الزمن الرئاسي - مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك

السيب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 04:02 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif
الزمن الرئاسي - مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك
الزمن الرئاسي


- مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك



Pictures%5C2011%5C06%5C15%5C34ce4db9-91ad-4043-943f-f360f6f1a16b.jpg
(15/06/2011)
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 04:02 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (1) جولتي الشرق أوسطية هدفها سوريا وإسرائيل
Pictures%5C2011%5C06%5C14%5C86f43bd1-9c45-4d3a-b0f0-47435ac7471e_main.jpg


باريس ــ القبس
صدر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان «الزمن الرئاسي» وتنشره دار «نيل» ويقع في 607 صفحات تختزل أكثرمن عقد من الزمن.
وتتحــــــدث عــــن المراحــــــل التي عايشها شيراك في قلب مـركـــــز الـقـــــــرار وأحــيــانا في قـــلــــــب صناعته.
تنشر الاقسام المتعلقة بالشرق الأوسط وتهم القارئ العربي، مثل العلاقة بين عرفات وشيراك، وكذلك العلاقة مع حافظ الأسد، وقول الاخير للرئيس الفرنسي «إن بشار مثل ابنك»، مرورا بالحرب الاميركية ضد العراق وتصدي شيراك لها، وصولا إلى اغتيال الحريري.
مما جاء في كتاب شيراك:
في العشرين من أكتوبر 1996، طرت إلى دمشق، المحطة الأولى في جولة شرق أوسطية قادتني على التوالي إلى إسرائيل، والأراضي الفلسطينية، والأردن، ولبنان ومصر.
نادرا ما تم التحضير لزيارات رسمية بدقة كما جرى التحضير لهذه الجولة، نظرا للأجواء المتوترة في هذه المنطقة من العالم. والكثير من الحساسية المتنوعة والمنتشرة هنا وهناك ومن الواجب مراعاتها.
هذه الجولة الهادفة التي تثبت عودة فرنسا إلى المنطقة كانت تستجيب لطموحي في إعادة الثقة للعلاقات مع إسرائيل من ناحية، وإطلاق سياستنا العربية والمتوسطية وفقاًَ للتوجهات الأساسية التي حددتها في خطابي في القاهرة في نيسان /أبريل من العام ذاته من ناحية أخرى. طموحات من الصعب التوفيق بينها، بكل تأكيد، ولكن تظهر بوضوح المهمة المحددة الموكلة إلينا تجاه شعوب فرقتها عقود من الأحقاد والعنف. إذا كانت فرنسا تتمتع برصيد لدى معظم الدول العربية، فإن علاقات الصداقة مع إسرائيل لم تكف عن التراجع.

مع رابين
وهذا الانطباع الذي تولد لدي في حزيران/ يونيو 1995 بعيد انتخابي خلال غداء عمل في الإليزيه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، والمشهور بأنه محاور صعب، وهو لم يخف شكوكه حول فرنسا وأوروبا، وكان ينظر دائماً إلى الملاحظات أو الانتقادات التي توجه إلى إسرائيل على أنها دعم لمواقف خصومها. وكان رابين يفضل الدبلوماسية الأميركية لمواكبة عملية السلام التي بدأت منذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو، مع أن فرنسا كانت أكبر ممول لتكاليف إدارة السلطة الفلسطينية.

غياب وزير يهودي
وبقيت الصورة المكونة عني في إسرائيل بأنني سليل الديغولية، وتقارن بموقف الجنرال ديغول عام 1967 المنتقد لإسرائيل، بعد بدئها حرب الأيام الستة، حتى إن السلطات الإسرائيلية أشارت، بعد تكليفي آلان جوبيه بتشكيل الحكومة، إلى أنها المرة الأولى التي تشكل فيها حكومة فرنسية لا تضم وزراء يهوداً. وهذه المسألة لم أعرها أي اهتمام، ولكنها كانت كافية لتغذية الحذر مني في إسرائيل.
أما بالنسبة لي، فلقد شرحت لإسحاق رابين دعمي الكامل لسياسة السلام الشجاعة التي ينتهجها مع الفلسطينيين، والتي يعارضها قسم متصاعد من الرأي العام الإسرائيلي، وأكدت له أنني أشاطره الرأي بعدم وجود بديل عقلاني للمفاوضات.

رابين المتشدد ذو قلب كبير
خلف الشخصية المتحفظة والمتشددة لرابين، بدا لي أنه صاحب قلب كبير، وفي الوقت نفسه خادم واع لمصالح دولة إسرائيل، ومصمم على الذهاب إلى نهاية عملية التسوية، التي بدأها، ايا كان الثمن.

اغتيال رابين
وقد تأثرت جداً عندما علمت بخبر اغتياله وقررت فوراً المشاركة في تشييعه في السادس من نوفمبر 1995 في جبل هرتزل بعد ان وقع ضحية تطرف بعض مواطنيه، على غرار انور السادات قبل خمسة عشر عاماً.
وخلال التأبين، وامام الحشود المتأثرة والمتألمة والمفجوعة، تحدثت لاحيي ذاكرة رجل الدولة الذي دفع حياته ثمن مثله الاعلى، ووجهت للشعب الاسرائيلي رسالة صداقة وتضامن وأمل وثقة.

حلم بيريس
وكان لدي الثقة الكاملة باختيار صديقي شيمون بيريس خلفا له على رأس الحكومة الاسرائيلية، فهو رمز رائع للعدالة والتسامح.
فانا اعلم ان العيش سوياً يعني بالنسبة لشيمون بيريس الاعتراف بالآخر، واحترامه والتحدث اليه. وان بناء عالم افضل يتطلب بناء تاريخ مشترك.
وحلم شيمون بيريس ليس خيالياً ولكنه حلم دولة اسرائيل تعيش بسلام وامن الى جانب جيرانها الذين هم بدورهم يعيشون بحرية وكرامة في دولتهم المستقلة.

اتفاق طابا
وتحقق تقدم حقيقي منذ الاتفاق الاسرائيلي - الفلسطيني في طابا في ايلول سبتمبر 1995 في هذا الاتجاه، ولكن الارادة الحسنة التي كان يبديها الطرفان سرعان ما تلطخت بتصاعد اطلاق النار في جنوب لبنان بين اسرائيل وحزب الله الذي تؤثر عليه سوريا بكل تأكيد.
في الثالث من مارس حصل اعتداء انتحاري، هو الاول في سلسلة طويلة من الاعتداءات، ضد حافلة ركاب في القدس، ادى الى مقتل ثمانية عشر شخصاً.
في اليوم الثاني اتصلت بيريس لاعبر له عن تضامن فرنسا في مواجهة هذه المحنة، وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي ان الاعتداء يشكل مأساة حقيقية لبلده يمكن ان يسيء لعملية السلام، التي تدعمها حكومته بشكل جدي ودائم.
وكان موقفه قاسيا تجاه ياسر عرفات، الذي برأيه تحرك قليلا ومتأخرا. لتجنب مثل هذه الاعمال. لان مرتكب الاعتداء من دون ادنى شك جاء من اراضي الحكم الذاتي.
واعتبر بيريس ان ياسر عرفات لم يتخذ في الوقت الملائم التدابير اللازمة لضبط الاراضي الفلسطينية. وهذه المسألة الوحيدة التي طلبت منه ليس من اسرائيل فقط، ولكن من مصر والاردن ايضا.
واقترحت على بيريس ان اتصل برئيس السلطة الفلسطينية، لأحثه على اظهار صرامة اكبر، وهو ايضا ضحية الارهاب. وقد شجعني بيريس على ذلك، قائلا «ان مثل هذا التحرك سيكون اكثر اهمية اذا ما صدر منك».

عرفات يريد دائماً المزيد
كنت امله الكبير، وفي قرارة نفسي، حتى وان كانت لدي علاقات جيدة مع ياسر عرفات، الذي يريد ان ينظر اليه المسؤولون الاسرائيليون كشريك يوثق به، لانه اثبت عدم قدرته على الاقدام على ما اسميه «المبادرة الاخيرة» او الخطوة الاخيرة.
في محافظة الكوريز عندما يبدأ البائع والمشتري في الاسواق المفاوضات حول سعر رأس الغنم، فان المفاوضات يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية. ولكن ما يلبثان ان يتفقا حتى يتصافحا. واعتبارا من هذه اللحظة، فان الامور تكون قد سويت.
وهما ليسا بحاجة الى التوقيع على ورقة ما طالما انهما متأكدان من ان المبلغ المتفق عليه سيدفع.
نقطة ضعف عرفات الكبيرة انه كان دائما يريد الحصول على المزيد بعد التوصل الى الاتفاق.
وغالبا ما قلت له انك لا تعرف المصافحة (ضرب اليد باليد) انك تريد دائما الحصول على المزيد.
الرجل ذكي، ونذر حياته للدفاع عن شعبه. وهو محترم على اكثر من صعيد.
ولكنه بطبيعته العميقة لا يعرف كيف يضع حلا لنقاش او لمطلب. وكان يعود دائما للمطالبة باكثر مما حصل عليه. وبالنسبة له المكتسبات دائما غير كافية.
الاسرائيليون لديهم فكرة واضحة ومحددة حول ما يريدون ونادرا ما يغيرون مواقفهم، وهذا ما كان يجعل الحوار مع عرفات صعبا وشبه مستحيل. وكان يمنع الاسرائيليين من الثقة الكاملة به.
لياسر عرفات اسبابه الخاصة، وكان محقا ببقائه حذرا من محاوريه الذين كانوا دائما يبالغون بتصلبهم.

عودة النفوذ الفرنسي إلى الشرق الأوسط
في الحادي عشر في أبريل - نيسان اطلقت اسرائيل، التي ضاقت ذرعا بغارات حزب الله المتكررة، عملية «عناقيد الغضب» ضد مواقع الحركة الشيعية في جنوب لبنان. وذلك قبل خمسة أسابيع من الانتخابات العامة في اسرائيل.
شيمون بيريس أراد إثبات انه يعرف استخدام كل الوسائل لضمان أمن بلاده. ولكن عرض العضلات هذا انتهى في قانا بمجزرة راح ضحيتها أكثر من مائة مدني لبناني قتلوا في مخيم للأمم المتحدة بقذائف اسرائيل.
وقد تأثرت بشكل خاص بهذه المأساة التي اثارت المشاعر في العالم أجمع. وقد عملت فرنسا بكل قوتها من أجل الحصول على وقف لاطلاق النار في بلد، حيث حصلت مأساة قانا تربطها فيه روابط الاخوة منذ زمن بعيد.
وفي الرابع عشر من ابريل، وبعد ان استقبلت رئيس الوزراء اللبنانبي رفيق الحريري قررت ارسال وزير الخارجية ميرنيه دو شاربت لمحاولة وضع حد للعداوات.
وكما اسلفت، فإن الولايات المتحدة لم تنظر بعين الرضا للتدخل الفرنسي، فواشنطن ترى ان وساطتنا تشوش على التحرك الدبلوماسي الأميركي حيال السلطة السورية، ولكن في الواقع السلطة السورية تفضل الحكومة الفرنسية كمحاور، كما استنتج لاحقا وارين كريستوفر وزير الخارجية الأميركية الذي وصل في الوقت ذاته الى المنطقة.
وخلال اللقاء الذي جرى بين وزيري الخارجية الأميركي والفرنسي في دمشق واتسم بالحدة، قال كريستوفر لدو شاريت ان تل أبيب وواشنطن ليستا بحاجة الى فرنسا لتسوية هذا النزاع، ويجب الا ننسى ان مأساة قانا قد اساءت كثيرا لصورة اسرائيل لدى الرأي العام العالمي وأيضا للأميركيين في العالم العربي. والحضور الفرنسي تعزز في المنطقة وتدخل بلدنا أصبح لا بد منه للتوصل الى وقف لاطلاق النار في السابع والعشرين من ابريل تحت مراقبة لجنة تضم فرنسا والولايات المتحدة على قدم المساواة.

حليف للبنان
فرنسا، التي فرضت نفسها كأفضل حليف للبنان وعززت علاقاتها مع سوريا، تمكنت من استعادة جزء كبير من نفوذها في المنطقة، من دون ان يكون ذلك على حساب اسرائيل، والدليل على ذلك رسالة العرفان التي بعثها لي شيمون بيريس في 5 يونيو قبل ان يسلم السلطة الى منافسه في الليكود بنيامين نتانياهو: «انن تعاوننا كان مهما جدا، وأرغب في التعبير عن بالغ تقديري للجهود الشخصية التي بذلتوها لتحقيق التقدم المهم لمصلحة السلام في منطقة الشرق الأوسط، ان صداقتكم كانت في الحقيقة لا يمكن تقييمها».

نتانياهو يفضل سياسة الأمر الواقع
ان موقف خلفه كان أبعد من أن يكون عطوفا، بنيامين نتانياهو كان يحرص على احاطة نواياه الحقيقية بالغموض. وبدا في خطابه لنيل الثقة، الذي دعا فيه الى مفاوضات من دون شروط مسبقة، انه ينبئ بحسن الطالع، ولكن سرعان ما أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد انه يؤيد توسيع المستوطنات وشكلت حكومته على قاعدة رفض الدولة الفلسطينية، ورفض الانسحاب من الجولان ورفض أي تقاسم للسيادة على القدس.

جولة في المنطقة
عندما بدأت أعد في اكتوبر لزيارة اسرائيل ومعظم دول المنطقة كان الوضع فيها غير قابل للاحتمال. والتقدم الهائل الذي أحرز بين الاسرائيليين والفلسطينيين منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو وطابا كان يبدو مهددا، وانتخاب بنيامين نتانياهو ادى الى تلبد الأجواء أكثر فأكثر بسبب إغلاق الأراضي ردا على اعتداءات متكررة ومنتظرة من حماس في اسرائيل. كان يجب الانتظار لمدة ثلاثة اشهر لكي يوافق خلف بيريس في الرابع من سبتمبر على مصافحة ياسر عرفات. وكان يدعي انه يريد احترام الاتفاقات الموقعة. ولم يقدم على أي مبادرة لتأكيد حسن النوايا التي أعلن عنها.

الحلقة المقبلة
الفلسطينيون اعترفوا ولم يحصلو على شيء





Pictures%5C2011%5C06%5C14%5C6262ab84-6199-4948-926d-fc18685d44f1_maincategory.jpg
شيراك خلال الاشتباك مع الشرطة الاسرائيلية في القدس

vvvv
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 04:11 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (2) الفلسطينيون اعترفوا ولم يحصلوا على شيء

Pictures%5C2011%5C06%5C15%5C34ce4db9-91ad-4043-943f-f360f6f1a16b_main.jpg


باريس ــ القبس
صدر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان «الزمن الرئاسي» وتنشره دار «نيل» ويقع في 607 صفحات تختزل أكثرمن عقد من الزمن.
وتتحــــــدث عــــن المراحــــــل التي عايشها شيراك في قلب مـركـــــز الـقـــــــرار وأحــيــانا في قـــلــــــب صناعته.
تنشر الاقسام المتعلقة بالشرق الأوسط وتهم القارئ العربي، مثل العلاقة بين عرفات وشيراك، وكذلك العلاقة مع حافظ الأسد، وقول الاخير للرئيس الفرنسي «إن بشار مثل ابنك»، مرورا بالحرب الاميركية ضد العراق وتصدي شيراك لها، وصولا إلى اغتيال الحريري.
رئيس الوزراء الجديد لم يكن يفضل سوى سياسة الأمر الواقع، وفي الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر فجر نفقا تحت المسجد الأقصى في المدينة القديمة في القدس وحصلت مواجهات عنيفة مع الفلسطينيين.
هذا الانفجار ترجم تصاعد الغضب والسخط لدى السكان الذين وافقوا على الاعتراف بعدو الأمس، تكون لديهم الانطباع المذل بانه لم يحصلوا على شيء بالمقابل، والى جانب خيبات الأمل السياسية أضيفت الصعوبات الاقتصادية التي زادها اقفال الأراضي الفلسطينية حيث يعاني نصف السكان البطالة وحيث تزداد الظروف المعيشية سوءا يوما بعد يوم.
ومنع التنقل وصل الى درجة حتى ان سيارات الاسعاف التي تنقل الجرحى، خلال احداث سبتمبر، التي منعت من عبور الحواجز.

دور فرنسي
وسط هذه الاجواء لم يمكن امام فرنسا خيار سوى دعوة اسرائيل الى احترام الاتفاقات الدولية التي وافق عليها الكينست - اتفاقات يجب ان تؤدي الى ولادة دولة فلسطينية - ودعوة عرفات والفلسطينيين لمواصلة العمل لتحقيق الهدف الوحيد لذلك وهو مواصلة المفاوضات والسلام.
وبعد لقائنا في باريس في الرابع من اكتوبر اعرب زعيم السلطة الفلسطينية عن امله في ان تشارك اوروبا وفرنسا باطلاق المباحثات.
لكن هذا الطلب اصطدم برفض الحكومة الاسرائيلية التي تريد ان تحصر فرنسا بمهمة لعب دور الوساطة مع الدول العربية.

الإسرائيليون يأخذون
على باريس علاقاتها مع سوريا
وفيما يأخذ المسؤولون الاسرائيليون على فرنسا دعمها للفلسطنيين وعلاقاتها مع سوريا والعلاقات المدنية مع دول مثل العراق وايران، فانهم لم يترددوا بالطلب منا ان ننقل الرسائل الى بعض هؤلاء المحاورين من الذين يعتبرون انه لا يمكن الاتصال بهم، وبدت الحكومة الاسرائيلية الجديدة غير مستعدة للقبول بالدور الفرنسي خاصة ان باريس تطالب بالبحث عن اتفاق مع سوريا، التي تعتبرها لاعبا اساسيا في عملية السلام.

لماذا دمشق محطة أولى؟
ولم يكن اختياري لدمشق كمحطة اولى في جولتي الشرق اوسطية من باب الصدفة، حتى ولو ادى ذلك الى ازعاج السلطات الاسرائيلية.
فالبنسبة لي ان الامر لا يهدف فقط للتأكيد على عودة العلاقات الفرنسية - السورية. ولكنه يهدف ايضا لمساعدة سوريا على الخروج من العزلة للتشجيع على الحوار مع اسرائيل ولتخفيف القبضة السورية عن لبنان.

تحسن العلاقات مع دمشق ودور الحريري
اطلاق التبادل مع دمشق بدأه آلان جوبيه منذ وصوله الى الخارجية الفرنسيين عام 1993.
في ذلك الوقت كان الخلاف قويا مع سوريا منذ اغتيال السفير الفرنسي في لبنان لويس دولامار في سبتمبر 1981، وما تلاه من اعتداءات ارهابية لا يُشك بالجهة التي تقف وراءها.
بحصوله على موافقة الرئيس السوري حافظ الأسد على المشاركة، إلى جانب إسرائيل في مؤتمر برشلونة عام 1995، الهادف إلى إطلاق شراكة حقيقية أورو - متوسطية. مكن آلان جوبيه الدبلوماسية الفرنسية من تحقيق منعطف، أعتقد أنه لا بد من توجيه التحية إليه.

صديقي الحريري
وخلال الحوارات العديدة التي أجريتها مع صديقي رفيق الحريري، حول هذا الموضوع، تمكن من إقناعي بأنه من الخطأ الربط بين تحسين علاقتنا بسوريا وانسحاب القوات السورية من لبنان. وبالنسبة له يجب القيام بالعكس. في البداية يجب إقامة علاقات قوية مع دمشق، وهذا يتطلب مسبقاً رفع بعض الحواجز بين بلدينا، مثل تسوية مشكلة الديون السورية لفرنسا، والتي توقفت دمشق عن تسديدها في نهاية الثمانينات، وبعد وصولي إلى قصر الإليزيه كلفت سكرتير الدولة للشؤون المالية هيرفيه غيمار، الذي يعرف الشرق الأوسط جيداً، بالتفاوض بكتمان تام للتوصل إلى اتفاق مع السلطات السورية حول هذا الموضوع. وكان عليه التحلي بالصبر لمدة 15 شهراً تخللتها زيارات عدة إلى دمشق، ومفاوضات طويلة، ومبعوثين، ولقاءات طويلة مع الرئيس حافظ الأسد، الخبير في إخضاع محاوريه لعامل الوقت، للتوصل إلى اتفاق، كاد يطاح به عشية زيارتي الرسمية إلى دمشق في أكتوبر / تشرين الأول 1996. سخط هيرفيه غيمار، الذي حدد موقف المفاوضات، إذا ما احتج الجانب السوري على الاتفاق سمح بإزالة سوء الفهم قبل مغادرتنا، وتتخلى فرنسا بموجب هذا الاتفاق عن %60 من ديونها لتشجيع النمو الاقتصادي لبلد عانى في السنوات الأخيرة من الاكتفاء الاقتصادي الذاتي، والأهم في الاتفاق هو أن ألمانيا وافقت، وبعد أن أقنعناها، على تقاسم هذا الجهد معنا، علماً أن الديون السورية لألمانيا أكبر من ديون دمشق لباريس.

اللقاء مع الأسد
الأحد في العشرين من أكتوبر، حافظ الأسد كان في استقبالي في مطار دمشق، جسم نحيف، زاهد، وتكاوين هزيلة، النظرات ثاقبة، تنم عن قساوة تمتطر ستاً وعشرين سنة في السلطة المطلقة. الرجل ليس حاراً (ودوداً). وبدت أي حركة منه مسبوقة بحساب دقيق، ودرس مطول. هذا السفينكس (كائن خرافي في الميثولوجيا الأغريقية له جسم أسد ورأس وصدر امرأة وأجنحة أو تمثال أبو الهول). يعيش قبل كل شيء في الظل والكتمان.
نادرا ما يسافر او يظهر علنا. يتصل شخصيا بمساعديه، الممنوعين من الاتصال المباشر به. والغموض الذي يحيط به، الناتج عن الخوف والرعب منه الذي نجح بإحاطة نفسه به، سمح لحافظ الاسد ان يحكم شعبه حكما مطلقا، علما بان العلويين، الذين ينتمي اليهم، بالكاد يمثلون عشرة في المائة من السكان.
يُقال ان صحته منتكسة. وبدا لي بالفعل انه ضعيف جسديا. ولكنني لم اشعر انه فقد من سلطته على ادارة شؤون البلاد ولا من ارادته لتأكيد الطموحات الاقليمية لسوريا.
وعلى الرغم من البرود، الذي يستخدمه كدرع لحماية نفسه، وعلى الرغم من الجو الضاغط المحيط به، استقبلني حافظ الاسد بود، وكان حريصا على الاجراءات التي تسمح بإقامة علاقة ثقة بيننا. لقد اقام في القصر الرئاسي عشاء فاخرا على شرف الوفد الفرنسي ليلة وصولي، حيث منحني وسام الامويين الكبير. وفي اليوم التالي اجرينا جولة طويلة من المباحثات المنفردة استغرقت عدة ساعات. وكانت المباحثات «مُزخرفة» بحوار طويل من جانب واحد اعتاد حافظ الاسد على القائه بصوت رتيب لا يترك مجالا للتعبير عن اي شعور محدد او خاص.

الأسد قلق من نتانياهو
حافظ الاسد عبر عن قلقه وسخطه في الوقت ذاته من التحول الذي طرأ على السياسة الاسرائيلية منذ وصول بنيامين نتانياهو الى السلطة، «من الضروري- قال لي- الارتكاز الى قرارات مجلس الامن الدولي والاستناد الى مبدأ الارض مقابل السلام. ان الوضع الجديد يدعونا الى الاعتقاد ان اسرائيل راغبة بنسف هذه الاسس. وهذا تحدٍ للأسرة الدولية. الاتحاد الاوروبي، الولايات المتحدة والدول العربية تدعم اسس عملية السلام وتأمل بأن تتواصل لتحقيق اهدافها. ان السيّد نتانياهو يريد التراجع عن كل ذلك. ولن ينتج عن هذا سوى الدمار والمآسي والدعم في العالم اجمع».
أكدت للأسد أنّ فرنسا ترغب برؤية استئناف عملية السلام بمجملها من دون اي استثناء، وبأن تلعب دورا في هذا المجال بطريقة توازن وزن الولايات المتحدة وحلفائها. «ان فرنسا يمكن ان تكون نوعا من العراب» قلت لحافظ الاسد، الذي بدا انه غير منزعج من الصيغة.
وبالنسبة لإعادة الأراضي التي جعلت منها دمشق المبدأ لسلام دائم، بدأت بالتذكير بأن فرنسا تعتبر أن السيادة السورية على الجولان الذي تحتله إسرائيل غير قابلة للنقاش. وأضفت أن هذا الأمر ينطبق على لبنان، الذي يجب أن يكون سيداً على كل أراضيه. وهذا يعني إذا كانت فرنسا تطالب، تماشياً مع مطالب الشرعية الدولية، بالانسحاب الإسرائيلي غير المشروط من جنوب لبنان، فإن استعادة لبنان لسيادته ووحدة أراضيه يتطلب أيضاً، على المدى البعيد، مغادرة القوات السورية للبنان. حافظ الأسد أجابني قائلاً: إنه يؤيد الاستقلال الكامل للبنان، ويؤيد التنوع فيه لكي تتمكن كل الطوائف من الاندماج في اللعبة السياسية، وكان يشدد «على أن الاستقرار في لبنان يمر بالمصالحة الوطنية»، وكأنه يريد تحذيري، ولكن كيف لي أن أشكك؟ وإن شيئاً من هذا القبيل لن يحصل من دون موافقة سوريا. لقد غادرت دمشق متجهاً إلى تل أبيب بعد ظهر 21 أكتوبر، كان الليل قد حل عندما حطت طائرتنا في مطار بن غوريون. وكان علينا الانتظار دقائق عدة قبل أن نتمكن من مغادرة الطائرة. ومن نافذة الطائرة لمحت العبوث على وجه مسؤولة البروتوكول الإسرائيلي التي كانت ضمن الوفد الرسمي الإسرائيلي الذي ينتظر عند سلم الطائرة. وقلت لأعضاء الوفد الفرنسي «إن هذه المرأة تكرهنا، وعندما أنزل من الطائرة سأقبلها». الحكومة الإسرائيلية اغتاظت لأنني قررت أن أبدأ جولتي من دمشق، فأرسلت فقط وزير الخارجية لاستقبالنا.

استياء عميق
العشاء الرسمي الذي تلى وصولنا وأقيم في القصر الرئاسي في القدس بحضور رئيس الدولة عازار وايزمن، ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، تم في أجواء مريحة، حيث احتفلنا بعيد ميلاد رئيس الوزراء السابع والأربعين، ولكن نظرات بعض مضيفينا، خصوصاً رئيس الكنيست كانت تعكس الاستياء العميق في السياسة العربية لفرنسا، ومن تأكيد الدعم الفرنسي للقضية الفلسطينية. كان يتعين علينا أن نحل أول مشكل قبل وصولنا، وهو يتعلق «ببيت الشرق» المقر غير الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس الشرقية .
لقد اعتاد وزراء الخارجية الفرنسيون خلال زياراتهم، على غرار معظم زملائهم الاوروبيين، زيارة بيت الشرق، وذلك علىالرغم من الضغوط الاسرائيلية لمنعهم، وهذه الضغوط قد زادت بعد تغيير رئيس الوزراء، الذي اوضح لنا صراحة بعيد وصوله الى السلطة ان الزوار الاجانب الذين يصرون على زيارة بيت الشرق عليهم ان يتخلوا عن زيارة اسرائيل، وامام مخاطر احتمال اقفال بيت الشرق نهائيا على حساب الفلسطينيين طلبت من وزير الخارجية هيرفيه دوشاريت عدم مرافقتي الى تل ابيب، اي بكلام آخر، اخترت حيال مضيفينا الحل الاقل استفزازا دون أن أظهر تنازلا امام مطالبهم، وقام هيرفيه غيمار، الذي اصبح سكرتير دولة للشؤون الصحية، بزيارة بيت الشرق.

حادث القدس
هذا التنازل لا يغير شيئا بالطبع في الموقف الفرنسي او الاوروبي في وضع القدس، الذي يجب ان يأخذ بالاعتبار المطالب الفلسطينية، وهو يترجم عمليا بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل، ولكن يجب تجنب الحديث عن عاصمة اسرائيل. وعبارة حكومة تل ابيب ممنوعة من الاستخدام لكي لا يثور الرأي العام والحكومة الاسرائيليين، كما انه من المستحسن عدم التحدث عن فلسطين الا في المستقبل، لانه لا يوجد حتى الآن فلسطين مستقلة، كما انه يجب عدم الحديث عن المستوطنات الاسرائيلية ولكن المراكز السكانية.
كل هذه التدابير الاحترازية في المصطلحات اللفظية لم تكن كافية للحيلولة دون حصول الحادث الذي اصبح تاريخيا ووقع في الثاني والعشرين من اكتوبر غداة وصولي.
كان لدى الاسرائيليين همان اكيدان.
الهم الاول، وهم يشكرون عليه، وهو متعلق بتأمين حمايتي من دون تمييز وهم يعتادون على ذلك، واصبح مزعجا، والهم الثاني، وهو اكثر بغضا وسرعان ما اصبح غير مقبول، وهو الحيلولة دون اتصالي بالسكان الفلسطينيين اذا امكنهم ذلك، الامر الذي جعلني اغضب واعبر بشكل تلقائي وعفوي عن هذا الغضب، لم تكن هناك اي ارادة او اي حسابات من وراء ذلك، وهذا شيء طبيعي لأن رد الفعل العفوي هو بشكل عام الاكثر صدقا.

الحلقة المقبلة
رسالة الأسد إلى نتانياهو





Pictures%5C2011%5C06%5C15%5Cc77dfb3f-422e-40fa-98fc-96b51073c81a_maincategory.jpg
شيراك وحافظ الأسد



القبس
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 04:25 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (3) هكذا حاصرني الإسرائيليون في القدس القديمة





حافظ الأسد أبلغني أنه مستعد لكل شيء لاستعادة الجولان
أكدت إقامة مرفأ غزة بتمويل فرنسي
{لا أريد العمل فقط مع واشنطن} يقول نتانياهو سرا
نتانياهو اعتذر وهو يشبه المرافقين براغماتيكي أكثر منه قومي
نتانياهو أبلغني أنه يفضل إعادة أجواء الحوار مع دمشق عبرنا
الفلسطينيون استقبلوني كبطل أرسلته العناية الإلهية لهم
شكوى إسرائيلية من عرفات بأنه يضيف دائماً مطالب جديدة
الاستيطان يجب أن يتوقف ولا يجوز تمديد المرحلة الانتقالية
إسرائيل كانت منزعجة من زيارتي لغزة واستقبالي بحرارة
عرفات قدمني للنواب كمنقذ حقيقي عملية السلام


باريس ــ
صدر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان «الزمن الرئاسي» وتنشره دار «نيل» ويقع في 607 صفحات تختزل أكثرمن عقد من الزمن.
وتتحــــــدث عــــن المراحــــــل التي عايشها شيراك في قلب مـركـــــز الـقـــــــرار وأحــيــانا في قـــلــــــب صناعته.
تنشر الاقسام المتعلقة بالشرق الأوسط وتهم القارئ العربي، مثل العلاقة بين عرفات وشيراك، وكذلك العلاقة مع حافظ الأسد، وقول الاخير للرئيس الفرنسي «إن بشار مثل ابنك»، مرورا بالحرب الاميركية ضد العراق وتصدي شيراك لها، وصولا إلى اغتيال الحريري.
في ذلك اليوم، غادرت فندق الملك داوود في القدس الساعة التاسعة صباحا برفقة هيرفيه غيمار وكاترين كولونا وبرنار ايميه وجان دافيد ليفيت، لزيارة القدس القديمة، وتم الاتفاق مع السلطات الاسرائيلية مسبقا على الطريق التي سأتبعها، وعلى عكس ما قيل لاحقا، فإننا احترمنا خط السير الذي اتفق عليه ولم نحد عنه، والمسألة الوحيدة التي لم تكن في الحسبان جاءت من الجنود الاسرائيليين المكلفين بحمايتنا والتي تأكدت انهم تلقوا الاوامر بالتضييق على حرية حركتنا.
بداية لاحظت ان الجيش الاسرائيلي اغلق كل الازقة، وكل المحلات المحيطة وابعد الجماهير التي تحاول الاقتراب منا وأيديها ممدودة الينا لشكر فرنسا ولصداقتها، ولاحظت ان الشرطيين بدأوا بعزلي، هذه المرة عن الصحافيين الذين كانوا يرافقوننا الى درجة انهم منعوهم من ممارسة عملهم. وقد لفت نظري عدد منهم عما يحصل، تعودت على الصدامات. المصورون الصحافيون تعرضوا للدفع والتدفيش من دون مراعاة وحرموا من معداتهم.. فيما تصاعدت الشتائم من كل الجهات، وبات الوضع لا يطاق، حاولت عبثا ان أتصدى لذلك. ولكن الجيش الاسرائيلي لم يبالِ. والدورية التي يُفترض ان تتولى حمايتنا راحت تحاصرنا اكثر فأكثر، كلما تقدمنا وسط ضجيج وهرج ومرج لا توصف. وبعد ان تحملت هذا الوضع لعدة ساعات انتهى الامر بي بأن ضاق صبري واتهمت المسؤول عن جهاز الامن الاسرائيلي بالعمل الاستفزازي وهددته بالعودة الى باريس فورا اذا لم يوقف هذه التحركات، ونظرا الى عدد الصحافيين المتواجدين فإن هذا الهجوم المباغت سرعان ما عرف في العالم اجمع، ودوّى بشكل خاص في الدول العربية بقوة.
حادث جديد اندلع لدى وصولنا الى كنيسة القديسة حنة، وهي ملك الدولة الفرنسية منذ عهد نابليون الثالث، اي انها تحت الحماية الفرنسية. احطت علما بان الجنود الاسرائيليين قد تمركزوا داخل الموقع، فطلبت، وأنا أتواجد على اراضينا ان يخلوا المكان قبل ان ادخل فيه. وتعين علي ان انتظر عشر دقائق امام الكنيسة قبل ان يلبى طلبي. وعندما تحدثت خلال حفل الاستقبال الذي اقيم في الكنيسة للشخصيات الدينية والفلسطينية ذكرت بضرورة احترام الديانات الثلاث (المسيحية واليهودية والإسلام)، التي كيفت وأدبت روح المدينة المقدسة.

نتانياهو يشبه المرافقين
كانت الساعة تشير الى الثانية عشرة والنصف عندما عدت الى فندق الملك داوود. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي، الذي أرسلت اليه احتجاجا رسميا، بانتظاري. نتانياهو طلب ان يحدثني على انفراد. وبدأ بالاعتذار عن حادثي الصباح محاولا التقليل من اهميتهما.
وقال انهما نتجتا عن التشدد بالتدابير الامنية. وانه - شخصيا - يُزعج خلال تنقلاته. «جاك حقا اني آسف، قال لي بمكر، ولكن لو تعلم كيف يتصرفون معي، ان اضلعي تتلقى الضربات باستمرار!».
وتأملته في تلك اللحظات وقلت لنفسي انه يشبه احد المرافقين الاسرائيليين.. المنكبان عريضان، الشعر القصير، السير بسرعة، رجل مصمم واللهجة حاسمة.. «بي بي» كما يطلق عليه مواطنوه، لديه كل سمات القاسي. قامته العسكرية وجسمه الرياضي يعبران على الثقة بالنفس والحذر العميق من الذين لا يشبهونه. ولكنه ليس ايديولوجيا يخضع للقناعات القائلة بانتظار المخلص. ان خطابه القومي هو اقرب الى الرجل البرغماتيكي، وهمه الوحيد او الحصري هو ضمان الدفاع عن اسرائيل والحكم حالة بحالة على افضل السبل لحمايتها.
انه يستعير مراجعه قبل كل شيء من النموذج الاميركي. وبعكس الاكثرية الساحقة من مناصريه، فانه ليس رجلا متجمدا متحجرا في قناعاته، ولا غير مبال بوزن الضغوط الدولية. واذا كانت معرفتي به محدودة فآمل ان يكون واعيا بما فيه الكفاية ليتفهم انه ليس بمقدوره ان يوقف عملية السلام التي بدأت. والا يحاصر نفسه بتصلبه الذي يفرضه عليه انصاره.


رسالة الأسد إلى نتانياهو: مستعد للتفاوض من نقطة الصفر

بنيامين نتانياهو اعرب لي عن مخاوفه من الاستعدادات السورية لشن هجوم مباغت عبر الجولان. وان اسرائيل التي لديها مؤشرات جدية حول هذه المسألة تستعد لمثل هذا الاحتمال، ولكن حكومته، اوضح لي بتكتم، تفضل اعادة خلق الاجواء للحوار مع دمشق. فقلت له ان هذا الكلام يتماشى مع الرسالة التي طلب مني الرئيس حافظ الاسد ان انقلها له.
«مسألة الاراضي غير قابلة للتفاوض برأي الرئيس السوري، وهو مستعد لكل شيء لاستعادة الجولان. ولكن اذا ما وجهت اسرائيل له رسالة ايجابية فهو مستعد للبدء بمفاوضات من نقطة الصفر».


ورسالة سرية
من نتانياهو إلى الأسد

بنيامين نتانياهو طلب مني ان انقل بتكتم رسالة الى الرئيس السوري «يقول فيها انه بدوره لا يرغب باستخدام القوة، ولكن على العكس التوصل الى «ازالة التوتر»، وحدها فرنسا، قال نتانياهو، بمقدورها ان تساعدنا على قبول الدول العربية لبعض مطالب اسرائيل المعقولة. لا اريد ان اعمل فقط مع الولايات المتحدة، ولكنكم تتفهمون انه ليس بمقدوري ان اقول ذلك علنا».


الشك في نوايا نتانياهو السلمية

وبعدها انتقل نتانياهو وبلهجة ودية للحديث عن مسألة الانسحاب الاسرائيلي من مدينة الخليل. واشتكى من ياسر عرفات الذي يضيف باستمرار مطالب جديدة الى الاتفاقات التي تم التوصل اليها. وهو يعتبر اي نتانياهو ان مسألة اعادة انتشار القوات الاسرائيلية قد حلت سياسيا.
اذا ما واصل عرفات التردد فانه يلعب لعبة الارهابيين، وسنصل الى كارثة لا يمكن اصلاحها. والح علي ان انقل هذه الرسالة الى الزعيم الفلسطيني. ووعدته بان افعل ذلك، ولكنني الححت على النتائج الكارثية لاقفال الاراضي الفلسطينية.
واعدت التأكيد على طلبي بالتوصل الى اتفاق يزيل العقبة من امام مشروع مرفأ غزة بتمويل من فرنسا والاتحاد الاوروبي.
نتانياهو اجابني كدبلوماسي محنك انه اطلع على طلبي. ولكن مجرد ان امتنع عن الالتزام بهذا الموضوع وبتحسين شروط حياة الفلسطينيين كان كافيا بالنسبة لي لكي اشك في النوايا الحقيقية السلمية لرئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد.
وباعلانه بعد عدة اسابيع عن توسيع المستوطنات في الضفة الغربية والجولان فانه غامر بمخاطر قتل عملية السلام التي كانت في طور الاحتضان. وعرض نفسه لاستئناف العنف مع الفلسطينيين، وبتجميد العلاقات بين اسرائيل والدول العربية، والتي اكد لي انه يريد اقامتها، وبالنسبة للفيتو الذي وضعه ضد بناء مرفأ غزة، تحت حجة أمن اسرائيل، كيف لا يمكن رؤية الدليل على رفضه لاعطاء الفلسطينيين أي مؤشر جديد لسيادتهم؟

الاستقبال الفلسطيني
ولم يكن مفاجئا غداة حادثتي القدس الاستقبال الكبير الذي أجري لي في رام الله في الثالث والعشرين من أكتوبر، فبنظر الجماهير الفلسطينية اصبحت امثل نوعا من البطل الذي ارسلته العناية الالهية، فبالنسبة لها انا في ذات الوقت الذي تجرأ على تحدي الامن الاسرائيلي القوي وفي ذات الوقت الذي يتفهم اكثر من اي شخص آخر الضغوط المذلة التي يتعرض لها الفلسطينيون بعد ان خضع لتجربة رجال الامن الاسرائيليين واعرب عن ادانته لها.
هذا اضافة الى كوني اول رئيس غربي يزور الضفة الغربية منذ ان اصبح لديها جمعية تشريعية منتخبة بحرية ــ جمعية كنت اول رئيس دولة اجنبية يلقي امامها خطابا. كل الظروف تجمعت لتجعل مني رئيس بلد صديق، يتابع باهتمام مصيرهم ويهتم بالدفاع عن حقوقهم وتطلعاتهم الاكثر شرعية.
بعد ان حطت المروحية في رام الله والاستقبال الرسمي سمعنا نشيدنا الوطني تعزفه، بشكل مؤثر وترتكب فيه الاخطاء، الفرقة الموسيقية الفلسطينية، من دون ادنى شك لاول مرة، وعلى طول الطريق المؤدية إلى البرلمان تجمع آلاف الرجال والنساء يلوحون بالأعلام الفرنسية ويحملون اللافتات المكتوبة باللغة الفرنسية التي تحيي «شيراك» صديق فلسطين أو التي ترحب بي باللغة العربية وكتب عليها اهلا سهلا. بينما حمل آخرون صوري وصور الرئيس الفلسطيني.
والمشهد الأكثر تأثيرا كان تلامذة المدارس الذين يلوحون بحماس بالعلم الفرنسي بيد وبغصن الزيتون باليد الأخرى.
كان وجه ياسر عرفات منورا. وشعرت ان داخله يخفق بالفرح والفخر، عبقريته جعلته يعبر عن اكثر من عرفان الجميل والصداقة عندما دعاني «الدكتور شيراك» عندما قلت له خلال لقائي به في باريس انه بمقدوره ان يتصل بي في أي لحظة إذا كانت هناك اي مشكلة.
امام النواب الفلسطينيين الذين استقبلوني بحرارة بالغة لدى دخولي الى قاعة المجلس الوطني قدمني عرفات كمنقذ حقيقي. من أعماق قلبه قال، اننا بحاجة إلى الدكتور شيراك لاعطاء دفع جديد لعملية السلام. إننا بحاجة اليكم ختم خطابه وهو ينظر إلي.

الالتزام الفرنسي
الكل هنا يعرف التزام فرنسا لمصلحة اقامة دولة فلسطينية مثلما يعرفون حجم الدعم الاقتصادي والمالي. إن موقف بلدنا، الذي حدد منذ زمن طويل، ليس بحاجة إلى التذكير به لأناس ينتظرون، في ساعات الخوف القلق الجديدة أكثر من خطاب بسيط حول التضامن. لذلك قررت الذهاب إلى ابعد وتحدثت مباشرة وبشكل ملموس عن المشاكل الاكثر مصيرية التي يواجهون اليوم، لتحقيق التقدم، فإنه لا بد من احترام الاتفاقات الموقعة بروحيتها كما بأحرفها. ان فترة الحكم الذاتي يجب ان تسمح للطرفين بدراسة ما تم انجازه من قبل كل طرف. وتعلم العيش جنبا الى جنب واظهار ان السلام وحسن الجوار ليسا مسألة خيالية.
الوضع الانتقالي يجب الا يتم تمديده اعتباطيا. لأن هذه المسألة ليست حكيمة، ومن الآن يجب ان يتوقف الاستيطان، لان استمراره يضغط بشكل خطير على فرص التعايش المتناغم بين الفلسطينيين والاسرائيليين. ادخال التعديلات على الوضع القائم في القدس، تدمير المنازل، طرد السكان، تشييد الطرق الخاصة.. يجب ان تتوقف اذا ما اردنا السلام. وتجب حماية وحدة الاراضي الفلسطينية، وتماشيا مع احترام الاتفاقات الموقعة، فإن حرية التنقل يجب ان تُضمن داخل الضفة الغربية وبينها وبين غزة. واخيرا يجب ان نضمن للفلسطينيين حق تنمية اقتصادهم. فمن دون هذا الحق فإن السلام سيكون وهما. وهذا يتطلب وقف اغلاق الاراضي، وايضا حرية تطوير وتنمية التبادلات الخارجية للاراضي الفلسطينية.
ان انشاء مرفأ في غزة، الذي قررت فرنسا مع شركائها الاوروبيين دعمه، هو ضرورة سياسية واقتصادية.

القدس ضرورة للسلام
وأخيرا، لا يمكن ان يكون هناك سلام اذا ما استبعدت مدينة السلام، القدس، وأظهرت الاحداث المأساوية الاخيرة ذلك. نحو القدس المدينة المقدسة ثلاث مرات تتوجه انظار العالم اجمع. وانا أتفهم المشاعر القوية التي تثيرها. ولا يمكن الفصل بين قدسيتها للمسلمين والمسيحيين واليهود. وبالتالي، فإنه لا بد من الحفاظ على تعدديتها، لكي تحفظ هويتها الفريدة. الحل في القدس ليس دينيا او قوميا.
ومن الضروري ان تضم حرية المؤمنين، كل المؤمنين، بالوصول الى مراكز العبادة في كل انحاء المدينة. ومن الضروري - ايضا - ان فكرة السيادة على المدينة، من اي جهة اتت، يجب ان تسوى في اطار تفاوضي، وفقا لما تنص عليه اتفاقات أوسلو. والتسوية يجب ان تأخذ بالاعتبار تطلعات وحقوق كل الاطراف المعنية.

إلى غزة
وكان من المقرر ان أتوجه الى غزة لافتتاح شارع شارل ديغول، برفقة ياسر عرفات. وهناك مائة كلم تفصل بين رام الله والقطاع. واختيار خطة السير كانت موضع مفاوضات حتى اللحظة الاخيرة مع السلطات الاسرائيلية، التي لم تكن تنظر بعين الرضا الى هذا الانتقال، وتبذل كل ما في وسعها لعرقلته. ولم يسمح لمروحيتي بأن تطير في خط مستقيم كما كنت ارغب. وقد اجبرت على القيام برحلة طويلة لتجنب تحليقي فوق القدس، اي انني لم احظ بمعاملة خاصة. وهذا ما يُفرض بشكل عام على ياسر عرفات.
الاستقبال في غزة كان على غرار الاستقبال في رام الله حارا، وحماسيا لا ينسى، والتأثر يأتي لأننا كنا نسمع قلوب أمة يعاق تقدمها وتعيش بظروف مزعزعة وغير مستقرة، ولكنها مصممة على تأكيد ذاتها من خلال القوة الضئيلة التي تملكها، والصداقة مع فرنسا تشكل جزءا من هذه القوة، وخلال انتقالنا في شارع الجنرال ديغول حيث كان حرس الشرف يرتدي الملابس الفولكلورية ويواكبنا على الخيل شاهدت صورة الجنرال، عرفات اعتبر ان الشارع ليس على المستوى اللائق بالجنرال، فقال لي انه قرر منح اسم الجنرال لجادة كبيرة.
وبعد مراسم الافتتاح توجهنا الى الموقع الذي سينشأ عليه مرفأ غزة، وكان عبارة عن شاطئ بسيط، وكان القرار ببدء الاعمال ينتظر الضوء الاخضر الاسرائيلي، وكان لتواجدنا في المكان القيمة المعنوية لافتتاحه.
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 04:26 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (4) لم يبق شيء من الآمال المعلقة على انفتاح بشار وإصلاحاته

Pictures%5C2011%5C06%5C18%5Cf72b4c1e-162e-4c82-8303-efc3a874570a_main.jpg


باريس ــ القبس
صدر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان «الزمن الرئاسي» وتنشره دار «نيل» ويقع في 607 صفحات تختزل أكثرمن عقد من الزمن.
وتتحــــــدث عــــن المراحــــــل التي عايشها شيراك في قلب مـركـــــز الـقـــــــرار وأحــيــانا في قـــلــــــب صناعته.
تنشر الاقسام المتعلقة بالشرق الأوسط وتهم القارئ العربي، مثل العلاقة بين عرفات وشيراك، وكذلك العلاقة مع حافظ الأسد، وقول الاخير للرئيس الفرنسي «إن بشار مثل ابنك»، مرورا بالحرب الاميركية ضد العراق وتصدي شيراك لها، وصولا إلى اغتيال الحريري.

بعيد مغادرتي الى الاردن علمت ان السلطات الاسرائيلية قررت، وفقا للصيغة الرسمية، تشديد الحصار على الاراضي الفلسطينية خوفا من حصول اعتداءات انتحارية.
ارتقى العرش سنة 1952 كان عمر الملك حسين 61 سنة، وبعد 47 سنة من الحكم من دون انقطاع كان ملك الاردن اقدم رئيس دولة عربية، وواحدا من الاكثر احتراما في العالم، تمكن من القضاء على اصعب المحن ــ الهزيمة العسكرية، الاعتداءات، المؤامرات ــ ونجح بجعل المملكة الصغيرة لاعبا مركزيا ومؤثرا في تاريخ الشرق الاوسط.
ان الوضع الجيوسياسي للاردن ليس السبب الوحيد الذي منحه السلطة التي اعطاها للمملكة، وكان لهذه المملكة الهشة والاصطناعية ان تمزق تحت ضغط الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لو انها لم تتمتع بالشجاعة والذكاء السياسي لملكها الثاقب النظر.
صغير الحجم. الملك حسين لا يفرض نفسه بقامته الممشوقة، ما اذهلني دائما عندما كنت اراقبه هو السحر الاستثنائي الذي كان ينبثق عنه والذي كان يؤثر في كل زواره.
كان الملك حسين يصغي بانتباه الى كل ما يقال له، وكان يرد بصوت عذب يكاد يكون خجولا، ويساهم هذا الصوت بالهالة الخاصة التي كانت تحيط به.
كان انفتاحه الذهني وصدره الرحب مع ذكائه سمة تدفعه الى تفضيل التعاطي العقلاني مع المشاكل او المسائل.

استفزاز الملك
وكان هذا الملك الذي يبدو متسامحا وسمحا صعب المراس اذا ما كانت مصلحة بلده تقتضي ذلك، وبعد ان تمكن من ابعاد المخاطر التي تهدد المملكة حرص على توفير استقرارها، وهو ضروري لاستقرار الشرق الاوسط برمته. وهذا السبب دفعه لتوقيع معاهدة السلام مع اسرائيل عام 1994.
والملك الذي يستقبلني اليوم في قصره في عمان، يتساءل حول إمكانات الحفاظ على هذه المعاهدة، التي يتمنى مثلي الإبقاء عليها، أسر لي مخاوفه وقلقه على مستقبل عملية السلام الشامل. واجبته بأن الأردن الذي لديه علاقات جيدة مع كل الأطراف يشكل ورقة رابحة لا يمكن استبدالها. وأضفت أن تجربته الشخصية واعتداله وحس التسوية لديه تشكل مزايا هي مفيدة أكثر من أي وقت مضى في الظروف الجديدة.

سرطان الرئة
وفي نهاية اللقاء تساءلت عما إذا كانت صحته ستمنحه الوقت الكافي لمواجهة هذا التحدي الكبير. وكانت آخر مرة التقيت فيها الملك حسين في أغسطس 1992، عندما علمت أنه مصاب بسرطان الرئة. وبعدها خضع لعملية جراحية في المستشفى الأميركي، وبدا لي الرجل أنه هرم بشكل مبكر. بعيداً عن صوره، وهو شاب، والتي تزين المراكز الحكومية في بلاده.

محطة بيروت
بيروت شكلت المحطة ما قبل الأخيرة في جولتي الشرق ـ أوسطية. وسبق لي أن قمت بزيارتها رسمياً في أبريل 1996 قبل إطلاق العملية العسكرية الإسرائيلية ضد مواقع حزب الله في جنوب لبنان. وإقامتي السريعة في بيروت لأربع وعشرين ساعة كانت تهدف إلى التعبير للشعب اللبناني عن تضامن ودعم فرنسا في المرحلة الجديدة من التوترات التي يمر بها. ومعظم الشخصيات التي التقيتها أعربت لي عن تخليها عن الأمل في تحقيق السلام على المدى القريب. فهي تعتبر أن سياسة نتانياهو ستؤدي إلى الحائط المسدود. وكان مما يزيد من شحوبها أنها كانت تعتمد على السلام تحديداً لتشجيع إعادة الإعمار التي بدأها رفيق الحريري رئيس الوزراء بمهارة ويد معلم. منذ وصوله إلى السلطة في أكتوبر 1992 استطاع رجل الأعمال هذا، صاحب الوجه البشوش، أن يفرض نفسه كرجل دولة، وهذه المسألة لم تتم من دون دفع رجال السياسة التقليديين. ونجح بذكاء تكتيكي أن يجمع حوله عدداً من مكونات الأمة المستعدة دائماً للانقسام، بسبب موازين القوة الطائفية الخاضعة لتأثير الجيران الأقوياء. بانتظار أن يستعيد استقلاله وسيادته وجد لبنان في شخص رفيق الحريري قائداً ينتظره منذ زمن طويل ، رجل الإصلاح الذي وضع في خدمة بلاده كل الطاقات والطموحات التي مكنته من تشييد مؤسسة التجارة والمالية. لقد التقيت به لأول مرة في منتصف الثمانينات بمناسبة معرض سعودي في باريس. وقد جاء إلى قصر بلدية العاصمة، ليقدم لي مشروع المعرض الذي كلفه به ولي العهد السعودي الأمير فهد، وكان قد أصبح واحداً من أكبر المقاولين في المملكة، وسريعاً أن نشأت بيننا صداقة. ولم اعتد خلال حياتي أن أعاشر رؤساء المؤسسات الاقتصادية الكبرى، ولكنني كنت بشكل خاص أنشد دائماً إلى العصاميين منهم، وانطلقوا من لا شيء تقريباً، ولا يدينون بجهودهم الاجتماعي الا لذكائهم وارادتهم وديناميتهم. وهذا واحد من الاسباب التي تجعلني أحترم واعطف على رفيق الحريري، اضافة الى الروابط القوية التي نشأت بيننا وبين اسرتينا.

مثال رفيق الحريري
بالنسبة الى لبنان، رفيق الحريري سمح لي بتكوين رؤية كاملة وصحيحة عن التنوع الاجتماعي، الديني والثقافي، الذي يصهر هوية هذا البلد المعقد للغاية. وكونه من الطائفية السنية، فانه مكنني من فهم الضرورة لفرنسا بان تأخذ بالاعتبار كل التيارات والحساسيات، أكانت مسيحية او مسلمة، والا تكتفي فقط بالذين تشعر بانهم مقربون منها سياسيا او روحيا. وقد اعطى رفيق الحريري مثالا جميلا عن التسامح قبل ان يصل الى السلطة من خلال تمويل دراسة ثلاثين الف طالب لبناني من مختلف الطوائف من دون تمييز. ودعاني الى تقاسم هذه الفكرة الموجودة لديه عن لبنان.

محطة القاهرة
في الخامس والعشرين من اكتوبر، توقفت في مطار القاهرة للقاء الرئيس السابق حسني مبارك قبل العودة الى باريس. بعد عدة أشهر من وضعي اسس السياسة العربية والمتوسطية لفرنسا، أعربت عن رغبتي في ان انهي جولتي الشرق أوسطية، وهي الأطول لرئيس فرنسي في العاصمة المصرية. اكبر جدارة واستحقاق لحسني مبارك - برأيي - انه ابقى على عملية السلام والانفتاح، الذي بدأه انور السادات تجاه اسرائيل. وهذه السياسة اصبحت اكثر صعوبة، لانه تعيّن عليه ان يواجه الاسلاميين الراديكاليين، وكان سلفه ضحيتهم. وفي الوقت ذاته بقيت مصر تشكل الدعم الحقيقي للفلسطينيين في المنطقة. وهنا تكمن اسباب التفاهم والتقارب بين بلدينا اللذين أصبحا بشكل ما الوسيط الضروري للقضية ذاتها والامل ذاته.

حافظ الأسد لشيراك: بشار مثل ابنك
{بشار ابني وعليك ان تتعامل معه كذلك}، قال لي الرئيس حافظ الأسد قبل وفاته في يونيو 2000، الرئيس السوري الذي حرص على اقامة علاقات جيدة معي نظرا لوزن فرنسا في المنطقة ولتأثيرها في لبنان، كان حريصا، بشكل واضح، على اعطاء خلفه، الذي لم تكن لديه التجربة الكافية، نوعا من الوصي.
خلال زيارته الرسمية الى باريس في السنة التالية قال لي بشار الأسد بدوره «تعرفون ان والدي كان يعتبر انه يجب ان اكون مثل ابنكم وارغب في ان تكون بيننا روابط من هذا النوع، ولكن هذه النوايا لم تدم وقتاً طويلاً، وبدا لي بسرعة أنني لا أجد في بشار الأسد نوعية العلاقات، التي أقمتها مع والده منذ لقائنا في دمشق سنة 1996 ، والتي تأكدت معه بعد سنتين لدى استقبالي له في باريس.

رجل يحترم كلامه
لقد ولد حافظ الأسد لدي دائماً، وبالرغم من عناده وقساوته وعدم القدرة على الإحاطة به، الانطباع بأنه رجل يحترم كلامه ومخلص في رغبته في الحوار مع فرنسا، متمسك بعظمة سوريا، وبمصير الأمة العربية، كان يعتمد على دعم فرنسا لمساعدته على وضع حد، من خلال احترام الاتفاقات الموجودة، لنصف قرن من النزاع مع إسرائيل. حافظ الأسد فهم أن بلدنا يقف إلى جانب الذين يبحثون عن إقامة السلام الشامل والدائم والعادل، وهذا لا يمكن الحصول عليه إلا إذا أوفت الأطراف المعنية التزاماتها بدقة، وقد ذكرت بها الرئيس الأسد مثلما ذكرت السلطات الإسرائيلية ما أن أتيحت لي الفرصة.

إنهاء احتلال لبنان
لا يمكن التوصل إلى تسوية سلمية إلا إذا طبق مبدأ الأرض مقابل السلام على الجولان السوري من دون أدنى شك، وكذلك الأمر بالنسبة للأراضي الفلسطينية ولبنان، الذي يجب أن يستعيد استقلاله وسيادته، وهذا يتطلب أن تحظى إسرائيل بالأمن الكامل، وبحدود معترف بها، هذه الشروط، في نظر فرنسا، لا يمكن فصلها عن بعضها. وبالنسبة للبنان، الذي تتمسك فرنسا بمصيره، فإنها كانت تنتظر في سوريا وإسرائيل احترام وحدة أراضيه ، وأن تنهيا احتلالهما العسكري. باختصار إن انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان يجب أن تتبعه نهاية الوصاية السورية على بقية أراضيه ، والمفروضة منذ عام 1989 وفقاً لاتفاقية الطائف.

إميل لحود سطحي
حافظ الأسد، الذي لا يجهل المطلب الفرنسي، حرص، وبذكاء، على استشارتي عام 1998، على اختيار رئيس الجمهورية اللبناني، المقبل طلب مني أن أرسل له خمسة أسماء يختار واحداً منها، ووضعت اسم العماد أميل لحود بينها، والذي كانت سمعته جيدة وفرضته دمشق، وسريعاً ما تبين أن هذا الاقتراح مؤسف للغاية، فشخصية إميل لحود سطحية، من دون رؤية ولا كاريسما، ولم يكن لديه أي هدف سوى البقاء في السلطة بطريقة تسمح ببقاء الوجود السوري، الذي أصبح الشعب يرفضه رويداً رويداً.

عودة الحريري
في يونيو حزيران 2000 كنت رئيس الدولة الغربية الوحيدة الذي شارك في مراسم تشييع حافظ الأسد، واتخذت القرار، انطلاقاً من الحرص على الحفاظ على التفاهم مع سوريا، لخدمة قضية السلام في الشرق الأوسط، ولتمكين لبنان من التحرير، وكنت أتقاسم هذا الأمل مع صديقي رفيق الحريري، المسؤول اللبناني، الذي يجسد أكثر من أي شخص آخر ، تطلعات مواطنيه للسيطرة على مصيرهم. في ديسمبر عام 2000 رغم معارضة لحود، عاد الحريري إلى رئاسة الحكومة، مستنداً إلى الوساطة الفرنسية وإلى دعمي الشخصي له لتعزيز وضعه أمام الحكومة السورية، ولمحاولة التوصل إلى حل تشاوري للقضية اللبنانية .

تمديد التواجد السوري
في مايو 2001 استغللت قدوم الرئيس اميل لحود الى باريس لألمح امامه بشكل رسمي على ضرورة تطور العلاقات بين دمشق وبيروت باتجاه تحرك اخوي منفتح وتدريجي يأخذ بالاعتبار المصالح المتبادلة. ولكن يومها، وكانت القوات الاسرائيلية قد انسحبت من جنوب لبنان تطبيقا للقرار 425 الصادر عن مجلس الأمن، ويبدو ان السوريين قرروا تمديد تواجدهم العسكري.

لا آمال على بشار
وعوض ان يأخذ موقفا توافقيا بدا بشار الأسد مصمما على تشديد قبضته على لبنان الذي يستفيد منه هو والمقربون منه ويستغلون فوائد الاحتلال سياسيا واقتصاديا.
ولم يبق شيئا من الآمال المعلقة على انفتاحه والاصلاحات التي اثارها وصوله الى السلطة حيث بدا كرئيس دولة شاب تقدمي والى جانبه زوجته العصرية.
بشار حاصر نفسه بنظام السلطة واهتم فقط بمصالحه الشخصية والعائلية ومصالح طائفته، و«الابن» المفترض الذي كان حافظ الأسد يخشى على الأرجح من عدم قدراته وضعف شخصيته وطلب مني ان أقود خطواته الأولى وأحيطه بنصائحي، سارع الى الاصغاء فقط الى وجهات نظر الأشخاص الذين لا يعارضون خططه أو الذين لا يبعدونه عن منطق القمع والسيطرة، هذا المنطق الذي يقطع الطريق أمام الأمل بتطور النظام السوري.
عبثا حاولت اقناعه بتليين مواقفه لتسهيل اندماج سوريا في الأسرة الدولية، واذا تمكنت من الحصول على موافقته بمساندة التحرك الفرنسي في الملف العراقي، من خلال الاقتراع على قرار مجلس الأمن رقم 1441 في نوفمبر 2002.
فان بشار الأسد لم يحسن استغلال الفرص التي يقدمها سقوط صدام حسين لسوريا لكي تفرض نفسها كقوة توازن في المنطقة وذلك بالرغم من نصائحي له.(يتبع)




Pictures%5C2011%5C06%5C18%5C1cf2fa0d-b5f6-4ede-a9b0-fcba0d174eef_maincategory.jpg
شيراك مستقبلاً الأسد
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 04:38 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

ذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (5) بشار للحريري: إذا أراد شيراك إخراجي سأكسر لبنان

Pictures%5C2011%5C06%5C19%5C3d282fa4-f761-4e65-b9cb-73350d352a53_main.jpg


باريس ــ القبس
صدر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان «الزمن الرئاسي» وتنشره دار «نيل» ويقع في 607 صفحات تختزل أكثرمن عقد من الزمن.
وتتحــــــدث عــــن المراحــــــل التي عايشها شيراك في قلب مـركـــــز الـقـــــــرار وأحــيــانا في قـــلــــــب صناعته.
تنشر الاقسام المتعلقة بالشرق الأوسط وتهم القارئ العربي، مثل العلاقة بين عرفات وشيراك، وكذلك العلاقة مع حافظ الأسد، وقول الاخير للرئيس الفرنسي «إن بشار مثل ابنك»، مرورا بالحرب الاميركية ضد العراق وتصدي شيراك لها، وصولا إلى اغتيال الحريري.
خاطر بشار باتخاذ الموقف المناقض، اما بسبب الغرور او فقدان البصيرة، حيث يبدو انه كطاغية لا يقبل احد بالتعامل معه ولا يعي بالتغيير الذي يحدث حوله واكتفى بممارسة القدرة على الاساءة على حساب شعبه وجيرانه.

إسداء نصيحة
في نوفمبر 2003 بعثت بموريس غوردو مونتاني لإسداء النصيحة للأسد باسم فرنسا وايضا باسم المانيا وروسيا، بعد ان بحثت الموضوع مع غيرهارد شرويدر وفلاديمير بوتين، حيث انهما وافقا على هذا التحرك وعلى المبادرة الدبلوماسية التي تسمح لسوريا بالتأكيد على انها راغبة بالسلام وتعمل من اجل الاستقرار.
المبادرة، أيا كانت، يجب ان تطال لبنان بشكل طبيعي، بالدرجة الأولى.
واكتفى بشار بالقول لمبعوثي الخاص «هل تحملون رسالة من الأميركيين؟» وذلك قبل ان يُندد بعنف بالمخططات الأميركية الهادفة للاطاحة به.


فك العزلة
لم يرد بشار أن يفهم أن مصلحته تقتضي التفاهم مع فرنسا للخروج من عزلته في الوقت المناسب، والإفلات من نبذ الذين وضعوا بلاده في محور الشر.
وسوريا ليست الدولة الوحيدة في المنطقة المعنية بهذه المشكلة، وإيران حالة مشابهة، بسبب برنامجها النووي العسكري، حيث الشكوك تحوم حول نظام آيات الله بأنه يريد الحصول على القنبلة النووية، ففرنسا حاولت استغلال العلاقات الجديدة مع طهران، بعد وصول الإصلاحيين إلى السلطة سنة 1997.

الديون العراقية
وعلى الرغم من أن فرنسا لم تتمكن من إقناع البيت الأبيض بعد سقوط صدام حسين، وانتهاء العمليات العسكرية بتسليم إدارة العراق إلى ممثل الأمم المتحدة، وبوضع قوات الاحتلال تحت إمرة الأطلسي، فإنها حرصت على الالتزام بالمشاركة بإعادة بناء الاقتصاد العراقي. ولهذه الغاية استجابت مع 18 دولة معنية بالديون العراقية، لدعوة البيت الأبيض بإلغاء الجزء الأكبر من هذه الديون العراقية. هذه الدعوة التي حملها إلي وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر، وتم إلغاء جزء من الديون، وفقاً للقواعد المعمول بها في نادي باريس، الذي يضم 19 دولة غنية، ويهدف منذ إنشائه سنة 1956 إلى تقديم حلول تفاوضية لدى مواجهة الدول المستدينة مشكلات في دفع ديونها.
وألغت الدول الدائنة %80 من ديون العراق، وهي تعرف مسبقاً أن بغداد لن تسددها.

الشرق الأوسط الكبير
أحطت في فبراير عام 2004 بخطة الإدارة الأميركية الهادفة إلى إقامة الشرق الأوسط الكبير، وتعاطيت في البداية معها بتحفظ كبير ، انطلاقاً من أن هذا المفهوم الشامل لا يستند إلى واقع جيوسياسي كبير يبدأ من الرباط وينتهي في كابول، وكنت عند قناعتي بأنه لا يمكن حصول تطور شامل إذا لم نتوصل مسبقاً إلى حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، والصعوبات المتصاعدة التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها في مواجهة توسع الهجمات الإرهابية تجعل في رأيي عملية عودة الأمور الداخلية إلى طبيعتها في كل بلد من البلدان التي يشملها المشروع الأميركي غير مضمونة النتائج.

شراكة بشأن لبنان
ولكنني وجدت أن هناك مصلحة في إقامة شراكة استراتيجية مع واشنطن، نطبق بشكل محدود كيفية بوش في التحرك في لبنان. وحول لبنان وفي الخامس من يونيو وبمناسبة زيارة جورج بوش لإحياء الذكرى الستين للإنزال الأميركي في النورماندي، أتيحت لي فرصة بحث هذا الموضوع، الذي لم يكن مدرجاً على جدول المباحثات المعدة بعناية مع الرئيس جورج بوش خلال العشاء، في الشرق الأوسط، قلت له : هناك ديموقراطيتان، الأولى قوية هي إسرائيل، والثانية هشة وهو لبنان، ويجب مساعدته! ويبدو أن بوش لا يعرف جيداً هذا البلد، فشرحت له أهمية دعم لبنان، واستعادة استقلاله إن بالنسبة لسوريا أو بالنسبة لحزب الله الذي أصبح قوياً جداً بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، وقلت له إن هناك انتخابات رئاسية ستجري في لبنان في اكتوبر، وان هذه الانتخابات يجب ان تشكل مناسبة لانطلاقة جديدة اذا لم يكن رئيس الجمهورية - كالعادة - مفروضاً في دمشق:
«السوريون قد يسعون الى اعادة انتخاب الرئيس اميل لحود من خلال تعديل الدستور، ولكنني سجلت باهتمام اعلان كولن باول وكونداليسا رايس حول ضرورة اجراء انتخابات حرة من دون اي تدخل اجنبي.
ولاحظت ان ضمن الشروط لرفع العقوبات الاميركية عن سوريا هناك الانسحاب من لبنان.. لنعمل معاً».
الرئيس الاميركي وافق فوراً. واقترح ان تبدأ كونداليسا رايس، وغوردو مونتاني - مستشاري الدبلوماسي - بالعمل معاً بأسرع وقت ممكن لتحديد الموقف الواجب اتخاذه.

الحريري أخبرني بتهديدات بشار بتصفيته
خلال صيف 2004، وبينما كان موريس غوردو مونتاني وجان مارك لاسابليير يعملان بشكل مستمر مع نظيريهما الاميركيين على صياغة مشروع قرار يطالب باجراء انتخابات حرة، وفي الوقت ذاته بانسحاب غير مشروط للقوات السورية من لبنان، حصل ما توقعناه انا ورفيق الحريري، اتفق بشار الاسد وفزاعته اميل لحود على تعديل الدستور بطريقة تسمح للاخير باعادة انتخابه، والتجديد ثلاث سنوات لولايته. رفيق الحريري الذي كان لا يزال رئيساً للوزراء سارع للتنديد بهذه الخيانة، استُدعي الى دمشق في 26 اغسطس، وذلك بعد ايام من لقائه مع موريس غوردو مونتاني لاطلاعه على مشروع القرار بصيغته النهائية.

تهديد الأسد للحريري وجنبلاط
رفيق الحريري اخبرني بالضبط بكل ما حدث في ذلك اليوم في مكتب الرئيس بشار الاسد، بحضور نائب الرئيس عبدالحليم خدام، الذي اكد ذلك لاحقاً في 25 ديسمبر للجنة التحقيق الدولية.
ذكر رئيس الوزراء اللبناني الرئيس السوري بالتزامه بعدم التجديد لاميل لحود. ورد عليه بشار الاسد بطريقة جافة ان هناك تغييراً في السياسة وانه اتخذ قراره، مضيفاً انه يجب اعتبار لحود ممثله الشخصي في بيروت. ومعارضته تعني معارضة بشار الاسد.
وهدد الرئيس السوري الحريري ووليد جنبلاط «بالثأر جسدياً». اذا ما اصرا على رفض الاعتراف بالدستور الجديد، وبالتالي القبول ببقاء اميل لحود في السلطة. «اذا اراد شيراك اخراجي من لبنان - صرخ الاسد - فانني سأكسر لبنان، واما ان تنفذ ما اقوله لك والا فسنطالك انت وعائلتك اينما كنتم».

حذرت الحريري
رفيق الحريري احاطني علماً بهذه التهديدات في المساء. وبدأت بالطلب منه ان يحيط نفسه بأقصى الاجراءات الامنية. وان يتجنب الى اقصى حد مغادرة مكتبه. حتى انني طلبت منه ان يبتعد عن لبنان، واتفقنا في الوقت ذاته على الاسراع بالتصويت على مشروع القرار في مجلس الامن.
وبالرغم من انشغالها بالتحضير للانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة، فان كونداليسا رايس - وبموافقة جورج بوش - ساهمت بنشاط في صياغة مشروع القرار.
وأجرت عدة مكالمات هاتفية مع موريس غوردو مونتاني الذي كان يرد عليها من مكتبي، وكنت على الهاتف مع رفيق الحريري. وفي الوقت ذاته جان مارك لاسابليير كان يسعى لتجميع اكبر عدد من الاصوات في مجلس الامن لاصدار القرار. وبشكل خاص التأكد من عدم استخدام روسيا او الصين لــ «الفيتو».

القرار 1559
علاقاتي الممتازة مع فلاديمير بوتين وهو جينتاو لعبت دوراً في المفاوضات في الثاني من سبتمبر ثم تبني القرار 1559 بتسعة اصوات وامتناع ست دول عن التصويت، بينها روسيا والصين والجزائر، وينص القرار على انسحاب القوات السورية وحل كل المليشيات اللبنانية واجراء الانتخابات الرئاسية وفقا للقواعد الدستورية اللبنانية.
وفي اليوم الثاني ناور بشار الأسد حتى النهاية، عبر الحكومة الاسبانية، لمنع صدور القرار، مطلقاً الكثير من الوعود، أعلن انه لا يأخذ القرار بالاعتبار وانه سيفرض التمديد للحود، وصب غضبه على رفيق الحريري. الذي حمله مسؤولية الوقوف وراء المؤامرة بالتواطؤ مع فرنسا، التي خانته، وبدأت الاعتداءات في بيروت ضد خصوم سوريا.
في 21 اكتوبر- تشرين الأول استقال رفيق الحريري من رئاسة الحكومة ليترأس المعارضة. وفي ذات الوقت قررت ارسال برنار ايميه كسفير الى لبنان وهو احد الرجال الذين التقى بهم بشار الاسد.

شتائم للارسن
وبالرغم من اوامر الامم المتحدة واصل ضغوطه التهديدية في لبنان، في بداية عام 2005 اعد استقبال حافل بالشتائم لممثل الأمم المتحدة النروجي تيري رود لارسن المكلف بالاشراف على تطبيق القرار 1559. وخلال استقبالي لكونداليسا رايس في الثامن من فبراير- شباط 2005 اطلعتها على قلقي من تصلب النظام السوري، المستعد للقيام بكل شيء، لكي لا يغير شيئا بلبنان، بما في ذلك دعم المنظمات الارهابية حالياً لضعضعة الاستقرار فيه.
«لا يمكننا ، قلت لها اترك الديموقراطية تخنق في لبنان، يجب تهديد سوريا بعقوبات مالية جديدة، انها الطريقة الوحيدة التي يمكن فيها اصابة نظام الفساد الذي اقيم بين دمشق وبيروت، يجب ان نطالب بتطبيق القرار 1559. ولان من شأن ذلك اضعاف صقور النظام في دمشق، لانه ليس لنا أي مصلحة برؤية قوس شيعي يمتد من طهران إلى حزب الله مروراً بالعراق وسوريا».
وزيرة الخارجية الاميركية عبرت لي عن موافقتها الكاملة على تطبيق التدابير التي اقترحتها، ولكن مأساة غير منتظرة، علماً للأسف انها كانت متوقعة، غيرت مجرى التاريخ اللبناني..

انهرت عندما تلقيت خبر اغتيال الحريري
قبل ظهر الرابع عشر من فبراير كنت اعقد اجتماعا في قصر الاليزيه عندما اعلمت ان اعتداء استهدف رفيق الحريري في بيروت، ولم يكن معروفا اذا كان جرح ام انه قد توفي، وبينما كنت اسرع بالعودة الى مكتبي جاءني الخبر انه لم يعد هناك اي امل، رفيق الحريري قتل بالانفجار الذي استهدف سيارته في حي السان جورج بالقرب من البحر، بينما كان يتوجه باتجاه الكورنيش لقد انهرت وكان خبر اغتياله واحدا من اسوأ الصدمات في حياتي، شعرت باغتيال رفيق كانني فقدت اخا، أفا كنت اقلق عليه منذ عدة اشهر، وعبثا حاولت ان احذره عدة مرات من التهديدات التي تتربص به لقد كان رفيق واعيا لها، وهذا الرجل الكبير لم يرض بالرضوخ لها، وكان في ذات الوقت يؤمن بالقضاء والقدر. «ليس لدي معلومات محددة، قلت له قبل اسبوعين من اغتياله عندما زار باريس، ولكن عليك توخي الحيطة. انهم مجرمون لا يتورعون عن شيء». وقبل ان يغادر مكتبي التفت رفيق الي وقام باشارة تعني «انهم لا يفعلون هذا!» وبعدها بيومين اتصلت بصديقنا المشترك باسيل يارد وطلبت منه ان يوصي رفيق بالحذر لان شعوراً سيئا انتابني.
اخبرت برناديت بالنبأ وتوجهنا الى منزل رفيق الحريري الباريسي، لنقف إلى جانب زوجته نازك، ولدى وصولنا كان هناك اصدقاء اخرون يلتفون حولها وسارعوا الى منزلها ما ان تلقوا النبأ، ضممت نازك الى صدري وقلت لها عدة كلمات، وعبرت عن حزني وقلت لها «انني لن اترك هذه الجريمة من دون عقاب».
وبالرغم من انني نُصحت بعدم الذهاب الى بيروت لأسباب أمنية، فإنه بالنسبة لي لا بد من توجيه التحية لذكرى رفيق الحريري، والمشاركة في الحداد مع مواطنيه، ولكنني استبعدت فكرة المشاركة في التشييع لكي لا أجد نفسي الى جانب الشخص الذي يتحمل مسؤولية كبير في دورة العنف والكراهية أميل لحود.



Pictures%5C2011%5C06%5C19%5C4e7c840a-7fdb-4e57-b87a-f6469b637214_maincategory.jpg
نازك الحريري تتلقى التعازي من شيراك وزوجته
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 04:43 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (6) بشار مسؤول عن اغتيال الحريري.. وأي فرضية أخرى لا معنى لها

Pictures%5C2011%5C06%5C20%5C2cc67c1c-2a5f-400a-a718-e93a0386848c_main.jpg


باريس ــ القبس
صدر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان «الزمن الرئاسي» وتنشره دار «نيل» ويقع في 607 صفحات تختزل أكثرمن عقد من الزمن.
وتتحــــــدث عــــن المراحــــــل التي عايشها شيراك في قلب مـركـــــز الـقـــــــرار وأحــيــانا في قـــلــــــب صناعته.
تنشر الاقسام المتعلقة بالشرق الأوسط وتهم القارئ العربي، مثل العلاقة بين عرفات وشيراك، وكذلك العلاقة مع حافظ الأسد، وقول الاخير للرئيس الفرنسي «إن بشار مثل ابنك»، مرورا بالحرب الاميركية ضد العراق وتصدي شيراك لها، وصولا إلى اغتيال الحريري.

لدى وصولي الى بيروت في 16 فبراير أدليت بتصريح مقتضب:
«لقد جئت الى بيروت لأحيي ذكرى صديق شخصي ورجل دولة تربطني به روابط كثيرة، لأقدم لزوجته ولعائلته التعازي المتأثرة بالمأساة التي ضربتهما ولأعبّر عن تضامني مع فرنسا وتضامني مع الشعب اللبناني في المحنة التي يمر بها.
ان الاعتداء الذي كلف رفيق الحريري حياته يثير الرعب والذهول، ان فرنسا تدينه بشدة وتطالب بالكشف عن كل ملابسات هذه الجريمة.
السيد رفيق الحريري ربط اسمه بالمعركة من أجل الديموقراطية، الحرية، الاستقلال وسيادة لبنان. ان هذا هو الالتزام الدائم لفرنسا صديقة لبنان دائماً. ومع الأسرة الدولية لن تترك جهدا لكي يتمكن هذا البلد من ممارسة خياراته بحرية وسنكون الى جانبه على هذا الطريق».
وبعدها انتقلت مع برناديت الى قصر قريطم للانضمام الى عائلة الحريري، التي هي جزء من عائلتنا، وبقينا هناك ساعات طويلة نواسيها، نواسي أولاده واصدقاءه المقربين.

عند ضريح الحريري
وفي بداية المساء ذهبنا للوقوف أمام ضريح رفيق في قلب بيروت وقد احاطت بنا جموع كبيرة بدأت تهتف لدى وصولنا بنوع من الخليط بين الغضب والحماسة «عاش شيراك! عاشت فرنسا سيريا أوت». الضريح هنا مغطى بالورود والاكفان. صمت ضاغط مثقل بالحزن والوقار يسيطر الآن على الساحة بعد هبوط الليل الذي تعبره أضواء الشموع الخافتة حملها الكثير من اللبنانيين، بينهم وفقط معهم أردت ان احيي صديقي الذي اغتيل بوحشية.
بعد ذلك اجتمعت عائلة الحريري، وقررت، بالرغم من ان رفيق لم يكن يجيز ان يتعاطى أولاده الشأن السياسي، ان يحمل سعد المشعل. وفي الوقت ذاته تهتم نازك بمؤسسة الحريري التي تنشط في مجال التعليم والصحة في لبنان وللبنانيين في العالم.
في نوفمبر 2009 أربع سنوات بعد الم‍أساة سعد الحريري فاز بالانتخابات التشريعية وأصبح رئيسا للوزراء في لبنان، وهو يتحلى بالكثير من الشجاعة والتصميم المهمة الثقيلة لمبادئ والده السياسية واستقلال وسيادة لبنان والحوار بين الطوائف.
ان بشار الأسد مسؤول عن اغتيال رفيق الحريري بنظري، وليس لدي أي شك بذلك حتى ولو أنني لا أملك الاثبات المطلق، غداة عملية الاغتيال طلبت من جاك مارك لاسا بليير ان يبذل كل ما بوسعه لتشكيل لجنة تحقيق دولية.
للكشف عن القتلة وإدانتهم، وكما قلت للرئيس بوش خلال لقاء بيننا في بروكسيل في 25 فبراير 2005، قناعتي ان هذا الاعتداء لا يمكن ان يرتكب الا عبر الاجهزة المنظمة وصاحبة الخبرة الذي يعرف كيف يعمل النظام العلوي في السلطة في دمشق، فإن الشك غير ممكن. ان القرار قد اتخذه الرئيس الاسد، وأي فرضية اخرى لا معنى لها.

الانسحاب السوري
في السادس من مارس لم يجد الرئيس السوري، الذي احتقر من كل الجهات واصبح واعيا انه مستهدف في الولايات المتحدة وفرنسا، سوى الاعلان عن سحب قواته من لبنان، انه انتصار رفيق الحريري موته، وبعد شهر وافق مجلس الأمن الدولي على تشكيل لجنة تحقيق دولية التي أملت في أن تشكل، وبدأت اللجنة بالتحقيقات، وكنت اتابع نتائج عملها باهتمام كبير.
التقرير الذي سلمه المدعي العام ديتلف ميليس للامين العام للامم المتحدة كوفي انان في 20 اكتوبر، حافل بالاتهامات لسوريا، ودعمت واشنطن وباريس طلب الحكومة اللبنانية بانشاء محكمة دولية لمحاكمة المتهمين المحتملين باغتيال رفيق الحريري، وبعد مفاوضات طويلة ومثمرة تبنى مجلس الامن الدولي قرارا في 30 مايو بهذا الشأن بعد مغادرتي لقصر الاليزيه بعدة ايام.
حتى نهاية ولايتي لم اتوقف عن الاهتمام والقلق على مصير لبنان والشرق الاوسط، ومنذ لقائي مع ارييل شارون في 27 يوليو 2005 وضعت الآمال الكبيرة بامكانية التوصل الى تطور سلمي للنزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، وشكل قرار رئيس الوزراء الاسرائيلي بالانسحاب من قطاع غزة خطوة ايجابية في هذا المجال.

وفاة عرفات
منذ وفاة ياسر عرفات، في باريس في نوفمبر 2004 بت واثقا من امكانية اجراء حوار مثمر مع الفلسطينيين، وبدا لي شارون، الذي كنت انظر اليه على انه رجل قاس للغاية، والذي كانت اتهاماته لفرنسا بمعاداة السامية تثير غضبي، مختلفا كليا في ذلك اليوم عن الفكرة التي كونتها عنه، فتحت درعه القتالي اكتشفت انه رجل يبحث عن السلام بذات الشجاعة والإرادة الحديدية التي أظهرها خلال القتال. وفهمته أكثر عندما راح يحدثني عن زوجته والمزرعة التي يربي فيها الأبقار. من ناحيته فهم ارييل شارون انني لست عدوا لإسرائيل كما وصفوني له، ولكنني أمثل فرنسا مخلصة لتقليدين صديقة اسرائيل وصديقة العرب، والصداقة الأولى ليست على حساب الصداقة الثانية. كما فهم انني أبحث فقط عن تقدم قضية السلام. ارييل شارون قال له انه قدر جهودي لإجبار سوريا على مغادرة لبنان.
في نوفمبر 2005، وقبيل ان يدخل في الغيبوبة بعد انفجار في الدماغ، طلب مني التدخل لدى الحكومة اللبنانية لكي يوقف حزب الله استفزازاته ضد اسرائيل، معربا عن قناعته بان هذه المنظمة الارهابية تهدف إلى خطف جنود اسرائيليين. وهذا ما حصل في يوليو 2006، حيث خطف حزب الله جنديين.
وافقت في البداية على الرد العسكري الاسرائيلي باسم الدفاع المشروع عن النفس، ووقعت على بيان مشترك مع قادة دول الثماني الكبرى للتنديد بالتصرف اللامسؤول للمنظمة الشيعية. ولكن الرد الاسرائيلي الذي وصل الى درجة قصف بيروت والبنى التحتية سرعان ما تبين انه مبالغ فيه لكي لا نقول مفرطاً. ولذلك، وانطلاقا من حرصي الدائم على فرض احترام وحدة الاراضي اللبنانية، اقترحت تعزيز القوات الدولية المنتشرة في جنوب لبنان عند الحدود مع اسرائيل وإعطاءها مهمة اكثر دينامية وكل السبل اللازمة لتفرض احترامها، ووافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار 1701 في هذا المجال في 11 أغسطس 2006. وفرنسا تحملت كل مسؤولياتها في تطبيقه على الأرض. كما فعلت دائما في كل مرة تحركت ليس فقط للدفاع عن السلام ولكن لفرضه.

التضامن بالاستقلالية
المواجهة مع بوش حول الحرب ضد العراق

في 27 مايو ايار 2002، وهذه مسألة استثنائية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، احتفل الرئيس الاميركي على الاراضي الفرنسية بهوميرال دي يوم الذكرى، وهذا الاحتفال يهدف لتسجيل كل سنة، ذاكرة الوطنيين الاميركيين الذين سقطوا خلال حرب الاستقلال.
واختار جورج بوش النورماندي ليحيي ذكرى آلاف الجنود الاميركيين الذين قتلوا في يونيو 1944 على شواطئ الانزال الاميركي لتحرير أوروبا من نير النازية، هذه المبادرة الرمزية، من خلالها يريد التأكد على ارادته بتصفية نير من النوع ذاته، الارهاب، «إننا ندافع عن حريتنا ضد الذين لا يتحملونها وهذا الدفاع يتطلب تضحيات مماثلة لتضحيات جدودنا» قال ذلك في مقبرة كولفيل سور مير.
من ناحيتي شددت على ضرورة تصفية البربرية الارهابية، ولكنني حرصت على تحديد أن هذا القتال المشترك يجب أن يهدف ليس فقط الى رفض التطرف ولكن ايضا العنصرية، فرد الآخر وكراهية الاجانب. أي باختصار كل انواع عدم التسامح.
وهذا الكلام لا يمكن ان يكون معنى حديث ضيفي عن الالتزام الشخصي للغاية ضد محور الشر.
خلال محادثات اليوم الفائت في الاليزيه اكد لي جورج بوش انه يعتبر ان صدام حسين يشكل تهديداً جدياً للسلام والاستقرار في العالم «ليس لدي خطط حربية على مكتبي» اكد لي من دون ان ينفي ان حكومته تؤيد تغيير النظام العراقي بأسرع وقت، المحادثات بيننا دارت في جو ودي كما حرص رئيس البيت الأبيض على قول ذلك امام الصحافيين، مؤكدا انه «لا يوجد حليف اقوى واصلب من جاك شيراك». واعتبرني صديقا شخصيا وصديقا حقيقيا للولايات المتحدة.

الصداقة تفترض الصراحة والاخلاص المتبادل

وقد حذرت جورج بوش بشدة من مخاطر تدخل عسكري محتمل في العراق، حتى انني كنت موافقا معه على المخاطر التي يمثلها صدام حسين، وقلت له «انظر الى ما سيحصل بالتحديد، في المرحلة الأولى ستنجح باحتلال بغداد من دون الكثير من الصعوبات. والأمور ستسوى خلال اسبوعين او ثلاثة اسابيع. ولكن بعد ذلك ستبدأ المشاكل. حيث ستواجه بداية حرب اهلية بين الشيعة والسنة والاكراد، الشيعة يمثلون الاكثرية وستكون عاجلاً ام اجلاً مضطراً لتسليمهم السلطة باسم الديموقراطية، وفي الوقت ذاته ستعزز موقع ايران في المنطقة وسينتهي بك الأمر بزعزعة بلدان ذات اكثرية سنية مثل السعودية وغيرها. وهذه الحرب الاهلية ستجعل العراق، الذي لم يصمد منذ نشأته من دون سلطة قوية، ينفجر من كل الجهات، وعندها لن يكون بمقدورك السيطرة على شيء، مع كل انعكاسات ذلك على التوازن في الشرق الاوسط». جورج بوش اصغى لي من دون ان يقاطعني. واعتلت ابتسامة ساخرة شفتيه وانتهى نقاشنا لهذا الموضوع عند هذا الحد.
يومها لم تكن لدي المعلومات المحددة حول انفجار النزاع قريبا. ولكن من دون ادنى شك ان اعتداءات الحادي عشر في ايلول سبتمبر وروحية الادارة الاميركية الجديدة المصممة على الثأر بكل السبل من الذل الذي تعرضت له في ذلك اليوم، وطروحات المحافظين الجدد المهيجة ضد صدام حسين والتي غزاها الأخير منذ نهاية حرب الخليج، جعلت الادارة الاميركية تتهمه بانه يدعم القاعدة ويقف خلف الاعتداءات الارهابية، واعتباره أكثر من أي وقت مضى العدو اللدود للولايات المتحدة، كما انه يُشك بقوة في ان يكون لدى الدكتاتور العراقي اسلحة دمار شامل تشكل تهديداً لأمن الاميركيين. وزاد من قناعة السلطات الاميركية التقارير الاستخباراتية المشيرة الى تطوير صدام حسين لترسانة اسلحة كيماوية وبيولوجية ونووية، خلال السنوات الاخيرة وهو بذلك لم يحترم قرار مجلس الامن رقم 687 الذي تم تبنيه سنة 1991، في نهاية حرب الخليج، في اطار اتفاق وقف اطلاق النار الذي يفرض عليه تدمير هذا النوع من الاسلحة والخضوع لمراقبة الامم المتحدة الصارمة، بغداد التي اجبرت على القبول بهذه المطالب حاولت المناورة دائما لعدم الالتزام بها من خلال عرقلة عمل المفتشين والتسبب برحيلهم في نهاية عام 1998 ولم يلتزم العراق بالقرار الا بشكل متقطع وكانت المراقبة محدودة مما لم يسمح للامم المتحدة بالتأكد من حقيقة وسائله الدفاعية.
ومنذ وصولي الى السلطة في مايو 1995 ولم تتاخر فرنسا عن بذل الجهود لاقناع السلطة العراقية ان لها المصلحة باحترام التزاماتها والتي وافقت عليها وان الموقف المسؤول يمكن ان يسمح برفع العقوبات وخصوصا الاقتصادية التي تضرب البلاد بشدة وخصوصا السكان منذ حوالي خمس سنوات، ومع الوقت اصبح الوضع الانساني اكثر مأساوية يوماً بعد يوم، التقنين الغذائي والنقص في الادوية كان يطال العائلات الاكثر فقراً، وخصوصا الاطفال حيث بات معدل الوفيات لديه مقلقا للغاية، وبمبادرة مشتركة من فرنسا، وروسيا والصين تم رفع الحظر جزئيا عن النفط بقرار من مجلس الامن عام 1996 تم وضع برنامج النفط مقابل الغذاء الهادف لتحسين الاوضاع المعيشية للشعب العراقي.
وفرنسا التي واصلت سياسة التشدد، تجاه نظام صدام حسين لا تعتبر في ذلك الوقت، ان الاستمرار في العقوبات غير المحدودة والتهديد بعمل عسكري يكفيان لتسوية ازمة يمكن ان تسبب بزعزعة كبيرة لكامل المنطقة، وابعد من ذلك، قناعتي هي ان سياسة «الاحتواء المزدوج» التي فرضتها واشنطن ع‍لى العراق كما على ايران غير فعالة ويمكن ان تؤدي الى طريق مسدود في غاية الخطورة، بينما المطلوب هو بذل تسهيل عودة كل من البلدين الى الاسرة الدولية شرط ان يحترما قواعدها.





Pictures%5C2011%5C06%5C20%5C66cd2f57-591b-491c-afd6-1ca985f05463_maincategory.jpg
شيراك أمام ضريح الحريري
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 04:56 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (7) تسربت خطة بوش لغزو العراق قبل سنة

Pictures%5C2011%5C06%5C21%5C99bbc577-75b2-4307-a43f-c84c55a900e3_main.jpg


باريس ــ القبس
صدر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان «الزمن الرئاسي» وتنشره دار «نيل» ويقع في 607 صفحات تختزل أكثرمن عقد من الزمن.
وتتحــــــدث عــــن المراحــــــل التي عايشها شيراك في قلب مـركـــــز الـقـــــــرار وأحــيــانا في قـــلــــــب صناعته.
تنشر الاقسام المتعلقة بالشرق الأوسط وتهم القارئ العربي، مثل العلاقة بين عرفات وشيراك، وكذلك العلاقة مع حافظ الأسد، وقول الاخير للرئيس الفرنسي «إن بشار مثل ابنك»، مرورا بالحرب الاميركية ضد العراق وتصدي شيراك لها، وصولا إلى اغتيال الحريري.

خلال عام 1998 بذلت شخصيا الجهود لدى السلطات العراقية ومع اعضاء في مجلس الامن للبحث عن مخرج دبلوماسي ولكن منطقاً اخر انتصر مع مواصلة صدام حسين استفزازاته للامم المتحدة، بالرغم من جهود الوساطة المتواصلة للامين العام للامم المتحدة كوفي انان، رجل السلام والحكمة والتسامح.
في اغسطس 1998 قرر صدام حسين تجميد التعاون مع مفتشي الامم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية ليقنع القوى المعادية له ان القوة وحدها يمكن ان تعيده الى الصواب، وجاءت الادانة شاملة لعملية الهروب الى الامام التي كانت محسوبة الخطوات ام انها حقيقية.
وبينما كنت استدعي السفير الفرنسي في بغداد دفع تشنج صدام حسين بالاميركيين والبريطانيين في ديسمبر 1998 الى توجيه ضربات جوية كثيفة ضد العراق.
فرنسا، التي لم تندد بالمبدأ، امتنعت عن المشاركة بالعمليات العسكرية التي اطلق عليها اسم «ثعلب الصحراء».

عرقلة المراقبة
وإذا كانت عمليات القصف الجوي قادرة على اضعاف القدرات النووية العراقية فإنها تحمل في طياتها مخاطر الحيلولة دون منع العراق لمراقبة برامج تسلحه النووي، البيولوجي والكيميائي، التي يمكن لصدام حسين امتلاكها.
وما اخشاه هو ان الخيار العسكري والابقاء على الحظر يواصلان معاقبة المجتمع المدني العراقي من دون اضعاف النظام او الحد من شعبية قائده لدى الرأي العام العربي. ولذلك، فإن فرنسا وبالاتفاق مع روسيا والصين، حاولت بين سنة 1999 وسنة 2001 التوصل الى حل يهدف الى اجبار العراق على احترام التزاماته الدولية من دون دفع البلاد الى الانهيار الانساني والاقتصادي الذي يمكن ان تستغله دعاية النظام التحريضية ضد الغرب، بينما كانت اهداف الولايات المتحدة اكثر راديكالية، وهي اسقاط نظام صدام حسين وتسهيل ولادة نظام ديموقراطي في العراق.
ووفقا لنص «تحرر العراق أكثر» الذي تبناه الكونغرس الاميركي بأكثرية كبيرة في اكتوبر 1998 وأصدره الرئيس كلينتون بمرسوم من دون ان يطبق.
ولكن بالنسبة لي الامر يتعلق بنقاش اخر لا يمكن ان يحسم بطريقة احادية الجانب ويتطلب احترام التدابير التي وحدتها الهيئة الشرعية المهنية لحل هذا النوع من المشاكل، اي الامم المتحدة.

المسؤولية الجماعية
في رسالة وجهتها إلى الامين العام للامم المتحدة في 30 سبتمبر 1999، اعربت عن رغبتي في أن تشكل قمة الالفية، التي ستعقد في الامم المتحدة في العالم التالي، مناسبة للتأكيد ع‍لى المبادئ السبعة الاساسية للنظام الدولي الجديد الذي نطمح لتأسيسه وهذه المبادئ هي:
مبدأ المسؤولية الجماعية في التحرك الذي يستبعد المحاولات الاحادية الجانب، ويقود الى ادارة جماعية للمخاطر الشاملة والتهديدات الضاغطة على شعوبنا.
مبدأ المساواة لكي تتمكن آليات تنظيم العولمة وادارة المخاطر الشاملة، من التحرك لمصلحة اكبر عدد، وتساهم في توزيع عادل للاعباء والمسؤوليات.
مبدأ التنوع للحفاظ على الغنى الثقافي، اللغوي، والبيولوجي في العالم في مواجهة مخاطر الاعلام الواحد الذي تحمله العولمة.
مبدأ التصافي لمكافحة استبعاد الاشخاص او الامم.
مبدأ الحذر الذي يجب ان يطبق على ابعد من مجال البيئة لنترك للاجيال المقبلة هذه الارض التي هي لهم.
مبدأ الحرية لضمان الديموقراطية في كل مكان واحترام الاعلان الدولي لحقوق الانسان.
واخيراً مبدأ التكامل لان القواعد الدولية الجديدة يجب الا تصاغ على المستوى الاقليمي والدولي الا عندما يكون لا غنى عنها.
وهذه المبادئ بالنسبة لي هي أساسية لا غنى عنها وتقود الموقف الفرنسي على مدى الأزمة العراقية. ويكفي اختصار الأسباب الأساسية لخلافنا، حول هذا الملف، مع الولايات المتحدة وحلفائها في اختبار القوة، الذي قادها باسم مبدأ الحرية فقط، الى التخلي عن المبدأ الأول الأساسي بنظري وهو مبدأ المسؤولية الجماعية الذي يمارس في اطار الأمم المتحدة.
خلال صيف 2002 بدأت التحضيرات الأميركية للحرب تتحدد

استعدادات الحرب
في الخامس من آب اغسطس 2002 اطلعني قائد أركاني الخاص هنري بنتيجا، الذي لدي ثقة مطلقة به، على مختلف العناصر التي تشير الى ان عملية عسكرية ضد العراق يمكن ان تبدأ في نهاية العام.
بداية: كون صدام حسين يستعد لمثل هذا الاحتمال وينشر قوات تحسبا لذلك، ومحاولته للحصول على اسلحة غير تقليدية من كوريا الشمالية بشكل خاص.
ثانيا بدء الولايات المتحدة بدعم من بريطانيا واستراليا لوضع قوات حول العراق.
وأخيرا التزايد الكبير للقوات الأميركية في المنطقة.

4 خيارات
ولكن يبدو ان وزارة الدفاع الاميركية لم تتخذ قرارا نهائيا حول استراتيجيتها. وهناك اربعة خيارات تدرس، عمل عسكري واسع على الارض يضم 250 ألف جندي بينهم 30 ألف بريطاني، ضربات جوية كثيفة، وقفة بتحرك عسكري على الارض، عملية عسكرية للمعارضة العراقية مدعومة بخمسة آلاف جندي اميركي وضربات محددة، واحتلال بغداد بسرعة والسيطرة على النقاط الاستراتيجية، ووفقا لهنري بنتيجا فإن واشنطن تفضل الخيار الثالث حتى الآن أي المؤامرة الداخلية التي تقوم بها عناصر الحرس الجمهوري يجري الاتصال بها ويلي ذلك تدخل عسكري ارضي اميركي تطلق بعد سقوط صدام حسين مباشرة، ومهما يكن الشكل، فإن آفاق النزاع المسلح لم تعد مستبعدة بنظري. حتى ولو أنني رفضت ذلك علنا... تخيل ذلك.
ولم أكن الوحيد الذي أخذ العملية العسكرية الاميركية على محمل الجد، في 2 ايلول سبتمبر عبر لي نيلسون مانديلا عن مخاوفه عندما اجتمعت به خلال القمة العالمية للتنمية الدائمة في جوهانسبيرغ، حيث قال لي بعد أن أمسك بيدي الاثنتين ونظر إليّ: «عليك ان تبذل كل ما بوسعك لمنع جورج بوش من الذهاب الى العراق».
وفي اليوم الثاني وجهت تحذيرا للطرفين.
ذكرت في البداية ان هدف الاسرة الدولية الاساسي هو عودة المفتشين الدوليين غير المشروطة الى العراق. ودعوة بغداد للقبول فورا بذلك، واشرت بعدها، والحديث موجه للولايات المتحدة، الى انه في حال واصل العراق تمسكه بمواقفه، وحده مجلس الأمن الدولي مؤهل لاتخاذ القرارات التي يُمكن ان تفرض نفسها: «أنا لا أحبّذ، كما تعرفون الأحادية من أينما جاءت» وهذا هو الموقف الذي لم أنفك عن تأكيده في الاشهر التالية، بهدف التوصل الى حل للمشكلة العراقية تماشيا مع مطالب القانون الدولي. هذا الحل لا يتمسك باللجوء الى القوة كحل لابد منه. ولكنه لا يستبعد ذلك شرط، كما اقترحت، ان يواصل صدام حسين رفضه التعاون، وفي قرارة ذاتي فإن الحل لا يهدف بأي شكل في الوصول الى الحرب مع السلطة في بغداد اي كان رأينا فيه.
«اننا لا نثق بأي شكل بالنظام العراقي، الذي اظهر في الماضي بما فيه الكفاية قدرته على الاساءة، حتى الى شعبه، قلت لطوني بلير خلال اتصاله الهاتفي بي في 6 سبتمبر.

شرعية التحرك
ولكننا نبقى على اقتناع ان افضل طريقة لضمان ذلك هي التأكد انه لا ينتج اسلحة دمار شامل في خلال عودة المفتشين الدوليين، وبالنسبة للتدابير التي يمكن اتخاذها اذا رفض العراق الاستماع لصوت العقل لا استبعد اي منها، وعلينا ان نبحث الموضوع، ولكنه في الاساس بالنسبة لفرنسا ان تضمن شرعية التحرك الدولي ويتم الحفاظ على استقرار المنطقة.
طوني بلير اعرب عن رغبته بلقائي قبل مغادرته الى الولايات المتحدة الاميركية للقاء الرئيس جورج بوش في اليوم التالي ولم يخف عني انه يشعر انه قريب جداً من الموقف الاميركي خصوصا انه يعتقد هو ايضا، ان افضل طريقة لضمان الهدوء في العالم تكمن بالتخلص بشكل او باخر من المسؤولين من امثال صدام حسين.
طوني بلير اعلن لي انه حريص على التحرك في اطار الامم المتحدة وانه يؤيد صدور قرار جديد عن مجلس الامن الدولي لاجبار صدام حسين على نزع اسلحته.

خيبة الأمل من بلير
سرعة التحاق طوني بلير الايديولوجي بالبيت الابيض خيبت املي به، ولكنها لم تفاجئني، فانظار بريطانيا تتجه دائما الى الضفة الاخرى من الاطلسي لمعرفة ماذا يحدث وما يقرر.
وهذه المسألة تقليدية لدى المسؤولين البريطانيين، وبعد ان حاول لدى وصوله الى السلطة التخلص من وصاية واشنطن لم يتأخر بلير عن تأكيد هذا التقليد، ما يحزنني ويثير استنكاري، في الحقيقة، انه لم يستفد من خبرة بريطانيا العريقة في الشرق الاوسط، وبالعراق تحديدا، وبالتحاقه منذ البداية طوني بلير للاسف حرم نفسه من كل قدرة حقيقية بالتأثير على التحليل الذي اجرته الادارة الاميركية للوضع الاقليمي، والذي تعرفه بدرجة اقل من بريطانيا، لقد تحمل بلير مسؤوليات كبيرة امام التاريخ.

فريقان حول بوش
بعد ظهر ذات اليوم، اتصل بي جورج بوش بدوره حرصاً منه على «اطلاعي واطلاع بعض المسؤولين الاصدقاء على موقفه من العراق» وبأنه يعي ان هذا الموقف يثير القلق في العالم وحتى داخل الولايات المتحدة، وعلى الارجح اراد الاشارة الى النقاش والخلاف داخل فريقه بين انصار الحرب الوقائية المستشرسين مثل نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وبين الوزراء الذين يريدون احترام الشرعية مثل كولن باول ووفقا للمعلومات التي وصلتني من سفارتنا في واشنطن فإن الرئيس بوش لم يحسم امره بالرغم من التصريحات التي ادلى بها ضد العراق امام الاكاديمية العسكرية في ويست بوانت في شهر يونيو الماضي.
بعيداً عن خلافنا حول العراق، أضاف بوش هناك نقطتان يمكننا الاتقاف حولهما: من ناحية أن صدام حسين يشكل تهديداً، ومن ناحية أخرى أنه يواصل تحدي الأسرة الدولية. وأخبرني أنه يريد إرسال عدد من الخبراء إلى بعض الدول، من دون أن يحددها، لتقدير حجم الخطر الذي يشكله صدام حسين. بعدها اقترح على الأمم المتحدة في التاسع من الشهر ذاته التدابير الواجب اتخاذها. على عكس كل ما قيل، والمراهنات هنا وهناك، لم يأخذ أي قرار في واشنطن، أكد لي بوش للمرة الثانية منذ لقائنا في 26 مايو/ آيار الماضي في الإليزيه. من ناحيتي، أعربت له عن أملي في أن يعود صدام حسين إلى الصواب، وأشرت مجدداً إلى أن العملية العسكرية تشكل مغامرة صعبة وخطرة. في اليوم التالي في هانوفر، دعاني المستشا ر الألماني غيرهارد شرويدر، إلى عشاء خاص في منزله. ومن بين المواضيع التي بحثناها مطولاً كان الملف العراقي، وكانت وجهات نظرنا متطابقة.

النقاط الأربع
كما أشار بعد ذلك المستشار للصحافيين خلال المؤتمر الصحافي المشترك، حول النقاط الأربع التي أشرت اليها للتو بأننا على اتفاق.
أولاً، إننا بوضوح وإصرار ضد أي عمل أحادي.
ثانياً: إننا نعتبر انه يجب أن يعود المفتشون الدوليون إلى العراق من دون أي شروط.
ثالثاً: إننا على اتفاق للقول إن للأمم المتحدة دوراً مهماً جداً تجاه العراق.
رابعاً: إننا متفقان على القول إنه لا يجد تغيير للأهداف المحددة، وهذه الأهداف هي عودة المفتشين الدوليين إلى العراق، من دون فرض ذلك بالوسائل العسكرية. وختم المستشار كلامه بالتأكد أن ألمانيا تستبعد مشاركتها في أي عمل عسكري، وهذا هو الفارق الوحيد بيننا، لأنني لم أستبعد بشكل قاطع مثل هذا الاحتمال. وشعرت بالراحة، كون فرنسا وألمانيا لديهما الرؤية ذاتها للمشكلة العراقية، والمعطيات نفسها، وأفضل طريقة لحلها، هذا التحالف يمكن أن يكون حاسماً لاقناع الولايات المتحدة بالتراجع عن أي عمل متهور، والاكتفاء بالتحرك التدريجي والمتوازن. بعد عام على اعتداءات المركز العالمي للتجارة، وقبل أيام من خطاب جورج بوش أمام الأمم المتحدة، قررت أن أعلن عن الموقف الفرنسي، حيث أعطيت مقابلة طويلة لنيويورك تايمز لتنشر في 9 سبتمبر/ أيلول. وطرح علي السؤال حول نظرية الحرب الوقائية، التي يروج لها الرئيس جورج بوش، وأوساطه الأكثر تطرفاً، وأعربت عن رفضي لهذا المفهوم: عندما تقرر أمة حق التدخل الوقائي، فإن ذلك يعني بشكل طبيعي أن أمماً أخرى ستقدم على مثل هذا التدخل. وأعتقد أن هذه النظرية خطرة للغاية، ويمكن أن تكون لها انعكاسات مأساوية، إن العمل الوقائي يمكن التفكير باللجوء إليه إذا تبين أنه ضروري، ولكن يجب أن يتم عبر الأسرة الدولية، التي هي اليوم مجلس الأمن الدولي. وأجبت على سؤال آخر، حول الطريقة الأفضل للتأكد من أن صدام حسين لا يطور أسلحة دمار شامل، وتغيير النظام، بإدانة هذا النظام بالتأكيد.





Pictures%5C2011%5C06%5C21%5C588bdb6d-85ab-4dfd-b352-b6d53abe83f5_maincategory.jpg
شيراك وبوش.. خلاف على الحرب الوقائية
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 05:16 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك رأيان ومنطقان بشأن الحرب ضد صدام

Pictures%5C2011%5C06%5C22%5C18df6505-cae0-40a4-b9e2-a0b4392fd3f0_main.jpg


باريس ــ القبس
صدر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان «الزمن الرئاسي» وتنشره دار «نيل» ويقع في 607 صفحات تختزل أكثرمن عقد من الزمن.
وتتحــــــدث عــــن المراحــــــل التي عايشها شيراك في قلب مـركـــــز الـقـــــــرار وأحــيــانا في قـــلــــــب صناعته.
تنشر الاقسام المتعلقة بالشرق الأوسط وتهم القارئ العربي، مثل العلاقة بين عرفات وشيراك، وكذلك العلاقة مع حافظ الأسد، وقول الاخير للرئيس الفرنسي «إن بشار مثل ابنك»، مرورا بالحرب الاميركية ضد العراق وتصدي شيراك لها، وصولا إلى اغتيال الحريري.
وسرعان ما تبين ان عمل المفتشين يمكن ان يكون مفيداً للولايات المتحدة فقط، اذا ما اظهر اثباتات ضد الدكتاتور العراقي.
باختصار يشكل عمل المفتشين المبرر الذي تبحث عنه الولايات المتحدة وبريطانيا لبدء العملية العسكرية وهما المصممتان على القيام بها.
لم استبعد على الاطلاق ان تشارك فرنسا الى جانب الولايات المتحدة الاميركية في العمليات العسكرية على غرار ما فعلت في البوسنة وكوسوفو ولكن اذا تبين انها شرعية.
ولكي تكون فرنسا على استعداد لذلك طلبت في ديسمبر من الجنرال بيتيجا الذي عين قبل مدة، رئيس اركان الجيوش الفرنسية ومن قائد اركاني الخاص الجنرال جان لويس جورجولان الاتصال بنظرائهما الاميركيين، وتم ارسال الجنرال باتريك كافيار نائب قائد العمليات في قيادة الاركان على الفور الى واشنطن، حيث استقبل بادب واهتمام، ولكن مسؤولي وزارة الدفاع الاميركية افهموه بسرعة انهم في طور وضع خططهم، وكلما مر الوقت اصبح من المستحيل حجز مكان لمشاركة القوات الفرنسية، وكان هذا يعني انه علينا منذ البداية ان نلتزم فوراً بالتحضيرات للعملية، والا سيتم استبعادنا عندما يحين وقتها.

رد للأميركيين
وعندما سألني الجنرال جورجولان في 6 كانون الثاني 2003 اذا كان من المبكر المخاطرة باعطاء رد للاميركيين عن احتمال مشاركة القوات الفرنسية اجبته بلا تردد نعم.
في هذا التاريخ وبالرغم من قيام فرق تفتيش الامم المتحدة منذ 27 نوفمبر 2002 بعملها من دون اي حادث وبوتيرة قوية، كان الشعور لدى الجميع ومن كل الجهات ان الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين تحاولان توجيه عمل المفتشين عبر اجهزتهما الاستخباراتية تستعدان للمواجهة.
في 9 كانون الثاني عرض هانس بليكس ومحمد البرادعي الحصيلة الاولى لعمل فرق التفتيش امام مجلس الامن الدولي، واشارا الى فائدة عمليات التفتيش ليس فقط لانها تجبر صدام حسين على فتح مواقع جديدة امام المفتشين وانما ايضا تساهم بمنع تطوير البرامج الممنوعة المحتملة، ولم يشيرا الى اي عرقلة من جانب العراقيين، حتى ولو كان تعاون هؤلاء غير كاف.
ولكنهما اعتبرا ان عمليات التفتيش تتطلب الوقت للتوصل الى نتائج ملموسة، وبكلام آخر العقبة الوحيدة امامهما تكمن بتحديد سقف زمني محدد لهما، والآلية التي وضعها القرار 1441 لا تفرض عليهما موعدا محدداً للانتهاء من عمليات التفتيش، ولكن كل النقاش تركز حول هذه النقطة مع الولايات المتحدة، التي تريد ان تبقى سيدة الاجندة كما يثبت ذلك انتشار القوات الاميركية الذي سيتسارع في المنطقة.

100 ألف جندي
منذ بداية الشتاء قامت بنشر اكثر من مئة الف جندي في الخليج وبتعبئة عشرين الف جندي من الاحتياط وبتجميع وسائل لوجيستية هائلة، كل هذا يشير الى ان الحرب اصبحت وشيكة.
في 13 يناير طلبت من موريس غودو مونتاني الذهاب إلى واشنطن للقاء كونداليسا رايس وعدد آخر من مساعدي الرئيس الأميركي النافذين، ولم يعد لدي شكوك حول حقيقة النوايا الأميركية ولكنني كنت راغباً بالتأكد منها.
وبعد ان وضعت الإعلان العراقي في 8 ديسمبر بالمزحة والنكتة لخصت رايس موقفها بالعبارات التالية: «صدام حسين لا يتعاون، انه يخدع العالم، يخفي الأسلحة، واذا كان تقرير المراقبين المقبل لا يتضمن معلومات أهم وأكبر من تقرير 9 يناير، يمكن عندها البدء بالمرحلة النهائية. ان مصداقية الولايات المتحدة على المحك. الجميع يعلم ان صدام حسين يغش ويخفي، واذا لم نتحرك فإن دول المنطقة كلها والعالم أجمع سيستنتج ضعفنا، اننا لا نريد تكرار تجربة السنوات الإحدى عشرة الماضية التي مرت بعد حرب الخليج، الشعب الأميركي لا يرضى بذلك، والسؤال الذي يطرح: هو كيف يمكن ان ندير سويا أميركيين وفرنسيين هذه المرحلة المصيرية، اننا نرفض تأجيل الأمر الذي لا يمكن تجنبه، أليس من الأفضل اذاً ان نذهب سوياً؟».

مغادرة صدام فوراً
والطريقة الوحيدة لتجنب الحرب، بالنسبة لكونداليسا رايس، هي مغادرة صدام حسين السلطة فورا على ان ينحى كل فريقه بعد فترة وجيزة واقامة حكومة ديموقراطية. وشددت على ضرورة تغيير النظام وبعدها يمكننا رفع العقوبات.
بعدها التقى مستشاري الدبلوماسي ببول وولفوميتش نائب وزير الدفاع، أحد أفراد المحافظين الجدد الأكثر حدة، والذي أظهر ان مواقفه متصلبة للغاية كما كان متوقعا وبدد الحجج الفرنسية بعنف شديد قبل ان يسخر من ثقتنا برئيس لجنة التفتيش الدولية: «لماذا تضعون سياستكم الخارجية بين يدي دبلوماسي سويدي والذي لديه من الرجال أقل من عدد أفراد الشرطة الفرنسية في مدينة صغيرة؟ ان صوت فرنسا يدوي أعلى من صوت بليكس!».

دعم بليكس والبرادعي
القي الزهر إذن، ولكنني لم أقبل فكرة انه لا يمكن تجنب الحرب. الحرب هي دائماً نتيجة للفشل واسوأ الحلول على الاطلاق كما ذكرت علناً خلال زيارة هانس بليكس ومحمد البرادعي الى باريس في 17 يناير قبل عشرة أيام من تقديمهما التقرير الثاني، حرصت على التأكيد لهما بثقة ودعم فرنسا المطلق. اعرف تماماً ان مهمتهما شاقة وانه يتعين عليهما تنفيذها بأصعب الظروف، فهما بين فكي كماشة المصالح والأهداف التي لا يمكن التوفيق بينها.

فتح الأبواب
لقد أسر لي كل منهما ان العراق يتعاون بشكل جيد، ولكنه سلبي. «يفتحون لنا الأبواب ويتركوننا نقوم بعمليات التفتيش، ولكن في العمق، لم نحصل حتى الآن على التعاون الذي نحن بحاجة اليه، ونحن بحاجة الى عدد من الاثباتات انه لا توجد اسلحة دمار شامل، ولم نتمكن من الاطلاع على عدد من الوثائق، مثلا، نريد رؤيتها، وهي على علاقة بالاسلحة البيولوجية أو الكيمائية. نريد التمكن من اجراء مقابلات على انفراد مع العلماء العراقيين للتأكد اننا نملك المعلومات التي نحن بحاجة اليها. على أي حال، اعترفا ان القرار 1441 أعطى قوة أكبر للمفتشين للقيام بعمليات التفتيش».
وهذا بالضبط ما كتباه في تقريرهما الرسمي الذي قُدم في 27 كانون الثاني الى مجلس الأمن الدولي، حيث اشارا الى ان تعاون السلطات العراقية لا يزال محصوراً أو ضعيفاً لكي تُعطى الأسرة الدولية في فترة قصيرة للغاية الأجوبة التي تنتظرها والمطلوبة من صدام حسين، وحتى هذه المرحلة من التحقيقات فان النتائج التي حصلا عليها في الحقيقة، بقيت مخيبة، ولكن ما هو اساسي برأيي انها تؤكد ان عمليات التفتيش يمكن ان تؤدي الى نتائج افضل اذا ما تركنا لهما الوقت.

خرق القرار 1441
النتيجة التي توصل اليها المسؤولون الاميركيون والبريطانيون تختلف كلياً بطبيعة الحال، بالنسبة لهم لا يوجد اي شك ان صدام حسين، من خلال موقفه، الذي لا يتعاون كثيراً، قد خرق القرار 1441، وفي اليوم التالي، وخلال خطابه عن حالة الاتحاد هاجم رئيس البيت الأبيض العراق بشدة، معلناً ان كولن باول سيقدم لمجلس الأمن في 5 شباط البراهين الدامغة حول امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل، وفي الاثناء التقى بطوني بلير في نيويورك، وخلال هذا اللقاء ولدت فكرة مشروع قرار ثان يستنتج ان العراق لم يحترم التزاماته، وبالتالي يجب استخلاص النتائج والتصرف على اساسها، وعلمت من جهازنا الدبلوماسي ان بلير ألح على هذه الفكرة.
وها نحن ندخل في المرحلة الثانية في القضية العراقية، حيث تركزت المواجهة بين رؤيتين للعالم ودور الامم المتحدة وبين مفهومين للعلاقات بين الشعوب والمبادئ التي يجب ان ترعاها، من ناحية تحرك متعدد الاطراف ويحترم الشرعية، من الناحية الثانية منطق مهيمن يستند الى المذهب الماني الفارسي وعقيدة الصراع بين النور والظلام، يفضل القوة على القانون، خط التصدع هذا يزداد هوة كل يوم حول العراق بين دول مثل فرنسا، وألمانيا وروسيا والصين واغلبية دول افريقيا واميركا اللاتينية المتمسكة بالبحث عن حل سلمي يستجيب الى مطالب مجلس الأمن الدولي واقلية من الدول تتجمع حول الولايات المتحدة وبريطانيا والتي تعتبر ان اللجوء الى السلاح يفرض نفسه كحل وحيد او على الاقل الاكثر فعالية امام المخاطر المباشرة لزعزعة الاستقرار في العالم.

تعزيز الأطلسي
وفي 30 كانون الثاني نشر قادة بريطانيا، الدانمرك، اسبانيا، ايطاليا والبرتغال في التايمز، وانضم اليهم نظراؤهم الهنغاري، البولوني والتشيكي، نداء لتعزيز الروابط ما بين ضفتي الاطلسي في مواجهة التهديد العراقي وخرق صدام حسين الدائم لقرارات الامم المحتدة، وشكل هذا الموقف قطيعة مع الموقف الاوروبي بالاجماع، وعبر عنه قبل ايام وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي قبل ايام، ويشكل التحاقاً من دون اي شروط، بطروحات البيت الأبيض، وبهدف محاولة الموازنة مع المقاومة الفرنسية - الروسية والألمانية، من ناحية وزير الدفاع الاميركي رونالد رامسفيلد يتهكم على موقف اوروبا العجوز.
نددت بهذه المناورات الدبلوماسية كما ينبغي، ولكن بنبرة غير موفقة، حيث اعتبرت انه كان حري بموقعي النداء، خاصة الذين دخلوا مؤخراً الى الاتحاد الاوروبي، ان يصمتوا. ولكن هذا ليس النوع الوحيد من الضغوط التي مورست علينا. لاجبارنا على تغيير موقف فرنسا وحلفائها. وذهبت الضغوط الاميركية الى حد تهديدنا بتخفيف احتياجاتنا لمعدات التسلح. وبالنسبة لبلدنا، فان الموقف الذي اتخذته ودافعت عنه دون هوادة حظي بدعم واسعٍ وشبه كامل من الشعب الفرنسي.
ولكن اصوات النشاز جاءت من النخبة، او من مدعيها، وبدأ بعض دبلوماسيينا يعرب عن خشيته من عزلة فرنسا.

تليين الموقف الفرنسي
اتحاد ارباب العمل وبعض رؤساء الشركات الكبرى المدرجة في البورصة يرسلون لي التوصيات حول ضرورة تليين الموقف الفرنسي تجاه الولايات المتحدة لكي لا تفقد شركاتنا الاسواق المهمة. اذكر جيداً البارون سيلبير، رئيس اتحاد ارباب العمل، جاء ليطلب مني ذلك باسم زملائه. كما ان التيار المؤيد للولايات المتحدة في الاكثرية والمعارضة ندد بشكلٍ علني الى حدٍ ما بعنادي في تحدي الاميركيين.
هذه التعليقات تهمني من دون ان تؤثر فيّ نظراً للمبادئ الكبرى الموجودة على محك الحرب العراقية. والانتقادات ذاتها وجهت للجنرال ديغول عندما كان يسمع صوت فرنسا بطريقة كان يحكم عليها انها مزعجة. ايا كانت المواقف لقد قررت المضي قدماً بموقفي مدعوماً بتأييد الفرنسيين لي. وبالنسبة لي لم تكن صداقتنا مع الشعب الاميركي، في اي لحظة من اللحظات، موضع خلاف او تشكيك. ولكن علاقتنا السياسية والدبلوماسية مع الولايات المتحدة يجب ان تبقى مخلصة لمبدأ التضامن بالاستقلالية وهذا المبدأ اتبعه منذ عام 1958 .

عرض باول
في 5 فبرايرـ شباط.. العرض، الذي اعلن عنه انه سيكون حاسماً لكولن باول امام مجلس الامن، لم يقدم اي عنصرٍ جديد، يسمح عن قرب او عن بعد، بتبرير الحرب الوقائية، و«الاثباتات» التي اظهرها، ترتكز الى تسجيلات هاتفية قدمتها له الاجهزة الاستخباراتية، لا تشكل اثباتات اكيدة. وهجومه على العراق، الهادف لتبرير التدخل العسكري الوشيك، يختصر بمجموعة من الشكوك والتهم، التي اعترف في وقت لاحق انها كانت تستند، ومن دون علمه، الى معطيات مزورة ان لم نقل مفبركة.
ولم تأت مداخلة بول بالنتائج التي كان ينتظرها البيت الابيض، ولكنها عززت مناعة معظم الدول الاعضاء في مجلس الامن برفض الحرب. ولاحظت ذلك في اليوم التالي عندما اتصلت على التوالي بفلاديمير بوتين، والرئيس المكسيكي فانسان فوكس، التشيلي ريكاردو لاغوس والرئيس السوري والكاميروني بشار الاسد وبول بييا. وبعد عدة ايام اكد لي الرئيس البرازيلي الجديد لولا داسيلفا دعم بلاده من دون اي تحفظ للقضية التي تدافع فرنسا عنها. وكان قد سبق له ان عبر عن ذلك خلال زيارته لفرنسا في 28 كانون الثاني.

موقفان
في 7 شباط بادرت بالاتصال بالرئيس جورج بوش، من دون ان يكون لدي اي اوهام، وقلت له اتصل بك كصديق للولايات المتحدة. لدينا تحليلان ضد الحرب او السلام.
انها مسألة أخلاقية، لديكم موقف ولدينا موقف آخر، انهما رؤيتان للعالم، يجب تحمل المسؤولية عنهما، ولكن هذا لا يجب ان يمنعنا من التحادث، واضفت انني لست من المسالمين ولكنني ضد الحرب عندما لا تكون ضرورية وهنا الامر دائماً مسألة اخلاقية.
الرئيس بوش رد بالقول «اقدر ترابطكم المنطقي ورأفتكم، انا ايضاً لا أحب الحرب، واعرف مثل اي رئيس دولة المسؤوليات التي تقع على عاتق الذي يقرر ارسال الجنود الى القتال، ولكن هناك مسألة واحدة تفصلني عنكم وهي ان صدام حسين يشكل خطراً على امن الشعب الاميركي. ولهذا فانني اتعاطى بشكل مختلف مع الاجندة».





Pictures%5C2011%5C06%5C22%5Ccb0d38de-020f-4eb1-82d7-f139e40346ec_maincategory.jpg
بليكس والبرادعي: صدام يتعاون.. دون وثائق
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
24-06-2011, 05:18 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (10) الحملة الأميركية علينا لمنعنا من استخدام حق الفيتو
Pictures%5C2011%5C06%5C23%5C2f8173cf-4acb-413f-b352-44b5719e7b7c_main.jpg


باريس ــ القبس
صدر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت عنوان «الزمن الرئاسي» وتنشره دار «نيل» ويقع في 607 صفحات تختزل أكثرمن عقد من الزمن.
وتتحــــــدث عــــن المراحــــــل التي عايشها شيراك في قلب مـركـــــز الـقـــــــرار وأحــيــانا في قـــلــــــب صناعته.
تنشر الاقسام المتعلقة بالشرق الأوسط وتهم القارئ العربي، مثل العلاقة بين عرفات وشيراك، وكذلك العلاقة مع حافظ الأسد، وقول الاخير للرئيس الفرنسي «إن بشار مثل ابنك»، مرورا بالحرب الاميركية ضد العراق وتصدي شيراك لها، وصولا إلى اغتيال الحريري.

النبرة من الجهتين كانت متزنة، هادئة مهذبة. وكانت دائماً هكذا. ولكن حوارنا لم يعد سوى حوار بين رجلين لم يبق لديهما الحجج، اطلعت على تصميمه على دخول الحرب ضد العراق مهما كلف الثمن والذهاب الى النهاية هذه المهمة التاريخية وشبه الروحانية، التي كُلف بها. واطلع على قناعتي بأنه يجب توفير الفرص أمام التوصل الى تسوية سلمية وأن النزاع الذي يتم التحضير له غير عادل وغير مفيد. وقبل انتهاء المكالمة اتفقنا على امكانية التعاون المستقبلي، بعد انتهاء الحرب لمساعدة العراق على اعادة اعمار نفسه ولاعادة اطلاق عملية السلام في المنطقة وكان هذا آخر حوار بيننا حتى 20 آذار 2003 تاريخ البدء بالعملية العسكرية ضد العراق وبالرغم من أنه لم تكن لديّ أي أوهام حول المجرى الذي ستأخذه الأحداث فإنني لم أقبل بفكرة أننا فقدنا كل الفرص لاقناع واشنطن ولندن بالعدول عن اطلاق هذه المغامرة. وبدت فرصة جديدة لتجنب الحرب في 14 شباط عندما قدم هانس بليكس ومحمد البرادعي تقريرهما الثالث لمجلس الأمن.

القدرات الحقيقية
وأشار البرادعي الى أن هذه المرة قدمت الحكومة العراقية معلومات أكيدة تثبت ارادتها في التعاون. وفي مجال الصواريخ الباليستية تسمح المعلومات التي قدمت للمفتشين بمعرفة القدرات الحقيقية للصواريخ التي بحوزته بدقة.
وفيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية تمكن المفتشون من الحصول من بغداد على وثائق أكثر وضوحاً. والوكالة الدولية للطاقة الذرية بدت في وضع يسمح لها تأكيد تفكيك البرنامج النووي العراقي خلال عدة أشهر اضافة الى استمرار طائرات الاستطلاع بالتحليق فوق الأجواء العراقية والمقابلات مع العلماء العراقيين. وعمليات التفتيش اذن بدأت تأتي ثمارها. ولكن هذا الاستنتاج لم يحرك ساكناً لدى التحالف الأميركي - البريطاني وقد انضمت اليه اسبانيا وبلغاريا، اللتان مورست عليهما عملية الابتزاز لدخولهما الى حلف شمال الأطلسي.
وللتأكيد على الأهمية التي توليها الدول الأعضاء في مجلس الأمن لهذا الموعد المصيري فإن وزراء خارجية هذه الدول قد توجهوا الى نيويورك والتحدث في الجلسة المخصصة للتعليق على تقرير رئيسي المفتشين. تعمد كولن باول التخفيف من أهمية التقدم الذي أُحرز للتمسك بموقفه وقال انه لم تكن اللعبة العراقية المزدوجة وتنكر العراق لواجباته أكثر وضوحاً في اليوم.
ودعا مجلس الأمن الدولي للتفكير بالنتائج الجدية لتهربه من مسؤولياته. وشدد على المخاطر المأساوية للتحالف الناشئ بين العراق والارهاب الدولي. وقال ان صدام حسين لا يزال يملك أسلحة الدمار الشامل التي يمكن أن تتسبب بموت مئات الآلاف من الأشخاص اذا ما وقعت بين أيد سيئة. ونظيره البريطاني زايد عليه حول المواضيع نفسها.

خطاب تاريخي
جاء دومينيك دوفيلبان الى نيويورك بطلب مني للدفاع عن وجهة النظر الفرنسية والخطاب الذي حضّره وقرأناه معا بدقة قبل مغادرته الى نيويورك، وهو خطاب كبير، بحجم اللحظة التاريخية التي كان العالم يعيشها.
دومينيك تحدث بكبرياء ودقة، بدينامية وزخم كل احاسيس البلد القديم بلدنا الذي شهد عبر التاريخ تجربة الحروب والبربرية والاحتلال مرافعته ودفاعه عن السلام، عن وحدة الاسرة الدولية، مسؤوليات الشعوب بمواجهة مصيرها الجماعي، مرفوعة بمثال اعلى ووعي يعطي كل معانيه لالتزامنا المشترك. وككل الذين داخل الامم المتحدة حيوه وقوفاً، كنت سعيداً وفخورا لبلدنا.
رد الفعل الاميركي كان اقل حماسة بطبيعة الحال، واثار خطاب دومينيك دو فيلبان والمقابلة التي اعطيتها لمجلة التايمز استياء الاميركيين وحفيظتهم، ولكي اشرح الموقف الفرنسي للجمهور الاميركي عرضت خطتي للتوصل الى نزع الاسلحة العراقية.

جريمة لا تغتفر
وأعربت عن قلقي من انعكاسات النزاع على الرأي العام العربي والمسلم. ومن انه يوجد عدد كبير من صغار بن لادن، نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني هو واحد من اكثر الذين هاجمونا بعنف، وخلال لقاء مع السفير الفرنسي في واشنطن بعد ايام، لم يتردد باتهام فرنسا بارتكاب جريمة لا تغتفر من خلال رفضها الحرب، وتعريض امن الولايات المتحدة للخطر في الوقت الذي تستعد فيه للقضاء على الشر.
وعبثا حاولنا تحذير البريطانيين من المخاطرة بالتقديم الى مجلس الامن بمشروع قرار يسمح باستخدام القوة، لانه في هذه الظروف لا يمكن لمثل هذا المشروع الا تجسيد الخلاف بين مجلس الأمن واحداث انقسام في الاسرة الدولية، وليس هناك مصلحة لاحد فيه في الحقيقة، لانه عندما يتعلق الامر بالحرب او بالسلام فلا يمكن التحرك بعبارات الاقلية او الاكثرية، وما نفع هذا النص لبريطانيا والولايات المتحدة طالما انهما مصممتان على خوض الحرب ضد العراق مع او من دون تكليف من الامم المتحدة، الا اذا كانتا تريدان التعرض للتنكر المحتمل لهما من قبل اكثرية الدول الاعضاء في مجلس الأمن.

غطاء لبلير
ولكن طوني بلير تمسك بقوة بمبدأ الحصول على موافقة الامم المتحدة، بهدف حماية نفسه معنويا وسياسياً من الرأي العام البريطاني المناهض للحرب، وانتهى الامر بالبيت الابيض بالموافقة على طلب بلير، خاصة انه واثق من نتائج التصويت. ووفقا للمعلومات التي وزعتها واشنطن، فان الولايات المتحدة واثقة من الحصول على تسعة اصوات في مجلس الامن من اصل 15 صوتا، على ان تمتنع الصين وروسيا عن التصويت، وبات على فرنسا اتخاذ قرار حول استخدامها للفيتو ام لا، وتتحمل كامل مسؤولياتها وهكذا تم توجيه اصابع الاتهام لنا مسبقا بأننا نتحمل مسؤولية الفشل.
في 24 فبراير اطلعت على مضمون مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا ودعمته اسبانيا والولايات المتحدة فاذا به يشبه الدُرج حيث لا توجد صياغة مباشرة لحقيقة الاهداف التي يتوخاها واضعوه، وبالرغم من النتائج التي حصل عليها المفتشون، فإن النص يكرر الاتهامات ذاتها للعراق، بشكل موارب وبالتلميح والايحاء، بعدم احترام التزاماته التي حددها القرار 1441 ولكنه يتضمن بشكل يكاد يكون مموها اللجوء الى القوة.
ونتيجة ذلك أعطيت تعليماتي لممثلنا في الأمم المتحدة جان مارك لاسابليير لبذل كل الجهود لكي تساند أكثر الدول غير الدائمة العضوية قضيتنا، والتي تتوقف على موقفها نتيجة التصويت. وكان علينا ان نركز على هذه الدول على غرار ما سيفعله الطرف الخصم وثقتي كاملة بسفيرنا في الأمم المتحدة وبذكائه وحنكته الذي أعرفه جيدا وأقدر موافقته على الأفكار التي ندافع عنها. ولكنني أدركت ضرورة أن نعبىء أنفسنا أنا ودومينيك دو فيلبان من دون هوادة حيال نظرائنا.

شرعية الحرب
كان المطلوب في المقام الأول إظهار أن مشروع القرار يهدف الىأمر وحيد مخفي ولكنه حقيقي الحصول من مجلس الأمن الدولي على شرعية العمل العسكري ضد العراق بينما معظم الدول الأعضاء لا يريدون ذلك، طالما ان المفتشين الدوليين لا يعتبرون أن ذلك ضروريا، ولذلك كان يتعين علينا ألا نتأخر بإطلاق حملتنا المكثفة لشرح موقفنا للحكومات المتأرجحة مثل الشيلي والمكسيك وباكستان وغينيا والكاميرون أو أنغولا أو الدول المؤثرة مثل الهند، البرازيل، جنوب افريقيا، اندونيسيا، اليابان، ايران، تركيا، ودول الخليج.
جبهة الرفض التي تبدو باريس أكثر من أي وقت على رأسها، تستند إلى المذكرة الموقعة في 10 فبراير من قبل ألمانيا وروسيا ووافقت الصين عليها. أعلم انه بمقدوري الاعتماد على التزام فلادمير بوتين، غيرهارد شرويدر وجيانغ زيمين، الكامل، وذلك على الرغم من الضغوط المالية والاقتصادية التي يتعرضون لها على الأقل بالنسبة للرئيسين الروسي والصيني.
أقدر الشجاعة والثبات التي أبداها مؤيدونا منذ بداية الأزمة وصمدوا أمام الضغوط ومحاولات التخويف التي تعرضوا ويتعرضون لها دائما. وبالمقابل آسف لالتحاق رئيس الوزراء الأسباني جوزيه ماريا ازنار بالطروحات الأميركية والبريطانية وللانتقادات الحادة لفرنسا. وجرى بيننا نقاش حاد عندما زار باريس في 26 فبراير.
أول اتصال هاتفي أجريته مع الرئيس الشيلي ريكاردو لاغوس بدا لي إيجابيا علما بانه كان يجري مفاوضات مع واشنطن حول اتفاقية للتبادل الحر بين بلاده والولايات المتحدة. وعلى الرغم من ذلك حرص على تذكيري بموقف بلاده المعادي للحرب وتفضيله للحل الذي نقترحه. ولكن عبر لي عن مخاوفه التي يتقاسمها مع عدد من الدول غير الدائمة في مجلس الأمن، في تحمل مسؤولية الاقتراع ضد الولايات المتحدة وانقسام مجلس الأمن. وعلى غرار نظيره المكسيكي أخشى ألا يعطي الأولوية لمصالح بلاده الاقتصادية مع الولايات المتحدة، ولكنه بدا لي ان الاثنين مرتاحان للاصرار الفرنسي على الذهاب، اذا ما دعت الحاجة الى استخدام الفيتو لمنع تبني القرار. وبعض الإشاعات المنطلقة في واشنطن جعلتهما يشكان بالموقف الفرنسي. وبعد المكالمتين الهاتفيتين أكدا لي انهما يتقاسمان قناعاتنا وانهما سيمتنعان عن التصويت على مشروع القرار اذا ما أكدت لهما ان فرنسا ستقترع ضده، على غرار روسيا، الصين والمانيا.
وفي الوقت ذاته كان المبعوثون الاميركيون والبريطانيون يتوالون على العواصم المعنية. بينما كثف طوني بلير وجورج بوش اتصالاتهما الهاتفية مع العديد من المسؤولين.
وفي بداية مارس ذهب هنري كيسينجر الى مكسيكو مستبقا وصول كولن باول، والتحرك الدبلوماسي الكثيف والملح طال باكستان، انغولا وغينيا.

اتهام بالعرقلة
كوندوليسا رايس بدورها أعلنت انها ستزور موسكو خلال الأيام المقبلة.
هذه الحملة كانت كافية لاقناعي بتعزيز جهودنا، في العاشر من الشهر الجاري بدأ دوفيلبان بجولة سريعة على ثلاث دول افريقية اعضاء غير دائمة في مجلس الأمن، انغولا، الكاميرون وغينيا. وبغرابة اعتبرت الولايات المتحدة ان تحركنا يحاول ان ينقل عنها ورأت فيه ارادة للعرقلة بينما نحن لم نقم سوى بالتحذير من مخاطر الحرب على الحل البديل.
في 7 مارس عزز تقديم المفتشين الرابع موقفنا، هانس بليكس ومحمد البرادعي اعربا عن اقتناعهما بالتعاون النشيط من قبل العراقيين يمكن أن يقود إلى نزع أسلحة هذا البلد، وتدمير السلطات العراقية صواريخها الممنوعة، شكل المثال الساطع والجلي، ولكن هذا التقدم الظاهر والواضح لم يمنع بريطانيا وأسبانيا والولايات المتحدة من التصلب، ففي اليوم ذاته تقدمت بمشروع القرار إلى مجلس الأمن، وأعطت إنذاراً لصدام حسين حتى السابع عشر من مارس/ أذار. بعد أن اقترحت أن يحضر قادة الدول والحكومات جلسة مجلس الأمن في نيويورك لتحمل مسؤولياتهم مباشرة، مبادرة رفضها فوراً جورج بوش، وأكدت علناً في 10 مارس خلال مداخلة تلفزيونية أن فرنسا ستصوت ضد مشروع القرار، أياً كان الدعم الذي يحصل عليه، وهكذا في حال حصول مشروع القرار على الأغلبية اللازمة، وهذا احتمال ضعيف، فإن فرنسا ستستخدم حق الفيتو، وهذا يعني وفقاً لقواعد الأمم المتحدة، أي القانون الدولي، أنه ليس هناك أي فرصة لاعتماد مشروع القرار.

ضغوط كبيرة
وحرصاً مني على شرح الموقف الفرنسي للأميركيين، ولكي لا أفسح المجال لتحريف الحقيقة، أعطيت مقابلة بعد أيام عدة لشبكتي «سي إن إن» و«سي بي إس». كان من الضروري أن أؤكد موقفنا علناً، بشكل يطمئن الرئيسين التشيلي والمكسيكي، اللذين أعلم ، من خلال جان مارك دولا سابلير، أنهما يتعرضان لضغوط كبيرة من الإدارة، ورجال الأعمال الأميركيين، وهما في حاجة للحصول من فرنسا على ضمانة بأنها لن ترضخ. إنني أعي جيداً خطورة هذا القرار، والمسؤولية التي تترتب عليه، ولكنني أيضاً أعي أنه في هذه اللحظات المصيرية، هناك عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي، روسيا والصين، يلتزمان بالموقف ذاته، وأنهما بدورهما على استعداد للذهاب إلى آخر المرحلة في الاقتراع، فقد أكد لي فلاديمير بوتين خلال لقائي معه على انفراد في 10 فبراير/ شباط أنه سيقترع إلى جانب فرنسا. وفي 17 مارس/ أذار، وبعد الاجتماع الذي عقدته الدول المبادرة في أسور بان أن انضم إليها رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه مانويل باروزو، قررت الولايات المتحدة، وبريطانيا وأسبانيا سحب مشروع القرار من مجلس الأمن، بعد أن اكتشفت أنها وصلت إلى الطريق المسدود، واتهمت فرنسا بتحمل المسؤولية المباشرة. إننا إذاً كبش المحرقة. ولم يعد أي شيء أو أياً كان قادراً على منعهم من الذهاب إلى نهاية منطقهم. في 18 الشهر وجهت الولايات المتحدة إنذاراً لصدام حسين، وطلبت منه مغادرة السلطة في غضون 48 ساعة.

خطاب للأمة
في 18 مارس/ أذار توجهت إلى الفرنسيين بخطاب رسمي لأحدثهم عن مسؤولية كل طرف. في فجر العشرين من الشهر ذاته بدأ التحالف بإطلاق العدوان، ووجهت الرسالة التالية إلى الفرنسيين:
أعزائي المواطنين:
بدأت العمليات العسكرية في العراق، فرنسا تأسف لهذا التحرك الذي يتم من دون موافقة الأمم المتحدة، وآمل أن تنتهي العمليات العسكرية في أسرع وقت ، وأن تتسبب في أقل عدد من القتلى، وألا تقود إلى كارثة إنسانية.
حتى آخر لحظة، حاولت فرنسا وغيرها من الدول الإقناع بأن ضرورة نزع أسلحة العراق يمكن الحصول عليها بطرق سلمية. هذه الجهود باءت بالفشل. فالنزاع ستكون انعكاساته ثقيلة على المستقبل. ولكن فرنسا المخلصة لمبادئها أولوية القانون المساواة، الحوار بين الشعوب واحترام الآخر، ستواصل التحرك لكي تحد من الأزمات التي تدمي العالم، وتهدده، بالحلول العادلة والدائمة ضمن التحرك الجماعي، أي ضمن الأمم المتحدة، وحده الإطار الشرعي لبناء السلام في العراق وفي غيره. لذلك يجب أن نلتقي غداً مع حلفائنا، مع كل الأسرة الدولية لنواجه سوياً كل التحديات التي تنتظرنا.

(انتهى)



Pictures%5C2011%5C06%5C23%5C71bd90d1-0c2f-4ef8-8418-1bfcfcbfa8e2_maincategory.jpg















القبس
 
أعلى