وطني الكويت سلمت للمجد مشاري العنجري نشر في 12-07-2020 كارثة الوباء التي نمر بها هي الكارثة الثانية التي تصيب الكويت خلال الثلاثين سنة الماضية، حيث كانت الأولى كارثة الغزو العراقي الغاشم، الذي دمّر بلدنا، ونهب خيراته، وقتل وأسر أبناءه، وشتت شعبه، وتحرر بلدنا منه بفضل الله ثم تضافر جهود الدول الشقيقة والصديقة ومقاومة الشعب الكويتي، ورفضه الاحتلال وإجماعه على عودة الشرعية ممثلة بأمير البلاد.
وكان الكويتيون، أثناء الغزو وبعده مباشرة، يتطلعون بلهفة وحماس إلى كويت جديدة عامرة بالنظام وكفاءة العمل يسودها العدل والمساواة، وتكافؤ الفرص، والالتزام بالقانون والدستور، الذي كان قد عُطل خلال السنوات الست السابقة على الغزو. والتي برز على أثرها بعض مظاهر الفساد والسرقات دون انجاز يذكر مع تكبيل للحريات، وبخاصة حرية الإعلام وتفرد الحكومة بأعمال السلطتين التنفيذية والتشريعية. وبعد مرور سنوات قليلة على تحرير البلاد من الاحتلال البغيض ساءت مع الأسف الأوضاع أكثر مما كانت عليه قبل الغزو الغاشم في عدة أمور، وخصوصاً تغلغل الفساد الذي عم كثيرا من الجهات الحكومية حتى تراجعت الكويت منذ عام 2003 حتى عام 2019 بحوالي خمسين نقطة، وفقاّ لمؤشر مدركات الفساد العالمي الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية،
كما تضخمت الميزانية دون أي مبرر وأصبحت ارقامها فلكية بفعل فاعل، وهو التنافس المحموم بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء على الإرضاء الوهمي للمواطن على حساب التنمية الشاملة، وحقوق الأجيال القادمة، فتضخمت الميزانية، وتعدت كل الحدود، ونبهنا إلى هذا مرارا، كما نبه إليه كثير من المتخصصين، إذ يصب معظم تلك الميزانية في خانة النفقات الجارية والاستهلاكية (المرتبات ودعم المواد الاستهلاكية والخدمات)،
أما النفقات الرأسمالية والمخصصة للتنمية فليس لها نصيب يذكر حتى اصبحت ميزانية دولة الكويت اكبر ميزانية استهلاكية نسبياً مقارنة بميزانيات جميع دول العالم، وذلك بالطبع من سوء الإدارة، وسوء التدبير والتقدير. والآن وبعد ان ينتهي الوباء أو الجائحة، وتعود عجلة الحياة في الكويت والعالم، ماذا عسانا ان نفعل كي لا يعود ما سارت عليه البلاد في السنوات الماضية كما أسلفنا من فساد وسوء ادارة بمعناها الشامل مثل ضعف الالتزام بالقوانين والأنظمة، وتدني مستوى سير العمل وكفاءته، وغياب مبدأ تكافؤ الفرص، ومبدأ الثواب والعقاب، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتفشي العمالة الأجنبية، وبخاصة الهامشية منها، والتي اصبحت مصدرا مكشوفا للكسب غير المشروع، وما الى ذلك من امور تساهم بالتأثير السيئ على أمن المجتمع واستقراره.
وبناء على ما تقدم، فأنا وأبناء بلدي، نتأرجح بين الأمل واليأس، ونحن نتجه الى المستقبل، علّنا نستفيد من اخطاء الماضي. فالالتزام بالدستور والقانون والنظام من قبل أفراد المجتمع، ومن قبل جميع السلطات الدستورية ايسر بكثير من عدم الالتزام بها، كما ان السير في الطريق السوي أسهل بلا شك من السير في الطريق الوعر. لذلك فالأمل دائما بالله اولا، ثم في ابناء وبنات هذا الوطن العزيز في انتشاله من براثن الفساد وسوء الإدارة، ومن التشرذم الضار الى آفاق الحياة الرحبة المضيئة، والحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها ونموها. والله أسأل ان يحفظ هذا الوطن ويديم علينا نعمة الأمان والاستقرار.
وبهذه المناسبة أنتهز الفرصة ان اتقدم ببعض الاقتراحات والآراء والافكار التي أراها مفيدة للبلاد، والتي سبق ان تقدمت بها وعرضت بعضها وغيرها على عدد من كبار المسؤولين في الدولة خلال السنوات الماضية، آملا أن تجد صدى أو طريقاً لتنفيذها أو تطبيق ما يناسب منها. وسأستعرض هذه الاقتراحات والآراء والأفكار باختصار شديد، وعلى شكل نقاط يمكن شرحها أو مناقشة بعضها بالتفصيل فيما بعد إن تطلب الأمر. هذا، ومن المتوقع بالطبع أن يكون هناك من يختلف معي في الرأي من بعض القراء الكرام، وبخاصة المهتمون بالشأن العام في بعض ما هو مطروح في هذه الورقة،
وهذا مما لا شك فيه من طبيعة الأمور، وهو سمة من سمات البشر، بل لعل مناقشتها والاختلاف حولها قد يوصلنا الى ما هو أفضل منها أو من بعضها، وافضل مما عليه الوضع الحالي بشأنها. والآتي استعراض سريع لها:
مشاري العنجري
الاقتراحات والآراء والأفكار العامة
1 - نقل أموال التأمينات الاجتماعية إلى الهيئة العامة للاستثمار لإدارتها واستثمارها العمل على إصدار قانون بنقل أموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية إلى الهيئة العامة للاستثمار لتديرها وتستثمرها بحكم اختصاصها في هذا الشأن، وان يضم المدير العام للمؤسسة لعضوية مجلس إدارة الهيئة. (هذا الاقتراح قدمناه في مجلس الأمة في عام 1986).
2 - إلغاء المادة 81 من قانون التأمينات لتحقيق العدل والمساواة إلغاء المادة (81) من قانون التأمينات الاجتماعية التي تعطي الحق لمجلس الوزراء بمنح معاشات استثنائية لبعض المتقاعدين بشكل قطاعات أو وظائف أو افراد دون غيرهم، لأن هذه المادة تفتقر الى العدالة فيما بين فئة واخرى ومتقاعد وآخر من ناحية، وتسبب الحرج الذي يقع فيه مجلس الوزراء والوزراء نتيجة الضغوط المختلفة التي يواجهونها في هذا الشأن من ناحية اخرى، علما بأن قانون التأمينات الاجتماعية الكويتي هو من اكثر قوانين التأمينات في العالم سخاء في المعاش التقاعدي ومن اقلها في حساب مدة الخدمة اللازمة لاستحقاق هذا المعاش، بالإضافة الى ما تقدم فإن تطبيق المادة 81 المشار اليها قد كلف الدولة ويكلفها مبالغ طائلة دون أسباب وجيهة أو مردود.
3 - إلغاء مسمى درجة وزير لغير الوزراء يجب إلغاء مسمى درجة وزير لغير أعضاء مجلس الوزراء، لأنها مخالفة لأحكام الدستور، ولا يتضمنها أي قانون، فالدستور هو الذي نظم حقوق وواجبات رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ومنع ان ترد في الميزانية العامة درجات ومرتبات وظائف لم تنظم بأي قانون، بالإضافة إلى ما يؤكده تفسير المادة 125 من الدستور في هذا الشأن. (ارجو الرجوع إلى مقالي في جريدة القبس في 30/10/2019 لمن يهمه الأمر).
4 - قانون بتحديد نسبة %20 على الأقل للنساء لعضوية مجلس الأمة هناك صعوبات اجتماعية تعوق نجاح المرأة ومنافستها للرجل في الانتخابات العامة لعضوية مجلس الأمة مع انها تمثل نصف المجتمع، لذلك آن الأوان بإصدار قانون يمنح المرأة حدا أدنى من مقاعد مجلس الأمة بواقع %20 على الاقل من عدد اعضاء المجلس، وهذا ما سارت عليه بعض الدول. واقترح النص التالي حتى لا تكون هناك مثالب دستورية فيه من ناحية العدالة والمساواة، وذلك بإضافة مادة 2 مكرر على القانون 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية كالاتي: «مادة 2 مكرر: لا يجوز أن يقل عدد الإناث او الذكور الفائزين في كل دائرة انتخابية عن اثنين، وعلى ان يراعى حكم هذه المادة في حالة تطبيق المادة 84 من الدستور عند خلو محل احد اعضاء مجلس الأمة».
5 - تكريم المتفوقين في الجامعات الأجنبية العريقة يتفضل صاحب السمو امير البلاد، حفظه الله، كل عام بتكريم ابنائه المتفوقين والمتفوقات من خريجي الجامعات والمعاهد في البلاد والعسكريين في الجيش والشرطة والحرس الوطني، لذلك فإنه من المناسب ايضا، وبتنظيم خاص، ان يشمل التكريم السامي المتفوقين من خريجي افضل 200 جامعة في العالم كل عام.
6 - مكانة الديوان الأميري واختصاصاته يتطلبان النأي به عن أعمال التشييد والبناء يجب النأي بالديوان الأميري عن القيام نيابة عن بعض الجهات الحكومية المختصة في اعمال التشييد والبناء بحجة عدم قدرة هذه الجهات بسبب الروتين المعطل وغيره على القيام بالمهام الموكلة له، مع ان المفروض هو تذليل الصعوبات القانونية والمالية والإدارية والفنية لمعالجة البطء والتأخير وسوء الأداء، لتقوم تلك الجهات بواجباتها بسهولة ويسر، كما قام بها الديوان وليس بإلغاء دور تلك الجهات أو جزء منه، علما بأن مكانة الديوان الأميري واختصاصاته تتطلبان النأي به عن ذلك.
7 - إنشاء إدارة متخصصة لرئيس مجلس الوزراء مهمتها المساهمة في تفعيل المادة 127 من الدستور العمل على انشاء ادارة متخصصة لرئيس مجلس الوزراء تكون مهمتها مراقبة ومتابعة أعمال الجهات الحكومية والمشاكل التي تواجهها، وتقديم التقارير اللازمة مباشرة لرئيس مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، تفعيلا للمادة 127 من الدستور التي تنص على أن: «يتولى رئيس مجلس الوزراء الإشراف على تنسيق الاعمال بين الوزارات المختلفة»، وأن يكون من مهامها أيضا تجميع ودراسة ومراجعة الخطابات الاميرية التي تلقى في مجلس الأمة، واجوبة المجلس عليها، وفقا للمادتين 104 و105 من الدستور، وتقديم التقارير والدراسات اللازمة بشأنها لرئيس مجلس الوزراء.
اقرأ المزيد:
https://www.aljarida.com/articles/1594483322498142200