سعيد شاب ليس له نصيب كبير من اسمه. هو الابن الأصغر والمدلل لأب يشغل مكانة مرموقة وأم متعلمة، اكتفيا بتلبية كل رغباته دون تدقيق أو فرز لهذه الرغبات، ولأنه الأخ الأصغر والوحيد لثلاث بنات، فقد كان متميزا دائما ولا يُسأل عما يفعل أو عمن يصاحب أو فيما يصرف نقوده؟ ونعرف جميعا مدى فرحة الأبوين بطفل ذكر رزقا به بعد طول انتظار، خصوصا في مجتمع ذكوري يحتفي بالولد كأنه «المُخَل.ص»، بغض النظر عن كيفية تربيته ورعايته وتوجيهه بطريقة سوية تربويا. في غياب دور الأسرة، استسلم سعيد لإغواء الأصدقاء فأهمل دراسته، ووقع في براثن الإدمان. المؤسف أن أبويه لم يكتشفا أمره إلا بعد أن وجدوه في الشارع بين الحياة والموت عقب تعاطي جرعة كبيرة من المخدر، تُرى من المُدان هنا؟ أسرة اختفى دورها الأساسي خلف أقنعة عدة، أم شاب يبحث عن مفقود أبدي؟!
ليس سعيد فقط، بل هناك غيره الكثيرون تمتلئ بهم المستشفيات والمصحات العلاجية، وآخرون مختفون في عتمة الانسحاب من الواقع، أسرى المخدرات، يتوارون خلف الجدران.. ينتظرون رجال الشرطة أو جرعة زائدة تقضي عليهم وتخلصهم من عالم حقيقي فقدوا التواصل معه وعالم افتراضي جعل منهم مسخا مشوها.
إن المخدرات كارثة تهدد الأسرة والمجتمع بأسره، كونها تتفشى بشكل كبير بين الشباب والمراهقين الذين يُعتبرون عصب المجتمع وقوته الحقيقية وطاقته الإيجابية التي من المفترض أن توجه نحو الإنتاج والعطاء. ويزيد من خطورة الإدمان أنه يرتبط باضطرابات صحية وسلوكية واجتماعية، منها التدهور العقلي والنفسي، وارتفاع العدوان والسرقة والتحرش الجنسي والاغتصاب والقتل، لذلك فإن الإدمان ليس وبالا على الفرد وأسرته فحسب، إنما ينذر بانهيار مجتمعي كامل، واختراق لشبكة الأمان الاجتماعي، مما يجعل مناقشته ومحاولة التصدي له بالوقاية أو العلاج أو تقصي الأسباب، أمرا لا يقبل الجدل أو التهاون.
1- أسرة في غيبوبة
أبناؤنا كائنات بريئة، يأتون إلى العالم صفحة بيضاء ننقش فيها القيم والمبادئ من خلال التنشئة، ونشكلهم نفسيا عبر أساليب التربية، يدخلون عالمنا دون تاريخ سابق من التفاعل الاجتماعي، ودون صورة محددة لذواتهم أو علاقتهم بالآخرين. من خلال التفاعل مع المحيطين، خصوصا الأسرة، والأم تحديدا، باعتبارها أول وآخر من يتعرف عليه الطفل ويقترب منه، فالأم هي مصدر الحياة بشقيها المادي «الغذاء» والمعنوي «الحب والحنان»، والاضطراب في هذه العلاقة أو عدم تشكيلها بطريقة نفسية إيجابية يقف غالبا وراء استجابة الشخص للإدمان كبديل للإشباع النفسي والروحي والعاطفي المفقود في مرحلة الطفولة المبكرة، ومحاولة لتحقيق الذات بطريقة سلبية في نوبة الهلوسة والمرح التي تنتابه أثناء تعاطي المخدر.
إن المخدرات تمنح المدمن شعورا تعويضيا بالأمن وتقدير الذات والراحة والسعادة التي يفتقدها داخل علاقة مضطربة بالأبوين أو بدائلهما، تلك العلاقة التي أضعفت من شخصيته وتركتها فريسة سهلة لأي بدائل سلبية تمنحه قوة زائفة في ظل غيبوبة تربوية يعانيها بعض الأسر، فلا يلتفتون إلى التدعيم الإيجابي، والاستجابة المعتدلة لمطالب الطفل بعيدا عن التدليل الزائد والحماية المبالغ فيها، أو القسوة وتهديد ثقته في نفسه وزعزعة إحساسه بالأمن النفسي والاجتماعي. هذا التطرف أو التذبذب في التربية، إضافة إلى المشكلات الأسرية، وانفصال الأبوين أو غيابهما، يخلق داخل الفرد مناخا خصبا للاستجابة السريعة لأي مؤثر خارجي قادر على احتوائه وتعويضه، فالمشكلة الكبيرة لا تكمن في المخدر بقدر ما تكمن في الاستعداد النفسي للاستجابة له.
2- ثقافة المخدرات
من الأشياء المهمة التي تمثل عاملا ضاغطا على الشاب وتسرع من استجابته للإدمان، هي ما يعرف بثقافة المخدرات من خلال السماع أو الرؤية للمخدر أو وجود رفاق السوء أو أحد أفراد الأسرة المتعاطين للمخدرات أو وسائل الإعلام المختلفة التي تعرض ذلك أحيانا بشكل مغو أو جذاب قد يثير الفضول وحب الاستطلاع، ما يؤثر سلبا في الشباب ويدفعهم إلى التجربة على الأقل.
3- الصديق اللدود
إن الأصدقاء يلعبون دورا جوهريا في حياة الشخص، ويظل تأثيرهم أقوى وأهم من تأثير الأسرة، خصوصا إذا كانت العلاقات الأسرية مضطربة، والابن في مرحلة المراهقة والتمرد على الأعراف والتقاليد والقيم المجتمعية، لذا من أهم الأشياء الانتباه لطبيعة أصدقاء الأبناء وأخلاقياتهم والاشتراك في اختيارهم والمتابعة عن بعد حتى لا يفهم الابن أنها نوع من التحكم والسيطرة عليه، ويجعل الأمر يسيرا على الأبوين كون العلاقة مع الابن منذ البداية تتسم بالصراحة والحميمية والثقة المتبادلة.
قد يغوي الصديق صديقه بأن تناول المخدرات أمر سهل، وأن مرة واحدة لا تجعله مدمنا، أو أنها نوع من الرجولة والاعتماد على النفس، أو أنها تسبب السعادة والمتعة والجرأة، وحتى يكون الابن مقبولا من أصدقائه ويثبت لهم أنه كبير وقادر على التصرف واتخاذ القرار، فعليه ان يخطو أول خطوة في طريق محفوف بالمخاطر ويصعب الرجوع منه.
4- الفشل والإحباط
حينما يتعرض الإنسان لموقف محبط أو يواجه فشلا دراسيا أو أسريا أو مهنيا أو صدمة عاطفية، ويفتقد خلالها المساندة والدعم النفسي من أسرته أو المقربين منه، إضافة إلى التهيؤ والاستعداد النفسي، لا يجد أمامه إلا المخدرات كحل هروبي وملاذ سلبي يحتويه ويشعره بالأمان الزائف، فيعيش في مزاج هوسي مؤقت يختزل من خلاله العالم في حقنه مخدر تُغرس في جسده فتهبه عالما خياليا وتقيه من إحباط الواقع وتخلي المحبين عنه، ويدير بعده وجهه للعالم كله مكتفيا بلحظات تزداد لتصبح شرنقة للموت الفعلي أو الرمزي. فهو أشبه بمن يرقص في عزلته رقصة للموت على إيقاع نشوة زائفة!
الأسرة سفينة نجاة
ان أخطر ما في الادمان أنه يقضي على ما تبقى من مقاومة نفسية داخل الانسان، ويفقده الثقة في كل الناس وكل شيء الا المخدر الذي يعتبره المصدر الوحيد للذة والاشباع وتحقيق الذات وبلوغ الاحساس بالنشوة والسعادة، وكأنه يستعيد نفسه طفلا من جديد يتحكم في العالم بقدرة مطلقة ويصعد الى سماء الرغبة واشباعها ولو بطريقة عبثية قد تنهي حياته في لحظة. من هنا فان علاج مدمني المخدرات يحتاج الى جهود مضنية من جانب الأسرة، والمعالج والطبيب النفسي، وارادة شخصية كبيرة وقدرة لا على تحمل آلام انسحاب المخدر فقط، وانما على مواجهة اغراء العودة أو الانتكاس للادمان مرة أخرى.
لذا هناك بعض الاعتبارات التي يجب الانتباه لها في معالجة المدمنين، خصوصا المراهقين منهم. أهمها اعادة صياغة العلاقة بين المدمن وأسرته أثناء العلاج، فالأسرة هي الداعم الأول ومصدر الحماية والأمان، وما كان الادمان الا تعبيرا عن خلل عميق في الشعور بالأمان والثقة بالنفس واعتبار الذات ناتجة عن طريقة تربية خاطئة. ونقول لكل أب:
أحبب ابنك حبا غير مشروط، حاول اقناعه بأنك تهدف لمصلحته ومساندته والوقوف بجانبه، لأنك كنت شريكا بشكل أو بآخر في ادمانه، وتجنب اهانته أو تأنيبه أو لومه أو توبيخه أو اسماعه كلمات بذيئة تقلل من شأنه، حتى لا يبدأ في الدفاع عن نفسه والانكار ورفض العلاج ومعاندتك ومعاندة نفسه، فربما يشعر أنه في كل الأحوال مُدان فلا داعي لارهاق نفسه بالعلاج، وهجر مصدر لذته.
نّم. مهاراته المعرفية والنفسية والاجتماعية واهتم بهواياته، فمن غير المعقول أن نطلب من شخص ترك شيئا يحقق له لذة وسعادة من دون توفير بديل قوي، وملء فراغ قد يظل نقطة ضعف لديه اذا لم يُشغل بطريقة ايجابية.
أعطه كثيرا من وقتك لحمايته من أصدقاء السوء وتجار المخدرات الذين يضغطون عليه للرجوع للادمان أو يضعفون ارادته في المواجهة والعلاج، حتى لا يخرج من دائرتهم ويحقق لهم مصالح مادية ونفسية، لذا فان وجودك بجانبه يمنحه الثقة والقوة والاحساس بالأمان والحماية النفسية التي سيظل مفتقدها فترة طويلة. كما أن من المهم مساعدته على اقامة علاقات صداقة جديدة، واستكمال دراسته التي سيكون أهملها في الغالب، أو التطور في وظيفته، واكسابه مهارات العيش بطريقة مختلفة تحقق له متعة عميقة تحل محل متعة المخدرات.
استمر في مراجعة معالج نفسي خصوصا في فترة النقاهة، التي تعتبر من أخطر المراحل العلاجية ففيها يُعاد تأهيل وتدريب الشخص على الاندماج في الحياة مرة أخرى، ويكون كالطفل الوليد الذي يحتاج الى اهتمام وجهد ومساندة. وجود المعالج سيساعده على اقامة علاقة حميمة معك ومع ذاته والعالم المحيط بطرق علمية وأساليب منهجية تختصر عليك الكثير.
أخيرا، لعلنا ندرك أهمية دورنا كآباء وأمهات في كوننا سفينة حياة لأولادنا، أي عطب فيها سيودي بحياتهم، أو يتركهم عرضة للتشوه والانحراف .
احذروا هذه العلامات
ان الانتباه المبكر لأعراض الادمان يساعد على انقاذ الأبناء ووضع خطة للعلاج قبل فوات الأوان. ومن أهم هذه الأعراض:
1ــ الاهمال في المظهر والنظافة الشخصية.
2ــ العدوانية الشديدة في المنزل دون مبرر منطقي أو سبب واضح.
3ــ الانطواء على نفسه والجلوس بمفرده فترات طويلة.
4ــ اهمال دروسه أو عمله، خصوصا اذا كان متفوقا أو مميزا من قبل.
5ــ كثرة الاتصالات الهاتفية خصوصا في أوقات غير معتادة (ليلا مثلا).
6ـ مصاحبة أصدقاء مثيرين للشبهة واخفاء علاقته بهم عن الأسرة، والتردد على أماكن مشبوهة.
7ــ كثرة الكذب والعصبية والشعور بالضيق والتوتر من أي سلوك أو فعل.
8ــ السرقة سواء داخل المنزل أو خارجه.
9ـ تكرار الحوادث ومخالفات المرور.
10ـ رائحة كريهة أو حركات لاارادية مثل ثقل اللسان أو تقلص عضلات الوجه تصدر منه دون السيطرة عليها.
11ــ وجود آثار للمخدر أو وسائل استخدامه.
12ــ احمرار العينين وكثرة العطس وافرازات الأنف والاسهال والرعشة الجسدية.
13ــ اضطرابات النوم سواء بالنوم المفرط أو الأرق الشديد.
14ــ ظهور بعض العلامات الجلدية مثل الاحمرار أو ما يشبه لدغ الناموس أو الحروق والتقيحات نتيجة تلوث الحقنة، أو وجود آثار دم على الملابس.
15ـ فقدان الشهية والاعياء المستمر وفقدان الوزن.
16ـ الابتعاد عن النشاطات الاجتماعية والهوايات التي كان يستمتع بها من قبل.
17ـ تراجع مستواه الدراسي والغياب المتكرر عن المدرسة.
18ـ التصرف بعدم احترام ولا مبالاة وصراخ من دون مبرر.
إعداد: رضوى فرغلي
معالجة نفسية
( متخصصة في العلاقات الزوجية ومشكلات الطفولة والمراهقة)
للتواصل والمشاركة: fax:24834355 radwa72@gmail.com
محمد حنفي
التوازن بين العمل والأسرة مهمة صعبة يواجهها الجميع في عصر كثرت فيه متطلبات الحياة، ويلقي النجاح أو الفشل في تحقيقه بظلاله على الأسرة كلها، فالنجاح يؤدي إلى استقرار الأسرة بينما يؤدي الفشل إلى الكثير من الخلافات التي قد تصل إلى حد وقوع الطلاق بين الزوجين وتفكك الأسرة باكملها.
التحقيق التالي عن كيفية مواجهة هذه المهمة الصعبة.
يواجه الكثيرون مشاكل لا حصر لها في أعمالهم، لكن يخطئ الكثير من الأزواج عندما يقومون بجلب مشاكل العمل إلى داخل بيوتهم، فالبعض ما إن يدخل المنزل حتى يبدأ في استعادة ما حدث من خلافات بينه وبين رؤسائه، والبعض الآخر يأخذ وقت الزوجة والأسرة في التفكير في كيفية الفوز بهذه الصفقة أو تلك.
إن أردت أن تنجح في التوازن بين عملك وأسرتك، فاترك كل مشاكل العمل هناك في مكتبك ولا تحملها معك إلى البيت. عندما تتخطى عتبة بيتك تذكر أن الوقت المخصص لزوجتك وأطفالك بدأ ولا تبدده في التفكير في رؤسائك وعملائك وصفقاتك.
وقت الزوجة والأطفال مقدس
الكثير من الأزواج لديهم الكثير من الطموح المهني والمادي، لذا يضعون وقت العمل في مرتبة مقدسة بين أولويات حياتهم. ومن المشاهد المألوفة في حياة هؤلاء الاعتذار الدائم من الزوجة والأطفال عن تلبية المواعيد المتفق عليها مسبقا لتناول العشاء أو الذهاب إلى السينما أو الخروج في نزهة، بحجة أن هناك ظرفا طارئا في العمل لا يحتمل التأجيل.
لا أحد يطلب من هؤلاء الأزواج وضع وقت العمل في مرتبة متأخرة في قائمة الأولويات، لكن التوازن الناجح بين العمل والأسرة يعني أن يدرك هؤلاء أن وقت الزوجة والأطفال مقدس أيضا. إن كانوا لا يستطيعون تأجيل الأعمال، فينبغي أيضا عدم التسويف في الوقت المخصص للزوجة والأطفال، فهم من بين الأولويات المهمة إن لم يكونوا على رأس القائمة.
اجلب عائلتك إلى مكتبك
ليس بالمعنى الحرفي، لكن البعض يتواصل مع الأسرة بشكل دائم حتى في العمل، وإن بصورة معنوية من خلال تخصيص ركن في مكتبه يضع عليه صور الزوجة والأطفال، حيث يمكنه ذلك من تبادل القصص حول عائلته مع زملائه وعملائه في العمل عندما تسنح الظروف أو في أوقات الراحة.
وإن كان هذا مسموحا في مجال عملك ووقتك يسمح بذلك، يمكنك اصطحاب أطفالك أيضا إلى العمل بين الحين والآخر مما يتيح لك القيام بالعمل وقضاء بعض الوقت مع أطفالك في الوقت نفسه، إنها بعض الحيل البسيطة والذكية التي تساعدك على التواصل مع الأسرة، حتى وأنت في العمل.
قل لا لغير المهم
واحدة من أفضل طرق التوازن الناجحة بين الأسرة والعمل أن تقول «لا» للأعمال غير المهمة عندما تتعارض مع الوقت المخصص لأسرتك. لكنك لن تستطيع أن تقول «لا» من دون تحديد الأولويات أولا، تعلم طرق تحديد الأشياء الأكثر أهمية وقل «لا» للأشياء الأقل أهمية.
إذا كنت تريد أن يكون لك مستقبل مهني ناجح وحياة أسرية رائعة، فتعلم أن تقول «لا» في بعض الأحيان، وإذا كنت تحاول أن تفعل كل شيء فأنت تسير نحو حرق نفسك ولن تكون قادرا على رعاية أي شخص في عائلتك أيضا. لكونك موظفا ناجحا لا يعني أن تقول نعم في كل الأوقات، قل لا أحيانا من أجل أسرتك.
أعد جدولا يناسب العمل والعائلة
الأسر الفعالة تتميز بعدد من الصفات على رأسها إعداد جدول زمني يضم أولويات كل واحد منهم. الفوضى ليست فعالة، وعندما تسود فلن يكون هناك توازن ناجح بين الأسرة والعمل. ميزة الجدول أن الجميع يرى ما يفعله الآخرون، وتكون الالتزامات المهنية والعائلية واضحة ومعروفة سلفا كتلك التي تتعلق بمواعيد العمل والاجتماعات والعائلية، وكذلك المناسبات العائلية الخاصة بالأسرة مثل المناسبات الاجتماعية وحفلات الزفاف وأعياد الميلاد وأنشطة الرياضة وحتى الأعمال المنزلية.
استخدام الجدول ووضعه في مكان بارز بالمنزل بحيث يعرف كل طرف الالتزامات الخاصة بالطرف الآخر واحدة من الطرق الفعالة للتوازن بين العمل والبيت وعدم إثارة الخلافات بين أفراد الأسرة.
أغلق الهاتف المحمول
أصبحت وسائل الاتصال الحديثة وعلى رأسها الهاتف المحمول العدو الأول المدمر لكل لقاء عائلي. عندما يكون الوقت مخصصا لأفراد عائلتك فأول ما يجب عليك فعله هو إغلاق هاتفك المحمول أو ترك رسالة للطرف الآخر تقول انك مشغول حاليا.
لا تخف من اغلاق هاتفك المحمول عند قضاء الوقت مع الأسرة، العمل لن يطير لكن اللقاء مع العائلة في الهواء الطلق أو في مطعم رائع فرصة قد لا تتكرر كثيرا.
احصل على قسط من النوم
قد يتعجب البعض: وما علاقة النوم بالتوازن بين الأسرة والعمل؟ عندما يكون من الصعب عليك أخذ قسط وافر من النوم كل ليلة بسبب انشغالك في العمل سيكون من الصعب التواصل مع أسرتك بشكل فعال.
قضاء بعض الوقت مع أسرتك يتطلب أن تكون في وضع أكثر راحة وهو ما يعني الحصول على قسط وافر من النوم أولا، هذا يعني أنك سوف تكون أكثر نشاطا عندما تكون برفقة عائلتك، كما أن النوم الوافر يجعل نوعية الوقت الذي تقضيه معهم أكثر متعة.
رأي مختص خضر بارون: أكبر تحد يواجه الأسرة هذه الأيام
التوازن بين العمل والأسرة مسألة معقدة تنطوي على الكثير من التحديات كما يشير إلى ذلك الاستشاري النفسي والاجتماعي خضر بارون الذي يقول:
- الكل يريد أن يكون سعيدا في حياته العائلية، وفي الوقت نفسه ناجحا على المستويين المهني والمادي من خلال عمله أو وظيفته، لكن هذه السعادة لا تأتي إلا من خلال تحقيق التوازن بين البيت والعمل. وهذا التوازن أكبر تحد يمكن أن تواجهه الكثير من الأسر هذه الأيام، وهذا المهمة الصعبة لم تعد حكرا على الرجال فقط وإنما أصبحت تواجه الزوجة العاملة أيضا.
ولا أبالغ إن قلت ان الكثير من الخلافات الزوجية والكثير من حالات التفكك الأسري وراءهما عدم نجاح أحد من الزوجين، أو الاثنين معا، في تحقيق مثل هذا التوازن. فأحدهما (الزوج أو الزوجة) قد يكون من الفئة التي تقع ضمن ما نطلق عليه في عالم النفس «الاحتراق الوظيفي» حيث يمنح الكم الأكبر من وقته لعمله أو وظيفته من دون أي مراعاة للطرف الآخر والأطفال. وقد يكون الزوجان معا منهمكين في طموحهما الوظيفي، وهنا قد يدفع الأبناء الثمن.
كيف يمكن النجاح في هذه المهمة الصعبة؟
الحل يكمن في وجود ثقافة التوازن بين الأسرة والعمل والتقيد بصرامة بتخصيص وقت للأسرة كما نتقيد بوقت العمل، وكلما كان هذا التوازن ناجحا عاشت الأسرة في رفاهية سواء على المستوى العائلي أو المهني. وأعني بالتوازن الناجح وجود ما يكفي من الوقت لكل من العمل والأسرة من دون إنفاق جهد كبير وبحيث تشعر في حياتك بالراحة، كما يشتمل على وجود ما يكفي من الوقت الاحتياطي بحيث يمكنك التعامل مع حالات الطوارئ البسيطة مثل: مرض الزوجة أو احد الأطفال بحيث يمكنك البقاء بجوارهما.
في الغرب عطلة «الويك اند» مقدسة، وهو ما يعكس النجاح في التوازن بين الأسرة والعمل، فوقت العمل مقدس ووقت الأسرة مقدس أيضا، وهذا هو التوازن الناجح. نحن في حاجة إلى التشبه بالغرب في هذه النقطة، فعطلة نهاية الأسبوع مقدسة لديهم، ونجد أن الأب رغم كل مشغوليته في العمل طوال الأسبوع يخطط من بدايته لكيفية قضاء العطلة مع عائلته، ولا يؤجل ذلك مهما كانت المسؤوليات لأنه يعرف أنه كما للعمل حق عليه للأسرة حق عليه أيضا، وهو ما نحتاجه في مجتمعاتنا الشرقية.
بالإضافة إلى مشاكل الاكتئاب والإحباط، فيعاني معظم المراهقين من مشكلة في التعامل مع الوالدين، وينتج عنها ان الوالدين يشيران إلى ان المراهق كقنبلة في البيت، لا يعرفان كيف يتعاملان أو يتواصلان معه، وعلى أثره تنشب المشاكل بينهما بشكل مستمر. وتابعت الاستشارية الطاف موضحة: «أول ما أبينة للوالدين هو أن شجرة التفاح تطرح تفاحا وليس برتقالا، وان شجرة البرتقال تطرح برتقالا وليس تفاحا، وعليه فالخلل هنا يبدأ من الوالدين. وإذا كان عند المراهق مشكلة في البيت ومع الأهل، فلا أبدأ مناقشته أو التعامل معه بل اشترط ان أناقش المشكلة وأسبابها بالاجتماع أولا مع والديه، لأتعرف على طريقة وأسلوب تعاملهما معه. فاغلب مشاكل المراهقين تأتي من العناد وإثبات الوجود، فهو يعاند لأنه يشعر بان الوالدين لا يسمعانه أو لا يفهمانه أو لا يحبانه. ومن المنطقي ان المراهق يقول لنفسه لا تسمع أو ترضي من لا يسمعك أو لا يحبك، بل عانده».
المقارنة وجلد الذات تدمر الثقة
أما مشكلة انخفاض الثقة بالذات والاعتداد وحب النفس، فيعاني منها معظم المراهقين لغياب من يدعمه ويشجعه ويثني عليه لو أنجز شيئا ما. بل في المقابل نجد ان اغلب أولياء الأمور يلجأون إلى أسلوب التعنيف والمقارنة بالآخرين، اعتقادا منهم بأن ذلك يشجع المراهق على تعديل السلوك. فيشار إلى أن اخوانه أفضل منه، وأبناء العم اذكي منه، وان فلانة أجمل منها أو أنحف، وان فلانا ناجح ودرجاته أفضل منه. وهو ما يخلق جوا من تصغير وتحجيم للذات، بل قد يكره المراهق نفسه ويحس بأنه غير جدير بأي حب.
غياب الأب يخلق فراغا
عدم وجود دور للأب أو عدم توفره في المنزل بشكل يومي، يسبب فراغا عاطفيا نتيجة لاختفاء اهتمام الأب المهم بالنسبة للولد والبنت على حد سواء. ومما يفسر بحثهم خارج المنزل عمن يملأ هذا الفراغ ويوفر لهم الحب والاحتواء. وابسط صور ذلك هو التحدث مع الجنس الآخر، فنجد البنت تتعلق بشاب أو الولد ينمي علاقة مع شابة. وما يترتب عن ذلك من مشاكل اجتماعية ونفسية نتيجة انتقال الحديث مع شاب إلى آخر دونما الإحساس بالاكتفاء العاطفي. فيما ان أساس حل المشكلة يكمن في توفير الوالد للحب والاحتواء وليس التواجد في المنزل فقط.
التواجد ليس كافيا
التواجد في المنزل ليس كافيا، فقد تتواجد الأم طوال اليوم ولكنها ليست مع الأبناء، بل دائما على الهاتف أو تتابع التلفاز أو تشرف على أمور المنزل. وتعتقد ان دورها يقتصر من جهة على ترفيه الأطفال وأخذهم للمطاعم والزيارات والألعاب، ومن جهة أخرى على إصدار الأوامر والانتقادات حول ما يجب عليهم فعله، مثل استخدام عبارات: اذهب للدراسة، لا تشاهد التلفاز، اغسل أسنانك، تناول طعامك، وغيرها من أوامر بينما تغفل ان وجودها مع الأطفال يهدف للاحتواء والتربية والاهتمام بهم وتوطيد علاقتها معهم. فيجب عليها ان تسأل عن حالهم وما حصل لهم خلال اليوم، وما قاموا به، مع التحدث عن مشاكلهم ومناقشة اهتماماتهم، وليس فقط متابعة تحصيلهم الدراسي والتقصي بقصد تصيد الأخطاء. والأهم هنا ان تعطيهم المجال ليبدوا وجهة نظرهم، ورواية قصتهم عما يحصل لهم. وتوفر لهم الدعم والمساندة لعلاج أي مشكلة. كما يجب ان تركز على جانب الثقة بالنفس وحب الذات وتقبل الأمور.
الأب وشخصية الطفل
من المعروف في الطب النفسي ان الشخصية تتكون من خمس عناصر، وهي: المجتمع، الأصدقاء، المدرسة، سمات الشخصية الموروثة جينيا، والوالدين. وعليه، فالأم هي نصف الخمس، ولابد ان يتوفر دور الأب ليتوفر الخمس كاملا. وتابعت الاستشارية الطاف قائلة: لما كنا صغارا، كنا نرى ان الآباء حتى لو كانوا منهكين من العمل أو يحتاج البيت لزيادة في الدخل، فإنهم يتكبدون العناء والجهد ليخصصوا ساعة أو أكثر من الوقت لقضائه مع أطفالهم يوميا. واثر ذلك مهم جدا، فعدد الساعات ليس المهم، بل هو نوعية ما تفعله مع أطفالك في هذا الوقت هو الأهم.
وجبة ترفع فرصة النجاح
بحسب إحصائية في انكلترا، وجد ان اجتماع إفراد الأسرة لتناول وجبة واحدة يوميا وتتناقش فيها حول ما حدث لهم خلال اليوم يسبب ارتفاعا ملحوظا في معدلات نجاح الأطفال. فما بالك لو تشاركت الأسرة في 3 وجبات، وعليه شددت الاستشارية على ضرورة الاهتمام بتجمع الأسرة لتناول الوجبات على الأقل. كما يجب ان يوفر الوالدان آذانا صاغية وقلبا حنونا للابناء. فلا شيء يبرر عدم تخصيص وقت للأبناء والانشغال عنهم بالجري وراء المادة والعمل والأمور الاجتماعية.
البعض نسي مكان جنته
استغربت الاستشارية كون الكثير من الآباء والأمهات نسي أو تناسى الهدف من المنزل، ليعتبر وجوده فيه مثل الفرض والواجب فقط الذي يشبه فرض تواجده في العمل. فلم يعد المنزل هو الجنة والمكان الذي يرتاح ويستمتع فيه مع أسرته وبخاصة الأولاد. فقليلا ما نسمع ان الأم اشتاقت للعودة والجلوس مع أولادها وسماع أحاديثهم الجميلة، والمرح معهم. بل بعض الامهات يشرن إلى ان الأطفال هم وعبء ثقيل ومشاكلهم اكبر، بل قد يهرب الأب من البيت للمقاهي والديوانيات محتجا بأنه يطلب الراحة وينسى ان البيت بيته والأطفال من دمه وفي كنفه ويجب الا يربيهم فقط بل ان يحن عليهم ويصغر ويكبر معهم.
الطفل يتربى بالبركة!!
وعند سؤال الاستشارية عن فئة أولياء الأمور التي تشير الى كون الأطفال يتربون بالبركة حتى لو لم نهتم به، فالحياة وكثرة الإخوة ستربيانهم. أو ان الأطفال سيتربون مثلهم، حيث لم يهتم بهم أحد قبل. كانت ردة فعلها الفورية هي: «لا استقبلهم في عيادتي، فإذا لم يكن الاهل يشعرون بمسئوليتهم نحو أطفالهم، ولم ينووا توفير الوقت والحب واحتوائهم فلم أنجبوهم؟
فإذا كنت غير مستعد لمسؤولية الأطفال فلا احد يجبرك على إنجابهم. وبنفس المنوال بالنسبة للزواج، فان قررت الزواج فلا بد من تحمل مسؤولية الزوجة والزواج وإلا فلا تتزوج».
حل المشكلة
يعتمد حل مشكلة المراهق على جلسات النقاش مع والديه لمعرفة لب المشكلة. وفي معظم الحالات فإن تعاون الأب والأم وتعديل طرق التعامل مع المراهق، ليتخطوا الحدود التي بناها المراهق حوله يحلان المشكلة، لكن إن لم يتحسن الوضع فقد يحتاج المراهق الى جلسات نفسية فردية. وأكدت الاستشارية أهمية دور الوالدين ومساهمتهما في حل المشكلة. وما تقوم به هو تقصير المسافات ومد طرق الاتصال بينهم، وإزالة العواقب وسوء الفهم وغيرها من حواجز بينهم. فهنالك من لا يعرفون كيفية التعامل الصحي مع المراهق. وهنا يستعان بجلسة الاستشارة طلبا للإرشاد والتوضيح بطرق التعامل مع بعض الأمور ومع المراهقين بالذات.
نظام الجلسات النفسية
وحول نظام أو برنامج الاستشارة النفسية، أوضحت الاستشارية قائلة: «يعتمد ذلك على نوع المشكلة، فبعض الحالات تحتاج الى جلستين وبعضها يحتاج الى جلسة أسبوعيا، وهناك من يحتاج الى جلسة إرشادية واحدة فقط. وفي كل الأحوال، فألاهم ليس ما يتم في الجلسة فقط بل ما متقدمه أيضا، وما تقوم به بعدها من أعمال وارشادات بسيطة أو تعديل صغير وتدريجي لأمر معين لتوصل الشخص إلى حل مشاكله بنفسه واعتماده على ذاته. وعليه فإن النجاح والوصول إلى الحل يعتمدان على استجابة الشخص وتقدمه.
• لا تحفظي المبيدات في عبوات يستخدمها الأطفال
محمد حنفي
تشعر الأمهات بالأمان عندما يكون أطفالهن في المنزل.. لكن البيت ليس بالضرورة بيئة آمنة تماما لذا يجب الحرص دائما على سلامة الصغار من الأخطار المحيطة بهم مثل التسمم بمبيدات الحشرات أو مواد التنظيف الكيميائية.
كل عام يلقى آلاف الأطفال حتفهم بسبب التسمم الناتج من المبيدات الحشرية والمواد الكيماوية التي تستخدم في أغراض منزلية، فهم أكثر عرضة لخطر هذه المواد لأن أعضائهم الداخلية ما زالت قيد النضج ومناعتهم لها أقل من الكبار. فيما يلي نصائح تساعدك على حماية طفلك من خطر التسمم بهذه المواد.
اقرئي التعليمات جيدا
عند شراء مبيدات الحشرات والكلور والمواد الكيماوية التي تستخدم في الغسل وتنظيف المطابخ والسجاد، يجب قراءة تعليمات الاستخدام والتحذيرات جيدا.
خزني المبيدات والمواد الكيماوية
خزّني دائما المبيدات والمواد الكيماوية وكل المواد التي تحمل تحذيرا، وضعيها بعيدا عن متناول أيدي الأطفال في خزانات محكمة الإغلاق، لا يمكن لطفلك الوصول إليها.
أبعدي الأطفال قبل رش المبيدات
عند رش مبيدات الحشرات في حديقة المنزل أو في أي غرفة داخلية، أو عند وضع المواد الكيماوية التي تستخدم في تنظيف وتلميع أسطح الطباخات، يجب إبعاد الأطفال وألعابهم وحيواناتهم الأليفة من المكان أولا، وعدم السماح لهم بالعودة إلا بعد اختفاء هذه المواد أو بعد الوقت الذي توصي به التعليمات على عبوة المادة.
اغسلي يديه وألعابه
عودي طفلك على أن يغسل يديه بالماء والصابون دائما للوقاية من الاصابة بتسمم المواد السامة والرصاص، واحرصي على غسل ألعابه باستمرار للحد من تعرضه للرصاص والمواد الكيماوية السامة.
تأكدي من إحكام إغلاقها
إذا كنت تقومين باستخدام مبيدات الحشرات أو الكلور أو المواد الكيميائية الأخرى وتوقفت لفتح الباب أو الرد على الهاتف، تأكدي من إغلاق عبوات هذه المواد جيدا قبل الذهاب، ووضعها في مكان بعيد عن متناول الأطفال الذين قد يدفعهم فضولهم إلى استخدامها أو تناولها أثناء غيابك.
لا تنقليها إلى عبوات يستخدمها الأطفال
احذري من نقل المواد الكيماوية والكلور والمنظفات والمبيدات الحشرية إلى عبوات وزجاجات أخرى، مثل زجاجات المواد الغازية وعبوات العصائر والحليب حيث يمكن أن يصل إليها الأطفال ويعتقدون أنها مخصصة للتناول.
انتبهي إلى المواد الطاردة للحشرات
قبل رش المواد الطاردة للحشرات على جسد طفلك، تأكدي أولا من انك استوعبت كل التعليمات والتحذيرات الخاصة بالاستخدام، مثل طريقة الرش والابتعاد عن العينين والفم، وعدم الرش على الجلد أو تحت الملابس.
احترسي من الرصاص
يدخل الرصاص في الكثير من الأدوات والمواد الموجودة في منازلنا: الأواني، السيراميك، الحقائب، دهان المنازل، قطع الأثاث، ألعاب الأطفال. ويمكن ان يشكل التسمم بالرصاص خطرا كبيرا على طفلك، فقد يسبب إصابته بفقر الدم ويؤثر على قدراته العقلية، فيعاني تعليميا وسلوكيا من جراء استنشاق الرصاص.
عند شراء أي من هذه المنتجات تأكدي من خلوها من مادة الرصاص أو على الأقل أن تكون في حدود النسبة المسموح بها، كما يجب عمل اختبار لقياس نسبة الرصاص في دم طفلك في حالة الشك في تعرضه لمستويات عالية منه.