هكذا اختلست.......اعترافات مصرفي فاسد

السيب

Active Member
طاقم الإدارة
30-03-2010, 10:47 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,959

icon1.gif
هكذا اختلست.......اعترافات مصرفي فاسد
«اعترافات مصرفي فاسد»
اشتريت ساعة من جنيف بـ 335 ألف يورو


المؤلف: كريسوس (مدير بنك فرنسي سابق)
ترجمة: سليمة لبال

لا يكشف هذا الكتاب، الذي أبقى مؤلفه اسمه سرا، وتنشره «القبس» على حلقات، تفاصيل وأسرار قصة انهيار البنك الأميركي ليمان براذرز فقط،

ولكنه يكشف أيضا عن علاقة النساء بعالم المال ودور العاهرات في قلب موازين الأسواق العالمية.

يكشف الكتاب ممارسات مافياوية، باتت السمة الرئيسية لعالم المال بحسب مؤلفه، الذي اختار التستر على اسمه واسم البنك الفرنسي الكبير الذي اشتغل فيه لسنوات، مفضلا توقيع اعترافاته باسم كريسوس.

أهدى كريسوس كتابه، الذي عنونه بـ«اعترافات مصرفي فاسد» إلى كل أولئك الذين لا يزالون يثقون بالبنك الذي يتعاملون معه. وعلى الرغم من قوله ان اعترافاته ليست للانتقام من الشخصيات التي ذكر أسماءها، فإنه يؤكد أنه نشرها ليكشف للقراء حقيقة ما يدور في اكبر المصارف العالمية.

كريسوس،

الذي أصبح ثريا، بفضل المكافآت التي تراكمت في حسابه منذ سنوات، الأمر الذي مكنه من شراء ساعة ريفرسو بـ 335 ألف يورو،

قرر في النهاية التخلي عن زوجته إيزابيل وابنته كلوي، بحثا عن حياة ثانية، يقول انها ستكون أفضل في اندورا، حيث لا احد يعرفه ولا احد يدرك أنه صاحب هذه الاعترافات.

إنها اعترافات مثيرة جدا عن عالم يبدو ان النساء محركه الرئيسي والمُطّلع الأول على خباياه وتفاصيله سواء في نيويورك أو في لندن أو باريس.

ينقلنا هذا المصرفي في قصص مترابطة بين هذه العواصم لنكتشف يوميات مصرفي فاسد، قَب.ل في النهاية بإفراغ جعبته في كتاب أَسالَ الكثير من الحبر في فرنسا وخارجها.

القبس



==================

كم ياترى لدينا من امثال هذا الفاسد ...بل اشد فسادا اضعافا مضاعفه........
لازالوا يمارسون فسادهم بكل خيلاء و اطمئنان و دون وجل
 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
06-04-2010, 01:35 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,962

icon1.gif

الحكايه

==================


بدأ كل شيء في نهاية الاجازة، حيث أهديت لنفسي ثلاثة أسابيع من الراحة بالقرب من سانت تروبيز في بيتنا الذي دفعنا ثلاثة ملايين يورو مقابلا له في الربيع الماضي، وتكفلت زوجتي ايزابيل بتهيئته وطلاء واجهاته باللون الأبيض.
يتكون البيت من عشر غرف اضافة الى ست غرف أخرى بشرفة وثمانية حمامات ومسبح ومخرج يؤدي مباشرة الى البحر.
تقول زوجتي ان شراء هذا البيت هو بمنزلة نجاح كبير بعد التضحيات التي قدمتها..».
لكن عن أي تضحيات تتحدث؟
أنا اشتغل في بنك منذ 15سنة، انتقل بين نيويورك وباريس، بحسب التعيين، لقد تمكنت من صعود السلم درجة درجة، الى أن أصبحت الرقم الثاني في هذا البنك عام 2007، بعد أن استفدت فجأة من حرب خلافة في قلب الادارة.
لقد تحدثت ايزابيل عن تضحيات، لكن الحقيقة هي أنها لم تثق فيَّ على الاطلاق. أنا لست تكنوقراطيا، ولم ادرس في مدرسة كبرى للتجارة، فوالديّ لا ينتميان الى النخبة، كما انني اجتزت امتحان الثانوية في ليموغ، في تلك الفترة أغويت ابنة كادر كبير في الصناعة الصيدلانية بفضل بذلات سان لوران والساعة الفاخرة التي كنت ارتديها.
لما التقيتهما كنت أعيش اقل من امكاناتي ومواهبي، غير أن راتبي كان يتضاعف شيئا فشيئا. ايزابيل كانت تؤمن بامكاناتي، كما كانت منبهرة بي كذلك، لكنها اكتشفت، بعد الزواج، سكن والدي المتواضع في بلدية بانازول، لكنها بقيت معي وعندما كانت حاملا بابنتي كلوي اشتريت جاغوار مستعملة.


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
17-04-2010, 10:20 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,962

icon1.gif

مظاهر الرخاء
بدأت مظاهر الرخاء تظهر على ايزابيل بعد خمسة عشر عاما، حيث كانت تلبس المجوهرات والحقائب الفاخرة، كما اشترت شقة في الدائرة الباريسية الثامنة واشتركت في نادي ريتز هيلث لانه الأقرب الى البيت، والآن لها ملك في كافالير. لقد تحولت زوجتي الى امرأة جافة نوعا ما لكنها احتفظت بأدبها.
كان شهر أغسطس رائعا، حيث حاولت ايزابيل أن تضفي على البيت جوا آخر، خاصة بعدما ذهبنا الى سانت تروبيز مع ابنتنا كلوي التي تبلغ 13عاما. كلوي فتاة جميلة وذكية وتشبهني تماما. وهناك التقينا الكثير من معارفنا، كما التقيت ايضا بداية أغسطس صديقا اقتصاديا من نيويورك يدعى نورييل روبيني.
أتذكر جيدا الحوار، الذي تم بيننا في الشرفة قبالة اليخوت التي كانت راسية في الميناء.
كان نورييل يلقب بــ «كاساندرا وول ستريت» بسبب تنبؤاته المتشائمة، فهذا الرجل يملك صفات عديدة، لكن له عيبين صغيرين هما حبه للحفلات وعدم احترامه كليا للمؤسسة المالية والمصرفية.
لقد أرهقه هذا العيب قليلا، لكنه قرّب بيننا، فالمصرفيون الفرنسيون في الولايات المتحدة الاميركية، يتمتعون بسمعة طيبة.


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
17-04-2010, 10:40 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,962

icon1.gif

بعض الأسرار البنكية الصغيرة
كنت في أعماق قلبي راضيا عن عودتي للمكتب،كنا بتاريخ 23 أغسطس، حيث فضلت ايزابيل البقاء تحت الشمس بعض الوقت بينما كانت كلوي تريد العودة الى باريس حتى تحضر الدخول المدرسي وتشتري مستلزماتها الدراسية.
مررنا في رحلة العودة بسويسرا، حيث كان علي تسوية بعض القضايا كما ذهبت الى موعدين مهمين الأول في شارع غون في محل جيغر لوكولتر.
كنت احلم منذ سنتين بشراء ساعة ريفرسو التي لم تنتج منها العلامة سوى أعداد محدودة، صبرت لكني وجدتها. لقد اشتريت هذه الساعة مقابل 335 ألف يورو، قد يبدو المبلغ كبيرا جدا بالنسبة للغالبية، لكن كان بمقدوري أن ادفعه وبالاضافة الى ذلك، هذه الساعة لا تشبه شيئا آخر لأنها فخمة، فخمة جدا.
وأما موعدي الثاني،فكان موعد عشاء مع صديقي كونراد هاملر وهو كادر سابق في يو بي اس (البنك السويسري).
لقد تخلى هاملر عن منصبه هذا في عام 1990، ليستلم ادارة ويغلن أند كومباني أقدم بنك خاص في سويسرا، لكنه اليوم واحد من البنوك السويسرية المتواضعة.
أصبح ويغلن في ظرف عشرين عاما من أقوى البنوك التي تدير الثروة، انه أداء دفع كونراد ليكون على رأس جمعية المصرفيين الخواص في سويسرا.
كان كونراد شخصية غير معروفة في أوروبا، غير انه كان شخصية فوضوية ومتعجرفة بالنسبة لمحيطه. هو وصف غير منتظر بالنسبة لواحد يعتبر اليوم من اكبر القوى المالية في جنيف.

ملتقى المحتالين برجال المال
عندما تخرج من مصعد نوغا هيلتون، في جنيف يكفيك أن تمشي بعض الخطوات لتصل الى أفخم حانة في المنطقة. هنا يختلط المحتالون المتنكرون في أثواب رجال أعمال بالمفوضين السامين في الفاو المكلفين بمكافحة سوء التغذية في العالم.
في الواقع يحب المصرفيون المحليون هذا المكان، ربما بسبب الجو الغريب الذي نشعر به من حولنا هناك.
وصلت إلى المطعم ذلك اليوم دقائق قبل الموعد وانتبهت إلى أن زوجين متقدمين في العمر كانا يتحدثان عن بحيرة ليمان وعن مناظرها الخلابة، مما ساعدني على الانتظار حيث كان موعدي مع كونراد وزوجته عند الساعة الثامنة، وفي سويسرا تفرغ المطاعم عادة عند هذه الساعة، حيث يحافظ السويسريون كثيرا على ساعات نومهم.
تأخر هذا الرجل المعروف بدقة مواعيده عن الوصول وكانت تجمعني به ثقة متبادلة كبيرة، كان يروي لي الكثير من النوادر عن الأسواق وأما ثقته بي فكانت مرتبطة بنقاط مشتركة بيننا أبرزها احتفاظنا بالأسرار، التي لم نكن نتحدث عنها لا لزوجاتنا ولا أمامهما.

ما يحدث في البنك
وعلى العموم كنت أرى دوما بأنه ليس على ايزابيل أن تطلع على ما يحدث في البنك، أكانت أحداثا مشرفة أو لا، كما كنت حريصا على ألا تعرف الوجه الخفي لحياتي المهنية لان الأمر ببساطة لا يهمها.
ولكن لماذا لم يتصل بي هاتفيا وزوجته، ما الذي يمنعها من أن تكلمني هي ايضا، خاصة وأنهما شخصان مثقفان ومحترمان؟!
شككت في الأمر ورحت أتصور بان ما وقع لهما كان حادث سير أو شيئا من هذا القبيل،.. هناك فرضية أخرى، يمكن ان يكون تأخره مرتبطا باجتماع سري. لقد قال لي كونراد خلال آخر مكالمة هاتفية بأنه سيبدأ شيئا ما على الساعة الثانية بعد العصر وسينهيه متأخرا في حدود الساعة السادسة مساء.
لقد أخطرني دون أن انتبه بأنه سيتأخر نوعا ما لان الأمر كان حساسا للغاية ...... ومرة أخرى السر البنكي في قلب النقاشات.
لقد بدأت متاعبنا في بداية عام 2000 بسبب الولايات المتحدة الأميركية، وعكس الفكرة الرائجة في أوروبا، كان التهرب الضريبي احد المشاكل الكبرى. فبوش الأب وكلينتون بدأ بحثّان مؤسسة الضرائب الأميركية على كبح جماح سويسرا.
واستمر بوش الابن على النسق نفسه، ليحدث التحول في يناير 2001، فمنذ تلك اللحظة أجبرت الولايات المتحدة الأميركية سويسرا على توقيع اتفاق للتعاون الضريبي، يفرض على البنوك السويسرية، التي تملك حسابات لمقيمين أميركيين، التبليغ عنهم لدى مصلحة الضرائب في بلادهم.

تدخل المفوضية الأوروبية
تم تصعيد اللهجة بمرور السنوات، الى أن اشترطت المفوضية الاوروبية عام 2003 على البنوك السويسرية الافصاح عن أسماء زبائنها.
هنا دخل كونراد الحلبة بصفته رئيسا لجمعية المصرفيين السويسريين الخواص، التي تعد في مجملها 14 عضوا.
أتذكر جدا القصة التي رواها لي في صيف 2005، حيث شرح لي بأن أعضاء المفوضية الاوروبية، كانوا يهددون بتوقيف كل التدفقات المالية بين اوروبا وسويسرا وهنا اخرج كونراد ورقة الجوكر «تريدون حقا الشفافية أيها السادة؟ جيد، اذاً بامكاننا أن نهتم بمفتشي الحسابات الثلاثة في المفوضية الاوروبية، الذين نسوا بغباء الابلاغ عن بعض الحسابات. أنا خائف من أن يثير هذا بعض الانزعاج لدى عدد من زملائكم... كل هذا في الملف الموجود أمامي.
كانت هذه مقامرة كونراد التي لم يطلع عليها احد، لقد روى لي كونراد هذا ضاحكا لأنه رأى أمامه وجوه ممثلي ادارة الأعمال المالية والمصرفية في اوروبا، شاحبة.
لقد أطبق الصمت، حيث لم يتجرأ رئيس الوفد، وهو ألماني الجنسية، حتى على النظر في عيني زملائه، فيما استعاد كونراد الكلمة بالقول «من المؤكد أن هناك حلا آخر، يمكن أن نحيي فكرة التصريح بأسماء زبائن البنوك التي أمثلها، والتي تتعارض تماما مع تقاليد عملنا وقانوننا بشأن السر المصرفي، يمكن أن يكون الحل فرض ضرائب على هذه الحسابات على ان تحتفظ بها مؤسساتنا للدول المعنية. وهنا سيرى الزبائن ان حقوقهم محترمة وفي الوقت ذاته يدفعون ضرائب ما على المبالغ المودعة لدينا، ما رأيكم؟».
بالفعل اتفق الجانبان السويسري والأوروبي في اقل من ساعة على المبلغ الذي يستحق اقتطاعا قسريا، 25 في المائة في الحال و30 في المائة ابتداء من عام 2011.
لقد نجح السويسريون أثناء السباق من استبعاد الأشخاص المعنويين (حسابات الشركات والمؤسسات والدول) من المفاوضات.
انتظرت المفوضية ثلاث سنوات حتى تعاود الحديث مرة أخرى عن الحرب ضد السر البنكي، ففي بداية 2008 أطلق لازلو كوفاكس حملة اعلامية جديدة في الموضوع ذاته. لم يكن من عادة المفوض الأوروبي للضرائب مضغ كلماته (اي التردد في قولها)، ولكنه أكد أن الأشخاص الذين تقتطع من حساباتهم ضرائب بنسبة 30 في المائة يخفون وراءهم أموالا غير شرعية.
اذاً ما الذي اخترعه كونراد حتى يحاول ثني المفوضية الاوروبية عن مثل هذه القرارات؟

غياب الوعي في البيت الابيض
لم يكن البيت الأبيض يتحقق من مدى تطبيق جنيف للاتفاقية عن طريق وكالة الاستخبارات الأميركية فقط، وإنما أيضا عن طريق وكالة الأمن الوطني، هي آلة يحركها 80 ألف شخص، يقومون بتسجيل مئات الملايين من المكالمات الهاتفية عبر العالم.
أنشئت هذه الوكالة في الأصل لمكافحة الشيوعية، لكنها تحولت الى مراقبة البنوك السويسرية وأيضا بعض البنوك الأوروبية وبعض فروع البنوك الفرنسية في الخارج، خاصة ان فرنسا لم تكن على علاقة جيدة بإدارة بوش في عام 2001.

الحلقة الثانية
أزمة الرهن العقاري متلازمة نقانق


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
26-08-2011, 07:12 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

ملتقى المحتالين برجال المال
عندما تخرج من مصعد نوغا هيلتون، في جنيف يكفيك أن تمشي بعض الخطوات لتصل الى أفخم حانة في المنطقة. هنا يختلط المحتالون المتنكرون في أثواب رجال أعمال بالمفوضين السامين في الفاو المكلفين بمكافحة سوء التغذية في العالم.
في الواقع يحب المصرفيون المحليون هذا المكان، ربما بسبب الجو الغريب الذي نشعر به من حولنا هناك.
وصلت إلى المطعم ذلك اليوم دقائق قبل الموعد وانتبهت إلى أن زوجين متقدمين في العمر كانا يتحدثان عن بحيرة ليمان وعن مناظرها الخلابة، مما ساعدني على الانتظار حيث كان موعدي مع كونراد وزوجته عند الساعة الثامنة، وفي سويسرا تفرغ المطاعم عادة عند هذه الساعة، حيث يحافظ السويسريون كثيرا على ساعات نومهم.
تأخر هذا الرجل المعروف بدقة مواعيده عن الوصول وكانت تجمعني به ثقة متبادلة كبيرة، كان يروي لي الكثير من النوادر عن الأسواق وأما ثقته بي فكانت مرتبطة بنقاط مشتركة بيننا أبرزها احتفاظنا بالأسرار، التي لم نكن نتحدث عنها لا لزوجاتنا ولا أمامهما.

ما يحدث في البنك
وعلى العموم كنت أرى دوما بأنه ليس على ايزابيل أن تطلع على ما يحدث في البنك، أكانت أحداثا مشرفة أو لا، كما كنت حريصا على ألا تعرف الوجه الخفي لحياتي المهنية لان الأمر ببساطة لا يهمها.
ولكن لماذا لم يتصل بي هاتفيا وزوجته، ما الذي يمنعها من أن تكلمني هي ايضا، خاصة وأنهما شخصان مثقفان ومحترمان؟!
شككت في الأمر ورحت أتصور بان ما وقع لهما كان حادث سير أو شيئا من هذا القبيل،.. هناك فرضية أخرى، يمكن ان يكون تأخره مرتبطا باجتماع سري. لقد قال لي كونراد خلال آخر مكالمة هاتفية بأنه سيبدأ شيئا ما على الساعة الثانية بعد العصر وسينهيه متأخرا في حدود الساعة السادسة مساء.
لقد أخطرني دون أن انتبه بأنه سيتأخر نوعا ما لان الأمر كان حساسا للغاية ...... ومرة أخرى السر البنكي في قلب النقاشات.
لقد بدأت متاعبنا في بداية عام 2000 بسبب الولايات المتحدة الأميركية، وعكس الفكرة الرائجة في أوروبا، كان التهرب الضريبي احد المشاكل الكبرى. فبوش الأب وكلينتون بدأ بحثّان مؤسسة الضرائب الأميركية على كبح جماح سويسرا.
واستمر بوش الابن على النسق نفسه، ليحدث التحول في يناير 2001، فمنذ تلك اللحظة أجبرت الولايات المتحدة الأميركية سويسرا على توقيع اتفاق للتعاون الضريبي، يفرض على البنوك السويسرية، التي تملك حسابات لمقيمين أميركيين، التبليغ عنهم لدى مصلحة الضرائب في بلادهم.

تدخل المفوضية الأوروبية
تم تصعيد اللهجة بمرور السنوات، الى أن اشترطت المفوضية الاوروبية عام 2003 على البنوك السويسرية الافصاح عن أسماء زبائنها.
هنا دخل كونراد الحلبة بصفته رئيسا لجمعية المصرفيين السويسريين الخواص، التي تعد في مجملها 14 عضوا.
أتذكر جدا القصة التي رواها لي في صيف 2005، حيث شرح لي بأن أعضاء المفوضية الاوروبية، كانوا يهددون بتوقيف كل التدفقات المالية بين اوروبا وسويسرا وهنا اخرج كونراد ورقة الجوكر «تريدون حقا الشفافية أيها السادة؟ جيد، اذاً بامكاننا أن نهتم بمفتشي الحسابات الثلاثة في المفوضية الاوروبية، الذين نسوا بغباء الابلاغ عن بعض الحسابات. أنا خائف من أن يثير هذا بعض الانزعاج لدى عدد من زملائكم... كل هذا في الملف الموجود أمامي.
كانت هذه مقامرة كونراد التي لم يطلع عليها احد، لقد روى لي كونراد هذا ضاحكا لأنه رأى أمامه وجوه ممثلي ادارة الأعمال المالية والمصرفية في اوروبا، شاحبة.
لقد أطبق الصمت، حيث لم يتجرأ رئيس الوفد، وهو ألماني الجنسية، حتى على النظر في عيني زملائه، فيما استعاد كونراد الكلمة بالقول «من المؤكد أن هناك حلا آخر، يمكن أن نحيي فكرة التصريح بأسماء زبائن البنوك التي أمثلها، والتي تتعارض تماما مع تقاليد عملنا وقانوننا بشأن السر المصرفي، يمكن أن يكون الحل فرض ضرائب على هذه الحسابات على ان تحتفظ بها مؤسساتنا للدول المعنية. وهنا سيرى الزبائن ان حقوقهم محترمة وفي الوقت ذاته يدفعون ضرائب ما على المبالغ المودعة لدينا، ما رأيكم؟».
بالفعل اتفق الجانبان السويسري والأوروبي في اقل من ساعة على المبلغ الذي يستحق اقتطاعا قسريا، 25 في المائة في الحال و30 في المائة ابتداء من عام 2011.
لقد نجح السويسريون أثناء السباق من استبعاد الأشخاص المعنويين (حسابات الشركات والمؤسسات والدول) من المفاوضات.
انتظرت المفوضية ثلاث سنوات حتى تعاود الحديث مرة أخرى عن الحرب ضد السر البنكي، ففي بداية 2008 أطلق لازلو كوفاكس حملة اعلامية جديدة في الموضوع ذاته. لم يكن من عادة المفوض الأوروبي للضرائب مضغ كلماته (اي التردد في قولها)، ولكنه أكد أن الأشخاص الذين تقتطع من حساباتهم ضرائب بنسبة 30 في المائة يخفون وراءهم أموالا غير شرعية.
اذاً ما الذي اخترعه كونراد حتى يحاول ثني المفوضية الاوروبية عن مثل هذه القرارات؟

غياب الوعي في البيت الابيض
لم يكن البيت الأبيض يتحقق من مدى تطبيق جنيف للاتفاقية عن طريق وكالة الاستخبارات الأميركية فقط، وإنما أيضا عن طريق وكالة الأمن الوطني، هي آلة يحركها 80 ألف شخص، يقومون بتسجيل مئات الملايين من المكالمات الهاتفية عبر العالم.
أنشئت هذه الوكالة في الأصل لمكافحة الشيوعية، لكنها تحولت الى مراقبة البنوك السويسرية وأيضا بعض البنوك الأوروبية وبعض فروع البنوك الفرنسية في الخارج، خاصة ان فرنسا لم تكن على علاقة جيدة بإدارة بوش في عام 2001.

الحلقة الثانية
أزمة الرهن العقاري متلازمة نقانق




Pictures%5C2010%5C02%5C15%5C8a6fbe38-9b96-45a5-bcaf-9ea75e04e9d9_maincategory.jpg
جورج بوش القبس


post_old.gif
19-09-2011, 12:43 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,789

icon1.gif


كود بلغة HTML:

<!-- Histats.com START (standard)-->
<script type="text/javascript">document.write(unescape("%3Cscript src=%27http://s10.histats.com/js15.js%27 type=%27text/javascript%27%3E%3C/script%3E"));</script>
<a href="http://www.histats.com" target="_blank" title="" ><script type="text/javascript" >
try {Histats.start(1,1640704,4,511,95,18,"00000000");
Histats.track_hits();} catch(err){};
</script></a>
<noscript><a href="http://www.histats.com" target="_blank"><img src="http://sstatic1.histats.com/0.gif?1640704&101" alt="" border="0"></a></noscript>
<!-- Histats.com END -->


 
التعديل الأخير:

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
21-09-2011, 11:13 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

القبس


اعترافات مصرفي فاسد أزمة الرهن العقاري تشبه متلازمة النقانق (2)

Pictures%5C2010%5C02%5C16%5C49de7c19-cde2-4c72-bc60-78e4a8316aad_main.jpg
سيتي بنك من البنوك التي عانت من الازمة المالية العالمية
المؤلف: كريسوس (مدير بنك فرنسي سابق) ترجمة: سليمة لبال
لا يكشف هذا الكتاب، الذي أبقى مؤلفه اسمه سرا، وتنشره «القبس» على حلقات، تفاصيل وأسرار قصة انهيار البنك الأميركي ليمان براذرز فقط، ولكنه يكشف أيضا عن علاقة النساء بعالم المال ودور العاهرات في قلب موازين الأسواق العالمية.
يكشف الكتاب ممارسات مافياوية، باتت السمة الرئيسية لعالم المال بحسب مؤلفه، الذي اختار التستر على اسمه واسم البنك الفرنسي الكبير الذي اشتغل فيه لسنوات، مفضلا توقيع اعترافاته باسم كريسوس.
أهدى كريسوس كتابه، الذي عنونه بـ«اعترافات مصرفي فاسد» إلى كل أولئك الذين لا يزالون يثقون بالبنك الذي يتعاملون معه. وعلى الرغم من قوله ان اعترافاته ليست للانتقام من الشخصيات التي ذكر أسماءها، فإنه يؤكد أنه نشرها ليكشف للقراء حقيقة ما يدور في اكبر المصارف العالمية.
كريسوس، الذي أصبح ثريا، بفضل المكافآت التي تراكمت في حسابه منذ سنوات، الأمر الذي مكنه من شراء ساعة ريفرسو بـ 335 ألف يورو، قرر في النهاية التخلي عن زوجته إيزابيل وابنته كلوي، بحثا عن حياة ثانية، يقول انها ستكون أفضل في اندورا، حيث لا احد يعرفه ولا احد يدرك أنه صاحب هذه الاعترافات.
إنها اعترافات مثيرة جدا عن عالم يبدو ان النساء محركه الرئيسي والمُطّلع الأول على خباياه وتفاصيله سواء في نيويورك أو في لندن أو باريس.
ينقلنا هذا المصرفي في قصص مترابطة بين هذه العواصم لنكتشف يوميات مصرفي فاسد، قَب.ل في النهاية بإفراغ جعبته في كتاب أَسالَ الكثير من الحبر في فرنسا وخارجها.

من بين مميزات نوغا هيلتون في جنيف، انه يهدي زبائنه امتيازا نادرا، ألا وهو الهدوء، فالخدم يتهامسون والزبائن كذلك ولا اثر للموسيقى هنا أيضا. لم اكتشف وصول صديقي الا عندما اقترب من الطاولة حيث كنت جالسا.
هو شخصية معروفة جدا في المطعم بدليل الجلبة التي أحدثها عند وصوله برفقة زوجته الشقراء. صديقي في الخامسة والخمسين، لكنه يظهر أكثر شبابا رغم الشارب الرفيع الذي تلون بلوني الملح والفلفل الأسود، والنظارات المستديرة التي تعطي الانطباع بان عمره اقل بكثير من الحقيقي.
حيا كونراد بعض من كانوا يتناولون العشاء في المطعم ثم اعتذر مني بينما كنت احيي زوجته.
عندما جلس الزوجان كونراد الى الطاولة سألته «صديقي العزيز،هل هناك شيء نحتفل به؟».
الساعة ليست للاحتفال، لكن علينا أن نستعيد بعض القوى، صدقني؟

الكبد بالأرضي شوكي
حاولت أن اخفي لهفتي لمعرفة المزيد، فهذه المفاوضات، التي لم يصدر عنها أي تصريح رسمي، تهم البنك الذي اشتغل لصالحه أيضا، وقبل كل شيء فان مهمة فرعنا في جنيف هي حماية أملاك زبائننا الاوفياء، وفي هذا الصدد كنا نرفض باستمرار تزويد وزارة الميزانية الفرنسية بالمعلومات التي تطلبها.
قلت لكونراد بنبرة هادئة إن وجبة الكبد بالأرضي شوكي وعسل الخزامى لا تزال ورقة رابحة؟
كان وجه كونراد لايزال عابسا لكنه أجاب:
سأفاجئك، لكني لست جائعا.... هذا ليس بمؤشر جيد عندكم.
قال «سأروي لك القصة بعد أن نحتسي مشروبا لأني عطشان جدا.

السلاح الثقيل
«لن أتركك تنتظر طويلا، لقد أخرجنا السلاح الثقيل، لقد كانوا هائجين، لم أكن أظن بان باروسو سيفرض ضغطا مثل هذا.
رئيس المفوضية؟!
نعم، على كل حال لقد أفهمناهم أننا كنا مستعدين لوقف كل المعاملات مع اوروبا، اذا استمروا في التكشير عن أنيابهم.
لن أعود، لقد هدد السويسريون المفوضية الأوروبية بتجميد كل الأرصدة الأوروبية، اذا ما استمروا في ازعاجنا بالسرية المصرفية وبتهديدنا باغلاق فروعنا خارج سويسرا.
هل صدقوكم؟
نعم.
كنت اعرف ان كونراد لن يقول لي أكثر لذا قلت له «برافو، اذاً عرفتم كيف تخرجون من المشكلة؟».
ليس بعد لان المشاكل ستبدأ الآن، خاصة مع ما حصل خلال الصيف...
أي؟!

«ليمان» يبكي
أتحدث عن هذه الفيلة التي تقوم الآن باغراق النظام، أنا اتحدث عن «سيتي غروب» و «يو بي اس» ولكن أيضا بنككم، ان لم أخطئ...... رأيت ما حدث نهاية يوليو الماضي؟
لقد بكى «ليمان» في أحضان الاحتياطي الفدرالي الاميركي حتى يتمكن من الحصول على مسمى بنك تجاري ويسلب أموال المدخرين بهذه الطريقة، أليس هذا صحيحا؟
بالضبط، الحقيقة هي ان البنوك المركزية تريد تخويف كل التكتلات، لكن الوقت فات والأمر قضي تماما».
في العمق، يمكن أن يكون كونراد محقا، فمن شدة لهفتنا على قواعد مهنتنا، عرضنا بنوكنا إلى مخاطر قاتلة.
بدأ صديقي بتناول الطعام بمجرد أن افرغ ما في جعبته، ثم قال لي «يؤدي تراكم كل هذه المخاطر في النهاية إلى الإصابة بمتلازمة النقانق»؟
متلازمة ماذا؟!

التسمم بالعدوى
إنها واحدة من جملي الجميلة، لقد سمعتم بأزمة الرهن العقاري أليس كذلك؟!
المشكل من نوع آخر، فعندما تتعفن قطع اللحم أي الرهون العقارية تصبح سامة وهذا يصيب كل النقانق بالعدوى، فيمرض من يشترونها.
والآن، ما الذي سيحدث؟!
لا نعرف، اعتقد بان من أكلوا النقائق لن يخرجوا أبدا، وأما الآخرون فيعتبرون ان كل الجزارين محتالين ومنتجاتهم سامة.
لكن من يمكن أن يلقي عليهم اللوم؟
بالتأكيد ليس أنا، أظن ان أزمة الثقة التي ستمس مصرفيي سويسرا أو آخرين هي اكثر سوءا من إلغاء السرية المصرفية.
كانت الساعة العاشرة مساء أي الساعة الثانية صباحا في باريس، عندما بدأت زوجة كونراد بالتثاؤب، فكان هذا مؤشر على مغادرتهما ونهاية حديثي مع كونراد.
الرأي السائد لدى المصرفيين ان ازمة الرهن العقاري تمثل ذروة الازمة. لقد ذهب كونراد بعيدا عندما قال الشيء نفسه الذي قاله لي نورييل روبيني من قبل «الاسوأ كان أمامنا».

أول الانحرافات
كانت باريس لا تزال في فترة الاجازات يوم الاثنين 25 أغسطس، عندما ذهبت إلى مكتبي في زاوية الطابق الذي توجد فيه الإدارة.
عرفت ان المدير لن يأتي الا يوم الأربعاء وكان هذا خبرا جيدا بالنسبة لي، حيث كان أمامي يومان لأستلقي في الحمام دون أن أتعرض لأي ضغط كما كان أعضاء مكتبي ينتظرونني لأطلع على البريد المتراكم خلال الصيف.
«صباح الخير سيدي، هل هناك من شيء مستعجل ؟وألا سآخذ كل هذا، سأطلع عليه خلال ساعة».
لا تهتم خذ وقتك.
اطلعت على كل البريد، قبل أن اشرب قهوتي الصباحية.لم يحدث شيء كبير أثناء غيابي، ففي البنك وفي أماكن أخرى يتميز شهر أغسطس بالهدوء وانعدام النشاط.
كنت ارتشف الاسبريسو عندما رأيت ايتيان يقف أمام الباب ويسألني «استطيع»؟
ادخل من فضلك.
كان إتيان مسؤولا عن المكتب المسؤول عن المعاملات ومراقبة تطبيق القوانين. لقد طلب لقائي لدى عودتي مباشرة، وكنت أنا مكلفا بالإدارة المالية والمخاطر، كما كنت مكلفا بالسهر على احترام الإجراءات القانونية داخل البنك.
سألته «إذن كيف هم رفاقنا»؟
قال إتيان(لن أعطي اسمه الحقيقي حتى يتمكن يوما ما من العثور على وظيفة):» الأمور جيدة على العموم، كانت الأموال الصادرة عن البنك يوم الجمعة 18 مليونا والموظفون معنوياتهم.....»
لم يكمل اتيان الجملة ولكن؟

واجهات الإبهار
كان اتيان يتجنب النظر في عيني، لم أرَ ذلك أبدا، وكأن أحدا يلعب في القوات الخاصة، والقوات الخاصة هي وحدة من الوحدات الرئيسية التي تجمع متداولي نخبة البنك. هي واحدة من الواجهات التي نفخر بعرضها على الصحافيين الماليين حتى نبهرهم.
كثيرا ما كان أعضاء هذه الوحدة ينسون كاميرات المراقبة عند استنشاق البودرة تحت أنظار أعين يقظة، ورغم ذلك فهم يساهمون في 60 في المائة من النتائج التي يحققها البنك، ولهذا السبب كانوا يستفيدون من حماية الرئيس، الذي كان يمرر لهم الكثير من الأخطاء فيما كنت أغمض انا عيني أيضا.
قلت لاتيان: ماذا تعني بقولك؟
- في الواقع إنهم اثنان...
لقد فهمت، أعطني البقية.
لقد تجاوزوا سقف التزاماتهم.
بكم؟
نحن في المؤشر الأحمر.
ويعني المؤشر الأحمر ان البنك في خطر بسبب الالتزامات التي عبر عنها بطريقة غير مشروعة.
منذ متى؟
من الصعب القول.. من دون شك منذ الأربعاء الماضي.
شعرت بالقلق والتشاؤم لان المؤشر احمر في البنك منذ أربعة أيام ولا احد دق ناقوس الخطر طيلة كل هذا الوقت.
ماذا يعني هذا؟!
كانت هناك إجازات، ونحن طلبنا لقاءك فور تلقينا خبر وصولك هذا الصباح عن طريق فيليب..
مَن؟
رئيس المكتب.
نعم، وماذا عن المسؤولين الآخرين جوليان وشارل هنري.

صدمة وذعر
لقد ذعرت بل صدمت، لان الاثنين هما من أحسن عناصر البنك، خاصة شارل هنري الذي كان من بين فريق أحلامي في أميركا واستقدمته من نيويورك فور تعييني في باريس.
ماذا نفعل؟!
كان السؤال محرجا ومقلقا في الوقت ذاته لذا انتفضت بالقول «أي سؤال هذا، قم بعملك»!
أطبق الصمت على اتيان ثم قال لي: لكن....أنت تعرف شارل هنري، ظننت انك تريد التحدث إليه...
كم وصلت قيمة الخسارة؟
لا توجد خسائر لحد الساعة.
اشرح لي؟
قال بصوت لا يكاد يسمع «لدينا 900 مليون كفائض».
بتجربتي، كنت أدرك معنى ما يقول، لكني قلت له: وفي الأخير؟!
لا نعرف لحد الآن، ما الذي سيجري. لقد قمت بمجهودات حتى لا ينفجر الوضع
«ولم تقوموا بشيء لحد الساعة ؟من على اطلاع بالوضع؟!
لا أحد غيرك ومارج التي أصرت على معرفة ما يحصل وأطلعتها باختصار شديد على الوضع وفكرنا بإخطارك فورا.
لقد أزعجتني هذه الجملة الأخيرة، لذا قلت له ليس فورا يا اتيان، وقع الأمر الأربعاء أليس كذلك؟
نعم، لكن.. في الأخير نحن تأكدنا الأربعاء، لكن كانت تنتابنا بعض الشكوك من قبل.
في الواقع اعتقد بأن الانذارات الأولى تعود الى يوم الخميس الماضي، لكنك كنت في اجازة.
أصول مسمومة
لم تكن عودتي جيدة الى المكتب بعد الاجازة مثلما كنت آمل، لأني أنا من يتحمل مهمة مراقبة الاجراءات. وبالطبع أنا من سيُضحّى بي اذا ما خرجت جثامين من الخزائن خلال الأيام القليلة المقبلة.
كنت اعرف أن ما وراء الأخطاء المرتكبة، منظمة بأكملها داخل البنك، لم اكن اتحكم فيها، كما كان تعدد مستويات المسؤولية يعيق انتقال المعلومة والتقييم الصحيح للمخاطر، لذلك كان علي أن افعل شيئا ما.
كان علي أن أجد وسيلة للضغط قبل أن استدعي المتورطين حتى يعترفوا بحقيقة ما حصل، لذلك كلمت فريق مراقبة أجهزة الاعلام الآلي، وطلبت منه نسخة من الرسائل الالكترونية للمتداولين.
لم يوافق فريق الأمن على طلبي وكأنه متعود على مثل هذا الاجراء، بعد ذلك، حاولت الحصول على سجل المعاملات لأتأكد من أن المراقبة تمت أو لا، وهنا بدت لي الأمور معقدة جدا.
اتضح لي أن الحادثة من دون سوابق، لذلك اتصلت باتيان لسؤاله، وهنا انتهى الى الاعتراف بان العملية حصلت مرتين، لكن لا شيء واضح.
طبعت القائمة التي تختصر العمليات التي تمت خلال السنوات العشر الماضية، وحاولت بناء قصة هذه الاصول التي اشتغل عليها المتورطان.
هذه الأصول الخاصة التي صنعت في ورشات البنك، تشبه المواد السامة التي يلفظها العالم كله: الكثير من المخاطر والقليل من الاحتياطات مع نتائج ايجابية لحد الساعة على مستوى حسابات البنك.
انها جولة حقيقية لكنها سحرية على مستوى كبير، لكن كم استمرت؟
كان متداولو النخبة يشتغلون يدا بيد مع فريق الهيكلة، هؤلاء العباقرة الصغار كانوا يختلقون أصولا مسمومة وبسرعات قياسية. كانت هذه الأصول تعتبر بنظر اللجان جواهر جديدة لمجموعتنا، غير أن هذه الأحجار النفيسة يمكن ان تخفي نقانق متعفنة، اذا ما صدقَّنا كلام كونراد هاملر.
مهما يكن، كانت هذه الأصول تباع مثل الخبز، وباسم «ضمان بأصول الدين سي دي أو» أو «الدين المدعوم بأصول أي بي أس».
لقد تحول عبقريونا الصغار بالتعاون مع بنوك العالم بأسره، الى كيميائيين، قادرين على تحويل محتويات سلات قماماتنا الى ذهب.
العملية سهلة جدا، أما هدفها الأول فكان تمرير مخاطر المصرف نحو البورصة، فيما كان الهدف الثاني تنظيف حساباتنا لان الديون التي لا تباع تختفي من الماضي، لتعاود الظهور فجأة.
عندما بدأت أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الاميركية في ربيع 2007، لم نكن نشعر بأننا مستهدفون، ذلك أننا لم نكن متخصصين في منح قروض عقارية للعائلات.
كنا نتصور بأننا بعيدون كل البعد عن هذه القصة التي أهدرت فيها مليارات، وكنا نظن ان بنوكنا أكثر قوة الى أن علمنا ان الكارثة قادمة.
لم يكن احد قادرا على معرفة مكونات محفظاتنا، يمكن أن يكون هناك رهن عقاري أو رهونات عقارية عديدة..كنا نعرف بان الوضع بدأ يسوء.
في بداية عام 2007، قال مديرنا خلال اجتماع للادارة «كلنا مسؤولون، لكننا لسنا متورطين».
انها مشكلة كبيرة، ذلك أن قصة الرهن العقاري تشبه قصة أكياس الدم الفاسد التي استعملت طويلا قبل أن يُكتشف أنها ملوثة. وبطبيعة الحال لا احد تعرض للعقاب.

رصاصة من الخلف

من الغريب جدا أني استطعت أن أحافظ على هدوئي.
جيد يعني أنكم تعرفون منذ عشرة أيام ان هؤلاء خرقوا كل اجراءاتنا الأمنية الخاصة بالمعاملات.
نعم ذلك حقيقي، لكن وبالنظر الى النتائج، الخبر جيد، لا؟
انتظر لحظة من أين جاء الانذار؟
من الألمان، انه البنك المركزي الذي يمرر أوامرنا، لكننا لم نقدر.....
ومتى نبهوكم الى هذا؟
متى، منذ شهر تقريبا، أنت تفهم لو أننا أخطرناك كل مرة بمثل هذه الانذارات، لما كان لديك متسع من الوقت للقيام بأشياء أخرى...
عفوا؟
في النهاية، هو بالذات ما شرحه لي سلفك.
لقد اخطأتم، كان عليكم ابلاغي مباشرة، اليوم النتيجة ايجابية لكنهم غدا سيخسرون عشرة ملايين على ظهورنا، ومن سيكون المسؤول آنذاك انتم؟بالطبع لا؟
لقد فهمت نوعا ما الوضعية، نهضت من مكاني وفعل اتيان الشيء نفسه حيث قلت له «سأكلمك بسرعة، لكني مضطر الى تركك حالا».
تغير لون وجه اتيان من الأبيض الى الأصفر، لقد خرج من مكتبي وكأنه متخوف من ان تصوب نحوه رصاصة من الخلف.
فتحت مراسلاتي وبدأت في كتابة البريد التالي «عزيزي اتيان، أبلغتني الآن بمعلومات من شانها الأضرار بالبنك، لقد تأخرت كثيرا».

الحلقة الثالثة
ماندي تتعلم العربية لتتفاهم مع زبائنها


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
07-11-2011, 11:37 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

اعترافات مصرفي فاسد ماندي قررت تعلم اللغة العربية لتتفاهم مع زبائنها (3)

Pictures%5C2010%5C02%5C17%5C341dd3f3-250a-4f66-9883-c98ccd021f07_main.jpg
الازمة مستمرة في الاتجاه الخطر
المؤلف: كريسوس (مدير بنك فرنسي سابق) ترجمة: سليمة لبال
لا يكشف هذا الكتاب، الذي أبقى مؤلفه اسمه سرا، وتنشره «القبس» على حلقات، تفاصيل وأسرار قصة انهيار البنك الأميركي ليمان براذرز فقط، ولكنه يكشف أيضا عن علاقة النساء بعالم المال ودور العاهرات في قلب موازين الأسواق العالمية.
يكشف الكتاب ممارسات مافياوية، باتت السمة الرئيسية لعالم المال بحسب مؤلفه، الذي اختار التستر على اسمه واسم البنك الفرنسي الكبير الذي اشتغل فيه لسنوات، مفضلا توقيع اعترافاته باسم كريسوس.
أهدى كريسوس كتابه، الذي عنونه بـ«اعترافات مصرفي فاسد» إلى كل أولئك الذين لا يزالون يثقون بالبنك الذي يتعاملون معه. وعلى الرغم من قوله ان اعترافاته ليست للانتقام من الشخصيات التي ذكر أسماءها، فإنه يؤكد أنه نشرها ليكشف للقراء حقيقة ما يدور في اكبر المصارف العالمية.
كريسوس، الذي أصبح ثريا، بفضل المكافآت التي تراكمت في حسابه منذ سنوات، الأمر الذي مكنه من شراء ساعة ريفرسو بـ 335 ألف يورو، قرر في النهاية التخلي عن زوجته إيزابيل وابنته كلوي، بحثا عن حياة ثانية، يقول انها ستكون أفضل في اندورا، حيث لا احد يعرفه ولا احد يدرك أنه صاحب هذه الاعترافات.
إنها اعترافات مثيرة جدا عن عالم يبدو ان النساء محركه الرئيسي والمُطّلع الأول على خباياه وتفاصيله سواء في نيويورك أو في لندن أو باريس.
ينقلنا هذا المصرفي في قصص مترابطة بين هذه العواصم لنكتشف يوميات مصرفي فاسد، قَب.ل في النهاية بإفراغ جعبته في كتاب أَسالَ الكثير من الحبر في فرنسا وخارجها.
كان البنك في مواجهة فضيحة جديدة، لأننا نحن من فرضنا غالبية الابتكارات المالية في فرنسا، وأما الآخرون فقد تبعونا بعد أن استنسخوا طرق عملنا، لكن كنا نحن المشاغبين والفاسدين أيضا.
لقد كان البنك معرضا للخسارة في أي لحظة، كما كان الأمر سينتهي بتضرر زبائننا، لذلك فكرت في أننا سننتهي إلى إيجاد حل.
ما الذي قمنا به منذ ذلك الوقت، على الاقل لتنبيههم، ثم حمايتهم؟
لا شيء بل رأيناهم وهم يسقطون والبنك ضغط بقوة على رؤوسهم.
كما علينا ألا ننسى أننا اقترحنا على أغبياء البلديات منتجات اقل خطرا من الرهون العقارية كالقروض منخفضة الفوائد، على سبيل المثال، حيث كانت البلديات من الفئات التي نستهدفها وذات الأولوية.

احتيال بسيط
كانت البلديات في تلك الفترة تريد سحب أموالها بصفة مستعجلة حتى تمول بعض نشاطاتها قبيل الانتخابات. بالنسبة لهذه المؤسسات المحتاجة إلى مبالغ كبيرة، كانت طريقة احتيالنا بسيطة، تقوم على اعتماد فرق غامض في العملة بين الدولار واليورو بالنسبة للقروض متغيرة الفوائد.
إلى هنا كل شيء جيد، ذلك ان اليورو في مستوى عالٍ وهذا مطمئن. لكن ماذا بعد؟
العنصر الأساسي هو ألا تبدأ البلديات في التعويض إلا بعد مرور عشرين عاما، وهنا عليكم أن تتعرفوا على من سيكون المسؤول آنذاك ؟ كما سيكون من اخذوا البصمات قد ماتوا منذ مدة طويلة.

كرة الثلج
من الأفضل هكذا، لان نسب فوائد هذه القروض التي لها فعل كرة الثلج، تحتسب بطريقة تراكمية.
وعلاوة على البلديات، أقنعنا بسرعة عددا لا بأس به من مكاتب مؤسسة «اش ال ام» للإسكان والمستشفيات الحكومية باستخدام هذه القروض السحرية. لكن كيف؟
كنا نملك العديد من نقاط القوة، أولها اسم البنك المحترم الذي نعمل فيه، بالإضافة إلى مهنية فرقنا، وهوية زبائننا الأوائل، التي كانت تضمن حدا أدنى من الثقة والأمان للزبائن الذين كانوا يأتون فيما بعد، وأخيرا بعض الامتيازات التي كنا نوفرها لصناع القرار في كل مؤسسة.
لقد أضحت الرشوة جزءا من عملنا في البنك، لكننا كنا نفضل أن نطلق عليها مصطلح «حركات تجارية»، ولهذا السبب قررنا تخفيف شروط الحصول على قروض من دون فوائد لبعض زبائننا الأوفياء، وعلى الخصوص أولئك الذين كانوا يدعمون اقتراحاتنا لدى مؤسساتهم.

أسد في كمين
كنت أدور في مكتبي كأسد في قفص، ما كنت قادرا على فعل شيء، لكني كنت انتظر أن ينجح كميني من دون أن أثير انتباه المعتوهين. غير أنني كنت متخوفا من سقوطهما خلال الأيام القليلة المقبلة، لان ذلك كان سيشكل كارثة، وكنت سأجد نفسي أمام قضية مستحيلة الحل أو أن ابرر ما حصل،
وأما الأسوأ فهو أنني سأسقط.
انتظرت مواعظ الرئيس، الذي يشعر دوما بالفرح عندما يتهيأ لقطع رأس، لقد قال لي عندما ذهبت لأخبره «صغيري داميان، هناك بالتأكيد أسباب مكنتني من الجلوس على هذه الأريكة : أنت فاسد اعتليت خطأ منصب المدير العام وانتظر أول خطوة خاطئة لك حتى أطردك..»
قبل أربع وعشرين ساعة فقط، عدت من إجازتي، واشعر باني بحاجة إلى الترويح عن نفسي والابتعاد عن هذا العالم الملبد، حيث يطعنونك وهم يبتسمون.

أحتاج ماندي
من المؤكد أنني لم أكن المسؤول المباشر عما وُصف لاحقا بالحادث التقني، لكنني كنت امثل المديرية العامة.
كنت بحاجة إلى شيء قوي، شيء مثير، كنت في الواقع بحاجة إلى ماندي. لقد التقيتها في نيويورك، بعد بضعة أشهر من ميلاد ابنتي كلوي. كانت في العشرين وأما ساقاها فجميلتان جدا.
لقد أنقذتني من حالة الليبيدو، تتساءلون بالتأكيد ماذا عن زوجتي؟
منذ عشر سنوات، ترفض زوجتي معاشرتي خلال أيام الأسبوع الست وأما اليوم السابع فــ........
لا تزال ماندي بعد 13 سنة ضمن محيطي، هي فرنسية، تعيش حياتها في الخارج.
ماندي امرأة فضولية وحيوية، تتقن العديد من اللغات كما تواظب على قراءة الفايننشال تايمز أكثر من قراءة مجلة فام اكتويال (المرأة المعاصرة).
كانت تعرف الكثيرين وتحدثني عنهم دون أن تحتاط أو تتوخى الحذر مني.
اتصلت بها عن طريق رسالة هاتفية، ومن حظي ردت علي بسرعة عن طريق شكل ضاحك (سمايلي) مع اسم «انابالس» والرقم 12.


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
07-11-2011, 11:39 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

ساندريلا مصدر تفاؤل
لقد أعطتني موعدا عند الساعة منتصف الليل أمام هذه الحانة اللندنية.
عاودت الاتصال بها لأتأكد، لكنها اختصرت المكالمة وقالت لي: «تعرف اسمي الثاني؟ سندريلا. من مصلحتك أن تكون في الموعد وإلا ستقضي الليلة مع يقطينة».
أحببت هذه الفتاة، التي تنكّت ببراعة مثل الرجال، كما أن تفاؤلها ينعكس عليّ بسرعة.
ألغيت بعض المواعيد، ثم تركت رسالة مقتضبة في البيت، حيث قلت باني ذاهب في مهمة لشراء بنك على حافة الإفلاس، لأتوجه مباشرة نحو قطار اليوروستار السريع. لم أكن بحاجة إلى حجز غرفة لان ماندي ستتكفل بكل شيء.



مدير من الشرق الأوسط
كانت الساعة الحادية عشرة ليلا عندما توقفت سيارة التاكسي التي استقللتها أمام الباب الخشبي الأزرق للنادي الوحيد الذي يتردد عليه أفراد العائلة المالكة في بريطانيا.دخلت هذا المكان الذي زينت جدرانه بقماش الكاكي المخطط بالأحمر والذهبي، فإذا بنادل يبحث عني لما دخلت الحمام.
كانت ماندي تنتظرني في الحانة، حيث كانت تتحدث إلى رجل طويل، بشرته داكنة، شعرت للوهلة الأولى باني اعرف هذا المدير الآتي من الشرق الأوسط والمعروف بتداول مبالغ طائلة.
أشارت لي ماندي عندما لمحتني وقالت لي عندما وصلت إلى حيث كانت تجلس:
ــــ اهلا داميان، كنت بانتظارك.
ــــ مساء الخير جميلتي، هل بإمكاني تقبيلك؟
ــــ على الخد، ملاكي.تعرف القاعدة..
ــــ دوما في لندن؟
سأعود إلى واشنطن.
ــــ أقدم لك.. آه تعرفان بعضكما؟
مساء الخير طلال. لقد التقينا فيما سبق، أمازلت في سيتي غروب؟
لقد انحنى الرجل لتحيتي وقال:
«أظن أننا التقينا في دافوس في فبراير الأخير، لقد تغير منصبي منذ ذلك الحين، تعرف ما الذي جرى..
ــــ اعرف
قاطعت ماندي الرجلين وقالت :
ــــ توقف.هنا لا نتحدث عن العمل.هيا لنأكل شيئا.
لا اعرف ما الذي قالته المرأة الشابة لهذا الخليجي ونحن في طريقنا للمطعم، لقد كانت متألقة كعادتها، بسمرتها ولون عينيها وشكلها وهندامها الأنيق جدا.
ترتدي ماندي دوما ألبسة تكشف عن كتفيها وصدرها لكنها البسة غير مبتذلة، لم تكن تلبس المجوهرات، ما عدا ماسة في شكل دمعة كانت تختبئ بين نهديها، وفي معصمها كانت تضع ساعة ريفرسو فخمة.

ثوب يبعد الفقراء
حجزت ماندي طاولة صغيرة في المطعم بعيدا عن الجلبة، لكنها تطل على ساحة الرقص وأما قائمة الطعام فاحتوت الكافيار والتفاح ومعجنات. طلبتُ زجاجة فودكا، لكنها رفضت ذلك بشدة وقالت لا يجب أن اشرب وأنا اعمل، لأني سأنام مباشرة بسبب التعب.
هل أقمت حفلة؟
ــــ لا ليس هذا ولكن أنا مرهقة بسبب الرحلات الدولية الثلاث التي قمت بها في ظرف ثمانية وأربعين ساعة.
ــــ برنامج رائع..
انفجرت ماندي ضحكا وهي تضع يدها على فخذي «أنت محق، أتعرف ماذا؟ لقد قررت تعلم اللغة العربية بعد أن عددت أفراد هذه السلالة بسبب حالة الأرق التي عانيت منها.
هذه البنت حيوية جدا وتعرف أشياء كثيرة، اكبر من التي كنت أتصورها، كنت أريدها وكان الوقت مناسبا لأمضي في ذلك.
ـ نذهب؟
ـ تمنحني دقيقة يا دميان أريد أن احيي أحدا على ساحة الرقص.
ـ ستقومين بذلك غدا
ـ لا، انه رقم 3
ـ من؟
ـ هاري: الرقم 3 في ترتيب الجلوس على العرش في بريطانيا.
ـ انسي الأمر، انه مخادع صغير وأنت اكبر من ذلك، وأيضا عندي أشياء أود أن تريها.
تنهدت قبل أن تنسى فكرة لقاء ابن الأمير تشارلز، فيما دفعت الفاتورة حين ذهبت للحمام.

نقاط مشتركة
رغم دفء الجو في تلك الليلة، ارتدت مومستي معطف فيزون رائعا وأمام دهشتي، ضحكت وقالت: «انه ثوب العمل، أتعرف؟ انه يبعد الفقراء، أنا لا اهتم الا بالمهنيين، أولئك الذين يستطيعون أن يعرفوا من أين يأتي هذا الفرو، ومستعدون لاهدائي مثلها».
عندما أرادت ايزابيل شراء فرو فيزون، أجرت تحقيقا عند كل باعة الفراء في باريس، حتى تتأكد من أنني سأهديها الأفضل، هل هناك نقاط مشتركة بين العاهرات والزوجات الشرعيات؟
كانت هناك سيارة تاكسي تنتظرنا في باركلي سكوير، لتقلنا الى بارك لين، حيث حجزت ماندي في فندق دورشستر مثل العادة. كان هذا الفندق الفخم المطل على هايد بارك، يرفع معنوياتي دوما.
أُقفل باب المصعد علينا.... وأخيرا نحن لوحدنا..... قررت عندها أن انتقل الى مرحلة الهجوم، لكنها ذكرتني بضرورة الالتزام بالنظام، لكنني لم أكن قادرا، فيما قالت لي: «لقد قلت اني سأقرر، اذن عليك أن تبقى هادئا يا عزيزي..».
دخلنا الغرفة وكانت فسيحة جدا، وأما السرير فكبير وقد زينته شراشف تحتوي على أشكال ورود وأما الحمامان فكانا من الرخام الفخم.
لم أكن أفكر في شيء عندما غطست في حوض الحمام العميق، الذي امتلأ بالماء الساخن، بينما كانت مسيطرة على زمام الأمور. أحببت كثيرا هذا الجانب المباشر فيها.
بعد أن استرحنا، قالت لي «أنا جائعة، ألا تشعر بالجوع؟
ـ كم الساعة؟
ـ الساعة الثالثة صباحا، أتنام؟
ـ سأحاول، لكن على كل حال لا استطيع النوم معك، أوه، لتفعلي ما شئت.
ـ جيد سأطلب كعكا ومربى البرتقال وشوكولاتة ساخنة.... سنحتفظ بالنقانق لصبيحة الغد، لا؟
فكرة جيدة.

المرحلة الثانية
هكذا بدأت المرحلة الثانية من الوقت. تكلمنا بين تمرينين تطبيقيين، وبدا جليا ان ماندي تريد أن تقول لي شيئا.
هل كانت تحاول أن تعرف أكثر عني أو كانت تريد أن تتضح لها بعض الأمور؟ لكن الفرضية السارة بالنسبة لي هي أنها كانت تأمل في مساعدتي.
على كل حال ادارة بنك هي أيضا معرفة الاطلاع على ما يجري في الأسواق.
«البارحة، وقع شيء غريب في واشنطن...»
كانت نبرة صوتها هادئة وكأن ما ستقول غير مهم تماما، لكني شجعتها على مواصلة الحديث :
«عندما وصل موعدي، كان في كل حالاته.
من؟
لا اعرف من يكون، لا اعرف بالضبط، لكن الجميع كانوا ينادونه سلطان، بالتأكيد هو خليجي.
ـ كان وسيطا؟
ـ لا، أكثر من ذلك، هو من أفراد عائلة حاكمة. هو سفير سابق يدير وزارة الآن.
ـ وبعد؟
ـ وكأني لم أكن هناك، عادة يرتمي في أحضاني وأتكفل به بسرعة، لكن هذه المرة، لم يرد شيئا.
ـ أو لم يستطع......
ـ على كل حال، تحدث لمدة ساعة في الهاتف، ولم يرد حتى أن المسه.....عند الساعة الثانية صباحا.
ـ وبعد؟هل آلمك الأمر؟
ـ أتمزح؟ لا،لا، لا، انها المكالمات الهاتفية التي فاجأتني.....
ـ هل سمعتها؟
ـ كان قبالتي.... كان يتحدث باللغة العربية ولست متأكدة من اني فهمت كل شيء.
ـ تتحدثين حقا اللغة العربية؟ كنت أظن أنك تتباهين فقط بذلك
ـ لا تهزأ مني من فضلك، انا افهم اللغة العربية جيدا.
ـ وماذا كان يقول أميرك الفاتن؟
ـ انه التقى أحدا يدعى بولسون وانه مجبر على تصفية كل شيء.
ـ بولسون؟تصفية كل شيء؟
ـ كل البراذرز..... هل يعني لك ذلك شيئا ما؟
ـ بروك براذرز.... انها ماركة بذلاتي وماركس براذرز، يعود زمنهم الى وقت بعيد وبيغ براذرز له علاقة بالأدب....لا اعرف.
ـ توقف عن حماقاتك، أنا أحدثك عن أموال.
ـ ليمان براذرز؟
ـ هذا هو، اعتقد ان الأمر يتعلق بهذا، كان يقول ان براذرز كان على حافة الانهيار مع ميريل، لا اعرف ماذا وأيضا التأمينات. وسمعت أيضا ان الفساد نخرهم وان أحدا عليه أن يسقط.
ـ تابعي، الأمر مهم.

ـ في الواقع لا اعرف أكثر من هذا، لما قفل الخط، سألني، ما الذي افعله بأموالي، لم اجبه ولكنه أصر وقال لي، عليك ببيع كل شيء، اذا ما كنت تملكين أسهما في البورصة أو أي بنك.
ـ وماذا فعلت؟
ـ بالفعل، بعت كل شيء هذا الصباح.
كانت ماندي تضحك وكأنها تروي لي نكتة.
غادرت صديقتي في الصبيحة، بينما تناولت افطارها ونقانقها المشوية أيضا.
لقد بدأت الكثير من الأشياء تدور في ذهني لدى عودتي الى باريس، حيث حاولت أن اربط بين ما قالته لي وما اعرفه، فالاميركيون بحاجة ماسة الى الخلجيين، لان الخليج يملك معظم احتياطي النفط العالمي.

الحلقة الرابعة:
هل خطط بولسون للأزمة؟
 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
08-11-2011, 10:15 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

القبس


اعترافات مصرفي فاسد (4) في الواقع لا أحد فهم ما حصل!
هل خطط بولسون للأزمة المالية العالمية ؟


المؤلف: كريسوس (مدير بنك فرنسي سابق) ترجمة: سليمة لبال
لا يكشف هذا الكتاب، الذي أبقى مؤلفه اسمه سرا، وتنشره «القبس» على حلقات، تفاصيل وأسرار قصة انهيار البنك الأميركي ليمان براذرز فقط، ولكنه يكشف أيضا عن علاقة النساء بعالم المال ودور العاهرات في قلب موازين الأسواق العالمية.
يكشف الكتاب ممارسات مافياوية، باتت السمة الرئيسية لعالم المال بحسب مؤلفه، الذي اختار التستر على اسمه واسم البنك الفرنسي الكبير الذي اشتغل فيه لسنوات، مفضلا توقيع اعترافاته باسم كريسوس.
أهدى كريسوس كتابه، الذي عنونه بـ«اعترافات مصرفي فاسد» إلى كل أولئك الذين لا يزالون يثقون بالبنك الذي يتعاملون معه. وعلى الرغم من قوله ان اعترافاته ليست للانتقام من الشخصيات التي ذكر أسماءها، فإنه يؤكد أنه نشرها ليكشف للقراء حقيقة ما يدور في اكبر المصارف العالمية.
كريسوس، الذي أصبح ثريا، بفضل المكافآت التي تراكمت في حسابه منذ سنوات، الأمر الذي مكنه من شراء ساعة ريفرسو بـ 335 ألف يورو، قرر في النهاية التخلي عن زوجته إيزابيل وابنته كلوي، بحثا عن حياة ثانية، يقول انها ستكون أفضل في اندورا، حيث لا احد يعرفه ولا احد يدرك أنه صاحب هذه الاعترافات.
إنها اعترافات مثيرة جدا عن عالم يبدو ان النساء محركه الرئيسي والمُطّلع الأول على خباياه وتفاصيله سواء في نيويورك أو في لندن أو باريس.
ينقلنا هذا المصرفي في قصص مترابطة بين هذه العواصم لنكتشف يوميات مصرفي فاسد، قَب.ل في النهاية بإفراغ جعبته في كتاب أَسالَ الكثير من الحبر في فرنسا وخارجها.

وصل سعر البترول الخام في نهاية أغسطس ذروته. وكان على الأميركيين أن يفرشوا السجاد الأحمر للسعوديين أكثر من ذي قبل، حتى يتمكنوا من كبح جماح متطرفي منظمة اوبك، وأيضا لان أي ضرر يمس صورة الملك عبد الله، من شأنه أن يسبب كارثة، ذلك ان المملكة تملك 7 في المائة من الموجودات الأميركية.
كان الربع الأول من عام 2008، سيئا للغاية في الولايات المتحدة الأميركية، ففي ظرف خمسة اعوام، تضاعف حجم الديون، ولتمويلها، كانت الخزينة تصدر سندات تضمنها الدولة، لكن من كان يشتريها.. الخليجيون، بعد الصينيين بالطبع.
كان هذا التمويل الذي يقدر بمليارات الدولارات ضروريا جدا، ولولاه لواجهت الولايات المتحدة الأميركية خطر الانهيار، حيث كان بولسون وإدارة بوش يدركان ان الفحص الفني لا جدوى منه.انه طيش باسم المصلحة العليا للدولة.

أزمة في الأفق
فجأة شعر بولسون بان أزمة بدأت تلوح في الأفق، لكن هل كان بصدد التخطيط لها ؟
يبدو أن الأمر مستبعد، لكن العاصفة انتقلت من بنك لآخر، فهل قرر فصل لوح جليد ليحاول مراقبة الانهيار الجليدي الذي يتقدم شيئا فشيئا ؟ لقد كان رهانا كبيرا.
في تلك اللحظة بالذات، أدركت ما يحصل، لذلك أعدت بناء القصة كلها: لقد تناول بولسون العشاء مع سلطان، قبل أيام واخبره بهذه المعلومة الأساسية :بان ليمان سينهار، ليترك المجال أمام خليجيين لاستغلال هذه المعلومة استغلالا جيدا.
غفوت في قطار اليورو ستار السريع، لكن هذه الأفكار لم تفارقني، كنت أدرك ان الأسوأ سيحدث... لكن ما الذي استطيع فعله بحدسي هذا؟

في الكمين
عند عودتي إلى مكتبي في اليوم التالي وكان يوم الأربعاء 27 أغسطس، كان هناك نبأ سار في انتظاري، فالكمين الذي نصبته نجح أخيرا، ذلك أن المتداولين خُدعا وتبادلا رسائل الكترونية، جاء في إحداها:
«ماذا نفعل؟ سينتهي الأمر بسقوط كل هذه الكرات في البيت».
فيما أجاب الثاني «ابق هادئا، علينا أن نجد مخرجا أو طريقة للهروب دون أن نحدث جلبة».
كان أمامي أكثر من 15 رسالة الكترونية من الشخصين أنفسهما، اللذين تصورا، بأنهما سيتمكنان من سرقة جزء من الأرباح الضخمة.
شعرت بالفرح لأننا سنتمكن من الإيقاع بهما ثم طردهما بسهولة على الرغم من ذكائهما وتحكمهما في الرياضيات.
استدعيتهما فورا لأنهي الأمر بسرعة.. حيث دخل من اعرفه ويدعى شارل هنري إلى مكتبي أولاً. اختصرت المقدمات ودخلت في الموضوع مباشرة، لكن هذا الشاب الحذر حاول الدفاع عن نفسه، فيما كنت أستشيط غضبا لأني شعرت بأنه خدعني، فانا من جلبته من نيويورك.
سأصبح مغفلا في نظر الكثيرين إذا ما انتشرت هذه القصة، انه شعور قاس.كما كنت انتظر أيضا أن يقول الرقم الأول في البنك أمام لجنة الإدارة «على داميان أن يقدم إثباتاته، لا تتفاجأوا انظروا إلى مساره.. الأمر منطقي.لكن سترون بعد كل هذا سيطالبنا بمكافأة نهاية السنة».
ثم سيتوجه نحوي ليضيف «أكد لنا أنك لم تنو. هذا، أليس كذلك السيد المدير العام»؟
الحقيقة هي أن الرئيس رشح شخصا آخر لمنصبي حين تعييني قبل سنة، لكنه أُوقف في آخر لحظة في سنغافورة.
منذ ذلك الحين يحاول رئيس البنك أن يُدفّعني ما يعتبره اهانة شخصية له، غير أني كنت عنيدا.

ليست مزحة
فهم شارل هنري ان الأمر لا يتعلق بمزحة، لذلك حاولت خلال ساعة كاملة أن أعرف منه الإجراءات التي يتم اتخاذها للتحايل على أنظمة الأمن، بعد أن أكدت له انني سأصفح عنه إن اعترف بكل شيء ولأني لست سيئا، كنت مستعدا أيضا، لأكتب له رسالة توصية لعناية صديق يدير صندوق تحوط في لندن.
كان لهذه الرسالة ميزتان :الأولى ألا يوظّف منافسونا هذين الولدين الذكيين وأيضا لأتمكن من مراقبتهما في لندن.
بدا شارل هنري بارعا حين أجابني: لا أعرف على الإطلاق لكن بامكاني بقليل من التجربة أن أستعيد هذه المبالغ في وقت لاحق، وحتى اثبت حسن نيتي، قررت تخفيف الصدمة عليه باقتراح مكافأة لهما.
عندما قرأ شارل هنري قيمة المكافأة، وهي مائة الف يورو لكل منهما، صرخ مثل الكبش عند ذبحه. كان يدرك ان البنك ربح مئات الملايين من اليورو، التي كانت تصب مباشرة في صناديق سوداء.
الحقيقة بسيطة جدا وهي أنهما خدعا النظام للحصول على مكافآت غير مبررة.
فهم الولد في الأخير أنه سقط، غير انه اعترف بكل شيء بعد آخر محاولة مني للتفاوض، حيث بدا لي أنه فخور بنفسه كلما توسع في شرح تفاصيل الطريقة التي استعملها لمخادعة النظام.

زبائن وهميون
في الواقع وضع المتورطان نظاما متطورا، حيث بدآ باختراع قائمة لزبائن وهميين، بعد أن تحايلا على النظام المعلوماتي موراكس، كما نقلا موجودات من محافظ حقيقية إلى أخرى وهمية حتى يفلتا من الرقابة.
لقد كان النظام يشتغل في اتجاه واحد مثل فكي التمساح، وأما صافرات الإنذار فلا تطلق إلا في حال وجود عجز، وفي لحظة معينة، بدأ شارل هنري بالتحدث عن نقاط ضعف نظامنا الأمني.
في الواقع تضاعفت المعاملات اليومية للبنك ثماني مرات منذ أن وضعنا نظام موراكس حيز التطبيق، ولما كان نظامنا المعلوماتي مشبعا، كان علينا وضع أنظمة مشتقة أخرى، لامتصاص وحماية كل المعاملات.
في تلك الفترة كان المتداولان يستعدان لتحويل مبالغ صغيرة واقل من الحد الذي بإمكانه إطلاق صفارات الإنذار، باتجاه حساب داخلي، مما مكنهما من جمع مبالغ طائلة في ظرف بضعة أشهر.
هنأت شارل هنري على براعته وعدم تقديره للنتائج، كما طلبت منه أن يترك لي الرسم الذي خربشه وهو يشرح لي بالتفصيل عملياته، حيث كنت أود استخدام هذا المخطط لتعزيز نظامنا الأمني، ثم وقع رسالة، التزم فيها بعدم التحدث في الموضوع مع جهة خارجية مهما كان.

لقاء المساء
قررت استقبال الشريك الثاني في المساء حتى أواجهه بالأسئلة نفسها، لكن كان علي أن أغير نظام الأمن قبل ذلك.
أخطرتني السكرتيرة بان ايتيان وصل وينتظرني منذ وقت قصير. ولما دخل، سألته «هل تدرك ان علينا تغيير كل النظام؟!
ــــ أتمزح؟
• هل يبدو ذلك علي؟
ــــ انه عمل كبير، قد يستغرق ستة أشهر.
• وماذا بعد، لنبدأ فورا..... بتغيير كل الأرقام السرية مثلا:
• لماذا؟ لم نواجه مشاكل على الإطلاق مع عمليات التحويل
• كل التحويلات؟
ــــ بالطبع.
في تلك اللحظة، شعرت بالقلق من رد فعل ايتيان، وكنت أفكر بان تغيير الأرقام السرية، فكرة جيدة، لذلك منحته فترة 24 ساعة لحل المشكل وقلت في قرارة نفسي، سأنتظر بعض الوقت لأطرده، يمكن في ديسمبر، في عيد الميلاد؟!

رسالة سرية وأرقام بالخطأ
وصلتني صبيحة اليوم التالي، رسالة الكترونية منه، تتضمن الأرقام السرية الجديدة، وكنت مطلعا على ذلك، حيث تلقيت عن طريق الخطأ بريدا يلخص كل التغييرات التي تمت وقد كتب على الرسالة الأرقام السرية الجديدة.
قرأت في نهاية الايميل جملة صغيرة كتبها ايتيان وجاء فيها عني: «هذا المغفل يريد أن يلبسني القبعة المكسيكية، لن يتم الأمر على هذه الشاكلة».
لم يكن ايتيان بحاجة إلى توقيع الايميل، لأني تعرفت على طريقة كتابته، لذلك قمت مباشرة بحفظ الرسالة في أرشيفي وقلت لنفسي، من غير الضروري أن انتظر إلى عيد الميلاد لطرده من البنك.
كانت هناك مفاجأة صغيرة بانتظاري في مقر الإدارة حين عودتي الجمعة من إجازتي، فرئيسنا المدير العام قرر استعادة سلطاته، فيما كان علي أن أقدم أو أؤخر بعض الاجتماعات، لكني كنت مجبرا على حضور مأدبة غداء مع شخصية رفيعة المستوى في عالم المال في باريس.

امرأة بين اثنين
يتعلق الأمر بباتريك ارتوس، مدير الدراسات في بنك ناتيكسيس، هذه المؤسسة، التي كنت أرى انها الأقوى في تلك الفترة، على الرغم من الخسائر الكبيرة التي أعلنت عن تكبدها قبل الصيف.
نزلت إلى البهو لاستقبال ضيفي الذي كان ينتظرني بهدوء، وهو يتحدث مع الرئيس، فيما لمحت سيدة لا اعرفها بين الرجلين، وهنا شعرت بان الأمر يتعلق بغداء الرئيس الذي ناداني:
فرحت كثيرا لان لقاءنا لن يكون فيه طفيلي، وما ان دخلنا المصعد، حتى فاجأني هذا الاقتصادي المعروف بالقول «تواجهون ببراعة الأزمة، وكأنكم.....».
لقد بدأ اللقاء بقوة.
«أنت متساهل جدا، لم يمر سوى عام، أنا متأكد من انك تفكر في العكس عزيزي باتريك».
لكن فهمنا جيدا ما يحصل عندما أقدمتم على إغلاق ثلاثة صناديق بصفة مؤقتة، حتى أنا عندما كنت أُسأل في هذا الموضوع، كنت احرص على عدم انتقادكم. على العكس...
ــ هذه حقيقة، ولهذا أعجبنا كثيرا موقفك.
كان ارتوس يتحدث عن قرار اتخذه البنك في بداية أغسطس 2007، بعد أن عرفت ثلاثة من صناديقنا أزمة سيولة.

الصناديق كيانات منفصلة
في تلك الفترة أرسل لي مديرنا المالي رسالة الكترونية تنبيهية لاطلاعي على ما يجري من جهة، وحماية نفسه من جهة أخرى، وجاء فيها «ستنقصنا السيولة، بالطبع كان بإمكاننا تعويض الجميع باستخدام خزينة البنك، غير أن هذه الصناديق كانت كيانات منفصلة».
كان هناك مشكل آخر يتمثل في استحالة تحديد سعر بعض الأسهم، لذا هل علينا إنقاذها؟ قانونيا لم نكن مجبرين على ذلك، وليست لنا نية في ذلك وان كان لإفلاس هذه الصناديق انعكاسات سيئة جدا، لذلك قرر الرئيس آنذاك إغلاق الصناديق لفترة معينة حتى تهدأ الأمور.
ويعني كل هذا أننا كنا سنوقف السيولة مؤقتا بالطبع، ما قمنا به هو تجميد أموال زبائننا الأغبياء فقط في انتظار أن تصحح أسعار الصرف، وأتذكر أننا تلقينا تهنئة من الإدارة على هذه الفكرة.
أدركت الأسواق بسرعة بان مؤسساتنا الاستثمارية لم تعد تساوي الشيء الكثير، فيما انتشرت الشائعة بسرعة البرق، مما ضاعف عدد عمليات السحب، لتصبح الوضعية كارثية.
بدأ الخوف يسيطر على الأجواء، فيما كان منافسونا ووسائل الإعلام والسلطات يلاحظون، لكن حصلت المعجزة، ومر قرارنا من دون أن ينتبه له احد، في الواقع لا احد فهم ما حصل.

الأعصاب الباردة
في تلك الفترة تحدثت إحدى الصحف اليومية عن قرار بارع، اتخذ في جو سيئ للغاية.
بارع..... هذا كلام جميل، ذلك أني أتذكر تعليق الرقم 1 في البنك «ترى داميان، يكفي أن تحتفظ بأعصابك باردة، ستعود الأسواق إلى حالتها فور ما تشعر بأننا لن نتعثر».
لكن بعد شهرين، كنا على موعد مع فتح هذه الصناديق، وسط حالة من الذعر، لقد قررنا بعد تردد تعويض زبائننا، مما كلفنا قرابة المليارين.
هو رقم لم ينشر من قبل، لكنه كلفنا غلق صندوقين من الصناديق الثلاثة.
جلسنا في صالة الأكل التابعة للمديرية العامة بعد أن طلبنا المقبلات، فيما كنت أود اختبار خبير ناتيكسيس حول عدد من المواضيع:
«أرأيت، ليمان مصنف في مرتبة جيدة، وستاندار اند بورز وموديز ابقيا تصنيفه عند المستوى «أ أ بلاس».
ــ آه نعم، هذا لا يفاجئني، إنهم ينشرون أي شيء عنهم في هذا الوقت، لكن ريتشارد فولد مصرفي كبير.
عندما كنت استمع إلى هذا الرجل، عدت بذاكرتي إلى الملف الذي سلمتني إياه سكرتيرتي وكان يضم مقتطفات من رسالة من ناتيكسيس مؤرخة بتاريخ 22 مارس 2007، فيما كان ضيفي يتحدث عن مضمونها.
ماذا كان يقول هذا الخبير، الذي يتهافت الكثيرون على الاستماع اليه؟
كان يقول انه لا يعتقد بان تكون هنا أزمة سيولة ثانية، وأما فكرته الغبية الثانية فهي احتمال تعرض الولايات المتحدة الأميركية للركود....انها نكتة.

أسهم سيتي غروب
كان ضيفي يتحدى فكرة أن تؤدي أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية إلى وقوع أزمة بنكية ومالية.
لما انتهى حديثنا وموعدنا رافقت ضيفي إلى المصعد. كان وقتي ضيقا جدا في نهاية أغسطس، وكان عليّ أن أكون حاضرا في حدث مهم هذا المساء في دوفيل، إنها عملية بيع أحصنة نادرة، كان يستغلها مسؤول دائرة إدارة الثروة للبحث عن صيد ثمين خلال اليومين اللذين يتم فيهما المزاد العلني.
كان عليّ أن اجري بعض المكالمات الهاتفية قبل أن انصرف بسرعة لأتفادى ازدحام السيارات في الطريق السيار، غير أني تفاجأت بالرئيس يقف عند باب مكتبي قائلا: أأزعجك؟
«كنت سأذهب، لكن من فضلك ادخل.
ــــــ عند هذه الساعة؟
ــــــ انا ذاهب الى مزاد دوفيل للأحصنة، أتتذكره؟
ــــــ أرى ذلك، أرى... كنت أود أن أقول لك شيئا عن ملف لا يزال سريا لحد الساعة...»
ــــــ أومأت براسي، دون أن اعلق...لقد كنت متعودا على ذلك.
باختصار، ثالث بنك في أوكرانيا معروض للبيع وهذه فرصة ذهبية، هناك إمكانات كبيرة في دول المعسكر الشيوعي سابقا، إنها دول أكثر حركية وحيوية وبامكاننا أن نقدم فيها منتجات جديدة.
أكيد، لكني لا....
لقد قرر سيتي غروب التمركز في الولايات المتحدة الاميركية وهم مستعدون لبيع بعض أسهمهم لكن بشرط أن يتم ذلك بسرعة.
ــــــ على ما اذكر لقد اثنوا عليك خلال آخر ندوة، لأنك لم تستثمر في هذه البلدان.
ــــــ كان هذا العام الماضي، ومنذ ذلك الحين تغيرت بعض الأشياء في الشرق.... يمكن أن تكون قد لاحظت بعضها.
ــــــ لكن يتحدثون على استثمار على أي مستوى؟
وقف الرئيس ،وبدا لي بأنه سيغادر، لكنه استدار نحوي وقال:
«يمكن مليارين أو مليارين ونصف المليار.
مقابل؟
23 في المائة من رأس المال.
لكن مقابل مؤسسة ليست رائدة في بلد يعاني من وضعية صعبة وحجم مديونيته كبير جدا؟وفق هذه الحيثيات هذا المبلغ ليس بقليل.


الحلقة الخامسة:
البنوك غيّرت مهنتها دون أن تخبر الحكومات ولا الزبائن


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
08-11-2011, 10:37 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

اعترافات مصرفي فاسد (5) البنوك غيّرت مهنتها دون أن تخبر الحكومات ولا الزبائن

Pictures%5C2010%5C02%5C19%5C53b6239c-19f9-4cff-a6ad-988e8624facc_main.jpg
الازمة المالية العالمية: سرقة القرن .. المعلنة
المؤلف: كريسوس (مدير بنك فرنسي سابق) ترجمة: سليمة لبال
لا يكشف هذا الكتاب، الذي أبقى مؤلفه اسمه سرا، وتنشره «القبس» على حلقات، تفاصيل وأسرار قصة انهيار البنك الأميركي ليمان براذرز فقط، ولكنه يكشف أيضا عن علاقة النساء بعالم المال ودور العاهرات في قلب موازين الأسواق العالمية.
يكشف الكتاب ممارسات مافياوية، باتت السمة الرئيسية لعالم المال بحسب مؤلفه، الذي اختار التستر على اسمه واسم البنك الفرنسي الكبير الذي اشتغل فيه لسنوات، مفضلا توقيع اعترافاته باسم كريسوس.
أهدى كريسوس كتابه، الذي عنونه بـ«اعترافات مصرفي فاسد» إلى كل أولئك الذين لا يزالون يثقون بالبنك الذي يتعاملون معه. وعلى الرغم من قوله ان اعترافاته ليست للانتقام من الشخصيات التي ذكر أسماءها، فإنه يؤكد أنه نشرها ليكشف للقراء حقيقة ما يدور في اكبر المصارف العالمية.
كريسوس، الذي أصبح ثريا، بفضل المكافآت التي تراكمت في حسابه منذ سنوات، الأمر الذي مكنه من شراء ساعة ريفرسو بـ 335 ألف يورو، قرر في النهاية التخلي عن زوجته إيزابيل وابنته كلوي، بحثا عن حياة ثانية، يقول انها ستكون أفضل في اندورا، حيث لا احد يعرفه ولا احد يدرك أنه صاحب هذه الاعترافات.
إنها اعترافات مثيرة جدا عن عالم يبدو ان النساء محركه الرئيسي والمُطّلع الأول على خباياه وتفاصيله سواء في نيويورك أو في لندن أو باريس.
ينقلنا هذا المصرفي في قصص مترابطة بين هذه العواصم لنكتشف يوميات مصرفي فاسد، قَب.ل في النهاية بإفراغ جعبته في كتاب أَسالَ الكثير من الحبر في فرنسا وخارجها.
مرت الأمور على خير حيث وصلت في الموعد، فيما كان مدير دائرة إدارة الثروات، بيير جان في انتظاري في مطعم ميوك في دوفيل.
استقبلني زميلي مبتهجا وقال لي أتتناول مشروبا؟ لقد بدأت من دونك.
ــ أحسنت، إلى أين وصلت الأمور؟
ــ كان يوما رائعا، وصل المزاد إلى 770 ألف يورو مقابل احد الأحصنة.
ــ وأصدقاؤنا، هل أتوا جميعهم؟
ــ تقريبا كلهم، لكن كانت هناك ضيفة من نوع خاص، إنها سامانتا، ألا يعني لك اسمها شيئا ما؟
ــ بالطبع انها الوسيطة التي تشتغل مع جماعة في دبي.
ــ انها هي بالذات، أنت تعرف بأنها تحب أحصنة السباق.
ــ لا، لا اعرف الكثير عنها.
ــ رأيتها اليوم، لم تفارق ولو لثانية احد مسؤولي بنك باركلي ويبدو لي بأنه احد نواب الرئيس.
ــ ماذا تظن؟
ــ البعض يقول إنهم يحضّرون ثنائيا.
ــ هذا يعني أن الانكليز في حالة صعبة وينوون الخروج من المأزق دون مساعدة حكومتهم، انها طريقة يحافظون بها على استقلاليتهم ومكافأتهم. يمكن أن يكون العمل مع هذه الوسيطة مهما، على أن أتكفل شخصيا بالموضوع.
ــ هل بمقدورك أن تقدمها لي؟!

من سلطة المال إلى سطوة الإعلام
ــ لم لا؟ تعال الى لندن وسنحاول الذهاب لتناول الغداء في مطعمها، حيث تتواجد باستمرار.
في تلك الأثناء دخل وزير الدفاع الفرنسي هارفي موران إلى المطعم.. وعندها قال لي بيير جان «لقد اشترى ساقا».
ــ عفوا؟
ــ لقد شارك مع عدد من الأصدقاء في المزاد هذه الأمسية، واشترى جوادا جميلا، سيوزعونه على أربعة أو خمسة، وستبقى له ساق واحدة.
ــ وماذا جرى مع ادوارد روثشيلد؟
ــ اسمع، اشعر بانه بإمكاننا أن نحصل على شيء، خاصة انه غادر البنك العائلي.
ــ ماذا يعني ذلك؟
ــ لا نعرف ما الذي جرى بينه وبين أخيه غير الشقيق ديفيد، لكن يبدو أن العلاقة متوترة بين الاثنين، من الواضح أن عملية شراء ليبراسيون لم تكن صفقة جيدة.
ــــــ هل حقيقة لم يعد مصرفيا، وانما مسؤول كبير في عالم الاعلام.
ــــــ يمكن أن تنكت داميان، لكن بالنظر الى حجم ثروته الشخصية، أود بالفعل ضمه الى مجموعتنا.
ــــــ كم تبلغ؟
ــــــ تقدر ثروته مع أخيه بأكثر من 300 مليون يورو، على الرغم من الخسائر اليوم التي تتكبدها جريدته.

في ضيافة ذي بانكر
رتب لي مسؤول ادارة الثروات لقاء مع روثشيلد خلال سهرة اغلاق المزاد السنوي للأحصنة، لكن كان علي أن أفكر في المواضيع التي سأتطرق لها أثناء لقائي المقتضب به ولخصتها في: بورصة نيويورك، الماجستير التي حصل عليها في ادارة الأعمال وزوجته الجميلة أريال، التي كانت ايزابيل تلتقيها بين الفترة والأخرى في ريتز هيلث كلوب وساعات النصر التي عاشها في البنك العائلي.
كان الهدف هو أن نضم هذا الفرع، ذلك أن جزءا من ثروته الكبيرة سيرضينا.
لم يتحدث معي ايدوارد دي روثشيلد طويلا، لكني تمكنت تلك الليلة بمساعدة بيير جان من التعرف على عدد معتبر من الأثرياء.
توجهت نهاية الأسبوع الى لندن وبالضبط الى فندق دورشستر، حيث كنت متعودا على لقاء ماندي، لكني اكتشفت أن الفندق يجمع تلك الليلة غالبية مصرفيي العالم، الذين جاؤوا مثلي تلبية لدعوة المجلة الانكليزية ذي بانكر، التي تكرم كل سنة أفضل المصرفيين.
صعد المدير المالي للمجلة خلال حفل العشاء الى المنصة، حيث تناول في خطابه الظروف التي يعمل فيها المصرفيون منذ أشهر قليلة، ثم بدأ في تقديم الفائزين بالجوائز، جائزة انجح صندوق تحوط وجائزة المؤسسة الأكثر مردودية، وعدد آخر من الجوائز، حيث فاز البنك الذي اشتغل فيه بأربع جوائز من بينها جائزة التجديد المالي.
في الواقع، كانت هذه اكبر جائزة للاحتيال وزعتها ذي بانكر تلك الليلة، كم من المساهمين الصغار الذين تورطوا عن طريق هذه المنتجات الجديدة، وما الذي اشتروه دون أن يعرفوا ما هو أصلا؟

الديون المسمومة
انها ديون مسمومة... هي في الواقع أنواع مختلفة من ديون العائلات المكسيكية التي تعيش في الولايات المتحدة الاميركية، وقامت باقتراض مبالغ تصل قيمتهما الى 130 في المائة من قيمة البيوت التي اشتروها.
كانت أسعار العقار تنزل فيما كانت قيمة البيوت ترتفع والاسوأ هو أنهم لم يكونوا قادرين على الدفع. كانوا يقولون لا توجد أخطار، هذا ما كنا نعتقده في تلك الفترة لكن أسعار المنازل استمرت في النزول فيما تخلى الزبائن عن قروضهم وانتهت البنوك الى الاصابة كلها بالعدوى.
كان يجلس الى جانبي احد مديري اتش اس بي سي، الذي حاول اقناعي خلال العشاء، بانتعاش الوضع في الأسواق، فيما كنت أقول في قرارة نفسي، كان بنكي يستحق جائزة أخرى للتحايل بعد أن ضلل عددا كبيرا من الزبائن الذين وثقوا به.
غادرت الحفل عندما تم البدء في تقديم الحلويات، حيث أكدت لهم بان علي أن الحق بالطائرة مبكرا للذهاب الى بودابست، في الواقع كنت أود أن أتناول حلوى من نوع آخر في غرفتي، حلوى من الحرير الفاخر، لكن ماندي لم تكن في لندن، لقد ذهبت الى نيويورك.

غداء بودابست
يدير هنري كرافيس واحدا من اكبر صناديق التحوط في العالم، هذا الرجل معروف بغموضه وأيضا بادائه. كنت على موعد لتناول الغداء مع هذا الرجل في بودابست وبالضبط في مطعمه المفضل «فور سيزن».
لقد انتدبني رئيس البنك لدراسة امكانية شراء بنك ريفيسن، احد اكبر البنوك النمساوية وأكثرها انتشارا في دول شرق أوروبا.
«وضعه سيئ، أتعرف»؟‍!
كان التاريخ موافقا يوم الاثنين 1 سبتمبر. وأنا استمع الى كرافيس، عادت الى ذهني الأسرار التي أطلعتني عليها ماندي، وبدا لي أنها مرتبطة بمن يملكون السلطة وعائدات النفط، اي الخليجيين، وهم زبائنها المفضلون.
> هل يكون وزير الخزانة الأميركية قد تخطى الخط الأصفر حقا، عندما اخبر الامير الخليجي بسقوط ليمان براذرز..
في تلك اللحظة قال لي كرافيس «أنت على علم، بالنسبة لليمان؟».
ــ أيضا؟ ما الذي يحصل مع هذا البنك.
ــ يقال ان ظروفه صعبة للغاية.
بسرعة تذكرت قصة ماندي وتظاهرت باني على علم بالامر.
ــ تتحدث عن الأمير العربي؟
حدق كرافيس في عيني وأجاب «أي أمير عربي؟ لكن لا، أنا أتحدث عن فولد».

الحسابات المرقمة
ــ لكنه أكد للصحافيين قبل أسبوع بان ليمان لا يواجه أي مشكلة سيولة، كما تحدثت أيضا هاتفيا مع مسؤول المالية في ليمان، فأكد لي أن ما يتردد هنا وهناك ليس سوى اشاعة سرّبها غولدمان.
ــ داميان السويسريون هم المشكلة الحقيقية الآن؟
ــ كيف؟
ــ لقد تخلوا عنهم.
ــ ماذا تعني بذلك؟
ــ لقد هاتف بولسون الرئيس باسكال كوشبان.
ــ رئيس الكونفدرالية؟
ــ نعم. وقال له بأنه يريد الحسابات المرقمة لمسؤولي ليمان الستة في ظرف أربع وعشرين ساعة.
تلقى كرافيس مكالمة هاتفية في تلك اللحظات من رئيس جمعية المصرفيين الخاصين وتحدثا في الموضوع ذاته...
ــ ... تهديدات؟
ــ يمكن أن نسمي الأشياء هكذا. لقد قال له بولسون: اسمع، أنا لا أحب ما أقوم به، لقد أدرت بنفسي غولدمان ساكس طيلة ثمانية أعوام، لكن هنا ليس أمامي الخيار، والا افقد منصبي... وهو ما لم يكن له أي أهمية بينما تتحول الأزمة المالية الى كارثة، لم تتصورها أبدا.
ــ والآخر؟
ــ كان يسمع: كيف ستجيبون على عملاق يزن مليار دولار، ويحتكم على منصب وزير الخزانة في الحكومة الأميركية؟
لقد قال بولسون للرئيس السويسري: الأمر بسيط، اذا لم ترفعوا السرية المصرفية في هذه الحالة بالذات فسنمرر في ظرف أسبوع قانونا بصفة مستعجلة في الكونغرس، نمنع بموجبه لمدة ستة أشهر أي تعاملات مالية بين سويسرا والولايات المتحدة الأميركية.
ــ لكن خرق السرية المصرفية جريمة عندهم، اضافة الى ذلك بأمر حكومي ومن اجل ستة أشخاص مرة واحدة؟ الأمر مستحيل.
ــ نعم، لكن هذا هو ما تم بالفعل، منذ أربعة أيام، بعد أن خسر بنكهم الرئيسي 40 مليار فرنك سويسري، مما يعني انه على حافة الافلاس... كان من الصعب عليهم عدم التعاون...
ــ لكنها كانت المرة الأولى؟
ــ بسرعة صحح كرافيس الوضع وأجاب:
«على حد معرفتي، نعم، ومن حسن الحظ انها المرة الأولى».
ــ وماذا بعد؟

بالتهديد تُلغى السرية
ذهب الوزير السويسري والشخص الذي يدير جمعية المصرفيين الى الولايات المتحدة الأميركية، حيث ابلغا الحكومة بحسابات مسؤولي ليمان... كل هذا ونجرؤ على القول بان سويسرا هي جنة من الناحية الضريبية... لكن داميان، لن يصدقنا احد اذا ما روينا هذا يوما ما، على الرغم من انها الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة.
فكّرت فيما كشفه لي كرافيس، وبما أني مسؤول عن منطقة أوروبا فسويسرا تنتمي الى اقليمي، ومن يضمن ان فرعنا «جي بي ان اسات مانجمنت» بامكانه الدفاع عن نفسه؟ كنت أنا نفسي قد حولت بعض حسابات المتهربين ضريبيا من فرنسا: فهل ما يزالون في امان؟!
هل يخبرني مدير الفرع هناك بالضغوطات التي يتعرض لها؟ وهل سيقاوم؟
كان بعض الزبائن من المقربين لي، لذلك لم يكن من حقي أبدا أن اتركهم يسقطون على الرغم من أن مصلحة الضرائب الفرنسية بمقدورها فرض غرامات تصل الى 80 في المائة من المبالغ اذا ما اكتشفت هذه الحسابات... لذلك تساءلت كيف أتصرف؟
سألني كرافيس «فيم تفكر داميان؟».
- اجبت: في ذكريات بعيدة، أحاول استرجاع بعضها.
- اتعلم هنري، كان لدينا وزير استفاد من كل الأنظمة، انه تاليرون.
- نعم سمعت به.
- لقد قال في يوم ما «من لم يعرف النظام القديم، لا يعرف حلاوة العيش».
- عزيزي هنري، اعتقد بأننا عرفنا حلاوة العيش في المالية منذ عشرين عاما و...
لم أكمل الجملة، لكنه رد علي:
- و...
- والآن، علينا أن نفكر في إنقاذ أنفسنا.

عودة إلى الأساسيات
حاولت منذ أشهر إيقاف مشاريعنا غير المجدية، حيث كنت اشعر باني مساعد قائد طائرة فقد الاتصال مع برج المراقبة، فيما القائد غائب عن الوعي تماما وغير قادر على الهبوط بها.
لقد غيرنا المهنة دون أن نبلغ أحداً، لا الوزراء ولا الزبائن، تركنا الواجهة مفتوحة وعمليات البيع مستمرة فيما كان كل شيء متصدعا في الحقيقة.
كنا مقتنعين بأننا سنعود مثلما كنا، لذلك كان هدفنا إرجاء ساعة الحقيقة إلى العام المقبل. في البداية كنا نشتري الأبراج والفنادق والطائرات ثم نقوم بترميمها ونطرحها في السوق للبيع من جديد، لكن بعد عام تبين لنا ان هذا الاستثمار كارثي.
لجأنا في العام التالي عن طريق بنك الأعمال إلى توزيع الأشياء الفخمة المتعلقة بحفلات الزواج كأرائك روش بوبوا، والأحذية المرصعة بالالماس وأشياء أخرى، وكان المقابل خياليا أحيانا ويصل إلى 30 مليون يورو وأحيانا 80 مليون يورو، كلما زادت المسافة، لكن منذ بداية عام 2008 تراجعت هذه الزيجات الجميلة وصارت نادرة جدا

سرقة القرن

ولننقذ نتائجنا، لم يبق لنا سوى عملنا القاعدي ألا وهو زبائننا المتواضعون، حيث قررنا مضاعفة مقترحاتنا للزبائن ونجحنا في رفع الرسوم البنكية على الصكوك وعمليات السحب والإيداع وفتح الحسابات والاطلاع على الحساب عبر شبكة الانترنت، ليشكل ما حصدناه في النهاية نصف ارباحنا السنوية.
أين كانت العقوبات؟ هل كان علينا أن نكتب تقارير؟ ولمن إذن؟ لمجالس إدارتنا؟ للدولة؟
لم يكن زملاؤنا في مفتشية المالية يزعجوننا، وهذا اقل ما يمكن أن نقوله.
وأما في وسائل الإعلام فلم تكن تطرح مسائل تثير الرأي العام، فيما كان مصرفيو العالم بأسره بصدد تنفيذ سرقة القرن بعيدا عن أي عقاب.
لقد راكمت عصابة ثروات كبيرة من باريس الى نيويورك، لكن هل يوجد اسم ريتشارد فولد رئيس ليمان، ضمن أفراد هذه العصابة؟
كنت اعرف عن طريق هنري كرافيس بأن فولد يعيش كملك للشمس، حيث يملك ست طائرات نفاثة خاصة، يبلغ سعر الواحدة منها 64 مليون دولار وسبع طائرات أخرى من بينها بوينغ 767 وطائرة مروحية فخمة من نوع سيكورسكي.
وكان البنك يملك أيضا جزءا من شركة الطيران نات جاتس، يقدر بـ53 مليون دولار، بالإضافة إلى مجموعة معتبرة من التحف الفنية الفخمة كلوحات الفنانة الجنوب افريقية مارلين دوما.
لكن ليس هذا كل شيء، ففولد يملك بنايتين كبيرتين، واحدة في فلوريدا مساحتها تقارب الثلاثين هكتارا، بالإضافة إلى شقة في نيويورك ومحفظة أسهم صغيرة..... وتقدر ثروته بأكثر من 800 مليون دولار.


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
08-11-2011, 11:49 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

«اعترافات مصرفي فاسد» (6) 3 ملايين يورو مكافآت..لكنها غير كافية!

Pictures%5C2010%5C02%5C20%5C833c8732-a961-46e7-a08d-52b5d52f93ea_main.jpg
متداول في وول ستريت
المؤلف: كريسوس (مدير بنك فرنسي سابق) ترجمة: سليمة لبال
لا يكشف هذا الكتاب، الذي أبقى مؤلفه اسمه سرا، وتنشره «القبس» على حلقات، تفاصيل وأسرار قصة انهيار البنك الأميركي ليمان براذرز فقط، ولكنه يكشف أيضا عن علاقة النساء بعالم المال ودور العاهرات في قلب موازين الأسواق العالمية.
يكشف الكتاب ممارسات مافياوية، باتت السمة الرئيسية لعالم المال بحسب مؤلفه، الذي اختار التستر على اسمه واسم البنك الفرنسي الكبير الذي اشتغل فيه لسنوات، مفضلا توقيع اعترافاته باسم كريسوس.
أهدى كريسوس كتابه، الذي عنونه بـ«اعترافات مصرفي فاسد» إلى كل أولئك الذين لا يزالون يثقون بالبنك الذي يتعاملون معه. وعلى الرغم من قوله ان اعترافاته ليست للانتقام من الشخصيات التي ذكر أسماءها، فإنه يؤكد أنه نشرها ليكشف للقراء حقيقة ما يدور في اكبر المصارف العالمية.
كريسوس، الذي أصبح ثريا، بفضل المكافآت التي تراكمت في حسابه منذ سنوات، الأمر الذي مكنه من شراء ساعة ريفرسو بـ 335 ألف يورو، قرر في النهاية التخلي عن زوجته إيزابيل وابنته كلوي، بحثا عن حياة ثانية، يقول انها ستكون أفضل في اندورا، حيث لا احد يعرفه ولا احد يدرك أنه صاحب هذه الاعترافات.
إنها اعترافات مثيرة جدا عن عالم يبدو ان النساء محركه الرئيسي والمُطّلع الأول على خباياه وتفاصيله سواء في نيويورك أو في لندن أو باريس.
ينقلنا هذا المصرفي في قصص مترابطة بين هذه العواصم لنكتشف يوميات مصرفي فاسد، قَب.ل في النهاية بإفراغ جعبته في كتاب أَسالَ الكثير من الحبر في فرنسا وخارجها.
أتذكر أن ايزابيل غيّرت لون شعرها ذلك المساء، حيث اختارت لونا يتماوج بين الأشقر البندقي والأحمر، لقد نجحت في ذلك، وأحيت في نفسي مشاعر ما قبل الزواج.
في الواقع، كانت إيزابيل تحدد مواعيدها مع الحلاق وفق طلعاتنا، وفي ذلك اليوم كنا مدعوين لدى صديق، هو احد نواب رئيس «اتش اس بي سي»، هذا البنك الانكليزي المتمركز في هونغ كونغ.
كان الغداء على شرف قرابة خمسة عشر مدعوا من كبار المصرفيين من بينهم موستييه عن «سوسيتيه جنرال» ومحام ايطالي من روما كان برفقة امرأة جميلة، كان يقدمها على أنها زوجته، كما كان هناك عدد آخر من المدعوين الذين لم أتذكرهم.
استدار صحافي معروف بلسانه الطويل أثناء حفلة العشاء نحو صاحب الدعوة وقال له «نحن على الأقل لم نتأثر.....الاستثناء الفرنسي له جوانب جيدة أحيانا، أليس كذلك؟!».
لم أكن متفائلا بشأن وضعية الأسواق مثل باقي زملائي الحاضرين، لكني لم أتردد في التدخل لدعم فرضية الصحافي «انتظروا، فرنسا ليست وول ستريت، ذلك أن البنوك وشركات التأمين، كانت منطقية».
في هذه الأثناء، تحدث جون بيير موستييه، حيث بقيت كلماته راسخة في ذهني «اسمعوا - قالها بصوت خافت - لن نحدث بعضنا عن قصص، لا يوجد استثناء فرنسي، غير الفائض في الميزانية.....».
قاطعته عندها زوجة احدهم، ويبدو أن لها مدخرات في «سوسيتيه جنرال»، بالقول «اعذرني سيدي، بالتأكيد أنت شخص كفء، لكن رأيك لا يعبر عن رأي الجميع، ذلك ان الوسط المصرفي عندنا كان أكثر حذرا من الأميركيين...».

هل أنت خبيرة حسابات؟!
هنا بدت النرفزة على ملامح موستييه، الذي أجاب في قوله «ولكن ما الذي تعرفينه يا سيدتي، أتشتغلين في البورصة؟ أأنت خبيرة حسابات؟ لا؟ الحقيقة هي أن نصف البنوك الفرنسية تأثرت بالأزمة المالية، إذا لم يكن الأمر أكثر سوءا.
دكسيا، على حافة الافلاس. ناتيكسيس، ميلهود لم ير شيئا ولا حتى ديبون. لولا الدولة لكانوا انهاروا وأما «بي ان بي باريبا»، فسنرى كيف سيخرجون من مغامراتهم الصينية».
هنا ردت هذه السيدة «وانتم في سوسيتيه جنرال؟».
لا سيدتي، لا علاقة لنا، لقد استثمرنا مبلغا عاديا جدا في السوق وكل المحللين فهموا استراتيجيتنا.
بدا على السيدة، التي كانت ترافق المحامي الايطالي القلق، حيث استدارت نحوي وقالت :لقد قلت قبل قليل ان فرنسا ليست وول ستريت، أليس كذلك؟
في الواقع، حقيقة الأسواق شيء مختلف تماما.
لكن ما الذي بإمكاننا فعله؟
لا شيء سيدتي. نحن على متن التيتانيك قبالة جبل جليدي في البحر، لذا اقترح عليك أن تتمتعي بهدوء بهذا العشاء وان تتوشحي جيدا قبل أن تنُقلي على متن قارب نجاة.

فقدان الشعور بالخطر
كنا ندرك ما الذي سيقع لاحقا، منذ ربيع 2008، غير أننا فضلنا أن نخبئ رؤوسنا بين جناحينا مثل النعامة، على ان نواجه التهديدات.
كانت جملة الرئيس المفضلة لوقت طويل «علينا أن ندير ظهرنا إلى أن تمر».
لم يكن احد في العالم في تلك الفترة، لا يعرف مؤسستي الإقراض العقاري الأميركيتين فاني ماي وفريدي ماك، اللتين حاولتا طمأنة الأسواق ببيانات تهدئة.
في 2007، هذه السنة التي انقلب فيها مسار التاريخ، استفادت هاتان الشركتان من أفضل نقطة منحتها إياها وكالات التصنيف العالمي ستاندار اند بورز وموديس وفيتش، كانت النقطة هي الأفضل أأأ.
خسرت فريدي بتاريخ 29 نوفمبر 2007 وفي ظرف يوم واحد 29 في المائة من قيمتها، فيما خسرت فاني 25 في المائة، لكن هيئة البورصات والأوراق المالية الأميركية المكلفة في وول ستريت بمراقبة حسابات الشركات لم تتفاعل مع الوضع، والأمر نفسه بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي الأميركي المسؤول عن العملة ولا حتى سكرتير الخزينة.
كان رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي السابق ألان غرينسبان يقول ان التنظيم الذاتي هو الوصفة السحرية للرأسمالية.
وهكذا، شيئا فشيئا، بدأت فوائد القروض البنكية تثقل كاهل الأسر الأميركية، التي غرقت في الديون ما أدى إلى حجز منازلها وبيعها في وقت عرفت فيه الأسعار هبوطا لا مثيل له.
وأما في فرنسا، فكانت البنوك الكبرى تفكر في طريقة تمنعها من البلل أثناء مرور العاصفة. كانت التزاماتنا في عام 2007 من ناحية المشتقات والتوريق قد زادت بشكل معتبر، وعندما بدأت أقول في اللجنة اننا بصدد المخاطرة وبإفراط، وبّخني الرئيس أمام الملأ «المشكل مع داميان، انه يفكر كمحاسب، هذا جيد، لكن لا يدفعنا إلى الحلم».
لقد حطمني رد الفعل هذا، لكن يبدو أنهم فقدوا الشعور بالخطر بعد سنوات طويلة قضوها في هذا المحل.
عليّ أن أقول اني التقيت الكثير من السيئين خلال مسيرتي المهنية وكم من المرات استفدت من نائب لمساعدتي، لكن تبين لي في النهاية أنه يود منصبي؟ ثلاث مرات او اربع؟ لا اعرف جيدا، لكن ما اعرفه هو أني كنت أدير ظهري دوما، عندما يبدأ المظليون في تصديق مظلاتهم، لكنهم ينتهون الى ارتكاب حماقات.

وجبة خفيفة في الاليزيه
قبلت في ذلك اليوم حضور حفل تسليم وسام جوقة الشرف لأحد أعضاء مفتشية المالية في قصر الاليزيه، بدل رئيسي في البنك، حيث كان أربعة من افراد الدرك في استقبال الزوار، الذين يتم التحقق من هويتهم ثم تفتيشهم.
بعد أن مررت بهذه المرحلة، رافقني احد العسكريين إلى أعلى، وأنا في طريقي إلى قاعة الاحتفالات، سمعت اصواتا اعرفها.
«اه، انت موجود، لم ارك منذ فترة....؟
- ستة اشهر على الأقل، انت محق، كيف حالك ماري لور؟
- جيد، جيد
إذاً، وماذا عنك، هل من خسائر؟
- 400 مليون.
- اكيد؟
- ليس اكثر!
-هل أنت على ما يرام؟
- لقد وجهت لي دعوة لحضور حفلة في الاليزيه، لكن لتسليم وسام جوقة الشرف، إنها أول مرة.
- هل أزعجتك؟
- لا، هذا يعني أن المكان يبقى رائعا بعسكرييه وسياراته الرسمية ووووو...
كانت الحفلة، حفلة مغفلي مفتشية المالية، الذين احتفلوا أخيرا بخسائرهم التي بلغت 30 مليارا. ومع ذلك كانوا يرددون دون توقف أنهم لا يستحقون اللوم.
فعندنا لا يوجد إفلاس ولا إعادة رسملة مستعجلة.
رسميا، لم تكن الصحافة آخر من مدح انجازاتهم ورؤيتهم السديدة وحذرهم ايضا.
وماذا عن دكسيا؟
بصحة جيدة رغم انخفاض الأسعار بنسبة 70 في المائة. وماذا عن صناديق الادخار؟ نصر على الرغم من تسجيل خسائر غير منتظرة، بلغت 3 مليارات، هي الأولى منذ عام 1848.
وشركات التامين؟ ناموا بهدوء سادتي المدخرين، ففي بلد الاستثناء الفرنسي، لا توجد شركة تأمينات فاسدة مثل الشركة الأميركية أيه أي جي.
كان العديد من الشخصيات يدور حول الزميل المقلد، كغوسيت غرانفيل، نائب مدير مكتب في رئاسة الوزراء وريتشارد مدير مكتب وزيرة المالية كريستين لاغارد ومارياني المسؤول الجديد المكلف بإنقاذ دكسيا وبيرول سكرتير مساعد في قصر الاليزيه.
عندما اقتربت من دائرتهم الصغيرة، كانت أحاديثهم لا تُسمع، فيما رمقني احدهم وهو الآن مينك مفتش مالية بنظرة فيها الكثير من الغل، وقال لي «ساكاشفيلي؟ سأشنقه مثلما فعل صديقكم بوش بصدام حسين، فأجبته :فلاديمير، أتريد أن تنتهي مثل بوش؟

اجتماع أزمة
بالطبع لم أكن اعرف ان مهنة مصرفي مهنة شاقة جدا، ولا بان لها أخطارا عدة ما عدا الزبائن بالطبع. لكن كان هناك الكثير من الإزعاج، احد الأشياء التي كانت تزعجني الاجتماع المخصص لعرض حسابات كل فصل.
كنا بتاريخ الرابع من سبتمبر وكان عليّ أن اجتاز هذا الاختبار.
يبدأ الاجتماع في العادة الساعة العاشرة صباحا، وكان الرئيس يمنحنا بعض الدقائق للالتحاق بمقاعدنا حول الطاولة الكبيرة في قاعة الاجتماعات التي تقع في الطابق نفسه.
في تلك الأثناء وصل المدير المالي، والمسؤول عن بنك التجزئة ومسؤولا المنتجات المشتقة والمسؤول عن الأسواق الجديدة، وكان كل مسؤول يرافقه مساعد له، مثلما هي الحال بالنسبة لمدير مراقبة الأخطار ومدير الشؤون الدولية.
في ذلك اليوم تسلمت السيدة، التي كانت تشغل منصب المكلفة بالعلاقات مع المستثمرين، مهامها الجديدة كمديرة للاتصال وكان الفضول يتملكني لأعرف كيف ستتصرف ملكة اليوم في الاجتماع.
لقد تم اختيارها بقرار من الرئيس، الذي كان يولي لها أهمية كبيرة، بعد تحليل المخاطر الذي قدمته، فتبين له بأنها تستحق هذا المنصب،أما أنا فكان الفضول يتملكني لأتعرف على طريقتها في العمل خلال ذلك الاجتماع.
عندما استرجع ذكريات ذلك الاجتماع، احمرُّ من الخجل، ذلك أننا كنا جميعنا غير واعين بحقيقة الوضع،رغم أننا كنا ندرك بأن السنة غير جيدة، لكن لا احد منا، شعر بان شيئا ما سيسقط على رؤوسنا من فوق.
يحاول المديرون في البنك استغلال أمسية الجمعة لاستكمال أعمالهم المتأخرة، ذلك أن الموظفين يغادرون في حدود الساعة الرابعة والنصف، حيث يمنحهم الهدوء الذي يخيم على البنك، قوة اكبر للعمل وانهاء ما تبقى من العمل الأسبوعي.
أما أنا فقد خصصت هذه الفترة من ذلك اليوم لقراءة الرسائل الالكترونية المتراكمة، بعد أن اخذ تحضير اجتماع الحسابات الفصلية كل وقتي، كان علي أن أتحمل هذا العبء واختار ماكياجا متطورا لخسائرنا حتى أواجه الصحافيين والمحللين الماليين، كما كان علي أيضا أن أتحمل عبء توجيه الموظفين، خاصة مع استمرار الأمور في التدهور.
لكن الأسوأ كان أيضا تدهور علاقتي مع الرئيس لأسباب لا أزال اجهلها. هل كان علي أن اشرح له بعض الأمور لتتضح له الصورة؟
في الواقع لم أكن املك لا الرغبة ولا الشجاعة.
مكنتني وظيفتي كرقم ثانٍ في هرم المسؤولية في البنك من اكتشاف قواعد الحذر، وهنا أنا أتحدث عن علاقاتنا مع فروعنا في الخارج.
لقد علمتني التجربة أن أكون حذرا جدا، حيث كنت افتح محفظتي بعناية على مكتبي، الذي لا توجد عليه أي أوراق ولا بطاقات زيارة ولا ملفات داخلية ولا أي شيء.
أخرجت في ذلك اليوم دفتر مواعيدي، الذي كنت قد سجلت عليه عددا من التعليمات السرية أهمها:
عدم السفر مع كمبيوتر محمول يحتوي على معلومات لها علاقة بالعمل.
كان هذا الدفتر نسخة غير مطابقة للأصل، ذلك أنها لا تتوافر على أرقام عدد معتبر من الزبائن الذين يملكون حسابات خاصة في فرعنا السويسري، كما كان علي أيضا حماية عدد من الزبائن الذين اختاروا التهرب ضريبيا من خلال حسابات بنكية في فروعنا المتواجدة سواء في بروكسل أو لندن، كما كان لدينا أيضا زبائن أجانب، يثقون فينا ثقة عمياء.
لكل هذه الاعتبارات، كنت أسافر بمفكرات مزورة ووثائق مشفرة، كما استنسخت نسخة من دفتري الباريسي ووضعتها في خزنة في مكتب مدير فروعنا الأجنبية، الوحيد الذي كان بإمكانه فتحها كما كنت احدد مواعيدي انطلاقا من باريس، لكن عن طريق خط هاتفي خاص تابع لفرانس تيليكوم.

حذر وخوف وأسرار
كنا منذ بداية التسعينات مستهدفين من قبل الحكومة ووزارة الاقتصاد، حيث كانت مصالح الضرائب تجري تحقيقات سرية حول عدد من المؤسسات المصرفية الكبرى في كل العالم، وعندنا كذلك حيث كنا نخضع للتصنت غير القانوني على مكالماتنا الهاتفية بين الفترة والأخرى، لكن لا احد من مصلحته فضح هذه الممارسات، لا الحكومة ولا وزارة المالية ولا القضاة، وأما نحن الضحايا الاساسيون لهذه السلوكيات، التزمنا الصمت لأننا كنا نرفض زج زبائننا في حالة القلق السائدة آنذاك.
بعد كل هذا قررت تسوية كل ملفاتي، كما قررت اتخاذ تدابير حذر جديدة عند السفر، حيث لم يكن رجال الجمارك يعثرون على شيء عند تفتيشي.
لقد أصبحت حياة المصرفين بسبب هذه الظروف شبيهة بحياة عملاء مصالح الاستخبارات، كلها حذر وخوف ومعلومات وسرية.

الاستعداد للأسوأ
في تلك الفترة، فتحت حفلة قصر الاليزيه عيّني، ذلك أني اكتشفت أن الأشخاص المطلعين عن كثب على الوضع المالي العالمي، بدأوا في الاستعداد للأسوأ، وأما في مكتبي، فقد شعرت أيضا بقدوم الأسوأ منذ «اجتماع الماكياج» الذي عقدناه، لذا بدأت فكرة إمكانية تخلص الرئيس مني، تساورني طول الوقت، وأما على الصعيد الشخصي، فكانت تتملكني رغبة كبيرة للهروب من الروتين، لذا لم لا أتصور حياة ثانية، خاصة ان ماندي موجودة، لكن حتى احصل على هذه الحياة الثانية وعلى السعادة، كان علي أن أحصل على السيولة والكثير منها.
نجحت خلال السنوات الماضية في جمع بعض الأموال بعيدا عن عيني إيزابيل التي كنت أتقاسم معها حسابا بنكيا، كنت أودع فيه مرتبي.هذه الأموال هي مجموع العمولات التي حصلت عليها خلال سنوات وكانت تودع في حساب في بنك ناتيكسيس، لكن حصالتي انهارت بسبب الضرائب، حيث لم يبق لدي سوى ثلاثة ملايين يورو من أصل خمسة ملايين، غير أن الثلاثة ملايين هذه لم تكن كافية لتحقيق كل مشاريعي.
كنت كل يوم ألاحظ أقراني في البنوك الأخرى، وهم يستفيدون من علاوات ومكافآت وخيارات أسهم، اما في البنك حيث اشتغل، فقد عقّد الرئيس النظام كله، لدرجة اني لم اعد أطيق الوضعية التي صبرت عليها لسنوات عدة.
في تلك الفترة صعقنا زبائننا بقرار رفع الرسوم التعسفي، أما المساهمون فكانوا يشاهدون مدخراتهم وهي تنهار يوما بعد يوما، لقد خسرنا 38 في المائة من سعرنا وكان جليا أن الأمور ستستمر في الانخفاض.
كان الكثير من الأفكار تدور في مخيلتي عندما اقتربت مني إحداهن قائلة «شاي أو قهوة»
ابتسمت هذه المضيفة، التي يبدو أنها اسبانية في وجهي، وأنا ادقق في تفاصيلها قلت في قرارة نفسي، بان اندورا ساحرة ورحت أتساءل:
ما الذي سأفعله بالثلاثة ملايين؟
إذا ما قررت تغيير حياتي، علي أن اذهب فارغ اليدين، كان علي أن اترك كل شيء لإيزابيل بما في ذلك الشقة الباريسية والأثاث وكل شيء.
لكن ماذا عن ابنتي كلوي، ما الذي سأتركه لها؟لا شيء غير عادي في الواقع، لكن كان عليّ أن أغادر.

الحلقة السابعة
نصف أرباح تبييض الأموال توظف في الدول الصغيرة


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
11-08-2012, 01:08 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

كنت اود ان اتخلى عن كل شيء بما في ذلك حياتي السابقة، لكن كان علي ان اضمن شيئا لاسرتي، من خلال عملتي الصعبة الجديدة: ان اخدم في غالب الاحيان وان استفيد دوما. لكن كيف؟
كان الامر الاسهل بالنسبة لي هو ان ابحث عن حل في البنك، حيث اعمل، لقد فكرت في يوم من الايام، في تفريغ الحسابات التي كان المتداولون يودعون فيها لبعض الوقت، الارباح التي لا يودون ترسيمها.
لم نكن مغفلين، لا انا ولا المدير، لكن لم يكن من مصلحتنا الى حد الساعة منع هذه الفرق من الحصول على هوامش الربح هذه.
واخيراً تخليت عن فكرة استغلال هذه الطريقة لمساوئها من جهة وضعف المردود الذي كنت سأجنيه بفضلها، كنت افكر يوميا في طريقة ما، لكن كان يبدو لي بأن دخولي لنظام الاعلام الآلي والتلاعب بالبرمجة، اكثر بكثير من قدراتي.

البحث عن بنك
بعد ان حطت الطائرة، واجتزت الجمارك، ركبت سيارة اجرة، باتجاه عمارة عصرية في العاصمة اندورا لا فياي حيث كنت على موعد مع احدهم في حدود الساعة الحادية عشرة، وفي اندورا تغلق البنوك ابوابها عند الساعة الحادية عشرة وخمس واربعين دقيقة للسماح للموظفين بتناول غدائهم.
عندما وصلت الى بنك اندورا، طلبت لقاء المسؤول، لكني فوجئت بكونه يشبه النرويجيين فهو طويل جدا وشعره اشقر، طلب مني وثائق هويتي بعد ان قدم اعتذاراته على ذلك، رغم ان الامر عادي جدا.
لم يتم الاتصال بصفة مباشرة بيننا، لكنه تم عن طريق كابينة هاتف، فهذه المؤسسة متفردة بسريتها لكن اجراءاتها لم تكن معقدة على الاطلاق.
حاولت البحث عن البنك المثالي في اندورا عن طريق شبكة الانترنت، حين كنت انتظر استكمال اجراءاتي حيث عثرت على خمس مؤسسات في المكان ذاته، كل هذه البنوك تقدم نفسها على انها بنوك مستقلة وتضمن السرية المصرفية للزبائن.
في تلك الاثناء استذكرت قضية «ال جي تي» الجديدة، في الواقع، هذا البنك سري للغاية ولم يكن معروفا الا بهذه الرموز وبثرواته الكبيرة، والسبب هو ان هذا البنك الذي يقع في ليخشنشتاين هو ملك شخصي للعائلة المالكة هناك، واما الشخص الذي يدير اعماله محليا فهو الامير السادس عشر للعائلة ويدعى هانس ادم 2.

السرية المصرفية أيضاً
لقد سمعنا في فبراير، اي قبل ستة اشهر، ان احد موظفي البنك باع لمصلحة الضرائب الالمانية قائمة الزبائن، ويتعلق الامر بقائمة تضم ثمانمائة اسم من بينهم وزراء مالية في عدد من الدول.
من حسن حظنا ان الاسماء خرجت في المانيا وليس عندنا، لكن الغريب في الامر هو ان مصالح الضرائب في اوروبا حاولت منذ عشرين عاما رشوة موظفي البنوك في سويسرا ولكسمبورغ، لكن كل جهودها باءت بالفشل.
لقد تمكن الالمان هذه المرة من تضييق الخناق على ليخشنشتاين، اما على مستوى البنك فكان المسؤولون يشعرون بان العالم تغير، حيث كانت هذه الدولة الهادئة، التي تقع بين سويسرا والنمسا، تعتبر بعيدة عن المنال الى وقت قريب.

انتحار موظف
قال لي مسؤول الوكالة البنكية في تلك الاثناء بعد ان اعاد لي جواز سفري: «هل ستودع مبلغا ماليا عن قريب؟ ذلك ان عليك ان توضح لي بعض الطرق التقنية..».
اعادني هذا السؤال الى الأرض، وكنت قد سافرت الى عوالم اخرى في ظرف دقائق، بالطبع، كنت اعرف، بأنه سيطلب مني: اسما سريا وارقام هواتف محمية ضد التصنت، ومكالمة هاتفية قبل اي عملية وسقفا افتراضيا لاي ايداعات مالية كاش.
كل هذه الاجراءات اعرفها،لكني تظاهرت بأني أتابع حديث المسؤول بكل جدية، بينما كنت أتذكر ايريك بي، هذا الموظف الذي انتحر في البنك حيث يشتغل، ورحت أتساءل اي خطأ مهني ارتكبه حتى يستحق هذا العقاب؟
منذ ذلك الحين، كم هو عدد الزبائن، الذين اضطر البنك للابلاغ عنهم للتعاون مع السلطات؟
عندما كلفت من قبل الرئيس بملف أباشا، الرئيس النيجيري السابق، واجهت العديد من المشاكل، لقد كنا نؤوي منذ سنوات أحد الحسابات التي كان يهرب اليها هذا الدكتاتور الأموال، لم يكن في الحساب سوى 43 مليون دولار، لكن هذا لم يكن سوى قطرة أمام الستمائة مليون دولار التي اتهم بالاستيلاء عليها.
لقد رفضنا التطرق الى الموضوع أو التعليق على القضية للصحافة رغم تهمة تبييض الأموال التي وجهت الينا من قبل سلطة الخدمات المالية، لكننا أبلغنا الحكومة الفرنسية أن كل إجراءاتنا سليمة، واننا لم نخرق القانون البريطاني لمكافحة تبييض الأموال في أي حال من الأحوال، لكن ما الذي حصل في فرنسا؟
لقد تم تجميد الثلاثين مليون يورو التي أودعها الدكتاتور في حساب بنكي لدينا، وإلى يومنا هذا لم ترد هذه الأموال إلى نيجيريا.

تبييض الأموال
في الواقع الثروات الناتجة عن عمليات تبييض الأموال، يعاد استثمارها في الدول الصغيرة وتساهم بطريقتها في تعزيز الرخاء محلياً، لكن توقيف هذه الاستثمارات من شأنه الإضرار بهذه الدول، الأمر أبسط من هذا، لكن من يجرؤ على الدفاع عن وجهة النظر هذه؟
وأما بالنسبة لموبوتو الرئيس الأسبق للكونغو، والصديق الحميم لشيراك وميتيران، فلا أحد من القضاة الباريسيين، تمكن من تحديد مكان الأموال التي نهبها.
في تلك الفترة، جمدت جنيف واحداً من بين حساباته البنكية البالغ عددها 32 حساباً، في مؤسسة بنكية راقية في جنيف، على الرغم من المجهودات التي بذلها محاميه دومينيك بونسيت، المعروف بتغلغله جيداً وسط المجتمع الراقي في جنيف.
وانتهت قضية الفرقاطات الشهيرة إلى النهاية نفسها، فرولان دوما هو من قدر قيمة العمولة في هذه الفضيحة بـ800 مليون يورو. لكن ما عدا الفرد سيرفن، الرقم الثاني سابقاً في شركة ألف واندري تارالو المسؤول السابق لشركة ألف افريقيا، من تورط أيضاً في القضية؟ ليس الكثير، آه، لا.
شخصية سيئة الحظ وغير ذكية تماماً، لا تستمع إلا لقلبها، إنها العشيقة السابقة، لوزير خارجيتنا اللامع، التي اتخذت القرار الأكثر غباء في السجلات المصرفية، لقد أرجعت كريستين دافييرس جونكور المليونين يورو من العمولة، التي أودعت في حسابها السويسري في الدولة الفرنسية.
لكن هذا لم يمنعها من قضاء فترة في السجن بعد ان أدينت في القضية.. ولذلك أقول إن إرجاع الأموال ليس خيارا جيدا على الإطلاق.
وبينما كان موظف البنك يستعد لمنحي استمارة فتح الحساب، كنت افكر في الحجج المقدمة على موقعهم الالكتروني، حيث كتب «اختارت مؤسستنا السرية كوسيلة لضمان ولاء زبائنها».
وقعت الاستمارة وعاودت ركوب الطائرة، بعد ان اخترت اسم ماركس بروذرس للحساب، بالتأكيد تتساءلون لم هذا الاسم؟
لقد تذكرت اسم مؤلف «رأس المال» وواحدة من أحاديثي مع ماندي هذا الصيف، عندما كانت تحدثني عن «البراذرس لا أعرف كيف». على كل كان فكرة جديرة بالملاحظة. لكني لم أكن أعرفها حتىالساعة.

دروس تاريخية
قررت في ذلك اليوم، الرجوع باكرا الى البيت، لم أكن أود البقاء في البنك، خاصة مع التهديدات التي بدأت تسقط على رؤوسنا من هنا وهناك، فيما بات السؤال هل سنتعرض للافلاس ام لا؟ في البنك لم يكن الموظفون يتحدثون عن هذا الموضوع اطلاقا وكأنهم مقتنعون بان لا شيء سيحصل.
ومن ثم، كنت أود رؤية ابنتي كلوي التي اهملتها خلال الفترة الأخيرة، لم تكن ايزابيل موجودة في البيت عندما دخلت، بينما كانت كلوي تدردش كالعادة على شبكة الانترنت.
ـ سألتها «أنت بمفردك»؟
ـ اليوم الاثنين يا أبي.
ـ وماذا بعد؟
ـ مساء الاثنين، تذهب أمي لمتابعة دروس المسرح.
ـ آه؟
ـ اعتقد بأنها بصدد تحضير مفاجأة لنا.
ـ مفاجأة؟!
ـ نعم.. عرضا مسرحيا، تشارك فيه والدتي، سيكون ذلك ممتعا، أليس كذلك؟
ممتعا؟ تصورت بصعوبة زوجتي البرجوازية وهي تقرأ نصا مسرحيا على منصة العرض بصوت جهوري...

خطأ لويس الــ 14
في الواقع لم يكن هناك اي قاسم مشترك بيني وبين ايزابيل، سوى ابنتنا كلوي.
ـ أترغبين في الخروج معي لتناول العشاء.
ـ أبي غدا عندي اول اختبار في مادة التاريخ.
ـ أتود ان تختبر مدى حفظي للدروس؟
بدأت كلوي في استعراض ما حفظته وقالت «في عام 1685، ادى الغاء لويس الرابع عشر لمرسوم نانت، الى اختفاء عدد من الكنائس في فرنسا، والمرسوم هذا كان يدعو الى التسامح الديني، مما اجبر البروتستانت على الاختباء او لا اعرف..
ــ او اللجوء الى المنفى. اتعرفين، يقولون ان الغاء مرسوم نانت، كان اكبر خطأ ارتكبه لويس الرابع عشر، حيث دفع البروتستانت الى الهجرة، لقد هاجر 300 الف شخص واما الافراد الذين كانوا يملكون الطاقة فقد توزعوا في كل مكان، لقد ذهبوا الى افريقيا الجنوبية والى اميركا، حيث كونوا ثروات طائلة.
ـ أيوجد هذا في الكتاب؟
ــ لا يا عزيزتي ولكني اشرح لك كيف ولد أفضل مصرفيي العالم.

البنك العصري
أتعرفين كل هذا جرى في زمن بعيد، واردت فقط ان استرجعه واياك.
تابعت كلوي قراءة النص عن ظهر قلب، لكني انتهيت الى فهم امور اخرى لها علاقة بالقصة.
عدت بذاكرتي الى الوراء، الى طفولتي والى استاذ التاريخ وكيف روى لنا قصة البروتستانت بعد الغاء مرسوم نانت، وكيف نجحوا بعد ان قبلوا، استثمار اموال الآخرين، بدلا عنهم.
في نهاية الامر، كان هؤلاء هم من اسسوا قواعد البنك العصري فيما لم يفعل اليهود من جانبهم شيئا آخر، لقد طوروا نشاطاتهم على طريقتهم، حيث عرضوا قروضا على زبائنهم وانتهوا الى تغيير المهنة بتحويل اكشاكهم الى بنوك.
لقد زادت شدة المنافسة بين البنوك البروتستنتية والبنوك اليهودية خلال عقود، بتأثير من مقولة جون بيربونت مورغان - مؤسس بنك جي بي مورغان - الشهيرة «اتركوا المعاملات الصغيرة لليهود».
لقد كان الصراع شديدا في الولايات المتحدة الاميركية، حيث كانت نخبة بروتستانتية بيضاء، تحتكم على قطاع الصناعة والسكك الحديدية والبترول والحديد، لكن هذه النخبة فقدت، بسبب عنجهيتها، صفقة جديدة ومربحة جدا، هي صفقة الاستحواذ والاندماج، لكن المصرفيين اليهود كانوا اول من استفاد منها مثل الاخوة لازار، الذين منحوا اسمهم لدار اصبحت اسطورة، أدارتها في ما بعد وطيلة خمسين عاما عائلة دافيد ويل، ومن ثمة نشأ كل من غولدمان ساكس وليمان بروذارس.

تمييز ديني
وفي جنيف ايضا فرض البروتستانت انفسهم مثل لومبار اودييه وبوردييه او ميرابو، الذين استقطبوا اكبر الثروات في العالم. ولم يتمكن سوى عدد قليل من العائلات اليهودية من المقاومة بفضل بعض المؤسسات السرية مثل بنك ال سي اف روتشيلد، الذي يديره عن بعد ابن البارون ادموند.
عكس جنيف، حيث موازين القوى منظمة، ذهلت في نيويورك، حين اكتشفت التمييز على اساس ديني او نواد خاصة في الضواحي، كانت هذه النوادي تقصي كل الاجانب.
لقد امضيت وقتا معتبرا في فهم طبيعة بنوك الاعمال، واكتشفت ان الامر يتعلق بشيء مختلف تماما عن بنوك الودائع المصرفية مثل البنك الذي كنت اشتغل فيه.

بنوك الاعمال
هدف بنوك الاعمال يقوم على دمج المؤسسات مقابل اي ثمن والمضاربة على اي شيء، سواء تعلق الامر بالاسهم او العقار او مواد اولية او غيرها.
كان زملائي في هذه البنوك الاميركية الخاصة يتفوقون على البنك الذي كنت اشتغل فيه، في نقطة واحدة هي انهم نجحوا في عدم الاهتمام باي كان، لانهم لم يكونوا مدرجين في البورصة.
كانت المعركة شديدة بين هؤلاء وكنت اعرف ايضا ان وزير الخزانة هنري بولسون، الذي شغل سابقا منصب الرئيس المدير العام لغولدمان ساكس وهو اول شخصية غير يهودية تدير هذا البنك منذ انشائه، ولذلك لم يكن قادرا على البقاء في المكان نفسه مع ريتشارد فولد.
في الواقع بقيت المدافع في اماكنها، بين اليهود والبروتستانت وبين بنوك الاعمال المتنافسة وايضا بين رؤساء البنوك الطموحين.
في تلك اللحظة بالذات فهمت وانا ارى ابنتي كلوي وهي تغلق كتاب التاريخ، بان غولدمان ساكس سيبيع اسهم ليمان بروذرز وأن وزير الخزانة الاميركي سيستهدفهم، ان عانوا من ازمة سيولة. لقد ظن بولسون بانه سيتمكن من مراقبتهم ان اختلق ازمة.
في الواقع يمنحه هذا الخيار ميزتين: هذا الخيار في البداية هو مناسبة جيدة بالنسبة له لمواجهة عدوه اللدود، كما يسمح له بالحد من الخسائر على مستوى بقية البنوك.
كان بولسون يسعى الى تفادي انتشار النار في كل النظام، لكنه اجج الازمة، وهو يحاول تفاديها.

الحلقة الثامنة:
ماندي تقرر اعتزال الدعارة


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
04-09-2012, 06:36 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

«اعترافات مصرفي فاسد» (8) ماندي تقرر اعتزال الدعارة

Pictures%5C2010%5C02%5C23%5Ccbca09cf-8461-4046-8f9c-a08cf0dd9b62_main.jpg
• هنا قررت ماندي اعتزال مهنتها في فندق برستول بايس
المؤلف: كريسوس (مدير بنك فرنسي سابق) ترجمة: سليمة لبال
لا يكشف هذا الكتاب، الذي أبقى مؤلفه اسمه سرا، وتنشره «القبس» على حلقات، تفاصيل وأسرار قصة انهيار البنك الأميركي ليمان براذرز فقط، ولكنه يكشف أيضا عن علاقة النساء بعالم المال ودور العاهرات في قلب موازين الأسواق العالمية.
يكشف الكتاب ممارسات مافياوية، باتت السمة الرئيسية لعالم المال بحسب مؤلفه، الذي اختار التستر على اسمه واسم البنك الفرنسي الكبير الذي اشتغل فيه لسنوات، مفضلا توقيع اعترافاته باسم كريسوس.
أهدى كريسوس كتابه، الذي عنونه بـ«اعترافات مصرفي فاسد» إلى كل أولئك الذين لا يزالون يثقون بالبنك الذي يتعاملون معه. وعلى الرغم من قوله ان اعترافاته ليست للانتقام من الشخصيات التي ذكر أسماءها، فإنه يؤكد أنه نشرها ليكشف للقراء حقيقة ما يدور في اكبر المصارف العالمية.
كريسوس، الذي أصبح ثريا، بفضل المكافآت التي تراكمت في حسابه منذ سنوات، الأمر الذي مكنه من شراء ساعة ريفرسو بـ 335 ألف يورو، قرر في النهاية التخلي عن زوجته إيزابيل وابنته كلوي، بحثا عن حياة ثانية، يقول انها ستكون أفضل في اندورا، حيث لا احد يعرفه ولا احد يدرك أنه صاحب هذه الاعترافات.
إنها اعترافات مثيرة جدا عن عالم يبدو ان النساء محركه الرئيسي والمُطّلع الأول على خباياه وتفاصيله سواء في نيويورك أو في لندن أو باريس.
ينقلنا هذا المصرفي في قصص مترابطة بين هذه العواصم لنكتشف يوميات مصرفي فاسد، قَب.ل في النهاية بإفراغ جعبته في كتاب أَسالَ الكثير من الحبر في فرنسا وخارجها.

كنت فرحاً لدى عودتي إلى البنك خصوصا بعد ان اتضحت لي عناصر اللغز. كان الأمر واضحاً تماماً بعدما سمعت من هاملر وماندي وكرافيس وكلوي.
لقد ضحى بولسون ببنك ليمان بروذرز، الذي لم تبق أمامه سوى أيام قلائل، فيما كان أمامنا وقت كاف في البنك للحد من حجم الخسائر. كنت سأخرج البنك من الأزمة وكان هذا الأمر يستحق منحشة صغيرة. لكن لماذا منحة صغيرة؟
ما كنت أرغب في القيام به، يستحق أكثر من منحة يمكن أن يستحق ترقية.
لم أكن قد جلست أمام مكتبي حين رن الهاتف. كانت المتصلة هي مارتين سكرتيرة الرئيس الذي كان يريدني على الفور.
شككت في الأمر وساورني ظنون بأنه يريد الاطلاع على المعلومات، التي يحق لي أنا فقط الاطلاع عليها بصفتي مدير البنك. عندما وصلت إلى مكتبه وجدته يصرخ في وجه مساعدته «مارتن قلت لك سابقاً ان عليك تغيير الشاشات المسطحة هذه. استدعي لي المغفل المسؤول عن الإعلام الآلي، لا أفهم لم كل هذه التفرعات...».

درس في الاقتصاد
عندما لاحظ الرئيس وجودي، توقف عن الصراخ وقال لي «ادخل داميان، أنا فعلاً محاط بمجموعة من الموظفين غير الأكفاء، هذه التجهيزات التي كلفتنا أموالا طائلة، لم تشتغل يوماً.
صباح الخير داميان، كنت أود رؤيتك، هل قرأت الصحف؟
- عن أي شيء تتحدث؟
لا يهم، الموضوع يتصدر كل الصحف.
- من؟
من الواضح انه جان بيريلفاد، سترى أنه سيعطينا درساً في الاقتصاد الآن، هل قرأت كتابه؟
ــــ لا، ليس بعد.
صدر الكتاب نهاية اغسطس ويحمل عنوان «ساركوزي، الخطأ التاريخي».
لقد دخل بيريليفاد معترك السياسة ضمن صفوف الحزب الاشتراكي في البداية، بعد ان شغل منصب رئيس قرض ليون، والآن ينشط في صفوف الحركة الديموقراطية واما كتابه فتضمن انتقادات لاذعة للرئيس ساركوزي.
سألني المدير: السؤال الحقيقي هو: من عليه ان يدفع؟
لقد هاجم بيريليفاد، ساركوزي دون ان يفكر.
كنت تريد ان تراني سيدي، أليس كذلك؟
ــــ نعم، انا قلق يا داميان، في الواقع انا قلق بشأنك.
عفوا؟
ــــ اكتشفت منذ اجتماعنا الاخير بأن مشاكلنا اخطر مما قلت لي لحد الساعة.
لا اعرف ما تريد قوله بالضبط؟
استثمارنا في العقار في مرسيليا، هو ورطة على سبيل المثال، أرأيت ما وقع نهاية الاسبوع؟
فريدي وفاني تحت وصاية الدولة، اتستطيع تصور ماأريد قوله؟
ــــ الأمور سيئة يا داميان، لكنكم لم تتخذوا الاجراءات المناسبة.
ــــ اعتقد بأنك انت من قضي نهاية الاسبوع في مرسيليا حين عقد هذا الاتفاق، ولبيت هناك دعوة للاحتفال بالنجمة الثالثة للطباخ جيرالد باسيدا.
انا احدثك عن استراتيجية البنك وانت تجيبني بالحديث عن الطبخ اذن ان حدثتك عن الصين ستخرج لي صحنا من الأرز!
بالنسبة للصين، تحدثنا عن الموضوع خلال الاجتماع أتتذكر ذلك؟
ــــ ارجوك، انتبه الى نبرة صوتك.
كان عليّ في تلك اللحظة ان اصمت، ذلك ان هذا العجوز كان مشتعلا كالجمرة، لذلك رحت اتساءل في داخلي عن الاسباب التي تكمن وراء غضبه هذا.
كنت أود ان اتحدث معك بخصوص ليمان، اظن ان هناك من اخطرك بما سيحصل؟
ماذا تريد ان ت‍ُخرج لنا ايضا؟ كارثة مالية جديدة؟
ــــ يبدو ان بولسون بصدد التخلي عن ديك فولد
«ديك» فولد، لقد نسيتُ ان لنا مختصا كبيرا في الولايات المتحدة الأميركية على مستوى الإدارة، يعني كلامك، ان ليمان براذرز سينهار.. هذا ما تريد قوله؟
ــــ أخاف ان يكون ذلك هو ما سيحصل.
ــــ إذا اسمعني وركّز معي داميان، تنبؤاتك هذه تحبط الموظفين وتثير القلق في الإدارة، نحن لا نهتم على الاطلاق بتخيلاتك عن الأزمة العالمية. أمامنا الكثير من العمل وعليك ان تبدأ في تشمير ساعديك بدل ترديد مثل هذا الكلام.
ــــ لست متأكدا من أنني الوحيدالذي..
ــــ الوحيد في ماذا؟ في الاعلان عن نهاية العالم؟!
لماذا تركت الأمور؟!
ــ بدأت بالشك في ما حصل، من المؤكد ان رئيسنا تلقى مكالمة هاتفية أزعجته، ويحاول الآن الترويح عن نفسه باستغلالي، لذلك قررت تغيير الموضوع.
ارأيت آخر الاقتراحات بشأن البيان الصحفي الذي سنصدره؟
ــــ عليّ ان أراجع كل شيء، لان المسؤولة الجديدة، لم تفهم بعد فكر المؤسسة.
لقد استلمت مهامها منذ 15 يوما فقط، علينا ان نمنحها المزيد من الوقت؟
ــــ كما تشاء، المشكل ليس هنا، لا اعرف كيف تركت الأمور هكذا منذ بضعة أشهر، الى ان وصلت الى هذه الحالة.
ــــ لحد الساعة لم استطع فهم ما تتحدث عنه.
اعتقد بأني فهمت كل شيء.
ــــ لقد تطرقنا للمسألة، وقيل لنا بأنك كنت على علم بكل شيء.
ــــ حتى أيه أي جي، كنتُ على علم بها، يمكن.
ــــ يبدو لي انك كنت تعرف.
ــــ آه.. تعيش حياة رائعة، أليس كذلك؟ منصب كبير ومرتب مريح وعائلة صغيرة، كل شيء في حياتك يتناسب مع طموحاتك؟
الى أين تريد ان تصل من فضلك يا سيدي؟
ــــ أتعرف عزيزي، هناك بالتأكيد أسباب مكنتني من اعتلاء هذه الأريكة، وللأسباب هذه أيضا، سأقول لك سرا، لن تجلس على هذا الكرسي أبداً، اعرف أنك كنت دوما منبهرا بالأثرياء، لكن الثراء بعيد عنك.
- اعتقد بأننا سنتوقف عند هذا الحد، اذا ما أردت طبعاً ذلك.
- أنت محق داميان، اعتقد بأن عليك البقاء في مكانك.

تغيير البرنامج
عندما خرجت من مكتب ذاك الأحمق، لم تكن تتملكني سوى رغبة واحدة وهي أن أحطم كل ما يقع بين يدي. هدأت من روعي «لا مجال للعودة الى البيت الآن كما وعدت ابنتي كلوي، على كل، هي تتكفل بنفسها منذ وقت طويل».
كنت ارغب في تناول مشروب، حتى..؟ كلمت ماندي عبر الهاتف لأرفع معنوياتي والمفاجأة أن هاتفها كان مفتوحاً وأنها في باريس لقضاء يومين، وقد خططت لأمسية معي.
كنت محبطاً، لذلك اقترحت علي أن أمر بفندق بريستول. لكني تساءلت أتريد تناول مشروب معي أم أنها تريد تقبيلي؟
انها أول مرة التحق فيها بماندي في هذا المكان، لقد كانت بانتظاري في صالة تقع قبالة مدخل الفندق. احتضنتني لدى وصولي ثم قالت لي: «اعشق هذا المكان، أتعرف أن فتيات العاصمة يتمركزن هنا؟ لكن انتبه هنا تجد زبدة الزبدة، لا بوتوكس ولا شبكات ولا عشاق، نحن من ندفع تكاليف اقامتنا نظير مبالغ كبيرة وفي المقابل لا يزعجنا الموظفون».
ـ تريدين القول ان الجميع هنا على دراية بنشاطاتك، تريدين قول هذا؟
ـ بالطبع، أتذكر أن جون لويس المدير، قبل 15سنة، وجد صعوبة كبيرة في القيام بمهمته بعد أن بدأ الروس بالتدفق على الفندق محملين بحقائب مملوءة بالدولارات والفودكا. كانت الفتيات مبتذلات جداً وساقطات، كنت اشعر بالعار، حيث كنت أخاف أن يتم تشبيهي بمثل هذا النوع من العاهرات.. بالمناسبة شعر زبائن بريستول بالأسى لذلك وهددوا بالمغادرة.. ثم كان هناك عام 2001.
ماذا يعني ذلك؟
ـ أنت تعرف ذلك بالتأكيد، لقد هجر الأميركيون باريس بعد أن فتحت الفنادق الكبرى أبوابها أمام الأغنياء الجدد بفضل عروضها الترويجية، وبريستول كان واحداً من بين هذه الفنادق.
ـ في الواقع، نحن في البنك أيضاً أقمنا عروضاً ترويجية وقدمنا هدايا متنوعة في تلك الفترة، لكن المصرفيين كانوا يستفيدون من كل الجهات، عكس أصحاب الفنادق.
ـ لكن ماذا فعلت أنت، هل تنكرت في ثوب روسية؟
ــ بالطبع لا، لست شقراء مثلهم، لكني واصلت مضايقة الخليجيين وابتعدت عن باريس، في الواقع كنت محقة، لان الروس لا يحترمون القواعد ولا يعاملون البنات معاملة حسنة و«يفاصلون» دوما في السعر.
تذكرت الكثير من الأمور، عندما كانت ماندي تحدثني عن أخلاقيات مهنتها، لقد اكتشفت بانها تعشق ما تقوم به.
تراهن ماندي على قدراتها وعلى ما تخفي تحت ثوبها الحريري حتى ترضي زبائنها، هي في الواقع تشبه الفتيات اللواتي يقدمن الخدمات الجنسية عن طريق الهاتف. سألتها وتأتين بمرضاك الى هنا؟
ــ أتمزح، هنا أنا أنام وارتاح، أتعرف في عملي، لا «نأتي» بأي شخص، نحن من ننتقل ونمزح كما نسهر على عدم اثارة أي فضيحة. في الغالب اذهب للعمل في فندق الريتز أو كريون، مثل بقية العالم.
ـ في مثل هذه الحال، سأكون زبونا اذا.. لكن ليس مثل الآخرين؟
ــ بالفعل، بالمناسبة، اذا ما طبقت السعر الذي أخصك به على الجميع، بإمكاني ان انهار وأغلق كل شيء.
كدت اختنق وأنا اتناول مشروبي، هذه البنت غريبة جدا، فكل سهرة من السهرات التي كنت اقضيها كانت تكلفني على الأقل، ضعف الحد الأدنى للأجور في فرنسا، أي ما يعادل 2800 يورو.
..... لم أجرأ بيني وبين نفسي على تصور ما كانت تطلبه من غيري.
ـ قالت لي «تعال معي، لدي ما أريد ان أريك اياه».
ـ هل سنذهب الى غرفتك؟
ـ سنذهب في جولة الى فوق، لا شيء غير ذلك.
أخذتني ماندي باتجاه المصعد ولما وصلنا ال‍ى الطابق الأول فتحت باب احدى الغرف، وكانت غرفة فسيحة تشبه الباخرة بديكورها الفاخر وأما نافذتها فتطل على مسبح كبير جدا.
أمام دهشتي من هذا المنظر الخلاب سألتني ماندي: «ألا تعرف مسبح بريستول؟ أنظر الى اللوحة، انها صورة من كاب انتيب اتعرف لماذا؟
لم أكن قادرا على الاجابة، لذلك كنت استمع اليها فقط «مالك فندق بريستول هو الماني ثري جدا، وعاشق لفرنسا، في البداية بدأ بالاستثمار في قصرين، قصر بريستول في باريس وقصر ايدن روك في كاب انتيب.
هذه اللوحة تحفز المسافرين وتدفعهم الى الذهاب هناك لصرف المزيد من المال.
جلست بالقرب من النافذة قبالة المسبح، بينما كانت ماندي تجول بنظرها هنا وهناك ثم قالت لي «اتعرف داميان، اظن اني سأتقاعد. من الحلقة هذه اقصد..».
ما بك؟ معنوياتك منخفضة؟
ــــ لا، لا ليس كذلك، انا افكر في الامر منذ بضعة ايام. منذ ان قمت بتصفية كل حساباتي، في الواقع ما الذي سأفعله بمالي؟ استثمره مرة اخرى، فيضيع في البورصة. هناك مؤشرات مؤكدة.. كلكم قلقون لان شيئا ما سيحدث.. انا اعني ما اقول.. عمري 33 سنة وقد عشت حياة لهو لسنوات، لذلك حان الوقت الآن لانتقل للتفكير في امور اكثر جدية..

عاهرة تتفلسف

في الواقع هذه الفتاة تعجبني كثيرا، من بامكانه ان يتحدث عن مهنته بمثل هذا الاستخفاف وهذه الخطورة في الوقت ذاته!
لم استطع تصديق حقيقة انها كانت تلتحق بزبائنها، الذين كانوا يطلبونها كل مرة لتلبية رغباتهم.
اعرف ما الذي تفكر فيه، لكنك مخطئ. عندما يسقط عليك المال حزما حزما من السماء، تصبح حياتك سهلة جدا، لذلك تغتنم الفرصة، ونعرف ماذا ايضا؟
كلما دفع الرجال اكثر اصروا على اتلاف السلعة. لكن الحقيقة ان الجميع عاملوني دوما كأميرة.
ــــ لا اصدق شيئا.
ــــ عاهرة تتفلسف، انه امر عجيب. طلبت مشروبا ثانيا وتركت ماندي تتحدث وتتحدث.
بالنسبة لي، كانت حياتي سهلة، لكني اتذكر اني عاهدت نفسي على ترك النساء قبل بلوغي الاربعين، كان ذلك عندما تخرجت من مدرسة التجارة، لكن لا شيء من ذلك تحقق، ترى لماذا؟
قالت ماندي: في الواقع نريد دوما المزيد الى غاية آخر لحظة، اتفهم ما اريد قوله؟
ارى جيدا ذلك، فبعد ما وقع في مكتب رئيسي ادرك الآن ان الوضع سيئ، وفي الوقت ذاته كنت افكر في التخلي عن كل هذا والمغادرة..
«سأقيم في اميركا الجنوبية».
ــــ وستتزوجين مليارديرا مثل صديقاتك اللواتي يلبسن اقنعة جديدة في النهاية؟
ــــ لا ليس كذلك يا داميان، سأستثمر أموالي في تجارة الأحجار الكريمة، وسأشتري بيتا الى أن أعثر على الحب.
ــــ ألم تعيشي قصة حب فيما سبق؟
ــــ أبدا. الحب لا يتلاءم مع مهنتي، أنت تفهم ذلك؟
ــــ من الصعب أن أفهمك، لكني لا أتوقف عن السقوط في فخ الحب.
ــــ آه؟
ــــ أنا أمزح فقط.
كانت ماندي محقة، يكفي أن تغادر مرفوع الرأس، حتى تتخلص من رواسب الماضي، والأمر ينطبق عليّ أنا كذلك.
ــــ ولديك ما يكفي لتعيشي حياة سعيدة ومريحة؟
ــــ تعرّف على الأمراء الذين أعرفهم، أنا تحت النافورة، ما عليّ سوى أن أمد الدلو، حتى تمطر الدولارات، إنها قطرة من بحر السيولة التي يملكونها. كان الأمر بسيطا بالنسبة لماندي، إنه أمر لم أفكر فيه أبدا في السابق، لم أفكر لا في النافورة ولا في وضع الدلو في المكان الذي تنهمر فيه المياه بسرعة، أقصد المنبع.. كان الأمر بسيطا جدا بالنسبة لها.
«ماندي أنت رائعة جدا». الحلقة التاسعة: هكذا اختلست 200 مليون يرور



 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
04-09-2012, 06:39 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

اعترافات مصرفي فاسد (9) هكذا اختلست 200 مليون يورو

Pictures%5C2010%5C02%5C24%5Ca719bea4-935a-4389-93bc-4fb61d9e8462_main.jpg
متداولون يتابعون مؤشر السوق في بورصة نيويورك
المؤلف: كريسوس (مدير بنك فرنسي سابق) ترجمة: سليمة لبال
لا يكشف هذا الكتاب، الذي أبقى مؤلفه اسمه سرا، وتنشره «القبس» على حلقات، تفاصيل وأسرار قصة انهيار البنك الأميركي ليمان براذرز فقط، ولكنه يكشف أيضا عن علاقة النساء بعالم المال ودور العاهرات في قلب موازين الأسواق العالمية.
يكشف الكتاب ممارسات مافياوية، باتت السمة الرئيسية لعالم المال بحسب مؤلفه، الذي اختار التستر على اسمه واسم البنك الفرنسي الكبير الذي اشتغل فيه لسنوات، مفضلا توقيع اعترافاته باسم كريسوس.
أهدى كريسوس كتابه، الذي عنونه بـ«اعترافات مصرفي فاسد» إلى كل أولئك الذين لا يزالون يثقون بالبنك الذي يتعاملون معه. وعلى الرغم من قوله ان اعترافاته ليست للانتقام من الشخصيات التي ذكر أسماءها، فإنه يؤكد أنه نشرها ليكشف للقراء حقيقة ما يدور في اكبر المصارف العالمية.
كريسوس، الذي أصبح ثريا، بفضل المكافآت التي تراكمت في حسابه منذ سنوات، الأمر الذي مكنه من شراء ساعة ريفرسو بـ 335 ألف يورو، قرر في النهاية التخلي عن زوجته إيزابيل وابنته كلوي، بحثا عن حياة ثانية، يقول انها ستكون أفضل في اندورا، حيث لا احد يعرفه ولا احد يدرك أنه صاحب هذه الاعترافات.
إنها اعترافات مثيرة جدا عن عالم يبدو ان النساء محركه الرئيسي والمُطّلع الأول على خباياه وتفاصيله سواء في نيويورك أو في لندن أو باريس.
ينقلنا هذا المصرفي في قصص مترابطة بين هذه العواصم لنكتشف يوميات مصرفي فاسد، قَب.ل في النهاية بإفراغ جعبته في كتاب أَسالَ الكثير من الحبر في فرنسا وخارجها.
كانت تلك اللحظة، لحظة مثيرة جدا في قصتنا انا وماندي، حيث كنت اشعر بان كل شيء بيننا سينهار، لأنها قررت التخلي عن مهنتها كمومس، حتى معي انا.. لقد بدا لي هذا الأمر غريبا جدا!
عاودت النزول الى الحانة، بينما ذهبت هي الى جناحها لتغيير ملابسها، والاستعداد لموعد، لا يحتمل التأخير.
فجأة اهتز هاتفي، انه كونراد هاملر من سويسرا: «داميان، خرجت لتوي من مكتب كوفاكس - المفوض الأوروبي المكلف بالضرائب -، قل لرئيسك بأنه سيضطر الى اتباع حمية غذائية»!
- «هل سينجح كوفاكس في إسقاط السرية المصرفية؟!».
- لا، سنصمد بضعة أعوام، لكن المشكل هو اننا سنتخلى عن شيء ما في بروكسل، سيعلن عنه لازلو كوفاكس قريبا، بكل وضوح، سيتعين على الجميع الدفع نظير البقاء عندنا؟
- فهمت، تعني انه من مصلحتنا ان نبحث عن مكان آخر، هذا ما تعنيه؟

سنغافورة المستقبل
- من الافضل التوجه الى سنغافورة، خلال السنوات المقبلة.
- وما رأيك في اندورا؟
- لا شيء، ولكن البنوك هناك صغيرة جدا ولا تهم أحدا، لكنني سمعت بان ساركوزي يريد الذهاب الى هناك..
- شكرا كونراد، عليّ الاتصال سأبلغ الرئيس.
- اتركك الآن، انتهت الاستراحة، انا مضطر للعودة الى المقصورة.
ــ أي مقصورة؟
ــ مقصورة المسرح.
ــ ليلة سعيدة كونراد.

سحر المهنة
أقفلت الخط وأنا اقول في داخلي بأني شخص محظوظ، أتعرفون لماذا؟ لأن سحر مهنتي سيختفي تماما في العالم في اللحظة التي سأختفي فيها عن الساحة.
أشارت إلي ماندي بيدها، وكانت تستعد للمغادرة، مرتدية فروا رماديا.
قبيل رحيلها عن الفندق قالت لي «علي أن أذهب الآن داميان، لكن إن أردت يمكن أن تبقى في جناحي، لست متأكدة من العودة».
ــ لا أعرف، لدي الكثير من الأمور التي يتوجب علي انهاؤها على الانترنت.
ــ حاسوبي على المكتب وأما كلمة السر فهي ايكار 34. الارتباط بشبكة الانترنت هنا ممتاز جدا، عش حياتك وكأنك في بيتك.
ترددت لمدة خمس دقائق، لكني في النهاية صعدت إلى الجناح، ذهلت عندما فتحت الباب بل اصبت بصدمة من هول ما رأيت، كان الجناح مكونا من غرفة فسيحة جدا وحمامين وصالة كبيرة ومكتب ومطبخ، وشرفة أيضا، كيف دفعت تكاليف كل هذا؟ يمكن أن تكون قد وقعت اتفاقا مع الفندق لتقايض وجودها، بسلعة ما؟ لكن فندق بريستول ليس فندق متعة، انه فندق كلاسيكي ومحترم.
جلست على المكتب ثم فتحت الكمبيوتر، وبدأت في البحث عن رسالة الكترونية خاصة وصلتني من ادارة امن البنك الاسبوع الماضي.

منجم العملات الأجنبية
وجدت الرسالة وكانت تتضمن الارقام السرية الجديدة، التي تم تغييرها، عند مغادرة المتداولين، يا سلام بفضلهما سأتمكن من الابحار بكل حرية في كل ثنايا البنك.
كنت أريد الاستفادة منها والرهان على المقايضة بالعملات الأجنبية، من خلال الاتفاقيات الثنائية التي ابرمها البنك مع بنوك أخرى، حيث يقترض البنك بفضلها مبالغ بالعملة الصعبة ليعوضها بأخرى.
كان البنك بفضل هذه الأداة، يبادل المال مقابل قيمة، يتم الاتفاق عليها مسبقا وبعملة معينة وبنسبة وأجل محددين أيضا.
هذه اللعبة الصغيرة التي تتم بين البنوك يمكن أن أجني من ورائها مبالغ طائلة، ذلك أن البنوك عبر العالم تتبادل يوميا مئات المليارات من الدولارات واليوروات والينات.
تمكنت بفضل هذه الارقام السرية من الدخول الى نظام الاعلام الآلي ومن الاطلاع ايضا على قائمة عمليات المقايضة السارية المفعول.

كيف تكون السرقة!
قررت تصنيف المقايضات بحسب حجمها، وكانت فكرتي تقوم على اختيار عملية تفوق قيمتها 200 مليون يورو، لأن المبلغ سيمكنني من العيش بكرامة لسنوات طويلة جدا.
قررت ان استهدف مبلغا معتبرا من دون ان اكون مسرفا حتى اتجنب اجبار البنك على فضح القضية امام الرأي العام، فما الذي تعنيه 200 مليون يورو امام الخمسة مليارات التي تبخرت بفضل كارفيال؟!
كانت نظريتي بسيطة جدا: كنت أعرف بأن الايام القليلة المقبلة ستشهد انهيار بنك ما، وبحكم منصبي كنت متأكدا بأن الانهيار سيطول بنك ليمان براذرز، لذلك كان عليّ ان اضبط حساباتي واحدد التاريخ الذي سيتم فيه اعلان الافلاس.
من المؤكد ان الاعلان عن ذلك سيتم بين 12 و18 سبتمبر، اذا ما تابعنا بيان اداء البنك، كما كان عليّ ايضا ان اراهن على تاريخ جيد لاختلاس مقايضة بالعملات الاجنبية من البنك، حيث اشتغل، باتجاه ليمان براذرز.
تذهب الاموال بصفة طبيعية من عندنا، لكن يتم تحويلها اثناء عملية النقل الافتراضي، لتسقط في محفظتي قبيل ان تصل الى وجهتها.
من المؤكد ان النظام المالي سيهتز بأكمله عند الاعلان عن افلاس بنك فولد، كما ان اكتشاف تغيير الجهات المستلمة للاموال يتطلب العديد من الاسابيع، ان لم نقل اشهرا. انها فترة كافية بالنسبة لي حتى اختفي من الوجود.
واما الصعوبة التي تواجهني فهي خداع وتضليل انظمة من البنك لحظة تغيير هوية المستلم، فقد كان كل شيء اوتوماتيكيا ومؤمنا ويخضع للمراقبة كل ساعة، لتصادق عليه فرق البنك فيما بعد، وتحوله للمسؤول عن الامن، اي انا.
كان علي أن اجد حلا لهذا.
اخذت بعض المعلومات، ثم أطفأت الكمبيوتر، فيما بدأت الكثير من الافكار تدور في رأسي.
فكرت ملياً في الخطة التي سأنفذها، حيث كان علي أن أجد وسيلة ألعب من خلالها على فريق المراقبة، حتى لا يتم اكتشاف تحويل المقايضة بالعملات الصعبة.. لقد كنت بحاجة الى حل.

موعد مع وزارة الخزانة
في ذلك اليوم، كنت على موعد مع مدير الخزينة بوزارة الخزينة، كان الموعد في الساعة الثامنة والنصف مساء، لكنه تأجل الى الساعة التاسعة، بسبب اجتماع بين هذا المدير واحد مساعدي بولسون، ثم تأجل مرة ثانية الى الساعة العاشرة.
هذا التأجيل أزعجني جداً، لكن اذا لم اقبل قواعد اللعبة كما هي، ليس علي على الاطلاق محاولة لقاء هذا النوع من الشخصيات.
الرجل الذي كنت بانتظاره هو غزافييه موسكا، وهو أحد أعمدة الوزارة، ذلك أنه ينتمي الى الدائرة السحرية، التي تتكون من مفتشي المالية. لقد كان هدفي هو اطلاعه على الوضعية الحقيقية للبنك، واستغلال سوء علاقته برئيسي.
قال لي غزافييه، بعد أن انتهى اجتماعه مع احد مساعدي بولسون «انا اسف، كان هناك اجتماع لم تتم برمجته..».
ــــ في تلك الأثناء دخل نادلان، احدهما يحمل مشروباً أما الآخر فيحمل شرائح السلمون، شكرهما موسكا ثم قال لي «ماذا تقول عن الوضعية؟»
ــــ أظن أنها خطرة.
ــــ و..
ــــ .. ورئيسي؟ يقول اني متشائم.
ـــــ لقد فضل دوماً دفن رأسه في الرمال مثل النعام، منذ زمن قرض ليون وعندكم؟
ــــ يمكن أن نقول بأننا نمر ببعض الاضطرابات.
ــــ عزيزي داميان، نحن هنا لنتحدث بصراحة.
ــــ علينا أن نتقبل بأننا واجهنا مفاجآت سيئة خلال الأسابيع الماضية.
ـــــ متأكد..؟
ــــ علينا أن نعيد رسملة فرعنا في الصين.
ــــ بكم؟!
ــــ من الصعب تقدير ذلك الآن؟
ـــــ وماذا أيضاً؟
ـــ لقد راهنا على شركة التأمينات الأميركية ايه اي جي، لكن رهاننا هذا مخيب للآمال.
ــــ افهم ذلك.
ـــ هل هناك صفقات جيدة؟
ــــ لقد استثمرنا مع صندوق اميركي.
ـــ ولا تتخوفون من الخسائر؟
ــــ أنا متخوف من حدوث اضطرابات الاسبوع المقبل.
ـــ اضطرابات من أي نوع؟
ــــ كان علي ان أتكلم: «قيل لي بان ليمان سينهار».
ـــ هذا غير معقول!
ــــ اعرف، لكن يبدو ان بولسون اخطر اميرا خليجيا بالامر، قبل عدة اسابيع.
ـــــ وماذا عنكم؟ هل خسرتم شيئا في الملاذات الضريبية؟ ليس الأمر جريمة، لكن علينا ان نعرف ذلك فقط.
ترددت في الاجابة وتساءلت في نفسي، إلى أين يريد أن يصل معي؟
ــــ اسمع، انها امور صعبة، انت تعرف ذلك جيدا.
ـــ داميان؟
ــــ الجواب هو نعم، بالطبع.
ـــ لكن أين؟
ــــ بصراحة هذه المواضيع بين يدي الرئيس والمدير المالي.
ـــ أتريد ان تقول انك مدير عام ولا تعرف الرقم؟
بدأ هذا المسؤول في ازعاجي، لكن بعد كل شيء انا من قصدته وليس هو.
ـــــ بصراحة، لا تعرف؟
ــــ لا.
ـــ هذا غير مستبعد؟
ــــ غزافييه، نحن نعمل وفق هذا النظام، انت تدرك ذلك جيدا.
ـــ وفي سويسرا؟
ــــ ليس عندنا خسائر هناك، ولكنها وسيلة لضمان ولاء بعض زبائننا..
- بعض منهم. كرر موسكا هذه الجملة بنبرة حادة.

ــــ ليست هذه مفاجأة بالنسبة اليك، انتم تراقبوننا منذ فترة.
ــــ نحاول. على كل حال، نحن حذرون جدا، لكن ليست لنا مواقع في اماكن اخرى تهمكم.
ـــــ ما هي على سبيل المثال؟
ــــ اندورا مثلا.
انتهزت الفرصة حتى اطلع على وضعية البلاد التي سألجأ إليها:
ــــ اندورا ملاذ حقيقي في الوقت الراهن.
ـــــ لهذه الدرجة؟!
ــــ نعم، ان اتفاق التعاون بين فرنسا واندورا لا يتضمن بند التهرب الضريبي، وليس لنا مراسلون في المكان عينه، لان رئيس حكومة اندورا، واظن ان اسمه بانتا، متشدد جدا بخصوص هذا الموضوع، كما سبق ان طرد احد موظفينا بحجة ان مهمته لا تدخل في اطار الاتفاقيات المبرمة بين البلدين.
ــــ فهمت.
ــــ لكن، كل هذه الامور يمكن ان تتغير.
لقد احسنت اختيار الدولة التي سألجأ اليها، حيث ستكون اموالي في مكانها الصحيح.. لذلك هدفي الرئيسي من الآن فصاعدا هو النجاح في السطو على البنك.

التحويل
كنا بتاريخ 12 سبتمبر 2008، عشية الزلزال الذي اطاح ببنك ليمان برذرز، خامس اكبر البنوك الاميركية، لكن لا احد ممن كانوا حولي كان يدرك ما الذي سيحصل لاحقا.
كان رئيسي مدعوا ذلك اليوم لحضور اجتماع في هيئة اسواق المال، حيث قال لي قبل مغادرته مقر البنك:
«هل سأراك لاحقا؟ سأمر بالمقر، لكن في وقت متأخر، آسف لانك لن تكون موجودا. لا تقلق، لقد تلقيت مكالمة هاتفية، أكد لي صاحبها عدم وجود اي تهديدات على بنك ليمان برذرز انهم ينتظرون مشتريا خلال الساعات القليلة المقبلة وإلا..
ـــــ وإلاّ؟
ــــ سيقوم بولسون بتأميم البنك، هل لديك حل آخر؟
في تلك الاثناء، فتح باب المصعد وغادر الرئيس الى اجتماعه، بينما لم يكن احد غيري في فرنسا على علم بما سيحدث.
كلمت بنك اندورا لاطلاع المسؤولين هناك بالتحويل، حتى اتأكد من استعدادهم لاستقبال الاموال وبالفعل اعطيتهم الاسم والرقم السري لأتلقى مكالمة منهم بعد 30 ثانية فقط من اقفال الخط.

اجتماع عاجل

بصفتي مديرا عاما للبنك، وجهت دعوة لكل الفرق والمسؤولين لحضور اجتماع عاجل في مكتبي، في غياب الرئيس بالطبع.
عندما حضر الجميع، دخلت مباشرة في الموضوع وسألتهم:
ـــــ ما هو سعر سهم ليمان بروذرز؟
ــ 4.02 دولارات، لكنه يستمر في التهاوي، منذ افتتاح بورصة نيويورك، ويمكن ان ينخفض الى 3.6 أو 3.7 دولارات عند الاغلاق.
ـــــ لكن كم كان سعر السهم في التاريخ نفسه من السنة الماضية؟
ــ اكثر من 70 دولارا.
ـــــ وماذا عن اسعار هذا الاسبوع؟
ــ انخفضت بنسبة 70 في المائة.
ـــــ اوكي، ما الذي تقولونه انتم؟
ــ كلنا متخوفون، الامور ليست واضحة...
هناك رهانات في كل الاتجاهات، لقد قضى معتوهو وول ستريت الصغار، كل الصبيحة على المراهنة على سقوط ميريل لينش بدل ليمان على موقع www.dealbreaker.com.
ــــ هذه معلومة يا مارك.
ــ كاتي هل لديك معلومات اخرى؟
ـــــ هل رأيتم برقية رويترز عن موقف الاحتياطي الفدرالي الاميركي انها تؤكد عن مصدر رفض الكشف عن اسمه، بان الاحتياطي الاميركي لن يحل مشاكل ليمان بروذرز واضافت على لسان المصدر الموثوقبه ذاته «بالنظر الى الظروف السائدة، لا يمكن أن يقوم الاحتياطي الفدرالي بتسوية وضعية البنك بالاموال العامة».
ـــــ ماذا يعني هذا بنظركم؟
بدأ الجميع يتحدثون في وقت واحد «هذا يعني ان الاحتياطي الفدرالي يريد ان يجبر ليمان على قبول بعض الشروط للحيلولة دون افلاسه او يريد تخويف البنوك الاخرى؟
اذا، أنا أرى ان لنا وجهة النظر نفسها، لكن ما هي ديون بنكنا، مقارنة بليمان، نهاية هذا اليوم؟
ــ انتظروا.. لدينا أكثر من 10 الاف عملية مشتقة معهم.. هناك عمليات في كل الاتجاهات، اتريد ان تعرفها؟
ــ نعم تلك التي تفوق قيمتها 200 مليون وعمليات المقايضة بالعملات الاجنبية التي لم يسددها ليمان. ابتداء من اليوم اريد ان تتم كل العمليات بطريقة يدوية، كما علينا ان نوقف الدفع الآلي للقيم التي تفوق 200 مليون يورو، علينا ان نحد من الخسائر.
ــ لكن من سيشرف على المعاملات؟
ــ انا، اشعر بأنكم لم تفهموا لحد الساعة ما يجري. اذا ما استمر الوضع هكذا يمكن ان نتأثر بوضع ليمان ابتداء من الاسابيع المقبلة.

الحلقة الاخيرة:
إنه الوقت المناسب للفرار


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
04-09-2012, 06:41 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

اعترافات مصرفي فاسد (10) إنه الوقت المناسب للفرار

Pictures%5C2010%5C02%5C25%5C49baaf8a-9351-41d5-889c-cbe6e4978de0_main.jpg
هنا في اندروا قرر داميان قضاء بقية حياته
المؤلف: كريسوس (مدير بنك فرنسي سابق) ترجمة: سليمة لبال
لا يكشف هذا الكتاب، الذي أبقى مؤلفه اسمه سرا، وتنشره «القبس» على حلقات، تفاصيل وأسرار قصة انهيار البنك الأميركي ليمان براذرز فقط، ولكنه يكشف أيضا عن علاقة النساء بعالم المال ودور العاهرات في قلب موازين الأسواق العالمية.
يكشف الكتاب ممارسات مافياوية، باتت السمة الرئيسية لعالم المال بحسب مؤلفه، الذي اختار التستر على اسمه واسم البنك الفرنسي الكبير الذي اشتغل فيه لسنوات، مفضلا توقيع اعترافاته باسم كريسوس.
أهدى كريسوس كتابه، الذي عنونه بـ«اعترافات مصرفي فاسد» إلى كل أولئك الذين لا يزالون يثقون بالبنك الذي يتعاملون معه. وعلى الرغم من قوله ان اعترافاته ليست للانتقام من الشخصيات التي ذكر أسماءها، فإنه يؤكد أنه نشرها ليكشف للقراء حقيقة ما يدور في اكبر المصارف العالمية.
كريسوس، الذي أصبح ثريا، بفضل المكافآت التي تراكمت في حسابه منذ سنوات، الأمر الذي مكنه من شراء ساعة ريفرسو بـ 335 ألف يورو، قرر في النهاية التخلي عن زوجته إيزابيل وابنته كلوي، بحثا عن حياة ثانية، يقول انها ستكون أفضل في اندورا، حيث لا احد يعرفه ولا احد يدرك أنه صاحب هذه الاعترافات.
إنها اعترافات مثيرة جدا عن عالم يبدو ان النساء محركه الرئيسي والمُطّلع الأول على خباياه وتفاصيله سواء في نيويورك أو في لندن أو باريس.
ينقلنا هذا المصرفي في قصص مترابطة بين هذه العواصم لنكتشف يوميات مصرفي فاسد، قَب.ل في النهاية بإفراغ جعبته في كتاب أَسالَ الكثير من الحبر في فرنسا وخارجها.\

استمعت باهتمام كبير ولمدة أربعين دقيقة للفرق التابعة لي على مستوى البنك، ثم تساءلت اهو الوقت المناسب بالنسبة لي لمراقبة كل التحويلات، في انتظار ايجاد طريقة للفرار؟
كنت أود الذهاب الى البيت لدراسة لائحة التحويلات والتحقق من عمليات الدفع، لكني لم أكن متأكدا من أن الجو هناك سيسمح لي بانهاء العمل، ذلك أن ايزابيل كانت تشعر بخيبة أمل كبيرة لأنها لم تغادر نهاية الأسبوع الى سانت تروبيز.
كانت تقول لي: الجو رائع هناك يا داميان، لم لا نذهب، ولم اشترينا بيتا على البحر المتوسط، اذا ما كنا نمضي كل وقتنا في باريس؟
آه لو تعلم عزيزتي، بانني كنت بعيدا، بعيدا جدا عنها.

اليوم الحاسم
بلغت عمليات المقايضة بالعملات الأجنبية التي تقل قيمتها عن 200 مليون يورو بتاريخ الاثنين 15 سبتمبر 2157 عملية ،فيما ارتفع العدد الى 5037 في اليوم التالي، لينخفض الاربعاء ويصل الى 3922 عملية مقايضة.
حاولت جمع أفكاري لاختيار اليوم المناسب للقيام بالعملية، ذلك أن بنك ليمان براذرز كان في وضعية سيئة للغاية، لكني لم أكن اعرف كم سيستمر عذابي وانتظاري أيضا.
كنت كلما أفكر أكثر، أفقد التركيز وتضيع الصورة من بين عيني، وفجأة فكرت في اختيار عملية بطريقة عشوائية.
في تلك الأثناء، رن هاتفي، انه كونراد.
ــــ كونراد كيف تسير الأمور عندكم؟
ــــ ما يحصل مستحيل، انه أمر كبير جدا ...
ــــ .....
ــــ يمكن أن تكون محقا. لقد تقرّر كل شيء، أليس كذلك؟
ــــ .....
ــــ شكرا كونراد. سأحاول إيقاف الآلة من جانبنا.

الخبر المعجزة
كان الخبر بمنزلة معجزة بالنسبة لي. لقد جمد بنك جي بي مورغان قبل اقل من ساعة، 17 مليون دولار من أسهم ليمان براذرز المودعة لديه. ماذا يعني هذا؟
هذا يعني ببساطة أن جي بي مورغان يرفض تمكين ليمان من أي أموال مودعة لديه، ولكن لماذا؟ الأمر عجيب جدا.
يبدو ان السبب الرئيسي هو أن مورغان يعتزم حماية نفسه من «التعويضات المحتملة» مثلما نقول في لغتنا العامية.
لقد استفدت من هذا الخبر المثير ومن جي بي مورغان ومن فضول كونراد الأسطوري، فهو دوما أول من يطلع على مثل هذه الأخبار، لذلك توصلت إلى نتيجة أن الانهيار المالي سيكون صبيحة الاثنين.
طلبت سيارة أجرة لأذهب إلى مقر البنك في شمال باريس، ذلك أني فضلت عدم المخاطرة وقيادة السيارة بنفسي. كان علي أن أركز في العمليات التي سأجريها على نظام الإعلام الآلي المركزي، لتحويل المبلغ إلى حسابي الخارجي في ظرف أربعين ثانية وتفادي أي صفارات إنذار.
كنت اعتزم الاستفادة من فترة استراحة الفرق العاملة، حيث يغادر أثناءها المختصون في الإعلام الآلي مواقعهم لمدة تتراوح ما بين أربع وخمس دقائق للتدخين، وبالفعل تدربت على العملية واعدتها قرابة العشرين مرة. شعرت بأني على أتم الاستعداد وعلى مقربة من الثروة. لكن في الواقع لم تمر الأمور مثلما خططت لها.

رأس الرئيس أحمر
استدعانا المدير بسرعة يوم الأحد 14 سبتمبر في حدود الساعة الثالثة، أنا وبعض كوادر البنك. كنا 12 شخصا في قاعة الاجتماعات، نظر إلينا الرئيس بحدة، ثم قال: أين مارك؟
أجاب إتيان: أنا آسف سيدي الرئيس، مارك يقضي إجازة لمدة أسبوع في جزر الانتيل...
ــــ هذا جيد جدا، هل هناك من يقضون إجازاتهم أيضا، وغائبون عن هذا الاجتماع؟!
كدت انفجر من الضحك وأنا أشاهد رأس ايتيان.كان احمر.
«جيد، علي أن أقول لكم ان الوضعية صعبة.بالطبع، كل ما يقال هنا سري للغاية.في الساعة التي أكلمكم فيها يواصل الأميركيون تجندهم لإنقاذ ليمان...».
إنهم يروون لنا أي شيء، لقد طوي ملف إنقاذ البنك، وسقط فولد في الماء ومعه 23 ألف موظف وكذا المستثمرون الذين سيجدون أنفسهم صبيحة الغد مجردين من أموالهم التي تقدر بـ 73 مليار دولار.

الأثرياء لا يردون
حاول فولد إيجاد حل لإنقاذ بنكه من الإفلاس، لكنه فشل، لقد اتصل انطلاقا من مكتبه الذي يقع في الطابق 31 من برج ليمان بجميع المؤسسات المصرفية وبكل أثرياء العالم، لكن جهوده باءت جميعها بالفشل، وفيما اقفل مستثمرو الشرق الأوسط الهاتف في وجهه والأمر نفسه، تصرف الصينيون والروس والأميركيون معه بالطريقة نفسها.
في الواقع، كان فولد يبحث عن حل منذ أشهر. منذ شهر يوليو بالضبط، ومنذ أن رفض بولسون والاحتياطي الفدرالي الأميركي تغيير مسماه ليصبح بنكا تجاريا، مما يمنحه فرصة الاستفادة من مساعدات الدولة. كان بنك أوف أميركا آخر أمل بالنسبة لفولد، لكن رئيسه كينيث لويس لم يرد على مكالماته الهاتفية.
لقد تم التخطيط لهذا الانهيار المالي في مقر الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، جنوب منهاتن، حيث استدعى هنري بولسون نخبة وول ستريت إلى مكتبه، وأما جدول أعمال الاجتماع فكان إيجاد حلول للمشكلة.
كان الحضور مشكلا من كينيث لويس ورئيس الاحتياطي الفدرالي لولاية نيويورك تيموثي غايتنر وكريستوفر كوكس رقيب وول ستريت ورؤساء اكبر البنوك الأميركية.
كان على المشاركين في هذا الاجتماع إيجاد وسيلة لإخراج بضع مئات من مليارات الدولارات خلال نهاية الأسبوع لدعم خزينة ليمان وإنقاذ البنك من الإفلاس.
لم يكن احد من الحاضرين في اجتماع بولسون، يود مساعدة ليمان، لينتهي الاجتماع بعد اقل من ساعتين دون أي نتيجة لفائدة بنك فولد.لقد اجمع الجميع على استحالة إنقاذ ليمان.

داميان هل أنت معنا؟
-أه، علي أن أهدئ اللعب دون أن أعطي الانطباع باني اقلل من خطورة الوضعية.
نعم؟ الرد هو نعم، البنك معرض لخطر ليمان. ولهذا السبب طلبت الجمعة لائحة عمليات المقايضة بالعملات الصعبة السارية المفعول واتخذت القرارات التي تفرض نفسها.
ــ هل يزعجك أن تخبرنا عن طبيعة «القرارات التي تفرض نفسها» التي اتخذتها دون أن تحدثنا عنها؟
ــــ علينا أن ننهي صبيحة الاثنين أكثر من 5000 عملية صرف وصلت في موعدها المحدد، لقد شعرت بوجود خطر ومررت بالبنك الجمعة، حيث طلبت إنهاء كل عمليات المقايضة بالعملة الصعبة، التي تزيد قيمتها عن 200 مليون يورو باتجاه ليمان، بطريقة يدوية، وبهذا اشعر بأننا بعيدون عن الخطر
ــ أظن ان علينا الاكتفاء بهذا الإجراء؟
ــــ لا على الإطلاق، علينا أن نقوم باختبار كل شيء عن قرب.

أمام المفترق
ــ باختصار من فضلك، يبدو انك تتحكم في الوضع، ما الذي نقوم به، نحن نسمعك؟
ــــ في الواقع كنت أمام مفترق طرق، ذلك أن الرئيس انزعج كثيرا من الإجراء الذي اتخذته دون إعلامه، لكن الأسوأ هو انه سيطلب الآن إنهاء كل عمليات مقايضة العملة الصعبة بطريقة يدوية، كلها دون استثناء، مما يعني أنني سأجبر على إلغاء عملية الاختلاس التي كنت انوي القيام بها. انه كابوس بالفعل.
< جيد.كم من عمليات مقايضة ستتم هذا المساء بطريقة اتوماتيكية؟
ــــ قررت أن اسكت، بينما كان ايتيان ينظر إلى حذائه في هدوء.
«لا احد منكم بإمكانه تزويدي بهذه المعلومة؟هذا غير معقول.
عندها أجاب ايتيان وكان يحمل اللائحة التي طلبتها منه الجمعة «لم يبق لنا سوى 2157 عملية مقايضة بالعملات الأجنبية، ستتم بطريقة أوتوماتيكية غدا».
ــ في أي وقت؟
ــــ السادسة وخمس وأربعين.
-جيد، اذهب إلى المكتب وحولها لتتم بطريقة يدوية.
-يعني...
-نعم.
-لكن أمامنا مشكل صغير.
- نحن بحاجة إلى ثلاثة أرقام سرية حتى ننهي العمليات بطريقة يدوية و...
ــ أنت من عليه ان يشرح لنا إجراءات الأمن ولكن ما هو المشكل؟
ــ كنت سأطير من الفرح لان ايتيان كان يريد أن يقول ان الإدارة فرضت نظاما معقدا لتحويل عمليات المقايضة بالعملات الصعبة لحماية البنك من عمليات القرصنة.
وبينما كان علي ربط الأرقام السرية فقط لتحويل المال إلى حسابي الخارجي، ساجد نفسي الآن، مجبرا على استعمال ثلاث بطاقات مغناطيسية لأمرر عمليات المقايضة بالعملات الأجنبية بطريقة يدوية.
كان ايتيان يملك البطاقة المغناطيسية الأولى، بينما كنت املك البطاقة الثانية بصفتي المدير العام، أما البطاقة الثالثة فكانت عند مارك، الذي يقضي إجازته في جزر الانتيل.
لم نكن نملك بطاقة احتياطية، لذلك تعين علينا صناعة واحدة جديدة، لكن لا احد منا كان يعرف عناوين المسؤولين عن شركة الإعلام الآلي، التي تدير أنظمتنا الأمنية. كان بإمكاننا الحصول على هذه المعلومات، صبيحة اليوم التالي، لكن ليس قبل الساعة التاسعة أو العاشرة. لن يتطلب الأمر سوى بضع دقائق.. .لكن هذه الدقائق ستأتي بعد التحويلات الأولى باتجاه ليمان.... أو حسابي البنكي.
ــ يمكن أن نراهن على حل سيأتي به الأميركيون قريبا؟ لقد تحدثت عن بيع ليمان...
تظاهر الرئيس بعدم سماع ملاحظتي، واستدار نحو ايتيان «ما هي قيمة عمليات المقايضة بالعملة الصعبة التي ستتم صبيحة الغد باتجاه ليمان؟
ــ لا اعرف بالضبط سيدي الرئيس. سأتحقق من المعلومة إن أردت ذلك
ــ نعم إتيان تحقق. على كل حال، لم يعد وجودكم هنا ضروريا.
أنهى الرئيس الاجتماع وكان أعضاء الفريق كلهم يأملون في إبرام اتفاق تلك الليلة لإنقاذ ليمان.... الكل... إلا أنا.

الانهيار المالي
في يوم الاثنين 15سبتمبر، كنت الوحيد وأول من وصل إلى إدارة البنك في حدود الساعة السابعة والربع صباحا. استغللت هذا الوقت للاتصال بمسؤول مكتب العمليات، الذي أكد لي ان العمليات الاتوماتيكية للمقايضة بالعملة الصعبة، باتجاه «ليمان» تمت في حدود الساعة السادسة وأربع وأربعين دقيقة.
كل عمليات المقايضة؟ نعم كلها، لم يدق أي صفارات انذار.
ــ لماذا؟
ــ لا شيء اسأل فقط. يبدو أني نجحت، وعلى الرغم من ذلك ساورني الشك، حيث كنت أود أن اعرف أين حطت الأموال.
لا يفتح بنك اندورا أبوابه الا في حدود الساعة التاسعة صباحا، لذلك كان عليّ أن اشغل نفسي بأشياء أخرى.
تجمع مساعدي منذ الساعة الثامنة لحضور الاجتماع الصباحي، الذي نخصصه لشرح كل ما جرى طيلة نهاية الأسبوع، حيث كان صعبا على المتداولين تصديق فكرة أن «ليمان براذرز» على حافة الافلاس.كان الأمر يبدو لهم مستحيلا للغاية.
كانت الساعة الثامنة وخمس وعشرون دقيقة عندما حددنا أولوياتنا وهي تحديد ديوننا ومحاولة اخفاء أي صلة لنا بـ«ليمان»، حيث كلفنا فريقا باخطار زبائننا البارزين بما ينتظره بنك «ليمان براذرز» ليحاولوا استرجاع ما استطاعوا من أموالهم باتجاه حساباتهم في بنكنا. الأمر ليس سهلا، لكنه ذو مردودية عالية.
في حدود الساعة التاسعة، أغلقت على نفسي في مكتبي حتى اتصل باندورا، وبالفعل، عاودوا الاتصال بي على هاتفي المحمول الخاص، حيث قال لي المسؤول :317+ على الساعة السادسة وخمس وأربعين دقيقة هذا الصباح. كان عليّ أن احتفظ بهذا الرقم السري.
دق جرس الانذار في حدود الساعة الحادية عشرة بتوقيت باريس، حين اكتشف مسؤول مكتب التحويلات بان عمليات المقايضة بالعملات الصعبة لم تتم. لم تدخل الأموال الى خزينة البنك فأين ذهبت؟
حاول هذا المسؤول تتبع مسار الأموال، لكنه فوجئ بأنها اتجهت نحو بنك مجهول، لم يسمع به اطلاقا، ولما استفسر من بنك اندورا عن هوية الزبون، لم يتلق أي اجابة.
لقد طارت 317 مليون يورو في بضع دقائق، ما دفعه الى اخطار مسؤوليه المباشرين.
أخطرني اتيان بالأمر، حيث قال لي ان 317 مليون يورو تبخرت في طريقها الافتراضي باتجاه الولايات المتحدة الأميركية، من المؤكد أن القراصنة نجحوا في الدخول الى النظام.
كنت أدرك ان البنك سيسرحه بعد هذه الحادثة، لكن أعجبت كثيرا بطريقة عمله وبكفاحه، في تلك الأثناء كانت مديرة الاتصال بصدد صياغة بيان لدفن الخبر، لقد تحدثت في بيانها عن حوادث تقنية، تسببت بوقوع أخطاء في وصول عدد من التحويلات، على أن يعلن البنك عن القيمة الاجمالية للعمليات في الأيام القليلة المقبلة.
لقد صدر هذا البيان في خضم الانهيار المالي العالمي، لذلك لم ينتبه له احد، ولم يحدث ضجة على الاطلاق. في ذلك الوقت كان ليمان براذرز قد انهار بنسبة 94 في المائة، فيما كنت أفكر في 317 مليون يورو التي تنتظرني.
انه مبلغ اقل بكثير من المبلغ الذي جمعه فولد، لكنني متأكد من انه اكبر من ثروة ادوارد ودافيد روتشيلد مجتمعين.
بعد كل شيء أنا استحق هذا، لأني لم أكن أسوأ من رؤساء البنوك الذين يغرفون من أموال المساهمين والزبائن.
في الواقع لم أفاوض جيدا اثناء توقيع عقد عملي لحظة تعييني، وكانت تلزمني مثل هذه الأحداث حتى اهدي نفسي منطادا ذهبيا وحياة جديدة. والآن. بامكاني أن اقفز.


انتهى


 
أعلى