قال السيد الاستاذ محسن عبد الحافظ : اننا اصبحنا الآن فى مفترق الطرق لأننا يجب أن نبحث نظام الحكم ، وما هو شكله ويجب هنا تقرير المبادئ أولا قبل صياغة المواد وعلى اساسها يمكن صياغة المواد على ضوء المبادئ التى يجب تقريرها هنا من قبل اللجنة.
فبادره السيد / الخالد قائلا اننى افضل النظام الرئاسى ، أى أن يصبح رئيس الدولة رئيس الحكومة ، حتى نضمن استقرار الحكومة.
هذا هو رأيه ...........
و لكن بعد ان قرأ مذكرة الاستاذ محسن عبد الحافظ (الخبير القانونى) عن عيوب ومحاسن كلا من النظام الرئاسى و النظام البرلمانى
عاد و غير رأيه و قال :
أنا شخصيا تكونت عندى فكرة واضحة من خلال استعراضى للتقرير، وهى أن النظام البرلمانى هو الاصلح لوضع الكويت.
مالذي يدل عليه ذلك .........يدل على استعداده الفطري في الاستماع للرأي الآخر و تقبله و تغيير رأيه الشخصي ليتوافق معه اذا ما وجد فيه الحق
و الحق عنده في هذا الموضوع المصيري بالنسبه لوطنه هو تحقيق المكتسبات الشعبية
فأعلنها إنه مع النظام البرلماني الذي يحقق للشعب السيادة و الديوقراطية
أعلنها بعد أن أطلع على الاصول العلمية الواردة في المذكرة التفصيلية التي أعدها خبير دستوري متخصص و قرأ الايضاحات و الشروحات حول هذا الموضوع كما يجب أن تقرأ تيقن له بما لا يدع مجالا للشك بأن رؤيته حول تحقيق مكتسبات شعبية لاهل الكويت و ما يحقق الرفعه لوطنه ليس في النظام الرئاسي كما كان يعتقد و انما في النظام البرلماني
هذا الرجل كان يعشق الكويت بكل جوارحه و تسكن قلبه...
عظمة هذا الرجل تجلت بأبهى صورها في هذا الموقف العظيم الراشد
و الذي لو تمت الموافقة عليه لما كنا في هذا الوضع البائس
**********
بعد أن كون عقيدته في أن النظام البرلمانى هو الاصلح لوضع الكويت مضى في الدفع لإقراره خلال النقاش المطول الذي دار في اللجنة بل قاد النقاش بهدف إقناع أعضاء اللجنة الآخرين و إقراره
لماذ فعل ذلك ؟
لأنه يعرف أن هذا الموضوع مفصلي في إقرار دستور يضمن لاهل الكويت تحقيق تطلعاتهم في نظام ديموقراطي يتيح لهم المشاركة في إدارة بلدهم و لأنه يعرف أنه أمام مهمة تاريخية عليه إنجازها و ان عليه مسؤولية وواجبات وطن و شعب مكلف بها و يتعين تنفيذها
أقول قاد النقاش لإقرار النظام البرلماني ....و عندما لاحظ النقاش المطول و اعتراض ممثل الحكومة عليه قال في سبيل استنهاض همة ممثلي الشعب من الأعضاء : -
""....الواضح من النقاش أننى والسيد يعقوب الحميضى نتبنى النظام البرلمانى . ""
فسارع الى إجابته كل من
سعادة السيد عبد اللطيف ثنيان : وأنا اتفق معكما. السيد سعود العبد الرزاق : وأنا كذلك اتفق معكم.
أي أنه تمكن بأسلوبه الذكي من إستنطاق باقي الاعضاء و ضمن موافقة الاغلبية على النظام و عندما تبين لممثل الحكومة أن الامر قد قضي و أغلقت الصحف و جفت الاقلام إضطر الى محاولة تعطيل إقرار اللجنة للنظام البرلماني و السعي لترحيل إختصاصها و صلاحيتها في شأن إقرار هذا النظام الى المجلس التأسيسى
"" الشيخ سعد العبد الله السالم: أننى أختلف معكم وأطلب تحكيم أعضاء المجلس التأسيسى للبت فى الموضوع قبل أن نمضى فى تحديد أى النظامين ونبنى عليه الدستور.""
أننا إذا اختلفنا فى كل نقطة وعرضناها على المجلس لتعرقل الموضوع عندنا فى بحثنا ومناقشتنا ولن نصل إلى نتيجة.
هكذا كان رد سعادة السيد حمود الزيد الخالد: حازما قاطعا ناهيا مقنعا ......... و رغم محاولة أعضاء اللجنة اقتراح بعض الاراء لتسيير عمل اللجنة إستمر ممثل الحكومة في إعتراضه
" ...الشيخ سعد العبد الله السالم: هل تريدون أن نطفر طفرة كبيرة أم يجب أن نتطور فى أوضاعنا ونظمنا."
فبادره قائد إقرار النظام البرلماني ممثل الشعب الذي لم يختاره الشعب : _
" أن الطفرة هى أن تتبع النظام الرئاسى ، أما النظام البرلمانى فهو الذى يساعد على التطور السليم ، و هو الذى اتبع فى معظم دول العالم ومنها أنجلترا.
القول الفصل ..و الحجه بالحجة...و الاستناد الى التجارب الانسانية في العالم
فماذا بعد ذلك ؟
استمر ممثل الحكومة في تكرار نفس الكلام
".....يمكن استفتاء المجلس ، واعطائهم الوقت الكافى للتفكير والبت فى أى النظامين."
"........لى نصيحة أريد أن اقدمها أننا يجب أن نقدم نظاما يمكن أن يلائمنا وفى رأيى أن النظام الرئاسى هو الذى يحقق هذا الاتجاه. الامر الذي دفع اللجنة الى أن تعود لمناقشة ذات الموضوع فى اجتماع استثنائى خاص به .
و ليكن ..... فقد تبين ان الشعب الكويتي كان حاضرا الاجتماع ... و سوف يكون حاضرا في الاجتماع القادم
أتى السبت 28/4/1962م و دقت الساعة 9 و دخل أعضاء اللجنة الجلسة السادسة و كل على رأيه
ممثل الحكومة الشيخ سعد العبد الله السالم :
" اننى أقول أن غايتنا هى إيجاد نظام مستقر لبلادنا فى هذه الظروف ، والنظام البرلمانى كما هو معروف ادى إلى كثير من المصاعب وعدم الاستقرار."
ممثل الشعب الذي لم ينتخبه الشعب حمود الزيد الخالد : " أن النظام البرلمانى هو الذى يحقق لنا هذا الاستقرار. "
اذا فالطريق مسدود ...
مع ملاحظة تفرد السيد الخالد في النقاش و الدفاع عن النظام البرلماني و الدور و الجهد الكبير الذي بذله لإقراره
و النقاش الذي دار بعد ذلك و المستجدات و ما إنتهت اليه اللجنة و ما آلت إليه أحوال البلد قي زمننا هذا و بعد عقود من تطبيق الدستور يؤكد النظرة الثاقبة لهذا الرجل و البعد الاستراتيجي المستقبلي الذي كان يؤسس له و يدفع به .
و لكن قبل ذلك نود أن نبين ما يلي :
- يتعين أن نستذكر و نتخيل الاجواء السياسية و الاوضاع العامة السائدة في عام 1962 و نأخذها بالأعتبار حين نقرأ و نبدى ملاحظاتنا على محاضر اللجنه و مناقشاتها و نتائجها - الاجواء السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية المنفتحة و المتطورة التي دفع بها الامير الخالد عبدالله السالم
- طبيعة أنظمة الحكم في المنطقة الاستبدادية الوحشية السائدة حينها و التي ترى أنها تملك الارض و من عليها و على وجه الخصوص انظمة الانقلابات العسكرية الفاشية ..و التي يجمعها العداء لاي نظام يمنح الحريات للشعب
- ان الدولة في طور التأسيس في كل مناحيها من وزارات و مؤسسات و قوانين و طرق و مباني و مدارس و مستشفيات و غيره ....
- ضعف الوعي الثقافي و ندرة القوى البشرية المتعلمة
- الطبيعة المسالمة و المتسامحه و النمط المعيشي البسيط لأهل الكويت
--------- في ظل المشهد السياسي و الإقتصادي و الإداري الذي نعيشه أي الرأيين كان صوابا
تلك الديره بأهلها الطيبين الوديعين المسالمين .....المنفتحين المنفتحين ....المنفتحين
كم من قيمة تحملها هذه الكلمه و كم من اذى اتت به هذه الكلمه
اقول تلك الديره التي اتخذت من اقصى ما كان في الامكان من مكان في الجزيره موقعا ....مكنها بأن تنأى بنفسها الى حد ما و الى اوقات ما عن احداث الجزيرة الصاخبه القاسيه ...
جاورت البحر و استكانت اليه و استكان اليها....و أخذا يتحاوران ...
هي تشكي قلة حيلتها و هو يحدثها بعظمته و بتاريخه و قيمته و دوره في تنمية البشر و الدول و الحضارات ...
دعاها الى ان تضع جانبا ما أتت به معها من مفاهيم و عادات و انماط ... و ان تفتح عينيها و تمد بصرها و بصيرتها و تدخل الى عالم منفتح و حضارات و ثقافات و شعوب ...
تأخذ منهم و تتعلم منهم و تستقي منهم ما يعينها عل ترسية حياة مستدامة قابله للاستمرار
فكان ان استجابت على الفور ....و لو لم تكن مهيئه ما استجابت
فكان ما كان و ما أعظم ما كان .........
اصبح البحر متنفسها و حياتها و روحها و مصدر دخلها و طعامها ... و امتزجت به و امتزج بها و هام بها و هامت به...فأسر اليها بما في باطنه من خيرات .. و
دعاها لتجوب البحار و تزور الديار و تتطلع على الاسرار... و لو لم تكن منفتحه ما إستمعت
تنفتح على الشعوب و تخالط الثقافات و تتعرف على العادات تأخذ من هذا و تنقل الى ذاك....و لو لم تكن منفتحه ما إستمعت تتصل بالحكومات و تتعرف على الساسه و السياسات و تدخل في نقاش و تفاهمات...و لو لم تكن منفتحه ما إستمعت فكان ان استجابت فرحه مزهوه حالمه آمله متطلعه لتأطير و رسم و تجسيد ذلك حاضرا و مستقبلا لها ...
فجادت بأنبل النجباء ليأخذوا بيدها .......
تلك نظرة شوق وحنيه ....
.............. وهذه دمعة بداريها..
نقطع استرسالنا لنروى موقفا خالدا من الخالد.......رواه الدكتور احمد الخطيب نائب رئيس المجلس التأسيسي في مقاله له في القبس بتاريخ 3 / 7 / 2012 ...........
" ........... في أول مجلس وزراء شُكِّل في الكويت بعد انتخابات المجلس التأسيسي، وقبل وضع الدستور، كانت هناك وزارة مكلفة، مكونة من أحد عشر شيخا وثلاثة من أبناء الشعب،
.......وفي احدى جلسات مجلس الوزراء عرض أحد الشيوخ اقتراحا يطلب فيه اتخاذ قرار يؤيده في ادعائه بملكية عقار رفضت البلدية تسجيله باسمه، لأن العقار ملك لشخص آخر..
دار نقاش حام في المجلس تضامن فيه الشيوخ الـ 10 مع زميلهم، وعارضهم الثلاثة في ذلك، ......
ولما
تأزم الوضع طلب المبدع المرحوم حمود زيد الخالد - رحمه الله - رفع الجلسة للاستراحة، .....
فاختلى بزميليه عبد العزيز الصقر، ومحمد النصف - رحمهما الله - قائلا: نحن ثلاثة وهم 11، ومعنى ذلك انهم قادرون على اتخاذ أي قرار يريدون على الرغم من معارضتنا.
ومعنى ذلك أن وجودنا في مجلس الوزراء لا قيمة له، ونحن في الوقت نفسه مجبرون على التضامن المطلوب من الوزراء،وهذا لا يمكن قبوله.............علينا أن نتقدم باقتراح أن تكون قرارات مجلس الوزراء بإجماع المجلس كله،
وإلا
نقدم استقالاتنا ونترك السيارات المخصصة لنا، ونذهب إلى محالنا مشيا على الأقدام. وهي بالمناسبة مقابلة للديوان الأميري.
.......اتصلوا بالشيخ جابر الأحمد الصباح - رحمه الله - وطلبوا منه نقل هذه الرسالة للأمير الشيخ عبدالله السالم الصباح - رحمه الله - الذي وافق على هذا الطلب فورا.. لماذا؟ لأن هذه هي الكويت المفخرة
وجودنا في مجلس الوزراء لا قيمة له...اقتراح أن تكون قرارات مجلس الوزراء بإجماع المجلس كله
وافق على هذا الطلب فورا............
ماذا يعني ذلك ؟يعني أنه غلب اصوات ابناء الشعب من الوزراء و منحهم حق إيقاف القرارات التي لا يوافقون عليها " فيتو "
