العالم بنظرك - كتاب بيار بيون عن برنار كوشنير وزير خارجيه فرنسا السابق

السيب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 01:23 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif
العالم بنظرك - كتاب بيار بيون عن برنار كوشنير وزير خارجيه فرنسا السابق
العالم بنظرك
- كتاب بيار بيون عن برنار كوشنير وزير خارجيه فرنسا السابق



كوشنير: أن تكون نصف يهودي يعني أنك يهودي مرتين
 

post_old.gif
24-06-2011, 01:27 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

لعالم في نظرك. كوشنير: أن تكون نصف يهودي يعني أنك يهودي مرتين

Pictures%5C2009%5C02%5C17%5C2a6e7641-6b87-4147-b389-c177c0e11e66_main.jpg


تأليف بيار بيون
ترجمة وإعداد: سليمة لبال
يعود الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد «العالم بنظر ك.» إلى العديد من القضايا المثيرة في حياة برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، والرجل السياسي الأكثر شعبية في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.
فوزير الخارجية الفرنسي يواجه اليوم تحديات كبيرة، لعل أهمها إنقاذ صورة «الفارس الأبيض»، التي صنعت نجاحاته الإعلامية، ومكنته من الحفاظ على موقعه السياسي فترة طويلة.
يهدف كتاب بيار بيون، الذي وُصف في فرنسا بـ «الكتاب الصدمة»، إلى إسقاط الصورة التي رسمها الفرنسيون لكوشنير في مخيلاتهم، وربما إسقاطه من الحكومة الفرنسية خلال التعديل الوزاري المقبل، حيث يصفه الكاتب بالفرنسي السيئ، المتأثر بالنموذج الانغلوسكسوني، ذلك الذي يقف عند عزف النشيد الوطني البريطاني «فليحفظ الله الملكة»، بينما لا يفعل الشيء نفسه عند عزف النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز. كما يشير إلى أن يهودية كوشنير المزدوجة هي المحرك الرئيسي لكل أفعاله ومواقفه.
يرى بيار بيون ان كوشنير شارك في مؤامرة أميركية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، مؤامرة كان هدفها الرئيسي تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. كما يورد في مؤلفه الكثير من الحقائق المثيرة، بطلها كوشنير، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود. فكوشنير متهم باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات افريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان.
كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي ترجمته «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟
لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير، مهما كانت النهاية التي سيؤول إليها وزير الخارجية.

لا احد بإمكانه أن يسيء لأيقونة، وبرنار كوشنير أصبح أيقونة منذ مدة طويلة، ذلك أن الفرنسيين واستطلاعات الرأي العام يعتبرونه الشخصية الأكثر شعبية. ولا أراه كسياسي عادي وإنما كطبيب فرنسي بارع، على الرغم من انه خلع مئزره الأبيض منذ سنوات طويلة.
انه بطل العصر، الذي لا يتوانى ولا يتأخر عن مد يد العون للضحايا في كل بقعة من بقاع العالم. إنها الصورة التي يرسمها الجمهور عن برنار كوشنير: الرجل السياسي الفرنسي الوحيد، الذي يستطيع أن يسوّق سيرته الذاتية، وكاتب سيرته الذاتية ميشال انطوان بورنيي، على بلاتوهات التلفزيون من دون أن يثير موجة من ردود الفعل المستنكرة من قبل وسائل الإعلام والطبقة السياسية.
لكوشنير جاذبية رهيبة تجاه الكاميرات والصحافيين، على الأقل أولئك الذين يحبونه ويصفقون له. باختصار انه إنسان نرجسي، على عكسي أنا تماما. فكوشنير لا يستطيع أن يتوافق مع القيم التي زرعتها بي أمي عندما كنت صغيرا. كانت أمي تطلب مني باستمرار ألا أثير الانتباه وأن أبقى في مكاني.
إنها من دون شك الذكريات التي احتفظ بها عن تربيتي، هذه الذكريات هي ما جعلني اشعر بالانزعاج عندما قرر كوشنير (أواخر عام 1992) مساعدة عمال في مقديشو الصومالية كانوا ينقلون أكياس الأرز. وقتئذ بادر كوشنير إلى حمل ثلاثة أكياس على كتفيه، غير أنني كنت أجهل انه أعاد اللقطة أمام الكاميرات ثلاث مرات حتى يبدو في أبهى صوره على شاشات القنوات التلفزيونية. كما أنني صدمت كثيرا من دعمه لحربي العراق في عامي 1991 و2003.
غير أن الذين شرفوني بقراءة كتبي- ومنها كتاب "مجهول الاليزيه" الذي الفته عن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (ترجمته القبس ونشرته)- يعرفون أنني لا أدافع عن احد وان ما أحسن معرفته هو البحث وأحيانا العثور على وثائق أو شهادات بإمكانها أن تدحض حقائق رسمية.
الحقيقة الرسمية المعروفة عن كوشنير هو انه رجل سلام ومحامي الضعفاء ومدافع عن حقوق الإنسان والديموقراطية، غير أن سلوكياته في أفريقيا حطمته، وما قام به هناك يحتاج إلى تقارير وتعليقات وتحاليل كثيرة.

سياسة جديدة تجاه رواندا

أصبحت القارة السمراء «حديقة سرية» بالنسبة لكوشنير منذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها العمل هناك والتعامل مع اكبر الصراعات التي انفجرت في العالم آنذاك. وفي افريقيا كان كوشنير يحمل دوما كيسا، لكن هذا الكيس لم يكن يحوي دوما الأرز، وإذا ما كان به أرز فأمام الكاميرات فقط، لكن علينا ألا نستبق الأمور..
لقد اهتممت بموضوع كوشنير منذ وصوله إلى الكيدورسيه– الخارجية الفرنسية–وإطلاقه سياسة جديدة تجاه رواندا، التي خصصت لها كتابا، رجعت فيه إلى حقيقة رسمية أخرى، وهي إن الهوتو هم الجلادون والتوتسي هم الضحايا، وإن فرنسا ساعدت الهوتو على القضاء على التوتسي.
قرر كو شنير في مايو 2007، ولأول مرة في تاريخ الدبلوماسية الفرنسية، مد يده لرئيس دولة لم يكن فقط مسؤولا عن التضليل الإعلامي حول التراجيديا الرواندية، وإنما شخص يعتبره القضاء الفرنسي مجرم حرب، بينما يعتبره القضاء الاسباني مسؤولا عن الإبادة العرقية في رواندا.
لقد صدمت في 26 يوليو 2007، عندما علمت ان وزير الخارجية اتصل هاتفيا بالرئيس الرواندي، بول كاغام، ليبحث معه سبل إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا ورواندا. لقد صدمت لأن كوشنير بادر بطلب زيارة كاغام في كيغالي. وأنا مصدوم أكثر لان الاليزيه لم يعارض على الرغم من التحفظات التي أبدتها وزارة الدفاع. ومصدوم أيضا لان رئيس الدبلوماسية الفرنسية يأمل أن تتصالح فرنسا مع دولة بادرت إلى قطع علاقاتها معها بعد مذكرات التوقيف التي أصدرها القاضي بروكيير ضد عدد من الأشخاص الذين كانوا ينتمون إلى محيط الرئيس الرواندي.
يفترض أن يمثل الوزير الجمهورية، وان يعمل بكل طاقته على استمرارية الدولة، غير أن نضال كوشنير من اجل المصالحة مع دكتاتور كيغالي همّش وقمع كل رجال السياسة والعسكريين والقضاة، الذين وصفهم بول كاغام منذ سنوات بالمسؤولين عن الإبادة، كما وصف القاضي بروكيير بالإنسان الفارغ.

خطأ كوشنير

كتبت مقالا في صحيفة ليبيراسيون تحت عنوان «خطأ كوشنير»، غير أن استمرار الأخير في التعامل مع النظام الرواندي، الذي لم يتوان عن وصف فرنسا بأسوأ الأوصاف، جعلني أفكر في أن كتابة مقال ثان لن تشفي غليلي ولن تمنحني فرصة إفراغ كل ما في جعبتي. منذ ذلك الحين اهتممت كثيرا بشخصه، ولكن هذه المرة قررت أن أتجاوز إطار إدارته للملف الرواندي.
كوشنير الذي كافح من اجل مسمى «الفرانش دكتور»، لم يتردد في وضع الدول بثقلها على المحك لإرضاء صديقه الدكتاتور، وهو الذي قضى حياته كلها في رسم صورة الفارس الأبيض.
لقد دفعتني العديد من المواقف والسلوكيات إلى البحث في ما وراء هذه الصورة التي يسهر كوشنير على إيصالها للفرنسيين: ماذا يعني استعداده حين يعزف النشيد الوطني البريطاني ولامبالاته حين يعزف النشيد الوطني الفرنسي؟ هل هو تهريج؟ أم استفزاز؟ هل برنار فعلا رجل إنساني وكريم؟ هذه هي الصورة التي يراه فيها غالبية الفرنسيين.
قررت أن اعرف المزيد عن هذا الرجل الذي يشغل مكتب وزير الخارجية، لكنني لا املك أبدا نوايا التفصيل في مساراته السبعة، مثلما فصل فيها كاتب سيرته الذاتية أنطوان بورنيي.
لم تتطلب مني عملية جمع ملف حول الاختلافات الكائنة بين صورته، كمحبوب للفرنسيين، وحقيقته الكثير من الوقت.

الخطر الحقيقي

يمثل كوشنير بالنسبة الى فرنسا خطرا حقيقيا، ففي السابق لم يكن هذا الخطر موجودا عندما كان صاحب المئزر الأبيض سكرتيرا للدولة أو وزيرا للصحة، لكن الأمر تغير كثيرا بعد أن أصبح وزيرا للخارجية، وبالتالي على الفرنسيين أن يقلقوا كثيرا.
انه بلا شك رجل القطيعة الأول في فترة ساركوزي. فبرنار كوشنير يحلم في الحقيقة بإلغاء خمسين سنة من السياسة الخارجية الفرنسية المستقلة، فهو لم يتردد في عام 2003 في إرسال عسكريين فرنسيين إلى العراق، فكيف هي إذن نفسية هذا الطبيب الذي يدافع عن الحرب؟ مثلما تساءل ايمانويل تود في مجلة ماريان الصادرة في 18 سبتمبر 2007، حين قال: «نحن نمر بسرعة من أطباء العالم إلى عسكريين بلا حدود».
علينا أن نفهم ونتذكر جيدا كلمة «محاربين» أكثر من كلمة «السلم»، وهما الكلمتان اللتان تضمنهما عنوان كتابه «محاربو السلم»، ف»الفرانش دكتور» طالب في أول مهمة له إلى بيافرا النيجيرية، أواخر الستينات من القرن الماضي، بإرسال طائرات فورا. ورأيناه كثيرا فيما بعد يطالب بإرسال جنود فرنسيين ليحاربوا هنا وهناك، مثلما حصل في عام 1987 عندما طلب مع أندري غلوكسمان وايف مونتاند بالبدء في هجوم تدريجي على الزعيم الليبي معمر القذافي، انطلاقا من تشاد.
وأما في نوفمبر 1989، فقد فكر في إرسال فرق دولية ضد «الخمير الحمر» الذين عادوا إلى السلطة، ووافق على الهجوم على صربيا ثم دعا إلى إدارة كوسوفو مؤقتا. ومثلما نرى، لم يعمل شيئا ضد التصفية الاثنية التي استهدفت الأقلية الصربية.
وعندما اعتلى أعلى منصب في وزارة الخارجية، لم تكن المهمة العاجلة بالنسبة إليه هي التقرب من الرجل الذي اتهم الرئيس فرانسوا ميتيران بالتواطؤ في الإبادة فقط، ولكن حلمه الرئيسي كان قطع العلاقات مع عدد من الدول التي صنفها ضمن قائمة الدول الشريرة.
وعن إيران، توجه كوشنير إلى الفرنسيين بقوله «عليكم أن تنتظروا الأسوأ» وان الحرب قادمة. فكوشنير يحب الحرب ويرى نفسه جيدا في زي قائد جيش.

كوشنير وتشاد

لقد فوجئ الموظفون خلال نهاية الأسبوع الأول من شهر فبراير 2008، بعد الإعلان عن استيلاء المتمردين على نجامينا ومحاصرة الرئيس إدريس ديبي في قصر الرئاسة، بكوشنير يدير خلية أزمة في الكيدورسيه ويهاتف كلا من وزارة الدفاع والمديرية العامة للأمن الخارجي والعسكريين في تشاد ويتابع تقدم المتمردين دقيقة بدقيقة ويطرح السؤال التالي «أليس بالإمكان تفجيرهم؟».
«لنذهب إلى الحرب» أيضا في دارفور. فكوشنير مثل كثير من أصدقائه يستعمل بتعسف مصطلح «إبادة» لصبغ التدخل العسكري بصبغة الشرعية. لقد استعمل هذا المصطلح في بيافرا النيجيرية وكردستان ولبنان واريتريا والصومال وكوسوفو. وأما فيما يخص رواندا فقد وصف قرار فرانسوا ميتران بالتدخل لإيقاف الإبادة بالسياسة الخاطئة وأحيانا بالخطأ الإجرامي.
هذا التطوعي الذي يطير هنا وهناك في العالم لتخفيف آلام الناس ومعاناتهم، يتميز بصفة أخرى لا نراها. فقد يحصل أن يفقد «الفارس الأبيض» لونه الأصلي عند القادة الأفارقة.
حتى نطلع عن كثب على حجم الكوارث التي يمكن أن يقحم فيها برنار كوشنير فرنسا والفرنسيين علينا أن نعود إلى الوراء، إلى زمن «الفرانش دكتور».

تصريحات مغلوطة

فكوشنير يعود دوما إلى هذه الفترة من حياته حتى يمنح شرعية اكبر لأفعاله، ويشعر الآخر دوما، بأنه ما يزال رئيسا لمنظمة «أطباء بلا حدود» و»أطباء العالم»، مثلما صرح في القدس في 5 أكتوبر 2008 بأن المنظمات الدولية غير الحكومية الفرنسية تعلمه بكل ما يحصل في قطاع غزة.
لقد اضطرت منظمة أطباء بلا حدود إلى نشر بيان يخص تصريحات كوشنير، أكدت فيه أن المعلومات مغلوطة، وان كوشنير لا علاقة له بنشاطاتها في غزة مع المدنيين الفلسطينيين. وذكرت المنظمة بأن كوشنير غادر المنظمة عام 1979.
وأما منظمة أطباء العالم، وبعد أن وصفت تصريحات كوشنير بالخاطئة والخطيرة، قررت إرجاع هبة تقدر قيمتها بـ120 ألف يورو كانت وزارة الخارجية الفرنسية منحتها إياها لدعم وتمويل العمليات الجراحية في قطاع غزة.
لم يخطر ببالي أن أفتش في طفولة برنار كوشنير ومراهقته، غير أنني اكتفي بمنح القارئ بعضا من المعلومات عن فترة شباب هذا الرجل. فبعد توجه والتزام شيوعي لم يسبق له مثيل انتقل برنار كوشنير خلال عشرين سنة الى مرحلة تكوين أدوات ضد السلطة قبل أن يندمج في منطق الدولة التي حاربها خلال العشرين سنة التالية، حيث تمكن من بناء مساره السياسي.
سلط كوشنير الضوء على حياته في حوار طويل، خص به عام 1988 الصحافي جون فرانسوا دوفال، حيث أكد يهوديته المزدوجة، عندما أشار إلى أن كونه نصف يهودي معناه انه يهودي مرتين، وكأنه يبحث عن محرك رئيسي لأفعاله.
الم يقل كوشنير لجون فرانسوا دوفال ان أسباب رضوخ اليهود تشغل باله، وأضاف «لما كنت مراهقا، انشغلت باليهود وبموت اليهود، كيف استطاعوا أن يرضخوا هكذا؟ وكنت أقول انه لا ينبغي أبدا الرضوخ أو الإذعان».

الهرمون الذكوري

يمكننا هذا التفكير والموقف من فهم التزام كوشنير ونضاله من اجل الأقليات والضحايا.
يقول كوشنير في الحوار ذاته تفسيري الكبير للعالم هو الهرمون الذكوري. فكل واحد يتصور فوزه بتحطيم الآخر وقتله، وتتعدد الأشكال من التعذيب إلى المجازر إلى ضرب زوجته أو الصراخ في وجه جاره أو إيذاء الآخرين. وكل هذا من اجل أن ننسى أننا سنموت، وكلما تفاعلنا، تصورنا أننا مهمون وخالدون».
يحب كوشنير الخطر، فهو موجود بنظره، ويزيد حينما يعدد ذكرياته في بيافرا وفي تشاد أو أفغانستان. ويقول إن الفعل هو الأهم والأكثر جدوى عند الخطر أو الشعور به.
وبعد برافيا، كان هناك الأكراد والمسيحيون اللبنانيون والاريتريون وأفراد التوتسي الرواندية ومتمردو الجنوب السوداني ثم سكان دارفور وأيضا الكوسوفيون. لقد أصبح كوشنير الناطق الرسمي باسم بعض الحروب السياسية العسكرية وأصبح يقوم بممارسات شنيعة وانتقائية لا تستند إلى تحليل منطقي وواقعي للأوضاع.

الإعلام في خدمة كوشنير

كان كوشنير دوما طرفا في عدد من القضايا الدولية وعلينا أن نعترف بان القضايا والحروب التي خاضها منذ فترة طويلة هي قضايا وحروب واشنطن. والقضايا نفسها التي يدافع عنها بعض المفكرين المتعاطفين مع الولايات المتحدة.
وتظهر جملة مصالح كوشنير جلية، حين ساند عزت بيغوفيتش في البوسنة والكوسوفيين ضد الصرب والمتمردين التوتسي في رواندا وجون غارانغ في جنوب السودان وسكان دارفور، وأيضا دعمه للتدخل الأميركي في العراق.
هذه هي نظرة كوشنير إلى العالم، إنها نظرة خطيرة، لكنها تحمل بين ثناياها قطيعة مع القواعد الأساسية للأخلاق. فعشية تعيين زوجته، كريستين اوكرانت، مديرة عامة للإعلام الخارجي- المرئي والمسموع- لفرنسا، حتى صارت تعرف باسم «صوت فرنسا»، اعترف كوشنير صراحة وبطريقة صدمت الكثيرين، بأنه مع «صراع المصالح»، وذلك عندما صرح لفرانس انتر قائلا: «سأكون أول من يعترف بصراع المصالح، لن أتدخل أبدا في الإعلام المسموع والمرئي الخارجي، أقسم بذلك».

الحلقة المقبلة : رائحة النفظ في بيافرا أسالت لعاب الفرنسيين


Pictures%5C2009%5C02%5C17%5C3768943a-5023-474b-afca-866d09ffe971_maincategory.jpg
بيار بيون
Pictures%5C2009%5C02%5C17%5C2e1b93dc-2a68-4c6c-871e-8193e93209d7_maincategory.jpg
مع زوجته كريستين
Pictures%5C2009%5C02%5C17%5C0b700dbf-72ef-4b6e-a5db-8139a2e09391_maincategory.jpg
.. وعندما كان طبيبا متطوعا في نجييريا القبس


http://www.aswaqnet.net/newreply.php?do=newreply&p=216417

 

post_old.gif
24-06-2011, 01:29 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif


كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي ترجمته «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟
لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير.
قبل أربعين عاما، توجهت مجموعة من الأطباء الشباب، بينهم برنار كوشنير، إلى المقاطعة النيجيرية بيافرا في مهمة إنسانية، تحت لواء اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
يتحدث كوشنير عن هذه المجموعة كواحد من مؤسسيها، وهي المجموعة التي تحولت فيما بعد إلى منظمة «أطباء بلا حدود»، وكانت فكرة إنشائها ولدت في بيافرا في أكتوبر 1968.
ولكن الحقيقة غير تلك التي كتبها كوشنير، وهو ما يجعل من معرفة السياق الذي ذهب فيه وزير الخارجية الفرنسي إلى بيافرا مهما جدا، ذلك أن ما حصل سيمكننا من فهم كل ما وقع وأيضا من فهم النموذج البيافري، الذي نستطيع أن نرسمه كالأتي:
لأسباب أو أخرى تساند قوة غريبة أقلية تعاني من قمع السلطة الحاكمة، مما يدفع باتجاه الدعوة إلى القيام بعمل إنساني لفائدة الضحايا، ترافقها خطة إعلامية شاملة هدفها العلني هو «توضيح الصورة أكثر فأكثر» عن الموضوع. وأما أهدافها الرئيسية والخفية فهي «التأثير» على الرأي العام عن طريق تسويق معلومات مغلوطة حول الصراعات التي يكون فيها بالتأكيد الضحايا هم الخيرون.
وكثيرا ما يستعمل في هذه الصراعات مصطلح «إبادة»، وحتى نفهم أكثر الآلية، فمن الأفضل أن نعود إلى المصادر والفاعلين الحقيقيين.
تتحدث آن فالاييز في كتابها الضخم «أطباء بلا حدود، السيرة الذاتية» عن الكثير من النقاط في التراجيديا التي وقعت في بيافرا، حيث سلطت الضوء على القضية.

اندلاع الحرب الأهلية

نالت نيجيريا استقلالها في الأول من أكتوبر عام 1960، وهي دولة تقع في خليج غينيا، كما انها عضو في منظمة الكومنولث. في البداية انقسمت البلاد الى ثلاث مناطق، غير أن استمرار التوتر السياسي وتنامي موجة اللا استقرار دفع إلى تقسيمها إلى 12 ولاية.
سقطت نيجيريا في الأزمة تلو الأخرى بسبب الانقلابات والاغتيالات، حيث أعلن حاكم مقاطعة بيافرا، اوديمغو ايميكا اوجوكو، في 30 مايو 1967 استقلال ولايته الغنية بالبترول والتي تسكنها غالبية تنتمي إلى قبيلة ايبو. وأطلق على محافظته اسم «جمهورية بيافرا» وعاصمتها اينيغو.
لم تنتظر الحكومة المركزية في لاغوس طويلا بعد أن حرمت من ثروات المقاطعة، حيث أمرت بالهجوم على بيافرا. وبينما كانت تحتفل سان فرانسيسكو في يوليو 1967 بما سمي «صيف الحب» اندلعت حرب أهلية في هذا البلد الإفريقي.
ولم يكن إعلان اوجوكو استقلال بيافرا قضية داخلية نيجيرية، ذلك أنها لاقت دعما من الدكتاتور الاسباني فرانسيسكو فرانكو والدكتاتور البرتغالي سالازار والجنرال الفرنسي ديغول.
فالقوى الاستعمارية القديمة الثلاث، لم تتقبل الدور النيجيري على الساحة الإفريقية. فالجنرال شارل ديغول لم يكن يطيق أبدا مواقف لاغوس من التجارب النووية الفرنسية في الصحراء ابتداء من 1960.
ذهبت نيجيريا إلى حد قطع علاقاتها الدبلوماسية مع باريس، مما برر تورط فرنسا في زعزعة استقرار الفدرالية النيجيرية، كما كان الاليزيه يعتبر ان العملاق الإفريقي يهدد توازن إفريقيا الغربية وعلى الخصوص المحميات الفرنسية.
الى جانب ذلك كان رئيس كوديفوار فيليكس هوفويي بوانيي يتقاسم مع الاليزيه هذه النظرة وكان يرى بان نيجيريا تحولت إلى كابوس، مما دفعه إلى التحالف مع جاك فوكار، الرجل القوي الذي يدعوه الديغوليون «السيد إفريقيا».
وبين هذين الرجلين، كانت تتخذ أهم القرارات الخاصة بإرسال مساعدات سرية إلى المنشقين في بيافرا.

رائحة النفط

لم تغب رائحة النفط أبدا عن وقوف فرنسا إلى جانب اوجوكو. فبيافرا تكتنز الذهب الأسود، ومساعدة اوجوكو تعني عرقلة شركة شال الهولندية على المدى البعيد، وتعزيز مكانة الشركة الوطنية الفرنسية ELF غير ان لاغوس مدعومة من دول أخرى مثل بريطانيا والاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة. ففي تلك الفترة من الحرب الباردة كان السوفيت والبريطانيون يحاولون السيطرة على إفريقيا بعد بعض الخطوات الخاطئة في المنطقة. فالسوفيت يوفرون السلاح والرشاشات وطائرات الميغ (خصوصا)، بينما يسهر البريطانيون على أمن ثروات بلد، هم ابرز من يستغلها وعلى الخصوص بواسطة شركتي بريتش بتروليوم ويونيليفر.
كان لفرنسا في تلك المرحلة مكانة كبيرة في مستعمراتها السابقة، كما أن شبكات التأثير الفرنسية في إفريقيا حقيقة لا يجب نكرانها.
كان جاك فوكار وراء الانشقاق في بيافرا. فهو من نظم عمليات التموين بالأسلحة وجند الأجهزة السرية، وأيضا كان هو من دفع منظمة الصليب الأحمر للذهاب إلى بيافرا. فمن دون هذا الرجل، لم تكن هناك أي فرصة لذهاب كوشنير وزملائه إلى هذه المنطقة؟
ولكن هل كان الطبيب الشاب يدرك قبل ذهابه بأنه جندي صغير في شبكات التأثير الفرنسية في إفريقيا؟

حرب بترول

قال كوشنير في حوار خص به عام 2003 آن فالييز، إنه لم يكن يعرف شيئا عن بيافرا، ما عدا أن الحرب هناك كانت «حرب بترول»، مثلما كان يردد الأغبياء الذين لم يكونوا يعرفون شيئا.
لقد بدا جليا تورط فرنسا في الأسابيع التي تلت إعلان اوجوكو الاستقلال. فصحيفة لوموند الصادرة بتاريخ 17 يوليو 1967 نشرت بيانا للسفارة الأميركية في لاغوس جاء فيه أن الجيش الفرنسي زود المتمردين بطائرة مقاتلة من نوع «بي 26»، وأنها وصلت بطريقة غير شرعية بواسطة طاقم فرنسي إلى ولاية اينوغو.
وأوضح الأميركيون أن الطائرة توقفت في لشبونة ودكار وابيجان. غير أن السلطات الفرنسية نفت كل ذلك في روايتها الرسمية وأنكرت أي تورط لباريس في بيافرا.
ومع ذلك أكدت صحيفة لوكانار اونشيني أن الأمر لا يتعلق بتزويد المتمردين بطائرة فقط مثلما جاء في بيان السفارة الأميركية، وإنما بارتباط المجموعات التي قامت بالثورة بجاك فوكار، السكرتير العام للجالية في الاليزيه.
أنهى كوشنير عام 1968 دراساته التخصصية في مجال الأمراض الباطنية في مستشفى كوشين، ولم يشارك أبدا في «حركة مايو»، التي أنشئت في السنة ذاتها، لانشغاله في الدراسة.
كان برنار كوشنير ضمن أول فريق سافر جوا إلى بيافرا يوم 3 سبتمبر. وكان الفريق يضم بالإضافة إلى كوشنير كلا من الطالبين في كلية الطب (سنة رابعة) اوليفيي دولاك وجون فرانسوا بارنودان، وآخر يعمل في التمريض هو فرانسيس دوشارتير.

أول من استجاب للنداء

جاءت تركيبة الفريق على حسب ما طلب الدكتور ماكس ريكاميي المتخصص في أمراض الأنف والحنجرة والمعروف بنشاطاته الخيرية والإنسانية.
يقول ماركس ريكاميي: كان برنار كوشنير أول واحد استجاب لندائي. لم أكن اعرفه، ولم التق به سوى مرة واحدة فقط. كان ذلك في أحد أروقة مستشفى كوشين. كان شابا يافعا، ولم يكن قد ناقش بعد أطروحته.
وبالفعل، لم يناقش برنار كوشنير أطروحته إلا بعد عودته من بيافرا، وأما موضوعها فكان «نتائج التدخل الانساني في بيافرا».
لقد شارك منذ سبتمبر 1968 إلى يناير 1970 حوالي خمسين متطوعا من الصليب الأحمر الفرنسي في حملة بيافرا، بالإضافة إلى 170 متطوعا أوروبيا منهم70 سويديا و100 سويسري، وجميعهم كانوا ينشطون تحت لواء اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وأما كوشنير فقد ذهب ثلاث مرات (من سبتمبر إلى أكتوبر 1968) ثم عاد في ديسمبر من السنة نفسها وأخيرا من أكتوبر إلى نوفمبر 1969.
جدير بالذكر أن سياسة عمل منظمة الصليب الأحمر الدولي تقوم على تقديم المساعدات والخدمات الإنسانية للمحتاجين في أوقات الحروب وفي مناطق الأزمات والنزاعات، وعلينا أن نعرف ان المهمات الإنسانية في فرنسا لا يسمح بها إلا بعد موافقة الحكومة. كما أن تعيين رئيس الصليب الأحمر الفرنسي من صلاحيات رئيس الجمهورية، ذلك انه منصب حساس وله علاقة بسيادة الدولة.

تهديدات لاغوس وأوامر ديغول

تكللت كل محاولات اللجنة الدولية للصليب الأحمر لدى حكومة لاغوس للتدخل إنسانيا بالفشل. فالنيجيريون لم يرفضوا المساعدات الطبية للصليب الأحمر وإنما كانوا يهددون بضرب أي طائرة تخترق الأجواء التي تدور فيها الحرب.
مع تدهور الأوضاع في المنطقة، قررت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التدخل بأطبائها وصيدلييها وممرضيها، بالإضافة الى سائقي الشاحنات والميكانيكيين. أما الصليب الأحمر الفرنسي فكان في وضعية غير مريحة بسبب عدم توافر التجهيزات الطبية والمعدات اللازمة.
انه الجنرال شارك ديغول من قرر إقحام الصليب الأحمر الفرنسي في سياسته تجاه بيافرا. لقد استدعى جاك فوكار في تاريخ 17 يوليو 1968 وابلغه ما يلي: «علينا أن نرسل مساعدات مباشرة إلى بيافرا عن طريق الصليب الأحمر».
وصل فريق الأطباء الفرنسي بقيادة ماكس ريكاميي إلى بيافرا، وهناك فوجىء الأعضاء بما شاهدوه، فلا شيء كان يدل على أن البلاد تعيش حربا أهلية.
يقول ماكس ريكاميي: ذهبنا وحقائبنا على ظهورنا محملة بمختلف أنواع الأدوية، ظنا منا أننا سنعالج أشخاصا يعانون تحت النخيل، لكن الحقيقة كانت غير ذلك تماما.
فاجأ شعب ايبو الفريق الطبي الفرنسي. فهو شعب مثقف، ومنظم، وبعيد عما هو معروف عن إفريقيا. لقد تعود هذا الشعب آنذاك على ظروف الحياة الصعبة التي فرضت عليه.
لم يتأخر الفرنسيون في التمركز، حيث أقاموا في المكان المسمى «اوو اوماما» وتعني بلغة شعب ايبو «الشجرة المقدسة» ولم يكن هذا المركز يبعد إلا 15 كلم عن جبهة المواجهة.
كان المركز قد أنشىء خصيصا لاستقبال 100 مريض، غير انه استقبل أكثر من 400 مريض. وأما شروط النظافة وظروف التدخل فكانت مقبولة بالنظر إلى الوضع العام.
كان الجرحى يصلون في العادة مساء في شاحنات أو على الدراجات الهوائية، وأحيانا على ظهور الرجال.

الوصول الى بيافرا

عندما وصل برنار كوشنير إلى بيافرا، كان البير برنار بونغو قد عين لتوه رئيسا للغابون، وقد أعلن الأخير التزامه بقضية سكان بيافرا منذ شهرين.
عين فوكار فيليب ليترون مستشارا له في ليبروفيل وعهد إليه مهمة تنسيق العمليات السرية. فقد أضحت عاصمة الغابون خلال صيف 1968 القاعدة الخلفية للمساعدات الموجهة إلى اوجوكو. وبحسب الجندي رولف ستينر فان أول طائرة فرنسية محملة بالمؤونة جاءت من الغابون وحطت في «يولي» في بيافرا، وكانت الطائرات تحلق كل ليلة من مطار ليبروفيل، غير أن برقية نشرتها وكالة الاسوشيتد برس بداية أكتوبر تفيد بان الأسلحة كانت تنطلق كل ليلة من العاصمة الغابونية باتجاه بيافرا على الرغم من أن المعلومات الرسمية كانت تشير فقط إلى تنقل بعثات إنسانية تنشط تحت لواء الصليب الأحمر من الغابون باتجاه بيافرا.
غير أن الصليب الأحمر، الذي كان ينسق عملية إرسال الأدوية إلى بيافرا، لم يكن يرى عن قرب العلب الضخمة التي لم تكن معبأة بحليب البودرة. وحتى يتم خلط الأمور أصبح الكولونيل مارل، المستشار العسكري للسفارة الفرنسية في الغابون، مسؤولا على الصليب الأحمر الفرنسي.
لقد تنقل برنار كوشنير ورفاقه الآخرون في طائرات كانت تقل أسلحة. ويتطرق اليوم لهذا الدور المزدوج لأطباء الصليب الأحمر، بالقول: «لم يكن الأمر جيدا جدا بالنسبة لنا ولم نكن فرحين، وكنا نكره هذه الممارسات».
الم يكن برنار كوشنير صراحة في صف سكان بيافرا؟ الم يطلب هو نفسه الأسلحة؟
يؤكد كوشنير اليوم انه تصور في تلك المرحلة أن الطريقة الوحيدة الكفيلة بالحفاظ على أرواح الجرحى والبقاء هناك كانت اللجوء إلى إحداث ضجة إعلامية، هذا النوع من السلوك أصبح علامة تجارية عرف بها كوشنير فيما بعد.
كان عليه أن يثير جلبة وان يصرح بملء شفتيه بان النيجيريين يقتلون الأطفال الأبرياء وبأنهم يهاجمون المدنيين في بيافرا، ويضيف كوشنير «كان علي أن انتقل إلى جنيف واعقد مؤتمرا صحفيا. أخذت الطائرة إلى سانتا إيزابيل حيث القاعدة اللوجستية للصليب الأحمر السويدي، غير أنهم منعوني هناك من التدخل أمام الرأي العام، فرجعت الى بيافرا».

تمرد للصليب الأحمر

تمت مهاجمة مستشفى اوكيغوي على الرغم من أعلام الصليب الأحمر المرفوعة أعلى المبنى، مما أدى إلى مقتل أربعة (طبيبين ومبشرين) بالإضافة إلى إصابة اثنين آخرين بجروح بليغة.
تراجع مستوى حماية المنظمات الإنسانية بشكل رهيب جدا في بيافرا، مما أدى إلى ظهور موجة غضب كبيرة لدى المتطوعين هناك، بسبب مطالبتهم بضمانات أمنية، وفي مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر زادت حدة التوتر والضغوطات، فهذه هي المرة الأولى، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، يجد فيها الصليب الأحمر نفسه في مواجهة غضب وتمرد فرقه العاملة في الميدان.
يقول كوشنير: «نأسف على الذين سقطوا. كنا على حق وكان علينا أن نتكلم وان نخاطب الرأي العام الدولي. عملية القتل هذه أقنعتنا بضرورة عدم الاستجابة للإجراءات البيروقراطية التي يفرضها الصليب الأحمر، هذه المنظمة التي التزمت الصمت بخصوص الحشود النازية».






Pictures%5C2009%5C02%5C18%5C0c007989-65e9-4eb5-b301-b8026c613cb7_maincategory.jpg
نفط نيجيريا التجربة الاولى
Pictures%5C2009%5C02%5C18%5Cccd1a322-e3a8-41c9-88fc-8156a22f8bc0_maincategory.jpg
بيار بيون


 

post_old.gif
24-06-2011, 01:30 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

العالم في نظر ك (3) استغل الإعلام للترويج لمصطلح الإبادة

Pictures%5C2009%5C02%5C19%5Ce0a25bd7-f29d-4a01-8a82-720a6bbe78b5_main.jpg


تأليف بيار بيون
ترجمة وإعداد: سليمة لبال
يعود الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد «العالم بنظر ك.» إلى العديد من القضايا المثيرة في حياة برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، والرجل السياسي الأكثر شعبية في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.
فوزير الخارجية الفرنسي يواجه اليوم تحديات كبيرة، لعل أهمها إنقاذ صورة «الفارس الأبيض»، التي صنعت نجاحاته الإعلامية، ومكنته من الحفاظ على موقعه السياسي فترة طويلة.
يهدف كتاب بيار بيون، الذي وُصف في فرنسا بـ «الكتاب الصدمة»، إلى إسقاط الصورة التي رسمها الفرنسيون لكوشنير في مخيلاتهم، وربما إسقاطه من الحكومة الفرنسية خلال التعديل الوزاري المقبل، حيث يصفه الكاتب بالفرنسي السيئ، المتأثر بالنموذج الانغلوسكسوني، ذلك الذي يقف عند عزف النشيد الوطني البريطاني «فليحفظ الله الملكة»، بينما لا يفعل الشيء نفسه عند عزف النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز. كما يشير إلى أن يهودية كوشنير المزدوجة هي المحرك الرئيسي لكل أفعاله ومواقفه.
يرى بيار بيون ان كوشنير شارك في مؤامرة أميركية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، مؤامرة كان هدفها الرئيسي تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. كما يورد في مؤلفه الكثير من الحقائق المثيرة، بطلها كوشنير، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود. فكوشنير متهم باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات افريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان.
كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي ترجمته «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟ لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير، مهما كانت النهاية التي سيؤول إليها وزير الخارجية.

كوشنير من "أطباء بلا حدود" إلى "أطباء العالم" .. فالوزارة
قرر الدكتوران كوشنير وريكاميي الخروج على واجب التحفظ الذي يمليه عليهما انتماؤهما للصليب الأحمر، ونشرا شهادتيهما بعد 15 يوما، على أعمدة صحيفة لوموند بتاريخ 28 أكتوبر 1968.
غير أن الصليب الأحمر الفرنسي كرم في جمعيته السنوية، المنعقدة بتاريخ 24 نوفمبر 1969، أعضاء الفرق التي شاركت في بيافرا، ماعدا برنار كوشنير، الذي بدا عليه جلياً الغضب، وبرز ذلك في صورة أوضح في مقال نشر في يومية تصدر في العاصمة الغابونية ليبروفيل تدعى «فراتارنيتي ماتان»، أجاب فيه عن أسئلة الصحافي من دون أن يظهر بهويته الحقيقية، حيث اكتفى بالتعريف عن نفسه بأنه «الدكتور (ك).. طبيب شاب في السنة الخامسة طب».

حياد غير مناسب
لقد فضل كوشنير عدم نشر اسمه ليتمكن من إفراغ ما في جعبته، ولا يجد نفسه معارضا لمبدأ الحياد الذي تقوم عليه لجنة الصليب الأحمر الفرنسي، حيث قال «يتوجب علينا في يوم ما مراجعة طريقة تطبيق مبدأ حياد الصليب الأحمر الدولي، انه لا يتناسب مع الأوضاع في إفريقيا، ويمكن ألا يتناسب أيضا مع العالم الحالي».
ويضيف كوشنير «لو كان سكان بيافرا يملكون السلاح لتمت حماية المستشفيات ولتمكن الجرحى من حماية أنفسهم. انظروا. لم يحترم النيجيريون اتفاقية جنيف للصليب الأحمر الخاصة بالجرحى ومستخدمي المستشفيات، يجب مراجعة اتفاقية جنيف، إنها في الحقيقة دعوة للالتزام إنسانيا وعسكريا مع سكان بيافرا».
ويقول الدكتور باسكال غريلتي بوسفيال، الذي كان يدير الفريق الثاني من الأطباء الفرنسيين الذين ينتمون إلى قائمة الاثني عشر طبيبا الذين أسسوا منظمة أطباء بلا حدود «كنا متعاطفين مع بيافرا في العمق. وكنت أول المتعاطفين. كانت هناك فرق أخرى في الجانب النيجيري، كما كان هناك أصدقاء سويديون يقومون بالمهمة ذاتها، كان ضميري مرتاحا. لم يكن احد منا حياديا، مثلما كانت حكومتنا متورطة جدا في تلك القصة، كنا ننتظر المساعدات التي تأتي من ليبروفيل الغابونية ليلا، وكنا نتساءل لم لا يفعلون أكثر من ذلك؟ اعذروني إن لم أبد لكم طبيبا الآن، ذلك أنني كنت أقول لم لا ترسلون مساعدات أكثر، كما كنا نقول لهم أعطوهم السلاح، حتى يدافعوا عن أنفسهم».

حملة إعلامية لصالح بيافرا
ملأت تصريحات سكان بيافرا الصحف الفرنسية طوال عام 1969. وكانت حملة واضحة المعالم لفائدة بيافرا. وبرنار كوشنير بدوره أنشأ في أواخر عام 1968، لجنة لمكافحة الإبادة في بيافرا للتنديد بالعمليات التي حصلت هناك .
وبتنديده بـ«الإبادة البيافارية»، يكون كوشنير قد دخل في الاستراتيجية الإعلامية التي حدد جاك فوكار معالمها.
بالنسبة لنظام اوجوكو كانت الساعة حاسمة، ذلك أن الصراع أصبح دينيا أيضا. فالفدراليون مسلمون، وإذاعاتهم تعلن النية في إخضاع بيافرا للدين الإسلامي، فيما بيافرا ولاية مسيحية تستفيد من دعم الكنائس الغربية الكبرى، غير أن الكنائس لا توزع أسلحة والاحتياجات ضخمة جدا.
على هذا النحو يشرح المسؤول البيافاري بادي دافيس الوضع، ويضيف «هكذا اخترعنا مصطلح الإبادة، حتى يشعر المجتمع الدولي بمعاناتنا».

المجاعة تتحول إلى سلاح
لقد لعبت المصالح الاستخباراتية الفرنسية دورا كبيرا في ترويج هذه المعلومة عبر وسائل الإعلام، مثلما يروي دافيس ببرود، حيث يقول: «لأول مرة في تاريخ الحرب تستعمل المجاعة سلاحا. في الميدان كانت ماركبراس بيافران اوفرسيا براس ديفيجن من يتكفل بالصحافيين. وكانت تبرز لهم مقاومة المحاربين وسقوط المدنيين وموتهم على الخصوص. وحتى تختصر السلطات الوقت على الصحافيين أنشأت لهم حظيرة حشدت فيها أشخاصا، وكانت هناك المئات من الذين ينتظرون حتفهم جوعا يترقبون كاميرات التلفزيونات أن تأتي لتلتقط لهم صورا.
كانت وسائل الإعلام، في تلك الفترة منشغلة جدا بقضايا محاكمة المجرمين النازيين، منها قضية ايشمان (عام 1961) وقضية فرانكفورت (عام 1965)، كما كانت تقوم دوما بتشبيه ما حصل مع اليهود بما يحصل في بيافرا: فالايبو أصبحوا بنظر وسائل الإعلام آنذاك «يهود إفريقيا».
هناك العديد من التصريحات التي تؤكد ما نحن بصدد الحديث عنه، ومنها الشريط الوثائقي الذي أنجزه جويل كالمات، والذي جاء فيه أن مصطلح «إبادة» استعمل بطلب من المصالح الاستخباراتية الفرنسية. لقد طلبوا من أصدقائهم الصحافيين الفرنسيين استعمال كلمة «إبادة» في تقاريرهم الصحافية، ومن ثمة ترددت الكلمة ووجدت لها صدى في العالم بأسره.
كما كانت لاستعمال هذه الكلمة انعكاسات كبرى، فبيافرا تصدرت صحف العالم، وأصبحت الخبر الرئيسي في كل نشرات الأخبار.

مصطلح «الإبادة»
في سبتمبر 1969، اندمجت لجنة برنار كوشنير مع جمعية فرنسا- بيافرا، التي كان يرأسها الوزير السابق روبرت بورون. وعلى الرغم من الدعم الخارجي انتهى التمرد في بيافرا في 10 يناير 1970، حيث دخلت قوات لاغوس مدينة «يولي».
تحدث كوشنير عبر أعمدة مجلة لونوفيل اوبسارفاتير، التي صدرت بتاريخ 19 يناير عن بيافرا، حيث وصف ما جرى بالمحرقة. ثم تساءل: «كيف بإمكاننا أن نسمح بقتل مليونين من البشر؟ لا تنسوا بان مجزرة بيافرا هي اكبر مجازر التاريخ الحديث بعد محرقة اليهود».
هذه التصريحات تمكننا من فهم العديد من الالتزامات التي قطعها كوشنير على نفسه لاحقا، مثل وقوفه، على سبيل المثال، اليوم إلى جانب الجبهة الوطنية الرواندية التابعة لبول كاغام، الدكتاتور الرواندي. لقد كتبت آن فاليس، قائلة: «بيافرا هي تقريبا فيتنام كوشنير».
تحمل المغامرة البيافارية العديد من الدلالات، أولها اللجوء إلى استعمال مصطلح «إبادة» لحشد الدعم الشعبي والخلط ما بين الإنساني والعسكري، مما أدى إلى نشوء فكرة «حق التدخل». فهم كوشنير، رجل عصره، بسرعة الوزن والدور اللذين تلعبهما وسائل الإعلام. كما كان واعيا لما يمكن أن ينتج عن ضجة إعلامية.
من هنا فصاعدا، سيستعمل كوشنير المعلومات والنشاطات الإنسانية في عمله السياسي الذي مكنه من حمل حقيبة وزير. ومن الآن فصاعدا أيضا سيكون هدف كوشنير الرئيسي الكاميرات، سواء تحت لواء «أطباء بلا حدود» أو «أطباء العالم»، حيث أصبحنا نراه في وسائل الإعلام، وهو يتحدث عن الكوارث، ولا يتردد في دعوة أجهزة الدولة إلى التدخل.

ميلاد «أطباء بلا حدود»
نشرت الجريدة الطبية تونوس في 23 نوفمبر 1971 دعوة وجهها الصحافي فيليب بارنيي إلى جميع الأطباء. كانت الدعوة غامضة، لكنها غيرت مسار الأحداث، وجاء فيها: «دعوة إلى الأطباء الفرنسيين لإنشاء منظمة من أطباء الطوارئ المتطوعين».
يتذكر جاك بيريس، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود، الدعوة، قائلا: «كانت غامضة لكنها كانت تحمل شعورا خاصا. لقد قلنا لنجمع نواة الأطباء الذين عملوا في بيافرا، وهكذا بدأت الأمور».
كان لريموند بورال، رئيس مجلة تونوس، وفيليب بارنيي فكرة إنشاء جمعية تضم فريقا من أطباء الطوارئ، أطلقوا عليها اسم «النجدة الطبية الفرنسية». يقول بورال انه يتذكر جيدا اليوم الذي التقى فيه كوشنير، الذي طلب منه الانخراط في صفوف جمعية النجدة الطبية الفرنسية، حيث أكد له انه عمل في بيافرا سابقا، وبإمكانه إقناع الكثير من زملائه بالانخراط في صفوف هذا الفريق.
في 22 ديسمبر 1971 التقى الأطباء الذين عملوا في بيافرا بمجموعة أطباء المجلة في مقر الأخيرة. وفجأة ظهر للجميع بان التسمية غير مناسبة، وانه على العكس تماما، لم يكن برنار كوشنير (كما قيل) هو من أطلق تسمية أطباء بلا حدود على المنظمة، وإنما فيليب بارنيي، بعد أن بعث الأخير رسائل في هذا الشأن في كل الاتجاهات. كما أن كوشنير ليس هو من حرّر ميثاق منظمة أطباء بلا حدود وإنما بارنيي نفسه، الذي يقول بشأنها «أنا من حرّرتها.. فعلت ذلك في عشر دقائق، فالمبادئ التي تقوم عليها المنظمة كانت واضحة وبديهية بالنسبة لي». غير أن كوشنير صرح لآن فاليز، بان مجموعة الأطباء هي من حرّرت الميثاق.
نشر بارنيي، في 3 يناير 1972، وثيقة ميلاد منظمة أطباء بلا حدود، حيث شهدت سنواتها الأولى تباينا في وجهات النظر حول توجهات المنظمة بين الأطباء الذين عملوا في بيافرا، وأولئك الذين يعملون في مجلة تونوس.

تباين وجهات النظر
وبينما كان الفريق الأول يحلم بتكوين مجموعة من أطباء الطوارئ من دون بيروقراطية أو الاعتماد على تنظيم معين مع تنفيذ مهمات قصيرة، كان الفريق الثاني يسعى إلى تسطير أهداف طويلة المدى وتنفيذ مهمات تمتد لفترات أطول، مثلما هي الحال بالنسبة للجنة الدولية للصليب الأحمر.
وأما بالنسبة لكوشنير، فكان المطلوب تشكيل فريق من الأطباء تقع على عاتقه مهمة الدخول، حيث لا يستطيع الصحافيون التواجد، فريق يحمل أعضاؤه حقيبة خاصة بطب الطوارئ، فريق يكون أفراده قادرين على الرجوع في أي لحظة إلى باريس، من اجل نقل شهاداتهم الحية عن الأوضاع التي يعيشونها في المناطق الساخنة.
بمرور السنوات، تواجهت العديد من التيارات داخل منظمة أطباء بلا حدود بما فيها تيار برنار كوشنير.
وخلال الجمعية العامة السابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، في 7 مايو 1979، وجد كوشنير نفسه وسط أقلية لا تفي بالغرض، مما دفعه إلى الاستقالة. وأسس في يناير 1980 منظمة أطباء العالم، التي سطر لها ثلاثة أهداف رئيسية: «الذهاب إلى حيث لا يستطيع الآخرون، العمل تطوعي، نشر الشهادات المؤلمة والحية».

بين الصرب والهوتو
كان التعامل مع الصرب خلال حرب البلقان شبيها بما عومل به الهوتو في رواندا. وفي الحالتين لعب كوشنير دورا مهما في وصم الشعبين بالعار ومقارنتهما بالنازيين. وأما تورطه في صراعات يوغسلافيا سابقا فقد لعب أيضا دورا مهما في مساره السياسي لاحقا.
في الواقع، لقد كسب كوشنير ثقة فرانسوا ميتران الكاملة عندما كان في سراييفو خلال الأشهر الثمانية لحكومة بيريغوفوي، التي نال فيها مناصب مرموقة حتى انه أضحى ثاني وزير خارجية بإمكانه التدخل في العديد من الملفات.
كما نجح كوشنير في إقحام فرنسا في الملف الصومالي، بالتدخل عسكريا وإنسانيا، بعد أن أصبح مدلل رئيس الجمهورية، على الرغم من المعارضة الكبيرة التي أبداها وزير الدفاع آنذاك بيير جوكس.
وحتى افهم التزامه في إفريقيا وطريقة عمله هناك، بدا لي انه من الضروري الخروج من الإطار الإفريقي الذي بدأت بالتفصيل فيه، لأروي لكم عمل كوشنير في البلقان.
في عام 1988 تمت مكافأة رئيس منظمة أطباء العالم بتعيينه في منصب سكرتير دولة مكلف بالعمل الإنساني، وذلك قبل أيام فقط من موعد الانتخابات الرئاسية ودعمه العلني للرئيس فرانسوا ميتران.
وحتى يتمكن من لفت الانتباه إلى دائرته الوزارية، احكم كوشنير قبضته على جميع النشاطات والحركات التي تعمل في النشاط الإنساني، وكأنه لا يزال رئيس منظمة أطباء العالم وأطباء بلا حدود.

اتهام بالسيطرة على العمل الإنساني
في يوليو 1990 اتهم روني برومان، رئيس منظمة أطباء بلا حدود، برنار كوشنير بمحاولة السيطرة والاستحواذ على العمل الإنساني. لقد علق برومان للقناة الطبية الخاصة «كانال سونتي» على رحلة كوشنير إلى إيران اثر الزلزال الذي ألمّ بهذا البلد، قائلا: «عندما نرى وزيرا في الميدان من اجل تنسيق عمل رجال الإنقاذ الفرنسيين أقول إن هذا يكفي. لقد تجاوزنا الحدود. نحن مستقلون تماما، والتزاماتنا تتم بعيدا عن السياسة. وبالتالي من غير المعقول أن نعطي انطباعا بأن منظمتنا تعمل وفق أوامر الحكومة».
هذا السلوك أثار عددا كبيرا من الناشطين في مجال العمل الانساني والتطوعي، خصوصا خلال حرب الخليج، حيث دعا سكرتير الدولة إلى الحرب في مقال نشرته صحيفة لوموند بتاريخ 16 يناير 1991، بعد انتهاء المهلة التي حددتها قوات التحالف.
لقد حاول برنار كوشنير أن يفرض من خلال مقاله إطارا جديدا للسياسة الخارجية الفرنسية التي كانت واقعية في عهد رولان دوما.
لننتقل الآن من المجال النظري إلى المجال التطبيقي. فسكرتير الدولة، بدأ في تطبيق معايير جديدة للسياسة الخارجية في كردستان. لقد حاول فرض فكرة حق التدخل الإنساني بدعم من دانيال ميتران، رئيسة مؤسسة «فرنسا –حريات»، حيث شارك على الحدود العراقية- التركية في مهمة فرنسية- أميركية، تهدف إلى إلقاء المواد الغذائية على القرية الحدودية التركية داستاني وأيضا داخل الأراضي العراقية. أنجزت العملية طائرات من نوع «ترانسال سي- 160»، التي كانت محملة ب11 طنا من المواد الغذائية موجهة الى مخيم للاجئين يضم 60 ألف لاجئ من تركيا و250 ألف لاجئ آخرين من العراق. وتمت العمليات في الأيام التي تلت هذه العملية انطلاقا من القاعدة التركية الأميركية في اينسيرليك.
هذه التصرفات أثارت غزافيي ايمانويلي، الذي أصبح فيما بعد سكرتيرا للدولة مكلفا بالعمل الإنساني الطارئ، وكان آنذاك «رئيس شرف» لمنظمة أطباء بلا حدود.

Pictures%5C2009%5C02%5C19%5Ca1efb2dc-ccac-40a5-8b4b-206323d8f7cc_maincategory.jpg
عمال تابعون لمنظمة أطباء بلا حدود ينقلون مساعدات عبر نهر الليطاني في لبنان خلال حرب يوليو 2006 (رويترز)


 

post_old.gif
24-06-2011, 01:31 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif



العالم في نظر ك (4) ميتيران قرّب كوشنير ليستغله إعلاميا عند الحاجة
Pictures%5C2009%5C02%5C20%5C3e4be370-5eec-4b52-806c-09719b64c394_main.jpg
سكان سراييفو يختبئون من قناص خلف مدرعة لقوة الحماية التابعة للأمم المتحدة 1993
تأليف بيار بيون
ترجمة وإعداد: سليمة لبال
يعود الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد «العالم بنظر ك.» إلى العديد من القضايا المثيرة في حياة برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، والرجل السياسي الأكثر شعبية في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.
فوزير الخارجية الفرنسي يواجه اليوم تحديات كبيرة، لعل أهمها إنقاذ صورة «الفارس الأبيض»، التي صنعت نجاحاته الإعلامية، ومكنته من الحفاظ على موقعه السياسي فترة طويلة.
يهدف كتاب بيار بيون، الذي وُصف في فرنسا بـ «الكتاب الصدمة»، إلى إسقاط الصورة التي رسمها الفرنسيون لكوشنير في مخيلاتهم، وربما إسقاطه من الحكومة الفرنسية خلال التعديل الوزاري المقبل، حيث يصفه الكاتب بالفرنسي السيئ، المتأثر بالنموذج الانغلوسكسوني، ذلك الذي يقف عند عزف النشيد الوطني البريطاني «فليحفظ الله الملكة»، بينما لا يفعل الشيء نفسه عند عزف النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز. كما يشير إلى أن يهودية كوشنير المزدوجة هي المحرك الرئيسي لكل أفعاله ومواقفه.
يرى بيار بيون ان كوشنير شارك في مؤامرة أميركية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، مؤامرة كان هدفها الرئيسي تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. كما يورد في مؤلفه الكثير من الحقائق المثيرة، بطلها كوشنير، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود. فكوشنير متهم باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات افريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان.
كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي ترجمته «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟ لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير، مهما كانت النهاية التي سيؤول إليها وزير الخارجية.


السياسيون لا يمارسون سوى السياسة.. وإذا ما قالوا غير ذلك فهم يكذبون
كتب ايمانويليي مقالة رأي في جريدة لوموند بتاريخ 10 مايو 1991 تحدث فيها عما سماه «نهاية العالم» بالقرب من قرية كوكوركا، التي شاهدها ملايين المتفرجين عبر شاشات التلفزة بعد أن احتضنت رغم الكارثة، عرضا لألعاب سيرك اختير له عنوان «غرق شعب».
لقد خُص المهرجان بتغطية إعلامية كبيرة، وان ساعد هذا من بث شهادات حية من المكان ذاته، إلا أن زميل برنارد كوشنير السابق أضاف، وهو يصف المنظومة الإعلامية التي جندت لتغطية عملية إلقاء المساعدات الغذائية بحضور الصحافيين وتلفزيونات العالم بأسره، «كانت السلطات التركية كريمة. فعلى الرغم من سوء حال الطرق في هذه المنطقة فقد زودت المنطقة بهوائي مقعر كبير ليحول في ظرف 24 ساعة هذا المكان الذي يسكنه 4500 نسمة إلى مركز دولي للصحافة يبث إلى مختلف نقاط العالم أخبارا وصورا، سواء عن طريق البث التلفزيوني المباشر وغير المباشر أو عن طريق الهاتف والفاكس والتيليفاكس. لقد كانت نوعية الصور جيدة، والصوت أيضا. وكانت عملية الميكساج والمونتاج تتم في تجهيزات تابعة لشبكة سي. إن. إن. التي كانت تبعث بدورها التقارير إلى قاعات التحرير، شاهدة على الكارثة بشكل مباشر. كان الصحافيون يصورون معاناة الأكراد في كوكوركا. وكان الساتل يربط هذا المكان بالحضارة والعالم الآخر في الجهة المقابلة».

مساعدات قاتلة

لكن ما الذي كانت تظهره صور التلفزيونات؟ كانت مظاهر التضامن تبث مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم، سواء في المخيمات أو داخل الخيام أو السيارات والشاحنات أو على الطرق الجبلية الضيقة التي كانت تشهد توالي عبور قوافل المساعدات الإنسانية،والطائرات المقاتلة التي كانت تؤمن عبور طائرات الاركول، التي كانت تلقي بالمساعدات.
كانت علب المساعدات مزودة أحيانا بمظلات للهبوط وأحيانا من دونها. وكانت هذه المظلات تفتح أثناء الهبوط وأحيانا أخرى لا تفتح. وكانت أحيانا تسقط في تركيا وسط الجنود وأحيانا أخرى في العراق وسط المخيم، حيث كان الرجال والمراهقون يتسابقون من اجل الظفر بشيء. كما كانت تسقط أحيانا في مناطق ملغمة.
وأحيانا أخرى، كانت بعض المساعدات تسقط على خيمة فتحطمها وتتسبب بمقتل احد فيها من غير المحظوظين. وعلى الرغم من ذلك ظلت تستمر في السقوط على هذا المخيم رغم انه كان يمكن للشاحنات الوصول إليه، مثلما تمكن الصحافيون من بلوغه بواسطة الحافلات.
ويصف ايمانويليي الوضع، قائلا: «لا يجب علينا أن نتحدث عن الجانب الإنساني وعن مساعدات إنسانية في تلك الجبال ما دمنا نلقي لهم بالمواد الغذائية وكأننا نلقيها إلى حيوانات. ولا يمكن أن نتحدث عن مساعدات إنسانية ما دمنا ندفع الناس إلى التقاتل والتشاجر من اجل الحصول عليها. عملية الإنقاذ ليست خطابا عاطفيا. إنها مهمة براغماتية محددة وواضحة. إنها فرق الأطباء والممرضين والمسؤولين عن الإمداد أولئك الذين يحملون المياه ويحفرون دورات المياه، هم أولئك الذين يتخلصون من الفضلات.. لا تستطيع أي حكومة القيام بهذا لأنها بحاجة إلى إطار للتدخل، ولهذا السبب يطالب البعض باستعمال «مبدأ وحشي» لم يسبق أن عرفه العالم في الماضي ألا وهو «حق التدخل».

السياسي لا يمارس غير السياسة

علينا أن نتوقف من السخرية من كلمة «إنساني». فالجنود لا يمكنهم أن يقوموا بعمل إنساني مثلما هي الحال بالنسبة للسياسيين. للجنود مهمة وهم يطيعون الأوامر بشجاعة وحب، غير أنهم يطيعون. أما السياسيون فلا يمارسون سوى السياسة، وإذا ما قالوا إن بإمكانهم فعل غير ذلك فهم يكذبون.
إنها المنظمات غير الحكومية، والمنظمات التابعة للأمم المتحدة التي تستطيع التدخل ويفرض عليها ذلك. لا يجب أن يقدم الإنسان نفسه على الساحة على حساب حياة الآخرين. انه أمر مرتبط بشرف الإنسان واحترامه، هذه الكارثة ليست مهرجانا على الإطلاق.
بعيدا عن هذا الموقف العلني الذي نشر في «لوموند» قبل 17 سنة، كانت هناك في كواليس الدواوين الوزارية، معركة عنيفة بين كوشنير ومناوئيه في الكيدورسيه ووزارة الدفاع. وإذا ما كان ايمانويلي يتطرق بتكتم إلى الأشخاص الذين لاقوا حتفهم بعد أن سقطت عليهم الطرود التي كانت تلقيها الطائرات المحملة بالمساعدات الغذائية، فان العسكريين وأعوان المصالح الاستخباراتية واضحون جدا في هذا الشأن، حيث يقولون ان عمليات إلقاء الطرود هذه خلفت العشرات من القتلى.
هذه الحجج، وتلك التي ساقها ايمانويلي، أدت إلى توقف العمليات في كردستان وانتقال كوشنير من وصاية وزارة الداخلية إلى وصاية وزارة الخارجية.
كتب ماري بيير سابتيل في جريدة لوموند الصادرة بتاريخ 25 مايو 1991 يقول: كان سكرتير الدولة كوشنير حانقا على المواقف الفرنسية تجاه العديد من القضايا الدولية عندما كان تحت وصاية وزارة الداخلية. غير أن القدر أراد أن يحدث التعديل الوزاري بعد أسابيع فقط من تدخل قوات التحالف في كردستان تحت مسمى حق التدخل الإنساني، لازمة كوشنير القديمة، التي أصبحت حصان طروادة الذي تعتمد عليه السياسة الخارجية الفرنسية.
وعلينا أن نوضح هنا ان كوشنير، وخلال التزامه في العراق، قام بعملية انتقائية في صفوف ضحايا نظام صدام حسين. فهو لم يقف إلا إلى جانب الأكراد ولم ينبس بكلمة واحدة لمصلحة الشيعة على الرغم من المجازر التي استهدفت آلافا منهم.

مهمة أخرى في يوغسلافيا سابقا

توفي الماريشال تيتو في 4 مايو 1980 بعد 35 سنة قضاها على رأس فدرالية يوغوسلافيا، التي ساهم في قيامها بعد الحرب العالمية الثانية. بوفاة تيتو تمكنت مختلف مكونات الجمهورية الاشتراكية اليوغسلافية من المتوقع تدريجيا وعلى الخصوص الصرب وسلوبودان ميلوزوفيتش الذي أصبح فيما بعد رئيس صربيا من مايو 1989 إلى أكتوبر 2000.
لقد صبّ الزعيم الوطني الصربي ميلان بابيك الزيت على النار حين طالب في 28 فبراير باستقلال جمهورية صرب كرايينا التي تمتد أراضيها إلى كرواتيا. فقد بدأت المواجهات منذ ربيع هذه السنة لينتهي الأمر بإعلان كل من سلوفينيا وكرواتيا استقلالهما عن الفدرالية اليوغسلافية بعد الاستفتاء الذي نظم وفقا لدستوريهما بتاريخ 25 يونيو 1991. واعترفت ألمانيا والنمسا والفاتيكان، وبعدها الولايات المتحدة بدولة كرواتيا الجديدة.
حاول الجيش الفدرالي، الذي يشكل الصرب ومواطنو الجبل الأسود غالبية سكانه، الحفاظ بالقوة على وحدة الفدرالية، وذلك بعد 24 ساعة من إعلان استقلال سلوفينيا وكرواتيا اللتين شهدتا معارك دامية بين القوات الشعبية الاستقلالية والقوات الفدرالية.
نصب الاتحاد الأوروبي في 27 أغسطس 1991 لجنة كلفها بمعالجة الملف برئاسة روبير بادانتر. وبعد دراسة معمقة للملف، رأت اللجنة ان فدرالية يوغسلافيا في طريقها إلى التقسيم حيث أوصت بالاعتراف بالدولتين المنشقتين.
اعترف الاتحاد الأوروبي أخيرا بشرعية الدولتين الجديدتين. وكان هذا القرار بالنسبة للدبلوماسية الأوروبية شهادة وفاة فدرالية يوغسلافيا.

حصار سراييفو
في الوقت ذاته، بدأ الصرب في كل جمهوريات الفدرالية بالتجمع وبناء إطار لهم بزعامة الوطني رودوفان كارازديتش، مما دفع الرئيس الكرواتي فرانغو توجمان إلى دعوة الجميع إلى التجنيد والوقوف ضد مشروع صربيا الكبرى، الذي كان الصرب يدعون إلى إقامته.
في 29 فبراير 1992جاء دور البوسنة والهرسك لتطالب هي الأخرى بالاستقلال، حيث صوّت 63% من البوسنيين لفائدة الاستقلال، وغالبيتهم من المسلمين (43% من السكان ) والكروات (17% من السكان )، بينما صوت الصرب ضد الاستقلال.
اعترف المجتمع الدولي بسرعة بالدولة الجديدة، لتنضم الدول الثلاث بعد ذلك الى منظمة الأمم المتحدة.
تعرضت البوسنة والهرسك، مثلها مثل كرواتيا وسلوفينيا، لهجوم منظم من قبل الجيش الفدرالي بقيادة الصرب، ليحاصر صرب البوسنة سراييفو من 5 ابريل 1992 إلى غاية 29 فبراير 1996 ويصبح هذا الحصار أطول حصار في تاريخ الحروب الحديثة.
لقد احتضنت لشبونة ما بين 26و27 يونيو 1992 قمة الاتحاد الأوروبي التي خصصت لوضع أجندة للتوقيع على اتفاقية ماستريخت والتأكيد على الأهمية الكبيرة لمستقبل الاتحاد الأوروبي.
وخلال هذه القمة، وتحديدا في صبيحة يوم السبت 27 يونيو، تناول الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران والمستشار الألماني هيلموت كول الإفطار على طاولة واحدة، حيث عبر الرجلان عن قلقهما من الأوضاع المتأزمة في سراييفو. وفي تلك الليلة أيضا اجتمع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، ونجحوا في الاتفاق على نص يسمح باستعمال الوسائل العسكرية للوصول إلى أهداف إنسانية فقط.

غضب كوشنير

تملكت كوشنير حالة من الغضب الشديد، داخل غرفته في الفندق بعد أن أوتي به من باريس، خاصة بعد أن انتهت إلى مسامعه أخبار مفادها انه لن يطير إلى سراييفو برفقة الوفد الأوروبي. فقد قالت الاشاعات آنذاك ان المهمة سيرأسها رولان دوما.
كان كوشنير، الذي عيّن لتوه وزيرا للصحة والعمل الإنساني، يرغب في أن يكون على رأس هذه اللجنة بأي ثمن. وهو الذي حاول لأسابيع إقناع الرئيس الفرنسي بأهمية القيام بعمل في البوسنة. لم يقرر ميتيران الذهاب إلى سراييفو بنفسه فقط، وإنما أيضا أخذ معه كوشنير الذي يحبه ويستمع اليه أكثر فأكثر.
وبعيدا عن القضية البوسنية، كان ميتيران يرى ان كوشنير، وهو الرجل السياسي الأكثر شعبية بحسب استطلاعات الرأي، يمكن أن يكون مفيدا جدا كأداة للاتصال تعمل لفائدته عند الحاجة، ذلك أن صحته لم تعد على ما يرام من جهة، ولأنه يتعرض لهجوم من قبل سرج كلارسفيلد وأصدقائه وأيضا لهجوم القاضي جون بيير.

ميتيران وكوشنير الى سراييفو
ذهب ميتيران ومعه كوشنير وصحافيان اثنان، هما فيرونيك ديكودو (عن وكالة الأنباء الفرنسية) وكلود ازولاي (عن باري ماتش).
وهكذا قضى الرئيس ووزيره الأمسية في سليبت مع وزير خارجية كرواتيا وسفير فرنسا القادم من زغرب. وهناك أوضح ميتيران ان الهدف الرئيسي لزيارته «إنساني فقط»، حيث استقبل هذا النبأ في سراييفو بارتياح كبير.
قال كوشنير للصحافة، وبمجرد أن حطت مروحية الرئيس في مطار سراييفو بتاريخ 28 يونيو، «لقد انتهت المهمة. والمطار فتح من جديد».
استمرت مهمة الرئيس الفرنسي ومن معه 6 ساعات، زار خلالها القبعات الزرق لقوات الحماية التابعة للأمم المتحدة والمسؤولة عن مرافقة قوافل المساعدات الإنسانية. كما زار المستشفيات التي قرأنا في الصحف أنها تحتاج إلى كل شيء، لكن ظهر فيما بعد أن المعلومة خاطئة، لان المستشفيات هناك لم تعان من نقص في الأدوية والتجهيزات الطبية إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على زيارة ميتيران .
تناول ميتيران الغداء في القصر الرئاسي، الذي سقطت بمحاذاته ثلاثة قنابل. وحول المائدة تطرق الرئيس عزت بيغوفيتش إلى وجود معسكرات إبادة في البوسنة قبل أن يكرر ذلك أمام الصحافة.
كان ميتيران يحب السلوكيات الرمزية، لذلك قرر وضع وردة أمام مخبزة استهدفت قبل أيام بقنبلة، مما أدى إلى مقتل عشرة أشخاص. ثم ذهب إلى المقر الذي يحتضن المؤتمر الصحفي، حيث أكد أمام الصحافيين انه جاء إلى هنا «ليرى ويشهد ويلاحظ ويسمع».
إلى جانب ذلك، قال ميتيران «إن زج المنطقة في حرب علاوة على الحرب التي تعيشها لن يحل القضية».
هذا الموقف علق عليه روني برومان بالقول «إن ميتران حط في مطار سراييفو كرئيس للجمهورية الفرنسية، غير انه غادره كرئيس للصليب الأحمر».
لقد انتهت زيارة الرئيس الفرنسي بتكليف القوات الأممية بمراقبة مطار سراييفو، فيما تم السماح بفتح جسر إنساني لإمداد المنطقة بالمساعدات الغذائية، ليصبح هذا الجسر الرابط الوحيد بين سراييفو والعالم الخارجي، إلى غاية سقوطها في 29 فبراير 1996.

نتائج رحلة سراييفو

كان لرحلة كوشنير إلى سراييفو الكثير من النتائج المباشرة عليه، ومنها أن موقعه أصبح قويا جدا. وما إن حطت الطائرة التي أقلته إلى باريس، حتى انزعج من وجود بيير جوكس ورولان دوما على أرضية المطار، مما دفع الرئيس ميتران إلى القول له «البطل اليوم هو أنت. إذا لا تخف، بالعكس عليك أن تبدو أكثر قوة».
شعر كوشنير بالغبطة. وقال «وأخيرا أصبح من حق العمل الإنساني أن يُذكر في خضم السياسة»، ها هو ذا يُقبل في الدائرة الأولى لمحيط الرئيس فرانسوا ميتران.
لقد اطلع الفرنسيون على الوضع الجديد الذي آل اليه كوشنير، عندما قرأوا في شهر سبتمبر في الصحف، بان الرئيس دعاه وزوجته كريستين اوكرانت لقضاء أيام في بال ايل اون مار.
جريدة نيويورك نيوزداي، الجريدة النيويوركية المتواضعة، نشرت في تاريخ 2 أغسطس 1992 مقالا للكاتب روي غاتمان بعنوان «معسكر الموت»، وصف فيه معسكرات المساجين المحتجزين من قبل الصرب، وعلى الخصوص معسكر اومارسكا. واستخدم غاتمان مصطلح «محتشد» مع اعترافه بأنه لم يزر أبدا تلك المعسكرات، وإنما حصل على المعلومات من مصدرين: الأول ـ ولم يكن متأكدا منه ـ يتعلق بشهادة من المكان ذاته، وضعها تحت تصرفه احدهم ويدعى اليغا لوجينوفيك، الذي أكد له مقتل 3500 شخص في باركو ما بين منتصف مايو ومنتصف يونيو.
وأما المصدر الثاني فيدعى ميهو الذي وصف تفاصيل الاغتيالات التي شهدها معسكر الاعتقال في اومارسكا.
أعادت العديد من وسائل الإعلام الأميركية وأخرى من باقي العالم، نشر هذا المقال مثلما يؤكده ميشال فلوكت وبرتراند كوك في كتابهما «متاعب برنار كوشنير في يوغسلافيا».
غير أن الوصف الذي قدمته الجريدة في المقال،كان عن معسكر اعتقال، وسواء كان من يديره صربا أو كرواتا أو مسلمين بوسنة، فهذا لا يجعل منه أبدا معسكر موت شبيه بمعسكرات الموت التي انشأها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية.



 

post_old.gif
24-06-2011, 01:32 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif


العالم في نظرك. (5) كوشنير يثور على صحافي «فرانس 24» وزوجته تطرده

Pictures%5C2009%5C02%5C21%5Cd7065d47-ecff-49b5-bba9-e2d4032addaa_main.jpg


تأليف بيار بيون
ترجمة وإعداد: سليمة لبال
يعود الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد «العالم بنظر ك.» إلى العديد من القضايا المثيرة في حياة برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، والرجل السياسي الأكثر شعبية في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.
فوزير الخارجية الفرنسي يواجه اليوم تحديات كبيرة، لعل أهمها إنقاذ صورة «الفارس الأبيض»، التي صنعت نجاحاته الإعلامية، ومكنته من الحفاظ على موقعه السياسي فترة طويلة.
يهدف كتاب بيار بيون، الذي وُصف في فرنسا بـ «الكتاب الصدمة»، إلى إسقاط الصورة التي رسمها الفرنسيون لكوشنير في مخيلاتهم، وربما إسقاطه من الحكومة الفرنسية خلال التعديل الوزاري المقبل، حيث يصفه الكاتب بالفرنسي السيئ، المتأثر بالنموذج الانغلوسكسوني، ذلك الذي يقف عند عزف النشيد الوطني البريطاني «فليحفظ الله الملكة»، بينما لا يفعل الشيء نفسه عند عزف النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز. كما يشير إلى أن يهودية كوشنير المزدوجة هي المحرك الرئيسي لكل أفعاله ومواقفه.
يرى بيار بيون ان كوشنير شارك في مؤامرة أميركية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، مؤامرة كان هدفها الرئيسي تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. كما يورد في مؤلفه الكثير من الحقائق المثيرة، بطلها كوشنير، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود. فكوشنير متهم باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات افريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان.
كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي تقدمه «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟
لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير، مهما كانت النهاية التي سيؤول إليها وزير الخارجية.

استعمال وسائل الإعلام والرأي العام لمصطلحي «معسكر الموت» و «المعتقل»، أعاد إلى الواجهة الحديث عن الإبادة، لكن هذه المرة في الصراع الدائر رحاه في يوغسلافيا سابقا.
وهكذا وجد كوشنير احد أهم المواضيع التي يحبّ أن ينشغل فيها. زادت حماسته وطاقته التي يُعرف بها، وبرفقة مجموعة من المثقفين من أمثال باسكال بروكنار والآن فينكيلكروت واندري غلوكسمان وأيضا برنار هنري ليفي، بدأ الجميع في التنسيق لإنجاح حملة إعلامية تهدف إلى الاحتجاج على الأوضاع هناك، وكان كل واحد يحتج من موقعه وبحسب الظروف المتاحة له.
فتح الصرب معسكر اومارسكا أمام فريق من التلفزيون البريطاني للوقوف في وجه الحملة الإعلامية التي يقودها كوشنير، حيث كانت سلطات بلغراد، التي تراقب عمل الصرب في البوسنة، تسعى إلى اطلاع المجتمع الدولي على ان السجناء ليسوا ضحايا مجازر جماعية، وأن التعامل معهم ليس بالسيئ، وان معسكر اومارسكا لا علاقة له إطلاقا بمعسكري الاعتقال النازيين بيركينو واوشفتيز.
غير أن ما حصل كان غير ذلك تماما. في تلك الليلة بثت تلفزيونات العالم مجموعة من الصور تبرز رجالا نحيلين جدا ومحتجزين وراء الأسلاك الشائكة.
أدى بث هذه الصور إلى تصاعد حدة ردود فعل معاكسة تماما لبلغراد، ما غيّر رأي المشاهدين في الغرب وادخل الصراع في مرحلة جديدة.
صوّت مجلس الأمن في الليلة من 11 إلى 12 أغسطس على القرارين 770 و771، اللذين يشترطان دخول اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكل المنظمات الإنسانية بكل حرية إلى المعسكرات التي تم جردها، وهي ستة معسكرات كرواتية ومعسكران صربيان وآخر بوسني.
طار برنار كوشنير في تلك الأثناء إلى البوسنة برفقة كل من بونوا غيسمبرغ عن «باري ماتش» وإيزابيل ايلسن عن «لوجورنال دو ديمانش» وديديي فرانسوا عن «ليبيراسيون» وناهيدا ناكاد عن «تي اف 1». غير أن طائرته حطت في جنيف قبل البوسنة، ليصطحب معه شارل لامونيير، وهو موظف سام في الأمم المتحدة.
في اليوم التالي، زار كوشنير برفقة السلطات الصربية معسكر اومارسكا، الذي تم إفراغه تقريبا من السجناء. ثم اصطُحب إلى مانجاكا، وهناك كانت الوضعية قريبة من الفكرة التي يود أن تكون هي الحقيقة. لقد كان عدد السجناء اكبر بكثير من طاقة استيعاب المعتقل.
وأخيرا، وفي ختام زيارته، اتجه كوشنير إلى ترنوبولي، حيث لم يكن هناك شيء يستحق المتابعة أو الاهتمام. ثم زار معسكرا بوسنيا وسجنا عسكريا لم ير فيهما شيئا يذكر.
أعاد كوشنير كتابة القصة في «باري ماتش» بعد أسبوع بالضبط، حيث أكد انه اختار المعسكرات في اللحظات الأخيرة.

مغفل سلطات بلغراد

لم يكن كوشنير خلال الثماني والأربعين ساعة، التي استغرقتها زيارته، سوى مغفل السلطات، فالمعسكرات التي ذهب إليها في آخر لحظة، مثلما قال، زارها في الوقت نفسه العديد من الصحافيين، بينما المعسكرات الأخرى بقيت مغلقة ولم يزرها احد.
بالنسبة للوزير وحاشيته من الإعلاميين كان الشر يحمل اسما واحدا: هو «الصرب»، في وقت بدا فيه مبدأ التدخل الإنساني وحرب الخير ضد الشر، يجدان مكانا لهما لدى الرأي العام باسم الأخلاق السياسية والدفاع عن حقوق الإنسان.
اتخذ كوشنير موقف بيير هارميت، الذي دعا سابقا الأوفياء للذهاب إلى الأرض المقدسة في سبيل أول حرب صليبية يريدها الله.
في الوقت ذاته أكدت «نيويورك تايمز» في مقال لها أن أجهزة الاستخبارات الأميركية ضاعفت جهودها، لكنها لم تعثر على دليل واحد على مجازر ترتكب بطريقة آلية ومنظمة في حق مساجين كروات ومسلمين في معسكرات الصرب.

حملة إعلانية

أطلقت منظمة أطباء العالم حملة إعلانية تدين دون حجج، الشعب الصربي في يناير وفبراير 1993، بينما كان مجلس الأمن والمجتمع الدولي والقوات الأممية عاجزين عن ايقاف الحرب.
قدرت قيمة الحملة الإعلانية بمليوني دولار أميركي، حيث تضمنت ومضات إعلانية أيضا، بثت طيلة أسابيع على التلفزيونات الفرنسية، وكان هدفها الرئيسي، هو التأثير على الرأي العام حتى يتخذ موقفا يُشبّه فيه الصرب بالنازيين.
نشرت جريدة لومانيتي الشيوعية في 6 يناير 1993 مقالا جاء فيه: ان منظمة أطباء العالم تلعب لعبة خطيرة جدا. فهذه المنظمة، المنبثقة عن انشقاق في صفوف منظمة أطباء بلا حدود، يمولها بشكل كبير الوزير كوشنير. وأما هدفها الرسمي فهو التدخل على الصعيد الإنساني.
لقد أطلقت منظمة أطباء العالم هذه الحملة انطلاقا من وقائع مغلوطة وغير صحيحة، حيث أكد كوشنير، سنوات فيما بعد، في كتابه «مقاتلو السلم» الزيف والتزوير.
ذهب كوشنير برفقة السفير الأميركي رتشارد هولبروك والرئيس البوسني السابق علي عزت بيغوفيتش إلى مستشفى سراييفو. لقد مات الرجل الآن والساعة ساعة الحقيقة.
سأل كوشنير بيغوفيتش: أتتذكر زيارة الرئيس ميتران؟
يجيب عزت بيغوفيتش: نعم. لا أزال أتذكر.
خلال الحديث، تحدثت عن وجود معسكر إبادة في البوسنة وكررت هذا أمام الصحافة. لقد أدت تصريحاتك إلى ظهور موجة قلق معتبرة في العالم.
أرسلني فرانسوا إلى اومارسكا، وقمنا بفتح سجون أخرى. كانت أماكن فظيعة ومخيفة غير أن الأمر لم يكن يتعلق بإبادة، أتعرف ذلك؟
-نعم، يعترف عزت بيغوفيتش، ظننت بان تصريحاتي بإمكانها أن تسرّع الهجوم. رأيت ردود فعل الفرنسيين والآخرين....لقد أخطأت.
-أجل، حاولت، ولكن تقديراتي كانت خاطئة، لم تكن هناك معسكرات إبادة، لكنها كانت أماكن رهيبة.
لقد رأى «الفرانش دكتور» سابقا، في صراع البلقان فرصة تطبيق مبدأ التدخل الإنساني الذي دعا إليه في بيافرا، هل من المفاجئ أن نلاحظ التوافق الكلي بين تصرفات كوشنير في البلقان ومواقف الأميركيين الذين سعوا إلى تفجير الفيدرالية اليوغسلافية ودعموا دول البلقان الجديدة ضد موسكو القوة الوحيدة في المنطقة، من اجل الحفاظ على مصالحهم الاقتصادية والاستراتيجية بواسطة الحلف الأطلسي؟!

أكياس الأرز وثورة كوشنير

كتب ايريك امبتاز في «لوكانار اونشيني» بتاريخ 9 ديسمبر 1992 يقول: «آه، الصورة الرائعة، برنار وكيسه المعبأ بالأرز من نوع أنكل بانز، غارق في غبار شاحنات الأمل».
وزير الخارجية الفرنسي لا يطيق تذكر هذه الحلقة، حيث رأيناه في الحرب وهو يحمل أكياس الأرز، عين على الكاميرات وعين على قدره.
وزير الخارجية الفرنسي أثار أيضا ضجة في تلفزيون فرانس 24 أمام الصحافي يوليس غوسي بتاريخ 28 يوليو 2008 خلال برنامج «توك شو- باريس». ولكن لماذا؟ وما السبب الذي دفع كوشنير إلىالاثارة؟
لقد غضب كوشنير مما سماه «صورا حمقاء» تضمنها البورتيريه الذي سبق الحوار والذي كان سيجريه معه الصحافي خلال البرنامج. لكن تصوروا ما الذي جرى بعد أربعة أشهر من هذا اللقاء.
لقد أجبر الصحافي يوليس غوسي على مغادرة قناة فرانس 24، التي تقع تحت وصاية قطاع الإعلام المرئي والمسموع الذي تديره السيدة كوشنير.

الدعم الأميركي

أصبح كوشنير شخصية دولية في مقديشو، حيث أصبح بحسب جريدة التايم واحدا من أبطال الستين سنة الأخيرة.
ومثل مهمة بيافرا ،كانت مهمة الصومال في عام 1993، مليئة بالدروس والألغاز، ليس فقط لعدم تمكن الجنود الأميركيين من حل المشاكل التي كانت تحول دون وصول المساعدات الإنسانية إلى الصومال، ولكن لان العملية انتهت بفشل ذريع.
لقد انسحب الغرب من الصومال، بعد مقتل 18 جنديا أميركيا في شوارع مقديشو، تاركين البلاد غارقة في الدماء.
كان كوشنير في ذلك الوقت مهتما بصراع البلقان وأيضا بالقرن الإفريقي ومنطقة البحيرات الكبرى، وهما المنطقتان اللتان اهتمت بهما الولايات المتحدة، كذلك باسم الدفاع عن المبادئ الكبرى واحترام حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية.
لقد دعمت الولايات المتحدة خلال العشر سنوات الأخيرة من القرن الماضي الجيل الجديد للقادة الأفارقة حيث وقفت إلى جانب الزعيم الأوغندي يوري موسيفيني، وشاركت في تنصيب بول كاغام رئيسا لرواندا، وايسيياس افيوركي رئيسا لاريتيريا، وميليس زيناوي رئيسا لإثيوبيا، ولوران ديزيري كابيلا رئيسا لجمهورية الكونغو الديموقراطية.
إلى جانب ذلك تخلت واشنطن عن أصدقائها السابقين، الذين كانت تتعهد بحمايتهم من أمثال جونيفال هابياريمانا الرواندي وموبوتو سيس سيكو الزائيري.
كان إسقاط النظام الماركسي في إثيوبيا عام 1991 والذي كان يرأسه مانغيستو هايلي ماريام ضربة قاسية بالنسبة لمتمردي السودان، المنضوين تحت لواء الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي كانت تسعى لقلب نظام الخرطوم انطلاقا من إثيوبيا.
وهنا علينا أن نذكر بان السودان دخل من جديد، منذ عام 1983، في حرب أهلية يقودها الكولونيل جون غارنغ، الذي ينتمي إلى قبيلة دينكا، إحدى اكبر قبائل جنوب السودان.

زيارة غير شرعية

تزامن سقوط نظام مانغيستو مع بداية تفكك الحركة الشعبية لتحرير السودان بسبب المواجهات الاثنية وغياب الدعم الإثيوبي، بالإضافة إلى المواجهات التي تقودها حكومة الخرطوم ،مما اثر سلبا على الحركة وضعّف قدراتها بشكل ملحوظ.
كانت واشنطن في تلك الأثناء تعتبر النظام الحاكم في الخرطوم، اكبر تهديد للمصالح الأميركية في إفريقيا. فالجبهة الإسلامية الشعبية دخلت في صراع مع البيت الأبيض بمجرد وصولها للحكم في 30 يونيو 1989.
كما كان النظام السوداني بمثابة الحاجز المنيع بالنسبة للمشاريع الأميركية في هذه المنطقة من إفريقيا. لذا عمدت واشنطن إلى استغلال بعض جيران السودان للحد من قوة هذا الأخير. في هذا السياق، ذهب «الفرانش دكتور»، نهاية أغسطس 1991، إلى جنوب السودان بعد أن مر بكينيا وبرفقته ثلاثة صحافيين فرنسيين، وهناك التقى جون غارنغ.
ندد النظام السوداني بالطريقة «غير الشرعية» التي دخل بها احد أعضاء الحكومة الفرنسية إلى جنوب السودان، خصوصا ان حكومة باريس كانت قد رفضت دعوتين من حكومة الخرطوم لزيارة جنوب السودان.

عكس توجهات الحكومة

كان كوشنير في تلك الرحلة برفقة الدكتور زيغموت اوستروفسكي، الرجل الذي شغل طويلا الاستخبارات الفرنسية، هو من نسق للقاء سكرتير الدولة بجون غارنغ، ذلك انه ربط علاقات جيدة مع هذا الأخير، الذي أصبح صديقا للأميركيين منذ وصول صديقه يويني موسيفيني إلى الحكم في أوغندا، فالأميركيون كانوا يساعدونه للقيام بعمليات سرية داخل السودان انطلاقا من أوغندا.
أبلغت الاستخبارات الفرنسية كوشنير عدة مرات بالمخاطر السياسية التي يمكن أن تنجم عن علاقته بالدكتور زيغموت.
غير انه التقى في منتصف ديسمبر من عام 1992 بجونغ غارنغ والدكتور اوساروفسكي في باريس، ليجد نفسه في موقف لا يحسد عليه أبدا، ذلك أن العلاقات الفرنسيةـ السودانية جيدة وباريس والخرطوم تتقاسمان وجهة نظر واحدة بخصوص المد والتوسع الانغلوـ ساكسوني في المنطقة.

الأزمة الصومالية

أعلن كوشنير في يونيو 1992 إنشاء قاعدة إنسانية في نيروبي مهمتها الأولى تسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى دول القرن الإفريقي، حيث اهتم على الخصوص بلاجئي الصومال. وقام بإرسال 2000 طن من المواد الغذائية عبر باخرة فرنسية.
طار كوشنير إلى مقديشو، انطلاقا من باريس، ليحضر عملية إنزال المساعدات، غير أن الصوماليين استقبلوه في مطار مقديشو بلافتات كتب عليها «الصومال للصوماليين»
و «المساعدات لا تعني الغزو»، وهذا ما يعطي انطباعا بان مساعدات كوشنير كان يشوبها الكثير من الغموض ويؤكد إصراره كل مرة على تطبيق مبدأ حق التدخل.
لم يكتف كوشنير عند هذا الحد. فقد أقحم فرنسا وأطفال المدارس وأولياءهم في حملة لجمع الأرز لفائدة الأطفال الصوماليين الذين يعانون من المجاعة. وكان عنوان الحملة "الأرز من اجل الصومال".
جمع أطفال فرنسا بتاريخ 20 أكتوبر 1992 حوالي 750 ألف كيس أرز، يزن كل واحد عشرين كيلوغراما، ووضعت كلها في 47 ألف مدرسة، حيث احضر كل طالب كيلوغراما من الأرز من اجل الصوماليين الصغار.
تمت العملية بمشاركة وزارة التربية الفرنسية بدعم من البريد واليونيسيف وتمكنت من جمع 6000 طن من الأرز، كانت كافية لإطعام أطفال الصومال لمدة شهر كامل.
كانت الفكرة جيدة في البداية، ذلك أنها كانت تهدف إلى تحسيس الأطفال الفرنسيين بمشاكل أطفال الجنوب، غير أنها خلفت جدلا واسعا في فرنسا بعد أن تعالت أصوات رافضة لاستغلال المدارس العلمانية في مشاكل ذات أبعاد سياسية، فيما أشار مركز البحث والإعلام من اجل التطوير ،الذي يضم أكثر من 30 منظمة ذات طابع إنساني، إلى أن العملية تكشف عن عجز سياسة المجموعة الدولية في إيقاف الصراع الصومالي، فالمجاعة في الصومال هي نتيجة مباشرة للازمات العديدة التي غرق فيها البلد منذ مدة.




Pictures%5C2009%5C02%5C21%5C33b14be3-f860-41d2-b065-e06a9878d228_maincategory.jpg
الصوماليون يحصلون على مساعدات برنامج الغذاء العالمي في مقديشيو




القبس
 

post_old.gif
24-06-2011, 01:34 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

االعالم في نظرك. (6) دافع عن أصدقائه في الجبهة الوطنية الرواندية 6

Pictures%5C2009%5C02%5C22%5Cac98c915-8e15-4eba-bac2-6308ff6b27d4_main.jpg


تأليف بيار بيون
ترجمة وإعداد: سليمة لبال
يعود الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد «العالم بنظر ك.» إلى العديد من القضايا المثيرة في حياة برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، والرجل السياسي الأكثر شعبية في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.
فوزير الخارجية الفرنسي يواجه اليوم تحديات كبيرة، لعل أهمها إنقاذ صورة «الفارس الأبيض»، التي صنعت نجاحاته الإعلامية، ومكنته من الحفاظ على موقعه السياسي فترة طويلة.
يهدف كتاب بيار بيون، الذي وُصف في فرنسا بـ «الكتاب الصدمة»، إلى إسقاط الصورة التي رسمها الفرنسيون لكوشنير في مخيلاتهم، وربما إسقاطه من الحكومة الفرنسية خلال التعديل الوزاري المقبل، حيث يصفه الكاتب بالفرنسي السيئ، المتأثر بالنموذج الانغلوسكسوني، ذلك الذي يقف عند عزف النشيد الوطني البريطاني «فليحفظ الله الملكة»، بينما لا يفعل الشيء نفسه عند عزف النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز. كما يشير إلى أن يهودية كوشنير المزدوجة هي المحرك الرئيسي لكل أفعاله ومواقفه.
يرى بيار بيون ان كوشنير شارك في مؤامرة أميركية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، مؤامرة كان هدفها الرئيسي تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. كما يورد في مؤلفه الكثير من الحقائق المثيرة، بطلها كوشنير، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود. فكوشنير متهم باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات افريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان.
كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي ترجمته «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟ لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير.

قام برنار كوشنير بإتمام عملية أكياس الأرز في الصومال، بعد أن أصبح مدلل الرئيس فرانسوا ميتران منذ رحلة سراييفو، حيث أشرف على عملية توزيع الجنود الفرنسيين للمساعدات على الصوماليين، على الرغم من رفض وزير الدفاع الفرنسي، بيير جوكس، مشاركة فرنسا في العملية التي أطلقها الأميركيون تحت شعار «استعادة الأمل».
لقد انتقد جوكس ـ بشراسة ـ كوشنير والعملية العسكرية في الصومال، قائلا: «هناك ثلاثون صومالا في العالم، لم نقم بأي شيء من اجلها». وأنهى مداخلته بالقول: «أطالب بشيء واحد فقط، وهو أن يهتم كل وزير بقطاعه وألا يتدخل في القطاعات الأخرى. هل أتدخل أنا في إصلاح المستشفيات؟ وفي مرتبات الممرضات؟ أو التحكم في مصاريف قطاع الصحة؟!».
حرّر جوكس كتاب استقالته مباشرة بعد اجتماع لمجلس الوزراء. غير أن الرئيس ميتران استقبله ليهدئ من روعه ويطلب منه عدم مغادرة الحكومة.
عمل جوكس والقادة العسكريون، الذين فشلوا في الوقوف ضد كوشنير، على الحد من خسائر الالتزام الفرنسي في الصومال، حيث خفضوا عدد الجنود الفرنسيين هناك وطلبوا من الأميركيين نقل العسكريين الفرنسيين من مقديشو إلى بيداوا، حيث لا يكونون مضطرين الى الخضوع لسلطة القيادة الأميركية.
كوشنير، وقبيل مغادرته باريس إلى مقديشو لحضور عملية إنزال أكياس الأرز، قال إن «العملية العسكرية ستنجح بسرعة، لان من يحملون السلاح في الجهة المقابلة ليسوا سوى شبان يحملون الرشاشات، وأعمارهم لا تتجاوز الرابعة عشرة».

كوشنير.. وأكياس الأرز

التقطت كاميرات «تي اف 1» و«فرانس 2» بتاريخ 5 ديسمبر 1992 صورا لكوشنير وهو يمشي على شاطئ البحر، حاملا كيس أرز، وقد طوى بنطاله وقدماه في الماء. كما التقطت الكاميرات صورا لكوشنير وهو يُنزل كيس أرز من الباخرة الفرنسية ثم يحمله على كتفه ويتحدث عن التلاميذ الفرنسيين، لينتهي المشهد بوضعه كيلوغرامات الأرز في مؤخرة الشاحنة.
لم تكن المنظمات الإنسانية العاملة في الصومال تتقاسم مع كوشنير طموحه، حيث كانت تكرر دوما بأنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لازمة سياسية.
وما ان ذهبت الكاميرات وبدأ رجال البحرية والعسكريون الفرنسيون في النزول إلى الأرض، حتى صرح وزير الصحة والعمل الإنساني، قائلا: «إن عملية استرجاع الأمل حدث تاريخي، وستتبعها عمليات أخرى من هذا النوع».
التواجد الفرنسي في الصومال لم يكن سوى البداية، ذلك أننا نموت أيضا في جنوب السودان وليبيريا والموزنبيق وانغولا وبورما والبوسنة. لقد عبر رئيس الكتلة الاشتراكية في أروقة قصر بوربون عن صدمته من رؤيته صور فرق عسكرية فرنسية ترافق المساعدات الإنسانية على شاشة إحدى التلفزيونات الأميركية.
الشعور والموقف ذاتهما عبر عنهما أندري لاجوانيه، رئيس الكتلة البرلمانية الشيوعية، الذي ندد أيضا بالتدخل الفرنسي في الصومال، حيث قال: «ستكلف هذه العملية العسكرية الكثير من المال يكفي لإطعام الأطفال الصوماليين لسنوات عدة».

نتائج العملية

استخلص رئيس منظمة أطباء بلا حدود روني برومان، بعد 15 يوما من انسحاب القوات الأميركية، أولى نتائج عملية استرجاع السلام والتورط الفرنسي في قرابة عشرين صفحة تضمنها كتابه «الجريمة الإنسانية ـ الصومال»، حيث قال: «لأول مرة في الصومال يُقتل الناس تحت راية العمل الإنساني.. لا تحت غطاء الدفاع الشرعي، ولكن في إطار غارات منظمة تهدف إلى الانتقام. لقد بينت لنا الصومال، ماذا تفعل القوة عندما ننسى الحق، انه ظلم كبير وإجرامي».
ويرى برومان أن إرسال «جيش مع المساعدات الإنسانية» يمثل خطوة في اتجاه تطبيق وتنفيذ حق «التدخل الإنساني». ويضيف قائلا: «هو ذا ما يشرح العملية العسكرية التي بدأت في ربيع 1992، انه التخلي عن أي استراتيجية أخرى، إنها المواجهة الدرامية بين أطفال يعانون المجاعة وآخرين مخدرين بفعل المخدرات».
وعلى صعيد آخر، يقول المختص في الإعلام ريجي ديبراي في حوار خص به جريدة لوموند بخصوص صور الرضع الصوماليين، التي بثها مختلف تلفزيونات العالم «إنها صور مؤثرة وأليمة». غير انه أضاف: «نعم، إنها لا تمنعني من النوم، كما أن هذه الصدمة البصرية الصغيرة، سرعان ما استُدركت بواسطة تصرفات نبيلة». فالغرب وجد نفسه يؤدي دورا رائعا شبيها بأدواره في بدايات الاستعمار في القرن الماضي، ذلك أن الجهة الأخرى المقابلة للجنود الأميركيين والفرانش دكتور لم تكن تضم لا مناضلين ولا شعبا منظما ولا رجالا واقفين، وإنما بطونا خاوية وأطفالا يمدون أيديهم. العالم الثالث مخيف، وبفضل هذه الصور أصبح مثيرا للشفقة.

كوشنير يهتم برواندا

تقلد برنار كوشنير منصب سكرتير للدولة ثم منصب وزير للصحة والعمل الإنساني في ثلاثة حكومات، هي: حكومة روكار ثم كريسون وبريغوفوي، الذين وقفوا إلى جانب السلطات الرواندية لمنع وصول متمردي التوتسي التابعين للجبهة الوطنية الرواندية، إلى السلطة عن طريق قوة السلاح.
لقد رعت الحكومات الثلاث الحوار بين نظام جوفينال هابياريمانا والجبهة الوطنية الرواندية، حيث أجبرت اتفاقيات اروشا النظام الرواندي على قبول مشاركة الجبهة الوطنية الرواندية في السلطة.
في تلك الفترة، كان كوشنير من يتلقى جميع البرقيات الدبلوماسية الخاصة بالقضية الرواندية وكان يتابع ساعة بساعة مفاوضات اروشا.
لقد فهم كوشنير وتابع عن قرب الملف الرواندي، ليس فقط بسبب قربه من الرئيس ميتران وإنما أيضا لتقربه من برونو دلاي، رئيس خلية افريقيا، على مستوى قصر الاليزيه، ومن الجنرال كيسنو في القيادة العامة للجيش الخاصة بالرئاسة.

اللقاء بوزير الصحة الرواندي

لم يعبر برنارد كوشنير في تلك الفترة عن أي معارضة للسياسة التي يطبقها الرئيس ميتران. وعلى العموم، لم تكن القضية الرواندية ضمن القضايا التي قاد «الفرانش دكتور» ضجة إعلامية من اجلها، مثل كردستان العراق والبوسنة والصومال. لهذا السبب لم أجد له تصريحا واحدا حول رواندا عندما كان وزيرا للصحة والعمل الإنساني، على الرغم من وجود دواع للتدخل، خصوصا بعد أن اجبر مئات الآلاف من المدنيين على الهروب من أراضيهم بفعل التقدم العسكري للجبهة الوطنية الرواندية.
لقد طُلب من كوشنير، مرات عدة، العمل من أجل التخفيف من معاناة المهجرين في رواندا، لكنه لم يفعل شيئا حتى التقى نظيره الرواندي في روما.
التقى وزير الصحة الرواندي كازيمير بيزيمونغ، كوشنير خلال اجتماع لمنظمة الصحة العالمية في روما، وأطلعه على الوضع المأساوي الذي يعيشه مواطنوه المهجرون. وعد الوزير الفرنسي نظيره الرواندي بالاهتمام بالموضوع واستقباله في باريس، مما دفع كازيمير بيزيمونغ إلى مراسلة سفير رواندا لدى باريس وطلب منه الاتصال بديوان وزير الصحة الفرنسي لترتيب موعد.
وبالفعل، التقى الوزيران (الفرنسي والرواندي) في باريس يوم 11 ديسمبر 1992 بحضور السفير الرواندي جون ماري نداجيجيمانا. وعلى الرغم من الأجواء الحارة التي تم فيها اللقاء، حيث كان كوشنير يدعو نظيره الرواندي بـ «الصديق العزيز»، إلا انه رفض الاقتراح الرواندي بزيارة كيغالي. وكان عذره «أن رواندا لا تحظى بتغطية إعلامية واسعة. وعليه، فان زيارة مثل هذه لن تكون فعالة»! وذكر من كان معه ان زيارته الصومال قبل أيام فقط، كانت ايجابية جدا، لأنها حظيت بتغطية إعلامية كبيرة جدا.
وعلى الرغم من اللقاءات التي تلت هذا اللقاء بين المسؤولين الروانديين والفرنسيين، إلا أن باريس لم تتعهد إلا بعمل إنساني واحد، يخص مكافحة انتشار مرض نقصان المناعة المكتسبة (الايدز).

صور.. لا تبكي

سلم الكولونيل فيليب شاريي ملفا كاملا يتضمن العديد من الصور لرئيس ديوان الوزير، لدى عودته من رواندا في فبراير 1993، غير أن هذا الأخير عاود الاتصال بالكولونيل شاريي بعد أيام ليبلغه بان كوشنير يقول «إن هؤلاء الأطفال الجالسين تحت الشجر يتمتعون بصحة جيدة. وعليه، فان لا احد سيذرف دمعة واحدة من اجلهم»! كانت الصور لربى تقع في ضواحي كيغالي، حيث قام المهجرون بتعريتها، ذلك أنهم كانوا يستعملون خشبها للتدفئة وطهي الطعام.
أصبح الوزير في بداية مارس 1993 مجرد طبيب، غير انه لم يغب إطلاقا عن أعمدة الصحف. وفي 6 ابريل 1994، وبعد الهجوم الذي استهدف طائرة الرئيس جوفينال هابياريمانا، تحولت رواندا إلى مذبح كبير، حيث تعالت أصوات الجميع، من مدافعين عن حقوق الإنسان إلى صحافيين وناشطين في المجال الإنساني، تنتقد فرنسا بسبب دعمها للدكتاتور هابياريمانا. غير أن كوشنير التزم الصمت في هذا الوقت، على الرغم من أن الأمر يتعلق بتراجيديا إنسانية.
لقد التزم كوشنير الصمت، على الرغم من العلاقات التي أقامها عام 1993 مع شبكات مقربة من الجبهة الوطنية الرواندية في باريس، وعلى الخصوص مع سيدة تدعى إيما، التي قامت بإنشاء مكاتب لجمعية سورفي‘ في بداية السنة ذاتها.
لقد لعبت ايما دورا سريا وفعالا لدى الدكتور ايمانويلي وبرنار كوشنير وامنيستي انترناشيونال.. كما قامت بنشر العديد من الاشاعات التي تعد اليوم حقائق. فقد كان التضليل «سيد الموقف» آنذاك، بحسب تصريحات السفير جون ماري نديجيليمانا، الذي أصبح وزيرا للخارجية الرواندية في ظل النظام الجديد.
في تلك الفترة، تواصل برنار كوشنير مع جاك بيوزاقارا، ممثل الجبهة الوطنية الرواندية في أوروبا. وهذا الأخير هو من اقنع كوشنير خلال تظاهرة أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف بضرورة الذهاب إلى رواندا للقاء بول كاغام زعيم متمردي الجبهة الوطنية الرواندية، الذي كان يعتبره مثل «رئيس حركة شعبية يعمل على قلب نظام نازي».

تجنيد وسائل الإعلام مرة أخرى

كان بيوزاقارا يأمل في أن يحرر كوشنير اليتامى والمساجين التوتسي، الذين يواجهون الموت في فندق ميل كولين. العملية كانت كبيرة جدا، ذلك أن الأمر يتعلق بنقل من 2000 الى 2500 توتسي.
جند برنار كوشنير، مثل كل مرة، وسائل الإعلام. وكان بحاجة إلى رأس حرباء، لم يكن سوى رونو جيرار، كبير محرري «لوفيغارو». أما الصور، التي تم استخدامها، فقد كانت للمصور كريستوف كلوتز.
وصل كوشنير إلى كمبالا برفقة صحافي من «لوفيغارو»، لينتقل بعدها في سيارة من نوع جيب إلى مبارارا، التي تبعد حوالي 300 كلم عن العاصمة الأوغندية و60 كيلومترا عن الحددود الرواندية.
لقد انطلق متمردو أقلية التوتسي من هذا المكان في أكتوبر 1990، من اجل قلب نظام الحكم، حيث كانت مبارارا ـ باختصار ـ هي القاعدة الخلفية للجبهة الوطنية الرواندية التي ساندها الرئيس الأوغندي منذ البداية.
قضى كوشنير الليلة برفقة ممثل الأمم المتحدة في فندق، وغادر في اليوم التالي برفقة جنود الجبهة الوطنية الرواندية. وكان أول هدف من الزيارة هو لقاء بول كاغام.
لقد تسارعت وتيرة المواجهات منذ 6 ابريل 1994، وهو التاريخ الذي أعطى فيه بول كاغام أمرا بإطلاق النار على الطائرة التي تقل الرئيسين الرواندي والبوروندي.
لقد عرف المجتمع الدولي بأسره حجم المجازر التي تعرض لها التوتسي والهوتو المعتدلين في الجهة الرواندية، التي يسيطر عليها العسكريون الحكوميون. وفي المقابل مرّت المجازر التي ارتكبت في المناطق التي تسيطر عليها الجبهة الوطنية الديموقراطية في صمت، حيث لم يتناولها الصحافيون ولا المراقبون الدوليون.

لقاء بول كاغام

وصل برنار كوشنير إلى رواندا وهو على قناعة تامة بعدالة قضية التوتسي. وهناك التقى السفاح بول كاغام مساء يوم 11 مايو. ولدى عودته إلى فرنسا، وفي العديد من الحوارات التي تحدث فيها ـ عبر الصحف الفرنسية إلى المجتمع الدولي عن الذي يحصل في رواندا ـ لم يقل كوشنير ان للجبهة الوطنية الديموقراطية مسؤولية ثقيلة في انسحاب القبعات الزرق من هناك قبل انطلاق عملية الإبادة بوقت قصير. ولم يقل أيضا ان أصدقاءه في الجبهة الوطنية الديموقراطية أصدروا بيانا فور وصوله إلى رواندا يقولون فيه انه ضد تعزيز وجود القوات الأممية وانهم يأملون أن تتواجد فقط في جنوب غرب البلاد، وهي المنطقة التي تراقبها قوات الجيش الرواندي.
أعطى كوشنير، بعودته إلى باريس، تفاصيل رهيبة وأرقاما مذهلة عما يحصل في رواندا: فعدد القتلى بين 200 ألف و500 ألف، أما عدد القتلى الذين جمعت أشلاؤهم من شوارع كيغالي، فقد بلغ 60 ألفا، وعدد الجثث التي وصلت الى بحيرة فكتوريا من نهر اكاجيرا بلغ 25467 جثة.
على أمواج إذاعة فرانس انتر، قال كوشنير: «ليس الصراع فقط بين التوتسي والهوتو. هناك مشكلة سياسية. والهوتو يقتلون أيضا. لقد بدأوا بقتل الهوتو الديموقراطيين.. عليكم أن تعرفوا ذلك. ولأنهم قتلوا الهوتو الديموقراطيين، فان الهدف كان وأد الأمل الديموقراطي».
وماذا عن الدور الذي ستلعبه فرنسا؟
لقد حاول كوشنير أن يقف إلى جانب أصدقائه في الجبهة الوطنية الرواندية. وحتى يعطيهم شرعية اكبر، راح يستعمل تسمية «الجبهة الشعبية الرواندية» بدل «الجبهة الوطنية» وذلك من أجل مواجهة الانتقادات التي طالت الدور الفرنسي.
عاد كوشنير إلى رواندا في منتصف شهر يونيو من عام 1994، بطلب من بول كاغام. غير أن ما قيل آنذاك هو أن كوشنير ذهب في إطار مهمة من الحكومة الفرنسية.

الحلقة المقبلة: كوشنير يحشد الدعم الدولي لأجل دارفور




Pictures%5C2009%5C02%5C22%5C1713e11d-45b3-457c-a313-742d61dc204b_maincategory.jpg
مواطنون يشيعون 600 جثة من ضحايا الحرب الاهلية عام 1994 في رواندا


 

post_old.gif
24-06-2011, 01:35 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

االعالم في نظر ك. (7) وصف قضية دارفور بأولى مجازر الإبادة في القرن ال‍21
كوشنير يحشد الدعم الدولي لأجل السودان

Pictures%5C2009%5C02%5C23%5C77f2547e-e325-4918-baeb-4679d48d7838_main.jpg


تأليف بيار بيون
ترجمة وإعداد: سليمة لبال
يعود الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد «العالم بنظر ك.» إلى العديد من القضايا المثيرة في حياة برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، والرجل السياسي الأكثر شعبية في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.
فوزير الخارجية الفرنسي يواجه اليوم تحديات كبيرة، لعل أهمها إنقاذ صورة «الفارس الأبيض»، التي صنعت نجاحاته الإعلامية، ومكنته من الحفاظ على موقعه السياسي فترة طويلة.
يهدف كتاب بيار بيون، الذي وُصف في فرنسا بـ «الكتاب الصدمة»، إلى إسقاط الصورة التي رسمها الفرنسيون لكوشنير في مخيلاتهم، وربما إسقاطه من الحكومة الفرنسية خلال التعديل الوزاري المقبل، حيث يصفه الكاتب بالفرنسي السيئ، المتأثر بالنموذج الانغلوسكسوني، ذلك الذي يقف عند عزف النشيد الوطني البريطاني «فليحفظ الله الملكة»، بينما لا يفعل الشيء نفسه عند عزف النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز. كما يشير إلى أن يهودية كوشنير المزدوجة هي المحرك الرئيسي لكل أفعاله ومواقفه.
يرى بيار بيون ان كوشنير شارك في مؤامرة أميركية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، مؤامرة كان هدفها الرئيسي تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. كما يورد في مؤلفه الكثير من الحقائق المثيرة، بطلها كوشنير، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود. فكوشنير متهم باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات افريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان.
كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي ترجمته «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟ لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير، مهما كانت النهاية التي سيؤول إليها وزير الخارجية.

محاولة لإيجاد الحل
حاول هوبرت فيديرين وكان يشغل آنذاك منصب وزير الخارجية في حكومة ليونيل جوسبان، إيجاد حل للصراع في كوسوفو خلال ندوة رومبويي في فبراير 1999، غير أن الحلف الأطلسي ،فرض شروطه، التي رفضها الصرب، مثلما يشير إليه الصحافي الألماني رودولف اوغستين، الذي يرى ان الولايات المتحدة الأميركية فرضت في رومبويي ،شروطا عسكرية ،لم يقبلها أي مسؤول صربي».
جرى حوار مهم بين برنار كوشنير وهوبرت فيدرين في ذلك الوقت:
سأل الفرانش دكتور سابقا وزير الخارجية هوبرت فيدرين :هل كنت معارضا للقصف؟
-كان بإمكاننا وكنا قادرين على التوقيع خلال ندوة روبويي.
مع ميلوسوفيتش؟
-يجيب فدريس:يسبق حق التدخل ،الوعي الدولي بحقوق الإنسان ،فالأمم هي المفتاح ،تبقى الأمم هي المفتاح وليس مشاعر المشاهدين.
نظرة الرجلين للعالم وطريقة فهمهما للعلاقات بين الأمم متباينة تماما ،فكوشنير يفضل كل ما له علاقة بالمشاعر ،حتى يستغله كأرضية لسياسته، وأما فدرين الذي يصفه كوشنير بالمقزز والمثير للسخرية ،فيستند في قراءته للأمور إلى معرفته بالتاريخ ،التي تمكنه من تحليل أي وضعية.
تدخل مواقف وردود فعل وزير الخارجية الفرنسي السابق في إطار مبادرة دبلوماسية تقليدية أثبتت نفسها، بينما ينخرط الوزير الذي اختاره الرئيس نيكولا ساركوزي في سياسة تقوم على «القطيعة» مع كل ما تحمله هذه الكلمة من مخاطر في التعامل مع العلاقات الدولية ومعالجة القضايا الدولية ايضا.
صفق إذن كوشنير لـ58574 مهمة جوية، تمت في 78 يوما فوق صربيا وكوسوفو بعد عدد غير محدود من المعلومات المغلوطة والتضليل الذي لم يكن الهدف منه سوى تبرير الحرب.
لقد أعلنت الخارجية البريطانية في 17 يونيو 1999 مقتل 10 آلاف شخص في أكثر من 100 مجزرة في كوسوفو، ليؤكد الرئيس بيل كلينتون في ما بعد الرقم، ويشير إلى مقتل 10 آلاف من سكان كوسوفو على يد الصرب.
أعلن كوشنير بعدما عين في 2 أغسطس، ممثلا خاصا للامين العام للأمم المتحدة، عن استخراج جثث 11 ألفا من سكان كوسوفو من مقابر جماعية، غير أن محكمة لاهاي كذبت في اليوم ذاته هذا الرقم، بينما نشرت اليومية الاسبانية «الباييس» بتاريخ 2 سبتمبر مقالا بعنوان «الشرطة والقانونيون الاسبان، لم يجدوا إثباتات إبادة في شمال كوسوفو»، «جريمة حرب نعم، إبادة، لا ».
وجاء في المقال أن المفتش لوبير بالافوكس المسؤول عن فرقة البحث في الشرطة العلمية قال: «لقد قيل لنا إننا ذاهبون إلى منطقة هي الأعتى في كوسوفو، وعلينا الاستعداد للقيام بتشريح 2000 جثة، وإننا سنعمل إلى غاية نهاية شهر نوفمبر، وأما النتيجة فكانت عكس ذلك تماما، لم نعثر إلا على 187 جثة وعاودنا الرجوع».
لم تتردد معلّقة أميركية في القول ان الحروب اليوغسلافية كانت المناسبة المثالية لتطبيق مبدأ كوشنير الخاص بـ«التدخل الإنساني». لتضاف إلى حاجة الولايات المتحدة الأميركية إلى تزويد الحلف الأطلسي بمذهب جديد لفترة ما بعد الحرب الباردة يسمح للتحالف العسكري بالتوسع والبقاء فترة أطول في المناطق المتوترة.
المكافأة
تلقى كوشنير مكافأة نظير مجهوداته هذه، حيث عُيّن مفوّضا أعلى للأمم المتحدة، مُكلّفا بالإدارة المدنية لكوسوفو من 2 يوليو 1999 إلى يناير 2001.
لقد بين كوشنير «إنسانيته»، بوقوفه إلى جانب «الضحايا»، الذين اختارهم الحلف الأطلسي، يعني الغالبية الألبانية.
كانت النتائج كارثية جدا،وبدل أن يعمل على تجسيد المصالحة، سمح كوشنير بسقوط المنطقة في يد العصب المسلحة، وقطاع الطرق الذين صاروا يرعبون من ليس ألبانيا، دون أدنى عقاب.
وبينما كان كوشنير يدير مدنيا كوسوفو، كان الأميركيون منشغلين بإقامة اكبر قاعدة للحلف الأطلسي، هي معسكر بوندستيل، كامتداد لعملياتهم الداخلية الهادفة إلى تمويل وتسليح الحركات الكوسوفية المنشقة.

مصلحة واشنطن
أصبح برنار كوشنير بعد عام 2002، مستشارا دوليا في مجال الصحة، مهتما مثل السابق بإفريقيا. كان مهتما بالشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا، بسبب عمله الخاص، وبالسودان بسبب التزامه العمومي، غير انه هو اهتم هذه المرة بمقاطعة تقع غرب السودان إنها دارفور، وهذه مصلحة أخرى يتقاسمها هنا أيضا مع واشنطن.
لقد أدت عودة الجمهوريين إلى السلطة في الولايات المتحدة الأميركية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 إلى حدوث تقارب بين الخرطوم وواشنطن، فالمحافظون الجدد في الولايات المتحدة الأميركية، يقدرون أهمية السودان في حربهم ضد الإرهاب.
التزم السودان بالتعاون الاستخباراتي مع واشنطن على الرغم من الحصار الأميركي، فيما شارك البيت الأبيض بفعالية في توقيع اتفاقية السلام بين الجيش الشعبي لتحرير السودان والسلطات السودانية، وهكذا تم التوقيع على اتفاقية نيفاشا الكينية في يناير 2005 مع جان غارنغ.
في تلك الأثناء دخلت دارفور حالة غليان كبرى ،لقد اشتدت الحرب الأهلية في غرب السودان لأسباب عدة ،أهمها الجفاف وتراجع المساحات الخضراء ،مما أدى إلى اندلاع صراعات اثنية بين الفلاحين الأفارقة والبدو وغالبيتهم من العرب.

نفط دارفور
غير أن هذه الأسباب ليست فقط ما أغرق المنطقة في المشاكل، فخبراء النفط يؤكدون ان دارفور هي امتداد للمناطق البترولية في اينيد التشادية والكفرة الليبية، وعليه فإنها تحتوي على احتياطيات معتبرة من الذهب الأسود.
يجمع المحللون والناشطون في مجال العمل الإنساني على ان المجازر بلغت ذروتها في منطقة دارفور ما بين سنتي 2003 و2004، لقد كان لهذه التراجيديا صدى كبير لدى اليمين المسيحي والإنجيليين الاميركيين وأيضا لدى المجلس الاميركي الذي يشرف على النصب المخلد للمحرقة اليهودية في نيويورك ولدى أكثر من 80 منظمة، وكلهم سعوا، بدعم سياسي من الكونغرس الأمريكي إلى إنشاء منظمة لحماية دارفور، اتخذت تسمية «التحالف من اجل إنقاذ دارفور»، حيث أعلن عن ميلادها بتاريخ 14يوليو 2004.
كان هناك العديد من الأسماء ضمن قائمة المؤسسين الذين قاموا بالترويج إعلاميا لقضية دارفور، من بينهم ايلي ويسيل الحاصل على جائزة نوبل للسلام والصديق الحميم لبرنار كوشنير، بالإضافة إلى برنار هنري ليفي ونجوم من هوليود كجورج كلوني وانجيلينا جولي.
لم نر أبدا حملة إعلامية مكثفة بهذا الشكل، ولم نر أبدا دعاية مغرضة قائمة على آليات عرقية وثقافية على نحو «العرب يذبحون السود»أو «النظام المتطرف في الخرطوم يقتل المدنيين المعارضين للشريعة».
موجة التنديد الأميركية
ستدخل فرنسا لاحقا في موجة التنديد الاميركية، فبمبادرة من «أس أو أي راسيزم» الجمعية الفرنسية واتحاد الطلبة اليهود في فرنسا وبعض المنظمات غير الحكومية والشخصيات الناشطة في مجال الإعلام والعمل الإنساني ،تم في فرنسا في الثامن من فبراير 2005، الإعلان عن ميلاد جمعية «طوارئ دارفور».
في بداية عام 2007 ،قالت جمعية «طوارئ دارفور» إن عدد القتلى يصل إلى 10 آلاف شخص شهريا، مناقضة بذلك تقديرات المنظمات الدولية غير الحكومية الناشطة في المكان ذاته.

كوشنير و«طوارئ دارفور»
كان برنار كوشنير واحدا من بين ابرز أعمدة جمعية «طوارئ دارفور»، ولكن قبل أن نفصل في دوره ،دعونا نتعرف عن أهم أعضاء هذا التحالف والشخصيات التي يستند إليها، كان الرئيس جاكي مامو ، الرئيس السابق لمنظمة أطباء العالم ،المنظمة التي أنشاها كوشنير، ووقفت إلى جانب غزو العراق، وعارضت دوما المقاومة الفلسطينية، أما السكرتير العام للجمعية فهو ريتشارد روسين، عضو سابق في منظمة أطباء بلا حدود واحد مؤسسي منظمة أطباء العالم. وأيضا ديان شانال فنانة فرنسية من أصول سينيغالية، بالإضافة إلى برنار شالشا عسكري سابق ويشتغل كاريكاتوريا في صحيفة شارلي ابدو المتهمة بمعاداة السامية .
وكان أيضا ضمن النشطين في جمعية «طوارئ دارفور» فلاسفة مقربون من برنار كوشنير، كاندري غلوكسمان وباسكال بروكنر، دون أن ننسى مدير شارلي ابدو، فيليب فال، الذي يرى ان حرية التعبير يجب أن تكون مطلقة عندما يتعلق الأمر بانتقاد المسلمين أو الكاثوليك، كما تعني أيضا غض الطرف عن أولئك الذين ينتقدون إسرائيل.
لم تكن هناك أربعة طرق تؤدي الى دارفور، بالنسبة لبرنار كوشنير، الذي يرى ان السودان يأتي بعد الصومال ورواندا. وبالنسبة لكوشنير أيضا، فان فرنسا المدافعة عن حقوق الانسان، أصبحت اليوم قوة غائبة تقريبا على مستوى افريقيا.

استغلال الحملة الانتخابية
لقد كان لمؤسسي جمعية «طوارئ دارفور» المواقف نفسها بخصوص العديد من القضايا، سواء تعلق الأمر بغزو العراق أو سياسة القوة التي تنتهجها اسرائيل.
كانت فرنسا في بداية عام 2007، غارقة في خضم الحملة الانتخابية للرئاسيات الفرنسية، ولهذا قرر كوشنير وأصدقاؤه في «طوارئ دارفور» استغلال الحملة الانتخابية لخدمة أهدافهم الشخصية.
شهدت فرنسا بتاريخ 20 مارس 2007، أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية بشهرين فقط، تجمعا كبيرا في باريس حضره رجال سياسة ومثقفون وفنانون، وكان الهدف الرئيسي من التجمع هو توقيع عقد التزام من اجل دارفور من قبل جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية.
لكن وراء هذا، كان كوشنير برفقة أصدقائه، يسعون الى فرض فكرة حل عسكري وانساني لانقاذ سكان دارفور «ضحايا الابادة». لقد تلفظ كوشنير بهذه الكلمة الرهيبة وتحدث من دون حجج قائلا «انها أول ابادة يشهدها القرن الواحد والعشرون». قال روني برومان «لقد لعب كوشنير دورا محركا في هذه الحملة، لقد نظم التجمع الذي حضرته كبار الشخصيات في عالم السياسة، انها طريقة استطاع بفضلها أن يصبغ الحملة بصبغة رسمية أدت بدورها الى ربط مصطلح «ابادة» بالصراع الدائرة رحاه في دارفور.
لقد شارك كوشنير في بناء وضعية درامية، جعل الناس من خلالها يعتقدون ان عشرة آلاف قتيل يسقطون شهريا في دارفور.


تجاهل النتائج الأممية
عندما يتحدث كوشنير وجمعية «طوارئ دارفور» عن الابادة في دارفور، يتجاهلون النتائج التي انتهت اليها اللجنة الأممية للتحقيق حول دارفور، التي ترأسها القاضي الايطالي انطونيو كاسيس، وحسب هذه النتائج فان الحكومة السودانية لم تطبق سياسة ابادة في دارفور.
لقد كان المختصون يحتجون دوما على المبررات التي يقدمها كوشنير وأصدقاؤه، مثلما هي الحال بالنسبة للباحث الفرنسي جيروم توبيانا العارف بقضية دارفور، والذي كتب مقالا في لوموند نشر بتاريخ 13مارس 2007 تحت عنوان «أشياء رأيتها في دارفور» وجاء فيه «يقارن كوشنير وأصدقاؤه دوما ما حصل في دارفور بالمحرقة اليهودية وأيضا بابادة التوتسي في رواندا».
كان كوشنير في ربيع 1997، يطالب بفتح جسور انسانية انطلاقا من تشاد، حتى يتم الوصول الى المدنيين. فتشاد تنتمي الى مجموعة الدول الافريقية التي تقع تحت دائرة التأثير الفرنسي، لذا كان الفرانش دكتور يعول على حث باريس على فعل أي شيء، انطلاقا من أراضيها .

حذر الحكومة الفرنسية
بدت الحكومة الفرنسية حذرة جدا بخصوص هذه القضية، فالاليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية، قدّرا ان هذا الطلب يدخل في اطار التطلعات الأميركية، حيث كان الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك، الذي يُعرف بحذره الشديد من مخططات واشنطن ومشاريعها، يشتبه في التحضير لعراق ثان.
انتخب نيكولا ساركوزي رئيسا للجمهورية الفرنسية بتاريخ 10 مايو 2007 وعيّن كوشنير، الذي كان يقول منذ سبتمبر 2003، انه لن يشارك في حكومة يمينية، وزيرا للخارجية، وبسرعة كبيرة، أعلن رئيس الدبلوماسية الفرنسية، الطوارئ بالنسبة لدارفور. وأما حجته، فهي مرة أخرى، فتح جسور انسانية، كما تطرق الى فكرة انشاء منطقة يمنع فيها الطيران وفكرة فتح ممثلية دبلوماسية لفرنسا في دارفور.
وجد السودان نفسه وجها لوجه أمام حق التدخل، حيث استقبلت السلطات السودانية ببرود زورو الكيردورسيه، وكان الهدف الرئيسي من زيارته بحث مد جسور انسانية انطلاقا من تشاد.
عارضت الأمم المتحدة ورئيس تشاد ادريس دبي أيضا الفكرة، فالرئيس التشادي كان يخاف من نتائج هذه المبادرة على نظام حكمه.
حاول كوشنير أن يبحث عن دعم دولي اكبر من فرنسا حيث دعا الى عقد مؤتمر دولي حول دارفور، عقد بالفعل في 25 يونيو في باريس، وحضره كل من الرئيس نيكولا ساركوزي ووزيرة الخارجية الاميركية كونداليسا رايس.


الحلقة المقبلة: كوشنير يعين زوجته مقابل نصف مليون يورو




Pictures%5C2009%5C02%5C23%5Cc64e6f60-a6f6-4995-a992-2e9b640fd32b_maincategory.jpg
جنود بريطانيون لدى وصولهم إلى مطار بريشتينا، حيث وافقت بريطانيا على طلب حلف الناتو لإرسال كتيبة لتعزيز القوات المتعددة الجنسيات في كوسوفو


 

post_old.gif
24-06-2011, 01:36 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

العالم في نظر ك. كوشنير يعين زوجته مقابل نصف مليون يورو سنويا
Pictures%5C2009%5C02%5C24%5Cfc519978-5b45-40d5-84bd-83eb4c9cd04c_main.jpg


تأليف بيار بيون
ترجمة وإعداد: سليمة لبال
يعود الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد «العالم بنظر ك.» إلى العديد من القضايا المثيرة في حياة برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، والرجل السياسي الأكثر شعبية في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.
فوزير الخارجية الفرنسي يواجه اليوم تحديات كبيرة، لعل أهمها إنقاذ صورة «الفارس الأبيض»، التي صنعت نجاحاته الإعلامية، ومكنته من الحفاظ على موقعه السياسي فترة طويلة.
يهدف كتاب بيار بيون، الذي وُصف في فرنسا بـ «الكتاب الصدمة»، إلى إسقاط الصورة التي رسمها الفرنسيون لكوشنير في مخيلاتهم، وربما إسقاطه من الحكومة الفرنسية خلال التعديل الوزاري المقبل، حيث يصفه الكاتب بالفرنسي السيئ، المتأثر بالنموذج الانغلوسكسوني، ذلك الذي يقف عند عزف النشيد الوطني البريطاني «فليحفظ الله الملكة»، بينما لا يفعل الشيء نفسه عند عزف النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز. كما يشير إلى أن يهودية كوشنير المزدوجة هي المحرك الرئيسي لكل أفعاله ومواقفه.
يرى بيار بيون ان كوشنير شارك في مؤامرة أميركية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، مؤامرة كان هدفها الرئيسي تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. كما يورد في مؤلفه الكثير من الحقائق المثيرة، بطلها كوشنير، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود. فكوشنير متهم باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات افريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان.
كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي ترجمته «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟ لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير.

لم توجه دعوة إلى الاتحاد الأفريقي أو السودان لحضور الندوة الدولية التي استضافتها باريس حول قضية دارفور، في حين وجهت دعوة إلى الصين، اكبر حلفاء الخرطوم، غير أن الصين لم تتورط في أي مبادرة، فبالنسبة لقادة الصين، لا مجال أبدا لإدانة السودان ولا مجال أيضا لفرض عقوبات على هذا البلد، الذي يمُد الصين بـ7 في المائة من احتياجاته من البترول، كما يشكل قاعدة صلبة لاستثماراتها الخارجية، حيث يشكل تواجد الصين في السودان، عائقا كبيرا، أمام طموحات بلاد العم سام في أفريقيا السوداء.
ولدت فكرة القوة الأوروبية المتمركزة في تشاد وأفريقيا الوسطى في هذه الندوة وحُدّد لها هدف حماية اللاجئين في هذين البلدين وغالبيتهم من دارفور.
لقد كُلّف ايريك شفاليي المستشار الشخصي لبرنار كوشنير في وزارة الخارجية بملف دارفور، كما كُلّف بإقناع الشركاء الأوروبيين بالمشاركة في القوات الأوروبية، غير أن العلاقات المريبة بين باريس وعواصم مستعمراتها القديمة، خلفت شيئا من الشك في عدد من العواصم الأوروبية.
وبالفعل تمت المصادقة على قرار مجلس الأمن رقم 1778 في 25 سبتمبر 2007، القاضي بتواجد قوات متعددة الجنسيات، تعمل على تهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين والمهجرين إلى ديارهم وذلك على امتداد سنة واحدة، غير أن هذا كان بعيدا عن تطلعات كوشنير وجورج بوش المشتركة.

ورقة جيش تحرير السودان

كان كوشنير يملك ورقة أخرى لتحقيق أهدافه، ألا وهي تواجد محمد عبد الوحيد نور زعيم جيش تحرير السودان، احد أهم الحركات الانشقاقية في دارفور، في العاصمة الفرنسية باريس.
ومحمد عبد الوحيد نور، يعد شخصية كاريزمية بالنسبة للاجئي دارفور، حيث فتح في 25 فبراير 2007، مكتبا لجيش تحرير السودان في إسرائيل، وأعلن عن إقامة علاقات دبلوماسية بين الخرطوم وتل أبيب، لتمنح الدولة العبرية بذلك إقامة مؤقتة لـ600 من سكان دارفور. يعتبر عبد الوحيد نور، صديقا لكوشنير، واحد ابرز أصدقائه في جمعية «طوارئ دارفور».
كان كوشنير يلتقي العديد من المبعوثين في باريس، غير انه كان يرفض المشاركة في أي مفاوضات تهدف إلى إيجاد حل سياسي للصراع الدائر رحاه في دارفور.
بدا جليا من موقف كوشنير بأنه يود إلى جانب واشنطن، استغلال دارفور من اجل قلب نظام الحكم في الخرطوم.

فضيحة «ارش دو زويي»

وحدها الضجة الإعلامية التي قادها كوشنير وأصدقاؤه في جمعية «طوارئ دارفور» حول «الإبادة في دارفور»، ما يمكّننا من فهم فضيحة ارش دو زويي، التي انفجرت في 25 أكتوبر 2007.
كانت عملية ارش دو زويي تهدف إلى نقل 103 أطفال من دون موافقة السلطات التشادية ولا حتى موافقة أهالي الأطفال.
لقد استوحى تيري بريتو من جمعية ارش دو زويي الفكرة، مما سبق ان قام به كوشنير في بيافرا ورواندا، لقد قال انه يسعى إلى إنقاذ الأطفال، مما يوصف «بالإبادة».
أوقف بريتو قبل أن يصعد الأطفال على متن الطائرة التي كانت تنتظرهم في ابيشي. لكن وراء هذه القصة والضجة التي رافقتها إعلاميا، يظل العديد من الأسئلة من دون أجوبة، ذلك أننا لا نستطيع أن نصدّق ان السلطات الفرنسية لم تكن على دراية بما يحاول أعضاء ارش دو زويي؟ ومن الذي كان سيستقبل الأطفال في حال نجاح العملية؟

قرار أو كامبو

بتاريخ 14 يوليو 2008، اصدر القاضي الارجنتيني لويس مورينو او كامبو رئيس محكمة العدل الدولية، مذكرة اعتقال ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتهمة إبادة سكان دارفور.
لقد صدرت هذه المذكرة بعد فشل المفاوضات السرية بين واشنطن والخرطوم، أهي الصدفة؟!
وكرد فعل منه على المذكرة، طالب الفرانش دكتور الرئيس السوداني عمر حسن البشير باحترام قرار محكمة العدل الدولية، مثلما طالبه أعضاء جمعية طوارئ دارفور بالأمر نفسه.
وأما في قصر الاليزيه فقد كان الحذر سائدا، حيث التزمت فرنسا مع قطر القيام بمفاوضات لتفادي اعتقال البشير.

حجة «كنت هناك»

أصبحت «التراجيديا» الرواندية قضية برنار كوشنير، وحجته في ذلك انه زار رواندا مرتين خلال الإبادة، بدعوة من بول كاغام. «كنت هناك» أصبحت حجة الوزير ضد أولئك الذين يتجرؤون على التساؤل عن سياسة المصالحة التي يعتمدها مع صديقه، الدكتاتور الدموي الحاكم في كيغالي.
حدثت مواجهة على إذاعة يوروب 1، بتاريخ 3 اكتوبر 2007، بين كل من برنار كوشنير وجون بيير الخباش. كان الحوار يسير بشكل جيد جدا إلى أن سأل الصحافي وزير الخارجية عن الأسباب التي تدفعه إلى التصالح مع بول كاغام؟
قال الصحافي الخباش: «إبادة واحدة أم اثنتان؟».
أجاب كوشنير بعصبية: «إبادة سيدي، لم تكن هناك عمليتا إبادة، الغالبية المنتمية إلى الهوتو قتلت أقلية التوتسي، كنت هناك، يتعلق الأمر بكارثة».
وعندما سأل الخباش كوشنير، عن مدى مسؤولية السلطات الرواندية الحالية في أحداث السادس من ابريل 1994، أجاب الوزير «الإثباتات لا تدين لا هذه الجهة ولا الأخرى ونستطيع أن نثير نقاشات حولها، ولكن الأمر لا يتعلق بهذا الآن، لقد كنت هناك اسمحوا لي، أنا عنيف وحاد نوعا ما، ولكن عندما نمشي فوق الدم وعلى رؤوس الأطفال، لا نقبل أبدا أن تقول الصحف أي شيء، كنت هناك، وأتذكر جيدا ما حصل، كما أتذكر نداءات القتل».
لقد أكثر كوشنير من استعمال جملة «كنت هناك» ليؤكد ما جاء على لسانه، وعليه تجرأ على قول ما لم ينجح قضاة محكمة العدل الدولية من اجل رواندا في إثباته على امتداد 13 سنة.
لقد اقتنع كوشنير أيضا بأنه يعرف الملف الرواندي أكثر من القاضي بروغيير، لأنه «كان هناك» في رواندا أثناء عملية «الإبادة». تحليل تصريحات كوشنير يؤكد بأنه اخترع مقاطع بأكملها في القصة، مثلما فعل في بيافرا وفي البلقان وفي ايريتيريا والعراق.لقد طبق عملية انتقاء بين الخيرين والأشرار، الضحايا والجلادين.لقد صنف التوتسي ضمن قائمة الخيريين والهوتو ضمن قائمة الأشرار والقتلة، الذين يشبهون النازيين.
يمتزج الغضب بالدموع عند كوشنير، عندما يتطرق إلى الإبادة التي شهدتها رواندا، حيث اعترف بتأثره في حواره مع الصحفي الخباش.

المحرقة اليهودية في رواندا

لا يتوانى كوشنير عن تشبيه ما حصل في رواندا بالمحرقة اليهودية حيث يقول «لقد عرفت في رواندا لماذا قتل اليهود خلال الحرب ولماذا لم يقصف الحلفاء السكك الحديدية التي كانت تقلهم إلى معتقلات الموت..».
أرسل بول كاغام، مبعوثا إلى نيكولا ساركوزي بمجرد انتخاب هذا الأخير رئيسا لفرنسا وكان هدف المبعوث، هو قبر ملف القاضي بروغيير وإلغاء مذكرات الاعتقال التي أصدرها.
بدأ ريتشارد سيزيبيرا مبعوث بول كاغام في عقد لقاءات مع شخصيات فرنسية بمجرد وصوله إلى باريس، خصوصا وانه سفير سابق ومتخصص في القضايا الحساسة.
التقى سيزيبيرا مع الفيلسوف اندري غلوكسمان وصديقه برنار كوشنير وكلاهما مناصران للنظام الرواندي الجديد.
لم يكن كوشنير قد عُين آنذاك وزيرا للخارجية، غير أن اسمه، كان ضمن قائمة الأسماء المرشحة لشغل هذا المنصب، وكان قد قال لساركوزي في تلك الأيام، انه إذا ما عين، سيبذل مجهودات كبيرة لحل الأزمة بين باريس وكيغالي.
العلاقات بين كوشنير وكاغام متينة وقديمة جدا، فكل واحد منهما مقتنع بقدرته على الاعتماد على الآخر في كل الظروف.لقد ذهب كوشنير إلى كيغالي في مارس 2006، ليطلب دعم صديقه، حتى يتمكن من الترشح لمنصب رئيس المنظمة العالمية للصحة، وهو ما حصل فعلا، حيث تلقى كوشنير دعم كاغام.

كوشنير وزيراً للخارجية

وضع كوشنير صوب عينيه هدف إعادة ربط العلاقات الدبلوماسية بين باريس وكيغالي، بمجرد تعيينه وزيرا للخارجية، بعد أن قطعت رواندا علاقاتها بفرنسا بسبب مذكرات الاعتقال، التي أصدرها القاضي بروغيير ضد تسعة من الشخصيات التي تنتمي إلى المحيط الضيق للرئيس الرواندي بول كاغام.
وبالفعل التقى نيكولا ساركوزي، الرئيس الرواندي في لشبونة بتاريخ 8 ديسمبر 2007، على هامش القمة الثانية للاتحاد الأوربي وإفريقيا، ليجتمع الرئيسان مرة ثانية بعد خمسة أيام، لكن هذه المرة في قصر الاليزيه، حيث تم الإعلان عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين كيغالي ورواندا.
تحادث كوشنير و كاغام هاتفيا لمدة 30 دقيقة، بتاريخ 26 يناير 2008، لقد حيّا الرئيس الرواندي صديقه كوشنير، فيما تحدث الوزير الفرنسي عن «أخطاء سياسية»، تكون فرنسا قد ارتكبتها في حق رواندا.
ولكن هناك أسئلة كثيرا تطرح حول الأسباب التي دفعت فرنسا إلى قبول مطالب كيغالي، بعيدا عن كوشنير؟ تضمن مقال نشرته جريدة لوموند بتاريخ 18 يناير 2009 جزءا من الإجابة، حيث جاء فيه أن نيكولا ساركوزي أعلن عن تحضيره لمبادرة سلام في كيفو وهي منطقة تقع شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، غير أن بول كاغام يحتلها ويستغلها منذ 12 سنة.
تقوم مبادرة ساركوزي على تقاسم الأراضي والثروات بين رواندا وجمهورية الكونغو الديموقراطية وهو ما كان يطمح إليه بالضبط الرئيس الرواندي بول كاغام.

الملكة «كريستين» صوت فرنسا في العالم

لو عينت زوجة وزير في منصب مديرة عامة للإعلام المرئي والمسموع في جمهورية تديرها حكومة مرتشية وفاسدة، لأضحكنا الأمر بطريقة فظيعة. . لكن عندما يحصل هذا عندنا -أي في فرنسا- فإننا لا نضحك» من يجرؤ على نشر مثل هذه الانتقادات، بعد تعيين كرستين اوكرانت على رأس مؤسسة فرنسا العالم التي تدير كل القنوات التلفزيونية والإذاعية الفرنسية الموجهة للخارج.
لم يتردد رئيس تحرير مدونة غرب فرنسا المتواضعة، في الدعوة إلى اتخاذ كامل إجراءات الحيطة والحذر من الزوجين كوشنير واوكرانت، على الرغم من جهله للحملة الكبيرة التي قام بها كوشنير ليفرض زوجته في هذا المنصب.
لم تتقبل الكثير من الأطراف والجهات تعيين الصحافية كريستين اوكرانت في منصب حساس مثل هذا، ومنهم المساهمون في قناة تي في 5 موند وهم السويسريون والبلجيكيون والكنديون والمنظمة العالمية للفرنكفونية، الذين لم تتم استشارتهم إطلاقا قبيل اتخاذ القرار، ذلك أن مساهمتهم في رأسمال القناة وبرامجها موثقة في اتفاقية دولية تشير إلى أن قناة تي في 5 التلفزيونية، لن تكون بأي حال من الأحوال الصوت الصادر عن وزارة الخارجية الفرنسية.

صدمة التعيين

لقد صدم هذا التعيين الفرنسيين، بينما يبقى مرتبها الشهري البالغ 40 ألف يورو أي نصف مليون يورو سنويا، غير معروف تماما لدى الغالبية.
أثار اختيار كريستين اوكرانت لتقديم برنامج على قناة فرانس 3 في نهاية صيف 2007، جدلا كبيرا، حيث تساءل الجميع كيف يمكن أن تُعهد مهمة تقديم برنامج إلى زوجة وزير؟
نقابة الصحافيين من جانبها، أبدت قلقها من انفجار «صراع مصالح»، حيث رأت في هذا التعيين تهديدا للإعلام الخارجي الفرنسي. لكن تصوروا فقط معي أن يتم تعيين زوج كونداليسا رايس، على رأس «صوت أميركا».
لم تجد وزيرة الثقافة الفرنسية كريستين البانال شيئا لتقوله، غير أنها علقت بالقول «ليس الأمر متعلقا بمن هي، امرأة أو شخصية ولكن التعيين هذا عبارة عن حظ كبير «ولكن لمن الحظ؟ للمعنية بالأمر؟ للقناة ؟ أم لفرنسا ؟ أم للعالم؟».

في مواجهة الحرب

لم يتردد برنار كوشنير في مواجهة الحرب التي أُعلنت ضد زوجته، حيث رد بقوله، إن تعيين اوكرانت كان «الخيار الجيد»، وأضاف «إنها مستقلة، فهي لم تقم بمحاورتي في أي مرة منذ 26 سنة، أنا متيقن من أنها ستواصل على النهج ذاته».
لم يكتف كوشنير بذلك، وإنما قال أيضا «إذا ما حدث صراع مصالح، سأكون أول من يعترف بذلك، لن أتدخل على الإطلاق في الإعلام المرئي والمسموع، لقد أقسمت «لا ادري لماذا على النساء الاستقالة دوما، أظن بان الأمور ستسير على ما يرام، وإذا لم تتم كذلك، سأكون هنا لأرد على انتقاداتكم، وسأتخذ القرارات التي تفرض نفسها».
نشرت نقابة صحافيي فرانس 3 بتاريخ 6 فبراير 2008، بيانا، تم فيه رصد جميع الخدمات الأميرية أو الملكية التي قدمتها كريستين اوكرانت في منتدى التقاعد المنظم من قبل صندوق الإيداعات في بوردو بتاريخ 26 أكتوبر 2007، وخلال الجامعة الصيفية لـ«ميداف» في أغسطس 2007.
وكلها خدمات مدفوعة الأجر.
لقد اعتبر الصحافيون بان استفادة الصحافية من وراء هذه الخدمات، يسيء إلى مصداقية القناة، حيث طالبت النقابة إدارة القناة بفرض إجراءات عقابية ضد كريستين اوكرانت.

مخالفات أوكرانت

أشارت إدارة فرانس 3 إلى أنها وجهت رسالة إنذار إلى الصحافية كريستين اوكرانت، وذلك في تصريح لمجلة لوبوان، التي نشرت موضوعا عن الخدمات التي تؤديها اوكرانت خارج وظيفتها في فرانس 3.
لم تكن اوكرانت تحترم على الإطلاق القواعد المعمول بها في القطاع العمومي، ولكن ماهي هذه القواعد؟
أهم هذه القواعد، أن صحافيي التلفزيونات الفرنسية ممنوعون من التعاون مع جهات أخرى، إلا إذا ما سُمح لهم بذلك عن طريق ترخيص استثنائي يمنحه رئيس التحرير، وكل من يخالف هذه القاعدة يتعرض لإجراءات عقابية مباشرة، غير أن المعلومات التي نشرتها نقابة الصحافيين تشير إلى خدمات أخرى أدتها اوكرانت على سبيل المثال خلال المؤتمر الـ 34 للفدرالية الدولية للنشريات الدورية، من دون أن نتحدث عن تعاونها مع أود توين لفائدة منتدى السيدات.

الحلقة المقبلة:
زوجة كوشنير تطرد صحافيا بسبب الرئيس الاسد





Pictures%5C2009%5C02%5C24%5Cd16883d7-373b-47fe-a30e-5f44e37cdeb5_maincategory.jpg
لاجئون سودانيون في مخيم دارفور


 

post_old.gif
24-06-2011, 01:45 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

لعالم في نظر ك (9) زوجة كوشنير تطرد صحافياً بسبب الرئيس الأسد

Pictures%5C2009%5C02%5C25%5Cd60baf17-98e9-41f3-ab01-dc288dea5472_main.jpg


تأليف بيار بيون
ترجمة وإعداد: سليمة لبال
يعود الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد «العالم بنظر ك.» إلى العديد من القضايا المثيرة في حياة برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، والرجل السياسي الأكثر شعبية في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.
فوزير الخارجية الفرنسي يواجه اليوم تحديات كبيرة، لعل أهمها إنقاذ صورة «الفارس الأبيض»، التي صنعت نجاحاته الإعلامية، ومكنته من الحفاظ على موقعه السياسي فترة طويلة.
يهدف كتاب بيار بيون، الذي وُصف في فرنسا بـ «الكتاب الصدمة»، إلى إسقاط الصورة التي رسمها الفرنسيون لكوشنير في مخيلاتهم، وربما إسقاطه من الحكومة الفرنسية خلال التعديل الوزاري المقبل، حيث يصفه الكاتب بالفرنسي السيئ، المتأثر بالنموذج الانغلوسكسوني، ذلك الذي يقف عند عزف النشيد الوطني البريطاني «فليحفظ الله الملكة»، بينما لا يفعل الشيء نفسه عند عزف النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز. كما يشير إلى أن يهودية كوشنير المزدوجة هي المحرك الرئيسي لكل أفعاله ومواقفه.
يرى بيار بيون ان كوشنير شارك في مؤامرة أميركية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، مؤامرة كان هدفها الرئيسي تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. كما يورد في مؤلفه الكثير من الحقائق المثيرة، بطلها كوشنير، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود. فكوشنير متهم باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات افريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان.
كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي ترجمته «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟ لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير.


قبل تسريح أي صحافي كانت تقول «سأجري له عملية».. فوصفت بـ«مديرة مذبح»
لم تكن كريستين اوكرانت تخرق قواعد الخدمة العمومية فقط، وإنما كانت تتجاوز أيضا ميثاق الواجبات المهنية للصحافيين الفرنسيين، الذي يشترط على الصحافي عدم تلقي أموال من أي مؤسسة عمومية أو خاصة، حتى لا تستغل وظيفته وعلاقاته.
وعلى الرغم من ذلك أحد لم يستطع أن يواجه «الصحافة على الطريقة الأميركية» التي تطبقها كريستين اوكرانت، وهي التي ترأس مؤسسة «فرنسا العالم»!
ثم ما هي المبالغ المالية التي صرفت حتى تُشرّف اوكرانت بحضورها عددا من التظاهرات؟ لقد قدرت الوكالة التي تديرها قبل سنوات تكاليف تنظيمها لندوة، امتدت لنصف يوم، بنحو 18 ألف يورو، وعلينا أن نضيف إلى هذا المبلغ تكاليف مساعد ثان إلى جانبها.
لقد كانت اوكرانت تتلقى مرتبا يفوق مرتبها في «فرانس 3»، يقدر بـ 10 الاف يورو مقابل فقرة من بضع دقائق كانت تعدها أسبوعيا باللغتين العربية والانكليزية على شاشة «فرانس 24» قبيل تعيينها مديرة لمؤسسة «فرنسا العالم» .
كان هذا المرتب الشهري يودع في حساب مؤسسة «الكسندر أس. أ.»، مع العلم بان نظام الخدمة العمومية يمنع هذا النوع من الإيداعات.
لم تثر هذه الممارسات قلق السلطات، التي استسلمت لمجموعة المصالح هذه، لفائدة السيدة كوشنير. وأما ذريعتها فهي «مهنية الملكة كريستين».
ل.نرَ إذاً من هذا الجانب مهنية وحرفية هذه السيدة ورفيق دربها، ذلك أن أحدا لا يتحدث عن «مهنية كبرى» إلا إذا تعلق الأمر بها فقط .

ذاكرة القلب
كتبت في مقدمة كتابها «ذاكرة القلب»، الذي نشرته بعد مغادرتها مجلة ليكسبرس عام 1997، تقول: «صحافية التلفزيون تروي 30 سنة من الحمى والمتابعات»، في محاولة منها لإبراز ما قدمته طيلة سنوات عملها، حيث قدمت صورا صحفية للشخصيات واللقاءات التي وصفتها بالتاريخية وأجرتها خلال سنوات عدة.
أول ما تحدثت عنه كان الحوار الذي أجرته عام 1979 مع الوزير الأول لشاه إيران، أمير عباس هويدا، في سجن ايريفان قبيل إعدامه. لقد وصفت تعلق الرجل بفكرة أن العالم الخارجي لن ينساه، كما أفاضت في تفصيل الصعوبات التي واجهتها أثناء قيامها بالحوار الذي أجرته في عيادة جرى تحويلها إلى زنزانة، بالإضافة الى سردها ردود الفعل العنيفة التي تلت نشر ذلك الحوار.
وتعود كريستين اوكرانت في الكتاب نفسه إلى تجربتها في التلفزيون الأميركي، وعلى الخصوص في برنامج 60 دقيقة عام 1968 مع تلفزيون سي. بي. اس، حيث لم يكن في تلك المرحلة لا أسود ولا امرأة ضمن قائمة الصحافيين المشهورين في هذه القناة.
وتصف اوكرانت مسؤوليها الأميركيين بغير المؤدبين، لكنهم مع ذلك مهنيون جدا. في الجانب المهني، يمكننا أن نمنح كريستين ثقتنا، فهي لا تمزح أبدا.

ضجة على مرتبها
انتقلت كريستين في عام 1981، للعمل في قناة إنتان 2، بعد أن عملت لفترة قصيرة في إذاعة يوروب1، حيث كلفت تقديم أخبار الساعة الثامنة مساء، بالتناوب مع باتريك بوافر دارفور، لتصبح بعد ذلك المدير المساعد لقناة تي. اف. 1 الفرنسية. غير أنها قررت الانتقال إلى القناة الثانية التي أصبحت تدعى فرانس 2، عام 1988. لكن مرتبها احدث ضجة كبيرة دفعت الصحافيين إلى تنظيم إضراب عن العمل، مما اجبرها على مغادرة القناة.
انتقلت كريستين اوكرانت بعد فرانس 2، للعمل في مجلة ليكسبرس، حيث أعلنت أنها فخورة بإدارة صحيفة كبيرة، ومتميزة. غير أنها غادرتها فجأة.

فشل في «فرانس 3» و«لكسبرس»
أفضل الآن أن اترك القلم لزميلي فيليب كوهين حتى يرسم للملكة كريستين صورة صحفية مهنية، تقترب من الحقيقة، بداية بفشل أسبوعية «أوروبيان» التي أطلقتها بإمكانات كبيرة، بالشراكة مع «لوموند» في عام 1998، إلى فشلها في إدارة «لكسبرس».
لم تنجح كريستين في إدارة صحيفة، لكن كوهين يضيف «من المؤكد، أن الملكة كريستين، مثلما يشير إلى ذلك اسمها، امرأة تلفزيون قبل كل شيء، غير أن جهودها للحفاظ على مستوى شعبية برنامجها السياسي منذ تخليها عن تقديم الأخبار عبر «فرانس 2»، في عام 1985، لم تكلل بالنجاح، مما دفع استراتيجيي «فرانس 3» إلى بث البرنامج الذي تقدمه في ساعة متأخرة ليلا.
كانت اوكرانت تُبرر ضعف شعبية برنامجها بعدم اهتمام الفرنسيين بالسياسة، غير أن سر فشلها معروف منذ فترة، فهي التي تعتبر تقليدية وعادية، مقارنة بباقي الصحافيين الفرنسيين. كما أنها غير قادرة على إيجاد فكرة أو اختيار زاوية لمعالجة أي موضوع. وأما المفاجئ في كل هذه القضية فهو الحصانة التي استفادت منها.
لقد أصبحت الملكة كريستين بمرور الوقت سيدة لا يستطيع أي شخص كان تحريكها لو لمسها في نظام يمكن أن تتم فيه إزاحة أي صحافي أو مذيع إن انحرف عن الخط. ويمكن أن نقول عنها كل ما نريد، إلا أنها صحافية تتحلى بالكفاءة وهذا لا يمنع زملاءها من أن يتمنوا لها حظا سعيدا على رأس مؤسسة فرنسا العالم.
وان كانت وزارة الخارجية الفرنسية ليست وصية مباشرة على الإعلام الخارجي الفرنسي، فان «صوت فرنسا» تبقى «صوت سيدها»، على الأقل في الوقت الذي يشغل برنار كوشنير منصب وزير الخارجية، فلكريستين نظرة أخرى للعالم، هي نظرة المحافظين الجدد، ذلك انها متعاطفة مع الأميركيين، ويمكن أن نشبه نظرتها للعالم بنظرة زوجها.

كريستين الجراحة
يتذكر مساعد سابق لكريستين اوكرانت، الأيام التي شغلت فيها السيدة منصب مديرة مجلة لكسربس. ويتذكر أيضا استعمالها المفرط لكلمة «سأجري له عملية» حينما كانت تتهيأ لتسريح أي صحافي. فمنذ دخولها راديو فرنسا الدولية تصرفت الملكة كريستين مثل «جراحة»، ويمكن أن نقول كناية بأنها كانت تتصرف وكأنها في مذبح، «فالعملية» التي تعرض لها صديقي ريتشارد لابيفيار ما تزال تثير الكثير من اللغط.
كان هذا الأخير قد تسلم رسالة من المديرة المنتدبة لراديو فرنسا الدولية جنوفياف جويتزنغر بتاريخ 16 يوليو 2008، تتهمه فيها ب «الكذب»على المسؤولين.
كان لابيفيار قد أجرى بتاريخ 8 يوليو حوارا مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، قبيل الزيارة التي قام بها هذا الأخير إلى باريس في 12 يوليو، حيث تم تسجيل الحوار لمصلحة إذاعة فرنسا الدولية و «تي في 5 موند» وهما الوسيلتان الإعلاميتان اللتان يشتغل لمصلحتهما الصحافي.
كانت هذه المرة الأولى التي يخص فيها الرئيس السوري صحافيا فرنسيا بحوار منذ ست سنوات. وحسب السيدة غويتزنغر «كانت الكذبة مزدوجة. فلابيفيار لم يطلع إدارة إذاعة فرنسا الدولية قبل وقت كاف، وأجرى الحوار حصريا لفائدة تلفزيون تي في 5 موند على حساب مصالح إذاعة فرنسا الدولية».
استدعي الصحافي بتاريخ 23 يوليو، وكان يظن بان الأمر يتعلق بـ «مزحة»، غير أن مندوب النقابة ابلغه بضرورة أن يتعامل مع الاستدعاء بجدية، مقترحا عليه المساعدة.
احتفل لابيفيار هذه السنة بعيد ميلاده الخمسين، قضى منها 30 سنة يحمل بطاقة صحافي، حيث عين في يناير 2000 رئيس تحرير من قبل جون بول كلوزال ثم مسؤولا عن القسم الدولي ثم كاتب افتتاحية، قبل أن يصبح منتج البرنامج الأسبوعي «جيوبوليتيك» ومقدمه.

حملة لمطاردة الصحافيين
لابيفيار هو أيضا محرر كبير لمجلة «تون» التي يصدرها التلفزيون السويسري «تي اس ار»، وبدأ مهنة الصحافة كمراسل لوكالة الأنباء الفرنسية في العاصمة البيروفية ليما، ثم غطى الثورة السندينية في نيكاراغوا، ليصبح بعد ذلك المراسل الدائم للتلفزيون السويسري «تي اس أر» لدى الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، ثم شغف بالعالم العربي والإسلامي ابتداءا من عام 1981، ما دفعه الى نشر كتاب عن أسامة بن لادن والشبكات الجهادية عام 1999. كما اصدر العديد من الكتب، حيث فرض نفسه كمختص معروف في شؤون الشرق الأوسط وعلى الخصوص سوريا التي يغطي أحداثها منذ قمة كلينتون– الأسد، التي انعقدت في عام 1994 في جنيف.
لقد رد ريتشارد نقطة بنقطة على الرسالة التي وجهت إليه. وشرح فيها على الخصوص الطريقة التي ابلغ بواسطتها مسؤوليه بالطلب الذي أودعه منذ 3 سنوات، لإجراء حوار مع بشار الأسد. غير أن دمشق وضعت شرطا أكدته الرئاسة السورية كتابيا، وتضمن الموافقة على إجراء لابيافيير الحوار مع الرئيس بشار الأسد بشرط أن يبث في وقت واحد على أمواج إذاعة فرنسا الدولية وعلى شاشة «تي. في. 5. موند».
انتهى الصحافي في رده إلى القول: «اكرر عدم فهمي لرد فعلكم. وأظن أني احترمت قواعد المهنة ومكنت إذاعة فرنسا الدولية من حوار حصري وكنتيجة لذلك تتم مساءلتي عن أهداف مبادرتي».
علينا أن نوضح ان الحوار بثته إذاعة فرنسا الدولية وتلفزيون تي في 5 موند، مثلما كان محددا، غير أن القناة التلفزيونية بثته أولا وقبل الإذاعة، وأما المسؤولية فتقع حصريا على عاتق إدارتي الإنتاج التابعتين للإذاعة والتلفزيون وليس على عاتق الصحافي.
تلقى لابيفيار في 23 يونيو 2008 رسالة جديدة من السيدة غوتزنغر تبلغه فيها أنها قررت متابعة إجراءات تسريحه، حيث استدعته لحضور المجلس التأديبي الذي يعقد بتاريخ 6 أغسطس.
لكن تصوروا ما الذي حصل: لقد عثر نقابيان بتاريخ 5 أغسطس، وعشية انعقاد المجلس التأديبي، على رسالة تحمل تاريخ 11 أغسطس، غير أنها تتحدث عن المجلس التأديبي الذي لم ينعقد بعد، وجاء فيها «خلال هذا الاجتماع، حضرنا المجلس التأديبي واستمعنا الى دفاعك. لقد اتخذ المجلس التأديبي قراره ويبلغكم بقرار تسريحكم لارتكابكم خطأ فادحا!».
ويظهر أسفل مشروع الرسالة اسم ألان بوزيلاك، المدير العام للإعلام الخارجي الفرنسي!
ماذا نقول بعد أن تمت الإدانة قبل مداولات المجلس التي تحددها الاتفاقية الجماعية للصحافيين، وكذلك قانون العمل؟ وبالفعل رفض المجلس التأديبي إبداء رأيه في الموضوع، غير أن قرار التسريح تأكد في 11 أغسطس بفضل رسالة مسجلة استلمها ريتشارد لابيفيار.

الطرد في مونتي كارلو وفرانس 24
لم تتوقف كريستين اوكرانت والان بوزيلياك عن استعمال التقنية نفسها للتخلص من صحافي ثان يدعى فريديريك دومون، الذي اصدر عام 2006 برفقة وليد شرارة كتابا بعنوان «حزب الله: حركة إسلامية وطنية»، وهو صحافي كبير ومعروف وموفد دائم سابقا لاذاعة فرنسا الدولية الى بيروت، كما انه مختص أيضا بقضايا الشرق الأوسط. غير أن المجلس التأديبي، أعطى هذه المرة رأيه واعتبر أن تسريح دومون ليس سوى تعسف في استعمال السلطة. لا يهم ذلك، فإدارة الإذاعة أكدت التسريح بحجة ارتكاب خطأ كبير.
استمرت عملية التطهير في إذاعة مونتي كارلو، القسم العربي لإذاعة فرنسا الدولية ودائما وفق الطريقة ذاتها. لكن الهدف هذه المرة هو وهيب أبو وسيل صحافي ونقابي من أصل فلسطيني، ليأتي دور المدير العام فيليب بوفيار، ثم المدير العام المساعد محمد بن جبور والأمينة العامة كاترين كالفت ومدير البث دانيال البرسيني. وعلينا أن ننتظر المزيد.
تفاعلت العديد من الصحف مع الموضوع، ومنها ماريان ولومانيتي ولوكانار اونشيني وبوليتيس ولوموند دبلوماتيك وافريك ازي، وسبقتها الى ذلك صحيفة السفير اللبنانية والوطن الجزائرية.
لقد تحدث لابيفيار مطولا عن الموضوع أمام الصحافيين اللبنانيين اثر زيارته إلى بيروت استجابة لدعوة وجهها له رئيس نقابة الصحف محمد بعلبكي.
لم تتوقف عمليات اوكرانت والان بوزيلاك في إذاعة فرنسا الدولية، بل امتدت إلى فرانس 24، والضحية هذه المرة هو مدير التحرير غريغوار دونيو ورئيس التحرير برتراند كوك، الذي اصدر قبل سنوات كتابا ضد برنار كوشنير عنونه «متاعب برنار كوشنير في يوغسلافيا»، لينتهي الأمر بتسريح يوليس غوسيت.
لكن هناك ما هو اخطر بكثير، لقد قرر كوشنير إبعاد الإعلام الخارجي عن وزارة الخارجية والحاقه بالداخلية ووزارة الثقافة، حتى يتفادى الحديث عن أي صراع مصالح. غير أن مصالح الزوجين كوشنير ـ اوكرانت تمر قبل مصالح الدول ومصالح وزارة الخارجية أيضا.

10 آلاف يورو مقابل حوار
ليس هذا كل شيء. فعندما لاحظت لوكانار اونشيني ان مدير الإعلام الخارجي الفرنسي ألان بوزيلاك ما يزال يحتفظ بالجنسية البلجيكية، لم يكن بالإمكان تعيين كريستين اوكرانت البلجيكية هي الأخرى على رأس مؤسسة عمومية فرنسية، غير أن الرد جاء كالآتي: «سنجمع مجلس الإدارة لتغيير القوانين». وهنا علينا أن نذكر ان كريستين اوكرانت بلجيكية الأصل.
وبينما تتلقى كريستين اوكرانت راتبا صافيا يصل إلى 40 ألف يورو شهريا على رأس مؤسسة فرنسا العالم، قامت هذه المرة بإجراء حوار مع انغريد بتونكور لفائدة مجلة باري ماتش، أعلنت عنه هذه الأخيرة على صدر صفحتها الأولى. كانت من المفروض إن تجري الحوار في كولومبيا، غير أنها أجرته في باريس واشترطت على باري ماتش دفع 10 آلاف يورو. غير أنها لم تتلق سوى 6 آلاف يورو، مما خلط الأمور في إذاعة فرنسا الدولية التي أقيل منها رئيس التحرير ريتشارد لابيفيار، لإجرائه حوارا مع الرئيس السوري بشار الأسد.
شرح ألان بوزيلاك الوضع على صفحات ليبيراسيون، حيث نفى أي علاقة بين قصة ريتشارد لابيفيار وكريستين اوكرانت.
لاحظوا كيف تم التعامل مع لابيفيار وكيف تم التعامل مع اوكرانت المديرة العامة المنتدبة لاذاعة فرنسا الدولية التي نشرت حوارا حصريا لفائدة باري ماتش من دون أن تشير إلى انتمائها إلى إذاعة فرنسا الدولية، بينما يطرد صحافي آخر لأنه أجرى حوارا مع بشار الأسد لفائدة مؤسستين إعلاميتين.
ولكننا لن نقارن بين الملكة كريستين هذه الصحافية، الكبيرة، الحرة، والمهنية والمستقلة، مع محرر من «عامة الصحافيين».

الحلقة المقبلة :
كوشنير يوقع عقدا بالملايين مع افريقيا

Pictures%5C2009%5C02%5C25%5C8433f5fa-d060-4f4c-93b4-f2e9800b8e01_maincategory.jpg
راديو مونت كارلو
 

post_old.gif
24-06-2011, 01:53 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

العالم في نظر ك كوشنير يوقع عقودا بـ 4.6 ملايين يورو مع دول أفريقية

Pictures%5C2009%5C02%5C26%5Cb6b962e2-6cdf-4ac3-8a09-ea97150fd50a_main.jpg


تأليف بيار بيون
ترجمة وإعداد: سليمة لبال
يعود الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد «العالم بنظر ك.» إلى العديد من القضايا المثيرة في حياة برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، والرجل السياسي الأكثر شعبية في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.
فوزير الخارجية الفرنسي يواجه اليوم تحديات كبيرة، لعل أهمها إنقاذ صورة «الفارس الأبيض»، التي صنعت نجاحاته الإعلامية، ومكنته من الحفاظ على موقعه السياسي فترة طويلة.
يهدف كتاب بيار بيون، الذي وُصف في فرنسا بـ «الكتاب الصدمة»، إلى إسقاط الصورة التي رسمها الفرنسيون لكوشنير في مخيلاتهم، وربما إسقاطه من الحكومة الفرنسية خلال التعديل الوزاري المقبل، حيث يصفه الكاتب بالفرنسي السيئ، المتأثر بالنموذج الانغلوسكسوني، ذلك الذي يقف عند عزف النشيد الوطني البريطاني «فليحفظ الله الملكة»، بينما لا يفعل الشيء نفسه عند عزف النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز. كما يشير إلى أن يهودية كوشنير المزدوجة هي المحرك الرئيسي لكل أفعاله ومواقفه.
يرى بيار بيون ان كوشنير شارك في مؤامرة أميركية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، مؤامرة كان هدفها الرئيسي تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. كما يورد في مؤلفه الكثير من الحقائق المثيرة، بطلها كوشنير، احد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود. فكوشنير متهم باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات افريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان.
كما يعود بيار بيون في الكتاب الذي ترجمته «القبس» لقرائها، إلى قضية تعيين زوجة وزير الخارجية الفرنسية، في منصب مديرة الإعلام الخارجي- المسموع والمرئي- في خضم صراع المصالح، والتي يقول بيون انها سرحت العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية.
تقول بعض وسائل الإعلام الفرنسية ان مقربين من قصر الاليزيه ومستشارين للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هم من زود بيير بيون بالوثائق والفواتير التي استند إليها في اتهاماته، إلا أن ذلك لم يحل دون دعم الرئيس الفرنسي له.
فساركوزي، وخلال آخر ظهور تلفزيوني له، جدد ثقته في وزير خارجيته الاشتراكي، الذي وقف إلى جانب سيغولين روايال خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما أكد ساركوزي انه لن يتخلى عن الرجل لمجرد كتابات صحفية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو: هل يصمد وزير الخارجية؟ وهل يكفي هذا الكتاب لإسقاطه؟ لقد نفى كوشنير كل الاتهامات التي كالها له الكتاب. وصرح في حوار مع مجلة لونوفيل اوبزرفاتور بأن العديد من الفرضيات تقف وراء هذه الحملة التي تستهدفه، أهمها غيرة بعض الدوائر من نجاحاته، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، من اليمين أو اليسار. إلا أن وسائل إعلام أخرى أكدت أن الشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا هي التي تريد سحب البساط من تحت كوشنير.

استغل منصبه كوزير للصحة في حكومة جوسبانلم يكن برنارد كوشنير رجلا مهما في يوم من الأيام، لكنه اقترح أن يكون العمل التطوعي أحد أهم ثلاثة أهداف تسعى منظمة أطباء العالم إلى تحقيقها، وليظهر ان أفعاله مطابقة لتصرفاته، منح جمعيته مبلغ 10 آلاف فرنك فرنسي، كان تلقاها اثر فوزه بجائزة «الطبيب» التي منحتها له مجلة ابراكت ميدسان عام 1979 .
بهذه الطريقة، بدأ كوشنير بصناعة نجمه على العمل التطوعي، ومنذ ذلك الحين لم يلحظ الفرنسيون التغيرات التي طرأت على سلوك هذا الرجل، الذي أصبح الأكثر شعبية في فرنسا.
ومنذ ذلك الحين أيضا بدأ قطار حياة الزوجين كوشنير في الانحراف على الرغم من الزي الموحد لكل منهما، فكوشنير يرتدي زي فارس الإنسانية الأبيض، أما كريستين اوكرانت فترتدي زي الصحافية المحترفة لكن على الطريقة الأميركية.
لقد ضبط كل منهما نفسه مع الأخلاق ومبادئ الجمهورية التي يظهران من خلالها على أنهما يقومان بالترويج لها.

«توتال» في ميانمار
عام 1994 أصبح كوشنير نائبا أوروبيا ضمن القائمة التي يقودها ميشال روكار، ثم دخل حكومة جوسبان عام 1997، حيث شغل منصب سكرتير دولة للعمل والتضامن مكلفا بحقيبة الصحة، ليغادر بعدها الحكومة في يوليو 1999، ويتفرغ لإدارة كوسوفو مؤقتا حتى يناير 2001، حيث دخل الحكومة مجددا، ولكن ليشغل هذه المرة منصب وزير الصحة.
وهكذا وجد كوشنير نفسه وزيرا للصحة والتنمية بمرتب شهري مريح ومسمى وظيفي نهائي لا يستطيع بلوغه أي شخص من حاملي الشهادات الجامعية إلا بعد سنوات وسنوات، غير أن «الفرنش دكتور» بلغه بمكالمات هاتفية فقط.
رافق برنارد كوشنير في ديسمبر 2002 زوجته إلى ميانمار، بصفتها موفدة خاصة لمجلة «أل»، بهدف انجاز صورة صحفية عن زعيمة المعارضة انغ سان سو كي، ولدى عودته من هناك، طلب منه احد محامي شركة توتال وهو جون فاي، ابن صديقته سيمون فاي، المساعدة في إجراء تحقيق حول النشاطات الطبية والاجتماعية للمجمع البترولي في ميانمار.
عاد وزير الصحة السابق إلى ميانمار في 25 مارس 2003، حيث زار قاعدة يادانا، التي سمحت لـ «توتال» بأن تتصدر قائمة المستثمرين الأجانب في هذا البلد.
وبمجرد عودته إلى باريس، كتب كوشنير مقالا في جريدة لوموند. كان كوشنير يعرف بان غالبية المؤسسات الغربية تقاطع الطغمة العسكرية الحاكمة في ميانمار، حيث دفع اعتقال زعيمة المعارضة إلى مغادرة كل المؤسسات الأجنبية البلاد، لينتهي الأمر أيضا بمغادرة الشركة البريطانية- الأميركية تابوكو.
كان كوشنير يعرف، منذ أكتوبر 2002، بان قاضية نانتير، وهي متعاونة سابقة في ديوانه، قد فتحت تحقيقا في جريمة احتجاز ضد شركة توتال، مع العلم بان القانون الفرنسي لا يعتبر أن إجبار الأشخاص على العمل «جريمة».
وجاء في الشكوى التي رفعها سكان ميانمار أن إجبار الأشخاص على العمل لم يكن فقط لتأمين أنابيب النفط، وهي المهمة التي تتكفل بها توتال وإنما أيضا في البناء والتهيئة.
أوصى برنار كوشنير، في تقريره، مؤسسة توتال بالتطرق إلى ضرورة وأهمية تكريس الديموقراطية في مينا مار، بالإضافة إلى اشتراط إطلاق سراح زعيمة المعارضة وتخفيف موقفها من المؤسسات البترولية الأجنبية.
تم نشر تقرير كوشنير مباشرة على موقع توتال، بعد تقديم الكاتب على انه «رجل سياسي على معرفة شخصية بالسيدة انغ سان سو كي، اسمه برنار كوشنير، ويملك التجربة التي تمكنه من أن يكون ملاحظا ناقدا وموضوعيا لنشاط توتال في ميانمار».
كان البرنامج الاجتماعي والاقتصادي، الذي أنجزه كوشنير بمنزلة أفضل وأحسن إشهار لتوتال، غير أن كوشنير لم يتردد في التطرق إلى الاتهامات التي كالها السكان لتوتال المتهمة بإجبار الميانماريين على العمل، حيث قال في تقريره «لقد أمنت الورشة العمل لأكثر من 2500 شخص، استفادوا جميعهم من عقود مكتوبة ومرتبات منظمة ومن حماية اجتماعية».
كان هذا الموقف مناقضا تماما لمبادئه التي هلل لها منذ البداية.
تلقى كوشنير مبلغ 25 ألف يورو نظير التقرير الذي أنجزه لصالح توتال ويقع في 19 صفحة، ما جعل العديد من الجهات تنقلب عليه، حتى أن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، التي تأسفت لكون كوشنير وضع اسمه على العملية التي تخص العلاقات العامة لمؤسسة توتال، بينما كان على المؤسسة أن تسوي حساباتها في أروقة العدالة.
اجبر كوشنير على الرد على هذه الاتهامات، فيما ذكرته الصحف بالتزاماته، خصوصا بعد أن وقع نصا مع الدلاي لاما لدعم انغ سان سو كي.

مهمة على رأس مؤسسة «إيستر»
قرر كوشنير في عام 2002 أن يتخصص في الاستشارات الطبية، حيث انخرط في نشاط مهني ثان، هو امتداد لعمله في الوزارة سابقا. وكان يعتقد بأنه مفيد للإنسانية جمعاء وليس فقط بالنسبة لمئات من الطلبة. كان يستطيع أن يخصص لهم وقته، ليحاضر عن تجاربه في الوزارة أو العمل الإنساني.
لقد عينه رافاران في منصب رئيس مؤسسة ايستر بتاريخ 22 نوفمبر 2003. و«ايستر» هي مؤسسة «معا من اجل التضامن الصحي»، وجاء هذا التعيين ليعطي دفعا جديدا للفرانش دكتور، الذي أضحى يقفز من طائرة إلى أخرى ومن قارة إلى أخرى. غير أن كوشنير لم يتوقف عند هذا الحد، بل أسس، في 8 يناير 2004، شركته الخاصة، التي أخذت اسم «بي. ك» للاستشارات برأسمال يقدر بـ3000 يورو أودعها نقدا في البنك.
منذ ذلك الحين بدأ كوشنير بلقاء صناع القرار في قطاع الصحة في بلدان الجنوب، وبالأخص الدول الافريقية، ولكن بصفته رئيسا لمؤسسة استر العمومية التابعة لوزارة الداخلية الفرنسية، وأيضا بصفته رئيسا لشركة بي. ك للاستشارات.
وكان وزراء الصحة الذين يلتقيهم كوشنير يأملون في الحصول على مساعدات من الوزارة الفرنسية وعلى استشارات من شركة كوشنير الخاصة.
والتقى كوشنير برافاران بتاريخ 19 يناير 2004، وكان هدف الاجتماع هو القيام بحصيلة نشاطات وأهداف مؤسسة ايستر، وكانت رسالة اللقاء واضحة جدا: «فرنسا ووزيرها الأول يدعمان كوشنير وعمله في شبكة ايستر للتعاون الدولي من اجل مكافحة مرض فقدان المناعة (الايدز)».
وتلقى أهم الفاعلين في الجنوب والشمال رسائل كوشنير. فالعديد من الأفارقة المهتمين بمكافحة الايدز شاركوا في الاجتماع، بالإضافة إلى خليفة كوشنير على رأس وزارة الصحة الفرنسية، جان فرانسوا ماتي، والوزير المنتدب للتعاون بيير أندري ويلتزر.
وحضر الاجتماع أيضا ممثلون عن سبع دول شمالية، تود الانخراط في برامج ايستر، وهي الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والسويد والنمسا وبلجيكا والبرتغال، بالإضافة الى عدد من المنظمات الدولية، بينها المنظمة العالمية للصحة.

صفقات مع الغابون
وظهرت أولى آثار نشاطات كوشنير كاستشاري في 1 يوليو 2004، في الرسالة التي وجهها له عمر بونغو لإنقاذ النظام الصحي الغابوني قبيل الانتخابات الرئاسية لعام 2005.
وذهب كوشنير إلى ليبروفيل بمجموعة من الاقتراحات لإنشاء نظام اجتماعي في الغابون. ولكن الفرانش دكتور ذهب هذه المرة تحت غطاء مكتب ايميدا، ولم يقدم نفسه باسم شركة بي. ك للاستشارات.
ويشير الموقع الالكتروني لايميدا الى ان كوشنير شارك في دراستين قامت بهما ايميدا لمصلحة دولة الغابون، غير أن القارئ الفضولي لن يستطيع التحقق من المعلومة، لأن الموقع تبخر من شبكة الانترنت منذ نوفمبر 2008.
هل بإمكاننا أن نربط تبخر الموقع الالكتروني وإلغائه من شبكة الانترنت، ببحث عدد من الصحافيين في الموضوع؟
كان الموقع الالكتروني يُظهر بالتفصيل المجالات التي تدخلت فيها ايميدا في افريقيا ما بين 2002 و2007، غير أنني لا اعرف خدمات ايميدا في الغابون والكونغو وهما البلدان اللذان تدخل فيهما كوشنير.
وفي نظر عمر بانغو وساسو نغيسو رئيسي الغابون والكونغو على التوالي اللذين أعطيا أمرا لوزير الصحة في بلديهما لتوقيع عقود مع ايميدا، فان هذه الشركة تعني بالضرورة برنار كوشنير، هذا الأخير قام بعدة مبادرات شخصية في كل من ليبروفيل وبرازافيل.
ويمكن أن نستنج أن تدخل كوشنير هو ما دفع الرئيسان الكونغولي والغابوني إلى توقيع عقود مع ايميدا.
لقد كان العقدان كريمين جدا. فالمبلغ الذي حصلت عليه ايميدا برفقة مؤسسة افريكا ستابس في الغابون في 19 يناير 2004، بلغ أكثر من مليونين ونصف مليون يورو، تسلمت ايميدا منه مبلغ 762245 يورو، فيما أكملت الحكومة الغابونية باقي المبلغ المتفق عليه مع الشركتين في 2006 وبلغ 817 ألف يورو.
كان دعم كوشنير لسيغولين روايال، خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، استراتيجية. وقد أراد من ورائها الفرانش دكتور الحصول على حقيبة وزارية مهما كان الرابح في الانتخابات الرئاسية.
مهما كان حجم هذه الطموحات، فالأهم بالنسبة لكوشنير كان الركض وراء عقود جديدة مع الكونغو، حيث طار إلى برازافيل ثلاث مرات للقاء الرئيس ساسو وعدد من وزرائه، وكان يعتزم القيام بدراسة حول النظام الصحي في الغابون، بالإضافة إلى انجاز مشروع الضمان الصحي ودراسة أخرى حول إعادة تهيئة المستشفى الجامعي لبرازافيل.
وُقّع العقدان في مارس 2007 في مكتب صديق كوشنير، وهو نيكولا نورمان- السفير الفرنسي في الكونغو منذ يناير 2007، حيث بلغت قيمتهما مليونا و800 ألف يورو.
حصلت ايميدا على مبلغ 600 ألف يورو لانجاز دراسة تخص ترميم وإعادة تهيئة مستشفى برازافيل الجامعي، وكان الرئيس ساسو مهتما بهذا المشروع الذي تبلغ تكاليفه 20 مليار فرنك أفريقي، لكن ما الذي قاله كوشنير للرئيس الكونغولي بخصوص تمويل الأشغال؟

تجاهل أطفال غزة
عين برنار كوشنير في 18 مايو 2007 وزيرا للخارجية، حيث أحاط نفسه بأصدقائه القدامى. فعين جاك بودوان (مؤسس أفريكا ستابس وشريك ايريك دانون) مسؤولا للاتصالات في الوزارة.
استقبل الرئيس ساسو سكرتير الدولة للتعاون جان ماري بوكال في فندق موريس، وهناك قدم له قائمة مشتريات تضم تمويل تجديد المستشفى الجامعي لبرازافيل، كان عقد ايميدا يعني بالنسبة للرئيس التزام فرنسا، غير أن بوكال فاجأ الرئيس الكونغولي بقوله إن المسألة ليست على هذا النحو.
لم يمر التيار بين الرجلين، حيث فضل ساسو التحدث مباشرة مع الرئيس نيكولا ساركوزي، هذا الأخير أكد لنظيره ان مخطط التعاون ستتم مراجعته في سبتمبر، حيث سيحصل على كل ما يريد.
لقد عين برنار كوشنير بمجرد تنصيبه وزيرا للخارجية، صديقه ايريك دانون سفيرا فوق العادة لفرنسا في موناكو، هذا الأخير لم ينس منصبه كرئيس لايميدا وصار يطالب الغابون بالفواتير المؤجلة وقيمتها 817 ألف يورو.
كذلك عمل كوشنير على تمكين أصدقائه من صفقات في دول افريقية بقيمة 4.6 ملايين يورو. بالفعل لم يكن كوشنير وزيرا حين وقعت هذه العقود، لكنه كان مسؤولا عن مؤسسة عمومية ذات طابع دولي، كلفته بها حكومة رافاران.
وبالطبع كوشنير ليس مساهما مباشرا في شركة ايميدا، التي أنجزت العديد من الدراسات للغابون والكونغو وعدد آخر من الدول الافريقية من دون شك، ولكنه هو من حرص ودفع هذه الحكومات إلى توقيع هذه العقود ، خصوصا انه وظف في وزارته مؤسسي هذه الشركة.
لقد توقف كوشنير عن حمل أكياس الأرز الموجهة إلى تخفيف معاناة الناس في العالم، كما قاطع اليسار، ولم نعد نر «الفرانش دكتور» وهو يقنع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الأسابيع الأولى من عام 2009 لمد جسور إنسانية إلى أطفال غزة المستهدفين بالقنابل الفسفورية، مثلما فعل مع الرئيس ميتران لفتح مطار سراييفو.
ويظهر في النهاية أن المتطوع سابقا في أطباء بلا حدود، ضحية الصورة التي حاول أن يرسمها لنفسه منذ البداية.

(انتهى)

Pictures%5C2009%5C02%5C26%5Cbbdc990f-2ce8-4f05-8d54-edc2b5bc61e6_maincategory.jpg
الثالث الى يسار ساركوزي


 
عودة
أعلى