دولة الكويت
قانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية ( 14 / 1973 )
عدد المواد: 9
فهرس الموضوعات
00. الباب الأول تشكيل المحكمة الدستورية واختصاصاتها (1 - 6)
01. الباب الثاني أحكام عامة (7 - 9)
0 - الباب الأول
تشكيل المحكمة الدستورية واختصاصاتها (1 - 6)
المادة 1
(مادة 1)
تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح وفي الطعون الخاصة بانتخاب مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم ، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزماً للكافة ولسائر المحاكم.
المادة 2
(مادة 2)
تؤلف المحكمة الدستورية من خمسة مستشارين يختارهم مجلس القضاء بالإقتراع السري ، كما يختار عضوين احتياطيين ويشترط أن يكونوا من الكويتيين ويدصر بتعيينهم مرسوم.
وإذا خلا محل أي عضو من الأعضاء الأصليين او الاحتياطيين اختار مجلس القضاء- بالاقتراع السري - من يحل محله ويكون تعيينه بمرسوم.
ويقوم أعضاء المحكمة الأصليون والاحتياطيون بعملهم بها إلى جانب عملهم الأصلي بدائرة التمييز أو محكمة الاستئناف العليا.
المادة 3
(مادة 3)
يدعو رئيس المحكمة أعضائها للانعقاد كلما اقتضت الحاجة ويخطرهم بتاريخ الاجتماع ومكانه قبل الموعد المحدد بوقت كاف، ويجب أن يرفق بكتاب الدعوة جدول الأعمال وما يتعلق به من وثائق.
ولا يكون انعقاد المحكمة صحيحا إلا بحضور جميع أعضائها وتصدر الاحكام بأغلبية آراء الحاضرين، ويجب أن يتضمن الحكم أسباب مفصلة مع إرفاق رأي الأقلية أو أرائها ولا تستند إليه من أسباب.
وتنشر الأحكام ومرفقاتها في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من صدورها.
المادة 4
(ماده 4)
ترفع المنازعات إلى المحكمة الدستورية بإحدى الطريقتين الآتيتين:
أ- بطلب من مجلس الأمة أو من مجلس الوزراء.
ب- إذا رأت إحدى المحاكم أثناء نظر قضية من القضايا سواء من تلقاء نقسها أو بناء على دفع جدي تقدم به أحد أطراف النزاع، أن الفصل في الدعوى يتوقف على الفصل في دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة توقف نظر القضية وتحيل الامر إلى المحكمة الدستورية للفصل فيها.
ويجوز لذوي الشأن الطعن في الحكم الصادر بعدم جدية الدفع وذلك لدى لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية في خلال شهر من صدور الحكم المذكور وتفحص اللجنة المذكورة في هذا الطعن على وجه الاستعجال.
المادة 5
(مادة 5)
تقدم الطعون الانتخابية الخاصة بمجلس الأمة إلى المحكمة مباشرة أو بطريق المجلس المذكور وفقا للإجراءات المقررة لديه في هذا الشأن .
المادة 6
(مادة 6)
إذا قررت المحكمة الدستورية عدم دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة أو عدم شرعية لائحة من اللوائح الإدارية لمخالفتها لقانون نافذ ، وجب على السلطات المختصة أن تبادر إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير لتصحيح هذه المخالفات وتسوية آثارها بالنسبة للماضي.
1 - الباب الثاني
أحكام عامة (7 - 9)
المادة 7
(مادة 7)
يؤدي رئيس المحكمة وأعضاؤها أمام الأمير وبحضور وزير العدل اليمين الآتي نصها:
أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور ، وأحافظ على دستورية القوانين واللوائح وأؤدي أعمالي بالتجرد والأمانة والصدق.
المادة 8
(مادة 8)
تضع المحكمة لائحة تتضمن القواعد الخاصة بإجراءات التقاضي أمامها وبنظام سير العمل فيها وتنفيذ أحكامها ، وتصدر هذه اللائحة بمرسوم بناءاً على عرض وزير العدل . وتحدد بمرسوم كذلك رسوم التقاضي.
وتطبق في كل ما لم يرد بشأنه نص خاص في تلك اللائحة الأحكام المقررة لدى دائرة التمييز وذلك فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون أو مع طبيعة العمل في المحكمة الدستورية.
المادة 9
(مادة 9)
على رئيس مجلس الوزراء والوزراء كل فيما يخصه ، تنفيذ هذا القانون ويعمل به بعد أربعة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ، ويصدر وزير العدل القرارات اللازمة لتنفيذه.
لما كان الدستور هو النظام الاساسي و المرجع التشريعي
و لما كانت المحكمه الدستورية وفقا للمادة 173من الدستور مختصه فقط بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح،
و لما نص القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية على ان تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية
و
بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح
و
في الطعون الخاصة بانتخاب مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم ،
ألا يعني ذلك ان هذا القانون قد أنشأ اختصاصين للمحكمه الدستورية لم ينص عليهما الدستور
و بالتالي يعتبر القانون غير دستوري
و لو كان الامر كذلك فمن هي الجهة التي بإمكانها البت في هذا الامر
و هل يجوز للمحكمة الدستوريه ان تبدي رأيا في مدى دستورية إختصاصاتها
استفسار يظل قائما الى ان نعثر على الجواب و الذي قد يكون في نصوص مواد أخرى من الدستور
هذا و اذا كان القانون قد منح المحكمه اختصاص لم ينص عليه الدستور و هو إختصاص تفسير نصوص الدستور
ألا يعني ذلك فتح المجال لا جتهادات في تفسير النصوص قد تقيد او توسع في معانيها بغير الطريق الذي سارت عليه عند إقرارها
الا ينص الدستور على ان الامه مصدر السلطات جميعا و هي من صاغت النصوص الدستورية و مذكرتها التفسيريه من خلال مجلس منتخب
فهل يتناسب ذلك مع تفويض سلطه واحده إختصاص تفسير النصوص الدستورية
ألا يتنافي ذلك مع الاسس و الاصول و القواعد القانونية و المنطق
كيف لتشريع اساسي ينطلق من تفاهمات سياسيه و ذو طبيعه خاصه في الاعداد و الصياغه و النصوص و في التعديل و في التطبيق مثل النصوص الدستوريه و المذكره التفسيريه لها التي يتطلب تعديله أن يمر بنظم إجرائية معقده من خلال مجلس الامة و رئيس الدوله ، كيف له ان يتم تفسيره من خلال المحكمة
من ناحية أخرى الايعني ما جاء في نص الماده المادة 173 من الدستور " ......وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون أو لائحة يعتبر كأن لم يكن." ........
ان المحكمه تصدر أحكاما بدستورية القوانين و اللوائح و أن أحكامها قاطعه اما ببقاء القانون أو اللائحه او إلغائهما
و لا تصدر تفسيرات او اي امر آخر كقاعده عامه او مرجع او مبادىء
ولو
اقول ولو تركنا كل ذلك جانبا فأن اي تفسير للنصوص الدستوريه لا يكون إلا نحو مزيد من مبادىء الحريات و المساواة الواردة فيها تطبيقا للماده 175 من الدستور مما يزيد تعقيد مسألة تفسير النصوص
AM http://www.kuwait-history.net/vb/up/...7020091003.jpg
قضاة الكويت الأوائل
كان أول نظام رسمي له علاقة بأمور التقاضي بين الناس هو النظام الذي صدر في سنة 1921م في بداية حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح، وكان المجلس الاستشاري الذي أسسه الشيخ بناء على اقتراحات تلقاها من بعض المواطنين هو الذي بحث النظام المشار اليه.
وبالتالي أصدره الشيخ بعد أن اقتنع به وقد نص على أن تكون جميع الأحكام موافقة في المعاملات والجنايات ومتطابقة مع أحكام الشرع، وإذا شكَّك المحكوم عليه بالحكم الذي صدر مدعيا أنه مخالف للشرع كتبت به مذكرة ترفع إلى علماء الإسلام ومااتفق عليه هؤلاء فهو الذي يُقَرُّ.
كما أنه ليس هناك ما يمنع أن يتفق خصمان على تحكيم شخص يُصلح بينهما باعتبار أن الصلح خير وهو ما ترضاه الشريعة الإسلامية، أما باقي النظام أو الميثاق فليس له علاقة بالأحكام القضائية وإنما هو خاص بالتشاور في الأمور الداخلية والخارجية حول كل ما يستجد في البلاد بما في ذلك الاقتراحات التي يتقدم بها من يَعنُّ له رأي أو اقتراح والحاكم يدرس هذين الأمرين ويشاور فيهما جماعته ومااتفق عليه الجميع فانه يُنفَّذ.
كان هذا الذي حدث في سنة 1921م انتقالا كبيراً فيما يتعلق بشؤون القضاء، ولكننا هنا نريد أن نعرف ماجرى لهذا المرفق الحيوي المهم منذ تأسست الكويت إلى حين صدور الميثاق الذي تحدثنا عنه آنفا.
وقبل كل شيء فإنه لابد من الإشارة إلى أن القضاء قد نشأ بوجود قاضي الشرع منذ البداية حتى لقد رأينا الشيخ عبدالعزيز الرشيد يستدل به على بداية الكويت.
فهو يرى أن الكويت تأسست قبل سنة 1135هـ (1722م) وذلك لأنه رجَّح أن أول من تولى القضاء في الكويت هو الشيخ محمد بن فيروز وقال:
ولا يبعد أن يكون ذلك الأستاذ هو أول قضاتها لأنه توفي في الكويت سنة 1135هـ.
ويقينا أن هذا التاريخ لا يدل على زمن تأسيس الكويت لعدة أسباب أولها أن هذا هو تاريخ وفاة القاضي وليس تاريخ بدء عمله، وثانيهما أن البلد بقي مدة طويلة يتقاضى الناس بينهم فيه عن طريق التفاهم
وهنا يقول الشيخ الرشيد:
نكاد نجزم بأن آل الصباح لم يولّوا القضاء أحدا أول ما نزلوا في أرض الكويت وأن الذي كان يتولاه إذ ذاك هو من يقع اختيار المتنازعين عليه.
إن التقاضي موجود منذ نشأة الكويت ولكن أسلوبه مختلف إلى أن استقر الرأي على اختيار قاض يُعتمد عليه، فتم اختيار الشيخ محمد بن فيروز لكي يقوم بهذه المهمة.
ومع ذلك فهو لا يدلُّ دلالة قاطعة على تاريخ نشأة الكويت لأننا لا نعرف الفترة التي كان التقاضي يتم بها بين الناس عن طريق اختيار حكَم يرجعون إليه ولا الفترة التي مرت بين وقت اختيار ابن فيروز وتاريخ وفاته بل إن الشيخ عبدالعزيز الرشيد يصرح بأن أول من تولى القضاء غير معروف على التحقيق وإن كان أقدم من عُرف هو الشيخ ابن فيروز.
وهذا يعطي دلالة أخرى على النشأة إذ تبين لنا هنا أن هذا المرفق المهم قد مر بثلاثة أطوار
الأول منها التقاضي بين الناس عن طريق انتداب من يرون تحكيمه في مشكلاتهم
والثاني تولية قضاة لم نعرفهم كما ذكر الرشيد
والثالث هو ابن فيروز المذكور
بعد وفاة ابن فيروز تولى قضاء الكويت أحد أفراد آل عبدالجليل وعَبَّر عن ذلك الشيخ عبدالعزيز الرشيد والشيخ يوسف بن عيسى بقولهما:
يقال ان أحد آل عبدالجليل قام بالقضاء بعده أي بعد ابن فيروز
وفي هذه الأثناء وصل إلى البلاد رئيس آل عدساني كما سماه الرشيد وكان عالما صالحا أعجب القاضي »العبدالجليل« ذلك منه فقام بالتنازل عن منصب القضاء له.
ومنذ ذلك الوقت استمر هذا العمل في أيدي أفراد من هذه الأسرة الكريمة حتى صار لفظ العدساني يعادل لفظ القاضي وأذكر أنه كان يُحكى أن بعض البحارة الكويتيين حدثت لهم حادثة في البحرين فذهبوا للتقاضي هناك وعندما أتوا إلى الكويت رووا حكايتهم قائلين:
ذهبنا إلى عدساني البحرين.
تولى القضاء اذن عدد من آل عدساني منهم:
1- الشيخ محمد بن عبدالرحمن العدساني الذي توفي في سنة 1197 هـ (1782م)
2- الشيخ محمد بن محمد العدساني الذي توفي في سنة 1208 هـ (1793م)
3- الشيخ محمد صالح العدساني الذي استقال في سنة 1228هـ (1813م)
بعد ذلك تولى القضاء الشيخ علي بن شارخ سنة 1228هـ (1813م) وتوفي بعد سنتين أو ثلاث من تاريخ تعيينه.
وهنا عاد القضاء إلى آل عدساني وكان أول واحد منهم بعد الشارخ هو الشيخ محمد صالح العدساني الذي عاد مرة أخرى وبقي في منصبه هذا حتى وفاته في سنة 1233هـ (1817م)
عند وفاة محمد صالح العدساني لم يكن الذي سوف يحل محله من الأسرة ذاتها مستعدا للقيام بالمهمة وكان يحتاج إلى وقت إضافي لذلك.
فتولى القضاء رجلان هما الشيخ علي بن نشوان ومحمد بن محمود حتى سنة 1235هـ (1819م)،وهنا تولى العدساني المشار إليه وهو عبدالله مهام القضاء حتى سنة 1274هـ (1857م)
وهكذا استمرت السلسلة العدسانية فيما بعد إلى أن تغيرت الأمور واختلفت.
معلومات عن بعض قدامى القضاة الذين عملوا في الكويت ونبدأ بمحمد بن فيروز:
1- كتب الاستاذ عبدالله خالد الحاتم عن تاريخ القضاء في الكويت في ص 205 من كتابه: »من هنا بدأت الكويت« فذكر تولي محمد بن فيروز للقضاء عندنا فقال بكل جرأة:
وهذه الرواية بدورها مغلوطة كما نجد ذلك واضحا من رواية الشيخ عثمان بن سند وبين أن ابن سند معاصر لابن فيروز الذي توفي في البصرة ودفن في الزبير في سنة 1801م
ويتساءل فأين هذه الرواية من تلك؟ واستدرك قائلا: »اللهم إلا إذا كان الشيخ محمد بن عبدالله بن فيروز هذا هو غير محمد بن فيروز المذكور في تاريخ الكويت ويا ليت الأستاذ الحاتم اكتفى بهذا الاستدراك الذي يبدو أنه غير مقتنع به
ولو قرأ كتاب الشيخ عبدالعزيز الرشيد جيدا لعرف الحقيقة فتاريخ وفاة ابن فيروز في الكويت بعد أن أدار قضاءها كانت في سنة 1722م ووفاة ابن فيروز الذي تحدث عنه ابن سند كانت في سنة 1801م
المحكمة الدستورية تحسم الخلاف حول حياد البورصة: قراراتها إدارية لا قضائية وشرط ضمانات التقاضي غير ملزم
أصدرت المحكمة الدستورية حكما تاريخيا، حسم الخلاف الدائر حول مدى حيادي اللجنة التأديبية في بورصة الكويت، إذ اعتبر قراراتها إدارية وليست قضائية.
حسمت المحكمة الدستورية الخلاف الدائر حول حيادية قرارات اللجنة التأديبية في سوق الكويت للاوراق المالية، بخصوص امكان الطعن في قراراتها امام القضاء، اذ اعتبر حكم قضائي صادر عن المحكمة لجنة السوق بانها لجنة ادارية ،وبحسب تشكيلها وطبيعة عملها لا صفة قضائية لها ولا تباشر تبعا لذلك ايا من اعمال الخصومة القضائية.
وقال منطوق الحكم الدستوري في القضية رقم 511 لسنة 2006 اداري 1، ان قرارات اللجنة لا تحسم خصومة بين طرفين متنازعين، وبالتالي فإن تصرفات اللجنة وعملها الاداري في هذا السياق لا يندرجان في مفهوم الخصومة وعليه - حسب المصادر القانونية - التي تحدثت «الجريدة» اليها، فان ضمانات التقاضي امام المحاكم موجودة لاي شخص يرى نفسه متضررا من قرارات اللجنة التأديبية للسوق. واوضح الحكم الدستوري ان اي قرار تصدره اللجنة يخضع في النهاية الى رقابة القضاء الاداري، ليحكم تقديره وينزل حكم القانون عليه إعمالا لولايته في اطار مبدأ المشروعية عليه، فانه لا وجه لقياس قرار الجهة الادارية على العمل القضائي، كون التباين واضحا في طبيعة كل عمل حتى ولو كان المتضرر يرى في القرارات الادارية نوعا من الحكم القضائي او أشبه به.
وشدد الحكم الدستوري على ان الجزاءات الادارية ذات الطبيعة التأديبية لا تتوافر فيها أي من مقومات الحكم القضائي الذي يمتلك سلطة الفصل في اي نزاعات او ضرر على اصحاب العلاقة من قرارات ادارة البورصة ولجانها.
نص الحكم
«الجريدة» تنشر النص الكامل لمنطوق الحكم كما يلي:
حيث إن إدارة الفتــــــوى والتشـــريع دفعت بعدم قـــــبول الدعوى الماثلة بمقولة إن الدفـــــع المثار من المدعي بعدم الدستورية الذي ضمنه صحيفة دعواه وصدره طلباته فيها لا يعدو أن يكــــون اختــــصامــــــــاً عن طريق الدعوى الأصلية التي لا يجوز قبولها أمام هذه المحكمة وفقاً للأوضاع المقررة قانوناً. وحيث إن هذا الدفع مردود بما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة من أن مناط إعمال ولايتها القضائية على دستورية التشريعات هو اتصالها بالمسائل الدستورية وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانون إنشائها، وذلك إما بإحالتها إليها من إحدى المحاكم إذا ما ارتأت شبهة بعدم دستورية نص معين في قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع الموضوعي المطروح عليها، أو من خلال دفع بعدم الدستورية يبديه أحد الخصوم تقدر تلك المحكمة جديته، كما أنه غني عن البيان أن الدفع بعدم الدستورية هو دفع موضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى، ولا مانع يمنع المدعي من إبدائه في صحيفة دعواه، فضلاً عن أنه ليس من شأن إبداء هذا الدفع أن يترتب عليه حتماً تحريك الدعوى الدستورية وإحالة الأمر تلقائياً إلى المحكمة الدستورية للفصل فيه، بل يبقى دور محكمة الموضوع قائماً في تقدير جدية هذا الدفع ولزومه للفصل في الدعوى الموضوعية المعروضة عليها، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المدعي قد أبدى الدفع بعدم الدســــتورية في صحيفة دعواه، وقدرت المحكمة جديته، وكانت اجراءات الإحــــالة إلى هــــــــــذه المحكمة قد استوفت أوضاعها المقررة قانوناً، ومن ثم فإن الدفع المثار من إدارة الفتوى والتشريع في هذا الشأن يضحي على غير أساس، حري برفضه.
لائحة العقوبات
وحيث إن المادة (57) من اللائحة الداخلية لسوق الكويت للأوراق المالية الصادرة بقرار وزير التجارة والصناعة رقم (53) لسنة 1983 تــنــص علـــــى أن «تـــشـــــكـــل لجـــــــــنــة التأديب على النحو التالي:
- مدير السوق أو من يفوضه رئيساً.
- أربعة أعضاء تختارهم لجنة السوق أعضاء.
ويبين القرار الصادر بتشكيلها الإجراءات الواجب اتباعها أمامها وكيفية إصدار قراراتها وإعلانها لذوي الشأن».
كما أن المادة (1) من قرار لجنة سوق الكويت للأوراق المالية رقم (3) لسنة 1984 بتشكيل لجنة التأديب والإجراءات المتبعة أمامها تنص على أن «يختص بالفصل فيما يرتكبه الوسطاء أو الشركات المتعامل في أوراقها بالسوق من مخالفات لأحكام المرسوم الأميري الصادر بتنظيم الســـــوق أو اللوائــــــح والقرارات المنظمة له أو التي تمس بحسن سير العمل فيه أو بأصول وقواعد مزاولة مهنة الوساطة، لجنة تأديب تشكل من:
-1 مدير سوق للأوراق المالية رئيساً.
-2 أربعة أعضاء تختارهم لجنة السوق أعضاء.
ويكون لها توقيع الجزاءات المحددة بالمادة (14) من المرسوم الأميري الصادر بتنظيم السوق».
وتنص المادة (14) من المرسوم بتنظيم سوق الكويت للأوراق المالية والمعدلة بموجب المرسوم رقم (158) لسنة 2005 على أن «يكون للسوق لجنة تتولى النظر فيما ينسب للمتعاملين والوسطاء والشركات المتعامل في أوراقها بالسوق من مخالفات لأحكام هذا المرسوم واللوائح والقرارات المنظمة للسوق، وكذلك المخالفات التي تمس حسن سير العمل والنظام في السوق والقواعد والأصول المتعلقة بمزاولة المهنة.
وتشكل هذه اللجنة من خمسة أعضاء تختارهم لجنة السوق، ويكون لها توقيع أحد الجزاءات التالية: -1 التنبيه. -2 الإنذار. -3 وقف المخالف عن العمل للمدة التي تحددها اللجنة، وإلغاء المعاملة المخالفة وما ترتب عليها من آثار. -4 مصادرة الكفالة المصرفية كلها أو بعضها. -5 وقف التعامل في الأوراق المالية الصادرة عن الشركات أو الجهات المخالفة لحين تصحيح أو إزالة أسباب المخالفة. -6 شطب العضوية. -7 إلزام المتعامل بالإيداع المسبق للأوراق أو الأموال محل التعامل».
الطعن
وحيث إن مبنى الطعن على نص المادة (57) من اللائحة الداخلية للسوق، ونص المادة (1) من قرار لجنة السوق رقم (3) لسنة 1984 - حسبما جاء بحكم الإحالة - أنهما خالفا حكم المادة (34) من الدستور إذ انطويا على إخلال بالوسائل الإجرائية التي تعتبر وثيقة الصلة بحق الدفاع، والتي تقترن دوماً بافتراض البراءة التي ينعم بها الإنسان ويعامل على أساسها ولا تنفك عنه، وما يرتبط بذلك من ضمانات تكفل بتكاملها للخصومة عدالتها، ولما كان الطعن قد انصب على هذا الوجه من النعي، وبالتالي فإن نطاق الدعوى الماثلة يكون من ثم محدداً بهذا النطاق.
وحيث إن ضمانة الحيدة - في نطاق الطعن الماثل - تتصل أساساً بما إذا كان يجوز لمدير السوق وهو نائب رئيس لجنة السوق أو لأحد أعضائها أن يفصل في مخالفات سبق أن اتخذ موقفاً منها أو أبدى رأياً فيها، وعلى ضوء ذلك يرتبط الفصل في مدى دستورية تشكيل لجنة النظر في المخالفات، بما إذا كان الإخلال بضمانة حيدة رئيسها وأعضائها يعتبر إهداراً لأحد الحقوق التي كفلها الدستور، فلا يستقيم لحق الدفاع ضماناته ولا للعدالة مجراها.
وحيث إن ضمانة الفصل إنصافاً في المنازعات على اختلاف أنواعها تمتد إلى كل خصومة قضائية سواء كانت جنائية أو مدنية أو إدارية، وقوامها أن يكون تحقيقها وحسمها عائداً إلى جهة القضاء أو إلى هيئة أولاها المشرع الاختصاص بالفصل فيها بعد أن كفل استقلالها وحيدتها وأحاط ما يصدر عنها من قرارات بضمانات التقاضي، ولما كان ذلك ، وكان العمل القضائي إنما يصدر بعد ادعاء مخالفة القانون، ويفصل فيه من هيئة تتوافر في أعضائها ضمانات الحيدة والاستقلال، ليست طرفاً في النزاع المعروض عليها، عهد إليها بسلطة الفصل في خصومة قضائية بقرارات حاسمة ومن دون إخلال بالضمانات الأساسية التي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرصة لتحقيق دفاع أطرافها وتمحيص ادعاءاتهم على أساس قاعدة قانونية نص عليها المشرع، وكانت هذه الخصائص لا تتوافر فيما تصدره جهة الإدارة من قرارات إدارية بتوقيع جزاءات في مخالفات ذات طبيعة تأديبية، ذلك لأن جهة الإدارة التي توقع الجزاء تعتبر طرفاً في هذا الأمر، كما أن قرارها الصادر في هذا الصدد لا يحسن خصومة بين طرفين متنازعين، وبالتالي فإن تصرفها أو عملها الإداري في هذا المساق لا يندرج في مفهوم الخصومة التي ترتبط سلامة تنظيمها - في المجال الدستوري - باستيفائها ما يلزم توافرها في الخصومة القضائية بصفة عامة من ضمانات أساسية يقررها الدستور، ولا وجه لقياس قرار الجهة الإدارية على العمل القضائي لاختلاف هذا الأمر اختلافاً مرده إلى التباين في طبيعة كل من القرار الإداري والحكم القضائي، ولا تنهض حجة للقول بأن ما توقعه الجهة الإدارية من جزاء هو من طبيعة الحكم القضائي أو أشبه به.
الحكم
وبالترتيب على ما تقدم، ولما كانت لجنة النظر في المخالفات بسوق الكويت للأوراق المالية هي بحكم تشكيلها وبحسب طبيعة عملها لجنة إدارية، تنحسر عنها الصفة القضائية، ولا تباشر عملاً من أعمال الخصومة القضائية، وما تقوم به لا يتسم بطبيعة العمل القضائي، أو يصطبغ بالصبغة القضائية، كما أن ما يصدر عنها من قـــرار في هذا الشأن ليس عصياً على الرقابة القانـــــونية، بل محض قرار إداري ما فتى خاضعاً للرقابة التــي يباشرها القضاء الإداري ليحكم تقديره ويقــــــسط ميزانه وينزل حكم القانون عليه إعمالاً لولايته في إطار مبدأ المشروعية، الأمر الذي تغدو معه المطـــــاعن الموجــــــــهة إلى نص المادتين المشار إليهما غير صحيحة من الوجهة الدستورية، وتكون الدعوى الماثلة من ثم فاقدة الأساس، متعيناً رفضها.
الصفحة السابقة
«المحكمة الدستورية» محذّرة من «الانتخابات الفرعية»: تكرّس الانتماء القبلي على حساب الوطني
فيصل المرشد الراي
| كتب أحمد لازم |
أكدت المحكمة الدستورية أمس «دستورية» قانون «تجريم الانتخابات الفرعية»، رافضة الطعن المقدم في المادة 45 من القانون فيما اعتبرت أن «هذه الانتخابات جرمت لانها تتحول إلى معول يهدم نسيج المجتمع الكويتي وترابط أهدافه».
ورأت المحكمة ان الانتخابات الفرعية تعارض حرية الاجتماعات التي كفلها الدستور في المادة 44 وتخالف مبدأ المساواة أيضا، وتحدثت المحكمة ايضا في منطوق الحكم عن مخاطر الانتخابات الفرعية «المجرمة» باعتبارها تناقض اسس النظام الديموقراطي الذي يقوم عليه نظام الحكم في البلاد مثلما هي ايضا «تهدد نسيج المجتمع وترابط أهدافه».
وذهبت المحكمة إلى ابعد من ذلك عندما رأت ان تقسيم المجتمع لاعتبارات مردها إلى النزعات العرقية او عصبيتهم القبلية او الطائفية يؤدي إلى «تقويض قيم المواطنة واحلال ولاء الفرد للقبيلة او الطائفة محل ولائه لوطنه».
وأشارت المحكمة ايضا إلى ان «الواجب على النائب ان يكون مستقلا ويحرر من ضغط الفئة او الطائفية».
واعتبرت المحكمة ايضا ان «هذه الانتخابات الفرعية التي لا يعرفها الدستور ولا قانون الانتخاب انما تكرس الانتماء القبلي او الطائفي على حساب الانتماء الوطني وتتيح فرص الفوز للعناصر التقليدية صاحبة النفوذ والتأثير داخل القبيلة او الطائفة على حساب العناصر الاكثر قدرة على العطاء والابداع».
ورأت ايضا ان «الفرعيات تخالف نص المادة 108 من الدستور»، التي اشارت إلى ان «عضو مجلس الامة يمثل الامة بأسرها»، وكانت المحكمة الدستورية قضت أمس برئاسة المستشار فيصل المرشد وعضوية المستشارين راشد الشراح وخالد سالم ومحمد بن ناجي وعادل بورسلي، برفض الطعن في المادة 45 من قانون تجريم الانتخابات الفرعية.
وفي ما يلي نص الحكم:
صدر الحكم الآتي:
في الدعوى المقيدة في سجل المحكمة الدستورية برقم 30 لسنة 2009 «دستوري» بعد ان احالت المحكمة الكلية (دائرة الجنايات/1) القضية رقم (404) لسنة 2008 حصر العاصمة- (170) لسنة 2008 المباحث المرفوعة من النيابة العامة ضد: 1- مسلط قويعان محمد المطيري 2- عبدالعزيز فراج معزي المطيري 3- أحمد فلاح شوفان المطيري 4- رجا حجيلان شباب المطيري 5- طرقي سعود نهار المطيري 6- مبارك محمد كنيفيد المطيري 7- حسين قويعان محمد المطيري 8- محمد متعب عبيد المطيري 9- عيد شامان عايد المطيري 10- محمد هايف سلطان المطيري 11- حميدي قناص غنيم المطيري 12- نواف ساري راشد المطيري 13- فهد محمد ضيف الله شرار 14- عبدالله محمد عبدالله المطيري 15- عبدالله سعود المطيري 16- سحمي شودري محمد المطيري 17- بدر عيد بزار المطيري.
الوقائع
حيث إن حاصل الوقائع- حسبما يبين من حكم الاحالة وسائر الاوراق- ان النيابة العامة اسندت إلى المتهمين انهم في يومي 3و4/ 5/ 2008 بدائرة مخفر شرطة (صباح الناصر) بمحافظة الفروانية نظموا انتخابات فرعية بصورة غير رسمية قبل الموعد المحدد لاجراء انتخابات أعضاء مجلس الامة لعام 2008، بغرض اختيار من يمثل (قبيلة مطير) عن الدائرة الانتخابية الرابعة للترشيح لعضوية مجلس الامة 2008، وذلك بان قام (المتهم الاول) بتنظيم واعداد تلك الانتخابات، واتخذ من مسكن المتهم السابع مقرا لها، وقام (المتهمان الثاني والثالث) بإدارتها واشترك (المتهمون من الرابع حتى الاخير) في اجرائها، بان رشح (المتهمون من الرابع حتى الثالث عشر) كل منهم نفسه فيها، وتوجه المتهمون (من الرابع عشر حتى الاخير) إلى تلك الانتخابات وادلوا باصواتهم فيها، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات، وطلبت النيابة العامة عقاب المتهمين طبقا لنص المادة (45/خامسا) من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات اعضاء مجلس الامة المضافة بالقانون رقم 9 لسنة 1998 المعدل بقانون رقم 70 لسنة 2003.
وأثنا سير القضية امام المحكمة الجزائية قدم الدفاع الحاضر مع المتهمين مذكرة ضمنها الدفع بعدم دستورية نص المادة 45/خامسا من القانون سالف الذكر.
وبجلسة 2009/5/10 حكمت المحكمة بجدية هذا الدفع، وبوقف نظر الدعوى وبإحالة الامر إلى المحكمة الدستورية للفصل فيه.
وعقب ورود ملف القضية إلى ادارة كتاب هذه المحكمة، قيدت في سجلها برقم 30 لسنة 2009 «دستوري»، وتم اخطار ذوي الشأن بذلك، اودعت ادارة الفتوى والتشريع مذكرة بدفاع الحكومة، طلبت في ختامها الحكم برفع الدعوى، كما اودع محامي (المهتمين الاول والسادس والسابع) مذكرة صمم فيها على طلب الحكم بعدم دستورية النص سالف الذكر، واودعت النيابة العامة مذكرة ابدت فيها الرأي أصليا: بعدم قبول الدعوى واحتياطيا: برفضها موضوعا.
حيث ان النيابة العامة دفعت بعدم قبول الدعوى الدستورية بمقولة ان محكمة الموضوع لم تفصل في الدفع الموضوعي المبدى امامها من بعض المتهمين بسقوط الدعوى الجزائية بمضي ستة اشهر، باعتبار انه دفع يتعلق بمسألة أولية كان يتعين على محكمة الموضوع مناقشته وتمحيصه والفصل فيه ابتداء، إذ ان مؤدى قضاء تلك المحكمة بسقوط الدعوى الجزائية ان تنتفي المصلحة في التمسك بعدم دستورية النص الطعين.
وحيث ان هذا الدفع - في أساسه - مردود بما هو مستقر عليه من ان المحكمة الدستورية ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع، وإنما هي جهة ذات اختصاص أصيل حدده قانون إنشائها، والثابت ان النيابة العامة طلبت عقاب المتهمين طبقا لنص المادة المطعون فيها، وان محكمة الموضوع بعد استعراضها لهذا النص بدا لها جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى أمامها في هذا الشأن، وان نص تلك المادة لازم وضروري تطبيقه في النزاع الموضوعي المطروح عليها، ومن ثم فإن السبب الذي ارتكنت اليه النيابة العامة للقول بعدم قبول الدعوى الدستورية يكون في غير محله حريا بالرفض.
وحيث ان إجراءات الإحالة قد استوفت أوضاعها المقررة قانونا.
وحيث ان المادة (45) من القانون رقم (35) لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة والمضاف البند خامسا منها بالقانون رقم (9) لسنة 1998 تنص على ان «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار او بإحدى هاتين العقوبتين:... خامسا: كل من نظم او اشترك في تنظيم انتخابات فرعية او دعا اليها، وهي التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد او اكثر من بين المنتمين لفئة او طائفة معينة...».
وحيث ان مبنى النعي على النص (البند خامسا) من المادة (45) سالفة البيان - حسبما يبين من حكم الإحالة - انه قد انطوى على تجريم الانتخابات الفرعية على نحو يتعارض مع حرية الاجتماعات التي كفلها الدستور في المادة (44) منه، كما يخالف مبدأ المساواة الذي كفله الدستور للناس كافة، والذي لم يقيد حقهم في اجراء المشاورات في انتخابات الجمعيات والأندية الرياضية والاتحادات والنقابات والتكتلات السياسية، وان الاجتماعات التي تم تجريمها طبقا لنص المادة المطعون فيها لا تعدو ان تكون من قبيل المشاورات داخل الأسرة الواحدة لاختيار من يرونه صالحا لتمثيلهم في المجلس التشريعي، لاسيما وان المشاركة فيها اختيارية، ونتيجتها غير ملزمة.
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك ان الظاهر من نص البند (خامسا) من المادة (45) المطعون فيه، ومن الضوابط والقيود التي أوردها لتجريم هذه الانتخابات الفرعية، انه لا يتعارض مع الحق في الاجتماع الذي كفله نص المادة (44) من الدستور، إذ لم يمنع هذا النص أحدا من حق الاجتماع، حتى ولو قبل الميعاد المحدد للانتخابات العامة، وإنما المحظور - بموجب النص المطعون عليه - هو إجراء انتخابات فرعية.
وتجدر الاشارة الى ان المذكرة الايضاحية للقانون رقم (9) لسنة 1998 بإضافة البند خامسا (بتجريم الانتخابات الفرعية) قد أوردت في هذا المقام دواعى تدخل المشرع لتجريم هذه الانتخابات، وذلك لسببين: أولهما: ان ما يجري عليه العمل قبل انتخابات اعضاء مجلس الأمة وأعضاء المجلس البلدي، من تنظيم انتخابات أولية، وهي ما تعارف على تسميته بالانتخابات الفرعية، بين من يرغبون في الترشيح من المنتمين لفئة معينة (قبيلة أو طائفة) لاختيار واحد او اكثر من بينهم، يكون له وحده ان يرشح نفسه بصورة رسمية في الانتخابات التي يعلن عنها، عامة كانت او تكميلية، إنما يتنافى مع ما نصت عليه المادة (108) من الدستور من «ان عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها، ويرعى المصلحة العامة»، وان عضو مجلس الأمة، وإن كان فوزه بعضوية مجلس الأمة يرجع الى الناخبين في دائرة انتخابية محددة، وهي التي رشح نفسه فيها، الا انه بعد انتخابه لا يمثل القاطنين بهذه الدائرة او ناخبيها، كما انه لا يمثل جماعة او فئة معينة، وانما يمثل الامة بأسرها، ويرعى المصلحة العامة وحدها ولو تعارضت مع مصالح دائرته الانتخابية.
وثانيهما: ان هذه الانتخابات الفرعية التي لا يعرفها الدستور ولا قانون الانتخاب، انما تكرس الانتماء القبلي والطائفي على حساب الانتماء الوطني، وتتيح فرص الفوز للعناصر التقليدية صاحبة النفوذ والتأثير داخل القبيلة او الطائفة على حساب العناصر الاكثر قدرة على العطاء والابداع، لذا كان تدخل المشرع بموجب هذا القانون لوضع حد لمثل هذه الظواهر غير الحضارية.
وحيث انه وان كان الاصل في سلطة المشرع في تنظيم الحقوق انها سلطة تقديرية، وان الرقابة القضائية على دستورية التشريعات لا تستطيل الى ملاءمة اصدارها، الا ان ذلك لا يعني اطلاق سلطته في سن القوانين دون التقيد بالتخوم التي فرضها الدستور حداً لها، ومن بينها الا يكون التنظيم التشريعي للحق مؤدياً الى مصادرته او العصف به او التغول عليه، ومتى كان ذلك، وكان رائد المشرع في تجريم الانتخابات الفرعية هو مناهضة اجراء مثل هذه الانتخابات التي تناقض اسس النظام الديموقراطي الذي يقوم عليه نظام الحكم في البلاد طبقاً للمادة (6) من الدستور، كما انها تخالف جوهره، باعتبار ان الدستور في المادة (80) لم يكتف بتقرير الاقتراع العام لاختيار اعضاء المجلس النيابي بل ايضاً جعله مباشراً، متخذاًِ من ذلك اساساً لنظام الانتخاب حتى يكون التمثيل صحيحاً وتشترك الامة بأسرها فيه، كما ان رائد المشرع ايضاً في تجريم هذه الانتخابات كان لدرء خطر جسيم يهدد نسيج المجتمع الكويتي وترابط افراده، سواء من ناحية مضمونها، بتقسيم المجتمع لاعتبارات مردها الى نزعاتهم العرقية، او عصبيتهم القبلية او الطائفية، وبث الفرقة والتناحر والتشاحن بين ابناء القبائل والطوائف بصفة عامة، وبين ابناء القبيلة او الطائفة الواحدة بصفة خاصة، او من جهة الاثار التي ترتبها من تقويض قيم المواطنة، واحلال ولاء الفرد للقبيلة او الطائفة، محل ولائه لوطنه، فتتحول بذلك الى اداة لقطع اواصل التراحم بين افراد المجتمع الواحد، ومعولاً لهدم نسيج المجتمع الكويتي وترابط افراده، وما يستتبعه ذلك من وجوب استقلال النائب وتحريره من ضغط الفئة او الطائفة التي ينتمي اليها وتأثيرها عليه، حتى تكون المصلحة العامة هي العليا.
ومتى كان ما تقدم، وكان التجريم الذي اتى به النص المطعون فيه، لا يتعارض مع القواعد العامة في التجريم والعقاب ولايمس الحقوق العامة التي كفلها الدستور فإنه - في اطار النعي الماثل - يكون بمنأى عن مخالفة الدستور، وبالتالي تضحى الدعوى الدستورية الماثلة - والحال كذلك - فاقدة لسندها، ومن ثم يكون حرياً القضاء برفضها.
في حكم هو الاول من نوعه في تاريخ الكويت، قضت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار فيصل المرشد «بابطال عملية الانتخابات التي جرت في الثاني من فبراير الماضي في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من اعلن فوزهم لبطلان حل المجلس وبطلان دعوة الناخبين للانتخابات مع ما يترتب على ذلك من آثار احقها ان يستعيد المجلس المنحل بقوة الدستور سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن».
وجاء في حيثيات حكمين للدستورية في طعنين تقدم بهما المرشحان روضان الروضان وصفاء الهاشم «ان طلب حل المجلس جاء من وزارة زايلتها هذه الصفة بقبول استقالتها بكاملها، وذلك بعد تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء وتكليفه بترشيح اعضاء الوزارة الجديدة، حيث استبق رئيس الوزراء بصفته هذه قبل تأليف هذه الوزارة الجديدة وصدور مرسوم بتشكيلها بدعوة وزارة زايلتها هذه الصفة واستعارة وزراء منها لاخذ موافقتها على هذا الحل.. مما يجعل هذا الاجراء باطلا بطلانا مطلقا يستوجب عدم الاعتداد به وعدم ترتيب اثاره، واعتباره كأن لم يكن لمخالفته للدستور.
واعتبرت المحكمة ان «من نافلة القول ان القوانين التي صدرت خلال فترة المجلس الذي قضي بإبطاله تظل سارية ونافذة الى ان يتم الغاؤها او يقضى بعدم دستوريتها».
وفي مايلي نص حيثيات المحكمة:
.. وحيث ان ادارة الفتوى والتشريع قد ذهبت في دفاعها الى ان ما اثارته الطاعنة في طلبها متعلق ببطلان المرسوم الاميري بحل مجلس الامة، والمرسوم الاميري بدعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة، لا تختص هذه المحكمة بنظره، باعتبار ان هذين المرسومين فيما تناولاه يتصلان بأخص المسائل المتعلقة بعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية، وهي من الاعمال السياسية التي تتأبى بحكم طبيعتها ان تكون محلاً للتقاضي، تحقيقا لسيادة الدولة وحفظها لكيانها ورعاية لمصالحها العليا، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب عليها، لان النظر في تلك الاعمال يسلترم توافر معلومات وضوابط وموازين يخرج زمام تقديرها عن اختصاص القضاء، فضلا عن ان اختيار الوزراء وتشكيل مجلس الوزراء من الامور التي تنحسر عنها ولاية القضاء، باعتبارها من اعمال السيادة، وهو ما فتئ المشرع على تأكيده في قانون تنظيم القضاء رقم 23 لسنة 1990 بالنص في المادة الثانية منه على انه ليس للمحاكم ان تنظر في اعمال السيادة.
اجراءات باطلة
وحيث ان ما اثارته ادارة الفتوى والتشريع في هذا الشأن، مردود بما يلي:
اولاً: الواضح من نعي الطاعنة في هذا الشق من طلبها ان نطاقه قد اقتصر على الاجراءات التي اتخذتها السلطة التنفيذية في حل مجلس الامة، وكذا في دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، قولاً من الطاعنة بأن هذه الإجراءات التي مهدت إلى هذه الانتخابات قد خالفت القيود الإجرائية المنصوص عليها في الدستور، وفي هذا النطاق وحده ينحصر نعيها في هذا الشق من طلبها، ولا يتعداه إلى البحث في الملاءمات أو التغلغل في بواعث إصدار هذين المرسومين، أو التدخل في الولايات المنفردة للسلطة التنفيذية والتي لا تخول للقضاء الحلول محلها فيما قصره الدستور عليها. ولا ريب في أن القيود الإجرائية التي فرضها الدستور على السلطة التنفيذية لا يجوز إسقاطها أو تجاوزها أو التحلل منها، تذرعاً بأنها أعمال سياسية، إذ إن هذا القول لا يستقيم في مجال إعمال سلطتها المقيدة طبقاً للدستور.
طبيعة خاصة
ثانياً: إن الطعون المتعلقة بانتخابات مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم لها طبيعتها الخاصة، ونظر هذه الطعون أمام المحكمة الدستورية تحكمه التشريعات المنظمة لاختصاصها، والإجراءات المتعلقة بهذه الطعون تنتظمها نصوص خاصة، وإلى أحكام هذه التشريعات يكون مرد الأمر في مباشرة اختصاصها بلا إفراط أو تفريط أو توسعة أو تضييق، ومن دون تغول أو انتقاص، والمحكمة، وهي تفصل في هذه الطعون بوصفها محكمة موضوع ملتزمة بإنزال حكم القانون على واقع ما هو معروض عليها، وتغليب أحكام الدستور على ما سواها من القواعد القانونية، مقيدة في ذلك بضوابط العمل القضائي وضماناته، بعيداً عن العمل السياسي بحساباته وتقديراته، وهي من بعد لا تخوض في اختصاص ليس لها، أو تتخلى عن اختصاص أُنيط بها، كما لا يجوز لها بالتالي أن تترخص في ما عُهد إليها به، كلما كان تعرضها لما أثير أمامها من مسائل لازماً تدخلها، بما يكفل سيادة الدستور.
بسط الرقابة
ثالثاً: إن اختصاص هذه المحكمة بالفصل في هذه الطعون هو اختصاص شامل، وقد جاء نص المادة الأولى من قانون إنشائها دالاً على ذلك، وبما يشمل بسط رقابتها على عملية الانتخاب برمتها للتأكد من صحتها أو فسادها.
ولا خلاف في أن الانتخابات إنما ترتبط بالبداهة بالالتزام بضوابطها وإجراءاتها، فإن صحت هذه الإجراءات والتزمت ضوابطها مهدت لصحة عملية الانتخاب، وإن تسرب إليها الخلل تزعزع الانتخاب من أساسه، وبالتالي فإن الطعن على إجراءات هذه الانتخابات يستغرقه بحكم اللزوم اختصاص هذه المحكمة بنظره لتأثير الفصل فيه بحكم الضرورة على عملية الانتخابات.
فحص وتدقيق
رابعا: ليس من المقبول ان يسمح النظام الدستوري بالرقابة القضائية على دستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح، توصلا الى الحكم بعدم دستورية التشريعات المخالفة للدستور، سواء صدرت هذه التشريعات من السلطة التشريعية او من السلطة التنفيذية، وان يعهد بهذا الاختصاص الى المحكمة الدستورية، وهي جهة قضائية نص عليها الدستور في صلبه، كافلا بها للشريعة الدستورية اسسها، مقيما منها مرجعا نهائيا لتفسير احكام الدستور، ورقيبة على الالتزام بقواعده، اعلاء لنصوص الدستور، وحفظا لكيانه، في حين تستعصي بعض الاجراءات الممهدة لعملية الانتخابات والصادرة بشأنها قرارات من السلطة التنفيذية على الفحص والتدقيق من قبل هذه المحكمة لدى مباشرة اختصاصها بنظر الطعون الانتخابية، للاستيثاق من اتفاق او تعارض هذه الاجراءات مع الدستور، والا جاز التذرع بوجود مناطق من الدستور لا يجوز لهذه المحكمة ان تمد بصرها اليها، فتغذو هذه القرارات - وهي ادنى مرتبة من القانون - اكثر قوة وامتيازا من القانون نفسه.
ولما كان ما تقدم، وكان ما ذهبت اليه إدارة الفتوى والتشريع لا يلتئم مع طبيعة اختصاص هذه المحكمة للاعتبارات السالفة البيان، فان ما اثارته في هذا الدفاع يكون مسوقا في غير موضعه.
وزارة زالت صفتها
وحيث ان السبب الاول من اسباب نعي الطاعنة ببطلان هذه الانتخابات انها قد اعتورها مخالفات دستورية في الاجراءات الممهدة لها تصمها بالبطلان، قولا من الطاعنة بان طلب حل مجلس الامة قد جاء من وزارة زايلتها هذه الصفة بقبول استقالتها بكاملها، وذلك بعد تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء، وتكليفه بترشيح اعضاء الوزارة الجديدة، حيث استبق رئيس مجلس الوزراء - بصفته هذه - قبل تأليف هذه الوزارة الجديدة وصدور مرسوم بتشكيلها، بدعوة وزارة زايلتها هذه الصفة واستعارة وزراء منها، لأخذ موافقتها على هذا الحل، مما يجعل هذا الاجراء باطلا بطلاناً مطلقا، يستوجب عدم الاعتداد به وعدم ترتيب اثاره، واعتباره كأن لم يكن لمخالفته للدستور.
وحيث ان هذا النعي سديد، ذلك ان المادة 107 من الدستور تنص على أن «للأمير ان يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، على انه لا يجوز حل المجلس للأسباب ذاتها مرة أخرى واذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل، فإن لم تجرِ الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن. ويستمر في أعماله الى أن ينتخب المجلس الجديد».
قيود وضمانات
والمستفاد من ذلك ان حل مجلس الأمة هو حق دستوري مقرر للسلطة التنفيذية، ويعتبر أحد السبل لإحكام المعادلة والتوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ومن المعلوم ان الأمير يتولى سلطاته بواسطة وزرائه (م 55)، والمقصود بالحل هو إنهاء مدة المجلس انهاءً مبتسراً قبل انتهاء الأجل المقرر له، ويلزم في طلب الحل ان يكون من حكومة (وزارة) لم تبرحها هذه الصفة، سواء اثر خلاف بينها وبين مجلس الأمة، أو اذا اختل التناسب والانسجام بينهما، أو اقتضت له ضرورة، وانه وان كان الدستور لم يقيد استعمال الحكومة لحق الحل بأي قيد زمني، فلها ان تتخير توقيته وتقدير مناسباته، إلا أن الدستور أحاط الحل - نظراً الى خطورته - ببعض القيود والضمانات، فيجب ان يكون حل مجلس الامة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، وهو أمر يتطلب معه ان يوقع مرسوم الحل مع سمو الأمير، سمو رئيس مجلس الوزراء حتى يتحمل مسؤوليته السياسية، وانه اذا حل المجلس لا يجوز حله للاسباب ذاتها مرة اخرى، كما انه يجب اجراء انتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل، إذ ما دام ان الغرض من الحل هو الاحتكام الى الأمة وأخذ رأي الناخبين فيه، فلا يصح ارجاء ذلك الى أمد بعيد مع استمرار السلطة التنفيذية في التصرف بلا رقيب، وبالتالي وجبت دعوة الناخبين الى اجراء انتخابات جديدة، والغاية من هذا الحكم هي تأكيد ضرورة اتصال الحياة النيابية، فإذا لم تجرِ الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن، ويستمر في اعماله الى ان ينتخب المجلس الجديد.
استقالة الحكومة السابقة
ومتى كان ذلك، وكان البيّن من مطالعة الأمر الأميري بقبول استقالة رئيس مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 2011/11/28 انه قد تضمن في المادة الأولى منه النص على ان «تقبل استقالة سمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح والوزراء ويستمر كل منهم في تصريف العاجل من شؤون منصبه لحين تشكيل الوزارة الجديدة».
واعقب ذلك صدور امر اميري بتاريخ 2011/11/30 بتعيين رئيس لمجلس الوزراء، ونص في مادته الاولى على ان «يعين الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيسا لمجلس الوزراء، ويكلف بترشيح اعضاء الوزارة الجديدة وعرض اسمائهم علينا لاصدار مرسوم تعيينهم». ثم صدور المرسوم رقم 443 لسنة 2011 بحل مجلس الامة بتاريخ 2011/12/6، حيث وردت الاشارة بديباجته الى صدوره استنادا الى المادة 107 من الدستور، والى ان صدوره قد جاء «ازاء ما آلت اليه الامور وادت الى تعثر مسيرة الانجاز وتهديد المصالح العليا للبلاد، مما يستوجب العودة الى الامة لاختيار ممثليها لتجاوز العقبات القائمة وتحقيق المصلحة الوطنية»، كما جاءت الاشارة الى صدوره بناء على عرض رئيس مجلس الوزراء، وبعد موافقة مجلس الوزراء، مذيلا هذا المرسوم بتوقيع امير البلاد والشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء.
مستقيلة بالكامل
واذا كان الامر كذلك، وكان الحاصل ان هذا الحل قد جاء استنادا الى المادة 107 من الدستور، وبناء على طلب وزارة قد زايلتها هذه الصفة بقبول الامير استقالتها بكاملها، وذلك بعد ان تم تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء بأمر اميري، وتكليفه بترشيح اعضاء الوزارة الجديدة، حيث استبق رئيس مجلس الوزراء - بصفته هذه - قبل تأليف هذه الوزارة الجديدة وصدور مرسوم بتشكيلها، باستعارة اعضاء من الوزارة المستقيلة التي زالت صفتها ونظمهم في اجتماع لمجلس الوزراء لاخذ موافقتهم على هذا الحل، فان هذا الاجراء يكون غير صحيح من الوجهة الشكلية، مخالفا لروح المبادئ الدستورية والغرض الذي من اجله شرعت سنته، اذ لا يجوز ان يتخذ الحل الذي رخص به الدستور للحكومة استعماله، وحدد طبيعته واجراءاته والغرض منه، ذريعة الى اهدار احكام الدستور ومخالفتها، فللدستور حرمة ونصوصه يجب ان تصان واحكامه لا بد ان تحترم.
مشوب بالبطلان
وبالترتيب على ما تقدم، يكون اجراء هذا الحل قد جاء مشوبا بالبطلان ويضحى هو والعدم سواء، يستوجب عدم الاعتداد به، وترتيب آثاره بما يستتبعه ذلك من بطلان دعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة التي جاءت ابتناءً على هذا الحل الباطل، كما تغدو معه ارادة الناخبين في هذه الحالة قد وردت على غير محل، بعد اذ جاءت الانتخابات وليدة اجراءات باطلة اهدرت فيها القيود الاجرائية في الدستور على نحو ما سلف بيانه، وبالتالي يكون نعي الطاعنة بهذا السبب من طعنها قائما على اساس سليم، ولا حاجة من بعد الى بحث باقي اسباب الطعن. وحق القضاء - ومن ثم - بإبطال عملية الانتخاب برمتها، التي اجريت بتاريخ 2012/2/2 في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من اعلن فوزهم فيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، اخصها ان يستعيد المجلس المنحل - بقوة الدستور - سلطته التشريعية كأن الحل لم يكن، ليكمل المدة المتبقية له أصلاً - ما لم يطرأ من الامور خلال تلك المدة ما يقتضي معها اعمال سمو الامير صلاحياته المقررة في هذا الشأن - وذلك اعلاءً لنصوص الدستور، وتغليباً لاحكامه، حفظاً لكيانه وسلامة النظام العام الدستوري وبنيانه.
ومن نافلة القول ان القوانين التي صدرت - خلال فترة المجلس الذي قضي بإبطالة - تظل سارية ونافذة الى ان يتم الغاؤها او يُقضي بعدم دستوريتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بإبطال عملية الانتخاب برمتها، التي اجريت بتاريخ 2012/2/2 في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من اعلن فوزهم فيها، لبطلان حل مجلس الامة وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة والتي تمت على اساسها هذه الانتخابات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، اخصها ان يستعيد المجلس المنحل - بقوة الدستور - سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن، وذلك على النحو الموضح بالاسباب.
أجواء المحكمة
توافد العشرات من المواطنين والصحافيين، بالاضافة الى المحامين ومندوبي مكاتب المحاماة الى قاعة المحكمة الدستورية التي خصص لها مكان الانعقاد في سرداب قصر العدل، كان من المفترض ان تعقد المحكمة جلستها في تمام الساعة 11.30 الا انها تأخرت حتى 12.50 ظهراً.
حق دستوري للسلطة التنفيذية
قالت المحكمة في معرض حيثياتها ان المستفاد هو «ان حل مجلس الامة هو حق دستوري مقرر للسلطة التنفيذية، مشيرة في الوقت نفسه الى ان من المعلوم ان الامير يتولى سلطاته بواسطة وزرائه، وان المقصود بالحل هو انهاء مدة المجلس انهاء مبتسراً قبل انتهاء الأجل المقرر له، ويلزم في طلب الحل ان يكون من حوزمة (وزارة) لم تبرحها هذه الصفة، سواء اثر خلاف بينها وبين مجلس الامة، او اذا اختل التناسب والانسجام بينهما.
باطل بطلاناً مطلقاً
رأت المحكمة في حيثياتها ان النعي المقدم من الطاعنين بما مفاده من أن طلب حل مجلس الأمة جاء من وزارة زايلتها هذه الصفة بقبول استقالتها بكاملها، وذلك بعد تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء، وتكليفه بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة، حيث استبق رئيس مجلس الوزراء - بصفته هذه - قبل تأليف هذه الوزارة الجديدة وصدور مرسوم بتشكيلها مما يجعل الإجراء باطلاً بطلاناً مطلقاً، إنما هو نعي سديد، مستدلة على أن هذا النعي سديد من نص المادة 107 من الدستور.
الحل مخالف لروح المبادئ الدستورية
قالت المحكمة ان البين من مطالعة الامر الاميري بقبول استقالة رئيس مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 2011/11/28 انه قد تضمن في المادة الاولى منه النص على ان «تقبل استقالة سمو الشيخ ناصر المحمد والوزراء ويستمر كل منهم في تصريف العاجل من شؤون منصبه لحين تشكيل الوزارة الجديدة، فإن هذا الاجراء يكون غير صحيح من الوجهة الشكلية، مخالفاً لروح المبادئ الدستورية والغرض الذي من اجله شرعت سنته.
للدستور حرمة يجب احترامها
قالت المحكمة إنه لا يجوز أن يتخذ الحل الذي رخص به الدستور للحكومة استعماله، وحدد طبيعته وإجراءاته والغرض منه، ذريعة إلى إهدار أحكام الدستور ومخالفتها، مؤكدة ان للدستور حرمة ونصوصا يجب ان تصان، وأحكامه لا بد أن تحترم، مشيرة في الوقت نفسه الى أنه وبالترتيب على ذلك يكون إجراء هذا الحل قد جاء مشوباً بالبطلان ويعني هو والعدم سواء، يستوجب عدم الاعتداد به، وترتيب آثاره بما يستتبعه ذلك من بطلان دعوة الناخبين للانتخابات التي جاءت بناء على هذا الحل الباطل.
السبب الأول
جاء في الحيثيات ان السبب الاول نعي الطاعنين ببطلان الانتخابات انها قد اعتورتها مخالفات دستورية في الاجراءات الممهدة لها تصمها بالبطلان، قولا من الطاعنين بأن طلب الحل قد جاء من وزارة زايلتها هذه الصفة بقبول استقالتها بالكامل.
رئاسة الجلسة
انعقدت المحكمة الدستورية امس في الجلسة العلنية برئاسة المستشار فيصل المرشد، وعضوية المستشارين راشد الشراح وخالد السالم، والمستشارين محمد بن ناجي وعادل بورسلي. وقائع الدعوى وأسباب الطعن
تتحصل الوقائع - وعلى ما يبين من الأوراق - في أن الطالبة قدمت طلباً طعنت فيه ببطلان انتخابات مجلس الأمة، التي أجريت بتاريخ 2012/2/2 في الدائرة الانتخابية الثالثة، وذلك بموجب صحيفة موقعة من المحامي إبراهيم القلاف نيابة عنها، تم إيداعها إدارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 2012/2/15، قيدت في سجلها برقم 6 لسنة 2012، وطلب آخر سبق لها تقديمه بذات الشكل والمضمون إلى الأمانة العامة لمجلس الأمة بتاريخ 2012/2/6، ورد إلى هذه المحكمة بتاريخ 2012/2/19، جرى قيده بسجلها برقم 30 لسنة 2012، وتم إعلان المطعون ضدهم بذلك، وأسست الطالبة طعنها - على نحو ما جاء في هذين الطلبين - على سند حاصله أن هذه الانتخابات قد اعتورها مخالفات دستورية في الإجراءات الممهدة لها تصمها بالبطلان لانطوائها على خرق لنصوص الدستور، فضلاً عما شاب عملية الانتخابات، سواء في الاقتراع أو فرز الأصوات أو تجميعها، من أخطاء جوهرية وعيوب جسيمة تؤدي إلى إبطال الانتخابات في تلك الدائرة.
مخالف للدستور
وبنت الطاعنة نعيها في هذا الصدد على أكثر من سبب، وذلك وفقاً لما يلي:
السبب الأول: أن المرسوم رقم 443 لسنة 2011 بحل مجلس الأمة، قد صدر مخالفاً للدستور مما يصمه بالبطلان، إذ إن مؤدى نص المادة 129 من الدستور أنه إذا عين رئيس مجلس وزراء جديد محل رئيس مجلس الوزراء المستقيل زالت صفة جميع الوزراء في الوزارة المستقيلة، ولم يعد لرئيس مجلس الوزراء وسائر الوزراء في وزارته المستقيلة أي حق في الاستمرار في عملهم كحكومة تصريف أعمال بعد أداء رئيس مجلس الوزراء الجديد اليمين الدستورية أمام أمير البلاد، وأن الأمر الأميري بتعيين رئيس مجلس الوزراء الجديد تضمن تكليفه بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة، وبالتالي فلا يتصور أن يمارس أي عمل قبل تشكيل وزارته، بيد أنه لم تجر الأمور وفقاً لمجراها الطبيعي، ولم يبادر رئيس مجلس الوزراء الجديد إلى تشكيل أعضاء الوزارة الجديدة، وفقاً لأمر تعيينه، بل تراخى في ذلك خلال تلك الفترة الحرجة بعد زوال صفة الوزارة المستقيلة، حيث باشر رئيس مجلس الوزراء الجديد صلاحياته منفرداً وقبل تشكيل مجلس الوزراء الجديد، فاستعار أعضاء الوزارة المستقيلة، ونظمهم في اجتماع لمجلس الوزراء بتاريخ 2011/12/6، وقرر رفع كتاب لأمير البلاد بحل مجلس الأمة، مما يجعل إجراء الحل مخالفاً للدستور ويضحى معه المرسوم الصادر في هذا الشأن باطلاً بطلاناً مطلقاً، هو والعدم سواء، يستوجب والحال كذلك عدم الاعتداد به وعدم ترتيب آثاره واعتباره كأنه لم يكن؟
عنصر جوهري
وجاء في السبب الثاني: ان المرسوم رقم 447 لسنة 2011 بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة قد صدر مشوباً بالبطلان، إذ جاءت هذه الدعوى بناء على طلب وزارة تخلف في شأنها عنصر جوهري من عناصر قيامها ووجودها، وخلت من تعيين أي وزير فيها من أعضاء مجلس الأمة، ودون أن يُلتزم في تشكيلها بالقيد الدستوري - المنصوص عليه في المادة 56 من الدستور - الذي يقضي بوجوب أن يكون تعيين الوزراء من بين أعضاء مجلس الأمة، الأمر الذي يكون معه هذا المرسوم منعدماً لا يرتب أثراً قانونياً لمخالفته للدستور، ولا وجه للتذرع بقيام حالة ضرورة - يتطلب معها سد فراغ دستوري - أوجدها مرسوم الحل الذي صدر باطلاً، وأن يُتخذ من ذلك تكئة للتحلل من هذا الشرط الدستوري بالمخالفة لصريح نص الدستور.
إجراءات منعدمة
وأما السبب الثالث: فجاء فيه انه قد ترتب على جميع هذه الإجراءات المنعدمة أن ضرراً حالاً حاق بالطاعنة لحق بها من جراء ذلك، إذ أخذت على حين غرة، ففوجئت بها دون أن تأخذ عدتها أو يتسنى لها ترتيب أوضاعها، أو أن تأخذ الوقت الكافي للدعاية الانتخابية واتصالها بالناخبين، وما عسى أن يستلزمه ذلك من التنقل من منطقة إلى أخرى في تلك الدائرة، بحسبان أنها كانت تضع في اعتبارها المدة المتبقية لمجلس الأمة المنحل للقيام خلالها بالدعاية الانتخابية، التي أضحت تتطلب منها جهداً كبيراً، بسبب اتساع مساحة الدائرة التي لم تعد تقتصر على منطقتها التي تقطن فيها فحسب، بل امتدت لتشمل مناطق عديدة بالبلاد لاختيار عشرة أعضاء لكل دائرة من الدوائر الخمس، بدلاً من خمس وعشرين دائرة انتخابية التي كانت مقررة من قبل ويُنتخب عضوان لها، دون تكبيل إرادة الناخب وتحديدها باختياره أربعة أعضاء، وقد أدى تقسيم الدوائر الانتخابية على هذا الوجه إلى أن أجريت هذه الانتخابات بالدائرة في ظل منافسة غير متكافئة بين المرشحين، ودون النظر إلى اتساع مساحتها أو إلى التفاوت الظاهر بين الدوائر المختلفة من حيث عدد أصوات الناخبين بما من شأنه أن يفضي إلى عدم تحقيق المساواة في التصويت بحيث يكون عاكساً عن صدق التعبير عن الإرادة الشعبية الحقة، وبذلك تكون قد غابت عن التمثيل النيابي أهم خصائصه وأغراضه، مما ينعكس ذلك بحكم اللزوم على شرعية الانتخاب.
تكريس القبلية
ونص السبب الرابع على ان الدائرة التي خاضت الطاعنة الانتخابات فيها، بالاضافة إلى اتساع مساحتها وما أدى إليه تقسيم الدوائر الانتخابية على النحو سالف البيان وإلى تكريس القبلية بما يجعل النائب أسيراً لناخبيه، ويحمل النائب على اعتبار نفسه ممثلاً لدائرته فقط لا لمجموع الأمة، بما من شأنه ان ينهدم ركن من أركان النظام النيابي، فإنه فضلا عن ذلك، فإن هذه الدائرة تنطلق منها ايضا العديد من التجمعات السياسية والكتل، فكان ان حشدت هذه التجمعات والكتل والقبائل مرشحيها في هذه الانتخابات، وجرت المنافسة في تلك الدائرة بين اكبر عدد من المرشحين، حيث بلغ عددهم ما يزيد على 75 مرشحاً، وهو عدد لم يحدث في أي انتخابات من قبل، مما شهد معه يوم الاقتراع فوضى كبيرة في اللجان وفي مراكز الاقتراع بالدائرة بصفة عامة، نجمت عنها عيوب جوهرية واخطاء جسيمة في عملية فرز الاصوات وتجميعها، ترتب عليها تغيير مراكز جميع المرشحين، من شأنها ان تلقي بظلال كثيفة من الشك حول صحة النتيجة التي اعلنت في تلك الدائرة، واسفرت عن عدم فوزها فيها، على الرغم من انها قد حصلت على عدد كبير من الأصوات تجعلها ضمن الفائزين في هذه الانتخابات.
هذا وقد نظرت هذه المحكمة الطعنين على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وقررت ضم الطعن رقم 30 لسنة 2012 الى الطعن رقم 6 لسنة 2012 للارتباط وليصدر فيها حكم واحد، وطلبت المحكمة من وزارة الداخلية (ادارة الانتخابات) موافاتها ببيان مفصل باسماء المرشحين في الدائرة (الثالثة) في انتخابات مجلس الامة عام 2012، وعدد الناخبين المقيدين فيها، وذلك من واقع ما لدى الوزارة من سجلات وأوراق، شاملاً هذا البيان عدد المقترعين في الدائرة، والنسبة المئوية لعدد الذين أدلوا بأصواتهم من مجموع عدد الناخبين وعدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح في كل لجنة من لجان الدائرة، وعدد الاصوات الصحيحة، وعدد الاصوات الباطلة، وما اسفرت عنه نتيجة الفرز التجميعي بالنسبة الى جميع المرشحين، وأسماء الفائزين في الانتخابات في هذه الدائرة، موضحا قرين كل منهم مجموع الاصوات التي حصل عليها
القبس
الحمود: «الدستورية» خالفت الدستور.. والحردان: لم تتجاوز صلاحياتها
2012/06/30 08:41 م
التقيم
التقيم الحالي 5/0
د.إبراهيم الحمود
الخبير الدستوري رأى أنه عمل سياسي لا محل لمناقشته والبحث في دواعي صدوره من قبل المحكمة الدستورية
د.إبراهيم الحمود: مرسوم حل مجلس 2009 مكتمل أركان الصدور وفقاً لنص المادة 107 من الدستور
المحكمة أخطأت في تكييفها لمرسوم الحل رقم 443 لسنة 2011 بوصفه حلا وزاريا لأنه حل رئاسي ليس مصدره رئيس الوزراء الجديد ولا القديم
أعمال السيادة لا تخضع أصلاً لرقابة القضاء حتى يقرر بطلانها أو انعدامها
ما جاء في ديباجة مرسوم الحل يؤكد أنه رئاسي «ازاء ما آلت إليه الأمور وتعثر مسيرة الإنجاز وتهديد المصالح العليا للبلاد مما يستوجب العودة إلى الأمة لاختيار ممثليها».
الحل لا يكون إلا بمرسوم أي يتعين أن يشمل توقيع رئيس مجلس الوزراء إلى جانب توقيع سمو الأمير وهذا ما حصل
هناك مناطق من الدستور لا يجوز للمحكمة الدستورية أن تمد بصرها إليها وهي المناطق ذات الطبيعة السياسية
المحكمة الدستورية محكمة قانون بالمعنى الواسع وليست محكمة سياسية تفحص وتراقب البواعث السياسية
اختصاص المحكمة الدستورية في الطعون الانتخابية يكون بحسبانها محكمة موضوع وليست محكمة دستورية
المختص أصلاً بالطعون الانتخابية مجلس الأمة بحسب المادة 95 من الدستور وليس للجهة التي يعهد لها باختصاص أن تراقب أكثر منه
المحكمة تجاوزت اختصاصها وخالفت صراحة أحكام الدستور الذي حدد ولايتها على سبيل الحصر
سلطة المحكمة هي رقابة عدم دستورية التشريعات وأعمال السيادة ليست تشريعات حتى تمتد رقابتها إليها
أعمال السيادة لا توصف بالقرارات دون إضافة مصطلح «سياسية» لها
مصطلح قرار يعني القرارات الإدارية اللائحية والفردية وعموما القرارات القانونية
المادة 173 حددت اختصاصات المحكمة الدستورية برقابة القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح فقط
الطبيعة غير الإدارية لأعمال السيادة جعلت القضاء يعتبرها تخرج عن رقابته
إذا كان مرسوم الحل منعدماً فكيف تقرر المحكمة سريان ونفاذ القوانين التي أصدرها المجلس المبطل؟!
أكد الخبير الدستوري رئيس قسم القانون في كلية الحقوق في جامعة الكويت د.ابراهيم الحمود ان مرسوم الحل عمل سياسي لا محل لمناقشته والبحث في دواعي صدوره من قبل المحكمة الدستورية وقال في دراسة خص بها «الوطن»: «ان المحكمة اخطأت في تكييفها لمرسوم الحل رقم 443 لسنة 2011 بوصفه حلا وزاريا معللا ذلك بأنه حل رئاسي ليس مصدره رئيس الوزراء الجديد ولا القديم مستندا في ذلك الى ما جاء في ديباجة المرسوم».
وأضاف: إن أعمال السيادة لا تخضع أصلا لرقابة القضاء حتى يقرر بطلانها أو انعدامها، مشيراً إلى أن ما جاء في ديباجة مرسوم الحل يؤكد أنه رئاسي «إزاء ما آلت إليه الأمور وتعثر مسيرة الانجاز وتهديد المصالح العليا للبلاد مما يستوجب العودة إلى الأمة لاختيار ممثليها».
وأوضح د.الحمود أن الحل لا يكون إلا بمرسوم أي يتعين أن يشمل على توقيع رئيس مجلس الوزراء إلى جانب توقيع سمو الأمير وهذا ما حصل، مبينا أن تعيين رئيس وزراء جديد كان لهذه الغاية.
وأشار إلى أن هناك مناطق من الدستور لا يجوز للمحكمة الدستورية أن تمد بصرها إليها وهي المناطق ذات الطبيعة السياسية، مبينا أن المحكمة الدستورية محكمة قانون بالمعنى الواسع وليست محكمة سياسية تفحص وتراقب البواعث السياسية، وأفاد الحمود بأن اختصاص المحكمة الدستورية في الطعون الانتخابية يكون بحسبانها محكمة موضوع وليست محكمة دستورية، مشيرا إلى أن المختص أصلا بالطعون الانتخابية مجلس الأمة بحسب المادة 95 من الدستور وليس للجهة التي يعهد لها باختصاص أن تراقب أكثر منه.
ورأى أن المحكمة تجاوزت اختصاصها وخالفت صراحة أحكام الدستور الذي حدد ولايتها على سبيل الحصر.
وأكد د.الحمود أن سلطة المحكمة رقابة عدم دستورية التشريعات وأعمال السيادة ليست تشريعات حتى تمتد رقابتها إليها، مبينا أن أعمال السيادة لا توصف بالقرارات دون إضافة مصطلح سياسية لها، لافتا إلى أن مصطلح قرار يعني القرارات الإدارية اللائحية والفردية وعموما القرارات القانونية.
وذكر أن المادة 173 حددت اختصاصات المحكمة الدستورية برقابة القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح فقط، مشيراً إلى أن الطبيعة غير الإدارية لأعمال السيادة جعلت القضاء يعتبرها تخرج من رقابته، وهذه تفاصيل الدراسة:
في ضوء دراسة حكم المحكمة الدستورية ببطلان المرسوم بحل مجلس الأمة رقم (443) لسنة 2011 مفهوم أعمال السيادة وفقاً لأحكام القضاء الدستوري الكويتي والمقارن
القرارات السياسية هو المصطلح الذي كان يستخدم لوصف ثلاثة أنواع من القرارات ذات الصبغ السياسية: أعمال السيادة والاقتراحات والقرارات البرلمانية، ولكن هذا المصطلح لم يعد يستخدم في الفقه القانوني المعاصر وسوف نركز في دراستنا على أعمال السيادة.
وأن أعمال السيادة هي القرارات التي لا تخضع لرقابة القضاء بحسبانها ذات طبيعة سياسية أو كما يطلق عليها القضاء القرارات الخاضعة لنظرية الدافع السياسي.
وتعرف أعمال السيادة بشكل وجانب إيجابي فهي القرارات الحكومية «بالمفهوم الواسع» التي تظهر كقرارات سياسية بسبب الموضوعات التي تتدخل بها أو كما يسميها الفقه القديم «الموضوعات الحكومية».
وبسبب طبيعة هذه القرارات فإن منازعتها تخرج عن اختصاص القضاء الإداري وهي كذلك بسبب هذه الطبيعة تخرج عن اختصاص القاضي العادي، ان هذه القرارات يمكن إدراجها تحت حالة الحصانة القضائية أو «المناعة القضائية».
وهكذا فإن الحكمة من استبعاد أعمال السيادة من ولاية القضاء أنها تتصل بسيادة الدولة في الداخل والخارج ولا تقبل بطبيعتها أن تكون محلا للتقاضي لما يحيط بها من اعتبارات سياسية تبرر تخويل السلطة التنفيذية سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقاً تحقيقاً لصالح الوطن وأمنه وسلامته، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه من اجراءات في هذا الصدد لأن ذلك يقتضي توافر معلومات وعناصر وموازين تقدير مختلفة لا تتاح للقضاء، وذلك فضلا عن عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علنا في ساحات القضاء: «حكم الدستورية العليا المصرية، جلسة 1977/2/5ج- ص- ص32».
ومما لا شك فيه أن الاعتبارات التي اقتضت استبعاد أعمال السيادة من ولاية القضاء العادي والقضاء الإداري قائمة في شأن القضاء الدستوري، ومن ثم يتعين استبعاد النظر في هذه الأعمال من ولاية المحاكم الدستورية دون حاجة إلى نص يقضي بذلك.
ولا مندوحة من ان استبعاد أعمال السيادة من ولاية المحاكم والقضاء على مختلف أنواعه وتراتيبه بحسبان استقرار هذه النظرية في النظم القضائية في الدول المحتضرة، وغدت أصلا من الأصول القضائية الثابتة، ومما يؤيد وجهة النظر هذه أن القضاء المقارن في فرنسا ومصر قد جرى على استبعاد النظر في هذه الأعمال من ولاية المحاكم فيه قبل النص على ذلك صراحة ففي مصر قد طبق القاضي أعمال السيادة قبل النص على ذلك صراحة في لائحة ترتيب المحاكم المختلفة عند تعديلها سنة 1900 وفي لائحة ترتيب المحاكم الوطنية عند تعديلها سنة 1973.
وإذا كانت هذه القرارات لا تخضع لرقابة القضاء فإن آثارها كذلك لا تخضع للقضاء أن يتعرض إليها بدعاوى المسؤولية.
وفي دولة القانون يمكن انتقاد هذه الحصانة لمخالفتها لفكرة المشروعية لاسيما إذا كان القاضي الاداري أصبح يحكم بالتعويض تبعاً لمسؤولية الدولة عن القوانين والمعاهدات الدولية فإنه يتعين أن تكون له القدرة ويعترف له بالاختصاص في التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال السيادة.
إن الحصانة القضائية لاعمال السيادة يكن فهمها بشكل معمق إذا عرفنا الاساس لهذه الحصانة.
إن حكم المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 20 يونيو 2012، قد أوجد مفاهيم جديدة لاعمال السيادة ومدى اختصاص القضاء الدستوري في الرقابة عليها ولو كان ذلك بمناسبة تصديه كقضاء عادي لموضوع الطعون الانتخابية.
لذلك فإننا سوف نقوم بدراسة الآتي:
أولا: مفهوم عدم الاختصاص القضائي في رقابة أعمال السيادة.
ثانيا: توسيع المحكمة الدستورية لاختصاصاتها.
أولا: مفهوم عدم الاختصاص القضائي في رقابة أعمال السيادة.
ان عدم الاختصاص القضائي في رقابة اعمال السيادة يتطلب فهم فكرة عدم الاختصاص من ناحية ثم الوقوف على ماهية أعمال السيادة.
أ- عدم الاختصاص القضائي.
إن عدم الاختصاص القضائي هو الذي يميز أعمال السيادة ولكن هذه الحصانة لا تفسر فقط بعدم قبول الدعاوى الموجهة ضد أعمال السيادة إذ إن قاضي التنازع في فرنسا والقاضي في الكويت عليه الالتزام ببيان الطبيعة القانونية للقرارات محل الدعوى وهل تعتبر من أعمال السيادة أم لا إنها ليست كذلك.
وإن معرفة على ماذا يستند عدم الاختصاص القضائي في مواجهة اعمال السيادة، فإنه يمكن تعليل ذلك وفقاً لفكرة الفصل بين القاضي والسياسة وأن أعمال السيادة كقرارات وضعت لها قائمة من القضاء، وأن السلطة التقديرية للقاضي لعبت دوراً في تحديد هذه القائمة.
إن الطبيعة غير الإدارية لأعمال السيادة هي التي جعلت القضاء يعتبر هذه القرارات تخرج عن رقابته، وهكذا فإن أعمال السيادة تعتبر قرارات غير إدارية وأن أعمال السيادة مختلفة كلية عن الأعمال الإدارية.
ووفقا لعبارات القضاء فإن أعمال السيادة هي من ناحية قرارات السلطة التنفيذية ذات العلاقة بالبرلمان وهي من ناحية ثانية القرارات ذات العلاقة بين الدولة والمنظمات الدولية والدول الأجنبية.
-1 عدم اختصاص القضاء الإداري والعادي.
إن أعمال السيادة هي تلك الأعمال التي تتصل بالسياسة العليا للدولة، وبالاجراءات التي تتخذها الحكومة بما لها من سلطة عليا حفاظاً على سيادة الدولة وكيانها في الداخل والخارج، وتصدر الحكومة هذه الأعمال بحسبانها سلطة حكم لا سلطة إدارة.
إن أعمال الحكومة في تنفيذ القوانين وإصدار اللوائح من أعمال الحكومة بحسبانها سلطة إدارة أي أنها من قبيل أعمال الحكومة العادية التي تلتزم فيها المشروعية وتحتم عليها إصدارها وفقا للقوانين وهي عموماً أعمال لا تحتوي على خطورة سياسية تتعلق بالسياسة العليا للدولة.
وفي هذا الصدد ذهبت المحكمة الدستورية العليا في مصر إلى أنه:
يبين من استقصاء التشريعات المنظمة لمجلس الدولة منذ أنشئ بالقانون رقم 112 لسنة 1946 والذي استبدل به القانون رقم 9 لسنة 1949 كما أعيد تنظيمه مرة بالقانون رقم 165 لسنة 1955 وأخرى بالقانون رقم 55 لسنة 1959 وهو القانون القائم، يبين من ذلك ان هذه التشريعات كافة قد تضمن كل منها نصا يقضي بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء اداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة- المادة «6» من القانون رقم 112 لسنة 1946 والمادة «7» من القانون رقم 9 لسنة 1949 والمادة «12» من القانون رقم 165 لسنة 1955 والمادة «12» من القانون رقم 55 لسنة- 1959 وقد نهج المشرع في القانون رقم 112 لسنة 1946 بإنشاء مجلس الدولة سبيل تحديد بعض أعمال السيادة على سبيل المثال فنصت المادة السادسة من هذا القانون على ما يأتي: «لا تقبل الطلبات المقدمة عن القرارات المتعلقة بالأعمال المنظمة لعلاقات الحكومة بمجلس البرلمان وعن التدابير الخاصة بالأمن الداخلي والخارجية للدولة وعن العلاقات السياسية والمسائل الخاصة بالأعمال الحربية، على العموم سائر الطلبات المتعلقة بعمل من أعمال السيادة ثم عدل المشروع عن هذا النهج في القانون رقم 165 لسنة 1955 فاستبعد ما ورد من هذه الأعمال على سبيل المثال، وجاء نص المادة «12» منه على النحو الآتي: «لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء اداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة» وقد أقر القانون رقم 55 لسنة 1959 هذا النص في المادة الثانية عشرة، وبذلك ترك المشرع للقضاء تحديد ما يعتبر من أعمال السيادة وما لا يعتبر منها).
«القضية رقم 2 لسنة 1 قضائية «دستورية» بجلسة 1971/11/6 ج1 «عليا» ص30»
وفي الكويت فإن القاضي الاداري في تطبيق أحكام القانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية للنظر في المنازعات الإدارية اعتبر القرارات الصادرة بشأن اكتساب الجنسية من اعمال السيادة في حين ان مسائل استحقاق الجنسية الكويتية بالتأسيس لم يعتبرها من قبيل هذه الأعمال.
وقضت محكمة التمييز الكويتية بأن «الجنسية الكويتية بالدم اللصيقة بالميلاد والتي تستحق لكل من ولد لأب كويتي دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية أو أي اجراء آخر، لا تكون إلا إذا ثبت على وجه قاطع دون منازعة تسلسل الولد عن أب كويتي الجنسية وثبوت نسبه منه، أما عدا ذلك فلا يكون إلا اكتسابا للجنسية لا يتم بطريق المنح من الجهة المختصة، وهي مسائل تتسم بطابع سياسي يتعلق بكيان الدولة وحقها في تخير المنضمين إلى جنسيتها وتحديد ركن الشعب المنتمي إليها في ضوء ما تراه، وبما تعد معه صورة من أعمال السيادة التي تصدر من الحكومة بوصفها سلطة حكم» ورتبت المحكمة على ذلك أن المنازعة في ثبوت النسب لأب كويتي، وصدور حكم بات بنفي هذا النسب، يجعل ما يدعيه الطاعن من حق في الجنسية الكويتية غير ثابت له قانونا بمجرد الميلاد، ويضحى طلبه الحكم بإلزام الجهة الإدارية بإدراجا سمه في ملف جنسية الأب الكويتي المتوفى، إثر امتناعها عن الاستجابة له في ذلك، منطوياً على منازعة في مسألة من مسائل الجنسية، ومستهدفاً في حقيقته طلب الغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن منحه الجنسية الكويتية، وهو أمر يعد من أعمال السيادة تنأى عنه ولاية القضاء «التمييز، طعن رقم 687 لسنة 2005 اداري جلسة 2007/10/30».
كما قضت محكمة التمييز في حكم آخر بأن «قانون الجنسية الكويتية الصادر بالمرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 قد أورد في المادة الثانية منه قاعدة عامة مفادها أن يكون كويتياً كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي، وقد كشف المشرع بذلك عن مراده في استحقاق الجنسية الكويتية لكل من ولد لأب كويتي لتصبح الجنسية لصيقة بالميلاد وقرينة قاطعة دون حاجة إلى اجراء آخر، متى ثبت على وجه قاطع نسبة المولود إلى أب كويتي، ويترتب على ذلك أحقيته في منحه جواز سفر، ولا يعد ذلك خوضاً في سلطة الإرادة في مسائل الجنسية، وإنما هو لا يعدو أن يكون اعمالا لصريح حكم القانون.
«التمييز، طعن رقم 982 لسنة 2005 إداري جلسة 2006/9/26»
-2 عدم اختصاص القضاء الدستوري
وإذا كانت نظرية اعمال السيادة من ابتداعات القضاء الاداري في استبعاد رقابته على الأعمال التي تتصل بالسياسة العليا بالدولة وبالإجراءات التي تتخذها الحكومة بما لها من السلطة العليا للمحافظة على كيان الدولة وسيادتها في الداخل وحمايتها من الخارج فإن ذات الصلة موجودة في القضاء الدستوري في استبعاد الأعمال السياسية من الرقابة القضائية تأسيسا على أن طبيعة هذه الأعمال تأبى أن تكون محلا لدعوى قضائية.
وقد جرى القضاء الدستوري- في الدول الآخذة به- على استبعاد الأعمال السياسية من نطاق ولايته وخروجها بالتالي من مجال رقابته على دستورية التشريع، وقد اختص الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هذه المحكمة دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، واستهدف بذلك ضمان الشرعية الدستورية بصون الدستور القائم وحمايته من الخروج على احكامه، وترسيخ مفهوم الديموقراطية- أو بكفالة الحريات والحقوق العامة- وهي هدفها- أو بالمشاركة في ممارسة السلطة- وهي وسيلتها- وذلك على نحو ما جرت به نصوصه ومبادئه التي تمثل الأصول والقواعد التي يقوم عليها نظام الحكم، وتستوي على القمة في مدارج البيان القانوني، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام ومن ثم يتعين- باعتبارها اسمى القواعد الآمرة- التزامها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات، وإذا كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساسها- كأصل عام- في مبدأ الشرعية وسيادة القانون وخضوع الدولة له، إلا انه يرد على هذا الأصل- وفقا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – استبعاد الأعمال السياسية»، من مجال هذه الرقابة القضائية تأسيسا على أن طبيعة هذه الأعمال تأبى أن تكون محلا لدعوى قضائية، وحيث ان العبرة في تحديد التكييف القانوني «للأعمال السياسية» وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- هي بطبيعة العمل ذاته لا بالأوصاف التي قد يخلعها المشرع عليه متى كانت طبيعته تتنافى وهذه الأوصاف، ذلك ان استبعاد «الأعمال السياسية» من ولاية القضاء الدستوري إنما يأتي تحقيقا للاعتبارات السياسية التي تقتضي- بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسي اتصالا وثيقا أو بسيادتها في الداخل أو الخارج- النأي بها عن نطاق الرقابة القضائية استجابة لدواعي الحفاظ على الدولة والذود عن سيادتها ورعاية مصالحها العليا، مما يقتضي منح الجهة القائمة بهذه الأعمال- سواء كانت هي السلطة التشريعية أو التنفيذية- سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقاً تحقيقا لصالح الوطن وسلامته، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه في هذا الصدد، ولأن النظر فيها والتعقيب عليها يستلزم توافر معلومات وضوابط وموازين تقدير لا تتاح للقضاء، فضلا عن عدم ملاءمة طرح المسائل علنا في ساحاته ومن ثم فالمحكمة الدستورية العليا وحدها التي تحدد- بالنظر إلى طبيعة المسائل التي تنظمها النصوص المطعون عليها- ما اذا كانت النصوص المطروحة عليها تعتبر من الاعمال السياسية فتخرج عن ولايتها بالرقابة على الدستورية ام انها ليست كذلك فتبسط عليها رقابتها).
(القضية رقم 10 لسنة 14 قضائية دستورية بجلسة 1993/6/19 ج2/5 دستورية س 376»)
وقد انتهج القضاء الدستوري الكويتي ذات النهج معتبرا أعمال السيادة مستبعدا من ولايته دونما حاجة إلى نص في قانون انشاء المحكمة الدستورية بحسبان طبيعة هذه الأعمال وتحقيقا للاعتبارات السياسية واتصال هذه الأعمال بنظام الدولة السياسي اتصالا وثيقا أو بسيادتها في الداخل أو الخارج.
وإذا كانت لجنة فحص الطعون في حكمها رقم 1982/2 دستوري الصادر في 1982/6/28 قد بينت مفهوم اعمال السيادة وعدم خضوعها لرقابة القضاء بما في ذلك القضاء الدستوري فإن المحكمة الدستورية في حكمها رقم 1994/1 دستوري بتاريخ 1994/5/17 قد اكدت بتعينها لحكم لجنة فحص الطعون السابق الإشارة إليه صراحة بنصها بأنه (… وكانت محكمة الموضوع قد استظهرت جدية المنازعة الدستورية على ضوء الأسباب التي قام عليها الحكم الدستوري رقم 1982/2 دستوري الصادر بتاريخ 1982/6/28 ومن ثم كان عليها أن تفطن إلى مضمون ما سلف ذكره وتنزل قضائها على مقتضاه…).
كما اكدت المحكمة الدستورية في الكويت منهجها هذا في الحكم الدستوري رقم 1999/2 بجلسة 1999/4/27 انه «.. اعمال السيادة، وكما عرفها القضاء، هي تلك الاعمال التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة ارادة، فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقتها بالسلطات العامة الاخرى، داخلية كانت ام خارجية، او تجربتها اضطرارا للمحافظة على كيان الدولة في الداخل او الذود عن سيادتها في الخارج، وهذه الاعمال وان كانت لاتقبل الحصر والتحديد الا ان المستقر عليه ان المرد في تحديدها يرجع الى السلطة التقديرية للقضاء وحدة ، ليقرر مايعتبر من اعمال السيادة وما لا يعتبر منها بحسب ظروف وطبيعة كل عمل من تلك الاعمال التي تجمعها اطار عام هي انها تصدر عن الدولة بما لها من سلطة عليا وسيادة في الداخل والخارج، مستهدفة تحقيق مصلحة الجماعة، ويندرج ضمن اعمال السيادة المنظمة لعلاقة الحكومة بالسلطة التشريعية، ومنها استعمال السلطة التنفيذية لحقوقها المتعلقة بالتشريع، كاقتراح القوانين، كما تدخل فيها المسائل السياسية التي تعد المجال الحيوي والطبيعي لنظرية اعمال السيادة، وهذه الاعمال قد تكون قوانين مباشرة من الهيئة التشريعية، بما ذهب معه القضاء الدستوري المقارن الى القول ان مجال تطبيق نظرية اعمال السيادة صار ممتدا ليشمل النصوص التشريعية، ولم يعد يقتصر على الاعمال الادارية، كما ان هذه النظرية هي نظرية مرنة ومتطورة تستجيب للدواعي والظروف القائمة في الدولة وقت تقدير العمل الذي يدور حوله النزاع لارتباط ذلك بسيادة الدولة العليا واحوالها الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة، واذا كانت نظرية اعمال السيادة هي في اصلها قضائية النشأة وولدت في ساحة القضاء الاداري المقارن وتطورت به قواعدها، الا انها غدت ذات اساس تشريعي في بعض الدول ومنها الكويت ، فقد نصت المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء رقم 90/23 على انه «ليس للمحاكم ان تنظر اعمال السيادة» مما اضحت معه اعمال السيادة مستبعدة من ولاية المحاكم عامة، واذا كانت الرقابة على دستورية القوانين واللوائح تجد اساسا لها- كأصل عام – في مبدأ الشرعية وسيادة القانون وخضوع الدولة لاحكامه الا انه يستثنى من هذا الاصل – وفقا لما جرى عليه القضاء الدستوري – اعمال السيادة ، ومنها الاعمال السياسية، فتخرج من مجال هذه الرقابة، ولو بغير نص يقضي بذلك، اذ ان هذه قاعدة مستقرة في النظم القضائية في الدول المتحضرة، وغدت اصلا من الاصول القضائية الثابتة، تأسيساً على ان طبيعة هذه الاعمال تأبى ان تكون محلاً لدعوى قضائية، تحقيقاً للاعتبارات السياسية واستجابة لدواعي الحفاظ على كيان الدولة، مما يقتضي منحها سلطة تقديرية – بسلطتيها التشريعية والتنفيذية فيما تجريه من اعمال – ابعد مدى وأوسع نطاقاً، وتحقيقاً لصالح الوطن وسلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ماتتخذه الدولة في هذا الصدد، لان النظر في تلك الاعمال يستلزم توافر معلومات وضوابط وموازين يناط بالدولة تقديرها، فضلاً عن عدم ملاءمة طرح هذه المسائل للمنازعة امام القضاء العادي، ومن ثم فان المحكمة الدستورية وحدها هي التي تحدد ما اذا كان النص المطعون عليه يعتبر من الاعمال السياسية، فيخرج عن ولايتها بالرقابة الدستورية، او انه لا يعتبر كذلك فتبسط عليه رقابتها، لما كان ذلك، وكان النص المطعون عليه وهو الفقرة الخامسة من المادة الاولى من قانون انشاء الدائرة الادارية رقم 81/20 المعدل بالقانون رقم 82/61 في شقها الخاص بعدم اختصاصها بالنظر في مسألة اصدار الصحف والمجلات، ضمن مسائل اخرى محظورة، فانه بالنظر الى الظروف المحيطة بدولة الكويت، التي يتربص بها الطامعون في ثروتها ومواردها، وتتهددها الاخطار المحدقة بامنها واستقلالها وكيانها، فضلا عما تموج به المنطقة من تيارات ومبادئ متبانية، ومصالح سياسية متصارعة، بما يتبدى معه موضوع منح او منع تراخيص اصدار الصحف والمجلات، مسألة سياسية لما تنتجه من امور تنعكس اثارها على سلامة وامن الدولة في الداخل، وعلاقتها بغيرها من الدول بالخارج، وهذا الامر هو المستفاد من اعتراض الأمير على المشروع الخاص بالمادة المطعون عليها – بالصيغة المقدمة – وقتئذ – واعادته الى المجلس لاعادة النظر فيما تضمنه من القول بان القانون عندما نأى بهذه المسائل – ومنها تراخيص اصدار الصحف والمجلات – عن ان تكون محل جدل امام القضاء وان لا تكون مثار منازعات وخصومات بين الافراد والدولة لم يكن يقصد الا الحفاظ على كيان الدولة وسلامة المجتمع واستقراره، وقد ترك القانون هذه المسائل خاضعة لمسؤولية الحكومة السياسية تتصرف فيها على ضوء تقديرها للمصلحة العامة، وصالح المواطنين تحت رقابة السلطة التشريعية، وكل هذا يتفق مع طبيعة هذه المسائل واتصالها بالسياسة العامة للدولة، فاذا ما قدرت السلطة التشريعية ان ثمة مساساً لهذه المسألة بالمصلحة العليا للدولة استبعدت المنازعات التي تنشأ حول القرارات الصادرة بشأن تلك المسألة من نطاق الرقابة القضائية وان تقديرها في هذا الخصوص غير قبال لطرحه ورقابته قضاء دون الزامها بالافصاح عن السبب الذي دفعها لاستبعاد اصدار تراخيص الصحف والمجلات من اختصاص الدائرة الادارية، اذ من المقرر ان ملاءمة التشريع والباعث على اصداره هو من اطلاقات السلطة التشريعية ما لم يقيدها الدستور بحدود وضوابط معينة، لما كان ذلك، ولما سلف فان النص المطعون عليه انما يكون من قبيل الاعمال السياسية التي تتولاها السلطة التشريعية مما يدخله ضمن طائفة اعمال السيادة التي تنأى عن الرقابة القضائية للمحكمة الدستورية، بما تضحى معه هذه المحكمة غير مختصة بالمنازعة المطروحة وهو ما يتعين القضاء به».
ب – ماهية أعمال السيادة
يمكن بيان اعمال السيادة في الآتي:-
-1 القرارات التي تتخذها الحكومة في علاقتها بالبرلمان:
تعتبر من اعمال السيادة المراسيم بدعوة مجلس الامة للانعقاد والمراسيم بانتهاء ادوار الانعقاد والفصول التشريعية سواء كانت عادية او غير عادية وكذلك المراسيم بتأجيل جلسات انعقاد مجلس الامة.
ومن اهم اعمال السيادة المراسيم بحل مجلس الامة، وهذه المراسيم تكون بمنأى عن الرقابة القضائية بما فيها رقابة المحكمة الدستورية فلا تستطيع المحكمة الدستورية ان تتصدى لدعوى الغاء مرسوم حل المجلس «انظر في ذلك قرار المجلس الدستوري الفرنسي الصادر في 4 يونيو 1988».
ومن اعمال السيادة المراسيم الخاصة بتقديم مشروعات القوانين وسحبها والمراسيم باعتراض سمو الأمير على اقرار مجلس الامة لمشروع او اقتراح بقانون، وكذلك القرارات التي تتخذها الحكومة في جلسات المجلس التشريعي. ويعتبر من اعمال السيادة كذلك التصديق على القوانين واصدارها.
ومن اعمال السيادة احالة قانون او مرسوم بقانون او لائحة من قبل الحكومة او المجلس للمحكمة الدستورية بطلب تفسير او طعن بعدم دستورية.
ومن اعمال السيادة اعلان الاحكام العرفية وكذلك اللجوء لتفعيل المادة «71» من الدستور وليس المراسيم بقوانين ذاتها التي تخضع لرقابة القضاء الدستوري.
-2 الاعمال في علاقة سمو الأمير بالحكومة
تعتبر من اعمال السيادة استدعاء سمو الأمير لرئيس الوزراء والوزراء وكذلك الطلب من رئيس مجلس الوزراء تقديم استقالته والطلب من الوزراء تقديم استقالاتهم كذلك يعتبر من اعمال السيادة ترشيح سمو الأمير لولي العهد وتعيين رئيس مجلس الوزراء ونرى بان مراسيم تعيين الوزراء من اعمال السيادة، وكذلك تعيين نائب الأمير في حالة تعذر نيابة ولي العهد ان قرار سمو الأمير اعتزاله لرئاسة الدولة يعتبر من اعمال السيادة.
-3 الإعلانات:
تعتبر الاعلانات السياسية لسمو الأمير والحكومة من اعمال السيادة ونقصد بها الدعوة لمؤتمر صحافي لسمو الأمير او لرئيس مجلس الوزراء او الوزراء بمناسبة ممارستهم لاعمالهم السياسية.
ثانياً: توسيع المحكمة الدستورية لاختصاصاتها
قررت المحكمة الدستورية في حكمها محل الدراسة لانه لا يجوز التذرع بوجود مناطق من الدستور لا بجوز لهذه المحكمة ان تمد بصرها اليها، وهكذا الغت المحكمة نظرية اعمال السيادة برمتها واصبحت تمارس رقابتها على المراسيم ذات الصلة بالعمل البرلماني وتحكم عليها وتتابع اجراءاتها وهل ترى بان اختصاصها ليس محصوراً بنص المادة «173» من الدستور بل هي تراقب كل مناطق الدستور وجميع الاعمال وان لم تكن قوانين او مراسيم بقوانين او لوائح.
أ- اسقاط المحكمة لنظرية اعمال السيادة
ذهبت المحكمة بعد قبولها للطعن شكلا بالقول بان مبنى الطعن ببطلان الانتخابات ان هذه الانتخابات (قد اعتورها مخالفات دستورية في الاجراءات الممهدة لها تصمها بالبطلان لانطوائها على خرج على نصوص الدستور).
ومنذ البداية نرى بان المحكمة تحاول ان تبسط رقابتها على مرسوم الحل ولكن بشكل غير مباشر محاولة عدم الظهور بمظهر المراقب لاعمال السيادة اذا اعلنت بانه (الواضح من نص الطاعنة في هذا الشق من طلبها انها قد اقتصر على الاجراءات التي اتخذها السلطة التنفيذية في حل مجلس الامة).
وتؤكد المحكمة ان (القيود الاجرائية التي فرضها الدستور على السلطة التنفيذية لايجوز اسقاطها او تجاوزها او التحلل منها تذرعا منها بانها اعمال سياسية اذ ان هذا القول لا يستقيم في مجال اعمال سلطتها المقيدة طبقا للدستور).
والمحكمة بتقريرها هذا قد اعطت لنفسها الحق بفحص ورقابة القيود الاجرائية على السلطة التنفيذية لممارسة اعمال السيادة وفي حقيقة الامر ان المحكمة قررت لنفسها الحق ليس فقط برقابة هذه الاجراءات وانما حتى اعمال السيادة ذاتها اي انها تراقب اعمال السيادة وكذلك تراقب اجراءات اصدارها وممارستها، وترى المحكمة بان القيود الاجرائية التي فرضها الدستور على السلطة التنفيذية لا يجوز اسقاطها او تجاوزها او التحلل منها تذرعاً بانها اعمال سياسية اذ ان هذا القول لا يستقيم في مجال اعمال سلطتها المقيدة طبقا للدستور.
وهكذا فان المحكمة اصبحت تراقب الاجراءات اللازمة لاعمال السيادة وتعتقد بان هذه الاجراءات هي قيود فرضها الدستور على اصدار هذه الاعمال ومن ثم لا يجوز اسقاطها او تجاوزها او التحلل منها وفي نظر المحكمة الدستورية هكذا اصبحت اعمال السيادة تخضع لرقابة القضاء الدستوري سواء في جانبها الاجرائي بحسبان سلطات السلطة التنفيذية مقيدة طبقا للدستور او حتى ذاتها بحسبانها ادنى مرتبة من القوانين.
واذا كان الدستور في المادة 173 منه قد حدد اختصاصات المحكمة الدستورية برقابة القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح فقط من بين جملة الاعمال القانونية وغير القانونية فان المحكمة تفترض امتداد اختصاصها ليشمل اعمال السيادة دونما نص بحجة انه ليس من المقبول ان يسمح النظام الدستوري بالرقابة على دستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح، توصلا الى الحكم بعدم دستورية التشريعات المخالفة للدستور سواء صدرت هذه التشريعات من السلطة التشريعية او من السلطة التنفيذية وان يعهد بهذا الاختصاص الى المحكمة الدستورية في حين تستعصي بعض الاجراءات الممهدة لعملية الانتخاب والصادر بشأنها قرارات من السلطة التنفيذية على الفحص والتدقيق.. للاستيثاق من اتفاق او تعارض هذه الاجراءات مع الدستور والا جاز التذرع بوجود مناطق من الدستور لا يجوز لهذه المحكمة ان تمد بصرها اليها فتغدو هذه القرارات وهي ادنى مرتبة من القانون اكثر قوة وامتيازاً من القانون نفسه.
ومن ذلك نلاحظ بان المحكمة الدستورية قد بسطت رقابتها على اعمال السيادة فهي تصفها بالقرارات وانها مجرد اجراءات ممهدة لعملية الانتخاب من ناحية واذا كانت المحكمة تراقب دستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح فانها تبسط رقابتها على كل التشريعات سواء صدرت من السلطة التشريعية او التنفيذية من ناحية اخرى وفي حقيقة الامر والواقع ان المحكمة جانبها الصواب في هذا القياس فسلطتها رقابة عدم دستورية التشريعات واعمال السيادة ليست تشريعات حتى تمتد رقابتها اليها كما ان المحكمة الدستورية يجانبها الصواب توغلا منها في مفاهيم غير صحيحة بوصفها اعمال السيادة بانها قرارات فهي ليست كذلك فمصطلح قرار يعني القرارات الادارية اللائحية والفردية وعموما القرارات القانونية اما اعمال السيادة فهي اعمال لا توصف بالقرارات دون اضافة مصطلح سياسية لها وعندما تصف المحكمة اعمال السيادة بالقرارات فانها تريد الايحاء بان القرارات تخضع لرقابتها سواء اكانت لوائح او غير ذلك من القرارات السياسية كاعمال السيادة والاقتراحات السياسية بل وحتى القرارات البرلمانية.
وفي حقيقة الامر والواقع ان اختصاص المحكمة الدستورية في الرقابة الدستورية انما ينحصر في المسائل الدستورية وبحسبان المحكمة دستورية ان تراقب دستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح على سبيل الحصر دون امتداد اختصاصها لمراقبة دستورية انواع اخرى من الاعمال وبذلك فان المحكمة قد تجاوزت اختصاصها وخالفت صراحة احكام الدستور الذي حدد ولايتها على سبيل الحصر.
كما ان اختصاص المحكمة في الطعون الانتخابية انما يكون بحسبانها محكمة موضوع وليست محكمة دستورية وهي تفحص هذه الطعون بهذه الصفة دون غيرها لاسيما وان المختص اصلا بالطعون الانتخابية هو مجلس الامة بحسب نص المادة 95 من الدستور واعطى المشرع الدستوري لمجلس الامة الحق في ان يعهد بهذا الاختصاص لاي جهة قضائية وهكذا فان الجهة القضائية التي يعهد اليها فحص الطعون الانتخابية ليس لها ان تراقب باكثر مما يستطيع صاحب الاختصاص الاصيل بالمراقبة.
ان حجة المحكمة الدستورية بان قانون انشائها اسند لها اختصاص فحص الطعون الانتخابية وهو اختصاص شامل مما يعني بسط رقابتها على عملية الانتخاب برمتها للتأكد من صحتها او فسادها، فان هذا الاستنتاج فاسد من ناحية لايمكن للقانون ان يخالف الدستور في تحدي الاختصاصات وحصر السلطات فالدستور في المادة 173 حدد اختصاصات المحكمة في الرقابة على دستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح فقط دون المراسيم في العلاقة مع السلطة التشريعية او القرارات البرلمانية او المراسيم والاعمال في العلاقات الدولية فهذه الاعمال تخرج عن اختصاصات المحكمة الدستورية ومن ناحية ثانية فان المحكمة الدستورية وهي بصدد فحص الطعون الانتخابية لاتستطيع ان تراقب دستورية قانون الانتخاب ذاته بحسبان انها في مسائل الطعون الانتخابية هي قاض عادي وليس دستورياً واذا افترضنا جدلا امتدادا رقابتها بحسبانها محكمة دستورية الى الاجراءات السابقة للعملية الانتخابية فان ذلك محصور ايضا برقابة دستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح فمن لا يملك الحق ابتداء لايستطيع امتلاكه تبعا لممارسة حق آخر فالمحكمة الدستورية لا تملك اصلا مراقبة دستورية المراسيم السيادية ابتداء فلا تستطيع مراقبتها تبعا لممارسة حق اخر كرقابة وفحص الطعون الانتخابية وهذا يعني ان المحكمة الدستورية قد اوصد امامها باب رقابة اعمال السيادة بموجب الدستور فاذا بها دخلت من الشباك لتمارس الاختصاص المحرومة منه دستورياً.
واذا كانت المحكمة الدستورية تملك رقابة دستورية القوانين فهل يعني ذلك بانها تمد رقابتها للقرارات البرلمانية كقرار مجلس الامة بسحب مشروع قانون الميزانية العامة للدولة من لجنة الميزانيات والحسابات الختامية ومناقشته بالمجلس والتصويت عليه.
ولا مندوحة من توسع المحكمة الدستورية ومحاولة التأكيد على بسط سطاتها على كل السلطات بمقولتها في حكمها بانه (والا التذرع بوجود مناطق من الدستور لا يجوز لهذا المحكمة ان تمد بصرها اليها..).
فهل هذا يعني اسقاط نظرية اعمال السيادة برمتها واسقاط مفهوم حصانة القرارات البرلمانية واعمال العلاقات الخارجية.
ان حكم المحكمة الدستورية يعني بانه سوف يراقب اجراءات ان لم يكن مضمون الامر الاميري في ترشيح ولي العهد. واذا كان سمو الامير يعين رئيس الوزراء بأمر اميري بعد المشاورات التقليدية فهل يعني ذلك لو ان سمو الامير لم يستشر جميع رؤساء مجالس الامة السابقين فان الامر الاميري يكون غير دستوري وتبطله المحكمة. واذا لم يستشر سمو الامير رؤساء المجموعات السياسية او اقتصرت استشارته على بعض المجموعات فهل يعني ذلك بطلان الامر الاميري بتعيين رئيس مجلس الوزراء.
في حقيقة الامر والواقع ان هناك مناطق من الدستور لا يجوز للمحكمة الدستورية ان تمد بصرها اليها وهي المناطق ذات الطبيعة السياسية فالمحكمة الدستورية هي محكمة قانون بالمعنى الواسع وليست محكمة سياسة تفحص وتراقب البواعث السياسية والقول بغير ذلك يذكرنا بحكومة القاضي.
بدء الخطأ في تكييف مرسوم حل مجلس 2009
لقد اخطأت المحكة الدستورية في حكمها محل الدراسة في تكييف المرسوم الاميري رقم 443 لسنة 2011 بحل مجلس الامة بتاريخ 2011/2/6 معتقدة بانه حل وزاري فذهبت الى انه (واذا كان الامر كذلك، وكان الحاصل ان هذا الحل قد جاء استنادا الى المادة 107 من الدستور، وبناء على طلب وزارة قد زايلتها هذه الصفة بقبول الامير استقالتها بكاملها، وذلك بعد ان تم تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء بأمر اميري، وتكليفه بترشيح اعضاء الوزارة الجديدة حيث استبق رئيس مجلس الوزراء - بصفته هذه - قبل تأليف هذه الوزارة المستقيلة التي زالت صفتها ونظمهم في اجتماع لمجلس الوزراء لاخذ موافقتهم على هذا الحل، فان هذا الاجراء يكون غير صحيح من الوجهة الشكلية، مخالفا لروح المبادئ الدستورية والغرض الذي من اجله شرعت سنته، اذ لا يجوز ان يتخذ الحل الذي رخص به الدستور للحكومة استعماله، وحدد طبيعته واجراءاته والغرض منه، ذريعة الى اهدار احكام الدستور ومخالفتها، فللدستور حرمة ونصوصه يجب ان تصان واحكامه لابد ان تحترم.
ففي حقيقة الامر والواقع ان المرسوم الاميري رقم 443 لسنة 2011 بحل مجلس الامة بتاريخ 2011/12/6 انما هو حل رئاسي، ذلك ان الحل الوزاري هو ذلك الذي عالجته المادة 102 من الدستور من خلال تناول مسألة تقرير مجلس الامة عدم امكانية التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، ففي هذه الحالة يتعين على مجلس الامة ان يرفع الامر الى رئيس الدولة الذي ينتصب حكما بين حكومته الحائزة على ثقته وبين المجلس النيابي الحائز على ثقة الشعب ولسمو الامير بحسبانه رئيسا للدولة ان يختار اما الانتصار لحكومته وحل المجلس ومن ثم الاحتكام للشعب كي يقرر اما اعادة ذات الاغلبية التي قررت عدم التعاون مع رئيس الوزراء اي تأييد المجلس المنحل فيما توصل اليه من قرار واما اختيار اغلبية جديدة بمعنى الانحياز الى مرسوم الحل وتأييد الحكومة ولسمو الامير في الحل الوزاري ان يختار الانتصار لمجلس الامة ويعفي الوزارة معينا وزارة جديدة ومن الطبيعي ان هذا الحل يكون بمرسوم بحسبان ارتكان سمو الامير على وزارته التي ايدها بقراره ويكون الحل وزاريا ايضا اذا كان عدم التعاون صادراً من رئيس الوزراء من خلال كتاب بعدم امكانية العمل مع مجلس الامة ففي هذه الحالة يرفع رئيس الوزراء كتاب عدم التعاون لسمو الامير الذي له حل المجلس النيابي.
وعلى خلاف هذا الحل الوزاري يعرف الدستور الكويتي الحل الرئاسي فالمادة 107 من الدستور تعالج مسألة حل مجلس الامة وفقا لسبب او اسباب يراها سمو الامير وجوبية لتحقيق المصلحة العامة العليا للوطن وصالح المجموع ويكون ذلك بحسبان سمو الامير رئيسا للدولة الحارس على وحدتها والذائد عن وجودها وكيانها فيقرر حل المجلس والاحتكام للامة مصدر السلطات.
وفي حقيقة الامر والواقع ان مجلس الامة عام 2009 كان منسجما جدا مع رئيس مجلس الوزراء والحكومة وكانت الاغلبية كبيرة ومريحة للحكومة ولا يمكن تصور او حتى قبول التصور ان يقدم المجلس النيابي كتاب عدم تعاون مع هذه الحكومة ولا يمكن كذلك حتى تخيل تقديم رئيس الوزراء كتابا لسمو الامير بعدم التعاون مع مجلس الامة وهذا ما تم فعلا، فلم يقدم سمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح رئيس مجلس الامة الذي كان له فيه الاغلبية اي كتاب عدم تعاون مع المجلس.
وفي الفترة التي سبقت تاريخ 2011/11/30 حدثت مظاهرات حاشدة توحي بثورة شعبية ضد مجلس الامة ورئيس الوزراء بعد اتهام المجلس بالفساد المالي الى درجة انه تمت احالة الكثير من اعضائه الى النيابة العامة بتهمة غسل الاموال لقد تم دخول مجلس الامة عنوة من المتظاهرين وحدث تصادم مع رجال الامن كاد ان ينذر بفتنة شعبية لا ترام نهايتها، مئات الآلاف من المواطنين خرجوا منددين بمجلس 2009 فكان المشهد مريعا مخيفا. وفي هذه الظروف لم يقدم سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح اي كتاب عدم تعاون مع مجلس 2009 الذي كانت له فيه الاغلبية.
ان سمو الامير هو الحامي لكيان الدولة وهو يريد ازاء هذه الاوضاع العصيبة حل مجلس الامة واستعمال حقه في الحل الرئاسي وفقا للمادة 107 ولكن الحل في جميع الاحوال لا يكون الا بمرسوم اي يتعين ان يشمل على توقيع رئيس مجلس الوزراء الى جانب توقيع سمو الامير، فالحل اذن غير ممكن بحسبان رئيس الوزراء راضياً عن المجلس النيابي وله به اغلبية مريحة ولا يتصور بل ولم يحدث ونحن نرى بانه كان من غير الاخلاقي ان يقدم رئيس الوزراء كتاب عدم تعاون مع هذا المجلس المتعاون معه في كل شيء. لقد قام سمو الامير باستظاهر رغبته في حل مجلس 2009 لعدم صلاحيته في نظره بسبب النقمة الشعبية عليه وما آلت اليه الامور من مظاهرات مئات الآلاف من ابناء الشعب الكويتي مطالبين بحل المجلس. فما كان من رئيس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح الا ان قدم استقالته لانه لا يمكنه رفع كتاب عدم التعاون مع مجلس هو متعاون معه وسمو الامير يريد حل المجلس، فقبل سمو الامير الاستقالة مع تكليفه ووزارته تصريف العاجل من الامور. ووفقا لحكم المادة 103 من الدستور يستمر رئيس الوزراء والوزراء بتصريف العاجل من الامور الا ان يتم تعيين خلف لهم.
وصدر بتاريخ 2011/11/30 امرا اميريا بتعيين رئيس لمجلس الوزراء وكان الهدف والباعث السياسي لتعيين رئيس وزراء جديد هو للتوقيع مع سمو الامير لاصدار مرسوم لحل مجلس 2009 المغضوب عليه شعبيا وفقا لنص المادة 107 من الدستور.
واذا كان يترتب على اعفاء رئيس مجلس الوزراء اعفاء الوزراء من مناصبهم فان نص المادة «103» من الدستور يلزم الوزراء بتصريف العاجل من الامور والبقاء في مناصبهم الى تعيين خلف لهم.
ومما يؤكد ان الحل رئاسي ما جاء في ديباجة المرسوم رقم 443 لسنة 2011 بحل مجلس الامة بأنه (ازاء ما الت اليه الامور وتعثر مسيرة الانجاز وتهديد المصالح العليا للبلاد مما يستوجب العودة الى الامة لاختيار ممثليها لتجاوز العقبات وتحقيق المصلحة الوطنية).
ومرسوم الحل اذن قد صدر برغبة وترجمة لبواعث سياسية قدرها سمو امير البلاد بانها لازمة لانقاذ الوطن من خلال العودة الى الامة مصدر السلطات واستجابة للهياج الشعبي وعدم الرضا والسخط على مجلس 2009.
وفي حقيقة الامر والواقع ان مرسوم الحل وقد حمل توقيع رئيس الوزراء الجديد وتوقيع سمو الامير قد اكتملت اركان صدوره وفقا لنص المادة 107 من الدستور واذا كان الحكم الدستوري قد اعتبر انه تم تعيين رئيس وزراء جديد وقبل تاليف الوزارة الجديدة وصدور مرسوم بتشكيلها باستعارة اعضاء من الوزارة المستقبلية التي زالت صفتها ونظم في اجتماع لمجلس الوزراء لاخذ موافقتهم على هذا الحل، فان هذا الاجراء يكون غير صحيح من الوجهة الشكلية مخالفا لروح المبادئ الدستورية وان هذا الفهم للحكم الدستوري فاسد في وضوح نص المادة 103 من الدستور وهو ما لم تناقشه المحكمة بل لم تقم له اي وزن او تحليل بما يكون الحكم قد صدر غير قائم على اسبابه في الواقع والقانون.
وفي جميع الاحوال ومهما كان العيب في مرسوم الحل فهو عمل سياسي لا محل لمناقشته والبحث في دواعي صدوره من قبل المحكمة الدستورية. ذلك انه من الممكن ان لا يكون الحل الرئاسي الا بهذه الصورة من ناحية كما انه من اللازم على المحكمة الدستورية اذن ان تمد رقابتها ولا تقبل بمشروعية مرسوم الحل الا اذا حلفت الوزارة اليمين امام المجلس النيابي بحسبان ان مرسوم الحل هو عمل في علاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية ولا تتصل السلطة التنفيذية بمجلس الامة الا بعد اداء اليمين امامها.
لقد قلنا بانه قد لا يمكن تصور الحل الرئاسي بهذه الوزارة التي تحققت في المرسوم رقم 443 لسنة 2011، فلو ان الحكومة اصبحت مختارة من البرلمان واراد سمو الامير حل المجلس النيابي ورفض رئيس الوزراء التوقيع فلا يكون امام سمو الامير سوى اقالة الوزارة وتعيين رئيس وزراء جديد من اجل الحل فقط والتوقيع على مرسوم الحل، وقد يكون من المتصور بانه لا يقبل احد اعضاء مجلس الامة وفي حالة خلاف مع رئيس الدولة ان يكون عضوا في الوزارة الجديدة فهل يعني ذلك استحالة حل مجلس الامة حلا رئاسيا وان سمو الامير يصبح اسيرا للاغلبية، ذلك انه بمنطوق حكم المحكمة الدستورية محل الدراسة انه اذا قام رئيس مجلس الوزراء الجديد في حكومة ليس بينها وزير من اعضاء مجلس الامة المراد حله ووقع على مرسوم الحل مع رئيس الدولة فان هذا الحل سوف يكون باطلا لان الوزارة تشكيلها غير صحيح بعدم ضمها احد اعضاء مجلس الامة المنتخبين وفقا لنص الدستور.
ان المحكمة قد اخطأت في تكييفها لمرسوم الحل رقم 443 لسنة 2011 بوصفه بانه حل وزاري فهو حل رئاسي ليس مصدره رئيس الوزراء الجديد ولا القديم فالجديد لم يتعامل مع مجلس الامة اصلا حتى يعلن عدم التعاون معه والقديم له في المجلس النيابي اغلبية مريحة ولم يعلن عدم التعاون مع المجلس والرغبة في الحل كامنة في صدر سمو الامير الذي اراد تخليص الوطن من اهاته وتضميد جراحاته بالعودة للامة مصدر السلطات فقد رأى سموه تهديد المصالح العليا للبلاد وظهور الفتنة والهياج الشعبي واتساع الشقاق بما ينذر بكارثة حتمية ان لم يتم حل مجلس 2009 واذا كانت المحكمة قد اخطأت في التكييف القانوني لمرسوم حل مجلس الامة رقم 443 لسنة 2011 فانها قد اخطات كذلك بوصفه بانه منعدم او هو والعدم سواء.
فلقد ذهبت المحكمة الدستورية في حكمها محل الدراسة الى وصف مرسوم الحل بانه والعدم سواء يستوجب عدم الاعتداد به وترتيب اثاره.
ومما لا شك فيه ان هذا الوصف الذي اطلقته المحكمة الدستورية على مرسوم الحل رقم 443 لسنة 2011 لا يستقيم والفهم القانوني السليم ذلك ان الانعدام لا يكون الا في عيب اغتصاب السلطة اي في حالة وصول عدم الاختصاص الى الجسامة المتناهية الى تجعل من القرار عملا ماديا بحتا لا وجود له في علم القانون.
ويكون القرار منعدما اي يفقد صفته كعمل قانوني اذا كان مشوبا بمخالفة جسيمة ومن صور ذلك ان يصدر القرار من فرد عادي او ان يصدر القرار من سلطة في شأن من اختصاص سلطة اخرى كان تتولى السلطة التنفيذية عملا من اعمال السلطة القضائية او السلطة التشريعية.
ولقد استقر الفقه والقضاء الاداري والدستوري بان القرار لا يكون منعدما الا في احوال غضب السلطة كأن تباشر السلطة التنفيذية عملا من اختصاص السلطة التشريعية مثلا، ولا يكون العيب من الظهور بحيث يكون واضحا بذاته في التصرف.
ومن حالات انعدام القرار صدوره من سلطة غير مختصة باصداره قانونيا افتئاتا على سلطة اخرى لها شخصيتها المستقلة مما ينحدر بالقرار الى حد العدم وكذلك صدور القرار من جهة غير منوط بها اصداره قانونيا فان هذا العيب جسيم ينحدر بالقرار الى حد العدم.
ومن نافلة القول انه اذا كان القرار قد صدر من غير مختص فانه يتعين التفرقة بين عيب عدم الاختصاص البسيط وبين عيب عدم الاختصاص الجسيم وهذا العيب الاخير يصم القرار بالانعدام فيكون عملا ماديا لا وجود له ولا يتحصن بمرور الزمن وهذا الانعدام لا يكون الا بالنظر للقرارات الادارية اما اعمال السيادة فلا تخضع اصلا لرقابة القضاء حتى يستطيع تقرير بطلانها او انعدامها.
واذا كان كل ذلك وكان مرسوم الحل قد حمل توقيع سمو الامير وتوقيع رئيس مجلس الوزراء ونص بانه تفعيلا لنص المادة 107 من الدستور وكان فوق هذا وذاك من اعمال السيادة فكيف يوصم بالانعدام.
واذا كان مرسوم الحل منعدما كما عبرت بذلك المحكمة الدستورية فكيف يستقيم ان تقرر المحكمة بعد ذلك ان القوانين التي صدرت خلال فترة المجلس الذي قضي بابطاله تظل سارية ونافذة الى ان يتم الغاؤها او يقضي بعدم دستوريتها.
فمن المعلوم ان نظرية الظاهر او العمل الفعلي او نظرية الموظف الفعلي التي اعملها الحكم الدستوري محل الدراسة دون ان يستخدم مفرداتها لا تقوم في الاوقات العادية اذا كان القرار منعدما.
ففي الاوقات العادية يرجع سلامة العمل الى فكر الاوضاع الظاهرة ومن ثم يكون العمل قد صدر من غير المختص اذا كان تعيينه الباطل معقولا يعذر الجمهور اذا لم يدرك سبب بطلانه في حين انه يكون من غير الضروري كينونة مصدر القرار او العمل قد عين تعيينا معقولا في الاوقات الاستثنائية بل يجوز الا يكون قد صدر بتعيينه القرار اصلا وهذا ما يتحقق في حالة اختفاء السلطات الشرعية لسبب من الاسباب كالغزو الخارجي.
ولما كان الحكم الدستوري محل الدراسة قد وصف مرسوم الحل بالمنعدم وتم ذلك في الاوقات العادية فان معنى ذلك عدم امكانية تطبيق نظرية الاوضاع الظاهرة واعتبار القوانين التي صدرت من المجلس المقضي ببطلانه سارية.
ومن الملاحظ ان الحكم الدستوري محل الدراسة اعتبر القوانين التي صدرت من مجلس 2012 المقضي ببطلانه تظل سارية فقط بمعنى ان القرارات البرلمانية التي صدرت كلها باطلة بل منعدمة كأعمال لجان التحقيق وكتب طرح الثقة بالوزراء وكل ما هو ليس بقانون بالمعنى الضيق.
ونحن اذ ننتقد الحكم فاننا نكن كل الاحترام للمحكمة الدستورية ولاعضائها وما عملنا هذا الا رأي فمن اتانا بخير منه قبلناه.
نص من نور تجلت فيه المحكمة الدستورية بفكر متقد بأرفع القيم و بأرفع العبارات التي تسمو بالحق الانساني الاصيل ..الحرية ..ليتبوأ مكانته التي يجب أن يكون بها
قررت هذه المحكمة :
« .........ولا يتصور أن يكون قد قصد الدستور من ذلك أن يتخذ من هذا التنظيم ذريعة لتجريد الحق من لوازمه،
أو
العصف به، وإطلاق سلطة الإدارة في إخفات الآراء بقوة القانون،
أو
منحها سلطة وصاية تحكيمية على الرأي العام،
أو
تعطيل الحق في الحوار العام،
وذلك من خلال نصوص
تتعدد تأويلاتها،
مفتقدة التحديد الجازم لضوابط تطبيقها،
مفتقرة إلى عناصر الضبط والإحكام الموضوعي،
منطوية على خفاء وغموض مما يلتبس معناها على أوساط الناس، ويثار الجدل في شأن حقيقة محتواها، بحيث لا يأمن أحد معها مصيرا،
وأن يكون هذا التجهيل موطئا للإخلال بحقوق كفلها الدستور كتلك المتعلقة بالحرية الشخصية وحرية التعبير وحق الاجتماع، وضمان تدفق الآراء من مصادرها المختلفة،
فسلطة التنظيم حدها قواعد الدستور،
و
لازمها ألا تكون النصوص شباكا أو شراكاً يلقيها القانون متصيدا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها ولا يبصرون مواقعها،
لا سيما وقد تعلقت هذه النصوص بنصوص جزائية لا غنى عن وجوب أن يكون المخاطبون بها على بينة من حقيقتها والوقوف على مقصودها ومجال تطبيقها فلا يكون سلوكهم مجافيا لها، بل متفقا معها ونزولا عليها،
فلا تنال النصوص من بريء، ولا يضار منها غير آثم أو مخطئ أو مسيء،
والحاصل أنه وإن كان غموض النصوص التشريعية عامة يعيبها، إلا أن غموض النصوص، ولا سيما المتعلقة منها بنصوص جزائية خاصة يصمها بعدم الدستورية،
لما
يمثله ذلك من إخلال بالحقوق الجزائية، وبقيمها، وضوابطها، وأهدافها وقواعدها الإجرائية، والتي تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية، والتي تكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى من الحماية الجزائية،
بما
تؤمنه له المادة (34) من الدستور من نظام يتوخى بأسسه صون كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسية ويحول بضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها..». المصدر : الآن
«الراي» الالكترونية تنشر نص حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية منع التظلم أو الطعن على قرارات مجلس الوزراء في شأن جمعيات النفع العام أخيرة - الأربعاء، 25 نوفمبر 2015، 1:24 م / 1,029 مشاهدة
شارك:
"الراي" الإلكترونية تنشر نص حكم المحكمة الدستورية بشأن عدم دستورية المادة (200 مكرر) من قانون الإجراءات متفرقات - الأربعاء، 25 نوفمبر 2015، 1:15 م / 1,674 مشاهدة
شارك: