الطعن بعدم دستورية المادتين الاولى والثانية من قانون الانتخاب رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة.
اوضحت الحكومة في مذكرة طعنها ان هناك 3 اسباب في الطعن على المادة الاولى من قانون الانتخاب، وهي: التوزيع المناطقي الذي اخل بقيمة الصوت النسبية، اضافة الى فقدان مبدأ التوزيع المتقارب لأعداد الناخبين، واغفال الجدول لمناطق سكنية ضمن اي من الدوائر الانتخابية. ولفتت في الوقت نفسه الى ان هناك اسبابا مخالفة في المادة الثانية، موضحة انه من الضرورة تقنين حق الناخبين في انتخاب العدد المناسب من مرشحي الدائرة، حرصا على سلامة تمثيل الامة تمثيلا صحيحا وعادلا.
وأشارت الحكومة في طعنها إلى أنها ترى وبكل تجرد ان من موجبات الاستفادة من التجربة السابقة وما كشفت عنه الممارسة الانتخابية للتحرك في هذه اللحظة التاريخية التي لم تعد تتحمل مزيدا من التأخير لمعالجة وضع الدوائر الخاطئ دستوريا، وذلك وفقا للاطر والاجراءات الدستورية الصحيحة.
لا عذر لنا
وقالت الحكومة انها لا ترى لنفسها عذرا في التردد عن تحمل قرار تقديم الطعن للمحكمة الدستورية لتجنيب الدولة ومؤسساتها اي فوضى قانونية او ارهاق سياسي ناجم عن وضع خاطئ.
وأكدت على ان من بين الاعتبارات التي تتلازم مع الطعن ان «الحكومة ما كانت لتحجم او تتأخر او تتباطأ في تقديم مثل هذا الطعن قبل اليوم (امس) لو توافرت لها الموجبات والمعطيات الحاضرة، وفي مقدمتها فشل تحقيق الغايات التشريعية للقانون رقم 42 لسنة 2006 والتي سطرتها بكل دقة ووضوح المذكرة التفسيرية المرفقة بالقانون المشار اليه.
واوضحت ان ارادة الامة ومصير اية انتخابات مقبلة صارت مخاطرة محققة ان تم الطعن بهذه الانتخابات بعد انتهائها، موضحا ان حالة قلقة لها صفة مستمرة في ظل اثارة جدية للمثالب الدستورية التي ستكون اساسا لمثل تلك الطعون، وهو ما برز من خلال الجدل القانوني المصاحب لهذا الموضوع، منذ صدور حكم المحكمة الدستورية في 20 يونيو 2012، ببطلان صحة عضوية من تم انتخابهم في 2012/2/2.
مخاصمة القانون
وقالت الحكومة ان الطعن الماثل هو خصومة عينية غايتها مخاصمة القانون، موضحة انه جرى قضاء المحكمة الدستورية على ان الطعن المقدم من الحكومة بطلب عدم دستورية نص تشريعي هو «خصومة عينية موجهة اصلا الى النص التشريعي المطعون فيه، مناطها اختصام هذا النص في ذاته استهدافا لمراقبة واستظهار مدى مشروعيته، توصلا الى التقرير بعدم دستوريته وابطاله وزواله منذ نشأته، واعتباره كأن لم يكن، وانهاء قوة نفاذه، اعمالا للاثر المحدد بالدستور، وهو بما يتجلى معه النص التشريعي موضوع الخصومة اصلا وجوهرا ومحلا للطعن.
فينصب عليه ويتحدد بنطاقه ويدور بفلكه، تحركه مقتضيات ودواعي الالتزام بالشرعية وموجبات الامتثال لاحكام الدستور، بأن الطعن تحقيق المصلحة العامة، واستقرار النظام العام، الامر الذي يستتبع معه القول إن الطعن الماثل بحسب طبيعته الخاصة ليس طعنا بين خصوم، ولكنه طعن ضد التشريع المطعون عليه بعدم الدستورية.
واشارت الى ان نصي القانون محل هذا الطعن، والنصوص الدستورية التي خالفتهما، ومفهوم القضاء الدستوري لبعض هذه النصوص الدستورية: يتكون القانون المطعون في دستوريته من اربع مواد، المادة الاولى والثانية منه تتضمنان الاحكام الموضوعية المشوبة بالعوار الدستوري، والمادتان الثالثة والرابعة منه تتضمنان الاحكام الاجرائية والتنفيذية للمادتين الاولى والثانية، ونقصر البيان على المادتين الموضوعيتين محل الطعن.
وتطرقت إلى مبدأ المساواة، مؤكدة «ان مبدأ المساواة من المبادئ الدستورية العامة المقررة في معظم النظم الدستورية، وهو مبدأ مسلم به حتى مع خلو نصوص الدساتير من الاشارة الصريحة اليه، بحسبان انه يستخلص ضمنا من مجموعة المبادئ التي تقوم عليها دولة القانون. هذا المبدأ حضت عليه الاديان السماوية، وتضمنته المواثيق الدولية، وهو ميزان للعدل والانصاف، لذا فقد حرص الدستور على التاكيد عليه، حيث تناوله في عدد من نصوصه، فنص عليه صراحة في المادة 29 منه التي قضت بان «الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس او الاصل او الدين».
التسوية في المعاملة
واشارت الى ان المساواة في جوهرها تعني التسوية في المعاملة بين المتماثلين وضعا او مركزا، والمغايرة في المعاملة بين المختلفين وضعا او مركزا، والمقصود بمبدأ المساواة لدى القانون هو ان يكون الجميع امام القانون سواء لا تفرقة بينهم او تمييز، فالحقوق والمزايا التي يمنحهما القانون، وينعم بهما الناس، ويستظلون بهما وفق قواعد موحدة، وتحظى من القانون بحماية واحدة وبدرجة متساوية، والواجبات التي يفرضها القانون على الناس يخضع لها الجميع على السواء من دون تفرقة بينهم، او ان يقيل القانون احدا منهم».
مفهوم العدل
وأشارت الحكومة في مذكرتها إلى أن «مفهوم العدل سواء بمبناه او ابعاده - يتعين ان يكون محددا من منظور اجتماعي، باعتبار ان العدل يتغيا التعبير عن تلك القيم الاجتماعية التي لا تنفصل الجماعة في حركتها عنها، والتي تبلور مقاييسها في شأن ما يعتبر حقا لها. فلا يكون العدل مفهوما مطلقا ثابتا باضطراد، بل مرنا ومتغيرا وفق معايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها، وهو بذلك لا يعدو ان يكون نهجا متواصلا منبسطا على اشكال من الحياة، تتعدد ألوانها.
سيادة الدستور
أكدت الحكومة «ان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصل مقرر وحكم لازم لكل نظام ديموقراطي سليم، ومن ثم يكون لزاماً على كل سلطة عامة، أياً كان شأنها، وأيا كانت وظيفتها. وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، النزول عند قواعد الدستور ومبادئه، والتزام حدوده وقيوده، فإن هي خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وخضع - متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة - للرقابة القضائية، بغية الحفاظ على أحكام الدستو وصونها وحمايتها من الخروج عليها».
تنظيم الحقوق
أشارت الحكومة إلى أن القضاء الدستوري مستقر على أن الأصل في سلطة المشرع (العادي) في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتعتبر تخوماً لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، وكان الدستور إذا عهد إلى السلطة التشريعية بتنظيم موضوع معين، فإن ما تقرره من القواعد القانونية في هذا النطاق لا يجوز أن ينال من الحقوق التي كفل الدستور أصلها، سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها، ذلك أن إهدار هذه الحقوق أو تهميشها عدوان على مجالاتها الحيوية التي لا تتنفس إلا من خلالها، ولا يجوز بالتالي أن يكون تنظيم هذه الحقوق اقتحاماً لفحواها، بل يتعين أن يكون منصفاً ومبرراً.
تكافؤ الفرص
قالت الحكومة ان مبدأ تكافؤ الفرص، يعني ان الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم، تفترض تدخل الدولة ايجابيا لضمانها وفق امكاناتها، وتزاحم من يطلبونها عليها واستباقهم للفوز بها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال، وهو ما يعني ان موضوعية شروط النفاذ إليها.
السلطة التنفيذية توضح أسباب الطعن بالقانون:
أضعف الوحدة الوطنية.. وكرَّس الطائفية والقبلية
اكدت الحكومة في مذكرة طعنها التي تقدمت بها الى المحكمة الدستورية ان الطعن في قانون الانتخابات يأتي لعدة اسباب منها، نقل مقار المواطن الانتخابي وفقا للتصنيف الفئوي الذي اتسمت به بعض الدوائر، او استحداث مناطق وقطع جديدة وشغلها بمواطنين، قد رتب الاخلال بشكل شديد في مقاييس العدالة والمساواة.
واضافت في ذكرها للاسباب «انه لا يخفى على احد ما تشهده الساحة المحلية من تجاذبات ومظاهر اضعاف الوحدة الوطنية جرصصاء النظام الانتخابي القائم»، مشيرة الى انه ادى تصنيف الدوائر الانتخابية الى تفشي الطائفية والقبلية والفئوية وحرمان بعض الشرائح والاساءة الى مفاهيم المواطنة الصحيحة.
وقالت ان ذلك هو العوار الذي ادى الى المساس بالوحدة الوطنية وسلامة تمثيل الامة، الامر الذي يستوجب اعادة النظر في قانون الدوائر الانتخابية ابتغاء معالجة سلبياته وعيوبه وسعيا لتعزيز الوحدة الوطنية.
السلطة التقديرية
واشارت الى انه نصت المادة الاولى من القانون رقم 42 لسنة 2006 المشار اليه على ان: «تقسم الكويت الى خمس دوائر انتخابية لعضوية مجلس الامة طبقا للجدول المرافق لهذا القانون»، واذا كان المسلم به ان تعداد الدوائر الانتخابية هو من اطلاقات السلطة التقديرية التي يمارسها المشرع العادي، الا ان تقسيم الدوائر وتحديد نطاق كل منها وكذا تحديد اعداد الناخبين فيها، ومدى تأثير ووزن اصواتهم في العملية الانتخابية برمتها يستلزم مراعاة الضوابط الدستورية المقررة في هذا الشأن.
واضافت: بحيث لا يكون ثمة تمايز بين الناخبين، بان يعتد بكل صوت انتخابي من الهيئة الانتخابية مع مراعاة تأثير هذا الصوت ووزنه في العملية الانتخابية برمتها، تطبيقاً لمبادئ العدل والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وتساويهم في الحقوق والواجبات العامة، حتى يكون عضو مجلس الامة المنتخب ممثلا للأمة بأسرها بالفعل، طبقاً لاحكام المواد 7، 8، 29، 108 من الدستور، اعلاء للمكانة السامية لحق الانتخاب الذي يقوم عليه النظام النيابي الديموقراطي السليم.
السبب الأول:
التوزيع المناطقي
وأكملت: لقد تم تقسيم الدوائر الانتخابية تقسيما جعل للصوت الانتخابي قيمة نسبية تزيد على الضعف في منطقة اخرى، كما هو الشأن على سبيل المثال في الدائرة الخامسة بالمقارنة مع الدائرة الثانية، وكان هذا التفاوت بسبب التوزيع غير العادل للدوائر فاهتزت القيمة الانتخابية لصوت المواطن بين دائرة واخرى، مما اخل بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وهو ما يمثل اخلالا جسيما للاحكام الدستورية. وتحديدا المواد 7، 8، 29 من الدستور.
السبب الثاني:
فقدان مبدأ التوزيع المتقارب
ونوهت إلى ان «مع التسليم باستحالة تحقيق التطابق والتماثل في اعداد الناخبين بين جميع الدوائر، إلا انه كان يتعين تحقيق التقارب النسبي بين هذه الاعداد في مختلف الدوائر، وهو الامر الذي لم يحدث، ذلك ان التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية وفقا للمادة الاولى المشار اليها ادى الى ان صارت بعض الدوائر اكثر من الضعف من دوائر اخرى دون مبرر، وفي الوقت الذي حدد لكل دائرة، مهما كبرت او صغرت، عددا متساويا من المقاعد في مجلس الامة، وهو ما يشكل اخلالاً بالمبدأ الذي حرص الدستور على صيانته، وهو تكافؤ الفرص للمواطنين والمساواة في الحقوق والواجبات وفقا لما تقرر المادتان السابعة والثامنة من الدستور، مما يصم المادة الاولى من القانون رقم 42 لسنة 2006 بعيب عدم الدستورية من هذه الناحية.
السبب الثالث: أغفال الجدول لمناطق سكنية
وبينت: «اغفل الجدول المرافق للقانون ادخال بعض المناطق السكنية ضمن اي من الدوائر الانتخابية، وعلى سبيل المثال مناطق النهضة وجابر الاحمد وابو فطيرة وانجفة والشويخ الصناعية والشويخ الصحية، الامر الذي حرم سكان هذه المناطق من ممارسة حقهم في اختيار ممثلي الامة، مما اهدر حقا دستوريا مقرراً لهم، وأخل بمبدأ الحرص على تمثيل جميع شرائح المجتمع وفئاته في مجلس الامة.
أما عن اسباب مخالفة المادة الثانية من الدستور، قالت الحكومة: انه «نصت المادة الثانية المطعون فيها على ان: «تنتخب كل دائرة عشرة اعضاء للمجلس، على ان يكون لكل ناخب حق الادلاء بصوته لأربعة من المرشحين في الدائرة المقيد فيها، ويعتبر باطلا التصويت لأكثر من هذا العدد».
واضافت: «مع التأكيد على ضرورة تقنين حق الناخب في انتخاب العدد المناسب من مرشحي الدائرة، حرصا على سلامة تمثيل الامة تمثيلا صحيحا وعادلا يتيح لشرائح المجتمع واطيافه المشاركة الفعلية في التمثيل النيابي، الا ان المادة الثانية من القانون محل الطعن، من خلال الاخذ بنظام التصويت المحدود لأربعة مرشحين للناخب، قد استهدفت المحافظة على تمثيل جميع الشرائح والاطياف بالمجتمع، وعدم حرمان اي فئة او طائفة منه في المشاركة والتمثيل بالمجلس النيابي، وتحقيق العدالة التي تستهدف المصلحة العامة ومصلحة الوطن بأسره، انطلاقا من حقيقة ثابتة بان جدوى وعدالة وضرورة اي قانون انما ترتهن بقدرته ونجاحه في تحقيق الهدف الذي صدر من اجله، وعدالة مقاصده وغاياته في الحرص على تحقيق تمثيل صحيح وعادل ومتكافئ لجميع شرائح المجتمع واطيافه وتمكين الاقليات من حق التمثيل النيابي.
مبادئ العدالة
واستدركت: «الا ان الثابت ان نص المادة الثانية من القانون المشار اليه بنظام التصويت المحدد باربعة مرشحين قد جاء مخالفا لنصوص المواد «7، 8، 108» من الدستور لإخلاله بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وسلامة تمثيل الامة، مما اثمر مخرجات انتخابية لا تعبر بعدالة وتكافؤ ومساواة عن شرائح واطياف المجتمع، وادى ذلك الى محاولة استغلال سلبياته في مخالفات انتخابية خلقت نتائج لا تمثل المجتمع الكويتي تمثيلا عادلا يعبر بصدق ومساواة عن ممارستهم العادلة لحقهم الدستوري في الانتخاب والترشيح، وبما يشكل تمييزا وتفرقة غير مبررة، الامر الذي ثار معه التساؤل حول جدوى ودستورية الاخذ بنظام التصويت الحالي، اذ الامر قد يتطلب تحديدا اكثر يراعي تمثيل شرائح المجتمع واطيافه على نحو افضل وفقا لمقتضيات وظروف المجتمع الكويتي.
وفي ضوء ما تقدم جمعيه، ونظرا لما شاب المادتين الاولى والثانية محل الطعن من القانون المشار اليه من مثالب وعيوب اثرت بشكل واضح وجلي على سلامة التشريع دستوريا، ومن ثم العملية الانتخابية وممارسة الحق السياسي، وادت الى تقويض مقومات المجتمع التي كفلها الدستور، وفرقت ابناء الوطن بدلا من توحيدهم وفقا لما قررته ديباجة الدستور بعباراتها «مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره»، الامر الذي دفع الحكومة الى طلب الطعن الماثل هدفها في ذلك تحصين الانتخابات في المستقبل وحماية النظام الديموقراطي من اي شبهات او شوائب دستورية وازالة اي لبس لدى الناخبين حول هذه المسألة الحيوية.
الناخبون المقيدون في آخر تعديل لـ 2012
أشارت مذكرة طعن الحكومة خلال تطرقها إلى التوزيع الجغرافي لأعداد الناخبين المقيدين في جدول الانتخاب حسب الدوائر وفقاً لآخر تعديل عام 2012 أنه كالتالي:
- الدائرة الأولى: إجمالي: 74876 ناخباً
- الدائرة الثانية: إجمالي: 47772 ناخباً
- الدائرة الثالثة: إجمالي: 73065 ناخباً
- الدائرة الرابعة: إجمالي: 108395 ناخباً
- الدائرة الخامسة: إجمالي: 118461 ناخباً
من لا يريد المشاركة في الانتخابات هو وشأنه
المبارك: الطعن لا يهدف إلى الاستفزاز
بل الشعور بالمسؤولية
أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الاعلام، الشيخ محمد العبدالله المبارك، ان قرار الطعن الذي سلم للمحكمة الدستورية لا يهدف الى الاستفزاز، بل لأنه شعور بالمسؤولية بأن تدعو الى الانتخابات، وتعلم انه سيطعن بها، مشيرا الى ان احد احكام المحكمة الدستورية ينص على انه لا يجوز طلب استفسار الا اذا كانت هناك منازعة، والطعن لا يتطلب منازعة.
وأجاب عن سؤال حول تلويح بعض الكتل السياسية بعدم المشاركة في الانتخابات في حال تعديل الدوائر، قائلا: سقف الحرية عالٍ جداً، ومن لا يريد المشاركة فهذا شأنه، وما تم اتخاذه من قرار الطعن الذي سلم لم يكن الهدف منه ابتزاز مجموعة لأخرى، بل هو احساس من المسؤولية والشجاعة والامانة يقتضي تقديم مصالح الشعب على المصالح الانتخابية.
ولفت الى ان الحكومة لديها تناغم وارتباط وجداني فيما بينها، مشددا على ضرورة عدم الالتفات للأخبار المغلوطة التي ينسبها البعض للمصادر المسؤولة، مشيرا الى ان وزارة الاعلام ستعد برنامجا تفصيليا لإبراز النقاط المثارة في قرار الطعن.
الحكومة تتطرق لنظرية السيادة الشعبية في كتابات «روسو»:
الإرادة الشعبية مملوكة لمجموع الإرادات الفردية
أكدت الحكومة في مذكرة طعنتها بقانون الدوائر الخمس، ان هناك مبادئ دستورية مستقرة حول حق الانتخاب والترشيح، مشيرة الى موقف المشرع الدستوري الكويتي من حق الانتخاب وتحديد هيئة الناخبين، وخضوع سلطات الدولة الثلاث لمبدأ سيادة الدستور، كذلك سلطة المشرع العادي في تنظيم الحقوق مقيدة بالضوابط الدستورية، ووجوب خضوع المشرع العادي في تحديده للدوائر الانتخابية وتنظيم حق الانتخاب للضوابط الدستورية.
وقالت الحكومة ان من المسلم به، ان بعض القواعد الدستورية قد لا ترد في الوثيقة الدستورية، وانما تتضمنها بعض القوانين الصادرة من السلطة التشريعية، ويطلق على هذه القوانين ذات الصفة الدستورية اصطلاح القوانين الاساسية، تمييزاً لها عن القوانين العادية التي تصدرها السلطة ذاتها وتعالج فيها موضوعات عادية لتنظيم امور الدولة المختلفة.
التنظيم
واضافت ان القوانين الأساسية تعالج موضوعات تعتبر بطبيعتها وجوهرها دستورية، أي انها تنظم بعض المسائل المتعلقة بنظام الحكم في الدولة، والصفة الغالبة للقوانين الاساسية هي انها قوانين تكميلية لأحكام الدستور، اذ تتولى تكملة نصوص الدستور من ناحية، وتحدد شروط تطبيقها من ناحية اخرى، ويعتبر قانون الانتخاب في الكويت من عداد القوانين الاساسية، كما يعتبر حق الانتخاب من ابرز الحقوق السياسية، فهو الذي يضمن مشاركة افراد الشعب في شؤون الحكم. وذلك عن طريق اختيار ممثليهم في البرلمان من ناحية، أو المشاركة في الاستفتاء من ناحية اخرى، وقد كفل الدستور الكويتي حق الانتخاب عندما نص في المادة 80 منه على ان: «يتألف مجلس الامة من خمسين عضواً ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقا للأحكام التي يبينها قانون الانتخاب».
وتابعت «ولقد ساير المشرع الدستوري في الكويت أكثر التيارات تقدمية (في تحديد هيئة الناخبين)، فلم يشترط في الناخب توافر قدرة مالية أو كفاءة علمية، بل حرص على ان يفيد السلطة التنفيذية في تنظيمها لأمور الانتخاب، بحيث لا تخرج عن مبدأ الاقتراع العام، بموجب نص المادة 80 من الدستور (سالف الذكر)، ثم أحال على قانون الانتخابات ليتولى بيان الناخب، وجاء قانون الانتخابات فلم يحرم المواطن من ممارسة الانتخاب بسبب جهله أو فقره ولم يقصره على طبقة غنية أو متعلمة.
نظرية الانتخاب
وأكملت «ويقوم مبدأ الانتخاب العام الذي اعتنقه المشرع الدستوري الكويتي على نظرية أن الانتخاب حق شخصي لصيق بطبيعة الفرد ولا يمكن فصله عنه، وهذه النظرية لصيقة بنظرية السيادة الشعبية التي تجد جذورها الأولى في كتابات روسو كما عرضها في كتابه العقد الاجتماعي، والتي بمقتضاها يحتفظ كل فرد بقسطه من السيادة. وأن السيادة الشعبية ليست في نهاية المطاف إلا مجموع هذه الأقساط، ومن ثم فهي مملوكة لمجموع الإرادات الفردية. وقالت: من هذا تتضح الأهمية القصوى لحق الانتخاب، والمكانة العالية التي أولاها المشرع الدستوري للناخب وحقه في التصويت، باعتبار ذلك الركن الأساسي والركيزة للنظام النيابي الديموقراطي في الكويت.
تنظر المحكمة الدستورية، غدا، الطعن المقدم من الحكومة أمامها على قانون «الدوائر الخمس»، وهو طعن يحظى بمتابعة كثيفة من الرأي العام، نظرا لأهمية الانعكاسات السياسية المتوقعة على الحكم
الذي سيصدر.
وعلى الرغم من أن الكويت اليوم أقرب إلى «سوق الصفافير»، من حيث الضجيج السياسي وتفوقه على ما عداه، ولاسيما الرأي القانوني، فإنه تلزم مع ذلك محاولة تقديم رأي قانوني محايد في موضوع الطعن.
لن تتمكن المحكمة الدستورية من الحكم بعدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية، إلا بعد تخطيها العديد من العقبات القانونية.. وهي عقبات قررتها المحكمة ذاتها طوال تاريخها الممتد نحو 40 سنة، فقد سبق لها أن وضعت ضوابط لقبول المنازعات المتعلقة بعدم دستورية القوانين، وهي ضوابط شكلية وموضوعية ليست في مصلحة الطعن الحكومي، ما لم تقرر «الدستورية» التخلي عنها جملة.
فقد سبق للمحكمة أن اشترطت لقبول الطعن بعدم دستورية قانون أن تكون هناك (منازعة) بشأن دستوريته، وهو شرط غير متوافر في حالة قانون الدوائر الانتخابية، كما سبق أن قررت وجوب توافر عنصر (المصلحة) من الطعن، وهو غير متوافر في الطعن الحكومي أيضا، إضافة إلى أنه سبق أن اشترطت (جدية) الطعن، وهو غير متوافر أيضا في الطعن الحكومي الأخير، وسبق للمحكمة أن تبنت قاعدة «قرينة الدستورية»، أي افتراض أن القانون متفق مع الدستور، وأنه لا يتم اللجوء إلى هدم تلك القرينة، إلا إذا كان الطعن بعدم الدستورية هو المخرج الوحيد المتاح للفصل في النزاع، في حين أنه كان بمقدور الحكومة -لو كان طعنها يتسم بالجدية- أن تبادر إلى اقتراح تعديل القانون لا الطعن عليه أمام «الدستورية».
إن الضوابط السابقة التي وضعتها المحكمة الدستورية لقبول المنازعات بعدم دستورية القوانين تحول دون إصدار حكم لمصلحة الحكومة، إلا أنه من المتوقع أن تعدل «الدستورية» عن جميع الضوابط السابقة، ثم تتوصل إلى عدم دستورية قانون الدوائر.
إن تخلي المحكمة عن مبادئها السابقة أمر جلل يؤدي إلى عدم استقرار المبادئ الدستورية.
تقرير يؤكد ما ذكرناه يوم امس في ( افتتاحية الموضوع )
حكومة تعطل البلد لكي تخوض معاركها الدستورية ......... المعارك الدستورية المستمرة منذ اقرارالدستور قبل 50 سنة
أو
أن ليس لديها قدره سوى على خوض المعارك الدستورية
لا فرق
فهل سمع أحد عن دولة ما و في زمان ما تعطل فيها التنمية انتظارا لخوض منازعات دستورية
===
06/09/2012
علماً بأن البلاد الأقل تطوّراً في المنطقة سيتي بنك: اضطراب سياسي وتنمية مُعطَّلة .. هذا واقع الكويت اليوم
رزان عدنان
قال تقرير صدر اخيرا عن «بنك سيتي» حول الاستثمار في الدول النفطية إن الاستقرار والتعاون السياسي (أو عدمهما) في الكويت أهم بكثير بالنسبة الى المستثمرين في الأسهم من سعر النفط.
وأشار إلى الخلاف المستمر بين البرلمان ومجلس الوزراء (الحكومة الحالية هي العاشرة في غضون 6 أعوام فقط). إذ عطّل هذا الجمود السياسي، كما يقول التقرير، تطبيق خطة التنمية البالغة تكلفتها 104 مليارات دولار. علماً بان البلاد تعد الأقل تطوراً بين دول المنطقة. فالاضطراب السياسي المثير للجدل زاد بالمطالبات الأخيرة للمعارضة السياسية لتطبيق ديموقراطية برلمانية كاملة.
لكن ماذا عن وضع الاقتصاد في حال استمرار ارتفاع أسعار النفط؟ يقول التقرير إنه إذا ترافقت أسعار النفط المرتفعة ببيئة سياسية مبنية على التعاون تدفع نحو تطبيق أفضل لخطة التنمية، فإن بعض القطاعات المهمة، مثل البنوك وشركات العقار ستكون الأكثر استفادة من فرص خطة التنمية.
لكن ماذا لو انخفضت أسعار النفط؟ يقول التقرير إنه في حال تراجعت الأسعار أو استمر الاضطراب السياسي الحالي فإن ذلك سيكون في مصلحة الشركات ذات الأصول المكتملة إلى حد كبير، وتلك التي لا تواجه خطرا تنافسيا من شركات جديدة، أو التي ليس لديها انكشاف كبير على سوق الكويت.
وأشار التقرير - على سبيل المثال - إلى سهم المباني الذي اعتبره الأفضل محلياً، استناداً الى ادائه وقوة الشركة، فضلاً عن التوزيعات.
من جانب آخر، أشار التقرير إلى أن النمو الضعيف نسبيا في الإنفاق الحكومي يحرم الاقتصاد من المحفزات المالية، ويشير في الوقت ذاته إلى أن الماليات العامة للكويت هي الأقل عرضة بين دول الخليج لمخاطر ضعف أسعار النفط. بالنسبة الى فوائض الميزانية، يرجح التقرير أن تستمر على المدى المتوسط، لكن مستثمري الأسهم قد يفضلون سيناريو الاستقرار السياسي والإنفاق الحكومي المرتفع. وهذا السيناريو يبدو بالنسبة الى التقرير بعيدا في الوقت الراهن.
السعدون: اذا كان الغرض من الطعن العدالة كان واجباً على الحكومة السعي لتحقيقه من خلال مجلس الأمة
14/9/2012 الآن: محرر المحليات 9:43:34 AM
احمد السعدون
اصدر رئيس مجلس السابق احمد السعدون بيانا صحافيا عبر حسابه على تويتر تعليقا على طعن الحكومة امام المحكمة الدستورية في قانون الدوائر الانتخابية ، وجاء في بيان السعدون ما يلي:-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على الرغم مما سبق لي أن علقت به أكثر من مرة وبشيء من التفصيل من خلال هذه الصفحة في تويتر على الطعن الذي قدمته الحكومة إلى المحكمة الدستورية في شأن القانون رقم ٤٢ لسنة ٢٠٠٦ بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية ، فإنني أجد من المناسب كذلك التعليق على ما ورد في الطعن المذكور في الفقرة التالية :
' وكان هذا التفاوت بسبب التوزيع غير العادل للدوائر فاهتزت القيمة الإنتخابية لصوت المواطن بين دائرة وأخرى، مما أخل بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وهو ما يمثل إخلالاً جسيما للأحكام الدستورية، وتحديدا المواد ٢٩،٨،٧ من الدستور.''(انتهى)
ولا شك أن هذه الصحوة المفاجئة للحكومة وهذا الإكتشاف المتأخر لما أسمته :
'' إخلال بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين التي نص عليها الدستور وتحديدا في المواد ٢٩،٨،٧ منه ''
أمر إذا كان الغرض منه الإلتزام بما نصت عليه هذه الأحكام من عدالة تامة ومساواة مطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين على الرغم من أن الحكومة سبق أن رفضت جميع الإقتراحات بقوانين التي قدمت من الأعضاء وكانت غايتها تحقيق هذه الأهداف ، فإنه كان ولا يزال متاحاً لها بل واجباً عليها السعي لتحقيقه من خلال مجلس الأمة صاحب السلطة الأصيلة في التشريع (باستثناء مجلس٢٠٠٩ الذي أسقطه الشعب الكويتي) وليس بإقحام السلطة القضائية في مسألة تشريعية بحتة وهو ما يتعارض مع أحكام المادة (٥٠) من الدستور ، أما إذا كان الغرض من كل ذلك وما تسبب فيه سلوك الحكومة من شلل سياسي ودستوري بل وشلل تام أصاب جميع المناحي الذي أوصلت البلد إليه ووضعته فيه ، لم يقصدمنه في الحقيقة الإلتزام بأحكام الدستور وإنما هو من أجل إيجاد غطاء لها من خلال حكم قضائي تسعى إليه الحكومة ليوفر لها ما تعتقد أنه المبرر الدستوري للتفرد بالقرار واغتصاب سلطة التشريع التي قررها الدستور لمجلس الأمة ومن ثم إعداد الدوائر الانتخابية وإصدار مرسوم بقانون يشترك في وضعه وتفصيله على المقاس المطلوب كل من الحكومة والقوى والأطراف التي ناصرتها وأيدتها وشجعتها وتحالفت معها للتحكم في مخرجات الانتخابات - وهذا ما تدعو اليه كذلك وتسعى إلى تحقيقه تحالفات قوى الفساد والإفساد والأطراف المعادية للنظام الدستوري - فإن الحكومة تكون بذلك قد أهدرت كل ما احتجت به من ادعاء الحرص على الإلتزام بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين التي نص عليها الدستور وأدخلت البلد في نفق لا أحد يعلم نهايته لأنه وبكل بساطة لا يمكن لمن يسعى لإيجاد المبرر لإغتصاب سلطة مجلس الأمة أن يدعي أنه يسعى في الوقت ذاته لتحقيق تلك المبادئ السامية التي نص عليها الدستور وذلك لتعارض المسلَكَينْ.
والآن وبعيدا عن كل ذلك وتعليقا على ما تقول الحكومة أنها تدعو إليه من تحقيق للعدالة التامة والمساواة المطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين من خلال القيمة الانتخابية لصوت المواطن فإن ما يمكن تأكيده أن ذلك لا يمكن أن يتحقق من خلال أي من الإقتراحات التي سربتها الحكومة ربما لجس النبض أو طرحتها بعض الأطراف حتى تلك التي خفض فيها التفاوت في أعداد الأصوات بين الدوائر الانتخابية الى أدنى حد أمكن لهذه الأطراف التوصل إليه بل لا يمكن أن تتحقق العدالة التامة والمساواة المطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين من خلال القيمة الانتخابية لصوت المواطن كما تطرح الحكومة حتى لو أمكن التوصل إلى تَسَاوي أعداد الناخبين في جميع الدوائر كأن يكون في كل دائرة انتخابية في حالة الدوائر الخمس مثلاً (٨٤٠٠٠) ناخب من إجمالي الناخبين إذا كان عددهم (٤٢٠٠٠٠) ناخب ، بل حتى لو تحقق ذلك دون تفرد الحكومة بالسلطة واغتصابها وإنما تم كل ذلك بالإجراءات الدستورية من خلال مجلس الأمة ، ذلك أنه وإن كانت العدالة النسبية وهي في هذه الحالة تَسَاوي أعداد الناخبين في جميع الدوائر، قد تحققت ، فإن القيمة الانتخابية لصوت المواطن كما تقول الحكومة أنها تسعى إليها، لن تتحقق بشكل مطلق ما دام يعلن فوز أول عشرة مرشحين حققوا أعلى الأصوات في أي دائرة في حالة الدوائر الخمس مثلاً وهناك من جاء ترتيبه بعد الفائز العاشر في دائرة ثانية ولكنه من حيث عدد الأصوات التي حصل عليها أعلى من مرشحين أعلن فوزهم في دوائر أخرى مما تصبح معه القيمة الانتخابية لصوت المواطن في هذه الحالة في هذه الدائرة أدنى من الدوائر الأخرى ومثال ذلك :
(١) لو حصل الفائز العاشر في الدائرة (أ) على عدد من الأصوات ولنقل مثلاً (٨٠٠٠) صوت
(٢) وحصل مرشح في الدائرة (ب) جاء ترتيبه بعد الفائز العاشر على عدد من الأصوات ولنقل مثلاً (٩٠٠٠) صوت وبالتالي لا يعتبر فائزا
فإنه على الرغم من تَسَاوي أعداد الناخبين في جميع الدوائر إلاأن القيمة الانتخابية لصوت المواطن ليست متساوية في تأثيرها في النتائج إذ أنها في الدائرة (أ) أفضل منها في الدائرة (ب) وبالتالي فان الفرص ليست متكافئة وذلك لفوز من حصل على (٨٠٠٠) صوت وعدم فوز من حصل على (٩٠٠٠) صوت بسبب وجودهم في دائرتين مختلفين ، ذلك أن تحقيق القيمة الانتخابية لصوت المواطن كما تدعو لذلك الحكومة إنما يكون كذلك بتأثير هذه القيمة في النتيجة النهائية بحيث لا تكون هذه القيمة أفضل في دائرة منها في دائرة أخرى ، وهذا ما لم يتحقق ، مما يجعل - ولو نظرياً - الأسباب التي استندت إليها الحكومة في طعنها بتعارض ذلك تحديداً مع أحكام المواد ٢٩،٨،٧ من الدستور قائمة.
وعليه فإن العدالة التامة والمساواة المطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين كما تقول الحكومة أنها تدعو إليها لا يمكن تحقيقها إلا بالدائرة الإنتخابية الواحدة سواء كان ذلك بالقوائم النسبية -وهو الإجراء الأمثل- أو بالترشيح الفردي أو بالدوائر المتعددة (بالصوت الحر) وايضاً سواء كان ذلك بالقوائم النسبية أو بالترشيح الفردي ، ذلك أن العدالة التامة والمساواة المطلقة وتكافؤ الفرص بين المواطنين متحققة لكل من الناخب والمرشح على حد سواء ، فحرية الناخب مطلقة في التصويت للقائمة التي يختارها أو للمرشحين الذين يختارهم في حالة الترشيح الفردي على مستوى الدولة، والعدالة والمساواة في عدد الأصوات التي يحتاجها كل مرشح سواء كان ذلك ايضاً بالقوائم النسبية أو بالترشيح الفردي دون تفضيل مرشح للفوز على آخر وتكافؤ الفرص محققة كذلك بصورة مطلقة ، إذ أن الفوز لا يمكن أن يتحقق لأي مرشح إذا كان احد غيره من بين المرشحين قد حصل على عدد من الأصوات أكثر منه ولو بصوت واحد على مستوى الدولة ولم يعلن فوزه. وغني عن البيان التأكيد على أن مشروعية ذلك إنما تتحقق من خلال مجلس الأمة صاحب الحق الأصيل الذي أوكل إليه الدستور سلطة التشريع .
الجبهة الوطنية ترفع مذكرة دستورية للسلطتين التنفيذية والقضائية
17/9/2012 الآن: محرر المحليات 3:34:35 PM
عقدت الجبهة الوطنية لحماية الدستور مؤتمرا صحفيا ظهر اليوم بديوان المهنا، أكد خلاله منسق الجبهة أحمد الديين أن أعضاء المكتب التنفيذي للجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الاصلاحات السياسية وجهوا صباح اليوم استناداً إلى المادة 45 من الدستور خطاباً الى السلطة التنفيذية والقضائية متضمنا مذكرة تحتوي على الرأي الدستوري حول الطعن الحكومي المقدم إلى المحكمة الدستورية مدعم بأحكام سابقة للمحكمة الدستورية تتوافق مع رأي الجبهة. وتنص المادة 45 من الدستور على : لكل فرد ان يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه.
وعن تفاصيل الخطاب و المذكرة التي وجهها اعضاء المكتب التنفيذي للجبهة الوطنية الى السلطة التنفيذية و القضائية قال الديين خلال المؤتمر الصحافي لأعضاء الهيئة التنفيذية للجبهة بديوان المهنا في الشامية ظهر اليوم: سنقدم مذكرة برأي دستوري حول مذكرة الحكومة بالطعن في الدوائر وسنقدمها لرئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى وسنرفق مع الخطابين رأي دستوري من 27 صفحة يفند الحجج والذرائع التي وضعتها الحكومة بطعنها.
وتابع الديين : تم تكليف مكتب المحامي عبدالله الاحمد - عضو الجبهة الوطنية- بتسليم المذكرة عبر خطاب مسجل بعلم الوصول الي رئيسي السلطتين التنفيذية والتشريعية ، لافتا الى ان المذكرة تتناول الجانب الدستوري والقانوني لطعن الحكومة وعدم اختصاص المحكمة الدستورية بنظره لعدم وجود الشروط الشكلية.
واضاف الديين : الجبهة الوطنية لحماية الدستور ترى أن النظام الأمثل هو الدائرة الواحدة بنظام القوائم والتمثيل النسبي.
وزاد الديين: الجبهة الوطنية تؤكد أن الباب مفتوح لأي مواطن يتفق مع مبادئها للانضمام لها وهناك عدد من المواطنين أبدوا رغبتهم بالعضوية ونحن نرتب ذلك.
من جانبه قال عضو المكتب التنفيذي للجبهة الكاتب و المحامي محمد عبد القادر الجاسم: لا يمكن باي حال من الأحوال ان تحكم المحكمة الدستورية بالاختصاص لان اعداد الناخبيين ليس في قانون الدوائر وانما في نتائج التطبيق.
واضاف الجاسم: محكمتنا الدستورية لديها تراث ومبادئ توازي أرقى المحاكم وإذا قبلت هذا الطعن فعليها أن تتنازل عن كل هذا التراث والحكم السليم المنطبق مع الدستور هو الحكم بعدم الاختصاص .
وتابع الجاسم: المحكمة الدستورية ولعدة أسباب يستحيل أن تحكم بعدم دستورية قانون الدوائر فعدد الدوائر وعدد نواب كل دائرة غير مخالفين للدستور.
وفي مايلي الرأي الدستوري:
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ)
رأي دستوري
حول الطعن المقدم من الحكومة أمام المحكمة الدستورية
بشأن عدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2006
بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة
أقامت الحكومة طعنها بعدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأـمة على أساس مخالفة المادة الأولى والمادة الثانية منه لمبادئ (العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، فضلا عن التمايز بين الناخبين). وتزعم الحكومة أن القانون يخالف نصوص المواد (7، 8، 29، 108) من الدستور. وذهبت الحكومة في صحيفة الطعن إلى أن زيادة التفاوت في أعداد الناخبين في دائرة عن أخرى جعل للصوت الانتخابي قيمة نسبية تزيد على الضعف في منطقة عن منطقة أخرى، وأن هذا التفاوت هو ما يخل بمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.
وبالاطلاع على نصوص الدستور المشار إليها، نجد أن المادة (7) تنص على أن 'العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين.'
وتنص المادة (8) على أنه 'تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين'.
وتنص المادة (29) على أن 'الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين'.
وتنص المادة (108) على أن 'عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها ويرعى المصلحة العامة، ولا سلطان لأي هيئة عليه في عمله بالمجلس أو لجانه'.
وإذا كانت الغايات السياسية هي التي تقود الحكومة في تقديم الطعن بعدم دستورية قانون الدوائر الخمس، فإن الضوابط الدستورية والقانونية الموضوعية والمحايدة لا تسعف الحكومة في تحقيق غاياتها السياسية حتى وإن تدثرت برداء زائف هو المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص كما سيتضح لنا بعد قليل.
فضلا عن ذلك، فإنه لا يسع المحكمة الدستورية مسايرة الحكومة في طعنها على القانون ولا الأخذ بحججها والحكم بعدم دستورية القانون، ذلك أنه كي تقضي المحكمة بعدم دستورية القانون، فإن عليها أن تتخلى بالكامل عن تراثها الدستوري ومبادئها التي تبنتها منذ تأسيسها. ومن تلك المبادئ، ما استقرت عليه المحكمة بشأن عدم اختصاصها بنظر المنازعات المتعلقة بآثار وتبعات تطبيق القانون أو بالسياسة التشريعية أو بملاءمة التشريع أو بواعثه أو بالسلطة التقديرية للمشرع، ومنها أيضا ما استقرت عليه المحكمة بشأن اشتراط توافر المنازعة والجدية والمصلحة لقبول الطعن شكلا.
وبالتالي فإن الحكم الذي يتفق مع القواعد التي قررتها المحكمة الدستورية ومع قانونها، هو إما عدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن لأنه ينصب على آثار ونتائج القانون لا على نصوص القانون، أو عدم قبول الطعن شكلا لانتفاء المنازعة، أو لانتفاء الجدية، أو لانتفاء المصلحة.
وحتى لو افترضنا جدلا أن المحكمة الدستورية قررت التخلي عن تراثها وما استقرت عليه من مبادئ، واتجهت نحو قبول الطعن شكلا وقررت اختصاصها بنظر الطعن، فإن الطعن حري به الرفض حتى في الشق الموضوعي، وبيان ذلك كله فيما يلي:
أولا: في شأن عدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن
(1) التفاوت بين أعداد الناخبين هو أثر من آثار القانون ونتائجه وليس نصا من نصوصه
تنحصر رقابة المحكمة الدستورية في نطاق النصوص التشريعية، ولا تمتد إلى خارج تلك النصوص بأي حال من الأحوال. والمقصود بالنصوص التشريعية هو القوانين المراسيم والقرارات متى تضمنت قواعد عامة مجردة. وبالطبع فإنه من غير المتصور عقلا أن تحكم المحكمة بعدم دستورية بيانات أو تطبيقات أو نتائج النصوص التشريعية. كما لا تخضع لرقابتها ملاءمة التشريع أو بواعثه.
وفي هذا الاتجاه، قررت المحكمة الدستورية في العديد من أحكامها: 'كما أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن رقابتها القضائية على الدستورية إنما تنبسط على التشريعات كافة وذلك على اختلاف أنواعها ومراتبها، وسواء أكانت تشريعات أصلية أقرتها السلطة التشريعية، أم كانت تشريعات فرعية صادرة من السلطة التنفيذية، شاملة أية قاعدة قانونية متسمة بطابع العمومية والتجريد واجبة الاتباع في صدد ما صدرت بشأنه..'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (14) لسنة 2005 دستوري بتاريخ 29 مايو 2006)
وقررت أيضا: 'وحيث أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية التشريعات مناطها مخالفة التشريع لنص في الدستور، ولا تشمل بحث حالات التعارض بين القوانين، ولا شأن لها بالسياسة التشريعية التي ينتهجها المشرع، أو النظر في مدى ملاءمة التشريع أو ضرورته، أو التنقيب عن بواعث إصداره، أو تقدير آثار تطبيقه وتبعاته، لانحسار هذا الاختصاص أصلا عنها..'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (14) لسنة 2006 دستوري بتاريخ 12 يونيو 2007)
إن القواعد السابقة التي قررتها المحكمة الدستورية وهي في سبيل تحديد نطاق اختصاصها بديهية، وهي من مقتضيات إعمال نص المادة (50) من الدستور الذي يقرر مبدأ الفصل بين السلطات، فلو قبلت المحكمة الدستورية مراقبة تطبيق القانون ونتائجه وآثاره وبواعث إصداره ومدى ملاءمته، ولو أنها تدخلت في مراقبة السلطة التقديرية للمشرع، لو حدث شيء من ذلك، لانهار مبدأ الفصل بين السلطات، ولأصبحت المحكمة الدستورية سلطة أعلى من المشرع.
إن مهمة المحكمة الدستورية محددة بوضوح، وهي لا تتعدى البحث عما إذا كان النص التشريعي المطعون عليه يخالف نصا محددا في الدستور، فالخصومة الدستورية تدور في فلك نصوص التشريع المطعون عليه ونصوص الدستور فقط. ولذلك كثيرا ما نجد المحكمة الدستورية تتطلب لقبول الطعن شكلا قيام الطاعن بتحديد النص التشريعي المطعون عليه تحديدا نافيا للجهالة، وتحديد النص الدستوري الذي يدعي الطاعن أن التشريع يخالفه وبيان وجه المخالفة. وبغير هذا التحديد، جرى قضاء المحكمة الدستورية على عدم قبول الطعن.
وقد قررت المحكمة أن بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه المخالفة هي بيانات جوهرية للمسألة الدستورية.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (13) لسنة 2005 دستوري بتاريخ 32 مايو 2005)
وقررت أيضا أن الخصومة الدستورية توجه 'أساسا إلى النص التشريعي المدعى بعدم دستوريته استهدافا لمراقبته واستظهار مدى انضباطه داخل أطر الشرعية الحاكمة وهو أمر يتجلى معه النص التشريعي موضوع الخصومة أصلا وجوهرا ومحلا للدعوى فتنصب عليه وتتحدد بنطاقه وتدور بفلكه، يحركها مقتضيات ودواعي الالتزام بالشرعية وموجبات الامتثال لأحكام الدستور في إطار تحقيق المصلحة العامة واستقرار النظام العام..'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (14) لسنة 2006 دستوري بتاريخ 1 إبريل 2007)
وفي حكم آخر، قررت المحكمة الدستورية أن 'طلب الحكم بعدم الدستورية إنما ينصب على قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة، وهو ما يتحدد به نطاق الرقابة المقصودة للمحكمة الدستورية دون غيره من المنازعات، وأنه من المسلم به أن المقصود بالقانون بمعناه الاصطلاحي الفني هو ما يصدر من السلطة التشريعية من قواعد تنظيمية عامة طبقا للإجراءات الدستورية المقررة، أما المراسيم بقوانين فيقصدها بصفة عامة النصوص التشريعية التي تصدر من السلطة التنفيذية في الحالات التي تصدر فيها القوانين ويكون لها ما للقوانين من قوة ملزمة، أما اللوائح فهي التشريعات الفرعية التي تصدر من السلطة التنفيذية في حدود اختصاصها الدستوري..'. وقد استبعدت المحكمة من نطاق رقابتها ما لا يعد تشريعا.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (1) لسنة 1994 دستوري بتاريخ 17 مايو 1994)
إن الخلاصة التي نصل إليها من الأحكام السابقة هي أن الطعن بعدم الدستورية يجب أن ينصب على قاعدة عامة مجردة، أي على نص تشريعي. وأن المحكمة الدستورية لا تراقب تطبيقات النص التشريعي ولا آثار تلك التطبيقات ولا البواعث التي تقف وراء إصدار التشريع، ولا تراقب السلطة التقديرية للمشرع.
وبالاطلاع على القانون رقم (42) لسنة 2006 المطعون عليه، يتضح لنا أنه يتكون من أربع مواد، ومرفق به جدول يعد جزء منه وفق التفصيل التالي:
المادة الأولى تنص على 'تقسم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية لعضوية مجلس الأمة طبقا للجدول المرافق لهذا القانون'. وبالطبع فإنه ليس ثمة مخالفة دستورية في تقسيم الكويت إلى دوائر انتخابية، بل أن المادة (81) من الدستور تنص على أنه 'تحدد الدوائر الانتخابية بقانون'. وبالتالي فإن تقسيم الكويت إلى عدد من الدوائر، يتفق مع نص تلك المادة الدستورية.
وقد قسمت المادة الأولى من القانون الكويت إلى خمس دوائر. وبالطبع فإنه لا يوجد نص في الدستور يحدد عدد الدوائر، وبالتالي فمن سلطة المشرع العادي تحديد عدد الدوائر الانتخابية بخمس أو بواحدة أو أي عدد آخر.
وأشارت المادة الأولى من القانون إلى أن الجدول المرافق للقانون يوضح الدوائر الخمس. وليس في هذه الفقرة ثمة مخالفة للدستور. أما بالنسبة للجدول فإنه يعتبر جزءاً لا يتجزء من القانون.
وبالاطلاع على الجدول المرافق، يتضح أنه تضمن العبارة التالية:
'الجدول المرافق للقانون رقم (42) لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة'. ثم وردت عناوين فرعية في الجدول على النحو التالي:
'الدائرة الانتخابية الأولى: وتتكون من.. ' ثم ورد تحت هذا العنوان أسماء المناطق السكنية التي تتكون منها الدائرة الأولى.. وهكذا تكرر الأمر بالنسبة للدوائر الأربع الأخرى. ولم يتضمن الجدول بيانات رقمية إطلاقا. وبالتالي فإنه لا يمكن، بأي حال من الأحوال، القول بأن الجدول المرافق للقانون بمكوناته يعتبر مخالفاً للدستور، فهذا الجدول تضمن المناطق السكنية التي تتكون منها كل دائرة انتخابية. وبالطبع فإن الدستور لا يحدد ولا شأن له في ما إذا كانت منطقة كيفان، على سبيل المثال، جزءاً من الدائرة الثالثة أو الدائرة الثانية، ولا علاقة له في اعتبار ضاحية صباح الناصر جزءاً من الدائرة الرابعة.
وبذلك نخلص إلى أن حجة الحكومة بشأن عدم دستورية المادة الأولى من القانون في نصها الوارد في متن القانون أو في الجدول الذي أشارت إليه، حجة باطلة.
أما بالنسبة للمادة الثانية من القانون فقد نصت على أنه 'تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء للمجلس، على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لأربعة من المرشحين في الدائرة المقيد فيها، ويعتبر باطلا التصويت لأكثر من هذا العدد'.
وبالتأكيد فإنه لا توجد مخالفة دستورية حين يقرر القانون أنه تنتخب كل دائرة انتخابية عشرة أعضاء، فالدستور لا يحدد عدد الأعضاء الذين يمثلون الدائرة، بل أن الدستور نص في المادة (108) على أن 'عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها..'، وبالتالي فإن تحديد عدد الأعضاء الذين تنتخبهم كل دائرة انتخابية بعشرة أعضاء لا يخالف الدستور. فالدائرة الانتخابية تنتخب العدد المحدد ويبقى كل عضو يمثل الأمة بأسرها.
كذلك الأمر، حين يحدد القانون عدد الأصوات التي يملكها كل ناخب بأربعة أصوات، فإن هذا التحديد لا يخالف أي نص دستوري، مالم تذهب المحكمة الدستورية إلى وجوب تطابق عدد الأصوات التي يملكها الناخب مع عدد الأعضاء الذين تنتخبهم الدائرة، وهذا يعني أن تقرر المحكمة عدم دستورية العدد (4) وتوجه المشرع إلى وجوب جعله (10).
وبالطبع، فلا شبهة دستورية حين يقرر القانون بطلان التصويت لأكثر من أربعة، إذ ليس في الدستور نص يسمح للناخب بالتصويت لعدد غير محدد من المرشحين.
أما المادة الثالثة والمادة الرابعة من القانون فلم تطعن الحكومة بعدم دستوريتهما، فالمادة الثالثة تنص على إلغاء التنظيم السابق للدوائر الانتخابية، فيما تنص المادة الرابعة على تنفيذ القانون.
أما عن الجدول المرافق للقانون فإنه لا يحتوي على أعداد الناخبين، وإنما يبين المناطق التي تتكون منها كل دائرة انتخابية. أما جداول الناخبين التي تتضمن أعدادهم، فأيا كان مقدار توفر المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص فيها، فإنها ليست جزء من القانون، وبالتالي لا يمكن الحكم بعدم دستوريتها لخروجها عن نطاق رقابة المحكمة.
فضلا عن ذلك، فإن جداول الناخبين التي تتضمن عددهم في كل دائرة، ليست من قبيل القاعدة العامة المجردة، بل هي بيانات متغيرة، وهي أثر من آثار تطبيق القانون، فإذا كان في تلك الجداول أي مظهر من مظاهر عدم المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، فإن هذا كله يعتبر تبعة من تبعات تطبيق القانون، وهذا كله يخرج عن نطاق رقابة المحكمة الدستورية.
إن تحديد عدد الدوائر بخمس (المادة 1 من القانون) لا يتعارض مع أي نص دستوري. كما أن تحديد عدد أعضاء مجلس الأمة الذين تختارهم كل دائرة بعشرة أعضاء (المادة 2 من القانون) لا يخالف أي نص دستوري. كما أن تحديد عدد الأصوات التي يملكها الناخب بأربعة أصوات (المادة 2 من القانون) لا يخالف أي نص دستوري. كما أن تحديد المناطق التي تدخل في نطاق كل دائرة انتخابية (الجدول المرافق للقانون) لا يخالف أي نص دستوري. أما تفاوت عدد الناخبين في الدوائر فهو أثر من آثار تطبيق القانون، والإخلال بالمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص هو تبعة من تبعات القانون ونتيجة من نتائج تطبيقه وأثر من آثاره، وهذا كله يخرج عن نطاق رقابة المحكمة الدستورية، وبالتالي فإن التفاوت في أعداد الناخبين لا يجيز للمحكمة الدستورية الحكم بعدم دستورية القانون لخروجه عن رقابة المحكمة الدستورية.
لما كان ذلك، وكانت الحجج التي ساقتها الحكومة للتوصل إلى عدم دستورية نصوص القانون رقم (42) لسنة 2006 والجدول المرافق له، متهافتة، وكان مبنى الطعن المقدم من الحكومة هو تطبيقات القانون ونتائجه وآثاره لا نصوصه وقواعده العامة المجردة، فإن الواجب على المحكمة الدستورية أن تحكم بعدم اختصاصها بنظر الطعن.
ويؤيد هذا الرأي، ما سبق أن قررته المحكمة الدستورية وهي بصدد تحديد كيفية التوصل إلى الحكم بعدم دستورية التشريع، إذ قررت: 'كما أنه غني عن البيان أن هذه المحكمة في مجال إعمال ولايتها وبسط رقابتها على النص التشريعي المختصم للتحقق من مطابقته أو عدم مطابقته للدستور تتخذ من ظاهر النص أساسا لفحص مدى دستوريته، وأن قرينة الدستورية تصاحبه بحسبان أن الأصل في القوانين هو مطابقتها لأحكام الدستور ما لم تنقض هذه القرينة بدليل قطعي يكون بذاته نافيا على وجه الجزم لدستورية النص المطعون فيه، ويكون التعارض بين هذا النص وبين الدستور واضحا جليا، قاطعا صريحا..'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (14) لسنة 2006 دستوري بتاريخ 12 يونيو 2007)
(2) جداول الناخبين ليست جزءاً من قانون الدوائر الانتخابية بل هي نتاج تنفيذ قانون الانتخابات، وهي ليست قاعدة عامة مجردة:
أيا ما كان وجه الرأي في الدفاع السابق، فإنه لا يسع المحكمة الدستورية الحكم بعدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية إلا إذا فحصت ودرست جداول الناخبين التي تضم أعداد الناخبين في كل دائرة، ثم تشيد عليها دعائم حكمها. إن هذا أمر غير مقبول على الإطلاق، فالجداول الانتخابية ليست قاعدة عامة مجردة وبالتالي فإنها ليست تشريعا بأي صورة كانت من صور التشريع، بل هي مجرد سجلات ذات مضمون متغير. وبالتالي فلا يسع المحكمة الدستورية الاستناد إليها في الحكم بعدم دستورية القانون.
فضلا عن ذلك، فإن جداول الناخبين ليست جزءاً من القانون المطعون عليه، بل يتم تحريرها وإعداها وفق نص المادة (6) من القانون رقم (35) لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، وهو قانون يختلف عن القانون رقم (42) لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية، ولم تطعن الحكومة بعدم دستورية قانون الانتخابات الذي تنص مادته السادسة على أنه 'يكون بكل دائرة انتخابية جدول انتخاب دائم أو أكثر تحرره لجنة أو لجان مؤلفة من رئيس وعضوين، ويكون تقسيم اللجان وتأليفها وتحديد مقرها بقرار من وزير الداخلية'، وتنظم المواد اللاحقة كل ما يتصل بتحرير الجدوال.
وبالاطلاع على صحيفة الطعن، يتضح لنا أن الحكومة استعانت (بجداول الانتخاب) التي جاءت تنفيذا لقانون الانتخابات، لإسناد مزاعمها بعدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية، إذ قالت الحكومة: 'وبناء على الجدول المرافق لهذا القانون فإن أعداد الناخبين المقيدين في جداول الانتخاب حسب الدوائر وفقاً لآخر تعديل عام 2012 هو كالتالي..'. أي أنه لا يسع الحكومة إثبات عدم دستورية قانون الدوائر بذاته.
ولعله من البديهي القول إن (جداول الناخبين) التي ينظمها قانون الانتخابات تختلف عن (جدول المناطق) المرافق لقانون الدوائر الانتخابية. وليس بإمكان المحكمة الدستورية أن تستند على جداول تحرر تنفيذا لقانون الانتخاب للوصول إلى عدم دستورية قانون الدوائر.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإنه حتى لو رغبت المحكمة الدستورية في الاستناد على جداول الناخبين التي تعد وفق قانون الانتخابات كمدخل للحكم بعدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية، فإن هذه الجداول ذات مضمون متغير وذلك تبعا لعمليات القيد والحذف والإضافة فيها وفق النظام الذي وضعه المشرع في قانون الانتخابات كما يتضح من الجدول التالي:
الدائرة عدد الناخبين في 2006 عدد الناخبين في 2012 الزيادة نسبة التغيير:
الأولى 63228 74876 11648 +18%
الثانية 39310 47772 8462 +22%
الثالثة 55141 73065 17924 +33%
الرابعة 90036 108395 18359 +20%
الخامسة 92533 118461 25928 +28%
المجموع 340248 422569 82321 +24%
إن التغيير الذي يطرأ على جداول الناخبين هو تغيير سنوي مرتبط بتحديث بيانات الناخبين وفق قانون الانتخابات، وبالتالي فإنها لا تصلح لاستخدامها عتبة لبلوغ الحكم بعدم دستورية قانون الدوائر.
ثانيا: عدم قبول الطعن شكلا
المنازعة منتفية، والجدية غائبة، والمصلحة غير موجودة
مع إصرارنا على رأينا السابق بشأن وجوب الحكم بعدم الاختصاص، فإنه وعلى فرض أن المحكمة قررت أنها مختصة بنظر الطعن، فإن الطعن غير مقبول شكلا للأسباب التالية:
(1) انتفاء المنازعة الدستورية:
تختص المحكمة الدستورية وفق قانونها بتفسير نصوص الدستور وبنظر المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم واللوائح. ووفقا للقانون، فإن تقديم طلب تفسير نصوص الدستور متاح لمجلس الأمة منفردا ولمجلس الوزراء منفردا أيضا. وقد دار نقاش قانوني حول مناسبة تقديم طلبات التفسير، وهل يجب أن يقدم طلب التفسير بعد وقوع اختلاف في الرأي بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة حول موضوع محدد، أم يجوز تقديم الطلب دون اشتراط وجود مثل هذا الخلاف.
القانون لم يتبن رأيا صريحا ومحددا في هذه المسألة، وبالتالي فقد تولت المحكمة الدستورية بيان ضوابط تقديم طلبات التفسير، وكان ذلك بمناسبة تقديم الحكومة طلب تفسير في العام 1985 الذي سعت من خلاله إلى الحصول على تفسير المحكمة الدستورية لنص الفقرة الأولى من المادة (65) من الدستور. وأمام المحكمة، دفع مجلس الأمة بعدم قبول الطلب لأنه ليس هناك خلاف حول النص الدستوري المراد تفسيره. إلا أن المحكمة رأت أن 'طلب التفسير لا يتسم بالطابع القضائي الذي يقوم على الادعاء والدفاع وحسم خلاف شاجر بين طرفين، وإنما تباشر المحكمة الدستورية نظر الطلب عندما يقدم لها من الحكومة أو مجلس الأمة لتفسير نص دستوري معين لاستجلاء معانيه ومقاصده، لوجود لبس أو غموض لدى كل سلطة في كيفية تطبيقه وإعمال أثره، وتباين الآراء والأفكار حول ذلك، وليس بلازم أن يصل الأمر إلى حد الخلاف المحتدم أو المنازعة بالمعنى المعروف في قانون المرافعات إذ في ذلك قيد لم يتضمنه نص المادة الأولى من قانون إنشاء المحكمة، بل يكفي أن يدور حول نص دستوري أكثر من رأي، على نحو يغم معه إعمال حكمه، سواء فيما بين مجلس الأمة والحكومة أو في داخل أي منهما، ليسوغ معه الإلتجاء إلى المحكمة الدستورية لتجلية الغموض الحاصل في هذا المجال..'
(القرار الصادر في طلب التفسير رقم (1) لسنة 1985 بتاريخ 29 يونيو1985)
أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بعدم دستورية القوانين، فإن الأمر مختلف تماما، ذلك أن المادة (173) من الدستور قررت 'يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، ويبين صلاحياتها والإجراءات التي تتبعها.
ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية القوانين واللوائح'.
ونلاحظ هنا أن المشرع الدستوري استخدم اصطلاح (منازعات)، والمُنازعة في الخصومة لغة تعني: مُجاذَبةُ الحُجَجِ فيما يتنازع فيه الخَصْمانِ. وقد نازعه منازعة ونزاعا أي جاذبه في الخصومة. والتنازع يعني التخاصم، وتنازع القوم أي اختصموا. (لسان العرب).
أما قانون المحكمة الدستورية فقد نصت المادة الأولى منه على أنه 'تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين..'.
كما نصت المادة الرابعة منه على أنّ 'ترفع المنازعات إلى المحكمة الدستورية بإحدى الطريقتين الآتيتين:
) أ) بطلب من مجلس الأمة أو من مجلس الوزراء.
(ب) إذا رأت إحدى المحاكم أثناء نظر قضية من القضايا سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على دفع جدي تقدم به أحد أطراف النزاع، أن الفصل في الدعوى يتوقف على الفصل في دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة توقف نظر القضية وتحيل الأمر إلى المحكمة الدستورية للفصل فيه.
ويجوز لذوي الشأن الطعن في الحكم الصادر بعدم جدية الدفع وذلك لدى لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية في خلال شهر من صدور الحكم المذكور وتفصل اللجنة المذكورة في هذا الطعن على وجه الاستعجال'.
أما لائحة المحكمة الدستورية فقد قررت في المادة الثالثة أنه 'ترفع منازعات الفصل في دستورية القوانين..'، وقد تكرر استخدام المشرع لاصطلاح 'منازعة' في القانون وفي لائحة المحكمة الدستورية.
ونستنتج مما سبق أنه يشترط لتقديم الطعن بعدم دستورية قانون أن تكون هناك 'منازعة' كي 'تفصل' فيها المحكمة الدستورية، أما إذا انتفت 'المنازعة' فإن الطعن يكون غير مقبول شكلا.
وفي طعن مقدم من مجلس الأمة إلى المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة (114) من لائحة مجلس الأمة، دفعت الحكومة أمام المحكمة بعدم قبول الدعوى وأسست دفعها على القول 'بأن بحث المسألة المطروحة إنما يتصل بالمقام الأول بتفسير المادة (97) من الدستور ومن ثم فإن وسيلة هذا البحث يكون بطلب تفسير يقدم من مجلس الأمة وفقا للمادتين الأولى والثانية من مرسوم لائحة إجراءات المحكمة الدستورية، كما أن الطلب المقدم من مجلس الأمة إلى المحكمة الدستورية لم ينسب إلى الحكومة أو مجلس الأمة موقفا معينا واضحا في شأن مدى دستورية المادة (114) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وكل ما قيل هو وجود رأيين بين أعضاء المجلس تناولا البحث في مدى دستورية هذه المادة ولم يتضمن الطلب بيان رأي الحكومة، وعلى فرض أن اتجاه الوزراء في هذه المناقشة يتمشى مع رأي معين فذلك لا يكفي وحده لعرض الطلب أمام المحكمة الدستورية في صورة منازعة، وأقصى ما يمكن أن يقال في شأنها أنه- إذا أثبتت الحكومة موقفا محددا دون أن ينضم إليها أعضاء مجلس الأمة المنتخبين- قام خلاف في الرأي داخل مجلس الأمة ولا يتجاوزه إلى المنازعة أو الخصومة بالمعنى المتعارف عليه في فقه قانون المرافعات..'.
وردا على دفع الحكومة، قررت المحكمة الدستورية أن لمجلس الأمة 'وفق أحكام المادة الرابعة من قانون إنشاء المحكمة، والمادة الثالثة من لائحتها أن يلجأ إلى المحكمة للفصل في منازعة دستورية والتي يكفي لتوافرها وجود خلاف في دستورية التشريع يدور حوله رأيان في المجلس..'.
أي أن المحكمة هنا تتطلب لتقديم المنازعة بعدم دستورية قانون وجود خلاف في دستوريته.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (2) لسنة 1981 دستوري بتاريخ 11 يوليو 1981)
وحيث أن الحكومة قررت، دون وجود خلاف في الرأي حول مدى دستورية قانون الدوائر الانتخابية، تقديم الطعن بعدم دستوريته خارج نطاق المنازعة، فإن الأمر يقتضي إصدار المحكمة حكمها بعدم قبول الطعن.
(2) انتفاء الجدية والمصلحة في الطعن:
من المقرر قانونا أنه يجب أن يتوفر عنصر المصلحة في أي دعوى ينظرها القضاء، أي مصلحة رافع الدعوى. وقد قررت المحكمة الدستورية في العديد من أحكامها أنه يتعين توفر عنصر المصلحة في الدعوى الدستورية أيضا. كما قررت المحكمة الدستورية في العديد من أحكامها أنه يلزم للفصل في المنازعة بعدم دستورية قانون ما أن تتسم تلك المنازعة بالجدية.
ولا تختلف المنازعة التي تقدمها الحكومة بعدم دستورية قانون ما، من حيث اشتراط توفر عنصر المصلحة ومن حيت اكتسابها عنصر الجدية، عن غيرها من المنازعات، إلا أن المحكمة الدستورية سبق أن قررت في أحد أحكامها أن عنصر المصلحة في حالة الطعن المقدم من الحكومة مفترض، أي أن المحكمة تفترض وجود هذه المصلحة في الطعون التي تقدمها الحكومة دون حاجة للبحث عنها في ثنايا الطعن. والمقصود عموما بعنصر المصلحة هو أن يكون الحكم في المسألة الدستورية ضروريا ولازما. وحيث أننا خلصنا إلى نفي وجود المنازعة أصلا حول قانون الدوائر الانتخابية، فإنه من البديهي أن يؤدي ذلك إلى نفي وجود عنصر المصلحة، فهذه المصلحة تدور في فلك المنازعة، ومتى ما انتفت المنازعة أصلا انتفى معها عنصر المصلحة بشكل تلقائي بما يضحى معه الطعن بعدم الدستورية غير منتج.
أما بالنسبة لتقدير جدية الطعن الحكومي بعدم الدستورية، فلم نتمكن من العثور على رأي سابق للمحكمة الدستورية في هذا الشأن، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى تبني القاعدة العامة المقررة للطعون بعدم الدستورية التي تشترط توفر الجدية. والمقصود بجدية الطعن هو ألا يكون الهدف من الطعن التسويف أو اللدد في الخصومة أو إضاعة الوقت. ولعله لا يخفى على كل فطين أن الحكومة لم تلجأ إلى المحكمة الدستورية إلا بغرض التحايل السياسي، لا دعما للشرعية ولا صونا للدستورية ولا بحثا عن عدالة ولا تكريسا لمساواة ولا تعزيزا لتكافؤ الفرص.
وقد سبق للمحكمة الدستورية أن نظرت في طعن تقدمت به الحكومة بعدم دستورية نص المادة (19) المستبدلة بموجب المادة الأولى من القانون رقم (26) لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (47) لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية، وفي حكمها الصادر في هذا الطعن أوضحت المحكمة أن المصلحة في الطعن المباشر الذي تقدمه الحكومة بعدم دستورية القوانين مفترضة، إلا أنها استدركت بقولها 'لاسيما إذا تعلق الأمر على مثل وضع الطعن الماثل والمقام من الحكومة بعدم دستورية نص تشريعي في قانون سبق لها الاعتراض عليه ابان الاقتراح به فوافق عليه مجلس الأمة ثم تم إعادته إليه لإعادة النظر فيه فأقره المجلس للمرة الثانية بالأغلبية المطلوبة فوجب إصداره، وبالتالي تقوم لها ومن بعد صدوره مصلحة في الطعن عليه وطلب إبطاله'.
(الحكم في الطعن رقم (13) لسنة 2006 دستوري الصادر بتاريخ 12 يونيو 2007)
وبإنزال ضوابط المحكمة الدستورية في شأن عنصر المصلحة في الطعن الحكومي على طعنها الأخير بعدم دستورية قانون توزيع الدوائر الانتخابية، فإنه يتضح أن هذا القانون كان في أصله مشروع تقدمت به الحكومة إلى مجلس الأمة، وشاركت في التصويت بالموافقة عليه ثم صدر وفقا للدستور، وقامت الحكومة بتنفيذ أحكامه في الانتخابات التي جرت في الأعوام 2008، 2009، 2012 دون أي اعتراض منها. وبمراجعة الظروف والأوضاع السياسية السابقة لتقديم الطعن، يتضح لنا بجلاء أن ظاهر هذا الطعن استخدام الحق ودعم الدستور، لكن باطنه وحقيقته تسويف ومماطلة وعبث بنصوص الدستور وإقحام للمحكمة الدستورية في المنازعات والخصومات السياسية في محاولة من الحكومة للحصول على غطاء قضائي من أجل الانفراد بوضع قانون جديد للدوائر الانتخابية، وهو ما يعني في نهاية المطاف أن هذا الطعن لا يتسم بالجدية ولا تتوفر فيه المصلحة، فضلا عن انتفاء المنازعة أصلا.
ولعله من المهم جدا الانتباه إلى أن المحكمة الدستورية تتبنى قاعدة استقر رأيها على إعمالها دائما، وهي ذات صلة بعنصري المصلحة والجدية، وهي قاعدة 'قرينة الدستورية'، فقد استقر رأي المحكمة الدستورية على أن 'الأصل هو سلامة التشريع، وقرينة الدستورية قائمة مفترضة لصالح التشريع..'. كما استقر رأي المحكمة على أن 'الأصل في القضاء الدستوري هو قرينة الدستورية، وهو ما يعني أن الأصل في التشريعات أن تأتي متفقة مع الدستور ما لم يثبت بجلاء مخالفتها للدستور، وأن النصوص القانونية إنما تحمل على الصحة ما لم يثبت ما ينقض هذه القرينة بدليل قطعي يكون بذاته نافيا- على وجه الجزم- لدستورية النص المطعون فيه..'.
(القاعدة السابقة مستقرة في أحكام المحكمة الدستورية، أنظر على سبيل المثال الحكم الصادر في الطعن رقم (1) لسنة 1994 دستوري بتاريخ 17/5/1994، والحكم الصادر في الطعن رقم (10) لسنة 2004 دستوري بتاريخ 3/11/2004)
وتأتي القاعدة السابقة انسجاما مع الفكرة القائلة بخطورة القضاء بعدم دستورية تشريع ما، وقد سبق للمحكمة الدستورية أن قررت أن المشرع حين أسند الفصل في دستورية القوانين إلى المحكمة الدستورية إنما كان ذلك نتيجة تقديره 'لخطورة النتائج التي تترتب على القضاء بعدم دستورية التشريع'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (1) لسنة 1979 دستوري بتاريخ 12/5/1979)
وترتيبا على خطورة القضاء بعدم دستورية التشريع، ودعما لقرينة الدستورية، عمدت المحكمة الدستورية إلى تبني منهجا متشددا في قبول الطعون بعدم دستورية القوانين، ويظهر هذا التشدد في إطار إجراءات الطعن وشروط اتصال المحكمة الدستورية به. وفي شأن الإجراءات، فقد قررت المحكمة الدستورية في العديد من أحكامها أن ولايتها 'في نظر الدعوى الدستورية والفصل فيها لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة قانونا' وأن 'هذه الأوضاع الإجرائية متعلقة بالنظام العام باعتبارها شكلا جوهريا تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها..'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (2) لسنة 1989 دستوري بتاريخ 20/6/1989)
أما بالنسبة لتشدد المحكمة الدستورية في شأن توفر عنصر المصلحة المباشرة في الطعن، فقد قررت المحكمة 'حيث أن هذه المحكمة جرت في قضاء مضطرد على وجوب توفر المصلحة في الدعوى الدستورية بحسبان ذلك شرطا لا غنى عنه لقبولها.. ولا تعد المصلحة متحققة بالضرورة على محض مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور فحسب، إذ لا تكفي المصلحة النظرية..'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (13) لسنة 2005 دستوري بتاريخ 5/2/2006)
وبالبناء على ما سبق، يمكن القول أن المصير القانوني الثاني للطعن الحكومي هو عدم قبوله شكلا إما لانتفاء المنازعة أو لانتفاء الجدية أو لانتفاء المصلحة.
ثالثا: المساواة الحسابية ليست معيارا للحكم بعدم دستورية تشريع
ومع كل ما سبق، وإذا افترضنا توافر الشروط القانونية لاختصاص المحكمة الدستورية ولقبول الطعن الحكومي من حيث الشكل، فإنه ليس في قانون توزيع الدوائر الانتخابية المطعون به ما يخالف الدستور، لا من جهة التوزيع الجغرافي ولا من جهة عدد الأصوات التي يملكها الناخب، وبيان ذلك كله فيما يلي:
تزعم الحكومة في بيان أسباب الطعن بعدم دستورية المادة (1) من قانون توزيع الدوائر الانتخابية، أن التفاوت بين أعداد الناخبين في الدوائر الخمس يتعارض مع مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين الناخبين. وأن هذا التعارض يؤدي إلى عدم دستورية المادة المشار إليها.
وقبل بيان ضعف حجة الحكومة وتهاويها، نوضح أن القوانين هي أداة لتنظيم العلاقات بين الأفراد بعضهم ببعض وبينهم وبين الدولة، وأن القوانين تنظم كيفية استعمال كل من يخضع لأحكامها لحقوقهم وكيفية أداء واجباتهم. وإذا خصصنا الحديث عن قانون الدوائر الانتخابية سنجد أن هذا القانون، في المادة الأولى منه، يقسم الكويت إلى (5) دوائر انتخابية وفق جدول مرافق للقانون، وبالطبع فإن تحديد (عدد) الدوائر لا يثير مشكلة دستورية إطلاقا، وإنما تزعم الحكومة أن الخلل يكمن في الجدول المرافق.
وبالرجوع إلى الدستور نجد أنه لم يتضمن ثمة ضوابط محددة يتعين الالتزام بها عند تحديد الدوائر الانتخابية باستثناء وجوب أن يتم هذا التحديد بقانون، ويأتي خلو الدستور من ضوابط تحديد الدوائر الانتخابية منسجما مع واقع الكويت السياسي، فالنظام السياسي لا يقوم على أساس المحاصصة بين الفئات أو الطوائف حتى يأتي الدستور ليضمن حقوق تلك الفئات أو الطوائف، كما أنه ليس في الكويت أقاليم تتمتع بالحكم الذاتي أو بالإدارة الذاتية كي يضمن الدستور حقوق سكانها، كما أن الكويت دولة بسيطة لا مركبة كالولايات المتحدة الأمريكية، كما أنه لا توجد في الكويت أقليات يسعى الدستور إلى تنظيم وضعها السياسي. غاية الأمر أن تنظيم آخر قسم الكويت إلى محافظات ست، أي ما يسمى بالتقسيم الإداري، وليس لهذا التقسيم الإداري دلالة خاصة، فهو لا يعتمد على حدود جغرافية طبيعية، ولا هو تحديد لولايات أو أقاليم مستقلة ذاتيا.
كما أنه لا يوجد في الكويت، في إطار النظام السياسي والدستوري، أي تمييز إثني أو ديني أو طائفي أو عرقي أو قبلي أو حتى طبقي، بل ينتظم الجميع تحت مظلة المواطنة الدستورية. ومن هنا حرص المشرع الدستوري في المادة (108) من الدستور على الأخذ بقاعدة أن عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها ولا يمثل الناخبين في دائرته فقط.
ولا يعني ما سبق أن توزيع الدوائر الانتخابية في الكويت يتم دون مراعاة أية اعتبارات، بل يظهر الواقع أن هذا التقسيم يسعى إلى مراعاة وجود تمثيل لكافة فئات المجتمع، فالمشرع يحرص على توزيع يتيح لجميع فئات المجتمع، بدرجات متفاوتة الحصول على فرصة التنافس والتمثيل في البرلمان، إلا أن هذه المراعاة وذاك الحرص لا يظهران بشكل رسمي. وفي جميع الأحوال تأتي تلك المراعاة في إطار السياسة التشريعية واعتبارات الملاءمة والسلطة التقديرية للمشرع التي لا تخضع، من الناحية القانونية، لرقابة المحكمة الدستورية بل تخضع لرقابة سياسية صارمة من قبل الرأي العام. وعلى ذلك، فإنه ليس من المقبول دستوريا القول بأن توزيع الدوائر الانتخابية يجب أن يراعي حقوق فئة التجار أو الشيعة أو السنة أو القبائل الكبيرة أو القبائل الصغيرة، وإنما هذه مسألة سياسية تخضع لتقدير المشرع العادي.
ومن هنا فإن الحديث عن 'المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص' في توزيع الدوائر الانتخابية يبقى حديثاً سياسياً لا دستورياً، إذ لا تستطيع المحكمة الدستورية أن تبحث مدى دستورية توزيع الدوائر الانتخابية على غير أساس المواطنة الدستورية أو بحثا عن 'العدالة السياسية'. بمعنى أنه لا يستطيع أي شخص ولا الحكومة الطعن بعدم دستورية توزيع الدوائر الانتخابية لأنه يمنح أي فئة في المجتمع مقاعد أقل أو أكثر من نسبتهم في المجتمع.
أما الحديث عن العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بسبب التفاوت بين أعداد الناخبين في الدوائر الخمس، فإنه حديث يفتقد إلى الأساس الدستوري السليم، ذلك أن البحث عن مدى مراعاة التوزيع لتلك الاعتبارات ليس مسألة حسابية بحتة، أي لا يكفي أن يقال إنه بما أن عدد الناخبين في الدائرة الخامسة يبلغ 118461 ناخبا، في حين أن عددهم في الدائرة الثانية يبلغ 47772 ناخبا، فإن هذا التوزيع يجافي العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص. فالبحث عن المساواة والعدالة الرقمية أو الحسابية ليس هو الأساس الذي تبنى عليه قاعدة دستورية القوانين، وإنما العبرة أو المقياس هو ما إذا كان القانون يميّز أو يفرّق بين حقوق الناخبين أو المرشحين رغم تماثل مراكزهم القانونية. فالدائرة الانتخابية في الكويت لا تمثل فئة أو طائفة أو إقليم أو أقلية أو طبقة في المجتمع، إنما هي تمثل تجمعاً سكانياً، وليس كياناً سياسياً، رأى المشرع، لاعتبارات تتصل بالسياسة التشريعية والملاءمة، اعتباره دائرة انتخابية.
وبالتالي فإنه لا يسع الادعاء بوجود تمييز أو إخلال بالمساواة أو العدالة أو تكافؤ الفرص لمجرد تفاوت أعداد الناخبين في الدوائر الانتخابية المختلفة. فالدائرة الانتخابية بحد ذاتها كما أشرنا ليست كيانا سياسيا ولا هي تمثل جماعة سياسية، وبالتالي فإنه لا يجوز منح الدائرة الانتخابية ذاتها حقوق دستورية، وإنما الواجب هو بحث حقوق كل من الناخب والمرشح في الدوائر الخمس وبيان ما إذا كان هناك تمييزا أو تفرقة بينهم أو ما إذا كانت اعتبارات العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص متفاوتة في الحقوق الممنوحة لهم.
وباستعراض التنظيم القانوني الوارد في قانون الدوائر الانتخابية، يتضح أن المشرع قرر في المادة (2) من القانون أنه 'تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء للمجلس، على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لأربعة من المرشحين في الدائرة المقيد فيها...'.
ومن هذا النص يتبين أنه لا يوجد تمييز أو تفاوت في حق الناخب في انتخاب أربعة من المرشحين في دائرته، فهذا الحق مقرر لكافة الناخبين في الدوائر الخمس، ولا أهمية، عند ممارسة هذا الحق، للعدد الإجمالي للناخبين.. أي أن حقوق الناخبين متساوية في الدوائر الخمس.
أما عن حقوق المرشح، فإن قانون الدوائر الانتخابية لم ينظمها، بل هي منظمة بموجب القانون رقم (35) لسنة 1963 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة. ولعل أهم ما في هذا التنظيم أنه أجاز لكل من هو مقيد في جدول الناخبين ترشيح نفسه في أي دائرة وليس في الدائرة المقيد في جدولها، وهذا يعني أن القانون يمنح المرشح حق اختيار الدائرة التي يرغب في ترشيح نفسه فيها، وبالتالي له أن يختار الدائرة التي يرى أن فرصته في الفوز فيها أفضل من غيرها. ولو كان القانون يلزم الترشيح في دائرة قيد المرشح في جداول الناخبين لأمكن القول بأن هناك إخلالاً بمبدأ المساواة إذا وضعنا في الاعتبار تفاوت أعداد الناخبين وهو تفاوت يترتب عليه تفاوت العدد اللازم للنجاح في الانتخابات بين دائرة وأخرى. بمعنى آخر، فإن للمرشح أن يختار الدائرة التي يرغب في الترشيح فيها صغيرة كانت أم كبيرة. وبما أن هذا الحق في اختيار الدائرة مقرر لجميع المقيدين في جداول الانتخاب أيا كانت الدائرة، فإنه لا مجال للقول بوجود مخالفة دستورية.
فضلا عن ذلك، فإن القانون، سواء قانون الانتخابات أو قانون الدوائر، لم يتضمن أي تمييز في شروط القيد في الجدول الانتخابي، فشروط قيد الناخب في الدائرة الأولى هي ذات شروط قيد الناخب في الدائرة الخامسة وهكذا. كما أن شروط ممارسة حق الانتخاب هي ذاتها بالنسبة لجميع الناخبين. كما أن شروط الترشيح لا تفرق بين الترشيح في هذه الدائرة أو تلك.
وإذا خلصنا إلى أن حقوق الناخب وحقوق المرشح واحدة في جميع الدوائر الانتخابية، فإنه لا مجال، من الناحية الدستورية وليس السياسية، لقبول فكرة مخالفة التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية للدستور، فليس ثمة إخلال بالحقوق أو بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
ومع ذلك، فإننا نسأل السؤال التالي: ما المقصود 'بالمساواة وبتكافؤ الفرص وبالعدالة'؟
إذا افترضنا أن الاختلاف في أعداد الناخبين بين الدوائر الخمس يشكل شبهة مخالفة دستورية، فإن الأمر يتطلب معرفة ماذا يعني مبدأ المساواة الذي تزعم الحكومة أن التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية يتعارض معه. لحسن الحظ، فقد سبق للمحكمة الدستورية أن تناولت بالشرح المفصل وفي أكثر من مناسبة مبدأ المساواة، إذ قررت:
'وحيث إن مبدأ المساواة لدى القانون يعد ركيزة أساسية للحقوق والحريات جميعا، ودعامة من دعامات المجتمع، وميزانا للعدل والإنصاف، وقيدا في ذات الوقت على المشرع لا يتعداه فيما يسنه من الأحكام، والمقصود بهذا المبدأ هو ألا يفرق القانون بين الناس فلا يحرم أحدا شيئا من الحقوق، ولا يقيل أحدا من الواجبات العامة، أو يضعه في أي الأمرين موضعا خاصا، بل يعتبر الجميع في ذلك بمنزلة سواء، لا تفرقة بينهم أو تمييز، وهذا المبدأ غايته صون هذه الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز وأشكاله التي تنال منها، سواء كان ذلك بإنكار أصل وجودها أو بتعطيلها أو الانتقاص من آثارها بما يحول دون ممارستها أو مباشرتها أو الانتفاع بها على قدم من المساواة بين أصحابها، لذا فقد حرص الدستور على النص في المادة (29) منه على أن (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين)... ومن ثم يكون مجلس الخدمة المدنية في هذا الصدد قد أقام التفرقة بين الذكور والإناث، وأقام تمييزا تحكميا منهيا عنه على أساس من الجنس، على نحو تتنافر به المراكز القانونية المتماثلة والمتحدة خصائصها، مخالفا بذلك مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (29) من الدستور، مما يتعين معه القضاء بعدم دستورية النص الطعين.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (17) لسنة 2006 (دستوري) بتاريخ 23 سبتمبر 2007)
كما قررت المحكمة 'وحيث أن هذا النعي مردود ذلك بأن مبدأ المساواة الذي يعد من الدعامات الأساسية للمجتمع، ويكفل للمواطنين عدم التفرقة بينهم أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة وفقا لما تنص عليه المادتان (7) و(29) من الدستور، مؤداه عدم التمييز التحكمي بين أصحاب المراكز القانونية الواحدة، والأصل فيه كذلك عدم معاملة فئات المواطنين على ما بينهم من تفاوت في مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة، فهو يقوم على افتراض تماثل المراكز القانونية في نطاق الموضوع محل التنظيم التشريعي الواحد ومعاملتها على ضوء قاعدة موحدة لا تفرق بين أصحابها بما ينال من مضمون الحقوق التي يتمتعون بها أو يميز بينهم في الواجبات المفروضة عليهم قانونا... لما كان ذلك.. وفق أسس موضوعية موحدة تنأى به عن التمييز المنهي عنه بين المخاطبين بأحكامه'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (15) لسنة 2006 'لجنة فحص الطعون' بتاريخ 18 مارس 2007)
وقررت أيضا '.. ذلك بأن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه في المادة (7) من الدستور مؤداه النهي عن التمييز التحكمي بين أصحاب المركز القانوني الواحد، والأصل فيه كذلك عدم معاملة فئات المواطنين على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، إلا أن هذا المبدأ لا يقوم على معارضة صور التمييز جميعها، لأن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، فكلما كان القانون مغايرا بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعا فيما بينها وكان تقديره في ذلك قائما على أسس موضوعية مبتغيا تحقيق أهداف لا شبهة في مشروعيتها، وكافلا وحدة القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلباتها، كان القانون واقعا في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع ويعتبر تمييز القانون في هذه الحالة مبررا لا ينال من مشروعيته الدستورية، وإن كانت المساواة التي توخاها وسعى إليها لم تبلغ حسابيا مبلغ الكمال..'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (11) لسنة 2005 (دستوري) بتاريخ 29 مايو 2006)
وقررت أيضا 'وحيث أن مبدأ المساواة من المبادئ الدستورية العامة المقررة في معظم النظم الدستورية، وهو مبدأ مسلم به حتى مع خلو نصوص بعض الدساتير من الإشارة الصريحة إليه، بحسبان أنه يستخلص ضمنا من مجموعة المبادئ التي تقوم عليها دولة القانون. هذا المبدأ حضت عليه الأديان السماوية، وتضمنته المواثيق الدولية، ويعتبر ركيزة أساسية للحقوق والحريات جميعا، ودعامة من دعامات المجتمع، وميزانا للعدل والإنصاف، لذا فقد حرص الدستور على التأكيد عليه حيث تناوله في عدد من نصوصه، فنص عليه صراحة في المادة (29) منه التي قضت بأن 'الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو الدين' وهو النص المتمم لنص المادة (7) من الدستور الذي يقضي بأن 'العدل والحرية والمساواة من دعامات المجتمع'. ولنص المادة (8) الذي يقضي بأن تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين'، ولا جدال في أن ما تضمنه نص المادة (29) سالف البيان هو حكم عام وخطاب موجه إلى جميع سلطات الدولة ، تلتزم به السلطة التشريعية فيما تسنه من قوانين، كما تلتزم به السلطة التنفيذية فيما تصدره من لوائح وقواعد تنظيمية وقرارات فردية، كما تلتزم به السلطة القضائية فيما تتولاه متعلقا بشؤون العدالة وقضائها بين الناس.
والمساواة في جوهرها تعني التسوية في المعاملة بين المتماثلين وضعا أو مركزا، والمغايرة في المعاملة بين المختلفين وضعا ومركزا، والمقصود بمبدأ المساواة لدى القانون هو أن يكون الجميع أمام القانون سواء لا تفرقة بينهم أو تمييز، فالحقوق والمزايا التي يمنحها القانون وينعم بها الناس يستظلون بها وفق قواعد موحدة، وتحظى من القانون بحماية واحدة وبدرجة متساوية، والواجبات والالتزامات التي يفرضها القانون على الناس يخضع لها الجميع على السواء دون تفرقة بينهم أو أن يقيل القانون أحدا منها.. إلا أنه يتعين في هذا المجال التفرقة بين التمييز غير الجائز، وبين التقسيم أو التصنيف الجائز والذي تنطوي عليه بعض التشريعات التي تخص جماعة أو أفرادا أو فئة أو طائفة بحكم قانوني خاص أو معاملة خاصة، والتقسيم أو التصنيف الجائز ينبغي أن يرتب المعاملة أو الحكم القانوني الخاص بها على أساس توفر صفة معينة، أو وجود واقعة خاصة ومتميزة تربطها بالنتيجة التي يرتبها هذا الحكم رابطة منطقية يمكن الوقوف عليها وتحديدها، بحيث لا تكون منفصلة عن النتيجة التي يرتبها..'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (7) لسنة 2007 (دستوري) بتاريخ 10 ديسمبر 2007)
وقررت 'وحيث أنه من المصطلح عليه أن مبدأ المساواة يعد انعكاسا للتوازن بين الحقوق والحريات العامة وبين المصلحة العامة التي تقوم عليها الشرعية الدستورية، إذ أن الدستور فيما احتواه من نصوص إنما يعبر عن قيم دستورية مختلفة، منها ما يتعلق بالحقوق والحريات العامة، ومنها ما يتعلق بالمصلحة العامة، وبالنظر إلى أن مبادئ الدستور ونصوصه تتكامل مع بعضها، فإن التوازن بين مختلف القيم الدستورية يحدد نطاق الحماية التي استهدفها الدستور لكل من هذه القيم، وبالتالي فإنه ليس المقصود بالمساواة أمام القانون المساواة المطلقة أو المساواة الحسابية، فالمساواة لا تعني أن تُعامل فئات المواطنين على ما بينهم من تفاوت في مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة، ولا تعني معارضة صور التمييز جميعها، كما أن اختلاف المعاملة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة ليس بالضرورة تمييزا مخالفا لمبدأ المساواة أو منافيا له، إذ يملك المشرع بسلطته التقديرية أن يفرض تغايرا في المعاملة متى كان ذلك مبررا وفقا لأسباب موضوعية منطقية مقبولة تمليها موجبات الضرورة ودواعيها، واعتبارات المصلحة العامة ومقتضياتها، على أنه يتعين أن ترتبط تلك الاعتبارات التي بررت هذا الاختلاف في المعاملة بالهدف من التنظيم التشريعي، بحيث لا يمكن فصلها عن الأغراض التي يتوخاها المشرع بالعمل التشريعي الصادر عنه، فإن تصادم العمل التشريعي بما انطوى عليه من تمييز مع هذه الأغراض كان تمييزا تحكميا غير مبرر منهيا عنه..'.
(الحكم الصادر في الطعن رقم (4) لسنة 2007 (دستوري) بتاريخ 10يونيو 2008)
ومن الاستعراض السابق لموقف المحكمة الدستورية من مبدأ المساواة يتضح أن التفاوت العددي بين الناخبين في الدوائر الخمس لا يخل بمبدأ المساواة أو العدالة أو تكافؤ الفرص، وأن المساواة الحسابية أو العددية ليست حقاً دستورياً.
وبذلك نخلص إلى أن تفاوت أعداد الناخبين في الدوائر الخمس لا يشكل مخالفة دستورية حتى لو قيل بأنه غير عادل سياسيا.
أما بالنسبة لطعن الحكومة على عدد الأصوات التي يملكها الناخب وسعيها لاستصدار حكم بعدم دستورية هذا التحديد، فإننا نكتفي بإيراد حكم مهم صدر من المحكمة الدستورية يتناول طبيعة مهمتها إذ قررت في الطعن السابق:
'وحيث أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية التشريعات مناطها مخالفة التشريع لنص في الدستور، ولا تشمل بحث حالات التعارض بين القوانين، ولا شأن لها بالسياسة التشريعية التي ينتهجها المشرع، أو النظر في مدى ملاءمة التشريع أو ضرورته، أو التنقيب عن بواعث إصداره، أو تقدير آثار تطبيقه وتبعاته، لانحسار هذا الاختصاص أصلا عنها، كما أنه غني عن البيان أن هذه المحكمة في مجال إعمال ولايتها وبسط رقابتها على النص التشريعي المختصم للتحقق من مطابقته أو عدم مطابقته للدستور تتخذ من ظاهر النص أساسا لفحص مدى دستوريته، وأن قرينة الدستورية تصاحبه بحسبان أن الأصل في القوانين هو مطابقتها لأحكام الدستور ما لم تُنقض هذه القرينة بدليل قطعي يكون بذاته نافيا على وجه الجزم لدستورية النص المطعون فيه، ويكون التعارض بين هذا النص وبين الدستور واضحا جليا قاطعا صريحا'.
وهكذا يتبين أن استجابة المحكمة لرغبات الحكومة تتطلب منها العدول والتراجع عن كل تراثها الدستوري، وهو أمر يصعب تصور أو تقبل وقوعه.
رابعا: بين دلالة الأرقام ودلالة النسب المئوية
قلنا قبل قليل إن انتفاء المساواة الحسابية بين إجمالي عدد الناخبين في كل دائرة ليس سببا كافيا للحكم بعدم دستورية التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية، إذ العبرة هي في وجود أو انتفاء المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين حقوق وواجبات الناخبين والمرشحين.
كما ذكرنا أيضا أن الدوائر الانتخابية ليست كيانات سياسية يعترف بها الدستور، وهي ليست حدودا إدارية للدولة يجب مراعاتها عند توزيع الدوائر الانتخابية، كما أن الدوائر ليست تعبيرا مقننا عن محاصصة سياسية منصوص عليها في الدستور، وبالتالي فإنه ليس من المنطقي البحث عن مدى وجود المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين (الدوائر)، بل يجب البحث عن مدى وجود أو انتفاء المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين الأفراد (الناخبين) أو بين الأفراد (المرشحين).
وإذا كانت الأرقام الخاصة بأعداد الناخبين في الدوائر الخمس توحي بوجود خلل في المساواة والعدالة، فإن الحقيقة قد تكون غير ذلك، فلكل ناخب في كافة الدوائر حق انتخاب (4) مرشحين، ولكل مرشح حق اختيار الدائرة التي يرغب في ترشيح نفسه فيها حتى لو لم تكن هي موطنه الانتخابي أو منطقة سكنه، على خلاف ما هي الحال مثلا في مملكة البحرين، حيث يلزم المرشح بترشيح نفسه في الدائرة التي تقع فيها منطقة سكنه.
ليس هذا فحسب، بل لو أننا فحصنا نتائج الانتخابات التي جرت وفق نظام الدوائر الخمس في الأعوام 2008، 2009، 2012، سنجد أنه على الرغم من اختلاف عدد الناخبين وعدد الأصوات التي يحصل عليها من يفوز في الانتخابات في كل دائرة، فإن النتائج التفصيلية للانتخابات تثبت أن الفوز بالمركز العاشر في كل دائرة انتخابية يحتاج إلى الحصول على نسبة متقاربة جدا تتراوح بين 7% في حدها الأدنى و11% في حدها الأقصى من إجمالي أصوات الناخبين، وهي نسبة متقاربة لا تُظهر أي خلل في ميزان العدالة ولا في قاعدة المساواة ولا في مبدأ تكافؤ الفرص. وفيما يلي التفاصيل:
نسبة الأصوات التي حصل عليها الفائز بالمركز العاشر إلى إجمالي عدد الناخبين في الدائرة التي رشح نفسه فيها في ظل نظام الدوائر الخمس
2012 2009 2008 الدائرة
10.71% 9.72% 9.10% الأولى
10.23% 10.99% 8.79% الثانية
11.48% 10.50% 10.32% الثالثة
7.02% 11.85% 8.90% الرابعة
9.99% 11.95% 10.15% الخامسة
ومن العرض السابق يتضح لنا أنه لا يوجد خلل ناتج عن مجرد التفاوت في أعداد الناخبين إذ أن النسبة المطلوبة للحصول على المركز العاشر في الدوائر الخمس متقاربة جدا ولا تعكس التفاوت في أعداد الناخبين، فعلى المرشح الحصول نسبة تكاد تكون متعادلة من الأصوات في جميع الدوائر للفوز بالعضوية.
خامسا: هل يمكن تحقيق المساواة الحسابية فعلا بصرف النظر عن الاعتبارات السياسية؟
إذا افترضنا جدلا أن المحكمة الدستورية حكمت بعدم دستورية نظام الدوائر الخمس وأسست حكمها على انتفاء المساواة الحسابية بين أعداد الناخبين في الدوائر، فإن هذا يتطلب منها أن تقرر في أسباب الحكم أن على المشرع أن يحرص على الاقتراب من المساواة بين أعداد الناخبين قدر الإمكان. وهذا التوجيه من المحكمة الدستورية يجب أن يُحترم باعتباره قاعدة دستورية، مما يترتب عليه وجوب التزام المشرع بهذه القاعدة.
وبالبناء على ذلك، هل يمكن تحقيق المساواة الحسابية فعلا بين أعداد الناخبين؟
هناك أربعة احتمالات عملية لأي توزيع جديد للدوائر الانتخابية يتم عن طريق الحكومة، وهي لا تخرج عن الصيغ التالية: خمس دوائر،عشر دوائر، خمس وعشرين دائرة، خمسين دائرة.
وأيا ما كان عدد الدوائر الذي يختاره المشرع، فإن إشكاليات سياسية عميقة سوف تواجهه. فلا يخفى على أحد أن القاعدة الانتخابية في الكويت منقسمة إلى تقسيمات قبلية وطائفية واجتماعية. إن القول بعدم دستورية النظام الحالي للدوائر الانتخابية يفتح الباب على مصراعيه للعبث بالأمن السياسي للمجتمع وفق رغبات الحكومة التي تسعى، من خلال الطعن الحالي بعدم دستورية الدوائر الخمس، إلى إهدار ما توافقت عليه الأمة وطالبت به وتم العمل بمقتضاه. فالمساواة الحسابية بين أعداد الناخبين في الدوائر الانتخابية سوف تعيد صياغة التركيبة السياسية لمجلس في وقت تمر فيه الكويت بحالة من الشقاق السياسي بسبب ممارسات السلطة الهادفة إلى فرض إرادتها المنفردة في إدارة شؤون الدولة بما يخالف نصوص الدستور وروحه وجوهره. وللتدليل على ما سبق نكتفي هنا بإيضاح أن تحقيق المساواة الحسابية في ظل نظام الدوائر الخمس على سبيل المثال تعني التالي:
العدد النموذجي للناخبين في كل دائرة في ظل نظام الدوائر الخمس هو 84513 ناخبا. وإذا دققنا في التوزيع القائم للناخبين على الدوائر الخمس، فإننا سنرى التالي:
الدائرة عدد الناخبين الزيادة/ النقص مقارنة بالعدد النموذجي وهو 84513 ناخبا
الأولى 74876 - 9637
الثانية 47772 - 36741
الثالثة 73065 - 11448
الرابعة 108395 + 23882
الخامسة 118461 + 33948
ومن الجدول السابق يتضح لنا أن تحقيق المساواة الحسابية في الدوائر الخمس يتطلب في الحقيقة نقل 33948 ناخبا من الدائرة الخامسة، و23882 ناخبا من الدائرة الرابعة، أي ما مجموعه 57830 ناخبا، وإعادة توزيعهم على الدوائر الأولى والثانية والثالثة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحدث تغييرا جوهريا في التركيبة السياسية لأعضاء مجلس الأمة وهذا ما يجب الانتباه إلى نتائجه ودلالاته.
سادسا: استحالة تحقيق المساواة الحسابية بين أعداد الناخبين
تسوق الحكومة في طعنها حججا متهالكة لإثبات أن التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية يخالف العدالة ولا يحقق المساواة ولا تكافؤ الفرص بين الناخبين بالنظر لوجود تفاوت بين أعدادهم في الدوائر المختلفة. وإذا أخذت المحكمة الدستورية برأي الحكومة، فإن هذا يتطلب منها أن تضع معيارا واضحا لا لبس فيه لتحديد 'التفاوت المقبول' في أعداد الناخبين أخذا في الاعتبار استحالة تحقيق المساواة الحسابية الدقيقة بين أعداد الناخبين أيا كان عدد الدوائر الانتخابية. فهل يعتبر وجود تفاوت بنسبة 10% مثلا بالزيادة أو بالنقص مقبول؟ أم أن التفاوت المقبول يجب ألا يتجاوز 5% مثلا؟ مَنْ الذي يحدد في الأساس النسبة المقبولة أو المرفوضة في التفاوت؟ وما هي المعايير التي تجعل تفاوتا بنسبة 11% مرفوض وتجعل تفاوتا بنسبة 10% مقبول مثلا؟
إن أعداد الناخبين وقيودهم الانتخابية تتغير سنويا، فهل كلما تغيرت الأعداد انفتح باب الطعن بعدم دستورية القانون؟
إن المنطق يفرض علينا، قبل القول بعدم دستورية التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية، التعرف على نسب التفاوت الحالي بين أعداد الناخبين، وهذا ما يتضح من الجدول التالي:
الدائرة نسبة الزيادة/ النقص مقارنة بالعدد النموذجي الذي يحقق المساواة الحسابية بين الناخبين وهو 84513 ناخب
الأولى - 11%
الثانية - 43%
الثالثة - 14%
الرابعة + 28%
الخامسة + 40%
ووفق الجدول السابق، ما هي المعايير التي سوف تستخدمها المحكمة الدستورية لتحديد النسبة المقبولة أو المرفوضة للتفاوت؟ وهل التفاوت مرفوض سواء كان بالزيادة أو بالنقص؟
وإذا قيل بأن نسبة + 40% تعد غير مقبولة، فهل نسبة – 11% مقبولة؟ وهل يجب أن يؤدي التفاوت حتما إلى الحكم بعدم دستورية النظام برمته؟ أليس من الأجدر، حماية للاستقرار التشريعي والسياسي في البلاد، أن تكتفي المحكمة الدستورية، على فرض أن الطعن مقبول من حيث الشكل، بتنبيه المشرع إلى وجوب مراعاة التقارب بين أعداد الناخبين قدر الإمكان من دون الحكم بعدم دستورية القانون والتسبب في هزة سياسية في المجتمع؟
إن التفاوت بين أعداد الناخبين في مجتمع مثل المجتمع الكويتي الذي يتبنى توزيعا غير معلن لمقاعد البرلمان بين الفئات والطوائف، هو نتيجة طبيعة، فإذا ما وصل المجتمع إلى حالة من التوافق على التخلي عن التوزيع الفئوي والطائفي لمقاعد البرلمان، فإنه هنا فقط يمكن الدفع نحو تبني نظام جديد للدوائر الانتخابية يعكس هذا التوافق الجديد.
إن الأسباب التي ساقتها الحكومة لتبرير طعنها بعدم دستورية المادة الأولى من القانون تتعارض مع الأسباب التي ساقتها لتبرير طعنها على المادة الثانية منه. فالحكومة في الطعن على المادة الأولى تزعم أنها تسعى لتحقيق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين الناخبين، في حين أنها في أسباب طعنها على المادة الثانية تقول '.. الأمر الذي ثار معه التساؤل حول جدوى ودستورية الأخذ بنظام التصويت الحالي إذ الأمر قد يتطلب تحديداً أكثر يراعي تمثيل شرائح المجتمع وأطيافه على نحو أفضل وفقاً لمقتضيات وظروف المجتمع الكويتي..'، أي أن الحكومة التي تزعم أنها تريد تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الناخبين في طعنها على المادة الأولى من القانون، تقر بأنها في طعنها على المادة الثانية منه تريد تفتيت المجتمع وتكريس المحاصصة.
وفي نهاية هذه المذكرة، لا يسعنا سوى أن نقول إن ما تقوم به الحكومة في الطعن بعدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2006، ما هو إلا عبث ظاهر وباطن تمارسه الحكومة في محراب المحكمة الدستورية تحت راية شعارات العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص! الخطاب الموجه إلى رئيس مجلس الوزراء:
بسم الله الرحمن الرحيم
سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح
رئيس مجلس الوزراء الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
استناداً إلى المادة 45 من الدستور التي تنصّ على أنّه 'لكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابةً وبتوقيعه... إلخ...' فإننا نوجّه إليكم خطابنا هذا مرفقينه بمذكرة تتضمن الرأي الدستوري الذي اتفقنا عليه حول الطعن الحكومي المقدم إلى المحكمة الدستورية بشأن القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، حيث نرى استناداً إلى حجج قوية مدعمين رأينا بأحكام سابقة للمحكمة الدستورية أنّ طعن الحكومة ما هو إلا عبث ظاهر وباطن تمارسه الحكومة في محراب القضاء الدستوري تحت راية شعارات العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، التي لم تراعها ولا تراعيها حكومتكم الحالية ولا الحكومات السابقة المتعاقبة.
لقد سبق لوزراء من الحكومة السابقة التي كنتم ترأسونها أن أصدروا تصريحات متناقضة حول كيفية تعامل الحكومة مع حكم المحكمة الدستورية بإبطال مرسوم حلّ مجلس 2009، وكان من الواضح أنّ الهدف هو إطالة عمر هذا المجلس المرفوض شعبياً، وتكرر الأمر ذاته مع التصريحات الصادرة عن الوزراء ذاتهم المستمرين في تشكيلة الحكومة الحالية، بالإضافة إلى ما نشرته بعض الصحف من مشروعات محددة منسوبة إلى جهات حكومية لإعادة تحديد الدوائر الانتخابية وتقليص عدد الأصوات التي يستطيع الناخب الإدلاء بها، وهي مشروعات تستهدف تفصيل النظام الانتخابي وفق مقاس السلطة وتسهيل التحكّم في مخرجات العملية الانتخابية، بل أنها لا تتورع عن العبث بنسيج المجتمع لتحقيق مرادها، ناهيك عن أننا نرى أنّ حكومتكم قد تجاوزت حقّها في اللجوء إلى القضاء الدستوري عندما قدمت طعنها من دون أن تكون هناك منازعة وفقاً للماد173 من الدستور والمادتين الأولى والرابعة من قانون المحكمة الدستورية، وذلك في محاولة مكشوفة للزجّ بالقضاء الدستوري في أتون الصراع السياسي لغرض في نفسها.
وبالإضافة إلى ما سبق نرى نحن الموقعين أدناه أنّ حكومتكم قد ساهمت في إحداث فراغ دستوري خطير، وانفراد بالقرار السياسي، وهذا ما أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.
مؤكدين في الختام تمسكنا بأنّ الكويت أحوج ما تكون اليوم إلى إحداث جملة من الإصلاحات السياسية الديمقراطية المستحقة باتجاه الانتقال إلى النظام البرلماني الكامل.
وتقبلوا احترامنا لشخصكم.
الكويت في 17 سبتمبر 2012 الخطاب الموجه إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء:
بسم الله الرحمن الرحيم
17/9/2012
الأستاذ المستشار رئيس المجلس الأعلى للقضاء المحترم
تحية طيبة وبعد،
تنص المادة (45) من الدستور على أنه 'لكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه..'. وانطلاقا من حقنا الدستوري الوارد في المادة المشار إليها، فإننا نقدم إليكم الرأي المرفق بهذا الكتاب بصفتكم رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء لا بصفتكم قاضيا، آملين منكم عرض المرفق على السادة أعضاء مجلس القضاء.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
المحكمة الدستورية تحسم الجدل: قانون الانتخاب.. دستوري
القوات الخاصة تحيط بقصر العدل تصوير حسن يونس
مبارك العبدالله
رفضت المحكمة الدستورية أمس برئاسة المستشار فيصل المرشد وعضوية المستشارين راشد الشراح وخالد سالم والمستشارين يوسف المطاوعة وإبراهيم السيف الطعن المقدم من الحكومة بعدم دستورية المادتين «الأولى» و«الثانية» من قانون الانتخابات بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة.
وأكدت المحكمة في حيثياتها التي حصلت القبس على نسخة منها ان «الدستور الكويتي لم يحدد الدوائر الانتخابية التي يقسم إليها إقليم الدولة، ولم يضع قيوداً في شأن تحديد عددها، ولا في عدد النواب الممثلين لكل دائرة منها في مجلس الأمة».
واستدركت المحكمة «وإنما ترك ذلك للمشرع يجريه بما له من سلطة تقديرية في هذا الشأن، واكتفى الدستور بالنص في المادة 81 منه على أن «تحدد الدوائر الانتخابية بقانون»، أي بتشريع يتناول تحديد هذه الدوائر».
المجلس التأسيسي
وأكملت المحكمة «وهي إما أن تقوم على أساس عدد السكان، وإما أن تكون على أساس جغرافي، ويساند ذلك ما جاء بمناقشات المجلس التأسيسي في هذا الصدد ابان إعداد الدستور في مراحله الأولى التي تلقي بظلالها على تأكيد هذا المفاد».
وأضافت المحكمة «لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة لا تملك إلزام المشرع بتحديد عدد الدوائر الانتخابية أو تقسيمها على نحو معين، وبالتالي فإنه ليس من شأن تحديد القانون في «المادة الأولى» منه الدوائر الانتخابية بخمس دوائر ان يشكل - في حد ذاته - مخالفة لنص الدستور».
وتابعت المحكمة «فضلاً عن أن العبارة التي استهل بها النص على ان «تحديد الدوائر..» تنصرف الى تحديد التخوم بين دائرة وأخرى بما يفيد تعددها، وهذه المحكمة مجردة من الوسائل القضائية التي تعيد بها تحديد هذه الدوائر ومكونات كل دائرة منها بإدخال المناطق المقول بأن الجدول المرافق للقانون قد أغفل إدراجها ضمن أي من الدوائر الانتخابية المشار إليها.
ملاحظة المحكمة
ولاحظت المحكمة من استعراضها للمراحل التشريعية التي مر بها تحديد الدوائر الانتخابية ان الأسباب والدوافع التي أشارت إليها الحكومة في طلب الطعن الماثل لا تعدو أن تكون هي الأسباب والدوافع ذاتها التي أشارت إليها المذكرات الإيضاحية للقوانين المتعاقبة الصادرة في هذا الشأن، التي اقتضى معها النظر في تعديل تحديد الدوائر أكثر من مرة، كان آخرها القانون رقم 42 لسنة 2006 المشار إليه الذي صدر بعد أن وافق عليه مجلس الأمة.
وأضافت المحكمة «أما بالنسبة إلى ما أثارته الحكومة في طلب الطعن متعلقاً بنظام التصويت في كل دائرة بما لا يجاوز أربعة مرشحين، والذي ورد النص عليه في المادة الثانية من القانون سالف الذكر بمقولة ان هذا النظام قد تم استغلاله في ارتكاب مخالفات انتخابية وأنه قد أسفر تطبيقه عن أوجه قصور وظهور سلبيات ونتائج لم تعبر بصدق عن طبيعة المجتمع الكويتي وتمثيله تمثيلاً صحيحاً، فإن ما ذكرته الحكومة في هذا السياق على النحو الوارد بأسباب الطعن لا يكشف بذاته عن عيب دستوري، ولا يصلح سبباً بهذه المثابة للطعن بعدم الدستورية لانحسار رقابة هذه المحكمة عنه».
وزادت المحكمة «كما لا وجه لما تثيره الحكومة من أن القانون في تحديده لمكونات كل دائرة في الجدول المرافق له لم يكن متوازناً، نظراً للتفاوت بين عدد الناخبين في هذه الدوائر، وانه كان من شأن هذا التفاوت على النحو الوارد به أن تفاوت الوزن النسبي لصوت الناخب في كل منها، بحيث صار للناخبين في الدوائر الانتخابية الأكثر كثافة صوتا وزن أقل من وزن أصوات الناخبين في الدوائر الأقل، بما يخل بمبدأ المساواة، مستندة في ذلك إلى بيان إحصائي جرى عام 2012، إذ انه فضلاً عن أن المساواة المقصودة ليست هي المساواة المطلقة أو المساواة الحسابية، فإنه لا يسوغ في مقام الوقوف على مدى دستورية القانون التحدي بواقع متغير لتعييب القانون توصلاً إلى القضاء بعدم دستوريته».
ليس طلباً للتفسير
وفي بداية الحيثيات قالت المحكمة يتعين - بادئ ذي بدء - وجوب الاشارة الى ما يلي:
أولاً - ان الطلب الماثل ليس طلباً للتفسير تتحرى بشأنه المحكمة خلافاً بين اطرافه حول تفسير نص في الدستور، وانما هو طعن مباشر بعدم الدستورية مرفوع بطلب من مجلس الوزراء طبقاً للبند (أ) من المادة الرابعة من قانون انشاء المحكمة.
وجدير بالذكر في هذا المقام ان المشرع في تحديده لطرق استنهاض اختصاص هذه المحكمة والذي اورده بنص هذه المادة استعمل لفظ «المنازعات» بمعنى «الخصومات». ومن المقرر وعلى ما جرى به قضاؤها، ان الخصومة في مثل هذا الطعن عينية موجهة اصلا الى النص التشريعي المطعون فيه بعدم الدستورية، مناطها هو اختصام ذلك النص في ذاته استهدافاً لمراقبته والتحقق من مدى موافقته للدستور، والطعن بهذه المثابة، وبحسب طبيعته الخاصة، ليس طعناً بين خصوم، ولكنه طعن ضد النص التشريعي المطعون عليه، وبالتالي فلا يتصور لا واقعاً ولا قانوناً جواز التدخل اختصاصيا او انضماميا في ذلك الطعن، او القول بامكان المحكمة ادخال مجلس الامة خصماً في الطعون الموجهة اصلاً الى التشريعات التي يكون المجلس قد اقرها او وافق عليها للدفاع عن سلامتها او ليصدر الحكم في مواجهته باعتبار ان الاحكام الصادرة عن هذه المحكمة لها حجية مطلقة في مواجهة الكافة وجميع سلطات الدولة.
حد الرقابة
ثانياً: ان رقابة الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة يقف مجالها عند حد التحقق من مدى موافقة التشريع المطعون عليه لاحكام الدستور، وهي رقابة لها طبيعة قانونية لا جدال فيها، وبالتالي فلا يسوغ التحدي بأن التشريع الذي تراقب المحكمة دستوريته، مهما بلغت اهميته وابعاده وآثاره، يعتبر عملاً سياسياً او ان في استنهاض اختصاصها اقحاما لها في المجال السياسي، او التحدي بمعاملة تشريع معين باعتباره من الحقوق الثابتة لاي من السلطتين التشريعية والتنفيذية لا يجوز نقضه، اذ ان من شأن ذلك ان يفرغ رقابة الدستورية من مضمونها، بل يجردها من كل معنى ويفضي الى عدم خضوع اي عمل تشريعي لرقابة الدستورية وهو امر لا يستقيم في فهم القانون القول به، فجهة الرقابة على الشرعية الدستورية لا تتخلى عن مسؤوليتها ملتزمة بأداء وظيفتها القضائية التي اولاها اياها الدستور باعتبارها الحارسة على احكامه، تدعيماً لمبدأ سيادة الدستور بوصفه المعبر عن ارادة الامة ضماناً لصون الدستور والحفاظ على كيانه.
«كيان السلطات»
ثالثا: ان الدستور، وقد رسم لكل سلطة من السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والفضائية حدود اختصاصها ووظائفها وصلاحياتها، لم يجعل اي سلطة منها تعلو على الأخرى، فجميع هذه السلطات خاضعة للدستور، وكل سلطة تستمد كيانها واختصاصها من القواعد التي رسمها لها الدستور، ولا يجوز لها بالتالي الخروج عن احكامه، ولا صحة في القول ان التشريعات التي تصدرها السلطة التشريعية محصنة وراء تعبيرها عن ارادة الامة، ولا هي صاحبة السيادة في الدولة، فالسيادة هي للأمة طبقا لصريح نص المادة 6 منه، وارادتها جرى التعبير عنها في الدستور، اما عن النص الوارد في المادة 108من الدستور إن عضو المجلس يمثل الامة بأسرها، فمعناه، ان يكون عضو المجلس مستقلا كل الاستقلال عن ناخبيه، وليس أسيرا لمؤيديه من ابناء دائرته، تابعا لهم يرعى مصالحهم الخاصة البحثة، وانما يرعى المصلحة العامة، دون تجاوز هذا المعنى.
«الرقابة القضائية»
رابعا: ان هذه المحكمة مقيدة في قضائها بنطاق الطعن المطروح عليها، والمنوط في اعمال رقابتها الدستورية - وحسبما استقر عليه قضاؤها - ان يكون اساس الطعن هو مخالفة النصوص التشريعية المطعون عليها لنص في الدستور، ولا شأن للمحكمة في بحث مدى ملاءمة هذه النصوص، ولا ما ظهر فيها من قصور ومثالب من جراء تطبيقها، ولا بالإدعاء بان تلك النصوص لم تؤت اكلها وتحقق غاياتها، فهذه الامور قد يستدعي معها النظر في تعديلها اذا كانت غير وافية بالمرام، وذلك بالأداة القانونية المقررة طبقا للدستور، بيد انها لا تصلح ان تكون سببا للطعن عليها بعدم الدستورية لخروج ذلك عن مجال الرقابة القضائية لهذه المحكمة.
علنية الحكم
احتشد عدد كبير من المواطنين والمحامين في القاعة رقم 1 بالدور السادس، وبعد فتح الباب امام الحضور لدخول قاعة المحكمة، تم الانتظار لمدة 20 دقيقة حتى دخلت هيئة المحكمة وأعلنت الحكم علنا.
على غير أساس
جاء منطوق المحكمة الدستورية كالآتي: وترتيبا على ما تقدم، يكون الطعن على غير اساس حريا برفضه، فلهذه الاسباب حكمت المحكمة: برفض الطعن.
قانون «الدوائر الخمس»
ذكرت المحكمة في حيثياتها ما تنص عليه المادة الأولى من القانون رقم 42 لسنة 2006، بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، حيث تنص على أن «تقسم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية لعضوية مجلس الأمة، طبقاً للجدول المرافق لهذا القانون».
كما أشارت إلى المادة الثانية من القانون ذاته، وهي على أن «تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء للمجلس، على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لأربعة من المرشحين في الدائرة المقيد فيها، ويعتبر باطلاً التصويت لأكثر من هذا العدد».
وقالت المحكمة «وقد تكفل الجدول المرافق للقانون ببيان المناطق التي تتكون منها كل دائرة انتخابية من الدوائر الخمس».
نطاق الطعن الحكومي
أكدت المحكمة في حيثياتها «أن الثابت من طعن الحكومة أنه قد انصب نطاقه على نص المادتين سالفتي الذكر، وذلك فيما تضمنتاه من تحديد الدوائر الانتخابية، ونطاق كل دائرة ومكوناتها، وعدد الأعضاء الممثلين لها في مجلس الأمة، وعدد المرشحين الذين يجوز للناخب الإدلاء بصوته لهم، وعلى إغفال الجدول المرافق للقانون إدخال بعض المناطق في أي من هذه الدوائر بمقولة إن هاتين المادتين المطعون عليهما قد أخلتا بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وهو ما انعكس أثره سلباً على صحة وسلامة تمثيل الأمة في مجلسها النيابية بالمخالفة للمواد 7 و8 و29 و108 من الدستور، مستهدفة الحكومة بطعنها القضاء بعدم دستورية نص المادتين سالفتي الذكر برمتهما.
تواجد أمني كثيف
انتشرت مركبات القوات الخاصة وعدد من الدوريات حول محيط «قصر العدل»، كما تواجدت مركبتا اسعاف، وتم وضع سياج حديدي، وذلك تحسبا لأي ظروف طارئة او تجمعات امام قصر العدل، وانتشر عدد كبير من رجال الامن امام المحكمة.
إعداد: عبد الله التميمي
بعد كثرة الحديث في الفترة الأخيرة عن إصدار مراسيم الضرورة، بات ملحاً أن نشير بعجالة إلى ما يقوله الفقهاء الدستوريون في هذا الأمر.
بداية، نشير إلى أن الفقهاء القانونيين في الفقه الفرنسي والألماني أقرّوا نظرية الضرورة القانونية، كفقيه القانون والذي له المنتهى في القانون الإداري الفرنسي دوغيت، والفقيه الفرنسي ايسمين، والفقيه الفرنسي كار دو مالبريغ، أحد روّاد الفقيه الدستوري الفرنسي، مع خلاف لفظي بينهم، حول أساس مشروعيتها، وخلاف آخر حول الآثار المترتبة عليها، مع تأكيدهم على أن «الضرورة تقدّر بقدرها».. وهذه الكلمة الأخيرة من قواعد أصول الفقه في الإسلام، فمن غير المعقول أن تستغل سلطة ما حالة الضرورة لتفعل ما هو ليس بضرورة مثلاً، أو أن تُطيل العمل بمراسيم الضرورة مع انتهاء وقت الضرورة.
واختلف الفقهاء القانونيون حول الآثار المترتبة على قوانين الضرورة، فقال بعضهم إن المواطنين ليس لهم حق المطالبة بتعويضات بعد إصدار هذه القوانين الاستثنائية، وإن الجهة التي أصدرت تلك القوانين ليست مسؤولة عن تبعاتها، وعارضهم الكثير من الفقهاء القانونيين، وبالأخص في فرنسا، حيث أكدوا أن الجهة التي أصدرت تلك القوانين مسؤولة أمام البرلمان في حال رجوعه، والبرلمان هو الذي يملك حق إعفائها من مسؤوليتها، وبعضهم أرجع ذلك إلى القضاء، في حالة عدم وجود برلمان، حيث يجب أن تعرض السلطة قوانين الضرورة تلك على القضاء، للحُكم فيها بشكل سريع، وهذا الرأي الأخير قد يعارض مبدأ «الضرورة» نفسه، إلا أن تكون المحاكم تلك محاكم مستعجلة وسريعة تُشكّل خصيصاً في تلك الظروف الاستثنائية.
وقال الفقهاء الفرنسيون كذلك إن للمواطن أن يطالب بتعويضات عن تلك القوانين التي أُصدرت في حالة الضرورة، إذا ما كانت تلك القوانين غير مشروعة، مع تأكيد غالبية الفقهاء على مبدأ سمو الدستور، وأن حالة الضرورة لا تلغي الدستور أبداً، ولا تفترض عدم وجوده، بل تلك القوانين تصدر باسم الدستور، لأن الدستور قد أقر وجود «حالة ضرورة» وأقر مشروعية القوانين التي تصدر في تلك الحالات، مع تأكيده على أن استقرارها كقانون بعد انتهاء حالة الضرورة يرجع إلى البرلمان.
الدستور الكويتي
وبالنظر إلى مرسوم الضرورة في الدستور الكويتي، نجد أنه قد أخذ بالرأي الذي استقر عليه الفقه الفرنسي، من وضع قيود على مرسوم الضرورة، فمرسوم الضرورة يستند إلى المادة 71 من الدستور نصها: «إذا حدث في ما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية، ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها، إذا كان المجلس قائما، وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك، أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر».
ونلاحظ أن هناك قيوداً كثيرة حددها المشرِّع على إصدار مرسوم الضرورة، فهناك قيد زمني، وهو فترة عدم وجود البرلمان، أو فترة ما بين أدوار الانعقاد، وهناك قيد معنوي هو «ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير»، وهذا هو ما قرره الفقهاء مسبقاً «الضرورات تقدّر بقدرها»، وطبعاً حالات الحرب والدفاع عن المناطق الحيوية للدولة، واضح بديهياً أنها حالات استثنائية ضرورية، ولكن الخلاف على القوانين العادية التي تصدر في غير حالات الحرب، كيف نعتبرها ضرورة؟ وهنا محل الخلاف، فإسقاط الجملة الأخيرة على الواقع هو ما قد يوقع الخلاف بين الدستوريين، فالتفريق بين ما هو ضرورة وما هو ليس بضرورة قابل للأخذ والرد في كثير من الأحيان.
المحاكم الكويتية
وللأهمية بمكان الإشارة إلى أن المحاكم في الكويت رأت في أن مراسيم الضرورة لها قوة القانون، ولا تحتاج لأن تُعرض على مجلس الأمة، وأنها قوانين قائمة بذاتها، ولا تسري عليها المادة 71 من الدستور، وهو ما يعاكس رأي جمهور الفقهاء القانونيين، كما استعرضنا في ما سبق، وهو رأي شاذ قانونياً، كما سبق أن استعرضنا كذلك.
حيث استندت المحكمة في الكويت إلى أن القوانين الصادرة بغياب «الحياة البرلمانية»، قائمة بذاتها لا تسري عليها المادة 71 من الدستور، وهذا ما قضت به محكمة الاستئناف العليا في عام 1988، وكذلك في عام 1995، بشأن محاكمة الوزراء «قضية الناقلات»، وأشارت لذلك صراحة وبشكل مفصَّل في عام 1995 في القضية الخاصة بالمرتبات التقاعدية لأعضاء المجلس الوطني.
وهو ما يولد حالة من الخلاف بين الفقه الدستوري الأكاديمي، والذي استقر عليه أغلب فقهاء الدستور الأكاديميين في الكويت، وليس فقط في فرنسا، وبين الواقع في المحاكم الكويتية، والذي أقر بمشروعية قوانين غير معروضة على مجلس الأمة، معاكساً بذلك قول جمهور الفقهاء الدستوريين، على أن مراسيم الضرورة يجب أن تُعرض على المجلس، وإلا اعتبرت ملغاة، وأنه تسري عليها المادة 71 من الدستور، وأن المشرِّع لا يفترض وجود حالة «غياب الحياة البرلمانية» أصلاً، ليقال بأن ما يصدر في حالات حل المجلس «حلاً غير دستوري» يُعد قانوناً قائماً بذاته لا تسري عليه المادة 71.
وهذا الرأي الأخير هو ما استقر عليه أغلب الفقهاء الدستوريين، وهو الأرجح بين الرأيين، والذي يحفظ للأمة حقها في التشريع، ويلغي تفرُّد السلطة التنفيذية بحق التنفيذ والتشريع، ويأخذ بمبدأ سمو الدستور، حتى في حالات الضرورة، وأن الضرورة تسري عليها المادة 71 من الدستور.
المراجع والمصادر:
فهد مطر العنزي، دراسة «نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين كتطبيق لها في الدستور الكويتي» 1999.
يسري العطار، نظرية الضرورة في القانون الدستوري والتشريع الحكومي في فترات إيقاف الحياة البرلمانية، مجلة المحامي، 1996.
محاضر وملخصات حول مبدأ سمو الدستور، جامعة فاروس، الإسكندرية.