قانون الجزاء الإسلامي قد يفتح الباب للتشريعات المذهبية
أكد بعض النواب تمسكهم بتطبيق الشريعة الاسلامية باعتبارها قواعد قانونية جاهزة وعلى رأس هذه القواعد المطلوب تطبيقها عمليا في دولة الكويت الجانب الجزائي المتمثل في الحدود والقصاص وسائر الاحكام التي يرون ضرورة تطبيقها.
وطالبوا بوضع قانون جزائي اسلامي مستمد بالكامل من قواعد الشريعة الاسلامية بجانب قانون الجزاء العادي، وعند ارتكاب الجريمة يخير المذنب في اختيار العقوبة بين العقوبة وفق الشريعة والعقوبة وفق القانون ويكون الاختيار وفق معتقد الشخص، كما هو حادث في تطبيق قوانين الاحوال الشخصية.
وقد اثار هذا المطلب ردود فعل متباينة من اهل القانون، وأكدت دراسة اعدها المحامي والباحث عبدالعزيز الخطيب ان قانون الجزاء الاسلامي قد يفتح الباب امام تشريعات اخرى مذهبية.
وتساءل الباحث لست ادري ما الذي يدفع الناس عند طرح تطبيق الشريعة الاسلامية الاخذ بأكثر القواعد شدة وهي العقوبات في الحدود والقصاص، وكأن المجتمع الاسلامي غدا مجتمعا مثاليا طبقت فيه سائر الاحكام وتحققت كل متطلبات المسلم، مما يجدر به عدم ارتكاب الجريمة، فقد تيسرت اموره وقضيت حاجاته، فإذا اجرم بعد ذلك فهو الجاني على نفسه، فيما امام المشرع الكثير لاصلاح حال المجتمع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا والعمل على ملاحقة التطور العالمي وايجاد كوادر بشرية تسند المجتمعات المتداعية وتعمل على تنميتها، وليس من الحكمة ان تتوه منا اولوياتنا.
وأكد ان الاحكام الجنائية القرآنية لا تسمح بمفردها بوضع منظومة جزائية اسلامية متكاملة، كما ان الفقه القانوني الحديث يؤمن بتطور القوانين حسب ظروف الافراد والمجتمعات.
وزاد بالقول لماذا هذه النظرة الضيقة من طلب اعمال حرية العقيدة اذ الامر يتطلب، بجانب قانون الجزاء الوضعي قانون جزاء سني وآخر جعفري وغيرها من المذاهب والاديان، فتتعدد قوانين الجزاء بتعدد المذاهب والاديان، وساعة ارتكاب الجرم يفترض عرض قائمة بالجزاءات على المذنب يختار من بينها ما يناسبه في التطبيق.
يغلب على الكثيرين في حياتهم الفكرية التناقض في التعامل مع تراثهم الحضاري ومدى ملاءمة الماضي مع الحاضر، منهم من يتعلق بالماضي وبما أتى به الاوائل وما يترتب على ذلك من انغلاق فكري ورفض كل جديد، وخطورة ذلك ان يدفعهم نحو الانقطاع والاستعلاء فينغمسوا في ماض خيالي لا اتصال له بالواقع ومتطلباته، مما يثقل الفهم في أسس التشريع (صناعة القانون) وعلاقته بالمأثور الإسلامي، فيرون التشريع في الإسلام لا يكون إلا بالعودة إلى الماضي واستخراج القاعدة التشريعية عن طريق الفقه. وقبل الولوج في حقبة الإسلام كان مستويا عرب الجاهلية السياسي والتشريعي بدائيين، مقارنة بالمجتمعات المجاورة، فمن الناحية السياسية لم تكن لهم حكومات منظمة أو ملوك، بل كانت تسودهم الحالة القبلية بكل مفاهيمها، ومن الناحية التشريعية كان لكل قبيلة أعرافها وتقاليدها ويحكم الحكام عندهم بموجبها من دون قواعد مدونة، كما لم تكن لديهم مؤسسات قضائية أو تنفيذية حتى بلغتهم الرسالة المحمدية وأنزل فيهم القرآن ثم توالت الأحداث التاريخية في المجتمع الإسلامي على المستوى التشريعي والقانوني والمؤسساتي.
تشريعات نبوية
وفي فترة النبوة وانفرادها وخصوصيتها وما يمتاز به الرسول، صلى الله عليه وآله، من صفات فريدة خارقة للعادة، فهي الفترة السياسية وفترة بناء الدولة الإسلامية ونشر الدعوة وتجذير الإيمان في المسلمين، فاذا كان القانون والتشريع يهتمان بتنظيم المعاملات اليومية بين الناس وتصنيف الحقوق والواجبات فإنه من الصعب القول ان القرآن الكريم في هذه الحقبة جاء بنظام قانوني متكامل مقارنة بالتشريعات المماثلة التي كانت موجودة في الحضارات آنذاك، فالأحكام القرآنية الخاصة بالمعاملات جاءت كلها بناءً على أسباب من الواقع الاجتماعي فتحدث الواقعة أو يسأل النبي، صلى الله عليه وآله، فتنزل الاية رداً أو حلا لمشكلة، فالتشريع في أغلب الأحيان لا يكون إلا عندما يثار سبب أو يقوم موجب، لذا اذا أثير خلاف حول الأحكام القرآنية لا يحسمها إلا الرجوع إلى قصة الآية وأسباب نزولها.
وفي عهد الصحابة والتابعين لم يكن الرجوع إلى القرآن الكريم بشكل مطلق، إذ لم يكن شائعا حفظ القرآن جميعه كما شاع بعد ذلك، بل كانوا يحفظون بعض السور أو جملة ايات ويتفهمون معانيها، فحفظ القرآن كان موزعا بين الصحابة حتى تم جمعه في عهد عثمان بن عفان أي بعد أكثر من عشرين سنة على وفاة الرسول، صلى الله عليه وآله، وكان الصحابة يتفاوتون في قدراتهم في فهم القرآن ومعرفة معانيه، بالاضافة إلى تفسير الآيات القرآنية، حيث يوجد أكثر من تفسير للاية الواحدة، كما ان القليل من الصحابة اشتهر بالقول في تفسير القرآن، وبعض مما نسب إليهم من التفاسير ضعيف أو مشكوك فيه، فقد ترد الآراء متفاوته لدرجة التعارض. وفي فترة النبوة وعهد الصحابة لم تقم الحاجة إلى القواعد والقوانين المفصلة، فلا يتدخلون في العلاقات اليومية الا اذا احتكم إليهم.
يرى الفقهاء ان الشريعة الإسلامية أو الفقه هو كل أحكام الدين ونظم العبادات وتشريعات الجزاءات والمعاملات وكل ما جاء بالسنة النبوية، بالاضافة إلى آراء الفقهاء، الأمر الذي يتطلب التفاعل المجدي مع الماضي ومأثوره واتباع منهاج سليم للبحث عن جوهره بعد تمحيصه، حيث أطر بتحريم القول فيه ومنع الاجتهاد وتشديد الاقتداء بتعاليم القدامى، وإلا رمي بالالحاد والتكفير لمن يخالف هذا الاتجاه.
أحكام قرآنية
العلاقة بين القرآن الكريم والشريعة الإسلامية، ان القرآن الكريم يعين أحكاما تعرف بالرجوع إلى مصدرها وهو القرآن الكريم وتسمى «أحكاماً قرآنية»، بينما الشريعة الإسلامية هي حصيلة اجتهاد الفقهاء والمفسرين وتصوراتهم المختلفة وفق الزمان والمكان، وقد تتضارب أحياناً فنحن أمام حكمين حكم الهي قرآني وحكم انساني، ومع الوقت تراكم كم كبير من القواعد القانونية التي اختلط فيها المقدس بالبشري، والأحكام القرآنية لم ترد دفعة واحدة، انما جاءت على أفواج مختلفة حسب الظرف الزماني والمكاني، والقاعدة القانونية تأمر الناس باتباع سلوك معين في علاقاتهم ببعضهم البعض ويكون لها جزاء معين، كلما اكتملت ظروفها والشروط المحددة لها، فإذا لم تتوافر تلك الظروف لا تتوافر لها الطبيعة القانونية، لذلك لا تكون آيات حكمية في القرآن الكريم تلك التي لا تأتي بالمعنى الكامل للحكيمة فتكون دروساً للاخلاق الاجتماعية وتصوراً للعلاقات الاجتماعية بين الأفراد، وقد يكون الحكم عاماً أو خاصاً، فيكون عاما يطبق بصفة كلية دون تحديد زمانها أو مكانها والقرار الخاص يكون بشأن مسألة أو ظرف معين من حيث الأشخاص أو الأفعال أو الزمان أو المكان، واقرار الترجيح بين الحكم بالعموم أو بالخصوص مسألة اجتهاد تتفاوت فيه الآراء إلى درجة التناقض، وهذا يتطلب تعريفا واضحا ومسبقا لمفهوم الحكم لتحديد القاعدة الشرعية القرآنية. والتعريف كذلك لا يكفي للتعرف على الأحكام القرآنية إذ يجب حصرها واحصاؤها وتصنيفها وتبويبها، وقد اختلف الفقهاء القدامى في ذلك.
هل يمكن التحدث عن قانون جزائي إسلامي متكامل، فاذا كانت الآيات الحكمية من القرآن الكريم قليلة جدا والقرآن الكريم يبدو اساساً كتاب دين وإيمان وليس كتاب تقنين، وانما ورد في القرآن الكريم من احكام في الميدان الجنائي لا يسمح بوضع منظومة جزائية إسلامية متكاملة.
قانون العقاب
والقانون الجزائي هو قانون عقابي يعتبر المشرع فيه أفعالاً معينة خطيرة على المجتمع فيقرر تجريمها والعقاب عليها، وقد تم تعيين هذه المحرمات بطرق مختلفة عرفها التاريخ أساسها الأعراف والعادات أو النصوص الموضوعة والمدونة بجانب مصدرين آخرين هما التصور الاخلاقي والديني لهذه المحرمات، لذلك يختلف العقاب باختلاف الزمان والمكان. حيث يتأثر القانون الجنائي في محتواه ومفهومه ومقاصده بالمناخ الطبيعي والحضاري الذي يتكون فيه، والعلم الجنائي الحديث اثبت الصلة الوثيقة التي تربط بين فكرة الاجرام والعقاب وبين النظام الاقتصادي والاجتماعي والحضاري للمجموعات البشرية. لذلك لا يكفي للتشريع الجنائي مصدر معين يتم التوقف عنده عند وضع التنظيمات التجريمية والعقابية بل يجب ان يتم ذلك وفق منهجية علمية دقيقة تقوم على تأصيل القانون الجنائي، والعلم الجنائي يتجاوز الحدود التقنية لهذا العلم، كما يجب دراسته على ضوء تحليل موضوعي للعوامل البشرية والاجتماعية والحضارية في المناخ الخاص بالمشرع.
القانون والتشريع الوضعي ضرورة انسانية
الانسان اجتماعي بفطرته تتنازعه الكثير من الاهواء وله حاجاته وعليه التزاماته لذا وجد القانون كضرورة اجتماعية يقر الحق للبعض ويفرضها الالتزام على الآخرين، وللحق علاقة اولية بالقانون فلا وجود لحق من دون سند قانوني، فمتى وجد الحق وجب على الآخرين احترامه. والقانون المنظم للسلوك الاجتماعي هو تلك القواعد التي تسنها السلطة المختصة بالدولة والتي تسمى بالعملية التشريعية او القانون الوضعي والذي يعرفه فقه القانون بأنه (مجموعة من القواعد القانونية الملزمة التي وضعت لتنظيم السلوك الانساني في مجتمع معين وفي وقت معين). وتشكل القاعدة القانونية مفردة في القانون وتعرف بأنها (قاعدة عامة مجردة ملزمة تنظم سلوك الافراد في المجتمع) ولضمان احترام هذه القاعدة واعمالا للإلزام فيها وعدم تركها لمشيئة الافراد تربط بالجزاء الذي تواجه به السلطة من يخرق القاعدة، والجزاء انواع وصور مختلفة باختلاف طبيعة القاعدة القانونية وتتعدد اشكالها وتتدرج قوتها ونوعيتها، ولا نقصد بذلك الجزاء الجنائي بل كل انواع الجزاءات التي تتحقق نتيجة خرق القاعدة القانونية.
تأصيل القانون وأساسه
المعروف ان تدوين القوانين يعني تجميعها في مدونات وترتيبها وتنسيقها بعد ان تصدرها جهة رسمية موكل إليها باصدارها، ويعد ذلك عملا تشريعيا، وللرجوع الى هذه القواعد يقتضي تدوينها في مرجع تظهر نصوصه في شكل مترابط وسهل الرجوع إليه.
والقانون بهذه الكيفية له أصل اختلفت الآراء حوله، فبعضهم يرى ان القانون هو التشريع الذي تسنه السلطة المختصة ويستمد قوته من كونه صادرا عمن يملك هذه السلطة أي ان القانون يمثل إرادة السلطة ويعرف هذا التوجه بانه يأخذ بالجانب الشكلي، وذهب رأي آخر إلى ان القانون ليس من صنع السلطة انما يعتمد في وجوده وتنفيذه على قانون ثابت لا يتغير بتغير المكان والزمان، وهو هنا قانون طبيعي يكتشفه الإنسان ولا ينشئه كما هو الحال في القوانين الطبيعية الأخرى، وعلى ضوء ذلك أسس كل من الفريقين القوة الملزمة للقاعدة القانونية، وعلى خلاف الرأيين السابقيين اتجه الفقه القانوني الحديث إلى ان القانون وليد المجتمع ينشأ معه ويتطور بتطوره ويتغير بتغيره وليس ثابتا وأزليا.
وتأصيل القانون يتطلب البحث عن عوامل مختلفة في صناعته، وارساء قوته الملزمة، فالقانون يرجع في نشأته وتطوره إلى البيئة التي وجد من أجلها وهو ثمرة التطور التاريخي ومرجعه إلى الواقع الملموس، وهو مبنى على إرادة الإنسان، والقانون ليس مجرد أفكار، لكنه عصارة الواقع المتمثل في تضامن أفراد المجتمع واحترامهم له فالقانون من صنع البشر يهدف إلى تحقيق حفظ المجتمع وكفالة نموه وتقدمه ويساهم في كل ذلك فكرتا العدل والعدالة، حيث يعني العدل، العدل التبادلي والمساواة في ما بين الأفراد في معاملاتهم، كما تعني العدالة المساواة المجردة إذ تقرر القاعدة القانونية حكما واحدا يطبق بصفة مطلقة على الأمور والمراكز المتماثلة فهي مساواة مجردة لا تعتد بتفاوت الظروف.
القانون والدين
وتختلف القواعد القانونية عن القواعد الدينية التي تأتي بها الأديان السماوية، فالقاعدة الدينية هي الأوامر والنواهي التي تأتي بها الأديان ويلتزم بها الأفراد خوفاً من تعرضهم لعقاب الهي اخروي، والقواعد الدينية تشمل واجب الفرد نحو ربه وواجبه نحو نفسه وواجبه نحو غيره من الأفراد، ورغم وجود تشابه بين القاعدة الدينية والقاعدة القانونية بالنسبة لعلاقة الفرد بغيره، فإن القاعدة الدينية تختلف عن القاعدة القانونية في ان الأولى مصدرها الوحيد الدين، بينما القواعد القانونية مصادرها متعددة والدين أحد هذه المصادر والدستور الكويتي مثال على ذلك، اضف إلى ذلك ان للقاعدة الدينية جزاء اخرويا، بينما مخالفة القاعدة القانونية لها جزاء دنيوي.
ويعرف فقه القانون المجرم بأنه الشخص الذي يرتكب جريمة ينص عليها القانون وُيدان امام القضاء بحكم قضائي باقٍ. وقانون الجزاء هو مجموعة من القواعد القانونية التي تضعها الدولة لبيان أنواع السلوك الانساني التي تقتضي التجريم ولتحديد العقوبات المستحقة على مرتكبيها.
عند وضع قانون الجزاء يتطلب وجود سياسة جنائية. والسياسة الجنائية هي الخطة العامة التي تضعها الدولة لمجتمعها في تاريخ معين مكافحة الجريمة والوقاية منها وإيجاد العلاج للمجرمين ويستمد القانون الجزائي أحكامه من هذه السياسة والمشرع هو الذي يختار من هذه السياسة ما تسمح به الظروف المرحلية للدولة بتطبيقه. ومن مهام السياسة الجنائية دراسة القانون الجزائي القائم والمطبق للكشف عن عيوبه ومدى ملائمته للوظيفة الاجتماعية ومدى ملائمته للاتفاقات والحقوق الدولية ويعمل عمل الوسيط بين علم الاجرام والقانون الجزائي. وقد اخذت السياسات الجنائية في كثير من الدول بجانب العدالة والردع الاخذ برفض قسوة العقوبة وما يتبعه من تنكيل وتعذيب وانتقام.
ان تصدر مبدأ الدفاع عن المجتمع في السياسات الجنائية يكون في مواجهة خطورة المجرم بإصلاحه وحل مشاكله وتهيئة الظروف لإعادة انتمائه للمجتمع واعادة النظر الى النظم والمؤسسات العقابية، بعد ان كشف علم الاجرام ان الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الفاسدة هي السبب في رفع معدلات الجريمة.
تعدد قوانين الجزاء
هناك وجود حقيقي لتعدد قوانين الجزاء ليس على التصور الذي يطرحه النواب بل ان هذا التعدد قائم على تعدد المواضيع التي تتناولها تلك القوانين، فبجانب قانون الجزاء وهو قانون الجزاء الاساسي هناك قوانين جزائية مثل قانون الاسلحة والذخائر، وقانون المخدرات وقانون الاحداث وقانون المرور وقانون ينظم السجون وقانون الاجراءات الجزائية وغيرها.
وتعتبر جميع القوانين ذات الصبغة الجزائية رغم اختلاف موضوعاتها تابعة ومكملة لقانون الجزاء العام.
• هل المطلوب ان يصدر المشرع الكويتي قوانين خاصة اسلامية توازي ذات القوانين؟ وهل تحوي الشريعة الاسلامية بمعناها الواسعتفاصيل القواعد اللازمة لهذه التشريعات؟ وهل يتطلب الامر التفريق الجنسي في التشريع لتختص تشريعات بالذكور واخرى بالإناث قد يتطلبها الفقه او العادات والتقاليد؟ وهل يتطلب الامر سلطات اخرى تختص بتطبيق القواعد المقترح درجها في التشريع الكويتي واجراءات تنفيذ الاحكام؟ وهل يكافأ المجرم باختيار النظام العقابي الذي يطبق عليه والذي في الغالب يختار أيسرها وأهونها عليه، وهل يتوافق كل ذلك مع أبسط قواعد التشريع في جميع بقاع الارض ومن بينها الدول الاسلامية؟
التشريع والدستور الكويتي
أحاط المشرع الدستوري الكويتي قوانين الجزاء بقواعد خاصة يلزم بالضرورة إتباعها فنصت المادة 32 على ان «لا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون ولا عقاب الا على الافعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليه» كما نصت المادة 33 «تكون العقوبة شخصية» ويبقى المتهم بريئا حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع التي تحظر إيذاء المتهم جسمانيا او بدنيا.
لذا حرم الدستور تعريض الانسان للتعذيب المعاملة الحاطة بالكرامة هذا اذا كان برئيا، فإذا أدين بتطبيق القانون عليه بواسطة الاجهزة القضائية المختصة عوقب كمجرم، ووضع الدستور ضمانات للعقاب في المواد المشار إليها، ولم يرع المشرع الدستوري ضرورة النص على حظر وضع العقوبات الوحشية باعتبار ان هذا النوع من العقوبات لا مكان له في المجتمع الكويتي ولا توجد مظنة تقريره متستقبلا.
وسكوت الدستور عن ذلك يؤكد أصالة حظر العقوبات الوحشية علما بأن هذا الحظر ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وهذا ما بينته المذكرة التفسيرية لدستور دولة الكويت في تفسير مواد باب الحقوق والواجبات العامة، كما تكون العقوبات شخصية تطال مرتكب الفعل المجرم او الممتنع عن فعل او تصرف ألزمه به قانون الجزاء والامتثال له. لذلك لا يجوز منع تطبيق العقوبة الصادرة قضائيا الا وفق القانون، ولا يجوز تحميل العقوبة لغير الجاني او إشراك غيره معه في العقوبة لاي سبب او دافع. وهذا يعتبر من النظام العام ولا يخضع لقبول او خيار الجاني او غيره ولا قيمة للرضا في هذا المقام.
القانون والعادات
تختلف القاعدة القانونية عن العادات والتقاليد الاجتماعية فهذه الاخيرة عبارة عن سنن تواتر الافراد في المجتمع على اتباعها في مجتمع معين في زمن معين. وهي بالاصل غير ملزمة والتزام الناس بها هو نتيجة ما يسود العلاقات بين افراد المجتمع من رضا وروح طيبة تتقبلها. وهي احاسيس شخصية دافعها ترابط وتآلف افراد المجتمع وحتى جزاء عدم الاتيان بها جزاء ادبي يتمثل في الشعور بعدم الارتياح.
لكن قد تتطلب المصلحة العامة احيانا نقل بعض القواعد الدينية والعادات والتقاليد ضمن تشريع قانوني، وللسبب ذاته قد تؤدي الاعتبارات الاجتماعية إلى الاخذ بما يخالفها في القاعدة القانونية.
الجريمة والعقاب
اشارت الدراسة الى ان لعلم الإجرام وجودا علميا مستقلا يدرس الجريمة كظاهرة اجتماعية وظاهرة لها اسبابها والطرق الكفيلة بعلاج هذه الظاهرة، ويعد علما تركيبيا يرتبط بالعلوم الاخرى مثل علوم الحياة والطب والنفس والاجتماع والاقتصاد والقانون.
اماعلم العقاب فهو مجموعة من القواعد تحدد اساليب تنفيذ العقوبات والتدابير على نحو تحقق اغراضها بالاضافة الى الاساليب العلاجية ووسائل مكافحة الجريمة، ولا يمكن الفصل بين العلمين فاحدهما جزء من الآخر.
ويعرف فقه القانون الجريمة «بانها سلوك يجرمه القانون ويرد عليه بعقوبة جزائية او بتدبير احترازي» والقاعدة ان لا جريمة الا اذا نص القانون صراحة على تجريم فعل معين، ولا يعد كذلك الا اذا ارتبط التجريم بعقوبة جزائية فليس في الموضوع خيار.
أبرز أنواع الجرائم
* جنايات وجنح
* مخالفات
* جرائم عمدية وغير عمدية
* جرائم أمن دولة
* جرائم مخلة بالآداب
* الجرائم على الاشخاص
* السكر والمخدرات
* جرائم الاموال
إعداد: مبارك العبدالله
من المسلم به ان الدولة التي يكون قضاؤها نزيها هي دولة ديموقراطية لا يُخاف عليها من الفساد ما دام اساسها صالحاً.
في الكويت، أو بالأحرى في محاكمنا، لم نسمع يوما ان شخصا طلب مخاصمة قاض لانه تعمد الاساءة اليه، وهذا هو ما نفخر به، لكن هناك قانوناً مطبقاً في جميع الدول العربية عدا الكويت لمخاصمة القضاة. وبالرغم من عدم الحاجة الى هذا القانون على حسب ما يوضح اغلب القانونيين فإن اصوات البعض علت في الفترة الاخيرة مطالبة الحكومة بسنّ مثل هذا القانون، للجوء اليه عند الحاجة.
ويوضح المطالبون بهذا القانون انه لا تتم مخاصمة القاضي الا اذا وقع منه في عمله خطأ مهني جسيم، ويقصد به خطأ يرتكبه نتيجة غلط فاضح ما كان ليساق اليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي، او لاهماله في عمله اهمالا مفرطا مما يوصف بانه الخطأ الفاحش الذي لا يقع فيه احد، أو لجهل فاضح بمبادئ القانون والوقائع الثابتة في اوراق الدعوى.«القبس» استطلعت رأي العديد من القانونيين في قانون مخاصمة القضاة والفائدة من سنّه في البلاد، فكانت الآراء كالتالي:
في البداية أشار المحامي يعقوب المنيع إلى أن قانون تنظيم القضاء جاء مفسراً ومقننا في مواده، حيث وفر للقضاة وأعضاء النيابة جواً من الأمن والطمأنينة حتى يتفرغوا لأداء رسالتهم المقدسة في خدمة العدالة وحفاظاً على شرعية وتماسك الدولة.
حصانة القضاة
وأضاف: حرص القانون المذكور على ان يجعل لمجلس القضاء الأعلى السلطة الكاملة، فيما يتعلق برفع الحصانة عن القضاة ومتابعة إجراءات التحقيق معهم والدعوى الجزائية، واستلزمت المادة 37 من ذات القانون ــ في غير حالات الجرم المشهود ــ عدم مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى في الجنح والجنايات إلا بعد الحصول على اذن من مجلس القضاء الأعلى بناء على طلب النائب العام.
وأكل: اما في حالات الجرم المشهود (التلبس) فقد اجازت تلك المادة في فقرتها الثانية مباشرة تلك الاجراءات بما فيها القبض على القاضي أو عضو النيابة المتلبس على ان يعرض الأمر على مجلس القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من القبض ليقرر ما يراه.
حصانة
أما المحامية ابتسام العنزي فقالت: «مما لاشك فيه ان القضاء في جميع بلدان العالم يتمتع بحيثية خاصة وحصانة قوية لا يمكن للشخص العادي الولوج في طريق اختراقها، وذلك مرجعة ان القاضي دائما ما يتمتع بمبدأ الحيادية المطلقة، فهو يتنزه عن الانحرافات الفكرية أو السلوكية، وينأى بنفسه كقاضي عن الدخول في أي معتركات فكرية أو سياسية أو عنصرية.
واستدركت: ولكن وفي ظل الاحتكاك الدائم بين القضاء الجالس (أعضاء الهيئة القضائية) والقضاء الواقف (المحامين)، فقد يحدث أحيانا بعض من الخروج عن البروتوكولات المتعارف عليها، وذلك كأن بتجاوز أي منهما الحدود المنظمة لطبيعة عمل كل منهما تجاه الآخر.
تنظيم التشريعات
وأضافت: وضع المشرع الكويتي لاحقا بذلك ركب باقي التشريعات العربية، نظما وأطرز تحدد حلولا لأي خلاف قد ينشأ بين أي من المحامين والقضاة، ومن أبرز تلك الحلول العملية والمنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية، على نحو ما جاء بنص المادة 102 من القانون سالف الذكر، والتي تحدثت عن عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيتهم.
وأكملت: وضمانا من المشرع لصلاحية القاضي لنظر الدعوى فقد عني المشرع بوضع أسس ومبادئ مستقرة تضمن نزاهة وحيادية القاضية باحثا بذلك في ثنايا حياته الشخصية وما يتعلق به من قرابات وانساب وخلافات وغيرها.
ورأت انه من حيث الواقع العملي، فانه لا يوجد ثمة خلاف قائم أو محتمل بين القضاة والمحامين الا في حدود وإطار الحالات التي أفردها المشرع على النحو المتقدم، واما عن إدارة الجلسة فهي حق خالص للقاضي يديرها على النحو الذي يراه مناسبا وفقا للحدود التي ينظمها قانون المرافعات، ويتعين على كل من القضاة والمحامين الالتزام بهذه القواعد القانونية الواردة في ذلك القانون، حيث إن المصلحة التي ينشدها كل منهم واحدة وهي تحقيق العدالة المشنودة.
تأييد المشروع
وبدوره يقول المحامي عبدالله العلندا: «أخيرا وبعد صمت طويل طالبت جمعية المحامين مجلس الأمة بسن تشريع خاص لمخاصمة القضاة».
وأضاف: «وهذا القانون مهم، لأن معظم الدول المتقدمة قانونيا تشمل تشريعاتها مثل هذا القانون، لأنه النقطة الفاصلة بين إتمام التشريعات في الدولة او عدم إتمامها، بمعنى أن هناك قانونا وضعيا ينظم العلاقة بين الأفراد والشركات والهيئات الحكومية وما إلى ذلك، كقانون الجزاء الذي يضع عقوبة على من يقترف جريمة، والقانون المدني الذي ينظم العلاقة بين الأفراد (العلاقات المالية) أو الشركات أو الهيئات، والقانون التجاري المنظم لعلاقات التجار، والقانون الإداري المنظم لعلاقات الأفراد مع الدولة».
وأوضح ان التشريع الكويتي خلا من باب يفرد لموضوع مخاصمة القضاة، وهذا القانون ينظم مسألة خروج القاضي عن مقتضيات المهنة أو الخروج عن القانون والحكم بغير مواده الملزمة، ولذلك فنحن نوافق بل ونطالب وبكل قوة بسن هذا القانون وإصداره لأنه لا يعتبر تدخلا في عمل القضاء الكويتي، ولكنه ينظم باب إلزام القضاة بالقانون وعدم الخروج على نصوصه.
سدنة العدالة
ومن جانبها تؤكد المحامية سعاد الشمالي ان القضاة هم سدنة العدالة، ويفترض بالقاضي الحياد المطلق، وإذا انتفى حياد القاضي أو ثارت مظنة حول هذا الحياد، جاز طلب رد القاضي عن نظر الدعوى التي تثور بشأنها هذه المظنة، وقد أفرد قانون المرافعات الكويتي بابا بكامله لأحوال عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيهم، وحددت المادة 102 سبع حالات يكون فيها القاضي غير صالح لنظر الدعوى ويمتنع عليه سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم.
وأضافت: «على الرغم من هذه الضمانات، فإن النصوص قد تقصّر عن الإحاطة بكل الحالات التي لا يكون فيها المتقاضي على يقين من حياد القاضي، ولا يأتي ذلك من عدم كفاية النص، بل من الجهة التي تفصل في طلب الرد، وهي إحدى الدوائر القضائية، والحالة الأوضح هي حالة ان يكون احد أطراف الخصوم قاضيا، من دون أن تقع تحت إحدى الحالات التي أوردها القانون حصرا، ورغم أن حالة (مظنة المودة) تتسع لهذه الحالة، إلا أن السلطة التقديرية للقاضي الذي ينظر في طلب الرد في هذه الحالة تكون واسعة جدا، الأمر الذي يجعل من الاقتراح المقدم من جمعية المحامين بشأن الخصومة القضائية، وخصوصا طلب افراد هيئة قضائية خاصة للنظر في حالات الرد او الحالات التي يكون فيها الخصم أحد رجال القضاء، اقتراحا يجب دعمه وطلبا مستحق التأييد، لما فيه من حفاظ على إحساس العامة بالعدالة وعلى هيبة القضاء ومكانته العالية في النفوس».
انتقاد القانون
أما المحامي مزيد اليوسف فانتقد مشروع قانون مخاصمة القضاة المقدم من النائب عادل الصرعاوي بمخاصمة القضاة مدنيا، متى وقع من القاضي او عضو النيابة في عملهما غش او تدليس او غدر او خطأ مهني جسيم.
وقال ان القضاء كالنهر الجاري، يطهر نفسه بنفسه، ويلفظ الخبث منه، فيظل سائغا للشاربين، وإذا كان مجتمع القضاء ليس بالملائكي لكنه مجتمع نقي يزكي بدنه من الجراثيم التي تتسلل إليه.
وأضاف ان الاقتراح لا يحقق مصلحة حقيقية للمجتمع، فهو يتحدث عن تعيوض مدني فقط، يقابل جرما خطيرا يمس دعامة العدل في الدولة، فالقاضي او عضو النيابة الغشاش او الغادر او المخطئ خطأ جسيما، تكون عقوبته البتر من جسم الجهاز القضائي النزيه، صونا لثقة الأفراد في قلاع عدالتهم، لا مجرد مقابل مالي يحصل عليه صاحب المصلحة.
وخلص قائلا: «ان هذا المقترح سيفتح الباب على مصراعيه للتشهير بقضاة أفاضل، متى لم يصادف حكمهم هوى أحد منا، علاوة على أثره البالغ في إرباك القاضي اثناء أداء مهمته، تحت الخوف من كيد احد الخصوم له بدعوى مخاصمة، بينما الواجب منح القاضي فسحة من السكينة كي يؤدي دوره في خدمة العدالة بنفس مطمئنة، لا يعيقها سوى ضميره وحده، ورقابة لاحقة عليه من مجلس القضاء الأعلى».
طلب الرد
أوضحت المحامية سعاد الشمالي ان المادة 104 من قانون المرافعات حددت الحالات التي يجوز فيها رد القاضي، ويكون الرد بتقرير في إدارة الكتاب توضح به الأسباب ويرفق به ما يؤيده ان وجد ويرفع التقرير إلى رئيس المحكمة، الذي يطلع القاضي المطلوب رده على التقرير فوراً، ويقدم القاضي رده خلال 4 أيام على الأكثر، فإذا لم يرد أو أقر بالأسباب اصدر رئيس المحكمة أمره بتنحيه.
تدخل تشريعي
بين المحامي يعقوب المنيع ان النظام القانوني والدستوري الكويتي سلك مسلك القوانين المعاصرة في الحرص على الحفاظ على شرف واستقلال رجال القضاء، والحفاظ على صيانة حقوق المتقاضين، مما لا يحتاج إلى مزيد من القيود عن طريق التدخل التشريعي بهدف تكبيل القضاة.
قاض وليس موظفا
انتقد المحامي مزيد اليوسف مشروع قانون مخاصمة القضاة وقال ان القاضي ليس بموظف عام ليحاسب على اجتهاد أخلص فيه واخطأ، وانما هو صاحب امانة عظيمة، لكونه خليفة الرحمن عز وجل في أرضه يقيم القسط بين الناس بالحق.
ترسيخ للديموقراطية
أشار المحامي عبدالله العلندا إلى ان هذا القانون يعد نقلة، بل قفزة للأمام، حيث يرسخ الديموقراطية والمساواة ولان جميع البشر أمام القانون سواء، لذلك يتعين ان تشكل لجنة من علماء القانون من القضاة والمحامين حتى يدلوا بدلوهم فيه، ثم بعد ذلك يعرض المشروع على مجلس الأمة لاصداره.
21/03/2011
الملف
مشروع قانوني يجمع كل الديانات والمذاهب والكويتيين وغير الكويتيين المجتمع و«محكمة الأسرة».. متى تبدأ المرافعة؟
اعداد: مبارك العبد الله
هل سيصبح حلما.. ام يسدل ستار الفرج فيتم اقراره من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية خلال دور الانعقاد الحالي.. انه مشروع قانون «محكمة الأسرة» الذي طالما طالب به القضاء، نظرا لأهميته في حل مشاكل كثيرة تتعلق بالأسرة، ولأن العديد من الدول قامت بتطبيقه ووجدت الايجابيات التي ينشد القضاء الكويتي تلاشيها.وقد يكون مشروع «قانون الأسرة» أمراً مهماً بالنسبة للبعض، لكنه في غاية الأهمية بالنسبة لأصحاب الشأن الذين يدركون تماماً ما هي ايجابياته والسلبيات التي ستتلاشى بعد اقرارها.. ولأن الاسرة هي النواة الرئيسية لبناء المجتمع، ولا يصلح إلا بصلاحها، فإنه من الضروري اقرار هذا القانون بأسرع وقت ممكن للحد من مشاكل كثيرة ابرزها الطلاق.
يجب على السلطتين ان تدركا أن المشاريع القانونية خصوصا التي تتقدم بها السلطة القضائية عن طريق المجلس الاعلى للقضاء يجب ان تجد اهتماما ومراعاة اكبر، خصوصا انه لم يتم التقدم بها الا بعد اكتشاف الحاجة اليها، ومواكبة التطورات التشريعية التي يحتاج اليها المجتمع في عصرنا الحالي.
كما ان السلطة القضائية تؤكد أن الدول المتقدمة اتجهت الى احاطة الاسرة بسبل الرعاية الممكنة لصون كيانها، وحماية بنيانها من كل ما يهددها أو يعصف بها، ولهذا فإن التشريعات التي تنظم شؤون الاسرة من اهم التشريعات في الدولة ولها الاولوية على سائر التشريعات الاخرى بحسبان انها هي التي تكفل الحفاظ على بناء المجتمع واستقراره وتقدمه.
ولم ينس الدستور الكويتي الأسرة، وقد عناها في مادته التاسعة على ان الأسرة اساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها ويقوي أواصرها ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة.
إن مشروع قانون «محكمة الأسرة» الكويتي ظل منذ سنوات أملا يراود الجميع ومطلبا قوميا للعديد من مؤسسات الدولة، كما كان محل اهتمام ودراسة من قبل وزارة العدل التي شكلت أخيرا فريق عمل لوضع مشروع لذلك القانون، وبعد أن أنجز الفريق مهمته تم تقديم المشروع إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المستشار راشد الحماد.
وبذلك لا يبقى سوى اتخاذ الاجراءات اللازمة لإصداره بمعرفة السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتتمنى السلطة القضائية ان يرى هذا القانون النور في الفصل التشريعي الحالي لتتولى السلطة التنفيذية اجراءات تنفيذه بما في ذلك تجهيز المباني المناسبة كمحاكم للأسرة.
وداعا لتسليم المحضون في المخافر
في كثير من القضايا التي يتم فيها الطلاق تكون العلاقة مشحونة، وهذا أمر طبيعي، وإن وجد التسامح بعد التفريق يكون نادرا، لكن ما هو أخطر انه في حالة تسليم الأبناء، وبعد إقامة دعاوى جديدة تخص الرؤية لا يكون تسليمهم إلا في المخافر، نظرا لتعنت الغالبية في مسألة الرؤية حتى وإن كانت هناك أحكام قضائية، وهذه مسألة شائعة ولا ينكرها أحد.
ويعد هذا الأمر في غاية الخطورة، لأن المخافر وجدت لاستقبال الشكاوى وإلقاء القبض على المتهمين، ووجود الأطفال فيها لا يصلح لأن يكونوا في بيئة صالحة، منعا لتعودهم على مشاهدة الإجرام، ورسم الصورة العقلية في أفكارهم منذ نشأتهم، حتى انه عادة ما يسأل الأطفال الذين يقابلون آباءهم في المخافر، بعد تسليمهم من أمهاتهم وإرجاعهم أيضا في المخفر باليوم التالي، أو في نفس اليوم ذلك السؤال: بابا لماذا هؤلاء خلف القضبان؟ فمثل هذه الأسئلة لا تجد إجابات لدى أرباب الأسر نهائيا، وتسبب لهم إحراجا كبيرا.
وإن قانون محكمة الأسرة الجديدة يحل هذه المشكلة، ويجتثها من جذورها لأن تسليم المحضون سيكون في مركز خاص مستقل، وليس حتى في مقر محكمة الأسرة، وسوف يتم تجهيز هذا المقر بما يوفر للصغير وذويه الراحة والهدوء والسكينة، ويلحق بذلك المركز عدد مناسب من المتخصصين في شؤون الأسرة أيضا، وهذا يساهم في تنشئة الأطفال في بيئة أفضل بكثير من بيئة المخافر.
العناية الدستورية بالأسرة
اعربت مصادر قانونية عن تفاؤلها بتحسين الوضع في قضايا الاحوال الشخصية بعد المضي قدما وبصورة جيدة تدعو للتفاؤل في انشاء محكمة الاسرة التي طالما تم المطالبة بها.
واشارت المصادر القانونية الى ان الدستور الكويتي اعتنى بالاسرة واعتبرها اساس المجتمع لذلك فإنه من الضروري العمل على هذه المحكمة لانها ترعى النشء وتحمي الاسرة من الاستغلال، وحتى يتم تطبيق مبدأ التخصص في القضاء موضحين في الوقت نفسه ان لذلك ميزة التقريب بين اتجاهات التفسير القضائي والسعي لتوحيدها واستقرار مفهومها.
تبسيط إجراءات التقاضي
اكد المجلس الاعلى للقضاء ان الاهداف التي يرمي المشروع الى تحقيقها من خلال قانون محكمة الاسرة من شأنها تبسيط اجراءات التقاضي في منازعات الاحوال الشخصية.
جاء ذلك في كتاب بعثه المجلس الاعلى للقضاء للوزير راشد الحماد.
عامان لتنفيذ القانون
بدأت مرحلة تنفيذ مشروع قانون محكمة الأسرة قبل عامين، وبالتحديد بتاريخ 18 مارس 2008 بناء على قرار وزير العدل، وتم تشكيل فريق عمل لوضع الدراسة والمقترحات والخطوات العملية لانشاء محاكم الأسرة. وقام فريق العمل باعداد الدراسات اللازمة وتقديم الاقتراحات المناسبة والخطوات العملية لانشاء محاكم الأسرة، وكان يرأس فريق العمل المستشار فيصل عبدالعزيز المرشد.
نيابة متخصصة
احتوى المشروع القانوني لمحكمة الأسرة إنشاء نيابة متخصصة بشؤون الأسرة، لتولي المهام الموكلة للنيابة العامة في قضايا الأحوال الشخصية طبقا للمواد 337 إلى 341 من قانون الأحوال الشخصية، إضافة إلى تخصيص قاض أو أكثر للأمور المستعجلة في مقر محكمة الأسرة للفصل بصفة مؤقتة، ومع عدم المساس بالأصل الحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت المتعلقة بالأحوال الشخصية، ومنازعات وإشكالات التنفيذ الوقتية الخاصة بالأحكام والقرارات الصادرة من محكمة الأسرة.
المستشار فيصل المرشد لـ القبس :
تسوية المنازعات قبل المحاكمات.. هدف «محكمة الأسرة»
أكد رئيس محكمة الاستئناف وعضو المجلس الأعلى للقضاء وعضو المحكمة الدستورية المستشار فيصل عبدالعزيز المرشد ان المشرع أكد دائماً على وحدة القضاء الكويتي وعدم تمزيقه إلى محاكم فرعية تتعدد بتعدد الأديان والمذاهب.
وأشار المستشار المرشد في لقاء مع القبس إلى ان قانون محكمة الأسرة نص على ان اختصاص محكمة الأسرة يشمل كل الكويتيين وغير الكويتيين على حد سواء، أيا كانت دياناتهم أو مذاهبهم، مع مراعاة قواعد الاختصاص الدولي المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وقال اننا نؤكد دائماً انه من الخير للوطن وجميع المواطنين المحافظة على وحدة قضائنا العظيم في نسيج واحد بعيداً عن الأهواء، ولنستمسك بالعروة الوثقى بديننا القويم وشريعتنا السمحاء التي تعد مصدراً رئيسياً للتشريع وأساس العدل والملك، القبس بدورها التقت مع المستشار المرشد وكان الحوار الآتي:
ما اهم أهداف قانون محكمة الأسرة؟ وهل يمكن القول ان ادوار الأحوال الشخصية الحالية بالمحاكم لا تفي بالغرض المطلوب؟
ــــ لقد كشف التطبيق العملي عن عدم ملاءمة نظر قضايا الأحوال الشخصية مع غيرها من القضايا الجزائية والمدنية في مكان واحد، نظرا لما تتسم به قضايا الاحوال الشخصية من خصوصية وتعلقها بأدق الأمور الزوجية والاسرية، ولذلك نص قانون محكمة الاسرة على ضرورة انشاء مقر مستقل لمحكمة الاسرة لنظر كافة المنازعات الاسرية بعيدا عن دور العدالة التي تتداول بها القضايا الاخرى الجنائية والمدنية، كما نص القانون على ان تنشأ محكمة أسرة في كل محافظة، وذلك للتيسير على المواطنين بكل محافظة وعدم تحميلهم عناء الانتقال إلى قصر العدل بالعاصمة أو إلى المحافظات الأخرى.
خصوصية المنازعات
هل يختلف مقر محكمة الأسرة عن مقار المحاكم العادية، وما هي الإدارات الملحقة بها؟
ــــ لما كان الغرض من انشاء محكمة الأسرة هو نظر قضايا الاحوال الشخصية بعيدا عن المحاكم العادية، لما تتسم به هذه المنازعات من خصوصية فإنه يجب، بطبيعة الحال، ان يتم تجهيز مقر محكمة الاسرة بما يلزم لتوفير المكان الهادئ الذي يساعد على حل المنازعات الاسرية، وتوفير الامن والطمأنينة للأطفال وذويهم، وأن يشتمل المقر على قاعات مناسبة لانتظار الأطفال الذين ترى المحكمة حضورهم أمامها لمناظراتهم أو سماع أقوالهم في مسائل الرؤية والحضانة وما إلى ذلك.
وقد نص قانون محكمة الأسرة على أن يلحق بالمحكمة مكتب للتوثيقات الشرعية، ومركز لتسوية المنازعات الأسرية، وإدارة خاصة لتنفيذ الأحكام والأوامر والقرارات الصادرة من محكمة الأسرة.
وكيف يتم توزيع العمل بين محاكم الاسرة في المحافظات؟
ــــ نظمت المادة الخامسة من قانون محكمة الأسرة الاختصاص المحلي لمحاكم الأسرة، فنصت في فقرتها الأولى على أن تختص محكمة الأسرة التي يقع في دائرتها موطن المدعي أو المدعى عليه بنظر الدعاوى المرفوعة من الأولاد أو الزوجة أو الوالدين أو الحاضنة، بحسب الأحوال، في بعض المواد المبينة بالمادة على سبيل الحصر منها النفقات والأجور والحضانة والرؤية والمهر والجهاز والتطليق والخلع، وذلك تيسيرا على أصحاب الشأن في هذه النوعية من القضايا، وفيما عدا ذلك نصت المادة في فقرتها الثانية على أن تكون محكمة الاسرة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه - او احد المدعى عليهم اذا تعددوا - بنظر الدعاوى الناشئة عن تطبيق هذا القانون، فإذا لم يكن للمدعى عليه موطن في الكويت يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي.
ولئن كان الأصل ان الاختصاص المحلي لا يتعلق بالنظام العام الا انه نص في المادة السادسة من القانون على ان محكمة الاسرة المختصة محليا بنظر اول دعوى ترفع اليها من احد الزوجين تكون هي المختصة محليا بنظر اول دعوى ترفع اليها من احد الزوجين تكون هي المختصة وحدها محليا دون غيرها بنظر جميع دعاوى الأحوال الشخصية الداخلة في اختصاص محكمة الاسرة، كما اوجبت المادة على ادارة الكتاب بمحكمة الأسرة، والتي ترفع اليها اول دعوى، انشاء ملف للأسرة توضع به كل الاوراق المتعلقة بهذه الدعوى وبكل دعاوى الاحوال الشخصية التي ترفع بعد ذلك وتكون متعلقة بذات الاسرة، وذلك ليتسنى للمحكمة الوقوف على حقيقة الخلاف بين الطرفين من واقع الدعاوى السابقة المرددة بينهما، وحتى لا يصدر حكم مناقض لأحكام سابقة بين الطرفين.
هل تضمن القانون إنشاء محاكم نوعية للأسرة بحسب اختلاف ديانة او مذاهب الخصوم؟
اكد المشرع دائما على وحدة القضاء الكويتي وعدم تمزيقه الى محاكم فرعية تتعدد بتعدد الأديان والمذاهب وقد نص قانون محكمة الاسرة في مادته الثالثة على ان اختصاص محكمة الاسرة يشمل كل الكويتيين وغير الكويتيين على حد سواء أياً كانت دياناتهم او مذاهبهم مع مراعاة قواعد الاختصاص الدولي المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
هذا وقد احترم القانون شريعة الطرفين المتنازعين، فنص في المادة 346 من قانون الأحوال الشخصية رقم 51 لسنة 84 ان احكامه تطبق على من كان يطبق عليهم مذهب الإمام مالك، وفيما عدا ذلك تطبق عليهم أحكامهم الخاصة بهم، أما إذا كان أطراف النزاع من غير المسلمين، وكانوا مختلفين دينا أو مذهبا، فتسري عليهم أحكام ذلك القانون، وهذا ما صرحت به المادة الرابعة من قانون محكمة الأسرة حيث نصت على أن تطبق محكمة الأسرة قواعد الأحوال الشخصية التي تحكم المنازعات المطروحة عليها وفقا للمادة 346 السالفة الذكر.
هذا ونحن نؤكد دائما أنه من الخير للوطن وجميع المواطنين المحافظة على وحدة قضائنا العظيم في نسيج واحد، بعيدا عن الأهواء، ولنستمسك بالعروة الوثقى بديننا القويم وشريعتنا السمحاء التي تعد مصدرا رئيسيا للتشريع وأساس العدل والملك.
محاكم جعفرية
وهل ذلك يعني عدم تخصيص دوائر لنظر دعاوى الأحوال الشخصية الجعفرية؟
ــــ قانون محكمة الأسرة الجديد لا يمنع من تخصيص دوائر جعفرية ولكن في إطار التوزيع الإداري بين دوائر المحكمة كما ه و الحال بالنسبة للوضع القائم، والثابت أن الدوائر الجعفرية الحالية يرأسها قضاة جعفريون يعملون جنبا إلى جنب مع إخوانهم القضاة السنيين في محراب واحد وتحت راية واحدة هي راية الشريعة الإسلامية، غايتهم إعلاء كلمة الحق من خلال مذهب أطراف النزاع الذين يعتنقونه ويؤمنون به، وقد توافرت لدى هؤلاء القضاة المعرفة والخبرة اللازمة من خلال دراستهم الجامعية وممارستهم للعمل القضائي بما يمكنهم من القدرة على استقراء الاحكام في جميع المذاهب واستنباط الحلول الشرعية بكل تجرد وموضوعية مع العلم بأن محكمة التمييز قد أرست الكثير من المبادئ الشرعية الجعفرية حتى صارت مرجعاً ونبراساً لجميع قضاة الأحوال الشخصية يتبعونها ويسيرون على هداها.
ما دور مركز تسوية المنازعات الأسرية في حل تلك المنازعات؟
ــــ تبنى قانون محكمة الأسرة فكرة الصلح وحل المنازعات الأسرية عن طريق التسوية الودية، وتحقيقاً لذلك نص على أن ينشأ في كل محافظة مركز يتبع محكمة الأسرة لتسوية المنازعات الأسرية لتولي مهام التسوية الودية بدلاً من اللجوء مباشرة إلى المحكمة، وهو ما يؤدي بالطبع إلى وقف تصاعد البغضاء بين الأطراف المتنازعة من ناحية، وتقليل عدد القضايا التي تنظرها محاكم الأسرة من ناحية أخرى. وقد نص القانون على أن يكون اللجوء إلى ذلك المركز بغير رسوم، كما أجاز قانون للمكتب لدى مباشرته مهمة التسوية الودية، الاستعانة بأحد الاختصاصيين الاجتماعيين أو النفسيين الذين يتم قيدهم بجدول خاص بالمحكمة الكلية، على غرار جدول المحكمين في منازعات الأحوال الشخصية، وخصوصاً قضايا الطلاق للضرر، هذا إلا أن للمركز دورا مهما في حماية أفراد الأسرة وخاصة الأطفال والنساء من أي أعمال عنف أو اعتداء يقع من أحدهم على أفرادها الآخرين وهذا يقتضي أن يتبع المركز إدارة لتلقي بلاغات العنف الموجهة من أحد افراد الاسرة ضد اي من افرادها الآخرين، والاهتمام بقضاياهم ورعايتهم بدنيا ونفسيا، وبإعادة تأهيلهم وتقديم الاستشارات النفسية والاجتماعية والقانونية لهم مع تزويد المركز بمرشدين نفسيين وتربويين وأطباء شرعيين ومتخصصين في مجال العلاقات الأسرية.
وهل اللجوء لمركز تسوية المنازعات الأسرية أمر وجوبي؟
ــــ الاصل ان اللجوء إلى مركز تسوية المنازعات الاسرية لإجراء التسوية الودية أمر اختياري لذوي الشأن، غير أنه بالنظر لأهمية مسائل الطلاق والتطليق وفسخ عقد الزواج وبطلانه، نص قانون محكمة الاسرة على أنه لا يجوز رفع الدعوى ابتداء أمام المحكمة مباشرة بأي من هذه الوسائل، بل يتعين تقديم طلب بشأنها أولا إلى مركز تسوية المنازعات الأسرية والبت فيه، وأنه وفقا لأحكام القانون إذا لم تسفر جهود المركز عن الصلح حرر رئيس المركز أو من يعاونه في ذلك من العاملين بالمركز محضرا، ثم يرسل الأوراق إلى المحكمة تمهيدا للسير في اجراءات التقاضي، أما إذا تم الصلح حرر رئيس المركز محضرا يوقع عليه من جميع الأطراف ويذيل بالصيغة التنفيذية.
وهل تعد التسوية الودية التي يجريها المركز في شأن منازعات الطلاق بديلا عن نظام التحكيم الشرعي المنصوص عليه في قانون الأحوال الشخصية؟
ــــ إن التسوية الودية التي يجريها المركز للمنازعات الأسرية تختلف عن مهمة المحكمين الذين تعينهم المحكمة في دعاوى التطليق للضرر، ذلك أن الغرض من التسوية الودية التي يجريها المركز هو السعي لانهاء الخلاف وديا بين الطرفين بينما الغاية من تعيين المحكمين الشرعيين طبقا للمواد من 127 - 132 من قانون الاحوال الشخصية، هي بحث اسباب الشقاق اما للتوفيق او التفريق، وتحديد الطرف المسيء، لبيان ما اذا كان التفريق بعوض ام من دون عوض، ام كانت الاساءة مشتركة بينهما.
قصر التقاضي
إن تداول قضايا الاحوال الشخصية أمام درجات ثلاث للتقاضي يؤدي بلا شك الى تأخير البت في هذه القضايا، فهل تضمن قانون محكمة الاسرة اختصارا لهذه الدرجات؟
ــــ حرص قانون محكمة الأسرة على سرعة حسم المنازعات الاسرية واستقرار الاوضاع بين اطرافها، حيث قصر التقاضي على درجتين، وهما الكلية والاستئناف، فنص على عدم قابلية الاحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية للطعن عليها بالتمييز، باعتبار ان الطعن بالتمييز طريق غير عادي للطعن في الاحكام، وقد اصدرت محكمة التمييز العديد من المبادئ التي عالجت بها معظم منازعات الاحوال الشخصية، بما لم تعد معه ثمة حاجة للإبقاء على طريق الطعن بالتمييز. على ان القانون قد اجاز للنائب العام - استثناء من ذلك الاصل - الطعن بطريق التمييز على الاحكام التي يمس موضوعها مبادئ الشريعة الاسلامية المتعلقة بالنظام العام، وذلك لأهمية وخطورة هذه النوعية من المنازعات. هذا وقد بينت المادة 338 من قانون الاحوال الشخصية انه يعتبر من النظام العام الزواج بالمحرمات، وفسخ الزواج واثبات الطلاق البائن، والاوقاف والوصايا الخيرية، ودعاوى النسب وتصحيح الاسماء والدعاوى الخاصة بفاقدي الاهلية وناقصيها والغائبين والمفقودين، وقد نص قانون محكمة الاسرة على عدم وضع هذه المسائل المتعلقة بالنظام العام ت حت حصر معين وأشار الى الأحوال المنصوص عليها في المادة 338 سالفة الذكر باعتبارها حالات على سبيل المثال وتركت للقضاء حرية الاجتهاد في استنباط أي حالات أخرى تمس أصول الشريعة.
الملاحظ أن الدوائر المدنية بالمحاكم الكلية تنظر بعض المنازعات المتعلقة بشؤون الأسرة مثل تسجيل الصغير في المدارس واستخراج بطاقات مدنية واستخراج جواز سفر له، فهل تختص محكمة الأسرة بنظر هذه المنازعات؟
ــــ الأصل أن محكمة الأسرة تختص بالفصل في مسائل الأحوال الشخصية من دون المسائل المدنية، الا أن قانون محكمة الأسرة قد رأى أن بعض المنازعات وإن كانت لا تعد من الأحوال الشخصية، إلا أنها تتعلق بشؤون الأسرة، ولذلك أناط بقاضي الأمور الوقتية بمحكمة الأسرة إصدار أوامر على عرائض في بعض المسائل المدنية المتعلقة بالأسرة مثل تسجيل المحضون في المدارس والإذن باستخراج شهادة ميلاد المحضون وبطاقته المدنية واستخراج جواز سفر له وتجديده وتعيين مساعد قضائي والإذن للولي أو الوصي ببيع عقار الصغير في حالة الضرورة.
كذلك نص قانون محكمة الأسرة على تخصيص دائرة مدنية بمحكمة الأسرة للفصل في دعاوى قسمة المال الشائع المتعلقة بالسكن الخاص بالأسرة، والمطالبة بمقابل الانتفاع به وتكاليف بنائه وترميمه، وكذلك نظر التظلمات من الأوامر الصادرة من قاضي الأمور الوقتية في المسائل المدنية الأسرية السابق الاشارة اليها. وبذلك يكون القانون قد جمع شتات المنازعات الأسرية كلها لنظرها في مقر محكمة الأسرة تحت سقف واحد، وذلك حفاظاً على أسرار الأسر وخصوصياتها.
أحكام التفريق بين الزوجين
سألنا المستشار المرشد أنه من المعلوم أن أحكام الطلاق النهائية تصبح واجبة، ولو طعن فيها بطريق التمييز، ولكن قد يترتب على تنفيذها اثار وخيمة إذا ما ألغي الحكم من محكمة التمييز وكانت المطلقة قد تزوجت بآخر، فهل أتى القانون بعلاج لهذه المشكلة؟ فأجاب قائلا: نص قانون محكمة الأسرة صراحة على أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام الصادرة بالتفريق بين الزوجين أو بإثبات الطلاق الواقع بينهما أو ببطلان عقد الزواج أو فسخه، إلا بعد انقضاء ميعاد الطعن بالتمييز على الحكم دون حصول طعن من النائب العام في الأحوال المقررة قانونا، اما إذا طعن النائب العام على الحكم فلا يتم التنفيذ إلا بعد الفصل في الطعن، وقد أوجب القانون على محكمة التمييز الفصل في الطعن على وجه السرعة.
تنفيذ الأحكام
كيف يتم تنفيذ أحكام محكمة الأسرة؟
ــــ رأينا أن المشرع قد راعى مصلحة المواطنين بالنص على إنشاء إدارة خاصة بتنفيذ الأحكام والأوامر والقرارات الصادرة من المحكمة، ويتولى رئاسة هذه الإدارة أحد رجال القضاء ممن لا تقل درجته عن قاض من الدرجة الأولى، ويباشر اجراءات التنفيذ واعلانها عدد من مأموري التنفيذ ومندوبي الاعلان كما يندب للإدارة عدد من رجال الشرطة للمعاونة في التنفيذ. وتجدر الاشارة إلى ان تنفيذ أحكام الرؤية وتسليم المحضون لا يتم في مقر محكمة الاسرة، وإنما في مركز خاص مستقل عن المحكمة يتم تجهيزه بما يوفر للصغير وذويه الراحة والهدوء والسكينة ويلحق بذلك المركز عدد مناسب من المتخصصين في شؤون الاسرة.
المنازعات الجعفرية
قال المستشار المرشد: نحن نتطلع إلى صدور تشريع يتضمن قواعد موضوعية للمذهب الجعفري ليُعين القضاة على الفصل في المنازعات الجعفرية بسهولة ويسر وفق قواعد عامة مجردة وأسس ثابتة ومستقرة بدلاً من الاعتماد على الفتاوى في كل منازعة على حدة، التي عادة ما تتفاوت بتغير المرجع الفقهي.
صندوق تأمين لحل مشكلة تعطيل النفقات
سألنا المستشار المرشد عن انه على الرغم من ان الاحكام الصادرة بالنفقة تعتبر مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، فان تنفيذها يصادف عقبات كثيرة، واننا نأمل في أن يكون القانون الجديد قد تضمن اجراءات ميسرة لتنفيذ تلك الاحكام، فأجاب قائلا: تحقيقا للتكافل الاجتماعي وضمان سرعة تنفيذ احكام النفقات نص قانون محكمة الاسرة على انشاء «صندوق تأمين الاسرة» تخصص موارده لتنفيذ الاحكام والقرارات الصادرة بتقرير نفقة للزوجة او المطلقة او الابناء او الاقارب التي يتعذر تنفيذها وفقا للإجراءات العادية.
وتساءلنا ايضا عن كيفية توفير موارد هذا الصندوق وصرف النفقات منه، فأكد المستشار المرشد على انه تتكون موارد الصندوق من المبالغ التي تخصصها الدولة سنويا ضمن ميزانية وزارة العدل، اضافة الى التبرعات والهبات غير المشروطة، مضيفا: ونأمل ان يكون للامانة العامة للاوقاف وبيت الزكاة دور في هذا الشأن، اما الصرف من الصندوق، فيجري وفقا للائحة التنفيذية التي يصدرها المجلس الاعلى للقضاء.
وعن السبب في عدم تنفيذ جميع احكام النفقات عن طريق الصندوق، اكد المستشار المرشد ان اصحاب احكام النفقة التي يتم تنفيذها عن طريق ادارة التنفيذ بمحكمة الاسرة بالاجراءات العادية ليسوا بحاجة الى اللجوء الى صندوق تأمين الاسرة، ولذلك تقرر قصر تخصيص موارد صندوق تأمين الاسرة على تنفيذ الاحكام التي يتعذر تنفيذها بالاجراءات العادية، كعدم الاستدلال على المحكوم عليه او عدم وجود مال ظاهر له يمكن التنفيذ عليه او لعجزه عن السداد بسبب حبس حريته، او لانه مثقل بالديون، وفي هذه الاحوال يتم صرف النفقة من الصندوق، ثم يتولى الصندوق الرجوع على المحكوم عليه بما تم صرفهم مع التكاليف والاعباء اللازمة.
القضاء يوضح غايات وأهداف القانون:
النهوض بالعدالة وحفظ كيان الأسرة
علمت القبس من مصادر مطلعة أن المجلس الاعلى للقضاء بعث الى نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية وزير العدل وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية راشد الحماد، كتابا يشرح فيه اهم الاهداف والغايات التي يسعى المشرع الى تحقيقها من قانون محكمة الاسرة.
واكد المجلس الاعلى للقضاء ان الاهداف التي يرمي المشروع الى تحقيقها من شأنها تيسير اجراءات التقاضي في منازعات الاحوال الشخصية، وكفالة نظر هذه المنازعات في جو يتناسب مع خصوصيتها، من اجل النهوض بأداء العدالة بما يحفظ للاسرة كيانها، ويصون للامة روابطها وتقاليدها.
مقار مستقلة
واشارت المصادر الى ان الاهداف والغايات جاء اولها بإنشاء مقار مستقلة لمحكمة الاسرة في كل محافظة، تخصص لعقد جلسات دوائر الاحوال الشخصية الكلية والدوائر الاستئنافية، اضافة الى تنظيم الاختصاص المحلي لمحاكم الاسرة، مع جعل محكمة الاسرة المختصة محليا بنظر اول دعوى ترفع من احد الزوجين هي المختصة محليا دون غيرها بنظر جميع دعاوى الاحوال الشخصية التي ترفع بعد ذلك، توحيدا للجهة القضائية التي تفصل في منازعات هذه الاسرة.
كذلك انشاء ملف للاسرة لدى ادارة كتاب المحكمة التي ترفع اليها اول دعوى تودع فيه اوراق الدعوى واوراق جميع دعاوى الاحوال الشخصية الاخرى التي ترفع بعد ذلك، وتكون متعلقة بالاسرة ذاتها لتكون مرجعا في كل نزاع جديد خاص بالاسرة ذاتها، فيتسنى للمحكمة الوقوف على حقيقة الخلاف بين الطرفين من الدعاوى السابقة المرددة بينهما، وحتى لا يصدر حكم مناقض لحكم سابق يكون قد صدر بين الطرفين، اضافة الى انشاء مركز في مقر كل محكمة اسرة، لتسوية المنازعات الاسرية، ليتولى بذلك المساعي الودية لتسوية منازعات الاحوال الشخصية التي تطرح عليه من ذوي الشأن، اما بصفة اختيارية كأصل عام، او بصفة إلزامية بالنسبة لمسائل الطلاق والتطليق وفسخ وبطلان عقد الزواج، والتي يتعين التقدم بطلب تسويتها اولا، قبل اللجوء الى القضاء، هذا فضلا عن دور المركز في القيام باتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية افراد الاسرة قبل بعضهم البعض من العنف والايذاء.
الطعن بالتمييز
ومن بين الاجراءات التي ستتم في القانون هي عدم قابلية الاحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية بمحكمة الاسرة للطعن فيها بطريق التمييز، واستثناء من ذلك يجوز للنائب العام الطعن بطريق التمييز في الاحكام المشار اليها التي يمس موضوعها مبادئ الشريعة الاسلامية المتعلقة بالنظام العام، ومنها الاحوال المبينة في المادة 338 من قانون الاحوال الشخصية.
كذلك فإن الاجراءات احتوت على إنشاء مكتب لادارة التوثيقات الشرعية يلحق بمحكمة الاسرة في كل محافظة، تيسيرا على مواطنيها، وندب احد قضاة محكمة الاسرة قاضيا للأمور الوقتية تكون مهمته اصدار اوامر على عرائض في المسائل المتعلقة بمنازعات الاحوال الشخصية، وبعض المنازعات المدنية الاسرية، وتخصيص دائرة مدنية كلية او اكثر تعقد جلساتها بمقر محكمة الاسرة لنظر منازعات التنفيذ الموضوعية المتعلقة بالاحكام والاوامر الصادرة من محكمة الاسرة والتظلمات في الاوامر الصادرة من قاضي الامور الوقتية في المسائل المدنية الخاصة بالاسرة، وكذلك الفصل في دعاوى قسمة المال الشائع المتعلقة بالسكن الخاص للاسرة والمطالبة بمقابل الانتفاع به وبتكاليف بنائه او ترميمه، وذلك بغرض جمع شتات المنازعات الاسرية كلها في مكان واحد بعيدا عن ساحات المحاكمة العادية.
وبالنسبة لتسليم المحضون ورؤيته فإنه يتم انشاء مركز او اكثر في كل محافظة يخصص لتسليم المحضون، على ان يتم تزويد ذلك المركز بعدد مناسب من المتخصصين في شؤون الاسرة، وتجهيزه بما يلزم لتحقيق الغاية من الرؤية، كذلك انشاء ادارة خاصة بمقر محكمة الاسرة في كل محافظة لتنفيذ الاحكام والاوامر الصادرة منها، ويندب لرئاسة هذه الادارة احد قضاة المحكمة الكلية لا تقل درجته عن قاض من الدرجة الاولى.
التفريق بين الزوجين
أشار المستشار المرشد إلى ان قانون محكمة الأسرة نص صراحة على أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام الصادرة بالتفريق بين الزوجين أو بإثبات الطلاق الواقع بينهما أو ببطلان عقد الزواج أو فسخه، إلا بعد انقضاء ميعاد الطعن بالتمييز على الحكم من دون حصول طعن من النائب العام في الأحوال المقررة قانونا، أما إذا طعن النائب العام على الحكم، فلا يتم التنفيذ إلا بعد الفصل في الطعن، وقد أوجب القانون على محكمة التمييز الفصل في الطعن على وجه السرعة.
من مقال المرحوم محمد مساعد الصالح:
يجب تحقيق العدالة في الحكم بالطلاق
كتب المرحوم الكاتب محمد مساعد الصالح في إحدى مقالاته التي كانت بعنوان «محكمة الأسرة» معلقاً على احد اللقاءات التي أجرتها القبس مع المستشار د. عادل الفيلكاوي بما يدور عن محكمة الأسرة ومشروع إنشائها.
وقال المرحوم ان هذا اللقاء يفتح الباب للمناقشة حول العلاقات الزوجية، ولا يمكن ترك الأمور تسير كما هي عليه الآن، وإذا كان مشروع إنشاء محكمة الأسرة في الكويت يعد مبشراً لتخفيف نسبة الطلاق، فإن المطلوب من هذه المحكمة - إذا رأى مشروعها النور - أن تناقش أسباب الطلاق ودوافعه، واعتقاد الزوج ان له حقاً مطلقاً في هذا، علماً بأنه يجب تحقيق العدالة في الحكم في الطلاق، وبمعنى آخر لا يجوز أن يستعمل الزوج حقه بتعسف بالقول «انت طالق» وتذهب الزوجة «مجرجرة» أبناءها إلى منزل والدها، ولقد اتخذت تونس قراراً على سبيل المثال، يترك الأمر في الطلاق للقاضي وليس للإرادة المنفردة للزوج، وهو الأمر المطلوب، ونتمنى على النائبات المحترمات تبني التشدد في الطلاق، بحيث لا يتم إلا لأسباب يتعذر إصلاحها في علاقة الزوجين.
رحمك الله يا شيخ الكتاب والمحامين ونتمنى أن يؤخذ بمقترحاتك في محكمة الأسرة.
المحامية ذكرى الرشيدي:
نقلة تاريخية تطويرية للقضاء الكويتي
أكدت المحامية ذكرى الرشيدي أن مشروع قانون «محكمة الأسرة» يعتبر نقلة قانونية وإحداث تطور وتغيير في تاريخ القضاء الكويتي.
وقالت الرشيدي إنه لطالما تحدثنا عن إنشاء محكمة الأسرة، لكنه وللأسف، فإن هناك مشاريع كثيراً ما تتأخر، ومن بينها ما يتقدم به المجلس الأعلى للقضاء، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن المشاريع القانونية المقدمة من السلطة القضائية يفترض أن تجد سرعة التنفيذ من قبل الحكومة، لأنها لمصلحة الجميع.
وأوضحت أن أهداف محكمة الأسرة كثيرة، ومن ايجابياتها الحفاظ على الأسرة، خصوصاً أن هناك حرجاً كبيراً في حضور الأسر أمام المحاكم، في مسائل الطلاق والرؤية والنفقة، فمعنى أننا نجد محكمة واحدة تجمع كل هذه القضايا هو أمر في غاية الأهمية، كما أن هذه المحكمة تعمل على حل المشاكل قبل وصولها إلى النزاع القضائي، وهذا أمر لا يوجد الا في الدول المتقدمة، مشيرة الى أن ذلك الأمر سيساهم بشكل كبير جداً في الحد من مشكلات الطلاق، لأن هناك حالات يتم التفريق بينها لأسباب بسيطة جداً، الا أن الطرفين يعتقدان أنها خطرة، لكنهم كانوا بحاجة الى نصح وارشاد قبل اللجوء الى المحكمة، وهو الأمر الذي يفتقده الكثير من الأشخاص.
ونوهت الى أن هذه المحكمة لن تكون كما باقي المحاكم الأخرى، لأنها ستبعث جواً هادئاً في النفوس، وحتى أننا نتخلص من مسألة رؤية الأطفال والنفقات المتأخرة التي تشكل أرقاً كبيراً للمطلقات، خصوصاً أن الكثير منهم لا عائد لهم سوى نفقة المحكمة، فمسألة وجود صندوق خاص لتأمين مثل هذه الأمور يجعل مشكلة التأخير غير موجودة نهائياً.
وخلصت الى أنه يجب ألا ننسى أن المحكمة لا تتكون فقط من قضاة وإنما قبل الوصول الى هذه المرحلة فإن الطرفين سيواجهان متخصصين في مجال علم النفس والاجتماع، وذلك للمساهمة في حل المشاكل ودياً.
محاسبة القضاة على أحكامهم يقترب من التطبيق... ومجلس الأمة يدرجه للتصويت
القانون يمنح الأفراد أحقية رفع دعاوى ضد القضاة المخطئين
حسين العبدالله بينما ترتفع بعض المطالبات النيابية والحقوقية بإقرار قانون مخاصمة القضاء والنيابة العامة على الأضرار التي تلحق بالأفراد نتيجة الأخطاء الجسيمة أو العمدية التي تقع من بعض القضاة وأعضاء النيابة العامة، كشف رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الأمة النائب حسين الحريتي لـ«الجريدة» أن المجلس الأعلى للقضاء وافق على صدور قانون مخاصمة القضاء، ولم يتحفظ أو يعترض عليه، وأن اللجنة وافقت بالإجماع على القانون وأحالته إلى المجلس للتصويت عليه. في حين طالب رئيس جمعية المحامين الكويتية خالد الكندري مجلس الأمة بإنشاء هيئة قضائية مختصة للنظر في دعاوى مخاصمة رجال القضاء على الأخطاء الجسيمة التي تقع منهم، وأن تكون الهيئة القضائية من قضاة ومختصين بالقانون على غرار مجلس تأديب المحامين المكون من قضاة ومحامين. وطالب الكندري أيضا بإنشاء لجنة على غرار غرفة المشورة بمحكمة التمييز لفحص القضايا الواردة لها ضمانا للجدية، مع إلغاء شرط إيداع مبلغ 5 آلاف دينار لرفع الدعوى، لأنه مبالغ فيه، وفي ما يلي آراء المختصين الذين استطلعت «الجريدة» آراءهم بشأن قانون مخاصمة القضاء.
قال المحامي بسام العسعوسي: «إن القاضي كالطبيب أو المهندس يمكن الرجوع عليه بالتعويض إذا خالف الأعراف الطبية المستقرة، وتأتي فكرة المخاصمة إذا ثبت وقوع القاضي في مخالفات صريحة وواضحة لقواعد قانونية مستقرة».
ولفت إلى أن هذا القانون سيعمل على أن يبذل القاضي جهودا أكبر في تسبيب الأحكام، وهو ما سيترتب عليه تقليل الأخطاء الفنية في الأحكام القضائية.
الصلاحيات
وأضاف: «لا يمكن بأي حال من الأحوال إدخال الصلاحيات التقديرية الممنوحة للقاضي في أمر الرجوع عليه، واعتبار تلك الصلاحيات التقديرية من قبيل الأخطاء، ويتعين قصر الحالات التي يمكن للمتضرر الرجوع فيها على القاضي، والتي تتصل فقط في وقوع القاضي في مخالفات صريحة لقواعد قانونية مستقرة وواضحة».
وبين أنه يتعين إنشاء دوائر قضائية متخصصة للنظر في هذا النوع من القضايا، وكذلك تخصيص مستشارين وقضاة لهذه الدوائر مهمتهم الفصل في هذا النوع من القضايا دون النظر في أي قضايا اخرى، مشيرا إلى أنه يمكن الاستعانة بمستشاري التفتيش القضائي.
وتابع ان القضاء الكويتي يعد من أنزه الأجهزة القضائية، ومن باب الحرص على تطويره بشكل عام وتأكيد كفاءته يتعين العمل على وجود مثل هذا القانون، خصوصا أن من سيتولى الفصل في هذه القضايا كذلك هي السلطة القضائية، وبذلك سيعالج القضاء نفسه بنفسه.
المؤسسة القضائية
من جهته قال المحامي والقاضي السابق محمد منور المطيري إنه يؤيد فكرة مخاصمة القضاء في الكويت، ولكن يتعين أن يتم تنظيمها دون الإساءة للقضاة أو التقليل من شأنهم، وهو برأيي ما يستوجب أن توجه المسؤولية إلى المؤسسة القضائية بصفتها مسؤولة عن أعمال القاضي، وترجع عليه لاحقا بالجزاء المناسب إذا ثبت لها ارتكابه خطأ جسيما أو عمديا.
وأضاف أن «هناك أخطاء وقع بها بعض القضاة، ولكن النظام القضائي يمنع إصلاح الأخطاء بسبب نهائية الأحكام القضائية وعدم قابليتها للطعن، فمهما بالغنا في تقديس عمل القاضي فإنه بشر قد يخطئ، ولا يمكن في الوقت ذاته مصادرة حق المضرور بالحصول على التعويض المناسب جبرا للأضرار نتيجة الأخطاء التي ارتكبها القاضي».
مبدأ المخاصمة
وبين «أن قبول مبدأ مخاصمة القاضي مباشرة سيكسب القاضي العديد من الخصوم، وسيجعله عاجزا عن أداء مهمته، وسيتفرغ للرد على اتهامات الناس، بينما الهدف الأسمى في هذا الأمر هو ان يمارس القاضي عمله باستقلالية تامة».
وأوضح أن «الهدف من فكرة مخاصمة القضاء هو رفع الظلم عن الناس ورفع مستوى الأحكام، وهي أمور يمكن تحقيقها دون المساس بضمانات القاضي، ودون أن نفتح الباب على مصراعيه لمخاصمة القضاة لأن النزاع ليس شخصيا بل فني، وعليه يتعين محاسبة المؤسسة القضائية ومن ثم ترجع هي على القاضي وتحاسبه وتأخذ الجزاءات المناسبة بحقه إما بالخصم من راتبه أو تأخير ترقيته وغيرهما من الجزاءات الواردة».
الأحكام
وعن رأيه في إنشاء دائرة متخصصة للنظر في قضايا مخاصمة القضاء قال منور إن هذا النوع من القضايا له حساسية خاصة، لأنه يكشف ما قد يطال بعدم سلامة الأحكام القضائية، وبالتالي يتعين تخصيص دوائر قضائية معينة، وتكليف مستشارين من محكمة التمييز للفصل فيها، ولا يترك الأمر للقضاء العادي، كما يتعين أن تكون أحكام هذه الدائرة نهائية ولا يجوز الطعن على أحكامها حتى لا يكثر الجدل.
هيئة قضائية
أما رئيس جمعية المحامين الكويتية المحامي خالد الكندري فقال إننا في الجمعية نؤيد إصدار تشريع ينظم مخاصمة القضاء، لافتا إلى أن مشروع القانون المعروض على جدول أعمال مجلس الأمة أوكل لذات السلطة القضائية الفصل في هذا النوع من القضايا.
وأشار إلى أنه يتعين إنشاء هيئة قضائية مشكلة من القضاء ومن جهات خارج القضاء والهدف من ذلك هو الابتعاد عما قد يثار بأن قضايا اختصام رجال القضاء ينظرها القضاء نفسه.
وبين أنه لدى مناقشة تعديلات قانون المحاماة عام 1996 تم العمل على إنشاء هيئة قضائية مشكلة من قضاة ومحامين للنظر في المخالفات المرتكبة من المحامين، وكان الهدف منها إبعاد جمعية المحامين الكويتية عن الفصل في هذه النزاعات، وكان المنطق التشريعي هو كيف تحكم جمعية المحامين على المحامين أنفسهم؟
وأوضح أنه كان من المنطقي إشراك السلطة القضائية في الهيئة القضائية التي تفصل في المخالفات المنسوبة إلى المحامين وفي الوقت ذاته يتعين أن تشكل هيئات قضائية مختصة للنظر في المخالفات المنسوبة إلى القضاة من هيئات مشكلة من قضاة ومختصين قانونيين.
غرفة المشورة
وأضاف أنه يتعين إنشاء لجنة على غرار غرفة المشورة مهمتها فحص القضايا المرفوعة ضد القضاة، وفي حالة التأكد من جديتها تحال إلى الدوائر القضائية المختصة، مع تمكين رافع الدعوى في هذا الوقت من سداد الرسوم القضائية المقررة بالقانون، بينما مشروع القانون المعروض على مجلس الأمة يلزم الراغب في رفع الدعوى القضائية بسداد 5 آلاف دينار كرسوم قضائية.
وأشار إلى ان هذا المبلغ كبير ويتعارض مع مبدأ حق التقاضي المنصوص عليه في الدستور، وهو ما يستوجب لتأكيد جدية الدعاوى المقامة إنشاء لجنة لفلترة القضايا المرفوعة وإحالة التي يثبت جديتها مع تمكين رافع الدعوى القضائية من سداد الرسوم القضائية المعتادة دون الحاجة إلى النص على سداد رسوم بهذه القيمة الكبيرة التي قد تعترض بعض الحقوق.
وعن فكرة إمكانية إحالة القاضي الثابت ارتكابه أخطاء جسيمة إلى مجلس تأديب القضاة قال الكندري إن هذا الأمر يتعين معالجته وفق مشروع القانون الحالي، والنص عليه بأن يعهد للمحاكم إمكانية إحالة القاضي بعد ثبوت خطأه إلى مجلس التأديب، وحينها يصدر بحقه من العقوبات اللازمة إذا ثبت تعمده ارتكاب الخطأ مثلا.
موافقة بالإجماع
أما رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الأمة النائب المستشار حسين الحريتي فقال إن قانون مخاصمة رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة حاز موافقة بالإجماع من أعضاء اللجنة التشريعية في مجلس الأمة.
وأضاف أن اللجنة التشريعية وقبل إقرارها القانون بالإجماع تأكدت من موافقة المجلس الأعلى للقضاء عليه، وهو الآن مدرج على جدول أعمال مجلس الأمة لمناقشته والتصويت عليه من قبل السادة أعضاء مجلس الأمة.
وذكر أن قانون مخاصمة القضاء سينصف كل شخص يعتقد أنه تعرض للظلم، وثبت وقوع أخطاء فادحة وواضحة من قبل القاضي، فأعطى القانون لكل متضرر أن يلجأ إلى رفع دعوى قضائية ضد القاضي مصدر الحكم ويطالبه بالتعويض عن الأخطاء الصادرة منه بأحكامه أو من وكيل النيابة في حالة تجاوزه الصلاحيات الممنوحة له وترتب على أخطائه إلحاق أضرار جسيمة بحق أشخاص لا ذنب لهم سوى وقوع أخطاء رتبت عليهم الأضرار.
وبين أن وجود مثل هذا القانون يؤكد الشفافية التي يتمتع بها النظام القضائي الكويتي، واحترام حقوق المتقاضين وحقوق الإنسان فضلا عن حق التقاضي الذي كفله الدستور للمواطن والمقيم.
وأوضح أننا على ثقة برجال السلطة القضائية ونزاهة هذه السلطة، وهو أمر بالتأكيد متفق عليه من الجميع، لكن من يثبت ارتكابه خطأ فادحا يرتب أضرارا بحق إنسان مظلوم فيتعين محاسبته عن تلك الأضرار التي ألحقها بالغير.
إعداد: مبارك العبدالله
من المسلم به ان الدولة التي يكون قضاؤها نزيها هي دولة ديموقراطية لا يُخاف عليها من الفساد ما دام اساسها صالحاً.
في الكويت، أو بالأحرى في محاكمنا، لم نسمع يوما ان شخصا طلب مخاصمة قاض لانه تعمد الاساءة اليه، وهذا هو ما نفخر به، لكن هناك قانوناً مطبقاً في جميع الدول العربية عدا الكويت لمخاصمة القضاة. وبالرغم من عدم الحاجة الى هذا القانون على حسب ما يوضح اغلب القانونيين فإن اصوات البعض علت في الفترة الاخيرة مطالبة الحكومة بسنّ مثل هذا القانون، للجوء اليه عند الحاجة.
ويوضح المطالبون بهذا القانون انه لا تتم مخاصمة القاضي الا اذا وقع منه في عمله خطأ مهني جسيم، ويقصد به خطأ يرتكبه نتيجة غلط فاضح ما كان ليساق اليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي، او لاهماله في عمله اهمالا مفرطا مما يوصف بانه الخطأ الفاحش الذي لا يقع فيه احد، أو لجهل فاضح بمبادئ القانون والوقائع الثابتة في اوراق الدعوى.«القبس» استطلعت رأي العديد من القانونيين في قانون مخاصمة القضاة والفائدة من سنّه في البلاد، فكانت الآراء كالتالي:
في البداية أشار المحامي يعقوب المنيع إلى أن قانون تنظيم القضاء جاء مفسراً ومقننا في مواده، حيث وفر للقضاة وأعضاء النيابة جواً من الأمن والطمأنينة حتى يتفرغوا لأداء رسالتهم المقدسة في خدمة العدالة وحفاظاً على شرعية وتماسك الدولة.
حصانة القضاة
وأضاف: حرص القانون المذكور على ان يجعل لمجلس القضاء الأعلى السلطة الكاملة، فيما يتعلق برفع الحصانة عن القضاة ومتابعة إجراءات التحقيق معهم والدعوى الجزائية، واستلزمت المادة 37 من ذات القانون ــ في غير حالات الجرم المشهود ــ عدم مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى في الجنح والجنايات إلا بعد الحصول على اذن من مجلس القضاء الأعلى بناء على طلب النائب العام.
وأكل: اما في حالات الجرم المشهود (التلبس) فقد اجازت تلك المادة في فقرتها الثانية مباشرة تلك الاجراءات بما فيها القبض على القاضي أو عضو النيابة المتلبس على ان يعرض الأمر على مجلس القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من القبض ليقرر ما يراه.
حصانة
أما المحامية ابتسام العنزي فقالت: «مما لاشك فيه ان القضاء في جميع بلدان العالم يتمتع بحيثية خاصة وحصانة قوية لا يمكن للشخص العادي الولوج في طريق اختراقها، وذلك مرجعة ان القاضي دائما ما يتمتع بمبدأ الحيادية المطلقة، فهو يتنزه عن الانحرافات الفكرية أو السلوكية، وينأى بنفسه كقاضي عن الدخول في أي معتركات فكرية أو سياسية أو عنصرية.
واستدركت: ولكن وفي ظل الاحتكاك الدائم بين القضاء الجالس (أعضاء الهيئة القضائية) والقضاء الواقف (المحامين)، فقد يحدث أحيانا بعض من الخروج عن البروتوكولات المتعارف عليها، وذلك كأن بتجاوز أي منهما الحدود المنظمة لطبيعة عمل كل منهما تجاه الآخر.
تنظيم التشريعات
وأضافت: وضع المشرع الكويتي لاحقا بذلك ركب باقي التشريعات العربية، نظما وأطرز تحدد حلولا لأي خلاف قد ينشأ بين أي من المحامين والقضاة، ومن أبرز تلك الحلول العملية والمنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية، على نحو ما جاء بنص المادة 102 من القانون سالف الذكر، والتي تحدثت عن عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيتهم.
وأكملت: وضمانا من المشرع لصلاحية القاضي لنظر الدعوى فقد عني المشرع بوضع أسس ومبادئ مستقرة تضمن نزاهة وحيادية القاضية باحثا بذلك في ثنايا حياته الشخصية وما يتعلق به من قرابات وانساب وخلافات وغيرها.
ورأت انه من حيث الواقع العملي، فانه لا يوجد ثمة خلاف قائم أو محتمل بين القضاة والمحامين الا في حدود وإطار الحالات التي أفردها المشرع على النحو المتقدم، واما عن إدارة الجلسة فهي حق خالص للقاضي يديرها على النحو الذي يراه مناسبا وفقا للحدود التي ينظمها قانون المرافعات، ويتعين على كل من القضاة والمحامين الالتزام بهذه القواعد القانونية الواردة في ذلك القانون، حيث إن المصلحة التي ينشدها كل منهم واحدة وهي تحقيق العدالة المشنودة.
تأييد المشروع
وبدوره يقول المحامي عبدالله العلندا: «أخيرا وبعد صمت طويل طالبت جمعية المحامين مجلس الأمة بسن تشريع خاص لمخاصمة القضاة».
وأضاف: «وهذا القانون مهم، لأن معظم الدول المتقدمة قانونيا تشمل تشريعاتها مثل هذا القانون، لأنه النقطة الفاصلة بين إتمام التشريعات في الدولة او عدم إتمامها، بمعنى أن هناك قانونا وضعيا ينظم العلاقة بين الأفراد والشركات والهيئات الحكومية وما إلى ذلك، كقانون الجزاء الذي يضع عقوبة على من يقترف جريمة، والقانون المدني الذي ينظم العلاقة بين الأفراد (العلاقات المالية) أو الشركات أو الهيئات، والقانون التجاري المنظم لعلاقات التجار، والقانون الإداري المنظم لعلاقات الأفراد مع الدولة».
وأوضح ان التشريع الكويتي خلا من باب يفرد لموضوع مخاصمة القضاة، وهذا القانون ينظم مسألة خروج القاضي عن مقتضيات المهنة أو الخروج عن القانون والحكم بغير مواده الملزمة، ولذلك فنحن نوافق بل ونطالب وبكل قوة بسن هذا القانون وإصداره لأنه لا يعتبر تدخلا في عمل القضاء الكويتي، ولكنه ينظم باب إلزام القضاة بالقانون وعدم الخروج على نصوصه.
سدنة العدالة
ومن جانبها تؤكد المحامية سعاد الشمالي ان القضاة هم سدنة العدالة، ويفترض بالقاضي الحياد المطلق، وإذا انتفى حياد القاضي أو ثارت مظنة حول هذا الحياد، جاز طلب رد القاضي عن نظر الدعوى التي تثور بشأنها هذه المظنة، وقد أفرد قانون المرافعات الكويتي بابا بكامله لأحوال عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيهم، وحددت المادة 102 سبع حالات يكون فيها القاضي غير صالح لنظر الدعوى ويمتنع عليه سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم.
وأضافت: «على الرغم من هذه الضمانات، فإن النصوص قد تقصّر عن الإحاطة بكل الحالات التي لا يكون فيها المتقاضي على يقين من حياد القاضي، ولا يأتي ذلك من عدم كفاية النص، بل من الجهة التي تفصل في طلب الرد، وهي إحدى الدوائر القضائية، والحالة الأوضح هي حالة ان يكون احد أطراف الخصوم قاضيا، من دون أن تقع تحت إحدى الحالات التي أوردها القانون حصرا، ورغم أن حالة (مظنة المودة) تتسع لهذه الحالة، إلا أن السلطة التقديرية للقاضي الذي ينظر في طلب الرد في هذه الحالة تكون واسعة جدا، الأمر الذي يجعل من الاقتراح المقدم من جمعية المحامين بشأن الخصومة القضائية، وخصوصا طلب افراد هيئة قضائية خاصة للنظر في حالات الرد او الحالات التي يكون فيها الخصم أحد رجال القضاء، اقتراحا يجب دعمه وطلبا مستحق التأييد، لما فيه من حفاظ على إحساس العامة بالعدالة وعلى هيبة القضاء ومكانته العالية في النفوس».
انتقاد القانون
أما المحامي مزيد اليوسف فانتقد مشروع قانون مخاصمة القضاة المقدم من النائب عادل الصرعاوي بمخاصمة القضاة مدنيا، متى وقع من القاضي او عضو النيابة في عملهما غش او تدليس او غدر او خطأ مهني جسيم.
وقال ان القضاء كالنهر الجاري، يطهر نفسه بنفسه، ويلفظ الخبث منه، فيظل سائغا للشاربين، وإذا كان مجتمع القضاء ليس بالملائكي لكنه مجتمع نقي يزكي بدنه من الجراثيم التي تتسلل إليه.
وأضاف ان الاقتراح لا يحقق مصلحة حقيقية للمجتمع، فهو يتحدث عن تعيوض مدني فقط، يقابل جرما خطيرا يمس دعامة العدل في الدولة، فالقاضي او عضو النيابة الغشاش او الغادر او المخطئ خطأ جسيما، تكون عقوبته البتر من جسم الجهاز القضائي النزيه، صونا لثقة الأفراد في قلاع عدالتهم، لا مجرد مقابل مالي يحصل عليه صاحب المصلحة.
وخلص قائلا: «ان هذا المقترح سيفتح الباب على مصراعيه للتشهير بقضاة أفاضل، متى لم يصادف حكمهم هوى أحد منا، علاوة على أثره البالغ في إرباك القاضي اثناء أداء مهمته، تحت الخوف من كيد احد الخصوم له بدعوى مخاصمة، بينما الواجب منح القاضي فسحة من السكينة كي يؤدي دوره في خدمة العدالة بنفس مطمئنة، لا يعيقها سوى ضميره وحده، ورقابة لاحقة عليه من مجلس القضاء الأعلى».
طلب الرد
أوضحت المحامية سعاد الشمالي ان المادة 104 من قانون المرافعات حددت الحالات التي يجوز فيها رد القاضي، ويكون الرد بتقرير في إدارة الكتاب توضح به الأسباب ويرفق به ما يؤيده ان وجد ويرفع التقرير إلى رئيس المحكمة، الذي يطلع القاضي المطلوب رده على التقرير فوراً، ويقدم القاضي رده خلال 4 أيام على الأكثر، فإذا لم يرد أو أقر بالأسباب اصدر رئيس المحكمة أمره بتنحيه.
تدخل تشريعي
بين المحامي يعقوب المنيع ان النظام القانوني والدستوري الكويتي سلك مسلك القوانين المعاصرة في الحرص على الحفاظ على شرف واستقلال رجال القضاء، والحفاظ على صيانة حقوق المتقاضين، مما لا يحتاج إلى مزيد من القيود عن طريق التدخل التشريعي بهدف تكبيل القضاة.
قاض وليس موظفا
انتقد المحامي مزيد اليوسف مشروع قانون مخاصمة القضاة وقال ان القاضي ليس بموظف عام ليحاسب على اجتهاد أخلص فيه واخطأ، وانما هو صاحب امانة عظيمة، لكونه خليفة الرحمن عز وجل في أرضه يقيم القسط بين الناس بالحق.
ترسيخ للديموقراطية
أشار المحامي عبدالله العلندا إلى ان هذا القانون يعد نقلة، بل قفزة للأمام، حيث يرسخ الديموقراطية والمساواة ولان جميع البشر أمام القانون سواء، لذلك يتعين ان تشكل لجنة من علماء القانون من القضاة والمحامين حتى يدلوا بدلوهم فيه، ثم بعد ذلك يعرض المشروع على مجلس الأمة لاصداره.
دراسة قانونية عن أوضاع القسائم الصناعية تدق ناقوس الخطر مواطنون يستغلون القانون لهضم حقوق الآخرين!
• نجيب الوقيان
أوضحت دراسة قانونية بعنوان «القسائم الصناعية.. والتحايل المشروع» ان الكويت كانت رائدة في العمل التجاري قبل ظهور النفط وكان التجار يستندون إلى مواثيق الكلمة التي هي أبلغ من أي قوانين وملزمة أكثر من أي تشريعات.
وأشارت الدراسة التي أعدها المحامي نجيب الوقيان إلى انه ومع التطور الاقتصادي في الوقت الراهن وازدياد النشاط التجاري وارتباطه بالتعامل الخارجي، أصبح لزاما على المشرع ان يواكب هذه التطورات بإصدار تشريعات تلائم هذا التطور السريع.
استغلال
وتابع: «لقد استغل البعض في الآونة الأخيرة القانون من أجل هضم حقوق الآخرين، وخير مثال على ذلك ما يحدث بالنسبة للقسائم الصناعية المملوكة للدولة التي تقوم الدولة بتأجيرها لبعض المواطنين بأسعار رمزية زهيدة من أجل التشجيع على ازدهار الحرف والصناعات التي تمارس على تلك القسائم وتقدم خدمات للمواطنين والمقيمين على أرض هذا البلد الطيب». وقال: «من المعروف ان جميع من يستأجر مثل هذه القسائم من المواطنين إنما يعاود استثمارها بتقسيمها إلى محلات ومخازن وخلافه، ثم يعيد تأجيرها لبعض المواطنين والمقيمين من أجل ممارسة حرفتهم وصناعتهم في تلك القسائم لقاء قيمة إيجارية يتفق عليها بموجب عقود الإيجار التي تبرم بينهم، وعقد الإيجار وكما عرفته المادة 561 من القانون المدني هو عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه بتمكين المستأجر من الانتفاع بشيء معين لمدة محدودة مقابل عوض مالي».
واستطرد قائلا: «هذا هو تعريف عقد الإيجار في القانون المدني، لكن بعض مستثمري تلك القسائم يأبون ان يتم المستأجرون مدتهم المتفق عليها في عقود الإيجارات وذلك لاعتبارات كثيرة منها الطمع في هدم البناء القديم ذي القيمة الايجارية البسيطة وإعادة البناء حديثا من أجل التأجير بقيمة ايجارية مرتفعة، أو نظرا لارتفاع المقابل المالي الكبير الذي يعود عليهم عن طريق البيع والتنازل للغير عن حق الانتفاع بتلك القسائم التي أصبحت أسعارها في تزايد مطرد بسبب النهضة الصناعية التي تشهدها البلاد».
وزاد: «فقد استغل هؤلاء النص الوارد في عجز المادة 563/1 من القانون المدني وتواترت عليه أحكام المحاكم ومحكمة التمييز بشأن هذا النص الذي جرى على ان «الإيجار الصادر ممن له حق الانتفاع لا ينفذ بعد انقضاء هذا الحق في مواجهة المالك ما لم يقره»، فعمدوا إلى استغلال تلك المادة أسوأ استغلال للتخلص من المستأجرين الذين يرتبطون معهم بعقود إيجار قانونية وملزمة كان يجب عليهم تنفيذها إلى نهاية مدتها بحسن نية وشرف تعامل، وهو ما نصت عليه المادة 197 من القانون المدني بانه «يجب تنفيذ العقد طبقا لما يتضمنه من أحكام وبطريقه تتفق مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل».
تنازل
وأضاف: «فاتجهوا إلى طريقة قانونية في ظاهرها لكنها في حقيقتها أبعد ما تكون عن روح القانون وسماحته بأن يتفق المستثمر أو المنتفع للقسيمة الصناعية مع غيره سواء كان قريبا أم صديقا أم شريكا له على ان يتنازل له عن حق الانتفاع عن القسيمة لدى الهيئة العامة للصناعة بصفتها الممثلة للدولة، وبمجرد قبول الهيئة المذكورة لهذا التنازل وموافقتها عليه وإصدار عقد جديد باسم المستثمر الجديد فإنه بذلك ينطبق على التصرف نص المادة 563/1 من القانون المدني، فيتحول جميع المستأجرين من المستثمر السابق الى مغتصبين للأماكن التي يستأجرونها ويتم إخلاؤهم منها بقوة القانون وليس من المستثمر الجديد، إلا أن يقيم دعوى أمام المحكمة المستعجلة بالإخلاء لا يتعدى نظرها أمام المحكمة أسابيع معدودة ويصدر الحكم المستعجل بالإخلاء ويتم تنفيذه ويضيع على هؤلاء المستأجرين البسطاء مصدر رزقهم ورزق أولادهم، كما يضيع عليهم ما كانوا أنفقوه من أموال من الجائز ان تكون هي جميع مدخراتهم على تجهيز تلك المحلات سواء من ديكورات أو آلات أو معدات وخلافه».
وخلص إلى ضرورة تدخل المشرع من أجل حماية هؤلاء البسطاء من تلك الحيل التي يستغل فيها أصحاب النفوس الضعيفة مواد القانون من أجل مصالحهم الشخصية من دون النظر إلى ما يصيب المستأجرين منهم من أضرار.
• جرائم اختلاس الأموال في تزايد
قد يكون من البديهي ان يزيد عدد القضايا في أروقة المحاكم كل عام عن العام الذي سبقه، لكن هذه الزيادة يفترض ان تكون وفق إطار محدد ومعروف، فما نلاحظه اليوم ان هناك نوعية من القضايا بدأت تزداد وبشكل يومي في المحاكم وهي قضايا الاختلاس سواء كانت واقعة على المال العام أو الخاص.
في السابق كانت هذه القضايا نادرة ومقتصرة على بعض المسؤولين الذين إذا وقعوا في هذا المحظور يكون أمرهم مفضوحا لقلة وندرة هذه القضايا، أما الآن فإن مرتكبيها هم مديرون وموظفون وهو الأمر الأشد خطورة.
أهل القانون يؤكدون ان هذه القضايا بدأت تتزايد بشكل رهيب، محذرين من عدم وضع دراسة قانونية شاملة لا تكتفي بإصدار أحكام الإدانة من دون وضع حلول مساندة، بل انهم يشددون على ضرورة زيادة العقوبة القانونية على مرتكبيها، موضحين ان المشرّ.ع اهتم بالاعتداء على المال العام وترك المال الخاص كأن ليست له حرمة؟! بعض القانونيين ألمحوا إلى ضرورة زيادة الجهات الرقابية، وعمل تفتيش دوري على كل ما يتعلق بالمال العام.
ويبقى السؤال الذي تطرحه «القبس» على القانونيين لبحث الأسباب قبل إيجاد الحلول: لماذا تصدر المحاكم عقوبات الحبس على المتهمين في هذه القضية وتبقى المسألة في تزايد؟
في البداية أكد المحامي لبيد عبدال انه لا يمكن عزل الجريمة خاصة المتعلقة بالأموال كالسرقة أو الاختلاس أو النصب والاحتيال أو التدليس وخيانة الأمانة، عن الحالة الاجتماعية والمالية في الدولة.
وأضاف: «الجريمة ظاهرة اجتماعية ترتبط في هذه الحالة بالتفاقمات والأزمات الاقتصادية وأحوال انكماشها، إذ يترتب عليها قدر من التزايد الطردي».
وأكمل: «بل انها تتزايد مع كثرة الأزمات السياسية وضعف الرقابة من الدولة، بالنسبة للجرائم التي تقع على الأموال العامة المملوكة لها، وتتزايد التعديات على المال الخاص كلما زاد الكساد الاقتصادي، بحيث نكون أمام اتجاه شديد للتكسب بواسطة الطرق غير المشروعة والاحتيالية».
تطور الجريمة
وتابع عبدال: «وفي كل الأحوال لا بد من تزايد وسائل الرقابة بالنسبة لحماية المال العام، وإيجاد كوادر إدارية متخصصة داخل أجهزة الدولة للرقابة والمتابعة، بل متابعة تطورات أسلوب ارتكاب الجريمة، خصوصا تلك التي تقع على المال العام خارج الدولة، أو تلك التي تقع بواسطة وسائل متطورة وإلكترونية».
وأشار إلى ان زيادة الوعي أمر مهم أيضا، بالنسبة للحلول المطلوبة لحماية المال الخاص، والعمل على تحاشي التعديات التي قد تقع عليه، على اعتبار ان هناك جرائم تدليس ونصب دولية كبيرة وكثيرة، تتطلب الانتباه والتحوط من خلال الرجوع الى اهل القانون والرأي، لتجنب الآثار السلبية لها وما تسببه من أضرار، خاصة مع وجود مجموعات إجرامية منظمة في أوروبا وأفريقيا تستخدم كل الوسائل والوسائط للإيقاع بضحاياها عبر الرسائل الإلكترونية، وتعمل على إضعاف كل الوسائل للوصول إليها، وتتطلب جهودا قانونية كبيرة لمكافحتها ومتابعة آثارها.
جرائم المال
بدوره قال المحامي علي العصفور: «لعل من الظواهر السلبية التي برزت في الآونة الأخيرة، ازدياد جرائم الأموال عموما وجرائم الأموال العامة بشكل خاص، حتى أصبحت هذه الجرائم تشكل رقما كبيرا من الإحصائيات».
وقال: «ان مثل هذه الجرائم يجب الوقوف طويلا أمامها نظرا لخطورتها وآثارها السلبية على المجتمع»، مشيرا إلى ان أبرز أسباب جرائم الاستيلاء على الأموال ظهور ثقافة جديدة لدى مرتكبي هذه الجرائم مفادها ان تولي المسؤولية في الهيئات والوزارات يفترض الخروج من هذه الوظيفة بأكبر قدر من المكاسب حتى وإن كان بطرق غير مشروعة، وان الأموال العامة من السهل جدا التطاول عليها، وكذلك وجود مفهوم بأن هناك آخرين قاموا بالاستيلاء على أموال الدولة، فلماذا لا أقوم أنا أيضا بذلك؟!»
وشدد على ان هذه المفاهيم تعتبر خطيرة ومن شأنها تدمير المجتمع وخلق قناعات هي أبعد ما تكون عن الخلق القويم والانصياع للقانون، الذي بدوره يضمن كيفية معالجة مثل هذه التجاوزات.
وأضاف العصفور: «لقد أفرد المشرّ.ع فصلا خاصا عن كيفية التعاطي مع مثل هذه الجرائم، مثل قانون الجرائم المتعلقة بالوظيفة العامة، وكذلك قانون الأموال العامة الذي أوضح فيه حرمة الأموال العامة، وأوضح في طياته ومواده هذه الجرائم والعقوبات المترتبة عليها، من حيث التدرج بهذه العقوبات بحسب نوع الجريمة ونوع المال الذي تم الاستيلاء عليه، وكذلك مقدار الغرامات المصاحبة لعقوبة الحبس المفروضة على هذه الجريمة».
وأكمل: «الأمر يحتاج إلى معالجة من قبل الدولة بشكل عام، من حيث تشديد الرقابة على التصرفات المالية وكذلك زرع مفهوم ان هذه الأموال إنما هي أموال أبنائنا والأجيال القادمة، ويجب حمايتها بكل الطرق، وان يكون من ضمن أساليب الحماية اختيار الأشخاص البعيدين عن مواطن الشبهات، ويجب عدم التستر على أي شخص يتطاول على المال العام حتى لا نرسخ مفهوم «من أمن العقوبة أساء الأدب».
الميول الاستهلاكية
ومن جانبه قال المحامي علي البغلي ان زيادة هذه الجرائم تكون بزيادة الميول الاستهلاكية في المجتمع، فالكل أصبح يحاول ان يظهر بمظهر الثراء والإنسان الناجح في مجتمعه.
وأشار إلى ان من اسباب زيادة هذه الجرائم انحلال القيم التي جبل عليها الشعب الكويتي مثل الشرف والأمانة، ففي السابق نادرا ما كان يوجد لص بيننا، ومن الممكن ان يرتكب أحدنا الكثير من الموبقات لكن ليس السرقة لأنها ستلحق بعائلته العار مدى الحياة.
وأضاف ان قيم السلب والنهب والغزو تعتبر من المظاهر الجديدة على مجتمعنا، حيث اننا لسنا في صحراء أو في غابة، فهذه القيم متركزة في أذهان البعض ويمارسونها من دون وازع أو ضمير.
وتابع البغلي: «كما ان من الأسباب عدم محاربة التيار الديني أو الأصولي للسرقة، فحملاته مركزة على الناحية الجنسية وبعضها للصلاة والزكاة، على الرغم من ان الرسول «ص» لقب بالصادق الأمين، فالأمانة مذكورة في الدين، لكن مع شديد من الأسف فإن الأصوليين يركزون على النواحي الأخرى».
وأشار إلى انه «من الممكن ان نجرب زيادة العقوبة، كما انني أتعجب من المشرعين، فهم يركزون دائما على المال العام! أليس المال الخاص أيضا له حرمة؟ فهو الذي يجب ان تشدد له العقوبة وليس فقط المال العام، نحن الآن دخلنا في اختلاسات أموال خاصة لا تعاقب عليها القوانين وهي أموال الشركات، ويجب ان يعاقب عليها القانون ويذكرها، فنحن بحاجة إلى مراجعة قوانيننا لمعالجة موضوع السرقة والاختلاسات».
غياب الرقابة
وأوضح المحامي عادل قربان ان جريمة الاختلاس هي جريمة اخلاقية اساسها غياب الضمير وغياب الرقابة.
وأضاف: «إنها جريمة تضر بالدولة باعتبارها كيانا، كما انها تضر بالمجتمع ككل، ولذلك فقد نص المشرّع عليها في الفصل الثاني من قانون الجزاء الخاص بجرائم أمن الدولة الداخلي».
وتابع: «كما ان اختلاس الأموال مجرَّم في المواد من 44 إلى 52 من القانون، والشرط المفترض في جريمة الاختلاس أن يكون مرتكبها هو الموظف العام».
وأكمل قربان: «مضمون هذه الجريمة ان الموظف يستولي على أموال الدولة أو الشركات التي تساهم فيها الدولة أو أوراق أو أمتعة أو غيرها مسلمة إليه بسبب وظيفته، فيقوم بالاستيلاء عليها لنفسه بهدف التكسب».
وأشار إلى ان السبب في ازدياد هذه الجريمة يتمثل في عدة عوامل أهمها غياب الرقابة، وكما يقال «المال السايب يعلم السرقة»، فإذا انعدمت الرقابة والضمير زاد هذا النوع من الجرائم، وهي جريمة خطيرة لها أثر بالغ في المجتمع.
وبيَّن ان عقوبة هذه الجريمة كما نص عليها المشرّع عموماً هي الحبس الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات، فضلاً عن الحكم بعزل الجاني ورد ما اختلسه والغرامة المساوية لقيمة ما اختلسه الموظف.
ورأى ان العقوبة في هذه الجريمة مخففة، ويجب على المشرّع ان يعيد النظر في تشديد العقوبة على هذه الجريمة، كما اننا يجب للوقاية من هذه الجريمة ان نختار الموظف العام الكفؤ ذا الضمير والأخلاق التي تمكنه من المحافظة على المال العام .
جهات رقابية
أوضح القانونيون انه يجب إنشاء أكثر من جهة رقابية للحفاظ على المال العام، بالاضافة الى وجود رقابة دورية مستمرة مع التفتيش الدوري والتدقيق في كل ما يتعلق بالمال، فمن غير المعقول ان نفتقد الى الرقابة ونطالب بأن يكون هناك رادع للآخرين من خلال أحكام الحبس التي تصدرها المحاكم بحق المتهمين.
خيانة الأمانة
أكد القانونيون ان القضايا الكيدية في مثل هذه الجرائم تعتبر قليلة، موضحين انها تتركز في خيانة الأمانة، فهناك شركاء ومديرون يكون المال لديهم بموجب صفتهم، وحال ما تزول هذه الصفة عنهم يقوم أي شخص بالتبليغ عنهم بخيانة الأمانة، مؤكدين انه يجب على المحققين ان يلتفتوا أكثر إلى هذه المسألة.
لعقوبات القانونية في مواجهة الأخطاء الطبية: أين ضمانات الطبيب؟ ومن يحمي المريض؟
من يحتاج الحماية: المريض ام الطبيب؟
إعداد: مبـارك العبدالله
لايخفى على كل متابع لأحوال المحاكم الكويتية والقضايا المنظورة أمام دوائرها ان هناك قضايا عديدة يتم النظر فيها بشكل يومي تتعلق بالأخطاء الطبية، وحتى لو كان هناك حديث من قبل أوساط المجتمع والنواب عن أخطاء طبية يرونها جرائم لا تغتفر في حق الوزير وربما يطالبونه بالاستقالة، لكن هناك قضايا خافية على الجميع وتزحف بصمت إلى ساحة القضاء، ولعل أهم القضايا التي تنظر فيها المحاكم قضية الطبيب الذي أشرف على عشرات العمليات الجراحية وفي النهاية اتضح انه مزيف وتم حبسه 3 سنوات غيابيا، وهناك العديد والعديد من القضايا الأخرى التي راح ضحيتها أشخاص بسبب الإهمال الطبي.
ولأن حياة الإنسان وسلامة جسمه وبدنه من أهم وأقدس المسائل التي كفلتها الشرائع الدينية والوضعية عبر العصور المختلفة في تاريخ البشرية ولأن قوانينا شرعية، وجب علينا طرح السؤال: هل العقوبات القانونية الحالية كافية لمحاربة مدّعي مهنة الطب؟ وهل يعقل ان يكون القضاء وحده هو المحارب لهذه الظاهرة التي بدأت تنتشر بشكل رهيب في محاكمنا؟
القانونيون أكدوا ان هذه الظاهرة موجودة، وبعضهم أوضح انها ليست وليدة الامس وإنما موجودة منذ سنوات طويلة، لكنهم استدركوا قائلين: «في الوقت الذي يطالب فيه البعض بضمانات للطبيب، يجب ان نسأل من يحمي المريض؟»
«القبس» طرحت الموضوع على العديد من القانونيين لتكون النظرة الى هذا الموضوع قريبة أكثر واليكم الآتي:
مسؤولية الخطأ
في البداية أكد المحامي علي الواوان ان الطبيب الذي يصدر عنه خطأ أو يقصر في ممارسته مهنة الطب يكون مسؤولا عن خطئه، موضحا ان المسؤولية الطبية تطورت تطورا كبيرا، وأشار إلى ان مسؤولية الأطباء عن أخطائهم ما زالت تثير جدلا قضائيا وفقهيا في العديد من جوانبها من ناحية التفرقة بين الخطأ المهني والخطأ العادي، وقال ان علاقة الطبيب بالمستشفى العام والأخطاء الطبية في المستشفيات العامة بحاجة إلى إيضاح، فقد عرّفت محكمة التمييز الكويتية علاقة الطبيب بالمستشفى العام بأنها «علاقة التابع والمتبوع»، وقد قضت «التمييز» بمسؤولية وزارة الصحة باعتبارها متبوعة بالتضامن عن التعويض عن الأضرار التي أصابت المريض، وأضاف: «أما بالنسبة للممارسة الحرة لمهنة الطب (العيادات الخاصة) فهي علاقة عقدية في نطاق القانون الخاص، لكن الأمر يختلف في المرافق الصحية العامة التابعة للدولة، فلا توجد علاقة تعاقدية مع المرفق الصحي أو مع الطبيب المعالج، لذا هي علاقة تنشأ من خلال الخدمات الطبية التي تقدمها المؤسسات الصحية العامة باعتبارها مرفقا عاما يلتزم بإشباع الحاجات العامة للجمهور»، وأكمل: «ان أساس المسؤولية القانونية الإدارية للمرافق الصحية هو الخطأ والضرر وعلاقة السببية بوصفها شروطا للقيام بالمسؤولية الإدارية»، وتابع: «على الرغم من الاختصاص الأصيل للقضاء الإداري في النظر في دعاوى المسؤولية للمرافق الصحية العامة عن أخطاء الأطباء العاملين فيها، فإن القضاء العادي هو المختص في النظر في طلبات التعويض عن أخطاء الأطباء العاملين في تلك المرافق عندما يتعلق الأمر بالخطأ الشخصي للطبيب».
ترهق المحاكم
ومن جانبه بيّن المحامي فيصل العتيبي ان قضايا الأخطاء الطبية أصبحت ترهق المحاكم والمحامين ايضا لأنها في غاية الخطورة، على الرغم من ان احداثها واضحة، وأشار إلى ان المشكلة او فضائح الأطباء تتضح بعد ان يقوموا بتشخيص الحالات على انها امراض مزمنة، لكن بعد ذهاب المريض للعلاج في الخارج يتضح انه لا يعاني من أي مرض وما حدث مجرد تخمينات من مدّعي مهنة الطب، واوضح ان هناك عقوبات جزائية وتأديبية وربما إدارية تصدرها المحاكم في حق الأطباء التابعين لوزارة الصحة، مشيرا إلى ان العقوبة الجزائية تكون بسبب القتل الخطأ او الإصابة بالخطأ، وبعض هذه القوانين وردت في قانون الجزاء والقوانين الأخرى كقانون ممارسة المهنة، وأضاف: «لقد أباح قانون الجزاء الفعل شرط ان يكون لدى الطبيب ترخيص بمزاولة المهنة وفق الشروط والإجراءات»، وأكمل: «المادة 30 من قانون الجزاء الكويتي أشارت إلى انه يكفي الرضا مقدما من ولي النفس اذا كانت إرادة المريض غير معتبرة قانونا، اما إذا كان من الضروري إرجاء العمل الطبي في الحال لا غيره بالرضا إذا كان المريض في ظروف تجعله لايستطيع التعبير عن إرادته ومن المتضرر الحصول على رضا المريض».
وبيّن ان العقوبات التي نص عليها القانون تقع على الطبيب إذا ناول المريض مادة مخدرة بالخطأ أو تسبب بالخطأ في إصابة المجني عليه بآلام بدنية شديدة أو جعله عاجزا عن استعمال أي عضو من أعضاء جسمه، او تسبب خطأ بجرح المريض أو إلحاق أذى محسوس به من غير قصد بأن كان ناشئا عن رعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة للقوانين واللوائح.
لمن الضمانات؟
أما المحامي مزيد اليوسف فتحدث قائلا: «صحيح اننا بحاجة الى تقديم ضمانات للطبيب ضد مخاطر المسؤولية عن التعويض من باب توفير الاستقرار النفسي الذي يمكّنه من الإبداع، لكننا يجب أن نُقرّ بحقيقة مرة هي كثرة الأخطاء الطبية الصادرة عن أطباء يحتمون خلف المستشفيات العامة، واضاف: «اننا بحاجة ماسة الى حماية المريض وسط تلك المستشفيات العامة التي فيها حشد كبير ومعقد من الإجراءات المربكة، قد تعوق المريض من دون إثبات خطأ طبي مسّه من طبيب مهمل لم يراع ضميره في العلاج أو الجراحة أو حتى العناية بمريضه»، وأشار إلى أن خطأ الطبيب ينقسم إلى نوعين، خطأ «عادي» والآخر «فني»، والخطأ «العادي» هو الذي يصدر عن الطبيب أثناء أدائه اعمالا إدارية غير طبية، أما الخطأ «الفني» فهو الذي يقع منه بمناسبة أدائه لمهنته الطبية سواء أثناء العلاج أو الجراحة أو في مرحلة العناية بالمريض، وأكمل: «لقد أتيحت الفرصة لأول مرة عام 1977م أمام القضاء الكويتي للنظر في دعوى مسؤولية الطبيب عن خطئه، عندما أقيمت دعوى من أحد الأشخاص ضد طبيب كان يعمل في أحد المستشفيات الحكومية عندما تسبب بإعاقته جنسيا»، وزاد: «ان خطأ الطبيب ينظمه كل من القانون المدني بقواعده العامة المتعلقة بالمسؤولية المدنية عن الأخطاء التقصيرية والعقدية، كما ينظمه قانون تنظيم مهنة الطب»، وتابع: «طبقاً للقواعد القانونية المعمول بها في هذا الخصوص، فإن إثبات خطأ الطبيب «العادي» يعتمد على معيار الشخص العادي، أي اننا ننظر الى ما إذا كان الطبيب قد بذل عناية الشخص العادي (غير الطبيب) من عدمه، وما إذا كان قد صدر عنه إهمال أو تقصير ما كان ليصدر عن الشخص العادي، أما في مجال إثبات خطأ الطبيب «الفني» (أثناء العلاج أو الجراحة أو العناية بالمريض) فنرجع إلى الأصول الطبية المتبعة والمستقر عليها للنظر من خلالها في ما إذا كان الطبيب قد خرج عن تلك الأصول من عدمه، وهل كان سيقع في مثل خطئه طبيب آخر متوسط الكفاءة والخبرة يعمل في مهنته نفسها لو وضع في الظروف ذاتها التي كانت محيطة بالطبيب المنسوب إليه الخطأ»، وبيّن ان عبء إثبات خطأ الطبيب «العادي» أو «الفني» يقع على عاتق المريض، فمجرد الضرر الذي أصاب المريض لا يعتبر بحد ذاته دليلاً على خطأ الطبيب، وإنما يجب إثبات الخطأ بكل الوسائل القانونية المتاحة، بما فيها الاستعانة بالخبراء الطبيين وأخذ آرائهم في خطأ «فني» منسوب الى طبيب.
كيفية المساءلة
أشار القانونيون إلى انه يجب الانتباه الى مسألة غاية في الأهمية، فلو كان الخطأ المنسوب الى الطبيب يتعلق بمسألة طبية غير مستقر عليها فنياً ولم تثبُت قواعدها العلمية بعد، فإنه من غير الممكن مساءلة الطبيب عن خطئه «الفني» حتى لو سبّب ضرراً للمريض.
قانون الجزاء
يسأل الطبيب جزائيا في المحاكم الكويتية طبقا لأحكام قانون الجزاء الكويتي في المواد 161، 162، 164.
حبس وتعويض
العقوبات التي تقع على الأطباء مابين الحبس والتعويض، كما يقع التعويض أيضا على عاتق الدولة على أساس مسؤولية المتبوع (المستشفى الخاص) عن عمل التابع (الطبيب الخاص).
لنظر «القرارات السيادية» وقرارات المحسوبية وتصفية الحسابات.. قانونيون يطالبون بإنشاء هيئة للقضاء الإداري
إعداد: مبارك العبدالله
تطوير التشريعات وتعديلها أمر مشروع إذا جاء بعد دراسة تصب في المصلحة العامة، فالقرارات تخدم مجتمعا بأكمله ولا شخصانية فيها لكن تطور أساليب الحياة وتسارعها يفترض وضع بعض القرارات على طاولة الحوار القانوني لمناقشتها، ويتساءل البعض: لماذا لا تكون في الكويت هيئة للقضاء الإداري الهدف منها التوسع في إيجاد محاكم إدارية منعزلة لكنها تتبع السلطة القضائية، وتكون لهذه المحاكم الإدارية إختصاصات أوسع لنظر جميع القرارات، ومنها القرارات السيادية المتعلقة بالجنسية والإبعاد وقضايا البدون وغيرها التي دائما ما ترفض من المحاكم؟ ما المانع في ان ينظر القضاء الإداري في جميع قرارات الحكومة؟ وما سبب التخوف من ذلك مع اننا نثق بعدالة ونزاهة القضاء الكويتي الأقدر على تقييم تلك القرارات وما إذا كانت تحت مظلة القانون أو مجرد إفتراء وتصفية حسابات بين الأشخاص؟
«القبس» طرحت الموضوع على القانونيين الذين اتفقوا جميعا وأيدوا فكرة إنشاء هيئة للقضاء الإداري، بل طالبوا بسرعة تنفيذ هذا الأمر كما هو موجود حاليا في الدول المتقدمة.
في البداية أكد المحامي جليل الطباخ انه لا يطالب فقط بإنشاء محكمة للقضاء الإداري تكون متخصصة في دولة الكويت فحسب، إنما طالب بضرورة إنشائها في أقرب فرصة ممكنة.
أسباب المطالبة
وأوضح ان الأسباب التي تدعوه إلى المطالبة بذلك عديدة، حيث ان مجلس الدولة أنشئ في مصر عام 1946 وقد نشأ معه القضاء الإداري منذ ذلك التاريخ، وكانت هذه المدة الطويلة كافية لتستقر عدة مبادىء قانونية متعلقة بنظرية القرار الإدارية ونظرية العقد الإداري مع ما يتفرع من ذلك، وأضاف: «إذا كان القضاء الإداري وقد بدأ في الكويت منذ مدة بسيطة في صورة دائرة أو أكثر من دوائر المحكمة الكلية، فإن مجموع القضايا التي عرضت على هذه الدوائر وما استقرت عليه الأحكام الصادرة عن الدوائر الإدارية أمام محكمة التمييز من الكثرة بحيث يستلزم معها ان يكون هناك قضاء إداري متخصص ومستقل في المنازعات الإدارية»، وتابع قائلا: «كما انه ليست للدعوى الإدارية ملامح خاصة تتصل بموازين المصالح العامة والخاصة المطروحة بها وطرق الترجيح بشأنها وما يترتب على مبدأ العينية من آثار تتعلق بطبيعة الخصومة والقضاء فيها وطرق الإثبات، وكل ذلك يستلزم ان يكون هناك قضاء متخصص في القضاء الإداري»، وأشار إلى ان وجود قضاء إداري مستقل في الدول التي أخذت به قبل الكويت قام بجهد تعليمي وتثقيفي عام لنظريات القانون الإداري ومبادئه، وساهم في تطوير الحركة الفكرية العامة في هذا المجال من مجالات المعرفة القانونية المتخصصة.
المتعارف قانونا
وعما إذا كان يؤيد نظر المحاكم الإدارية لجميع القضايا ذات الطابع الإداري وتتعلق بأمور السيادة، أكد المحامي علي العصفور أن المتعارف عليه والمستقر عليه قانونا وقضاء أن القضاء لا يتطرق الى قضايا السيادة.
وأوضح أن مثل هذه المواضيع لا يمكن للأفراد رفع القضايا فيها لأنها بحكم الأمور السيادية، وتخرج عن نطاق القضاء. ومثل هذا الأمر مقبول، لأن السيادة تسمو على كثير من المبادىء المتعارف عليها، وهي تصرفات الغرض منها حفظ سيادة الدولة على أراضيها بما يضمن أمن هذه الدول وفق السياسات التي تنتهجها بما يخدم مصالحها وأهدافها وخططها وعلاقاتها مع المجتمع الدولي من ناحية، ومن التركيب الداخلي من ناحية أخرى.
واستدرك العصفور قائلا : ولكن يجب التفريق بين التعرض لأمور السيادة مثل الجنسية على سبيل المثال والأمور المتعلقة بالجنسية من جانب آخر، كأن يتم نظر الدعاوى المتعلقة بصحة المعلومات والبيانات الخاصة بالجنسين للأفراد المتقدمين لنيل الجنسية، والغرض من هذه المعلومات أمام القضاء بيان مدى صحة ما هو منسوب للأفراد من قيود أمنية أو معلومات جاءت عن طريق التدليس، أو أي معلومة أخرى توجد في ملف هؤلاء الأشخاص حتى يصدر فيها حكم قاطع من القضاء.
وتابع: الكثيرون ينازعون بصحة هذه المعلومات الموجودة في ملفاتهم، وتعيق حصولهم على الجنسية أو أي مستند آخر، وحتى يمكن سد مثل هذه الذريعة التي يتحجج بها الكثيرون بأن مثل هذه المعلومات كيدية وغير صحيحة، وبالتالي يغلق مثل هذا الباب الذي أصبح مهشما من كثرة الطرق عليه.
دور الهيئة
ومن جانبه أشار المحامي عبد الله العلندا إلى أنه من مؤيدي فكرة أن يكون في الكويت هيئة للقضاء الإداري، وأن يكون عملها تجهيز الدعوى وتمحيصها وتلخيصها وكتابة مذكرة فيها للمحكمة التي تنظرها.
وأضاف ان ذلك يعد عاملا مساعدا للقضاء الإداري الذي ينظر هذه القضايا، بحسب أن الفرع الوحيد من القانون غير المدون له قانون هو القانون الإداري.
وأكمل العلندا: المشرع سن قانونا إداريا فقط لإجراءات رفع الدعوى وطرق الطعن على القرارات الإدارية، ومواعيد هذه الطعون، وماهية القرارات التي تعتبر إدارية يجوز الطعن عليها أمام القضاء الإداري، ولكن لم يسن قانونا وضعيا بقواعد قانونية معينة تحكم المسائل الإدارية، وتفصل فيها وتلزم المحاكم الإدارية بها، وإنما تركها المشرع لسوابق الأحكام الإدارية سواء الصادرة من محاكم الكويت أو الدول المجاورة التي تعمل بقوانين إدارية مناظرة للموجودة لدينا.
وتابع: أيضا أؤيد أن تختص المحكمة الإدارية بنظر الطعن على القرارات المسماة بالقرارات السيادية كالجنسية والإبعاد وعدم إدخال غير المرغوب فيهم للبلاد، حتى لا تكون المسألة مزاجية بحتة لا قانون لها، ولأنه كلما اتسع ولاء القضاء على كل شيء في الدولة تقدمت الكويت وعلا شأنها، فما الذي يضيرنا أو يقلل من سيادتنا عندما يكون هناك قضاء كويتي ينظر في مسألة الإبعاد الإداري مثلا؟! أليس من الممكن أن يكون القرار خطأ؟ وما المانع أن ينظر القضاء الإداري عندنا في مسائل الجنسية؟
وأوضح المحامي محمد الأنصاري أن قانون السلطة القضائية نص على أنه «ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة».
وأضاف: ثم صدر قانون بإعادة تنظيم القضاء، وأكد أنه «ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة»، وعندما صدر المرسوم بقانون بإنشاء الدائرة الإدارية المعدل، جاء نص المادة الأولى منه متضمناً لنص في المادة الأولى على اختصاص الدائرة بمسائل محددة، واستثنى من اختصاصها بعض القرارات الإدارية.
وأكمل الأنصاري: وجاء نص المادة الخامسة على أن «الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية عدا القرارات الصادرة في مسائل الجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين وتراخيص إصدار الصحف والمجلات ودور العبادة»، وقد جرى القضاء على تكييف هذه الحالات المستبعدة من رقابة الإلغاء باعتبارها من أعمال السيادة.
وقال: أنا أؤيد إخراج أعمال السيادة من اختصاص المحاكم بكل أنواعها ودرجاتها صيانة للمصالح العليا للوطن وللدولة التي تسمو فوق أي اعتبارات أخرى.
وتابع: كما أنه يجب إنشاء مجلس دولة على غرار النظام المصري خلال السنوات الخمس القادمة، وليس إنشاء محكمة إدارية مستقلة، وذلك على اعتبار أن مجلس الدولة يضم جمعيتين عموميتين هما الجمعية العامة للفتوى والتشريع والجمعية العمومية للمحاكم، على أن يختص المجلس بإبداء الرأي والفتوى في ما تطلب الدولة أو الوزارات أو الهيئات العامة أو الشركات ذات الطابع الحكومي، بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للدائرة الإدارية الحالية بشأن النظر في القرارات الإدارية إلغاء وتعويضاً ومشروعية ما يتعلق بالقرارات الخاصة بتأديب الموظفين.
إصلاح الإعوجاج
أكد القانونيون أنه إذا اختص القضاء الإداري بنظر الطعون في القرارات الإدارية المسماة قرارات سيادية، فسيصح كل ما هو معوج، وسيكون القضاء هو الملاذ الأول والأخير سواء للكويتي أو المقيم.
استكمالا للحقوق
بيّن أهل القانون أن إنشاء هيئة قضاء إداري تنظر جميع القرارات التابعة للسلطة التنفيذية يعد استكمالا لمسيرة دعم حقوق الإنسان في الكويت بصورة يقوم بها التوازن الصحيح بين ضرورة حماية المصلحة العامة.
عبد المحسن القطان: تحمي الأفراد من القرارات المجحفةيؤيد المحامي عبدالمحسن القطان وجود هيئة للقضاء الإداري، وذلك لحماية أفراد المجتمع من القرارات الإدارية السلبية المجحفة بحق بعض المواطنين.
واضاف: من خلال أروقة المحاكم نجد الكثير من أحكام المحكمة الإدارية التي ألغت عدة قرارات لبعض مؤسسات وزارات الدولة، وأعادت الحقوق لأصحابها، ومنها الترقيات والبدلات وعلاوات الموظفين، وكذلك قرارات البلدية وغيرها يمكن ان تكون قد صدرت كمجاملات لبعض الأشخاص على حساب آخرين.
وزاد القطان: من وجهة نظري يجب إعادة النظر في اختصاصات المحكمة الإدارية، ليتوسع اختصاصها لتشمل بعض الأمور التي سميت أعمال سيادة للدولة كالجنسية والإبعاد والبدون، وعدم إدخال غير المرغوب فيهم للبلاد، فالواقع العملي أثبت أن تلك الأعمال تدخل فيها الكثير من المحسوبية والواسطة «الداء الكويتي المزمن»، وأصبحت تستغل أبشع استغلال من قبل أصحاب النفوذ.
• جانب من اقتراع الناخبين في الانتخابات الاخيرة لمجلس الأمة
إعداد: مبارك العبد الله
لبعض القوانين مثالب في عيون أهل القانون، ومن هذه القوانين قانون الانتخاب، فعلى الرغم من التعديل على مواده الذي بدأ منذ عام 1963 أي بعد إصداره بعام واحد، فإن من القانونيين من لا يراه ملائما للأجواء الانتخابية الحالية.
ومن تلك المواد التي يطالب القانونيون بتعديلها تلك التي تنص على عدم مشروعية تصويت العسكريين، بالإضافة إلى تعديل سن الناخب بحيث تكون أقل من 21 سنة، كما انهم يرون ضرورة في تحويل الدوائر الانتخابية إلى دائرة واحدة، لتلافي جميع السلبيات التي نواجهها عند كل انتخابات، وإيصال أهل الكفاءة والقدرة على انتهاج السياسة والخطاب الديموقراطي بالشكل الصحيح.
أيضا من ضمن التعديلات التي طالبوا بها ألا يكون شرط الترشح لانتخابات مجلس الأمة إجادة القراءة والكتابة فقط، مطالبين بتعديله ليكون عضو مجلس الأمة من أصحاب الكفاءات العالية.
مثالب كثيرة يأخذها القانونيون على قانون الانتخاب، موضحين انه يحمل نظرة شخصية لمصالح انتخابية للبعض، فيما رأى البعض الآخر فيه سلبيات أخرى ليس لها نهاية.
«القبس» طرحت قانون الانتخاب على طاولة المحامين الذين عددوا سلبياته وطالبوا بتعديله على الفور ليتلاءم وتكوين المجتمع الكويتي.
في البداية أشارت المحامية ذكرى الرشيدي إلى ان قانون الانتخاب نص على ان لكل كويتي يبلغ من العمر 21 سنة حق الانتخاب، أيضا يوقف حق الانتخاب بالنسبة لرجال القوات المسلحة الشرطة، وأضافت: «أنا كمحامية مع إدخال العسكريين وإعطائهم حقهم في التصويت، ومع ان يكون سن الناخب 18 سنة، بالإضافة إلى اننا نتمنى ان تكون الدائرة واحدة لنقضي على الكثير من السلبيات الموجودة في العملية الانتخابية من شراء الأصوات والعصبيات، كي يكون للأكفأ مجال لدخول البرلمان ولا يكون الانتخاب إلا بتأييد من كل شرائح المجتمع الكويتي، ويكون النائب ممثلا عن الأمة بأكملها وليس عن طائفة أو شرائح معينة»، وتابعت: «نحن اليوم نجد ان التعديل على قانون الانتخاب ضرورة يطالب بها الجميع، فلماذا لا تتحقق هذه الرغبة؟» مستدركة: «من غير المعقول ان يكون مستوى النائب الذي اشترطه القانون هو إجادة القراة والكتابة، فمن المفروض ان يكون لديه مؤهل علمي معين يساعده على المشاركة في ممارسة النشاط السياسي».
وأكملت الرشيدي: «نحن مع من يقول ان هناك أصحاب مؤهلات فشلوا في الساحة السياسية ولم يستطيعوا تغيير أو إضافة شيء يذكر، لكن وفي الوقت نفسه من غير المعقول ان تكون القراءة والكتابة هما الأساس، ولا تكون للمؤهل العلمي الأولوية».
تعزيز الطائفية
المحامي يعقوب الصانع أكد انه ضد توزيع الدوائر الخمس لأنه يعزز الطائفية والقبلية والعصبيات التي نراها الآن.
وقال ان الدائرة الاولى تتميز بالطائفية فيما تتميز الدائرتان الرابعة والخامسة بالقبلية، وقد أصبحت الفرعيات فيها هي مخرجات الانتخابات، وغير مبنية على الكفاءات، وتستند الى أعداد ابناء القبيلة او الناخبين الذين ينتمي اليهم المرشح، كما اننا اصبحنا مثالا حيا لتعزيز الطائفية والقبلية.
واشار الصانع إلى ان الهدف من الدوائر الخمس كان القضاء على ظاهرة شراء الاصوات والمحسوبية، ولكن وللاسف اصبحنا امام ظواهر أخطر من السابق وحسبما نراه في القنوات الفضائية من ظهور الطائفية والقبلية، وقال: «نتيجة لهذه السلبيات الواضحة التي نعانيها علينا ان نعيد النظر في تقسيم الدوائر الخمس وقانون الانتخابات وافرازاتها التي أشرنا اليها».
وطالب الصانع بأن تكون الكويت دائرة واحدة من خلال قوائم، فقد بات من الضروري تشكيل الأحزاب ووجود حزب يدعم الحكومة ويمثلها شأنه شأن الاحزاب الاخرى حتى تستطيع الحكومة طرح برنامجها التنموي.
وبيّن انه ما لم تكن هناك احزاب ودائرة واحدة فإن ديموقراطيتنا ستبقى عرجاء لأن الحزب الحاكم يمثل أغلبية المجلس، مستدركا بقوله: «بوجود الوضع الحالي من 50 نائبا و15وزيرا، كيف للحكومة تمرير مشروعات القوانين خصوصا ان الغالبية من الـ 50 معارضون؟! وحتى لو كان طرح الحكومة سليما لن ينفع».
وخلص إلى انه بات من الضروري إعادة النظر «والدليل على ذلك حل مجلس الامة 6 مرات، ثبت من خلالها عجز السلطتين عن وضع آلية التعاون بينهما، وذلك نتيجة التجاذبات القائمة ووجود أغلبية معارضة للحكومة التي لن تستطيع تمرير أي مشروع، والنتيجة هي اللجوء الى الحل الدستوري».
انحراف تشريعي
أما المحامي فهاد العجمي فأوضح ان قانون الانتخاب مليء بالمثالب، وأولها ان بعض مواده لا تحمل صفة التجريد والعمومية، لأنها كانت قد شرعت أو أقرت من قبل مجلس الأمة في أحيان معينة، وتحمل طابع الانحراف التشريعي الذي يطلق فنيا حينما يشرع عضو مجلس الأمة أو عدد من الأعضاء تشريعا معينا لمصلحتهم الخاصة، ومن تلك المصالح المصلحة الانتخابية، وأضاف: «لعل من أهم مثالب هذا القانون في العقوبات، مثلا، انه جعل من بعض السلوكيات التي لا تعتبر في نظر الفقه القانوني والجزائي على وجه الخصوص سلوكا شائنا يجب على المشرع التصدي له بالتجريم والتأثيم، كالتشاور مثلا أو إجراء التصفيات، ولا أقصد بذلك الانتخابات الفرعية»، وتابع قائلا: «كما ان هناك خطأ جسيما يعتري سياسة التجريم في هذا القانون، خصوصا انه اعتبر مجرد الشروع في جرائم الانتخاب جريمة تامة، وأوجب تطبيق العقوبة كاملة لمجرد الشروع في ارتكابها، وهو بهذا قد وقع في حمأة مخالفة الدستور من ناحية، كما وقع في مخالفة صريحة لسياسة التجريم والعقاب التي يعتنقها المشرع الكويتي من خلال بنود الدستور، كما اختصر مدة سقوط بعض جرائم الإنتخاب فجعلها قصيرة جدا تسقط الدعوى العمومية خلالها ما لم تحرك الدعوى العمومية فيها، وهو أيضا هنا خالف قواعد قانون الجزاء الأخرى وأقر قواعد جديدة خارج نطاقه».
واستطرد العجمي: «أيضا هناك التشريعات المؤازرة لقانون الانتخاب والتي تصدر بمراسيم على عجل ولا تحمل صفة التشريع أصلا، كالقانون الذي صدر بتجريم مجرد الدعوة للتشاور، في حين انه لم يجرم التشاور، أيضا من المثالب المهمة التي تبرز في كل انتخابات استصدار مرسوم ضرورة للسماح بالتصويت في شهادة الجنسية وهذا يحدث في كل انتخابات على حدة».
وانتهى إلى قوله: «نحن نأمل ان نصل إلى المحكمة الدستورية لأننا على ثقة بأنها ستقول كلمة في شأن الطعون بعدم دستورية قانون الانتخاب الذي يعتبر من القوانين والتشريعات المهمة، لأنه اللبنة الأساسية في العملية التشريعية، فمن خلاله يتم تشكيل السلطة التشريعية».
سن الانتخاب
بدوره اعتبر المحامي بدر باقر قانون الانتخاب والترشيح من القوانين التي تحتاج الى إعادة نظر وفقا لما يحتاجه الشارع الكويتي في الوقت الحالي، خصوصا شرط السن للمرشح الذي يحتاج الى زيادته الى سن اكبر من الثلاثين عاما وشرط القراءة والكتابة الذي يجب التشدد فيه ليصبح المرشح حائزا على شهادة دراسية لما بعد الثانوية العامة على الأقل وبعض الممارسات النيابية أكدت وجوب تغيير هذين الشرطين.
وأكمل قائلا: «أما بخصوص الدوائر الانتخابية فقد أثبتت التجربة المريرة على مدى السنوات السابقة ان هناك خللا واضحا في تقسيمة الدوائر الانتخابية والدليل ان وجوه النواب تتكرر على مدى الاعوام العشرين الماضية مما يخلق نوعا من الاحباط عند المجتمع الكويتي الذي لطالما نشد التغيير».
وأشار إلى ان وجود تقسيمة الدوائر الحالية وتعدد الاصوات للناخب سيعيدان مرشحي التأزيم الى قاعة عبد الله السالم وآن الاوان لتصبح الكويت دائرة واحدة وصوتا واحدا للناخب، وبذلك نخلق نوعا من الاحترام والقدسية لكرسي المجلس لأن النائب يكون مسؤولا من قبل جميع الكويتيين بدلا من ان يكون مسؤولا من قبل فئة من الناخبين سيدلون بأصواتهم له حتى إن اخطأ، وبناء عليه سيتخذ النائب احد الاسلوبين في ممارسته النيابية، اما الابتعاد عن التأزيم والمشاحنات غير المجدية مع السلطة التنفيذية والعمل على مصلحة البلد فقط، أو الابتعاد عن الكرسي.
روح الدستور
أكد القانونيون ان تطبيق الدائرة الانتخابية الواحدة هو الحل الأمثل، لأنه وبناء عليه سيعيد النائب النظر الف مرة في قراراته وتصرفاته قبل اتخاذها فنكون قد حققنا روح الدستور وأثبتنا ان الفرد جزء من أمة وليس جزءا من دائرة محتكرة له.
التعديلات
حسب الإحصاءات والبيانات القانونية فقد أدخلت على قانون الإنتخاب عدة تعديلات وكانت بالأرقام والسنوات كالتالي: 11 لسنة 1963، 67 لسنة 1966، 19 و 20 لسنة 1970، 2 لسنة 1972، 64 لسنة 1980، 101 لسنة 1983م، 130 لسنة 1986، 19 و 32 لسنة 1995.
المبادئ القضائية ومحكمة التمييز
إذا كانت للمواطنين في دولة ما مطالبات تجارية او مدنية او كانوا طرفا في نزاع عمالي، فإنهم اذا لم يواجهوا مبدأ قانونيا مستقرا يحسم مطالبتهم او منازعتهم، فإن الامر سينتهي بهم حتما الى ساحات القضاء، ليضيفوا الى المطروح على المحاكم آلافا جديدة من القضايا والمنازعات.
لهذا حرصت الانظمة القضائية المتقدمة في معظم الدول على التوصل الى قواعد لتوحيد المبادئ القانونية التي تحكم المنازعات، فهناك انظمة تقيم ذلك على الاعراف كالقضاء البريطاني، وهناك انظمة تنص في تنظيماتها القضائية على تشكيل هيئة قضائية تكون المرجع في تحقيق استقرار المبادئ القضائية، من ذلك التنظيم القضائي لمحكمة النقض الفرنسية والذي ينتظم جمعيتين عاديتين تسمى كل منهما حسب ترجمتها هيئة توحيد المبادئ، وقد سارت على هدى ذلك محكمة النقض المصرية التي تشكل هيئتها العامة من ثلاث دوائر من دوائر المحكمة.
وقد كانت محكمة التمييز الكويتية من اولى المحاكم التي تبنت هذا النظام فنصت المادة الرابعة من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بقانون 23-1990 على انه اذا رأت احدى دوائر محكمة التمييز العدول عن مبدأ قانوني قررته احكام سابقة صادرة عنها او عن الدوائر الاخرى احالت الدعوى الى دوائر المحكمة مجتمعة للفصل فيها وتصدر الاحكام بأغلبية الآراء.
وإذ اتسع نطاق العضوية في الجمعية العمومية لمحكمة التمييز عدل النص بالقانون رقم 2 لعام 2003 فجعل الهيئة التي يعهد اليها بالعدول عن مبدأ قانوني سابق مشكلة من احد عشر مستشارا من مستشاري محكمة التمييز يختارهم رئيسها الذي يرأس تلك الهيئة او من ينوب عنه.
هذا النص في قانون تنظيم القضاء الكويتي اريد به مواجهة حالة عدم الاستقرار في المبادئ القضائية، اذ ان احكام محكمة التمييز طبقا لنص القانون لا يجوز الطعن عليها، وصدور احكام عن دوائر المحكمة المتعددة مناقضة او مخالفة لمبادئ مستقرة في قضاء المحكمة يخلق حالة من البلبلة واختلاف الرأي مما يوسع من نطاق المنازعات القضائية كما ذكرنا، فضلا عن عدم تحقيق الاستقرار في العلاقات القانونية.
وقد لاحظ المشتغلون بالقضاء الجالس والواقف وفقه القانون ان المادة الرابعة من قانون تنظيم القضاء الكويتي المشار اليها لم توضع موضع التطبيق الفعلي رغم شديد الحاجة اليها، الامر الذي جعل المشتغلين بالقانون فقهاء وقضاة ومحامين يواجهون احكاما من محكمتنا العليا ذات مبادئ قد يصل بها الاختلاف الى حد التعارض في المسألة القانونية الواحدة.
وهو امر جد خطير، يدعونا الى ان نتوجه الى رئيس محكمتنا العليا الموقرة ـ محكمة التمييز ـ واعضاء المحكمة وهم من خيرة رجال القضاء مناشدين إعمال هذا النص تحقيقا لتوحيد المبادئ القضائية واستقرارا للحقوق والالتزامات.
قانونيون نفوا أن يكون غرضها إفلاته من العقاب الحصانة البرلمانية..هل تعفي النائب من المساءلة الجزائية
الحصانة لا تحمي النائب من كل شيء
إعداد: مبارك العبدالله
يعتقد بعض المرشحين انهم بمجرد فوزهم في الانتخابات البرلمانية ووصولهم إلى قاعة عبد الله السالم فإن حصانتهم البرلمانية ستحميهم من العقاب، ولا خوف من القضايا المرفوعة ضدهم سواء كانت تتعلق بشؤون الانتخابات أو التعدي على القانون أو غيرها.. لكن الأمر في الواقع غير صحيح، وعلى عكس ما يعتقده البعض ان الحصانة البرلمانية تجعل النواب يتمترسون خلفها من دون أي خوف، فإن هناك حالات استثناها المشرع وأجاز في حالة الجرم المشهود ان تتخذ بحق العضو إجراءات التحقيق أو القبض أو حتى الحبس.
ويتضح من القوانين التي وضعها الدستور ان النائب منح الحصانة ليستطيع من خلالها طرح ما يشاء من الأفكار، لكنها تبقى حصانة غير مطلقة.
والحصانة التي تعرف بمفهوم المناعة، قد يكون الهدف منها أحيانا تأجيل تحريك الدعوى إلى حين الحصول على إذن من مجلس الأمة، ويبقى النائب لا يمثل نفسه في الحصانة وإنما يمثل الشعب، ولذلك وضعت له الحصانة لحماية الشعب.
«القبس» طرحت موضوع الحصانة البرلمانية على بعض القانونيين لمعرفة مدى صحة ما يشاع انها تحمي النائب أو تعفيه من المساءلة الجزائية، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية تحدث المحامي لبيد عبدال عن حدود الحصانة البرلمانية في الدستور ،مشيرا إلى ان المادة 108تنص على ان عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها ويرعى المصلحة العامة، ولا سلطان لأي هيئة عليه في عمله في المجلس أو لجانه.
وأضاف: «بعد ذلك جاءت المادة 110 لتقرر ان عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والافكار في المجلس او لجانه، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك في اي حال من الاحوال، وألحقت بذلك المادة 111 لتنظم حدود الحصانة البرلمانية وتنظمها حيث تقرر انه لا يجوز اثناء دور الانعقاد في غير حالة الجرم المشهود، ان تتخذ نحو العضو اجراءات التحقيق او التفتيش او القبض او الحبس او اي اجراء جزائي آخر الا بإذن المجلس».
ليست مطلقة
وتابع عبدال: «ويتعين إخطار المجلس بما قد يتخذ من إجراءات جزائية أثناء انعقاده على النحو السابق، كما يجب إخطاره دوما في اول اجتماع له بأي إجراء يتخذ في غيبته ضد أي عضو من أعضائه، وفي جميع الاحوال اذا لم يصدر المجلس قراره في طلب الإذن خلال شهر من تاريخ وصوله اليه اعتبر ذلك بمنزلة إذن».
وبيّن انه يتضح من تلك النصوص ان عضو البرلمان لديه حرية فيما يتناوله من مواضيع داخل قبة البرلمان، ولكن ليس بصورة مطلقة ومن دون قيود، فالعضو في البرلمان لديه حصانة حتى يمارس دوره الطبيعي في الرقابة على أعمال الحكومة ونقد وتقويم حالات الخلل والإنحراف، واستطرد: «بل ان تلك الحصانة تكون لضمان أداء دوره من دون معوقات او خوف، خاصة عند كشف حقائق او توجيه اتهامات لأفراد أو وزراء عن قضايا ذات خطورة وتمس المصلحة العامة»، واستدرك قائلا: « لكن ذلك لا يمنع بأي حال رفع الحصانة إذا ما ارتكب عضو مجلس الأمة جريمة، ولا بد هنا من اخذ إذن من المجلس، وخاصة إذا لم نكن أمام حالة الجرم المشهود، حتى يساءل كفرد عادي عما نسب إليه من جرم، ولا تكون الحصانة سببا للخروج عن القانون أو تجاوزه».
وأوضح ان رفع الحصانة للتحقيق الجنائي لا يؤثر على العضوية البرلمانية وممارسة دور العضو في الرقابة، ما لم يصدر حكم نهائي ضده بجناية، أو بجريمة مخلة بالشرف والأمانة، بحيث تؤدي إلى ضرورة إسقاط العضوية وعدم الاستمرار في البرلمان.
الشروط
من جانبه ذكر المحامي عادل قربان ان المشرع أعطى للنائب أو من يمثل الشعب في مجلس الأمة الحصانة البرلمانية ليقول ما يشاء، فهو حر فيما يبديه، ولكن ذلك مشروط بأن يكون هذا القول في قاعة عبد الله السالم فقط.
وبيّن ان القوانين شرّعت عامة ومجردة وتطبق على الجميع فلا أحد فوق القانون، لكن الحصانة البرلمانية مسألة إجرائية تنظيمية ليس الغرض منها إفلات النائب من العقاب أو من تطبيق القانون عليه.
وقال قربان ان الحصانة البرلمانية شرعت حماية للنائب لطبيعة الأعمال والمهام الموكلة إليه باعتباره ممثلاً للأمة، ولكن إذا أتى النائب بالأفعال المجرّمة قانوناً، فإن الحصانة لا تعفيه من تطبيق قانون الجزاء عليه، ولكن كل ما في الأمر ان هناك خطوات يجب اتباعها لمباشرة الإجراءات القانونية الجزائية ضد النائب، أولى هذه الخطوات تقديم طلب لمجلس الأمة لرفع الحصانة عن النائب ويناقش هذا الطلب في المجلس.
وبحسب قربان فإنه إذا لم تتم الموافقة على طلب رفع الحصانة، علينا الانتظار الى حين فض دور الانعقاد، وعليه يصبح النائب أثناء العطلة البرلمانية أو أثناء انتهاء الفصل التشريعي بانتهاء الدورة البرلمانية شخصا عاديا يُساءل ويُحاكم من دون أخذ الإذن برفع الحصانة، أما إذا تمت الموافقة على رفع الحصانة عن النائب من قبل مجلس الأمة، فإنه يقدم للمحاكمة على الفعل المجرّم الذي ارتكبه، لأن القانون لا أحد فوقه، ويجب ان يُحترم خاصة من واضعيه وهم النواب أعضاء السلطة التشريعية.
وأكمل قربان: «هناك استثناء من وجوب أخذ موافقة المجلس على رفع الحصانة أو الانتظار الى حين العطلة البرلمانية وبعدها يُساءل النائب، وهذا الاستثناء هو في حالة الجريمة المشهودة، فيجوز تفتيش النائب والقبض عليه ومحاكمته، وقد نظّم الدستور الكويتي تلك الحالة في مواده القانونية».
المساءلة الجزائية
وعما إذا كانت الحصانة البرلمانية تحمي النواب من المساءلة الجزائية أكد المحامي عبيد العنزي ان هذا الموضوع تناوله المشرع في المواد من 19 إلى 23 من القانون رقم 12 لسنة 1963، بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الامة التي فرق فيها بين ما يبديه العضو من الآراء والافكار في المجلس او لجانه، حيث قرر انه لا تجوز مؤاخذة العضو على ذلك بأي حال من الاحوال.
وقال العنزي: «أما بشأن المساءلة الجزائية عن عدا ما تقدم فبداية لا بد ان نقرر انه ليس هناك احد فوق القانون، ذلك ان الدستور قد قرر ان العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، وان الناس سواسية في الكرامة الانسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات، وبالتالي فإن عضو مجلس الامة يساءل جزائياً مثله مثل أي أحد من عامة الشعب»، وأكمل: «بل الأكثر من ذلك ان المشرع أجاز في حالة الجرم المشهود ان تتخذ نحو العضو اجراءات التحقيق او التفتيش او القبض او الحبس او اي اجراء جزائي آخر، وفيما عدا هذه الجريمة المشهودة فقد حظر المشرع أثناء دور الانعقاد اتخاذ مثل هذه الاجراءات ضد العضو الا بإذن المجلس الذي يجب ان يصدر قراره بالموافقة على رفع الحصانة خلال شهر من تاريخ وصول الطلب منه، بالموافقة على رفع الحصانة من الوزير المختص او ممن يرد رفع دعواه الى المحاكم الجزائية، وإذا لم يرد المجلس خلال هذا الشهر اعتبر ذلك بمنزلة إذن».
أعضاء مجلس الأمة.
الحصانة والمساءلة أكد القانونيون انه لا بد من الإشارة إلى ان هناك بعض التجارب العملية للمساءلة الجزائية لبعض اعضاء مجلس الامة كشفت ان الحصانة البرلمانية لم تحمهم من هذه المساءلة الجزائية. التنازلأوضح القانونيون ان النائب لا يحق له ان يتنازل عن حصانته البرلمانية باختياره وإن كان متأكدا من براءته، لأنه لا يمثل نفسه بل يمثل الأمة، ويكون ذلك الطلب مشروطا بموافقة غالبية
هناك ظاهرة طفت على سطح الساحة القانونية وأثارت الانتباه أخيرا، فللمرة الأولى أصبحنا نرى أحكاما تقضي بحبس مذيعين ومعدي برامج مع وقف النفاذ، بالاضافة الى ما شاهدناه أخيرا في جرائم الانتخابات الفرعية من صدور أوامر بضبط واحضار مذيع في قناة فضائية، فهل هذا الأمر ينذر بأوامر أخرى مماثلة أم أنه خطأ قانوني غير مسبوق؟
البعض يستغرب مثل هذه الأحكام أو أوامر الضبط والاحضار، لأن الاعلام هدفه معروف، وهو بعيد عن المساءلة القانونية الا في حال تعديه الصارخ على القانون لأن دوره توجيه النصح، كما انه حال الاعلام لن تُصلح الا اذا تم تحريره من القيود وألوان السيطرة والهيمنة كما هي الحال في الديموقراطيات المعاصرة التي تجاوزت قيود الرقابة المباشرة وغير المباشرة ووفرت مناح الحرية للاعلام لإثراء الحياة والثروة البشرية.
ازاء هذه الأحداث ارتأت «القبس» طرح تساؤل على أهل القانون عما اذا كان قانون المرئي والمسموع معيبا ويحتاج التعديل ليواكب عصر التطور في بعض مواده، أم ان هناك اعلاميين لا يعرفون مسؤولياتهم ويعتقدون ان كل ما يخطر على بالهم يمكن طرحه في القنوات الفضائية.
في البداية قال المحامي علي العصفور ان ما نشاهده هذه الأيام من عمليات ضبط واحضار لكثير من مقدمي ومعدي البرامج في الفضائيات أمر غير مستغرب خاصة اذا ما علمنا ان هناك قانونا ينظم عمل هذه الفضائيات من حيث كيفية انشائها مروراً بالمحظورات وانتهاء بالعقوبات المترتبة على مخالفة هذا القانون.
وأضاف: «القانون كان واضحاً وصريحاً بشأن الامور التي يعاقب عليها، واذا كان هناك جهل من بعض القائمين على هذه القنوات فهو جهل لا يعتد به القانون ولا يمكن التذرع به للتهرب من الفعل المؤثم».
وأكمل العصفور: «القانون حدد الاشخاص الذين يوجه اليهم الاتهام، وهم تحديداً مدير عام القناة ومعد البرامج ومقدمها، وكذلك كل مسؤول عن البث، وحدد عقوبات تصل الى حد الحبس والغرامة، فأوامر الضبط والاحضار هذه الايام نتاج دعاوى جزائية تم تحريكها من قبل المتضررين من بعض البرامج أو من خلال وزارة الاعلام المعنية بالرقابة على هذه الفضائيات، وبمجرد تقديم الشكوى الى النيابة العامة تقوم النيابة بالتحقيق فيها ومن ثم طلب القائمين على هذه القناة للتحقيق معهم وسماع أقوالهم، وهي اجراءات سليمة وفق القانون سواء قانون الاجراءات الجزائية أو القانون المنظم للاعلام المرئي والمسموع».
اللائحة التنفيذية
من جانبه أوضح المحامي فهاد العجمي ان من أهم الملاحظات على قانون الاعلام المرئي والمسموع انه أحال كثيرا في تنظيم القواعد الموضوعية الى اللائحة التنفيذية التي يصدرها الوزير ومن المفترض ألا تتجاوز تنظيما وتنفيذا لمواد هذا القانون، وبيّن انه لا يجوز ان تأتي هذه اللائحة بقواعد موضوعية اضافية تعتبر خروجا على نصوص مواد القانون، وتزودا غير محمود بما معناه اطلاق يد الوزير المختص في إقرار بعض المواد التي لم يأت بها القانون أصلا، وهو الأمر الذي يشكل خروجا على ارادة المشرع وافتئاتا عليها بوسيلة تشريعية أدنى من القانون وهي اللائحة التي يصدرها الوزير.
وأضاف العجمي: «لعل من أسوأ ما جاء في هذا القانون الرقابة المسبقة على المادة الاعلامية، حيث منحت الوزارة حق منع البث ووقف أي برنامج بلا ضوابط دقيقة، وهو المذهب الذي تجاوزته التشريعات الأخرى ولم تقره وأبرزها قانون المطبوعات والنشر رقم 3 لسنة 2006».
وأكمل: «ويعتبر ذلك خروجا عن القواعد العامة في التجريم، بما مفاده الخروج على منظمومة التشريعات الجزائية التي يعتنقها المشرع الكويتي وخصوصا قواعد المسؤولية الجنائية، حيث استثنت نصوص القانون المرخص له أو صاحب القناة من المساءلة القانونية لتقصيرها على مدير عام القناة والمعد ومقدم المادة الاعلامية، بالاضافة الى أي عقوبة أشد نصت الفقرة 1 من المادة 13 من القانون على عقوبة المشار اليهم دون صاحب القناة بالحبس والغرامة التي تصل الى 20 ألف دينار، مغفلة بذلك قواعد المسؤولية الجنائية للمدفوع عن أعمال تابعة، وهو صاحب القناة أو الترخيص».
وختم بأنه يجب الاشارة الى أن القانون استثنى بلا مبرر من تطبيق مواده، وفي المادة 16 منه الاعلام المرئي والمسموع الذي يتم وفقا للاتفاقيات الاعلامية (التي تبرمها الوزارة) مع القنوات أو المحطات الأجنبية، وهو الأمر الذي يسلب عن قواعد هذا القانون صفة العمومية التي يجب أن تكون للتشريع، حيث انه يجب أن يكون الجميع وكل من هو في ذات المركز القانوني مخاطبين بقواعد القانون ولا يستثنى من هذا الخطاب أحد، ومن غير المقبول منطقيا تطبيق القانون على المحطات والقنوات ذات الترخيص المحلي واستثناء المحطات الأجنبية التي تشترك في منافسة مع تلك المحلية وتبث برامجها في الكويت، من تطبيق القانون.
جرائم الإعلام
وبدوره، اوضح المحامي يعقوب الصانع أن المقصود بجريمة الصحافة هو الجرائم التي ترتكب عن طريق وسائل الاعلام «المسموعة والمرئية والمكتوبة» وهذه الجرائم لا تختلف في طبيعتها الاجرامية عن غيرها من الجرائم وهي تخضع كأصل عام لنصوص قانون الجزاء.
وبين أنه يقصد بالجريمة القيام بعمل أو الامتناع عن عمل صادر عن ارادة حرة مختارة نص عليه قانون الجزاء والقوانين المكملة له وقرر له المشرع جزاء جنائياً، كما أن السمة المميزة لجرائم الصحافة هي ركن العلانية.
وأضاف ان جريمة النشر يشترط فيها فضلاً عن الأركان العامة للجرائم ركن العلانية، والقصد الجنائي، اذ أن هذه الجرائم لا تقع الا عمدية، فالعلانية والقصد الجنائي ركنان مشتركان بين الجرائم التي تقع من خلال النشر، مثال ذلك أن جريمة السب والقذف والتحريض تقوم على ذات العناصر والأركان سواء ارتكبت بواسطة النشر أو بطريق آخر.
وقال الصانع: ومن جماع ما تقدم يتبين أن جرائم الصحافة وهي تعني وسائل الاعلام «المسموعة والمرئية والمكتوبة» تخضع للقانون العام، وهو قانون الجرائم، ومن ثم فاذا ارتكب الصحافي أو رئيس التحرير جريمة من جرائم الصحافة فانه يخضع للقبض عليه والتحقيق معه ومحاكمته طبقاً لقانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، طالما أنه ارتكب جريمة من جرائم الصحافة، وينطبق عليه نصوص قانون الجزاء، ويتبع في حقه قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية التي حددت اجراءات القبض على المتهم والتحقيق معه وتقديمه للمحاكمة.
واستطرد: اننا نؤيد حرية الاعلام وحق التعبير عن الرأي، بل انني أطالب بمزيد من الحرية لهذه المهنة لما لها من دور فعال ومهم في بناء المجتمع وتحقيق الصالح العام، ولكن يجب ألا تؤخذ هذه السمة وهي سمة من سمات المجتمع الحضاري ذريعة للتعرض للأشخاص من خلال التجريح والاتهام، فان الصحافة هنا تخرج من اطارها بل انها تدخل في اختصاص واطار سلطات أخرى منحها القانون هذه السلطة وفق اجراءات معينة.
الحذر واجب
أما المحامي عبدالله العلندا فقد أكد أنه ينبغي على القائمين على هذه الفضائيات الحذر وتجنب كل ما يمس الاخرين، سواء من ذكرهم القانون على وجه الحصر أو على العموم.
وأكمل: وعليه نظراً لحرص المشرع على المجتمع وحماية أفراده كان لا بد من وضع ضوابط وقواعد قانونية لتنظيم هذه الحرية لتحقيق المصلحة المرجوة من هذه المهنة.
الرقابة الإعلاميةبين بعض القانونيين أن المشرع لا يمكن أن يترك المجتمع من دون حماية والا أصبحنا في مجتمعات جاهلية وغير متحضرة وتفتقر لأبسط قواعد العدالة والنظام، ولا يمكن كذلك ترك هذا الغول المخيف والمتمثل بالاعلام من دون رقابة تفرض عليه ومن دون ضوابط يلتزم بها.
افتراض المسؤولية
كررت المادة 11 من القانون ماهو محظور أو مجرم، خصوصا ما ورد من أفعال مجرمة حسب القانون 31 لسنة 1970 وهي المواد المتعارف على تسميتها بجرائم أمن الدولة، والغريب هو افتراض المسؤولية في جانب معد البرنامج أو مقدم المادة الاعلامية من دون مراعاة لظروف البث المباشر.
استدعاء بدلا من الضبطأكد القانونيون أنه نتيجة لقانون المرئي والمسموع رأينا ظواهر لم تكن موجودة في السابق وهي ضبط وإحضار المذيعين ومقدمي البرامج، في حين أنه كان من المفترض أن يكتفى بطلب المذيع أو المسؤول عن القناة على اعتبار أن المذيع تابع له وليس مسؤولا مباشرا عن المادة الاعلامية.القبس
المحامي نواف الياسين يسجل 6 ملاحظات على قانون الديوان: كيف يختصم «المحاسبة» الوزارات ويكون الحكم مجلس الوزراء ؟
القبس
نواف الياسين
طالب عضو الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام المحامي نواف سعود الياسين بإجراء تعديل على قانون ديوان المحاسبة يخول له تقديم البلاغات المباشرة عن اي تجاوز او اهمال جسيم يقع على المال العام، لانه الجهة الفنية الاولى والمستقلة المسؤولة عن الرقابة على السياسة المالية للدولة.
جاء ذلك في ورقة قانونية تحت عنوان «قراءة قانونية في قانون إنشاء ديوان المحاسبة»، وقد حصلت «القبس» على نسخة منها.
وطرح الياسين في ورقته 6 ملاحظات بعد تسليط الضوء على اهم النصوص القانونية الواردة في القانون المنشئ لديوان المحاسبة، وهو القانون الذي يحمل رقم 30 لسنة 1964، وجاءت هذه الملاحظات كالتالي:
أولا
قرر المشرع ان مجلس الوزراء هو المرجعية للفصل في الخلافات التي قد تنشأ بين الديوان والجهات الخاضعة لرقابته، حيث نصت المادة 33 «اذا وقع خلاف بين الديوان واحدى الوزارات او المصالح او الادارات او المؤسسات او الهيئات العامة بشأن الرقابة التي يمارسها الديوان، يعرض الامر على مجلس الوزراء للبت فيه، ويعمل بالقرار الذي يصدره هذا المجلس». ونص هذه المادة يقرر ان مجلس الوزراء هو صاحب سلطة الفصل في الخلاف الذي قد يقع بين ديوان المحاسبة والوزارات او المصالح او الادارات او المؤسسات او الهيئات العامة بشأن الرقابة. وهذا فيه عيب خطير فلا يجوز ان يكون مجلس الوزراء المؤلف من وزراء الدولة هو الخصم والحكم، لان هذه الجهات المختلفة مع الديوان يكون الوزراء هم القائمون عليها سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة.
لذلك يجب على المشرع تعديل هذا النص بجعل السلطة التشريعية سلطة الفصل بين ديوان المحاسبة والوزارات أوالمصالح او الادارات او المؤسسات او الهيئات العامة في مسائل الرقابة عليها، مع الاخذ في الاعتبار عدم تمكين الوزراء من التصويت على اي من قرارات المجلس في هذا الشأن. او ان يحال هذا الخلاف برمته للسلطة القضائية للفصل فيه، فهي السلطة الاصلية المختصة بالفصل في النزاعات على ان تنشأ لهذه الخلافات هيئة قضائية مختصة وقد يكون تشكيلها مختلطا، وذلك لسرعة الفصل في هذه الخلافات والمنازعات .
ونؤكد في الوقت ذاته، ان الصلاحيات الممنوحة لديوان المحاسبة بنصوص قانون انشائه والخاصة بمسائل الرقابة والتفتيش، تحتاج الكثير من التعديلات مما يساعد الديوان على القيام بما هو مطلوب منه وبشكل فعال. ونذكر على سبيل المثال ما قررته المادة 16 من حظر قيام الديوان بعمليات الجرد للمخازن او المستودعات العامة او الخزائن العامة بمفرده، او حتى المشاركة بهذا الجرد انما يقتصر دوره على المراقبة من دون المشاركة. وكذلك ما ورد في نص المادة 29 «يكون للديوان الحق في ان يراجع او يفحص عدا المستندات والسجلات المنصوص عليها في القوانين واللوائح والتعميمات المالية، اي مستند او سجل او اوراق اخرى يرى انها ضرورية ولازمة للقيام باختصاصاته على الوجه الاكمل». فهذا النص أتى قاصرا ولم يوسع من صلاحيات الديوان اثناء قيامه بعملية المراجعة او الفحص للمستندات، فلم يورد النص حكما يقرر فيه السماح للفاحص بالتحفظ على اي مستند يكون من المهم التحفظ عليه، او حتى اخذ نسخة منه.
ثانياً
إن قصر الرقابة على الاموال العامة على ديوان المحاسبة واقسام التدقيق المحاسبي داخل وزارات الدولة، هو امر غير كاف لتحقيق مستوى مرتفع من الحماية للأموال العامة، وذلك لأن الدور الأساسي في ايصال المعلومات الدقيقة للتجاوزات التي قد تقع على المال العام يكون من خلال القائمين والمتعاملين والمراقبين الفعليين على هذه الأموال العامة، سواء كانوا من القائمين على جبايتها، أو المقدر لهم شؤون الانفاق منها، ونقصد في هذه النقطة جميع الموظفين العاملين في الجهات الخاضعة لرقابة الديوان، ولا تكفي النصوص القانونية الملزمة بضرورة الابلاغ عن أي تجاوز على الأموال العامة سواء تمثل ذلك في صورة خلل في الجباية أو فساد في الانفاق أو الاهمال، فإن كل ذلك لن يكون كافيا لقيام هؤلاء الموظفين أو القائمين على الأموال العامة بالتبليغ عن أي تجاوزات عليا للمال العام يرصدونها من دون وجود محفز يتمثل في ايجاد ضوابط قانونية تحمي المبلغين من أي عقوبة إدارية أو تأديبية أو حتى عقوبة نفسية قد تقع عليهم من مرؤوسيهم أو زملائهم في العمل.
ثالثاً
اما في ما يتعلق بالرقابة الشعبية العامة، التي قد يقوم بها أي شخص من عامة الشعب اذا وقع اهمال جسيم أو تجاوز على المال العام، له ان يتقدم إلى النيابة العامة أو ديوان المحاسبة بالتبليغ عن تلك التجاوزات، وهو نص تشريعي قرره المشرع، كما أسلفنا في نص المادة 18 من قانون حماية الأموال العامة، وهذا أيضاً جزء يجب تفعيله وتنشيطه في سبيل اظهار مواقع الخلل والتجاوز الذي قد يقع على المال العام، ونعتقد انه يجب التوعية بأن ديوان المحاسبة الجهة التي يمكنها ان تتلقى أي بلاغ يتعلق بالاعتداء على المال العام من قبل المواطنين أو المقيمين أو أي أطراف خارجية تريد الادلاء بأي معلومات تتعلق بالأموال العامة الكويتية المستثمرة في الخارج والخاضعة لرقابة الديوان، بحيث تكون هذه الوسائل أو طرق الاتصال مع الديوان ميسرة وبسيطة وواضحة للجميع، وفيها شيء من السرية تطمئن المبلغ من خلالها بعدم تعرض أي جهة من الجهات له.
رابعاً
قرر المشرع الكويتي قيداً خطيراً وغير مبرر بحجب رقابة ديوان المحاسبة عن الجهات المنصوص عليها في المادة 5 البند «رابعا: الشركات أو المؤسسات التي يكون للدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة الأخرى، نصيب في رأسمالها لا يقل عن 50% منه، أو تضمن لها حدا أدنى من الأرباح». وذلك في المسائل المنصوص عليها في المادة 10منه يختص الديوان بفحص ومراجعة القرارات الصادرة في شؤون التوظيف بالجهات المشار اليها بالبنود أولا وثانيا وثالثا من المادة الخامسة، والخاصة بالتعيينات والترقيات ومنح العلاوات والتسويات والبدلات والمرتبات الاضافية وما في حكمها، وكذلك بدل السفر ومصاريف الانتقال، وذلك للاستيثاق من صحة هذه القرارات ومطابقتها لقواعد الميزانية وسائر الأحكام المالية والقوانين واللوائح والقرارات المنظمة لموضوعها.
وهذا الاستثناء هو استثناء يخالف توجهات وأهداف الديوان ويحجب رقابته عن هذه الجهات التي تقوم بالانفاق من الأموال العامة على الأوجه الخاصة بشؤون التوظيف وما سيتتبعها من شؤون منصوص عليها في صلب المادة 10من القانون. لذلك فإن من الواجب على المشرع الكويتي تدارك هذا الخطأ التشريعي غير المبرر لا من ناحية المنطق ولا من ناحية المصلحة ولا يوجد ما يدعو إلى غل يد ديوان المحاسبة عن الرقابة على هذه الأموال.
خامساً
اعطاء دور أكبر لمؤسسات المجتمع المدني بشكل عام والمؤسسات المدنية المتعلق نشاطها أساسا بالأموال العامة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، بشكل خاص مثل جمعية حماية المال العام وجمعية المحامين الكويتية وجمعية المحاسبين الكويتية وجمعية الصحافيين الكويتية ونقابات العمال، ويكون ذلك من خلال ايجاد لجان مشتركة تجمع ما بين هذه المؤسسات وديوان المحاسبة، بحيث يمكن تداول المعلومات الخاصة بالأموال العامة، وتكون هذه اللجان حلقة وصل وتنسيق للوصول للتكامل المنشود في سبيل المحافظة على الأموال العامة، وايضاً كما ذكرنا أعلاه فإن قانون ديوان المحاسبة قرر في المادة 22 ان التقارير التي يعدها الديوان تقدم لجهات محددة كما هو مبين في القانون وهو نص تشريعي معيب يحجب الرقابة الشعبية عن الكافة التي تتمثل في حق هذه الجهات وعموم المواطنين بالاطلاع على هذه التقارير، ومراقبة مدى سلامة الانفاق وجودة الجباية للأموال العامة، وهنا نشير إلى عدم وجود نص قد يستند عليه للادعاء بسرية التقارير الصادرة من ديوان المحاسبة، وذلك ان الأصل في الأمور الاباحة ومن الواجب نشر هذه التقارير على الكافة، اعمالا لمبدأ الشفافية وتفعيلا للرقابة الشعبية العامة.
سادسا
ان أكثر ما لمسته من عيب خطير في هذا القانون هو حجب صلاحية ديوان المحاسبة في التقدم بشكل مباشر إلى النيابة العامة بالتبليغ عن التجاوزات، أو الاهمال الجسيم الذي قد يتوصل اليه بمناسبة قيامه باختصاصاته الرقابية، ذلك ان القانون لم يخول الديوان اللجوء الى النيابة العامة بتقديم الشكاوى الجزائية ضد الجهات التي يقوم بالرقابة عليها، والتي قد يجد ان فيها تجاوزا او اهمالا جسيما وقع على المال العام، وقصر دوره كما ورد في نص المادة 22 على تقديم التقرير او التقارير التي يعدها الى مجلس الامة، وهو جهة تشريعية ورقابية قد تتداخل فيها الاهواء السياسية وتتقاطع فيها المصالح فهي ليست جهة رقابية خالصة ومحايدة على الرغم من وجود لجنة متخصصة، بنص القانون، لمراقبة الاموال العامة والتدقيق على ملاحظات الديوان.
أما فيما يتعلق بالجهة الاخرى التي يسلم اليها تقرير الديوان فهي مجلس الوزراء، فمجلس الوزراء يتكون اساسا من الوزراء، وهم القائمون على رأس الجهات التي خضعت للتدقيق الاداري والمالي من قبل الديوان، فهي تكون ذات الجهات التي وردت عليها ملاحظات تقرير ديوان المحاسبة، لذلك فمجلس الوزراء لا يصلح ان يكون الحكم وفي الوقت نفسه، هو خصم فيما يتعلق بهذه التجاوزات، وعليه فإن حياد مجلس الوزراء من الناحية المنطقية يشوبه شيء من النقصان.
المطلوب
1 - منح الديوان حق اللجوء الى النيابة عند رصد التجاوزات.
2 - إعلان تقارير الديوان ونشرها، اعمالا بمبدأ الشفافية.
3 - إخضاع كل الجهات التي تشارك الدولة في رأسمالها بأي نسبة للرقابة.
المحامي نواف الياسين يسجل 6 ملاحظات على قانون الديوان: كيف يختصم «المحاسبة» الوزارات ويكون الحكم مجلس الوزراء ؟
القبس
نواف الياسين
طالب عضو الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام المحامي نواف سعود الياسين بإجراء تعديل على قانون ديوان المحاسبة يخول له تقديم البلاغات المباشرة عن اي تجاوز او اهمال جسيم يقع على المال العام، لانه الجهة الفنية الاولى والمستقلة المسؤولة عن الرقابة على السياسة المالية للدولة.
جاء ذلك في ورقة قانونية تحت عنوان «قراءة قانونية في قانون إنشاء ديوان المحاسبة»، وقد حصلت «القبس» على نسخة منها.
وطرح الياسين في ورقته 6 ملاحظات بعد تسليط الضوء على اهم النصوص القانونية الواردة في القانون المنشئ لديوان المحاسبة، وهو القانون الذي يحمل رقم 30 لسنة 1964، وجاءت هذه الملاحظات كالتالي:
أولا
قرر المشرع ان مجلس الوزراء هو المرجعية للفصل في الخلافات التي قد تنشأ بين الديوان والجهات الخاضعة لرقابته، حيث نصت المادة 33 «اذا وقع خلاف بين الديوان واحدى الوزارات او المصالح او الادارات او المؤسسات او الهيئات العامة بشأن الرقابة التي يمارسها الديوان، يعرض الامر على مجلس الوزراء للبت فيه، ويعمل بالقرار الذي يصدره هذا المجلس». ونص هذه المادة يقرر ان مجلس الوزراء هو صاحب سلطة الفصل في الخلاف الذي قد يقع بين ديوان المحاسبة والوزارات او المصالح او الادارات او المؤسسات او الهيئات العامة بشأن الرقابة. وهذا فيه عيب خطير فلا يجوز ان يكون مجلس الوزراء المؤلف من وزراء الدولة هو الخصم والحكم، لان هذه الجهات المختلفة مع الديوان يكون الوزراء هم القائمون عليها سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة.
لذلك يجب على المشرع تعديل هذا النص بجعل السلطة التشريعية سلطة الفصل بين ديوان المحاسبة والوزارات أوالمصالح او الادارات او المؤسسات او الهيئات العامة في مسائل الرقابة عليها، مع الاخذ في الاعتبار عدم تمكين الوزراء من التصويت على اي من قرارات المجلس في هذا الشأن. او ان يحال هذا الخلاف برمته للسلطة القضائية للفصل فيه، فهي السلطة الاصلية المختصة بالفصل في النزاعات على ان تنشأ لهذه الخلافات هيئة قضائية مختصة وقد يكون تشكيلها مختلطا، وذلك لسرعة الفصل في هذه الخلافات والمنازعات .
ونؤكد في الوقت ذاته، ان الصلاحيات الممنوحة لديوان المحاسبة بنصوص قانون انشائه والخاصة بمسائل الرقابة والتفتيش، تحتاج الكثير من التعديلات مما يساعد الديوان على القيام بما هو مطلوب منه وبشكل فعال. ونذكر على سبيل المثال ما قررته المادة 16 من حظر قيام الديوان بعمليات الجرد للمخازن او المستودعات العامة او الخزائن العامة بمفرده، او حتى المشاركة بهذا الجرد انما يقتصر دوره على المراقبة من دون المشاركة. وكذلك ما ورد في نص المادة 29 «يكون للديوان الحق في ان يراجع او يفحص عدا المستندات والسجلات المنصوص عليها في القوانين واللوائح والتعميمات المالية، اي مستند او سجل او اوراق اخرى يرى انها ضرورية ولازمة للقيام باختصاصاته على الوجه الاكمل». فهذا النص أتى قاصرا ولم يوسع من صلاحيات الديوان اثناء قيامه بعملية المراجعة او الفحص للمستندات، فلم يورد النص حكما يقرر فيه السماح للفاحص بالتحفظ على اي مستند يكون من المهم التحفظ عليه، او حتى اخذ نسخة منه.
ثانياً
إن قصر الرقابة على الاموال العامة على ديوان المحاسبة واقسام التدقيق المحاسبي داخل وزارات الدولة، هو امر غير كاف لتحقيق مستوى مرتفع من الحماية للأموال العامة، وذلك لأن الدور الأساسي في ايصال المعلومات الدقيقة للتجاوزات التي قد تقع على المال العام يكون من خلال القائمين والمتعاملين والمراقبين الفعليين على هذه الأموال العامة، سواء كانوا من القائمين على جبايتها، أو المقدر لهم شؤون الانفاق منها، ونقصد في هذه النقطة جميع الموظفين العاملين في الجهات الخاضعة لرقابة الديوان، ولا تكفي النصوص القانونية الملزمة بضرورة الابلاغ عن أي تجاوز على الأموال العامة سواء تمثل ذلك في صورة خلل في الجباية أو فساد في الانفاق أو الاهمال، فإن كل ذلك لن يكون كافيا لقيام هؤلاء الموظفين أو القائمين على الأموال العامة بالتبليغ عن أي تجاوزات عليا للمال العام يرصدونها من دون وجود محفز يتمثل في ايجاد ضوابط قانونية تحمي المبلغين من أي عقوبة إدارية أو تأديبية أو حتى عقوبة نفسية قد تقع عليهم من مرؤوسيهم أو زملائهم في العمل.
ثالثاً
اما في ما يتعلق بالرقابة الشعبية العامة، التي قد يقوم بها أي شخص من عامة الشعب اذا وقع اهمال جسيم أو تجاوز على المال العام، له ان يتقدم إلى النيابة العامة أو ديوان المحاسبة بالتبليغ عن تلك التجاوزات، وهو نص تشريعي قرره المشرع، كما أسلفنا في نص المادة 18 من قانون حماية الأموال العامة، وهذا أيضاً جزء يجب تفعيله وتنشيطه في سبيل اظهار مواقع الخلل والتجاوز الذي قد يقع على المال العام، ونعتقد انه يجب التوعية بأن ديوان المحاسبة الجهة التي يمكنها ان تتلقى أي بلاغ يتعلق بالاعتداء على المال العام من قبل المواطنين أو المقيمين أو أي أطراف خارجية تريد الادلاء بأي معلومات تتعلق بالأموال العامة الكويتية المستثمرة في الخارج والخاضعة لرقابة الديوان، بحيث تكون هذه الوسائل أو طرق الاتصال مع الديوان ميسرة وبسيطة وواضحة للجميع، وفيها شيء من السرية تطمئن المبلغ من خلالها بعدم تعرض أي جهة من الجهات له.
رابعاً
قرر المشرع الكويتي قيداً خطيراً وغير مبرر بحجب رقابة ديوان المحاسبة عن الجهات المنصوص عليها في المادة 5 البند «رابعا: الشركات أو المؤسسات التي يكون للدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة الأخرى، نصيب في رأسمالها لا يقل عن 50% منه، أو تضمن لها حدا أدنى من الأرباح». وذلك في المسائل المنصوص عليها في المادة 10منه يختص الديوان بفحص ومراجعة القرارات الصادرة في شؤون التوظيف بالجهات المشار اليها بالبنود أولا وثانيا وثالثا من المادة الخامسة، والخاصة بالتعيينات والترقيات ومنح العلاوات والتسويات والبدلات والمرتبات الاضافية وما في حكمها، وكذلك بدل السفر ومصاريف الانتقال، وذلك للاستيثاق من صحة هذه القرارات ومطابقتها لقواعد الميزانية وسائر الأحكام المالية والقوانين واللوائح والقرارات المنظمة لموضوعها.
وهذا الاستثناء هو استثناء يخالف توجهات وأهداف الديوان ويحجب رقابته عن هذه الجهات التي تقوم بالانفاق من الأموال العامة على الأوجه الخاصة بشؤون التوظيف وما سيتتبعها من شؤون منصوص عليها في صلب المادة 10من القانون. لذلك فإن من الواجب على المشرع الكويتي تدارك هذا الخطأ التشريعي غير المبرر لا من ناحية المنطق ولا من ناحية المصلحة ولا يوجد ما يدعو إلى غل يد ديوان المحاسبة عن الرقابة على هذه الأموال.
خامساً
اعطاء دور أكبر لمؤسسات المجتمع المدني بشكل عام والمؤسسات المدنية المتعلق نشاطها أساسا بالأموال العامة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، بشكل خاص مثل جمعية حماية المال العام وجمعية المحامين الكويتية وجمعية المحاسبين الكويتية وجمعية الصحافيين الكويتية ونقابات العمال، ويكون ذلك من خلال ايجاد لجان مشتركة تجمع ما بين هذه المؤسسات وديوان المحاسبة، بحيث يمكن تداول المعلومات الخاصة بالأموال العامة، وتكون هذه اللجان حلقة وصل وتنسيق للوصول للتكامل المنشود في سبيل المحافظة على الأموال العامة، وايضاً كما ذكرنا أعلاه فإن قانون ديوان المحاسبة قرر في المادة 22 ان التقارير التي يعدها الديوان تقدم لجهات محددة كما هو مبين في القانون وهو نص تشريعي معيب يحجب الرقابة الشعبية عن الكافة التي تتمثل في حق هذه الجهات وعموم المواطنين بالاطلاع على هذه التقارير، ومراقبة مدى سلامة الانفاق وجودة الجباية للأموال العامة، وهنا نشير إلى عدم وجود نص قد يستند عليه للادعاء بسرية التقارير الصادرة من ديوان المحاسبة، وذلك ان الأصل في الأمور الاباحة ومن الواجب نشر هذه التقارير على الكافة، اعمالا لمبدأ الشفافية وتفعيلا للرقابة الشعبية العامة.
سادسا
ان أكثر ما لمسته من عيب خطير في هذا القانون هو حجب صلاحية ديوان المحاسبة في التقدم بشكل مباشر إلى النيابة العامة بالتبليغ عن التجاوزات، أو الاهمال الجسيم الذي قد يتوصل اليه بمناسبة قيامه باختصاصاته الرقابية، ذلك ان القانون لم يخول الديوان اللجوء الى النيابة العامة بتقديم الشكاوى الجزائية ضد الجهات التي يقوم بالرقابة عليها، والتي قد يجد ان فيها تجاوزا او اهمالا جسيما وقع على المال العام، وقصر دوره كما ورد في نص المادة 22 على تقديم التقرير او التقارير التي يعدها الى مجلس الامة، وهو جهة تشريعية ورقابية قد تتداخل فيها الاهواء السياسية وتتقاطع فيها المصالح فهي ليست جهة رقابية خالصة ومحايدة على الرغم من وجود لجنة متخصصة، بنص القانون، لمراقبة الاموال العامة والتدقيق على ملاحظات الديوان.
أما فيما يتعلق بالجهة الاخرى التي يسلم اليها تقرير الديوان فهي مجلس الوزراء، فمجلس الوزراء يتكون اساسا من الوزراء، وهم القائمون على رأس الجهات التي خضعت للتدقيق الاداري والمالي من قبل الديوان، فهي تكون ذات الجهات التي وردت عليها ملاحظات تقرير ديوان المحاسبة، لذلك فمجلس الوزراء لا يصلح ان يكون الحكم وفي الوقت نفسه، هو خصم فيما يتعلق بهذه التجاوزات، وعليه فإن حياد مجلس الوزراء من الناحية المنطقية يشوبه شيء من النقصان.
المطلوب
1 - منح الديوان حق اللجوء الى النيابة عند رصد التجاوزات.
2 - إعلان تقارير الديوان ونشرها، اعمالا بمبدأ الشفافية.
3 - إخضاع كل الجهات التي تشارك الدولة في رأسمالها بأي نسبة للرقابة.
قانونيون يطالبون أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية بسرعة تعديلها قوانين «متحفية» تجاوزتها ظروف الحياة العصرية:
الأحوال الشخصية-الإيجارات-الزنى-الجنسية-المطبوعات-المحاماة
مجلس الأمة مطالب بمناقشة العديد من القوانين وتعديلها
إعداد: مبارك العبدالله
يطالب المجتمع، خصوصا أهل القانون، بين الحين والآخر، السلطتين التشريعية والتنفيذية بتعديل بعض القوانين التي شرعت قبل عشرات السنين، ويدلل المطالبون بهذه التعديلات بأن العصر الحالي تغير عن العصر الذي شرعت فيه هذه القوانين، وبات من الضروري مواكبة تطورات العصر الحالي الذي يختلف بكل المقاييس عن السابق.
ويرى القانونيون أن معالجة المشاكل وحلها يجب أن تتم من خلال تعديل بعض القوانين وملاءمتها للواقع الذي نعيش فيه، فعلى سبيل المثال هناك قانون الأحوال الشخصية الذي بلغ عمره 25 عاما، ولم يعد صالحا لهذا العصر، لأن الكثير من الحقوق للمرأة تم منحها من خلال إعطائها حقوقها كاملة، مما يزيد كاهل الزوج أو الطليق، لكن في المقابل هناك من يؤيد بقاء هذا القانون، ويعتبر أن الإسلام كفل للمرأة جميع الحقوق وأن القانون مأخوذ من القرآن، ولا يتغير بتغير الأزمنة.
وخلص القانونيون إلى ضرورة اتفاق السلطتين على تعديل بعض نصوص القوانين، ومنها قانون الإيجارات، قانون الزنى، قانون المطبوعات، والقانونين التجاري والمدني، بالإضافة إلى قانون الأحوال الشخصية، موضحين أن حال أصحاب القضايا سيبقى مرهونا بمزاجية القوانين التي مضى عليها الدهر.
وبيّن القانونيون أن تعديل القوانين يتم عند حصول تطور في الدولة مما يستوجب سن قوانين جديدة أو إضافة نصوص جديدة للقوانين القديمة لتتلاءم مع هذا التطوير، مشيرين إلى أن أغلب قوانيننا سُنّت منذ الستينات، ونحن الآن في الألفية الثالثة.
المؤكد أن القوانين عند سنها من قبل المشرع يقصد فيها معالجة المشاكل ووضع الحلول لها، وهذا ما أكده المحامي عادل قربان مستدركا بقوله: لكن في بعض الأحيان وعند التطبيق العملي نلاحظ وجود بعض الثغرات، ونحتاج إلى سدها في القانون الذي تم تشريعه، مما يستلزم تعديل بعض نصوصه أو إضافة نصوص أخرى.
وأضاف قربان: أتمنى على السلطتين التشريعية والتنفيذية العمل معاً على تعديل بعض القوانين بإضافة نصوص اليها أو إلغاء نصوص منها، حسب رأيي الشخصي، ومن خلال احتكاكي المباشر واليومي مع هذه القوانين في المحاكم الكويتية.
قانون الإيجارات
وتطرق إلى القوانين التي بحاجة إلى التعديل، ومنها على سبيل المثال تعديل بعض نصوص قانون الإيجارات رقم 35/1978، في مسألة الإعلان: حيث اكتفى قانون الإيجارات لإتمام الإعلان بأن يقوم مندوب الإعلان بلصق الإعلان على العين المستأجرة فتتم الخصومة وتكون قد انعقدت.
وأشار قربان إلى أن ذلك يخالف ما ورد في قانون المرافعات، فمن الجائز أن يقوم أحد موظفي المؤجر بإزالة الملصق، ومن ثم فلا يعلم المستأجر بالدعوى ويحكم فيها بغيبته، وأنصح بالرجوع إلى قانون المرافعات بالنسبة لإعلان دعاوي الإيجارات، مثلها مثل أي دعوى أخرى.
وتابع: أيضا جعل درجات التقاضي في قضايا الإيجارات على ثلاث درجات وليس درجتين، حيث ان استئناف قضايا الإيجارات يعتبر تمييزا ولا يحق للمستأجر أن يطعن في الحكم الابتدائي سوى في حالة مخالفة الحكم للقانون فقط، ومن دون الخوض في المسائل الموضوعية، علماً بأن القضايا الأخرى يكون استئناف أحكامها خوضا في الموضوع، حيث لا يوجد في قضايا الإيجارات الأثر الناقل طبقاً للمادة 144 مرافعات، ومن ثم أرى لزاماً تعديل نص المادة 26 من قانون الإيجارات، كما أرى لزاماً تعديل دعاوى الإشكال لوقف تنفيذ الحكم في قضايا الإيجارات حيث ان المتعارف عليه قانوناً أن من أصبح الحكم حُجة عليه وكان مختصماً في الدعوى هو من يقوم بالإشكال لوقف التنفيذ على سند أنه المتضرر من تنفيذه.
وأكمل: في قضايا الإيجارات لا يقبل الإشكال إلا من الغير الذي لم يكن أصلاً مختصماً في الدعوى وليس له صفة فيها، ومن السهل التلاعب بقضايا الإشكال في الإيجارات لأنها ترفع من الغير والقاضي لا يتحرى فيها صفة الخصوم.
وطالب بتعديل هذه المادة المتعلقة بعمل دعوى الإشكال في قضايا الإيجارات بضرورة أن تكون من المستأجر نفسه لأنه صاحب المصلحة والمتضرر.
قانون الزنى
وناشد قربان السلطتين التشريعية والتنفيذية تعديل نص المادة 197 من قانون الجزاء رقم 16/1960 عندما أعطى في قضايا الزنى بمتزوجة،الحق لزوجة العشيق عند تنازلها عن زوجها العشيق الذي يضبط متلبساً بجريمة الزنى مع امرأة متزوجة بآخر، في حفظ القضية، ولا يمكن مباشرة الدعوى الجزائية ضده ويستفيد من ذلك التنازل الشريكة في الزنى أي الزوجة الخائنة علماً بأن المتضرر الأول والأخير هو زوج المرأة الخائنة وليس زوجة العشيق.
ورأى قربان وجوب إعطاء هذا الحق في حفظ قضية جريمة الزنى للزوج المخدوع فقط، وليس لزوجة العشيق، أو أن تنازل الزوجة لا يعمل أثره إلا بالنسبة لزوجها الخائن فقط.
قانون المطبوعات
واستطرد قائلا: ونتيجة للممارسة العملية في المحاكم بوجوب تعديل نص المادة 27 من القانون رقم 3/2006 بشأن المطبوعات، التي تحاكم رئيس التحرير وتعاقبه كفاعل أصلي، عندما يسيء كاتب في الصحيفة في مقالته لشخص ما، فإن الإجراءات الجزائية تتخذ ضد كاتب هذا المقال ورئيس التحرير معاً، بالرغم من أن رئيس التحرير ليس لديه القصد الجنائي في الإساءة، وأن دوره فقط إشرافي، وليس بالضرورة أن يكون ملماً بكل ما يكتب في جريدته، وأرى تعديل نص مادة معاقبة رئيس التحرير عن كل ما يكتب في الجريدة من قبل الصحافيين في مقالاتهم.
وعرج قربان في الحديث إلى قانون الأحوال الشخصية رقم 51/1984 الذي نص في المادة 326 بأن هذا القانون لا يطبق على من لهم أحكامهم الخاصة مثل الشيعة، مشيرا إلى أن الواقع العملي يناقض نص هذه المادة، حيث نجد أن محاكم الأحوال الجعفرية تطبق، على المتخاصمين فيها، أحكامها الخاصة أمام محكمة أول درجة والاستئناف، ولكن عند تمييز هذا الحكم فإن محكمة التمييز السنية هي من تنظر هذا النزاع ومن ثم أفرغ نص المادة 346 من محتواه.
وأوضح أن هذه القوانين بحاجة إلى «مراجعة خمسية»، أي كل خمس سنوات، لسد أي قصور فيها عند التطبيق العملي لها ولمواكبة أي تطور، ومن ثم تعديل بعض نصوصها لتتواءم مع هذه التطورات العالمية.
المحاماة
من جانبه، قال المحامي محمد الأنصاري ان القوانين التي نطالب بتعديلها هي بعض نصوص قانون المحاماة المطبقة في الكويت، ومنها اعطاء الصلاحيات المطلقة لمجلس إدارة جمعية المحامين في إيقاف من يمارس مهنة المحاماة بما لها من سلطة دون الحاجة إلى إحالته إلى المحكمة التأديبية وغيره من الأمور.
وأضاف الأنصاري: هناك أيضاً قانون الأحوال الشخصية الذي يحتاج أيضاً إلى تعديل بعض النصوص التي تتلاءم حسب حاجة المجتمع في الوقت الحالي، كما أتمنى من كل قلبي أن تخرج قضايا الجنسية من اختصاص السلطة التنفيذية إلى القضاء لينصف من ينصف ويأخذ كل شخص حقه في إثبات جنسيته وفق الأدلة التي يقدمها الشخص إلى المحكمة.
وتطرق في الحديث إلى قانون الإيجارات قائلا: منذ أكثر من ثلاث سنوات ونحن نسمع أن هناك قانونا جديدا للايجارات في الكويت سوف يطبق.. لكن متى؟
وقال: للاسف فإن قانون الإيجارات الحالي منحاز جداً لمصلحة المستأجرين من دون مراعاة لمصلحة المالك، فكثير من المستأجرين يستغلون القانون الحالي في ابتزاز ملاك العقارات في حال مطالبتهم بإخلاء السكن من أجل البيع أو إعادة البناء، ويطلبون مبالغ كبيرة، والمالك في هذه الحالة مرغم على دفع مبلغ تعويض للمستأجر لإخلائه، لأن قانون الإيجارات الحالي لا ينصف المالك حتى في الحالات التي استثناها المشرع بموجب القانون للإخلاء، فمثلاً عندما يرفع المالك دعوى إخلاء للحاجة مثلاً أو لوقوع العين المؤجرة ضمن سكن المالك الخاص، نجد أن المشرع لم يتوسع في مفهوم الحاجة، انما حصرها في حالة أو حالتين، منها أن تكون الحاجة للمالك بنفسه أو أحد أصوله أو فروعه فقط، فهناك أشخاص يمتلكون شركات وعمالة تعمل عليها، وقد نجد المالك بحاجة إلى إسكان العاملين لديه في ذلك العقار، وللأسف فإن القانون لا يمنح ذلك الحق للمالك لذلك السبب، فنجد المالك يستأجر عقارا ليسكن فيه عمالته ويضطر إلى دفع أجرة على الرغم من أنه يمتلك عقارا.
تعطيل المجلس
وأكمل الأنصاري: طالما هناك تعطيل من قبل مجلس الأمة فهناك الكثير من الأمور والقوانين لن تشرع، وسيبقى حال ملاك العقارات مرهونا بمزاجية القوانين التي مضى عليها الدهر.
وزاد: القانون الجديد أعطى الحق للمالك في إخلاء العين حسب المدة المتفق عليها في عقد الإيجار، ففي قانون الإيجارات المفترض تطبيقه ولكن بسبب تعطل مجلس الأمة أكثر من مرة لم يقر القانون الجديد الذي يمنح الملاك الحق في الإخلاء وفق المدة المتفق عليها بالعقد، على خلاف القانون الحالي الذي منح المستأجر الحق في الاستمرار في العين محل الإيجار طالما كان ملتزما بسداد الأجرة وفق المواعيد مستفيدا بذلك من الامتداد القانوني الذي منحه له القانون وفق الإيجار الحالي.
تدخل المشرع
وبدوره، قال المحامي أحمد الشهاب ان هناك أهمية بالغة تستوجب أن يتدخل المشرع لتعديل مواد المرسوم بالقانون رقم 39/1980 بشأن الإثبات في المواد المدنية والتجارية لتواكب نصوصه ما يشهده العالم من ثورة هائلة في عالم الاتصالات.
وأوضح أنه من المعلوم أن القاضي الجزائي يتمتع بسلطة واسعة في مجال الإثبات ولا تقيده النصوص بطرق معينة للإثبات إلا مبدأ مشروعية الدليل، الذي يعني أن يكون الدليل الذي يعتمد عليه القاضي الجزائي في حكمه (خاصة حكم الإدانة) مستمدا من وسيلة مشروعه.
وأضاف الشهاب: ومع التقدم التكنولوجي والثورة الهائلة التي شهدها العالم في مجال الاتصالات، أصبح الإنترنت والبريد الإلكتروني والهاتف النقال سمة من سمات العصر، وأصبح الفرد العادي يستخدم هذه الوسائل في حياته اليومية مثله مثل رجل الأعمال والشركات الكبرى، وأصبحت هذه الوسائل ذات أثر كبير على حياتنا عموما، ويمكن من خلالها أو بسببها أن تضيع الحقوق خاصة في ظل خلو قانون الإثبات من نصوص واضحة وصريحة تعتمد هذه الوسائل كطرق إثبات قانونية خاصة في مجال المعاملات المالية والتجارية.
وقال: ان الحاجة باتت ملحة ليتدخل المشرع بإضافة باب خاص أو عدة مواد في قانون الإثبات تنظم إثبات الوقائع أو التعاقدات والمعاملات التي تتم عن طريق الإنترنت والرسائل الإلكترونية، مع التنويه إلى أنه يجب أن تتم بالاستعانة بخبراء في عالم الاتصالات والإنترنت ليتم وضع الضوابط الفنية التي يمكن على أساسها صياغة النصوص القانونية الكفيلة بتحقيق الغاية منها.
ذر للرماد
أثناء الحديث عن قانون الإيجارات، أوضح المحامون أن بعض النصوص المقترحة في القانون الجديد الذي سوف يطبق في المستقبل، قد تكون بمنزلة ذر للرماد في عيون الملاك الذين طال انتظارهم لذلك القانون.
الالفية الثالثة
أوضح القانونيون أنه يجب الجلوس بين المعنيين والنظر إلى القوانين المعمول بها في الدولة بعين الألفية الثالثة لتواكب التطور العالمي بقوانينها وليس بعين الستينات والسبعينات.
محكمة جعفرية
اكد القانونيون أن من الضروري أن تتفق السلطتان التشريعية والتنفيذية على وجوب إنشاء محكمة التمييز الجعفرية الخاصة بأتباع المذهب الجعفري في قانون الأحوال الشخصية.
قانون الإيجار وأحكام زيادة الأجرة بين المالك والمستأجر
يعتبر عقد الإيجار من اهم العقود التي تنظم معاملات الناس، وقد عنيت التشريعات منذ القدم بوضع الاحكام والضوابط التي تحكم العلاقة بين المالك والمستأجر في ضوء النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد في الدولة، ولقد حظي عقد الايجار وخاصة ايجار العقارات باهتمام بالغ من المشرع الكويتي، نظرا الى خطورة شأنه وكثرة تداوله واثره البالغ في كثير من نواحي النشاط الاجتماعي والاقتصادي.
أجرة المثل
ولما كانت زيادة الاجرة المتفق عليها بين المالك والمستأجر تعد من اهم المشاكل التي تثار في العلاقة العقدية، حيث اوجب المشرع بأن يؤدي المستأجر ما اتفق عليه من اجرة بصدر عقد الايجار، ومع ذلك اقر القانون، بالمادة 11 ايجارات، يحق للمؤجر والمستأجر التمسك بأجرة المثل، اذا لم يتفقا رضائيا على الاجرة مرة كل خمس سنوات على الاقل، ما لم يكن الايجار معقودا لمدة اطول فتسري الاجرة المتفق عليها، فإذا تعذر الاتفاق على قيمة الاجرة الزائدة فتحدد الاجرة بأجرة المثل، ويراعى عند تحديد اجرة المثل جميع العناصر اللازمة لذلك كحالة العين ومساحتها ودرجة العمران والاجور السائدة في منطقتها وما يتصل بها من اوصاف عامة او خاصة تؤثر في منفعتها، وبمقتضى ذلك فإنه يحق للمتعاقدين اعادة النظر في الاجرة مرة كل خمس سنوات على الاقل ابتداء من تاريخ نفاذ العقد فإذا انتهت المفاوضات بينهما الى اتفاق على قيمة الاجرة سرى اتفاقهما الى ان يحدث تعديل كامل، بعد خمس سنوات اخرى، واذا لم يتفقا جاز لكل منهما اللجوء الى القضاء طالبا تقدير اجرة المثل.
تقدير المحكمة
القانون لم يقيد الاجرة بنصاب محدد، بل ترك التقدير للمحكمة وفقا لمقاييس حالة العين ومساحتها ودرجة التشطيب والاجور المماثلة بالعقار والعقارات المجاورة وحداثة البناء وقدمه، مع مراعاة انه في جميع الاحوال لا يجوز ان يتجاوز الفرق بين الاجرة السارية بين الطرفين على نسبة مائة في المائة من الاجرة السارية، والحكم الصادر بتعديل الاجرة ينفذ بتعديل الاجرة من تاريخ رفع الدعوى وفقا للقاعدة العامة، لأن الاحكام في الاصل كاشفة لا مقررة، ويلاحظ ان رفع الدعوى لا يعفي المستأجر من الاستمرار في دفع الاجرة المستحقة عليه الى ان يحكم بتعديلها، وبعد صدور الحكم تسري الاجرة المعدلة وتصفى الحقوق على اساسها ابتداء من تاريخ رفع دعوى التعديل.
العدالة
من الواضح ان المشرع لم يجز لطرفي العلاقة الايجارية اعادة النظر في الاجرة على الوجه السالف بيانه الا توخيا للعدالة في التقدير وسعيا لتكافؤ الفرص ومراعاة لظروف التطور الاقتصادي والعمراني وما قد يترتب عليه من آثار مختلفة تشمل التأثير في اهمية بعض الاماكن والاحياء وهذا يستلزم ان تكون الاجرة التي يجوز اعادة النظر اليها اجرة حقيقية لا صورية ولا رمزية، فلو اجر المالك مكانا لجهة خيرية بأجر رمزي لتحقيق غرض من اغراضها، فالعقد يكون في حقيقته عارية او هبة في صورة عقد ايجار، ومثل هذا الايجار، مهما كانت رمزيته، لا يقبل تعديلا وغير كاف لان العقد لا يخضع لاحكام قانون الايجار.
ويعتبر عدم تنفيذ حكم التعديل اخلالا بأداء الاجرة المستحقة ويحق للمالك اخلاء المأجور لعدم سداد هذه الاجرة، لكونها اصبحت جزءا لا يتجزأ من العقد والقيمة الايجارية بحكم القضاء.
وبالمقابل يحق للمؤجر تخفيض الاجرة اذا توافرت اسبابها، وحكم التعديل الصادر بشأنها ملزم للمالك والا اعتبر مخالفا للالتزام العقدي وما يترتب عليه من احكام المسؤولية العقدية.
وفي كل الاحوال فإن الحكم بالفارق بين الاجرة السارية ملزم لأطرافه ولا يجوز مخالفته، لكونه يترتب عليه ضرر يلزم بالتعويض عنه وفقا لقاعدة المسؤولية التقصيرية.
عالميةمحامون طالبوا بتعديله بالانحياز لمصلحة الأسرة وحدها: قانون الأحوال الشخصية جعل معدلات الطلاق في الكويت
قصر العدل
إعداد: مبارك العبدالله
نظرا لتطورات العصر وما تشهده الحياة من تغيرات، يطالب المختصون في الشؤون القانونية بين الحين والآخر بتغيير بعض القوانين، أو بعض مواد القوانين وذلك تذرعا بأنها لا تصلح للوقت الحاضر، وأنها شرعت في وقت سابق كانت الحياة فيه مختلفة تماما عما نحن فيه الآن. والملاحظ أن أهم القوانين التي يطالب أهل القانون وتعلو أصواتهم كل فترة للمطالبة بتغييره هو قانون الأحوال الشخصية، وذلك لأنه ينظم حياة الأسرة، ومفهومه يتعدى الرجل والمرأة، إلى بناء المجتمع ككل.
بعض القانونيين رأى أن هذا القانون ساهم في زيادة نسبة الطلاق والعنوسة في الكويت، وجعل أرقامها تتصدر دول العالم وليس النطاق العربي فقط.
أما الطرف الآخر فيرى ضرورة استمرار قانون الأحوال الشخصية الحالي، معللا ذلك بأنه مأخوذ من الشريعة الإسلامية التي منحت المرأة جميع حقوقها، ولم تكن منة من أشخاص معينين.
«القبس» طرحت الموضوع على أهل القانون، ليضعوا معالجات للظواهر السلبية في الأسرة، وبيان المبالغة في حقوق المرأة، وما منحته الشريعة لها، وأسباب تفكك الأسرة وعلاقة ذلك بقانون الأحوال الشخصية.
في البداية، أوضح رئيس جمعية المحامين عمر العيسى ان قانون الأحوال الشخصية الحالي يحتاج إلى تعديل، مضيفا: يجب أن نأخذ من جميع الطوائف بقانون يتلاءم مع الطبيعة الكويتية، فهناك سلبيات كثيرة في القانون الحالي تتمثل في إعطاء حقوق أكبر للمرأة في مسألة السكن.
وأضاف: في السابق لم تكن هناك أسباب مالية وإنما اجتماعية في مسألة الطلاق، أما الان فهناك جزء كبير من الطلاق أسبابه مالية، وبدأت هناك أزمة فعلية تؤثر في الطلاق من الناحية الاقتصادية، كما أنه يجب أن يكون هناك قانون يعاقب من يسيء للأبناء.
تعديلات
وتابع العيسى: القانون الحالي لم يقف مع طرف ضد آخر وهو قانون عادل، ومن الخطأ أن نشير إلى أنه ضد المرأة أو ضد الرجل، لكن الظروف الاجتماعية في البلد واكبتها التطورات ونحن أيضا يجب أن نواكب هذا التطورات من خلال إعادة وصياغة القوانين، خصوصا في مسألة الحضانة، فالحاضنة من الصعب ان تحصل على جواز لابنائها إلا من خلال موافقة الزوج، أيضا من الصعب السفر مع المحضون إلا بموافقة الزوج، ويجب تعديل ذلك، خصوصا أن بعض بنود القانون تستخدم للضغط على الزوجة، فكيف يسافر الأب مع أبنائه وتمنع الأم من ذلك؟
وحسب العيسى فان مسألة تغيير القانون أو تعديله متروكة للحكومة، فهي لديها دراسات كثيرة في هذا الجانب، وكمحام أعتقد أنه حان الوقت لأن يعدل قانون الأحوال الشخصية نظرا للمشاكل التي طرأت على المجتمع الكويتي في الفترة الأخيرة.
وأوضح أن جمعية المحامين أنشأت اخيرا لجنة مختصة في الأحوال الشخصية وتقوم حاليا بدورها لدراسة بعض المعلومات المتعلقة بهذا القانون، لكن الحكومة ممثلة بوزارة العدل لديها دراسات أكبر لا تملكها جمعية المحامين، لكننا نستشعرها من خلال حالات فردية.
وأكمل: الظروف تغيرت وهناك أسباب كثيرة وراء زيادة نسبة الطلاق، فالرجل أصبح لا يقوم بدوره ويتخلى عن مسؤولية الأسرة، والمرأة أصبحت المادة من أولوياتها، لذلك يلجأ الطرفان إلى الطلاق، بعد عدم تحمل واجبهما الشرعي.
سياسة المشرع
أما استاذ القانون بجامعة الكويت المحامي د. فايز الظفيري فقد أوضح أن قانون الأحوال الشخصية يجسد سياسة المشرع لمعالجة عدة أمور، أولها مسألة تنظيم العلاقة الزوجية في حالة الارتباط أو تنظيم الحقوق في حالة الانفصال، أي انتهاء العلاقة.
واضاف الظفيري: طبعا هناك أطراف أخرى كرست لها معالجة قانونية ومعالجة تشريعية لحماية حقوقها وحرياتها على النحو الذي يرى المشرع ان فيه تحقيق مصلحة لها، بمعنى أن الذي يقيم المصلحة هو المشرع ونقصد بالأطراف الأخرى «الأبناء».
واشار إلى ان المشرع لم ينتبه إلى أن هناك اثارا سلبية ترتبت على صياغة تلك السياسة القانونية المنظمة لحال الأسرة، ألا وهي زيادة نسبة الطلاق في الكويت بشكل لافت للنظر، مستدركا: لا نتهم المشرع بسوء، ولكن هذا نوع من أنواع التجارب التشريعية التي أثبتت فشلها، وهذا الفشل لا يحتاج إلى دليل، فعلى من يشكك بالفشل أن ينظر إلى إحصائية الطلاق في الكويت ويقارنها على مستوى العالم فهي الأعلى مقارنة بعدد السكان.
واضاف: ولو نظرنا إلى الأسباب كلها نجد قانون الأحوال الشخصية، والمسألة يجب أن يعلمها كل من يريد أن يدلي برأيه فهي ليست بحثا لمن كرس القواعد ولمن يقف القانون بجانبه، فنحن لا نبحث عمن استفاد من القانون، لأن واقع الحال يدلل على أن كلا الطرفين (الرجل والمرأة) خاسر في هذا الوضع، وهناك عوامل أخرى ساهمت في إفشال قانون الأحوال الشخصية وجعلت منه أداة لتفكك الأسرة، سواء بقصد أو من دون قصد.
وأكمل الظفيري قائلا: إذا ما أردنا أولا أن نتكلم عن قانون الأحوال الشخصية فإنني أدعو المشرع الكويتي إلى مراجعة القواعد المتعلقة بالحضانة، وبالطلاق، والوصاية، وإيجاد تجربة مستمدة من المذاهب الإسلامية تتكفل بالحد من الطلاق، وهذه هي مسؤولية المشرع وجوهر التزامه أمام النصوص الدستورية التي أولت للأسرة بالغ الأهمية وجعلت من المشرع حارسا على سلامتها وتضامنها.
مكامن الخلل
وبين ان جوانب الخلل كبيرة ولا تحتاج إلى دليل، ولكن ما أسمعه حاليا من طرق معالجة يعد كارثة حقيقية، فمن ينطلق في سبيل تعديل قانون الأحوال الشخصية من البحث عن مصلحة المرأة أو مصلحة الرجل، فإنما يضع علامة استفهام عن مدى صلاحيته للمساهمة في العلاج التشريعي، إذ لا يجوز أن نحقق مصلحة للرجل ولا مصلحة للمرأة، وإنما الواجب الحقيقي أن نساهم في تحقيق مصلحة الأسرة، بمعنى ضرورة الانتباه إلى عدم تقنين القواعد التي تساهم في تفكك الأسرة.
ونوه إلى ان الجدير بالتعديل هو سن الحاضنة بالنسبة للأبناء، ويعلم الجميع أن أسباب فشل الزواج هو عدم وجود أي عائق لدى المرأة في الحضانة، وهناك أسباب أخرى خارج قانون الأحوال الشخصية تمثل عوامل مساهمة في تفكيك الأسرة وعوامل تؤدي إلى زيادة العنوسة، والمثال على ذلك توظيف المرأة أو منحها الأولوية على توظيف الرجل، إذ ان توظيف كل شاب يعني فرصة عمل ومن ثم وجود دخل، ومن ثم زواج، أي أن الرجل عندما يعمل يتمكن من فتح منزل ويساهم في إنقاص العنوسة، بينما الفتاة عندما تتوظف لا يعني هذا بالضرورة أنها تستطيع أن تتزوج وتشكل أسرة.
قانون إسلامي
ومن جانبه، قال المحامي علي العصفور «لا شك أن قانون الأحوال الشخصية المعمول به في الكويت مستقى من الشريعة الإسلامية، ولا شك أننا كمسلمين ملتزمون إلى حد كبير بأحكام ديننا»، مستدركا: ولكن وبعد ما يقارب نصف القرن على انطلاق القضاء الحديث، وكذلك العمل بقانون الأحوال الشخصية الحالي نجد أن هناك حاجة ملحة لإعادة مراجعة نصوص هذا القانون، خاصة من ناحية التوسع في تفسير بعضها وكذلك المبالغة الشديدة والمغالاة الكبيرة في فرض النفقات على اختلاف أنواعها.
وأضاف العصفور: فمن خلال مراجعة الأحكام في السنوات الأخيرة نجد وللاسف الشديد أن هناك مغالاة في النفقات المحكوم بها، بحيث تصل حد الإرهاق بالنسبة لمن يصدر بحقه الحكم، وذلك دون وجود الضوابط أو حدود قصوى لمقدار هذه النفقات.
وقال ان القانون الحالي لم ينص على مبالغ ونسب معينة من شأن قاضي الموضوع، عدم اختراق سقف هذه المبالغ.
وتابع: لعل المعضلة الأخرى والظاهرة التي أخذت في الانتشار من واقع الأحكام الصادرة هي طلاق الضرر، حيث تم التوسع فيه بشكل غير مقبول تحت مسمى استحالة العشرة بين الزوجين، وهذا أمر خطير تسبب بشكل كبير في ازدياد حالات الطلاق من دون أن يكون هناك مبرر مقبول خاصة في ظل فهم النصوص وفق الاجتهادات الشخصية.
واستطرد العصفور قائلا: كذلك دأبت المحاكم حاليا على تعيين حكمين في حالة الشقاق بين الزوجين من خارج الأسرة أو الأقارب، بحيث أصبح هذا الأمر مجرد وظيفة يؤديها البعض دون وجود جهد فعلي لرأب الصدع بين الزوجين، ولا نجد إلا القليل من دوائر الأحوال الشخصية تعين حكمين من أقرباء الزوجين وهو القاعدة التي يجب الالتزام بها وماعداها فهو الاستثناء وليس العكس.
وزاد: كذلك ما يخص أحكام الحضانة من انتقال المحضون من الأم ثم الجدة إلى اخر الترتيب، حيث نجد الأب في نهاية المطاف بالنسبة لترتيب الحاضنين وهو الأمر الذي يتوجب تعديله.
وعما إذا كان قانون الأحوال الشخصية ساهم وبشكل كبير في ازدياد نسبة الطلاق في الكويت، قال العصفور: نعم ساهم القانون الحالي في ازدياد نسبة الطلاق عالميا، وذلك لتحقيق مكاسب تشكل مغالاة بغير مبرر لها، وإن صح التعبير فهي تشكل نوعا من الإثراء غير المنطقي لمصلحة المرأة مما يدفعها إلى طلب الطلاق، ويجعل العنت والفجور في الخصومة والاستعداد لولوج ساحات القضاء من الأمور الطبيعية.
بحاجة للتشريع
أوضح القانونيون ان من أسباب الحاجة إلى تعديل قانون الأحوال الشخصية الحالي هو عدم تضمن أحكام الحضانة مراجعة الجهات الحكومية، وإنجاز معاملات المحضون، مشيرين إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى تشريع وإعادة النظر فيه.
كارثة النصوص
شدد القانونيون على ضرورة أن تتولى الكويت دراسة تجارب الدول الأخرى في مسألة الحضانة وعلاقتها بارتفاع نسبة الطلاق، ويجب أن يبحث في هذه الحلول في كل مكان، موضحين ان عدم وجود نصوص في بعض الأحيان يشكل كارثة على الأسرة.
إذا كانت للمواطنين في دولة ما مطالبات تجارية او مدنية او كانوا طرفا في نزاع عمالي، فإنهم اذا لم يواجهوا مبدأ قانونيا مستقرا يحسم مطالبتهم او منازعتهم، فإن الامر سينتهي بهم حتما الى ساحات القضاء، ليضيفوا الى المطروح على المحاكم آلافا جديدة من القضايا والمنازعات.
لهذا حرصت الانظمة القضائية المتقدمة في معظم الدول على التوصل الى قواعد لتوحيد المبادئ القانونية التي تحكم المنازعات، فهناك انظمة تقيم ذلك على الاعراف كالقضاء البريطاني، وهناك انظمة تنص في تنظيماتها القضائية على تشكيل هيئة قضائية تكون المرجع في تحقيق استقرار المبادئ القضائية، من ذلك التنظيم القضائي لمحكمة النقض الفرنسية والذي ينتظم جمعيتين عاديتين تسمى كل منهما حسب ترجمتها هيئة توحيد المبادئ، وقد سارت على هدى ذلك محكمة النقض المصرية التي تشكل هيئتها العامة من ثلاث دوائر من دوائر المحكمة.
وقد كانت محكمة التمييز الكويتية من اولى المحاكم التي تبنت هذا النظام فنصت المادة الرابعة من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بقانون 23-1990 على انه اذا رأت احدى دوائر محكمة التمييز العدول عن مبدأ قانوني قررته احكام سابقة صادرة عنها او عن الدوائر الاخرى احالت الدعوى الى دوائر المحكمة مجتمعة للفصل فيها وتصدر الاحكام بأغلبية الآراء.
وإذ اتسع نطاق العضوية في الجمعية العمومية لمحكمة التمييز عدل النص بالقانون رقم 2 لعام 2003 فجعل الهيئة التي يعهد اليها بالعدول عن مبدأ قانوني سابق مشكلة من احد عشر مستشارا من مستشاري محكمة التمييز يختارهم رئيسها الذي يرأس تلك الهيئة او من ينوب عنه.
هذا النص في قانون تنظيم القضاء الكويتي اريد به مواجهة حالة عدم الاستقرار في المبادئ القضائية، اذ ان احكام محكمة التمييز طبقا لنص القانون لا يجوز الطعن عليها، وصدور احكام عن دوائر المحكمة المتعددة مناقضة او مخالفة لمبادئ مستقرة في قضاء المحكمة يخلق حالة من البلبلة واختلاف الرأي مما يوسع من نطاق المنازعات القضائية كما ذكرنا، فضلا عن عدم تحقيق الاستقرار في العلاقات القانونية.
وقد لاحظ المشتغلون بالقضاء الجالس والواقف وفقه القانون ان المادة الرابعة من قانون تنظيم القضاء الكويتي المشار اليها لم توضع موضع التطبيق الفعلي رغم شديد الحاجة اليها، الامر الذي جعل المشتغلين بالقانون فقهاء وقضاة ومحامين يواجهون احكاما من محكمتنا العليا ذات مبادئ قد يصل بها الاختلاف الى حد التعارض في المسألة القانونية الواحدة.
وهو امر جد خطير، يدعونا الى ان نتوجه الى رئيس محكمتنا العليا الموقرة ـ محكمة التمييز ـ واعضاء المحكمة وهم من خيرة رجال القضاء مناشدين إعمال هذا النص تحقيقا لتوحيد المبادئ القضائية واستقرارا للحقوق والالتزامات.