ابن عوف:
أنت الذي تهدي لكل قريةٍ \\\ مُجاجةَ النحل ونفحةَ الرُّبا
ما باله يطأ التراب حافياً /// ويقطع البيد ممزَّقَ الرِّدَا
خُذ يا نصَيْبُ بُردتي فغطِّه \\\ لا يلحقنّه من العُرى أذى
زياد:
احفظ عليك البُرْدَ يا أمير لا /// فقرَ إليه بابن سيّد الحمى
إن لقيس من ثياب الوشى ما \\\ ما يُفْنى به العمر وما يُعيي البِلى
ابن عوف: (مناجيا نفسه):
يا ويحَ قلبي ما خلا من قسوةٍ /// ما باله رقّ لقيس ورثى
(يقبل على قيس):
قيسُ ، بُنيّ
زياد:
هوَ في إغماءةٍ \\\ من وَجْده وما أظنه صحا
( يسمع صوت حاد من ناحية نجد. ويتعالى الصوت قليلا قليلا حتى يظهر الحادي ومن ورائه قافلة تسير إلى المدينة ثم يذوب الصوت قليلا قليلا حتى ينقطع)
أنشودة الحادي:
يا نجدُ خُذْ بالزمامْ /// ورحِّبِ
سرْ في رِكاب الغمامْ \\\ ليثربِ
هذا الحسين الإمامْ /// ابنُ النبي
النورُ في البيد زادْ \\\ حتى غَمَر
أحْدُ الحيا في الوهادْ /// أُحْدُ القمر
أُحْد جَمالَ البوادْ \\\ زينَ الحضرْ
ابن النبي
ابن عوف:
سمعتم؟ يا لك من /// رنة حادٍ مطربِ
زياد:
يا ليت شعري ما الركا \\\ ب مَنْ لواءُ الموكبِ
نصيب:
قد بين الحادي فقل /// أصمُّ أنت أم غبي ؟
هذا إمام العرب \\\ هذا الحسين ابن النبي
هذا الزكي ابن الزَّّكـ /// ـيّ الطيب ابن الطيب
عارضنا الحسين في \\\ طريقه ليثرب
هذا سنا جبينه /// مِلءَ الوهاد والرُّبى
قد جلّّ حاديه جلا \\\ لَ القارئ المطَرّب
ابن عوف: (هامسا إلى نصيب):
نصيبُ ، صه لا تسلكنْ /// بنا مسالك التهمْ
ولا تَظاهر بالهوى \\\ لوارث البيت العَلَمْ
احذرْ جواسيس ابن هنـ /// ـد وعيون ابن الحكمْ
نحن رجال دولةٍ \\\ قوّامةٍ على الأمم
ليس بعينها عمى /// ولا بأذنها صَمَمْ
تسمع في ظل القصو \\\ ر هَمس رعيان الغنم
(إلى زياد مشيرا إلى قيس):
زياد ، انظرْ فما انفكّ /// صريعَ الوجدِ والذكرى
كما مَرّ بنا الركب الـ \\\ ـحسينيّ به مَرّا
فلم يشغل له بالا /// ولم يوقِظ له فكرا
زياد:
رويدا سيدي مهلا \\\ ولا تستغرب الأمرا
لقد سقناه بالأمسِ /// فحجّ الكعبةَ الغرّا
فلما لمس الركنَ \\\ ومسّت يدُهُ السِّترا
وقلنا الآن من ليلى /// ومن فتنتها يبرا
سمعناه ينادي اللـ \\\ ـه من ساحته الكبرى
ابن عوف: وماذا قال؟
زياد:
ما تابَ /// من العشق ولا استبرا
ولكن قال: يا ربّ \\\ ملكتَ الخيرا والشرا
فهات الضرَّ إن كان /// هوى ليلى هو الضرا
وإن كان هو السحرَ \\\ فلا تُبطلْ لها سحرا
ويا ربّ هب السلوى /// لغيري وهب الصبرا