والد زهرة سيبقى طي الكتمان .. لكن الى متى؟!
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عنها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخاييل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
قال نيكولا ساركوزي بتاريخ 10 سبتمبر 2008 خلال حفل غداء أقامته ميشال اليوت ماري على شرف النساء الوزيرات بأنه يعرف والد طفل رشيدة داتي وان المعني بالأمر واحد من أعضاء الحكومة.
تساءل الجميع ما الذي أراده رئيس الجمهورية من وراء هذه الجملة، التي تلفظ بها فجأة؟ لكن هذا ترجم شيئا واحدا هو أن «اسم الأب» أصبح موضوعا وطنيا، وليس نيكولا ساركوزي من النوع الذي يلتزم الصمت، عندما يتعلق الأمر بموضوع يشغف به الفرنسيون.
منذ أن بدأت بوادر الحمل تظهر عليها، تحولت رشيدة داتي إلى فقاعة إعلامية ومادة دسمة للصحافة الشعبية وهي حامل في الثالثة والأربعين، وما أثار التعجب لدى العامة، هو ان لا علاقة صداقة رسمية تجمع رشيدة بأي كان، ليصبح بذلك حملها المتأخر لغزا تحتفظ به المعنية بالأمر.
ولكن هل كان حمل رشيدة داتي جيدا بالنسبة اليها؟ وهل سيحميها من الإبعاد عن الحكومة أو العكس سيضعف موقعها في جو يزداد فيه الوضع سوءا في ساحة فوندوم حيث مقر وزارة العدل؟
قبل أن نتطرق إلى هذا الموضوع، علينا أن نعود إلى تسلسل الأحداث، ففي صيف 2008، تحدثت وسائل الإعلام المحلية عن بطن منتفخة ونهود ممتلئة لتنتشر الاشاعات وتصل إلى مجلس الوزراء.
بوادر الحمل
قدمت نادين مورانو ذات أربعاء مداخلة عن «التبني» وأثناء الاجتماع تلقت رسالة خطية من وزيرة العدل جاء فيها: كان عليك أن تقولي «صديقتي رشيدة، في مداخلتك»، لم تكن سكرتيرة الدولة المكلفة بالعائلة تملك قلما، لكنها ردت على وزيرة العدل بالطريقة ذاتها «صديقتي رشيدة، أهنئك، فحسب ملاحظات الصحافيين، حجم نهديك تضاعف، شكرا لمساهتمك في النمو الديموغرافي الفرنسي».
أجابت رشيدة «ما عليك سوى استعمالي للترويج لسياسة العائلة التي تعتمدينها وتسعين إلى تطبيقها». انتشرت الإشاعات بشكل قوي، وكان على رشيدة أن تتفاعل معها وتتخذ موقفا منها بصفتها وزيرة للعدل، ولكن ماذا تقول؟ ولمن؟ وبأي نبرة؟.
بدأ العديد من الاتهامات يحوم حول الوزيرة، لذا طالب رئيس الجمهورية صديقه بيار شارون، الذي عادة ما يلجا إليه عند مواجهته لأي مشكل، بالتدخل.
كان المستشار الخاص للرئيس مرغما ومجبرا على التكفل بهذه المهمة، خاصة ان رشيدة داتي تعتبره واحدا من بين ألد أعدائها، ولكن هل سيستطيع شارون ان يسوق الأزمة إعلاميا؟!
تعليمات ساركوزي
في الحقيقة، لم يترك نيكولا ساركوزي للرجل أي خيار، وفي حفل غداء دعاهما إليه غاي سافوي تحدث كل من ساركوزي وداتي في الموضوع، حيث اخرج كل منهما ما في جعبته.
قال ساركوزي:
«اسمعي ما سأقوله لك، تحدثي مع بيار شارون وعليك أن تقبلي بان أحدثك مثلما تحدثينني،الآن إما أن تغادري المائدة أو تبقي ونتفاوض».
أجابت رشيدة متسائلة «هل تعيب علي شيئا؟»
قال سيد الاليزيه «أريد تصرفا قويا».
أجابت رشيدة داتي: «فيم تفكر؟
«لا استطيع التعاون والتنسيق مع المكلفة بالاتصال على مستوى وزارتك لورانس لاسير، إنها تتعبني كثيرا».
«نعم، سأطلب منها الرحيل».
أعلنت لورانس لاسير بعد أيام من هذا اللقاء رحيلها عن وزارة العدل، وكانت قد طالبت بذلك منذ فترة لتهتم أكثر بحياتها الشخصية، لكن رشيدة داتي كانت تماطل لما اكتشفته من وفاء ومثابرة ومسؤولية في هذه السيدة، الزوجة السابقة لارنود داسيي، ابن جون كلود احد ابرز مسؤولي مجمع تي اف 1.
مقال لوبوان
مهما يكن، التحق شارون بمنصبه وتفاوض مع مجلة لوبوان لإجراء حوار، تؤكد فيه وزيرة العدل الفرنسية حملها.
تقلص الحوار الى مقال، طعّمه الصحافي بتصريحات رشيدة داتي، وجاء فيها «في مساري كإمرأة، عايشت الكثير من التجارب المرتبطة بالأمومة ولم يكن عمري قد تجاوز الخامسة والعشرين»، وأضافت «بالطبع، ستكون أجمل اللحظات في حياتي».
لقد نشرت هذه الجملة التي يقع فيها الفعل في المستقبل، بتاريخ 4 سبتمبر في المجلة وسبقتها الكثير من المقالات والبرامج الاذاعية التي تناولت الموضوع ذاته.
كانت الصديقة الجميلة تريد طفلا بأي حال من الأحوال، وهو ما أكدته حين أسرت الى ميشال اليوت ماري قائلة «على كل حال، كنت سأتبنى طفلا لو لم أحمل». وعن هوية الوالد، اعتبرت الأمر خاصا مشيرة الى أن حياتها الخاصة معقدة.
أولى مشاكل الحمل
نُشرت هذه التصريحات في عدد من الصحف الفرنسية، لكن مستشار الوزيرة الاعلامي بيار ايف بورنازال المعين من قبل بيار شارون، أوضح الوضع قائلا إن الوزيرة لم تتحدث عن أي حالة شخصية لها، وعلى سبيل المثال، فهي لم تقل أبدا، لي حياة خاصة معقدة ولكنها قالت «الحياة معقدة».
زاد اهتمام الفرنسيين بهوية الأب السعيد منذ نهاية صيف 2008، ليبدأ الحديث عن أسماء يحتمل أن يكون أحدها هو اسم والد طفلة رشيدة داتي. لقد تحدث البعض عن دومينيك ديساني وهو ثري أنيق، يرأس مجمع باريير وصديق شخصي لرئيس الدولة.
يعرف الجميع ان دومينيك التقى وزيرة العدل وبأنه يَكنّ لها مشاعر صادقة، لكن خلية الاعلام التابعة لمجمعه وجدت نفسها في ورطة بسبب الطلبات التي وجهها الصحافيون لاجراء حوارات معه، لدرجة انه صرخ في وجه معاونيه ذات مرة «لن أوظف مسؤولا عن الاعلام لادارة هذه السخافات».
ظهر على السطح أيضا اسم مذيع التلفزيون ارتور وهو أيضا مقرب من رئيس الجمهورية وهو شخصية ثرية ومؤثرة، وقد شوهد أحيانا مع وزيرة العدل.
ويضاف الى قائمة الشخصيات المشتبه في كون احداها والدا لطفلة رشيدة داتي، اسم خوزي ماريا أزنار رئيس الحكومة الاسبانية السابق.
ويؤكد الموقع الالكتروني المغربي، اوبسارفاتير أم أ، هذا الخبر، نقلا عن مصادر قال انها موثقة.
مرحلة الإشاعات
لقد تلقفت الصحافة الاسبانية الخبر بسرعة، فيما عرض تلفزيون تيليسانسو صورا لرشيدة داتي وخوزي ماريا ازنار وعاد بالمشاهدين الى الوراء، وبالذات الى العشاء الذي جمع الشخصيتين في 19 ديسمبر 2007 في بريستول.
لقد حضر حفل العشاء في تلك الليلة كل من نيكولا ساركوزي وكارلا بروني وخوزي ماريا ازنار وفرانسوا فيون والمغني خوليو اغليسياس والصديقة الجميلة.
أما جريدة اسبانية أخرى وتدعى «استريلا ديجيتال» فكتبت «تناول خوزي ماري أزنار العشاء مرة ثانية مع رشيدة داتي بعد 15يوما من اللقاء الأول، لكن في هذه المرة كانا بمفردهما وفي مطعم لو ديفيلاك الراقي».
التقطت الصحافة الفرنسية بدورها الاشاعة، أما المقال الذي تضمن أكثر التفاصيل فكان المقال الذي نشر في أسبوعية «بوان دو فو»، وهي أسبوعية متخصصة في متابعة أخبار المسؤولين، لكنها اهتمت أكثر فأكثر منذ انتخاب نيكولا ساركوزي رئيسا بابراز أخبار السياسيين والسياسيات على صدر الصفحة الأولى.
لقد سارع خوزي ماريا أزنار الى تكذيب ما تناقلته الصحف رسميا وقال «يتعلق الأمر بكذبة لا غير»، ثم طالب محاميه بدراسة كل الوسائل القانونية الممكن اتخاذها ضد من ساهموا بنشر هذه الأخبار المغلوطة، وكان رئيس الحكومة السابق قد اتخذ الاجراء ذاته ومارس التهديدات ذاتها، بعد أن تناقلت الصحف المحلية الاسبانية أخبارا عن وجود أزمة بين أزنار وزوجته أنا بوتيلا.
تكذيب أزنار
لكن العديد من العناصر هي التي ساهمت في بروز هذه الاشاعة، بداية بالصديقة الجميلة، التي أسرت الى بعض مقربيها ومنهم مستشارون في قصر الاليزيه، بأنها تعيش قصة جميلة مع أزنار، وأظهرت للبعض منهم بعض الرسائل الهاتفية التي بعثها لها باللغة الاسبانية، وأما العنصر الثاني هو تأكيدها بان خوزي ماريا أزنار هو والد طفلتها حين سألها الرئيس ساركوزي صراحة عن هوية الوالد. فهل كذبت على الرئيس ساركوزي في هذا الموضوع الشخصي؟ولماذا كذب خوزي ماريا أزنار تكذيبا قاطعا الخبر ان كانت هي صادقة؟
بحسب مصدر من هرم السلطة، فان خوزي ماريا ازنار نشر التكذيب حتى يحمي وزيرة العدل الفرنسية من منظمة ايتا الانفصالية، التي تهدد عائلته، وقال المصدر ذاته، ان البيان أُرسل الى وسائل الاعلام، بعد أن وافقت عليه الصديقة الجميلة وشاركت في انتقاء ألفاظه. غير أن ألسنا طويلة أخرى أكدت فرضية ثانية، حيث يقول احد الملاحظين وهو مقرب من نيكولا ساركوزي «ان ازنار يود العودة الى ممارسة السياسة، والهيئة الناخبة الكاثوليكية التي تصوت لصالحه، لن تتقبل أبدا انفصاله عن زوجته ليعيش مع خليلته الفرنسية المسلمة، ذات الأصل المغربي».
بالرغم من تكذيب الوزير الأول الاسباني السابق الا أن عددا من المواقع الالكترونية ذكرت في منتصف شهر ديسمبر 2008، بان الاستخبارات المغربية تملك اثباتات تؤكد أبوة رئيس الحكومة الاسبانية سابقا لابنة رشيدة داتي، ذلك أن الرباط تقوم بمراقبة أزنار لأنها تعتبره عدوا للمملكة المغربية.
«من ليس الأب»
ذكرت الصحف إلى جانب أزنار،اسمي سكرتيري الدولة برنار لابورت وايريك بيسون،لكن الرجلين كذبا الخبر بدورهما.
داتي ولابورت يعرفان بعضهما جيدا، وقد لاحظ الجميع انسجامهما، غير ان لابورت صدم رشيدة، خلال احتفال خصص لأبطال دول الاتحاد الأوروبي الـ27، حضر فيه كل منهما، وصرح خلاله بأنه ليس والد الطفل الذي تحمله رشيدة داتي.
لقد تعجب الحضور من تصريح لابورت، فيما انزعجت رشيدة كثيرا وكانت حاضرة بصفتها رئيسة المقاطعة السابعة حيث تمت التظاهرة.
لا احد فهم سبب تصريح لابورت، أكان الأمر يتعلق بمزحة أو توضيح حقيقي، لقد قالت رشيدة داتي لعدد من مقربيها في الأيام التالية ان اعلان زميلها في الحكومة سبب لها جرحا كبيرا. ومن جهته برّر برنار لابورت تصريحه هذا بضرورة أنه يوضح الأمور أمام أولاده.
وأما على شبكة الانترنت فقد تحولت لعبة «من هو الأب؟» إلى لعبة «من ليس الأب».
استضافت فرانس 2، رشيدة داتي، وكانت هذه الأخيرة مستعدة للإجابة عن جميع الأسئلة خصوصا بعد أن أصبح بيار شارون إلى جانبها.
ويروي احد أعضاء ديوان الاليزيه ان رشيدة في ذلك اليوم لم تتوقف عن تناول البسكويت وكانت تقف وتجلس كثيرا، فيما لم يتوقف بيار عن مطالبتها بالتركيز خلال البروفة التي أجرتها مع ارلات شابوت وكانت واقفة مثل أي ضيف آخر، بينما اقترحت عليها الصحافية الجلوس.
لم تكن مديرة فرانس 2 تود التطرق إلى أي موضوع سياسي، حيث كان شغلها الشاغل هو أن تتحدث وزيرة العدل عن التكذيبات التي ينشرها يوميا عدد من الرجال المعروفين والتي ينفون فيها ابوتهم للطفل الذي تحمله. لقد ردت رشيدة بجملة لم تمر مرور الكرام «لست بمفردي»، وبدا جليا ان وزيرة العدل غير مرتاحة، حين دعيت للتعليق على الصفحة الأولى لمجلة باري ماش والتي قبلت أن تظهر فيها مرتدية فستان ديور.
الشعور بالوحدة
تقربت رشيدة داتي من الزوجة السابقة لريتشارد اتياس وتدعى ايمانويل هوفمان اتياس، بعد أن قطعت علاقتها بسيسيليا وريتشارد اتياس بناء على رغبة الرئيس. وايمانويل هوفمان اتياس هي محامية متخصصة في الدفاع عن الماركات.
استقبلت وزيرة العدل في مكتبها ايمانويل وقالت لها «أود أن أعيد علاقتي بريتشارد وسيسيليا، أنا نادمة حقا على كل ما فعلوا، لكن عليكم أن تفهموني، لم أكن في وضعية جيدة، هل يمكن أن تكوني مبعوثتي إليهما»؟!.
فؤجئت المحامية وأجابت «لا أظن باني الشخص المناسب لمثل هذه المهمات».
تشجعت رشيدة بعد مرور أسابيع وبعثت برسالة هاتفية مطولة أخبرت فيها سيسيليا بحملها، غير أن هذه الأخيرة أجابت بكلمة واحدة «تهانيّ».
توقف الاتصال بين السيدتين عند هذا الحد، وعندما أنجبت البنت الكبرى لسيسيليا، لم تتفاعل الصديقة الجميلة مع الحدث أبدا.
ولكن لماذا سعت الصديقة الجميلة إلى التقرب من سيسيليا على الرغم من أن الرئيس طلب منها قطع علاقتها بها نهائيا؟ وما الذي جنته من هذه العملية؟
يقول احد المقربين من وزيرة العدل «لقد شعرت وزيرة العدل بالوحدة في هذه المغامرة، هي ترى بأنها ستكون محاطة بعائلتها في ما يتعلق بتربية طفلها منذ ولادته، لكنها لا تجد من ينصحها في اختيار ملابسها وفي كيفية التعامل مع الأحداث والتواصل مع وسائل الاعلام، ولا تجد حتى من ينصحها بمواجهة نظرات الآخرين، لذا كانت سيسيليا ملجأها الوحيد.
• لقاءات ساركوزي لا تتجاوز ربع الساعة.. ومع رشيدة بقي ساعة
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عليها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخائيل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
ما ان تربع نيكولا ساركوزي على عرش ساحة بوفو في عام 2003، حتى بدأ في التفكير في التربع على عرش قصر الاليزيه، وبالفعل لم يتطلب الامر منه سوى اربع سنوات، سعى خلالها الى اثارة الرأي العام الفرنسي من خلال عبارات رنانة، حاول من ورائها استفزاز اليمين واكتساح مساحات انصار جاك شيراك.
لقد قبل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك شيئا فشيئا فكرة ادماج «ولده الشرير» نيكولا، بعد الخيانة التي تعرض لها من قبل انصار رئيس الوزراء الاسبق بالادور في عام 1995، حيث راح يلاحظ شيراك هذا المخلوق بفضول وقلق.
كانت بعض الجمل تتسرب عن اللقاءات التي كان الرجلان يعقدانها على انفراد، حينما كان نيكولا وزيرا للداخلية، ومنها النصيحة التي اسداها له شيراك، عندما قال له «نيكولا، من حقك ان تترشح للانتخابات الرئاسية، تملك الموهبة والطاقة اللازمتين».
كان الجميع في معسكر ساركوزي ينظفون الاسلحة ويعدون الرصاصات، كما كانوا يعدون المخططات، فرجل ساحة بوفو مقر وزارة الداخلية، لم يتوقف عن قلب اي مخطط يبعد عنه.
لم يكن ساركوزي يعبأ بالحذرين او الهادئين، ذلك ان همه الرئيسي، كان البقاء اعلى اليافطة دوما، فهو من قال لفريقه «اذا ما نجحت، لا شيء ولا احد بإمكانه ايقافي».
اعلن نيكولا ساركوزي في 20 نوفمبر 2003، ترشحه للانتخابات الرئاسية واختار لذلك الدقائق الاخيرة برنامج «100دقيقة لأجل ان تقنع» الذي تبثه مباشرة قناة فرانس 2 التلفزيونية، فهل فكر ساركوزي في الرئاسيات صباح ذلك اليوم فقط؟
لقد بدأت معركة رشيدة داتي في ربيع عام 2002 في ديوان هذا الوزير، حيث جندت هذه المرأة جهودها للتغلغل في دوائر السلطة، غير ان احد الشاهدين على هذه المرحلة من حياة رشيدة يؤكد ان لا احد اراد مساعدتها: «لقد ادى توظيفها في وزارة الداخلية الفرنسية الى اعادة توزيع المناصب والمنح ـ تظنون بأن فريق ساركوزي لم يكن سيقبل بذلك ـ لكنها كانت تستفيد من حماية كبيرة جدا».
«كلفوني بأي مهمة»
كان من يحمونها مقتنعين تمام الاقتناع بقدراتها، وامام هذا الاصرار، انتهى كلود غيان الى استقبالها وهو متأكد تماما بأنه سيبلغها ان لا مكان لها هنا في وزارة الداخلية، غير انها اجابت «كلفوني بأي مهمة، سأعمل كفأرة صغيرة، انا مستعدة لمساعدة ايمانويل مينيون، اود ان اشتغل معها»، لكن غيان اجاب «ايمانويل ليست بحاجة الى مساعدة».
لم تتوقف رشيدة داتي عند هذا الفشل، حيث تمكنت من الحصول على موعد للقاء نيكولا ساركوزي، لم يكن الامر طبيعيا، حيث يقول احد المستشارين المقربين من الاخير «لم يحصل سابقا ان خصص وزير في مستوى نيكولا ساركوزي جزءا من وقته لمقابلة توظيف مرشحة لمنصب مستشارة».
كتب ــ مؤجل
لكن الصديقة الجميلة كسرت كل القوانين. وعندما التقت وزير الداخلية، ذكرته بأول لقاء بينهما في عام 1996، حين كان رئيساً لبلدية نويي.
كان ساركوزي واحدا من الشخصيات التي ارسلت لها رشيدة رسالة تقدير، لقد كانت توجه كل مرة مثل هذه الرسائل الى سياسيين وسياسيات ينتمون الى اليمين واليسار، والى فنانين وكتاب وصحافيين، كما راسلت ايضاً المغني الان سوشون، الذي كان يجيبها احيانا، فمؤلف «حب 1830» لم يكن يستطيع ان يقف صامتا امام مبادرتها التي جعلته يعيش لحظات من القرن الثامن عشر.
في عام 1996، كان رئيس بلدية نويي والوزير السابق واحدا من بين السياسيين الفرنسيين، الذين فقدوا كل شيء بعد ان دعموا ادوارد بالادور في الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 1995، لقد بدا مصير نيكولا ساركوزي في تلك المرحلة مجهولا تماما.
رفض جاك شيراك بصفة قاطعة العفو عن ساركوزي، واسناد حقيبة وزارية له، على الرغم من توصيات مستشاريه، حيث دافع كل من الامين العام لقصر الاليزيه دومينيك دوفيليبان ووزير الداخلية الان جوبيه عن عودة نيكولا ساركوزي.
وعلى الرغم من ان الرئيس الفرنسي لا يتذكر اي شيء عن اللقاء الذي جمعه برشيدة غير ان مدير مكتبه على مستوى بلدية نويي فرانك لوفريي يتذكر اللقاء الذي تم بينهما، حيث يقول «في ذلك الوقت، كان اللقاء مع نيكولا ساركوزي يدوم ربع ساعة الى نصف ساعة كأقصى تقدير، ولقاؤه برشيدة قاربت مدته ربع ساعة».
10 دقائق
وفق رشيدة فان ساركوزي طلب توظيفها «بأي طريقة» بعد 10 دقائق فقط من اللقاء الذي تم بينهما، غير ان حقيقة التوظيف هذا معقدة وغير مفهومة.
ووفق احد اصدقاء رشيدة داتي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، فان بيير بوسكيت دو فلوريان طلب من كلود غيان توظيفها في تلك السنة.
في تلك الفترة، كانت بوسكيت دوفلوريان مسؤولا عن مديرية مراقبة الاقليم ويعرف رشيدة منذ سنوات عدة، ذلك انه رجل «شغوف باكتشاف اللآلئ النادرة».
لقد شغل بوسكيت بين عامي 1986 و1988 منصب مدير مكتب وزير العدل البان شالاندون، الذي احاط رشيدة داتي بحمايته منذ عام 1987.
التقت رشيدة الرجل المعروف بأناقته في احتفال أحيته السفارة الجزائرية في باريس، بمناسبة عيد استقلال الجزائر، وهو الاحتفال الذي حضرته رشيدة بعد أن نجحت في الحصول على دعوة.
تعرفت رشيدة خلال الحفلة على الممثل روجي حنين، وتمكنت من الحصول على أرقام هواتفه، بعد أن أبدت إعجابها به، ثم انتقلت إلى شالاندون، وقالت له «حدثني أبي عنك مرارا، إنه يقدرك».
وقف وزير العدل مذهولا أمام هذه السمراء الفاتنة ووعدها بغداء، لا يحضره أحد سواهما. وبالفعل لم تمض سوى أيام فقط على أول لقاء، حتى استقلت رشيدة الـ «تي جي» في القطار السريع باتجاه العاصمة، وبالضبط نحو قاعدة الغداء في فندق بورفايي في باريس، لتصبح بسرعة من بين المقربين من وزير العدل الفرنسي، حيث كانا يتبادلان الرسائل ويتناولان الغداء ويشربان الشاي مساء، كلما سنحت الفرصة.
طلبت رشيدة ـ ذات الاثني والعشرين ربيعا ـ من وزير العدل أن يوفر لها وظيفة، فاقترح عليها الالتحاق بشركة ELF.
يا لها من صدفة، فبيار بوسكيت دوفلوريان، غادر وزارة العدل والتحق لتوه بشركة ELF، التي أدار بها خلية الاتصال ما بين 1988 و1990، فيما التحقت رشيدة داتي في 1 يناير 1988 بمصلحة الحسابات التابعة لهذه الشركة البترولية.
رغبة جامحة
انتقلت رشيدة في تلك الأثناء للسكن في غرفة تقع في شارع بورغوني في المقاطعة الباريسية السابعة، غير بعيد عن مقر الجمعية الوطنية.
كان التحاق رشيدة داتي بديوان نيكولا ساركوزي في عام 2002، بناء على اقتراح من بيار بوسكيت دوفلوريان ويظهر أنها لعبت دورا في المصالحة بين أنصار جاك شيراك وأنصار بالادور، ذلك أن دو فلوريان كان مقربا من دومينيك دوفيليبان.
لقد سعى السكرتير العام لقصر الايليزيه، والذي تولى منصب وزير الخارجية بعد إعادة انتخاب شيراك، إلى إحداث تقارب بين الرئيس شيراك ورئيس بلدية نويي ساركوزي.
لم يكن بمقدور ساركوزي أن يرفض طلبا لواحد، مثل بوسكين دو فلوريان، بعد أن عاد إلى الحكومة وتربع على عرش وزارة سيادية، وإن لم يكن يطيق هذا الشخص.
كان التحاق رشيدة داتي بساحة بوفو ـ حيث تقع الداخلية الفرنسية ـ بادرة حسن نية في سبيل وفاق مؤقت بين وزير الداخلية البالادوري حتى النخاع وزميله في الشؤون الخارجية المعروف بتعاطفه مع شيراك.
التحقت الصديقة الجميلة في سبتمبر 2002 بديوان وزير الداخلية، كمستشارة مكلفة الوقاية من الانحراف، حيث قدمها ساركوزي لمعاونيه في اجتماع عمل، قائلا: «لم ألتق أبدا شخصا يود العمل معي بهذه الصورة».
كان «رب العمل» مثلما يلقبه البعض، يشترط على مستشاريه التفرغ الكلي وكان يطلب منهم دوما أن يضعوا حياتهم الخاصة بين قوسين. وحتى تجد لنفسك مكانا بالقرب من اي زعيم، فعليك أن تعمل أكثر وليل نهار.
كانت المنافسة بين المستشارين في ساحة بوفو شديدة جدا وعنيفة أحيانا، خصوصا مع رشيدة، التي أغرقت نفسها في العمل وفي الملفات، حيث لم يكن لها متسع من الوقت كي تخصصه للفريق الذي تعمل معه.
وعكس ما يعتقد البعض وما تريد أن يعتقده الناس عنها، فرشيدة ليست حديثة العهد بدوائر السلطة. فقبل سنوات عديدة، كانت على علاقة بكبار المسؤولين وبوزراء سابقين. لقد كانت هذه الأوساط الراقية والرفعية المستوى تبهرها وتشدها إليها.
إرادة وإصرار
لقد استفادت رشيدة داتي على سبيل المثال وطيلة عشر سنوات من دعم هنري نيجدام صاحب أسبوعية «استراتيجي» والمسؤول الحالي لنوفيل ايكونوميست، منذ اليوم الأول الذي تلقى فيه رجل الإعلام هذا مثل آخرين رسالة من رشيدة.
يقول هنري نيجدام «كانت الرسالة حسنة الشكل، وكافية لأقبل طلب مراسلتها واستقبلها».
لقد صُدم رجل الإعلام بمنظر محدثته عندما التقاها أول مرة في فندق رافاييل يتذكر «لم تكن لها هيئة مثيرة، لكني رأيت في عينيها إرادة وإصرارا أذهلاني».
قبل نيجدام بعد أول لقاء بينهما أن يسدي لها النصيحة، لكن لماذا؟
لم يكن هذا الرجل في تسعينات القرن الماضي، يملك وقتاً إضافياً يستطيع إضاعته مع شخصية لا يعرفها وليس مغرما بها، غير انه يقول «لقد أعجبني حديثها، وطلبت مني أن أصبح مرشدها وناصحها».
كثيراً ما كانت رشيدة داتي تستعمل هذه الطريقة للوصول إلى شخصيات نافذة» كما كانت كثيراً ما تتحدث عن أسماء كبيرة خلال لقاءاتنا، مثل البين شالاندون وسيمون فاي وجون لوك لاغاردير وجاك اتالي...».
لاحظ الصحافي على رشيدة صراعاً بين ثقافتين، واحدة شرقية ترتكز على دور المرأة في بيتها، وأخرى غربية متفتحة على عوامل أخرى.
كانت الشابة داتي تكرر دوماً عبارة «احلم بالعمل لمصلحتكم»، كلما التقت مسؤولاً أو مدير مؤسسة أو وزيراً، ويقول شاهد اشتغل إلى جانبها في وزارة الداخلية بأن هذه التقنية كانت دائماً مصدر قوتها.
سلوكيات العالم الجميل
لا ينسى رجل الاعلانات الكبير وصاحب اكثر الشعارات شهرة في فرنسا فيليب لوران كيف دخلت رشيدة حياته فجأة، وكيف خرجت ايضا بطريقة مفاجئة: «لقد التقيتها ذات مساء في سفارة المغرب بمناسبة العيد الوطني، حيث قدمها لي اخ السفير السيد بادو وهو صديق مشترك بيننا، حدثتني بطريقة لبقة جدا ووجدتها زوجتي آنذاك ماريشا رائعة. لما توفيت زوجتي في حادث مرور، زارتني في الليلة نفسها، وبقينا نتحدث حتى الساعة الثالثة صباحا، كانت تحاول مواساتي وفي نهاية حديثنا، اخبرتها باني سأغادر باريس لاستقر في طنجة وباني سأترك وكالتي، لكني لم القها منذ ذلك اليوم، ويظهر اني لم اكن اهمها».
بعد مرور سنوات على هذا اللقاء، التقى فيليب لورين مجددا بمستشارة نيكولا ساركوزي خلال حفل عشاء ولما قال لها «اظن اننا نعرف بعضنا» اجابت وقد ادارت وجهها: «نعم، يظهر لي ذلك»!
منذ تلك الفترة، اعتمدت رشيدة داتي على مفكرتها وما تحمله من ارقام هاتفية وعناوين، لكنها لم تكتف بهذا فقط، وانما اعتمدت ايضا على «علم السلوكيات في العالم الجميل».
فاجأت رشيدة داتي زملاءها في محكمة بيرون، حيث شغلت اول وظيفة في حياتها قبيل التحاقها بالمدرسة الوطنية للقضاء، فاجأتهم عندما لبست روب سيمون فاي في حضور مارسو لونغ.
والبين شالاندون هو ايضاً من مكن رشيدة داتي قبل عشر سنوات، من اجتياز فترة تدريبية في مكتب مارسو لانغ، حينما كان يرأس المجلس الاعلى للاندماج.
تعلقت داتي بلونغ، الذي قدمها بدوره الى سيمون فاي، حيث قامت هذه الاخيرة برعاية داتي وتوجيهها، والتي كثيرا ما تطرقت للاحاديث التي كانت تتم بينهما وبين الرئيسة السابقة للبرلمان الاوروبي، غير ان وزيرة الصحة سابقا تحدثت في مذكراتها طويلا عن المشاكل التي تواجه المجتمع الفرنسي، كما تطرقت الى فكرة ريتشارد دسكوينغ الخاصة بترقية العلوم السياسية في الضواحي، لكنها لم تذكر ابدا اسم رشيدة داتي في اي صفحة من مذكراتها.
في بيرون، كانت القاضية الجميلة تتناول الغداء مع رئيس المحكمة وكانت تجلب الكاميرات الى قاعة الجلسات، كما كانت تحتج على التعليمات الموجهة اليها، وتقضي معظم وقتها في القطار المتجه الى باريس، حتى لا يفوتها حفل العشاء المهم، او السهرة الفاخرة.
حب من طرف واحد
في هذه الفترة من حياتها، التقت رشيدة داتي بفريدريك فرني، مقدم البرنامج الادبي «حقوق المؤلف» على القناة التلفزيونية فرانس 5.
يقول فريدريك «لقد عشت قصة صداقة وحب جميلة مع رشيدة، كنت بحاجة الى ان أخفف عن نفسي وأعيش تجربة اخرى بعد طلاقي، كنت آخذها الى المسرح، كما كنت أرافقها الى سهرات رائعة، كما كانت تساعدني بين الفينة والاخرى في اعداد برنامجي، خصوصاً عندما كنت ابحث عن خبراء في العدالة، لم تكن تحب القراءة، لكن وسائل الاعلام كانت تهمها».
غادرت رشيدة في تلك الايام الضاحية، للاقتراب اكثر فأكثر من العاصمة، حيث عينت في الفرع الاقتصادي التابع لمحكمة افري.
كان محيط فريدريك فرني يضم كتابا وكوميديين ورجال ونساء تلفزيون، ورشيدة شابة جذابة، قادرة على اختطاف اي كان في طريقها، غير ان التحاقها بمكتب نيكولا ساركوزي والعلاقة العاطفية التي حاول فريدريك فرني بناءها معها، اثرا سلبا في العلاقة بينهما، ادرك الصحافي ان شريكته تبتعد عنه شيئاً فشيئاً، في وقت بدأت فيه بالاقتراب من السلطة، خصوصاً بعد ما ابلغها في مايو 2008، عن توقيف برنامجه «باخرة الكتاب»، لكنها بدت غير مهتمة على الاطلاق بمصير صديقها الذي علق على الواقعة: «من دون شك لرشيدة انشغالات اخرى».
رشيدة تعرف نصف شخصيات باريس ونادراً ما تقضي أمسياتها في بيتها
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عليها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخائيل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
اكتشفت داتي، هذه المستشارة البسيطة، كل الثغرات بمجرد تعيينها في وزارة الداخلية الفرنسية عام 2003، لتنتقل بذلك الى مرحلة ثانية من مخططها.
لم تكن الانجازات التي حققتها رشيدة داتي الى حد الساعة هدية، وانما كانت انجازات لعب فيها الحظ دوره، كما كان لجاذبيتها كامرأة دور خاص في مشوارها.
كان مستشارو نيكولا ساركوزي يشكلّون قبيلة، لها لغتها الخاصة وقوانينها ايضا، وتتشكل هذه القبيلة من مسؤول الاعلام فرانك لوفريي والمستشار البرلماني فريدريك لوفابفر والمستشار الخاص بريس هورتفو بالاضافة الى بعض المنتخبين مثل باتريك دفيغيان وكريستين ايستوري والان جويدندات. وكانوا يشكلون النواة التي يعتمد عليها ساركوزي في كل شيء.
كانت هذه الاسماء هي التي يراها الناس في الخارج، غير ان ساركوزي كان يعتمد على اشخاص آخرين في الكواليس، من امثال ماري هيلين ديبار.
لقد اكتشف ساركوزي ماري المرأة المعروفة بقدرتها الخارقة على العمل، فهي تكنوقراطية، منضبطة ومعترف بها كخبيرة في ملف كورسيكا التي تنحدر منها.
كانت هذه السيدة لسنوات ظل ساركوزي، حيث دعمته ووقفت الى جانبه منذ ان اشتغلت في بلدية نويي في نهاية تسعينات القرن
الماضي، الى ان عينّها وزير الداخلية عام 2002، مديرة مكتب كلود غيون، ذلك انها كانت دوما في صف المقربين.
كانت ماري هيلين ديبار تحب قضاء وقتها صبيحة ايام السبت في مقر الوزارة، حيث كانت تنكب على تصحيح تقاريرها ومراسلاتها برفقة كلود غيون الذي يلازم مكتبة هو الآخر طيلة ايام الاسبوع.
لاحظت رشيدة داتي اثناء بحثها عن مفتاح يمكنّها من التموقع في محيط «الشرطي الأول» في فرنسا، ان هذه السيدة لا تفارق مكتبها وتلازمه حتى خلال اجازة نهاية الاسبوع، ما اثار في ذهنها الكثير من التساؤلات.
قررت الصديقة الجميلة صبيحة سبت، ان تفاجئ ماري هيلين ديبار وكلود غيون بزيارة خاصة الى مكتبيهما.
تحدثت رشيدة في تلك الزيارة، ومن دون طابوهات، عن حياتها وقصة والدها وعائلتها وقساوة الظروف التي واجهتها في فترة الشباب في شالون وايضا قصة زواجها المرعبة مع رجل لم تحبه يوما.
نادراً ما كانت رشيدة داتي تقضي امسياتها في بيتها، حينما كانت مستشارة لساركوزي عام 2003، غير ان التحاقها بساحة بوفو، غيّر حياتها تماما.
مغامرات نادي «سياكل»
كان عدد قليل من موظفي وزارة الداخلية يعرفون ان الصديقة الجميلة تنتمي إلى نادي سياكل الراقي، الذي يجمع بين أعضائه شخصيات سياسية واقتصادية وإعلامية، كما كانت تتناول العشاء كل أربعاء في مقر نادي السيارات الواقع في ساحة الوئام في باريس. أسس النادي عام 1944 من قبل جورج بيرار كولان، وفي عام 2005، كان يضم 580 عضوا و160 مدعوا ينتظرون صدور قرار قبول انتمائهم للنادي.
ويجمع عشاء الأربعاء كلا من فرانسوان فيون وجان بيار رافاران وليونيل جوسبان ولوران فابيوس ودومينيك ستروس خان والغالبية العظمى لمديري الصحف، غير ان عضوية رشيدة داتي قُبلت في عام 2003 بعد ان دعمها جيرار وورمس عن بنك روتشيلد.
كانت رشيدة متعودة على هذه الأجواء ويقول جيرار وورمس «لقد تفاجأ كلود غيون، لما حدثني عنها، بأنها تعرف نصف شخصيات باريس»، فيما تعترف صديقة لها بمواهبها وقدراتها في قولها «أنا آسفة لأني لا أملك موهبتها في إثارة إعجاب الرجال والنساء على السواء».
عهد كلود غيون لرشيدة في تلك الفترة، مهمة تتناسب مع مزاجها وكانت تقتصر على تحضير تنقلات وزير الداخلية إلى الأحياء الحساسة حيث يرتفع التوتر.
لقد بدا ساركوزي حاداً وصارماً في التعامل مع الأحداث التي عرفتها ضواحي باريس، خلال اجتماع مع مستشاريه وكانت رشيدة تكتب الخطابات الوزارية أحياناً لكنها كانت كثيراً ما تصاب بحالة هيجان، إذا لم تزود بالأرقام والمعلومات الصحيحة والمهمة.
قرر نيكولا ساركوزي القيام بحملة وقائية في 21 حيا وفق مخطط جند له رؤساء الدوائر، أعلن عن المخطط في الضواحي الساخنة وكان ينتظر أن يقوم وزير الداخلية بجولة في فرنسا كلها، غير انه لم يكمل سوى مرحلتين وأسند الباقي إلى فرق من وزارة الداخلية، ترأستها رشيدة داتي.
تغيرت نظرة ساركوزي لرشيدة داتي بعد حادثة رسخت بذاكرته، فخلال إحدى زياراته الميدانية إلى حي من أحياء ضواحي باريس، نادت رشيدة داتي أحد الشباب وخلعت عن رأسه القبعة قائلة «انك في حضرة السيد الوزير».
تطرق ساركوزي إلى الحادثة وقال «انها امرأة لا تخاف شيئاً، أحب العمل مع أشخاص بمثل هذه الصفات، ذلك اننا نصل إلى حيث نريد برفقتهم».
استطاعت رشيدة داتي في 13 فبراير 2004 في مدينة ليون ان تزيل شفرة الرسالة التي وجهها لها وزير الداخلية... لقد قبلت أخيراً في الدائرة الساركوزية.
ابنة عائلة مهاجرة
قررت رشيدة أن تلعب جيدا منذ أن وطأت قدماها الحياة الاجتماعية الجديدة، غير أنها لم تنس أبدا أنها ابنة عائلة مهاجرة كثيرة العدد، فوالدها يدعى مبارك وكان بناءً مغربيا، أما والدتها فجزائرية تدعى فاطمة الزهراء دلهوم.
لقد غذت كل هذه العناصر التي شكلت سيرتها الذاتية خطاباتها اليومية، حيث بدأت في التموقع شيئا فشيئا منذ بداية عام 2004، في مكتب ساركوزي.
شاركت الصديقة الجميلة في تأسيس منظمة تسمى القرن ال21، وكان خطاب النواة الأولى يتمحور حول فكرة ناد يجمع رجالا ونساء منحدرين من أعراق مختلفة.
وتضم هذه الجمعية زبدة أبناء المهاجرين من المغرب العربي الكبير وافريقيا جنوب الصحراء وأيضا من آسيا.
كانت الكلمة تعطى خلال عشاء الأربعاء الذي يتم ترتيبه شهريا في المطعم اللبناني الذي يقع في الحي اللاتيني إلى واحد من المتنفذين في عالم الاقتصاد او السياسة او الإعلام، ومنهم كلود ببيار احد أهم ممولي النادي بالإضافة إلى جون مارتان فولز عن بيجو وارنست انطوان سيليير عن ميداف ونيكولا ساركوزي ولوران فابيوس وألان جوبيه وفرانز اوليفيي جيسبرت وجون بيير الخباش.. الخ
كانت رشيدة داتي تفعل المستحيل للتقرب من النخبة، في وقت بدأت فيه مبادرة القرن ال 21 تلقى رواجا لدى الصحافة الفرنسية. فالناطقون الرسميون باسم النادي صاروا مطلوبين لدى وسائل الإعلام للتحدث عن مشروعهم، مما أعطى شرعية جديدة لرشيدة داتي، التي أضحت نجاحاتها في منظمة القرن ال 21 رهانا سياسيا.
بدأت حرب الكلمات تشتعل على الساحة السياسية، ضد افكار ساركوزي المناصر لمبدأ «التمييز الايجابي»، غير ان المجلس الأعلى للاندماج في فرنسا وصى في تقرير له بإعادة النظر في سياسة الاندماج في فرنسا.
واجه نيكولا ساركوزي في تلك الفترة وابلا من الانتقادات بعد أن عين مسلما يدعى عيسى درموش في منصب رئيس دائرة، وعلى الرغم من ذلك جدد دفاعه ومرافعته لمصلحة التمييز الايجابي امام طلبة معد الدراسات السياسية في باريس بتاريخ 6 يناير 2004.
بداية الانتقام
كتب هوغ موتوح خطاب ساركوزي في ذلك اليوم، وموتوح هو قانوني وصاحب أطروحة حول المسألة، كما يعمل إلى جانب كلود غيون وينتمي مع رشيدة داتي إلى منظمة القرن الـ21.
وبينما اشتد الصراع بين أنصار شيراك وأنصار ساركوزي، بدأ صراع آخر أبطاله هذه المرة المثقفون الفرنسيون المتحدرون من أصول مغاربية. كان حكيم القروي رئيس النادي يكافح من أجل أن يحتفظ النادي باستقلاليته، أمام باقي تيارات اليمين المسيطرة داخل منظمة القرن الـ21، وكان مسنودا بهوغ موتوح، فيما كانت رشيدة داتي تعمل على جذب المزيد من الاشخاص إلى مدار رئيسها نيكولا ساركوزي.
كان الرهان صعبا وكان وزير الداخلية يبحث عن دعم له في أوساط أبناء المهاجرين خصوصا أنه يستعد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية.
حاولت رشيدة داتي سحب البساط من تحت حكيم القروي بعد أشهر قليلة من انضمامها إلى منظمة القرن الـ 21، لكنها فشلت، ذلك أن غالبية أعضاء النادي كانوا يدعمون حكيم القروي، الذي كان يدافع عن تصور إنساني للقضية لا سياسي.
فضلت رشيدة داتي الاستقالة بعد أن تم إقصاؤها، ويؤكد أحد المقربين من حكيم القروي بأنها تابعت انتقامها منذ تلك اللحظة من الذين وقفوا في طريقها في تلك المرحلة.
في تلك الأثناء، التحق رمز آخر من رموز التنوع في فرنسا، بمنظمة القرن الـ 21 قبيل سنوات ويتعلق الأمر براماياد الوزيرة المنتدبة المكلفة حاليا بحقوق الإنسان، والتي يقارنها الكثير برشيدة داتي.
في أكتوبر 2008، نظمت مليكة بن العربي وهي مستشارة سابقة في وزارة الداخلية ما بين عامي 2005 و2007، ملتقى كبيرا حول الثقافة واللغة العربية، لكنها لم تطلب من وزيرة العدل ان تتكلم، غير أن هذه المرأة المعروفة بمناصرتها للرئيس جاك شيراك احتفظت لراما ياد بمكان مميز في التظاهرة، التي ضمت كل الانتلنجسيا العربية في فرنسا.
كان يُنظر إلى مليكة بن العربي كمنافسة لرشيدة داتي، فهي حاصلة على شهادات أكبر ومناضلة منذ زمن طويل في قضايا الاندماج كما انها امرأة جذابة من الناحية الجسدية.
وعن الشخصيتين، يقول أحد أعضاء مكتب وزير الداخلية «كانت مليكة تشتغل بحدة، غير أننا كنا نلاحظ رشيدة، وعندما كان الأمر يتعلق بنشاط للوزير في الضواحي، كانت مليكة تحرر التعليمات وكانت تقوم بالعمل الأساسي، غير أن رشيدة كانت تأمر بالتمويل بعد أن تجري ثلاث مكالمات هاتفية فقط، كانت رشيدة تعرف جيدا من تُكلّم لإتمام أي موضوع، كما تحفظ عن ظهر قلب الآليات التي تمكن من إشراك القطاع الخاص في النشاط العمومي، لقد كانت تملك سلطة وطموحا كبيرين جدا».
لحظات الصراحة
نظم نيكولا ساركوزي خلال عام 2006، حفل غداء لكل السفراء العرب المعتمدين في العاصمة الفرنسية باريس حتى يتحدث معهم في المسائل المتعلقة بالإسلام والهجرة في فرنسا.
ويقول احد المستشارين في ديوان ساركوزي ان رشيدة داتي التقت الدبلوماسيين جميعهم قبيل الغداء حتى طلبت منهم التطرق الى موضوع تعيين شخصية من اصول عربية في الحكومة الفرنسية، ثم دعت كل المستشارين الدبلوماسيين الى استبعاد مليكة بن العربي من الاجتماع.
تم كل شيء وفقا لآمال رشيدة ورغباتها، فالسفراء تطرقوا الى القضية وساركوزي سمع الرسالة في حضور داتي.
يمكن ان نفكر في ان وزيرة العدل رشيدة داتي قد مسحت من ذاكرتها مليكة بن العربي، هذه المرأة التي عاشت كل حياتها بعيدا عن الاضواء، لكن الامر غير ذلك تماما، فوزيرة العدل اتصلت بمليكة بن العربي حين كانت مديرة مكتب رئيس دائرة بورجي وقالت لها «سأزورك».
دعت وزيرة العدل لدى وصولها مليكة بن العربي لتناول الغذاء في مقر الدائرة وامام المنتخبين وغالبيتهم ينتمون الى اليسار، قالت «خصصوا مكانا لمليكة الى جانبي، خصصوا مكانا للتنوع».
لم يستسغ عدد من المنتخبين ما اعتبروه «درسا في الاخلاق» وجهته لهم رشيدة داتي، غير ان مليكة بن العربي اضطربت من الحادثة وفضلت الانفراد بعض الوقت مع صديقتها السابقة، حتى نفهم منها ما حصل.
«رشيدة، لماذا تسيئين للغير اكثر فأكثر؟ لقد نجحت الآن؟».
- سأقول لك الحقيقة، انت تملكين شيئا ثمينا ونفيسا في حياتك، لك ثلاثة اطفال، وانا لا املك غير طموحي».. لتغادر السيدتان المكان على وقع لحظات الصراحة هذه.. عُينت مليكة بن العربي نائبة رئيس دائرة في باريس، بعد مرور اسابيع من لقائها بوزيرة العدل، لكن هذه الاخيرة لم تفوت الفرصة للوقوف امام هذه الترقية، حيث اتصلت هاتفيا بالامين العام لوزارة الداخلية، غير ان محاولتها لم تكلل بالنجاح.
قررت مليكة بن العربي في تلك الاثناء دخول معترك العمل السياسي بدعم من صديقها فريديريك ليفيبفر، وهو شخصية اعلامية ومؤثرة بصفته الناطق الرسمي باسم الاتحاد من اجل الحركة الشعبية.
شخصيات ساحرة
لقد عبر العديد من الشخصيات المنحدرة من اصول مغاربية عن عدم رضاهم عن رشيدة داتي ويمكن ان نعد الكثير والكثير منهم.
يقول محمد مبتول، وهو منتج ومذيع برنامج حول الاسلام في تلفزيون فرنسا ان رشيدة داتي زارته في مكتبه، حيث سألته ان كان بإمكانها الحصول على اشرطة برامجه حتى تتمكن والدتها من مشاهدتها مجددا «والدتي تعاني من السرطان واحيانا يفوتها برنامجك، فينتابها قلق شديد».
سحر الرجل بشخصيتها، فاقترح عليها الجلوس والانتظار، حتى يتمكن من ان يسجل لها آخر حلقة من برنامجه.
لم تُضيع الصديقة الجميلة وقتها الثمين برفقة رجل مؤثر وسط الجالية المسلمة في فرنسا وايضا وسط الحزب الاشتراكي، حيث استغلته لتتعرف اليه اكثر وتحدثه عما دار بينهما قال: «عندما كنا ننسخ الشريط، كانت تحدثني عن رغباتها وطموحاتها وآلامها».
ويضيف «لقد تطور الحديث ليصبح اكثر تحررا».
كانت رشيدة مصدر كوارث دوما، حيث قالت ذات يوم «الفرنسيون هنا، لا يريدون شيئا غير النوم مع فتيات المغرب العربي، انا عزباء وحرة».
الحلقة المقبلة :
رشيدة داتي شخصية محدودة القدرات اعتمدت على علاقاتها
رشيدة داتي ترفض معلومات «الصديقة الجميلة»: لن أكشف والد طفلتي
• كنت سأعتبر نفسي فاشلة لو لم أتمكن من الإنجاب واعتقدت طويلا بأني عاقر
باريس ـ حسن الحسيني:
شنت وزيرة العدل الفرنسية هجوما مضادا بعد كل ما قيل حول سقوط نجمها، وتخلي رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي عنها. وإجباره لها على الخروج من الحكومة وخوض معركة الانتخابات الأوروبية.
وقالت داتي في مقابلة مع صحيفة لو جورنال دو ديمانش انها قررت ترك الحكومة للاهتمام بابنتها. علما أنها قطعت إجازة الأمومة وشاركت بجلسة مجلس الوزراء بعد خمسة أيام على وضعها طفلتها زهرة.
وشنت رشيدة هجوما عنيفا على الكتاب الجديد عنها «الصديقة الجميلة» التي تنشره «القبس» على حلقات، ووصفت المعلومات فيه بأنها غير صحيحة، ودافعت عن سلوكها، ووصفت نفسها بأنها مناضلة وليست فضولية.
و«القبس» تنشر المقابلة اليوم ليتعرف القارئ على رؤية داتي لنفسها، وكذلك على ردها على المعلومات الواردة في الكتاب، على أن تستأنف غدا الحلقة الثالثة من «الصديقة الجميلة».
امرأة
• أنت في الثالثة والأربعين من العمر، ووضعت طفلتك الأولى وتغيرين عملك الآن، ولهذه الأسباب الثلاثة لابد من عرض نتائج عملك في الحكومة، فماذا تستخلصين؟
ـ الحدث الأهم كان ولادة طفلتي، لقد اعتقدت لفترة طويلة أنه ليس بمقدوري ان أنجب طفلا، وكانت مفاجأة سارة جدا.
بالنسبة للعمل وفي خلال ترشحي الى الانتخابات الأوروبية، فإنني أغيّر مسؤولياتي لا مهمتي، فأنا ابقى في خدمة الفرنسيين، ويشرفني كثيراً أن أكور وزيرة العدل، على رأس وزارة حيث الآلام والمآسي والصعوبات في العمل اليومي، وأنا أريد الآن واكثر من أي وقت مضى ان اواصل العمل السياسي، اي ان أحسّن حياة الناس، وقدرتي على التنديد بالاعمال المشينة لا تزال قوية وعلى ما كانت عليه.
عطور أم إصلاحات
• منذ تعيينك في وزارة العدل وكنت ثلاثين مرة على صدر الصفحات الأولى للجرائد وستين مرة تصدرت غلافات المجلات، ولكن كان الاهتمام منصبا على شخصيتك، عطورك وحكايات غرامك ولم يتم التركيز على اصلاحاتك؟
- إن تعييني على رأس وزارة اساسية هو الذي جعل وسائل الإعلام تهتم بي. ونيكولا ساركوزي اراد اعطاء اشارة قوية للمجتمع الفرنسي من خلال ذلك، وقد وافقت على اهتمام وسائل الإعلام بي.
القصة الحقيقية
• ألم تعرضي كثيرا حياتك لوسائل الإعلام؟
- الجميع اسقط حلمه أو هلوسته عليّ، ولكن الحقيقة غير موجودة في كل ما قرأته عني في وسائل الإعلام حتى الآن، وقد عملت بجد وجهد كبيرين حتى وصلت الى النجاح. وكلمتا الجمهورية والجدارة لهما معانيهما في مسيرتي.
وحياتي ليست قصة من حكايات الجن، والكلام عني بهذا الشكل الكاريكاتيري لا يزعجني، ولكنه يخدع الشباب في الأحياء الشعبية، بعد التشبه بي. وأنا مسؤولة أمام جيل الشباب الذي لديه الانطباع انه لا يُعترف بعمله او انه ضُحّ.ي به.
والد البنت
• البعض وبدءاً برئيس الجمهورية ينظر اليك كنجمة..
ــ تقطع السؤال ضاحكة.
• هل ستكشفين عن اسم والد طفلتك؟ وهل ستوافقين على التقاط الصور لك ولها معه؟
ــ لم اعرض حياتي الخاصة قط لوسائل الاعلام، ولن ابدأ الان بذلك، ولا افضل ان اتخيل ماذا سيقال ان وافقت على ذلك.
• هل هذا التطفل يصدمك؟
ــ هناك امور قليلة جداً تصدمني، ولكنني لم اعمل على الاثارة والترقب بالنسبة لوالد طفلتي، كما قرأت ما كتب في الصحف والمجلات، واريد ان يتم احترام طفلتي ووالدها وان أُعامل باحترام. وحالياً يلاحقني مصدر صحفي على دراجة نارية طيلة الوقت. وهذا امر لا يُطاق.
• ولكن هناك حالة عاطفية بينك وبين الجمهور وهو يهتم بالامور المتعلقة بك؟
ــ انا اتلقى الكثير من الرسائل وبشكل لم يسبق لوزير عدل ان تلقى مثل عدده، الناس يكتبون لي باسمي الصغير او يبدأون رسائلهم بالقول عزيزتي رشيدة.
وفي الشارع يسألني المارة عن صحة ابنتي ولكن ليس عن اسم والدها. ومن المؤكد انني حلمت بأن اكون له اسرة تقليدية ولكن الحياة قررت غير ذلك.
مثال يحتذى
• من هن النساء اللواتي يشكلن بالنسبة لك المثال الذي يحتذى؟
ــ بالتأكيد سيمون فاي، فرانسواز جيرو وماري كوري.. دائماً كنت أُعجب بالنساء النشيطات، واحب العمل مع النساء. وعملت دائماً لكي تتبوأ المرأة المراكز العليا في وزارة العدل. فقد عينت امرأتين على رأس الادارة المركزية للوزارة. كما عينت العديد من المدعيات العامات. لقد ولدت وترعرعت وسط أسرة اغلبيتها من النساء. والمساكن الشعبية لها جانب ايجابي وهو انها تخلق التضامن النسائي.
الحرية هي الأهم
• هل تعرفين انك صدمت الفرنسيين عندما استأنفت العمل بعد وضع طفلتك بخمسة ايام؟
ـ (مع ابتسامة): ماذا اقول؟! لم اكن بافضل حالاتي.. ولكن صحتي كانت تسمح لي باستئناف العمل. ولم اقدم على شيء مخالف لتعليمات طبيبي. لا يجب الاعتقاد بانني لم اكن متعبة. بالتأكيد كنت كذلك. فلم يعد عمري 20 عاما، ولكنني وزيرة العدل ولدي واجباتي. واعتقد ان المسألة الاساسية لحقوق المرأة هي الحرية.
• هل ثمنت دعم سيغولين رويال المرشحة الاشتراكية للرئاسة لك؟
ـ انني على خلاف معها حول خياراتنا السياسية، ولكنني احترمها.. انها امرأة شجاعة.
الكعب العالي
• بعد خروجك من مستشفى الولادة، أخذ البعض عليك، الكعب العالي وتسريحة الشعر.
ـ لم اشأ في اي لحظة التخلي عن انوثتي، وهي لا تتعارض مع قدراتي المهنية. لقد اخبرتني اليزابيث غيفو (وزيرة اشتراكية سابقة). عن الصعوبات التي واجهتها عندما كانت وزيرة، وخلال نهاية عهدها في وزارة العدل خففت من استخدام مساحيق التجميل، وتخلت عن ارتداء التنورة. لا اريد ان اغير عاداتي، ولا احكم على الآخرين من خلال خياراتهم الشخصية، ولا اريد ان يحكم علي لخياراتي الخاصة.
• ثوب السهرة ديور مثلا؟
ـ لقد ارتكبت خطأ بالذهاب مرة واحدة سهرة ينظمها احد دور الازياء الفرنيسة ويشارك فيها عدد من الوزراء ومن بينهم رئيس الحكومة، ولم تؤخذ هذه المسألة سوى علي بمفردي. والحقيقة انا لا احب امسيات المشاهير. وخارج العشاء الرسمي الذي تفرضه زيارات الدولة للضيوف الاجانب، فانا لا اخرج في المساء او اخرج نادرا.
كما انني لم اوجه الدعوة الى رؤوساء الشركات الكبرى المدرجة في البورصة الى عشاء اقمته على شرفهم في الوزارة، كما يوحي البعض.
فطور المشاهير
• ولكنك فضلت تناول فطور الصباح مع البير امير موناكو بدلا من استقبال نقابات حراس السجون؟
- انه كلام جارح وغير صحيح يستند الى اشاعات مغرضة وعارية عن الصحة. لقد استقبلت الأمير البير وعقدت معه اجتماع عمل حول التعاون القضائي في إمارة موناكو، والاجتماع مع ممثلي النقابات تم في يوم آخر. حتى انه كُتب ان وزارة العدل تحولت الى حضانة أطفال. هذا غير صحيح، فأنا لا أعيش في الوزارة وابنتي أيضا.
لم أقرأ الكتاب
• هل قرأت كتاب الصديقة الجميلة (تنشره «القبس» على حلقات)، الذي يتحدث عنك ويلاقي نجاحا كبيرا في المكتبات؟
- لا، وأنا احتقر هذا النوع من الكتب الذي يهاجم الاشخاص ويلجأ الى شهود مجهولين، وهذا النوع من الكتب يطرح بالنسبة لي مشكلة أخلاقية.
• حتى لو انك لم تطلعي عليه، فعنوان الكتاب مستوحى من رواية موباسان وتتحدث عن صعود نجم امرأة متآمرة، وصحيح انك عرفت كيف تلفتين نظر الاشخاص المهمين اليك؟
- يجب الانتباه الى معاني الكلمات. وقد لاحظتم ان النساء هن اللاتي يتعرضن دائما للتهجمات في هذا المجال. مقولة المرأة المتآمرة تدعو الى التفكير في المرأة الخفيفة، وهذا ما أرفضه. انا لست متآمرة ولكني أعمل بإباء وجد، وكانت مسألة حيوية بالنسبة لي ان اكسب قوت يومي.
• إنك تتمتعين بموهبة اللقاءات وبفن جعلك محبوبة من الأقوياء؟
- لقد أجريت لقاءات جميلة بأناس معروفين مثل البان شالوندون (وزير العدل السابق في حكومة شيراك وأحد وزراء ديغول) الذي ساعدني في الركوب على الحصان. وهناك سيمون ماي (وزيرة الشؤون الاجتماعية في عهد فاليري جيسكار ديستان)، وجاك اتالي (مستشار ميتران). وهناك أيضا اناس مجهولون مثل معلم اللغة الفرنسية الذي جعلني احب الاملاء، أو مدير المستشفى الخاص الذي منحني أول فرصة عمل في حياتي.
المسألة ليست مسألة حظ، وانما قضية عناد وصلابة، وانا أدين بالعرفان لكل الذين ساعدوني.
من قال؟!
• ليس بمقدور أحد مقاومتك؟
ـــ لا يقال لي دائما نعم. وقد واجهت اخفاقات كبيرة، ولكنني أردت فقط أن أكون دائما حرة وأكسب عيشي. وحريتي كنت على يقين أنني سأحصل عليها بعملي.
• يقال ان سيسيليا ساركوزي هي التي ادخلتك إلى الحكومة، علما أن العلاقة بينكما تمر بحالة جمود؟
ـــ من قال لكم ذلك؟ أنا لم أقل هذا الكلام على الاطلاق فأنا أدين لها بالكثير.
• الكثيرات من اللاتي يحملن اسم رشيدة كن ضحايا أسمائهن، هل عانيت التمييز العنصري؟
ـــ للحقيقة لا. أنا أعرف أنني اثير حفيظة البعض، هل يتعين علي أن أنظر إلى ذلك على أنه تمييز عنصري؟ لا أعتقد ذلك.
• متى ستغادرين الحكومة؟
ـــ لم يُقرر حتى الآن موعد مغادرتي الحكومة، على أي حال انتظر حتى يقترع النواب على قانون السجون الذي من المفترض أن يحصل في شهر مايو.
• سنتان لاجراء الاصلاحات العميقة، ألا يعتبر ذلك وقتا قصيرا؟
ـــ مع النقاشات الجارية حاليا حول قانون السجون فإن البرنامج الانتخابي (لرئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي) يكون قد تحقق. والاصلاحات لم تكن مسألة سهلة. ولكنني حققت 30 اصلاحا في غضون 24 شهرا.
بعد أيام سأتسلم قانون الجزاء المتعلق بالقُصّر، وهناك قضية الغاء وظيفة قاضي التحقيق.
• رئيس الجمهورية حرص على الاعلان عن الغاء وظيفة قاضي التحقيق قبلك؟
ـــ هذا المطلب حرصت عليه منذ تسلمي حقيبة وزارة العدل. وقد طالبت بذلك لوقت طويل، منذ الرابع عشر من أكتوبر العام الماضي، وقد شكلت لجنة مع مهمة واضحة: اصلاح قانون الجزاء وقانون الاجراءات الجزائية، وموقع قاضي التحقيق هو جزء من القانون الأخير.
وقضيتا الصحافي في جريدة ليبراسيون والممرضة في مستشفى سان فانسان دفعتا برئيس الجمهورية للتطرق إلى هذه المسألة.
• لقد أقمت علاقات معقدة مع القضاة، حتى مع مساعديك الذي استقال جزء منهم، هل تُقري بأنك تغضبين بسرعة وتفور أعصابك؟
ـــ هل تعتقدون أنه كان بمقدوري أن أصل إلى ما أنا عليه لو كنت افقد أعصابي وكنت سريعة الغضب؟ إن هذه الانتقادات لا أحد يقوم بها ضد رجل. وعلى العكس، فأنا امرأة تفكر كثيرا في كل ما تقوم به، ولكن هناك امرا صحيحا وهو أنني صاحبة سلطة. وفي النهاية أنتم الذين تقرون إذا ما كانت الاصلاحات فاشلة، فإن الفشل هو فشلكم.
أنت والرئيس
• إن قربك من رئيس الجمهورية ألم يشكل عائقا لك في ممارسة مهامك؟
ـــ لم أدع شيئا على الاطلاق. انني احترم واقدر رئيس الجمهورية كثيرا. وأنا أحفظ له العرفان بالجميل، ولكنني كنت دائما أنزل عند رغبته من دون الانزلاق إلى الالفة، فهو رئيس الدولة.
المرأة والسياسة
• لماذا انخرطت في العمل السياسي؟
ـــ لقد حصلت على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) سنة 1983 في زمن النجدة من التمييز العنصري وحقوق الاختلاف.
أنا لم أرد أن أكون مختلفة، كنت أشعر أنني فرنسية، وكنت مع أختي مليكة نساعد سكان المساكن الشعبية على تقديم الطلبات الرسمية، كنا نمارس السياسة من دون أن ندري، عندما كانت فتاة ما ترفض الزواج، كنا نحاول اقناع والدها بعدم اجبارها.
ان التزامي السياسي نابع من قدرتي على الاحتجاج ورفض الظلم.
• اليوم تنمية التنوع اصبحت الموضة السائدة، ألم يعد الأمر يهمك؟
ـــ بالتأكيد نعم. في ظل آفاق الانتخابات الاوروبية المقبلة اريد انشاء جمعية مع الاشخاص الذين واكبوني منذ سنوات لتشجيع الالتزام المواطني، وهؤلاء رافقوني خلال معركة رئاسة الجمهورية في نضالي إلى جانب نيكولا ساركوزي، أريد أن يكف شبان الاحياء الشعبية عن الشعور بأنهم غرباء، وأريد أن ينخرطوا بنشاط في العمل السياسي.
• هل تعملين الآن لحسابك الشخصي؟
ـ المسألة لا تطرح بهذا الشكل، لقد وضعت دائما قناعاتي وشعبيتي في خدمة بلدي. وسأواصل العمل في هذا المجال. فانا اجمع من حولي الشباب والنساء. وهم ينتظرون مشروعا. وانا اصدم عندما اسمع بعض الشبان في بعض الاحياء يتحدثون عن الفرنسيين بينما هم فرنسيون، اريد ان يعوا اهمية المواطنية.
• هل فعلا ترغبين في ان تكوني نائبة اوروبية؟ ام ان هذا هو الخيار الاسوأ؟
ـ عندما وضعت طفلتي وغادرت مستشفى الولادة، التقيت بساركوزي وتحدثنا معا عن مستقبلي. وقد اقنعني بأن الالتزام السياسي يعاش بأشكال مختلفة.
• اذا انك لم تفقدي الحظوة؟
ـ منذ ان بدأ الحديث عن فقداني الحظوة، كان يتعين علي ان اصبح في القبو لو كان ذلك صحيحا.
ان حياتي الخاصة وفخر والدي يجعلاني قريرة العين ومرتاحة. انه لم يجرؤ على الاطلاق على ان يحلم ان ابنته ستصبح وزيرة عدل البلد الذي استضافه عام 1964.
• هل تخافين من ان يأتي يوم تجدين نفسك فيه من دون اي شيء؟
ـ لا على الاطلاق، لانني سأفعل ما قمت به دائما. اشكل عن ساعدي واعمل، اعمل.. اعمل. وانا لدي مهنة: انا قاضية.
• انتقالك المحتمل الى ستراسبورغ (البرلمان الاوروبي) أليس مؤشرا على فشلك؟!
ـ لا، انها مرحلة جديدة، فشلي الوحيد كان يمكن ان يحصل في حال انني لم اتمكن من الانجاب.
الصديقة الجميلة ( 3 ) رشيدة داتي شخصية محدودة القدرات اعتمدت على علاقاتها
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عليها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخائيل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
كثيرا ما كانت رشيدة داتي تصدم محدثيها وصديقاتها بخطابها كامرأة مستقلة لا تعترف بالمحرمات، وهو الأمر الذي يبدو متناقضا تماما مع المبادئ التي لقّنها إياها والدها.
ويعترف احد أصدقائها فيقول «في هذه النقطة، هي امرأة غامضة ولا استطيع أن أقول لكم بان لها أخلاقا خاصة، ولكن يظهر أنها متأثرة بتربيتها التقليدية وشغوفة بفكرة تحطيم القيود التي تأسرها».
لقد أسرّت رشيدة داتي بذلك إلى احد الكتاب قائلة: «أحيانا أجد نفسي في وضعيات غير معقولة، أنا في المغرب في البيت العائلي، يوجد أفراد العائلة، إخوتي، أخواتي، أبناء عمومتي والأولاد، يصرخون ويبكون وأنا منهمكة في أشغال البيت وإذا بهاتفي المحمول يرن، انه ساركوزي يكلمني حتى يبلغني بمشروع يريد أن يشركني فيه، ويحدثني عن الاجتماعات وعن المحافظين وأنا خائفة من أن يسمع الفوضى التي تحيط بي من كل جانب».
وهذه قصة أخرى، ففي إحدى المرات وبينما كانت الوزيرة تقضي إجازتها في البيت العائلي في المغرب، هاتفتها إحدى صحافيات جريدة لوموند لتأخذ رأيها في قضية مقتل احد الأطفال في باريس.
كان البيت العائلي لرشيدة يحظر استعمال كلمات كالتحرش الجنسي والاغتصاب والجنس فما كان على الوزيرة سوى أن تجري الحوار مع الصحافية، باستعمال شيفرة خاصة، بالنظر إلى وجود والدها بالقرب منها.
بعد ساعة من انتهاء هذا الحوار، جلست رشيدة على الأرض في فناء البيت العائلي، وكان ذهنها مشغولا بالمكالمة الهاتفية، «أنا ممزقة بين ثقافتين وعيشتين متمايزتين، في باريس أتناول العشاء مع شخصيات عليا وفنانين ومديري مؤسسات وفي المغرب أعود رشيدة الصغيرة التي تهتم بالجميع».
ساركوزي وزيرا للمالية
أشرقت شمس صباح 31 مارس 2004، وكان نيكولا ساركوزي منهمكا في إعداد قائمة المستشارين الذين سيرافقونه إلى وزارة المالية، غير أن اسمها لم يكن واردا.
لم يكن أمام رجل نويي سوى خيار الاجتماع بفريقه ليفاجئه بالتغيير، وكعادته قال ساركوزي «سأكون وزير المالية، مثلما كنت وزير الداخلية».
لم يكن ساركوزي قد غادر ساحة بوفو، حتى بدأ في رسم ورقة العمل التي سيعتمدها في وزارة المالية، وكانت أولى مفاجآته تعيين كلود غيون في منصب مدير ديوانه.
لقد عاد نيكولا ساركوزي إلى وزارة المالية، بعد 11 سنة من توليه منصب وزير الميزانية وكله عزم هذه المرة على فرض سياسته.
بدأت إدارة ساركوزي في التوسع منذ عام 2002، فيما بدأ المقربون منه في التفكير في برنامج رئاسي، وأما في الظل وبعيدا عن الأنظار فقد تشكلت شبكات مؤثرة تلعب لمصلحته، وفي خضم هذا كله، احتفظت سيسيليا الزوجة السابقة لنيكولا ساركوزي بمكان مميز لها في الفريق الذي سيقود ساركوزي إلى سدة الحكم.
لم تنجح رشيدة داتي في التغلغل لتصبح ضمن المقربين من ساركوزي، لكنها استطاعت أن تُعرّف بنفسها، ويتذكر شانتال جوانو، وهو كاتب سابق لخطابات وزير الداخلية: «كانت زميلة جيدة وكانت تضحكنا وتعمل على تغيير الجو إلى الأحسن كلما غرقنا في العمل».
غير أن رشيدة لا تملك انضباط وحدة التكنوقراط، ذلك انها لم تحرر أبدا تعليمة أو توصية، الجميع يعرفون ذلك، مثلما يشير إليه زميل سابق لها في وزارة الداخلية.
إلى جانب ذلك، كانت سيسيليا لا تثق بها ولا ترتاح لهيئتها التي تشبه هيئة سندريلا، باختصار، لم تكن رشيدة التي فرضت نفسها كل مرة بفضل علاقاتها، على قائمة مستشاري ساركوزي على مستوى وزارة المالية.
الحماية متوافرة دوما
دافعت رشيدة داتي عن نفسها وطالبت ساركوزي بادراجها ضمن فريقه في وزارة المالية، خلال لقاء تم بينهما في مكتبه، لتسارع بعد ذلك إلى إرسال مبعوثين له، وكان من بينهم الوزير المنتدب المكلف بالحريات المحلية باتريك دفيجيان .
عرض دفيجيان حمايته على رشيدة داتي وقال لها «ان لم يأخذك نيكولا ضمن فريقه سآخذك إلى وزارة الصناعة، لا تقلقي».
توقف الوقت بالنسبة إلى رشيدة داتي، التي أصبح هدفها الرئيسي أن تكون ضمن فريق ساركوزي.
وأخيرا اخبرها كلود غيون بانها تستطيع أن تشغل منصب مستشارة مكلفة بالمؤسسات المفلسة، بصفتها قاضية سابقة في الفرع المالي التابع لمحكمة ايفري .
تنفست الصديقة الجميلة الصعداء، غير أن هذه الحلقة لقنتها درسا لن تنساه أبدا يقوم على ضرورة تأمين موقعها ضمن الدائرة الأولى دوما.
علاقات ومشاكل
تعتبر رشيدة شخصية محدودة القدرات، اعتمدت في مشوارها على شبكة علاقاتها التي مكّنتها كل مرة من الصمود والاستمرار، غير أن علاقات الصديقة الجميلة كانت أيضا مصدر مشاكل بالنسبة اليها.
لقد وجدت رشيدة داتي نفسها وسط إشاعة باريسية تؤكد وجود علاقة بينها وبين وزير المالية، ما أزعج سيسيليا التي سارعت إلى إظهار مخالبها. في الحقيقة، كان مقربون من رجل الأعمال هنري بروجليو من أشاعوا هذه المعلومة المغلوطة عن رشيدة داتي. فبعض مستشاري بروجليو كانوا معارضين للعلاقة التي يقيمها مديرهم مع رشيدة داتي ،فحاولوا الاستنجاد بسيسيليا لإبعاد بروجليو عن المرأة الشابة.
ويقول احد المقربين من نيكولا ساركوزي «كان هذا السبب وراء سوء علاقتنا بها في وزارة المالية».
لقد أبعدت سيسيليا التي شغلت مكتبا دون مسمى رسمي رشيدة داتي من زيارة رسمية إلى الجزائر مسقط رأس والدتها، حيث ضم الوفد المرافق لنيكولا ساركوزي العديد من المسؤولين من بينهم الرئيس المدير العام لمؤسسة فيوليا. لفتت مثل هذه الأحداث انتباه الصديقة الجميلة، التي أصبحت تبحث عن تحقيق أهداف أخرى ، بعيدا عن مهمتها الخاصة بإفلاس المؤسسات ،حيث خصصت معظم جهدها لتجسيد طموحات شخصية، أهمها إيجاد الطريقة المناسبة لتأمين نفسها وحمايتها، وان تصبح شخصية محورية لا يستطيع احد تجاوزها.
غضب الرئيس
لم تتردد رشيدة داتي في تقديم رشى لسكرتيرات أهم أعضاء ديوان ساركوزي، حتى تتمكن من تنفيذ استراتيجيتها الجديدة، فكانت تهديهن ملابس داخلية لماركات عالمية في أعياد ميلادهن، بالإضافة إلى افخر أنواع الشوكولاتة وأفضل الهدايا لأولادهن في أعياد الميلاد.
كانت السكرتيرات تطلعن رشيدة داتي على أجندة الوزير أو أجندة مدير مكتبه، ما كان يمكنها كل مرة من معرفة المواعيد التي لا يتم إخطارها بها، كما كانت تحصل أيضا بواسطة هذه الوسيلة على التعليمات التي لم تكن موجهة لها، وبفضلها كانت تتعامل مع من كانت تقدر بأنهم منافسون لها. لم يكن ساركوزي في تلك الفترة مهتما بمستشارته، ذلك انه وجه كل جهوده تجاه عمله الذي بناه هذه المرة على رؤية براغماتية جديدة، تقوم على طلاق مشاريع عدة.
أثارت القرارات التي اتخذها ساركوزي في وزارة المالية، حفيظة الرئيس جاك شيراك، الذي علا صوته خلال برنامج تلفزيوني وقال «أنا أقرر، وما عليه سوى التنفيذ»، واصفا الطرق التي ينتهجها ساركوزي في إدارة وزارته بـ«سياسة الولد الصغير».
لقد انتهى ساركوزي على الرغم من ذلك إلى إدارة الاتحاد من اجل الحركة الشعبية بعد موافقة الرئيس جاك شيراك شريطة مغادرته الحكومة.
وجد ساركوزي نفسه مجبرا على إعادة ترتيب فريقه، بعد سبعة أشهر من حمله حقيبة المالية، لذلك استنجد بقاعدته الخلفية في المجلس الأعلى لمنطقة أو دو سين، الذي ترأسه ،منذ رحيل شارل باسكا، حتى يتمكن من انتقاء من سيلتحقون بالحزب، ولينهي الأمر وزع الحقائب خلال اجتماع تم في نويي. تطلع ساركوزي الى ان تهتم رشيدة داتي بالمسائل المتعلقة بالهجرة والمدينة على مستوى المجلس العام لمدينة نانتير ،لكنها رفضت وقصدت المدير العام للخدمات في نانتير، نهاية نوفمبر 2004، حتى تقنعه بتعيينها في مديرية الشؤون القانونية ،ويقول احد الموظفين في المجلس العام انها كانت تريد استغلال خبرتها في هذا المجال.
قوة رشيدة
ومرة أخرى، ظهرت قوة رشيدة، ذلك أن المدير العام للخدمات ابعد الشخصية التي تم الاتفاق على تعيينها واسند المنصب إليها، ما دفعها إلى تثبيت نفسها أكثر فأكثر.لقد كانت تُذكّر الجميع بانها قاضية، لذلك بادرت منذ التحاقها بمنصبها الجديد إلى تكليف مكاتب محاماة في باريس بإدارة الملفات الثقيلة، وكان من بينها مكتب اوغست ودبوزي المقرب من هنري بروجليو.
كانت مكاتب المحاماة، نعمة بالنسبة الى رشيدة داتي، ذلك أنها مكنتها من تنفيع أصدقائها وأصدقاء أصدقائها من جهة، ومنحتها شيئا من الوقت للتكفل بجوانب أخرى من عملها، بالإضافة إلى لقاء صديقتها الممثلة ايزابيل ادجاني، التي قدمتها إلى نيكولا ساركوزي.
لم يستمر الوضع على حاله، ذلك أن المدير العام للخدمات، طلب من رشيدة داتي تخفيض عدد العقود الخارجية مع مكاتب المحاماة بسبب التكلفة المالية المرتفعة، والتي أضحت ترهق كاهل الخزينة العمومية.
يقول احد الذين عملوا برفقة رشيدة بانها كانت تتجول في الأروقة، بصفتها مديرة للشؤون القانونية في نانتير، حتى تجمع أسرار زملائها وتنقلها مساء في حدود الساعة السابعة والنصف إلى كلود غيون، الذي كانت تزوره في مكتبه يوميا في التوقيت ذاته.
مرحلة جديدة
والآن الكلمة لرشيدة داتي: «...لقد تسارعت وتيرة حياة رشيدة داتي منذ 12 مايو 2005، ذلك أن ساركوزي اخبرها خلال تجمع للاتحاد من اجل الحركة الشعبية بانها ستكون ضمن الفريق الذي سيدير حملته الانتخابية للرئاسة الفرنسية».
تسارعت نبضات قلب رشيدة، في وقت كان قصر الرياضات بباريس يشهد تجمعا صاخبا للاتحاد بمناسبة الحملة الانتخابية الخاصة بالاستفتاء على الدستور الأوروبي، ما دفع سيسيليا، بصفتها منظمة للتجمع وبنصيحة من كريستوف لامبير الرقم الثالث في مجموعة بوبليسيس، إلى مطالبة هذه الفرنسية المغربية الأصل بأخذ الكلمة للحديث عن تجربتها الجديدة ونيتها اقتحام عالم السياسة ابتداء من اليوم. كانت رشيدة داتي تمثل نموذجا فريدا من نوعه للتمييز الايجابي، بالنسبة لنيكولا ساركوزي، حتى وان اختلطت عليها الأمور حين صعدت إلى المنصة، وأما كريستوف لامبرت، الذي لم يكن مختصا بتنظيم مثل هذه التجمعات فقد طلب مساعدة ريتشارد اتياس رئيس بوبليسيس ايفانس وولد وايد، لكن هذا الأخير قام باختطاف قلب سيسيليا ساركوزي. خلال التحضيرات التي سبقت التجمع، كرّر اتياس وسيسيليا على مسامع رشيدة النص الذي ستقرأه وفقا للبرنامج، بناء على طلب سيسيليا، حيث حددا لها الأماكن التي تخفض فيها صوتها والأماكن التي عليها أن ترفع الصوت فيها.
كانت سيسيليا شغوفة بمهمتها الجديدة كمديرة فنية، حيث كانت تقضي أيامها في قصر الرياضات في باريس، السماعات على أذنيها وجهاز «التوكي ووكي» في يديها، لقد تخلت تماما في تلك الأيام، عن مكتبها في الاتحاد من اجل الحركة الشعبية، حيث كانت تشغل منصب مديرة مكتب. انتهت التحضيرات، وأنهى الفريق في ذلك اليوم السهرة في ناد ليلي باريسي، في غياب سيسيليا التي كانت في تلك الفترة منشغلة أكثر بإرسال الرسائل الهاتفية واستقبالها. لكنها في تلك الساعة بالذات، كانت ضيفة برنامج الأسرار الصغيرة بين الأصدقاء، الذي تقدمه أريان ماسينيت على قناة باريس بروميير.
انقلبت سيسيليا كلية وشعرت بالاضطراب، عندما شاهدت رسالة فيديو تنصحها فيها احدى بناتها بمواصلة طريقها، فيما طالبها زوجها بان تثق به وتبتعد عن الخوف.
لم تكن سيسيليا تخفي قلقها من أن تصبح يوما السيدة الأولى في فرنسا، لقد أصاب رعب سياسي عائلة ساركوزي التي باتت حياتها مادة دسمة لوسائل الإعلام.
مهمة شخصية
طارت سيسيليا إلى البتراء الأردنية بعد ثلاثة أيام لتلتحق بصديقها ريتشارد اتياس، فهذا الحب الذي وقع من أول نظرة سرعان ما فجر دائرة ساركوزي الأولى، ليتحول المستشارون بين عشية وضحاها إلى اقرب المقربين من نيكولا ساركوزي، الذي أضحى يحدثهم عن أدق التفاصيل والأسرار بحثا عن دعم شخصي، وأمام كل هذا لم يجد رئيس الاتحاد من اجل الحركة الشعبية، غير رشيدة ليطلب منها إقناع زوجته بالعودة.
ابتداء من هذه اللحظة، تموقعت الصديقة الجميلة في قلب الفريق، وبدأت في العمل لحساب ساركوزي،لكن في قضية شخصية هذه المرة.
بعثت رشيدة بالعديد من الرسائل الهاتفية لسيسيليا، راجية منها العودة إلى فرنسا، خصوصا ان ساركوزي يعاني كثيرا على الصعيد الشخصي. في تلك الفترة كان المقربون من نيكولا يقولون انه يستغل رشيدة للاتصال بسيسيليا، لكن الصديقة الجميلة كانت تلعب وتربح من الجهتين. لقد أصبحت مقربة من رئيس الاتحاد من اجل الحركة الشعبية بفضل الرسائل الهاتفية التي كانت ترسلها إلى سيسيليا من جهة، ومقربة أيضا من سيسيليا التي لم تكن تثق بها في السابق.
لقد شكل تعيين نيكولا ساركوزي على رأس وزارة الداخلية من جديد بعد تعيين دومينيك دو فيلبان رئيسا للوزراء في 1 يونيو 2005، مفاجأة بالنسبة للجميع، ذلك انه استفاد هذه المرة من حالة اللااستقرار التي كان يعيشها الرئيس جاك شيراك، الذي كان غالبا ما يسخر منه. حمل ساركوزي حقيبة الداخلية واستمر في ممارسة مهامه كرئيس للحزب وكان شيراك قد منعه قبل فترة من الجمع بين الوظيفتين، غير ان فشل الاستفتاء حول الدستور الأوروبي قلب موازين القوى ليصبح ساركوزي هو من يقرر وشيراك هو من ينفذ.
الحلقة المقبلة:
ساركوزي لوالد داتي: ابنتك سيكون لها مستقبل كبير
لصديقة الجميلة (4) ساركوزي لوالد داتي: ابنتك سيكون لها مستقبل كبير معي
ما ان اعلنت سيسيليا ان رشيدة تحت حمايتها .. حتى بدأت الاخيرة تصفية خصومها
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عنها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخاييل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
شهدت فرنسا بتاريخ 19 يونيو المصادف لعيد الأب، حادث مقتل ولد صغير في حي 4000 في كورنوف، بعد أن أصيب برصاصة طائشة، اثر تصفية حسابات بين عدد من الشباب في وضح النهار.
ذهب نيكولا ساركوزي إلى مكان الحادثة بصفته وزيرا للداخلية، وهناك التقى عائلة الضحية على انفراد، غير أن صحافيا من جريدة لوموند حضر قبله وتمكن من حضور اللقاء الذي تعهد فيه الوزير بتطهير المنطقة من المهاجرين.
تأزم الوضع بعد تصريحات ساركوزي، الذي وجد في الأمر تهديدا لترشحه للانتخابات الرئاسية في 2007، ما دفعه إلى التفكير في تمرير قانون يُعنى بالوقاية من الانحراف، على الرغم من معارضة أنصار شيراك، أما رشيدة داتي، مستشارته القانونية، فقد حاولت إقناع ساركوزي بأهمية المصادقة على نص قانوني حول انحراف الأحداث، في الوقت الذي كان فيه وزير العدل باسكال كليون يشتغل على نص قانوني يتعلق بحماية الشباب.
اقترحت داتي على ساركوزي العمل على إجهاض نص وزير العدل، غير انه كلفها بهذه المهمة.
تبادل الشتائم
قامت الصديقة الجميلة بتنسيق الاجتماعات الوزارية التي تمت في مقر وزارة العدل، والتي قادت خلالها حربا شعواء ضد موظفي العدل، ويقول مسؤول في إدارة حماية الشباب «منذ بداية الاجتماعات التي تمت بين موظفي وزارتي العدل والداخلية، شعرنا بعنف داتي، ذلك أنها أفهمتنا بسرعة بان الداخلية هي من ستقوم بالعمل، ما دفعنا مباشرة إلى إخطار وزير العدل، خصوصا ان نظرة الوزارتين لنص الموضوع مختلفة تماما، كانت تتصرف كوزير، بينما لم تكن سوى مستشارة في ديوان الوزير، كانت تعقد الاجتماعات مساء وترتب الأمور، حتى تزيد مدتها عن ثلاث ساعات. من المستحيل مناقشة أي موضوع عند الساعة العاشرة ليلا خصوصا ان التعب يكون قد نال نصيبه لدى الجميع، كان الأمر صعبا وقاسيا، ذلك ان الاجتماع كان ينتهي دوما بتبادل شتائم بيننا وبينها».
حبكت رشيدة داتي السيناريو جيدا، وأمام حالة الانسداد التي وصل إليها فريقا وزارتي العدل والداخلية، كان الحل النهائي هو اللجوء إلى تحكيم الوزيرين، وعادة ما كان وزير العدل باسكال كليون يضع أسلحته أمام نيكولا ساركوزي.
مخبرة سيسيليا
على الرغم من الرهانات التي تواجهها، اهتمت الصديقة الجميلة بوضعية الزوجين ساركوزي، وتقربت من محيط ساركوزي حتى تجمع اكبر قدر من المعلومات عما يقوم به وزير الداخلية، وتطلع سيسيليا عليها.
لقد كانت سيسيليا على اطلاع بكل التفاصيل، على الرغم من عدم وجودها في باريس وطول فترة غيابها.
جمع ساركوزي فريقه وحدثه عن شعار «القطيعة» الذي ينوي رفعه، خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية. وبعد مرور الصائفة، التي لم يفلح خلالها في تحسين علاقته بزوجته وامام حشد من المناصرين في لابول، هاجم دومينيك دوفيليبان، الذي كان يحتل الصدارة يوما بعد يوم في استطلاعات الرأي المحلية.
تطرق زعيم الاتحاد من اجل الحركة الشعبية لاول مرة ومن فوق المنصة الى مشاكله الشخصية، ليحذر منافسيه في اليمين في قوله «لا شيء، حقيقي لا شيء، ولا احد، حقيقة لا احد، بمقدوره ان يمنعني من بلوغ الهدف الذي سطرته».
ليس من حقي!
واصل نيكولا ساركوزي على الصعيد الاعلامي سياسة «الاستفزاز»، وحشد الناس من حوله، فصار الجميع يسعون الى التقرب منه كُتَّابا وصحافيين وسياسيين وفنانين، كانوا كلهم يروحون ويجيئون زرافات على مقر وزارة الداخلية.
أطلعت رشيدة صديقتها سيسيليا على حياة نيكولا الجديدة، وهو يستعد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية، بالاضافة الى ظهوره مع صحافية جميلة، قال امام الجميع انها من اعضاء مكتبه. وفي المقابل، كانت رشيدة تتساءل عن مستقبلها وعن مصيرها، ذلك انها لم تكن متحمسة على الاطلاق لممارسة مهنة القضاء من جديد، ولم تكن تتمتع ايضا بالحماية الكافية، بالاضافة الى عدم تقبلها فكرة العمل لمصلحة احدى المؤسسات الصناعية مثلما نصحها بعض اصدقائها.
كانت رشيدة تطمح الى تقلد منصب حقيقي، ذلك انه المكان الوحيد الذي يمكنها، بحسبها، من استغلال جميع مواهبها، ولهذا السبب كانت تتردد يوميا على «غرفة الحرب» في ساحة بوفو، في الحقيقة لم تكن غرفة الحرب هذه سوى مكتب رئيس الديوان لوران سولي.
والى هنا ايضا كان يأتي ولدا ساركوزي كل صبيحة بعد اجتماع الوزارة الذي لم تكن رشيدة داتي تدعى اليه.
كانت رشيدة تعتذر عند دخولها المكتب الذي يحتضن الاجتماع بقولها «اعتذر، اعتقد انه ليس من حقي ان اكون هنا»، لكنها كانت تغلق الباب وتتخذ لها مكانا، حيث تتناول القهوة وتستمع الى كل الاحاديث والحوارات التي تدور، واحيانا كانت تتعلق بسيسيليا واحيانا بمعلومات سرية اخرى.
كانت تحفظها عن ظهر قلب لتنقلها إلى سيسيليا بمجرد عودتها إلى مكتبها،كان هذا العمل بمنزلة ورشة يوميا فتحتها لتستثمرها من اجل مستقبلها.
فرصة جديدة
منحت عودة الزوجة المجروحة إلى حضن زوجها خلال خريف 2006، فرصة للصديقة الجميلة حتى توسع نفوذها، خصوصا بعد أن أصبحت صديقة سيسيليا ورفيقتها.
أقام ساركوزي حفلة كبيرة على شرف زوجته بعد عودتها، اثر غياب دام ثمانية اشهر قضتها في الولايات المتحدة الأميركية، حيث كان الجميع في الحفل محيطين بضيفة الشرف إلى جانب رشيدة داتي.
استعادت سيسيليا مكانها إلى جانب زوجها في سباقه نحو قصر الاليزيه، وكانت تشتبه في وقوف العديد من الشخصيات المحسوبة على زوجها ضد عودتها، مما دفعها منذ عودتها إلى توثيق علاقتها بالصديقة الجميلة التي اغتنمت فرصة الحفلة لتهمس في أذنها كلما رأت مدعوا جديدا «هذا لا يملك مصداقية»، «هذا خدعك»، «هذا اختبرك».
هل كانت سيسيليا في تلك الفترة غير منتبهة للعبة رشيدة؟ لا أظن، لكن احد المقربين من زوجة نيكولا ساركوزي، يقول انها وجدت في رشيدة حليفة موضوعية لتدعم مكانتها في ساحة بوفو لدى عودتها.
كانت رشيدة تُسرع في أي مناسبة، إلى البكاء في مكتب صديقتها سيسيليا لتشكو سوء معاملتها، مما دفع هذه الأخيرة الى ان تعلن رسميا حمايتها وتخبر الجميع بذلك، «لا احد يمس شعرة من رشيدة داتي والمستشار الدبلوماسي ديفيد مارتينون».
ابتداء من هذه اللحظة، لم تعد رشيدة داتي تملك سلطة تأثير فقط، وإنما أيضا القدرة على التحطيم، لهذا قررت تصفية حساباتها مع منافسيها وأعدائها في جمعية القرن الـ21 وعلى رأسهم هوج موتوح، الذي أصبح احد المستشارين المفضلين لدى لكود غيون.
لكن هناك من يقولون ان موقف رشيدة داتي من موتوح لا علاقة له بالنادي بقدر ما هو مرتبط بأمر آخر، فهناك من يقول ان رشيدة كانت تغار من موتوح ومن علاقته الوثيقة بكلود غيون.
كان مكتب كلود غيون يعج يوميا بالمستشارين من ضحايا رشيدة داتي، وكان أكثرهم احتجاجا هوج موتوح وكديريك غوبي.
كان احدهما يحتج على تعرض المستشارة لحياته الخاصة، فيما كان الآخر يتحدث عن سلوكيات رشيدة التي جعلت حياته مستحيلة.
استمع غيون إلى المشكل، لكنه لم يكن يملك أي حل، مما وتر الأجواء في الوزارة بين من يقفون ضد أو مع سيسيليا.
كابوس القانون
انضمت رشيدة الى صف صديقات سيسيليا، ومنهن مديرة الاتصال في برادا وتدعى، مالتيلد اغوستينيلي بالاضافة الى مديرة تيفاني فرنسا، اغنيس كرومباك، فصارت تلبس مثلهن وتخرج كثيرا معهن.
بدأت مناقشة مشروع قانون الوقاية من الانحراف في البرلمان من 24 نوفمبر الى 1 ديسمبر 2006، ما جعل رشيدة تعيش كابوسا، خصوصا بعد عدم تمكنها من تلبية طلبات ساركوزي المتعددة. في مثل هذه اللحظات، يمر كل شيء بسرعة، فوزير الداخلية، الذي كان جالسا في المكان المخصص للحكومة، كان يرسل بأسئلته، وهو يمد يده الى الوراء كعداء تبادل، كما كان ينتظر الاجابة ويتسلمها بالطريقة نفسها.
شعرت رشيدة داتي بان الأمر تجاوزها كثيرا، وما عادت تستطيع المواصلة، عندما كثرت الملاحظات بخصوص نقطة من مشروع القانون، فيما كان ساركوزي ينتظر باستمرار الأرقام والتوصيات.
لم تكن الصديقة الجميلة تعبأ بالانتقادات، فالمهم بالنسبة إليها هو أن تتسلح بالنخبة. رافقت رشيدة في 23 فبراير 2006، وزير الداخلية الى ليون، حيث حضر طاولة مستديرة حول الأوضاع الاقتصادية للأحياء الحساسة بمشاركة المنتخبين المحليين وجاك أتالي، الذي أتى للدفاع عن فكرة منح القروض المصغرة للمقاولين.
وجدت رشيدة نفسها أمام صديق، فجاك أتالي هو من وظفها طيلة سنة كاملة في لندن، عندما كان يدير البنك الأوروبي للبناء والتنمية، كما أن الرجلين – ساركوزي واتالي - يعرفان بعضهما ايضاً، فكلاهما يقيم في نويي وأطفالهما أصدقاء.
لقد تلقى جاك أتالي في يوم من الأيام في مكتبه في قصر الاليزيه، رسالة من محام شاب يطلب فيها لقاءه ليشرح له كيف يصبح رئيسا للجمهورية، ولم يكن هذا المحامي سوى نيكولا ساركوزي،الذي استفاد بواسطة هذه الرسالة من لقاء أتالي ودخول قصر فوبورغ سانت هونوري لأول مرة في حياته.
دون المستوى
استقبل نيكولا ساركوزي في 10 أكتوبر 2006، غزافيي برتراند، وكان يريد أن يعينه ناطقا رسميا باسم الحملة الى جانب رشيدة داتي التي لا يعرفها.
قال ساركوزي لوزير الصحة والتضامن: عليك أن ترى سيسيليا، وعندما التقته هذه الأخيرة في جلسة كانت اقرب إلى مقابلة توظيف، قالت لزوجها «سيشكل غزافيي برتراند ورشيدة داتي رمز فرنسا الجديدة ،انهما زوج متكامل».
كان برتراند حذرا جدا، ولأنه لا يعرف داتي بحث وسأل عن شخصيتها، فعرف أنها تستفيد من الحماية المطلقة للزوجين ساركوزي، وهكذا قُبلت رشيدة داتي، لتبدأ في حضور الاجتماع السياسي الذي كان يتم على مستوى ساحة بوفو، مساء كل يوم.
أعلن برتراند غزافيي انضمامه باسم الانسجام والشفافية إلى فريق نيكولا ساركوزي في 2 ديسمبر 2006، ليعلن بعدها ساركوزي عن تعيين رشيدة وبرتراند في منصب ناطقين باسم المرشح، فيما عهد بمهمة إدارة الحملة الانتخابية إلى مدير مكتبه كلود غيون، غير أن اسما آخر لا يزال دون مهمة، انه بريس هورتفو الذي انزعج لسماع الخبر، خصوصا انه من أصدقاء ساركوزي القدامى.
كان بريس هورتفو يعتبر برتراند وصوليا، فيما كان يعتبر رشيدة دون المستوى «نحن نعرف جيدا كيف تقدمت وتطورت درجة بدرجة. من هذا المنطلق، هي متعاطفة جدا مع ساركوزي، لكن ما عدا ذلك فالأمر يتعلق بفراغ مطلق».
لكن لا يتقاسم الجميع في محيط ساركوزي هذه الفكرة عن رشيدة، فهناك من يراها مستشارة قانونية ممتازة وتملك قدرة كبيرة في هذا المجال، مثل ما يشير إليه فرانك لوفريي، وهو احد المستشارين الأوفياء لنيكولا ساركوزي.
لقد تدخل هورتفو كثيرا لدى ساركوزي، ليعيد النظر في الموضوع، لكن هذا الأخير أغلق الملف ببرود.
ناطقة باسم ساركوزي
لقد تلقى الجميع رسالة المرشح. ومن الآن فصاعدا، فقائدة الحملة الانتخابية تدعى سيسيليا، التي قامت بتحديد أسماء قيادة الأركان، ومنهم ديفيد مارتينون، الذي وُعد بمنصب رئيس ديوان في حال فوز ساركوزي.
غداة زيارة لمصنع في ماسون، أسرت رشيدة إلى احد مرافقيها «انتهى الأمر، لقد عينني ناطقة باسمه مساء أمس، سيكون الأمر صعبا، لقد أكد الوزير ذلك أمام الفريق، ولا احد هنأني، اشعر باني سأنفجر لكني سأصل. أود تحقيق ذلك، لا اعرف كيف؟ لكني سأصل، علي أن أتكلم مع كلود غيون». لم تكن رشيدة في تلك المرحلة تملك الوقت الكافي لتفكر في استراتيجية تناسب وضعها الجديد.
وفي ذلك اليوم وفي منطقتها وفي احد أروقة مصنع افيرا، قدمت رشيدة والدها مبارك، وكان بناء سابقا إلى نيكولا ساركوزي، الذي تحدث إليه قائلا «ابنتك معي، سيكون لها مستقبل كبير».
أعلن نيكولا ساركوزي في 14 يناير 2007 ترشحه رسميا باسم الاتحاد من أجل الحركة الشعبية للانتخابات الرئاسية، وفي خطاب الترشح وجه العديد من الرسائل للمجتمع الفرنسي، منها ضرورة أخذ تعدد الأصول بعين الاعتبار، وكان أحسن رمز لذلك اختيار رشيدة داتي كناطقة باسم الحملة الانتخابية.
استيقظت رشيدة داتي فجر يوم 15 يناير حتى يتسنى لها أن تتدرب لآخر مرة قبيل الالتحاق باستديو إذاعة يوروب 1.
لقد استقبلها جان بيير الخباش حصريا، لتخصه بأول حوار لها بصفتها الجديدة وكانت تشعر باضطراب جميع أعضائها، ليكتشف الجمهور في ظرف 15 دقيقة مسار رشيدة الصغيرة التي أصبحت «بفضل إرادتها وعملها» قاضية ثم مستشارة لنيكولا ساركوزي.
بدأت هذه «الساركوزية» في حشد الدعم لمرشح الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، فصارت تجري حوارات صباحا ومساء، فيما أصرت على تغيير ديكور مكتبها في مقر قيادة الحملة الذي يقع في شارع انغيين.
الحلقة المقبلة
نصيحة لوزيرة العدل: لا تظهري بالمايوه الى جانب الرئيس
لصديقة الجميلة (5) نصيحة لوزيرة العدل: لا تظهري بالمايوه إلى جانب الرئيس
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عنها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخاييل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة عرض الحائط بكل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
وصل التنافس بين رشيدة داتي وبرتراند غزافيي الناطقين باسم نيكولا ساركوزي إلى درجة لا تطاق، فرشيدة لم تعد تتقبل أن يٌوجّه ساركوزي أي كلام لغريمها ومهما كانت طبيعة الاجتماع.
استشاطت رشيدة داتي في يوم من الأيام غضبا، بعد أن أُبلغت بحضور غزافيي دقائق فقط قبيل المؤتمر الصحفي الذي كانا ينويان تنظيمه.وفي خضم الأزمة العصبية التي لفتها من كل جانب، شعرت بان غزافيي يتعمد التأخر، حتى لا يحضّرا سويا نقاط المؤتمر الصحفي.
في تلك الأثناء هاتف احد المعاونين برتراند غزافيي،ليخبره بغضب رشيدة، التي انتهت إلى الهدوء بعد عاصفة شاهد الحاضرون تفاصيلها.
وصل برتراند والابتسامة تعلو محياه، وجرى المؤتمر الصحفي مثلما كان مخططا له. ويقول احد ابرز المسؤولين في إدارة الحملة الانتخابية لنيكولا ساركوزي «رشيدة لا تثق بنفسها، حيث يتملكها الخوف وتفقد السيطرة على نفسها، كلما تعلق الأمر بالحديث عن أي موضوع».
أعداء رشيدة
كانت رشيدة ترفض اعتماد تعليمات هوج موتوح القانونية، ذلك أنها تعتبره عدوها الأزلي وكانت تصرخ في مكتبها، كلما وُجّهت لها أي تعليمة أو توصية بالقول «انه موتوح من كتب هذا، اعرف طريقته، لا أريدها».
وتقول إحدى موظفات إدارة الحملة الانتخابية «كنا نشرح لها بان هذا ما ينبغي أن نقوم به من إصلاح للمؤسسات، تجاهلي تماما من كتبه »، لكنها كانت تجيب «لا، لا مجال، لا اقبل شيئا من موتوح».
تصرفات مزعجة
يقول احد أعمدة إدارة الحملة الانتخابية لساركوزي، «لقد انزعج أعضاء الحملة من تصرفاتها،كنا نقضي ساعات لنشرح لها القواعد الأساسية لعدد من القضايا السياسية العامة، وذهبنا بعيدا في ذلك، حيث كنا نعمل على أن تحفظها عن ظهر قلب، لقد كانت تُكرّر كل مرة تظهر فيها على شاشة التلفزيون، ان اليسار لم يزر أبدا الأحياء الفقيرة، بينما زارها ساركوزي 500 مرة، لكن الحقيقة هي أننا قمنا بزيارة الضواحي حوالي 15 مرة عندما كنا في وزارة الداخلية، لكن لا احد وجه لها الملاحظة».
نجح ساركوزي في تخفيف حدة التوتر، الذي كان ملازما لفريقه منذ فترة، فيما كان الجمهور العريض مهتما بالسباق المحموم بين الاشتراكية سيغولين روايال واليميني ساركوزي، غير أن انقسام فريق هذا الأخير ظهر جليا في الاجتماعات الصباحية.
انقسام واضح
وبينما كان كلود غيون يستدعي الطاقم كله لحضور اجتماع في مقر القيادة العامة في حدود الساعة الثامنة والنصف، كان بريس هورتفو يعقد اجتماعا يوميا في مكتبه بوزارة الجماعات المحلية أو الاتحاد من اجل الحركة الشعبية.
وفي خضم كل هذه الحركية، كانت الصديقة الجميلة تبذل كل ما في وسعها لحضور الاجتماعين، ولما بلغ الانشقاق ذروته، تدخل نيكولا ساركوزي وأمر بحل فريق بريس هورتفو.
التصقت رشيدة داتي كعادتها بالقائد، وحاولت أن تلازمه خلال كل غداء، كما كانت تصاب بقلق شديد عندما كان يغادر من دونها، مع أبناء سيسيليا لتناول غداء عائلي.
لقد كانت الصديقة الجميلة تراقب تطور العلاقة بين ساركوزي وزوجته عن كثب، ذلك أنها كانت تبلّغ سيسيليا بكل كبيرة وصغيرة، فهذه الأخيرة، انتقلت من مرحلة الغياب التام إلى مرحلة الحضور الكلي في حياة ساركوزي المرشح للرئاسة.
دور مزدوج
لم تفارق الصديقة الجميلة نيكولا ساركوزي وزوجته غداة الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية، وكانت تهمس في اذن سيسيليا بين الفترة والاخرى، قائلة «اتقدرين الحظ الذي تملكينه؟ انت زوجة الرئيس، وهو مجنون بك، حاولي ان تكوني طيبة معه».
كانت سيسيليا تجد في رشيدة الاذن الصاغية، كلما بحثت عن انسان يسمعها، فتوطدت العلاقة بينهما، خصوصا ان السيدة الاولى كانت تبحث في تلك الفترة، عمن يقول لها ما تود ان تسمعه، ورشيدة لم تتأخر في ان تقول لها «قصتك مع ريتشارد اتياس استثنائية، عليكما ان تعيشا السعادة».
ويقول احد الشهود ان رشيدة كانت تكلم ريتشارد اتياس هاتفيا حتى يبعث علاقته مع سيسيليا من جديد، وكانت تقول له «انت رجل حياتها، لا اريد سوى سعادتك»، وكانت هذه الكلمات تدغدغ قلب رجل الاعمال المغربي.
قلب السلطة
سمحت كل هذه الظروف بتموقع رشيدة في قلب السلطة، خصوصا بعد ان نجح جناح سيسيليا في حربه داخل ادارة الحملة الانتخابية.
تلقت رشيدة داتي في 8 مايو رسالة من كلود غيون عن طريق سكرتيرته، جاء فيها «عليك ان تجمعي اغراضك وتلتحقي بمقرات شارع سانت دومينيك».
وضعت الجمهورية فندقا خاصا ملحقا بمصالح الوزير الاول، تحت تصرف الرئيس المنتخب، على الرغم من شغل الوزير المنتدب من اجل ترقية الفرص في حكومة فيلبان، عزوز بقاق للمكان.
علاقات مع السكرتيرات
بدأ نيكولا ساركوزي في التحضير لاستلام مهامه والالتحاق بقصر الاليزيه، بتشكيل مكتبه، وكان واضحا بان من تحميها سيسيليا باقية، ويتعلق الامر بكل من ديفيد مارتينون ورشيدة داتي، التي كانت تقول كلما سألها الصحافيون عن مصيرها بعد فوز ساركوزي «لا اعرف ماذا افعل، انا هنا مع كاريتيني انتظر».
لم تكن الوضعية مختلفة في الداخل، لعدم توافر مكاتب، ما عدا تلك الملحقة بمكتب الرئيس وزوجته واقرب المعاونين، ما بث الخوف في قلب رشيدة، التي سارعت الى توطيد علاقتها بسكرتيرات قصر الاليزيه وعرضت عليهن المساعدة، لما وجدتهن منهمكات في الصاق الاظرفة، قائلة: «سأساعدكن يا بنات، ما دمت لا اعرف ماذا سأشغل، وليس لدي شيء اقوم به».
نسجت رشيدة بمرور الوقت، شبكة علاقات قوية مع السكرتيرات اللواتي كن على اطلاع بالمعطيات الاستراتيجية وبكل الاجندات، وكانت قد قادت حربا لفائدة سكرتيرات ادارة الحملة، عندما رفض امين الخزينة ايريك وورث تعويض تكاليف سيارات الاجرة اللواتي كن يلجأن الى خدماتها عند الضرورة، لذا فهن يعترفن بوقوفها الى جانبهن.
مشاورات سياسية
لم تكن سيسيليا تقيم مع ساركوزي في تلك الفترة، فالسيدة الاولى قررت الاستقرار في شقة مؤجرة في نويي، واما زوجها فقد استقر في لونتارن، وبالضبط في المبنى الذي كان يقضي فيه الوزير الاول الفرنسي اجازة نهاية الاسبوع.
وكانت سيسيليا تزور بانتظام هذه الفيللا، التي احتضنت جميع المشاورات السياسية، التي كانت رشيدة داتي تحضر جانبا منها. ضاعفت السيدة الاولى عدد مقترحاتها، وفيما كان ساركوزي يرفض البعض، كان يقبل البعض الآخر، مثلما حصل مع الناطق باسم الرئاسة ديفيد مارتينون.
وفي المقابل رفض ساركوزي تعيين اللاعب الفرنسي جون تيقانا في منصب وزير للدولة مكلف بالرياضة، بعد ان احتفظ به لبرنار لابورت.
لقد طلبت سيسيليا من ساركوزي، تعيين كريستين لاغارد في منصب وزيرة للاقتصاد والمالية وتوسلت الى زوجها، عدم تعيين بريس هورتفو في الحكومة، لكنه رفض الطلب بعد ساعات من النقاش، واكد لرفيق دربه وجود اسمه ضمن الطاقم الحكومي.
وهناك ايضا حالة رشيدة داتي التي ضمتها سيسيليا الى دائرة المقربين «انها اكثر من صديقة، هي اختي، لن اتخلى عنها، اعرف كل شيء عنها».
وزيرة للعدل
كانت رشيدة تعتقد بان تعيينها على رأس وزارة العدل أفضل لها، لذلك سعت سيسيليا أن تؤكد لزوجها ضرورة أن تُكلف بمهمة تتناسب ومسارها المهني وليس أصولها.
كان ساركوزي بين خطين حمراوين، المجتمع الفرنسي وزوجته، لذا تساءل كثيرا ان كان بمقدور هذه الشابة المفعمة بالطاقة أن تكون في المستوى وقد التحقت بطاقمه قبل خمس سنوات فقط وليست منتخبة بالإضافة إلى محدودية قدراتها.
قال ساركوزي في دواخل نفسه في الوقت ذاته، ان وزيري العدل اللذين شغلا هذا المنصب في فترة شيراك وهما كل من دومينيك باربان وباسكال كليمون لم يتركا انجازات تذكر.
عند هذا الحد من التفكير اقتنع الرئيس بضرورة وأهمية دعم رشيدة، خصوصا بعد أن همس المستشار الان مان في اذنه قائلا: «رشيدة الأنسب، إذا ما أردت أن يقبل القضاة إصلاحات قطاع العدالة « …» لن يستطيعوا التهجم عليها من دون أن يُتهموا بالعنصرية».
كثرت الزيارات في شارع سانت دومينيك، فكان المنتخبون وكبار الموظفين والمستشارين يتوافدون على مكتب الرئيس، الذي كان منكبا على اختيار الأسماء التي ستشكل حكومته الجديدة.
وفي احد الأيام، اخبر ساركوزي رشيدة بأنه سيعينها على رأس وزارة العدل وأضاف «نعم ستكونين وزيرة للعدل».
شعرت رشيدة باضطراب شديد، لقد تذكرت حياتها، ووالديها وأصولها، في وقت كان فيه نيكولا قد غادر الغرفة التي كانت تجلس فيها برفقة سيسيليا، التي سارعت إلى صديقتها وقالت «رشيدة عليك أن تتوقفي عن البكاء الآن، أنت تعرفين أن نيكولا لا يتحمل النساء اللواتي يبكين».
موقف مع صحافية يوروب
تقاطعت أنظار الصحافية كاترين ناي مع رشيدة داتي يوم تعيينها وزيرة للعدل وكانت هذه الأخيرة متواجدة في إحدى قاعات الماكياج التابعة لإحدى التلفزيونات.
ومعلقة يوروب 1 هي واحدة من بين أصدقاء البان شالوندون وتعرف الصديقة الجميلة وبداياتها في العاصمة، عندما كانت تطرق أبواب باريس كلها، وتعرف أيضا ما الذي فعله شالوندون من اجل دراسات رشيدة ومسارها المهني.
كاترين ليست بليدة، ذلك أنها تعرف شخصية داتي جيدا، لذلك اقتربت منها وهمست في أذنها «جيد، أنت الآن وزيرة، لقد تقدمت كثيرا، لكن لا تنسي أولئك الذين صنعوك، احذري أن تهمشي ألبان».
كانت الصحافية تتحدث عن معرفة سابقة بالموضوع ورشيدة فهمت الرسالة جيدا، ذلك إنها لم توجه دعوة لشالوندون، الذي قيل بأنه هو من صنعها اجتماعيا، لحضور حفلة تسلم مهامها كوزيرة للعدل في الحكومة الفرنسية.
بمجرد خروجها من الاستديو، أسرعت الصديقة الجميلة إلى هاتفها، حتى تتأكد من أن ألبان شالوندون إلى جانبها.
رشيدة ولباس البحر
كان أول قرار اتخذته رشيدة بمجرد تسلمها مقاليد الوزارة، هو تعيين لوران لو ماسيل مديرا لمكتبها وكان مستشارا للرئيس الفرنسي جاك شيراك بين سنتي 2002 و2004، ثم مديرا لمكتب وزير العدل دومينيك باربان، ليشغل منذ سبتمبر 2006، منصب نائب عام لدى محكمة الاستئناف في باريس.
اختارت رشيدة داتي فريقها غير أن الاليزيه تدخل في بعض من التعيينات، حيث دعا كلود غيون إلى مكتبه، المسؤولة الإعلامية سابقا لجون بيير رافاران لما كان رئيسا للحكومة.
كانت لورانس لاسير، امرأة شابة شغوفة بالسياسة ومحبوبة لدى الصحافيين، حيث اقترح عليها كلود غيون عقب لقائهما الالتحاق برشيدة داتي.
لقد دار حوار بين السيدتين خلال أول لقاء بينهما وجاء فيه :
قالت الوزيرة :إذا كيف ترين الأمور؟
-أظن انه عليك تغيير علاقتك مع رئيس الجمهورية، هذا مهم جدا.
-اه،لماذا؟
-لان ضمان استقلالية العدالة عن الحكومة هو مهمة من المهمات المنوطة بك، وعليه لن تكوني ذات مصداقية إذا ما استمررنا في رؤيتك بلباس البحر إلى جانب الرئيس.
وانتهى اللقاء بصمت رهيب.
إجازة في أميركا
اختار الزوجان ساركوزي بعد مرور أيام ،قضاء إجازة في الولايات المتحدة الأمريكية وبالضبط في وولفبورو في ولاية نيوهامشير، حيث تكفل احد مسؤولي ميكروسوفت بإيوائهما في بيت، يتم تأجيره عادة بـ30 الف دولار أسبوعيا.
دعت سيسيليا صديقاتها لقضاء إجازة معها وعلى الخصوص ماتيلد اغوستينيلي وانياس كرومباك وكلاهما مولتا جزءا من الرحلة.
أثناء الإجازة، التقط احد مصوري وكالة الاسوشييتد برس صورة كان لها صدى كبير في كل أنحاء العالم. إنها صورة نيكولا وسيسيليا برفقة رشيدة داتي مرتدية ملابس خفيفة جدا، على ظهر يخت في بحيرة وينيبسوك.
توتر في وزارة العدل
بدا التوتر جليا على فريق رشيدة الجديد، منذ الاجتماعات الأولى لمكتب الوزيرة والتي كانت تعقدها هي بنفسها عكس باقي الوزراء،الذين كان يعهدون هذه المهمة إلى مديري مكاتبهم.
كان المستشارون غالبا ما يتساءلون عندما يغادرون القاعة «نحن لم نفهم ماذا كانت تطلب منا، لم تكن تثري أي نقاش ولم تكن تأتي بأي فكرة جديدة حول القضايا المركزية للعدالة؟»،
ويقول احد مستشاريها إنها كانت تلجأ في كل الأوقات إلى رئيس الجمهورية. كانت تود كل مرة شكره على تعيينها على اعتبارها أفضل تلميذ في الحكومة ،وكانت تقول لنا «سيعترف الرئيس بمجهوداتكم إذا ما ثابرتم واشتغلتم جيدا».
لقد كانت أصول رشيدة داتي أحيانا موضوع سخرية بعض الموظفين السامين في قطاع العدالة، من المشككين في قدراتها ويقول احد الشهود ان الكثير من المسؤولين كانوا يتبادلون النكات عنها حول طاولة الاجتماعات وعلى الخصوص الاجتماع الذي جمعت فيه النواب العامين، حيث تساءل احدهم «ما الذي ستأتي به؟ قرون الغزال أم الشاي؟».
كانت الأجواء مشحونة في وزارة العدل الفرنسية وفي هذه الظروف أيضا تم التحضير لخطاب الدولة حول العدالة والذي قررت رشيدة تقديمه في محكمة بوبينيي في 22 يونيو 2007.
الحلقة المقبلة:
المواجهة حول ساركوزي بين رشيدة وغريمتها السنغالية «راما ياد»
الصديقة الجميلة 6 .. واندلعت المواجهة حول ساركوزي بين رشيدة وغريمتها السنغالية «راما ياد»
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عنها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخاييل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
أصبحت رشيدة داتي الآن وزيرة للعدل في الحكومة الفرنسية، وبالرغم من ذلك فإنها لم تتخل عن إثارة المحيطين بها، فتراها ترسل تارة ابتسامة وتارة أخرى كلمة جميلة، وتكلم من تريد وبالشكل الذي تريد أثناء مرورها في أروقة الوزارة.
أثارت هذه التصرفات ميشال دوبرين، الذي أوصاها بتجنب التعامل مع الموظفين أو غيرهم وكأنهم أفراد من عائلتها، حتى تحتفظ بمسافة رمزية مع العالم الخارجي، غير أن الوزيرة لم تعر ملاحظات مدير مكتبها أدنى اهتمام، ذلك أن كلاهما لم يتعلم على يد المدرسين والأساتذة انفسهم.
مدرسة.. ساركوزي
كانت رشيدة تجيب دوما «لقد ترددت على مدرسة صعبة جدا، إنها مدرسة نيكولا ساركوزي، لكن يجب أن تمروا من هنا حتى تنجحوا وتتذوقوا طعم النصر».
لم تكن تصرفات الوزيرة تعجب أحدا، ما عمق الهوة بينها وبين العديد منهم وخصوصا مدير مكتبها ميشال دوبرين، الذي لم يكن ينسجم مع طريقتها في إدارة الوزارة، مثلما هي الحال بالنسبة لسيرج بورتيلي نائب رئيس محكمة باريس، والذي وجه لها الكثير من الانتقادات بصفته قاضيا ونقابيا.
أولى المواجهات مع القضاة
شدت حادثة اعتداء ربة أسرة فرنسية على قاض في محكمة متز باستعمال سكين، انتباه الرأي العام الفرنسي، حيث طعنت هذه السيدة القاضي جاك نوريس على مستوى البطن بعد أن تم اعتقال ابنها، لينقل القاضي بعدها في حالة حرجة إلى مستشفى المدينة.
والحادثة لم تثر الرأي العام الفرنسي فقط، وإنما دفعت قضاة هذه المحكمة إلى الاحتجاج بسبب انعدام الأمن على مستوى محكمتهم.
طلب نيكولا ساركوزي من رشيدة داتي زيارة الجريح، ولقاء القضاء وموظفي المحكمة للتعبير عن تضامن الوزارة والحكومة معهم، وبدورها طلبت وزيرة العدل من موظفيها، تزويدها بتقرير مفصل عن الوضعية وعن امن المحكمة، حتى لا تتكرر مثل هذه الحادثة.
لم تكف هذه المبادرات لتهدئة القضاة، الذين دعتهم المنظمات الممثلة لهم، إلى تنظيم تجمع أمام قصر العدل.
كان نقيب قضاة باريس ايف ريبيكي على موعد مع وزيرة العدل لمناقشة الوضع، لكنه أكد لها حضوره بعد مشاركته في تجمع القضاة تضامنا معهم، مما أصابها بالجنون ودفعها لأن تطلب من مدير مكتبها التحدث مع نقيب القضاة، حتى يعدل عن مشاركته في التجمع.
حذرت رشيدة مدير مكتبها قائلة «إذا ما أصر على حضور التجمع فلن استقبله».
كان ميشال دوبرين يدرك خطورة الوضع والأزمة في سياقها الحالي، لذا قرر التدخل، رغم اللهجة القاسية التي كانت تحدثه بها «إذن هل كلمته؟ ماذا قال لك؟.
لقد انتهت هذه القضية واستجاب نقيب القضاء لدعوة الوزيرة ورغبتها بعد مكالمة هاتفية مؤدبة أجراها معه ميشال دوبرين .
ويقول احد المقربين ان ميشال كثيرا ما وفر الحماية لرشيدة داتي، وتضيف هذه الشخصية التي عايشت أولى فترات تدهور العلاقة بين رشيدة داتي وميشال دوبرين «كانت الوزيرة ترى ان الملفات التي كنا نحضرها غير مضبوطة وغير مكتملة، وكان اهتمامها بان يكون كل شيء كاملا وفي المستوى، نابعا من عدم تحكمها في الكثير من الملفات، لقد كانت تتفاعل مع القضايا من دون أدنى معرفة، مثلما وقع خلال اجتماعها مع القضاة، حين طرح عليها احدهم أسئلة واضحة، ولأنها لم تكن قد حضرت الاجابات، فقد سعت الى اشعال فتيل الصدام بين النقابيين بتطرقها الى مواضيع داخلية تتعلق بالمنظمة .وفي نهاية اللقاء، أراد القضاة أن ينشروا بيانا مشتركا للتنديد بموقف رشيدة داتي، لكنها طلبت منا تهدئتهم، لقد كانت تضعنا في وضعيات حرجة جدا».
صدمة الخطاب
أصبح الجو لا يطاق على مستوى وزارة العدل، مما دفع المستشارين الى اخطار مدير مكتب الوزير باستقالتهم، هذا الأخير قام بعمل جبار لتفادي موجة الاستقالات التي كانت ستفاقم الوضع أكثر.
كان على رشيدة بداية يوليو 2007 ان تعرض على البرلمان الفرنسي مشروع قانون يتعلق بمكافحة العودة الى الاجرام، فطلبت من ميشال دوبرين تحرير خطابها بمساعدة عدد من المستشارين. كان الضغط كبيرا على الفريق، الذي خصص حوالي 50 ساعة لضبط الخطاب في صورته النهائية.
تسلمت الوزيرة نسخة من الخطاب، لكنها اتصلت بمدير مكتبها عشية عرض مشروع القانون قائلة «ماذا أعطيتموني، هذا شيء غير مضبوط وغير قابل للضبط، لا استطيع أن أقرا هذا الخطاب»، صُدم دوبرين من ردة فعل الوزيرة ليس فقط لأنها عنيفة، ولكن لأنها متأخرة أيضا، خصوصا بعد أن اقترحت عليه الذهاب الى مقر الوزارة لكتابة النص من جديد.
في حدود الساعة منتصف الليل فاجأت رشيدة مدير مكتبها بقولها «انه بلا قيمة» وأمام هذا الوضع أمرته بالاتصال بصديق له، ضليع في قواعد اللغة ويقيم في فرساي «قل له نحن بحاجة الى خدماتك بصفة مستعجلة» لكن دوبرين أجاب «انها الساعة منتصف الليل» ،فردت «لا يهم كلّمه».
وصل المعني بالأمر في غضون ساعة واحدة الى وزارة العدل، حيث قام بتعديل النص وصادق عليه من الناحية اللغوية، مما أرضى رشيدة داتي، التي عنّفت مدير مكتبها مرة أخرى في اليوم التالي قائلة: «هذا غير معقول، رجعت الى بيتك من دون أن تنتظر رؤية الخطاب مطبوعا؟» فأجاب «سيدتي الوزيرة، لقد قمنا بقراءة الخطاب بصوت جهوري، ثم قمت باجراء التصحيح النهائي، ثم ذهبت الى بيتي لأنام بعض الوقت حتى ارتاح وأكون في لياقتي اليوم، لم يبد لي الأمر مهما، ذلك أن هناك في الوزارة من يهتم بطباعة الوثيقة وتسليمها لسائقك».
استقالة جماعية
تكررت مشاكل رشيدة مع مدير مكتبها الى درجة أنها توجهت ذات مرة نحو قصر الاليزيه لتقديم استقالتها، غير أن المستشار القانوني للرئيس نيكولا ساركوزي، هدّأ من روعها وأثناها عن ذلك، مؤكدا لها تدخل الرئيس سريعا «انتظري بضعة أيام، سيكلمك الرئيس»،غير أن الرئيس لم يتدخل، مما دفعها الى أن تطلب منه عن طريق سيسيليا، اقالة دوبرين.
وبالفعل غادر دوبرين وزارة العدل، ليكون رحيله الأول في قائمة سلسلة طويلة، لكنهما اتفقا على الطريقة التي يقدمان بها الحادثة للصحافة:
_ تتزوج في الرابع من أغسطس؟
_ بالفعل سيدتي الوزيرة.
ــ ليس لنا سوى أن نقول ان الأولوية هي لحياتك الجديدة، التي لا تتناسب مع ايقاع مكتب وزيرة العدل.
بهذا برر دوبرين رحيله عن وزارة العدل، قال في تصريح خص به الصحافة «انها أسباب شخصية فقط، تقف وراء مغادرتي منصبي، وأضاف قائلا «لقد أحببت العمل الى جانب السيدة رشيدة داتي، التي أتقاسم معها روح التجديد التي تملكها وأيضا حيويتها وخصالها الضرورية لنجاح مهمتها وزيرة للعدل».
الإسراع في كل شيء
وأضاف دوبرين لفرانس انفو «لمَ تضخمون الأمر، ليست القضية قضية دولة، انه حادث صغير، لقد اشتغلت مع وزيرة عدل تود الاسراع في كل شيء، وزيرة أخذت الثور من قرنيه، وتطالب بتفرغ كلي للمهنة وعندما اقترح علي المنصب، لم أقدر بأن علي أن أبدأ عند الساعة الثامنة صباحا وانتهي عند منتصف الليل».
أسالت الصحف الكثير من الحبر بخصوص رحيل دوبرين عن وزارة العدل، وما زاد الأمر سوءا هو استقالة أربعة مستشارين آخرين يشتغلون في مكتب الوزيرة، وعن هذه الاستقالة الجماعية، قال احدهم «نريد أن يفهم الناس ان هناك مشكلا يدعى داتي وليس مشكلا يدعى دوبرين».
لم تكن رشيدة داتي تعيش في عز صائفة 2007، مشاكل داخلية على مستوى وزارتها فقط وانما أيضا مشاكل أخرى مع قطاع العدالة، لكنها هذه المرة مشاكل عائلية، بعد أن اتهم اثنان من اخوتها في قضايا مخدرات.
وفي خضم العاصفة الهوجاء التي ألمت بها، فضّلت رشيدة الاحتماء بكلود غيون الأمين العام لقصر الاليزيه، وكان منشغلا بالبحث عن مدير جديد لمكتبه.
تدخّل الرئيس
وقع اختيار كلود غيون على باتريك جيرار، وهو شخصية مختلفة تماما عن دوبرين، ذلك انه مختص بالقضايا المتعلقة بقطاع التربية، وهو واحد من أنصار جيسكار ديستان، وشغل العديد من الوظائف في باريس.
وكان الأمين العام لقصر الاليزيه يرى ان تكليف سياسي متمرس بمنصب مدير مكتب وزيرة العدل سيكون مناسبا لرشيدة داتي وأفضل بكثير من تكليف قاض بالمهمة ذاتها.
ولم تتأثر رشيدة في الحقيقة برحيل مدير مكتبها أو استقالة عدد من مستشاريها، ذلك أنها تبقى رمزا للتفتح لدى رئيس الجمهورية، كما تبقى أيضا أيقونة التنوع ومحط متابعة وأنظار استطلاعات الرأي في فرنسا.
وقد زادت حدة التوتر الذي تعانيه رشيدة بارتفاع عدد المعارضين لها، وبينما كانت تبحث عن دعم وسط كل هذا، دعتها السيدة الفرنسية الأولى للتسوق، ثم شرب الشاي في مقهى باريسي.
اغتنمت الصديقة الجميلة الفرصة واللحظات الحميمة مع سيسيليا لتطلعها على سوء معاملتها على مستوى الحكومة.. لقد وصلت شكاوى رشيدة بسرعة الى الرئيس ساركوزي.
كان رئيس الجمهورية يطلب الميكروفون في كل مناسبة ليشكر رشيدة على الشجاعة التي تدير بها وزارتها وتقود بها جملة من الاصلاحات الصعبة عكس من سبقوها من الوزراء الذين تداولوا وزارة العدل.
بداية الإصلاحات
لقد قررت وزيرة العدل أن تعيد النظر في الخريطة القضائية، التي مضى على العمل بها 50 سنة، غير أن باتريك أوار احتج على هذا التوجه على مستوى قصر الاليزيه، لكنها استمرت في تطبيق الاصلاحات وقررت في خريف 2007 أن تقوم بجولة تشمل كل فرنسا لشرح الاصلاحات.
أنهت رشيدة جولتها، التي أطلق عليها المحامون اسم «جولة داتي»، بشطب محكمة بيرون من الخريطة القضائية، وهي المحكمة التي بدأت فيها حياتها المهنية كقاضية.
لصيقة بالرئيس
لم يصدق احد الكوادر في مؤسسة تابعة للبورصة آذانه عندما كلمه عضو من مكتب رشيدة داتي هاتفيا وقال له «تأمل الوزيرة المجيء صباحا في حدود الساعة الثامنة حتى تأخذ صورا من بلكونة غرفتكم في الفندق، فمنها نشاهد أجمل مناظر مراكش»، حيث كان هذا المسؤول ضمن الوفد الذي يرافق رئيس الجمهورية الى المغرب.
كثيرا ما تقع أشياء غريبة في الرحلات الرئاسية، خاصة مع الصديقة الجميلة.
لقد أُعطيت تعليمات الى الخلية الدبلوماسية لقصر الاليزيه، منذ انتخاب ساركوزي رئيسا للجمهورية، تقضي بضرورة اعطاء الأولوية للوزيرة ما دامت اقرب المقربين من سيسيليا، لذا كان اسمها دوما ضمن قائمة الوفد المرافق للرئيس اثناء زياراته إلى الخارج، وكانت تجد دوما حجة لوجودها ضمن طاقم الرئيس اذا ما سألها الصحافيون، ولم يكن لقطاعها أي دخل بالزيارة.
كان ساركوزي في الأشهر الأولى من ولايته يقدم جميلات حكومته للفرنسيين في الداخل والخارج، ويتشكل فريقه النسوي من راما ياد وكريستين لاغارد وفاليري بيكريس وناتالي كوسكيوسكو موريزات ورشيدة داتي ليشكل الفريق «ألوان ساركوزي الموحدة».
كان هذا الفريق النسوي المسيطر على مناصب حساسة ومهمة، يعبر عن التوجه الجديد لساركوزي، ولهذا لم يكن يجد أي سوء في اصطحاب وزيرة العدل، اضافة الى ذلك فلهذه الأخيرة علاقة وطيدة بزوجته، وأما على مستوى الدبلوماسيين، فكان التذمر سيد الموقف ولكن يعبر عنه بصوت خافت جدا وفي الخفاء.
مواجهات نسوية
كثيرا ما كانت المواجهات تندلع في الكواليس أثناء زيارات ساركوزي الرسمية الى الخارج، بين سكرتيرة الدولة المكلفة بحقوق الانسان راما ياد ووزيرة العدل، فرشيدة داتي تعتبر راما ياد منافسة لها. وتعترف راما ياد بعيدا من وسائل الاعلام بعدم وجود انسجام بينها وبين زميلتها، حيث قالت لأحد مقربيها في خريف 2007 «هذا أكيد، انها لا تحبني. كلما نلتقي لا نجد موضوعا لنتحدث فيه سوى الموضة. انها تقارن نفسها بي باستمرار، وقلت لها يوما أنا لا اشعر أبدا بأني في سباق تنافسي معك. انها مسألة أجيال... لقد حاولت احراجها».
كانت كل زيارة يقوم بها ساركوزي وتنضم اليها راما ياد ورشيدة داتي، تشهد مواجهات وصراعا كبيرا بين الطرفين. فأثناء زيارة ساركوزي للجزائر، انزعجت الصديقة الجميلة كثيرا من الانسجام الذي بدا واضحا بين الرئيس ساركوزي وسكرتيرة الدولة المكلفة بحقوق الانسان.
وقبيل نزول الطائرة في مطار قسنطينة، شرق الجزائر، ذكّرت وزيرة العدل زميلتها بعدم تجاوزها أثناء النزول وفقا للبروتوكول «أنا وزيرة وأنت سكرتيرة دولة»، فالصديقة الجميلة مصرة على احترام الايتيكيت.
وفي قسنطينة أحاط الرئيسان عبدالعزيز بوتفليقة ونيكولا ساركوزي براما ياد ومليكة بن العربي، وقالا معاً «هيا نأخذ صورا مع أجمل الجميلات».
احمرت وجنتا رشيدة داتي من شدة الغضب، لكنها مع ذلك نجحت في هذه الرحلة بالتعرف إلى المخرج اليهودي الكسندر اكرادي الذي أصبحت من اقرب مقربيه.
الحلقة المقبلة:
داتي وزيرة مملة بسبب ألعابها الصغيرة
الصديقة الجميلة 7 داتي وزيرة مملة بسبب ألعابها الصغيرة
بوش طلب من ساركوزي التعرف على رشيدة
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عنها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخاييل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
لقد تساءلت راما ياد منتصف شهر نوفمبر 2007 أمام الصحافيين عن جدوى وجودها كسكرتيرة للدولة مكلفة بحقوق الإنسان: «أتفهمون، سأواجه دوما المصاعب، إذا لم اقل شيئا، يقولون ما فائدتها، وإذا ما تكلمت، يقولون اني مشكلة لساركوزي».
في تلك اللحظة بالذات، استقبلت راما ياد مكالمة هاتفية من الرئيس نيكولا، خرجت من القاعة حيث كانت برفقة الصحافيين ثم عادت لتخبرهم وقد ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيها: «اخبرني الرئيس للتو باني سأرافقه في زيارته إلى الصين». علمت راما ياد بعد أيام وعن طريق الصحافة، أنها لن ترافق الرئيس، وان رشيدة داتي ستأخذ مكانها، وستمنح عوضا عنها جائزة حقوق الإنسان لمجموعة من المحامين في بكين.
احتجت سكرتيرة الدولة، وكلمت كلود غيون بلهجة شديدة قائلة «لماذا تذهب رشيدة وأنا لا»؟ لكن الأمين العام لقصر الاليزيه لم يعطها إجابة واضحة وشافية.
وعكس الامين العام لقصر الاليزيه، تحدث ساركوزي في الموضوع، مع راما ياد في 23 نوفمبر 2007، حيث هنأها على انجازاتها في البداية، وعن قضية إلغاء اسمها من قائمة الوفد الذي رافقه إلى الصين، قال لها «اطلب منك ألا تبحثي لتفهمي ما جرى، عليك أن تنسي، أنت تثقين في؟ لا تبكي؟ الآن لا استطيع فعل شيء، لكن لا تقلقي، هذا الأمر لن يطول، حصل وان تحملت أنا أيضا الاهانات على مضض. أثبتي انك تعملين وأنك تملكين مواهب».
حسابات سياسية
وإذا ما شعرت راما ياد في دواخلها بان رشيدة داتي هي من سعت لإبعادها من الزيارة، فالحقيقة غير ذلك، ذلك أن القرار له علاقة بحسابات سياسية، فالصينيون رأوا في وجود سكرتيرة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، استفزازا لهم، خاصة ان نيكولا ساركوزي قد تحدث عن حقوق الإنسان حين تطرق إلى موضوع العلاقات الفرنسية الصينية عقب انتخابه رئيسا.
يعترف الكثيرون في محيط الرئيس ساركوزي بان العلاقة بين السيدتين لم تكن على ما يرام في تلك المرحلة، لكنهم يعارضون فكرة تعرض الرئيس لضغوطات شخصية، ويقول احد المقربين من الرئيس نيكولا ساركوزي: «من الجنون الاعتقاد بان الرئيس قد وافق على طلب تكون قد قدمته رشيدة لتأخذ مكان راما». بالرغم من ذلك، اقتنعت راما ياد تماما بان وزيرة العدل هي من سعت لإبعادها عن الرحلة، وزاد اقتناعها بالأمر، عندما حاولت وزيرة العدل في بداية عام 2008 لقاء وزيري حقوق الإنسان والعائلة في الهند.
تقول راما ياد «تمالكت أعصابي إلى آخر لحظة وقلت في نفسي: اهدئي ولو لمرة واحدة في حياتك»، وكانت رشيدة محظوظة بالنسبة لراما ياد، ذلك أن الهنود لم يقبلوا رؤيتها.
تحركات باتجاه القمة
لقد كانت الصديقة الجميلة مبهورة بالعلاقة التي تجمعها بنيكولا ساركوزي، ولا تتوقف عن القول أمام الصحافيين، بأنها ولجت عالم السياسة من اجل ساركوزي، وبأنها ستتوقف عن ممارسة السياسة إذا ما توقف عن ذلك هو أيضا.
ظنت رشيدة داتي أنها ستفرض نفسها في الدائرة الأولى لرئيس الجمهورية، وأنها ستصبح كاتمة أسراره، بعد طلاقه من سيسيليا، وإذا ما صدقنا الصحف الشعبية ومنتديات الشبكة العنكبوتية، وعلى الخصوص أحاديث الشارع، فالناس كانوا يظنون أنها تطمح إلى ان تكون السيدة الأولى الجديدة.
ساورت الصديقة الجميلة فكرة غريبة، حيث كانت تروي في محيط الرئيس، ان ساركوزي أهداها وردة خلال رحلة الجزائر وذلك دقائق فقط قبيل الغداء، ونجحت الإشاعة في الانتشار خلال زيارة ساركوزي لواشنطن ما بين 6 و7 نوفمبر 2007، لتبدأ الحلقة الأولى من تحركات الصديقة الجميلة في قمة السلطة.
مشكلة الفستان
بدأ كل شيء في قاعة شرف مطار رواسي، كانت وزيرة الاقتصاد كريستين لاغارد، وسكرتيرة الدولة المكلفة بالعائلة نادين مورانو، وراما ياد، ورشيدة داتي يضفين لمسة أنوثة على المكان، إلى جانب الرئيس المطلق.
كان الوفد يتهيأ للطيران باتجاه العاصمة الأميركية واشنطن، فيما كان الرئيس في غيلفيناك للقاء الصيادين المضربين عن العمل.
دقائق قبل إقلاع الطائرة، بدت الصديقة الجميلة منشغلة كثيرا، سألتها نادين مورانو «ماذا يجري؟»
فأجابت رشيدة «سمعت الآن بأنه علينا ارتداء فساتين طويلة أثناء العشاء في البيت الأبيض وأنا جلبت معي بدلة سموكينغ».
ردت نادين مورانو «لا أنت تمزحين، مصلحة البروتوكول كررت لنا عشرات المرات بأنه ينبغي علينا ارتداء فستان سهرة وأنت وزيرة العدل تلبسين سموكينغ».
انشغلت المصالح الدبلوماسية أثناء الطيران بالتفكير في طريقة لتأمين فستان، خياطة رفيعة لوزيرة العدل في واشنطن.
وبالفعل وصل الفستان الى وزيرة العدل، التي انزوت بمجرد وصولها إلى واشنطن في صالون السفارة، لتقيس فستان ديور وتضع بعض الروتوشات عليه، فيما كان ساركوزي يشرف على الانتهاء من خطابه الموجه إلى الجالية الفرنسية في الولايات المتحدة الأميركية.
صفق جميع الوزراء، لكن ساركوزي لم يلحظ تواجد رشيدة، ذلك أنها كانت في صراع مع حاشية فستانها وأكمامه في غرفة مجاورة.
تأخر متعمّد
طلب مسؤول البروتوكول جون بيار ازفارادوريان من الوزراء التجمع في بهو الفندق في الساعة المحددة حتى يتم التوجه إلى البيت الأبيض حيث حفل العشاء، وأكد لهم ان أي تأخر غير مسموح به على الإطلاق، ليبدأ سباق آخر ضد الساعة بالنسبة للوزراء.
وتتذكر نادين مورانو، التي وافق ذلك اليوم عيد ميلادها: «كان أمامنا 25 دقيقة فقط للاستحمام وتسريح الشعر ووضع الماكياج وإخراج فساتيننا من الحقائب وكيها».
تجمع الوزراء في البهو بعد أن أكملت مورانو قفل أزرار فستان لاغارد التي اهتمت بدورها بفستان ياد.
لقد تجمع الجميع في البهو أمام رئيس البروتوكول، باستثناء رشيدة داتي، التي لم تنه بعد الروتوشات التي يتطلبها فستانها وكانت برفقة الخياطة.
أثار تأخر رشيدة داتي أعصاب الفريق، في وقت كانت فيه وزيرة العدل تحاول استغلال جزء من الوقت لإنهاء ما تبقى. فقدت كريستين صبرها، وقالت بأعلى صوتها «نعم، يا بنات، لقد فهمت لا تقلقوا، إنها تُرتّب التأخير، حتى تصل في الوقت نفسه مع الرئيس، ستفعل ما فعلته في المغرب، إنها مملة بألعابها الصغيرة هذه».
لاحظت ياد الوضع وقالت فيما بعد أنها التزمت الصمت، حتى لا يقال انها في مواجهة جديدة مع رشيدة.
اهتمام بوش
استقبل الزوجان بوش، نيكولا ساركوزي الذي كان بمفرده دون السيدة الأولى، في البيت الأبيض، وبينما دخلت الوزيرات الفرنسيات من باب جانبي، أصرت الصديقة الجميلة على الدخول عبر البوابة الرئيسية، حيث كان المصورون مصطفين لالتقاط صور الحضور.
اهتم الرئيس الأميركي جورج بوش ببروفايل رشيدة داتي،حيث سأل ساركوزي قائلا «نيكولا، أتضم حكومتكم وزيرة مسلمة حقا؟ نحن لدينا وزراء سود لكن ليس مسلمين؟ بالإضافة إلى ذلك تبدو وزيرتكم جميلة وذات شعبية، أأستطيع رؤيتها؟»
دعا الرئيس الفرنسي رشيدة «تعالي رشيدة، جورج يود أن يتعرف عليك» ليتبادل السيد بوش والسيدة داتي بعد ذلك بعض الكلمات.
بدأ الحديث في قصر الاليزيه بصفة جدية ،عن سر وجدوى تواجد الصديقة الجميلة مع الرئيس أثناء سفرياته إلى الخارج ،خصوصا ان كل شيء قد تغير بعد رحيل سيسيليا .
قرر ديوان الرئيس التحكم أكثر فأكثر في الوضع، أخذت العملية وقتا لكن الهدف الرئيسي كان وضع إطار لتحركات وزيرة العدل.
لقد كان رجال الرئيس في مواجهة خبيرة في التسلل وسيدة لا تتراجع أبدا في سبيل تحقيق أهدافها والوصول إلى الغايات التي تحددها .
ويقول احد مستشاري قصر الاليزيه «نادرا ما رأيت شخصا يملك إصرارها، رشيدة قادرة على اللعب بكل باريس من اجل الحصول على معلومة أو التنقل إلى حيث أرادت».
مُنافسة جديدة
رسّم نيكولا ساركوزي علاقته بعارضة الأزياء سابقا كارلا بروني في يناير 2008، لتجد الصديقة الجميلة نفسها أمام منافسة ليست كالأخريات، ذلك أنها تنحدر من عائلة ثرية ومتعودة على مجالسة نخبة الكون بالإضافة إلى ذلك فكارلا بروني سيدة تتحكم في أعراف وتقاليد المجتمع الراقي.
بدأت معالم قصة كارلا ونيكولا تتضح بعد الزيارة التي قاما بها إلى الهند والتي ظهر فيها أيضا انسجام بين رشيدة داتي ووزير التعليم العالي فاليري بيكريس، خصوصا أثناء زيارة الرئيس لتاج محل برفقة الصحافيين.
لقد لاحظ الصحافيون غياب كارلا، وانسجام رشيدة وفاليري لتنتشر بسرعة إشاعة مفادها أن السيدتين متخاصمتين.
حاولت رشيدة أثناء زيارة تاج محل، أن تبقى بعيدة عن الرئيس ساركوزي، حتى لا يستغل الصحافيون الوضع لاختلاق قصة جديدة بينهما ،خصوصا في غياب كارلا، لكن الرئيس ناداها «تعالي رشيدة، تعالي، كم هو جميل المنظر من هنا».
همست رشيدة في أذن فاليري بيكريس وهي تقترب من الرئيس شيئا فشيئا «أحاول الابتعاد بسبب الكاميرات، لا أريد أن أضيف قصصا أخرى إضافة إلى ما يقال عني وعن ساركوزي».
12 مرشحا لرشيدة
أمام الجميع قال ساركوزي «ستعود كل واحدة برفقة خطيب وزوج»، ثم استدار نحو الصديقة الجميلة ضاحكا، وقال «أنت، على كل حال، تملكين 12 مرشحا، يريد كل واحد منهم أن يأخذك الى تاج محل».
تدخل فاليري بيكيريس أمام الرئيس وقال لرشيدة «نعرف جيدا ان حبك الوحيد هو ساركو».
لم تتحمل رشيدة المزحة حيث أجابت «غير معقول، توقف عن قول هذا، ألا ترى ان هناك ميكروفونات وكاميرات في كل مكان».
فوجىء فاليري بهذا الرد العنيف حيث تقرّب من زميلته ووضع يده بهدوء على كتفها للتعبير عن اعتذاره، مما دفع رشيدة الى الرد مباشرة «هيا، انها مزحة فقط، لا توقع نفسك في ورطات كهذه».
نصائح ساركوزي
تأكدت الصديقة الجميلة منذ بداية العلاقة بين نيكولا وكارلا بروني، بان أي سوء تفاهم بينها وبين هذه الوافدة الجديدة سيخلق لها متاعب كبيرة، في وقت كانت الحكومة الفرنسية تمر فيه بمرحلة حرجة، خاصة بعد أن أعترف نيكولا ساركوزي في ندوة صحفية بان خزائن الدولة فارغة.
أما على مستوى قطاع العدالة، فقد ظهرت بعض المؤشرات التي تدل على مواجهة رشيدة لمشاكل وتوترات، حيث أعطى الحوار الذي خصت به رشيدة داتي «نيوز ماغازين» والاذاعة، الانطباع بأنها تستعمل اللغة الخشبية في الرد على أسئلة الصحافيين في وقت كانت تكثف فيه تواجدها على مستوى الصحافة الشعبية.
وعلى الرغم من أن الرئيس أوصاها بالتكتم على حياتها الشخصية،فانها لم تكن تصغي لنصائحه، ومضت في اصلاحات العدالة وعلى الخصوص مراجعة الخريطة القضائية دون استشارة احد، ويقول احد المستشارين بأنها كانت تردد دوما: «أنا لا أعود في قراراتي الا لنيكولا ساركوزي، وأما الباقي، المنتخبون والحزب، فلا أعبأ بهم».
جوارب وماكياج بأموال الوزارة
بدأ نجم رشيدة داتي في الأفول، على مستوى الرأي العام الفرنسي وعلى مستوى قصر الاليزيه، علىالرغم من كونها واحدة من نجمات الحكومة الفرنسية، ومن حسن حظها أنها لا تزال تسافر مع الرئيس وتستغل أحيانا ذلك لتسوية بعض الملفات على طريقتها.
لكن تبقى كواليس الحفلة التي أقامتها الملكة اليزابيت على شرف الرئيس ساركوزي في قصر ويندسور، تثير فضول الناس، فما الذي وقع آنذاك؟
تلقف الفرنسيون خبر الوافدة الجديدة على قصر الاليزيه عن طريق الصحافة البريطانية، التي اهتمت بظهور كارلا مع ساركوزي في قصر ويندسور، فيما كانت رشيدة داتي منشغلة أثناء العشاء ذاته بالجدل الذي يدور في الصحافة الفرنسية، بخصوص تكاليف حفلة أقامتها وزارة العدل في خريف 2007، وبلغت 100 ألف يورو.
وبررت وزيرة العدل ذلك بمصاريف اضافية تم اعتمادها بمناسبة حفل دعي اليه 70 وزير عدالة من دول فرانكفونية، وفي المقابل نفت الوزارة تكفلها بأي مصاريف شخصية لرشيدة داتي، سواء تعلق الأمر بشراء الجوارب الطويلة أو الماكياج، عكس ما أكده الموقع الالكتروني ميديابار.
لاحظت وزيرة العدل في قصر ويندسور، وجود رئيس جهاز الاستعلامات الداخلي برنار سكوارسيني، وهذا الشخص الملقب ب«سكوال» مقرب جدا من الرئيس، وحضر الحفلة بدعوة من نظيره البريطاني.
اقتربت رشيدة من سكوارسيني وسألته «ماذا تفعل؟ انهم يتحرشون بي بقصص تكاليف الحفلة؟ ومهمتك هي حمايتي؟ عليك أن تفعل شيئا لتمنع نشر مقال يتم تحضيره في «لوكانار اونشيني»!
وكانت أنباء قد وردت الى مسامع الوزيرة، تفيد بان «لوكانار اونشيني»، تحقق في اطار ملف كبير، في تكاليف الحفلة التي أقامتها سابقا.
وأمام غضب رشيدة أجاب الرقم الأول في الاستخبارات الداخلية الفرنسية، وهو خبير في مكافحة الارهاب، «عزيزتي رشيدة، هذا ليس عملي»، ثم أدار وجهه، حيث لمح نظيره وهو يدعوه للقاء الملكة والتعرف على عدد من الضيوف.
الحلقة المقبلة:
رشيدة تطالب بإلقاء خطاب في الكنيست
الصديقة الجميلة 8 وجود كارلا إلى جانب ساركوزي قلب موازين «الصديقة الجميلة»
رشيدة داتي عند حائط المبكى في القدس
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عنها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخاييل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
زار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لبنان، في يونيو 2008، للوقوف على مدى تقدم الاوضاع هناك بعد اتفاق الدوحة، وكان الرهان صعبا من اجل المصالحة اللبنانية.
وفي سابقة هي الاولى من نوعها، دعا الرئيس الفرنسي ساركوزي عددا من ابرز المسؤولين في الاحزاب الفرنسية الى مرافقته خلال زيارته الى بيروت، غير ان الخلية الدبلوماسية، التي رفضت ان يضعها الرئيس امام الامر الواقع، زودته بقائمة الشخصيات التي ترغب في مرافقته، لكن ساركوزي اضاف عددا من التوصيات على القائمة، حيث رفع قلمه واضاف اسم رشيدة داتي.
كما شدت زيارة الرئيس الفرنسي الى اسرائيل، وكانت الاولى من نوعها منذ انتخابه، دبلوماسيي البلدين وصحافتهما ايضا، لذا استغل ساركوزي الفرصة ليعبر عن ارتباطه بهذا البلد الصديق في خطاب كبير القاه في الكنيست الاسرائيلي.
عميلة اللوبي اليهودي
كان ساركوزي يأمل ان يرافقه وفد مهم جدا الى اسرائيل يتكون من وزراء ومنتخبين وفنانين وكتاب، حيث كانت قائمة المدعوين طويلة، لكن اسم رشيدة كان غائبا بالرغم من حضورها حفل العشاء الذي اقامه الاليزيه على شرف الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريس، والعلاقات الجيدة، التي تجمعها بالجالية اليهودية في فرنسا، كما انها خصت المجلة الشهرية تيربيون جويف بأول حوار لها كناطقة رسمية باسم المرشح نيكولا ساركوزي، وقالت على اعمدتها «لا ارى فرقا بيني وبين اليهود».
لقد خلفت هذه التصريحات الكثير من الانتقادات عبر شبكة الانترنت حيث وصف المترددون على الشبكة رشيدة داتي «بعميلة اللوبي اليهودي».
التقت رشيدة داتي، مصادفة، خلال الحملة الانتخابية لرئاسيات 2007، بالمغني اليهودي الاصل انريكو ماسياس، وتحادث الطرفان كثيرا، حيث قال انريكو لرشيدة «رشيدة انت الافضل، في يوم ما سأنظم حفلا موسيقيا لفائدة ساركوزي».
لقد غنى انريكو في تجمع في ديجون، كما احيا حفلا كذلك بتاريخ 6 مايو بعد فوز نيكولا ساركوزي برئاسة فرنسا كما عبرت وزيرة العدل الفرنسية عن تضامنها مع الجالية اليهودية في العديد من المرات ووقوفها الى جانب المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا والتزامها بمكافحة معاداة السامية.
لم تستسغ رشيدة داتي مع كل هذه الانجازات والعلاقات مع الجالية اليهودية، الا ترافق الرئيس الى الاراضي المقدسة.
انتهت رشيدة الى وضع اسمها ضمن قائمة الوفد المرافق لرئيس الجمهورية الى اسرائيل، لكنها الغت زياتها بعد ان اجبرت على حضور النقاشات البرلمانية الخاصة بمراجعة الدستور، في وقت كان عملها على رأس وزارة العدل محل انتقادات كبيرة.
إلى اسرائيل
رأت رشيدة داتي في الدعوة التي وجهت لها لحضور اعمال ملتقى في تل ابيب موضوعه «فرنسا التي تغيرت» استدراكا للزيارة الاولى التي لم تتمكن من المشاركة فيها، حيث شكلت وفدا مهما مكونا من اكثر من 40 مدعوا من السياسيين والمفكرين والفنانين وطالبت بالقاء خطاب في الكنيست على الرغم من ان هذا التقليد مخصص للقادة فقط في اسرائيل.
اعلنت الصديقة الجميلة زياتها لاسرائيل، لكن كلود غيون تدخل مباشرة وقلص البرنامج الوزاري الذي سطرته وزارة العدل، بعد ان استدعى الوزيرة الى مكتبه.
قال الأمين العام لقصر الاليزيه لوزيرة العدل رشيدة داتي «لا احد يفهم أهمية هذه الزيارة وجدواها» «أليس من الأفضل أن يكون الملتقى في باريس»
وصلت رشيدة داتي إلى تل أبيب، لكنها استشاطت غضبا عندما علمت ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن يستقبلها بنفسه لوجوده في نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي إسرائيل حيث اشتبهت السلطات الإسرائيلية في دعوى الزيارة، لم تعتل وزيرة العدل منصة الكنيست، لكنها خصت الصحف الإسرائيلية المتعطشة لمثل هذه المقابلات بحوارات كثيرة.
لقد حاولت وزيرة العدل أن تجد لنفسها حيزا للزيارات، بعد ان تم ابعادها من الزيارات الرئاسية، حيث قامت في اكتوبر 2008 بزيارة كل من سوريا وليبيا لتجد نفسها مرة أخرى أمام فيتو قصر الاليزيه وحجته «أسباب دبلوماسية».. باختصار لم تعد الصديقة الجميلة ضمن أولئك الذين يستمدون قوتهم من الرئيس ذاته.
في مواجهة كارلا
لقد قلب تواجد كارلا بروني إلى جانب الرئيس ساركوزي، كل موازين الصديقة الجميلة، التي بدأت في البحث عن مخرج وحماية جديدة.
كان استقطاب كارلا يستدعي قطع أي علاقات بسيسيليا، وهو الأمر الذي اشترطه الرئيس ساركوزي على جميع معاونيه، حيث شدد ساركوزي على هذا الأمر بعد مسألة «الرسالة الهاتفية» التي تحدثت عنها لونوفيل أوبسرفاتور، التي زعمت ان نيكولا ساركوزي بعث برسالة الى سيسيليا اياما قليلة بعد زواجه بكارلا، وجاء فيها «إذا ما عدت، سألغي كل شيء».
يعرف الجميع كيف انتهت القصة، فرئيس الجمهورية رفع دعوى قضائية ضد المجلة وأدين كاتب المقال، بعد أن اعترف ان مصدرا مكنه من مضمون الرسالة الهاتفية.
لقد اتهم الصحافي ايري روتيي في القضية، غير ان الرئيس سحب الدعوى بناء على طلب زوجته المغنية، غير ان السؤال الذي يبقى مطروحا: من كان مصدر لونوفيل اوبسرفاتور ولأي هدف لعبت هذه اللعبة الخطيرة؟
رشيدة والمسبح
لقد أسرت كارلا لأحد مقربيها «لقد بينت تحقيقات الشرطة أمرين: الأول هو أن زوجي لم يبعث برسالة هاتفية إلى زوجته السابقة. وأما الثاني فهو أن الشخص الذي ضلل واستغل صحافي لونوفيل أوبسرفاتور أري روتيي هو شخص مقرب من سيسيليا ويشغل في قصر الاليزيه مكانا مهما، وشعر بالتأكيد بالضعف بعد طلاق زوجي».
لقد دفعت قضية الرسالة الهاتفية الزوجين ساركوزي وبروني الى ابعاد كل من له علاقة قريبة أو بعيدة بسيسيليا.
في البداية لم تخضع رشيدة داتي الى أوامر وتوصيات نيكولا ساركوزي، واجابته على الفور «أبعدني اذا ما أردت لكني لا أريد أن أختار»، غير ان بعض الصحف تحدثت عن برود العلاقات بين السيدتين فـ«الأخت»- مثلما تصفها سيسيليا- لم تكن ترد على رسائل سيسيليا المطلقة، وكان أول دليل على تهربها من صديقتها سابقا، هو عدم حضورها حفل زواجها مع ريتشارد اتياس في 24 مارس بنيويورك، وكان قد اكدت حضورها برفقة هنري بروجليو.
بعد أسابيع من زواجها، كانت سيسيليا تستعد لتزويج ابنتها الكبرى على مستوى المقاطعة السابعة، حيث اكدت رشيدة حضورها لتكون شاهدة، لكنها لم تحضر ولم تعد تجيب على مكالمات سيسيليا الهاتفية.
وبررت رشيدة ابتعادها عن سيسيليا خلال عشاء باريسي بان سبب القطيعة هو ريتشارد ايتاس المتهم بابعاد زوجته عن اجواء محيطها السابق.
حياة ساركوزي تغيرت
عاودت رشيدة داتي الوقوف من جديد، وكانت زيارتها الى تونس واحدة من بين آخر الزيارات الرسمية التي ترافق فيها الرئيس ساركوزي، فيما كانت هذه الزيارة الثالثة من نوعها بالنسبة لكارلا بروني، بعد زيارتها الى كل من جنوب افريقيا وبريطانيا، برفقة الرئيس.
لم تكن هذ الزيارة في مصلحة رشيدة داتي، فكارلا بروني لم ترمقها ابدا خلال الرحلة، ولاحظ الجميع الامر وان صادف وان جلستا على الطاولة نفسها، ويتذكر احد من كانوا برفقة الوفد «لم تكن عينا كارلا تتجهان ابدا نحوها».
ومع ذلك استغلت الصديقة الجميلة الفرصة لتتبادل الاحاديث مع ضيوف السيدة الاولى، ومن بينهن عارضة الازياء سابقا خلفة فريدة وكانت شاهدة على زواج كارلا برفقة صديقتها الكوميدية مارين دالتارم.
ويقول احد المقربين من نيكولا ساركوزي ان وزيرة العدل طلبت ذات يوم من كارلا بروني رقم هاتف نقالها امام عدد من الوزراء، فأجابتها هذه الاخيرة بعد ان طلبت منها عدم ارسال رسالة هاتفية الى زوجها صباحا، قائلة: «طريقة حياة الرئيس تغيرت، ليس بحاجة مثل السابق، لان يحاط بمقربين وان لم يكن احيانا يشعر بالراحة».
ضحية الموضة
لقد اهتمت الصحافة الفرنسية في بداية اغسطس، كالعادة بالاماكن التي يقضي فيها الوزراء اجازاتهم، حيث سربت وزيرة العدل معلومات مفادها بانها ستقضي جزءاً من اجازتها في اقامة الصيف في كوت دازور، حيث يقضي الزوجان الجديدان نيكولا وكارلا اجازتهما، لكن الحقيقة غير ذلك تماما، فالزوجان لم يوجها اي دعوة لرشيدة، ولكنها ارادت ان تذهب بالقوة.
وقررت كارلا بروني ان تضع حدا لفترة الحماية، وبدا انها تحاول اعطاء دفع قوي لراما ياد وفضيلة عمارة غريمتي الصديقة الجميلة على مستوى الحكومة. ويقول احد اعضاء ديوان الرئيس «كلما وجدت كارلا وياد نفسيهما مع بعض، تنعزلان للتدخين، كانيا تختبئان وراء الستائر وتتبادلان الضحك، مما كان يزعج رشيدة داتي كثيرا».
واما فضيلة لعمارة فكانت كارلا تتوجه اليها بالقول «هناك الف امر بامكاننا القيام به لمكافحة الفقر حيثما كان، اريد ان اساعد فرنسا وعلى الخصوص الاحياء التي تعاني».
كانت الاقليات المستهدفة ممثلة بفضيلة لعمارة بحسب كارلا بروني واما رشيدة فلم تكن بالنسبة لها سوى ضحية موضة.
سببت الاستراتيجية التي اعتمدتها السيدة الفرنسية الاولى كابوسا بالنسبة للصديقة الجميلة، التي لم تكن راضية منذ البداية على تعيين راما ياد وفضيلة لعمارة ضمن الطاقم الحكومي، واما الاولى فكان فريديرك ليفبفر وتملك مسارا جامعيا، ثريا واما الثانية فكانت تستفيد من حماية بريس هورتفو ومن الشرعية النضالية.
لم تكن السيدة الفرنسية الاولى تتدخل في مختلف التعيينات مثل الزوجة السابقة للرئيس، وكان يمكن ان تخرج عن هذا الاستثناء وتسعى الى تعيين رشيدة داتي في منصب وزيرة للثقافة، مثلما اشار اليه بعض المقربين حين قال «الثقافة ستكون افضل لرشيدة، انها وزارة يجبر فيها المرء على النوم متأخرا، ولكنها ايضا الوزارة الوصية على الفنانين والممثلين والملحنين وكتاب الكلمات، لذا رد مقرب آخر من مقربي الرئيس «إذا ما فكر الرئيس في هذا، فكارلا بالتأكيد ستمارس حق الفيتو».
زواج لم يكتمل
وجدت وزيرة العدل الفرنسية نفسها أمام مشكلة كبيرة في 3 يونيو 2008، بعد ان ألغت محكمة ليل عقد زواج بسبب كذب الزوجة التي قالت انها عذراء وتبين انها عكس ذلك.
وبدأ الجدل حين طلبت رشيدة داتي من النائب العام استئناف القرار، وكانت قد دافعت عن قرار المحكمة قبل أن تتراجع عن ذلك، وقالت «إلغاء الزواج، انه خطأ الاشتراكيين وخطأ سياسة الاندماج التي قادت إلى تراجع الجاليات» «لقد تخليتم عن فتيات الأحياء الفقيرة وتركتموهن بين أيدي إخوانهن، سياستكم باءت بالفشل، ونحن ندفع الآن» وتتذكر الناطقة باسم ساركوزي دوماً ما جرى لها يوم زواجها، ذلك ان عائلتها أجبرتها على الزواج من مهندس معماري جزائري اختارته لها وكان عمرها 26 سنة.
لقد عاشت قصة حب عنيفة في العاصمة، لكن وتلبية لرغبة العائلة ارتبطت بهذا الجزائري، ونطقت بصعوبة «نعم» في البداية، حيث تم توقيع عقد الزواج، مما دفع ضابط الحالة المدنية لأن يطلب منها رفع صوتها.
واليوم تحكي الصديقة الجميلة لمقربيها تفاصيل هذا اليوم الذي انتهى بعشاء في ديجون. وأما أول شجار مع زوجها فكان يوم الدخلة، الذي لم يتم.
لقد ألغي بعد إجراءات طويلة استغلت فيها رشيدة داتي شبكة علاقاتها، مما دفعها إلى التعامل مع القضية وفق ما عاشته وعانت منه هي نفسها.
لكن وزيرة العدل اجبرت على الدفاع عن موقف يعاكس موقفها بعد محادثات جمعتها بالرئيس، لتبدأ بذلك معركتها مع الاشتراكيين الذين هاجمتهم.
بالادور: ليست كفؤة
بعد اسابيع من الحادثة وجه رئيس اللجنة المكلفة باقتراح تعديلات على الدستور ادوارد بالادور، العديد من الانتقادات لوزيرة العدل، وقال لمقربيه «انها غير كفؤة»، ليبدأ منذ ذلك الحين سلسلة من المبادرات لاقناع نيكولا ساركوزي وفرانسوا فيون بضرورة ابعاد رشيدة داتي عن هذا المنصب واشترط الوزير السابق عدم جلوسها في الاماكن المخصصة للطاقم الحكومي اثناء المناقشة.
ترك فيون لوزيرته المجال للمشاركة في النقاش، لكنه قرر ان يلقي هو بنفسه الخطابات امام غرفتي البرلمان.
تلقفت الصحافة الفرنسية بسرعة موقف بالادور من رشيدة داتي، مما دفع هذه الاخيرة الى القول ان الوزير الاول السابق حاول الاتصال بها هاتفيا للاعتذار، «لكنها لم ترد الرد على مكالمته».
والد زهرة سيبقى طي الكتمان .. لكن الى متى؟!
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عنها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخاييل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
قال نيكولا ساركوزي بتاريخ 10 سبتمبر 2008 خلال حفل غداء أقامته ميشال اليوت ماري على شرف النساء الوزيرات بأنه يعرف والد طفل رشيدة داتي وان المعني بالأمر واحد من أعضاء الحكومة.
تساءل الجميع ما الذي أراده رئيس الجمهورية من وراء هذه الجملة، التي تلفظ بها فجأة؟ لكن هذا ترجم شيئا واحدا هو أن «اسم الأب» أصبح موضوعا وطنيا، وليس نيكولا ساركوزي من النوع الذي يلتزم الصمت، عندما يتعلق الأمر بموضوع يشغف به الفرنسيون.
منذ أن بدأت بوادر الحمل تظهر عليها، تحولت رشيدة داتي إلى فقاعة إعلامية ومادة دسمة للصحافة الشعبية وهي حامل في الثالثة والأربعين، وما أثار التعجب لدى العامة، هو ان لا علاقة صداقة رسمية تجمع رشيدة بأي كان، ليصبح بذلك حملها المتأخر لغزا تحتفظ به المعنية بالأمر.
ولكن هل كان حمل رشيدة داتي جيدا بالنسبة اليها؟ وهل سيحميها من الإبعاد عن الحكومة أو العكس سيضعف موقعها في جو يزداد فيه الوضع سوءا في ساحة فوندوم حيث مقر وزارة العدل؟
قبل أن نتطرق إلى هذا الموضوع، علينا أن نعود إلى تسلسل الأحداث، ففي صيف 2008، تحدثت وسائل الإعلام المحلية عن بطن منتفخة ونهود ممتلئة لتنتشر الاشاعات وتصل إلى مجلس الوزراء.
بوادر الحمل
قدمت نادين مورانو ذات أربعاء مداخلة عن «التبني» وأثناء الاجتماع تلقت رسالة خطية من وزيرة العدل جاء فيها: كان عليك أن تقولي «صديقتي رشيدة، في مداخلتك»، لم تكن سكرتيرة الدولة المكلفة بالعائلة تملك قلما، لكنها ردت على وزيرة العدل بالطريقة ذاتها «صديقتي رشيدة، أهنئك، فحسب ملاحظات الصحافيين، حجم نهديك تضاعف، شكرا لمساهتمك في النمو الديموغرافي الفرنسي».
أجابت رشيدة «ما عليك سوى استعمالي للترويج لسياسة العائلة التي تعتمدينها وتسعين إلى تطبيقها». انتشرت الإشاعات بشكل قوي، وكان على رشيدة أن تتفاعل معها وتتخذ موقفا منها بصفتها وزيرة للعدل، ولكن ماذا تقول؟ ولمن؟ وبأي نبرة؟.
بدأ العديد من الاتهامات يحوم حول الوزيرة، لذا طالب رئيس الجمهورية صديقه بيار شارون، الذي عادة ما يلجا إليه عند مواجهته لأي مشكل، بالتدخل.
كان المستشار الخاص للرئيس مرغما ومجبرا على التكفل بهذه المهمة، خاصة ان رشيدة داتي تعتبره واحدا من بين ألد أعدائها، ولكن هل سيستطيع شارون ان يسوق الأزمة إعلاميا؟!
تعليمات ساركوزي
في الحقيقة، لم يترك نيكولا ساركوزي للرجل أي خيار، وفي حفل غداء دعاهما إليه غاي سافوي تحدث كل من ساركوزي وداتي في الموضوع، حيث اخرج كل منهما ما في جعبته.
قال ساركوزي:
«اسمعي ما سأقوله لك، تحدثي مع بيار شارون وعليك أن تقبلي بان أحدثك مثلما تحدثينني،الآن إما أن تغادري المائدة أو تبقي ونتفاوض».
أجابت رشيدة متسائلة «هل تعيب علي شيئا؟»
قال سيد الاليزيه «أريد تصرفا قويا».
أجابت رشيدة داتي: «فيم تفكر؟
«لا استطيع التعاون والتنسيق مع المكلفة بالاتصال على مستوى وزارتك لورانس لاسير، إنها تتعبني كثيرا».
«نعم، سأطلب منها الرحيل».
أعلنت لورانس لاسير بعد أيام من هذا اللقاء رحيلها عن وزارة العدل، وكانت قد طالبت بذلك منذ فترة لتهتم أكثر بحياتها الشخصية، لكن رشيدة داتي كانت تماطل لما اكتشفته من وفاء ومثابرة ومسؤولية في هذه السيدة، الزوجة السابقة لارنود داسيي، ابن جون كلود احد ابرز مسؤولي مجمع تي اف 1.
مقال لوبوان
مهما يكن، التحق شارون بمنصبه وتفاوض مع مجلة لوبوان لإجراء حوار، تؤكد فيه وزيرة العدل الفرنسية حملها.
تقلص الحوار الى مقال، طعّمه الصحافي بتصريحات رشيدة داتي، وجاء فيها «في مساري كإمرأة، عايشت الكثير من التجارب المرتبطة بالأمومة ولم يكن عمري قد تجاوز الخامسة والعشرين»، وأضافت «بالطبع، ستكون أجمل اللحظات في حياتي».
لقد نشرت هذه الجملة التي يقع فيها الفعل في المستقبل، بتاريخ 4 سبتمبر في المجلة وسبقتها الكثير من المقالات والبرامج الاذاعية التي تناولت الموضوع ذاته.
كانت الصديقة الجميلة تريد طفلا بأي حال من الأحوال، وهو ما أكدته حين أسرت الى ميشال اليوت ماري قائلة «على كل حال، كنت سأتبنى طفلا لو لم أحمل». وعن هوية الوالد، اعتبرت الأمر خاصا مشيرة الى أن حياتها الخاصة معقدة.
أولى مشاكل الحمل
نُشرت هذه التصريحات في عدد من الصحف الفرنسية، لكن مستشار الوزيرة الاعلامي بيار ايف بورنازال المعين من قبل بيار شارون، أوضح الوضع قائلا إن الوزيرة لم تتحدث عن أي حالة شخصية لها، وعلى سبيل المثال، فهي لم تقل أبدا، لي حياة خاصة معقدة ولكنها قالت «الحياة معقدة».
زاد اهتمام الفرنسيين بهوية الأب السعيد منذ نهاية صيف 2008، ليبدأ الحديث عن أسماء يحتمل أن يكون أحدها هو اسم والد طفلة رشيدة داتي. لقد تحدث البعض عن دومينيك ديساني وهو ثري أنيق، يرأس مجمع باريير وصديق شخصي لرئيس الدولة.
يعرف الجميع ان دومينيك التقى وزيرة العدل وبأنه يَكنّ لها مشاعر صادقة، لكن خلية الاعلام التابعة لمجمعه وجدت نفسها في ورطة بسبب الطلبات التي وجهها الصحافيون لاجراء حوارات معه، لدرجة انه صرخ في وجه معاونيه ذات مرة «لن أوظف مسؤولا عن الاعلام لادارة هذه السخافات».
ظهر على السطح أيضا اسم مذيع التلفزيون ارتور وهو أيضا مقرب من رئيس الجمهورية وهو شخصية ثرية ومؤثرة، وقد شوهد أحيانا مع وزيرة العدل.
ويضاف الى قائمة الشخصيات المشتبه في كون احداها والدا لطفلة رشيدة داتي، اسم خوزي ماريا أزنار رئيس الحكومة الاسبانية السابق.
ويؤكد الموقع الالكتروني المغربي، اوبسارفاتير أم أ، هذا الخبر، نقلا عن مصادر قال انها موثقة.
مرحلة الإشاعات
لقد تلقفت الصحافة الاسبانية الخبر بسرعة، فيما عرض تلفزيون تيليسانسو صورا لرشيدة داتي وخوزي ماريا ازنار وعاد بالمشاهدين الى الوراء، وبالذات الى العشاء الذي جمع الشخصيتين في 19 ديسمبر 2007 في بريستول.
لقد حضر حفل العشاء في تلك الليلة كل من نيكولا ساركوزي وكارلا بروني وخوزي ماريا ازنار وفرانسوا فيون والمغني خوليو اغليسياس والصديقة الجميلة.
أما جريدة اسبانية أخرى وتدعى «استريلا ديجيتال» فكتبت «تناول خوزي ماري أزنار العشاء مرة ثانية مع رشيدة داتي بعد 15يوما من اللقاء الأول، لكن في هذه المرة كانا بمفردهما وفي مطعم لو ديفيلاك الراقي».
التقطت الصحافة الفرنسية بدورها الاشاعة، أما المقال الذي تضمن أكثر التفاصيل فكان المقال الذي نشر في أسبوعية «بوان دو فو»، وهي أسبوعية متخصصة في متابعة أخبار المسؤولين، لكنها اهتمت أكثر فأكثر منذ انتخاب نيكولا ساركوزي رئيسا بابراز أخبار السياسيين والسياسيات على صدر الصفحة الأولى.
لقد سارع خوزي ماريا أزنار الى تكذيب ما تناقلته الصحف رسميا وقال «يتعلق الأمر بكذبة لا غير»، ثم طالب محاميه بدراسة كل الوسائل القانونية الممكن اتخاذها ضد من ساهموا بنشر هذه الأخبار المغلوطة، وكان رئيس الحكومة السابق قد اتخذ الاجراء ذاته ومارس التهديدات ذاتها، بعد أن تناقلت الصحف المحلية الاسبانية أخبارا عن وجود أزمة بين أزنار وزوجته أنا بوتيلا.
تكذيب أزنار
لكن العديد من العناصر هي التي ساهمت في بروز هذه الاشاعة، بداية بالصديقة الجميلة، التي أسرت الى بعض مقربيها ومنهم مستشارون في قصر الاليزيه، بأنها تعيش قصة جميلة مع أزنار، وأظهرت للبعض منهم بعض الرسائل الهاتفية التي بعثها لها باللغة الاسبانية، وأما العنصر الثاني هو تأكيدها بان خوزي ماريا أزنار هو والد طفلتها حين سألها الرئيس ساركوزي صراحة عن هوية الوالد. فهل كذبت على الرئيس ساركوزي في هذا الموضوع الشخصي؟ولماذا كذب خوزي ماريا أزنار تكذيبا قاطعا الخبر ان كانت هي صادقة؟
بحسب مصدر من هرم السلطة، فان خوزي ماريا ازنار نشر التكذيب حتى يحمي وزيرة العدل الفرنسية من منظمة ايتا الانفصالية، التي تهدد عائلته، وقال المصدر ذاته، ان البيان أُرسل الى وسائل الاعلام، بعد أن وافقت عليه الصديقة الجميلة وشاركت في انتقاء ألفاظه. غير أن ألسنا طويلة أخرى أكدت فرضية ثانية، حيث يقول احد الملاحظين وهو مقرب من نيكولا ساركوزي «ان ازنار يود العودة الى ممارسة السياسة، والهيئة الناخبة الكاثوليكية التي تصوت لصالحه، لن تتقبل أبدا انفصاله عن زوجته ليعيش مع خليلته الفرنسية المسلمة، ذات الأصل المغربي».
بالرغم من تكذيب الوزير الأول الاسباني السابق الا أن عددا من المواقع الالكترونية ذكرت في منتصف شهر ديسمبر 2008، بان الاستخبارات المغربية تملك اثباتات تؤكد أبوة رئيس الحكومة الاسبانية سابقا لابنة رشيدة داتي، ذلك أن الرباط تقوم بمراقبة أزنار لأنها تعتبره عدوا للمملكة المغربية.
«من ليس الأب»
ذكرت الصحف إلى جانب أزنار،اسمي سكرتيري الدولة برنار لابورت وايريك بيسون،لكن الرجلين كذبا الخبر بدورهما.
داتي ولابورت يعرفان بعضهما جيدا، وقد لاحظ الجميع انسجامهما، غير ان لابورت صدم رشيدة، خلال احتفال خصص لأبطال دول الاتحاد الأوروبي الـ27، حضر فيه كل منهما، وصرح خلاله بأنه ليس والد الطفل الذي تحمله رشيدة داتي.
لقد تعجب الحضور من تصريح لابورت، فيما انزعجت رشيدة كثيرا وكانت حاضرة بصفتها رئيسة المقاطعة السابعة حيث تمت التظاهرة.
لا احد فهم سبب تصريح لابورت، أكان الأمر يتعلق بمزحة أو توضيح حقيقي، لقد قالت رشيدة داتي لعدد من مقربيها في الأيام التالية ان اعلان زميلها في الحكومة سبب لها جرحا كبيرا. ومن جهته برّر برنار لابورت تصريحه هذا بضرورة أنه يوضح الأمور أمام أولاده.
وأما على شبكة الانترنت فقد تحولت لعبة «من هو الأب؟» إلى لعبة «من ليس الأب».
استضافت فرانس 2، رشيدة داتي، وكانت هذه الأخيرة مستعدة للإجابة عن جميع الأسئلة خصوصا بعد أن أصبح بيار شارون إلى جانبها.
ويروي احد أعضاء ديوان الاليزيه ان رشيدة في ذلك اليوم لم تتوقف عن تناول البسكويت وكانت تقف وتجلس كثيرا، فيما لم يتوقف بيار عن مطالبتها بالتركيز خلال البروفة التي أجرتها مع ارلات شابوت وكانت واقفة مثل أي ضيف آخر، بينما اقترحت عليها الصحافية الجلوس.
لم تكن مديرة فرانس 2 تود التطرق إلى أي موضوع سياسي، حيث كان شغلها الشاغل هو أن تتحدث وزيرة العدل عن التكذيبات التي ينشرها يوميا عدد من الرجال المعروفين والتي ينفون فيها ابوتهم للطفل الذي تحمله. لقد ردت رشيدة بجملة لم تمر مرور الكرام «لست بمفردي»، وبدا جليا ان وزيرة العدل غير مرتاحة، حين دعيت للتعليق على الصفحة الأولى لمجلة باري ماش والتي قبلت أن تظهر فيها مرتدية فستان ديور.
الشعور بالوحدة
تقربت رشيدة داتي من الزوجة السابقة لريتشارد اتياس وتدعى ايمانويل هوفمان اتياس، بعد أن قطعت علاقتها بسيسيليا وريتشارد اتياس بناء على رغبة الرئيس. وايمانويل هوفمان اتياس هي محامية متخصصة في الدفاع عن الماركات.
استقبلت وزيرة العدل في مكتبها ايمانويل وقالت لها «أود أن أعيد علاقتي بريتشارد وسيسيليا، أنا نادمة حقا على كل ما فعلوا، لكن عليكم أن تفهموني، لم أكن في وضعية جيدة، هل يمكن أن تكوني مبعوثتي إليهما»؟!.
فؤجئت المحامية وأجابت «لا أظن باني الشخص المناسب لمثل هذه المهمات».
تشجعت رشيدة بعد مرور أسابيع وبعثت برسالة هاتفية مطولة أخبرت فيها سيسيليا بحملها، غير أن هذه الأخيرة أجابت بكلمة واحدة «تهانيّ».
توقف الاتصال بين السيدتين عند هذا الحد، وعندما أنجبت البنت الكبرى لسيسيليا، لم تتفاعل الصديقة الجميلة مع الحدث أبدا.
ولكن لماذا سعت الصديقة الجميلة إلى التقرب من سيسيليا على الرغم من أن الرئيس طلب منها قطع علاقتها بها نهائيا؟ وما الذي جنته من هذه العملية؟
يقول احد المقربين من وزيرة العدل «لقد شعرت وزيرة العدل بالوحدة في هذه المغامرة، هي ترى بأنها ستكون محاطة بعائلتها في ما يتعلق بتربية طفلها منذ ولادته، لكنها لا تجد من ينصحها في اختيار ملابسها وفي كيفية التعامل مع الأحداث والتواصل مع وسائل الاعلام، ولا تجد حتى من ينصحها بمواجهة نظرات الآخرين، لذا كانت سيسيليا ملجأها الوحيد.
الحلقة المقبلة:
توقفت عن زيارة الدوحة فصار المري يزور باريس
الصديقة الجميلة 10 الوضع جاء بعد 8 أشهر وبضعة أيام من آخر زيارة للدوحة
رشيدة كانت تزور الدوحة 3 مرات شهرياً
تأليف: ميخاييل دارمون وإيف ديريه
ترجمة واعداد: سليمة لبال
كيف استطاعت هذه المرأة، المغربية والمسلمة، أن تتسلق هرم السلطة الفرنسية وتتولى حقيبة وزارة العدالة؟
وكيف تمكنت هذه السمراء أيضاً من التعرف على رجال ونساء مؤثرين في الحياة السياسية الفرنسية؟
وكيف تقربت من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس نيكولا ساركوزي؟
ولماذا عينها هذا الأخير في منصب وزيرة للعدل؟
وما طبيعة العلاقة التي تجمعها بالسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني؟
ومن سيكون حاميها الجديد بعد أن تراجعت علاقتها بالرئيس؟
اسئلة عدّة يجيب عنها كتاب «الصديقة الجميلة» لمؤلفيه ميخاييل دارمون وايف ديريه، اللذين تطرقا أيضاً إلى كواليس حمل وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول اسم والد ابنتها «زهرة».
يصف الكتاب رشيدة «بالمرأة الانتهازية» التي تستخدم كل الأسلحة لتحقيق أهدافها. وعنوان الكتاب: «الصديقة الجميلة»، ليس عنواناً بريئاً، ذلك انه مقتبس من رواية «الرجل الصديق»، الشهيرة للروائي الفرنسي غي دي موباسان، الذي يروي فيها قصة رجل وصولي وطموح وزير نساء، بلغ قمة السلّم الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر بفضل صداقاته النسوية.
أم، ووزيرة في الثالثة والأربعين، معروفة بعشقها للملابس الغالية، وعلى الخصوص الأحذية الغالية ذات الكعب العالي، فضلت الالتحاق باجتماع مجلس الوزراء في قصر الاليزيه بعد خروجها مباشرة من قاعة الولادة، ضاربة بعرض الحائط كل الاعراف والتقاليد. باختصار، هي امرأة تسعى إلى الشهرة والنجومية بكل الوسائل والطرق.
لكن مهما يقال عن هذه السيدة، فانها استطاعت ان تظهر في صورة النجمة، ليس فقط بشكلها وقضية حملها، وانما كذلك باستراتيجيتها في الوصول، ذلك انها تمكنت في فترة وجيزة، وهي العربية المهاجرة، من اعتلاء منصب وزيرة في الحكومة الفرنسية.
يسرد الصحافيان الفرنسيان مؤلفا كتاب «الصديقة الجميلة» حقائق مثيرة عن هذه السيدة التي يتسابق الجميع على معرفة المزيد من التفاصيل عنها، هي حقائق تكشف الوجه الثاني الذي لا نعرفه، عن هذه السيدة التي ستدخل قريباً البرلمان الاوروبي في مشوار جديد قد يكون هو الآخر مليئاً بالمغامرات والأسرار.
كانت سيسيليا تقيم في دبي، فيما كانت وزيرة العدل تتردد على امارة تجمعها بفرنسا علاقة كبيرة، انها قطر الشريك المفضل لباريس.
لقد شاركت رشيدة داتي في تاريخ 28 ابريل 2008 في ندوة احتضنتها العاصمة القطرية الدوحة، ألقت خلالها خطابا جاء فيه: «انه شرف كبير لي ان أكون في الدوحة من اجل حضور الندوة حول العدالة في العالم العربي».
اثنت وزيرة العدل الفرنسية كثيرا في هذا الخطاب، على النائب العام القطري علي بن فطيس المري، وهو واحد من المسؤولين الكبار في الدولة، حيث قالت: «انتم ترونه - وتوجهت نحوه مباشرة - بفضل شجاعتكم واصراركم، تمكنا في ظرف بضعة أشهر من انشاء فريق ومشروع، ويتعلق الأمر باقامة سكرتارية دائمة للندوة لدراسة التهديدات التي يمكن أن يشكلها الارهاب والجريمة المنظمة على مجتمعاتنا».
أصبحت رشيدة منذ ذلك الحين تتردد على الدوحة، حيث كانت تزورها ثلاث مرات شهريا وغالبا ما كانت الزيارة في اجازة نهاية الأسبوع.
نصح الأطباء رشيدة داتي بالتقليل من ركوب الطائرة ابتداء من ديسمبر 2008، ولأنها لم تعد قادرة على زيارة الدوحة، أصبح النائب القطري هو من يأتي الى باريس.
ويقول مصدر من قمة السلطة: «كانت تجمعها علاقة صداقة وطيدة مع النائب العام القطري».
وعلاقة رشيدة المتينة بعلي المري لم يتم اختراعها، وعلق عليها وزير سابق في حفل عشاء باريسي بقوله: «اعرف من يكون والد طفلة رشيدة، انه النائب العام للدوحة».
لم تنتشر هذه الشائعة عبر شبكة الانترنت فقط ولكنها انتشرت وأخذت حيزا كبيرا لدى الرأي العام، ما يدفعنا الى التوقف كثيرا عندها.
رشيدة والمري
تُطلعنا السيرة الذاتية للرقم الثاني في قطر على انه يبلغ 43 سنة، وهو عمر رشيدة بالضبط، وانه تابع دراسات جامعية في القانون الدولي في جامعة السوربون، انتهت بحصوله على شهادة الدكتوراه في عام 1997، وعليه فهو فرانكفوني من الطراز الرفيع.
المري، رجل قصير القامة، شارباه خفيفان، وهو شخصية معروفة لدى الدوائر الدبلوماسية الفرنسية، بأنه فرانكوفوني الهوى ولا يتردد في استعمال سحره للوصول الى أهدافه.
وبحسب مصدر من داخل الاليزيه، فان الصديقة الجميلة أصرت «في الكثير من المرات على أن يستقبل رئيس الجمهورية شخصيا النائب العام القطري»، وبالفعل خصص له نيكولا ساركوزي جلسة «حتى يثلج صدر وزيرة العدل».
وكان المري يدعو رشيدة داتي الى تناول العشاء أثناء اقامته في باريس في الصالونات الخاصة لمطعم غاي سافوراي، وهو مطعم يحبه رئيس الجمهورية كثيرا.
عندما كنا نشرف على الانتهاء من تحرير هذا الكتاب، أكدت لنا عدة مصادر مطلعة ضرورة ان نأخذ هذه العلاقة بعين الاعتبار، حيث أكد لنا احد المقربين من الرئيس ساركوزي «ان تاريخ الوضع أتى، بعد ثمانية أشهر وبضعة أيام من آخر زيارة قامت بها رشيدة داتي الى الدوحة، ومنذ ذلك التاريخ بدأنا نرى خواتم شومي وكارتييه غالية الثمن والمصنوعة من الذهب أو الماس، فسعادته يملك المال الكافي ليدفع لها كل هذا».
أما اختيار رشيدة لاسم زهرة فيمكن ان يؤكد ان الأب مسلم، ويضيف المصدر ذاته: «نحن نتفهم اختيار رشيدة لهذا الاسم، اذا ما تعلق الأمر به - أي بالمري - فإن قطر، حيث يعتلي هذا الرجل موقعا مهما ومكانة رفيعة تطبق الشريعة الاسلامية».
إذن أهو أزنار أم المري؟
قال مصدر مطلع في الدائرة الأولى للاليزيه حيث تتم متابعة القضية عن كثب، ان اصرار البعض بمن فيهم نيكولا ساركوزي وتأكيدهم ان رئيس الوزراء السابق هو الأب، ساهم في عدم الكشف عن هوية الأب الحقيقي للصغيرة زهرة.
تراجع في استطلاعات الرأي
انشغل الفرنسيون في فصل الخريف بالأزمة المالية العالمية وبانعكاساتها عليهم بالاضافة الى انشغالهم بالأزمة التي عصفت بالحزب الاشتراكي، ليتراجع بذلك اهتمامهم بحمل رشيدة، خصوصا بعد قرارها العودة الى العمل فور خروجها من عيادة الولادة.
يقول ايف بورنازل وهو احد المعجبين بها: «تملك رشيدة صفات الشخصيات السياسية الكبيرة، مثل شيراك وساركوزي، انها قوة مستمدة من الطبيعة».
وضعت رشيدة مولودتها في 2 يناير 2009 في عيادة مويات، الواقعة في المقاطعة الثامنة واختارت لها اسما عربيا تقليديا.
مستقبل مجهول
تعني الولادة بالنسبة للنساء التحرير والاستقلال، بينما تعني بالنسبة للصديقة الجميلة حظا ثانيا.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن، ما الطريق الذي ستسلكه الصديقة الجميلة وإلام ستنتهي؟
يقول البعض انها بلغت نهايتها وأثبتت عدم قدرتها، فيما يقول البعض الآخر من أمثال ميشال برزخ انها ستمحى من الساحة السياسية بمجرد قرار من نيكولا ساركوزي، وأما بالنسبة لآخرين، فان المولودة الجديدة قلبت حياتها، في وقت تؤكد صديقة مقربة، ان رشيدة ستتخلى عن كل شيء، للتفرغ لحياتها مع ابنتها ورفيقها.
وبدوره، كان الرئيس المدير العام لشركة توتال كريستوف دو مارجوي قد اقترح في خريف 2008، منصبا على رشيدة في هذه الشركة البترولية، غير أنها رفضت، ومع ذلك يقول الرئيس المدير العام لتوتال ان العرض لا يزال قائما.
في الحقيقة يظل مستقبل الصديقة الجميلة غير معروف، فيما يكرر عدد من أعدائها بأنها كانت ستبقى مستشارة صغيرة تابعة لديوان وزاري، غير أنها سحرت ألبان شالوندون وأمسكت بنيكولا ساركوزي وكسبت قلب سيسيليا و حطمت منافسيها.
يتساءل الجميع في كواليس السلطة، كيف بإمكان هذه المرأة أن تنهض من جديد؟وما الذي سيحدث بعد الحرب التي قادتها ضد الإدارات التي تشرف عليها؟
هذه المرأة الحساسة والقوية، يكرهها الكثير في عائلتها السياسية وأما في الشارع فقد بدأت شعبيتها في النزول، ففي استطلاع للرأي في 30 ديسمبر 2008، جاء أن 25 في المائة لا يفضلون رشيدة داتي مقابل 41 في المائة من الذي يفضلون وجودها ضمن الطاقم الحكومي.
لكن كيف ستستغل هذه العلاقة التي تجمعها بالفرنسيين، الشغوفين بمتابعة مغامراتها سواء على منتديات الشبكة العنكبوتية أو على المواقع المخصصة للصور؟ وفي العمق، ما الذي تود أن تفعله؟
تصدق الصحف وأكاذيبها
كنا نود أن نطرح عليها هذه الأسئلة، لكن وزيرة العدل لم تشأ لقاءنا، على الرغم من الطلبات التي وجهناها إلى مصالحها، لكنها اكتفت بإرسال مستشارها الإعلامي بيار ايف بورنازال، الذي ابلغنا بما يلي «أتعلمون، لن استقبل أبدا مؤلفي كتب عنها، لكن انتم، إنها تعرفكم...».
كانت الدقائق التي أمضيناها مع الرجل، كافية لان نفهم بان هذا الشاب غير متأكد من دوره ولا من طبيعة عمله في وزارة العدل، حيث تفضل الوزيرة أن تدعوه «عين موسكو»، ذلك أن مهمته تقتصر على مراقبتها ومنعها من التحدث مع وسائل الاعلام.
لقد بين لها هذا الحوار القصير، بان رشيدة داتي لم تتعلم بعد العمل وسط فريق بعد، فقد تداول على مكتبها ثلاثة مديرين في اقل من سنتين فيما تم تعويض 18 متعاونا، وتم إنهاء خدمات آخرين.
يؤكد المقربون من الشخصيتين، ان رشيدة داتي تشبه نيكولا ساركوزي في الكثير من الأمور في طاقته وفي شراسته وفي ديناميكيته وفرديته أيضا.
لقد ابتعدت الصديقة الجميلة في مسارها عن المنطق، حتى القاضية المشهورة ورئيسة البرلمان الأوروبي سيمون فاي، التي دافعت عنها مرارا، لم تعد تعبر عن موقفها مما يحصل.
لقد تهربت هذه الأخيرة من الإجابة، حين سئلت في إذاعة «يوروب- ا» عن الصراع الذي جرى بين وزيرة العدل والقضاة في خريف 2008، وقالت «أنا قاضية ، انه مشكل معقد جدا ،لا أريد أن أقول شيئا بخصوص هذا الموضوع».
لكن بعيدا عن وسائل الإعلام، قالت فاي بمرارة « تؤمن رشيدة داتي بما يكتب عنها في الصحف، إنها تؤمن بكل شيء حتى الأكاذيب».
كذبة رشيدة
لقد اعترفت سيمون فاي لمقربيها اخيرا بان وزيرة العدل كذبت عليها بخصوص شهاداتها، وأضافت «إذا ما كان هناك من يعرف حقيقة هذه القضية، فهو أنا».
لقد رفضت رشيدة داتي نشر ملفها في المدرسة الوطنية للقضاء، عندما أثارت مجلة الاكسبرس جدلا بخصوص بيان سيرتها الذاتية.
قامت وزيرة العدل بسحب ملفها من المدرسة الوطنية للقضاء، فهل يحتوي على اسرار لا تستطيع كشفها؟
يقول البعض إن إدارة المدرسة الوطنية للقضاء وبالنظر إلى نتائجها، قررت أن تعيد رشيدة داتي إحدى سنوات الدراسة، وانهت مسارها بحسب الترتيب الذي اطلعنا عليه، في المرتبة 116 من أصل 157قاضيا ،كانوا ضمن دفعة 1997.
تكهنات متناقضة
ونحن نشرف على وضع اللمسات الأخيرة على هذه القصة الحقيقية عن رشيدة داتي، بدا مؤشر التكهنات بخصوصها في الارتفاع.بالرغم من أن هذه التكهنات متناقضة في الغالب.
يقول البعض ان رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي نصح الوزيرة بالقيام بسلسلة من الاجراءات والمبادرات المفيدة.تبدأها بتهدئة اللعب مع بعض من أهم أعدائها، ويتعلق الأمر بكل من بريس هورتفو وباتريك أوارت وادوارد بالادور.
كان أول درس وجهه نيكولا لرشيدة هو أن تدير ظهرها أمام صخب المدينة والصحافة «رشيدة لا تستمعي الى ما يقال عنك، اشتغلي مع القضاة وتواصلي مع المجموعات الصغيرة وعلى الخصوص توقفي عن حضور سهرات المجتمع».
وأما الدرس الثاني فهو أن تقوم بتحضير مشروع سياسي.فوزيرة العدل أهملت القاعدة في الضواحي والأحياء الشعبية.وحاليا تعمل لانشاء حركة جديدة بفضل نواة صغيرة مكونة من مجموعة من الأوفياء. بالاضافة الى الفرق الرسمية التابعة لوزارة العدل، وأما اسم العملية التي تقودها فهو «جيل الحظ الثاني».
ضمن القائمة
تقول رشيدة داتي دوما ان نيكولا ساركوزي لن يتخلى عنها أبدا.لكنه بدأ في التخلي عنها شيئا فشيئا منذ أشهر.غير انها تحظى اليوم بدعم شخص جديد.انه شخص متوار دوما عن الأنظار، لكنه شخصية فريدة من نوعها ومهمة بالنسبة للصديقة الجميلة... انه فرانسوا ساركوزي الأخ الأكبر لرئيس الجمهورية. لقد تقربت رشيدة داتي من فرانسوا خلال فترة انفصاله عن زوجته السابقة صوفي. ويقول احد المقربين من سيسيليا اتياس: «في تلك الأثناء بالذات.كانت رشيدة حاضرة بقوة الى جانبه». فالصديقة الجميلة لا تغير أبدا استغلال استراتيجية أثبتت نجاعتها.وهي تتبادل مع فرانسوا ساركوزي الرسائل الهاتفية باستمرار.
وفرانسوا نائب رئيس بيواليانس وهي مؤسسة تشتغل في قطاع الصناعات الصيدلانية. الى جانب ذلك فهو طبيب أطفال، وكان من بين الأوائل الذين أُخطروا بميلاد زهرة عن طريق رسالة هاتفية بعثتها له رشيدة بمجرد أن استفاقت من التخدير.
كما زار عيادة مويات ليهنئ الأم يوم الأحد الذي تلا الولادة.
هذا التقارب مهم وثمين جدا بالنسبة للصديقة الجميلة،خاصة بعد أن تصالح رئيس الجمهورية مع أخيه بتدخل من كارلا بروني غداة غداء جمعها بأخي زوجها في مطعم آسيوي يقع في باريس.
تلقت الصديقة الجميلة دعوة متأخرة من الرئيس وزوجته لحضور احتفال نهاية السنة في 31 ديسمبر 2008.لتجد رشيدة داتي نفسها على طاولة قصر الاليزيه برفقة نيكولا ساركوزي وكارلا بروني ووالدتيهما دادو وماريزا وبيير شارون وزوجته وبعض أصدقاء السيدة الأولى.
لقد أثبتت رشيدة داتي بعد 48 ساعة من وضعها مولودتها بأنها ما تزال ضمن الدائرة الأولى للرئيس، وكل المؤشرات تؤكد الآن، وبعيدا عن التحليلات بان الصديقة الجميلة لن تتوقف أبدا عن مفاجأتنا.
(انتهى)