كيف تكون عليه حياة من فاز باليانصيب و صار مليونيرا فجأة.....كتاب

السيب

Active Member
طاقم الإدارة
07-06-2013, 06:17 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif
كيف تكون عليه حياة من فاز باليانصيب و صار مليونيرا فجأة.....كتاب
13/04/2013


أثرياء الحظ حلم وواقع (1) هكذا أصبحوا أثرياء.. قصص وطرائف

Pictures%5C2013%5C04%5C13%5Cda168e9f-97aa-4238-9728-b7b0d360bb5e_main.jpg
سعداء تحولوا الى اثرياء بلحظة
تأليف: ميشال بانسون
مونيك بانسون - شارلو
ترجمة سليمة لبال
فجأة يصبحون أثرياء وأثرياء جداً، هكذا صدفة يلعبون فيكسبون الملايين، تُرى كيف تتغير حياتهم وكيف يُعاملهم المجتمع، وهل تتغير سلوكيات الناس تجاههم، بعد أن انتقلوا من عالم إلى عالم آخر. مختلف تماماً؟
من حمّالين إلى أثرياء، ومن موظفين بسطاء إلى أصحاب ثروة، بإمكانهم أن يبتاعوا ما يشاؤون من السيارات الفخمة إلى البيوت الفاخرة، إلى كل شيء، كان بالأمس حلماً، فأصبح اليوم بفضل اليانصيب حقيقة وواقعاً.
كثيراً ما نسمع عن أناس فازوا بملايين في اليانصيب، وكثيراً ما نسمع عن أنهم اشتروا أفخم السيارات والفلل، إلا أننا نجهل الكثير عن ظروف حياتهم قبل المكسب، والكيفية التي تلقوا بها نبأ الفوز وتأثير المال على حياتهم وعلاقتهم بأقرب الناس إليهم.
كيف ينظر الناس إلى هذه الثروة المفاجئة ؟ولماذا تنظر المجتمعات الأوروبية إلى المستفيد منها بعين الريبة؟ ولماذا يتستر البعض عليها وينأون بها إلى مناطق أخرى ليُعرفوا أثرياء وكفى؟
إنها أسئلة حاول المختصان في علم الاجتماع ميشال بانسون ومونيك بانسون - شارلو الإجابة عنها من خلال تحقيق ميداني، قابلا فيه العديد من الرابحين الذين لم يترددوا في رواية قصصهم، وكيف انتقلوا بين عشية وضحاها إلى أثرياء يشار إليهم بالبنان.
غالبا ما يكون الانتقال من مرحلة ما قبل إلى ما بعد الفوز المفاجئ، عنيفا مثل الزلزال، وان كانت القضية كلها تستغرق ثوان، إلا أن ما يليها فيه الكثير من الهزات والاضطرابات.
يشكل الفوز لحظة استثنائية، بالنسبة لأفراد يعيشون معجزة انتقالهم إلى عوالم أخرى.
فقد كان يان هونريو في عام 2002 في رحلة رفقة عماله من البنائين، حيث يشتغل رئيس ورشة، عندما سمع في الراديو ان من فاز في لعبة اليانصيب، بأربعة ملايين يورو وفي المدينة الفلانية، لم يتقدم منذ عدة أسابيع لتسلم مبلغه.
فهم يان هونريو بان الأمر يتعلق به، ذلك انه شارك في اليانصيب منذ سبعة أسابيع وما يزال يحتفظ بالورقة، كما كان يدرك أيضا بأنه يملك الوقت الكافي للتفاعل مع القضية، حتى يطول حلمه بالفوز بالمبلغ.
كثيرا ما يصاب الفرد بانزعاج وقلق سرعان ما يزولان، بسبب الفشل في تحقيق الفوز، لكن الصدمة الأعنف تنتج عندما يدرك المرء بأنه أصبح مليونيرا فجأة. وتقول الروايات ان البعض يصابون بارتفاع في الضغط مثلما حصل مع لوسيان جوبين الذي علم بفوزه بــ2.2 مليون يورو في المستشفى حيث يشتغل سائق سيارة إسعاف.
ولم يشعر لوسيان بجسده بعد أن ارتفع ضغطه، ما اجبر إدارة المستشفى على الإبقاء عليه حتى تعافيه.
وأما مارسيل هوبر، وهو مدير مدرسة، فقد فاجأته زوجته المعلمة حين أطلعها على نبأ فوزه باليانصيب بالقول «توقف عن قول هذا الهراء وتعال ساعدني في تقشير الخضار» لا يستقبل الناس هذا الخبر من دون عاطفة لكنهم يتسلحون بوسائل تساعدهم على استرجاع النفس وتجنبهم حالة الاضطراب.

ثروة مفاجئة لكنها حقيقية

لقد علم الكسندر وستيفاني بواسي عام 2007 بفوزهما بمليوني يورو عن طريق والدي الكسندر اللذين كانا يلعبان من اجلهما، لأنهما كانا يسافران كثيرا لأميركا الجنوبية بسبب دراستهما للغة الاسبانية.
وبلّغ الأب ابنه الكسندر بالخبر هاتفيا وطلب منه أن يدعو ستيفاني إلى المطعم الذي تختاره.
اعتقد الزوجان بان الأمر يتعلق بنكتة، لكن سرعان ما اكتشفا الحقيقة السعيدة.
يحرص الرابحون على التركيز على الطابع المفاجئ للحدث، ذلك أنهم لعبوا منذ البداية بتردد ويقول احدهم «كنت سألعب بخمسة يورو لكني غيرت رأيي في آخر لحظة واستبدلت التذاكر بأخرى بستة يورو، وبالفعل ربحت المبلغ، وأما أخرى فتقول «كان زوجي من يشارك وكنا نعبئ الأرقام مع بعض، إلى أن ربحنا في ابريل 2006.. تتذكر مارتين فو ذلك والفرح باد على وجهها لتضيف بالقول «لقد وضعوا مليونا و700 الف يورو في جيب عائلة متواضعة جدا».

نسي الخبز ففاز بــ7 ملايين

أما جريدة {واست فرانس}، فروت في عددها الذي صدر بتاريخ 27 فبراير 2009، كيف نجح رب أسرة في الفوز بسبعة ملايين يورو. فقد نسي هذا الرجل شراء الخبز وعندما رجع لاقتنائه، فكّر في اقتناء ورقة يناصيب، وكانت الورقة الرابحة التي غيرت حياته.
وأما في تولوز، فقد ربح ثمانية موظفين 27 مليون يورو. عندما تلقى احد أفراد المجموعة ويدعى ميشال توماس نبأ الفوز اتصل بلويس ريدون، الذي تكفل منذ سبع سنوات بجمع التذاكر من الموظفين ثم تعبئتها والتصديق عليها في المكتب. كان يود أن يتأكد قبل كل شيء من أن زميله قام بواجبه في ذلك اليوم الذي أعلن فيه عن هذه الثروة، فكيف فعل؟

ماذا لو أصبحت مليونيرة؟

لم يكن ميشال يعرف رقم هاتف لويس الذي لم يكن يشتغل السبت، لذلك اتصل بايفان دوشان وسأله «ابحث عن رقم لويس، اعتقد بأننا ربحنا وربحنا الكثير»
وأما جاك فيدال فكان يتسوق برفقة زوجته فيما هاتف برونو فوتور زميلته آن ماري بوزار وسألها عما إذا كانت جالسة فأجابت بنعم، فردت عليه: أنا متخوفة من أي خبر سيئ عن احد أعضاء المجموعة فاجابها «ماذا تقولين لو أصبحت مليونيرة؟»
صمتت آن ماري هنيهة ثم قالت «لماذا.. فزنا.. في اليانصيب؟ وبالفعل أكد لها ذلك برونو فوتور الذي واصل مكالماته الهاتفية، حيث اتصل بكلود غراندجين، وكانت زوجته سيسيليا من رد عليه.
وأما بيريجيت ريدو فكشفت لنا بتاريخ 4 يوليو 2009 بمناسبة المقابلة الجماعية التي أجريناها مع الفائزين المقيمين في مدينة تولوز، بأنها لم تصدق تذاكرها إلا خمس دقائق فبل الوقت المحدد لانتهاء العملية.
وأما الزوجان ساندرين وريشار بوروبار، فكانا يعانيان ضائقة مالية، حين حاول ريشار شراء ورقة يناصيب للمشاركة، ليكتشف بعد بضعة أيام فوزه بــ8 ملايين يورو، والطريقة ذاتها والنتيجة نفسها حققتها ايميلي فراشون، بينما كان صديقها في انتظارها بالسيارة وكانا ذاهبين للتسوق.

تسلم صك الفوز

ولأسباب تقنية لا يمنح الفائزون صكوكهم مباشرة عندما يتجاوز المبلغ الذي يفوزون به المليون يورو، وعليه يتوجب على الرابحين الاحتفاظ بالوصل إلى أن تقوم مؤسسة اليانصيب الفرنسية «لافرانسيز دي جو» بالمصادقة على التذاكر بعد التحقق منها.
وفي فرنسا، يتم توزيع الصكوك في يوم الثلاثاء الذي يلي عملية السحب.
لقد خبأ لويس ريدون ورقة اليانصيب في الجيب الداخلي لسترته بينما كان يستقل القطار برفقة زوجته باتجاه باريس حيث يوجد الفندق، الذي حجزت فيه مؤسسة اليانصيب الفرنسية «الفرنسية للألعاب» غرفا للفائزين.
ويعتبر تسليم الصك من الأحداث التي لا يمكن نسيانها، كما هي الحال أيضا بالنسبة للظروف التي تحيط بالحدث والتي نادرا ما تخلو من بعض القصص الطريفة كقصة باسكال.

حقيبتان لشحن المال

تقول باسكال لورو، وهي سكرتيرة طبية في عيادة انها قررت قضاء إجازة في ايطاليا برفقة زوجها، مباشرة بعد تسلم المبلغ، لذلك ذهبا إلى غرونوبل حيث تتم عملية التسليم وهما على أتم الاستعداد للسفر، حيث كانا يجران حقيبتين كبيرتين، فإذا بأحد أعضاء «الفرنسية للألعاب» يمازحهما وينبههما إلى أنهما لن يتسلما المليوني يورو نقدا ولكن في شكل صك وانه كان عليهما المجيء من دون حقائب.
لقد أضحكت هذه القصة الفائزين يومها، لان حفلة توزيع الجوائز، ذات طابع رسمي واحتفائي فقط.

27 مليون يورو مرة واحدة

وعندما يتعلق الامر بربح مبلغ كبير مثلما حصل مع مجموعة موظفي تولوز الذين فازوا بـ27 مليون يورو، فان مدينة باريس هي التي تحتضن الحدث.
استقبلت «الفرنسية للألعاب» عمال تولوز عشية الحفلة، ثم دعتهم إلى تناول العشاء في مطعم كافييه دو لا بي بالقرب من قاعة الأوبرا، أما في اليوم التالي فدعتهم إلى رحلة بحرية تناولوا خلالها الغداء.
بعد ذلك انتقل الرابحون السبعة مع زميلتهم الرابحة الثامنة إلى بولوني بيلونكور، حيث مقر الشركة، وهناك تسلموا صك الفوز بقيمة 27 مليون يورو.
وتعتبر زيارة باريس والإقامة في فنادق فخمة وتناول وجبات في مطاعم راقية والتنقل برفقة أعضاء مصلحة الفائزين بالفرنسية للألعاب من الأمور المثيرة جدا بالنسبة لسكان الضواحي، فباتريس غاربولت، العامل الريفي، لن ينسى على الإطلاق الفرحة التي ارتسمت على وجوه أولاده ووالديه، لدى تسلمه وزملائه الصك.

الإيمان بالفوز

فازت سوزان كرول الموظفة في بنك بالقرب من باريس بــ2 مليون يورو، وعن هذا الفوز تقول «كنت أدرك وواثقة كل الثقة باني سأفوز مع زوجي بــ2 مليون يورو، علينا أن نكون ايجابيين لان الإيمان يسمح بالفوز».
وأما جورج لورو، وهو سائق حافلة فيقول «كنت اشعر باني فائز كل مرة وأما كور بيير ولولا فرنييه فيقولان بعد أن فازا بالجائزة الكبرى «لقد كنا نقول دوما بأننا سنفوز وبمبلغ كبير».
احد الفائزين، وهو أستاذ في ثانوية، يعترف بأنه حلم بفوزه قبل ثلاثة أيام من اعلان نتائج اليانصيب، لهذا شعر بالذهول».
روى غاي بيتان، ويشتغل بناء، بعد أن فاز بــ39 مليون يورو في اليانصيب الاوروبي لجريدة واست فرانس بأنه قبل 32 عاما، وبالذات يوم ميلاد ابنه نسي التصديق على ورقة اليانصيب التي لعب بها، ما تسبب في خسارته لــ800 ألف يورو بعد أن حالفه الحظ في إيجاد الأرقام الستة الرابحة، لكنه كان يدرك بان الحظ سيحالفه من جديد وهذا ما حصل بالفعل.

أسرار الحظ

لا يقبل العديد من الرابحين فكرة أن يكون فوزهم نتيجة صدفة محضة وإنما يرجعود ذلك إلى حساب الاحتمالات.
وأما ايميلي فراشون وجاك انسارت فلم يترددا من منح الفوز لروحي والدتيهما، اللتين توفتا قبل فترة قصيرة من فوزهما.حيث توفت والدة ايميلي فراشون بعد أسابيع قليلة فقط قبيل السحب.
فاز جاك انسارت برفقة شقيقه ادموند بــ53 مليون فرنك في عام 1991 أي ما يعادل 8 ملايين يورو، مما دفعه للرقص طول الليل آنذاك ولم يكن قد تجاوز الثلاثين ولدى عودته صبيحة اليوم التالي إلى البيت استقبله والده وشقيقه، حيث شكروه لأنه وهب لهم مبلغا بإمكانه ان يوفر لهما الأمان بقية حياتهما.
غير أن حليمة بركات فقدت احد أبنائها في حادث سير، قبل شهر واحد من فوزها باليانصيب الاوربي، حدث ذلك في 15 أغسطس 2004.
وأما قصة مارسيل بلون فمختلفة تماما، يتذكر رجل الإطفاء هذا عندما عثر على ورقة يناصيب في شقة عمته في مدينة سابل دولوني، بعد وفاتها.كان مارسيل يقوم بجرد أثاث البيت وتقدير سعره برفقة شقيقه، عندما سقطت ورقة يناصيب كانت عمته تحتفظ بها في احد الأدراج، وقررا منذ ذلك الحين اللعب واستعمال نفس الأرقام المدونة في ورقة العمة...وبالفعل حالفهما الحظ بعد 10 سنوات كاملة وفازا بأكثر من مليون يورو.
واما الشابة الاسبانية التي فازت ب126 مليون يورو في اليانصيب الاوربي في 9 مايو 2009 فقد أرجعت فوزها إلى جدها المتوفى، الذي شارك طيلة حياته في اليانصيب دون أن يحقق أي مكسب.

تعزيز الحظ بربح جديد

لقد فازت كلير سافران بمبلغ معتبر في بداية ثمانينات القرن الماضي، لكنها لا تزال تشارك في اليانصيب مثل الكثير من الرابحين على أمل الفوز مرة ثانية، وأما جاك انسارك الذي فاز بعدة ملايين، فاز مرة ثانية ب240 الف فرنك أي ما يعادل 37 ألف يورو.
غير ان الخاسرين في اليانصيب يتساءلون دوما، لماذا يشارك الرابحون مرة أخرى في اللعبة، هل لأنهم يودون معانقة لحظات السعادة مرة ثانية ؟أم لأنهم أدمنوا شراء أوراق اليانصيب ؟ أم لأنهم يريدون إحياء ذكرى الحدث الذي غير مجرى حياتهم من جديد؟أم لان الأمر يتعلق باعتراف للفرنسية للألعاب أو الحظ، الذي مكنهم من الفوز، أم، لان لذة اللعب تدخل ضمن إيقاع الحياة ؟
كان جان برنار سيروت بتاريخ 2 يوليو 2009 يرتشف قهوته مثل العادة ويقوم بتعبئة وريقات اليانصيب، على الرغم من فوزه بملايين قبل 20 سنة: «اعترف باني العب كثيرا اليوم واخصص 120 يورو شهريا لشراء أوراق اليانصيب» وأما بعض أفراد مجموعة تولوز، فلم يتوقفوا أبدا عن اللعب أسبوعيا حتى بعد فوزهم ويقول فيليب براغار وايميلي فراشون بأنهما لا يشعران على الإطلاق بالملل الذي كان يعانيان منه قبل فوزهما.
والاستمرار في اللعب هو اعتراف بجميل اللعبة، لذلك يستمر البعض في شراء وريقات اليانصيب واللعب بعد أن أصبحوا أثرياء واما التعود على اللعب، فيسهل الحصول على مبلغ كبير مثلما حصل مع محمد بركات الذي لعب لسنوات الى ان فاز بمبلغ 76 مليون يورو.
كان محمد يربح مبالغ بسيطة بين الفينة والأخرى وهذا ما دفعه إلى الاستمرار في شراء أوراق اليانصيب كلما اشترى السجائر.

الحلقة الثانية: السيارة والمنزل من أولويات أثرياء الحظ






القبس
 
07-06-2013, 06:17 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

14/04/2013


أثرياء الحظ حلم وواقع (2) أولويات الأثرياء المستجدّين: سيارة ومنزل و«زوجة جديدة»

Pictures%5C2013%5C04%5C14%5C062209bd-14bc-4125-af6e-dfa0e9a5fc17_main.jpg


تأليف: ميشال بانسون
مونيك بانسون - شارلو
ترجمة سليمة لبال
فجأة يصبحون أثرياء وأثرياء جداً، هكذا صدفة يلعبون فيكسبون الملايين، تُرى كيف تتغير حياتهم وكيف يُعاملهم المجتمع، وهل تتغير سلوكيات الناس تجاههم، بعد أن انتقلوا من عالم إلى عالم آخر. مختلف تماماً؟
من حمّالين إلى أثرياء، ومن موظفين بسطاء إلى أصحاب ثروة، بإمكانهم أن يبتاعوا ما يشاؤون من السيارات الفخمة إلى البيوت الفاخرة، إلى كل شيء، كان بالأمس حلماً، فأصبح اليوم بفضل اليانصيب حقيقة وواقعاً.
كثيراً ما نسمع عن أناس فازوا بملايين في اليانصيب، وكثيراً ما نسمع عن أنهم اشتروا أفخم السيارات والفلل، إلا أننا نجهل الكثير عن ظروف حياتهم قبل المكسب، والكيفية التي تلقوا بها نبأ الفوز وتأثير المال على حياتهم وعلاقتهم بأقرب الناس إليهم.
كيف ينظر الناس إلى هذه الثروة المفاجئة ؟ولماذا تنظر المجتمعات الأوروبية إلى المستفيد منها بعين الريبة؟ ولماذا يتستر البعض عليها وينأون بها إلى مناطق أخرى ليُعرفوا أثرياء وكفى؟
إنها أسئلة حاول المختصان في علم الاجتماع ميشال بانسون ومونيك بانسون - شارلو الإجابة عنها من خلال تحقيق ميداني، قابلا فيه العديد من الرابحين الذين لم يترددوا في رواية قصصهم، وكيف انتقلوا بين عشية وضحاها إلى أثرياء يشار إليهم بالبنان.
فور تسلّم الصك، تتبادر إلى أذهان الرابحين فكرة اتخاذ قرار عاجل أمام هذا المال، وعلاوة على هذا فعلى الرابح أن يفكر في موديل السيارة التي سيقتنيها وفي شراء بيت جديد أو ترميم البيت القديم وتجديده، وربما، أيضاً، في البحث عن زوجة جديدة، أو حب وشريك جديد، وسيسافر بالطبع، ولكن كيف سيتم الاختيار؟
أبرز ما يقدم عليه الرابحون هو التوقف مباشرة عن العمل، ثم يبدأون في إشباع بعض رغباتهم، وأكثرهم يشترون سيارات في البداية. فجورج لورو اشترى سيارة من نوع «أودي آر 8» مقابل 128 ألف يورو. وكان عليه أن ينتظر السيارة طيلة ستة أشهر، ذلك أن هذا الموديل لم تُصنّع منه سوى ألف سيارة في العالم كله.
أما مارتين فو، فقد طلبت شراء سيارة من نوع «تويوتا راف 4»، في اليوم الذي تسلّمت فيه الصك من الفرنسية للألعاب. فيما اقتنى باتريس غاربو سيارة رباعية الدفع ليستعملها في تنقلاته إلى المزرعة التي يملكها، حيث طلبها من كندا، لأن هذا النوع من السيارات لا يسوّق في فرنسا.

بيت بمسبح

والسيارة ليست الوحيدة ضمن أولويات الرابحين، الذين يسعون، أيضاً، فور فوزهم، إلى البحث عن منزل كبير بمسبح، حيث اشترى يان هونريو ثلاثة هكتارات في قرية تقع قرب مدينة رين تقوم عليها بناية تمتد على مساحة 350 متراً مربعاً.
ويقول إنه سيشتري لاحقاً مجموعة من الأحصنة، ذلك أن إقامته الجديدة محاذية لغابة كبيرة.
غير أن قائمة المشتريات لا تتوقف عند البيت والسيارة، فهناك من يفكر في شراء قارب، وتنظيم رحلات سنوية مع الأطفال، واقتناء أثاث قديم من المزادات العلنية التي تنظم بين الفينة والأخرى في المغرب وغوادلوب ومصر.
لقد أصبح المكان يتسع للجميع بعد أن اشترى محمد وحليمة بركات شقة بمساحة 500 متر مربع في موناكو، وكانا قد أمضيا وقتاً طويلاً مع أطفالهما في شقة صغيرة في ضاحية من ضواحي باريس.
ويفكر عدد آخر من الرابحين في إنشاء شركات، خصوصاً أولئك الذين يملكون تجربة، أو هم في الأصل تجار أو حرفيون أو عمال مؤهلون في البناء، مثلما هي الحال بالنسبة لجان هونريو الذي أسس مع ولديه وزوجته نيكول المكلّفة بالإدارة شركة لشراء المنازل والشقق وترميمها وإعادة بيعها.

فرحة الدفع نقداً

الدفع نقداً هو التعبير الحقيقي والأكثر مباشرة عن قدرة الفرد مالياً وعدم حاجته، أما الاقتراض فهو الدليل على الفقر والدافع إلى العمل بهدف تسديد الديون.
في هذا الصدد، تقول السيدة روك التي تؤجر شقة في ضواحي مدينة نانت إنها لم تعد تطيق المكان الذي تعيش فيه، وأضافت في حوار نشر في عام 1981 «إذا ما ربحت في اليناصيب، فسأشتري بيتاً، إنها البداية».
الموضوع ليس الحلم بملكية المجوهرات البراقة فحسب، بل الأمل في الهروب يوماً ما من الجحيم الذي يعيشونه.
والقوة الجديدة التي تمنحها الثروة للفرد هي الشعور بالأمان، وكثيراً ما يدخل الرابحون إلى المحلات التي تبيع الثياب الفاخرة ويخرجون دون أن يدركوا قيمة المبلغ الذي أنفقوه أو دون أن يسألوا عن سعر ما اختاروه، أمام ذهول البائعين، الذين يجدون أنفسهم أمام زبائن لا يبدو أنهم في أماكنهم الحقيقية.
أن تصبح ثرياً يعني أنك قادر على الدخول إلى أي مكان تحب أو تشتهي، دون أن تنشغل بالناس أو تنتبه إلى من يلاحظونك ويتتبعون خطواتك، لأنك تملك المال، والثروة تمنح صاحبها القدرة على فعل أي شيء دون الاهتمام بالمبلغ الذي يصرفه.

المال يعلمك الإدارة

يبدأ الرابحون في اليناصيب بتعلم مبادئ السوق العقارية والضرائب وحق التنازل وآليات عالم المال، فور تسلّمهم مبالغهم، كما يتعلمون شيئاً فشيئاً لغة عالم البنوك والموثقين.
فمارك رنييه على سبيل المثال، كان يأخذ أجرة يومية، تدفع له أسبوعياً نقداً، إلى أن ربح 6 ملايين يورو في عام 2007.
حينها، وجد مارك وزوجته شانتال نفسهيما أمام مشكلة مؤقتة، لأنهما كانا غير متعودين على الرفاهية، ولا على ملامسة مبلغ بهذا الحجم.
غير أن عدداً من الرابحين في اليناصيب لم يغيروا حياتهم، وأبقوا عليها مثلما كانت قبل فوزهم بالملايين، مثلما هي الحال بالنسبة لكريستوف غيران الذي يقول «لم أغير شيئاً في حياتي ولا في عاداتي اليومية، حيث أشارك يومياً في اليناصيب مثلما كنت قبل سنوات».
أما احد أفراد مجموعة تولوز فيقول «حياتنا تغيرت تماما، لكننا حافظنا على قيمنا ومبادئنا.
ومن جهتهم، قرر عمال الميناء الذين ينحدرون من مدينة مرسيليا عدم تغيير نمط حياتهم، حيث يقولون انه ليس في استطاعتهم على الإطلاق التخلي عن أصدقائهم أو جيرانهم أو زملائهم من حمالي الميناء، الذين يشكلون جزءا أساسيا من حياتهم.
هذه المجموعة اقتسم أفرادها الخمسة مبلغ 15 مليون يورو، بعد أن فازوا باليناصيب الاوروبي.

الثراء والأصل

غير أن الوضع اختلف تماما بالنسبة لماريون ودومينيك اللذين ربحا مليونا و300 الف يورو، حيث قررا شراء بيت في منطقة راقية تستجيب لطموحاتهما.
يتطلب تحول الثروة من ثروة مفاجئة إلى ثروة طبيعية لا تؤدي إلى تغيير في طباع وسلوكيات الفرد إلى الكثير من الوقت، ويظهر هذا التحول بعد أجيال، وبعد ان تضمحل الفروقات الاجتماعية.
عندما يقدم الناس الأغنياء فإنهم يقدمونهم إما مولودون أغنياء واما مولودون فقراء، ذلك أن الثراء والفقر هما صفتان لصيقتان بالشخص. فكبار البرجوازيين مثلا، يعتبرون عدم التكافؤ هذا، أهم ما يميزهم عن باقي الأثرياء، فالثراء والفقر تحددهما عدة صفات عائلية، فالانتماء إلى طبقة النبلاء،لا يحتاج إلى المال فقط، ذلك أن العلاقة بين المال والمكانة الاجتماعية، تبنى على مر تاريخ الأفراد والعائلات أيضا.
وعليه فان الرابح في اليناصيب يمكن أن يقول وأولاده بأنهم أصبحوا أثرياء، لكن ليس عليه أن يكتفي بالاعتراف بالفوز.على الثري الجديد أن يواجه التحديات الحقيقية التي تعترض حياته ويملك القدرة على مراقبة الهزات التي تتربص بشخصه.

العلاقات الاجتماعية بعد الغنى

ان الكثير من الأشياء تتغير لدى من يصبح غنيا فجأة سواء تعلق الأمر بتسريحة شعره أو ملابسه أو سلوكياته او طريقة حديثه، حتى ينسجم مع الوضع الجديد والمكانة الاجتماعية التي نقله إليها المال.
يقول جان هونريو وزوجته نيكول: «التردد على المطاعم وتذوق الأكلات الشهية من الأمور التي نحبها، لكننا نادرا ما نقدر على ذلك بسبب عدم توافرنا على المال، أما اليوم وبعد الفوز باليانصيب فصرنا نختار بعناية المكان الذي نقصده ومع ذلك نحن أناس متشبثون بالقيم الحقيقية».
وعكس عدد آخر من الرابحين، يعرف هذان الزوجان طرق التعامل في الأماكن الفخمة، ذلك أن جان اشتغل نادلا لمدة عامين في احد المطاعم الباريسية الفاخرة.

الثراء وتاريخ الفرد

لن نستطيع فهم ما يحصل مع الغني المستجد دون أن نأخذ بعين الاعتبار مسيرة حياته قبيل هذا الحدث، ذلك أن تاريخ العائلة يؤثر في الطريقة التي يواجه بها مصيره الجديد.
تسمح عملية اعادة بناء حياة الأفراد بتوضيح العديد من الأمور فانتقال الثروة من الجيل الأول إلى الجيل الثاني يحول هذه الثروة الناجمة عن الحظ إلى ميراث أصبح ملكا لمجموعة من الورثة الذين يعملون لمصلحة العائلة، وحينها تصبح طريقة اكتساب الملكية غير مهمة، بعد أن تحول مال اليانصيب إلى ميراث.

اختلال الطبقة

مفهوم اختلال الطبقة يسمح بوصف الصعوبات التي يواجهها الأشخاص الذين تتغير مكانتهم في المجتمع. فهذه الحركية الاجتماعية يمكن أن تكون لها انعكاسات ومصادر عدة، ففي حالة أني أرنو، التي ولدت في أوساط شعبية ثم أصبحت أستاذة وكاتبة، يعود تغير المكانة الاجتماعية إلى الركام المعرفي والدراسة التي تلقتها أني في المدرسة.
بينما يجد الأغنياء الجدد أنفسهم، بفضل معجزة مالية، وسط عالم الأثرياء، فإنهم لم يفكروا قبل ذلك في أن تتحسن أوضاعهم مقارنة بآبائهم أو العائلة التي عاشوا بين أحضانها.
فالسيدة نيكول هونريو، على سبيل المثال، تألمت كثيرا، عندما أصبح بعض الاولياء يحيونها بــ«صباح الخير السيدة الماركيزة»، حين كانت تصطحب ابنها للمدرسة، بسبب فوزها في اليناصيب.

قصة الزوجين التونسيين

كان والد محمد بركات تاجرا صغيرا يمتك محلا لبيع المواد الغذائية، في تونس وهذا العمل يتطلب التحكم في الحسابات ونسج علاقات أيضا لتزويد المحل بالمواد الضرورية.
كل هذه الأجواء رسخت في ذهن محمد الذي كان يتردد على محل والده بصفة يومية، ولان أسرته كانت تعاني نقص الموارد المالية، اجبر على ترك المدرسة والانخراط في مدرسة للفندقة، تخرج منها نادلا.
شيئا فشيئا أصبح محمد مسؤولا عن إدارة إحدى الحانات طيلة سنتين إلى أن تعرف إلى زوجين سويسريين، انبهرا بطريقة تعامله واستضافته للأوروبيين، ولهذا اقترحا عليه إدارة مطعم يملكه أصدقاؤهما في سويسرا.
يقول محمد «أرسلا لي تذكرة الطائرة ومبلغا ماليا والتأشيرة في اغسطس 1972».
اشتغل محمد مسؤولا عن المطعم السويسري لمدة عام كامل غير انه قرر في عام 1973 تغيير المهنة والذهاب الى باريس التي عمل فيها بشركة نقل فرنسية، ثم حصل على الجنسية الفرنسية برفقة زوجته في عام 1986 بعد أن ساعده مسؤوله الفرنسي في ذلك.
لقد عاشت عائلة محمد حياة صعبة جدا، لكنها لا تزال فخورة بالطبقة الشعبية التي ترعرع فيها أبناؤها.
سخر افراد عائلة بركات القيم التي نشأوا عليها كالعمل واحترام المال والكرامة في استغلال الملايين التي ربحوها في اليانصيب عام 2005، لقد اشتروا شققا في موناكو وسويسرا وباريس والجزائر وتونس.
وينوي محمد الاستثمار في تونس التي يتردد عليها مرتين شهريا،حيث اشترى أرضا شاسعة،يعتزم بمساعدة أبنائه،استغلال تجربته في الفندقة،لبناء مجمع ترفيهي يشمل مطعما ومسبحا وناديا لرياضة الغولف.،لكن هل يستطيع محمد وحليمة تنفيذ هذه المؤسسة العائلية التي يحلمان بها؟.
ذلك أن أولادهما يرفضون العمل ويفضلون حياة الرفاهية بعد أن فاجأتهم أموال اليانصيب.
لقد تغير الزمن كثيرا، لكن هذه الحياة القاسية علمت محمد وحليمة القدرة على التكيف مع جميع الظروف والقدرة على التحكم في الحياة ايضا.
حاول الزوجان بعد أن كبرت العائلة وضاقت مساحة الشقة عليها،العثور على بيت اكبر خاصة بعد أن كبر الأولاد،لكن جهودهما باءت بالفشل، لكنهما استطاعا بعد حصولهما على 76 مليون يورو الانتقال الى موناكو حيث اشتريا شقة،فيما فضل الاولاد المتزوجون البقاء في باريس حيث اقتنى المتزوجون منهم شققا في احياء راقية.
لقد مكن المال حليمة ومحمد بركات من تحسين حياتهما وتغييرها نحو الأفضل.

الحلقة الثالثة:
أول القرارات.. التوقف عن العمل



Pictures%5C2013%5C04%5C14%5C38c93cce-e2b6-431f-9066-7305cd29f42d_maincategory.jpg
 
07-06-2013, 06:18 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

15/04/2013


أثرياء الحظ حلم وواقع (3) التوقف عن العمل.. أول قرارات أثرياء الحظ

Pictures%5C2013%5C04%5C15%5C07a4b58a-58d7-4e9f-8a67-7ae4d37b7acc_main.jpg


تأليف: ميشال بانسون
مونيك بانسون - شارلو
ترجمة سليمة لبال
فجأة يصبحون أثرياء وأثرياء جداً، هكذا صدفة يلعبون فيكسبون الملايين، تُرى كيف تتغير حياتهم وكيف يُعاملهم المجتمع، وهل تتغير سلوكيات الناس تجاههم، بعد أن انتقلوا من عالم إلى عالم آخر. مختلف تماماً؟
من حمّالين إلى أثرياء، ومن موظفين بسطاء إلى أصحاب ثروة، بإمكانهم أن يبتاعوا ما يشاؤون من السيارات الفخمة إلى البيوت الفاخرة، إلى كل شيء، كان بالأمس حلماً، فأصبح اليوم بفضل اليانصيب حقيقة وواقعاً.
كثيراً ما نسمع عن أناس فازوا بملايين في اليانصيب، وكثيراً ما نسمع عن أنهم اشتروا أفخم السيارات والفلل، إلا أننا نجهل الكثير عن ظروف حياتهم قبل المكسب، والكيفية التي تلقوا بها نبأ الفوز وتأثير المال على حياتهم وعلاقتهم بأقرب الناس إليهم.
كيف ينظر الناس إلى هذه الثروة المفاجئة ؟ولماذا تنظر المجتمعات الأوروبية إلى المستفيد منها بعين الريبة؟ ولماذا يتستر البعض عليها وينأون بها إلى مناطق أخرى ليُعرفوا أثرياء وكفى؟
إنها أسئلة حاول المختصان في علم الاجتماع ميشال بانسون ومونيك بانسون - شارلو الإجابة عنها من خلال تحقيق ميداني، قابلا فيه العديد من الرابحين الذين لم يترددوا في رواية قصصهم، وكيف انتقلوا بين عشية وضحاها إلى أثرياء يشار إليهم بالبنان.
يعتبر العمر والمكانة الاجتماعية، عنصرين أساسيين في تحديد طبيعة العلاقة التي ستجمع الرابح بالثروة الجديدة. ففرانسوا كوتا التاجر الصغير المتقاعد وزوجته برناديت التي تملك مطعما، ربحا 7.5 ملايين يورو في «اليناصيب السوبر»، وكان بإمكانهما أن يربحا مبلغا اكبر لو كانا الرابحين الوحيدين، غير أنهما راضيان جدا بالسبعة ملايين يورو.
لقد فضل الزوجان البقاء في المنزل الذي عاشا فيه منذ 60 عاما بالقرب من مدينة برجيراك، لكنهما لم يحرما نفسيهما من اخذ إجازة لمدة أسبوع بعيدا عن المطعم، للذهاب في جولة إلى «كوت ازور»، حيث أقاما في فندق جميل.
ويملك كل واحد منهما اليوم سيارة رباعية الدفع ولأنهما يعانيان أمراضا عدة، ينشغلان في الوقت الراهن بنقل أملاكهما إلى أبنائهما وأحفادهما أيضا.
ان الفوز بثروة كبيرة يصبح بلا أهمية بالغة بعد عمر معين، كما لا يقابله أي تغيير في حياة الأفراد، حيث يفضل الرابحون من كبار السن إعادة تنظيم حياتهم الطبيعية بدل إغراق أنفسهم في حياة تبدو غير عادية.
تتراوح أعمار «جماعة تولوز» ما بين 50 و60 عاما، وكانوا جميعهم يأملون في تقديم ملفات لإحالتهم على التقاعد من شركتهم، إلا كلود غرانجين الذي خفض توقيت عمله في الشركة بنسبة %20.
وكان بإمكان أعضاء الجماعة أن يستمروا في العمل، لكنهم فضلوا التوقف بسبب مشاكل مع رؤسائهم، بحسب ما أفاد به البعض منهم، فيما سمح التوقف عن العمل لهؤلاء الرابحين بالاستفادة من المبلغ الذي ربحوه، حيث مكنهم المال من التحرر من العمل، بقية حياتهم.

الرابحون الشبان

غير أن القصة تختلف تماما عندما تفوز عائلة شابة بمبلغ كبير، فجنوفياف بورناسك الأربعينية تشتغل مساعدة اجتماعية، وربحت 9 ملايين يورو في اليانصيب الاوروبي.
عائلتها تتألف من ثلاثة أطفال، وتقيم في قرية صغيرة بالقرب من مدينة بورغ اون بريس، وأما زوجها الذي يشتغل مندوبا تجاريا لشركة، فقد قرر التوقف عن العمل، لأنه دائم الترحال بسبب مهنته وتأسيس وكالة عقارية، فيما فضلت هي الاحتفاظ بمنصبها، بسبب ارتفاع مرتبها الشهري، وحرصها على الاستمرار مع زملائها.
لقد تغيرت حياة جنوفياف، لكن العمل بقي ركيزة من ركائزها، ومع ذلك كانت تحقق بعضا من أحلامها بين الفترة والأخرى، ففي إجازة رأس السنة لعام 2007، زارت رفقة عائلتها جزر السيشل، حيث استمتعوا كثيرا هناك.
وأما ستيفاني والكسندر بواسي فلم يكونا قد تجاوزا الثلاثين من عمرهما حين فازا بـ 2 مليون يورو في ابريل 2007، والأمر نفسه بالنسبة لريشار وساندرين بوروبير الذين ربحا 7 ملايين يورو في 2006.
كان ريشار في السابعة والثلاثين وساندرين في الثامنة والعشرين، وكانا يقيمان في بوردو، وأما شغلهما الشاغل فهو تملك شقة، لإيواء أولادهما الثلاثة، لذلك سارعا إلى شراء بيت كبير أعادا فيه بناء حياتهما.
وأما الكسندر وساندرين بواسي فقد تعرفا على بعضهما في الجامعة، حيث درسا اللغة الاسبانية والثقافات الاسبانية وثقافات الهنود الحمر، كما درسا التسويق، مما سمح لهما بقضاء عام كامل في أميركا اللاتينية، حيث اشتغلا لفائدة مؤسسات فرنسية في كل من المكسيك وغواتيمالا.
ولدى عودتهما إلى فرنسا في عام 2007، شاركا في اليانصيب، وبحثا عن الفوز وعن عمل يستطيعان من خلاله استغلال دراستهما، حيث كانا يعيشان بمدخول بسيط تضمنه معونة الدولة، وغير قادرين على قبول وضعيتهما التي لا تتناسب إطلاقا مع مؤهلاتهما العلمية وتجربتهما ايضا.
كانت وضعية الزوجين المادية، غير مريحة على الإطلاق، ويقول الكسندر بواسي: «كنا بلا هوية، قبل فوزنا باليانصيب» فيما تقول ستيفاني «لم نكن أبدا متقبلين للوضع الذي كنا نعيشه».
وهكذا، غيّر الزوجان المنزل فور فوزهما، واشتريا جديدا يتألف من حديقة ومسبح. ويبدو انهما حصلا على هذه الثروة في الوقت المناسب.

الثروة والحياة الجديدة

لكن مسار ريشار وساندرين بوربار بدا مختلفا تماما، فهذان الزوجان اللذان لم يواصلا دراساتهما العليا، كانا منهمكين لحظة الإعلان عن فوزهما باليانصيب في إدارة مشروع تجاري صغير، حيث كان ريشار مسؤولا عن محل لصناعة الحلويات بينما تدير زوجته محلا لبيع الأحذية.
وبدأ الزوجان بمجرد فوزهما بمبلغ 7 ملايين يورو بالبحث عن شقة جديدة، غير أنهما انتهيا إلى شراء مقر لمؤسسة صناعية، قام احد رجال الأعمال بإعادة ترميمه. ويتكون من أربعة غرف ومثلها حمامات ومطبخ أميركي.
وحول ريشار وساندرين هذا المقر إلى بيت للأسرة، ثم قررا اقتحام عالم الأعمال، ولأنهما مغرمين بالبحر وبالبواخر، قاما بشراء قارب بطول ثمانية أمتار، ومن ثمة خطرت على بالهما فكرة تأجيره أثناء الاجازات لهواة البحر والأشرعة.
على هذا النحو تغيرت حياة الزوجين، اللذين أسسا شركة خاصة بهما تشتغل في مجال تأجير القوارب.
لقد دفعت روح الشباب هذين الزوجين إلى بعث حياتهما من جديد وإحداث قطيعة نهائية مع ماضيهما، عكس الرابحين من كبار السن، الذين ابقوا على حياتهم كما هي دون أي تغيير.

تفاقم الضغوط العائلية

ربح ميشال وفرانسواز فريمي، اللذان يشتغلان مساعدين في ثانوية، مبلغ 1.8 مليون يورو في اليانصيب. هذان الزوجان يقيمان في مدينة مند، وهي مدينة صغيرة يبلغ تعداد سكانها 13 الف نسمة.
كان لهذه الثروة تأثير سلبي على علاقاتهما العائلية، حيث تقول فرانسواز انها كانت على علاقة جيدة بشقيقتها، لكن كل شيء تغير بمجرّد فوزها بهذه القيمة «لقد انقطع كل شيء بيننا».
ويقول ميشال: «كنا على علاقة جيدة بالجميع قبل فوزنا، لكنهم لم يتحملوا تحسن أوضاعنا المالية «..بإمكان المال أن يحدث القطيعة، انه بالفعل قادر على قلب موازين الأشياء».
إن البعض ينظر للفوز على انه شكل من أشكال الخديعة، بينما يشارك الجميع في لعبة اليانصيب، ولا احد ينزعج من هذا الأمر، هذا السلوك غير الرشيد يبعث في الفرد الشعور باللاعدالة.. لماذا هم وليس نحن؟
لقد أصبحت مونيك اومون حذرة جدا في تعاملها مع والدتها، الفقيرة، حين أصبحت مليونيرة، حيث كانت تنفق بشكل محدود عندما ترافقها إلى السوق حتى تترك لها مكانتها كأم.
بإمكان المال أن يخرّب العلاقات العائلية، وبمقدوره أيضا ان يفرق ما بين الأولاد والآباء والإخوة والأخوات، فنيكول هونريو، الممرضة المتقاعدة اليوم، قطعت علاقتها بوالدتها، التي لم تتحمّل التغير الذي طرأ على حياة ابنتها بعد فوزها بأربعة ملايين يورو برفقة زوجها يان في عام 2002.
الزوجان فرحان جدا بحياتهما الجديدة، لكن عملية الانتقال كانت صعبة للغاية بسبب عائلتيهما. تقول نيكول: «إنهم غيورين، والدتي كانت سيدة متسلطة جدا. حقيقة لم تكن تجمعني علاقة طبيعية كالتي تجمع الام بابنتها، لكنها لم تتحمل التغيير الذي طرأ على حياتي، كانت تريد استعادة الزعامة، اليوم قطعت علاقتي معها نهائيا، كان عليّ أن احمي نفسي وعائلتي لأنها سيئة، وتصرفاتها غير متوقعة تماما».

مشكلات عائلية

أما بالنسبة لليان الذي تخلى عنه والده الدركي وهو صغير جداً، ما دفعه إلى دخول عالم البناء في الرابعة عشرة من عمره، فإن الفوز في اليانصيب كان بمنزلة هبة ربانية نزلت عليه من السماء، بعد معاناة استمرت سنوات طويلة.
الفوز في اليانصيب يمكن أن يمزق العائلات، مثله مثل الميراث، بإمكانه أن يوقظ ذكريات مؤلمة قد تولد الانتقام والكراهية.
انفصل والدا محمد بركات وعمره بضعة أشهر فقط، لذلك لم تكن تجمعه علاقة جيدة بإخوته غير الأشقاء، حتى أنه يشتبه في أن أحدهم وبدافع الغيرة، أحرق مزعته في تونس وتسبب في إغلاقها.
بعض الآباء يرفضون أن ينقلب الترتيب العائلي، فوالد ستيفاني بواسي على سبيل المثال تقبل بصعوبة فكرة أن تصبح ابنته ثرية وتمنحه هبة.
ويقول جاك إنسارت إن والده الذي كان يشتغل جمركياً رفض تسلم صك بقيمة مليون فرنك فرنسي بحجة أنه لا يجد ما يفعل به، غير أنه يشك في أنه أراد أن يحتفظ بدوره كأب، مسؤول على توفير كل شيء لأولاده.

آثار سعيدة

بالنسبة لوالدة ريشار بوربير، فقد تخلت في يوم المكسب نفسه عن المؤسسة التي كانت تديرها في مدينة بورغوني برفقة زوجها الثاني وهو حمو ريشار، واستقرا لمدة عشرة أيام في بيت الزوجين الشابين الفائزين. وعن ذلك يقول ريشار «كنا راضيين تماماً لمجيئهما لمساعدتنا، ولكنني كنت أشعر في الوقت نفسه بأنهما هما الرابحان وليس نحن، حيث كانا يرافقاني في كل مواعيدي وكانا يرفضان بشدة ذهابي بمفردي».
أما جيرارد إم، فيقول إن شقيقه الأكبر، كان يتصرف وكأنه هو من فاز بجائزة اليناصيب، حيث كان يقضي ليالي كاملة في البحث على شبكة الإنترنت على حلول استثمارية لتشغيل الثمانية والخمسين مليون يورو التي ربحها شقيقه الأصغر.
كان ريشار بوربير الذي توقف عن الدراسة في الثالثة عشرة من عمره ليتعلم الحدادة، فرحاً جداً لافتخار والدته به، لقد عانى ريشار الأمرين بسبب طلاق والديه مباشره بعد مولده، حيث تزوج والده من ثانية بينما لم يكن عمره قد تجاوز التسعة أشهر، فيما ارتبطت والدته بآخر، يقول ريشار: بكى والداي كثيراً، حين علما بمكسبي، وقالا جملة لم تكن ممكنة فيما سبق، لقد قالا إنهما فرحان لأجلي، لقد دعوتهما إلى زيارة باريس التي لم يسبق لهما أن زاراها، وأقاما في فندق فخم وترددا على مطاعم كبيرة، غير أنهما كان متخوفين من أن أنفق كل المبلغ.
وكان روجي وكريستين بيرونجي فلاحين، اشتغلا طول حياتهما في تربية الدجاج، ولأن مردودهما المالي ضعيف، قرر أولادهما، بعد أن بلغا الستين، مساعدتهما في شراء بيت، ذلك أنهما يستأجران المزرعة التي يقيمان فيها، إلى أن جاء اليوم الذي شاركا فيه في اليانصيب وربحا أكثر من مليون يورو في مايو 2007، وهكذا استطاعا مساعدة عائلتهما وابتاعا المنزل، حيث أقاما برفقة أولادهما الثلاثة.

شرعية الأب

لم يكن محمد بركات قد تجاوز الخمسين حين فاز بـ 76 مليون يورو في اليانصيب الأوروبي في تاريخ 16 سبتمبر 2005، وكان حينها في إجازة مرضية بسبب مشكلات مرتبطة بعمله، فيما كانت زوجته عاملة نظافة في أحد البيوت، وكانا الاثنان يكدان لإعالة عائلتهما المؤلفة من ثمانية أولاد.
وعلى الرغم من الجهود الذي بذلها الزوجان في تعليم أبنائهما، فإن أحداً منهم لم يتمكن من نيل شهادة الباكالوريا ودخول الجامعة، فالبعض منهم واجهوا مشكلات في التعليم، ولم يتردد الوالدان في تسريحهم من المدرسة.
في هذا الشأن، يقول محمد «لم نطلب شيئاً من أحد، عندما وصلنا إلى فرنسا، حيث رهنت حليمة حليها الذهبية في أحد البنوك، وتضيف حكيمة ابنة حليمة التي تبلغ اليوم 28 عاماً «كانت أمنا تقتني لنا ملابس وأحذية رائعة، ولم نشعر أبداً بالحاجة أثناء طفولتنا، إنها فخر لنا».
غير أن المشكلات المالية، التي تواجهها العائلات كثيرة العدد في فرنسا تؤثر سلباً على اندماج الأجيال القادمة، مثلما تؤكده حكيمة: «الشقق الجيدة كانت تمنح دوماً للفرنسيين، وإن كان الحي الذي سكنوا فيه جميلاً بحسب الأب».
ومع ذلك تسبب المكسب بحدوث الكثير من المشكلات بين الوالدين والأبناء الذين كانوا يفكرون في إنفاق المال فحسب، وفي شراء سيارات فراري وبنتلي، بينما كان الأب يفكر في استثمار المال في فرنسا وتونس والجزائر، ما دفعه إلى استعادة سلطته وشرعيته كأب ورب الأسرة.

نادي الخمسة يلعب ويربح

يشتغل أفراد عائلة فارنييه المارسيلية منذ ثلاثة أجيال أباً عن جد، كحمالين في الميناء. هذه المهنة لا يحتاج صاحبها إلى أي تدريب أو تكوين وعملية التشغيل تتم على مستوى رصيف الميناء، ولكنها مهنة تقوم على التضامن والتنظيم في إطار قانون العمل الذي أقرّ على فترتين بالنسبة لهذه الفئة في فرنسا، الأولى عام 1943، والثانية في عام 1947.
وهكذا أصبح التضامن والتعاون ركيزتين من ركائز الحمالين وعائلاتهم، وهكذا، أيضاً، وصل مكسب الخمسة عشر مليون يورو في هذا السياق.
يشكل مارك وزوجته شانتال، وولديهما بيير ولورا، وكنتهما جولي عائلة متضامنة، حيث يقضي الجميع برفقة أبناء بيير وجولي الإجازات مع بعض ويقضيان مع بعض، أيضاً، أوقات رائعة في الجبل في الشتاء.
كانت لورا وجولي بائعتين في محل، بينما الأم شانتال كانت مساعدة في دار رعاية للمسنين. وكان الخمسة يكافحون من أجل تحسين ظروفهم المعيشية، إلى أن قرر بيير وجولي في خريف 2006 المشاركة في اليانصيب الأوروبي ليشارك الوالدان بعدهما في 2007 ويفوزا بالجائزة الكبرى التي تبلغ قيمتها 15 مليون يورو.
لم يقتصر الفوز على الوالدين بل امتد إلى الأسرة كلها، حيث اقتسم الخمسة المبلغ وأخذ كل منهم 3 ملايين يورو، فيما حصل الزوجان الشابان بيير وجولي على 6 ملايين يورو.

الحلقة الرابعة: عندما يحاصر المجتمع أثرياء الحظ
 
15-06-2013, 05:50 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

16/04/2013


أثرياء الحظ حلم وواقع (4) عندما يحاصر المجتمع أثرياء الحظ

Pictures%5C2013%5C04%5C16%5C4c1c6e0a-f2a5-41c0-8d0a-34932106c743_main.jpg


تأليف: ميشال بانسون
مونيك بانسون - شارلو
ترجمة سليمة لبال
فجأة يصبحون أثرياء وأثرياء جداً، هكذا صدفة يلعبون فيكسبون الملايين، تُرى كيف تتغير حياتهم وكيف يُعاملهم المجتمع، وهل تتغير سلوكيات الناس تجاههم، بعد أن انتقلوا من عالم إلى عالم آخر. مختلف تماماً؟
من حمّالين إلى أثرياء، ومن موظفين بسطاء إلى أصحاب ثروة، بإمكانهم أن يبتاعوا ما يشاؤون من السيارات الفخمة إلى البيوت الفاخرة، إلى كل شيء، كان بالأمس حلماً، فأصبح اليوم بفضل اليانصيب حقيقة وواقعاً.
كثيراً ما نسمع عن أناس فازوا بملايين في اليانصيب، وكثيراً ما نسمع عن أنهم اشتروا أفخم السيارات والفلل، إلا أننا نجهل الكثير عن ظروف حياتهم قبل المكسب، والكيفية التي تلقوا بها نبأ الفوز وتأثير المال على حياتهم وعلاقتهم بأقرب الناس إليهم.
كيف ينظر الناس إلى هذه الثروة المفاجئة ؟ولماذا تنظر المجتمعات الأوروبية إلى المستفيد منها بعين الريبة؟ ولماذا يتستر البعض عليها وينأون بها إلى مناطق أخرى ليُعرفوا أثرياء وكفى؟
إنها أسئلة حاول المختصان في علم الاجتماع ميشال بانسون ومونيك بانسون - شارلو الإجابة عنها من خلال تحقيق ميداني، قابلا فيه العديد من الرابحين الذين لم يترددوا في رواية قصصهم، وكيف انتقلوا بين عشية وضحاها إلى أثرياء يشار إليهم بالبنان.
ليس هناك تعريف للرابح وصاحب المكسب، ذلك أن %40 من المشاركين في اليانصيب، راهنوا بشكل مجموعات وفق دراسة أجراها معهد الإحصاءات الفرنسي (ايبسوس)، وتكون هذه المجموعات، إما مجموعات عائلية أو مهنية.
ففي مرسيليا ربحت عائلة الحمالين جماعيا مثلما هو الأمر بالنسبة إلى عمال تولوز.
وفي 18 سبتمبر 2009، حققت مجموعة من المشاركين رقما قياسيا، بعد أن فازوا بـ 100 مليون يورو في اليانصيب الاوروبي، ويتعلق الأمر بـ 15 من سكان مدينة بوش دو رون، لكونهم تعودوا منذ فترة المشاركة في اليانصيب، وتمكن كل واحد منهم من الفوز بصك بقيمة 6666666 يورو.
وهناك كثير من الأسر في فرنسا، التي يشارك احد أفرادها باستمرار في لعبة اليانصيب، فجونوفياف بورناسك فازت على سبيل المثال بـ9 ملايين يورو، اقتسمتها مع زوجها وأولادها الثلاثة.
والسيدة بورناسك، انتهزت فرصة فوزها باليانصيب، وتوقفت عن العمل، بعد أن أسست وكالة عقارية واختارت برفقة أفراد عائلتها البيت الذي قرروا شراءه ليقضوا فيه بقية حياتهم، بينما جاكلين بيكاري، التي كانت تلعب بمفردها باستمرار، فقد اقتسمت الـ 17 مليون فرنك فرنسي، التي ربحتها عام 1996 مع زوجها الذي توقف عن العمل بعد ستة أشهر من تسلم المبلغ.
ويكشف الكسب على العموم عن أوجه التضامن أو التوترات التي تسبق الثروة. فجاك وادموند انسارت هما اخوان، لكنهما بقيا معا واقتسما الثروة التي حصلا عليها بعد مشاركتهما في اليانصيب، مثل ما هي الحال بالنسبة إلى أفراد عائلة فارنييه الخمسة، الذين اقتسموا المبلغ بالتساوي.

اللعب الجماعي

كان أربعة عمال من «مجموعة تولوز» المؤلفة من ثمانية أفراد، يشتغلون في مصلحة واحدة، وبدأ الجميع في المشاركة في اليانصيب منذ عشرة أعوام بتحفيز من لويس ريدون.
وبينما تخلى بعضهم عن اللعب، التحق موظفون آخرون من المؤسسة بالمجموعة، بينما قرر عاملان عدم المشاركة، وهما من الأوفياء للفريق، أسبوعا واحدا فقط قبيل الإعلان عن المكسب. كانت الضربة قاسية جدا بالنسبة إليهما، عندما علما بان مجموعتهم ربحت، لكنها ساعة لا ينفع فيها الندم.
وتقول آن ماري بوزار، المرأة الوحيدة ضمن مجموعة تولوز بأنها استمرت في اللعب تلبية لرغبة ابنها الوحيد، الذي نصحها بذلك، وكانت تنوي التوقف عن هذه العادة.

رابحون كبار ورابحون كبار جداً

الفرق في المكسب والذي يعد بالملايين هو ما يميز رابحا عن آخر، وثروة هذا عن ذاك. فأغلبية الذين ربحوا في اليانصيب كسبوا ما بين مليون وثلاثة ملايين يورو وأقلية منهم تمكنت من الفوز بـ 10 ملايين يورو، وهذا غالبا في إطار اليانصيب الاوروبي.
لقد أُطلق اليانصيب الاوروبي في 13 فبراير 2004 ومثلما يدل الاسم، تمتد هذه اللعبة إلى ما وراء حدود فرنسا لتنتهي عند حدود الاتحاد الاوروبي، حيث كانت في البداية مقتصرة على اسبانيا وبريطانيا، لكنها تلعب اليوم في كل من النمسا وبلجيكا وايرلندا ولكسمبورغ والبرتغال وسويسرا.
لقد سُجّل اكبر مكسب في اليانصيب الفرنسي في 2 مايو 2009 وبلغ 19 مليون يورو، بينما سجل أقصى مكسب في اليانصيب الاوروبي في فرنسا بـ 100 مليون يورو، فيما تمكنت ايرلندية من الفوز بـ 115 مليون يورو في أول مشاركة في اللعبة لتأتي مباشرة بعد الاسبانية التي كسبت 126 مليون يورو في عام 2009.
ويسمح المكسب للبعض بالتوقف عن العمل، لكن هذا غير ممكن إلا إذا تجاوز المبلغ 5 ملايين يورو. فنادين سوتر التي تعمل ممرضة لم تكسب سوى مليون و600 الف يورو بينما استلم جون لوبلون صكا بقيمة 39 مليون يورو أي 24 مرة أكثر منها.
لقد تمكن جون من تحقيق أحلام أولاده وأحفاده وأولاد إخوانه، كما تمكن أيضا من تحقيق حلمه في إقامة مؤسسة كبيرة، فيما انتهزت نادين سوتر الفرصة في تأمين مستقبل ولديها وان كان مكسبها اقل مقارنة بجون. وعن ذلك تقول: «لقد تعبت كثيرا في حياتي ولا ارغب في أن يتعب أولادي مثلي، استطعت أن أؤمن لهم بيتا ولا يزالون في العشرين، كان ذلك حلما بالنسبة لي».
غير أن هذا الكسب بسيط جدا ولا يستطيع صاحبه أن يعيد تأسيس حياته من جديد، لكن يساعده في تحسين وضعه دون أن يحدث تغييرا جذريا فيه.

كرماء جداً

في المقابل، كان بارتريس جاربو بفضل الـ 27 مليون يورو التي ربحها، أكثر كرما مع أولاده وعائلته التي أقام لأجلها مؤسسة لادارة الغابات. لم يخف بأنه إنسان محظوظ، غير أن توقفه عن العمل بصفة مفاجئة أثار انتباه الجميع في المنطقة التي يقيم فيها. بهذه الطريقة تحول هذا العامل النجار إلى مسؤول عن شركة تدير الغابات في ضواحي سولوني.
واستقال بارتريس من عمله في عام 2007، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط بعد الإعلان عن فوزه بـ 27 مليون يورو في اليانصيب الاوروبي... لقد كان الخبر سعيدا جدا بالنسبة لرفيقة دربه وأولاده الذين انضموا جميعا إلى مشروعه وعن ذلك يقول: «لم تكن لي أحلام على الإطلاق ولا مشاريع دقيقة، لكني كنت مستعدا لتنفيذ أي شيء بفضل الـ27 مليون يورو، التي جعلتني احلم أكثر فأكثر».
حتى نفسر الصراحة التي تحدث بها باتريس علينا أن نتوغل في حياته الخاصة لنفهم الأسباب والدوافع، فالرجل ترعرع في عائلة متماسكة، حيث كان جداه لوالده ووالدته مزارعين بسطاء يملكون على الأقل 30 هكتارا.
ولد باتريس في عام 1959 وبدأ حياته مساعدا في البناء إلى أن امتهن النجارة خلال فترة الخدمة العسكرية ليلتحق بعدها بشركة طيران، حيث اشتغل فيها نجارا. لم يغادر أبدا ارض عائلته، حيث كان يقيم في منزل جديه لوالده إلى أن انتقل في عام 1987 إلى بيت قريب من بيت والده.
انفصل في عام 1994 عن زوجته التي تقيم بالقرب من بيت والده، ثم ارتبط بأخرى، رزق منها بطفلة.
كان باتريس يعيش بمفرده يوم الإعلان عن فوزه باليانصيب فيما لم يكن مرتبه يتجاوز 1800 يورو.
ويقول ان الهواية الوحيدة التي يحب ممارستها هي الصيد، الذي مارسه منذ الصغر رفقة أصدقائه «لقد بدأت بمتابعة أبي ولم يكن عمري قد تجاوز ست سنوات، كنت وراءه في كل مكان، وكنا نقضي ساعات لا تنسى في الصيد مع جدي لوالدي الذي علمني كيف امسك البندقية». وأضاف «احن كثيرا لطفولتي والى والدي، ليس فقط بسبب الصيد ولكن لأننا كنا نقتسم كل شيء مع الجيران والأصدقاء».
يحاول باتريس أن يبعث لحظات السعادة هذه من جديد، من خلال مشاريعه التي يحاول من خلالها ممارسة هواية الصيد، خاصة على المساحات الغابية التي اشتراها.
تقبل أفراد عائلتي باتريس فكرة أن يحقق الوالد حلمه في الصيد، حيث اشترى سيارة رباعية الدفع، يحلم الكثير من الصيادين باقتنائها وأقام مساحات غابية للصيد، كما شيد بيتا كبيرا بمحاذاتها.
تبرز الكيفية التي تعامل بها باتريس جاربو مع الثروة الجديدة، والطريقة التي غير بها بموضوعية مكانته الاجتماعية، ووفاءه لذاكرته وموروثه الشخصي وحبه ايضا لافراد عائلته.

المال والسياسة والمكانة الاجتماعية

لقد تغيرت المفاهيم السياسية والدينية والايديولوجيات على مر القرون، غير أن تأثيرها بارز في الحاضر وأيضا في الطريقة التي يتعامل بها الرابحون في اليانصيب مع المال والثروة. ما هي العلاقة بين المال والموقع السياسي؟ هل ينظر للمال على انه وسيلة او هدف؟
ان الرابحين الكبار يشعرون بالغبطة والسرور لتمكنهم من الخروج من دائرة الفقر والحاجة والمعاناة من المدخول المحدود. فجأة يجد هؤلاء أنفسهم في وضعية مالية مريحة، ولتبيان ذلك على سبيل المثال نشير إلى أن هناك فرقا كبيرا جدا بين الوضعيتين، فمرتب النجار لا يزيد على 1800 يورو، بينما تدرّ فوائد الـ 27 مليون يورو، 2000 يورو يوميا، أي ما يعادل 60 ألف يورو شهريا. انه المال الذي لا يتعب عليه صاحبه، لا يعرف لا إجازات مدفوعة الأجر ولا نهاية أسبوع ولا سبع ساعات عمل في اليوم.
لقد قام جيرارد أم بتأمين الستين مليون يورو التي كسبها في اليانصيب، حيث حول %4.5 منها إلى سيولة، فيما أبقى على الباقي في البنك ليؤمن باقي حياته. ذلك لأن هذا المبلغ يوفر له فوائد شهرية تقدر قيمتها بـ 150 الف يورو، حيث دفع مليون يورو كضريبة في عام 2008 وبقي في حسابه 800 الف يورو كمداخيل بعد الضرائب، أي ما يعادل 66666 يورو، دخلا شهريا صافيا.
ويسمح المال لصاحبه بامتلاك الوسائل الكفيلة بتحسين وضعيته الاجتماعية كما يسمح له بمقارنة مرتبه السابق مع ما بات يجني بفضل الفوائد فقط.

الصراع مع الضرائب

وغالباً ما يفاجأ الرابحون من المبالغ التي يكسبونها، فيحاولون بكل الطرق معرفة الطرق الكفيلة بتقليص تكلفة الضرائب. فمونيك وموريس اومون لا ينقصهما التمتع بمفارقات النظام البنكي الحالي. يتحدر موريس من عائلة يسارية متواضعة، كان لها تاريخ خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد أن كسب 7 ملايين يورو في عام 2006، يستمر في تلقي 800 يورو سنويا كمنحة عمل من الدولة، لكن تم اكتشاف أمره من قبل السلطات التي فرضت عليه دفع 18 ألف يورو كغرامة.
ويقول باتريس جاربو إنه لن يتغير بقية حياته وإنه يشعر بألم كبير عندما يرى بعض الأغنياء وهم يبذرون.
في بعض الأحيان يجد بعض الأفراد أنفسهم محرجين ومنزعجين بعد الفوز بسبب انتمائهم السياسي، فالكسندر وستيفاني لواسيه وجدا نفسهما عاجزين عن التصرف في المليوني يورو التي ربحاها بعد ان اعتبر أصدقاؤهما بأنه ربح غير عادل وغير شرعي، وعلى الرغم من ذلك قبلا المال، لكنهما تسلما الصك بعيدا عن الأعين وفي سرية تامة. وتعبر كلود غراندجين عن أسفها لأنهم لم يستضيفوها للمشاركة في نقاش جماهيري تم بمناسبة الحملة الانتخابية للانتخابات البلدية في عام 2008. فهل للأمر علاقة بعدم قدراتي على النضال ضد ترسانة الضرائب؟
وأما جاك فيدال فيقول إنه لا يشعر بأي مشكلة أخلاقية بخصوص المال الذي كسبه في اليانصيب وإنما المشكلة في النظام، ذلك لأن كثيرا من الناس أكثر غنى منه، وأما ايفان دوشال فيقول: «لم اسرق هذا المال، لست مدانا، ليس مالا قذرا هذا، انه مال المشاركين في اليانصيب وكنت احد المستفيدين منه، وعليه سأبقى يساريا وسأستمر في التصويت لمصلحة اليساري اوليفييه بيسونسينو.
لقد أجرينا كثيرا من لقاءاتنا بين عام 2008 وبداية عام 2009، وكانت الأزمة المالية العالمية لم تشتد بعد، وعلى الرغم من ذلك، فإن الكثيرين عبروا عن دهشتهم من الفرق الكبير بين مداخيل رأس المال والمرتبات الشهرية التي كانوا يتقاضونها.
في المجتمع الحالي، حيث النجاح والثروة يعتبران من المعايير المحددة للمكانة الاجتماعية، ويبدو ان اليانصيب مصدر رئيسي لتغذية أحلام الفرد بمستقبل أفضل، لكنه غير منسجم مع فلسفة الاستحقاق التي تجذرت في المجتمع منذ الثورة الفرنسية، ذلك أن المكسب في اللعب غير مبرر بنشاط مهني مفيد اجتماعيا.

الحظ والاستحقاق والميراث

ان الصدفة وحدها هي التي تحدد أسماء الفائزين، فلا احد بإمكانه التأثير على الكرات. والصدفة وحدها هي سيدة اللعبة، غير أن الرابح وبعد الفوز، يجد نفسه مجبرا على تبرير ثروته المفاجئة أمام الناس وأمام نفسه أيضا.
ويتحدث غاييل، احد الرابحين في حوار مع لولي كليرك في كتابه «أجمل قصص الرابحين»، حيث يقول: «اليوم نحن أغنياء حقيقيون، أتعرفون لماذا؟ لان المال الذي نملكه حصلنا عليه من دون أن نعمل».
ويصعب دوماً تبرير المكسب في الأوساط الشعبية، لان العمل يعبر بقوة عن هوية الفرد وكفاءته والتوقف عن العمل ليس قرارا سهلا على الإطلاق، ففليب براجر وايميلي فراشون اللذان يشتغلان في مناصب عليا لم يتوقفا عن العمل بالرغم من فوزهما في اليانصيب، لكنهما فضلا عدم اطلاع محيطهما المهني على الخبر.

الحلقة الخامسة:
السؤال المزعج لأثرياء الحظ: من أين لك هذا؟



Pictures%5C2013%5C04%5C16%5C3f454842-66eb-4c18-a6a4-6ca31741fef5_maincategory.jpg
 
15-06-2013, 06:04 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

17/04/2013


أثرياء الحظ حلم وواقع (5) السؤال المزعج لأثرياء الحظ: من أين لك هذا؟

Pictures%5C2013%5C04%5C17%5C33ac08e6-d391-4851-a8d3-4d3815b8abc5_main.jpg


تأليف: ميشال بانسون
مونيك بانسون - شارلو
ترجمة سليمة لبال
فجأة يصبحون أثرياء وأثرياء جداً، هكذا صدفة يلعبون فيكسبون الملايين، تُرى كيف تتغير حياتهم وكيف يُعاملهم المجتمع، وهل تتغير سلوكيات الناس تجاههم، بعد أن انتقلوا من عالم إلى عالم آخر. مختلف تماماً؟
من حمّالين إلى أثرياء، ومن موظفين بسطاء إلى أصحاب ثروة، بإمكانهم أن يبتاعوا ما يشاؤون من السيارات الفخمة إلى البيوت الفاخرة، إلى كل شيء، كان بالأمس حلماً، فأصبح اليوم بفضل اليانصيب حقيقة وواقعاً.
كثيراً ما نسمع عن أناس فازوا بملايين في اليانصيب، وكثيراً ما نسمع عن أنهم اشتروا أفخم السيارات والفلل، إلا أننا نجهل الكثير عن ظروف حياتهم قبل المكسب، والكيفية التي تلقوا بها نبأ الفوز وتأثير المال على حياتهم وعلاقتهم بأقرب الناس إليهم.
كيف ينظر الناس إلى هذه الثروة المفاجئة ؟ولماذا تنظر المجتمعات الأوروبية إلى المستفيد منها بعين الريبة؟ ولماذا يتستر البعض عليها وينأون بها إلى مناطق أخرى ليُعرفوا أثرياء وكفى؟
إنها أسئلة حاول المختصان في علم الاجتماع ميشال بانسون ومونيك بانسون - شارلو الإجابة عنها من خلال تحقيق ميداني، قابلا فيه العديد من الرابحين الذين لم يترددوا في رواية قصصهم، وكيف انتقلوا بين عشية وضحاها إلى أثرياء يشار إليهم بالبنان.
اشترت عائلة فرنييه التي ربحت 15 مليون يورو سيارة رونو توينغو صغيرة، وكان بمقدورها اقتناء 2000 سيارة من هذا النوع، لكنها لا تملك مكانا لركنها كلها في الحي، وأما الـ 126 مليون يورو التي ربحتها السيدة الاسبانية فتشكل شريطا يتكون من 252463 ورقة بقيمة 500 يورو، ووزنها يصل إلى 40 كيلوغراما.
وأما المائة مليون يورو التي ربحها العمال الخمسة عشر، فتعادل ببساطة قيمة أجرهم التقاعدي لمدة 83 قرنا أو قيمة طائرتين من نوع ايرباص 380.
هذه الصور والمقارنات لا يتم الحديث عنها على الإطلاق لو كانت الثروة موروثة وان كانت في اغلب الأحيان أكثر بكثير من أموال اليانصيب.

تبرعات كبيرة

يقول ميشال دافيد ييل إنه لم يشعر أبدا بالذنب ولا الفخر.. «يبدو لي الأمر طبيعيا جدا».
ان الوريث الجيد هو القادر على حمل وتسليم الشعلة حين تحين الساعة، لأن ثروته نتجت عن علاقة قرابة، فيما يشعر الرابح بحرية أكبر لأنه يدين بهذه الثروة إلى الصدفة.
كان جاك انسارت يأمل في اقتسام فرحته مع 300 عامل يشتغلون معه، غير انه وزع عليهم منحة بقيمة 2500 فرنك أي ما يعادل 381 يورو للواحد. أصبح انسارت شخصا كريما جدا بفضل اليانصيب، حيث منح هبة لرابطة مكافحة السرطان، بعد ان توفيت والدته في فترة الشباب متأثرة بالمرض، فيما وهب زوجان أصبحا مليونيرين مبلغا كبيرا للبلدية التي يقيمان فيها، اعترافا منهما بارتباطهما بها.
لقد أهدى هذان الزوجان بعد فترة قصيرة من فوزهما بـ 50 مليون يورو في مارس 2009 مبلغ 400 ألف يورو لبلدية شارونت، التي استطاعت بفضل هذا المبلغ تسديد ديون دار العجزة والانطلاق في انجاز مشروع تحت اسم «بيت للجميع» كما دفعا مستحقات الإطعام طيلة عام كامل لـ 180 تلميذا في رياض الأطفال والمدارس الابتدائية بقيمة 70 ألف يورو أي ما يعادل 400 يورو عن كل عائلة بحسب ما أكده رئيس البلدية فابيان غوديشو لوكالة الأنباء الفرنسية. وأضاف يقول «ما حصل لا يحصل إلا في رواية، ذلك ان البلدية جميعها استفادت من المكسب، بالنسبة لنا كان الأمر استثنائيا، انه درس جميل في المواطنة».
وعن القصة قال دافيد بوجاداس في نشرة الثامنة التي يبثها تلفزيون فرانس 2 «التصرف جميل جدا،ويستحق ان نبرزه ونحييه».

لا يجرحون مشاعر الآخرين

وأما غاي بيتان، هذا الرابح، العاشق لكرة اليد، فقد منح فريق كيسون سيفينييه ليغلق ميزانيته حتى يتمكن من الصعود إلى القسم الأول، وعن ذلك قال لجريدة «واست فرانس» في 1 نوفمبر 2009: «أمر طبيعي ان أساعدهم، هؤلاء الأبطال، لا يقاتلون من أجل المال وإنما من أجل الخير، أنا أحب طريقة تفكيرهم».
لقد نظّمت مصلحة الفائزين التابعين للمؤسسة الفرنسية للألعاب في الخامس من ديسمبر 2007 يوماً دراسياً لمناقشة موضوع الهبات، وانتهى الجميع إلى القول إنّ هذا الكرم يدخل في إطار العلاقات غير المتكافئة التي تجعل الأفراد تحت رحمة أصحاب الهبة. ووفق الكاتب مارسيل موس فإن منح الآخر أي شيء، يعني انك تتظاهر أمامه بعلو شأنك، ورفعتك، وقبول الهبة هو قبول الخضوع وقبولك أيضا بأن تكون صغيراً أمام أنظار الغير.
ومن هنا بإمكاننا أن نفهم لماذا يعاني بعض الرابحين في اليانصيب، عندما يودون توزيع جزء ممّا كسبوه على بعض الناس، ذلك لأنهم لا يريدون جرح مشاعر الآخرين أو الانتقاص من كرامتهم، لأن الأمر ليس سوى حظ من السماء.

ثروة مفاجئة

قد يقع الفائز في اليانصيب في حيرة كبيرة بسبب الثروة المفاجئة هذه، فلا هو كريم في الأساس ومتعود على التبرع من جهة، ولا هو قادر على تجنيب من يتبرع لهم الشعور بالذل. ويقول باتريس جاربو: «عندما أذهب إلى حفلة زفاف، احتار في ما أهدي العريس، لأنه ينبغي ألا أقدم هدية أقل مستوى من هدايا الآخرين، وفي الوقت ذاته عليّ أن أكون في مستوى المكسب الذي حصلت عليه في اليانصيب».
وتُشكّ.ل الهدايا الشغل الشاغل للرابحين في اليناصيب، حيث تقول الباحثة الاجتماعية فيفيانا أي زليقر في كتابها «المعنى الاجتماعي للمال»: يعتمد تحول المال إلى هديّة على تقنية ملموسة هي تقنية المعالجة القانونية للمال.
بمقدور الرابح أن يهدي شيكات أو تذاكر سفر أو مبالغ مالية مودعة في وكالة بنكية بالدولار أو اليورو، إنها أشكال مقنعة للمال تختلف وفق الأوساط الاجتماعية، لكنها لا تسبب إحراجاً ولا شعوراً بالذل للمستفيدين منها.
ويعتبر تأمين حياة الأولاد أيضاً الشغل الشاغل بالنسبة إلى الرابحين، الذين يجتهدون لتوفير حياة أفضل لأولادهم وللأجيال التي تأتي من بعدهم.

لماذا التوقف عن العمل؟

العمل هو رابط اجتماعي وهو أيضاً مكانة ودور نلعبه في المجتمع وبصيغة أخرى هو هويتنا. لذلك، فان التوقف عن العمل هو دعوة للآخرين للحديث عمّا جرى، ما من شأنه التأثير سلباً على علاقات الصداقة التي نشأت في مكان العمل.
وتتلاشى القيود الزمنيّة مع التوقف عن العمل، حيث تتحول كل الأيام إلى يوم أحد، لكن ليس بالنسبة إلى الجميع.
ويمكن ان تتحول المؤسسة أيضاً إلى مكان يخضع فيه الرابح إلى الضغط ويعاني فيه أيضا من الغيرة، فبعض عمال تولوز مثلاً فوجئوا وانزعجوا كثيراً لان مسؤوليهم لم يتقبلوا على الإطلاق هذا التحول المفاجئ للعلاقات الاجتماعية، مما انعكس سلبا على التسلسل الهرمي الداخلي في المؤسسة، بعد ان قذفت الثروة بهؤلاء العمال إلى مستوى أعلى بكثير مما قد يتصوره أي زميل لهم.
لكن آن ماري بوزار تركت نهائياً العمل في الشركة التي قضت فيها سنوات عديدة، مباشرة بعد إخطارها بالفوز، وأعلمت إدارتها بأنها لا تستطيع البقاء إلى عمر الستين حتى تنصرف لمشروعها الشخصي.

ضغوط على الرابحين

تؤدي الثروة المفاجئة إلى تغير العلاقات الاجتماعية والى ارتفاع حدة الضغوط على الرابحين. لقد شعرت آن بأنها أمام طريق مسدود في الشركة، ما يفسر عدم قبولها منحة مغادرة العمل، لكنها فضلت دعوة المقربين من زملائها الى مطعم في تولوز.
في الواقع، أزعج رحيل مجموعة موظفي تولوز، مصلحة الإنتاج، ذلك أنهم كانوا يشغلون مناصب فنية استراتيجية، ورغم ذلك قبل أفراد الجماعة البقاء إلى حين، للإشراف على تدريب موظفين جدد.
أما ريشار وساندرين بوربير فقد أسسا شركة تعمل في مجال الملاحة البحرية بعد أن تركا عملهما في التجارة، لأنهما شعرا بالملل، بينما قرر جورج لورو الذي فاز بمليونين و300 ألف يورو الاحتفاظ بمنصبه كسائق حافلة، حتى يساعد ابنه الذي لم يتعد الثانية والعشرين على الاستمرار في العمل.
ويبدو ان طلب إجازة طويلة المدى حل مؤقت، ذلك انه يسمح للموظف بالعودة إلى عمله، اذا لم يتم تجاوز التاريخ المحدد في الطلب.
وبعد سنتين قضاهما مستمتعا بالثروة الجديدة، شعر بيير فارنييه بالحنين إلى الميناء والى وظيفته كحمال، وعن ذلك يقول «كنت دوما حمالا، إنها الوظيفة التي سمحت لي بإطعام عائلتي، كما أنها ليست مهنة فحسب، بل هي حياة وهوية، فوالدي المتقاعد منذ 12 عاما، ما يزال يلعب الورق كل مساء في الميناء مع حمالين آخرين، وعندما يقدم نفسه، يقول «أنا حمال». مهنتنا هي محرك حياتنا لذا لا يمكن ان نتقاعد منها أبدا، أنا متأكد من استئنافي للعمل من اجل أبي وجدي».
لقد استطاع بيير ان يحتفظ ببطاقة العمل التي تسمح للعمال بالدخول إلى الميناء والى الأرصفة والهيئات الممنوعة على العامة، عندما اخذ إجازة من دون مرتب، ما يمكنه من زيارة الميناء حيث كان يعمل في شحن وتفريغ الحاويات كلما حن إلى المكان. يعرف زملاء بيير بأنه فاز باليناصيب، لكنه يثق في صمتهم لان الحمال يثق دوما في حمال آخر ،ولان التضامن هو عصب هذه المهنة الشاقة.
وأما كلير سارفان الممرضة في عيادة خاصة في مدينة ليون، فقد فضلت الاستمرار في وظيفتها بعد ان كسبت مبلغ مليوني يورو في اليانصيب. لقد ساعدها هذا القرار في التستر على الفوز الذي لم يعلم به احد في محيطها المهني.
وكلير هي امرأة مطلقة والتزامها المهني هو احد الأسباب التي تساعدها في مواجهة أعباء الحياة ومشاكلها. وعن وضعها الجديد تقول «اقتنيت سيارة حتى أتجنب النقل العام لأني اضطر للخروج عند الساعة الخامسة صباحا للالتحاق بمقر عملي، لكني قلت لزملائي بان ولدي أهداني إياها بعد ان كسب في اليانصيب.. أعيش حياة هادئة ولست مستعدة للكشف عن مكسبي».

من عامل إلى صاحب إيرادات

وبعض الرابحين يقررون التوقف عن العمل والعيش على موارد عقاراتهم وودائعهم البنكية. فمثلا، آلان بونوا كان مسؤولا مساعدا للإمدادات في شرطة طيران، لكنه تخلى عن وظيفته حين كسب 4 ملايين يورو في عام 2004، حيث قدم استقالته بعد إجازة لمدة أسبوع، على الرغم من المزايا الكبيرة التي يتمتع بها في وظيفته التي مكنته من القيام بجولة حول العالم.
ورغم ان آلان كان يتمتع بمزايا عدة في عمله، فان الحظ لم يحالفه في حياته العائلية حيث طلق مرتين، لكن المكسب الجديد غيّر اهتماماته، بعد ان زاد شغفه بالبحر والملاحة البحرية، ولهذا السبب اشترى بيتا بالقرب من ميناء مدينة فاندي وباخرة بطول 12 مترا بمقصورتين.
ورث آلان حب البحر من والده، لكنه بدأ حياته صغيرا في شركة طيران، ليرتقي بسرعة إلى منصب مسؤول عن مخزون قطع الغيار وفرق العمل المتنقلة، حيث يتطلب إصلاح طائرة معطوبة تواجد 90 ميكانيكيا، يتم إيواؤهم لأسابيع في فنادق فخمة وغالية جدا، وهي تكاليف اقل بكثير بالنسبة للشركة مقارنة بتكلفة طائرة جديدة.
لقد سمحت تجربة الطيران الجوي وحياة الفنادق الفخمة له بالشعور بالراحة كلما تردد على هذه الأماكن التي أصبحت جزءا من حياة آلان وموروثه الحياتي.

مكسب ورحيل

أما موريس ومونيك اومون فقد توقفا عن العمل ورحلا إلى جنوب غرب فرنسا، حيث اشتريا بيتا جميلا بالقرب من البحر، وقدما نفسيهما لجيرانهما على أنهما مليونيران، وعن ذلك يقول موريس «لو قلنا للجيران بأننا ربحنا هذه الأموال في اليانصيب، لم تكن الأمور ستجري على الشاكلة التي نحب، وبما أننا قلنا بأننا ورثنا هذه الأموال فقد تم كل شيء بسلام».
لقد كان تغيير المنطقة والسكن والمدارس التي يتتلمذ فيها أبناء موريس ضروريا بالنسبة لهذه العائلة التي تغير وضعها الاجتماعي بين عشية وضحاها بفضل فوزها.
كان موريس ومونيك، المنحدرين في منطقة ريفية متواضعة، بحاجة إلى تغيير كل شيء لبناء حياة جديدة، لذلك اقتنيا بيتا فخما يضم مسبحا، فكان خيارهما بمنزلة انتقام اجتماعي وفق موريس، الذي نشأ وسط عائلة متوسطة الحال واضطر للتوقف عن الدراسة بسبب مشاكله الصحية.
كل هذه الظروف دفعت موريس إلى الالتحاق بمدرسة التجارة ليشتغل بعدها سكرتيرا في بنك، ثم موظفا في شركة تأمينات، ثم بائع ملابس جاهزة إلى ان حصد 7 ملايين يورو في عيد الحب عام 2006، ما ساعده على وضع حد نهائي لحياته المهنية غير المستقرة.
وأما زوجته مونيك التي التقاها في عام 1983، فمنحدرة من عائلة ريفية تمتهن الزراعة والتجارة والنسيج، وبعد ان حصلت على شهادة في السكرتاريا اشتغلت سكرتيرة في مسلخ، ثم في مؤسسة عمومية، إلى أن جاء الفرج من خلال مكسب اليانصيب.
كان موريس اومون لا يود أن يتخلى عن عمله، لكنه غيّر رأيه بعد ستة أشهر من فوزه «أنا أحب الحرية واتخذت هذا القرار لادارة ثروتي التي جاءت بغتة».
لقد سمح المكسب لموريس بالانسجام مع نفسه بعد أن ولت أيام الحاجة والبطالة التي عاناها كثيرا، ليبدأ حياة جديدة مع زوجته التي وعدها بتحقيق كل أحلامها.
كان الأمر سيكون صعبا على الزوجين لو قررا البقاء في شقتهما، لان ذلك كان سيجبرهما على شرح أسباب التغييرات التي طرأت على حياتهما للجيران.

الحلقة السادسة:
المال لا يُرفض أبدا



Pictures%5C2013%5C04%5C17%5C3c16d830-b523-46ea-9841-ccb570118bc7_maincategory.jpg
 
15-06-2013, 06:32 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

18/04/2013


أثرياء الحظ حلم وواقع (6) المال لا يُرفض.. أبداً

Pictures%5C2013%5C04%5C18%5C86e9617d-67ca-4e98-97f2-0b362c0c322f_main.jpg


تأليف: ميشال بانسون
مونيك بانسون - شارلو
ترجمة سليمة لبال
فجأة يصبحون أثرياء وأثرياء جداً، هكذا صدفة يلعبون فيكسبون الملايين، تُرى كيف تتغير حياتهم وكيف يُعاملهم المجتمع، وهل تتغير سلوكيات الناس تجاههم، بعد أن انتقلوا من عالم إلى عالم آخر. مختلف تماماً؟
من حمّالين إلى أثرياء، ومن موظفين بسطاء إلى أصحاب ثروة، بإمكانهم أن يبتاعوا ما يشاؤون من السيارات الفخمة إلى البيوت الفاخرة، إلى كل شيء، كان بالأمس حلماً، فأصبح اليوم بفضل اليانصيب حقيقة وواقعاً.
كثيراً ما نسمع عن أناس فازوا بملايين في اليانصيب، وكثيراً ما نسمع عن أنهم اشتروا أفخم السيارات والفلل، إلا أننا نجهل الكثير عن ظروف حياتهم قبل المكسب، والكيفية التي تلقوا بها نبأ الفوز وتأثير المال على حياتهم وعلاقتهم بأقرب الناس إليهم.
كيف ينظر الناس إلى هذه الثروة المفاجئة ؟ولماذا تنظر المجتمعات الأوروبية إلى المستفيد منها بعين الريبة؟ ولماذا يتستر البعض عليها وينأون بها إلى مناطق أخرى ليُعرفوا أثرياء وكفى؟
إنها أسئلة حاول المختصان في علم الاجتماع ميشال بانسون ومونيك بانسون - شارلو الإجابة عنها من خلال تحقيق ميداني، قابلا فيه العديد من الرابحين الذين لم يترددوا في رواية قصصهم، وكيف انتقلوا بين عشية وضحاها إلى أثرياء يشار إليهم بالبنان.
الوضعية الميسورة، يحاول الجميع عدم الإفصاح عنها، لذلك يبدو أن الرابحين في «اليانصيب» يعيشون حياة مزدوجة، مثلما هي الحال مع مادلين وفرنسوا لاغارش، الذي يقول: «يعتقد والدي أني مسؤول كبير في مؤسسة، ولهذا السبب تحسَّنت أوضاعي المادية»، وتروي مادلين: «تعتقد ابنتي هي الأخرى أننا نعمل. وأما جيراننا، فيشتبهون في أننا نتلقى منح بطالة قيمة، إنهم يجبروننا على القول إننا نمارس مهنة في البيت، لذلك نحن نكذب باستمرار».
ويؤدي هذا المكسب المفاجئ إلى اضطراب العلاقات الأسرية، لذلك يبدو انتقال الفائز في «اليانصيب» من الحياة العادية إلى حياة الرفاهية، صعباً جدّاً.
فقد كسب بيير لويس مليوناً و300 ألف يورو في عام 2006، ولم يكن يتجاوز السادسة والعشرين من عمره. كان يشتغل حينها كهربائيا ويقيم في مدينة ليون، لكنه انتقل للإقامة في بيت كبير بعد هذا المكسب، ليشتري بيتا يمتد على مساحة 180 مترا، غير بعيد عن بيت والده في مدينة شومباني. وعن ذلك يقول «أهتم كثيرا ببيتي، أقوم بالتنظيف ثم أكوي الملابس و..»، وبالطبع تساءل جيران بيير لويس: كيف يعيش هذا الرجل ما دام يقضي فترات طويلة في البيت؟ مما دفعه الى إبلاغهم أنه يقوم ببيع كثير من المنتجات عن طريق شبكة الانترنت، مما يضطره - دائما - إلى البقاء في البيت.

العودة السعيدة

والدا جون برنار مزارعان في منطقة فيارزون. ولد في عام 1948، وترعرع في وسط مزرعة مستأجرة تمتد على 93 هكتارا وتضم 13 بركة.
يقول جون الذي انفصل والداه وهو في التاسعة، انه بقي في كفالة والدته إلى أن حصل على شهادة الكفاءة المهنية، ثم خدم طباخا في الجيش لمدة عام، لكن شوقه الى حياة الريف، دفعه إلى شراء شاليه والانتقال إلى تربية المواشي.
كان هذا الرجل يذهب أسبوعيا إلى جنيف، حيث يعمل طباخا لفائدة عدد من منظمات الأمم المتحدة، كالمنظمة الدولية للعمل ومنظمة الصحة العالمية، ويعود في نهاية الأسبوع لتفقد مواشيه، لكن حياته تغيرت تماما في عام 1988، بعد أن كسب مبلغ 2.5 مليون يورو في اليانصيب.
حقق جون حلم حياته بعد 15 يوما فقط من تسلمه المبلغ، حيث قرر العيش بقية حياته في الشاليه. وعن ذلك يقول «توفيت جارتي في عام 1991 وحينها التحقت دجاجاتها وقططها بغنمي، لم استطع شراء بيتها، لان أولادها أرادوا استرجاعه، لذلك اشتريت بيتا آخر، لقد شعرت فيه بالراحة، وفكرت في أن أبقى فيه إلى غاية مماتي إلا أن غيرة بعض السكان نغصت حياتي».
لقد نفقت 47 شاة يملكها جون في بضع سنوات ما دفعه الى التفكير في بيع كل القطيع وشراء بيت اخر في عام 1995.
اختار جون منطقة ميجاف التي لم يكن يعرف فيها أحدا للسكن، وأودع أمواله في خمسة بنوك مختلفة، ومنذ أن أصبح مليارديرا اشترك في خمس مجلات تعنى بالمال والمصارف، لفهم طبيعة النظام المصرفي والمالي.
أول من صادقهم جون في حياته الجديدة هذه، كانت كلاب الحي، حيث 4 كان يطعمها ويعالجها في حالة إصابتها بأي أذى، كما أصبح أيضا عضوا في نادي الليونز في 2004، وانخرط في ناد للطيران وتعلم قيادة الطائرات الصغيرة.
تحول جون إلى شخصية محبة للترحال والسفر، حيث نسج علاقات صداقة كبيرة مع أعضاء الليونز، حيث صار يسافر معهم ويقضي معهم فترات جميلة في الخارج.

السفر والمتطفلون

كان فيليب براجر وايميلي فراشون يملكان مداخيل كبيرة، حين كسبا 7.5 ملايين يورو في عام 2006، فكلاهما يحتل منصبا مهما، ومداخيلهما كبيرة، ففيليب كان يملك منزلا ثانيا كبيرا، أما ايملي فكانت تعد من بين الأثرياء، لكن بدرجة اقل من رفيق دربها.
وبعد فترة قصيرة من تسلمهما المبلغ المالي الذي ربحاه، استقال الاثنان من منصبيهما، وسافرا في رحلة طويلة إلى الولايات المتحدة، حتى لا يثيرا شكوك وانتباه الأصدقاء والجيران، وبعد أن رجعا فضلا فتح مكتب للاستشارات حول حقوق العمال ليوقفا أي أسئلة قد تثار بسبب استقالتهما عن عملهما.
كانت ايميلي في 2007 تشغل منصب مسؤولة تسويق في شركة تنتج العطور ومستحضرات التجميل، بينما ينحدر فيليب براجر من عائلة برجوازية، فوالده كان رجل أعمال، وكان يشغل منصب مدير تجاري في شركة كبرى، وعن الأسباب التي تعذر بها للاستقالة من منصبه، قال فيليب: انه قال للمسؤولين انه ينوي إنشاء شركة خاصة به.
الزوجان كانا يستأجران منذ عام 2000 شقة، مساحتها 140 مترا مربعا، تقع وسط العاصمة الفرنسية باريس، وكانا يستغلان كل مرة الفرصة، لقضاء بعض الوقت في المنزل الذي اشتراه فيليب في كوتدازور، لكنهما ورغم مكسبهما في «اليانصيب»، إلا انهما فضّلا البقاء في شقتهما الباريسية، بالنظر إلى موقعها الراقي والاستراتيجي.

نظرة الآخرين

إن بناء الشخصية هو ثمرة تاريخ الفرد في المجتمع، لكن الفائزين في «اليانصيب» يقولون دوما إن نظرة الآخرين تغيّرت تجاههم، لكن البعض يقول إن تغيّر الفائزين هو ما يؤدي إلى تغير نظرة الآخرين نحوهم.
يحرص العديد من الفائزين في «اليانصيب» على عدم كشف أسمائهم، وكثير منهم ندموا على السماح لــ «الفرنسية للألعاب» بإعلان هوياتهم، مثلما هي الحال بالنسبة الى مارتين وهنري فو.
ففي ابريل 2006 أعلنت محطة إذاعية محلية تسجيل فوز ورقة يانصيب في محل يقع في المنطقة، التي يسكن فيها هنري، الذي ما ان سمع الخبر حتى اصطحب ابنه كليمون صبيحة الخميس إلى مقر مؤسسة اليانصيب، لكن الاثنين نسيا أن الخميس هو العطلة الأسبوعية للشركة.
بسرعة فهم المارون أمام فرع «الفرنسية للألعاب» أنهما من فازا باليانصيب، خاصة بعد أن الإذاعة أعلنت أن الفائزة من تلك المدينة، وانتشر الخبر، واكشف السر بعد أن قبلت مارتين فو إجراء حوار مع القناة التلفزيونية «تي اف 1».. حوار لا تزال مارتين نادمة على إجرائه، لأنه أثار غيرة من يحيطون بها.
لكن ماذا يفيد إجراء حوار متلفز للرابحين في اليانصيب؟ هل الأمر نرجسية وحب للظهور على الشاشة؟
لقد تحمل يان هونريو المسؤولية بعد أن ربح أربعة ملايين يورو. وعن ذلك يقول: «كنت خجلا جدا، وأما نيكول فكانت مضطربة لذلك، أجرى الصحافي الحوار معي فقط، لكن أظن اني أخطأت، ولو كنت أمام الحدث ذاته لما قلت شيئا، لان الملايين الأربعة التي فزت بها علم بها القاصي والداني، وهذا سبّب مشاكل وإحراجا لأفراد عائلتي، نتيجة فضول بعض الأصدقاء والجيران.

الرابحون يتحمّلون المسؤولية

لم يُخف باتريس جاربو - على الإطلاق - فوزه بــ 27 مليون يورو، لذلك أصبح شخصيةً، تتنافس المحطات التلفزيونية والإذاعية والصحف على إجراء حوارات معها. لقد تبعته كاميرا قناة «ام 6» في الرحلة التي قام بها إلى مدغشقر، برفقة ثمانية من أصدقائه، فيما صورته «فرانس 3» في برنامج كامل في بيته المطل على البحر، وأما قناة سيزنس، القناة التلفزيونية المتخصصة في هذه المواضيع، فقد اهتمت أكثر من مرة بإجراء «ريبورتاجات» عن عاشق الصيد، في حين خصّصت له قناة «تي إف 1» بضع دقائق في نشرتها الإخبارية يوم 13 مارس 2009.

العلاقات مع الإعلام

وأما الرابحون الذين مضى على مكسبهم وقت طويل،واستجابوا لدعوات وسائل الإعلام التي طلبت إجراء حوارات وريبورتاجات عنهم، عندما أعلن عن فوزهم،فينشدون اليوم الهدوء والعمل بعيدا عن الصحف والفضائيات.
لقد انتهى جاك انسارت وشقيقه إلى قبول دعوات وسائل الإعلام بعد تردد كبير، ويتذكر جاك تلك اللحظات في قوله «كانت الصحافة متلهفة لأي شيء عنا، حاولنا عدم الكشف عن هويتنا لكن ذلك كان مستحيلا».
وتهتم الصحف دوما بجديد هؤلاء الرابحين، فرغم أن جاك انسارت ربح في عام 1991،فإن صحيفة لوباريزيان نشرت في 6 اكتوبر 2008 صورة للشقيقين امام سيارة رولس رويس في ساحة فوندوم، لكن جاك الذي عثر على نفسه بعد أن استثمر في مجال الموسيقى التي يعشقها حريص على الابتعاد عن الأضواء.
غير ان جون برنار لبى دعوة العديد من وسائل الإعلام الفرنسية يوم تسلم صكه في عام 1988، وعن ذلك يقول «لقد تحدثت وكان لحديثي تأثير كرة الثلج في وسائل الإعلام التي اتصلت بي جميعها، كان الصحافيون يسألونني عن أفكاري وكيف سأقضي فترة تقاعدي، لكن في قرارة نفسي كنت قد قررت كل شيء وحسمت بان اقضي بقية حياتي في ارضي وبين حيواناتي، في تلك الفترة لم أكن قد رأيت البحر الأبيض المتوسط بعد. اليوم لم يعد الصحافيون يبحثون عني مثل السابق لكني اجري حديثا صحفيا في السنة، لقد احتفلت بعيد ميلادي الستين مؤخرا وحاولت بعض الفضائيات تصويره لكني رفضت،فانا جيد هكذا».

لم يتنازل أحد عن مال اليانصيب

المال لا يُرفض أبدا، والدليل على ذلك أن لا احد رفض استلام صك الشركة الفرنسية للألعاب ولا احد تنازل عن المكسب منذ إنشائها، لكن هذا التحقيق الذي قمنا به بين أن المكسب يغير حياة الرابحين الذين ترفرف السعادة على سمائهم مباشرة بعد الإعلان عن فوزهم، لكنه اثبت أيضا ان الرابحين يولون أهمية بالغة لنظرة الآخرين لهم، وان التكتم على الربح هو وسيلة يعمد إليها الرابحون لحماية أنفسهم من هذه النظرات التي بمقدورها أن تؤدي إلى شعور الرابح بأزمة هوية.
وأما عدم كشف الرابح لهويته فيحميه ويمنحه فرصة استعادة الأنفاس بعد الإعلان عن المكسب.
يواجه الرابح شكلين من أشكال التغيير، أولا التغيير الداخلي وما يتعلق بتاريخه الشخصي، والتغيير الخارجي وكل ما له علاقة بصورته الخارجية التي أصبح عليها، وكلما كانت المسافة كبيرة بين مكانته الاجتماعية قبل المكسب وقيمة المبلغ زادت حدة المشاكل التي يواجهها، ويحدث العكس في حالة فوز مسؤولين كبار في مؤسسات معروفة.
رغم نجاح مفهوم الحرية في الخطابات فإنه مفهوم مخيف، ذلك أن على الرابح الجديد أن يروض ويطوع حريته الجديدة من خلال الملايين التي ربحها والحرية هنا تعني حرية اقتناء العقارات وكل شيء بما فيها الكرم.
تعتبر هذه الإمكانات غريبة بالنسبة للأوساط الشعبية، وأما الثروة غير المنتظرة، فتوفر إمكانات لا تتوافر مفاتيحها للجميع. لا يوفر المكسب للرابحين طريقا مفروشة بالورد فقط، ذلك انه تسبب للبعض مشاكل مع العائلة أو المحيط خاصة في الأوساط المتوسطة والفقيرة.. من يراهن في لعبة اليانصيب يملك أحلاما وربما مشاريع من بينها الخروج من الوضعية التي يعيشها.. اليانصيب بالنسبة للبعض اللوح الذي يوصلهم إلى شاطئ الأمان، وان كان تغيير الحياة صعبا، فان هؤلاء يسعون من وراء هذه اللعبة إلى تحقيق جزء ولو بسيط من أحلامهم في عالم أصبح فيه المال هو السيد.

(انتهى)



Pictures%5C2013%5C04%5C18%5C216ed547-711c-4c38-a1b8-d65536265096_maincategory.jpg
 
عودة
أعلى