الخارجة على الأعراف (1) أنا أكثر خبرة من أوباما في الحكم والسياسة!
ترجمة وإعداد: محمد أمين
تباينت الآراء حول الغرض من اصدار المرشحة الجمهورية لانتخابات الرئاسة الاميركية سارة بيلين بهذه السرعة، لكتابها الذي هو اشبه بالمذكرات او السيرة الذاتية بعنوان: Going Rogue: An American Life او «الخروج على الأعراف: حياة مواطنة أميركية» الذي اثار جدلا واسعا في اوساط الرأي العام الاميركي وسخطا كبيرا داخل الحزب الجمهوري ومخاوف من تمزق الحزب.
يقول الكاتب في واشنطن بوست ماثيو كونتنيتي في استعراضه للكتاب: «اذا كنت من محبي سارة بيلين فسوف تحب الكتاب، وان لم تكن فلن تحبه ابداً! لقد اصدر الكثير من السياسيين كتبا مثل كتاب بيلين، ولم يعبأ بهم احد، اذ فعل ذلك كل من نانسي بيلوسي وهاري ريد وبيل فيرست وجون اشكروفت ومايك هاكابي وجو بايدن وهنري واكسمان وغيرهم.. وسرعان ما اختفى الكتاب.. وانصرف السياسي الى شؤونه الخاصة، ولكن بيلين شأن مختلف».
على اي حال يرى البعض في كتاب بيلين، محاولة لاعادة الاعتبار لنفسها، بعد ان اظهرتها وسائل الاعلام بالساذجة وقليلة الخبرة في السياسة الخارجية، وبعد حملة الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها من الصحافة الاميركية ووصلت حد السخرية منها، لا سيما حين اعد لها ممثل كوميدي كندي مقلبا بادعائه ان المتصل كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهي الحادثة التي وصفها مسؤول كبير في حملة جون ماكين بــ «الحدث الخطير الذي كاد يدمر الحملة برمتها».
يقرأ البعض الكتاب على انه تصفية حساب مع مساعدي ماكين الذين مارسوا سلطة تعسفية معها اثناء الحملة لدرجة التدخل في الملابس التي ترتديها واملاء الخطابات عليها وحظر اجراء المقابلات معها، الامر الذي دفع البعض في ولايتها (آلاسكا) لاتهامها بأنها متعجرفة و«لم تعد سارة التي نعرفها» واخيراً منعها من القاء خطاب الاقرار بالهزيمة بعد ظهور نتائج الانتخابات. لكن مسؤولين في الحزب الجمهوري اعربوا عن استيائهم الشديد من الكتاب ووصفوا ما اوردته بيلين بأنه «من نسج خيالها».
وهناك من ينظر الى الكتاب باعتباره اشارة مبكرة لخوض بيلين سباق الرئاسة ضد الرئيس اوباما في انتخابات 2012، لكن البعض يشكك في هذا الاحتمال، خاصة ان بيلين فتحت في كتابها النار على مؤسسة الحزب التي سيكون بيدها القرار في اختيار مرشحه لانتخابات الرئاسة عام 2012.
لقد وجدت بيلين نفسها محاصرة وسط فريق من المستشارين الذين وصفتهم بالقوى الخفية التي تفرض سلطتها دون ان يعرف احد «من هي واين هي هذه القيادة؟» لقد ضاقت بيلين ذرعا بتعسف هذه القيادة، فتمردت عليها، ومن هنا ربما جاء عنوان الكتاب: «الخروج على الاعراف».
وقد فسر آخرون اصدار بيلين لهذا الكتاب على انه مجرد وسيلة لكسب المال وتحقيق الشهرة والبقاء في الاضواء، بعد ان عجزت عن فعل ذلك اثناء الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري والتي قالت انها شعرت اثناءها انها كانت «اسيرة».
ومها يكن من امر، فإن بيلين في كتابها الصادر عن دار هاربر كولينز والذي اشيع انها حصلت مقدما على حقوق نشر تصل الى خمسة ملايين دولار تغرق في التفاصيل ذات الصلة ببدايات شغلها الوظائف الحكومية ثم رئاسة بلدية مدينة «وسيلة» ومن ثم فوزها بمنصب حاكمة ولاية آلاسكا، ومع ذلك ظلت بعيدة عن الاضواء الاميركية والعالمية، الى ان اعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين عن اختيارها لخوض السباق معه كنائبة للرئيس في اغسطس 2008.
وقد ارتأت «القبس» ترجمة اجزاء مختارة من الكتاب وتقديمها لقرائها على حلقات.
حين دخلتُ السياسة من باب المجلس البلدي لمدينة وسيلة، لم اكن أُجيد نُطق اسم رئيس البلدية. وتواصل نشاطي السياسي على المستوى الوطن والقومي بيد أنني انشغلت في دراستي الجامعية ومن ثم حين عدت وتزوجت انشغلت في تربية الاطفال، كان قد تم انتخاب جون شتاين لمنصب رئيس البلدية.
ويعود الفضل الى نيك كارني الناشط المحلي ورئيس غرفة تجارة وسيلة في دخولي سكة الخدمة العامة. فهو ابن المدينة وزوجته تترأس ادارة المكتبة المحلية، وكانا من ابرع لاعبي الغولف ويهويان ارتداء ملابس الغولف اينما ذهبا داخل المدينة.
وقد استعان بي نيك في حملته الانتخابية عام 92 لعضوية مجلس بلدية وسيلة المؤلف من ستة اعضاء. وعرفني على مجموعة كان تبحث عن المرشحين من الشباب التقدمي، وقد أيدت هذه المجموعة المدعومة من احدى الصحف المحلية، ترشيح كل من نيك ورئيس البلدية شتاين.
ولم يكن من الصعب ايجاد شاب متحمس وشجاع من المدينة، لكن الصعب ان تجد من يكون من هؤلاء لديه الرغبة في الخوض في مستنقع السياسة المحلية. وقد تحدثت مع زوجي تود عن رغبتي في خوض المعترك لان المدينة بدأت تكبر وتضطلع بدور اكبر من نطاق حدودها، في وقت لم يكن المسؤولون فيها يفعلون شيئا يواكب هذا التطور منذ وقت طويل. ايدني تود في توجهاتي لانه كان يدرك انني سوف أحدث فرقا.
حملتي الانتخابية الاولى كانت مثيرة وركزت فيها على جهود تقليص ضريبة الممتلكات واعادة تحديد دور الحكومة. وكنت اصطحب ولدي الصغيرين ترك وبريستول معي اثناء تحركي عبر الشوارع المغطاة بالثلوج، لزيارة العائلات منزلا منزلا لأطلب تأييدهم ومساندتهم لي.
خياران
وفي ذلك الوقت، لم تكن في مدينة وسيلة قوات شرطة، فكان لا بد من قيام هذه القوة، وكان هناك خياران لتمويل هذه القوة فاما زيادة ضريبة الدخل او فرض ضريبة على المبيعات. ولم اكن اوافق على أي منهما، لكني كنت افضل الثانية على الاولى اذا اضطررنا الى هذا الخيار. ولذلك ايدت في حملتي فرض ضريبة مبيعات بنسبة 2% مع تقليص متزامن لضريبة الدخل. وفي النهاية، تم تمرير الخيار الثاني، وبعد ظهور نتائج الانتخابات فزت أنا ونيك بعضوية المجلس.
وذهبت بعد ظهور النتائج لمقابلة رئيس البلدية واتفقنا على ان نكون حليفين ولكن هذا لم يحدث لأسباب كثيرة، حيث وجدنا انفسنا متباعدين على غير صعيد.
ومكثت في عضوية المجلس البلدي ثلاث سنوات وترشحت وفزت بالعضوية ثانية، ثم بدأت الخلافات تظهر بوضوح بيني وبين رئيس البلدية شتاين حول مستقبل المدينة وحجم المجلس والقطاع الخاص وضريبة الدخل ووتيرة نمو الحكومة وغير ذلك.
في صبيحة يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001، ولم يكن قد مضى وقت طويل على فوزي بمنصب رئيس البلدية، اتصلت بي ادارة الشرطة، لتطلب مني الاستماع الى الاخبار، حيث شاهدنا الهجمات الارهابية على مركز التجارة الدولي والبنتاغون على الهواء مباشرة.
كان نشاطي في الخدمة العامة قد بدأ ببلدية وسيلة وامتد حتى توليت منصب حاكمة ولاية الاسكا، ولم تكن طموحاتي تتعدى حدود الولاية حتى تلك الامسية من ايام اغسطس 2008 حين اتصل بي جون ماكين.
تطور طبيعي
كان الظلام حالكا حين حطت بنا الطائرة في ولاية اريزونا، حيث مسقط رأس السيناتور جون ماكين في مساء يوم السابع والعشرين من اغسطس 2008، وانتقلنا انا ومساعدي وصديقي كريس بيري وبمساعدة من احد مسؤولي حملة ماكين ديفيس وايت، من الطائرة الخاصة الى فان زجاج نوافده مظللة؟
اتجهنا الى المنزل الخاص ليوب ديلغادو، صديق ماكين والرئيس التنفيذي لشركة هنسلي HENSLEY& Co التي تتولى توزيع البيرة لشركة سيندي ماكين زوجة جون.
ومع وصولنا، كانت تسري الاشاعات بان ماكين يدرس اختياري اضافة الى قائمة اخرى من الاسماء لخوض الانتخابات الى جانبه نائباً للرئيس، ولكني كنت مشغولة في مهامي بولاية الاسكا، ولم يكن في الوارد التفكير بمثل هذا الامر.
وكنت التقيت ماكين في يناير 2008 اثناء المؤتمر القومي لحكام الولايات في واشنطن، وتبادلنا زوجي تيد وانا اطراف الحديث مع السيناتور ماكين وزوجته سيندي، وتطرق الحديث الى الامور العائلية وأُعجبت بتواضع زوجته.
واصر السيناتور ماكين على ان نناديه بالاسم جون فقط، وكنت من المعجبين به منذ زمن طويب لمواقفة المستقلة وحرصه على امن بلادنا، لقد كنت اكن له احتراماً شديداً، ووجدنا فيه - زوجي وانا - ذلك الرجل اللطيف والجدير بالاحترام والذي ما زال شعلة متوقدة من النشاط لم يهن لعقود من العمل السياسي في واشنطن او سنوات السجن في فيتنام التي ناهزت الخمس سنوات، وبدا مليئا بالالهام والفرح الداخلي، وهو ما لمسته بنفسي اثناء الحملة الانتخابية.
ولسبب او لآخر لم يفاجئني اتصال ماكين بي حين تم اختياري لمنصب نائب الرئيس، وكنت اعتقد ان ذلك لم يكن سوى تطور طبيعي، حيث كنت اعتقد انها مسألة وقت قبل ان يصعد احد من الاسكا الى مركز المسرح السياسي في واشنطن.
وبعد المكالمة الهاتفية من ماكين بدأ تود ومساعدي بالعمل من اجل ترتيب لتأتي به بعيدا عن اعين الاعلام الذي لم يترك منزلا او مكتبا للمرشحين المحتلين لهذا المنصب الا وداهمه قبل خمسة ايام فقط على موعد انعقاد المؤتمر القومي للحزب الجمهوري، لدرجة التنصت على مكالمات والدة جو بايدن الذي اختاره الرئيس اوباما فيما بعد، لمنصب نائب الرئيس.
لكن اسم سارة بيلين كان مستبعدا تماما من حسابات الصحافة.
ومع ذلك، واجهت صعوبة في التحرك بعيدا عن اعين الصحافيين المحليين، وكذلك في ابقاء الامور سرا بالنسبة لطاقم موظفي المحافظة، فقد كنت دائما على رأس عملي ونادرا ما اتغيب عن العمل حتى ان الموظفين كانوا يجلبون لي المعاملات الى المستشفى حين وضعت ابني كي اوقع عليها. ولذلك يصعب علي تفسير اي غياب عن العمل.
ولدى مناقشة الامر مع فريق ماكين اقترحوا ان يقوم زوجي - لدى مغادرتي - بالاستيلاء على الهواتف النقالة لابنائي الثلاثة.
أصل الصراع
وحين وصلت الى اريزونا، استقبلنا بوب وادخلنا الى منزل جميل وتعرفنا على شيف شميدت الذي ابلغني انه عمل مساعدا في الحملات الانتخابية لكل من ارنولد شوارزنيغر وديك تشيني وجورج دبليو بوش (في حملته الانتخابية الثانية). وعلمت فيما بعد انه وراء انقاذ الحملة الانتخابية لجورج بوش عام 2004 حين اصيبت الحملة بنكسة اثر المناظرة التي خرج منها مهزوما امام منافسه الديموقراطي جون كيري.
وجلس الى جانب شميدت، صديق وكاتب السيرة الذاتية للسيناتور ماكين، مارك سالتر، ولفت نظري اهتمامه بادق التفاصيل، كما علمت انه واحد من القلائل الذين يمكنهم تغيير رأي ماكين.
جلسنا في غرفة المعيشة وتحدثنا اولا عن موقفي من الحرب على العراق وسجل مواقفي من الطاقة وعن اقتصاد الاسكا. وناقشنا تشكيلة حكومتي هناك والتي كانت تضم بين اعضائها جمهوريين ومستقلين وديموقراطيين.
لقد اعجبت بالفريق الذي جمعتني به تلك الجلسة، وعرفت انهم كانوا على علم بحمل ابنتي بريستول وقال لي شميدت «عليك ان تدركي ان شيئا لن يظل سراً اثناء الحملة الانتخابية» فأجبته: «حسنا ليس لدي ما اخفيه» وسألني شميت ان كنت افهم اصل الصراع في العراق وتاريخ الشرق الاوسط ومصدر الخلاف الذي تفجر بشكل دموي بين السنة والشيعة».
كنت اعرف تاريخ الشرق الاوسط للمدى الذي يعرفه معظم الاميركيين، ثم تحدثنا عن توقعاتي المستقبلية، ثم تبين لي ان اهتمام شميت ينصب على الصراع في الشرق الاوسط وكان يبدو ضليعا في معرفة التفاصيل، وتولد لدي الشعور بأن فريق ماكين يعتقد ان الحرب في العراق ستبقى في مركز مسرح الاحداث لبعض الوقت.
تحدثنا عن الاجهاض وابديت موقفي المعارض له وكذلك لزواج المثليين بيد انني اوضحت انني اعتقد ان هذه امور شخصية ولا تستوجب اتخاذ مواقف مناهضة ممن يختارون مثل هذه المسالك.
امور مشتركة
وكان فريق ماكين قد عين ارثر كالفاماوس المسؤول السابق في البيت الابيض في عهد رونالد ريغن رئيسا لفريق اختيار نائب الرئيس، الفريق الذي وجه لي مئات الاسئلة حتى تولد لدي الاحساس بأن اي شخص يخضع لاستجواب هذا الفريق سيكشف عن ادق خطأ ارتكبه يوماً ما في حياته، حتى في سنين عمره المبكرة! وليس ذلك فقط بل سيجد الشهود والصور والبصمات التي تثبت هذا الخطأ.
وعودة الى النقاش في غرفة المعيشة مع شميدت وسالتر، فقد تحول النقاش الى موضوع اصل النشوء، فانا لا اؤمن بنظرية داروين بأن الانسان اصله قرد، بل اؤمن ان الانسان هو من خلق الله وهو القادر على خلق الاشياء وعلى جعلها تتطور وتتأقلم. لقد كنت ارغب في التأكيد لفريق حملة ماكين انه ليس بوسعهم ان يضعوا الكلمات في فمي.
وفي اليوم التالي توجهنا الى مزرعة ماكين في سيدونا وكان الطقس جميلا هناك وودت لو امشي سيرا على الاقدام بدلا من ركوب الحافلة التي اقلتنا الى هناك، وحين وصلنا الى منزل السيناتور كان ماكين في استقبالنا وسط الاشجار الجميلة وجدول من المياه المنسابة باللون الاحمر بسبب لون الصخور التي تجري عليها المياه.
وبادرني ماكين بالسؤال ما رأيك في الترشح لمنصب نائب الرئيس؟ اجبت «انني سأفعل كل ما في وسعي لخدمة بلدي» فقال «لكن الامر سيكون شاقا على عائلتك» قلت «اعرف ذلك وانا متأكدة من ذلك» وقلت في نفسي ان ابنائي كبروا كما ان زوجي يقدم لي المساعدة في العناية بهم، وسألني ماكين عن موقف زوجي فأبلغته انه يقدم لي كل الدعم والتشجيع».
لقد شعرت انا وماكين ان هناك اموراً مشتركة تجمعنا، فهو يفتخر بكونه مستقلا بأفكاره وكذلك انا وهذه الاستقلالية تعطينا القدرة لعمل ما هو صحيح بصرف النظر عن رضا او استياء هذا التيار او ذاك في الحزب الجمهوري.
وبالنسبة لي فإنني لا ادين لاي مؤسسة سياسية بالوصول الى ما وصلت اليه، وفي الواقع وصلت الى منصبي في ألاسكا من باب المعارضة المباشرة للمؤسسة السياسية.
لقد انضمت الى الاجتماع سيندي زوجة ماكين التي اعجبت بقصة حياتها، فوالدها كان فقيراً ثم كون ثروة كبيرة جعلها تنشأ ثرية لكنها كانت تلتزم بمساعدة المحتاجين وانشأت جمعية طبية لمساعدة الاطفال المرضى في الولايات المتحدة ودول العالم الثالث والدول التي مزقتها الحروب، بل انها تبنت احد هؤلاء الاطفال الفقراء حتى اصبح واحداً من افراد العائلة.
وبعد دقائق معدودات انفرد ماكين بمساعديه سالتر وشميدت ودار بينهم نقاش معمق، ثم تركهم ماكين وجاء الى البهو فجلس الى جانبي وعرض علي المنصب رسميا.
أوباما عديم الخبرة
وفي التاسع والعشرين من اغسطس، الذي يصادف عيد ميلاد ماكين ووسط حشد هائل من الصحافيين وعدسات الكاميرا في دايتون بولاية اوهايو، اعلن ماكين عن اختيار سارة بيلين لخوض السباق معه نائبة للرئيس، وكنت اجلس خلفه برفقة زوجي تود واربعة من ابنائي الخمسة، ثم قال لنا، انه شديد السعادة لانه يدلي بهذا الاعلان المهم في دايتون في يوم عيد ميلاده، ثم دعاني لالقاء كلمتي.
واتجهنا من اوهايو الى مينيسوتا حيث مقر انعقاد المؤتمر القومي للحزب الجمهوري عام 2008 واستقبلني عضو حملة ماكين في المطار واصطحبني الى فندق هيلتون حيث اقمنا في جناح مؤلف من غرفتين واحدة لي وتود والاخرى للبنات.
وخلال اول يومين تقابلت مع مسؤولي حملة ماكين، ومنهم ستيف شميدث وكريس ادواردز ومارك واليس وزوجته نيكول وراندي شونمان وستيف بيغان الذي قال انه يلازم ماكين منذ خوضه انتخابات الرئاسة التمهيدية عام 2000 وعمل مستشارا لشؤون الأمن القومي لعدد من اعضاء الكونغرس ومسؤولي البنتاغون.
اما ستيف بيغان فقد كان مديرا لمكتب رئيس لجنة الشؤون الخارجية وامضى ثلاث سنوات في مجلس الأمن القومي الاميركي في عهد جورج دبليو بوش وكان هناك لدى وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وكان ستيف خبيرا في الاتحاد السوفيتي السابق ومن ثم روسيا وعاش في موسكو لعدة سنوات. وتحدث الاثنان معي عن باراك اوباما قائلين انه يفتقر للخبرة في مجال السياسة الخارجية، بينما امتلك انا مثل هذه الخبرة، كرئيسة بلدية وحاكمة لولاية الاسكا، فضلا عن خبرتي في مجال الأمن الوطني والادارة والحكم.
واصطلح على تسمية طاقم الموظفين الذي يعمل مع نائبة الرئيس باسم الفريق ب، بينما فريق ماكين هو الفريق أ، وفي وقت مبكر من الحملة زارنا شميدت في جناحنا بالفندق وعرفني على اندرو سميث الذي قالت لي انه سيكون رئيسا لحملتي الانتخابية، وحين سألت تبين لي انه كان يعمل في سوق نيويورك للاوراق المالية ولم تكن لديه خبرة في مجال الحملات الانتخابية.
لقد دهشت لكثير من الاشياء التي رأيتها في الحملة الانتخابية ولم اكن معتادة عليها مثل الاعتناء بأدق التفاصيل المتعلقة بالملابس التي سأظهر فيها اثناء الحملة والنزول في افخم الفنادق، بينما لم اكن معتادة على ذلك في الاسكا ذات الفنادق المتواضعة. وفوجئت بشاشات التلفزة الضخمة حتى في الحمامات، وفي لحظة ما وبينما كنت اغسل اسناني في الحمام سمعت المذيع في احدى القنوات التلفزيونية يعلن عن «نبأ عاجل.. وكان ذلك النبأ ان ابنة المرشحة لمنصب نائب الرئيس الصغيرة بريستول حامل».
ولم يكن النبأ مفاجئا لعائلتنا واصدقائنا ولا لحملتنا الانتخابية، ولم نحاول قط اخفاء هذا الحدث حتى بافتراض انه بامكاننا ان نفعل، ولكن كنا نرغب في الاعلان عنه بطريقتنا الخاصة.
لقد ادركت حينئذ اننا اصبحنا في وضع دفاعي وما فاجأني ان الحملة التي كان لها علم بالمسألة لم تعد خطة للتعاطي مع الحدث بشكل بناء، لا سيما انها قصة لها تأثيرها في الكثير من المراهقات في الولايات المتحدة..
تأليف: سارة بيلين
(المرشحة الجمهورية لمنصب نائبة الرئيس في انتخابات عام 2008)
الحلقة الثانية:
منعوني طوال الحملة من الإشادة بالرئيس جورج بوش
الخارجة على الأعراف ( 2 ) منعوني طوال الحملة من الإشادة بالرئيس جورج بوش
ترجمة وإعداد: محمد أمين
تباينت الآراء حول الغرض من اصدار المرشحة الجمهورية لانتخابات الرئاسة الاميركية سارة بيلين بهذه السرعة، لكتابها الذي هو اشبه بالمذكرات او السيرة الذاتية بعنوان: Going Rogue: An American Life او «الخروج على الأعراف: حياة مواطنة أميركية» الذي اثار جدلا واسعا في اوساط الرأي العام الاميركي وسخطا كبيرا داخل الحزب الجمهوري ومخاوف من تمزق الحزب.
يقول الكاتب في واشنطن بوست ماثيو كونتنيتي في استعراضه للكتاب: «اذا كنت من محبي سارة بيلين فسوف تحب الكتاب، وان لم تكن فلن تحبه ابداً! لقد اصدر الكثير من السياسيين كتبا مثل كتاب بيلين، ولم يعبأ بهم احد، اذ فعل ذلك كل من نانسي بيلوسي وهاري ريد وبيل فيرست وجون اشكروفت ومايك هاكابي وجو بايدن وهنري واكسمان وغيرهم.. وسرعان ما اختفى الكتاب.. وانصرف السياسي الى شؤونه الخاصة، ولكن بيلين شأن مختلف».
على اي حال يرى البعض في كتاب بيلين، محاولة لاعادة الاعتبار لنفسها، بعد ان اظهرتها وسائل الاعلام بالساذجة وقليلة الخبرة في السياسة الخارجية، وبعد حملة الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها من الصحافة الاميركية ووصلت حد السخرية منها، لا سيما حين اعد لها ممثل كوميدي كندي مقلبا بادعائه ان المتصل كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهي الحادثة التي وصفها مسؤول كبير في حملة جون ماكين بــ «الحدث الخطير الذي كاد يدمر الحملة برمتها».
يقرأ البعض الكتاب على انه تصفية حساب مع مساعدي ماكين الذين مارسوا سلطة تعسفية معها اثناء الحملة لدرجة التدخل في الملابس التي ترتديها واملاء الخطابات عليها وحظر اجراء المقابلات معها، الامر الذي دفع البعض في ولايتها (آلاسكا) لاتهامها بأنها متعجرفة و«لم تعد سارة التي نعرفها» واخيراً منعها من القاء خطاب الاقرار بالهزيمة بعد ظهور نتائج الانتخابات. لكن مسؤولين في الحزب الجمهوري اعربوا عن استيائهم الشديد من الكتاب ووصفوا ما اوردته بيلين بأنه «من نسج خيالها».
وهناك من ينظر الى الكتاب باعتباره اشارة مبكرة لخوض بيلين سباق الرئاسة ضد الرئيس اوباما في انتخابات 2012، لكن البعض يشكك في هذا الاحتمال، خاصة ان بيلين فتحت في كتابها النار على مؤسسة الحزب التي سيكون بيدها القرار في اختيار مرشحه لانتخابات الرئاسة عام 2012.
لقد وجدت بيلين نفسها محاصرة وسط فريق من المستشارين الذين وصفتهم بالقوى الخفية التي تفرض سلطتها دون ان يعرف احد «من هي واين هي هذه القيادة؟» لقد ضاقت بيلين ذرعا بتعسف هذه القيادة، فتمردت عليها، ومن هنا ربما جاء عنوان الكتاب: «الخروج على الاعراف».
وقد فسر آخرون اصدار بيلين لهذا الكتاب على انه مجرد وسيلة لكسب المال وتحقيق الشهرة والبقاء في الاضواء، بعد ان عجزت عن فعل ذلك اثناء الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري والتي قالت انها شعرت اثناءها انها كانت «اسيرة».
ومها يكن من امر، فإن بيلين في كتابها الصادر عن دار هاربر كولينز والذي اشيع انها حصلت مقدما على حقوق نشر تصل الى خمسة ملايين دولار تغرق في التفاصيل ذات الصلة ببدايات شغلها الوظائف الحكومية ثم رئاسة بلدية مدينة «وسيلة» ومن ثم فوزها بمنصب حاكمة ولاية آلاسكا، ومع ذلك ظلت بعيدة عن الاضواء الاميركية والعالمية، الى ان اعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين عن اختيارها لخوض السباق معه كنائبة للرئيس في اغسطس 2008.
وقد ارتأت «القبس» ترجمة اجزاء مختارة من الكتاب وتقديمها لقرائها على حلقات.
تذكرت عبارة للمرشح باراك أوباما يقول فيها ان اسرته يجب ان تظل بعيدة عن التناول الاعلامي، وقد احترمت الصحافة رغبته وتركت طفلتيه وشأنهما، كما هو التقليد السائد في الولايات المتحدة.
وأبلغتني احدى مسؤولات الحملة وتدعى ماريا ان ادارة الحملة قررت اصدار بيان رداً على التقارير الصحفية حول بريستول، وسلمتني نسخة من البيان الذي سوف يصدر باسمي، وورد فيه «نحن ندرك ان ذلك سيجعل بريستول تكبر اسرع مما كنا نرغب ولكننا فخوران بقرارها وفخوران اكثر لاننا أصبحنا جداً وجدة». فشعرت بالصدمة وقلت لماريا ان هذه ليست الرسالة التي نرغب في نقلها، فنحن لا نرغب في ان نبدو سعداء لحمل طفلة مراهقة، وامسكت بالقلم واخذت في اجراء تعديلات على النص المكتوب بحيث وازنت بين حبنا لبريستول وقلقنا من حملها، وسلمتها النص المعدل لتنقله الى ادارة الحملة.
اتصلت بي بريستول غاضبة لان «العالم كله علم بالحمل» فحاولت التخفيف عنها وأعربت عن اسفي للتسبب في ذلك، وقلت لها انني سوف أناقش المسألة معها لاحقاً، وحين عدت الى نشرات الاخبار التلفزيونية فوجئت بانها تذيع نص البيان الاول قبل تعديله، فلم افهم ما الذي يجري وكذلك ماريا التي أعربت عن دهشتها لما تسمع وترى، وقالت «لقد اعطيتهم النص الذي أُدخلت عليه التعديلات ولا أفهم ما الذي جرى».
رسالة واضحة
لقد كانت الرسالة واضحة من ذلك، فادارة الحملة مسؤولة عن ذلك، واذا كانوا يحجرون عليّ التعبير عن رأيي في موضوع يتعلق بعائلتي، فعن اي موضوع سيسمحون لي بالحديث؟!
ربما يكون خطأ غير مقصود، وقلت ان الشك لايزال في مصلحة المتهم حتى يتبين ماذا حدث، ولكن بعد عدة حوادث صغيرة مماثلة، سألت شميت عما تسمح ولا تسمح لي الحملة بالحديث فيه، لقد كان شميت شديد الانشغالات، فجاء رده «اتبعي التعليمات وحسب».
وهناك في الاسكا، تظاهر آلاف الصحافيين عقب اعلان ماكين اختياري لمنصب نائب الرئيس في التاسع والعشرين من اغسطس 2008، وبدأوا ينبشون ادق التفاصيل عن حياتي وحياة افراد عائلتي من اجل الحصول على اي معلومة يحققون بها سبقا صحفيا.
واتذكر ان خصمي في الانتخابات البلدية جون شتاين وصفني في مقابلة خاصة بانني افرض الرقابة على بعض الكتب، وانني ابث افكارا دينية في ممارستي للعمل السياسي. وهذا احدث عاصفة شديدة، حيث اصبحت المتدينة المتشددة ولم يعبأ احد من المراسلين بالتدقيق في صحة هذه المعلومات. ولكن سرعان ما تلاشى الاتهام لي بانني افرض الرقابة والمنع على بعض الكتب، لان بعض هذه الكتب التي وردت في قائمة على شبكة الانترنت، لم تكن قد نشرت اصلا! وهكذا، بدأت تحاك الاكاذيب ضدي، الكذبة تلو الكذبة والتي كان من السهل تفنيدها لو بذلت الصحافة ادنى جهد في ذلك. واما بالنسبة لحمل طفلتي المراهقة، فوجئت ببعض الاصوات الليبرالية التي تحولت فجأة الى اصوات محافظة تنتقد الحريات الممنوحة للابناء، وتساءل احد هذه الاصوات: «اذا كانت بيلين غير قادرة على ضبط ابنتها، فكيف يمكنها ان تصبح رئيسة للولايات المتحدة؟».
حرب تبشيرية
لقد اخطأ الاعلام في التعاطي مع الكثير من المسائل المتعلقة بي وبأسرتي، واتهموني باتخاذ مواقف لم اتخذها في ما يتعلق بالتعليم الجنسي في المدارس، وبانني وصفت الحرب في العراق بانها تبشيرية وتهدف الى تنفيذ ارادة الله، ولكن كان ذلك تحريفا لما قلته في احدى الكنائس المحلية.
لقد هيمنت مثل هذه التقارير المسيئة والمهينة لي على وسائل الاعلام التي اخذت تكررها المرة تلو الاخرى. ونشرت صحف التابلويد وغيرها عناوين بشعة بكثرة حتى اصبح القارئ العادي يعجز عن التمييز بين الحقيقي والوهمي في هذه المعمعة. وفي الاسكا، لم تكن بريستول قادرة على متابعة القنوات التلفزيونية التي تستضيف المحللين الذين اخذوا يتحدثون عن «الحمل الذي قد يغير نتائج انتخابات الرئاسة الاميركية».
لقد كان الخطاب الذي القيته في المؤتمر القومي للحزب الجمهوري نتاج عمل فريق كامل يرأسه ماثيو سكولي الذي سبق له العمل في ادارة جورج بوش. وهو ينتمي الى التيار المحافظ في الحزب، ومخلص في عمله الى درجة التفاني. لقد كان يكتب الخطابات وكأنها اشعار، لكنني ادخلت بعض التعديلات على خطاب المؤتمر.
وبعد ان انتهيت من القاء خطابي فاجأنا ماكين بالصعود الى المنصة وسلم علي وعلى زوجي وابنائي، وفي الليلة الثانية، اعلن قبوله ترشيح الحزب له، وكانت عائلتانا حاضرتين بمن فيهما والدة السيناتور روبرتا ماكين.
وبعد ايام اثيرت قصة اختيار وسيلة الاعلام التي ستحظى باول مقابلة معي كمرشحة لمنصب نائب الرئيس. اقترح بعضهم اعطاء المقابلة لكاتي كوريك من محطة «سي. بي. اس»، لكنني اقترحت ان نعطي الافضلية في نقل رسالتنا عبر محطة فوكس وصحيفة وول ستريت جورنال، وذلك انسجاما مع توجهات واستراتيجية الحزب. وفي النهاية، فان القرار ليس لي في اختيار وسيلة الاعلام التي سأعطيها هذا السبق.
لقد اكتشفت ان ماكين شخص متفرد في شخصيته وافكاره، وقال انه اختارني لانني اتمتع بغرابة ما، ولذلك ففي وقت مبكر من الحملة الانتخابية، كنت اتصل بالمعلقين الاذاعيين بوب ليستر ومارك كولافيشيو اللذين كانت تربطني بهما صلات قديمة، وكثيراً ما اتبادل الاتصالات معهما، اضافة الى ايدي بورك من محطة اذاعية منافسة، حين يكون لدي ما اود الاعلان عنه، او حين يرغبون في طرح اسئلة علي حول قضايا ساخنة.
وكانت تربطني علاقات طيبة مع رجال الاعلام على المستويين المحلي والقومي، وكنت استجيب لطلباتهم بالتواجد في مقر حاكمية الولاية خلال دقائق اذا لزم الامر، وكان لدى كثير من الصحافيين رقم هاتفي النقال الخاص، كما ان لدي ارقام هواتفهم، هكذا كانت صلتي بالصحافيين في الاسكا.
بطل قومي
اتصلت بالاعلامي بوب ليستر وفرح كثيرا حين عرفني، وقدمته الى جون ماكين الذي تبادل معه حديثا مازحا على الهواء مباشرة، ووصفه ليستر بأنه بطل قومي ينبغي لكل من يجلس الى جانبه ان يشعر بالفخر، ولكن احد مسؤولي حملتنا الانتخابية اعترض على ذلك وطلب عدم تكراره.
ولم افهم سبب اعتراض مسؤولي الحملة، فهذا ما كان يفعله اصدقائي معي حين كنت في مناصبي الرسمية في الاسكا، ولم يخطر ببالي انني اقوم بسلوك غير مناسب، خاصة وان مسؤولي حملة ماكين اطلقوا عليها شعار «قطار الصراحة» Straight Talk Express والصراحة هي التي كانت معروفة عن ماكين، ومعروف عنه ايضا اتاحة الفرصة للصحافة للوصول اليه وتوجيه اي سؤال في اي وقت له.
واظن ان ماكين لم يكن ليعارض ما قمت به، ولكن لمسؤولي الحملة رأيا اخر، وكانوا يشعرون بحساسية استثنائية من حديثي لوسائل الاعلام في الاسكا، فأبلغت مسؤول الحملة ذات يوم ان جزءا من مهامي كحاكمة لولاية الاسكا ان ابقى على تواصل مع جمهور الناخبين عبر الاعلام المحلي.
ورد علي شميت بالقول ان «لولاية الاسكا ثلاثة اصوات في المجمع الانتخابي، ولست بحاجة للاتصال بهم ثانية» هكذا كانت شخصية شميت، وقد احترمتها واحترمت رغبته.
وكانت الناطقة باسمي في الاسكا ميغان ستابلتون تضغط باتجاه الحصول على اذن رسمي من الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري، لاعطاء مقابلات للمراسلين الذين كنت اتحدث اليهم اسبوعيا، وعلى مدى سنوات، وقد كانت ميغان تعمل معي في مكتب الحاكمية، وتعرف ان من اهم اولوياتي، الاتصال مع جمهور ناخبي حتى اثناء خوضي الحملة لانتخابات الرئاسة.
تقارير سلبية
ابلغتني ميغان ان احدى محطات الاذاعة في الاسكا تريد ان تبعث بمراسل لها الى مينوسوتا مهما كانت التكلفة، لاجراء مقابلة مع المرشحة لمنصب نائب الرئيس، وواصلت محاولاتها مع ادارة الحملة إلى درجة التوسل لهم بالسماح لي بالاجابة عن ثلاثة اسئلة فقط هي: «كيف تشعرين؟» «وكيف تجدين الوضع الآن؟» و«ما رسالتك لسكان الاسكا»؟ ولكن ادارة الحملة رفضت ذلك على اساس ان وسائل الاعلام على المستوى القومي، قد تلتقط المقابلة وتحوك حولها كثيرا من اللغط والتأويل.
وهذا ما توقعناه بالضبط واتفقت مع ميغان على استراتيجية تقضي بأن تأخذ وسائل الاعلام القومية ما تريده مني من صحافيين يعرفونني وكتبوا التقارير عني منذ سنوات.
وربما يساعد ذلك في مواجهة سلسلة التقارير السلبية التي حفل بها الاعلام الاميركي عني.
ولكن ذلك لم يحدث، بيد ان ميغان واصلت اتصالاتها بمسؤولي حملة ماكين لاسابيع طويلة ولكن دون جدوى، وفي النهاية ثبت ان هذه السياسة ألحقت ضررا كبيرا بحملتنا من خلال التكهنات التي كانت تدور هنا وهناك بسبب غياب الشفافية، وانتهت وسائل الاعلام في الاسكا الى انني أتجاهلها او ربما أتكبر عليها، وكانت صديقتي في وسيلة إعلام كريستيان كول تدافع عني وتستضيف الصحافة في منزلها للتحدث نيابة عني، وربما كانت مهمتها سهلة لو وافقت ادارة حملتنا على السماح لي بالحديث الى الصحافة المحلية في الاسكا.
واذكر انني سافرت لحضور اجتماع لحكام الولايات، وكان بعضهم يقف خلفي وسمعتهم يقولون انها لمناسبة عظيمة تلك التي جمعتهم مع حاكمة ولاية تسعى لدخول البيت الابيض.
ورأيت احد الصحافيين من الاسكا واقتربت للحديث معه لكنني فوجئت بأحد مسؤولي الحملة يمسك بيدي ويردد على مسامعي: «لا. لا. لا» واثناء خروجي رأيت الصحافي ذاته الذي ذكرني انه من الاسكا، ولكن اثنين من المرافقين لم يسمحا لي بالاقتراب منه، ودفعاني بسرعة الى السوبر بان التي تقلنا، لقد كانت طريقة تفتقر الى اللياقة تلك التي تصرف بها مسؤولو الحملة.
أطلقوا سراح سارة
وفي تقرير متلفز، حول الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري، قال احدهم ان «سارة بيلين التي نعرفها لم يعد لها وجود، لكن الوضع لم يكن كذلك وان كنت لا الوم من تحدث عني بهذه الطريقة.
وفي الاسبوع الثالث من سبتمبر، انطلقت حملة «اطلقوا سارة» واتسعت دائرة انتقادات الصحافة لقرار فريق ماكين بالتضييق علي وعلى عائلتي، وطاقم موظفي حاكمية الاسكا وحتى اصدقائي المقربين، وفي هذه الاثناء، كان السؤال يطرح نفسه بقوة متصاعدة حول وسيلة الاعلام التي تحظى بالمقابلة الاولى مع شخصية كبيرة مرشحة في الحزب بعد ان كنت قد رشحت محطة فوكس وصحيفة وول ستريت جورنال.
حاولت نيكول اقناعي باعطاء المقابلة الاولى لكاتي من CBS وقالت لي انها سبق ان التقت كاتي التي عبرت لها عن اعجابها بي كونها امرأة عاملة مثلي، وعندها بنات مراهقات مثلي، وقالت لي نيكول انها تعرف كاتي جيدا لانها عملت معها وكانت نيكول قد تركت عملها مع CBS قبل عدة اشهر، للالتحاق بحملة جون ماكين، وكان علي ان اثق بخبرتها في المجال السياسي على المستوى القومي.
ولكن كان هناك شيء ما يحيرني وهو انها كلما تذكرت سنوات عملها في البيت الابيض وحين عملت ناطقة باسم الرئيس جورج بوش (الابن) لم تكن لتقول اي شيء ايجابي عن الرئيس او عن تجربتها في البيت الابيض عموما، وفي كل مرة اردت فيها الاشادة بجهود بوش لحماية الأمن القومي كنت امنع من ذلك، وكان يُقال لنا «لا يمكن الحديث في هذا الموضوع» ولا اعرف ان كان هذا من بنات افكار نيكول أم من سياسة الحملة؟
قالت لي نيكول ان كاتي بحاجة ماسة الى هذه الحملة من اجل تعزيز موقعها في المحطة، بعد ان عانت خلال الفترة الماضية الاحباط والنبذ، وانها تمر الآن بظروف صعبة، قلت في نفسي «وما علاقة ذلك بحملة جون ماكين الانتخابية؟». وكررت نيكول على مسامعي ان «كاتي بحاجة الى من يحبها.. انها بحاجة الى محبتك».
وبعد أن تكرر ذلك على مسامعي، شعرت بالأسف لحالها، فقد حاولت كاتي اتخاذ خطوة جريئة في مجال الصحافة والإعلام لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفنها.
وفي هذه الاثناء استمر الحظر على وصولي الى وسائل الإعلام، لكنني اتصلت بإحدى الصديقات وطلبت منها تزويدي بأرقام هواتف عدد من كبار رموز الإعلام، وبالفعل، تمكنت من الاتصال بكل من راش ليمبا ولورا انغراهام وشين هاينتي ولاري كارلو الذي تبين لي فيما بعد انه نيل كافوت وليس كارلو.
وأثناء السفر بطريق الجو كان يحظر علي الاتجاه إلى مؤخرة الطائرة للحديث مع الصحافيين والإعلاميين، حيث كان ذلك محظورا بصورة تامة.
امرأة متعددة المهام
أما تريسي المسؤولة في الحملة فكانت تحظى باعجاب الجميع لأنها امرأة ذات مهام متعددة. فقد كانت مشغولة دائما بالتفكير بالخطوة الاستراتيجية التالية.
وقد جمعتني احدى رحلات الحملة ذات يوم مع تريسي اضافة إلى طاقم التصوير المتواجد دائما، وقيل لنا أن المرشحة لمنصب نائب الرئيس تصعد السلم وحدها ثم تدير ظهرها إلى ارض المطار لتلوح للمؤيدين ثم تدخل الى الطائرة. ولكن في ذلك اليوم، سارت إلى جانبي وصعدنا السلم معا ونحن منهمكتان في حوار ثنائي ونسينا البروتوكول، وحين لوحت للمودعين، فعلت الشيء ذاته معي. فلفت مسؤولو الحملة انتباهنا الى الخطأ الذي ارتكبناه.
واثناء تنقلاتي في الطيران برفقة بناتي الصغيرات، اصبحت علاقات مودة تربطهن برجال وسيدات الصحافة المرافقين، وكثيرا ما كن يذهبن إلى مؤخرة الطائرة حيث المكان المخصص للصحافيين.
وفي كل مناسبة، كان المرافقون من مسؤولي المحلة يشرحون لي ما فعلته بشكل جيد وما أخفقت فيه، فكنت اقول لهم انني كثيرا ما أنسى انني اخوض الحملة كنائبة للرئيس واتصرف بصفتي حاكمة لولاية الاسكا.
ولم تمنعني مسؤولياتي في الحملة الانتخابية من زيارة القاعدة العسكرية في فورت وينرايت حيث ابني يستعد من هناك للذهاب إلى العراق، من أجل وداعه قبل السفر، فلا شيء يمكن أن يمنعني من ذلك.
الحلقة الثالثة
الهاكرز كادوا أن يدمروا الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري
تأليف: سارة بيلين
(المرشحة الجمهورية لمنصب نائبة الرئيس في انتخابات عام 2008)
• مستشار ماكين قال لي «ما عليك سوى اتباع التعليمات»!
الخارجة على الأعراف (3) الهاكرز كادوا يدمرون الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري
ترجمة وإعداد: محمد أمين
تباينت الآراء حول الغرض من اصدار المرشحة الجمهورية لانتخابات الرئاسة الاميركية سارة بيلين بهذه السرعة، لكتابها الذي هو اشبه بالمذكرات او السيرة الذاتية بعنوان: Going Rogue: An American Life او «الخروج على الأعراف: حياة مواطنة أميركية» الذي اثار جدلا واسعا في اوساط الرأي العام الاميركي وسخطا كبيرا داخل الحزب الجمهوري ومخاوف من تمزق الحزب.
يقول الكاتب في واشنطن بوست ماثيو كونتنيتي في استعراضه للكتاب: «اذا كنت من محبي سارة بيلين فسوف تحب الكتاب، وان لم تكن فلن تحبه ابداً! لقد اصدر الكثير من السياسيين كتبا مثل كتاب بيلين، ولم يعبأ بهم احد، اذ فعل ذلك كل من نانسي بيلوسي وهاري ريد وبيل فيرست وجون اشكروفت ومايك هاكابي وجو بايدن وهنري واكسمان وغيرهم.. وسرعان ما اختفى الكتاب.. وانصرف السياسي الى شؤونه الخاصة، ولكن بيلين شأن مختلف».
على اي حال يرى البعض في كتاب بيلين، محاولة لاعادة الاعتبار لنفسها، بعد ان اظهرتها وسائل الاعلام بالساذجة وقليلة الخبرة في السياسة الخارجية، وبعد حملة الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها من الصحافة الاميركية ووصلت حد السخرية منها، لا سيما حين اعد لها ممثل كوميدي كندي مقلبا بادعائه ان المتصل كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهي الحادثة التي وصفها مسؤول كبير في حملة جون ماكين بــ «الحدث الخطير الذي كاد يدمر الحملة برمتها».
يقرأ البعض الكتاب على انه تصفية حساب مع مساعدي ماكين الذين مارسوا سلطة تعسفية معها اثناء الحملة لدرجة التدخل في الملابس التي ترتديها واملاء الخطابات عليها وحظر اجراء المقابلات معها، الامر الذي دفع البعض في ولايتها (آلاسكا) لاتهامها بأنها متعجرفة و«لم تعد سارة التي نعرفها» واخيراً منعها من القاء خطاب الاقرار بالهزيمة بعد ظهور نتائج الانتخابات. لكن مسؤولين في الحزب الجمهوري اعربوا عن استيائهم الشديد من الكتاب ووصفوا ما اوردته بيلين بأنه «من نسج خيالها».
وهناك من ينظر الى الكتاب باعتباره اشارة مبكرة لخوض بيلين سباق الرئاسة ضد الرئيس اوباما في انتخابات 2012، لكن البعض يشكك في هذا الاحتمال، خاصة ان بيلين فتحت في كتابها النار على مؤسسة الحزب التي سيكون بيدها القرار في اختيار مرشحه لانتخابات الرئاسة عام 2012.
لقد وجدت بيلين نفسها محاصرة وسط فريق من المستشارين الذين وصفتهم بالقوى الخفية التي تفرض سلطتها دون ان يعرف احد «من هي واين هي هذه القيادة؟» لقد ضاقت بيلين ذرعا بتعسف هذه القيادة، فتمردت عليها، ومن هنا ربما جاء عنوان الكتاب: «الخارجة على الاعراف».
وقد فسر آخرون اصدار بيلين لهذا الكتاب على انه مجرد وسيلة لكسب المال وتحقيق الشهرة والبقاء في الاضواء، بعد ان عجزت عن فعل ذلك اثناء الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري والتي قالت انها شعرت اثناءها انها كانت «اسيرة».
ومها يكن من امر، فإن بيلين في كتابها الصادر عن دار هاربر كولينز والذي اشيع انها حصلت مقدما على حقوق نشر تصل الى خمسة ملايين دولار تغرق في التفاصيل ذات الصلة ببدايات شغلها الوظائف الحكومية ثم رئاسة بلدية مدينة «وسيلة» ومن ثم فوزها بمنصب حاكمة ولاية آلاسكا، ومع ذلك ظلت بعيدة عن الاضواء الاميركية والعالمية، الى ان اعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين عن اختيارها لخوض السباق معه كنائبة للرئيس في اغسطس 2008.
وقد ارتأت «القبس» ترجمة اجزاء مختارة من الكتاب وتقديمها لقرائها على حلقات.
جلست إلى جانب العشرات من العائلات التي كانت تنتظر بدء الحفل الوداعي لابنائها وبناتها الذين سيتم نشرهم في العراق. وحاولت أن أعثر على ابني «تريك» من بين المئات من الجنود في زيهم الرسمي فلم أستطع.
وكان تود قد سبقني مع بقية افراد العائلة الكبيرة إلى القاعدة العسكرية من أجل توديع تريك والتقاط الصور التذكارية معه. ولكن كان علي الاقتناع برؤيتهم من بعيد بسبب البروتوكول. لقد تولدت لدي أحاسيس غريبة، وشعرت وكأنني أسيرة.
وحين بدأ الحفل وتتابعت الفعاليات، جاء الدور عليّ لإلقاء كلمتي، لكن إدارة الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري كانت تخشى من أن تستغل الصحافة أي سقطة في كلمتي تلك، ولذلك طلبوا مني تسليمهم نسخة من الخطاب قبل إلقائه. وفي نهاية الحملة، نظرت أنا وطاقم مرافقي في الحملة إلى بعضنا وتساءلنا «من تكون هذه الإدارة؟».
ولحسن الحظ أن إدارة الحملة كانت راضية عن الرسالة التي تضمنها خطابي الذي اقترحت فيه شجاعة الجنود والتزامهم وتضحياتهم من أجل بلادهم وسألت الله أن يحميهم.
وفي السابع عشر من سبتمبر عقدنا جون وأنا اجتماعا مع أهالي ولاية ميتشيغان، وهو الاجتماع الشعبي الأول لي من هذا النوع في مشوار حملتي الانتخابية. فهذا النوع من الاجتماعات مع الأهالي هو ما أتقنه وما اعتدت عليه وما حقق لي النجاحات في آلاسكا.
هاكر
وأتيحت لي الفرصة في ميتشيغان لتوجيه الشكر إلى عائلة هولمز التي كان يقيم لديها ابني تريك اثناء دورة الهوكي التي شارك فيها بالولاية عام 2006، وقد أحسنت الأسرة وفادة ابني حينذاك، فقلت في نفسي انني يجب أن اشكر الولاية على رعاية ابني آنذاك، وأن أقول لهم ان والدته تلتزم بالعمل من أجلكم الآن.. وكان باراك أوباما يتقدم على ماكين في الولاية بفارق حوالي 15 نقطة، لكني كنت واثقة من أننا سنغير اتجاه الولاية بعد هذا الاجتماع.
وبينما كنت مع زوجي تود في احد فنادق ميتشيغان شاهدنا تقريرا عن تعرض رسائلي الالكترونية الخاصة إلى الاختراق من قبل «الهاكرز»، وما هي إلا دقائق معدودات حتى جاءنا شميدت مع عدد من مرافقيه الأمنيين، وقد تجهمت ملامحه، فخشيت أن يكون قد حدث مكروه لابنائي في آلاسكا. وكنت على علم بمضايقات الصحافيين والمصورين لابنتي بريستول منذ اذاعة التقرير عن حملها.
قال لي شميدت أن رسائلي تعرضت للاختراق وأن «الهاكرز» بدأ ينشر رسائلي الخاصة على الانترنت اضافة الى صور خاصة بي. ولم يتوقف الأمر على رسائلي، بل شمل رسائل زوجي وابنائي وبناتي، فضلاً عن نشر رقمي الوطني ومعلومات أخرى شديدة الخصوصية.
لقد أصبت بالذعر وأنا أرى رسائلي الالكترونية وعناوين المرسلين والمستقبلين تُعرض على شاشات التلفزة ليراها الملايين من الناس حول العالم بما في ذلك أفكار احدى الصديقات التي تبث لي أحزانها بسبب الطلاق.
ضغوط هائلة
ومن الرسائل الأخرى التي ظهرت على شاشة التلفزة، حوار دار بيني وبين بريستول حول حملها وأخرى نناقش فيها تود وأنا الوضع الصحي لابننا تريك، وأخرى ابلغ فيها ابنتي ويلو أنه ليس بوسعها الذهاب الى الجامعة بسيارة أحد زملائها. فكل هذه الموضوعات الحساسة ذات الطبيعة الخاصة أصبحت في متناول الفضائيات وفضاء الانترنت.
وتبيّن أن «الهاكرز» الذي اخترق بريدي الالكتروني هو طالب جامعي وابن عضو الكونغرس الديموقراطي عن ولاية تينيسي الذي برر فعلته بالقول ان «سارة بيلين شخصية عامة» وتوالت التعقيبات على ما حدث على شاكلة: «كان عليها أن تتوقع حدوث مثل هذا الشيء» واذا كانت قلقة فلا بد من وجود شيء تخفيه. وكان علينا الغاء كل محتوى «ايميلاتنا» وتعين على كل الاصدقاء والاقارب تغيير البريد الالكتروني لكل منهم. ومرة أخرى، قررت ادارة الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري مصادرة الهواتف النقالة لابنائي.
لقد اعتبرت عملية اختراق بريدي الالكتروني الاكثر اثارة للاضطراب وتثبيطاً في الحملة الانتخابية، وخلقت حالة من الشلل في حملتي لأنها اوقفت اتصالاتي الالكترونية مع طاقم موظفي حاكمية ولاية الاسكا، والأسوأ من ذلك أنه لم يعد بوسعي الاتصال بابنائي بمن فيهم تريك الذي سيغادر مع القوات التي سيتم نشرها في العراق. وبفضل ما فعله «الهاكرز» أصبح ابنائي يتلقون الرسائل البذيئة والتهديدات من خلال البريد الالكتروني والهاتف النقال، الأمر الذي اثار مخاوفي عليهم جميعاً، لقد كان أمراً يثير الغثيان.
هذا الحادث وضع ضغوطاً هائلة على الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري برمتها. تحرّك شميدت وآخرون للتصدي لما حدث بالرغم من اعتقادهم بأن التقارير المتفرقة التي احتوت عليها رسائلي الالكترونية المخترقة قد «تدمر حملة ماكين». ولكن لا توجد رسائل قد تجرمني في بريدي الالكتروني المنشور على الفضائيات وفي الشبكة الالكترونية، ومع ذلك ادى هذا الحادث الى نشر الرعب وعدم الثقة في أوساط قيادة الحملة. وقد اعترف «الهاكرز» فيما بعد أنه كان يبحث عن شيء يمكن استغلاله لتدمير حملتي الانتخابية، وقد ذكر هذا الحادث الكثيرين في حملتنا بحوادث سابقة تعرضت فيها مقرات الحملات الانتخابية للاقتحام.
زخم متصاعد
ولم يتضح لي الزخم الذي كان يتصاعد على مستوى البلاد، الا حين توقفنا في منطقة القرى بالقرب من مدينة ليدي ليك بولاية فلوريدا التي تعتبر من اكبر تجمعات المتقاعدين في الولايات المتحدة، فهذه منطقة متكاملة الخدمات وفيها الفنادق والمطاعم والبحيرات ومراكز التسوق وملاعب الغولف، ومجتمعها منخرط بشكل نشط في السياسة، ولذلك اصبحت محط اهتمام المرشحين والسياسيين، خاصة من الحزب الجمهوري، لان هذه الولاية جمهورية الهوى في المعتاد.
وحين زرتها لم اكن اتوقع ان اجمع جمهورا يزيد على خمسة الاف شخص، ولكنا فوجئنا بأن العدد وصل الى ستين الفا، ولما وصلنا الى الساحة التي سألتقي بها الجمهور، لم أر سوى بحر واسع من العربات الكهربائية التي يستخدمها لاعبو الغولف امتد لاميال بعيدة على طول الشارع.
لقد فوجئت بالعدد الكبير من الحضور الذي لم يتمكن اوباما، ولا ماكين من جمعه قبل ذلك، وهو ما دفع بكثيرين إلى التساؤل عن السبب؟ وقد استغرق الوصول الى مسرح الاستاد الرياضي اكثر من عشر دقائق بسبب الزحام، واقتراب الناس مني لمصافحتي والتحدث معي، لقد اعتدت على التحدث امام حشود جماهيرية منذ ما يقارب العقدين من الزمن، لكني لم اشهد مثل هذا الحشد الضخم من قبل.
وحين وصلنا الى المسرح اخيراً، تعين علي ان التقط انفاسي لبعض الوقت من شدة الاجهاد، وبدأت بإلقاء خطابي وسط درجة حرارة ورطوبة عاليتين، لكن تجاوب هذه الحشود الضخمة معي جعلني لا اشعر بصعوبة هذا الطقس، وبعد الانتهاء من الخطاب لم اتمكن من المغادرة الا بعد ساعة ونصف الساعة، وسمعت بعض النسوة يهتفن وانا اشق طريقي عبر الحشود، فتقول احداهن: «زوجي في العراق» واخرى تقول «لدي ابنة من ذوي الاحتياجات الخاصة» وثالث يصرخ: «لا اريد ان افقد وظيفتي» وسمعت طفلا يقول: «لقد غادرت المدرسة من اجل رؤيتكم».
لقد وقف في استقبالي الآلاف من عمال النفط وسائقي الشاحنات والبنائين ومهندسي الديكور والاطباء والمدرسين والممرضات وضباط الشرطة، واخذت اسلم على الجميع واوقع الاوترغرافات، وقد شعرت قوة الحماية بالذعر لاقترابي من الجمهور واحتكاكي بهم، لكن لم يساورني اي خوف من محاولة لاغتيالي.
وحين استقللنا الحافلة في طريق العودة رأينا الآلاف من الناس يصطفون على طرفي الشارع وعلى طول عدة اميال، وكانوا يهتفون ويلوحون بأيديهم، ويرفعون الاعلام الاميركية والبالونات، كما تبعت الحافلة المئات من عربات الغولف الكهربائية للاعراب عن تأييدهم.
لقد قضينا وقتا طويلا مع الناس الذين جاءوا للاعراض عن مناصرتهم، الامر الذي اغضب منظمي الحملة الانتخابية الذين اعتبروا اننا «غير متعاونين» ولكننا لم نقصد ذلك ابدا، بل كان في بالنا رد الجميل لهذا الجمهور العريض الذي وقف الى جانبنا.
أميركا أولاً
عند اختيار شعار «البلاد اولا» كان يأمل فريق ماكين ان يجعل الامن القومي الموضوع المركزي للحملة، وان تتميز عن شعار «لوموا أميركا أولا» الذي طرحه البعض.
وقد اكتسب هذا الشعار أهمية استثنائية بعد التصريح الذي أدلت به ميشيل أوباما في فبراير 2008 من أنها شعرت آنذاك بالاعتزاز ببلدها للمرة الأولى في حياتها. فأنا لم افهم تصريحها ذاك. وحاولت الحملة كذلك تسويق ماكين كبطل حرب، وأفضل من يحكم أميركا وهي تخوض حربين في آن معا.
ولكن الأزمة الاقتصادية في مطلع سبتمبر 2008 طغت على الحرب في العراق وأفغانستان، وتبعتها أزمة الرهن العقاري وتوابعها على الاقتصاد الأميركي. وقد أوقف ماكين حملته لبعض الوقت من أجل حضور مؤتمر قمة اقتصادي عاجل في واشنطن. وفي هذه الأثناء اجرت «سي.بي.اس» مقابلة معي، لكني فوجئت أنها بثت الأجزاء الأسوأ من هذه المقابلة، واقتطعت منها ما يجعلها تبدو مبتورة ومشوهة وغير دقيقة.
لقد كنت اعرف ان الكثير من وسائل الاعلام الخاضعة لليبراليين تشوه مواقفي ومواقف جون ماكين طوال الحملة الانتخابية، لا سيما حول القضايا الاجتماعية. واعتقدت انه ليس بوسعهم تشويه مواقفي من الوضع الاقتصادي، لانها مبنية على الحقائق، ولكني كنت مخطئة.
وحين حاولت كاثي كوريك من CBS اظهاري بعدم امتلاك خبرة في مجال الشؤون الخارجية، واجبتها بان لي تعاملات كثيرة مع روسيا وكندا ودول اخرى، حاولت التقليل من شأن اجاباتي واظهاري بالساذجة، خصوصا حين قلت لها اننا يمكن ان نرى روسيا من الاسكا، وكنت اقصد المعنى المجازي للكلمة. فالتعاملات التي يجريها حكام الولايات الاميركية في معظمها تتصل بالشأن الخارجي. ولم اشأ الاشارة الى اسهامات الاسكا في الاقتصاد الاميركي ومساعدتها في تقليص الاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية وقانون الحفاظ على توازن وتطوير الحياة البرية في الاسكا.
لكن كاثي لم تبد اهتماما بمناقشة مثل هذه القضايا، وحين تحدثت عنها لم تذعها. ولكن حين تحدثت عن اختراق طائرة فلاديمير بوتين للمجال الجوي لولايتي، اتصلت CBS على المسؤول الروسي عن خط سير طائرة بوتين ووصفت ما قلته بالادعاءات غير الدقيقة. وحين تحدثت عن الشريط الضيق الذي يفصل الاسكا عن الدول الاخرى، اوردت CBS ان خفر السواحل هم المسؤولون عن الحدود وليست بيلين!
إصلاح الشاذين بالصلوات!
ويبدو ان كاثي ومعظم وسائل الاعلام الاخرى، كانت تهدف الى تصيد الاخطاء عليّ، وحدث ذلك في اكثر من مقابلة اجريت معي بعد ذلك.
فبعد ايام، كنت في تجمع انتخابي وبعد انتهاء الحفل، فوجئت بكاثي تنتظرني وبيدها الميكرفون وتصنعت ابتسامة صعبة وايقنت استراتيجية الاعلام المتمثلة بتجاهل التقارير الصحافية الموضوعية والتركيز على التقارير المبنية على اجندة حزبية.
سألتني كاثي عن الصحف والمجلات التي اقرأها بانتظام قبل انضمامي لحملة ماكين، فاجبتها على مضض بانني اقرأ معظمها. فاعادت السؤال: وماذا تقرأين تحديدا؟ قلت اقرأها جميعا. اي صحيفة او مجلة تقع عليها يداي طوال السنوات الماضية.
ولم تكن التقارير دقيقة بانني لم اكن راغبة في الاجابة على اسئلة كاثي، ولكن كانت طريقتها في التحدث معي باستعلاء، كانت تستفزني كثيرا، وكانت تتعامل وكأنها اقتنصت وافدا بدائيا من قبيلة لم تكن مكتشفة من قبل. ولكن كان يتعين عليّ ضبط اعصابي وعدم اظهار غضبي على الملأ، لان عمل ذلك سيمثل عدم احترام للمشاهدين الذين اختاروا متابعة المقابلة من اجل التعرف عليّ كمرشحة لمنصب نائب الرئيس.
لقد طرحت عليّ السؤال حول الصحف والمجلات التي اقرأها ثلاث مرات وكنت اجيبها في كل مرة انني استقي الاخبار من مصادر متنوعة.
وعلى مدى اشهر عدة اجريت معي الكثير من المقابلات، لا سيما بعد انهيار شركة AGIA وسئلت حول قضايا الطاقة والامن من قبل الكثير من وسائل الاعلام بما فيها صحيفة نيويورك تايمز التي سبق لي ان كتبت فيها حول قضية اخرى في وقت سابق من العام، ولا اعرف ان كانت كاثي قد قرأت المقالة ام لا.
الحلقة الرابعة:
كاتي كوريك سألتني عن الإجهاض 12 مرة بطرق مختلفة
تأليف: سارة بيلين
(المرشحة الجمهورية لمنصب نائبة الرئيس في انتخابات عام 2008)
• الجمهوريون بنوا حملتهم على ركيزتين: ماكين بطل قومي وأميركا في خطر
الخارجة على الأعراف (4) كاتي كوريك سألتني عن الإجهاض 12 مرة بطرق مختلفة
• ناديت بايدن بـ «أوبايدن» فتعرضت لحملة سخرية من الإعلام
ترجمة وإعداد: محمد أمين
تباينت الآراء حول الغرض من اصدار المرشحة الجمهورية لانتخابات الرئاسة الاميركية سارة بيلين بهذه السرعة، لكتابها الذي هو اشبه بالمذكرات او السيرة الذاتية بعنوان: Going Rogue: An American Life او «الخروج على الأعراف: حياة مواطنة أميركية» الذي اثار جدلا واسعا في اوساط الرأي العام الاميركي وسخطا كبيرا داخل الحزب الجمهوري ومخاوف من تمزق الحزب.
يقول الكاتب في واشنطن بوست ماثيو كونتنيتي في استعراضه للكتاب: «اذا كنت من محبي سارة بيلين فسوف تحب الكتاب، وان لم تكن فلن تحبه ابداً! لقد اصدر الكثير من السياسيين كتبا مثل كتاب بيلين، ولم يعبأ بهم احد، اذ فعل ذلك كل من نانسي بيلوسي وهاري ريد وبيل فيرست وجون اشكروفت ومايك هاكابي وجو بايدن وهنري واكسمان وغيرهم.. وسرعان ما اختفى الكتاب.. وانصرف السياسي الى شؤونه الخاصة، ولكن بيلين شأن مختلف».
على اي حال يرى البعض في كتاب بيلين، محاولة لاعادة الاعتبار لنفسها، بعد ان اظهرتها وسائل الاعلام بالساذجة وقليلة الخبرة في السياسة الخارجية، وبعد حملة الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها من الصحافة الاميركية ووصلت حد السخرية منها، لا سيما حين اعد لها ممثل كوميدي كندي مقلبا بادعائه ان المتصل كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهي الحادثة التي وصفها مسؤول كبير في حملة جون ماكين بــ «الحدث الخطير الذي كاد يدمر الحملة برمتها».
يقرأ البعض الكتاب على انه تصفية حساب مع مساعدي ماكين الذين مارسوا سلطة تعسفية معها اثناء الحملة لدرجة التدخل في الملابس التي ترتديها واملاء الخطابات عليها وحظر اجراء المقابلات معها، الامر الذي دفع البعض في ولايتها (آلاسكا) لاتهامها بأنها متعجرفة و«لم تعد سارة التي نعرفها» واخيراً منعها من القاء خطاب الاقرار بالهزيمة بعد ظهور نتائج الانتخابات. لكن مسؤولين في الحزب الجمهوري اعربوا عن استيائهم الشديد من الكتاب ووصفوا ما اوردته بيلين بأنه «من نسج خيالها».
وهناك من ينظر الى الكتاب باعتباره اشارة مبكرة لخوض بيلين سباق الرئاسة ضد الرئيس اوباما في انتخابات 2012، لكن البعض يشكك في هذا الاحتمال، خاصة ان بيلين فتحت في كتابها النار على مؤسسة الحزب التي سيكون بيدها القرار في اختيار مرشحه لانتخابات الرئاسة عام 2012.
لقد وجدت بيلين نفسها محاصرة وسط فريق من المستشارين الذين وصفتهم بالقوى الخفية التي تفرض سلطتها دون ان يعرف احد «من هي واين هي هذه القيادة؟» لقد ضاقت بيلين ذرعا بتعسف هذه القيادة، فتمردت عليها، ومن هنا ربما جاء عنوان الكتاب: «الخارجة على الاعراف».
وقد فسر آخرون اصدار بيلين لهذا الكتاب على انه مجرد وسيلة لكسب المال وتحقيق الشهرة والبقاء في الاضواء، بعد ان عجزت عن فعل ذلك اثناء الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري والتي قالت انها شعرت اثناءها انها كانت «اسيرة».
ومها يكن من امر، فإن بيلين في كتابها الصادر عن دار هاربر كولينز والذي اشيع انها حصلت مقدما على حقوق نشر تصل الى خمسة ملايين دولار تغرق في التفاصيل ذات الصلة ببدايات شغلها الوظائف الحكومية ثم رئاسة بلدية مدينة «وسيلة» ومن ثم فوزها بمنصب حاكمة ولاية آلاسكا، ومع ذلك ظلت بعيدة عن الاضواء الاميركية والعالمية، الى ان اعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين عن اختيارها لخوض السباق معه كنائبة للرئيس في اغسطس 2008.
وقد ارتأت «القبس» ترجمة اجزاء مختارة من الكتاب وتقديمها لقرائها على حلقات.
وواصلت كاتي مقابلتها معي داخل الحافلة التي تقلّنا من مكان إلى آخر للقيام بحملتنا الانتخابية. وتحوّل الحديث حول القضايا الاجتماعية. سألتني كاتي هل يمكن اصلاح الشاذين جنسيا بالصلوات؟ فقلت في نفسي، ما هذا السؤال الغريب؟ ولا أظن أنها كانت تبحث عن إجابة لهذا السؤال، لأنها قاطعتني خمس مرات وصبرت على ذلك بعد أن كدت أفقد أعصابي. ثم سألتني عن الإجهاض أكثر من اثنتي عشرة مرة!
وكنت أجيبها بأقصى ما أستطيع من الاحترام والجلَد. وفي كل مرة كنت أكرر مواقفي المناهضة للاجهاض والمؤيدة للمرأة والمؤيدة للتبني. وفي كل مرة كانت كاتي تعيد طرح الأسئلة ثانيا وثالثا وعاشرا مع اختلاف بسيط في صياغة السؤال.
فمثلا سألتني عن رأيي في فتاة تعرضت للاغتصاب وتريد أن تجهض؟ قلت ثانية انني سوف أنصحها بالاحتفاظ بالجنين، ولكني في الوقت ذاته لا أعتقد بمعاقبة من تختار الاجهاض.
أوردت كاتي رأيي، لكنها تجاهلت جزءا مهما من جوابي وهو أن علينا أن نقف إلى جانب المرأة في هذه الظروف الصعبة وتقديم الدعم لها.
مضيعة للوقت
ولم تكتف كاتي بذلك وطرحت السؤال ثانية وثالثة ورابعة. وكنت ابتعدت عن الصحافة لردح طويل من الزمن، ويبدو أن القواعد فيها قد تغيرت كثيرا. لقد شعرت بالمرارة لمدى انحطاط بعض الصحافيين ليس فقط لتعاملهم غير المنصف معي ومع ماكين بل مع جمهور الناخبين كذلك.
وأشار أحد مسؤولي حملتنا إلى أن كاتي كانت متساهلة جدا في مقابلة أجرتها في الوقت ذاته الذي أجرت المقابلة معي، مع جون بايدن وأنها لم تحاول المضي قدما في الأسئلة التي قدم عليها بايدن اجابات غير مقنعة أو غير مكتملة، وسمحت له بالتنديد بسياسة بوش الاقتصادية.
ومع ذلك، فإن احباطي الأكبر لم يكن الحاح كاتي أو الاقتطاع الانتقائي لمقابلاتي، بل كان احساسي بأن هذه المقابلات لم تكن سوى مضيعة للوقت، وان بإمكاني أن أفعل أشياء مفيدة بدلا منها.
وبعد وقت قصير سمعت تصريحا لكاتي جعلني أعرف كل ما كنت بحاجة لمعرفته، وما كان ينبغي لحملتي الانتخابية ادراكه. فقد تحدثت كاتي في نادي الصحافة القومي عن الاجواء الوطنية التي عمت البلاد في اعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، فقد انتقدت كاثي ارتداء الاعلام الاميركية والتحدث بالضمير «نحن» عند الحديث عن الولايات المتحدة كما انتقدت الحرب الاميركية على العراق.
وحين كنت استعد لاجراء اول مناظرة تلفزيونية مع المرشح الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس جون بايدن، كانت معظم وسائل الاعلام في واشنطن ونيويورك تتوقع ان اُمنى بالفشل الذريع في هذه المناظرة، وسمعت في هذه الاثناء ان شميدت وادارة حملتنا الانتخابية كانوا يشعرون بالاستياء من اختيار غوين ايفل لادارة المناظرة، وكانت التقارير تشير الى ان ايفل المراسلة السابقة لنيويورك تايمز تستعد لاصدار كتاب مؤيد لاوباما، ولم يكن ذلك ليقلقني، فأنا كنت في مناظرة مع بايدن وليس مع ايفل، وعلى اي حال، فإذا ابدت ايفل تحيزها فإن الجمهور سوف يكتشف ذلك بسهولة، كما ان الحملة عليها عدم الانشغال بمسألة تقع خارج نطاق سيطرتها.
إجابات عمومية
وعندما وصل الامر الى اسئلة المناظرة طلب مني مسؤولو الحملة تقديم اجابات عمومية، وحين قلت لهم ما الاجابات عن السؤال: كيف نكسب الحرب في افغانستان؟ قال لي احدهم: «ليس بالضرورة ان تجيبي عن هذا السؤال فهذه مسائل سياسية ينبغي ان تتفادي المجازفة بالدخول فيها»، وكانوا يريدون مني تقديم لا اجابات عن معظم اسئلة بدلا من الاجابات ووضعوا لي العديد من الخيارات التي لم اعرف ايها علي اختياره، فقلت لهم ان لدي خيارا افضل وهو تقديم اجابات فعلية، فمثلا، حول افغانستان يمكنني القول: نعم، يجب على الولايات المتحدة ان تلعب دوراً قيادياً لحفظ الامن الدولي، ويجب علينا تطوير مواردنا وقوتنا من اجل خير البشرية والا نعتذر عن حقيقة كوننا القوة الاولى في العالم.
لقد اكتشفت ان القليل من السياسيين هم الذين يجيبون عن كل الاسئلة بصدق واقتناع، بل ان معظمهم يدخل في لعبة ارضاء الجمهور، ولكنني كنت احب ان اكون من انا وان اجيب عن الاسئلة بما تمليه علي قناعاتي وهذا منحني الراحة ولم يضطرني لبذل جهد لتذكر الاجابة السابقة عن سؤال ما، كي لا اقع في التناقض، وقد نال ذلك اعجاب الصحافيين كذلك، لاني كنت اقول رأيي بصراحة واستقامة ومن دون لف او دوران.
ولكن بدا لي ان الامر مختلف في حملتنا التي كانت تبني استراتيجيتها على اساس الاستماع الى السؤال، ومن ثم محاولة الالتفاف عليه، ولكن محاولة الالتفاف هذه لم تكن لتعجب جميع القائمين على الحملة، فقد حدث ان فعلت ذلك مع سؤال طرحه احد الصحافيين، فما كان من مارك الا ان صرخ حين التقيته: خطأ، خطأ، خطأ ايتها الحاكمة! قلت له: «ماذا تعني بــ خطأ»؟ وماذا تريدني ان اقول؟ ولكن لم يكن هنا اتفاق بين الجميع على ما ينبغي قوله.
خلافات
وكنت اعتقد ان هذه الطريقة في ادارة الامور ليست ناجعة، وان لم اصرح لهم بذلك، وكانت ثمة خلافات داخل المعسكر الجمهوري بشأن اقتراحات مسؤولي الحملة للتعاطي مع الصحافة والاعلام عموماً.
فلم اكن بحاجة الى عدة خيارات للاجابة عن كل سؤال، كل ما كنت بحاجة اليه هو معرفة موقف جون ماكين من اي قضية بعينها، وحينها يمكنني تقديم اجابة تدعم موقف السيناتور ماكين او تمثل وجهة نظري القريبة والمتوافقة معه.
لقد كان يتعين على احدهم ابلاغ شميدت ان التحضيرات للمناظرة مع بايدن لم تكن تسير على ما يرام، فقد طلب مدير حملة ماكين، ريك دفيس ومدير حملتي شميدت الاجتماع بي، وفجأة شعرت بقشعريرة تسري في عروقي.
نظر شميدت اليّ وقال: «ليس لدينا المال الذي يملكه اوباما والارقام لا تبدو مريحة، وعلينا ان نغير الوضع».
قلت انني أؤيد ذلك بقوة وأتوق الى سماع استراتيجية جديدة، ومرة اخرى عاد الحديث عن قيادة الحملة التي تريد كذا وكذا، لقد زرت مقر هذه القيادة الغامضة في واشنطن ذات مرة، والتقيت عدداً من المتطوعين الرائعين الذين يعملون على مدار الساعة في حملة الحزب الجمهوري.
ولكن لم أتمكن من مقابلة الدائرة الداخلية في هذه القيادة، والتي تناورنا فيما بيننا بانها ربما لا تكون موجودة اصلاً!
لقد صادفنا نقطة مضيئة في فيلادلفيا تتمثل بجوزيف ليبرمان الذي زارنا في الفندق، وابدى دعمه وتشجيعه وكان برفقته كريس بيري، جلس السيناتور الى جانبي في الغرفة التي اقيم فيها في الفندق وقال بلطف: «كوني أنت، ولا تدعي أحدا يغيّرك، ولا تسمحي لهم بإملاء ما يجب عليك أن تقوليه أو تفعليه أو كيف تفكرين فيه». ضحكنا كريس وأنا معا لما سمعناه، وردّد ليبرمان على مسامعنا نصائح أخرى، كأن نثق بربنا ونعتمد عليه وكرر شعار ماكين «تمتعي بالحياة».
لقد أحسست بالصدق والعفوية والعمق في كلمات ليبرمان، لقد ذكرني هذا السيناتور الديموقراطي الذي انشق عن الحزب الديموقراطي وتحوّل إلى مستقل، بما ينبغي عليّ عمله في ظل حملة مملوءة بالخبراء والمهنيين الذين يديرون دفة أمور الحملة بأنفسهم ويجعلونك أشبه بالآلة.
وأما بالنسبة للمناظرة التلفزيونية مع بايدن، فقد تولى راندي شيونمان الخبير في شؤون السياسة الخارجية، الإعداد لها. وكان راندي قد رافقني لدى زيارتي للأمم المتحدة ومقابلتي لشخصيات مهمة من أمثال هنري كيسنجر ورؤساء باكستان وافغانستان والهند والرئيس كلينتون وعدد من أعضاء الكونغرس.
وكانت هيلاري كلينتون قد عانت الأمرّين من الإعلام اثناء الحملة الانتخابية لزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون، بينما تعامل الإعلام برفق مع ميشيل زوجة المرشح الديموقراطي باراك أوباما. أنا لا أتفق مع هيلاري كلينتون في الكثير من القضايا ولكني أرفع قبعتي احتراما لها على المجهود الكبير الذي بذلته في الحملة الانتخابية ضد أوباما، ويرى الكثير من الخبراء ان كلينتون جسدت مقولة مارغريت تاتشر: «اذا أردت أن تسأل عن شيء قيل، فابحث عن رجل وإذا أردت أن تسأل عن شيء أُنج.زْ فابحث عن امرأة».
أوبايدن
حذرني راندي ونحن بصدد التحضير للمناظرة الاولى مع جون بايدن، بأن الاخير يمتلك خبرة تمتد لاكثر من ثلاثة عقود في العمل السياسيي والحوار، وقال انه يحترم الرجل لمواقفه في الشؤون الخارجية، باستثناء اقتراحه الغريب بتقسيم العراق!
وانا احترم تجربة بايدن الطويلة، وان كنت ما ازال اذكر موقفه (مع عدد آخر من اعضاء الكونغرس) المعارض في السبعينات لخط انابيب الاسكا الذي يمثل شريان الحياة للولاية، وخلق الآلاف من فرص العمل للاميركيين، وكنت على مدى السنوات الماضية استمع الى مناقشات بايدن حول الطاقة وادركت ان مواقفه لم تتغير.
وناقشنا اثناء التحضير للمناظرة الكثير من قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي كالحرب في العراق وافغانستان والوضع في باكستان والحرب على الارهاب، وكنا ندرك ان الصحافة ستركز على هذه القضايا باعتبارها نقاط قوة لبايدن، وذلك بفضل تجربته الممتدة لثلاثين عاما في السياسة الخارجية!
اثناء التدريب على المناظرة مع بايدن اخطأت بالاسم فقلت السيناتور «اوبايدن» اي مزيج بين اوباما وبايدن، وهو الخطأ الذي استغله المعلق التلفزيوني الشهير جون لينو في برنامجه Jay Leno Show ونحصني مسؤول بالحملة بأن استخدم الاسم جو لمخاطبة بايدن لتفادي الوقوع في الخطأ اثناء المناظرة، وهو الذي سيكون كارثيا لو وقعت فيه بالفعل خلال المناظرة مع بايدن.
قلت انه لا يمكنني مخاطبته بالاسم جو، وهو السياسي العريق الذي يتبوأ مركزه في الكونغرس منذ كنت في التاسعة من عمري، واظن انه من غير اللائق مخاطبته باسمه الاول دون اذن منه، فاقترح علي راندي ان آخذ منه الاذن عند مصافحته في بداية المناظرة وفي هذه الحالة لن يمانع ابدا.
وهذا ما قررت ان افعله في نهاية المطاف، ووافق بايدن وبالفعل كانت اجواء المناظرة متوترة واستمرت الجلسة الاولى لتسعين دقيقة من دون توقف، وكنت اشعر بالارتباك والذهول الذي لم استفق منه الا حين رن هاتفي النقال لارد على ابني تريك، الذي اتصل بي من العراق، قلت له انني بصدد الدخول في المناظرة مع بايدن، قال لي انه سمع بذلك وسألني: «هل درست جيدا؟ ضحكت واجبته بنعم، قال: سوف اصلي من اجلك وانا واثق انك ستبلين بلاء حسنا، احبك. احبك يا ابني كثيرا، أغلقت الهاتف مع تريك وعاد لي شيء من الهدوء، فمهما كانت نتيجة المناظرة، ابني بخير، والحياة جميلة.
دعم إسرائيل
توجهنا الى حيث المناظرة في جامعة واشنطن، وتم تعريفي هناك على العشرات من الناس، من فنيين واداريين مثل مدير المسرح الذي ستقام عليه المناظرة، ومدير التصوير ومدير الانتاج... الخ.
واخذ فريق حملتي يضع اللمسات الأخيرة على المناظرة، حيث الملاحظات والاهتمام بالملبس والشعر والمكياج، والحرص على الاستعداد لأدق التفاصيل. واردت التركيز على خطط من لدني لانعاش الاقتصاد، والحفاظ على مبادئ السوق الحرة، وليس الاعتماد على الدعم ومشاريع الانقاذ الحكومية، واردت التركيز على رسالة قوة اميركا العسكرية، وضرورة دعم الحلفاء وخاصة اسرائيل.
اعطى كريس الاشارة لاخراج الصحافيين والمرافقين وغيرهم من الغرفة الخضراء، كي يمنحني هنيهة هدوء.
كنت متوترة، لكن كنت دائما الجأ الى شيء من الصلاة الروحية التي تخفف عني التوتر والقلق، ووجدت في ابنتي بايبر التي كانت ترافقني مصدر الهام وثقة، وأخذت تشد من ازري، وسألت الله ان يوفقني في المناظرة لقول ما يقنع المشاهدين بالتصويت لجون ماكين، وكان آخر ما قلته لابنتي والفريق المرافق: «صلوا من اجل ان اكسب المناظرة».
وصلت الى المنصة، ووقفت في المكان المخصص لي في المناظرة، بيد ان بايدن لم يكن قد وصل، فقلت في نفسي انها ربما استراتيجية منه للتأثير في نفسية الخصم.
واخيرا، ظهر بايدن بطوله البارع، وملامحة الواثقة وبدلته الداكنة، فأنا لم يسبق لي ان التقيته قبل اليوم، وحاولت ابداء اشارات ودية تجاهه، لكنه لم يحاول النظر الي، بل نظر الى الجمهور من خلفي، وحين أُعلن عن بدء المناظرة، تقدمت لمصافحة بايدن وطلبت منه الاذن لمناداته بالاسم الاول جو، وهكذا كان.
وبعد المناظرة انضمت عائلتي وعائلة بايدن الينا على المسرح، وجرى حديث ودي بيننا، حيث اتيحت لي الفرصة للتعرف علىزوجته وعائلته الرائعين حقا.
الحلقة الخامسة:
امتنعت عن مصافحة أوليفرستون حليف هوغو شافيز
تأليف: سارة بيلين
(المرشحة الجمهورية لمنصب نائبة الرئيس في انتخابات عام 2008)
كتاب
الخارجة على الأعراف . 5 . امتنعت عن مصافحة أوليفرستون حليف هوغو شافيز
• «صوت واحد لأوباما يغيّر العالم وحبة فياغرا لماكين تغيّر العالم»!
تأليف: سارة بيلين
(المرشحة الجمهورية لمنصب نائبة الرئيس في انتخابات عام 2008)
ترجمة وإعداد: محمد أمين
تباينت الآراء حول الغرض من اصدار المرشحة الجمهورية لانتخابات الرئاسة الاميركية سارة بيلين بهذه السرعة، لكتابها الذي هو اشبه بالمذكرات او السيرة الذاتية بعنوان: Going Rogue: An American Life او «الخروج على الأعراف: حياة مواطنة أميركية» الذي اثار جدلا واسعا في اوساط الرأي العام الاميركي وسخطا كبيرا داخل الحزب الجمهوري ومخاوف من تمزق الحزب.
يقول الكاتب في واشنطن بوست ماثيو كونتنيتي في استعراضه للكتاب: «اذا كنت من محبي سارة بيلين فسوف تحب الكتاب، وان لم تكن فلن تحبه ابداً! لقد اصدر الكثير من السياسيين كتبا مثل كتاب بيلين، ولم يعبأ بهم احد، اذ فعل ذلك كل من نانسي بيلوسي وهاري ريد وبيل فيرست وجون اشكروفت ومايك هاكابي وجو بايدن وهنري واكسمان وغيرهم.. وسرعان ما اختفى الكتاب.. وانصرف السياسي الى شؤونه الخاصة، ولكن بيلين شأن مختلف».
على اي حال يرى البعض في كتاب بيلين، محاولة لاعادة الاعتبار لنفسها، بعد ان اظهرتها وسائل الاعلام بالساذجة وقليلة الخبرة في السياسة الخارجية، وبعد حملة الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها من الصحافة الاميركية ووصلت حد السخرية منها، لا سيما حين اعد لها ممثل كوميدي كندي مقلبا بادعائه ان المتصل كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهي الحادثة التي وصفها مسؤول كبير في حملة جون ماكين بــ «الحدث الخطير الذي كاد يدمر الحملة برمتها».
يقرأ البعض الكتاب على انه تصفية حساب مع مساعدي ماكين الذين مارسوا سلطة تعسفية معها اثناء الحملة لدرجة التدخل في الملابس التي ترتديها واملاء الخطابات عليها وحظر اجراء المقابلات معها، الامر الذي دفع البعض في ولايتها (آلاسكا) لاتهامها بأنها متعجرفة و«لم تعد سارة التي نعرفها» واخيراً منعها من القاء خطاب الاقرار بالهزيمة بعد ظهور نتائج الانتخابات. لكن مسؤولين في الحزب الجمهوري اعربوا عن استيائهم الشديد من الكتاب ووصفوا ما اوردته بيلين بأنه «من نسج خيالها».
وهناك من ينظر الى الكتاب باعتباره اشارة مبكرة لخوض بيلين سباق الرئاسة ضد الرئيس اوباما في انتخابات 2012، لكن البعض يشكك في هذا الاحتمال، خاصة ان بيلين فتحت في كتابها النار على مؤسسة الحزب التي سيكون بيدها القرار في اختيار مرشحه لانتخابات الرئاسة عام 2012.
لقد وجدت بيلين نفسها محاصرة وسط فريق من المستشارين الذين وصفتهم بالقوى الخفية التي تفرض سلطتها دون ان يعرف احد «من هي واين هي هذه القيادة؟» لقد ضاقت بيلين ذرعا بتعسف هذه القيادة، فتمردت عليها، ومن هنا ربما جاء عنوان الكتاب: «الخارجة على الاعراف».
وقد فسر آخرون اصدار بيلين لهذا الكتاب على انه مجرد وسيلة لكسب المال وتحقيق الشهرة والبقاء في الاضواء، بعد ان عجزت عن فعل ذلك اثناء الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري والتي قالت انها شعرت اثناءها انها كانت «اسيرة».
ومها يكن من امر، فإن بيلين في كتابها الصادر عن دار هاربر كولينز والذي اشيع انها حصلت مقدما على حقوق نشر تصل الى خمسة ملايين دولار تغرق في التفاصيل ذات الصلة ببدايات شغلها الوظائف الحكومية ثم رئاسة بلدية مدينة «وسيلة» ومن ثم فوزها بمنصب حاكمة ولاية آلاسكا، ومع ذلك ظلت بعيدة عن الاضواء الاميركية والعالمية، الى ان اعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين عن اختيارها لخوض السباق معه كنائبة للرئيس في اغسطس 2008.
وقد ارتأت «القبس» ترجمة اجزاء مختارة من الكتاب وتقديمها لقرائها على حلقات.
في واشنطن، كنت استحم حين دقت الباب بيكسي وقالت ان ريك وارن على الخط وهو يحاول الاتصال بي بإلحاح. وناولتني سماعة الهاتف داخل الحمام، فأغلقت الدوش حتى لا يعرف المتصل انني استحم، فتحدث معي هذا المؤلف البارع مشجعاً ومؤيداً. ولم يكن وارن وحيداً في ذلك، بل كان الناس العاديون من الآباء والامهات والشباب هم الابطال الحقيقيون لحملتنا. فقد كانت رسائلهم والصور التي يبعثون بها لأطفالهم تشكل مصدر الهام ومساعدة لي. وما أزال أنا وزوجي نحافظ على اتصالاتنا ببعض هذه العائلات.
وقبل ثلاثة أيام من المناظرة بين ماكين وأوباما، واثناء توقف المرشح الديموقراطي باراك أوباما في مدينة هولندا بولاية أوهايو، وقف رجل يدعى جو وورزباشر ليسأله: أنا اخطط لشراء شركة تصل ارباحها السنوية الى 250-280 ألف دولار سنوياً، فهل تخطط لزيادة الضرائب عليّ؟ أجاب أوباما باختصار: نعم، واعتقد أن توزيع الثروة لأكبر عدد من الناس هو في مصلحة الجميع. وكان مصور قناة ABC قد سجل الحوار، وفي صباح اليوم التالي، وُل.د «السبّاك جو».
مشروع اشتراكي
وسرعان ما أدركت حملتنا أن جو يمثل الطبقة العاملة في أميركا التي تعمل بجد من أجل تحسين وضعها المعيشي وهي تحاول تحسين الوضع الاقتصادي أيضا، ويجب عدم معاقبتها بزيادة الضريبة عليها.
واثناء المناظرة الرئاسية بعد هذا الحدث بثلاثة أيام، تحدث كلا المرشحين عن جو السباك باعتباره رمزاً للعامل الأميركي. وبدأنا نلحظ اللافتات التي تعلن عن «راي المدرّ.س» و«جوس الحلاق» و«بيغي الممرضة» و«بوب الشرطي».. الخ، وكتب البعض عن جو السباك، واستاء البعض من تجاهل الاعلام لرّد جو على أوباما بأن «فكرة توزيع الثروة تبدو أشبه بالمشروع الاشتراكي».
بدأ الاعلام يتداول تقارير عن علاقات تربط أوباما بعدد من الشخصيات المثيرة للجدل، ومن بينها بيل آيرز، وهو الطالب الراديكالي الذي تورط في عام 70 بتفجير مقر شرطة نيويورك، ومبنى الكونغرس عام 71، والبنتاغون عام 72. وحين نشر آيرز مذكراته بعنوان «أيام التشرد» عام 2001، قال لصحيفة نيويورك تايمز «لست نادماً على مشاركتي في التفجيرات، بل اشعر أننا لم نفجر بما فيه الكفاية».
وقد وجدت المقابلة معه صدى واسعاً صبيحة هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وبدأت بعض المحطات التلفزيونية تورد خبراً عاجلاً عن علاقة صداقة تربط المرشح الديموقراطي لانتخابات الرئاسة وهذا الارهابي الذي ليس نادماً على ما اقترفته يداه. وحين تحدثت في هذا الموضوع، اتهمني اليسار باستخدام خطاب هابط، مع أن هذه اتهامات من ادارة الحملة الجمهورية وليست مني شخصياً.
اقترح البعض في حملتنا تنظيم تجمع في فيرجينيا يجمعنا مع كل أصحاب المهن الحرفية مثل جو السباك قبل عشرة ايام فقط من انطلاق الانتخابات، كي نشرح السياسة الضريبية للمرشح جون ماكين التي سوف تساعد أصحاب المشاريع الصغيرة.
سريالية
وبالمقابل، حين بدأت تينا فاي تقلدني في محاولة للسخرية من شخصيتي، ارتديت زيا يشبهها وقلت لفريق حملتي انني كنت تينا قبل أن تكون هي أنا! لقد وجدت شيئا من السريالية في محاولة تينا تقليدي، فأنا كنت من محبي هذا البرنامج SATURADAY NIGHT LIVE أثناء سنوات المراهقة. وكنت أحب فكرة أن أظهر مع جون ماكين في هذا البرنامج.
قالت تينا على لساني «انني رأيت روسيا من منزلي»، وهي العبارة التي لم تصدر عني أبدا. وقد أرسل لي بعض مواطني ألاسكا صورهم وهم على الشاطئ وقد كتبت على صدورهم كلمة روسيا، وتندروا بأنني يمكن أن أقطع البحر سباحة من ألاسكا إلى روسيا!
قررت أنا وفريق حملتي القيام بعرض مضاد لعرض تينا، على مسرح نيويورك حيث قلت ان افضل وسيلة للدفاع هي الهجوم.
وبالفعل أعددنا نصا أقوم فيه بدور الصحافية تينا التي تسأل لورين التي قامت بدور تينا، عددا من الأسئلة السخيفة وغير المنطقية. وقد حضر العرض جمهور كبير وعدد كبير من المشاهير والفنانين اذكر منهم جوش برولين ومارك البيرغ والمغنية ايدلي والمخرج اوليفر ستون حليف الدكتاتور الشيوعي هيوغو شافيز الذي وصف الرئيس الأميركي في خطاب له أمام الأمم المتحدة عام 2006 بأنه «الشيطان بعينه». لقد امتنعت عن مصافحة ستون في تلك الليلة.
وقد ظهرت تقارير اخبارية تزعم أن حملة ماكين انفقت 150 ألف دولار على ملابس واكسسوارات سارة بيلين وعائلتها، وذلك من محلات RNC SHELLS في نيويورك، وهذه التقارير غير صحيحة على الإطلاق. فأنا لم أطلب من الحملة شراء ملابس لي، وبعض الملابس التي اشتروها لي لم أرتدها، كما أن البعض الآخر كان لأناس آخرين، وأعيد عدد كبير من قطع الملابس التي تم شراؤها من ذلك المحل. وتعرضت لانتقادات مماثلة لانفاقي ببذخ على الملابس من أحد كتاب «لوس أنغلوس تايمز» ومن كاثي كوري نفسها وغيرهما.
جاذبية جنسية
ولم أعر مثل هذه التقارير أي اهتمام لأني كنت أعرف أنها غير صحيحة. والناس الذين يعرفونني كانوا يضحكون لدرجة القهقهة على مثل هذه المزاعم، التي جعلت عائلتي تبدو وكأنها مجموعة من المحرومين الذين ما أن وصلوا المدينة حتى بدأوا ينفقون على شراء الملابس الفاخرة يمنة ويسرة، وهذا سبب الكثير من الأذى لمشاعرهم. صحيح أننا أسرة متواضعة نشتري ملابسنا من محلات غير شهيرة، وليست لدينا عاملات أو مربيات دوام كامل.. في المنزل، وليس لدينا سائقون، ولذلك فإن تصوير عائلتي على أنها تبدد أموال الآخرين على الملابس والأشياء التافهة، امر مؤلم، لدرجة أن البعض بدأ يتساءل لماذا التركيز علي وعلى عائلتي ولم يسأل أحد عما يفعله المرشحون الآخرون وعائلاتهم بأموال الناخبين أو دافعي الضرائب الأميركيين؟
ولكن كانت لمقدمة أحد البرامج الحوارية اليزابيث هاسيلبيك نظرية أخرى. فقد انضمت إلينا في أواخر أكتوبر في رحلة بالحافلة داخل فلوريدا. وكنت قد التقيتها لأول مرة أثناء المؤتمر القومي للحزب الجمهوري واكتشفنا أن لدينا صديقة مشتركة في ألاسكا. وشاركت معنا إليزابيث في تجمع انتخابي كبير في مدينة تامبا، اقمناه بعد التقارير عن الانفاق على الملابس مباشرة.
قالت اليزابيث في التجمع انه في ظل ما يحدث في العالم، يبدو هذا الأمر غريبا، ولكن دعوني أقل لكم شيئا، ان للأمر علاقة بالجاذبية الجنسية لسارة بيلين، شعر الجميع بالذهول، فتابعت بشكل ساخر، ان أكثر ما اثار اعجابها بشأن قصة ملابسي واكسسواراتي، هو دبوس العلم الأميركي ودبوس الجيش الأميركي الأزرق اللذان ارتديتهما للاحتفاء بابني تراك. ولم يشر الذين كتبوا عن البذخ في اللبس، إلى هذه الاكسسوارات ببساطة، لأنها مجانية، كما قالت اليزابيث.
ومن المفارقات انني كنت ارتدي في تجمع تامبا جاكيتا اشتريته مستعملا من مالي الخاص قبل عدة أشهر من الحملة الانتخابية. وقبل يوم واحد كنت ارتدي بدلة جينز من تصميم احد ابناء مدينة وسيلة بولاية ألاسكا والذي اصبح من كبار مصممي الازياء في لوس انجلوس.
والحقيقة انني كنت سعيدة بارتداء ملابسي الخاصة طوال الحملة الانتخابية، ولكن حدث اثناء مقابلة تلفزيونية اجرتها معي تشارلي غيبسون في سبتمبر، حيث حول طاقمها التلفزيوني مطبخ منزلي الى استوديو، ان اخذت نيكول الى غرفة ملابسي لاستشيرها في اختيار اللبس المناسب، فاعترضت على كل ما لدي واختارت لي زياً من ازياء الحملة الانتخابية.
كلاب الحملة
وقد اتيحت لي الفرصة في كامبا لابلاغ الجمهور حقيقة الوضع بشأن مسألة اللبس بعيدا عن وسائل الاعلام، قلت لهم ان هذه الملابس التي تزودني بها حملة الحزب ليست ملكا لي شأنها شأن اي معدات يشتريها الحزب من اجل الحملات الانتخابية، فأنا لا اخذها معي، وانا ارتدي ملابسي الخاص التي اشتريها وفقا لذوقي الخاص.
احتجت قيادة حملة الحزب الجمهوري مرة اخرى على تصريحاتي هذه وبأنني اخرج على الاعراف، مع ان كل ما فعلته هو رفع صوتي عالياً للدفاع عن اخلاقياتي وقيم عائلتي.
والان اصبح الاصدقاء والاقارب يعرفون الحقيقة بشأن الملابس وكذلك نشطاء الحملة، ولكن الغريب ان هذه القصة حول نفقاتي بدأت تتسع مع تراجع حظوظ حملتنا امام حملة باراك اوباما، لدرجة ان بعض كلاب الحملة الكبار بدأوا يغمزون من قناتي.
ومع نهاية شهر اكتوبر ومع تراجع حملتنا، ارسلت نيكول رسالة الكترونية للجميع تقترح عقد اجتماع لادارة الحملة لمناقشة السبل الكفيلة بتحسين وضع الحملة، ومن بين الافكار التي طرحت في الاجتماع ان حملتنا لم تبلغ الناخبين كل شيء يحتاجونه للمشاركة في فعاليات الحملة، ولم نحمل الصحافة المسؤولية عن انحيازها لجانب الديموقراطيين.
خروج على النص
وكان بعض ناخبي الحزب يتذمرون ويطالبوننا بالقاء القفازات جانبا والتصدي لهجمات الديموقراطيين. وفي المعسكر الجمهوري وتحديدا في فريق ماكين، ابلغني راندي شوينمان ان بعض ابرز اركان فريق ماكين بدأ يجاهر بتذمره مني ومن عائلتي وفريق حملتي، وقالوا ان اياً من افراد عائلتي او مجموعتي في ألاسكا اخذ يتحدث الى الاعلام كما يحلو له من دون الرجوع الى الحزب، وعلمت انهم كانوا يشعرون بالغضب والاستياء مني لانني تحدثت بصراحة عن بعض القضايا.
وما زال راندي الرجل البالغ التهذيب يمتنع عن كشف كل ما قيل عني وعن فريقي، ولكن هناك نموذجين يدليان بالقصة، احدهما تذمر شميدت لراندي اثناء لقاء جرى بينهما، وقوله ذات مرة ان «الحاكمة لا تنجز واجباتها المنزلية جيداً»، وحين سأله راندي عما يقصده قال انه كان يتوقع مني اكثر مما رأى، ولم يفصح ما الذي يعنيه.
وبعد انتهاء الحملة ابلغني راندي واخرون ان مسؤولي حملة ماكين كانوا يزوّدون بانصاف حقائق عني وعن مسؤولي حملتي وانهم كانوا يبحثون عن طرف يلقون عليه اللوم لفشل الحملة. فقد ذكر الموقع الالكتروني Politico ان شميدت وانصاره وضعوا خطة مسبقة لتدمير سمعتي من اجل انقاذ ارواحهم ولم يذكر الموقع اسم المصدر الذي اعتمد عليه، لكنه وصفه بأنه من داخل حملة ماكين وقد ترددت هذه الرواية في اكثر من وسيلة اعلام.
وعلمت بعد ذلك ان راندي ذهب الى اجتماع لكبار قادة الحملة فوجدهم يجلسون حول طاولة نصف مستديرة فشعر ان هناك شيئا جلل، فسألهم عما يحدث فطلبوا منه مشاهدة شبكة CNN التي كانت تبث برنامجا للمذيعة دانا باش وقد ظهر على الشاشة العنوان: «تصريحات بيلين الخارجة على النص تزعج مساعدي ماكين»، وقال عدد من هؤلاء الحضور انهم اصبحوا يشعرون باستياء متزايد ازاء ما وصفوه بــ «الجنوح المتزايد لبيلين للخروج على الاعراف»، فعلق احد مساعديّ ان كل ما تفعله بيلين هو الافصاح بحرية عما تؤمن به، وانتقاد ما تعتقد انه خاطئ.
لكن مصادر ماكين قالت انها خرجت على النص اكثر مرات عدة. وتساءلوا عما اذا كانت تلك الحوادث مقصودة ام لا، واستشهدوا بانتقاد بيلين للحزب الجمهوري لقراره الانسحاب من انتخابات ميتشيغان.
عقلية انهزامية
واوردت باش في برنامجها التلفزيوني المذكور ان «التوترات، كتلك الحاصلة داخل فريق ماكين - بيلين، هي امر اعتيادي، وهناك تاريخ لمرشحي نائب الرئيس الذين تصادموا مع المرشح للرئاسة»، وحين انتهى راندي من قراءة الخبر، قال «لا أصدق ذلك، لقد تمادى هؤلاء هذه المرة».
انه لأمر معتاد ان تحدث خلافات ومشادات داخل الحملة الواحدة او بين فريق المرشح لمنصب الرئيس والمرشح كنائب له، ولكن ليس معتاداً ولا مسبوقاً ان يرشق فريق المرشح للرئاسة بالانتقادات والتعليقات غير الملائمة المرشح لمنصب نائب الرئيس.
ذهب راندي الى مكتب شميدت فلم يجده، فطلب من سكرتيرته رقم هاتفه النقال فوراً، فلما فتح باب مكتب شميدت اكتشف راندي انه كان هناك، فقال له انه جاء ليتحدث معه، فدخلا الى مكتب شميدت، فأغلق راندي الباب بعنف وقال لشميدت ما الذي يدور في ذهنه «فليس معقولاً ان يتحدث كبار مستشاري الحملة الصحافية ويصفوا بيلين بانها لا تجيد سوى الاهتمام بمظهرها فهذا امر غير مسبوق وغير مقبول».
سأل راندي شميدت: من الشخص الذي تعتقد انه سرب هذا الكلام؟ هل هو مارك ام نيكول؟ فقال «لا اعتقد ان ايا منهما وراء هذا التسريب، انكم لا تنفكون عن انتقاد الحاكمة باعتبارها غبية».
وكان راندي في حالة غضب شديد وهمَّ بمغادرة مكتب شميدت الا ان الاخير أوقفه وهدأ من روعه ثم اصدر تحذيراً لطاقم الحملة بالتوقف عن اي تسريبات سلبية ضد بيلين.
ولم اكن اعلم بكل ذلك وكان كل تركيزي على تقديم افضل اداء في حملتي الانتخابية، ولكنني كنت آمل الا تكون الخلافات داخل الحملة لدوافع شخصية، فقد تعلمت من سنوات عملي في ألاسكا ألا اخذ الامور بشكل شخصي، ولذلك فان شيئا لم يمنعني من التعامل الودي مع شميدت.
وكنت في بداية الحملة الانتخابية قد ناقشت مع كبار مسؤولي حملة ماكين السماح لي بالقاء ثلاثة خطابات رئيسية حول الطاقة والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، وكانت النقطة الاخيرة من ابرز اولوياتي في حملتي الانتخابية، حيث ودعت في حالة فوزنا في الانتخابات ان اولي قضية ذوي الاحتياجات الخاصة جل اهتمامي، وان يكون لهم محام في البيت الابيض، ولكن لم تتح لي ادارة الحملة القاء الخطاب الخاص بهذه الفئة الا قبل اسبوعين فقط من الانتخابات.
والقيت خطابين آخرين حول الطاقة والثاني حول قضايا المرأة، ولكن غابت الدعاية للخطابات الثلاثة، الى درجة كبيرة لقد كانت استراتيجية مثيرة للدهشة بالنسبة لي، وتمنيت لو كان بامكاننا ان نفعل افضل مما فعلنا، فلم تحظ هذه الخطابات بتغطية صحافية كبيرة، وانفردت مجلة نيويورك تايمز بنشر تقرير لمراسلها روبرت درابر، وبدا وكأن ادارة الحملة قد استسلمت. وقد كشفت المقالة عن الذهنية الانهزامية عند بعض مسؤولي الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري، وهذا شكل مفاجأة لنا لانه لم يبق على بدء الانتخابات سوى اسبوعين فقط، وبدت حملتنا الانتخابية بهذه الحالة التي لا تسر.
ماراثون
في الاول من نوفمبر وبينما كنا نستقل الحافلة داخل فلوريدا وكان تشارلز كريش حاكم الولاية برفقتنا، حين تقدم احد المساعدين ليناولني الهاتف النقال وقال لي ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يريد التحدث الي كواحد من الكثير من الزعماء المحليين والعالميين فضلا عن المشاهير ونجوم الفن. «كيف حالك» قال لي ساركوزي بلكنة فرنسية.
ـــــ «انا بخير، انه لامر جميل ان اسمع صوتك».
ساركوزي: «انه لمن دواعي السرور ان اتصل بك، انا اعرف ان الحملة مرهقة، فكيف تشعرين الان يا عزيزتي؟».
قلت له: «اشعر ان الامور على ما يرام، والامر اشبه بسباق ماراثون حيث وصلنا الى اللحظة الفاصلة».
فرد ساركوزي: «هل تعلمين انني فزت في فرنسا لانني كنت طبيعيا وحقيقيا، وانت تبدين كذلك».
قلت له: «نعم يا نيكولاس، انها فرصة طيبة» ثم بدأ ساكوزي يتحدث عن الصيد واشياء اخرى لفترة طويلة، حتى اعتقدت انه كان ثملا، ثم سمعته يقول ان هناك نقاط تشابه بيننا لان بوسعي ان ارى بلجيكا وانا في منزلي!
لقد بدأ حديثه يتجه نحو مزيد من الهراء، حيث اصبح الرجل يغني ويقول ان زوجته تشعر بالغيرة من اتصاله بي، ثم اشار في حديثه مجلة هاسلر Hustler ولم افهم اشارته وانا لا ارغب في اهانة رئيس فرنسا، ولكن الامر وصل حد الحماقة واطال الرئيس كثيرا في حديثه وبدأت افكر في مخرج، وفي الوقت ذاته بقيت احاول اصطناع الضحكة مع ان الامر لم يكن مضحكا على الاطلاق.
ومضى الرئيس الفرنسي حديثه الهاتفي بالقول «انا في الحقيقة احبك»، ثم سرعان ما انكشفت الحقيقة، فقد قال لي المتحدث وهو احد ممثلين كوميديين من مدينة مونتريال: «لقد اوقعناك في المقلب» حينئذ القيت بسماعة الهاتف بعيدا وابلغت مسؤولي حملتي بالواقعة، فأصيبت الوجوه بالشحوب، ثم سألت المتحدث عن اسم المحطة الاذاعية فرد بالقول: «اذا كان بوسع صوت واحد ان يغير العالم بالنسبة لاوباما، فإن حبة فياغرا واحدة يمكنها ان تغير العالم بالنسبة لماكين».
فاعدت الى بيكسي هاتفها النقال، فقالت وهي تبكي «انها مضطرة لترك الحملة» وما هي الا دقائق حتى بدأت الهواتف ترن، وكان شميدت من اوائل المتصلين فأخذ يصرخ في وجهي: «كيف يمكن ان تصل بك الحماقة الى هذا الحد؟ وكيف تتصورين ان يتصل رئيس فرنسا بمرشحة لمنصب نائب الرئيس؟».
ثم اتصل احد مستشاري الحملة قائلاً: «انا اسف ايتها الحاكمة لانني المسؤول عن كشف رقم الهاتف النقال الذي اجرى الاتصال عليه. انني اقدم اعتذاري الشديد» وتبين لاحقا ان هذين الكوميديين خدعا الكثير من المشاهير من امثال بونو ومايك جاغر ودونالد ترامب وبيل غيتس، وهكذا شعرنا ببعض المواساة لما حدث لنا.
الحلقة السادسة
أعددت خطابين لإلقاء أحدهما عقب الفوز في الانتخابات والآخر للهزيمة
الخارجة على الأعراف ( 6 ) أعددت خطابين لإلقاء أحدهما عقب الفوز في الانتخابات والآخر للهزيمة
• سارة بيلين وجون ماكين لحظة اعلان الهزيمة في الانتخابات
ترجمة وإعداد: محمد أمين
تباينت الآراء حول الغرض من اصدار المرشحة الجمهورية لانتخابات الرئاسة الاميركية سارة بيلين بهذه السرعة، لكتابها الذي هو اشبه بالمذكرات او السيرة الذاتية بعنوان: Going Rogue: An American Life او «الخروج على الأعراف: حياة مواطنة أميركية» الذي اثار جدلا واسعا في اوساط الرأي العام الاميركي وسخطا كبيرا داخل الحزب الجمهوري ومخاوف من تمزق الحزب.
يقول الكاتب في واشنطن بوست ماثيو كونتنيتي في استعراضه للكتاب: «اذا كنت من محبي سارة بيلين فسوف تحب الكتاب، وان لم تكن فلن تحبه ابداً! لقد اصدر الكثير من السياسيين كتبا مثل كتاب بيلين، ولم يعبأ بهم احد، اذ فعل ذلك كل من نانسي بيلوسي وهاري ريد وبيل فيرست وجون اشكروفت ومايك هاكابي وجو بايدن وهنري واكسمان وغيرهم.. وسرعان ما اختفى الكتاب.. وانصرف السياسي الى شؤونه الخاصة، ولكن بيلين شأن مختلف».
على اي حال يرى البعض في كتاب بيلين، محاولة لاعادة الاعتبار لنفسها، بعد ان اظهرتها وسائل الاعلام بالساذجة وقليلة الخبرة في السياسة الخارجية، وبعد حملة الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها من الصحافة الاميركية ووصلت حد السخرية منها، لا سيما حين اعد لها ممثل كوميدي كندي مقلبا بادعائه ان المتصل كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهي الحادثة التي وصفها مسؤول كبير في حملة جون ماكين بــ «الحدث الخطير الذي كاد يدمر الحملة برمتها».
يقرأ البعض الكتاب على انه تصفية حساب مع مساعدي ماكين الذين مارسوا سلطة تعسفية معها اثناء الحملة لدرجة التدخل في الملابس التي ترتديها واملاء الخطابات عليها وحظر اجراء المقابلات معها، الامر الذي دفع البعض في ولايتها (آلاسكا) لاتهامها بأنها متعجرفة و«لم تعد سارة التي نعرفها» واخيراً منعها من القاء خطاب الاقرار بالهزيمة بعد ظهور نتائج الانتخابات. لكن مسؤولين في الحزب الجمهوري اعربوا عن استيائهم الشديد من الكتاب ووصفوا ما اوردته بيلين بأنه «من نسج خيالها».
وهناك من ينظر الى الكتاب باعتباره اشارة مبكرة لخوض بيلين سباق الرئاسة ضد الرئيس اوباما في انتخابات 2012، لكن البعض يشكك في هذا الاحتمال، خاصة ان بيلين فتحت في كتابها النار على مؤسسة الحزب التي سيكون بيدها القرار في اختيار مرشحه لانتخابات الرئاسة عام 2012.
لقد وجدت بيلين نفسها محاصرة وسط فريق من المستشارين الذين وصفتهم بالقوى الخفية التي تفرض سلطتها دون ان يعرف احد «من هي واين هي هذه القيادة؟» لقد ضاقت بيلين ذرعا بتعسف هذه القيادة، فتمردت عليها، ومن هنا ربما جاء عنوان الكتاب: «الخارجة على الاعراف».
وقد فسر آخرون اصدار بيلين لهذا الكتاب على انه مجرد وسيلة لكسب المال وتحقيق الشهرة والبقاء في الاضواء، بعد ان عجزت عن فعل ذلك اثناء الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري والتي قالت انها شعرت اثناءها انها كانت «اسيرة».
ومها يكن من امر، فإن بيلين في كتابها الصادر عن دار هاربر كولينز والذي اشيع انها حصلت مقدما على حقوق نشر تصل الى خمسة ملايين دولار تغرق في التفاصيل ذات الصلة ببدايات شغلها الوظائف الحكومية ثم رئاسة بلدية مدينة «وسيلة» ومن ثم فوزها بمنصب حاكمة ولاية آلاسكا، ومع ذلك ظلت بعيدة عن الاضواء الاميركية والعالمية، الى ان اعلن السيناتور الجمهوري جون ماكين عن اختيارها لخوض السباق معه كنائبة للرئيس في اغسطس 2008.
وقد ارتأت «القبس» ترجمة اجزاء مختارة من الكتاب وتقديمها لقرائها على حلقات.
قلت للمستشار «لا بأس عليك» ولا داعي للاعتذار، فالمسألة كلها لا تستحق كل هذه الضجة، وعلينا ان نترك ما حدث خلف ظهورنا ونسير الى الامام، ولكن حين ذهبنا لمقابلة تاكر في ليكلاند، كان في غاية الاستياء، وقال «أريد ان اعرف كل كلمة قلتها في المكالمة.. انه امر رهيب».
قلت له، لقد قلت كل شيء لبيكسي وجاسون، ولكن لماذا لا نركز على اصلاح ما حدث، لكنه قال «ان ما حدث شيء رهيب»، وقد تحول لون وجهه الى الاحمرار من شدة التوتر، وفي الوقت الذي كان كبار قادة الحملة يتدارسون الوضع، اتصل مستشارون في حملتي برئيس وزراء كندا، وحصلوا على نسخة من المحادثة التي جرت بيني وبين الكوميديين الكنديين.
ومع اقتراب الحملة الانتخابية من نهايتها، كانت عائلتي وانا نشعر اننا مانزال بنشاط وحيوية، فقد ابقينا على شيء من وقتنا، بالرغم من شدة الحملة الانتخابية، للاستمتاع بالحياة.
معجزة
وفي الايام الاخيرة للحملة الانتخابية، بدأنا انا والسيناتور ماكين نجول في ارجاء الولايات المتحدة، كل على انفراد كي نتمكن من حصد اكبر عدد ممكن من الاصوات، وكنا ،نحظى بأكبر دعم ومساندة من عائلتينا، وما ان انتهينا من جولتنا الانتخابية الاخيرة كنت اشعر بالثقة، ولكني كنت ايضا مستعدة لما يقرره الشعب الاميركي، وبدأنا نتحدث انا وكريس عن امكانية حدوث معجزة في اللحظات الاخيرة، لاننا كنا ندرك صعوبة الموقف، لا سيما في ظل استطلاعات الرأي التي كان معظمها يرجح كفة الديموقراطيين.
ومهما يكن من امر، كنت ادرك شخصيا انني افضل حالا بالاعتماد على تدبير الله وليس تدبيري الخاص.
لقد كان من السهل نسيان ذلك في غمرة المنافسة الانتخابية الحامية، ولكن في كل مرة كنت أعود الى نفسي والى الحقيقة، كانت توقعاتي تختلف، واجد انني في حالة سلم مع نفسي، ويزيد احساسي بتسليم الامر كله لله، حين اصعد سلم الطائرة، حيث اشعر بالضعف والاستسلام لارادة الله واطلب منه البركة والقوة والحكمة.
وخلال الاسابيع القليلة التي سبقت يوم الانتخابات، عكفنا انا وماثيو سكاي وليندسي هايز على اعداد الخطاب الذي سوف القيه ليلة الانتخابات، وكانت استطلاعات الرأي قد حسمت امرها، واكدت هزيمة ماكين امام اوباما، لكن فريق حملتي رفض الاستسلام.
وكان لدى كل منا نسختان لخطابين مختلفين. أحدهما خطاب النصر والآخر خطاب التسليم بالهزيمة. وحرصت أن اركز في الخطابين على نقطتين اساسيتين، هما تذكير الأميركيين بشخصية جون ماكين وما وعد أن يفعله للأميركيين وأن أشكر الأميركيين نيابة عني وعن عائلتي للدعم والمحبة والتأييد التي لقيناها طوال الحملة الانتخابية وانني فخورة لكوني أميركية، كما كنت أود أن اقدم كلمة شكر وعرفان لادارة بوش - تشيني.
لقد كنت شديدة السعادة لوجود عائلتي واصدقائي معي في اريزونا. ومن بين الذين حضروا الى هناك والد ووالدة زوجي تود ووالدي ووالدتي والكثير من اقاربي واقارب تود. وتحول منتجع بالتيمور الى مجمع ضخم أكثر من كونه منتجعاً. وفي غرفتنا جلست مع تود وكريس وميغ والابناء نتابع نتائج الانتخابات التي بدأت تظهر تباعاً على شاشات التلفزة.
ادركنا صعوبة موقفنا وبدأنا نصلي من أجل حدوث معجزة، وأخيراً جاءت اللحظة التي ادركنا فيها جميعاً أن الفوز لم يحالفنا، لقد شعرنا بخيبة أمل كبيرة جداً. ومع الاقرار بالهزيمة الا انني كنت وما زلت أؤمن أن لدى الجمهوريين الأجندة الأفضل لأميركا. ولكن من المثير للاحباط أن رسالتنا لم تُفهم بالشكل الصحيح على ما يبدو. وعلى أي حال، «فان الفوز» - كما يقول فينيس لومباردي - «ليس كل شيء، اذ يكفي السعي الى الفوز» وبالفعل، فقد حاولنا وسعينا الى الفوز من أجل خدمة بلادنا.
لقد شكرت السيناتور ماكين على منحي وعائلتي والاسكا، هذه الفرصة العظيمة. وأود أن أهمس في اذن كل الأميركيين أن يواصلوا نضالهم من أجل كل ما هو صحيح وألا يسمحوا لأحد بأن يقول لهم اجلسوا جانباً والتزموا الصمت.
اعتراف بالهزيمة
وعندما كنت استعد لالقاء خطاب الاعتراف بالهزيمة، أبلغني جاسون أنه «يبدو انهم لا يريدونك أن تلقي أي خطاب.. هذا أمر غير معقول». وبعد لحظات جاء من يستدعيني الى جناح السيناتور ماكين العلوي في الفندق، حملت الخطاب معي وصعدت الى جناح جون وانا اتساءل مع نفسي كيف يطلبون مني اعداد خطاب لا يريدون أن أُلقيه؟! وحين صعدت، وجدت جناح ماكين يعج بقيادات الحملة الانتخابية، وتقدم أحدهم ليبلغني بأنني لن القي الخطاب، قلت له: «انها رسالة قوية وتذكرة للأميركيين بهذا الرجل الذي يعتبر بطلاً قومياً، كما أنها تتحدث عن الوحدة والمصالحة».
قال لي شميدت «اننا قررنا ذلك لأنه لا توجد سابقة تاريخية أن تلقي المرشحة لمنصب نائب الرئيس خطاب اعتراف بالهزيمة». وكنت اعرف أنه ليس على صواب، لكني لم ارغب في مناقشته. فليس كل شيء نفعله يجب أن تكون له سابقة، والخطاب هو وقفة وفاء لماكين أكثر من كونه خطاب اعتراف بالهزيمة. ورد علي شميدت: «لا لن نفعل ذلك اطلاقاً، ثم من طلب منك أن تكتبي هذا الخطاب؟» فوجئت أنه لم يكن يعلم انني اعددت خطاباً لألقيه. ولم اعرف صاحب فكرة خطاب الاقرار بالهزيمة الذي كنت سألقيه بعد انتهاء الحملة الانتخابية وظهور نتائج الانتخابات، حيث علمت أن ماتيو سكولي هو صاحب الفكرة. أما عن السوابق التاريخية التي تحدث عنها شميدت، فقد ألقى المرشح لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الديموقراطي عام 2004، جون ادواردز خطاب الاقرار بالهزيمة، ولذلك اعد سكولي الخطاب، حتى لا أفاجأ بطلب القاء مثل هذا الخطاب.
وفي يوم الانتخابات، التقى سكولي في مدينة سفينكس كلاً من ريك ديفيس ومارك سالتر وأبلغهما بكل شيء بشأن هذا الخطاب، ولم يعترض أحد منهما على ذلك. ولكن لم يتخذ أي قرار بهذا الشأن.
ولكني لم اعلم شيئاً عن ذلك، لأن قيادة الحملة تكتمت على كل شيء لا سيما الأشياء المتعلقة بي، لأسابيع. ولم أكن أعلم أن فكرة الخطاب ليست من بنات أفكار قيادة الحزب، ولذلك حتى علمت بقرار الغاء خطابي، شعرت وكأنه شكل من أشكال العقاب، بل أشبه بالصفعة على الوجه.
وفي الواقع، كان الأمر مزيجاً من سوء الاتصال وسوء التفاهم بين مجموعة من الأشخاص الذين أعيتهم الحملة الانتخابية ويحاولون التعايش مع الهزيمة.
ليلة دافئة
ولكن في تلك اللحظة الساخنة، انتهى الحوار مع شميدت بسرعة، ودخلت غرفة حيث كان ماكين بانتظاري بينما جلس اخرون على اطرف السرير، ودخل شميدت الغرفة من بعدي، وجلس على كرسي وضعت عليه ملابس معّدة للغسيل، وكان في حال بالغ السوء. وقال انه سوف يغادر صباح الغد الى مكان بعيد عن العالم وقد يختار جزيرة نائية. فحاول ماكين التخفيف من روعه.
ونظر الي قائلا: آه يا سارة، لقد خضنا معركة قوية وسوف اخرج لأشكر اميركا، فقلت له، «لقد خضت معركة جيدة واريد ان اخرج لأشكرك». فقال: لا، لقد تصرف هؤلاء الرجال (في الحملة الجمهورية) بالشكل المناسب، ولا داعي لمزيد من الخطابات. فشكرته على كل شيء وخرجت من الغرفة وكنت ما ازال احاول فهم السبب في منعي من القاء الخطاب، وخرج اركان الحملة ليقولوا: دعونا نذهب. لقد حان الوقت، وجون مستعد لالقاء خطابه».
قلت في نفسي: انتظروا قليلا! أين افراد عائلتي واين الاقارب والاصدقاء الذين جاءوا من كل انحاء الولايات المتحدة لمناصرتي وانتظار هذه اللحظة. كانت الفوضى تعم المكان وكان اركان فريق حملة نائب الرئيس مشتتين في كل مكان. وكان تود الى جانبي حيث وضعنا رأسينا على بعض، لكني شعرت ان نهاية حملتنا بالطريقة التي ارادها البعض حرمت بعض المتعة من تلك الليلة. وطلبت من بعض منظمي الحملة ان ينتظروا قليلا كي اعد عائلتي وابنائي واقاربي جيدا ليكونوا جاهزين اثناء القاء ماكين خطابه.
رد عليّ احدهم «لا، لا وقت لدينا وعلينا الانصراف في الحال»، فقلت في نفسي «ليست هذه الطريقة المناسبة لانهاء حملتنا». وتوجهت الى المسرح مع تود وعدد من الابناء وبيدي الخطاب الذي لن ألقيه!
لقد كانت ليلة دافئة في اريزونا وكان المسرح ضخما ووضع علم أميركي ضخم في خلفيته.
تقدم الي احد منظمي الحفل وقال لي: «اسمحي لنا حضرة الحاكمة، لقد أدخلت تغييرات في اللحظة الاخيرة على الحفل، ولن يُسمح لتود أو الاطفال بالدخول الى المسرح».
قلت: «يا الهي، فلم تعد عائلتي في مؤخرة الباص، بل اصبحت في مخزن الامتعة». وفي النهاية، دخلت مع زوجي الى جانب السيناتور ماكين وزوجته والقى خطابا مؤثرا وربما يكون من اكثر خطابات الاقرار بالهزيمة تأثيرا في تاريخ الولايات المتحدة.
وفي الفندق، ذهب جاسون واندي ديفيس وغيرهما من مسؤولي الحملة الانتخابية لحضور حفلين من الحفلات التي تقام بعد الانتخابات في فنادق واندية ليلية مختلفة. وكانت تلك الفرصة للاسترخاء بعد عناء أشهر من الحملات الانتخابية المضنية، ويحضر الصحافيون مثل هذه الحفلات كواحد من الطقوس التي اعتادوا عليها في نهاية كل انتخابات رئاسية، وبالاضافة إلى الاستمتاع والاحتفال فإنهم يسعون إلى الحصول على تصريحات وتحليلات للحملة الانتخابية ونتائج الانتخابات. لكن جاسون ابلغني ان الأمور كانت مختلفة هذه المرة، اذ جاء الصحافيون ولديهم رواياتهم الداخلية عما حدث.
تقارير سلبية
وأبلغ عدد من الصحافيين جاسون أن «يوم غد سيكون شيئا حقا»، ولما سأل لماذا؟ قيل له ان عددا من كبار زعماء حملة ماكين كانوا ينشرون التقارير السلبية هنا وهناك لأنهم كانوا يعرفون ان ماكين سوف يخسر الانتخابات. وكانوا يطلبون من الصحافيين الانتظار لنشر تلك التقارير والروايات السلبية عن بيلين وعائلتها، إلى ما بعد الانتخابات.
وكان من المقرر ان تعود العائلة كلها إلى آلاسكا في اليوم التالي، ولكننا أرجأنا موعد المغادرة لعدة ساعات، وبينما كنا نجلس إلى جانب البحيرة في المنتجع الذي نقيم فيه، رأيت مارك ونيكول يتقدمان باتجاه زوجي تود. فقالت نيكول «جئنا فقط لنقول وداعا.. لقد أمضينا أوقاتا ممتعة أثناء العمل، اننا نحبكم فعلا»، فشكرها تود، ثم قالت نيكول «أود أن ألفت انتباهكم إلى ان الأيام القليلة المقبلة ستكون صعبة عليكم. حيث ستقرأون وتشاهدون تقارير سلبية في وسائلا الإعلام، وعليكم الاستعداد لذلك. فهذا أمر طبيعي في مثل هذه الظروف، وما عليكم سوى الصمود في وجه العاصفة».
لكن هذا التحذير لم يجد صدى لدى تود الذي تساءل في نفسه: لماذا يحدث لنا مثل هذا؟ وكيف يتسنى لأحد أن يعرف ما الذي سيحدث غدا في الإعلام؟.
وبالسبة لي، فقد وجه لي الصحافيون الكثير من الأسئلة حول الانتخابات، لكن أحدهم قال لي «إلى أين انت ذاهبة بعد اليوم؟» . قلت له: أنا ذاهبة إلى بيتي في آلاسكا طبعا، حيث أعود إلى حياتي الطبيعية ربة بيت وأم، ولكني سوف أناقش مع زوجي وأبنائي.. الخطوة الثالثة انني أقول لأبنائي دائما ان الله لا يقود السيارات المتوقفة، وان على المرء ان يبذال قصارى جهده كي ينال مراده ويحقق أهدافه. ان أول ما أفكر به حين أصل إلى منزلنا هناك، أن أصنع كعكة لأبنائي!
تأليف: سارة بيلين
(المرشحة الجمهورية لمنصب نائبة الرئيس في انتخابات عام 2008)