح القانون للمواطن رد اعتباره، بعد فترة زمنية قصيرة، وهو ما تجري به كل القوانين الجزائية.

وفي هذا السياق، تنص المادة 6 من الدستور على أن نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبيَّن بهذا الدستور.

وتجسيدا لمبدأ السيادة الشعبية، فقد أخذ الدستور الكويتي بمبدأ الاقتراع العام، الذي يخول كل مواطن حق الانتخاب، دون أن يستبعد أحدا في استخدام هذا الحق تحت ذريعة الأسباب التي كان يتقيد بها حق الاقتراع المقيد قبل التطور الذي ناضلت الشعوب للعدول عنه في كل دول العالم، لتحقيق مبدأ الاقتراع العام.

وقضت المحكمة الدستورية العليا في مصر، بأن حقا الاقتراع والترشح هما محور السيادة الشعبية وقاعدة بنيانها، فلا يجوز إنكار أصل وجودهما أو تقييد أثارهما بما يحول دون مباشرتهما على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين قانونا بممارستهما أو الانتفاع بهما. (جلسة 3/ 2/ 1996 القضية رقم 2 لسنة 16 قضائية دستورية).

الأمر الذي يجعل من أي قيود على أي من الحقين الاقتراع أو الترشح لمجلس الآمه نكوصا للنظام الديمقراطي على عقبيه.

أولا- حق الاقتراع العام

حيث تنص المادة 80 من الدستور على أن يتألف مجلس الأمة من خمسين عضوا ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر، وفقا للأحكام التي يبينها قانون الانتخاب.

وهو ما أكده الدستور عندما اشترطت المادة 82 في عضو مجلس الأمة، "أن يكون ملما بالقراءة والكتابة"، دون أن تقيد حق الانتخاب بهذا الشرط.

جدير بالذكر، أنه بعد أن وافق المجلس التأسيسي على الدستور ورفعه إلى صاحب السمو الأمير الذي صدَّق عليه وأصدره في 11 نوفمبر 1962، صدَّق الأمير على قانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1962 وأصدره في اليوم التالي 12 نوفمبر 1962، باعتباره القانون الأساسي المكمل للدستور، بل هو قاطرة الدستور إلى تحقيق مبادئه الأساسية، وعلى رأسها مبدأ الاقتراع العام.


فلم يحرم هذا القانون من حق الانتخاب إلا ما تنص عليه المادة الثانية من هذا القانون من أنه "يحرم من الانتخاب المحكوم عليه بعقوبة جناية، أو جريمة مخلة بالشرف والأمانة إلى أن يُرد إليه اعتباره".

وهو مانع قانوني من تولي الوظائف العامة، بما يرقى بحق الانتخاب إلى اعتبار الناخب في حكم الموظف العام، وهي ضمانة كافية، بل يبلغ فيها التشدد أقصاه في تحديد شروط الناخب.

ويعد الحكم الوارد في المادة الثانية من قانون الانتخاب حكما مكملا ومتمما لمبدأ الاقتراع العام الذي نصت عليه المادة 80 من الدستور، وبأخذ الطبيعة الدستورية لأحكام هذه المادة، لأنه مستمد مباشرة من أحكام الدستور، وأقرَّه المجلس التأسيسي غداة إقراره للدستور، بذلك يكون معبرا عن إرادة المشرع الدستوري الحقيقية في تقرير حق الاقتراع العام، فالمجلس التأسيسي الذي أقر الدستور هو الذي أقر هذه المادة.

وبذلك، يكون التعديل المقترح أهدر الضوابط التي قررها المجلس التأسيسي في المانع الوارد بالمادة الثانية من قانون الانتخاب، وأحلَّ هذا المانع من التقيد بالقيود التالية:



1- أن يكون الحكم بعقوبة جناية.

2- أن تكون الإدانة في جريمة مخلة بالشرف والأمانة.

3- اكتفى التعديل بالإدانة، ولو امتنع القاضي عن النطق بالعقاب.

4- لا يسمح التعديل برد الاعتبار في هذه الجرائم، بحيث تحول المانع المؤقت المنصوص عليه في المادة الثانية إلى مانع دائم ومؤبد.

وبذلك، يكون التعديل المقترح فرض على حق الانتخاب قيودا غير منصفة وغير عادلة.

وقضت المحكمة الدستورية، بأن كل تنظيم تشريعي ينال من فرص الناخبين في الإدلاء بأصواتهم لا يقل سوءاً عن حرمان بعضهم أصلا ـ ودون مسوغ ـ من حق الاقتراع العام (المحكمة الدستورية العليا في مصر القضية رقم 77 لسنة 19 قضائية دستورية ـ جلسة 7/ 2/ 1998).

كما قضت بأنه يفترض في أي نظام ديمقراطي للحكم أن يكون حق الاقتراع منضبطا، وفق قواعد محددة، يكون إعمالا منصفا وعادلا، فلا يباشره المواطنون مثقلا بقيود تؤثر في وزن أصواتهم، لتضعفها أو تفرقها (الحكم الصادر في الطعن رقم 77 لسنة 19 المشار إليه).

وأن الانتقاص من حق الاقتراع العام ينعكس سلبا على فرص تعبير الناخبين عن رغباتهم من خلال أصواتهم، فلا يكون لها فاعليتها بشأن اختيار من يطمئنون إليهم. (المحكمة الدستورية العليا بمصر الطعن رقم 77 لسنة 19ق).

ثانيا - حق الترشح

وتنص المادة 82 من الدستور من أنه يشترط في عضو مجلس الأمة، أن تتوافر فيه شروط الناخب، وبذلك أكد الدستور الربط لزاما وبطريقة حتمية بين حق الانتخاب والترشح.

وهو ما قضت به المحكمة الدستورية العليا في مصر، بأنه لا يجوز أن تفرض على مباشرة أي من حق الانتخاب أو الترشح قيود يكون من شأنها المساس بمضمونهما، بما يعوق ممارستهما بصورة جدية وفعالة، ضمانا لحق المواطنين في اختيار ممثليهم في المجالس النيابية، لإعمال الديمقراطية في محتواها المقرر دستوريا، ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة في حقيقتها عن الإرادة الشعبية، ومعبرة تعبيرا صادقا عنها. (القضية رقم 11 لسنة 13 ق دستورية بجلسة 8/ 7/ 2000).

كما قضت المحكمة الدستورية في الكويت بتاريخ 16 من يوليو 2008، بأن الترشح حق أصيل، شأنه شأن باقي الحقوق السياسية، وهو من الحقوق التي لا تقبل بطبيعتها من القيود إلا ما كان هادفا للمصلحة العامة ومحققا لأغراضها. وبأن حقي الاقتراع والترشح ـ يجب مباشرتهما على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانونا لممارستهما أو الانتفاع بهما. (القضية رقم 2 لسنة 16 ق دستورية بجلسة 3 /2/ 1996 ج دستورية ص 470).

وترتيبا على ذلك، فإن العيب الذي شاب التعديل المقترح لقانون الانتخاب بما فرضه من قيود على مبدأ الاقتراع العام، يمثل انتقاصا من حق الترشح، لأن فرض قيود على حق الانتخاب يعوق البعض من ممارسة هذا الحق، وتنتقص من الاقتراع العام، ينطوي على انتقاص من حق الترشح لعضوية مجلس الأمة.

ثالثا - تجاوز للتفويض الدستوري

وانطلاقاً من هذا المفهوم السليم والتفسير الصحيح لحكم المادتين 80 و82، فإنه ليس معنى تفويض الدستور للمشرع بتحديد شروط الناخب أو تنظيم الانتخاب، إطلاق يده، بما ينتقص من الحق الدستوري في الاقتراع العام أو ينال منه، وهو المبدأ الذي استقر عليه القضاء الدستوري في كل الدول التي تأخذ بهذا النظام.

وهو ما قضت به المحكمة الدستورية في الكويت في حكمها الصادر في أول مايو سنة 2006، من أن المشرع فيما يسنه من قوانين تنظيما للحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، باعتبارها من الدعامات الأساسية التي لا يقوم أي نظام ديمقراطي من دونها، يجب عليه ألا يجاوز الحدود والضوابط التي فرضتها هذه النصوص، أو ينال من أصل الحق، أو يحد من ممارسته أو يحيد عن الغاية من تنظيمه على الوجه الذي لا ينقص من الحق أو ينتقص منه.

ولئن كان للمشرع سلطة تقديرية في تنظيم العملية الانتخابية، إلا أن سلطته في هذا الشأن تجد حدها الطبيعي في عدم الخروج على القيود والضوابط والمبادئ التي نصَّ عليها الدستور وعدم المساس بالحريات والحقوق العامة التي كفلتها نصوصه.

كما أن سلطته هذه - كما قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر - لا يجوز أن تنال من تلك الحقوق بما يقلص من محتواها، أو يجردها من خصائصها أو يقيد من أثارها، وإلا كان هذا التنظيم مخالفا للدستور (القضية رقم 2 لسنة 16 ق دستورية بجلسة 3 /2/ 1996).

ولا يجوز بالتالي أن تفرض على مباشرة حق الانتخاب وحق الترشح القيود التي لا تتصل بتكامل العملية الانتخابية وضمان مصداقيتها، أو بما يكون كافلا إنصافها، وتدفق الحقائق الموضوعية، بل يجب أن تتوافر للقيود التي يفرض هذا التنظيم أسس ضبطها بما يصون حيدتها، ويحقق الفرص المتكافئة بين المتزاحمين فيها (الحكم الصادر بجلسة 3/ 2/ 1996 في القضية رقم 2 لسنة 16 ق دستورية).

المبحث الثالث: المساس بحرية الرأي وحق التعبير عنه بالمخالفة للمادتين 36 و37 من الدستور

إن الأصل في النصوص الدستورية، أنها تفسر بافتراض تكاملها، فلا ينعزل نص عن غيره، تجمعها الوحدة العضوية التي تستخلص منها مراميها.

وفي هذا السياق، فقد كفل الدستور في المادة 36 حرية الرأي لكل إنسان وحق التعبير عن رأيه.

وقضت المحكمة الدستورية العليا في مصر، بأن حق الاقتراع صورة من صور التعبير عن الرأي، من خلال إدلاء الناخبين بأصواتهم التي يبلورون بها إرادة اختيار ممثليهم (جلسة 7/ 2/ 1998 القضية رقم 77 لسنة 19 قضائية دستورية).

وبذلك، يعد حق الاقتراع العام صورة من صور حرية التعبير في الشؤون العامة، عندما يختار المواطنون ممثليهم في مجلس الأمة، هو الأكثر أثرا وخطرا في النظام الديمقراطي، فأي انتقاص منه، هو عدوان على حرية الرأي وحق المواطن في التعبير عن آرائهم في شؤون الحكم.

وأن صون حق الاقتراع العام والإيمان به يتعيَّن أن يكون دوما بتحمُّل تبعاته، وإلا اعتبر هذا الحق والإيمان به شكلا بغير مضمون.

كما قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر، بأن حرية التعبير هي قاعدة التنظيم الانتخابي ومحوره، وأن تنظيم العملية الانتخابية لا يكون ممكنا إلا إذا كان معقولا، وإلا إذا كان محايدا في محتواه، وهو لا يكون كذلك، إلا بما يوفره لهيئة الناخبين من حقائق تعينها على تحديد موقفها من المرشحين الذين يريدون الظفر بثقتها، ومن خلال التعريف بأحقيتها في الدفاع عن مطالبها، ولتكون المفاضلة بين المرشحين على أسس موضوعية لها ما يظاهرها وفق قناعتها بموقفهم من قضاياها (ق2 لسنة 16 ق دستورية بجلسة 3/ 2/ 1996).

كما قضت كذلك المحكمة الدستورية في الكويت، بأن إجراءات الانتخاب ليست هي الغرض المقصود بذاته من عملية الانتخاب، بل إن كل الإجراءات التي شملها القانون إنما وضعت للوصول إلى نتيجة واحدة، وهي تمكين كل ناخب من إبداء رأيه بحرية. (جلسة 17/ 9/ 2008، الطعن رقم 21/ 2008 طعون انتخابية).

تعديل يقصر عنه تنقيح الدستور

وفي هذا السياق تنص المادة 175 من الدستور على أن "الأحكام الخاصة بالنظام الأميري الكويتي وبمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها، ما لم يكن التنقيح خاصا بلقب الإمارة أو بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة".

ومؤدى هذا النص، أن مبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور، وهي مبادئ تعلو الدساتير ذاتها، قد عصمها الدستور من أي تنقيح، إلا لمزيد من ضمانات الحرية والمساواة، درءا لاقتحام تخوم هذه المبادئ في أي تنقيح للدستور، بما يهدرها أو ينتقص منها.

ولما كان التعديل المقترح على المادة الثانية من قانون الانتخاب، بالقيود التي أثقل بها حق الانتخاب، والتي أشرنا إليها في أولا، يعد ماسا بحق التعبير عن الرأي، باعتبار الاقتراع العام وحق الانتخاب فرعين من حرية الرأي وحق التعبير، فإن مثل هذه القيود توقع التعديل سالف الذكر في حومة مخالفة المادتين 36 و175 من الدستور، وأنه إذا كان حق الاقتراع العام يعتبر مستعصيا على التنقيح الدستوري، باعتباره لصيقا بحرية الرأي وحق التعبير عنه إلا لمزيد من ضمانات الحرية، فإنه أولى به أن يستعصى على التعديل التشريعي إلا لمزيد من هذه الضمانات.

المبحث الرابع: مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والمذكرة التفسيرية للدستور

أولا- مخالفة المادة الثانية من الدستور

ولعل هذا الغضب والانفعال بهذه الأفعال، وهي الإساءات الثلاث سالفة الذكر، هو الذي غيب عن التعديل ما نصت عليه المادة الثانية من الدستور من أن "الشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع".

وتعد جريمة القذف إحدى جرائم الحدود، والتي ردت على سبيل الحصر في القرآن الكريم والسُنة النبوية، وهي جريمة لها في الشريعة الإسلامية عقوبتان: إحداهما: أصلية، وهي الجلد، والثانية تبعية: وهي عدم قبول شهادة القاذف، (د. عبدالقادر عودة، ننقله من كتابه، لتشريع الجنائي الإسلامي ـ طبعة مؤسسة الرسالة ـ ص 79 وص 645 و646).

فالإساءة للذات الإلهية ولذات الأنبياء اللتين وردتا ضمن الإساءات الثلاث التي وردت في هذا التعديل التشريعي للمادة الثانية من قانون الانتخاب، لم يرد لها حكم خاص في جرائم الحدود يختلف عن حكم جريمة القذف بوجه عام.

والكلمة الجامعة للعقيدة الإسلامية هي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهي فيصل التفرقة بين الكفر والإيمان، بما تحمله هذه الشهادة من إيمان بوحدانية الله وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبرسالات من سبقه من الأنبياء، وتصديق محمد رسول الله في كل ما أمر به وما نهى عنه و"من يطع الرسول فقد أطاع الله".

وليس في ذلك مساواة قدر المولى، عز وجل، بقدر عامة الناس عندما توجه إليهم وقائع القذف وعبارات السب، بل هو اعتراف منا بعلو قدر الله وقدر الأنبياء، عن أن تلوكها المحاكمات في ساحات المحاكمة العلنية، وسداً للذرائع عندما تتخذ عقوبة تبعية توقع في هذه الجرائم ذريعة لأعداء الإسلام، للنيل من سماحته، ذلك أن المولى، عز وجل، غني عن كل ذلك، فهو سبحانه "الحي القيوم" و"ليس كمثله شيء"، "ولم يكن له كفواً أحد"، هو سبحانه "عزيز ذو انتقام"، "وهو الذي يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات"، "فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين"، "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين".

ثانيا- أن الله غني عن عباده

قال سبحانه وتعالى: "ان تكفروا فإن الله غني عنكم"

ذلك أن المولى، عز وجل، وأنبياءه ورسله في غنى عن كل ذلك، فهو سبحانه "الحي القيوم" و"ليس كمثله شيء"، "ولم يكن له كفواً أحد"، وقد قال الله جل جلاله "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين".

وفي قول عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، "لأن أعطل الحدود بالشبهات خير من أن أقيمها بالشبهات"، والشبهات التي تسقط الحدود في الشريعة الإسلامية، قائمة في ركن من أركان الجريمة، وفي انطباق النص المحرم على الفعل المنصوب إلى المتهم وشبهات قائمة في ثبوت الجريمة.

إن تفسير نصوص القوانين الجزائية يجب أن يكون تفسيرا ضيقا لا توسع فيه، حتى لا يؤدي الاجتهاد في التفسير إلى خلق جرائم تخرج من نطاق النص، ولم تدخل في قصد المشرع عند تجريم الفعل، وأنه إذا تعددت الوجوه أمام القاضي في تفسير النص، فيجب ترجيح الوجه الذي تتحقق به براءة المتهم، لأن الأصل في الإنسان البراءة، ومن هذا الأصل استمدت قاعدة أن الشك يفسر لمصلحة المتهم، وهي ليست قاعدة من صنع المشرع الوضعي فحسب، بل تستمد أساسها من أحكام الشريعة الإسلامية في قوله صلى الله عليه وسلم: "ادرؤوا الحدود بالشبهات، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من يخطئ في العقوبة".

ويصدق ذلك، ومن باب أولى على السلطة التشريعية وهي تشرع القوانين، لأنه إذا كانت العدالة، يختل ميزانها في قضية بعينها إذا حكم القاضي فيها وهو غضبان، فسيختل ميزان العدل في كل القضايا التي من نوعها، والتي تطرح على المحاكم إذا كان المشرع أقرَّ القانون، منفعلا بمشاعر الغضب من هذا الإثم العظيم الذي يقع فيه من يسيء للذات الإلهية أو الأنبياء.

وقد ردَّ صاحب السمو الأمير اقتراحا بقانون أقرَّه مجلس الأمة بجلسته المعقودة بتاريخ 3/ 5/ 2012، والذي كان يعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد كل من طعن علنا أو في مكان عام في الذات الإلهية وفي الأنبياء والرسل وفي أزواج الرسول، عليه الصلاة والسلام، تقديرا للاعتبارات السابقة.

ثالثا - المذكرة التفسيرية لدستور الكويت

وفي التصوير العام لنظام الحكم، تقول المذكرة التفسيرية للدستور:

امتثالاً لقوله تعالى "وشاورهم في الأمر"، واستشرافا لمكانة من كرَّمهم في كتابه العزيز بقوله "وأمرهم شورى بينهم"، وتأسياً بسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المشورة والعدل، ومتابعة لركب تراثنا الإسلامي في بناء المجتمع وإرساء قواعد الحكم، برغبة واعية في الاستجابة لسُنة التطور والإفادة من مستحدثات الفكر الإنساني وعظات التجارب الدستورية في الدول الأخرى... بهدي ذلك كله، وبوحي هذه المعاني جميعا، وضع دستور الكويت.

ولقد تلاقت هذه الأضواء والمعاني المتكاملة عند أصل جوهري في بناء العهد الجديد، قام بمنزلة العمود الفقري لهذا الدستور، وهو الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره، فقد امتاز الناس في هذا البلد عبر القرون بروح الأسرة تربط بينهم كافة، حكاما ومحكومين، ولم ينل من هذه الحقيقة ذات الأصالة العربية، ما خلفته القرون المتعاقبة في معظم الدول الأخرى من أوضاع مبتدعة ومراسم شكلية باعدت بين حاكم ومحكوم، ومن هنا جاء الحرص في الدستور الكويتي على أن يظل رئيس الدولة أباً لأبناء هذا الوطن جميعاً.

وغني عن البيان، أن مثل هذه القوانين تناقض هذه القيم النبيلة في الشورى في سُنة التطور وروح الأسرة التي تربط بين أبناء هذا الوطن جميعا، في ظل رعاية الأب الأكبر لأبناء الوطن جميعا، صاحب السمو أمير البلاد، فذاته مصونة لا تمس في وجدان وضمير شعبه ووجدان أمته، بل وفي وجدان العالم كله، وقد أصبح "قائدا للعمل الإنساني".

المبحث الخامس: الانتقاص من ولاية القضاء والمساس بحق التقاضي

وقد بيّنا في المباحث الأربعة السابقة المخالفات الدستورية التي وقع في حومتها التعديل التشريعي سالف الذكر لقانون الانتخاب بتقرير عقوبة تبعية ممعنة في القسوة، وتزيد في قسوتها عن العقوبة الاصلية، ولا يرد فيها الاعتبار، رغم إمكان رد الاعتبار في الجريمة.

والاصيل في العقوبة انها عدل الجريمة، وأن ذلك يستوجب في العقوبات التبعية او التكميلية ان تكون بدورها عدل الجريمة، اما إذا جاوزت العقوبة وظيفتها الأدبية ووظيفتها النفعية في منع الجاني من العودة الى الجريمة ومنع غيره من تقليده أو حين تستهدف وقاية المجتمع من الجريمة والاجرام، فإنها تصبح عقوبة قائمة بذاتها، بعيدة كل البعد عن الجرائم التى ارتكبت، بما يعزلها عن المحاكمة القانونية في الجريمة الاصلية، بما يجعل توقيعها بنص القانون، في محاكمات جرت في الماضي، دون ان يكون ماثلا امام المحكمة ان هناك عقوبة تبعية ممعنة في القسوة، سوف يرتبها قانون الانتخاب بتعديل تشريعي، سوف يرتد بأثر رجعي ليحرم المواطن حق المواطنة، ولو تنبأت المحاكم بذلك لقضت في كل هذه المحاكمات ببراءة المتهمين امامها.

ولعل هذه العقوبة فوق كونها تصدم الشعور بالعدالة، في تطبيقها بأثر رجعي، أنها تفتقد كذلك وظائفها الاساسية في تطبيقها على الافعال التى تقع مستقبلا، وقد تدعو المحاكم الى عدم الإدانة في هذه الجرائم.

وفي هذا السياق نشير إلى ما يلي:

1- عقوبة تبعية في جرائم يشوبها الغموض

2- نقض قرينة البراءة بالمخالفة للمادة (34) من الدستور.

3- التدخل في سير العدالة بالمخالفة للحظر المنصوص عليه في المادة 163 من الدستور.

4- سلب ولاية القضاء.

5- مساس بحق التقاضي.

أولا-عقوبة تبعية في جرائم يشوبها الغموض

في مجال التجريم، يجب ان يكون النص محددا تحديداً جلياً قاطعاً في بيان الحدود الضيقة لنواهيه وزواجره، يدور معه إثباتا ونفيا، بما يحول دون التباسها بغيرها، والاساءات الثلاث في التعديل التشريعي هي امور تتعدد تأويلاتها وتتباين الآراء فيها التي قد تخالطها الأهواء فتضع قيوداً على حرية الرأي والفكر وحرية التعبير التي كفلها الدستور، وتنال من الأبرياء لافتقارها إلى الأسس الموضوعية اللازمة لانضباطها، مع قسوة العقوبة.

وهو ما يعتبر تجاوزاً على مبدأ شرعية التجريم والعقاب وتناقضاً مع مبادئ ونصوص دستورية أخرى، ذلك أنه ولئن كان الحق في اقرار القوانين، حقاً دستورياً، تملكه السلطة التشريعية، «ولا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدّق عليه الأمير»، إلا أنه ليس حقاً مطلقاً.

فالحريات التي كفلها الدستور للأفراد، الحرية الشخصية (مادة 30) وحرية الرأي والبحث العلمي (مادة 36) وحرية الصحافة والطباعة والنشر (مادة 37) وافتراض البراءة في الإنسان (مادة 34) حقوق دستورية تقوم بها منظومة متكاملة لبناء نظام ديمقراطي سليم، وهي حقوق تقف سداً منيعاً ضد التوغل عليها بقوانين جزائية تفرض على الحرية الشخصية وحرية البحث العلمي وحرية الصحافة وحق الاجتماع، أخطر القيود وأبلغها أثراً.

وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر بأن «القيود التي تفرضها القوانين الجزائية على الحرية الفردية تقتضي أن تصاغ أحكامها بما يقطع كل جدل في شأن حقيقة محتواها ليبلغ اليقين بها حداً يعصمها من الجدل، وبما يحول بين هذه القوانين وأن تكون نصوصها شباكا أو شراكا يلقيها المشرع متصيداً باتساعها أو بخفائها المتهمين (جلسة أول أكتوبر سنة 1994 في القضية رقم 20 لسنة 15 قضائية دستورية، وحكمها الصادر بجلسة 2 يناير سنة 1993 في القضية رقم 3 لسنة 10 قضائية دستورية).

ولهذا كان لازماً أن تفرض الدساتير المعاصرة القيود التي ارتأتها على سلطان المشرع في مجال التجريم، تعبيراً عن إيمانها بأن حقوق الإنسان وحرياته لا يجوز التضحية بها في غير ضرورة تمليها مصلحة اجتماعية لها اعتبارها، واعترافاً منها بأن الحرية في كامل أبعادها، لا تنفصل عن حرمة الحياة، وأن الحقائق المريرة التي عايشتها البشرية على امتداد مراحل تطورها، تتطلب نظاماً متكاملاً يكفل للجماعة مصالحها الحيوية، ويصون- في إطار أهدافه- حقوق الفرد وحرياته الأساسية.

ثانيا - افتراض البراءة في الإنسان

افتراض البراءة فى الإنسان حتى تثبت إدانته بحكم قضائى نهائي، وهوالمبدأ الذي جسدته المادة (34) من الدستور في ما تنص عليه من أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع.

وجسده كذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهو يردد قاعدة استقرت في الضمير الانساني وفي دساتير الدولة وانظمتها القانونية، وتقع في إطاره الضمانات الأساسية التي يتكامل بها مفهوم العدالة ويتفق مع المقاييس المعمول بها في الدول المتحضرة.

وان افتراض البراءة في الإنسان والذي يقوم على أصل يلازم الإنسان منذ خلقه، يتطلب في الجريمة ان تتوافر أركانها كما قضت المحكمة الدستورية العليا، ولا تتوفر هذه الأركان إلا بإرادة ارتكابها، ولا تعتبر الشبهات التي تحيط بالفعل ويظن معها الوقوع فيه، سلوكا محددا، بل توهم لا يقوم به دليل، ولا تنهض به المسؤولية الجنائية، (جلسة 3/8/1997 القضية رقم 72 لسنة 18 قضائية دستورية).

ويغدو توقيع العقوبة التبعية سالفة الذكر، دون محاكمة قانونية غير التي صدرت فيها الأحكام بالادانة قبل العمل بالقانون، تكفل فيها للمواطن ضمانات الدفاع، نقضا لقرينة البراءة في الانسان.

ثالثا- التدخل في سير العدالة

وهو ما تحظره المادة 163 من الدستور فيما نصت عليه المادة 163 من أنه «لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم وأحوال عدم قابليتهم للعزل».

رابعاً- سلب ولاية القضاء

وتنص المادة (34) على أن المتهم بريء حتى تثبت في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا.

ومن المقرر أن العزل من العمل السياسي، والذي يشمل في ما يشمله الحرمان من حق الانتخاب وحق الترشح في المجالس التشريعية هو عقوبة جزائية لا يجوز توقيعها، دون حكم قضائي في محاكمة قانونية تؤمن فيها للمواطن الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع لاقتراف المواطن جرما يعاقب عليه القانون بهذه العقوبة، كعقوبة أصلية أو تبعية أو تكميلية، وجوبا أو جوازا عند إدانة المواطن.

وكانت المحكمة الدستورية العليا في مصر تصدت للعزل السياسي الذي قرره القانون رقم 17 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية.

وهو القانون الذي يقضي بالعزل السياسي، دون حكم قضائي للقيادات السياسية بالحزب الوطني الحاكم قبل ثورة 25 يناير، عندما شطبت لجنة الانتخابات الرئاسية الفريق أحمد شفيق من السباق الرئاسي، تطبيقا لقانون العزل السياسي، تظلم إلى لجنة الانتخابات الرئاسية التي قبلت تظلمه واحالت الدفع المقدم منه بعدم دستورية هذا القانون إلى المحكمة الدستورية التي قضت بالغاء قرار الشطب تأسيسا على ما جاء في اسباب الحكم من أن الفقرة الثانية من المادة 19 من الاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، وأن القانون المطعون بعدم دستوريته قد رتب الحرمان من الحقوق السياسية لمدة 10 سنوات لكل من عمل باي من المناصب التي أوردها، وبذلك يكون قد رتب جزاء ليقع عليهم تلقائيا دون حكم قضائي.

خامساً- المساس بحق التقاضي

وأساس ذلك ما تنص عليه المادة (166) من الدستور من أن «حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق».

وقد كان هذا الحق مكفولا لكل مواطن حرم حق الانتخاب أو الترشح، عند صدور قرار من وزارة الداخلية، باستبعاده من جدول الناخبين أو باستبعاده من الترشح للانتخابات، على سند من ارتكابه جريمة مخلة بالشرف والأمانة.

شطب المرشحين
يقول المستشار شفيق إمام إن «من الطعون التي طرحت أمام المحاكم، الطعن المقدم من النائب السابق د. فيصل المسلم في قرار وزارة الداخلية بشطبه من كشوف المرشحين لانتخابات مجلس الأمة للفصل التشريعي الرابع عشر، لادانته بحكم نهائي في جريمة إفشاء السر المصرفي وتغريمه 200 دينار وتعويض البنك المجني عليه، فطعن على هذا القرار أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية التي اصدرت حكمها بتاريخ 16/1/2012 ويقضي بإلغاء هذا القرار.
وكانت صحيفة «الجريدة» نشرت لي في اليوم ذاته وقبل صدور الحكم دراسة تحت عنوان «افشاء السر المصرفي... هل يعتبر جريمة مخلة بالشرف والأمانة؟ « قلت فيها إن ما اقترفه النائب السابق من ذنب أو جرم إنما كان يحتمي في اقترافه بحصانته البرلمانية والشفافية التي أصبحت سمة من سمات النظم الديمقراطية الحالية، كما كان يحتمي بالدستور فيما نصت عليه المادة (10) من حرية كل نائب فيما يبديه من اراء وأفكار داخل المجلس. وإنه لا يجوز أن يتعارض السر المصرفي مع النظام الديمقراطي الذي اتخذه الدستور نظاماً للحكم في الكويت في المادة السادسة، كما فصل أحكامه والسلطات الدستورية المنبثقة عنه والصلاحيات التي تملكها، وحظر على هذه السلطات النزول عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في الدستور (المادة 50 من الدستور).



التعديل بمنزلة عزل من العمل السياسي يشمل حقي الانتخاب والترشح وهي عقوبة جزائية لا يجوز توقيعها دون حكم


يهدم الدعامات الأساسية التي يقوم عليها أي نظام ديمقراطي


يتضمن عقوبة تجرد المواطن من مواطنته وتصبح عاراً مضاعف الأثقال عليه إذا ظلت تلاحقه مدى حياته ولا تزايله إلا بوفاته


أي قيود على الاقتراع أو الترشح لمجلس الأمة تمثل نكوصاً للنظام الديمقراطي على عقبيه


يتعارض مع مبادئ الحرية والمساواة التي تعلو الدساتير وعصمها الدستور من أي تنقيح إلا لمزيد منها


أهدر الضوابط التي قررها المجلس التأسيسي في المانع الوارد بالمادة الثانية من قانون الانتخاب وأحله من التقيد بالقيود الواردة


التعديل لا يسمح برد الاعتبار في هذه الجرائم والمانع المؤقت تحول إلى دائم ومؤبد


فرض قيوداً غير منصفة على مبدأ الاقتراع العام ويمثل انتقاصاً من حق الترشح لفرضه قيوداً على حق الانتخاب






الجريدة
 


الأمم المتحدة للكويت: “الحمض النووي” انتهاك للخصوصية
صحف ووكالات
منذ 14 ساعة
أضف تعليق
16752200px.png

AddThis Sharing Buttons
سبر
دعت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة امس، الكويت إلى تعديل قانون مكافحة الإرهاب، الذي يفرض إجراء اختبار الحمض النووي (دي.إن.إيه) على مستوى البلاد، مؤكدة أنه غير مناسب وينتهك خصوصية المواطنين.

وقالت اللجنة، المؤلفة من 18 خبيراً مستقلاً، بعد مراجعة سجل الكويت في الالتزام بحماية الحقوق المدنية والسياسية، إن إجراء أي اختبار يجب أن يكون مقصوراً على الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم خطرة، وبعد الحصول على أمر من المحكمة.

وذكرت اللجنة أن البرلمان الكويتي أقرّ قانوناً طرحته وزارة الداخلية، لاستحداث قاعدة بيانات لتسجيل الحمض النووي للمواطنين الكويتيين والمقيمين في البلاد.
ويفرض القانون، الذي تقول اللجنة إنه يسري أيضا على السياح، عقوبة بالسجن لمدة عام وغرامة على من يرفضون تقديم عينات.
وقالت إن القانون «يفرض قيودا غير ضرورية وغير متناسبة مع حق الخصوصية».

وقالت عضو اللجنة سارة كليفلاند في إفادة صحفية: «طلبنا منهم تعديله، لضمان أن يكون جمع بيانات الحمض النووي محدوداً ومقصوراً على الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم خطرة، وعلى أساس أمر صادر عن المحكمة».
وأضافت: «أحد أسباب القلق العميق للجنة هو احتمال تقليد دول أخرى للقانون.. هذه بالتأكيد المرة الأولى، التي نصادف فيها مثل هذا القانون».

وطبقاً لبيان موجز من الأمم المتحدة، فإن جمال الغنيم، سفير الكويت لدى المنظمة الدولية في جنيف، الذي قاد الوفد الحكومي قال للجنة الشهر الماضي: إن القانون مطلوب في ضوء التهديدات الإرهابية. وأضاف الغنيم: ان محتوى قاعدة البيانات لا يمكن كشفه دون مذكرة من المحكمة، وان من يخالف ذلك سيعاقب بالسجن ثلاث سنوات.
 
عودة
أعلى