27-10-2011, 01:54 AM
البريمل
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782
الخارجة على الأعراف
18/01/2010
الخارجة على الأعراف (1) أنا أكثر خبرة من أوباما في الحكم والسياسة!
ترجمة وإعداد: محمد أمين
تباينت الآراء حول الغرض من اصدار المرشحة الجمهورية لانتخابات الرئاسة الاميركية سارة بيلين بهذه السرعة، لكتابها الذي هو اشبه بالمذكرات او السيرة الذاتية بعنوان: Going Rogue: An American Life او «الخروج على الأعراف: حياة مواطنة أميركية» الذي اثار جدلا واسعا في اوساط الرأي العام الاميركي وسخطا كبيرا داخل الحزب الجمهوري ومخاوف من تمزق الحزب.
يقول الكاتب في واشنطن بوست ماثيو كونتنيتي في استعراضه للكتاب: «اذا كنت من محبي سارة بيلين فسوف تحب الكتاب، وان لم تكن فلن تحبه ابداً! لقد اصدر الكثير من السياسيين كتبا مثل كتاب بيلين، ولم يعبأ بهم احد، اذ فعل ذلك كل من نانسي بيلوسي وهاري ريد وبيل فيرست وجون اشكروفت ومايك هاكابي وجو بايدن وهنري واكسمان وغيرهم.. وسرعان ما اختفى الكتاب.. وانصرف السياسي الى شؤونه الخاصة، ولكن بيلين شأن مختلف».
على اي حال يرى البعض في كتاب بيلين، محاولة لاعادة الاعتبار لنفسها، بعد ان اظهرتها وسائل الاعلام بالساذجة وقليلة الخبرة في السياسة الخارجية، وبعد حملة الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها من الصحافة الاميركية ووصلت حد السخرية منها، لا سيما حين اعد لها ممثل كوميدي كندي مقلبا بادعائه ان المتصل كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهي الحادثة التي وصفها مسؤول كبير في حملة جون ماكين بــ «الحدث الخطير الذي كاد يدمر الحملة برمتها».
يقرأ البعض الكتاب على انه تصفية حساب مع مساعدي ماكين الذين مارسوا سلطة تعسفية معها اثناء الحملة لدرجة التدخل في الملابس التي ترتديها واملاء الخطابات عليها وحظر اجراء المقابلات معها، الامر الذي دفع البعض في ولايتها (آلاسكا) لاتهامها بأنها متعجرفة و«لم تعد سارة التي نعرفها» واخيراً منعها من القاء خطاب الاقرار بالهزيمة بعد ظهور نتائج الانتخابات. لكن مسؤولين في الحزب الجمهوري اعربوا عن استيائهم الشديد من الكتاب ووصفوا ما اوردته بيلين بأنه «من نسج خيالها».
وهناك من ينظر الى الكتاب باعتباره اشارة مبكرة لخوض بيلين سباق الرئاسة ضد الرئيس اوباما في انتخابات 2012، لكن البعض يشكك في هذا الاحتمال، خاصة ان بيلين فتحت في كتابها النار على مؤسسة الحزب التي سيكون بيدها القرار في اختيار مرشحه لانتخابات الرئاسة عام 2012.
لقد وجدت بيلين نفسها محاصرة وسط فريق من المستشارين الذين وصفتهم بالقوى الخفية التي تفرض سلطتها دون ان يعرف احد «من هي واين هي هذه القيادة؟» لقد ضاقت بيلين ذرعا بتعسف هذه القيادة، فتمردت عليها، ومن هنا ربما جاء عنوان الكتاب: «الخروج على الاعراف».
وقد فسر آخرون اصدار بيلين لهذا الكتاب على انه مجرد وسيلة لكسب المال وتحقيق الشهرة والبقاء في الاضواء، بعد ان عجزت عن فعل ذلك اثناء الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري والتي قالت انها شعرت اثناءها انها كانت «اسيرة».
ومها يكن من امر، فإن بيلين في كتابها الصادر عن دار هاربر كولينز والذي اشيع انها حصلت مقدما على حقوق نشر تصل الى خمسة ملايين دولار تغرق في التفاصيل ذات الصلة ببدايات شغلها الوظائف الحكومية ثم رئاسة بلدية مدينة «وسيلة» ومن ثم فوزها بمنصب حاكمة ولاية آلاسكا، ومع ذلك ظلت بعيدة عن الاضواء الاميركية والعالمية، الى ان اعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين عن اختيارها لخوض السباق معه كنائبة للرئيس في اغسطس 2008.
وقد ارتأت «القبس» ترجمة اجزاء مختارة من الكتاب وتقديمها لقرائها على حلقات.
حين دخلتُ السياسة من باب المجلس البلدي لمدينة وسيلة، لم اكن أُجيد نُطق اسم رئيس البلدية. وتواصل نشاطي السياسي على المستوى الوطن والقومي بيد أنني انشغلت في دراستي الجامعية ومن ثم حين عدت وتزوجت انشغلت في تربية الاطفال، كان قد تم انتخاب جون شتاين لمنصب رئيس البلدية.
ويعود الفضل الى نيك كارني الناشط المحلي ورئيس غرفة تجارة وسيلة في دخولي سكة الخدمة العامة. فهو ابن المدينة وزوجته تترأس ادارة المكتبة المحلية، وكانا من ابرع لاعبي الغولف ويهويان ارتداء ملابس الغولف اينما ذهبا داخل المدينة.
وقد استعان بي نيك في حملته الانتخابية عام 92 لعضوية مجلس بلدية وسيلة المؤلف من ستة اعضاء. وعرفني على مجموعة كان تبحث عن المرشحين من الشباب التقدمي، وقد أيدت هذه المجموعة المدعومة من احدى الصحف المحلية، ترشيح كل من نيك ورئيس البلدية شتاين.
ولم يكن من الصعب ايجاد شاب متحمس وشجاع من المدينة، لكن الصعب ان تجد من يكون من هؤلاء لديه الرغبة في الخوض في مستنقع السياسة المحلية. وقد تحدثت مع زوجي تود عن رغبتي في خوض المعترك لان المدينة بدأت تكبر وتضطلع بدور اكبر من نطاق حدودها، في وقت لم يكن المسؤولون فيها يفعلون شيئا يواكب هذا التطور منذ وقت طويل. ايدني تود في توجهاتي لانه كان يدرك انني سوف أحدث فرقا.
حملتي الانتخابية الاولى كانت مثيرة وركزت فيها على جهود تقليص ضريبة الممتلكات واعادة تحديد دور الحكومة. وكنت اصطحب ولدي الصغيرين ترك وبريستول معي اثناء تحركي عبر الشوارع المغطاة بالثلوج، لزيارة العائلات منزلا منزلا لأطلب تأييدهم ومساندتهم لي.
خياران
وفي ذلك الوقت، لم تكن في مدينة وسيلة قوات شرطة، فكان لا بد من قيام هذه القوة، وكان هناك خياران لتمويل هذه القوة فاما زيادة ضريبة الدخل او فرض ضريبة على المبيعات. ولم اكن اوافق على أي منهما، لكني كنت افضل الثانية على الاولى اذا اضطررنا الى هذا الخيار. ولذلك ايدت في حملتي فرض ضريبة مبيعات بنسبة 2% مع تقليص متزامن لضريبة الدخل. وفي النهاية، تم تمرير الخيار الثاني، وبعد ظهور نتائج الانتخابات فزت أنا ونيك بعضوية المجلس.
وذهبت بعد ظهور النتائج لمقابلة رئيس البلدية واتفقنا على ان نكون حليفين ولكن هذا لم يحدث لأسباب كثيرة، حيث وجدنا انفسنا متباعدين على غير صعيد.
ومكثت في عضوية المجلس البلدي ثلاث سنوات وترشحت وفزت بالعضوية ثانية، ثم بدأت الخلافات تظهر بوضوح بيني وبين رئيس البلدية شتاين حول مستقبل المدينة وحجم المجلس والقطاع الخاص وضريبة الدخل ووتيرة نمو الحكومة وغير ذلك.
في صبيحة يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001، ولم يكن قد مضى وقت طويل على فوزي بمنصب رئيس البلدية، اتصلت بي ادارة الشرطة، لتطلب مني الاستماع الى الاخبار، حيث شاهدنا الهجمات الارهابية على مركز التجارة الدولي والبنتاغون على الهواء مباشرة.
كان نشاطي في الخدمة العامة قد بدأ ببلدية وسيلة وامتد حتى توليت منصب حاكمة ولاية الاسكا، ولم تكن طموحاتي تتعدى حدود الولاية حتى تلك الامسية من ايام اغسطس 2008 حين اتصل بي جون ماكين.
تطور طبيعي
كان الظلام حالكا حين حطت بنا الطائرة في ولاية اريزونا، حيث مسقط رأس السيناتور جون ماكين في مساء يوم السابع والعشرين من اغسطس 2008، وانتقلنا انا ومساعدي وصديقي كريس بيري وبمساعدة من احد مسؤولي حملة ماكين ديفيس وايت، من الطائرة الخاصة الى فان زجاج نوافده مظللة؟
اتجهنا الى المنزل الخاص ليوب ديلغادو، صديق ماكين والرئيس التنفيذي لشركة هنسلي HENSLEY& Co التي تتولى توزيع البيرة لشركة سيندي ماكين زوجة جون.
ومع وصولنا، كانت تسري الاشاعات بان ماكين يدرس اختياري اضافة الى قائمة اخرى من الاسماء لخوض الانتخابات الى جانبه نائباً للرئيس، ولكني كنت مشغولة في مهامي بولاية الاسكا، ولم يكن في الوارد التفكير بمثل هذا الامر.
وكنت التقيت ماكين في يناير 2008 اثناء المؤتمر القومي لحكام الولايات في واشنطن، وتبادلنا زوجي تيد وانا اطراف الحديث مع السيناتور ماكين وزوجته سيندي، وتطرق الحديث الى الامور العائلية وأُعجبت بتواضع زوجته.
واصر السيناتور ماكين على ان نناديه بالاسم جون فقط، وكنت من المعجبين به منذ زمن طويب لمواقفة المستقلة وحرصه على امن بلادنا، لقد كنت اكن له احتراماً شديداً، ووجدنا فيه - زوجي وانا - ذلك الرجل اللطيف والجدير بالاحترام والذي ما زال شعلة متوقدة من النشاط لم يهن لعقود من العمل السياسي في واشنطن او سنوات السجن في فيتنام التي ناهزت الخمس سنوات، وبدا مليئا بالالهام والفرح الداخلي، وهو ما لمسته بنفسي اثناء الحملة الانتخابية.
ولسبب او لآخر لم يفاجئني اتصال ماكين بي حين تم اختياري لمنصب نائب الرئيس، وكنت اعتقد ان ذلك لم يكن سوى تطور طبيعي، حيث كنت اعتقد انها مسألة وقت قبل ان يصعد احد من الاسكا الى مركز المسرح السياسي في واشنطن.
وبعد المكالمة الهاتفية من ماكين بدأ تود ومساعدي بالعمل من اجل ترتيب لتأتي به بعيدا عن اعين الاعلام الذي لم يترك منزلا او مكتبا للمرشحين المحتلين لهذا المنصب الا وداهمه قبل خمسة ايام فقط على موعد انعقاد المؤتمر القومي للحزب الجمهوري، لدرجة التنصت على مكالمات والدة جو بايدن الذي اختاره الرئيس اوباما فيما بعد، لمنصب نائب الرئيس.
لكن اسم سارة بيلين كان مستبعدا تماما من حسابات الصحافة.
ومع ذلك، واجهت صعوبة في التحرك بعيدا عن اعين الصحافيين المحليين، وكذلك في ابقاء الامور سرا بالنسبة لطاقم موظفي المحافظة، فقد كنت دائما على رأس عملي ونادرا ما اتغيب عن العمل حتى ان الموظفين كانوا يجلبون لي المعاملات الى المستشفى حين وضعت ابني كي اوقع عليها. ولذلك يصعب علي تفسير اي غياب عن العمل.
ولدى مناقشة الامر مع فريق ماكين اقترحوا ان يقوم زوجي - لدى مغادرتي - بالاستيلاء على الهواتف النقالة لابنائي الثلاثة.
أصل الصراع
وحين وصلت الى اريزونا، استقبلنا بوب وادخلنا الى منزل جميل وتعرفنا على شيف شميدت الذي ابلغني انه عمل مساعدا في الحملات الانتخابية لكل من ارنولد شوارزنيغر وديك تشيني وجورج دبليو بوش (في حملته الانتخابية الثانية). وعلمت فيما بعد انه وراء انقاذ الحملة الانتخابية لجورج بوش عام 2004 حين اصيبت الحملة بنكسة اثر المناظرة التي خرج منها مهزوما امام منافسه الديموقراطي جون كيري.
وجلس الى جانب شميدت، صديق وكاتب السيرة الذاتية للسيناتور ماكين، مارك سالتر، ولفت نظري اهتمامه بادق التفاصيل، كما علمت انه واحد من القلائل الذين يمكنهم تغيير رأي ماكين.
جلسنا في غرفة المعيشة وتحدثنا اولا عن موقفي من الحرب على العراق وسجل مواقفي من الطاقة وعن اقتصاد الاسكا. وناقشنا تشكيلة حكومتي هناك والتي كانت تضم بين اعضائها جمهوريين ومستقلين وديموقراطيين.
لقد اعجبت بالفريق الذي جمعتني به تلك الجلسة، وعرفت انهم كانوا على علم بحمل ابنتي بريستول وقال لي شميدت «عليك ان تدركي ان شيئا لن يظل سراً اثناء الحملة الانتخابية» فأجبته: «حسنا ليس لدي ما اخفيه» وسألني شميت ان كنت افهم اصل الصراع في العراق وتاريخ الشرق الاوسط ومصدر الخلاف الذي تفجر بشكل دموي بين السنة والشيعة».
كنت اعرف تاريخ الشرق الاوسط للمدى الذي يعرفه معظم الاميركيين، ثم تحدثنا عن توقعاتي المستقبلية، ثم تبين لي ان اهتمام شميت ينصب على الصراع في الشرق الاوسط وكان يبدو ضليعا في معرفة التفاصيل، وتولد لدي الشعور بأن فريق ماكين يعتقد ان الحرب في العراق ستبقى في مركز مسرح الاحداث لبعض الوقت.
تحدثنا عن الاجهاض وابديت موقفي المعارض له وكذلك لزواج المثليين بيد انني اوضحت انني اعتقد ان هذه امور شخصية ولا تستوجب اتخاذ مواقف مناهضة ممن يختارون مثل هذه المسالك.
امور مشتركة
وكان فريق ماكين قد عين ارثر كالفاماوس المسؤول السابق في البيت الابيض في عهد رونالد ريغن رئيسا لفريق اختيار نائب الرئيس، الفريق الذي وجه لي مئات الاسئلة حتى تولد لدي الاحساس بأن اي شخص يخضع لاستجواب هذا الفريق سيكشف عن ادق خطأ ارتكبه يوماً ما في حياته، حتى في سنين عمره المبكرة! وليس ذلك فقط بل سيجد الشهود والصور والبصمات التي تثبت هذا الخطأ.
وعودة الى النقاش في غرفة المعيشة مع شميدت وسالتر، فقد تحول النقاش الى موضوع اصل النشوء، فانا لا اؤمن بنظرية داروين بأن الانسان اصله قرد، بل اؤمن ان الانسان هو من خلق الله وهو القادر على خلق الاشياء وعلى جعلها تتطور وتتأقلم. لقد كنت ارغب في التأكيد لفريق حملة ماكين انه ليس بوسعهم ان يضعوا الكلمات في فمي.
وفي اليوم التالي توجهنا الى مزرعة ماكين في سيدونا وكان الطقس جميلا هناك وودت لو امشي سيرا على الاقدام بدلا من ركوب الحافلة التي اقلتنا الى هناك، وحين وصلنا الى منزل السيناتور كان ماكين في استقبالنا وسط الاشجار الجميلة وجدول من المياه المنسابة باللون الاحمر بسبب لون الصخور التي تجري عليها المياه.
وبادرني ماكين بالسؤال ما رأيك في الترشح لمنصب نائب الرئيس؟ اجبت «انني سأفعل كل ما في وسعي لخدمة بلدي» فقال «لكن الامر سيكون شاقا على عائلتك» قلت «اعرف ذلك وانا متأكدة من ذلك» وقلت في نفسي ان ابنائي كبروا كما ان زوجي يقدم لي المساعدة في العناية بهم، وسألني ماكين عن موقف زوجي فأبلغته انه يقدم لي كل الدعم والتشجيع».
لقد شعرت انا وماكين ان هناك اموراً مشتركة تجمعنا، فهو يفتخر بكونه مستقلا بأفكاره وكذلك انا وهذه الاستقلالية تعطينا القدرة لعمل ما هو صحيح بصرف النظر عن رضا او استياء هذا التيار او ذاك في الحزب الجمهوري.
وبالنسبة لي فإنني لا ادين لاي مؤسسة سياسية بالوصول الى ما وصلت اليه، وفي الواقع وصلت الى منصبي في ألاسكا من باب المعارضة المباشرة للمؤسسة السياسية.
لقد انضمت الى الاجتماع سيندي زوجة ماكين التي اعجبت بقصة حياتها، فوالدها كان فقيراً ثم كون ثروة كبيرة جعلها تنشأ ثرية لكنها كانت تلتزم بمساعدة المحتاجين وانشأت جمعية طبية لمساعدة الاطفال المرضى في الولايات المتحدة ودول العالم الثالث والدول التي مزقتها الحروب، بل انها تبنت احد هؤلاء الاطفال الفقراء حتى اصبح واحداً من افراد العائلة.
وبعد دقائق معدودات انفرد ماكين بمساعديه سالتر وشميدت ودار بينهم نقاش معمق، ثم تركهم ماكين وجاء الى البهو فجلس الى جانبي وعرض علي المنصب رسميا.
أوباما عديم الخبرة
وفي التاسع والعشرين من اغسطس، الذي يصادف عيد ميلاد ماكين ووسط حشد هائل من الصحافيين وعدسات الكاميرا في دايتون بولاية اوهايو، اعلن ماكين عن اختيار سارة بيلين لخوض السباق معه نائبة للرئيس، وكنت اجلس خلفه برفقة زوجي تود واربعة من ابنائي الخمسة، ثم قال لنا، انه شديد السعادة لانه يدلي بهذا الاعلان المهم في دايتون في يوم عيد ميلاده، ثم دعاني لالقاء كلمتي.
واتجهنا من اوهايو الى مينيسوتا حيث مقر انعقاد المؤتمر القومي للحزب الجمهوري عام 2008 واستقبلني عضو حملة ماكين في المطار واصطحبني الى فندق هيلتون حيث اقمنا في جناح مؤلف من غرفتين واحدة لي وتود والاخرى للبنات.
وخلال اول يومين تقابلت مع مسؤولي حملة ماكين، ومنهم ستيف شميدث وكريس ادواردز ومارك واليس وزوجته نيكول وراندي شونمان وستيف بيغان الذي قال انه يلازم ماكين منذ خوضه انتخابات الرئاسة التمهيدية عام 2000 وعمل مستشارا لشؤون الأمن القومي لعدد من اعضاء الكونغرس ومسؤولي البنتاغون.
اما ستيف بيغان فقد كان مديرا لمكتب رئيس لجنة الشؤون الخارجية وامضى ثلاث سنوات في مجلس الأمن القومي الاميركي في عهد جورج دبليو بوش وكان هناك لدى وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وكان ستيف خبيرا في الاتحاد السوفيتي السابق ومن ثم روسيا وعاش في موسكو لعدة سنوات. وتحدث الاثنان معي عن باراك اوباما قائلين انه يفتقر للخبرة في مجال السياسة الخارجية، بينما امتلك انا مثل هذه الخبرة، كرئيسة بلدية وحاكمة لولاية الاسكا، فضلا عن خبرتي في مجال الأمن الوطني والادارة والحكم.
واصطلح على تسمية طاقم الموظفين الذي يعمل مع نائبة الرئيس باسم الفريق ب، بينما فريق ماكين هو الفريق أ، وفي وقت مبكر من الحملة زارنا شميدت في جناحنا بالفندق وعرفني على اندرو سميث الذي قالت لي انه سيكون رئيسا لحملتي الانتخابية، وحين سألت تبين لي انه كان يعمل في سوق نيويورك للاوراق المالية ولم تكن لديه خبرة في مجال الحملات الانتخابية.
لقد دهشت لكثير من الاشياء التي رأيتها في الحملة الانتخابية ولم اكن معتادة عليها مثل الاعتناء بأدق التفاصيل المتعلقة بالملابس التي سأظهر فيها اثناء الحملة والنزول في افخم الفنادق، بينما لم اكن معتادة على ذلك في الاسكا ذات الفنادق المتواضعة. وفوجئت بشاشات التلفزة الضخمة حتى في الحمامات، وفي لحظة ما وبينما كنت اغسل اسناني في الحمام سمعت المذيع في احدى القنوات التلفزيونية يعلن عن «نبأ عاجل.. وكان ذلك النبأ ان ابنة المرشحة لمنصب نائب الرئيس الصغيرة بريستول حامل».
ولم يكن النبأ مفاجئا لعائلتنا واصدقائنا ولا لحملتنا الانتخابية، ولم نحاول قط اخفاء هذا الحدث حتى بافتراض انه بامكاننا ان نفعل، ولكن كنا نرغب في الاعلان عنه بطريقتنا الخاصة.
لقد ادركت حينئذ اننا اصبحنا في وضع دفاعي وما فاجأني ان الحملة التي كان لها علم بالمسألة لم تعد خطة للتعاطي مع الحدث بشكل بناء، لا سيما انها قصة لها تأثيرها في الكثير من المراهقات في الولايات المتحدة..
تأليف: سارة بيلين
(المرشحة الجمهورية لمنصب نائبة الرئيس في انتخابات عام 2008)
الحلقة الثانية:
منعوني طوال الحملة من الإشادة بالرئيس جورج بوش
الكتاب من القبس
البريمل

عضو مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

18/01/2010
الخارجة على الأعراف (1) أنا أكثر خبرة من أوباما في الحكم والسياسة!

ترجمة وإعداد: محمد أمين
تباينت الآراء حول الغرض من اصدار المرشحة الجمهورية لانتخابات الرئاسة الاميركية سارة بيلين بهذه السرعة، لكتابها الذي هو اشبه بالمذكرات او السيرة الذاتية بعنوان: Going Rogue: An American Life او «الخروج على الأعراف: حياة مواطنة أميركية» الذي اثار جدلا واسعا في اوساط الرأي العام الاميركي وسخطا كبيرا داخل الحزب الجمهوري ومخاوف من تمزق الحزب.
يقول الكاتب في واشنطن بوست ماثيو كونتنيتي في استعراضه للكتاب: «اذا كنت من محبي سارة بيلين فسوف تحب الكتاب، وان لم تكن فلن تحبه ابداً! لقد اصدر الكثير من السياسيين كتبا مثل كتاب بيلين، ولم يعبأ بهم احد، اذ فعل ذلك كل من نانسي بيلوسي وهاري ريد وبيل فيرست وجون اشكروفت ومايك هاكابي وجو بايدن وهنري واكسمان وغيرهم.. وسرعان ما اختفى الكتاب.. وانصرف السياسي الى شؤونه الخاصة، ولكن بيلين شأن مختلف».
على اي حال يرى البعض في كتاب بيلين، محاولة لاعادة الاعتبار لنفسها، بعد ان اظهرتها وسائل الاعلام بالساذجة وقليلة الخبرة في السياسة الخارجية، وبعد حملة الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها من الصحافة الاميركية ووصلت حد السخرية منها، لا سيما حين اعد لها ممثل كوميدي كندي مقلبا بادعائه ان المتصل كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهي الحادثة التي وصفها مسؤول كبير في حملة جون ماكين بــ «الحدث الخطير الذي كاد يدمر الحملة برمتها».
يقرأ البعض الكتاب على انه تصفية حساب مع مساعدي ماكين الذين مارسوا سلطة تعسفية معها اثناء الحملة لدرجة التدخل في الملابس التي ترتديها واملاء الخطابات عليها وحظر اجراء المقابلات معها، الامر الذي دفع البعض في ولايتها (آلاسكا) لاتهامها بأنها متعجرفة و«لم تعد سارة التي نعرفها» واخيراً منعها من القاء خطاب الاقرار بالهزيمة بعد ظهور نتائج الانتخابات. لكن مسؤولين في الحزب الجمهوري اعربوا عن استيائهم الشديد من الكتاب ووصفوا ما اوردته بيلين بأنه «من نسج خيالها».
وهناك من ينظر الى الكتاب باعتباره اشارة مبكرة لخوض بيلين سباق الرئاسة ضد الرئيس اوباما في انتخابات 2012، لكن البعض يشكك في هذا الاحتمال، خاصة ان بيلين فتحت في كتابها النار على مؤسسة الحزب التي سيكون بيدها القرار في اختيار مرشحه لانتخابات الرئاسة عام 2012.
لقد وجدت بيلين نفسها محاصرة وسط فريق من المستشارين الذين وصفتهم بالقوى الخفية التي تفرض سلطتها دون ان يعرف احد «من هي واين هي هذه القيادة؟» لقد ضاقت بيلين ذرعا بتعسف هذه القيادة، فتمردت عليها، ومن هنا ربما جاء عنوان الكتاب: «الخروج على الاعراف».
وقد فسر آخرون اصدار بيلين لهذا الكتاب على انه مجرد وسيلة لكسب المال وتحقيق الشهرة والبقاء في الاضواء، بعد ان عجزت عن فعل ذلك اثناء الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري والتي قالت انها شعرت اثناءها انها كانت «اسيرة».
ومها يكن من امر، فإن بيلين في كتابها الصادر عن دار هاربر كولينز والذي اشيع انها حصلت مقدما على حقوق نشر تصل الى خمسة ملايين دولار تغرق في التفاصيل ذات الصلة ببدايات شغلها الوظائف الحكومية ثم رئاسة بلدية مدينة «وسيلة» ومن ثم فوزها بمنصب حاكمة ولاية آلاسكا، ومع ذلك ظلت بعيدة عن الاضواء الاميركية والعالمية، الى ان اعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين عن اختيارها لخوض السباق معه كنائبة للرئيس في اغسطس 2008.
وقد ارتأت «القبس» ترجمة اجزاء مختارة من الكتاب وتقديمها لقرائها على حلقات.
حين دخلتُ السياسة من باب المجلس البلدي لمدينة وسيلة، لم اكن أُجيد نُطق اسم رئيس البلدية. وتواصل نشاطي السياسي على المستوى الوطن والقومي بيد أنني انشغلت في دراستي الجامعية ومن ثم حين عدت وتزوجت انشغلت في تربية الاطفال، كان قد تم انتخاب جون شتاين لمنصب رئيس البلدية.
ويعود الفضل الى نيك كارني الناشط المحلي ورئيس غرفة تجارة وسيلة في دخولي سكة الخدمة العامة. فهو ابن المدينة وزوجته تترأس ادارة المكتبة المحلية، وكانا من ابرع لاعبي الغولف ويهويان ارتداء ملابس الغولف اينما ذهبا داخل المدينة.
وقد استعان بي نيك في حملته الانتخابية عام 92 لعضوية مجلس بلدية وسيلة المؤلف من ستة اعضاء. وعرفني على مجموعة كان تبحث عن المرشحين من الشباب التقدمي، وقد أيدت هذه المجموعة المدعومة من احدى الصحف المحلية، ترشيح كل من نيك ورئيس البلدية شتاين.
ولم يكن من الصعب ايجاد شاب متحمس وشجاع من المدينة، لكن الصعب ان تجد من يكون من هؤلاء لديه الرغبة في الخوض في مستنقع السياسة المحلية. وقد تحدثت مع زوجي تود عن رغبتي في خوض المعترك لان المدينة بدأت تكبر وتضطلع بدور اكبر من نطاق حدودها، في وقت لم يكن المسؤولون فيها يفعلون شيئا يواكب هذا التطور منذ وقت طويل. ايدني تود في توجهاتي لانه كان يدرك انني سوف أحدث فرقا.
حملتي الانتخابية الاولى كانت مثيرة وركزت فيها على جهود تقليص ضريبة الممتلكات واعادة تحديد دور الحكومة. وكنت اصطحب ولدي الصغيرين ترك وبريستول معي اثناء تحركي عبر الشوارع المغطاة بالثلوج، لزيارة العائلات منزلا منزلا لأطلب تأييدهم ومساندتهم لي.
خياران
وفي ذلك الوقت، لم تكن في مدينة وسيلة قوات شرطة، فكان لا بد من قيام هذه القوة، وكان هناك خياران لتمويل هذه القوة فاما زيادة ضريبة الدخل او فرض ضريبة على المبيعات. ولم اكن اوافق على أي منهما، لكني كنت افضل الثانية على الاولى اذا اضطررنا الى هذا الخيار. ولذلك ايدت في حملتي فرض ضريبة مبيعات بنسبة 2% مع تقليص متزامن لضريبة الدخل. وفي النهاية، تم تمرير الخيار الثاني، وبعد ظهور نتائج الانتخابات فزت أنا ونيك بعضوية المجلس.
وذهبت بعد ظهور النتائج لمقابلة رئيس البلدية واتفقنا على ان نكون حليفين ولكن هذا لم يحدث لأسباب كثيرة، حيث وجدنا انفسنا متباعدين على غير صعيد.
ومكثت في عضوية المجلس البلدي ثلاث سنوات وترشحت وفزت بالعضوية ثانية، ثم بدأت الخلافات تظهر بوضوح بيني وبين رئيس البلدية شتاين حول مستقبل المدينة وحجم المجلس والقطاع الخاص وضريبة الدخل ووتيرة نمو الحكومة وغير ذلك.
في صبيحة يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001، ولم يكن قد مضى وقت طويل على فوزي بمنصب رئيس البلدية، اتصلت بي ادارة الشرطة، لتطلب مني الاستماع الى الاخبار، حيث شاهدنا الهجمات الارهابية على مركز التجارة الدولي والبنتاغون على الهواء مباشرة.
كان نشاطي في الخدمة العامة قد بدأ ببلدية وسيلة وامتد حتى توليت منصب حاكمة ولاية الاسكا، ولم تكن طموحاتي تتعدى حدود الولاية حتى تلك الامسية من ايام اغسطس 2008 حين اتصل بي جون ماكين.
تطور طبيعي
كان الظلام حالكا حين حطت بنا الطائرة في ولاية اريزونا، حيث مسقط رأس السيناتور جون ماكين في مساء يوم السابع والعشرين من اغسطس 2008، وانتقلنا انا ومساعدي وصديقي كريس بيري وبمساعدة من احد مسؤولي حملة ماكين ديفيس وايت، من الطائرة الخاصة الى فان زجاج نوافده مظللة؟
اتجهنا الى المنزل الخاص ليوب ديلغادو، صديق ماكين والرئيس التنفيذي لشركة هنسلي HENSLEY& Co التي تتولى توزيع البيرة لشركة سيندي ماكين زوجة جون.
ومع وصولنا، كانت تسري الاشاعات بان ماكين يدرس اختياري اضافة الى قائمة اخرى من الاسماء لخوض الانتخابات الى جانبه نائباً للرئيس، ولكني كنت مشغولة في مهامي بولاية الاسكا، ولم يكن في الوارد التفكير بمثل هذا الامر.
وكنت التقيت ماكين في يناير 2008 اثناء المؤتمر القومي لحكام الولايات في واشنطن، وتبادلنا زوجي تيد وانا اطراف الحديث مع السيناتور ماكين وزوجته سيندي، وتطرق الحديث الى الامور العائلية وأُعجبت بتواضع زوجته.
واصر السيناتور ماكين على ان نناديه بالاسم جون فقط، وكنت من المعجبين به منذ زمن طويب لمواقفة المستقلة وحرصه على امن بلادنا، لقد كنت اكن له احتراماً شديداً، ووجدنا فيه - زوجي وانا - ذلك الرجل اللطيف والجدير بالاحترام والذي ما زال شعلة متوقدة من النشاط لم يهن لعقود من العمل السياسي في واشنطن او سنوات السجن في فيتنام التي ناهزت الخمس سنوات، وبدا مليئا بالالهام والفرح الداخلي، وهو ما لمسته بنفسي اثناء الحملة الانتخابية.
ولسبب او لآخر لم يفاجئني اتصال ماكين بي حين تم اختياري لمنصب نائب الرئيس، وكنت اعتقد ان ذلك لم يكن سوى تطور طبيعي، حيث كنت اعتقد انها مسألة وقت قبل ان يصعد احد من الاسكا الى مركز المسرح السياسي في واشنطن.
وبعد المكالمة الهاتفية من ماكين بدأ تود ومساعدي بالعمل من اجل ترتيب لتأتي به بعيدا عن اعين الاعلام الذي لم يترك منزلا او مكتبا للمرشحين المحتلين لهذا المنصب الا وداهمه قبل خمسة ايام فقط على موعد انعقاد المؤتمر القومي للحزب الجمهوري، لدرجة التنصت على مكالمات والدة جو بايدن الذي اختاره الرئيس اوباما فيما بعد، لمنصب نائب الرئيس.
لكن اسم سارة بيلين كان مستبعدا تماما من حسابات الصحافة.
ومع ذلك، واجهت صعوبة في التحرك بعيدا عن اعين الصحافيين المحليين، وكذلك في ابقاء الامور سرا بالنسبة لطاقم موظفي المحافظة، فقد كنت دائما على رأس عملي ونادرا ما اتغيب عن العمل حتى ان الموظفين كانوا يجلبون لي المعاملات الى المستشفى حين وضعت ابني كي اوقع عليها. ولذلك يصعب علي تفسير اي غياب عن العمل.
ولدى مناقشة الامر مع فريق ماكين اقترحوا ان يقوم زوجي - لدى مغادرتي - بالاستيلاء على الهواتف النقالة لابنائي الثلاثة.
أصل الصراع
وحين وصلت الى اريزونا، استقبلنا بوب وادخلنا الى منزل جميل وتعرفنا على شيف شميدت الذي ابلغني انه عمل مساعدا في الحملات الانتخابية لكل من ارنولد شوارزنيغر وديك تشيني وجورج دبليو بوش (في حملته الانتخابية الثانية). وعلمت فيما بعد انه وراء انقاذ الحملة الانتخابية لجورج بوش عام 2004 حين اصيبت الحملة بنكسة اثر المناظرة التي خرج منها مهزوما امام منافسه الديموقراطي جون كيري.
وجلس الى جانب شميدت، صديق وكاتب السيرة الذاتية للسيناتور ماكين، مارك سالتر، ولفت نظري اهتمامه بادق التفاصيل، كما علمت انه واحد من القلائل الذين يمكنهم تغيير رأي ماكين.
جلسنا في غرفة المعيشة وتحدثنا اولا عن موقفي من الحرب على العراق وسجل مواقفي من الطاقة وعن اقتصاد الاسكا. وناقشنا تشكيلة حكومتي هناك والتي كانت تضم بين اعضائها جمهوريين ومستقلين وديموقراطيين.
لقد اعجبت بالفريق الذي جمعتني به تلك الجلسة، وعرفت انهم كانوا على علم بحمل ابنتي بريستول وقال لي شميدت «عليك ان تدركي ان شيئا لن يظل سراً اثناء الحملة الانتخابية» فأجبته: «حسنا ليس لدي ما اخفيه» وسألني شميت ان كنت افهم اصل الصراع في العراق وتاريخ الشرق الاوسط ومصدر الخلاف الذي تفجر بشكل دموي بين السنة والشيعة».
كنت اعرف تاريخ الشرق الاوسط للمدى الذي يعرفه معظم الاميركيين، ثم تحدثنا عن توقعاتي المستقبلية، ثم تبين لي ان اهتمام شميت ينصب على الصراع في الشرق الاوسط وكان يبدو ضليعا في معرفة التفاصيل، وتولد لدي الشعور بأن فريق ماكين يعتقد ان الحرب في العراق ستبقى في مركز مسرح الاحداث لبعض الوقت.
تحدثنا عن الاجهاض وابديت موقفي المعارض له وكذلك لزواج المثليين بيد انني اوضحت انني اعتقد ان هذه امور شخصية ولا تستوجب اتخاذ مواقف مناهضة ممن يختارون مثل هذه المسالك.
امور مشتركة
وكان فريق ماكين قد عين ارثر كالفاماوس المسؤول السابق في البيت الابيض في عهد رونالد ريغن رئيسا لفريق اختيار نائب الرئيس، الفريق الذي وجه لي مئات الاسئلة حتى تولد لدي الاحساس بأن اي شخص يخضع لاستجواب هذا الفريق سيكشف عن ادق خطأ ارتكبه يوماً ما في حياته، حتى في سنين عمره المبكرة! وليس ذلك فقط بل سيجد الشهود والصور والبصمات التي تثبت هذا الخطأ.
وعودة الى النقاش في غرفة المعيشة مع شميدت وسالتر، فقد تحول النقاش الى موضوع اصل النشوء، فانا لا اؤمن بنظرية داروين بأن الانسان اصله قرد، بل اؤمن ان الانسان هو من خلق الله وهو القادر على خلق الاشياء وعلى جعلها تتطور وتتأقلم. لقد كنت ارغب في التأكيد لفريق حملة ماكين انه ليس بوسعهم ان يضعوا الكلمات في فمي.
وفي اليوم التالي توجهنا الى مزرعة ماكين في سيدونا وكان الطقس جميلا هناك وودت لو امشي سيرا على الاقدام بدلا من ركوب الحافلة التي اقلتنا الى هناك، وحين وصلنا الى منزل السيناتور كان ماكين في استقبالنا وسط الاشجار الجميلة وجدول من المياه المنسابة باللون الاحمر بسبب لون الصخور التي تجري عليها المياه.
وبادرني ماكين بالسؤال ما رأيك في الترشح لمنصب نائب الرئيس؟ اجبت «انني سأفعل كل ما في وسعي لخدمة بلدي» فقال «لكن الامر سيكون شاقا على عائلتك» قلت «اعرف ذلك وانا متأكدة من ذلك» وقلت في نفسي ان ابنائي كبروا كما ان زوجي يقدم لي المساعدة في العناية بهم، وسألني ماكين عن موقف زوجي فأبلغته انه يقدم لي كل الدعم والتشجيع».
لقد شعرت انا وماكين ان هناك اموراً مشتركة تجمعنا، فهو يفتخر بكونه مستقلا بأفكاره وكذلك انا وهذه الاستقلالية تعطينا القدرة لعمل ما هو صحيح بصرف النظر عن رضا او استياء هذا التيار او ذاك في الحزب الجمهوري.
وبالنسبة لي فإنني لا ادين لاي مؤسسة سياسية بالوصول الى ما وصلت اليه، وفي الواقع وصلت الى منصبي في ألاسكا من باب المعارضة المباشرة للمؤسسة السياسية.
لقد انضمت الى الاجتماع سيندي زوجة ماكين التي اعجبت بقصة حياتها، فوالدها كان فقيراً ثم كون ثروة كبيرة جعلها تنشأ ثرية لكنها كانت تلتزم بمساعدة المحتاجين وانشأت جمعية طبية لمساعدة الاطفال المرضى في الولايات المتحدة ودول العالم الثالث والدول التي مزقتها الحروب، بل انها تبنت احد هؤلاء الاطفال الفقراء حتى اصبح واحداً من افراد العائلة.
وبعد دقائق معدودات انفرد ماكين بمساعديه سالتر وشميدت ودار بينهم نقاش معمق، ثم تركهم ماكين وجاء الى البهو فجلس الى جانبي وعرض علي المنصب رسميا.
أوباما عديم الخبرة
وفي التاسع والعشرين من اغسطس، الذي يصادف عيد ميلاد ماكين ووسط حشد هائل من الصحافيين وعدسات الكاميرا في دايتون بولاية اوهايو، اعلن ماكين عن اختيار سارة بيلين لخوض السباق معه نائبة للرئيس، وكنت اجلس خلفه برفقة زوجي تود واربعة من ابنائي الخمسة، ثم قال لنا، انه شديد السعادة لانه يدلي بهذا الاعلان المهم في دايتون في يوم عيد ميلاده، ثم دعاني لالقاء كلمتي.
واتجهنا من اوهايو الى مينيسوتا حيث مقر انعقاد المؤتمر القومي للحزب الجمهوري عام 2008 واستقبلني عضو حملة ماكين في المطار واصطحبني الى فندق هيلتون حيث اقمنا في جناح مؤلف من غرفتين واحدة لي وتود والاخرى للبنات.
وخلال اول يومين تقابلت مع مسؤولي حملة ماكين، ومنهم ستيف شميدث وكريس ادواردز ومارك واليس وزوجته نيكول وراندي شونمان وستيف بيغان الذي قال انه يلازم ماكين منذ خوضه انتخابات الرئاسة التمهيدية عام 2000 وعمل مستشارا لشؤون الأمن القومي لعدد من اعضاء الكونغرس ومسؤولي البنتاغون.
اما ستيف بيغان فقد كان مديرا لمكتب رئيس لجنة الشؤون الخارجية وامضى ثلاث سنوات في مجلس الأمن القومي الاميركي في عهد جورج دبليو بوش وكان هناك لدى وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وكان ستيف خبيرا في الاتحاد السوفيتي السابق ومن ثم روسيا وعاش في موسكو لعدة سنوات. وتحدث الاثنان معي عن باراك اوباما قائلين انه يفتقر للخبرة في مجال السياسة الخارجية، بينما امتلك انا مثل هذه الخبرة، كرئيسة بلدية وحاكمة لولاية الاسكا، فضلا عن خبرتي في مجال الأمن الوطني والادارة والحكم.
واصطلح على تسمية طاقم الموظفين الذي يعمل مع نائبة الرئيس باسم الفريق ب، بينما فريق ماكين هو الفريق أ، وفي وقت مبكر من الحملة زارنا شميدت في جناحنا بالفندق وعرفني على اندرو سميث الذي قالت لي انه سيكون رئيسا لحملتي الانتخابية، وحين سألت تبين لي انه كان يعمل في سوق نيويورك للاوراق المالية ولم تكن لديه خبرة في مجال الحملات الانتخابية.
لقد دهشت لكثير من الاشياء التي رأيتها في الحملة الانتخابية ولم اكن معتادة عليها مثل الاعتناء بأدق التفاصيل المتعلقة بالملابس التي سأظهر فيها اثناء الحملة والنزول في افخم الفنادق، بينما لم اكن معتادة على ذلك في الاسكا ذات الفنادق المتواضعة. وفوجئت بشاشات التلفزة الضخمة حتى في الحمامات، وفي لحظة ما وبينما كنت اغسل اسناني في الحمام سمعت المذيع في احدى القنوات التلفزيونية يعلن عن «نبأ عاجل.. وكان ذلك النبأ ان ابنة المرشحة لمنصب نائب الرئيس الصغيرة بريستول حامل».
ولم يكن النبأ مفاجئا لعائلتنا واصدقائنا ولا لحملتنا الانتخابية، ولم نحاول قط اخفاء هذا الحدث حتى بافتراض انه بامكاننا ان نفعل، ولكن كنا نرغب في الاعلان عنه بطريقتنا الخاصة.
لقد ادركت حينئذ اننا اصبحنا في وضع دفاعي وما فاجأني ان الحملة التي كان لها علم بالمسألة لم تعد خطة للتعاطي مع الحدث بشكل بناء، لا سيما انها قصة لها تأثيرها في الكثير من المراهقات في الولايات المتحدة..
تأليف: سارة بيلين
(المرشحة الجمهورية لمنصب نائبة الرئيس في انتخابات عام 2008)
الحلقة الثانية:
منعوني طوال الحملة من الإشادة بالرئيس جورج بوش

الكتاب من القبس