سقوط الإمبراطورية والديكتاتور.......صدام الفجائع و الكوارث المتوالية

السيب

Active Member
طاقم الإدارة
سقوط الإمبراطورية والديكتاتور.......صدام الفجائع و الكوارث المتو
post_old.gif
19-01-2011, 08:14 AM

justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,959

icon1.gif
سقوط الإمبراطورية والديكتاتور.......صدام الفجائع و الكوارث المتوالية

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور

zoom-in.png
reset.png
zoom-out.png

245594_1_main.JPG
تفاصيل جديدة تنشر للمرة الأولى عن عملية إعدام طاغية بغداد وما تبعها من أحداث عائلة صدام طلبت نقل جثمانه إلى اليمن.. ومحاولات لبيع جثته لإيران أو إسرائيل.




المصدر جريدة النهار

post_old.gif
05-02-2011, 12:55 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,973

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية و الديكتاتور (1-20)
مفاوضات عسيرة قبل الدفن.. ومخاوف من إشاعات بقائه حياً أنهت توتر بغداد - تكريت
إعدام الديكتاتور.. مفاجأة يتوقعها الجميع وسيناريو الرعب الافتراضي
محمود الشناوي


dc996c4b-6fb3-4216-9bd8-bb7de46d8081_main.jpg
الطاغية المخلوع بعد اعتقاله في «حفرة الجرذان»
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.

وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله. في السادسة الا خمس دقائق (بتوقيت بغداد) من صباح يوم السبت، الثلاثين من ديسمبر عام 2006 الموافق العاشر من ذي الحجة جاء صوت مراسل قناة « الحرة عراق» عمر محمد عبر الهاتف ليؤكد تنفيذ حكم الاعدام شنقا في صدام حسين بعد ليلة طويلة انتظارا للخبر الذي احتل شاشات وصفحات الجرائد في العالم وقد بات الآن بالنسبة لي خبرا مؤكداً أي اعدامه - بعد ترقب لا آخر له لتصريحات المسؤولين العراقيين ليلة وقفة عيد الأضحى (الجمعة).

كانت ليلة عيد الأضحى طويلة بما يكفي لم يقطعها أو يمرر وقتها سوى تصريح من مسؤولين هنا وهناك عن استعداداهم لتنفيذ الحكم التاريخي باعدام الديكتاتور.. لكن هل يمكن ان يتم اعدامه في صباح عيد الأضحى المبارك؟.. بات هذا سؤال الصحافيين والسياسيين ورجل الشارع.. البعض يتشكك في امكانية حدوث ذلك لتخوفات من مخاطر أمنية قد تحدث في محافظة تكريت حيث مسقط رأس صدام لكن آخرين أرادوا ان يكون العيد عيدين والأضحية أضحيتين وبين الجانبين ظل الجميع يحاول الوصول الى الحقيقة .

استعدادات الإعدام

قال مسؤول بارز بوزارة العدل وقال مسؤول رفيع المستوى فضَّل عدم الكشف عن هويته «نحن مستعدون» وأكد القاضي في محكمة التمييز منير حداد، الذي أشرف على عملية الاعدام، استعداد السلطات العراقية لعملية الاعدام ، بل وأضاف «كل الاجراءات تم اتخاذها.. أنا جاهز للحضور ولا يوجد سبب للتأجيل». لكن كل الأعين كانت مصوبة باتجاه المنطقة الخضراء وتحديداً مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي انتظاراً لموعد تنفيذ الحكم بالضبط بلا أي جدوى حيث لم يصرح المالكي بشيء، وان سرّب حلفاؤه السياسيون والمقربون ان الحكم لن يتأخر وسيتم في صباح أول أيام عيد الأضحى والرجل نفسه أطلق تصريحاً شهيراً في التلفيزيون العراقي ليل الجمعة السبت، قال فيه «لا رجعة في الحكم ولا تأخير في تنفيذه» ومن هنا لم تنم لا تكريت ولا بغداد ولا أي مدينة عراقية .

حالة غموض

وزاد غموض الموقف الساعات التي تلت تنفيذ حكم الاعدام، خاصة مفاوضات الساعات الأخيرة التي سبقت دفنه وصراع الارادات السياسية بين من يريد طمس قبر الديكتاتور الى حين، ومن يريد الفوز بجثمانه لاعادة الانتقام من جديد، ومن يريد اقتناص فرصة للثراء اذا ما باع الجثة لأعدائه من العراقيين أنفسهم الذين انتظروا كثيرا انتهاء عصر جمهورية الخوف التي أسسها صدام على مدى فترة حكمه للعراق داخليا وخارجيا، وبين من يرى ان صدام ليس شخصاً عادياً وانما هو رمز لدولة العراق، وأنه يجب ان يتم دفنه بشكل يليق برئيس جمهورية سابق أو على الأقل دفنه بكرامة في مسقط رأسه كما أوصى، وبين من يريد ان يتم دفنه بشكل عادي يحمل بعض اللياقة برجل كتب بعض سطور التاريخ بقراراته وحروبه وصداقاته وعداواته حتى تنتهي أسطورة الخوف بهدوء ويغلق باب ردود الفعل التي تسكب الزيت على نار العراق المحترق بفعل الفتنة الطائفية التي تأكل أبناءه من سنة وشيعة.

خيوط اللعبة

هناك رجل واحد كانت عنده خيوط اللعبة.. يعرف حدود التفاوض..مخاطر الانتظار بلا قرار.. مكامن الخطر في تعثر سير المفاوضات .. مكامن القوة لدى الكارهين ومكامن القوة لدى المطالبين بالرحمة..سيناريوهات الرعب التي تنتظر البلاد والعباد اذا جرى ما يسوء بسبب اغفال أي احتمال في عملية تسلم الجثة ونقلها ودفنها.. هوعبد الله حسين جبارة الجبوري نائب محافظ صلاح الدين وقت الأزمة وكان ضابطاً سابقاً في الجيش العراقي يتحدث اللغة الانكليزية بطلاقة وله امتداد عشائري وعائلي عريق ويحكم محافظة صلاح الدين فعليا منذ ان أسند اليه محافظها الأسبق اللواء حسين جاسم جبارة مهام التنسيق مع القوات الأميركية عندما تولى منصبه كأول محافظ لصلاح الدين عقب الاحتلال الأميركي كما يرتبط بعلاقات طيبة مع العراقيين والأميركيين على حد سواء ليس فقط لوضعه العشائري، وانما لأنه رجل من هذا الصنف الذي يحتاج اليه أي حكم رشيد حتى ينجح في ادارة شؤون البلاد والعباد .

وفد صلاح الدين

ويروي أبو خالد كما ينادونه في بلدته «العلم» في سهرة ربيعية على ضفاف نهر دجلة وعلى مدى حوالي خمس ساعات ما جرى وكيف سارت الأمور في لحظة تاريخية فارقة كان يمكن ان تقلب الأوضاع في عراق يحترق وتحيل أرضه السواد الى حرائق لا يسكت لهيبها أبدا حيث يقول «عندما صدر الحكم باعدام صدام حسين وتمت المصادقة عليه كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لنا حيث كنا نتوقع ان يتم تأجيل التنفيذ نظرا لخطورة الأمر وتأثيره الكارثي على الأوضاع بالبلاد خلال تلك الفترة من عام 2006 الا ان الأمور كانت تسير الى جهة تنفيذ الحكم لا محالة ولهذا سافرت الى بغداد بصحبة محافظ صلاح الدين حمد الشكطي ترافقنا السيدة ستيفاني مايلو ممثلة السفارة الأميركية في صلاح الدين التي كان لها دور كبير في انجاز المهمة حيث طلبت منها تحديد موعد مع قائد القوات الأميركية في العراق والسفير الأميركي ومايمكن من مسؤولين عراقيين لمناقشة التطورات والسيناريوهات التي يمكن ان تحدث في حالة تنفيذ الحكم باعدام صدام حسين. ويضيف «وبالفعل غادرنا على متن طائرة هليكوبتر أميركية مساء الأربعاء 27 / 12 / 2006 لنبيت في فندق الرشيد داخل المنطقة الخضراء والتقينا السفير الأميركي وقائد القوات الأميركية صباح اليوم التالي وتحدثت اليهما عن انعكاسات تنفيذ حكم الاعدام على الوضع الأمني بشكل خاص وعلى الوضع العراقي بشكل عام..طرحت العديد من النقاط وطلبت عدم تنفيذ حكم الاعدام في الوقت الراهن لأسباب عديدة أهمها تدهور الوضع الأمني».

هواجس وتصورات

ويقول أيضا «بعد لقاء المسؤولين الأميركيين التقيت نائب الرئيس السني الدكتور طارق الهاشمي الذي يرأس الحزب الاسلامي وصاحب النفوذ الواسع في محافظة صلاح الدين وطرحت النقاط والهواجس نفسها والتصورات بالاضافة الى أفكارنا حول الموضوع، وعدنا بالطائرة الاميركية مساء اليوم نفسه (الخميس) حتى نجهز لاحتفالات عيد الاضحى التي كانت ستحل يوم السبت 30/ 12/2006، وبينما كنت أؤدي صلاة العيد في المسجد وبعد انتهاء خطبة العيد جاء أخي محمد وأخبرني بأنه جرى تنفيذ حكم الاعدام في صدام حسين خرجت مسرعاً من المسجد واتصلت بالمحافظ الذي أخبرني بأنه يحاول الاتصال بي منذ فترة بعد ان أبلغته رئاسة الوزراء بأنه تم تنفيذ الحكم طالبين الحضور للمشاركة في دفن جثمان صدام حسين في مكان سري ببغداد حتى يأتي وقت مناسب للاعلان عن المكان أو نقله للدفن في مكان آخر وأنه جهز موكبه وأفراد حمايته للسفر الى بغداد ويريد معرفة رأيي.

ويقول أبو خالد: قلت للمحافظ ان صدام حسين أعدم ولكن علينا ان نحاول جلب جثمانه الى مسقط رأسه في تكريت ودفنه باحترام، لأنه رئيس دولة سابق لمدة أكثر من 30 عاماً وطلبت من المحافظ الاتصال برئاسة الوزراء واخبارهم بان وفدا سيضمني الى جانب شيخ عشيرة البيجات علي الندا سيذهب الى بغداد بصحبة المحافظ لاستلام جثمان صدام حسين ودفنه في تكريت وفي حالة رفضهم ذلك نعتذر عن الذهاب لنكون شهودا على دفن صدام في مكان سري كما أرادوا.

رفض الحكومة

ويفسر أبو خالد طلبه هذا قائلاً: طلبت هذا الأمر ليس حبا في صدام حسين لأنني أعتبره مسؤولا عن كل ما جرى للعراق والعراقيين سابقا بسبب سياساته الخاطئة ولكنني كنت أخشى ان تقوم الميليشيات المسلحة أو تنظيم «القاعدة» بخطف الجثمان وبيعه لايران أو اسرائيل لكي يهان هناك وتقام عليه حفلات التشفي وتصبح وصمة عار في تاريخ العراقيين تستمر لعشرات بل ومئات السنين.. كنت أخشى ان يقول الايرانيون أو الاسرائيليون للعراقيين ويفتخرون بان صدام الذي حاربهم دفع الثمن باهظا.. وان هذا قبره تحت أقدامنا وهذا ما دعاني للاصرار على جلب جثمان صدام حسين ودفنه في تكريت تحت اشرافنا.. وقد أيدني المحافظ وقال سأتصل بك بعد ان أتصل بهم.. ثم عاد واتصل بي بعد قليل وقال أنهم يقولون «لا تفكروا بهذا الأمر مطلقا.. وقلت أنا بدوري لن نذهب مطلقا» بعد ذلك اتصلت بالسيدة ستيفاني وأخبرتها بتفاصيل ما جرى وطلبت المساعدة في اقناع الحكومة العراقية بجلب الجثمان ودفنه في تكريت لان عدم حصول ذلك سيؤدي الى اشعال نار الفتنة والفوضى والمشاكل الأمنية التي لا يمكن لأحد ان يحدد مداها.. وشرحت لها أهمية أنه لابد ان يدفن باحترام بعد ان تم اعدامه يوم العيد المقدس لدى المسلمين وما لذلك من آثار نفسية.. وقد اقتنعت المسؤولة الأميركية بهذا الرأي وأيدت طلبي بضرورة دفنه في تكريت.. واستمرت الاتصالات وسط رفض السلطات العراقية لطلب دفن صدام حسين في تكريت باشراف أهله وعشيرته .

على أعلى المستويات

ويضيف: بعدها أبلغتني السيدة ستيفاني بان الأمر الآن مطروح على أعلى المستويات في الولايات المتحدة الأميركية وسنستمر بالضغط لمتابعة الموضوع.. وفي تلك الأثناء كنت على اتصال بالمحافظ وأخبرني أنه تعرض لضغوط كثيرة للسفر الى بغداد وانهاء الأمر الا أنه رفضها وتمسك بالموقف الموحد وهو تسلم جثمان صدام حسين ودفنه في تكريت. وفي حدود الساعة الثانية والنصف ظهرا من يوم السبت والكلام لـ «أبي خالد» أخبرني المحافظ أنهم اتصلوا به من رئاسة الوزراء وأبلغوه بالحضور للتفاوض حول الأمر وأخبرته ان هذه نقطة جيدة تدل على حلحلة الموقف وأننا سنذهب الى بغداد على شرط ألا نحضر مراسم الدفن في بغداد مهما كانت الظروف اذا لم نستطع الحصول على جثمان صدام لدفنه في تكريت.

الأميركيون على الخط

ويستطرد أبو خالد قائلا: اتصلت بالسيدة استيفاني وأخبرتها بأننا يجب ان نذهب الى بغداد ونريد تأمين طائرة لهذا الغرض وكان لديها علم بالأمر وقالت ان الطائرة جاهزة لنقل الوفد الى بغداد.. ولقد استقل الوفد الطائرة من قاعدة سبايكر وهي قاعدة الكلية الجوية سابقا وتقع شمال غرب تكريت وأقلعت في تمام الخامسة مساء مع غياب الشمس ورافقنا من الجانب الأميركي العقيد مارك ادمون معاون آمر اللواء الأميركي المسؤول عن محافظة صلاح الدين آنذاك. ويقول: وصلنا الى مهبط طائرات بجوار القصر الجمهوري داخل المنطقة الخضراء ووجدنا سيارات من رئاسة الوزراء في انتظارنا لاصطحابنا بعد ان اعتذر العقيد مارك عن مرافقتنا الى رئاسة الوزراء باعتبار ان هذا شأن عراقي وان دوره انتهى ولا يمكن ان يتدخل في الأمر الا أنه سيبقى في الانتظار لنقل الجثمان بالطائرة اذا وافقوا على تسلمنا له وطلبت ان يرسل المترجم الخاص لآمر اللواء وهو أميركي من أصل مصري يدعى عمر بغرض تأمين الاتصال بالأميركيين عند الحاجة .

ويضيف: وصلنا الى مقر رئاسة الوزراء في السابعة والنصف مساء ودخلنا احدى القاعات الخاصة وكان بها عبدالكريم العنزي وزير شؤون الأمن الوطني آنذاك والدكتور محمد سلمان مستشار رئيس الوزراء والدكتور طارق نجم مدير مكتبه، وبعد تبادل المجاملات والشاي بدأ العنزي بالتحدث عن العاطفة والمسؤولية، وبين لنا ان المسؤولية تستوجب الحفاظ على أرواح العراقيين وان نقل جثمان صدام بشكل علني قد يؤدي الى حوادث أمنية خطيرة لذلك فان الحكومة قررت دفنه في مكان سري وان علينا حضور مراسم الدفن لنكون شهداء على ذلك وعند تحسن الأوضاع الأمنية يمكن نقل الجثمان الى مكان آخر واعادة دفنه.

الوضع الأمني

ويتابع أبو خالد قائلا: قاطعته قبل ان يكمل حديثه وأخبرته ان الوضع الأمني سيتدهور فعلا وبشكل خطير اذا عرف ان جثمان صدام لم يسلم الى ذويه لدفنه وستظهر شائعات تقول ان الجثمان قد يكون قد تم نقله الى ايران أو اسرائيل.. وأخرى قالت فعلاً ان صدام مازال على قيد الحياة وتم نقله الى خارج البلاد.. وعليه فانني أقترح على الحكومة ان تعامله بعد تنفيذ حكم الاعدام كرئيس سابق وتنظم له مراسم دفن وتشييع عسكري ثم تسلمنا الجثمان لدفنه في تكريت وان هذا الأمر اذا حدث فسيظهر كياسة ومهنية الحكومة العراقية، ووعدت بأنه اذا جرت الأمور على هذا النحو فسأظهر على شاشات التلفاز وأصدر بيانا من فضائية صلاح الدين أثني فيه على دور الحكومة في هذا الأمر وسيؤدي ذلك الى امتصاص أي نقمة محتملة في الشارع العراقي وأنني أتعهد بالأمن في صلاح الدين وسأصبح مسؤولا عن أي خرق أمني قد يحدث أما غير ذلك فلن نحضر الدفن في مكان سري ولن نكون مسؤولين عن أي شيء يحدث فأجاب العنزي ان هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا.

خيارات الدفن

عندئذ طرح المحافظ خيارا جديدا قال ان عائلة صدام حسين طالبت بان ينقل جثمانه الى اليمن أو يدفن في محافظة الانبار - أكبر المحافظات السنية بالعراق - حسب وصية صدام اذا لم يدفن في تكريت.. استشاط العنزي غضبا من هذا الطرح وقال بانفعال ان هذا الأمر لن يحصل أبدا وان الحكومة قررت دفنه في مكان سري وان علينا كمسئولين رسميين (المحافظ ونائبه) تنفيذ أوامر الحكومة.. قلت له ان منصب نائب المحافظ لا يعني لي شيئا ولن أحضر الدفن بهذه الطريقة مهما كانت الظروف والأسباب .

ويضيف: انفردت بالعنزي جانبا وأخبرته ان الكلام بلغة الشيوخ أفضل وسألته لو كان صدام حسين لجأ الى كبير عشيرة «بني عنيزة» (عشيرة عبدالكريم العنزي) وآل هذال هل كانت ستسلمه عشيرة عنيزة الى السلطات؟ .. قال: «لا والله» ، قلت له أنا الشيخ عبد جبارة وأنا أكلم ابن هذال.. أريد منك جثمان صدام حسين فتغير شكل الوزير عبدالكريم وأحمر وجهه وقال: «الله كريم» سنحاول ولكن عليك ان تضمن أنه لن يحدث أي خرق أمني في صلاح الدين. فرد المحافظ قائلا ان الأمن مكفول ومضمون ونحن مسؤولون عن ذلك .
الية
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
05-02-2011, 01:03 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية و الديكتاتور (1-20)
مفاوضات عسيرة قبل الدفن.. ومخاوف من إشاعات بقائه حياً أنهت توتر بغداد - تكريت
إعدام الديكتاتور.. مفاجأة يتوقعها الجميع وسيناريو الرعب الافتراضي
محمود الشناوي


dc996c4b-6fb3-4216-9bd8-bb7de46d8081_main.jpg
الطاغية المخلوع بعد اعتقاله في «حفرة الجرذان»
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.

وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله

 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
05-02-2011, 01:06 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

في السادسة الا خمس دقائق (بتوقيت بغداد) من صباح يوم السبت، الثلاثين من ديسمبر عام 2006 الموافق العاشر من ذي الحجة جاء صوت مراسل قناة « الحرة عراق» عمر محمد عبر الهاتف ليؤكد تنفيذ حكم الاعدام شنقا في صدام حسين بعد ليلة طويلة انتظارا للخبر الذي احتل شاشات وصفحات الجرائد في العالم وقد بات الآن بالنسبة لي خبرا مؤكداً أي اعدامه - بعد ترقب لا آخر له لتصريحات المسؤولين العراقيين ليلة وقفة عيد الأضحى (الجمعة).

كانت ليلة عيد الأضحى طويلة بما يكفي لم يقطعها أو يمرر وقتها سوى تصريح من مسؤولين هنا وهناك عن استعداداهم لتنفيذ الحكم التاريخي باعدام الديكتاتور.. لكن هل يمكن ان يتم اعدامه في صباح عيد الأضحى المبارك؟.. بات هذا سؤال الصحافيين والسياسيين ورجل الشارع.. البعض يتشكك في امكانية حدوث ذلك لتخوفات من مخاطر أمنية قد تحدث في محافظة تكريت حيث مسقط رأس صدام لكن آخرين أرادوا ان يكون العيد عيدين والأضحية أضحيتين وبين الجانبين ظل الجميع يحاول الوصول الى الحقيقة .

استعدادات الإعدام

قال مسؤول بارز بوزارة العدل وقال مسؤول رفيع المستوى فضَّل عدم الكشف عن هويته «نحن مستعدون» وأكد القاضي في محكمة التمييز منير حداد، الذي أشرف على عملية الاعدام، استعداد السلطات العراقية لعملية الاعدام ، بل وأضاف «كل الاجراءات تم اتخاذها.. أنا جاهز للحضور ولا يوجد سبب للتأجيل». لكن كل الأعين كانت مصوبة باتجاه المنطقة الخضراء وتحديداً مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي انتظاراً لموعد تنفيذ الحكم بالضبط بلا أي جدوى حيث لم يصرح المالكي بشيء، وان سرّب حلفاؤه السياسيون والمقربون ان الحكم لن يتأخر وسيتم في صباح أول أيام عيد الأضحى والرجل نفسه أطلق تصريحاً شهيراً في التلفيزيون العراقي ليل الجمعة السبت، قال فيه «لا رجعة في الحكم ولا تأخير في تنفيذه» ومن هنا لم تنم لا تكريت ولا بغداد ولا أي مدينة عراقية .

حالة غموض

وزاد غموض الموقف الساعات التي تلت تنفيذ حكم الاعدام، خاصة مفاوضات الساعات الأخيرة التي سبقت دفنه وصراع الارادات السياسية بين من يريد طمس قبر الديكتاتور الى حين، ومن يريد الفوز بجثمانه لاعادة الانتقام من جديد، ومن يريد اقتناص فرصة للثراء اذا ما باع الجثة لأعدائه من العراقيين أنفسهم الذين انتظروا كثيرا انتهاء عصر جمهورية الخوف التي أسسها صدام على مدى فترة حكمه للعراق داخليا وخارجيا، وبين من يرى ان صدام ليس شخصاً عادياً وانما هو رمز لدولة العراق، وأنه يجب ان يتم دفنه بشكل يليق برئيس جمهورية سابق أو على الأقل دفنه بكرامة في مسقط رأسه كما أوصى، وبين من يريد ان يتم دفنه بشكل عادي يحمل بعض اللياقة برجل كتب بعض سطور التاريخ بقراراته وحروبه وصداقاته وعداواته حتى تنتهي أسطورة الخوف بهدوء ويغلق باب ردود الفعل التي تسكب الزيت على نار العراق المحترق بفعل الفتنة الطائفية التي تأكل أبناءه من سنة وشيعة.

خيوط اللعبة

هناك رجل واحد كانت عنده خيوط اللعبة.. يعرف حدود التفاوض..مخاطر الانتظار بلا قرار.. مكامن الخطر في تعثر سير المفاوضات .. مكامن القوة لدى الكارهين ومكامن القوة لدى المطالبين بالرحمة..سيناريوهات الرعب التي تنتظر البلاد والعباد اذا جرى ما يسوء بسبب اغفال أي احتمال في عملية تسلم الجثة ونقلها ودفنها.. هوعبد الله حسين جبارة الجبوري نائب محافظ صلاح الدين وقت الأزمة وكان ضابطاً سابقاً في الجيش العراقي يتحدث اللغة الانكليزية بطلاقة وله امتداد عشائري وعائلي عريق ويحكم محافظة صلاح الدين فعليا منذ ان أسند اليه محافظها الأسبق اللواء حسين جاسم جبارة مهام التنسيق مع القوات الأميركية عندما تولى منصبه كأول محافظ لصلاح الدين عقب الاحتلال الأميركي كما يرتبط بعلاقات طيبة مع العراقيين والأميركيين على حد سواء ليس فقط لوضعه العشائري، وانما لأنه رجل من هذا الصنف الذي يحتاج اليه أي حكم رشيد حتى ينجح في ادارة شؤون البلاد والعباد .

وفد صلاح الدين

ويروي أبو خالد كما ينادونه في بلدته «العلم» في سهرة ربيعية على ضفاف نهر دجلة وعلى مدى حوالي خمس ساعات ما جرى وكيف سارت الأمور في لحظة تاريخية فارقة كان يمكن ان تقلب الأوضاع في عراق يحترق وتحيل أرضه السواد الى حرائق لا يسكت لهيبها أبدا حيث يقول «عندما صدر الحكم باعدام صدام حسين وتمت المصادقة عليه كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لنا حيث كنا نتوقع ان يتم تأجيل التنفيذ نظرا لخطورة الأمر وتأثيره الكارثي على الأوضاع بالبلاد خلال تلك الفترة من عام 2006 الا ان الأمور كانت تسير الى جهة تنفيذ الحكم لا محالة ولهذا سافرت الى بغداد بصحبة محافظ صلاح الدين حمد الشكطي ترافقنا السيدة ستيفاني مايلو ممثلة السفارة الأميركية في صلاح الدين التي كان لها دور كبير في انجاز المهمة حيث طلبت منها تحديد موعد مع قائد القوات الأميركية في العراق والسفير الأميركي ومايمكن من مسؤولين عراقيين لمناقشة التطورات والسيناريوهات التي يمكن ان تحدث في حالة تنفيذ الحكم باعدام صدام حسين. ويضيف «وبالفعل غادرنا على متن طائرة هليكوبتر أميركية مساء الأربعاء 27 / 12 / 2006 لنبيت في فندق الرشيد داخل المنطقة الخضراء والتقينا السفير الأميركي وقائد القوات الأميركية صباح اليوم التالي وتحدثت اليهما عن انعكاسات تنفيذ حكم الاعدام على الوضع الأمني بشكل خاص وعلى الوضع العراقي بشكل عام..طرحت العديد من النقاط وطلبت عدم تنفيذ حكم الاعدام في الوقت الراهن لأسباب عديدة أهمها تدهور الوضع الأمني».

هواجس وتصورات

ويقول أيضا «بعد لقاء المسؤولين الأميركيين التقيت نائب الرئيس السني الدكتور طارق الهاشمي الذي يرأس الحزب الاسلامي وصاحب النفوذ الواسع في محافظة صلاح الدين وطرحت النقاط والهواجس نفسها والتصورات بالاضافة الى أفكارنا حول الموضوع، وعدنا بالطائرة الاميركية مساء اليوم نفسه (الخميس) حتى نجهز لاحتفالات عيد الاضحى التي كانت ستحل يوم السبت 30/ 12/2006، وبينما كنت أؤدي صلاة العيد في المسجد وبعد انتهاء خطبة العيد جاء أخي محمد وأخبرني بأنه جرى تنفيذ حكم الاعدام في صدام حسين خرجت مسرعاً من المسجد واتصلت بالمحافظ الذي أخبرني بأنه يحاول الاتصال بي منذ فترة بعد ان أبلغته رئاسة الوزراء بأنه تم تنفيذ الحكم طالبين الحضور للمشاركة في دفن جثمان صدام حسين في مكان سري ببغداد حتى يأتي وقت مناسب للاعلان عن المكان أو نقله للدفن في مكان آخر وأنه جهز موكبه وأفراد حمايته للسفر الى بغداد ويريد معرفة رأيي.

ويقول أبو خالد: قلت للمحافظ ان صدام حسين أعدم ولكن علينا ان نحاول جلب جثمانه الى مسقط رأسه في تكريت ودفنه باحترام، لأنه رئيس دولة سابق لمدة أكثر من 30 عاماً وطلبت من المحافظ الاتصال برئاسة الوزراء واخبارهم بان وفدا سيضمني الى جانب شيخ عشيرة البيجات علي الندا سيذهب الى بغداد بصحبة المحافظ لاستلام جثمان صدام حسين ودفنه في تكريت وفي حالة رفضهم ذلك نعتذر عن الذهاب لنكون شهودا على دفن صدام في مكان سري كما أرادوا.

رفض الحكومة

ويفسر أبو خالد طلبه هذا قائلاً: طلبت هذا الأمر ليس حبا في صدام حسين لأنني أعتبره مسؤولا عن كل ما جرى للعراق والعراقيين سابقا بسبب سياساته الخاطئة ولكنني كنت أخشى ان تقوم الميليشيات المسلحة أو تنظيم «القاعدة» بخطف الجثمان وبيعه لايران أو اسرائيل لكي يهان هناك وتقام عليه حفلات التشفي وتصبح وصمة عار في تاريخ العراقيين تستمر لعشرات بل ومئات السنين.. كنت أخشى ان يقول الايرانيون أو الاسرائيليون للعراقيين ويفتخرون بان صدام الذي حاربهم دفع الثمن باهظا.. وان هذا قبره تحت أقدامنا وهذا ما دعاني للاصرار على جلب جثمان صدام حسين ودفنه في تكريت تحت اشرافنا.. وقد أيدني المحافظ وقال سأتصل بك بعد ان أتصل بهم.. ثم عاد واتصل بي بعد قليل وقال أنهم يقولون «لا تفكروا بهذا الأمر مطلقا.. وقلت أنا بدوري لن نذهب مطلقا» بعد ذلك اتصلت بالسيدة ستيفاني وأخبرتها بتفاصيل ما جرى وطلبت المساعدة في اقناع الحكومة العراقية بجلب الجثمان ودفنه في تكريت لان عدم حصول ذلك سيؤدي الى اشعال نار الفتنة والفوضى والمشاكل الأمنية التي لا يمكن لأحد ان يحدد مداها.. وشرحت لها أهمية أنه لابد ان يدفن باحترام بعد ان تم اعدامه يوم العيد المقدس لدى المسلمين وما لذلك من آثار نفسية.. وقد اقتنعت المسؤولة الأميركية بهذا الرأي وأيدت طلبي بضرورة دفنه في تكريت.. واستمرت الاتصالات وسط رفض السلطات العراقية لطلب دفن صدام حسين في تكريت باشراف أهله وعشيرته .

على أعلى المستويات

ويضيف: بعدها أبلغتني السيدة ستيفاني بان الأمر الآن مطروح على أعلى المستويات في الولايات المتحدة الأميركية وسنستمر بالضغط لمتابعة الموضوع.. وفي تلك الأثناء كنت على اتصال بالمحافظ وأخبرني أنه تعرض لضغوط كثيرة للسفر الى بغداد وانهاء الأمر الا أنه رفضها وتمسك بالموقف الموحد وهو تسلم جثمان صدام حسين ودفنه في تكريت. وفي حدود الساعة الثانية والنصف ظهرا من يوم السبت والكلام لـ «أبي خالد» أخبرني المحافظ أنهم اتصلوا به من رئاسة الوزراء وأبلغوه بالحضور للتفاوض حول الأمر وأخبرته ان هذه نقطة جيدة تدل على حلحلة الموقف وأننا سنذهب الى بغداد على شرط ألا نحضر مراسم الدفن في بغداد مهما كانت الظروف اذا لم نستطع الحصول على جثمان صدام لدفنه في تكريت.

الأميركيون على الخط

ويستطرد أبو خالد قائلا: اتصلت بالسيدة استيفاني وأخبرتها بأننا يجب ان نذهب الى بغداد ونريد تأمين طائرة لهذا الغرض وكان لديها علم بالأمر وقالت ان الطائرة جاهزة لنقل الوفد الى بغداد.. ولقد استقل الوفد الطائرة من قاعدة سبايكر وهي قاعدة الكلية الجوية سابقا وتقع شمال غرب تكريت وأقلعت في تمام الخامسة مساء مع غياب الشمس ورافقنا من الجانب الأميركي العقيد مارك ادمون معاون آمر اللواء الأميركي المسؤول عن محافظة صلاح الدين آنذاك. ويقول: وصلنا الى مهبط طائرات بجوار القصر الجمهوري داخل المنطقة الخضراء ووجدنا سيارات من رئاسة الوزراء في انتظارنا لاصطحابنا بعد ان اعتذر العقيد مارك عن مرافقتنا الى رئاسة الوزراء باعتبار ان هذا شأن عراقي وان دوره انتهى ولا يمكن ان يتدخل في الأمر الا أنه سيبقى في الانتظار لنقل الجثمان بالطائرة اذا وافقوا على تسلمنا له وطلبت ان يرسل المترجم الخاص لآمر اللواء وهو أميركي من أصل مصري يدعى عمر بغرض تأمين الاتصال بالأميركيين عند الحاجة .

ويضيف: وصلنا الى مقر رئاسة الوزراء في السابعة والنصف مساء ودخلنا احدى القاعات الخاصة وكان بها عبدالكريم العنزي وزير شؤون الأمن الوطني آنذاك والدكتور محمد سلمان مستشار رئيس الوزراء والدكتور طارق نجم مدير مكتبه، وبعد تبادل المجاملات والشاي بدأ العنزي بالتحدث عن العاطفة والمسؤولية، وبين لنا ان المسؤولية تستوجب الحفاظ على أرواح العراقيين وان نقل جثمان صدام بشكل علني قد يؤدي الى حوادث أمنية خطيرة لذلك فان الحكومة قررت دفنه في مكان سري وان علينا حضور مراسم الدفن لنكون شهداء على ذلك وعند تحسن الأوضاع الأمنية يمكن نقل الجثمان الى مكان آخر واعادة دفنه.

الوضع الأمني

ويتابع أبو خالد قائلا: قاطعته قبل ان يكمل حديثه وأخبرته ان الوضع الأمني سيتدهور فعلا وبشكل خطير اذا عرف ان جثمان صدام لم يسلم الى ذويه لدفنه وستظهر شائعات تقول ان الجثمان قد يكون قد تم نقله الى ايران أو اسرائيل.. وأخرى قالت فعلاً ان صدام مازال على قيد الحياة وتم نقله الى خارج البلاد.. وعليه فانني أقترح على الحكومة ان تعامله بعد تنفيذ حكم الاعدام كرئيس سابق وتنظم له مراسم دفن وتشييع عسكري ثم تسلمنا الجثمان لدفنه في تكريت وان هذا الأمر اذا حدث فسيظهر كياسة ومهنية الحكومة العراقية، ووعدت بأنه اذا جرت الأمور على هذا النحو فسأظهر على شاشات التلفاز وأصدر بيانا من فضائية صلاح الدين أثني فيه على دور الحكومة في هذا الأمر وسيؤدي ذلك الى امتصاص أي نقمة محتملة في الشارع العراقي وأنني أتعهد بالأمن في صلاح الدين وسأصبح مسؤولا عن أي خرق أمني قد يحدث أما غير ذلك فلن نحضر الدفن في مكان سري ولن نكون مسؤولين عن أي شيء يحدث فأجاب العنزي ان هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا.

خيارات الدفن

عندئذ طرح المحافظ خيارا جديدا قال ان عائلة صدام حسين طالبت بان ينقل جثمانه الى اليمن أو يدفن في محافظة الانبار - أكبر المحافظات السنية بالعراق - حسب وصية صدام اذا لم يدفن في تكريت.. استشاط العنزي غضبا من هذا الطرح وقال بانفعال ان هذا الأمر لن يحصل أبدا وان الحكومة قررت دفنه في مكان سري وان علينا كمسئولين رسميين (المحافظ ونائبه) تنفيذ أوامر الحكومة.. قلت له ان منصب نائب المحافظ لا يعني لي شيئا ولن أحضر الدفن بهذه الطريقة مهما كانت الظروف والأسباب .

ويضيف: انفردت بالعنزي جانبا وأخبرته ان الكلام بلغة الشيوخ أفضل وسألته لو كان صدام حسين لجأ الى كبير عشيرة «بني عنيزة» (عشيرة عبدالكريم العنزي) وآل هذال هل كانت ستسلمه عشيرة عنيزة الى السلطات؟ .. قال: «لا والله» ، قلت له أنا الشيخ عبد جبارة وأنا أكلم ابن هذال.. أريد منك جثمان صدام حسين فتغير شكل الوزير عبدالكريم وأحمر وجهه وقال: «الله كريم» سنحاول ولكن عليك ان تضمن أنه لن يحدث أي خرق أمني في صلاح الدين. فرد المحافظ قائلا ان الأمن مكفول ومضمون ونحن مسؤولون عن ذلك .


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
04-03-2011, 06:21 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور (2-20)
الرحلة الأخيرة برعاية الـ «أواكس».. 30 عاماً من الظلم «في حفرة بائسة»
صالة الضيافة الرئاسية.. قبر بأرضية مكسرة ولا مهنئين بالعيد
محمود الشناوي



reset.png

245891_4_main.JPG
قبر الطاغية في تكريت (أرشيف)
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.

وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله. امتدت ساعات التفاوض لاستلام جثمان صدام حسين بعد إعدامه بين طرفي المفاوضات، اللذين مثلهما على جانب وفد محافظة صلاح الدين الشيخ عبدالله حسين جبارة نائب محافظ صلاح الدين والمحافظ حمد الشكطي والشيخ علي الندا شيخ عشيرة البيجات التي ينتمي إليها صدام، وهم يريدون جلب الجثمان إلى تكريت مسقط الرئيس صدام ودفنه هناك خشية تدهور الأوضاع الأمنية أوغضب عشيرة الرئيس السابق أومن العراقيين السنة، أما الطرف الثاني فكان الحكومة العراقية ممثلة في عبدالكريم العنزي وزير شؤون الأمن الوطني آنذاك ود. محمد سلمان مستشار رئيس الوزراء، ود. طارق نجم مدير مكتبه، وهؤلاء يرغبون في دفن صدام في مكان سري حتى تهدأ الأوضاع الأمنية لأن نقل جثمانه علناً سيمثل خطورة ويؤثرعلى تلك الأوضاع بالسلب،ومن الخارج كان الأميركيون يتابعون الموقف، خاصة السيدة ستيفانى مايلو ممثلة السفارة الأميركية في صلاح الدين وكانت واشنطن ممثلة في أعلى مستويات الإدارة الأميركية تتلقى أولاً بأول ما توصل إليه المفاوضون

وقد أكد علي الندا شيخ قبيلة البيجات الذي قتله تنظيم «القاعدة» فيما بعد خلال التفاوض ان دفن صدام في تكريت أفضل من أي مكان آخر وأقسم قائلاً إنه إذا امتدت يد أي شخص إلى الإضرار بإحدى دوائر الدولة «فسيشحطه» بالشارع وقال إنه لو تسلم جثمان صدام حسين فسيصدر بيانا يشيد بالحكومة اما إذا رفضت الحكومة ذلك فسيعود الوفد الى تكريت ليعلن ذلك، ويخلي مسؤوليته من أي شيء قد يحدث.

الساعات الطويلة

ويقول شهود المفاوضات إن العنزي وزير شؤون الامن الوطني في ذلك الحين اصطحب كلا من د. سلمان مستشار رئيس الوزراء ود. طارق مدير مكتبه وذهبوا إلى رئيس الوزراء نوري المالكي للتشاور معه بينما أدى وفد صلاح الدين صلاة العشاء جماعة في المسجد. فيما يقول عبدالله جبارة نائب محافظ صلاح الدين: عاد العنزي بعدها هو ومن معه ليخبرونا بأن رئيس الوزراء وافق على تسليم الجثمان على أن يجرى الدفن ليلاً في تكريت بشرط أن تبتعد الحكومة وتكون غير مسؤولة عن عملية نقل الجثمان إلى حيث مكان الدفن. ويضيف:وافقنا جميعاً نحن وفد صلاح الدين لأننا نعلم أنه لا يمكن نقل الجثمان بالسيارات إلى تكريت حيث لن نصل أبدا بسبب انتشار فرق الموت والمجموعات المسلحة التي تسيطر على الطرقات.. والذين كان يمكنهم نسف الموكب إذا ماسار علناً.

المسلحون بانتظار الموكب

ويتابع جبارة: كما أنني علمت بوجود مسلحين ينتظرون موكبنا على الطريق داخل وخارج بغداد ومنهم عناصر من تنظيم «القاعدة» لأن أخبارذهاب الوفد إلى بغداد لتسلم جثمان صدام كانت قد انتشرت عبر وسائل الإعلام والناس ينتظرون ما سيحدث. ويشير جبارة إلى أنه أخبرهم بطلبه مساعدة القوات الأميركية في نقل الجثمان.. فإذا ماقوبل الطلب بالرفض.. فستجري الموافقة على الدفن في مكان سري مع الإعلان أن الوفد لم يتمكن من نقل الجثمان لأسباب أمنية. وهناذهب وفد الحكومة مرة أخرى إلى رئيس الوزراء وعاد رجاله ليأتوا بالموافقة . وعندها- كما يقول جبارة- طلبنا السماح بالذهاب إلى مكان الطائرة التي جاءت بنا من تكريت حيث ينتظرنا نائب أمر اللواء الأميركي العقيد ادموند في قاعدة جوية بجانب مقر رئاسة الوزراء وعندما طلبت منه المساعدة قال إنه سوف يتصل بقيادة القوات الجوية الأميركية لأنه ليس مصرحا له بإعطاء جواب على طلبي.. ولم يرحني أو يرضني رد العقيد ادموند ولذا اتصلت هاتفيا بالسيدة ستيفاني وطلبت المساعدة فأخبرتني أن موظفا كبيرا في السفارة الأميركية سيأتي للقائنا وطرح بعض الأسئلة حول المهمة المطلوبة.

المهمة الأميركية

ويقول جبارة في شهادته على الاحداث التي تلت اعدام صدام حسين : بعد 10 دقائق من الاتصال الهاتفي وصل المسؤول الأميركي أوموظف السفارة وسألني عن الدور الأميركي المطلوب في عملية نقل جثمان صدام، فأخبرته أنه لا يوجد أي دور أميركي مطلقا في كل هذه العملية عدا نقل جثمان صدام بالطائرة، فسألني: هل تطلبون تواجدا أميركيا وقت الدفن في تكريت مثلا، فرددنا عليه إننا لانريد أي ظهور للقوات الأميركية وقت الدفن فهذا الأمر بالغ الحرج وسيعقد الموقف، فسألني هل هذا العمل أفضل أمنيا (أي نقل جثمان صدام عبر طائرة أميركية)، فقلت له نعم وأنا المسؤول.

ويتابع قائلا: اتصل المسؤول الأميركي في وزارة الخارجية في واشنطن وعلمت أنه اتصل بوزيرة الخارجية الأميركية وقتها كوندوليزا رايس شخصياً حيث أبلغته بدورها بأنها ستنقل هذا للرئيس الأميركي حينئذ جورج بوش وبعدها أبلغته بأنها حصلت على موافقة الرئيس بوش ثم بعد 15 دقيقة جاءه الرد النهائي بالموافقة على نقل الجثمان بالطائرة .

ووفقا لشهود عيان على المفاوضات عاد وفد صلاح الدين من مكان الطائرة المنتظرة في قاعدة أميركية إلى مقر رئاسة الوزراء لإجراء مراسيم استلام الجثمان.

 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
04-03-2011, 06:23 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

الكشف على الجثمان

يقول نائب محافظ صلاح الدين : طلبت من وفد الحكومة أن يجري الكشف على جثمان صدام حسين أمام عدسات التلفاز لنتعرف عليه حتى لا يقال إن الجثمان استبدل وفي الوقت نفسه أتأكد من عدم وجود علامات تعذيب على الجثمان كما أشيع وقتها على نطاق واسع لأنني لابد أن أرد على ما يمكن أن يشاع عن ذلك ثم بعدها نوقع وثيقة استلام الجثمان.

يضيف: جلبوا لنا عشاء خفيفا رغم أن الوقت كان غيرمناسب لتناول الطعام لكنهم أصروا على تقديم واجب الضيافة حتى يأتي الجثمان وبعدها وصل الجثمان فى صندوق خشبي داخل حوض سيارة تابعة للشرطة «بيك آب» ذات أربعة أبواب، ففتحت الكفن وتعرفنا على صدام وعاينت بنفسي الجثمان وشاهدت الآثار الموجودة عليه.

ويوضح أبو خالد شكل الجثمان قائلا: كان مغسلا ومكفناً وأكدوا لنا أنه تم إقامة الصلاة عليه في أحد المساجد في المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد. ويضيف:لاحظت أن الجثمان تميل رقبته إلى الجانب الأيمن بشكل أكثرمن الطبيعي وهناك بروز لعظم وجرح في رقبته في الجانب الأيسر وهناك خدش على خده الأيسرمن منتصف الخد باتجاه الأعلى نحو عينه. ويقول نائب محافظ صلاح الدين:سألناهم عن هذه العلامات فأكدوا لنا أن صدام حسين لم يتعرض للتعذيب وإن كان قد تشفى فيه كل من تعرض لظلم وتعذيب هذا الديكتاتور وزبانيته.

التعذيب والتشفي

ويقول: لا أعتقد أنا أيضاً أن صدام حسين تعرض للتعذيب وإنما نتيجة تنفيذ حكم الإعدام شنقا ووضع عقدة حبل الإعدام في الجانب الأيسر من الرقبة وليس إلى الخلف أو الأمام هو ما أدى إلى كسر الرقبة وكشط بشرة الوجه نتيجة سقوطه من أعلى إلى أسفل قبو حجرة الإعدام. ويؤكد أنه كان يجب وضع حبل الإعدام إلى الخلف أو إلى الأمام لكن تعقيد الحبل كما أبلغونا لم يكن يصلح إلى ربطه بالرقبة من الجانب الأيسر مؤكداً أنه ما عدا ذلك لم يجد لا هو ولا أي من أعضاء الوفد أي آثار تدل على تعذيب أو ضرب أو اعتداء على الجثمان كما أشيع. ويقول أبوخالد: وقعنا على وثيقة استلام الجثمان أنا والمحافظ والشيخ الندا ورافقت الجثمان إلى حيث تقف الطائرة بالقاعدة الجوية ووضعناه مكان المقاعد الخلفية بعد أن طويت كفن الرئيس وربطنا التابوت بإحكام، إلا أن الطائرة لم تتحرك إلا بعد حوالي ساعة كاملة وتحديدا في الثانية والربع من صباح يوم 31 ديسمبر من عام 2006 باتجاه تكريت. ويتابع:أخبرني أحد الضباط الأميركيين المرافقين أن سبب التأخير هو اتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين مظلة جوية وطائرة أواكس لحماية الموكب الجوي الذي ينقل صدام حسين إلى مثواه الأخير.

وكانت الرحلة من بغداد إلى محافظة صلاح الدين أو إلى مدينة تكريت ثم قرية العوجة، مسقط رأس صدام حسين طويلة بما يكفي حتى أنه تتابع برأسي ورأس الوفد المحافظ والشيخ الندا أفكار عديدة.. من بانتظارنا من عشيرة صدام (البيجات).. ماذا سيسألوننا.. بماذا نرد.. أسئلة لانهاية لها.. أفسدت علينا حتى فرحتنا بعودتنا سالمين بجثمان صدام وإنهاء المهمة التي وضعنا على عاتقنا تنفيذها بمجرد أن عرفنا بإعدام الرئيس السابق.. وكانت المفاوضات مع مسؤولي الحكومة قد أرهقتنا بالفعل. ويشير إلى الوصول لقاعدة «سبايكر» في محافظة صلاح الدين حيث كان ينتظرهم قائد شرطة صلاح الدين اللواء حمد نامس.. وكانت درجة الحرارة فى هذا التوقيت (2) تحت الصفر وهو ما أدى إلى إصابة أعضاء الوفد بنزلة برد حادة. ويقول: لكننا أصررنا على إنهاء المهمة كاملة وأمرنا بتحرك موكب الجثمان داخل سيارات إلى قرية «العوجة «بعد وضع جثمان الرئيس في إحدى سيارات الشرطة وكانت الساعة تمام الرابعة صباحاً (بتوقيت المحافظة وسط العراق) عند وصولنا إلى مكان دفن الجثمان.

أبناء البيجات

يقول شهود عيان: كان أبناء «البيجات» جميعهم في انتظار الوفد ووصول الجثمان.. كان الكثير منهم مذهولاً غير مصدق لما حدث ويحدث ولم يتوقع أحد منهم على ما يبدو أن ينجح الوفد في الظفر بجثمان ابن عشيرتهم صدام حسين. ويقول أبو خالد: أخبرناهم أن الجثمان مغسل ومكفن ومصلى عليه وقد طلبوا من أحد شيوخهم وهو الملا جمعة الدهيمة أن يتأكد من ذلك حيث أيد هذا الشيخ بدوره ما ذهبنا إليه بأن الجثمان مغسل ومكفن على الطريقة الإسلامية.

ويضيف: كانوا قد أعدوا لصدام حسين قبرا في قاعة المناسبات بالعوجة لكنهم طلبوا الصلاة على جثمانه مرة أخرى فصلينا على الجثمان وواريناه الثرى وقضينا ما تبقى من الليل في دارالمحافظ ودارت أحاديث مليئة بالشجون عن وضع العراق الحالي وعن صدام الذي تسبب فيما وصل الحال إليه فى العراق قاطبة.. وكان ما يعزز مشاعر القهر لدينا أن كل رؤساء العالم يخرجون إلى مثواهم الأخير معززين مكرمين فلماذا كتب على العراق أن يخرج رئيسه بهذه الطريقة. ويشير إلى أنه ألقى بيانا في الصباح عبر فضائية صلاح الدين شرح فيه ما جرى وشكر الحكومة ورئيسها وكل من ساعد وفد صلاح الدين في إتمام هذه المهمة فأقيمت مجالس العزاء في صلاح الدين ومناطق العراق وخلال أسبوع لم تشهد محافظة صلاح الدين أي حادث عنف.

أغراض صدام

وعن أغراض صدام حسين وماتبقى من متعلقاته يقول أبو خالد:كنا قد تسلمنا مع الصندوق الخشبي الذى يضم الجثمان الكيس الأسود الذي رفض صدام حسين ارتدائه لحظة الإعدام وكذلك الملابس التي ارتداها عند تنفيذ حكم الإعدام، والمصحف الذى رافقه خلال فترة سجنه وأوصى أن يسلم إلى المحامي بدر ابن قاضي الدجيل عواد البندر الذى تم إعدامه في 15/1/2007 ودفنه خارج القاعة التي أصبحت مقرا لقبر صدام حسين وظلت هذه الأشياء في حوزة كبير عشيرة البيجات علي الندا الذي قتله تنظيم القاعدة فيما بعد. ويقول أبو خالد إنه خضع لحالة من الزهد الشديد في الدنيا وما فيها بعد انتهاء تلك الأزمة ويوضح قائلا:عندما كان يجري أمام عيني عملية دفن الرجل الذى ملأ الدنيا ضجيجا وتعلقت بإشارة من يده مصائر ملايين البشر كنت أنا أدفن أي رغبة زاد الدنيا، لأنه لا شيء يستحق كل هذه الصراعات والعدوات والانكسارات والانتصارات، لا شيء يبقى إلا وجه الله، حيث تقول الحكمة التركية «إيها الإنسان لا تنس الموت.. فإنه لن ينساك».

القبر

ويقع قبر صدام حسين على مساحة متكسرة من الأرض وبقعة تكاد تكون بائسة بالنظر إلى طاغية حكم العراق حوالى 30 عاما وبالداخل قامت عائلة صدام حسين بدفن سبعة آخرين هم نجلاه عدي وقصي اللذان قتلاخلال مواجهة مع القوات الأميركية في الموصل عام 2003 وأعيد دفنهما بعد إعدام صدام وإلى جانبهما جثمان مصطفى نجل قصي الذي كان في الخامسة عشرة من عمره عندما قتل مع والده. كما دفن بالضريح أربعة من رموز نظام صدام الذين أعدموا شنقا بعده وفي الغرفة نفسها التي أعدم فيها صدام وهم: أخاه غير الشقيق برزان إبراهيم التكريتي والمدير السابق للشرطة السرية، وعواد البندر الرئيس السابق لمحكمة الثورة، وطه ياسين رمضان، النائب السابق لصدام وعلي حسن المجيد (علي الكيماوي) .

نبش قبر صدام

ولم تتوقف الإشاعات والأقاويل والحكايات عن صدام وخوارقه بعد الموت.. أشاع ذلك أناس ممن كانوا يمتون إليه بصلة قرابة أو جوار أو نسب كما لم تتوقف الإشاعات عن جثمانه بعد دفنه ولعل أقوى تلك الإشاعات هي ما قيل عن نبش القبر وإذا ما كان قد تم نقل الجثمان ودفنه في موقع آخر خوفا عليه أو العبث به من قبل الغاضبين منه.. إلا أن القصة الحقيقية لعملية إعادة فتح القبر رواها أحد أقاربه الذى طلب عدم كشف اسمه. يروي هذا القريب الذي يقوم على خدمة القبر الكائن في قرية العوجة مسقط رأس صدام حسين أن عملية الدفن جرت فجر يوم 31 ديسمبر عام 2006 في مكان كان صدام حسين يتخذه كمضيف يستقبل فيه المهنئين بالعيد أو من لهم مطالب من أهالي بلدته وعشيرته حيث تم خلع قطع رخام تغطي بهو المضيف الذي ترتفع فوقه قبة عالية ووضع الجثمان ثم تغطية المنطقة.

الماء يؤذيه

ويقول: بعد هذا التاريخ بستة أشهر جاء شخص من أهالي تكريت ليبلغنا أن «السيد الرئيس» زاره في المنام وقال له «أبلغ أعمامي أن الماء يؤذيني» بعدها قام القائمون على الضريح بإلغاء كل مصادرالمياه المؤدية إليه وبعد تلك الواقعة بثلاثة أيام جاء الشخص نفسه وكرر الكلام نفسه وبعد ثلاثة أيام أخرى جاء وكرر الكلام نفسه ووقف فوق قبر صدام وقال: «اللهم قد بلغت. اللهم فاشهد» ويضيف خادم القبر: بعد ذلك بيوم واحد جاء أحد أئمة المساجد في تكريت ويدعى الملا جمعة الدهيمة وروى الرؤية نفسها وكان لابد من اجتماع كبارالعشيرة (البيجات) لبحث فتح القبر وإخراج الجثمان منه، وبعد أن تمت الموافقة جرى إخراج الجثمان لنجد أن هناك عين ماء أسفله !ويتابع: بعد معالجة الأمر جرى تغسيل الجثمان وإعادة الصلاة عليه ليستقر فى موضعه منذ هذا الحين.. تحت رعاية بعض أفراد العشيرة ويتوافد الناس على زيارته وقراءة الفاتحة لسبعة شواهد من القبور.

شواهد القبور

وقد كتب على قبور ابنيه عدي: «إن وعد الله حق.. قبر الشهيد المجاهد عدي صدام حسين استشهد بتاريخ 22/7/2003» وقصي: «لكل أجل كتاب.. قبرالشهيد المجاهد قصي صدام حسين استشهد بتاريخ 22/ 7/ 2003» كما كتب على قبر نجل قصي مصطفى: «إن وعد الله حق.. قبر الشهيد المجاهد مصطفى قصى صدام حسين استشهد بتاريخ 22/7 / 2003» أما بقية القبور فكتب على شواهدها أسماء أصحابها فقط دون أى إضافات: عواد البندر قاضي محكمة الدجيل.. برزان إبراهيم التكريتي.. طه ياسين.. علي حسن المجيد. ويبدو انه حتى الأموات الراقدين تحت الثرى بجانب رفات صدام حسين.. فئات وطبقات.
245891_6_main.JPG
قرار المالكي بإعدام صدام استناداً إلى حكم قضائي


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
29-08-2011, 04:55 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور (3-20)
الديكتاتور عاد إلى منطقه الثأري حين تأكد من موته: «دمي برقبة الدوريين» في حضن الأنشوطة.. مهاترات نهائية ورعب لحظة الحقيقة والهاوية عدد القراء: 626
720616fa-45bf-4321-886e-b688145b1ce3_mainNew.jpg
خبراء الأدلة الجنائية الأميركيون «يبصمون الديكتاتور المخلوع بعد أعتقاله» (أرشيف) محمود الشناوي
في ليلة وقفة عيدالأضحى المبارك من عام 2006 كان صدام حسين يشعر بنهاية أجله، وأن الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي لن تؤجل إعدامه أبداً صباح يوم العيد.. كانت بغداد تتهيأ فيما يبدو لإعدام الرجل ذي القبضة الحديدية، والذي كان مجرد ذكر اسمه بسوء لمدة أكثر من ثلاثين عاماً يعني الهلاك الحتمي، لكن قرية العوجة في تكريت حيث عشيرة البيجات التي ينتمي إليها صدام تنتظر الثأر ليس من الأميركيين أو الحكومة العراقية أوالمعارضين الذين أقصاهم صدام في المنافي طيلة فترة حكمه، لكن من الذي سلمه للأميركيين وأرشد عنه حيث عاش صدام بعد سقوط نظامه في عام 2003 في تكريت إلى أن تم القبض عليه ومحاكمته وإعدامه.
ساعات مرت طويلة على صدام حسين في محبسه بمعسكر أميركي في مطار بغداد انتظاراً لتسليمه للحكومة العراقية ليلة وقفة عيد الأضحى المبارك قبل أن يطلب من سجانيه لقاء أخويه غير الشقيقين وطبان وسبعاوي ليس لوداعهما كما اعتقد السجّانون، وإنما ليقينه بأن عشيرته ستطلب الثأر ممن سلموه وعليه أن يفصح عن اسم من سلمه قبل موته وهو السر الذي ظل محتفظاً به طيلة فترة محاكمته ولم يسأله أحد عنه وكان الاختيار بين اثنين يعتقد أنهما ضالعان في تسليمه للأميركيين أحدهما صاحب المزرعة التي كان يختبئ فيها صدام والآخر أحد مرافقيه.. تلك التفاصيل وغيرها كشفتها الزيارة إلى قرية العوجة في تكريت حيث يرقد صدام وأبناؤه ورموز نظامه.
يقول قصي أحد اقارب صدام حسين من عشيرة البيجات إن صدام لم يكن خلال الساعات الأخيرة لإعدامه يشعر أبداً أن في الأمر موت أو نهاية وإنما بداية جديدة في مكان آخر لكنه يختلف عن حياة القصور والسلطة التي ودعها بعد انهيار نظامه في العام 2003.
ويضيف قصي الذي رفض الإفصاح عن اسمه كاملا خشية الملاحقة أن «السيد الرئيس»، كما يصفونه دائما عند الحديث عنه، كان يشعر أحياناً بالارتعاد من اقتراب لحظة الأجل، لكنه كان يشعر من حوله بالثبات والصمود.
لقاء نادر
ويتابع «ودّع صدام أخويه غير الشقيقين وطبان وسبعاوي تمهيدا لإعدامه بعد أن يتم تسليمه أولاً إلى الحكومة العراقية وكان ذلك يوم الخميس في لقاء نادر بالسجن وأخبرهما بأنه سعيد لأنه سيلقى حتفه على أيدي أعدائه، ويصبح شهيداً، لا مجرد أن يقاسي عناء السجن».
ويشير قصي إلى أن صدام أعطاهما رسائل إلى عائلته كما سلمهما «رسالة وداعية» أعلن فيها قبوله بـ «الشهادة» وحث الشعب العراقي على الوحدة، وقال إنه يقدم نفسه فداء له. «فإذا أراد الرحمن هذا صعد به إلى حيث يأمر سبحانه مع الصدّيقين والشهداء.. وأن أجّلَ قراره على وفق ما يرى فهو الرحمن الرحيم وهو الذي أنشأنا ونحن إليه راجعون، فصبر جميل وبه المستعان على القوم الظالمين».كما حث صدام، بحسب ما قاله قصي نقلاً عن سبعاوي ووطبان الشعب العراقي- المتنوع طائفيا وعرقيا- على أن يصبحوا نموذجاً للحب والتسامح والتعايش وانتقد كلاً من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وقال «في ظل عظمة الباري سبحانه ورعايته لكم... ومنها أن تتذكروا ان الله يَسّر لكم ألوان خصوصيّاتكم لتكونوا فيها نموذجاً يَحتذى بالمحبة والعفو والتسامح والتعايش الأخوي فيما بينكم».
وقال قصي إن سبعاوي نقل لعشيرة البيجات عن صدام حسين عندما كان يودعه، السر الذي يتعلق بالشخص الذى يعتقد الرئيس السابق أنه المسؤول عن سقوطه في قبضة القوات الأميركية.
«طلايب» دم!
وأوضح أن سبب تمسك صدام بالإفصاح عن هذا السر وكذلك اهتمام سبعاوي بنقله يعود إلى العرف العشائري حيث إن مثل هذه الأمور يكون فيها «طلايب دم» بمعنى الثأر من الشخص المسؤول عن تسليمه..حيث يصبح الشخص الذي قام بتسليمه حسب المفاهيم العشائرية هناك هو القاتل الفعلي ومن هنا وجب االقصاص منه وهذا هو ما أدى إلى دخول عشيرة صدام (البيجات) في صراع مع عشائر أخرى.
ويقول قصي: استطاع سبعاوي إبراهيم حسن التكريتي وهو الأخ غير الشقيق للرئيس العراقي الراحل أن يوصل رسالة لكبار شيوخ عشيرة البيجات تتضمن تفاصيل الساعات الأخيرة قبل إعدام صدام مشيراً إلى أن سبعاوي أوضح خلال رسالته لشيوخ البيجات، أنه طلب من صدام أن يقول كلمته الأخيرة بشأن المسؤول عن تسليمه للأميركيين لأن القضية فيها «طلايب دم» حيث كان هناك اتهام لشخصين أولهما قيس النامق صاحب المزرعة التي تم اعتقال صدام في أحد سراديبها وشخص من مرافقي صدام يدعى محمد إبراهيم المسلط وكان من جماعة خير الله طلفاح، فالعقيد المسلط هو ابن عم ساجدة خير الله طلفاح عمر المسلط الزوجة الأولى لصدام حسين وأم ابنيه عدي وقصي وابن خالة صدام نفسه وأشيع أنه اضطر إلى كشف مكان اختفاء صدام حسين تحت ضغط أميركي وتهديد بهتك عرض بناته وزوجته .
ويضيف سبعاوي أن صدام قال له «أشبعت الكلاب وجوعت الذئاب» قبل أن يؤكد حقيقة الشخص الذى سلمه للأميركيين وهي كناية عمن تمتعوا بخيرات صدام أيام مجده وعزه.
اللعنات
ويتابع شقيق الطاغية الراحل: صدام قال لي «دمي برقبة الدوريين».. وهو بذلك نفى بذلك التهمة عن محمد إبراهيم المسلط.. وأكد أن من سلمه هو قيس النامق وطباخه ونسيبه.
ومع بدء شروق شمس يوم 30 ديسمبر من عام 2006، كان القاضي الكردي منير حداد، وهو نائب رئيس المحكمة الجنائية العراقية العليا وأحد القضاة السبعة الذين وقعوا على قرار إعدام صدام وكل من عواد البندر وبرزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام وجددوا العقوبة على طه ياسين رمضان من الحكم بالسجن المؤبد إلى الإعدام، بالإضافة إلى وزير العدل العراقي والمدعي العام منقذ آل فرعون بانتظار صدام حسين في غرفة مجاورة للغرفة التي أعدم فيها.
ففي قاعة الاستخبارات العسكرية العراقية السابقة (الشعبة الخامسة) التي كان صدام يوجّه منها الحرب ضد إيران (1980- 1988) وأصبحت الآن سجن «الحماية القصوى» في منطقة الكاظمية في العاصمة العراقية (بغداد) دخل صدام حسين مكبلاً بين سجانيه وهو يحمل نسخة من القرآن الكريم، وبحسب ما يروي القائمون على إعدامه أجلس صدام على كرسي وردد اللعنات على أميركا وإيران حيث كان يقاطع حداد الذي تلا عليه قرار إعدامه شنقاً حتى الموت ثم القرارالتمييزي من قضاة المحكمة العليا بتصديق حكم الإعدام ثم الأمر الديواني الموقع من رئيس الوزراء نوري المالكي.
ويقول الرواة في تكريت إن صدام كان يلعن الأميركيين والإيرانيين، في حين كان القاضي يردد على مسامعه مراسيم إعدامه، فيما حرص كل من حضر لحظات إعدامه لتأنيبه على الحروب التي شنها على إيران والكويت، وضياع الاقتصاد في تشييد القصور الخاصة.
ويضيفون: اصطحب منفذو الإعدام في صدام إياه إلى المشنقة وأثناء صعوده إليها طلب منه القاضي والمدعي العام قراءة وصيته فرد قائلاً إنه ليس له وصية بينما رفض وضع كيس الإعدام على رأسه.
فيلم وثائقي
وما يؤيد رواية أهل تكريت الحريصين على البقاء بالقرب من قبر صدام وعائلته شريط بثه موقع «يوتيوب» فور إعدام صدام وقد تم تصويره عبر هاتف محمول مزود بكاميرا ويعتقد على نطاق واسع أن من قام بتصويره وبثه شخص ينتمي لفرقة الإعدام يدعى علاء حيث يظهر من خلال هذا الشريط وهو يهتف باسم محمد باقر الصدر بلهجة أهل جنوب العراق، فيما يناديه الآخرون باسم علاء. ويظهر الفيلم قاعة بارتفاع ما يقرب من خمسة أمتار يوجد بها منصة على ارتفاع ثلاثة أمتار حيث قام المصور بالتصوير بالقرب من سلم حديدي على يسار القاعة يودي إلى المنصة حيث ظهر صدام حسين وقد قيدت يداه إلى الخلف ويوجد عدد من الرجال المقنعين بلباس مدني حوله .
ثم يصور الفيلم رفض صدام ارتداء الكيس الأسود لتغطية رأسه قبل لحظات الإعدام ثم قوله «يا الله» ثم تقدمه باتجاه المشنقة ووقوفه على المنصة بهدوء محاطاً بالحراس إلا أن أحد الحراس قام بلف الكيس الأسود على رقبته ومن ثم لف حبل الإعدام والأنشوطة على يسار صدام ثم سمع عدد من الحاضرين يرددون «اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، وعجل فرجه وأنصره على عدوه».
ثم صرخ أحدهم «مقتدى مقتدى مقتدى» فرد صدام عليه وقال «ها هي المرجلة» (وهي باللهجة العامية العراقية تعني هل هذه هي الرجولة؟) ثم سمع أحد الحاضرين يقول «إلى جهنم» وهتف آخر «عاش محمد باقر الصدر» ومن جانبه، تجاهل صدام الصياح وردد «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله»، فقال آخر ويعتقد أنه المدعي العام منقذ آل فرعون «يا إخوان أرجوكم الرجل في إعدام، أرجوكم».
وأكمل بعض المجتمعين بهتافات مشابهة وقام أحد الحراس فطلب من صدام إعادة الشهادتين وما إن أعاد صدام تكرار الشهادتين حتى سمع صوت يعتقد أنه صوت فتح البوابة الحديدية تحت أقدام صدام وهو يسقط في حفرة الإعدام ثم سمع صوت أحد الحضور يصيح «اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد». وصرخ آخر «سقط الطاغية لعنة الله عليه».وساد الصياح والهتاف في القاعة وسمع كلمات ليست عربية يعتقد أنها فارسية. ثم ظهرت صورة صدام وهو معلق وهو ينظر إلى الأعلى.
وعلى الرغم من أن الأميركيين منعوا اصطحاب الهواتف المحمولة مع أي ممن حضروا وقائع إعدام صدام مهما كان الشخص مسؤولا ومهما كان مستواه السياسي رفيعا وعلى الرغم من فتح تحقيق فيمن صور شريط الفيديو أو من قاموا بالهتاف أو السباب ضد صدام في غرفة الإعدام إلا أن التحقيق لم يظهر على وجه التحديد من المسؤول عن تلك الأعمال .
لكن المصادر القضائية المكلفة بتلك التحقيقات أكدت أن الفيلم صور من خلال كاميرا هاتف محمول يملكه مسؤول رفيع المستوى بين من حضروا تنفيذ الإعدام في الوقت الذى لم يتم فيه الإعلان رسمياً عن أن أياً من المسؤولين ذوي المقام الرفيع حضروا وقائع إعدام صدام.. باستثناء موفق الربيعي مستشار رئيس الوزراء لشؤون الأمن القومي في العراق وقتها.
بعد الإعدام
لكن القاضي حداد كشف فيمابعد عن أن صادق الركابي المستشارالسياسي لرئيس الوزراء حضر وقائع الإعدام بقوله «بعد إعدام صدام طلبت لفافة تبغ من الركابي لأدخن ففتح علبة السجائر ووجد فيها سيجارة واحدة من ماركة «لايك سترايك» فأعطاني إياها فرفضت، أحسست أن الدنيا لا تساوي شيئا وقلت للركابي في حينها هذا صدام الذي كان الناس يخشون ذكر اسمه. هو الشخص نفسه المعلق الآن في حبل المشنقة».ويضيف «كنا 14 شخصاً من المسؤولين عن تنفيذ الحكم وحين تم الشنق فحص الطبيب جثمان صدام وتأكد من موته، ثم قمنا بتوقيع محضر تنفيذ الحكم ووقعت عليه أنا والمدعي العام وممثل رئيس الوزراء والطبيب، ورئيس السجن». ويتابع قائلا: خارج القاعة كانت تنتظرنا مروحيتان، أقلت كل منهما 7 أشخاص. فتجنبت المروحية التي أقلت جثمان صدام حسين مع فريق الـ 7 أشخاص الآخرين. وهبطت المروحيتان في المنطقة الخضراء حيث كانت تنتظر المروحية التي نقلت جثمان صدام إحدى سيارات الإسعاف وقام الرجال الذين يستقلون تلك السيارة بنقل جثمان صدام إلى منزل مجاور لمنزل رئيس الوزراء.
ويقول شهود عيان على عملية نقل جثمان صدام حسين إن المدعي العام لمحكمة الدجيل، والذي رأس هيئة الادعاء العام في قضية الأنفال وكان مكلفاً بنقل جثمان صدام من مكان إعدامه في الكاظمية إلى المنطقة الخضراء شوهد محمولا على الأكتاف بعد خروجه من بناية رئاسة الوزراء قبل أن تمر التظاهرة أمام مبنى رئاسة الوزراء، وينقل جثمان صدام إلى سيارة الإسعاف بعد نحو ساعة من إعدامه وقد لف بقماش أبيض.
أفراح وتظاهرات
وسمع في شريط فيديو صوت أحد الأشخاص الأربعة في داخل سيارة الإسعاف التي تقل جثمان صدام يطلب من الطبيب المشرف على الجثمان بالقدوم منبها على ضرورة الحصول على نسخة من الشريط كما يحث ملتقط الفيديو على الإسراع في عملية التصوير.
كما شوهد بحسب شهود العيان عدد من المتظاهرين يرقبون الجثمان من خلال شباك سيارة الإسعاف واقترب مصور الفيديو من الجثمان بعد كشف وجه صدام حسين الذي بدت آثار خدوش واضحة على خده الأيسر، كما ظهر جرح قطعي في رقبته وآثار دماء بجوار فمه، وهو ما نتج عن عملية الإعدام. لكن المدعي العام ال فرعون قال، فيما بعد إن مشاركته في الاحتفال وسط المنطقة الخضراء في بغداد بعد إعدام صدام حسين والذي بث في شريط مصور على مواقع إلكترونية «كانت عفوية ولم يتم الإعداد لها سلفاً».



 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
29-08-2011, 05:00 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور (4-20)
صدام اختار داره «مخبأ» لموت ولديه.. والواشي لم يقتنع بملايين الدولارات عرسان في المنطقة الخضراء.. لماذا ستكترث الحكومة لجثة طاغية؟
8f002e62-9bcd-497f-a293-123101f9f418_mainNew.jpg
الكاتب الصحافي محمود الشناوي في مكتب صدام حسين حيث أعتقل في حفرة في حديقة المنزل محمود الشناوي
في الوقت الذي كانت مناطق داخل المنطقة الخضراء تشتعل احتفالا باعدام صدام حسين بينما تجري في غرف مغلقة مفاوضات حول مصير جثمانه واذا ما كان سيتم دفنه في مكان سري أو يجري تسليمه الى ذوي صدام لدفنه في مسقط رأسه كانت حركة غير عادية من نوع آخر تجري في منزل رئيس الوزراء نوري المالكي داخل المنطقة الخضراء حيث كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق تجري للاحتفال بزفاف ابنه أحمد. ورغم أنه لم يتسن لأحد التأكد من حقيقة وجود ترتيب مسبق ان يتم الاحتفال بعرس أحمد نوري المالكي ليلة تنفيذ حكم الاعدام في صدام حسين الا ان مظاهر البذخ التي تخللت حفل العرس والتي منعت السلطات تصويرها بأي شكل بعد ان تمت مصادرة كاميرات وهواتف المدعوين تؤكد ان حفل الزفاف ربما يعني لأصحابه فرحتين (فرحة النصر على عدو يوم الاحتفال بعيد الأضحى.. وفرحة النشوة باتمام العرس).
ويفسر البعض اصرار المالكي على تنفيذ حكم الاعدام في هذا اليوم تحديدا وهو يوم عطلة رسمية وتهديده للسفير الأميركي الأسبق زلماي خليل زاد بأنه سيعقد مؤتمرا صحافيا يفضح فيه التدخلات الأميركية في الشأن الداخلي العراقي ما لم يوافق الأميركيون على تسليم صدام لاعدامه هو دليل على ما أشيع من ان المالكي أقسم أمام ابنه وعدد من أهل بيته ان رأس صدام هو هدية المباركة لابنه وزوجته وأنها المفاجأة التي أعدها لهذا الزفاف منذ شهرين.
وقد حضر الحفل الذي جرى وسط مظاهر من البذخ الشديد عسكريون أميركيون وموظفو السفارة الأميركية ومنع رجال الحماية جميع النساء من اصطحاب الهواتف النقالة باستثناء اسراء ابنة المالكي نفسه التي كانت تصور الحفل بكاميرا ديجتال من نوع سوني .
الرحلة إلى تكريت
لكن دعونا ننتقل الى تفاصيل الرحلة الى قبر صدام في العوجة، فعندما تعبر بوابة تكريت، التي تبعد عن بغداد نحو 175 كيلومترا شمالا تصل الى قرية العوجة مسقط رأس صدام حسين التي ظلت على علاقة طيبة مع عشائر الجبور سكان (ناحية العلم) الأساسيين رغم الاتهامات التي وجهت لبعضهم حول التورط في اغتيال صدام حسين عام 1991.
وبنظرة واحدة على بيوت تلك القرية تتبدد كل المقولات حول منح سكانها لأية امتيازات في عهد الطاغية كما يردد المعارضون فبيوتها شديدة البساطة حتى ان بعضها بقي على حاله منذ بنائه بالطوب الأحمر..أما شوارعها فهي كبقية شوارع العراق من حيث كمية الحفر والمطبات وفوضى الأرصفة .
وعبر طريق ممهد على يسار الشارع العام، الذي يشطر قرية العوجة مسقط رأس صدام حسين والتابعة لمدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين الى نصفين، يمكن للزائر ان يصل الى مضيف يشبه في تصميمه مساجد البلدة تحيطه مساحات من الأرض المزروعة بالخضرة والأشجار والنخيل. ويقوم على رعاية هذا المضيف مجموعة من شباب عشيرة البيجات التي ينتمى اليها صدام حسين وهم يستقبلون الضيوف والمعزين الذين يتوافدون على قبر الرئيس السابق.
القاعة الرئيسة للقبر
قبل ان تدخل القاعة الرئيسة التي تضم القبر تفاجئك لوحة زيتية تحتل الجدار الأمامى للقاعة وقد كتب عليها قصيدة طويلة من شعر الداعية السعودي الشهير عائض القرني يشيد فيها بصدام حسين ويمجده..ويحرص المقيمون على المكان ان يبرزونها ويوجهون الضيوف الغرباء اليها لقراءة ما بها من أبيات قبل الدخول الى هذه القاعة. وتعلو القاعة قبة تم تزيينها بنقوش اسلامية وآيات قرآنية بينما تحتل جدرانها لوحات زيتية وأخرى مصورة لصدام حسين مع بعض الحوائط الخشبية التي تضم مقتنياته والهدايا التي تلقاها أو تلك التي قدمها أفراد وجماعات لتكون حاضرة في قبره الذي لا يرتفع أبداً عن مستوى أرضية القاعة بينما تم وضع الكثير من الورود فوق القبر في مشهد لافت مع مصحف كبير يستند الى حامل خشبي أثري ومقعد تم جلبه من أحد قصور صدام التي تم نهب محتوياتها سواء في قريته «العوجه» أو في تكريت.وفي الجانب الأيسر من القاعة التي تضم القبر تم وضع «دفتر تعازي» حتى يكتب الزائرون كلمات الرثاء وتسجيل ذكرى مرورهم بالمكان.
عند الوقوف الى جانب القبر تجتاحك نوبة من الأفكار عما يحويه هذا القبر المنطمس تحت الأرض من أسرار احتفظ بها صاحب الجثمان ولن تكشف أبدا لتبدأ موجة من التساؤلات التي يتطوع الكثيرون للاجابة عنها، بعلم أو دون علم، ويقص هؤلاء على الزائر الاستثنائي الكثير من الحكايات عن بطولات وانكسارات عن أفراح وأتراح عن قليل من الوفاء وكثير من الخيانات. انهم يقصون الكثير من الروايات عن ما تبقى من آثار لهذا الرجل الطاغية الذي حكم البلاد والعباد أكثر من 30 عاما بكل ما حملت هذه السنوات من أحداث غيرت وجه المنطقة وتأثر بها ليس العراق فقط، وانما الخليج كله والعرب جميعا.. بل والعالم بأسره .
الحقائق والأساطير
حكايات تغلفها الدهشة تقترب الى الأساطير أكثر منها الى الحقيقة عن الأيام التي سبقت بدء الحرب الدولية على العراق، وكيف قضى صدام تلك الأيام غير عابىء بما يجري وانما كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق للاحتفال بيوم ميلاده كما جرت العادة على مدى سنوات حكمه الطويل وكيف كان رجاله يجهزون الميادين في بلدته العوجة ومدينتها تكريت لاستقبال «المهيب الركن» في كرنفالات لا يوحي مظهرها الاحتفالي بما تمر به البلاد والبلدان الأخرى من أحداث وما تنتظره المنطقة والعالم من كوارث، بينما تتزين قصوره التي يحتاج المرور على محيطها فقط ساعات عدة بين أبنية شاهقة وبحيرات صناعية وحدائق غناء استحالت بعد ذلك الى خراب ودمار وبقيت شاهدة على عصر مازال محل جدال عصي على الحسم ويبدو أنها ستبقى كذلك طالما دفنت الأسرار العظمى مع صاحبها في قبر مثل كل القبور .
ويروي القائمون على المكان والزائرون العابرون كيف سقط صدام حسين في قبضة القوات الأميركية مؤكدين اقتناعهم تماماً بما أقر به صدام نفسه بان قيس النامق صاحب المزرعة التي كان مختبئاً فيها هو من سلمه بعد ان أدلى تفصيلياً عن مكان القبو حيث تعرضت هذه المزرعة الى عدد من الحملات العسكرية التي كانت ترجع دون هدفها ولكن هذه المرة كانت القوات تعرف أين صيدها الثمين لينتهي - والى الأبد - أمر الرجل الذي حكم العراق بيد من حديد في مشهد بثته كل قنوات الدنيا واحتل صفحات الصحف والمجلات. ويضيفون ان صدام ظهر كثيراً في قرية العوجة بعد انهيار نظامه عام 2003 وفي أماكن قريبة جداً من تواجد القوات الأميركية مشيرين الى أنه عقد اجتماعات مهمة في بيوت العوجة مع المرافقين له بالقرب من تواجد الأميركيين ، لكنه لم يكن يتواجد بأي مكان أكثر من ساعتين.
وبقدر ما كان صدام مثيرا طوال سنوات حكمه بقراراته التي أثقلت بلاده والعالم، تمتد الحكايات بشكل أكثر اثارة بعد موته لتروي أحداثا يحتفظ كل من يرويها بحق أنها الحقيقة الوحيدة رغم اختلاف كل رواية عن الأخرى وهو ما يجعل الزائر يتوقف طويلا أمام قبر صدام قبل ان يكمل رحلته الى باقي حدود المكان الذي يضمه، والذي يحوي أيضا المزيد من الحكايات والأسرار .

غرف القبر
تحيط بالقاعة الرئيسة التي تضم قبر صدام مجموعة من الغرف التي يمنع القائمون على المكان الزائرين من الدخول اليها حيث تضم احدى هذه الغرف مكتبا لصدام حسين يحيط به صالون كان يستقبل فيه الضيوف ورغم بساطته الا ان أحداً من المشرفين على القبر قال ان هذا المكتب شهد اجتماعات هامة بقيادات عراقية كبيرة في أحد منازل القرية قبل ان تدخل القوات الأميركية الى بغداد وتواصل انتشارها في باقي مناطق العراق ومنها تكريت.
وروى هذا الشخص - الذي رفض ذكر اسمه خشية الملاحقة - ان المكتب وصالون الاستقبال المتواضع كان في أحد البيوت العادية من القرية وليس أحد القصور ولهذا كان بعيدا عن التوقعات في ان يكون صدام وقادته بداخله يعقدون اجتماعات أو يديرون المعارك وتم جلبه بعد تعرض معظم قصور صدام للقصف من جانب القوات الأميركية، ثم تعرض معظم مقتنياتها للنهب والضياع، أما الغرفة الأخرى فتضم احدى غرف النوم التي كان يستخدمها صدام حسين وتم جلبها من أحد القصور التي تعرضت للقصف والنهب أيضا وقد وضع القائمون على المكان علم العراق فوق السرير .
ويؤكد القائمون على المكان ان الكثير من الوثائق والمتعلقات الشخصية - التي تعتبر ثروة للباحثين - تم اخفاؤها أو التخلص منها بعد دخول القوات الأميركية الى محافظة صلاح الدين وحتى قبل ان يسقط صدام حسين في قبضتها بدافع الخوف من سقوطها في قبضة القوات الأميركية فتكون دليلا على علاقة من يقتنيها بصاحبها (صدام) أو الرغبة في الاحتفاظ بها كشواهد ربما يكون ثمنها باهظا ذات يوم.
سيف ذو الفقار
يقودك المشرفون على المكان الى قاعة كبيرة تمتد على جوانبها صور صدام حسين وولديه عدي وقصي وحفيده مصطفى بينما تنتشر بعض أغراضه الشخصية ومنها أحد السيوف الذي كان يحرص على الاحتفاظ به ويسمى سيف «ذو الفقار» الذي ينتهي بمقبض معدني وله نصلان في المقدمة ويزن حوالي 20 كيلوغراما حيث أوضح أحد المرافقين ان هذه القاعة الكبيرة كانت مضيفا يستقبل فيه صدام شيوخ العشائر أو المواطنين الذين يأتون طلبا للعون والمساعدة. ووفق المصدر فان هذه القاعة هي التي شهدت الاجتماع العشائري المريب الذي تم خلاله اتخاذ القرار بتصفية حسين كامل زوج رغد ابنة صدام حسين وشقيقه صدام كامل زوج رنا بعد عودتهما من رحلة الهروب المرعبة التي كشف خلالها حسين كامل أسرار العراق النووية وحاول حشد قوى من المعارضة العراقية المقيمة بالأردن الا ان جهوده فشلت بسبب شكوك المعارضة فيه، وأنه ربما يكون أحد الجواسيس الذين أرسلهم صدام وما يقوم به ما هو الا تمثيلية مكشوفة وهو ما اضطره الى العودة بعد ان حصل على وعد بالأمان من جانب صدام بعدم التعرض له أو قتله الا ان قرار العشيرة كان هو القتل جزاء لما اعتبروه خيانة.
قتل حسين كامل
وكما تتعدد الروايات عن اعتقال صدام وكيف قضى أيامه الأخيرة قبل ان يسقط في قبضة القوات الأميركية تتعدد الروايات عن كل من يخصه من تفاصيل وأحداث ومنها قضية قتل حسين كامل وشقيقه بينما يؤكد القريبون من الأمر ان القضية عشائرية لم تكن لتكون نهايتها غير ما جرى باعتبار ان ما ارتكبه الشقيقان ما هو الا خروج عن تقاليد العشيرة والحكم فيهما يصدر بقانون العشيرة وليس الدولة. وتمرد حسين كامل على عمه وصهره صدام في سنة 1994 هو وزوجته وهربا الى الأردن في مشهد تابعه العالم كله، وقيل ان حسين أدلى بمعلومات مهمة عن أسرار نظام عمه وكان منها معلومات نووية، ولكن بعد فترة بعد انتشار الخبر قام صدام باصدار بيان عفو عن حسين كامل وابنته. وعاد حسين كامل الى العراق مع شقيقه صدام كامل وفي اليوم الثاني أرسلت دبابات الى منزل حسين كامل وقامت بهدمه الى الأرض وأعلن في العراق ان عشيرته هي التي قامت بتهديم المنزل.
نعود للقبر، ففي زاوية من الحديقة التي تضم القبر والقاعة الرئيسة التي تضم المقتنيات تقبع سبعة قبور أخرى لا يوحي مشهدها بأهمية أصحابها ولا يؤشر وضعها بهذه الصورة التي شاهدتها على الأحداث التي سبقت مجىء أصحابها اليها وما رافق حياتهم ومماتهم من قصص تحمل الكثير من الدراما لأشخاص حكموا وتحكموا تلاحقهم المسؤولية التاريخية والدينية عن الكثير مما جرى للبلاد والعباد .
قبر الكيماوي
يداهمك مشهد القبر الأول الذي لا يحمل شاهدا يدل على صاحبه وهو قبر علي حسن المجيد المشهور بلقب «علي الكيماوى» الذي تم اعدامه بعد صدور ثلاثة أحكام بالاعدام ضده في قضايا كان لها الكثير من الضجيج الاعلامي نظرا لمكانة الرجل ابان حكم صدام حسين وما يحتله من مواقع تتيح له الكثير من الصلاحيات والامكانيات الا ان قبره البسيط يجعل من يزوره يشعر بمرارة الصراعات وزهو الحكم الزائل وقيمة كل زخارف الدنيا التي لن يكون للانسان نصيب فيها غير حفرة مظلمة ورداء ليس له جيوب وقبر ربما لا يحمل شاهدا باسمه. تصطف بجوار القبر الذي لا يحمل شاهدا ستة قبور أخرى لأشخاص ملأوا الدنيا ضجيجا وطالما احتلت صورهم صدر صفحات الجرائد والمجلات سواء ابان تولي صدام حسين السلطة أو حتى بعد سقوط نظامه عند دخول القوات الأميركية على قلب بغداد في 9 أبريل عام 2003 وما تلا ذلك من وقائع ستظل تفاصيلها والكثير من أسرارها في ذمة التاريخ وربما لا تخرج عن حدود قبور أصحابها .
تقول الشواهد التي تتقدم القبور الثلاثة الأولى أنها تخص كلا من عدي وقصي صدام حسين ومصطفى ابن قصي الذين كان مقتلهم بحد ذاته واقعة غريبة تغلفها الكثير من الخفايا عن حقيقة الايقاع بهم وكيف واجهوا الموت وكيف جرى التعرف اليهم وترميم جثثهم لتبدو أمام الجميع حقيقة واقعة بان عصر صدام حسين انتهى.
دار صدام نهاية لأولاده
تتعدد الروايات عن الواشي والدليل وأين ذهب وكم تلقى من ثمن نظير الوشاية ولماذا اختار صدام حسين شخصيا داره لتكون مخبأ النهاية لأولاده وكيف قادهم بنفسه الى الرجل الذى وشى بهم بعد وصولهم بحوالي ساعة فقط الى داره حاملين مئات الملايين من الدولارات والكثير من الأسرار للدولة المتهاوية والكثير من الثقة في صاحب الدار الذي ربما أراد بالابلاغ عنهم دفع أذى الأميركيين عنه. فيما تشير الشواهد الثلاثة الأخرى الى أنها قبور كل من طه ياسين رمضان الذي كان نائبا للرئيس العراقي صدام حسين وبرزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام والذي شهدت عملية اعدامه حادثة فريدة أثارت الكثير من الجدل وهي انفصال رأسه عن جسده ما فتح الباب واسعا لروايات عن اعدامه ذبحا وليس شنقا انتقاما منه، وكذلك عواد حمد البندر وهو القاضي الذي حكم بالاعدام على منفذي محاولة اغتيال صدام حسين في الدجيل عام 1982 وهو والد المحامي الذي أوصى صدام حسين بان يعود اليه المصحف الذي رافقه طوال محاكمته الى ما قبل اعدامه . وفي ذكرى اعدامه، يزور العشرات من تكريت والعوجة والمتهمون قبر صدام حسين ، فيما تقوم عشيرة البيجات بالاستعدادات لاستقبال الزوار والضيوف بما يشبه الطقس الاحتفالي السنوي. ويقول القائمون على القبر وهم من البيجات، ان أعداد الزوار تتكثف في ذكرى اعدامه (في 30 ديسمبر) عن بقية شهور السنة ويحرص الزوار على اصطحاب الصور التذكارية والتوقيع بدفتر الزوار .



 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
29-08-2011, 05:01 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور(5-20)
المدنيون نكصوا من تجاهل هوياتهم المذهبية إلى إخفائها خوفاً من حفلات التعذيب أقبية الموت ومخافر النخاسة.. في العراق كل الغرباء للبيع عدد القراء: 475
e5ec5461-04ca-40b4-971c-16cf1a9c820e_mainNew.jpg

محمود الشناوي
«انسبينا سباية الحسين».. هذه العبارة يمكن ان تقود صاحبها، المتواجد في مناطق يسيطر عليها تنظيم «القاعدة» والمليشيات السنية الأخرى الى وصلة تعذيب لا نهاية لها حتى يطلب الضحية نفسه من جلاديه اراحته بطلقة نارية كفيلة بانهاء حياته، وهو ممتن لجلاديه لأنهم أراحوه بسرعة من تعذيب لا طاقة له به.. وهي عبارة شيعية شهيرة يقولها أهل المذهب عندما يتعرضون لما يسوء ويعكر الصفو لينتهي بخسارة كبيرة. وقد كان لهذه العبارة قصة شهيرة أبطالها أناس أسوياء جمعتهم الصدفة في «طريق الموت» وهو الطريق الواصل بين العاصمة بغداد ومحافظة الأنبار حيث يسيطر تنظيم «القاعدة» تماماً عليه وهم ينبذون التفرقة الطائفية ليؤكدوا ان وحدة موطنهم هي الأبقى من طوائفهم المتناحرة.
طريق الموت
يقول السيد عادل (أبو مختار) من سكان مدينة الصدر، انه عندما كان عائدا من العاصمة الأردنية عمان في صيف عام 2006 برفقة زميلين أحدهما شيعي والآخر سني وعند الدخول الى مركز محافظة الأنبار (غرب العراق) معقل ما يسمى بتنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين كان النهار يقترب من نهايته وبدأت الشمس تستعد للمغيب وهذا الوقت وفقا لفرق الموت يعني بداية سريان سلطتهم الكاملة على البلاد والعباد .
ويضيف ان سائق السيارة التي كانت تقلهم وهو من احدى القرى القريبة من الفلوجة أبلغهم أنه لن يستطيع مواصلة السير الى بغداد نظرا لخطورة الطريق وطلب منهم ان يحلوا ضيوفا عند أهله حتى الصباح ايثارا للسلامة لكن الأصدقاء الثلاثة رفضوا نظرا لارتباطاتهم العائلية فاستأذنهم بالانصراف الى أهله تاركا اياهم على الطريق السريع ربما يعثرون على من يغامر بالذهاب الى بغداد في هذا الوقت .
ويتابع قائلا: لم يمض وقت طويل حتى مرت سيارة خاصة تعود لمهندس من أهالي الفلوجة عرض على الأصدقاء الثلاثة اصطحابهم الى حدود بغداد عند منطقة أبو غريب التي تبعد نحو 20 كيلو مترا غربي بغداد باعتبار ان تلك المنطقة تخضع لنفوذ تنظيم «القاعدة» الذي يكن لأهالي الفلوجة احتراما شديدا لان تلك المدينة وفرت ملاذات آمنة لعناصر «القاعدة» والمقاتلين العرب الذين جاءوا الى العراق للحرب ضد الأميركيين المحتلين قبل ان تتبدل الأمور وينقلب المضيفون على الضيوف ودولتهم الاسلامية التي اشاعت الرعب والقتل.
شركاء الطريق
دار حديث طويل بين صاحب السيارة والركاب حول الأوضاع والأحوال وما يدور من أحداث وبالطبع فان السؤال الأول كان عن الأسماء ومناطق السكن وأسماء العشائر التي يتبعها العابرون، وراوغ «أبو مختار» في الحديث حتى لا تظهر طبيعة انتمائه للمذهب الشيعي الا ان صديقه الآخر الشيعي أفصح عن نسبه لا ان صاحب السيارة السني طمأنه وطلب منهم عدم الحديث عند الاقتراب من أي نقطة تفتيش تابعة لمجموعات المسلحة.
ودار الحوار بين ركاب السيارة ليؤكد للجميع أنهم اخوة وشركاء في وطن واحد لا يفرق على أساس المذهب أو القومية وان ما يجري ما هو الا مؤامرة كاملة الأركان لتدمير البلاد.
يقول أبو مختار ان صاحب السيارة أصر على اكمال مسيرته الى بغداد رغم مخاطر الطريق وتبادل مع ضيوفه بالسيارة على تبادل الأدوار اذا فاجأتهم نقطة تفتيش تعود للميليشيات الشيعية، فيصمت هو ويتحدث الصديقان الشيعيان حتى وصلت السيارة الى منطقة العلاوي التي تقع خلف وزارة الخارجية وهي منطقة تتوسط بغداد وذهب كل من ركاب السيارة الى طريقه بعد تبادل أرقام الهواتف ووعود بمواصلة العلاقة وان يزور ابن الفلوجة ابن مدينة الصدر عندما تهدأ الأمور .
كان التوقيف، منذ عام 2006 أو بداية الانفجار الطائفي، في معظم الأحوال أول الطريق الى الموت، وذلك عبر سلسلة من الأحداث تبدأ بالتعرف على هوية الشخص محل التوقيف سواء في نقطة التفتيش الرسمية التابعة للدولة أو الوهمية التابعة للميلشيات وفرق الموت، وبعد التعرف على هوية الضحية تتواصل الخطوات لزجه في أحد سجون أقسام الشرطة حتى يتم النظر في أمره أو بيعه لاحدى الجهات أو العصابات ما لم ينقذه القدر وتتدخل الجهة التي يتبعها أو أهله أو أي شخص يقدم له المساعدة.
الغرباء.. أول المستهدفين
وكان أكثر المستهدفين في تلك الأثناء هم الغرباء خاصة العرب وفئات بعينها على رأسها الصحافيون طبعا، ولأنني صحافي ومصري فقد كنت أعلم ان بداية طريق الموت هو ان يتم توقيفي في احدى نقاط التفتيش لأتحول الى سلعة يتم بيعها لاحدى الجهات حتى تجري المساومة على دفع مبالغ مالية تصل الى عشرات الآلاف من الدولارات أو يتم تحويلي الى جثة مجهولة الهوية بعد وجبات التعذيب المدعومة بتهم جاهزة، كوني أعمل بمهنة الصحافة وعربي الجنسية .
ولأنني كنت أدرك ذلك جيدا فقد كنت أتحاشى العبور في مناطق يمكن الوقوع خلالها في براثن احدى نقاط التفتيش، الا ان ما كنت أخشاه حدث ذات يوم في منطقة تقع في قلب العاصمة بغداد نهاية العام 2006 حيث كانت الأجواء مشحونة لدرجة ان الموت يزحف في الطرقات باحثا عن زبائن، حيث اضطرتني ظروف المرض الى الذهاب لمستشفى الراهبات الواقع في منطقة الكرادة عصر أحد أيام الجمعة التي لم أجد فيها من يصحبني الى المستشفى، واستوقفتني احدى نقاط التفتيش الرسمية وطلبت أوراقي الشخصية التي كانت في حد ذاتها اتهاما حيث انني مخالف شروط الاقامة بسبب عدم وجود موافقات لمنح الاقامة للعرب باستثناء فريق الدفاع عن صدام حسين والدبلوماسيين وموظفي المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني رغم أنني أعمل في جهة رسمية وجئت الى بغداد موفدا من وكالة الأنباء الرسمية المصرية الا ان تعليمات منح الاقامة كانت في هذا الوقت تنص على عدم منحها الا بموافقة شخصية من وزير الداخلية وبطلب شخصي حالت الظروف دون الحصول عليها أشهر عدة كون الدخول الى مقر وزارة الداخلية في حد ذاته كان أحد طرق الموت للغرباء ونصحني الأصدقاء بعدم الاقدام عليه تحت أي مسمى.وبعد جدل عقيم مع مسؤول نقطة التفتيش أصر على توقيفي تمهيدا لارسالي الى السجن ثم ترحيلي الى مديرية الاقامة لتقول كلمتها بعد أيام عدة وفقا لما أبلغني رغم أنه أكد لي أنه يصدقني وأنني لا ذنب لي في عدم الحصول على اقامة رسمية لكنه القانون ، وقال لي «أعرف أنت صادق.. لكن الاقامة مو خوش أوادم.. هم لا يعطون الاقامة .. لكن شسوي لابد أطبق القانون وأدبك بالتوقيف».. شعرت أنها النهاية وارتعدت فرائصي وعجزت عن التفكير للحظات بعد ان جف الدم في عروقي عندما تصورت مصيري.
وبعد لحظات فارقة، تذكرت سلسلة النصائح التي كان يرددها على مسامعي الأصدقاء وأخرجت قائمة الهواتف، وبعد محاولات عدة للوصول الى منقذ بسبب سوء شبكة الاتصالات الهاتفية تمكنت من الاتصال بشخص يدعى «سيد علي» وهو شيعي من سكان مدينة الصدر يعمل أخوه ضمن تنظيمات جيش المهدي الا أنه كان يحب المصريين، وطلبت من سيد علي ان ينقذني من مصير السجن والعرض على مديرية الاقامة وهو طريق محفوف بالمخاطر ربما ينتهي بالموت أو في أفضل الأحوال المساومة على دفع فدية أو الاثنين معا كما كانت تجري الأمور حيث يتم قتل الضحية بعد الحصول على الفدية.
طمأنني «سيد علي» وطلب مني ان أبلغ الضابط المسؤول عن نقطة التفتيش ان «سيد» سيأتي لاصطحابي وانهاء الموقف، وبالفعل استجاب الضابط عندما سمع الاسم وتغيرت طريقة التعامل معي حتى جاء السيد واصطحبني مع نصيحة بمعالجة الأمر لأنه من الممكن ان تجري الأمور بعد ذلك على غير ما جرت هذه المرة.. ونبهني ان دخولي الى أي سجن سواء لقسم الشرطة أو السجون العامة أو حتى سجن الاقامة معناه النهاية في معظم الأحوال، وكانت الرسالة واضحة تماما بالنسبة لي، اما تقنين وجودي بالعراق مع عدم التحرك الا بمرافق أو الرحيل والعودة الى مصر سالما .
الرشوة هي القانون
ودلني الرجل على طريق معتاد للحصول على موافقة وزير الداخلية وهو دفع مبلغ من المال لأشخاص معروفين يقدمون مثل هذه الخدمات وتأكدت من الأمر بعدما اتصلت بزميلي مراسل جريدة «الأهرام» المصرية في العراق الذي أبلغني أنه يعرف مثل هذا الطريق وسيقوم باللازم بعد دفع المبلغ المطلوب وهو بضع مئات من الدولارات، حيث سبق وحصل على الاقامة بالطريقة نفسها في وقت سابق وهو في طور التحضير لتجديدها من خلال دفع مبلغ مطلوب للحصول على موافقة وزير الداخلية، وبعد نحو شهرين من المساومات والمفاوضات تمكنت أنا وزميلي مراسل جريدة «الأهرام» من الحصول على اقامة رسمية بعد دفع المبالغ المطلوبة كرشاوى عرفت أنها صارت عرفا وتقليدا لانهاء أي أمر بالعراق في زمن المذابح .
ورغم افلاتي من براثن الاعتقال أو التوقيف الا ان شعوري بالقلق والخوف لم يفارقني بعد ان اقتربت كثيرا من بداية طريق الموت خاصة بعد ان علمت الكثير من التفاصيل عن وقائع ما يجري بالسجون والمعتقلات العراقية فيما بعد من أهالي ضحايا تحولوا الى جثث مجهولة الهوية أو لقوا مصرعهم بعد وجبات التعذيب أو استمروا كمعتقلين دون توجيه اتهامات محددة لسنوات عدة أو من ناجين ساعدتهم الظروف على الخروج من طريق الموت الذي يبدأ بالاعتقال.
أما تجارة البشر فهي الأشد وطأة، لما لها من احساس بضياع الكرامة حيث كان هذا السيناريو الأشد رعباً في أيام المذبحة، حيث يطلب لص الأرواح من مرافق الضحية ان يبيعه له ومن ثم يبيعه هو الآخر لمن يدفع الثمن ويفوز بالضحية ليقتلها أو يساوم عليها مقابل فدية .
يقول «عدنان . أ» الذي كان يعمل مصورا لحساب وكالة «الاخلاص» التركية انه تم اعتقاله مع صحافي تركي، عندما كان يقوم بتصوير مشاهد فيديو لما بعد تفجير حدث في ساحة الطيران، وسط بغداد، في بدايات عام 2007، وكان تفجيرا انتحاريا مروعا أدى الى مقتل أكثر من 200 شخص، حيث كانت الوكالة ترسل صحافيا أو اثنين من الأتراك ليتابعوا سير الأمور مع فريق العمل العراقي الذي كان يقوده «الحاج أحمد»، وتم توقيف الاثنين في سجن ملحق بالمخفر .
تجارة البشر
وفي أول ليلة قضاها عدنان يكفكف دموع زميله الصحافي التركي الذي لم يعتد تلك الحياة الخشنة المصحوبة بتحرشات من كل نوع يتناوبها زملاء عنبر الاحتجاز، حتى اقترب منه أحدهم وسأله «تبيعه؟.. هذا التركي خوش صفقة» أي أنه صفقة جيدة رابحة وستربح معنا وتضمن سلامتك أيضا.
ويقول عدنان: «داهمني السؤال وشعرت بالغثيان مما يحدث.. نعم كنت أسمع عن مثل هذه الامور ولكن ان تكون بطلا لأحد سيناريوهات بيع الضحايا فهذا أمر غير معقول ولا يمكن احتماله .. المهم أنني تظاهرت بالرضا وطلبت منهم الوقت لأرتب الأمر وأرسلت رسالة بهذا المعنى الى الحاج أحمد لينقذ ما يمكن انقاذه» .
ويضيف: استقبل الحاج أحمد الرسالة ومنذ الصباح الباكر تحرك مستخدما كل ما أوتي من قوة ونفوذ وعلاقات وأموال وأوراق ضغط واستعطاف لكل الجهات المعنية حتى لا تتم صفقة البيع سواء وافق عدنان أو رفض، وبعد محاولات استمرت ساعات عدة كان عدنان يحاول خلالها مجاراة عراب الصفقة التي يعلم نهايتها، ويتابع قائلا: نجح الحاج أحمد في نقلي والصحافي التركي الى عنبر آخر واستصدار قرار بتحويلهم الى قاضي تحقيق حتى يكونوا في مأمن باعتبارهم حصلوا على أرقام ومواعيد تمنع سلخهم واخفاء آثارهم داخل المخفر، وبعد وساطات عدة كان السفير التركي في العراق طرفا في احداها تم اطلاق سراحنا أما الصحافي التركي فجرى اخراجه من العراق بعد ذلك بأيام وهو غير مصدق لما يجري داخل السجن رغم أنهم لم يبلغوه. وتقول مصادر حقوقية ان الحديث يدور عن 53 سجنا سريا تمارس فيها مختلف أنواع التعذيب وقهر المعتقلين واذلالهم، كما يجري انتزاع اعترافات منهم .
مقار التعذيب
أما المعتقلات الأشهر منها فهي معتقل الجادرية السري الكائن في ملجأ الجادرية الذي تم الكشف عنه عام 2006 من جانب القوات الأميركية ووجه الاتهام في انشائه الى رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري ورجل حزب الدعوة القوي ووزير داخليته بيان جبر صولاغ الذي تولى وزارة المالية في حكومة نوري المالكي منتصف عام 2006 باسم باقر جبر الزبيدي، كما ان هناك مقر الفوج الثاني للحرس الجمهوري قرب ساحة النور، وسجن النساء في الكاظمية، وبناية مركز التدريب الأمني في صدر القناة، وسقيفة من سقائف المواد الاحتياطية للسيارات في كسرة وعطش وأربعة أدوار في قطاع 39 مفتوحة علي بعضها مقر أبو درع اسماعيل حافظ، ودارين في قطاع 41 مقر المخابرات الايرانية، وطابقين من بناية وزارة الداخلية يعمل فيها 70 ضابط تحقيق ايرانيا، اضافة الى مهاجع المنتسبين في بناية الاستخبارات العسكرية في الكاظمية، وبناية مستشارية الأمن القومي، ومقر جريدة العدالة قرب ساحة القضاء، ومسجد براثا الذي يديره عضو مجلس النواب السابق والقيادي في المجلس الأعلى الاسلامي الشيخ جلال الصغير، ودار سرية لحزب الله العراقي بزعامة كريم ماهود في قطاع 39، ومقار عدة سرية في الوحدات العسكرية للتحقق والاستجواب وللحصول على اعترافات من المعتقلين.
كما تضاف الى ذلك مقار عدة لأجهزة الشرطة، ومقار الحزبيين الكرديين، ومقر الحزب الشيوعي العراقي، ومقر استخبارات الداخلية، وردهة في مستشفى الصدر العام بمدينة الصدر، ومقار مغاوير وزارة الداخلية، وغرفة في بناية مطار بغداد، ومقر حزب الدعوة في مطار المثنى، ودار أخ موفق الربيعي.
 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
29-08-2011, 05:04 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الامبراطورية والديكتاتور (6-20)
فنون «جديدة» لنزع الاعترافات.. والوشاة احتلوا مواقع فرق القتل على «سلم الرعب» معتقلات ملونة وسجون عشائر.. ها قد ولدت «إمبراطورية المخبرين السريين»
d6950132-7ec4-4622-ac22-15a726f339ae_mainNew.jpg

محمود الشناوي
تقول المنظمات الحقوقية إن أكثر فئة تقوم على تعذيب المعتقلين هم «ضباط الدمج» وهي كلمة تطلق على الضباط الذين كانوا قادة في الميليشيات وتم منحهم رتبا عسكرية كبيرة باعتبارهم مناضلين ضد نظام صدام حسين دون أن يدرسوا في أية كلية عسكرية.
وتتحدث تلك المنظمات عن أنه بعد أن يجري تعذيب المعتقلين يجري اتصالات مع عوائلهم لدفع مبالغ مالية كفدى لهم ومن يمتنع عن الدفع يتم قتله وإلقاء جثمانه في الشارع .. وتتهم تلك المنظمات حزب الدعوة الذي يديره رئيس الوزراء نوري المالكي بإدارة تلك المعتقلات كما تتهم المالكي نفسه والقائمين على مكتبه بالإشراف على تعذيب هؤلاء.
فقد اتهم على سبيل المثال اللواء الركن حاتم المكصوصي بإدارة معتقلات تعذيب، وهو الذي شغل منصب معاون مدير جهاز مكافحة الإرهاب المرتبط بمكتب المالكي، وتم تعيينه رئيسا للجنة دمج المليشيات ثم شغل منصب مديرالاستخبارات العسكرية ومقرها في المنطقة الخضراء وقد أنيطت به مهمة إقصاء الضباط السابقين في الجيش العراقي وإحلال ضباط «الدمج»محلهم.
وتؤكد تقارير لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب (البرلمان) العراقي في مايو 2009 ان المعتقلين يتم استجوابهم ويجبرون على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها وأن أوضاعهم الإنسانية والصحية سيئة للغاية وذلك في سجون وزارة الداخلية والعدل والدفاع حيث تمارس ضدهم شتى أنواع التعذيب ومن بينها الاغتصاب علنا. وخصصت اللجنة في تقاريرها سجن النساء التابع لوزارة العدل حيث تجري عمليات اغتصاب واسعة ويتم اغتصاب السجينات أمام أولادهن المعتقلين لإجبارهم على الاعتراف. كما تحدثت أنه في سجن التسفيرات مثلا تم اغتصاب أكثر من 150 معتقلا تناوب علي اغتصابهم 45 شرطيا وتم تشكيل لجنة تحقيق بالأمر والنتيجة تم غلق التحقيق مع الشرطة.
الطرق الجديدة
ويقول الحقوقيون العراقيون إن أساليب التعذيب في سجون وزارة الداخلية السرية تأتي بطرق مستحدثة منها التثقيب بالدريل الكهربائي، والتقطيع بالمنشار الكهربائي، وتقطيع أوصال المعتقل وتوزيعها في عدة مناطق، ثم الحقن بالمواد الكيماوية إلى أن يموت الضحية وحرق المعتقل حيا ويترك ليموت وكذلك الصعقات الكهربائية بالتيار الكهربائي العالي ليتفحم المعتقل، وكذلك نزع العيون وصب الحامض «الاسيد» في المحاجر.
أما الأميركيون فقد ابتكروا طريقة جديدة للتعذيب أوالتخلص من المعتقلين، فهم يقومون فقط باعتقال النساء وإطلاق سراحهن بعد يومين في بعض الأحيان ليثار الشك حولهن بأنهم قد اغتصبوهن ولذلك يتم قتلهن من دون التأكد من قبل الأهالي غسلا للعار ولمجرد الشك. ويقول رئيس الوزراء نوري المالكي إنه لم يكن على علم بالانتهاكات التي تمارس في السجن السري في مطار المثنى القديم غرب العاصمة العراقية بغداد، الذي تديره قوات تابعة لقادته الأمنيين مباشرة، متوعداً بمحاسبة من تثبت إدانته بالقيام بأعمال التعذيب ضد السجناء، لكن منتقديه استبعدوا ذلك بشدة.
المعتقلات الملونة
ويقول مصدر حقوقي إن «المعتقلات الملونة» في إشارة إلى قاعاتها الحمراء والصفراء والسوداء والبيضاء والتي يجري فيها التعذيب بحسب انتماء المعتقل بالإضافة إلى السجون السرية تم تأسيسها في عهد رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري. أما في زمن نوري المالكي، فبحسب المعارضين، قام المالكي بتحويل وزارة الدفاع إلى وزارة مسيسة طائفيا حيث قام بإخراج مجموعة من الضباط السنة بعد أن قام بتعميم كتاب إلى جميع الوحدات التابعة إلى وزارة الدفاع والذي كان عنوانه «التوازن الطائفي» حيث تم من خلاله معرفة عدد الضباط السنة الموجودين داخل وزارة الدفاع وبعد ذلك قام بإصدارأمر ديواني رقم (134) لعام 2009 بدمج أفراد حزب الدعوة والمجلس الأعلى والذين كان عددهم 1600 شخص ومنحهم رتباً عسكرية ما بين ملازم إلى عقيد وتوزيعهم على جميع وحدات الجيش وحصرا في قسم الاستخبارات. وكذلك قام بتأسيس لواء خاص يسمى بلواء بغداد والذي أشرف على تأسيسه كل من د. باسمة الساعدي واللواء عدنان المكصوصي وبإشراف مباشر وشخصي من قبل الفريق الأول فاروق الأعرجي مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة والذي كان بأمرة العميد الركن عماد أبو شوارب، وهو لواء اتهم بالاعتقال العشوائي وترهيب وتخويف التجار والمتعاقدين مع الوزارات العراقية
وبعد تأسيس اللواء تم إنشاء معتقل خاص بهذا اللواء تم وضعه داخل مقر الفرقة السادسة وكان المعتقل بإشراف مباشر من قبل مدير استخبارات مكتب القائد العام اللواء حسن كوكز وبأمرمن الفريق الأول فاروق الأعرجي.. ولا يتم مراجعة هذا المعتقل من قبل أي شخص وحتى امر موقع مطار المثنى نفسه.
بيت القصيد
ولا يكتمل الحديث عن فظائع المعتقلات في العراق دون الحديث عن بيت القصيد المرعب وهو ما يعرف بـ «المخبر السري» حيث كانت قصاصة ورق او اتصال هاتفي من مخبر سري تفقد المواطن البريء حياته أو حريته. ولاتوجد إحصائية رسمية أو شبه رسمية عن أعداد من يزاولون هذه المهنة القذرة والمريبة في آن واحد إلا أن تأثيرهم على المجتمع العراقي يعادل أو يزيد تأثير عصابات القتل وفرق الموت التي عاثت في البلاد فسادا تحت غطاء غامض من الشرعية المزيفة. وكما أن فرق الموت لا دين لها ولا طائفة كذلك فإن المخبر السرى مجهول الهوية ومجهول الانتماء ويكفي أن نعلم أن أكبرعملية عسكرية خاضتها القوات الأميركية بعد الإعلان رسميا عن انتهاء العمليات العسكرية الخاصة بغزوالعراق عام 2003 وهى عملية « شبه الجزيرة» التي تم تنفيذها لاعتقال عدد من رموز النظام السابق وجرى خلالها اعتقال المئات بعد مقتل عدد كبير من المواطنين تمت بسبب معلومة من مخبر سرى عن وجود وزيرالدفاع سلطان هاشم أحمد ومدير مكتب صدام راكان والمطلوب الأهم على حسن المجيد فى منطقة الضلوعية (90 كيلومترا شمال بغداد). كما أن عمليات قصف وقتل واعتقالات جرت في مختلف مناطق العراق من جانب القوات الأميركية والعراقية على حد سواء تمت بناء على معلومة سربها «المخبرالسري» الذى لا يتورع أبدا عن التسبب في مقتل وإصابة وتشريد واعتقال العشرات لأتفه الأسباب وطمعا في مكافأة ممن يعتبرهم أولياءه.
وكما أن المخبرالسري بلا أخلاق فإنه يكون غالبا بلا مهنة ويعيش على ما يجنيه من تقاريره الوهمية ضد الابرياء أو عمليات الابتزاز التي يمارسها ضدهم حتى يجتنبوا شره. ويستغل المخبر السري سلطان الخوف لدى المواطنين الأبرياء لابتزازهم فإنه يستمد قوته الخارقة من استغلال سلطان الخوف لدى الحكام أنفسهم سواء كانوا أميركيين أو عراقيين حيث تكفي قصاصة ورقية من مخبر سري للقيام بعملية عسكرية يذهب ضحيتها أبرياء ، فلا مجال للشك، وإذا سقط ضحايا فإنهم وقود المعركة، ومن هنا استمد المخبر السري قوته وسطوته التي يكون ضحيتها القاتل والقتيل في وقت واحد.
وشاية العشيقة
تثير قصة أحمد «أبو شهاب» الضحك إلى درجة البكاء حيث نال مصيرا محفوفا بالمخاطر كاد أن يودي به إلى الموت داخل أحد المعتقلات التي كانت تضم المئات، بعد وشاية من عاشقة غاضبة بعد أن هجرها وفقدت سخاءه وهداياه. وكانت النتيجة عملية عسكرية واسعة مدعومة بإسناد جوي لاعتقاله بتهمة الانتماء إلى إحدى الجماعات المسلحة وقت ذروة العنف الطائفي نهاية العام 2006 وبداية 2007 وقد دعم انتماؤه إلى الطائفة السنية تقريرالمخبر السري باعتباره إرهابيا حيث كان يقيم في منطقة ذات أغلبية شيعية وتخضع لنفوذ جيش المهدي لأنه متزوج من شيعية من أهل الناصرية.
ويروي أحمد كيف فرضت القوات الأمنية طوقا واسعا على الشارع الذى يقع فيه محل «الجزارة» الذي يمتلكه مع تحليق للطيران الأميركي واقتادته عناصر أمنية مكبلا بالحديد معصوب العينين مع وجبة دسمة من الضرب والشتائم باعتباره إرهابيا وسط دهشة الجيران سواء من أصحاب المحال أوالسكان الذين يعرفونه جيدا باعتباره رجلاً بعيداً كل البعد عن السياسة وغيرها من الأمورالثقيلة على نفسه فهو يقضي يومه بين محل الجزارة والبيت. كان صوت أحمد وهو يروي قصته يحمل مشاعر متناقضة فهو يضحك أحيانا بشكل هستيري ثم يعلو الحزن وجهه عندما يتحدث عما لاقاه من أهوال يعتبرها قصاصا سماويا عادلا لهواية العشق التي لا يتورع عنها أبد، حيث يقول: إن رجال الأمن ساقوه إلى المعتقل كما يسوق هو الشاة ليذبحها وربما يعامل الشاة بشكل أقل حدة من الطريقة التي عاملوه بها قبل أن يزجوه في عنبر الاعتقال الذي تحكي حوائطه القهر والموت وتعلوها آثار الدماء المخلوطة بعرق الضحايا بعد وجبات التعذيب .
ويضيف أبو شهاب أنه يتم جمع الضحايا من كل حدب وصوب وغالبهم لا يعرفون التهم التي جاءوا بسببها إلى عنابرالاعتقال التي يجري تقسيمها وفقا لاسم العشيرة التي ينتمي إليها الضحية.. فهذا عنبر «الجبور» وهذا عنبر «المشاهدة» وهذا عنبر «الجنابات» وهى أسماء لعشائر سنية. ويتابع : يتم زج الضحية إلى داخل العنبر دون مراعاة لمساحته وإذا كان يحتمل المزيد من النزلاء أم لاويتم توزيع أسوأ أنواع الخبز كطعام مع زجاجة مياه صغيرة لكل ثلاثة معتقلين في اليوم، بينما تجري عمليات الاستجواب المصحوبة دائما بتعذيب أمام أعين المعتقلين ولايتوقف التعذيب حتى الحصول على اعتراف مكتوب وغالبا ما تجرى كتابة الاعتراف ليقوم المعتقل بتلاوته أمام كاميرا أعدت خصيصا لغرض استخدام تلك الاعترافات وقت الحاجة على شاشة التلفاز. ويقول أبو شهاب إن أي معتقل يتمنى الخلاص بأي طريقة من فرط التعذيب وهو مايفسر هذا الكم من الاعترافات المنظمة التي كنا نشاهدها بشكل يومي على شاشة القناة الرسمية العراقية وإن كنا نعتقد أن جزءا منها حقيقي وأن بعض من يتم عرض اعترافاتهم هم بالفعل مجرمون حقيقيون وليسوا على شاكلة « أبو شهاب» ضحية المخبر السري.
أما كيف انتهت مأساة « ابو شهاب» على خير دون أن تتطور إلى حد الاعتقال المفتوح أو الموت من التعذيب أو القتل المباشر، يقول إن زوجته الشيعية كانت السبب المباشر في إنهاء الأزمة بأسرع وقت وبأقل خسائر حيث تنتمي لعائلة تضم عددا من القيادات الأمنية وتمكنت من خلال علاقات ذويها من الوصول إلى المكان المحدد لاعتقاله وهو أمر لا يتم بسهولة بسبب عدم وجود بيانات واضحة أو غياب سجلات المعتقلين في أحيان كثيرة .
وبعد حوالي شهرين تم إطلاق سراح أبو شهاب وانتهت مأساته دون أن تنتهى من ذاكرته المشاهد المروعة التي اختزنها رغم مرور حوالي ثلاثة أعوام ويؤكد أنها لا يمكن أن تذهب إلى زوايا النسيان .
وشايات التلاميذ
وتروي أم علي قصة ابنها أيمن (19 عاما) عندما خضع لاستجواب مطول حول تجارته بالأسلحة وتقول إنه اعتقل بعد مشاجرة مع أحد الطلاب الذي يعمل والده ضابطا في الشرطة إذ هدده بشكل علني بإيداعه السجن، وفي الليلة ذاتها دهمت قوة من الشرطة مسكنها واقتادت أيمن من فراشه وسط ذهول العائلة. وتؤكد أنها اضطرت إلى الذهاب إلى منزل الواشي والاعتذار من والده والتعهد بنقل ابنها إلى مدرسة أخرى فتم الإفراج عنه. أما زهراء عبد الرضا (ربة منزل) فعاشت تجربة مريرة عندما اكتشفت أن أحد تلاميذ زوجها المدرس في منطقة بغداد الجديدة هو الذي قدم تقريرا عن مدرسه واتهمه بإيواء الإرهابيين. وتقول إن عائلة الصبي كانت على خلافات عائلية معها وأن التلميذ اتهم زوجها في تقرير سري بإيواء العناصر الإرهابية فكانت النتيجة اختفاء الزوج منذ أربع سنوات وتؤكد أنها اكتشفت هذا الأمرصدفة عندما بدأت البحث عن زوجها في المعتقلات.
وتقول إن المخبرين السريين يعملون بطريقة مشابهة لتلك التي كان يعمل بها البعثيون السابقون عندما كانوا يقدمون تقارير كيدية للحصول على ترفيع وظيفي أو مكافأة نقدية.
وتضيف أن عددا كبيرا من المواطنين تعرضوا للاعتداء والتجاوزوالاعتقال والحبس بسبب وشايات كاذبة ومغرضة قام بها المخبر السري وعاشوا معاناة لايمكن تصورها جراء تبليغات كاذبة وردت الدوائر الامنية من مخبرين سريين وهناك مواطنون تعرضوا للسلب المالي وبعضهم يشعر بالإحباط لأن اسمه وسمعته اهتزت جراء وشاية كيدية. ووفق تقرير مرصد الحقوق والحريات الدستورية فإن نحو عشرين الف حالة اعتقال جرت خلال عام واحد أغلبها كانت عن طريق معلومات يقدمها المخبر السري.
مخبران سريان
ذات مرة تعرفت على شخصين هما رعد وجاسم حضرا لتأجير شقة في البناية التي كان يقع بها مكتب وكالة« أنباء الشرق الأوسط» قدما نفسيهما على أنهما ضابطان فى وزارة شؤون الأمن الوطني وهى وزارة ليس لها هوية توازي ما تقوم به أجهزة المخابرات وكان كل منهما يحمل هوية تشير إلى أن رتبته مقدم وكان يبدو عليهما علامات الثراء وينتميان إلى عشيرتين كبيرتين ويستقلان سيارات فارهة.
وعندما أصبحنا جيرانا وعلقا اسما وهميا لشركة وهمية على باب المكتب وجها الدعوة لي لعشاء يحضره أشخاص مهمون يريدون أن اتعرف عليهم كان بينهم رجل مسن يدعى دكتور نوري قالوا إنه كان سكرتيرا شخصيا للدكتور إياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق، ومسؤول بوزارة التجارة يدعى باسم صدام وبعض كبار التجار والغريب أن بين الحاضرين شخصا قدموه لي على أنه شقيق مشعان الجبوري النائب السني البارز صاحب قناة الزوراء التي أجبرعلى إغلاقها بعد تدخل ذوي النفوذ من حكام العراق الجديد وخاصة قيادات التيار الصدري والمجلس الأعلى باعتبارها قناة تحريضية تفضح جرائم فرق الموت والميليشيات وتروج للمقاومة السنية. ومن خلال الحوارات التي دارت أثناء العشاء اكتشفت حقيقة الرجلين وهما مخبران سريان مدعومان بأسماء عشائرية كبيرة ويمارسان الابتزاز في أفظع صوره ويديران صفقات مشبوهة من خلال وكر الملذات الموجود تحت عنوان وهمي في البناية . وكان يحضر إليهما الناس بالجملة خاطبين للود وراغبين في الستر وخائفين من الغدر وطامعين فى قضاء أمر خاصة إذا كان غير شرعي . يقول رعد إن المتهم، الذي يكون محل التقريرلا يستطيع إثبات براءته لأن الشخص الذي وجه له الاتهام عبارة عن شبح.. سألته من أين يستمد قوته قال «إن الجميع يحتاجون إلى خدماتنا بما فيهم قادة جيش المهدي نفسه وسوف أثبت لك هذا عندما اصطحبك إلى التظاهرة المليونية التي دعا إليها السيد مقتدى الصدر في ساحة الفردوس فنحن من يقول كيف كانت ومن الوجوه التى نعرفها غابت أو حضرت وكيف كان أداؤه».


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
29-09-2011, 04:46 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

عراق السلطات «المندمجة».. ألوية الميليشيات وقسمة المناصب والأرزاق «آسف سيدتي».. معلوماتنا خاطئة نعتذر عن قتل الضحية!!


661b8838-7cdc-443a-95e8-edd321ee1544_mainNew.jpg

رغم أن وقائع تلك القصة لاتشمل المرحلة الزمنية التي امتدت خلالها مهمتي الصحافية منذ منتصف يوليو عام 2006 إلا أنني تحمست لمعرفة تفاصيلها المرعبة والفاجعة في نفس الوقت لارتباطها بشكل مباشر بقضايا المخبر السري والجرائم التي تسببت فيها عناصر هذا النظام المريب.جرت وقائع تلك القصة ليلة الجمعة السبت من 18 أكتوبر عام 2004 في تمام الساعة الثالثة والنصف بعد منتصف الليل عندما داهمت قوات أميركية منزل العقيد الركن عامرمحمود فرحان العبيدي الذي كان قد استقال من الجيش العراقي قبل حوالى خمسة أشهر من بدء الغزو الأميركي.
قامت القوة الأميركية المهاجمة بكسر أقفال المنزل مترافقة مع عملية إنزال جوي فوق سطح المنزل وعند خروج العبيدي من غرفة نومه على وقع الأصوات التي أيقظت أهل بيته فتح الجنود الأميركيون نيران أسلحتهم عليه بشكل كثيف وأردوه قتيلا، وأصابوا نجله الطفل واعتقلوه ثم واصلوا المهمة لينهالوا بالضرب على الزوجة حتى نزف الدم من جسدها ونزفت الدموع من عينها هلعا على مشهد الزوج الذي سقط مضرجا بدمائه بعد أن ثقب الرصاص جسده.
عملية الإنزال
تقول الزوجة سندس حميد اللامي وهي ربة منزل شيعية لم تجف دموعها حتى الآن، إنها أقامت مع زوجها العقيد العبيدي في منطقة سنية ورأوا كعائلة أيام الخير فيها عندما كان الحديث عن طائفة الشخص، سنية كانت أو شيعية أمر غير مقبول وتساءلت: كيف انتهك الأميركيون حرمات بيتهم البسيط ومنعوها من وضع غطاء على رأسها وهي العراقية المحافظة؟ وكيف هرع الجنود ليسطوا على خزائن المنزل ويأخذوا كل ما تطال أياديهم الملوثة بدماء الزوج الذى رحل دون أن يعرف بأى ذنب قتل؟.وأضافت أنهم سرقوا كل شيء من حلى ذهبية وعملات عراقية وأميركية وعطور وملابس حتى حصالات الأطفال الخمسة التي كانوا يحتفظون ببعض نقودهم الصغيرة لم تسلم من أيديهم.
وتابعت قائلة: صرخت وحاولت أن أرتمي في أحضان زوجي القتيل لآخر مرة ربما أحتفظ ببعض الدفء الذى يعوضني عن فقدانه بعد أن يغيب إلى الأبد، إلا أن أحد عناصر القوة المهاجمة ضربني بالبندقية وداسني بحذائه الغليظ وحال بيني وبين الضحية المضرجة بدمائها رغم أن المسافة بيني وبينه لم تكن تزيد عن المترين وذلك إمعانا في تعذيب من بقي على قيد الحياة من أسرتي المنكوبة الذي تحول هدوء أيامها إلى عاصفة هوجاء اقتلعت رب الأسرة من أحضاننا.
جاء المترجم بعد فوات الآوان
وتقول الزوجة الشابة التي لم يلامس عمرها بعد نهاية العشرينات إنه بعد حوالي ساعتين من الأهوال التي بدأت بقتل الزوج البريء جاء مترجم أدارالحوار بين أسرة الشهيد وقائد المجموعة المهاجمة حيث أكدت لهم أن زوجها لا علاقة له الآن بنظام صدام حسين وأنه ذهب بنفسه إلى مقر القوات الأميركية المتواجد في المنطقة وحصل على كتاب «شهادة» تثبت عدم مشاركته في عمليات المقاومة وأحضرت صورة تلك الشهادة التي قرأها قائد المجموعة الأميركية وتأكد من صحتها ولهذا ترك الجثة ولم يأخذها عند انسحاب القوة وقال لها بأعصاب باردة: «آسف يا سيدتي»..وأضاف «يبدو أن المعلومات التي قمنا على أساسها بتنفيذ العملية كانت خاطئة ونعتذر عن قتل الضحية».
فسرت الزوجة المكلومة الأمر بقولها «لقد كانت وشاية من شخص ساقط يقوم بدورالمخبر السري للأميركيين يدعى «ف ع ز» بعد أن منحوه محلا صغيرا يمارس فيه مهنته الأصلية وهى إصلاح إطارات أي «بنشرجى».وتشير إلى أن هذا المجرم الذي لقي جزاءه العادل على أيدي أسياده من الأميركيين بعد أن تعددت وشاياته الكاذبة كان يحصل على 40 دولاراً فقط نظير كل قصاصة ورق قاتلة يكتب عليها وشايته التي غالبا ما تؤدي إلى قتل أحد الأبرياء».. وكانت هذه إحدى خمس وشايات تقاضى عليها 200 دولار دفعة واحدة ، حسب طريقة التعامل المادي التى يفضلها مع الأميركيين.
وبعد أن استعادت سندس عافيتها بعض الشيء مماأصابها من أمراض جراء حملة الرعب والترويع التي عاشتها مع أسرتها الصغيرة من القوة الأميركية المهاجمة التي نفذت العملية بدعوى شكوك حول دورلزوجها في عمليات المقاومة دون التأكد من تلك المعلومات احتضنت الأرملة المكلومة أطفالها الخمسة لترتسم لديها صورة عما يعانيه الأيتام وعرفت معنى أن تمس يدها الحانية طفلا بريئا فقد أبا بريئا، وأن تدغدغ مشاعر أطفال في عمر الزهور لتعوضهم بعض الشيء عن فقدان عائلاتهم بلا سبب معقول . وأسست سندس دارا للأيتام تضم 75 طفلاً ويتردد عليها حوالى 450 طفلا ممن فقدوا آباءهم على أيدى قوات الاحتلال الأميركي الذين تتراوح فئتهم العمرية بين الصف الأول إلى السادس الابتدائي إلا أن مشروعها مازال يحتاج المزيد من العون شعبيا ورسميا حتى يكتمل وتعم فائدته النفسية والعلمية على منتسبيه من أيتام زمن المذبحة
السلطات المطلقة
نعود إلى الجيش والشرطة العراقية وكيف تم تشكيلهما..ليكونا بجانب المخبر السري السطات الثلاث المطلقة..ففي عراق مابعد 2003 صار كل شيء ممكنا حلقات متوالية من الإجراءات والممارسات شكلت سلسلة طويلة من الأخطاء الاستراتيجية القاتلة إلا أن عملية حل الجيش العراقي وتسريح كافة عناصر الأجهزة الأمنية كان الضربة القاسمة والمعول الرئيس لهدم منظومة إدارة الدولة التي استقرت رغم تقلب الحاكمين.وكان ضروريا تشكيل قوات من الجيش والشرطة والأجهزة الاستخبارية من عناصر النظام الجديد وهو الذي شهد ممارسات لا يصدقها عقل وإن كانت تبدو طبيعية في زمن المذبحة.كان من تلك الممارسات التي أدت الى تسهيل الانهيار الأمني هو ما بات يعرف بقرار دمج الميليشيات مع أجهزة الأمن الذي أصدره مجلس الوزراء ابان فترة حكم رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري الذي كان يتزعم حزب الدعوة الإسلامية قبل أن يزيحه نوري المالكي من مقعديه في رئاسة الوزراء وفى الحزب أخيراً.
الأجنحة العسكرية
وأسهم هذا القرار في ضم غالبية من عناصر الشرطة والمدنيين الذين ينتمون إلى قوات «بدر» الجناح العسكري للمجلس الأعلى الإسلامي وحزب الله تنظيم العراق بزعامة الشيخ عبدالكريم ماهود، والمؤتمر الوطني بزعامة الدكتور أحمد الجلبي.وفتح هذا القرار الباب واسعا لعمليات إدخال رفاق السلاح ومن يواليهم من عصابات وبلطجية وقُطّاع طُرق إلى أجهزة الأمن الرسمية من شرطة وجيش واستخبارات ليعملوا بغطاء رسمي من الدولة العراقية بينما يكون ولاؤهم لمن ولاهم تلك المناصب بعد منحهم الرُتب الرسمية التي تصل إلى لواء بمن فيهم رجل وزارة الداخلية القوي «الوكيل الأقدم» ع . أ .
وإذا كان القراركما يقول أصحابه بمنزلة درء خطرالميليشيات ودمجها في القوات الرسمية حتى تتوجه أسلحتها إلى صدر الجريمة إلا أن الأمور سارت على الأرض على عكس ذلك تماما وأصبح الحصول على رتبة ملازم فما فوق وتولي منصب رفيع في الأجهزة الأمنية مرتبطاً بالولاء وليس فقط الانتماء إلى أحد الأجنحة العسكرية التي يقول قادتها إنها حملت عبء الجهاد ضد الديكتاتورية وهو الأمرالذى خلق حالة من عدم التوازن داخل تلك الأجهزة وجعل مرجعيتها لا تعود إلى الوزير أو حتى رئيس الوزراء خاصة خلال أعوام 2005 وحتى أوائل 2008 وهو ما أظهرته الحملات الأمنية التي أمر بتنفيذها رئيس الوزراء نوري المالكي والتي فوجئ قادتها من المهنيين أنهم يحاربون بظهر مكشوف ولايستطيعون إصدار أمر بالقتال ضد الميليشيات التي كانت تحكم محافظات بالكامل مثل البصرة التي كاد وزير الداخلية أن يلقى مصرعه فيها عندما ذهب للإشراف على عملية صولة الفرسان .
انقلاب السحر
فيما تمت محاصرة رئيس الوزراء نفسه وقتل أحد مستشاريه لولا تدخل القوات الأميركية التي قلبت المعادلة وتمكنت من فرض سيطرتها لتحل القوات العراقية فيما بعد محلها منتصف العام 2008 .وقد تسبب من يسمون في قوات الشرطة والجيش ضباط الدمج في كثير من المشاكل وحالات ارتباك في صفوف قوات الأمن لاسيما في محافظات تسلمت فيها القوات العراقية الملف الأمني مبكرا لأن افتقار هؤلاء الضباط إلى العلوم العسكرية بسبب عدم انتسابهم إلى الكليات العسكرية جعل منهم عبئاً على قوات يفترض بها أن تبسط الأمن في محافظات تتنازعها تيارات إسلامية تحاول الاستئثار بالسلطة والنفوذ والثروات.
وتشير التقارير إلى أن رئيس الوزراء السابق الدكتور إبراهيم الجعفري دمج حوالي 15 ألفاً من عناصر الأحزاب والميليشيات في شرطة بغداد ومحافظات الفرات الأوسط والجنوب الذين لا تنطبق على الغالبية العظمى منهم شروط اللياقة البدنية التي تفرضها المؤسسات العسكرية في العالم، فضلاً عن أنهم لا يجيدون القراءة والكتابة ومُنحوا رتباً عسكرية كبيرة. وتسبب دمج هؤلاء الضباط في خلق أجواء من التوتر بينهم وبين ضباط حصلوا على شهادات عسكرية .
ويقول ضابط شرطة (رفض ذكر اسمه خشية الملاحقة) إنه تم تبليغه بانتقال ضابط أعلى رتبة منه ليتولى قيادة مديرية الشرطة وفوجئ بأن هذا القائد هو نفسه العامل في خدمته، الذى كان يقف دائماً أمام باب مكتبه يقدم الشاي إلى الضيوف، وينظف حذاءه وغير ذلك من الأمور الخدمية لكنه أصبح يحمل رتبة مقدم فقط لانتمائه إلى أحد الأحزاب المتنفذة في الدولة.وحدث ذلك مع عشرات الضباط الذين يحملون شهادات عسكرية وفوجئوا بقرار دمج الميليشيات الذى جاء بمئات بل آلاف الضباط في الشرطة والجيش لا يحملون شهادات دراسية ويفتقرون إلى العلوم العسكرية بسبب عدم انتسابهم إلى الكليات العسكرية والشرطة. وتشير التقارير إلى أن هناك مناصب حكومية وإدارية ومهنية حُجزت بأسماء موجودة خارج العراق، وجرى انتظارهم حتى أنهوا أعمالهم هناك، ومن ثم جاؤوا كي يتسلموا مناصب حُجزت بأسمائهم ومنهم شخص كان يمارس مهنة البقالة في الدانمارك، تولى مهمات منصب مسؤول إداري في وزارة الداخلية بالعراق . وكانت لي عدة تجارب مع ضباط الدمج خلال مهمتي بالعراق بدءا من ضابط يقف في إحدى نقاط التفتيش حار في قراءة هويتى التي تمنحها القوات الأميركية للإعلاميين بهدف تسهيل دخولهم إلى المنطقة الخضراء حيث مقر الحكم والسفارات المهمة وهى مكتوبة باللغة الإنكليزية وبادرني بسؤال عرفت من خلاله أنه لا يجيد حتى القراءة والكتابة «هل هذه هوية مجلس وزراء؟».. قلت له نعم فابتسم وسمح لي بالمرور.ومثل هؤلاء كانوا كثيرين ضباطاً وعسكريين أميين يجهلون قراءة هويات الأشخاص..
ولذلك كانوا يأخذون الناس بأشكالهم.. فقد يشتبه في الشريف ويمرر القاتل أو يحتجز المواطن الصالح ويؤدى التحية إلى سجين هارب يعتقد الضابط أنه صاحب نفوذ...ولنا أن نتخيل مايمكن أن يترتب على ذلك الالتباس والخلط القائم على الجهل بالقراءة .
مصالح أمنية غير آمنة
أما الحكاية المثيرة كانت مع شخص من ذوي السطوة والنفوذ في إدارة الجنسية يدعى المقدم ماهر اصطحبني إليه شخص كنت قد تعرفت عليه في أحد المؤتمرات داخل فندق الرشيد وقدم نفسه على أنه رئيس تحرير وصاحب امتياز لجريدة تدعى «أخباراليوم» وكنت وقتها أعاني من مشكلة عدم تجديد إقامتي الرسمية رغم انفراج الأوضاع بعض الشيء على المستوى الأمني حيث قال لي إن الأمر لايتطلب أكثر من 500 دولار وتحصل على الإقامة عن طريق «المقدم».ورغم خطورة الدخول إلى المصالح الأمنية وافقت على الذهاب معه بعد أخذ الاحتياطيات اللازمة ومنها إبلاغ أصدقاء لي بمكان تواجدي بصحبته.كان يحمل ملفا كبيرا به عدد من المستندات والوثائق الرسمية والمزورة تعود لأشخاص عرفت فيما بعد أنهم يريدون استخراج جواز السفر الجديد الذي أصبح معتمدا ومع كل ملف 500 دولار تسلم إلى المقدم ماهر وكان دور هذا الشخص «صاحب جريدة أخبار اليوم»هو تزكية الطلب بخاتم الجريدة باعتبار أن صاحب جواز السفر يعمل في تلك الجريدة ويقتصر دورالمقدم على تمرير تلك المستندات بدون الحاجة إلى هوية نقابة الصحافيين العراقيين التي من المفترض أن تكون مستندا رئيسيا لاستخراج مثل هذه الجوازات التي كان أصحابها يتنوعون مابين سائقين وسيدات بلامهنة وغيرذلك من النماذج التي لايفترض أن تستخرج جواز سفر بهذه السهولة وفي خلال يوم واحد .. لكن هذه بركات المقدم ماهر. اصطحبني المقدم ماهر لتفتح له أبواب كثيرة لاتقل رتبة من يجلس خلفها عن عقيد إلاأنهم جميعا يؤدون التحية لسيادة المقدم الذي دفعني الفضول للتساؤل عن ماهيته لأكتشف أنه أحد عناصر قوات بدر وهو أكثر نفوذا من أي شخص آخر مهما كانت رتبته.وبعد عدة حوارات مع مسؤولين بمديرية الجنسية العامة خاطبني المقدم ماهر قائلا «موضوعك يم حاجي أبو دعاء بمديرية الإقامة» أي عند حاجي أبو دعاء وعندما توجهت إلى مديرية الإقامة اكتشفت أن «حاجي أبو دعاء» لا يحمل أي رتبة عسكرية واضحة إنما هو المسيطر بمديرية الإقامة حتى أن مدير قسم العرب المقدم الذى تمت تصفيته فيما بعد بعبوة ناسفة من النوع اللاصق بسيارته لابد أن يقدم التحية لهذا الحاجي قبل دخوله إلى مكتبه .
دفعني الخوف والقلق من ملابسات الموضوع لأنني صحافي ومصري ومازالت المخاطر تحيط بي مثل أي صحافي يعمل بالعراق، إلى الانسحاب فورا من مديرية الاقامة لأظل بلا إقامة رسمية عدة أشهرأخرى حتى حصلت عليها بشكل رسمي مع صدورأوامر بضبط الإجراءات للمواطنين العرب تزامنا مع هدوء نسبي امتازت به الاشهرالاخيرة من العام 2008 وبدايات العام 2009 .
ورغم انتهاء الولاية القانونية للحكومة الثالثة في عراق ما بعد الاحتلال الأميركي إلا أن عمليات الدمج مازالت تجري على قدم وساق مع تأكيدات من القائمين عليها أنها تتم في إطار قانوني يبتعد عن المجاملات المبالغ فيها خاصة بعد عمليات التطهير التي طالت أكثر من 20 ألفا من منتسبي وزارة الداخلية خلال السنوات الماضية وبإعلان رسمي من قبل الحكومة العراقية باعتبار أن أخطاء ارتكبها هؤلاء الضباط والمنتسبون بدءا من تزوير الشهادات الدراسية مرورا بعمليات الفساد وتسهيل مهام المجموعات المسلحة لارتكاب أعمال إرهابية، أخطاء عابرة!!


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
29-09-2011, 04:48 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور(8-20)

قانون «المكاتب الخلفية» والحياة الجديدة كلياً «على ظهر دولار» كوميديا «مريدي» السوداء ومآسي الطب العدلي.. إنه العراق الجديد نفسه

عدد القراء: 542
6169981f-7181-4213-84c3-f4fb9ab961f2_mainNew.jpg

محمود الشناوي
لا يكتمل الحديث عن ضباط الدمج وتصرفاتهم المشينة في كثير من الأحيان ونشاطات التزوير خاصة في الوثائق الرسمية والدراسية بل الشهادات العلمية دون الحديث عن المكان الأشهر والسوق الأكبر لهذه الممارسات.. في هذا المكان يمكنك ان تنشئ جامعة بأكملها بخريجيها وأساتذتها وطلبتها.. يمكنك ان تنشئ أي ادارة بموظفيها ورؤسائها ومديريها من خلال الوثائق المزورة باتقان مذهل.
وقد عرف «سوق مريدي» وسط مدينة الصدر في السابق وطوال سنوات مديدة، بتسويق السلع المستعملة أو صناديق الخضراوات والفواكه واللوازم البيتية وغالبا تلك المسروقة والمنهوبة.. وعند زيارتي الأولى للعراق نهاية عام 2002 أخبرني زميل بطرفة مضحكة محزنة.. أدركت عندها أين أنا.. وفي أي بلد أكون.. قال لي زميلي ان أي شيء مسروق من شخص، يمكن لهذا الشخص استرجاعه ولكن مع تخفيضات في السعر شريطة ان يعطي لعرابي سوق مريدي أوصافاً دقيقة لما سرق منه.. وهكذا يعود المسروق الى الضحية دون مشاكل.. لان لا الشرطة ولا الأمن ولا كل السلطات لديها القدرة على استرجاع ما فقده مواطن أو مغترب.. لذلك فالطريق الأسهل والاقرب والأسرع والاكثر عملية هو شراء ما سرق منك مرة أخرى واغلاق الملف . في «سوق مريدي» كان الزبائن ولا يزالون يجدون كل ما لا يستطيعون الحصول عليه من الدوائر الحكومية.. شهادات تخرج جامعية وهمية.. وثائق ملكية لمساكن وعمارات لا وجود لها .. قرارات محاكم .. وثائق تعيين.. وثائق اعفاء.. وثائق نقل .. وثائق فصل (الأحكام العشائرية).. جوازات سفر.. عقود زواج.. مضابط بيع وشراء.. أوراق تعريف من سفارات ومن مراكز شرطة ومن شركات ووكالات.. مراجع ومعاهد لا ترصدها العين ولا تكتشفها.. وثائق ناجزة لأموات مستعدين للادلاء بأصواتهم.. أسماء أفراد عائلات تتناسل بطريقة شيطانية.. بطاقات تموينية لاسماء وهمية.. أوراق تصويت تدخل الى قلب صناديق الاقتراع من دون استئذان.. سجلات حية لسكان بلدات وقرى كاملة غمرتها المياه منذ زمن بعيد.
التزوير السهل
عندما تتجول في سوق مريدي وسط مدينة الصدر وتسأل بعض التجار حتى تعرف سهولة الحصول على وثائق رسمية، اذ لا يحتاج الأمر الى أكثر من ساعات معدودة وبعضها جاهز للتداول وبأسعار تناسب الجميع. ورغم ان شهرة سوق مريدي فاقت شهرة غالبية أسواق التزوير في العراق الا أنها الوحيدة التي تلبي حاجة المستهلكين بسرعة حيث يمتلك من يمارسون هذه المهنة الاختام الخاصة بجميع الدوائر في بغداد وباقي المحافظات، ولا يستغرق استخراج الوثائق الرسمية البسيطة، مثل «الجنسية وشهادة الجنسية»، أكثر من نصف ساعة وبأسعار ملائمة للجميع، تتراوح بين 7 و20 دولاراً.
أما الجوازات الرسمية فتختلف باختلاف الفئة، فالجواز من الفئة «S» لا يكلف أكثر من 100 دولار أما الجواز من فئة «G» فتسعيرته تصل الى 300 دولار ويعود ارتفاع سعر الأخير الى صعوبة الحصول على نماذج منه من الدوائر الرسمية على عكس جوازات الفئة «S» التي يسهل الحصول عليها وباتت غير معتمدة في كثير من الدول. ولا يقتصر نشاط السوق على تزوير الاوراق والوثائق الرسمية بل يمتد ليشمل الشهادات والوثائق الرسمية الجامعية ولطالما خرج السوق طلاباً وأساتذة يفوق عددهم بكثير أولئك الذين خرجتهم الجامعات الرسمية في العراق.. حيث يلجأ غالبية الشباب الى استخراج الشهادات المزورة قبل سفرهم بحثاً عن العمل فيما يستخرجها آخرون للحصول على فرص التوظيف في دوائر ومؤسسات الدولة بتزكية بسيطة من أي كادر في أي حزب من حكام العراق الجدد .
بورصة الأسعار
وتختلف اسعار الشهادات بين جامعة وأخرى كما تختلف من درجة الى درجة. فشهادة البكالوريوس تنحصر أسعارها بين 70 و100 دولار اما شهادة الماجستير فتراوح أسعارها بين 350 و500 دولار فيما تصل اسعار شهادة الدكتوراه الى 700 دولار. ولا تختلف تلك الشهادات عن مثيلاتها الرسمية بأي شيء، لكنها ليست مسجلة في الدوائر واكتشافها يتم بسهولة كبيرة في حال الاستفسار عن صحة صدورها من تلك الدوائر .
وهناك صعوبات كبيرة في كشف الوثائق والشهادات التي يتم استخراجها للسفر أما تلك الشهادات التي تستخدم في الداخل للحصول على وظائف فقد وجد المزورون المرتبطون بجهات رسمية وسيلة جيدة لطمس معالم التزوير الا أنها تكلف الكثير من المال وهي الاتفاق مع موظفين في ادارات المعلومات التكنولوجية «الحاسبة» في الجهة أو الجامعة المقصودة ومن ثم يتم ادخال بيانات المزور بشكل رسمي في جهاز الكمبيوتر الخاص بتلك الدائرة أو الجامعة وهو ما يجعلها رسمية تماما ولا يمكن اثبات تزويرها الا عبر سلسلة طويلة من الاجراءات لا تتم غالبا لان من يملك ادخال بيانات مزورة الى الحاسبة خاصة حاسبة دائرة الجنسية مثل المقدم ماهر الذي ورد ذكره سابقا يمكنه بسهولة الحفاظ على سرية هذه المعلومات ومنع أي يد يمكن ان تصل اليها لاحقا سواء بالتهديد أو الوعيد.
وفي زيارة لي الى «سوق مريدي» عرفت بوجود مكاتب خلفية يديرها رجال يملكون مهارات مذهلة في التزوير كما يملكون سجلات اسماء خطيرة عن اهم مسؤولي الدولة ورؤساء المحاكم ومديري الشرطة والوزراء الجدد وعمداء الجامعات وزعماء الاحزاب وائمة المساجد ونماذج من تواقيعهم، وقد شهدت بنفسي صفقة بين صاحب احد المكاتب وزبون كان يريد الحصول على أطروحة مكتوبة يقدمها الى احد المعاهد لينال بها شهادة عالية تؤهله لنيل وظيفة مرموقة. قال لي مرافقي «أستاذ أبو أياد.. لو تريد تصير طبيبا عراقيا وفي أي تخصص وبشهادات رسمية وجواز سفر عراقي أنا حاضر .. لكن عليك ان تجيد اللهجة العراقية حتى لا ينكشف أمرك».
الموت يأتي
وكلما كانت الأيام تسرع الخطى نحو نهاية العام 2006 كانت فرص الموت تتضاعف بينما تتراجع فرص الحياة الى درجة العدم.. بات الموت مزروعا على الطرقات .. يزحف باتجاه العابرين لا ينتظر ان يأتوا اليه.. بينما كانت قذائف الهاون العمياء وصواريخ الكاتيوشا الموتورة تنطلق من كل اتجاه حاملة أصوات الموت تزعق فوق رؤوسنا صوب المنطقة الخضراء مساء وصباحا ليتذوق سكان الحصن المنيع طعم الرعب الذي اعتاده المقيمون خارج اسوارها وبات جزءا من طقوس حياتهم لا يستطيعون الفكاك منه الا بالموت ذبحا او بطلقة اسفل الرأس. كانت زخات الرصاص التي لا تتوقف ليلا أو نهارا تنذر بسقوط قتيل أو مجموعة قتلى ساقهم حظهم العاثر للسقوط في براثن احدى السيطرات (نقاط التفتيش الوهمية) التي تمارس عمليات الاعدام المنظم وما بات يعرف بالقتل على الهوية، دارت أحداث وقائع المذبحة وفصولها في شوارع ومناطق مازالت تحمل بعض علاماتها حتى بعد انكسار الموجة الطائفية وعودة النازحين أو بعضهم الى مناطق شهدوا فيها أعمال الاختطاف والقتل والموت العبثي الذي كان بمثابة كأس دائر على رؤوس الجميع بلا أي تمييز أو توقف كأنه موجة جنون أصابت أحياء بغداد وما عداها من مدن العراق الحزين.
مكان واحد كانت تجتمع عنده كل الخطوط وتتقاطع كل المشاعر الحقد والقهر والرعب والحزن والخوف والأمل واليأس والرجاء.. مكان واحد تلتقي عنده خطوط القاتل ونذالته والقتيل وبراءته وأهل الاثنين المصدومين بما يفعل ابنهم القاتل ليسقط ابنا لآخرين ضحية عن قصد أو غير قصد.. والخاسر واحد وهو العراق الذي تقطعت أوصاله وانفرط عقد أبنائه سواء قاتلين أو مقتولين.. مكان واحد اسمه «مصلحة الطب العدلي» أو «مشرحة بغداد» .
جثث مجهولة الهوية
مئات الجثث تحمل العلامات نفسها.. آثار تعذيب.. طلقات نارية في الصدر والبطن والظهر.. من دون أوراق تثبت هوية القتيل.. لفظ تم الاتفاق عليه «جثة مجهولة الهوية».. ويصبح الأمل ليس العثور على المفقود حيا وانما جثة فقدت جزءا كبيرا من ملامحها بفعل التعذيب والتحلل.. كيف يتخيل بشر ان يهنئ انسان شخصا يعرفه لأنه تمكن من العثور على جثة فقيد له وتمكن من دفنه.. أصبح اكرام الميت دفنه أمنية في زمن المذبحة وأصبح الطب العدلي (مشرحة بغداد) أبرز مناطق القبح وأكثرها اثارة للقرف والرعب في آن واحد.. فيها يمكنك بوضوح رؤية كيف تتحكم ميليشيات القتل وفرق الموت في الضحايا حتى بعد سلب أرواحهم.. الى من يتم تسليمهم.. أين سيدفنون.. كيف ومتى يخرجون الى مثواهم الأخير. فالطب العادلي اسم ظلت ترتعد له أبدان العراقيين كان وجهة المكلومين من أهالي الضحايا المغدورين الذين يتطلب العثور على جثثهم الكثير من الجهد والمعاناة ورؤية المشاهد المرعبة التي رسمتها أساليب التعذيب البشعة.. فهذا قدر كبير للطعام به آثار جثث تم طبخها.. وهذه جثة تنتظر قدوم رأسها اذا أفلح من قدر له ان يعثر عليها.. وهذه أقدام لجسد نهشته كلاب الطرق في أحد مقالب القمامة .. وهذه أياد لا يعرف أحد أين تم القاء جثتها.. رائحة الموت تفوح.. رائحة العفن تزكم الأنوف .. فلا مكان لمزيد من الجثث حتى يتسلمها ذووها.. لا يتوقف الأمر على فئة عمرية معينة أو جنس بشرى دون آخر أو طائفة دون أخرى فالموت لا يفرق والجميع تحت الطلب اذا جاء القدر. ولا تبقى غير كلمة يتفوه بها في حسرة من يبحث عن مفقود أو عزيز غائب عندما تداهمه تلك المشاهد «الله ما يقبل».. الجميع يتساءل من القاتل؟.. ولماذا القتل؟.. والى أين يمتد ؟.
يقع هذا المكان داخل مدينة الطب التي أرادها مؤسسوها قبلة طبية للعراقيين والعرب عند تأسيسها نهاية الستينيات من القرن الماضي ولحقها ما لحق بالعراق من تدهور وساءت امكاناتها كما ساءت أمور العراق بفعل الحروب والحصار حتى انتهى عهد صدام حسين الا أنها أصبحت رمزا من رموز زمن المذبحة حيث كانت تتوافد عليها يوميا من 100 الى 150 جثة مجهولة الهوية تخلص منها قاتلوها في الشوارع أو مقالب القمامة بعد نزع كل أوراق ثبوتية لتصبح جثة مجهولة الهوية .
المنطقة المحرمة
كانت تسيطر على تلك المنطقة المحرمة احدى فرق الموت المنظمة المحمية بغطاء رسمي حيث كان الحصول على جثة احدى الضحايا يتطلب تنسيقا على أعلى المستويات ليتمكن أهلها من الدخول الى ذلك المكان الذي يواجه «دجلة الخير» في منطقة باب المعظم وسط العاصمة بغداد. ويجمع أهالي الضحايا على أنهم كانوا يدفعون مئات الدولارات لأشخاص حافظوا على عراقيتهم بعيدا عن الانتماء الطائفي حتى يتمكنوا من الدخول الى الطب العدلي للبحث عن ذويهم والخروج بأمان، والا فان الدخول الى ذلك المكان سيكون بغير خروج ويتحول الداخل اليه مفقود جديد .
أما اذا تمكن من الخروج مع الضحية التي يبحث عنها فان احدى فرق الموت سوف تتبع موكب الجنازة لتقتص من الضحية مرة أخرى وتقتل من تستطيع من أهله الذين رفضوا «قانون المشرحة».
وكما يعتقد الكثيرون ان المسألة تبدأ فقط بالتوقيف على سيطرة (نقطة تفتيش) وهمية فرحلة عذاب طويلة وانتهاء بموت مجاني. مثلما يقول هشام حمد الركابي الذي أجبرته الظروف على ان يترك البيت الذي عاش فيه مع أهله لمدة تتجاوز الثلاثين عاما بعد اختطاف شقيقه الأصغر مصطفى وقتله ليتم العثور عليه جثة مجهولة الهوية في الطب العدلي.كان هذا في 16 نوفمبر من عام 2006 عندما كان مصطفى حمد الركابي الطالب في كلية العلوم السياسية ذاهبا الى الجامعة كعادته كل يوم فاعترضته نقطة تفتيش وهمية تعود الى مجموعة مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة وقامت المجموعة الارهابية كما جرت العادة بانزال بعض الركاب بعد ان اطلعت على هويتهم وتأكدت أنهم من الشيعة وضمنهم مصطفى واثنين من الشباب وامرأة حامل في شهرها الخامس واقتادوهم الى أحد الدور العائدة لعائلة شيعية مهجرة في منطقة الاسكان ليبدأ طريق النهاية ورحلة التعذيب التي يتوسل صاحبها من جلاديه ان ينهوها بطلقة أو عدة طلقات في الرأس والصدر .
التعذيب البشع
يقول هشام الركابي ان تلك المجموعة ارتكبت أبشع جرائم التعذيب لمدة يومين حتى استمرت آثارها واضحة على أجساد الضحايا بمن فيهم المرأة الحامل التي جرى اغتصابها عدة مرات قبل ان تصاب بنزيف حاد أدى الى موتها قبل اطلاق الرصاص عليها من قبل الارهابيين وبعدها قامت بقتل الأشخاص الآخرين وألقت بجثثهم على قارعة الطريق في نفس المنطقة بعد احراق أوراقهم التي تثبت شخصياتهم. ويضيف: بعد البحث المضني عثرت أنا وعائلتي على جثة مصطفى في الطب العدلي بباب المعظم وسط بغداد تعرض للتعذيب الفظيع قبل اطلاق رصاصتي الرحمة على رأسه ورغم مرور يومين على موته وتفسخ الجثة الا ان آثار التعذيب ظلت شاخصة. ويشرح هشام كيف كان الطب العدلي آنذاك يغص بالجثث التي تفترش أرضه لعدم وجود أماكن بالثلاجات المخصصة لحفظ الجثث التي كانت معظمها مجهولة الهوية وتم قتلها على أيدي المجاميع الارهابية والميليشيات المسلحة حيث كان يقصد هذا المكان كل من يفقد عزيزا له من ابن وأخ وأب في بغداد وكانت تواجه العائلات صعوبة في الوصول الى ذلك المكان بسبب أحداث العنف الطائفي وتقسيم بغداد الى ما يشبه الكانتونات التي حاولت فرق الموت اقامتها على أسس طائفية ومذهبية.
ويقول هشام ان أحد أهم المصاعب الأخرى التي كانت تواجه أهل الضحايا هو استهدافهم من قبل القناصة الموزعين على البنايات القديمة وغير المأهولة في المنطقة المحيطة بالطب العدلي بهدف خلق الرعب بين الأهالي والعائلات المنكوبة .


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
10-11-2011, 05:53 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور(9-20)
من الضلوعية إلى بني سعد وحي الجبور.. حكايات المذابح ورعب «الجيرة» يمين «القاعدة» ويسار «جيش المهدي»... اختر طريقة موتك واعبر


37a206f8-cb52-4d44-8a0c-83a392950cef_mainNew.jpg

محمود الشناوي
فيما كان الرحالة المشهور فرديناد ماجلان يقترب من الرأس الجنوبي لجنوب أميركا وذلك في أول رحلة له حول العالم سنة 1520 وفيما هو يجتاز الجزر القريبة من رأس هورن بدت لناظريه نيران كثيرة مشتعلة على الشاطئ ونيران أضرمها سكان تلك النواحي وترك هذا المشهد أثرا كبيرا في نفسه حيث أطلق على تلك الجزر اسم «أرض النار» أما أرض النار العراقية فكانت سخونتها أشد وطأة من النار على العراقيين فقد سكنها مدنيون أبرياء دفعهم كرمهم إلى فتح الأحضان للمقاتلين ضد الاحتلال من العراقيين والعرب ثم دفعتهم نخوتهم إلى الانقلاب على هذا الهراء الذي أحرق الأخضر واليابس ووقفوا بالمرصاد ضد من أحال حياتهم جحيما حتى تمكنوا من طرد تنظيم «القاعدة» من منطقتهم وكانوا نيرانا أحرقت شرارتها التنظيم الذي بدأ يتراجع على جميع المستويات حتى تلاشى أو كاد.كما كانت الضلوعية نارا على الأميركيين فكبدتهم أكبر خسائر يمنى بها الجيش الأميركي على مدى سنوات بقائه في العراق التي بدأت في ربيع عام 2003.
والضلوعية مدينة عراقية صغيرة تقع على بعد 90 كيلومترا إلى الشمال من العاصمة بغداد على الضفة اليسرى من نهر دجلة يبلغ عدد سكانها حوالى 62 ألف نسمة وهي كوحدة إدارية ناحية تتبع قضاء بلد في محافظة صلاح الدين ذات الاغلبية السنية .
الاسم .. والجغرافيا
والضلوعية نسبة إلى الضلوع وهي جمع ضلع، سميت بذلك لأن أول من سكنها نظر إلى جغرافيتها فوجد نهر دجلة يحيط بها من ثلاث جهات (الجنوب والشرق والغرب) فقال: هذه الأرض كالقلب بين الضلوع يحرسها دجلة من ثلاث جهات أما الجهة الرابعة (الشمال) فهي أرض مفتوحة، ولكن حسبنا عشرة مقاتلين لحراستها ومن هنا اشتق اسمها (الضلوعية) حيث اليابسة بمنزلة القلب ومنحنيات نهر دجلة كالقفص الصدري الذي يحويه. تتبع الضلوعية بعض الضواحي، أبرزها ضاحيتان جميلتان هما حويجة الضلوعية، التي يحيط بها نهر دجلة من جميع الجهات وتظهر وكأنها جزيرة سابحة في الماء.. والضاحية الثانية بيشكان ومعناها باللغة الكردية رأس النبع، حيث تلتقي عندها بعض روافد نهر دجلة .والضلوعية مدينة زراعية لم يقتل بها إنسان منذ العام 1988 حتى مر «القاعدة» فيها، حيث انه منذ عام 1988 وحتى عام 2003 لم تسجل فى تلك المدينة جريمة قتلٍ واحدة وهي المدينة العراقية الهادئة التي يسكنها خليط من البشر المتجانس شديد الوعي والكرم والشجاعة ولم تكن تعرف من التدين إلا معاني الرحمة والسلام والمحبة، ولكن في زمن المذبحة حملت هذه المدينة المسالمة لقب «أرض النار»، وشهدت دماء ومذابح وخراب طال الأخضر واليابس وتحولت المدينة إلى واحد من أهم معاقل تنظيم القاعدة في العراق . وباتت رمزاً للرعب والموت بعد ان كانت رمزاً للحياة الآمنة الوادعة.
قميص الطريق !
لا يوجد طريق بالعراق مفروش بالحكايات والمفاجآت والمخاطر أكثر من الطريق إلى الضلوعية حتى أن العابرين في هذا الطريق كانوا يضطرون إلى استبدال قمصانهم عدة مرات خاصة في تلك الأيام التي توافق مناسبات دينية لدى السنة أو الشيعة بسبب انقسام هذا الطريق إلى مناطق عدة شيعية وأخرى سنية متداخلة وهو ما يعني أنه منطقة نفوذ لكل الفرق المسلحة من الميليشيات الشيعية أو الميلشيات السنية.
عندما بدأنا رحلتنا الخطرة إلى أرض النار كان مرافقي شعلان العود رئيس القسم العربي في وكالة أنباء الصين «شينخوا» في العراق وهو ينتمي إلى أكبر عشائر الضلوعية (الجبور) قد ألقى على مسامعي نصيحة مهمة وهي عدم التكلف في المظهر وعدم الحديث عند نقاط التفتيش أو إظهار أي هوية إلا عند الإلحاح من قبل الطالب.
وبعد أن نطقنا الشهادتين أشار إلى طريق يقع على يسار اتجاهنا هو الخط السريع المؤدي إلى مناطق محافظة الأنبار غربي العاصمة بغداد وأولها منطقة أبوغريب التي تضم السجن الشهير الذي شهد جرائم المجندين والمجندات الأميركيين ضد المعتقلين العراقيين في بداية الاحتلال أما الطريق الآخر وهو الذي سلكناه لنصل إلى مقصدنا فهو يؤدي إلى محافظات شمال بغداد وكان ساحة لمعارك ضارية كبدت الأميركيين خسائر فادحة مادية وبشرية.
مررنا عبر هذا الطريق بعدة مناطق تحمل الكثير من الحكايات والصور .. فهذا مسجد «أم القرى»، الذي أصبح مقرا رئيسيا لهيئة علماء المسلمين، أكبر مرجعية للعرب السنة وتسبب رفض قادتها وعلى رأسهم الشيخ حارث الضاري المشاركة في العملية السياسية إلى حظرها واتهامها بدعم الإرهاب وكان يسمى قبل انهيار النظام السابق «أم المعارك» حيث بناه صدام حسين على أطلال مزرعة اختبأ فيها إبان حرب تحرير الكويت عام 1991.
الغزالية
خلف هذا المسجد تقع منطقة الغزالية وهي أحد معاقل «القاعدة» في بغداد ومقر القيادي السني البارز الدكتور عدنان الدليمي رئيس مؤتمر أهل العراق، وجبهة التوافق أكبر تكتل للعرب السنة شارك في العملية السياسية وكانت مسرحا لأعمال عنف طائفي مروعة قبل أن يتم توجيه الاتهام إلى نجل الدليمي بارتكاب أعمال إرهابية ووضع الرجل (83 عاما) قيد الإقامة الجبرية في فندق الرشيد المحصن داخل المنطقة الخضراء حتى غادر العراق نهائيا.
يقول شعلان إنه عندما كان يعبر هذا الطريق باتجاه مقر إقامة عائلته بالضلوعية كان يتحتم عليه مراعاة لون الملابس التي يرتديها خاصة في أوقات المناسبات الدينية خاصة شهر محرم ففي تلك المناطق السنية يلبس قميصا ملونا إلا أنه يضطرلاستبداله عندما يعبر المناطق الشيعية بقميص آخر أسود، وربما كان لون القميص إذا غفل صاحبه في استبداله سببا في الموت سواء على أيدي عناصر «القاعدة» أو ميليشيا جيش المهدي.
نمر عبر منطقة أطراف «سبع البور» وهى ذات غالبية شيعية تداهمنا مساحة شاسعة من الأرض محاطة بسياج من الأسلاك الشائكة تضم بعض المباني المتواضعة يقول شعلان إن عدي صدام حسين كان يجهزها لإقامة مدينة رياضية كبيرة إلا أن المشروع انهار بعد سقوط نظام صدام واستولى عليها مواطنون ليس لهم سكن ضمن ما عرف باسم «الحواسم» التي استحل خلالها العراقيون المحرومون أملاك الدولة وأموالها بعد دخول القوات الأميركية إلى بغداد في 9 أبريل 2009 والتي كانت تقف متفرجة على ما يجري دون أن تحرك ساكنا. نمر عبر تلك المنطقة التي تتبع إداريا ناحية التاجي التي تمثل نهاية حدود العاصمة بغداد حيث يوجد مسجد كبير يسمى» البتول» وكان مقرا لفرقة حزبية تابعة للبعث .
خطورة الطريق
يقول شعلان الجبوري إن خطورة هذا الطريق تكمن في أن جانبه الأيمن يخضع لنفوذ تنظيم «القاعدة» بينما يسيطر جيش المهدي الميليشيات الشيعية على جانبه الأيسر وهو بداية الطريق الدولي الرابط بين العراق وتركيا حيث تنتشر محطات الموت على جوانبه ممثلة في نقاط تفتيش وهمية تديرها الميليشيات تساعدها نقاط تفتيش رسمية مرتبطة بشكل أو بآخر بفرق الموت خاصة جيش المهدي الذي تنتهي دائرة نفوذه عند منطقة الطارمية ليبدأ نفوذ تنظيم «القاعدة» بشكل كامل.
كان هذا الطريق يخضع في معظم الأوقات لإغلاق من جانب القوات الأميركية ما يضطر العابرين إلى السير في طريق فرعي عبر بساتين وجداول كان معبرا لسكة قطار بغداد - الموصل وهو طريق مهجور يتخذه عناصر تنظيم «القاعدة» ملاذا آمنا يتلقفون فيه العابرين أمام سمع وبصر القوات الأميركية التي تغلق الطريق الرئيس وهو ما جعل الناس يعتقدون بشكل لا يقبل الشك أن هناك ثمة تواطؤ.
دلفنا إلى منطقة المشاهدة عبر بستان رائع الخضرة والنضارة يحكي إحدى قصص الظلم التي تؤشر إلى عهد محسوب على الطائفة السنية..حيث كان ذلك البستان المثمر محط أنظار الناس لدرجة أثارت طمع مدير المخابرات العراقية الاسبق فاضل طلفيج الذي كان قد تولى منصب محافظ صلاح الدين وتتبعه المنطقة إداريا في ذلك الوقت وعندما حلت لعنة الطمع كان ثمنها رأس مالك الأرض الذي لم يتجاوز عمره حينها 16 عاما بعد تلفيق تهمة جزاؤها الإعدام وهى التآمر على قلب نظام الحكم الذي لم يكن الفتى يعلم معناها.
الدجيل
غادرنا المشاهدة السنية لنصل إلى الدجيل الشيعية التي أصبحت عنوانا لمحاكمة العصر بعد أن دارت دورة الزمان وأصبح المحكومون عليهم حكاما حيث صدر الحكم بإعدام صدام حسين بتهمة قتل 148 شخصا من أهالي تلك المدينة البائسة عندما تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في الثامن من يوليو عام 1982 وكان أبطالها من أبناء المدينة الذين وجهت لهم تهمة الانتماء إلى حزب الدعوة الإسلامية الذي حكم اثنان من زعمائه العراق بعد الاحتلال الأميركي وهم د. إبراهيم الجعفري ونورى المالكي.
ويقول شعلان العود الجبوري إن تلك المدينة التي عانت بسبب وضعها ضمن دائرة شكوك نظام صدام حسين وتم تجريف أراضيها لم تشهد أي أعمال عنف طائفي أوحوادث انتقامية بين أغلبيتها الشيعية وأقليتها السنية رغم ما جرى من فواجع في زمن المذبحة بعد أن أفشل شيوخها محاولات إذكاء العنف الطائفي، حتى أن أهل الضلوعية السنة كانوا يشيدون دائما بأخلاق أهل الدجيل الشيعة الذين حافظوا عليهم سواء كانوا عابرين لطريق بلدهم أو موظفين فيها.
والدجيل بستان كبير لكنها مدينة صغيرة وعلى الرغم من أن الأراضي الزراعية تحيط بها من كل جانب فإن بيوتها ليست كبيوت القرى ويشقها نهر صغير يطلق عليه تسمية «مشروع الدجيل» وتكثر فيها أشجار الحمضيات بكل أنواعها والكروم والنخيل غير أن صدام أقدم على تجريفها وحولها فيما بعد إلى أرض قاحلة بعد تعرض موكبه إلى إطلاق نار أثناء مسيره في احد شوارع البلدة.
يواجهك على طول الطريق من الدجيل إلى منطقة بلد الشيعية اللافتات السوداء التي كتب عليها شعارات شيعية تعلن عن أسماء مواكب الزوار الشيعة العابرين إلى قضاء بلد حيث مرقد سيد محمد بن الإمام علي الهادي وهو أحد المزارات الشيعية المهمة في العراق أو باتجاه سامراء حيث مرقد الإمامين العسكريين الإمام علي الهادي والحسن العسكري، فهذه لافتة تشير إلى مرقد الصحابي مالك بن الاشتر..وهذه لافتة تشير إلى موكب قطيع الكفين.. وموكب خادم الإمامين العسكريين.. وهذه لافتة تشير الى حسينية أنصار الرسول وغيرها تشير إلى موكب أم البنين .
بلد
وصلنا بعد ذلك إلى منطقة محطة بلد المؤدية إلى مدينة بلد الشيعية التي خضعت لسيطرة الميليشيات وشهدت أعمال عنف دموية مروعة ذات طابع طائفي أشعلتها مواقف يرى أهلها أنها من صنع جهات شديدة التنظيم تعرف هدفها جيدا وتجيد استغلال المواقف لإشعال الفتنة التي استجاب لها الجهلاء للأسف حتى باتت من المناطق المحرمة التي لم تنعم بالأمن على مدى سنوات المذبحة .
دلفنا إلى طريق فرعي يؤدي إلى مقصدنا «الضلوعية» داهمني في بدايته مشهد لأحد الجسور كان يختصر الطريق قال الأميركيون إن شاحنة مفخخة دمرته إلا أن من شهد تلك الفترة يؤكد أنه تم تفجيره من خلال قصف جوي أميركي حيث أدى هذا التفجير وانهيار الجسر إلى تشكيل منطقة تعد من أسوأ مصائد الموت حيث كان السنة يضطرون بعد انهيار الجسر إلى عبور قنطرة فوق أحد فروع نهر الإسحاقي عبر «بلد» لتتصيدهم الميليشيات الشيعية الطائفية أو يعبرون طريقا آخر به نقطة تفتيش حكومية في منطقة نفوذ لتنظيم «القاعدة» .
البوزر واحد
وتجاور بلد الشيعية بلدة تسمى تل الذهب توجد بها نقطة التفتيش القاتلة التي تسمى «نقطة 14» ..ويقول شعلان إن في هذا المفترق من الطرق يجب أن تختار بين الموت والموت السريع حيث تجرى سلسلة حسابات لمعدل الخطورة واحتمالاتها فإما المرور عبر بلد الشيعية حيث ميليشيا جيش المهدي أو نقطة «قناة 14» حيث تنظيم «القاعدة» وهو ما جعل أهالي المنطقة يقولون دائما في إشارة إلى أن جهات متعاونة تدير المذبحة بقول «البوزر واحد»، والبوزر هو مضخة البنزين التي تعبأ بها السيارة من المحطة وتعني أن الجهة أو الجهات التي تدير عمليات تنظيم «القاعدة» هى نفس الجهة أو الجهات التي تدير عمليات جيش المهدي.
بني سعد
وصلنا إلى منطقة بني سعد وهي منطقة مختلطة من السنة والشيعة كانت نقطة التواصل بين بلد الشيعية والضلوعية السنية حيث كان سكانها من الطائفة السنية يقومون بقضاء مصالح أهل البلد التي يحتاجون إليها في الضلوعية بينما يقوم أهلها من الطائفة الشيعية بقضاء مصالح أهل الضلوعية التي يحتاجونها في بلد حيث كانت المناطق جرى تقسيمها طائفيا في زمن المذبحة وصارت محرمة إلا على من ينتمي لطائفتها.
عبرنا جسر الضلوعية فوق نهر دجلة لندخل حويجة الضلوعية وتبدأ البساتين لتشكل بحرا من الخضرة التي تروي حكايات المجد والدم بالظهور لترسم مشهدا معقدا من الجمال والرعب والرهبة والأمل والرخاء والبؤس والحياة والموت إيذانا بوصولنا إلى «أرض النار» وتحديدا في حي الجبور الذي لا تزيد مساحته على ثلاثة كيلومترات إلا أن كل شارع فيه يحتفظ بتاريخ وتروي كل زاوية قصة بطولة أو انكسار لتبدأ الروايات التي لا تنتهى عن أحداث هزت العراق ورسمت بعض معالم زمن المذبحة.. أين كانت البداية.. كيف استمرت الحكاية..من أطلق صافرة النهاية.
 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
11-12-2011, 08:13 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور(10-20)
من كل حدب وصوب.. وجوه غريبة بأجندات غريبة للموت على أرض غريبة احتراق النهر... أمراء «القتل والسحل» تفرغوا لذبح مضيفيهم

عدد القراء: 307
86ee68b9-851b-4126-9e9d-d53e0b29a643_mainNew.jpg

محمود الشناوي
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.
وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله. يقول كمال الذي يمارس الكتابة كوسيلة للتطهير غير طامح في ان يسبق اسمه لقب الكاتب أو الأديب.. «يسجر التنور بأجساد الرعية وأرواح من بقي على قيد الحياة وتطحن الرحى نفسها وتصيح هل من مزيد؟.. تعددت الأسباب والقاتل واحد .. فهذا مات لأنه تعثر بجثة رفيقه في ساحة الحرب التي لا يعرف لماذا اشتعلت.. وذلك مات لأنه قال هذا ظلم.. والآخر مات لأنه شاهد على قول الثاني ولم ينقله بأمانة وسرعة لحاشية الوالي..ومات آخر كمداً حين علم بهذه الحادثة.. ويضيف «هذه أحدث طريقة لقتل الشعوب ووأد ثوراتها ليرحل الجميع تاركين وراءهم أطنانا من الأماني تعصف بها الريح.. فتدق الطبول كل يوم في بلادي .. تدق للحرب طبول .. ومن يموت غير صاحب الحياء..؟ يبقى فقط الصلف وحفار القبور» .
في هذا المكان «السيباط» أو المضيف تجتمع الضلوعية بكل مكوناتها وأفكارها وانتماءاتها، كان ملاذا للمجاهدين الحقيقيين وغير الحقيقيين.. من حمل السلاح ضد الأميركيين ومن عمل معهم طلبا لراتب مجز.. من قاتل دفاعا عن الوطن ضد الاحتلال ومن قاتل تنفيذا لأجندة خارجية..من وجه سلاحه وقنابله ضد المحتل ومن وجه سلاحه وقذائفه ضد أهل العراق.. من بين جوانبه انطلقت عمليات هددت الوجود الأميركي بالعراق واليه لجأ رجال المقاومة بعد انتهاء مهمة لهم كبدوا فيها الأميركيين خسائر فادحة.. على بساطه البسيط جلس المقاوم للاحتلال والمتعاون معه.. كان صاحبه كمال من أوائل المجاهرين بعدائهم لـ «القاعدة» والمقاتلين العرب الذين أحرقوا البلاد ووجهوا فوهات بنادقهم الى صدور أهل الضلوعية بعد ان تحولت من بساتين الخضرة والجمال الى أرض النار .
جذوة مشتعلة
يروي كمال كيف تحولت الضلوعية الى جذوة مشتعلة من المقاومة مع احتلال بغداد في 9 أبريل عام 2003 حيث كانت المدينة بين تيارين بعثي واسلامي من أبناء المساجد، ومن كلا التيارين خرج من يحمل فكر التغيير عن طريق السلاح ضد القوات الأميركية.
كانت الضلوعية صغيرة المساحة كبيرة التأثير تحتضن ذوي التوجه الاسلامي وأيضاً كانت معقلا من معاقل حزب البعث بها مقار للحزب وفيها عسكريون أيضاً دخلوا حزب البعث بحكم الوظيفة العسكرية وعندما دخل الأميركيون حصل نفير من الاسلاميين من جهة ونفير من قبل البعثين من جهة أخرى حمل البعثيون السلاح وحمل الاسلاميون أو التيارات السلفية السلاح لان القضية باتت قضية مقاومة الاحتلال وليس أي شيء آخر فلا وجود لمسميات ولا وجود لقادة ولا وجود لخطط ولا وجود لتنظيمات خارجية مثل القاعدة وانما كان الهدف هو مقاومة الاحتلال باعتباره حقا مشروعا.
يضيف كمال ان عمليات المقاومة كانت تتم بشكل فردي أو على شكل مجموعات صغيرة لا يتجاوز عدد أعضائها الخمسة أفراد يعملون على توفير السلاح من مالهم الخاص بل كان بعض الموظفين يقترضون بضمان راتبهم لشراء أسلحة ومتفجرات وهي متوافرة لاستخدامها في عمليات ضد القوات الأميركية التي تواجدت بكثافة بعد عملية «شبه الجزيرة» التي كانت أكبر عملية عسكرية تنفذها القوات الأميركية بعد الاعلان رسميا من جانب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بانتهاء العمليات العسكرية ونجاح احتلال العراق، ويؤكد أنه لم يكن لـ «القاعدة» أي تواجد على مدى سنة الاحتلال الأولى حتى بدأ فكر «القاعدة» يدخل الى المدينة عندما بايع أبو الحارث واثق عبدالله لطيف الجبوري أمير «القاعدة» في العراق أبو مصعب الزرقاوي. وأبو الحارث شاب عمره 25 سنة وهو شقيق الناطق باسم دولة العراق الاسلامية محارب الجبوري الذي تعددت الروايات حول مقتله .
المعقل الأهم
وبعد البيعة أصبحت الضلوعية أهم معقل من معاقل «القاعدة» وفيها تم تشكيل مجلس شورى المجاهدين بحضور أبي مصعب الزرقاوي عام 2005 وأبي علاء تل عفر ومحارب الجبوري وملا ناظم الجبوري وأبي عبد الله قائد المجلس في الأنبار، وبتلك البيعة كان الدخول الثاني لأبي مصعب للضلوعية.
ويكشف كمال عن ان أهل الضلوعية كانوا بين شقي رحى اما الانتماء الى الجيش الاسلامي أو «القاعدة» حيث كان الجيش الاسلامي الذي يقوده مؤيد متعب سالم ينتمي الى أحد أفخاذ عشيرة الجبور المعروفين تاريخيا بجلب الأفكار الجديدة وتبني كل فكر يسود بالعراق أو خارجه بما فيها الفكر اليساري بينما كان أحد الأفخاذ الأخرى للجبور وهو فخذ محمد العبد الله يقود عمليات الجهاد ضد الاحتلال في اطار عمليات تستهدف القوات الأميركية فقط وقد رفض هذا الفخذ الانضمام الى الجيش الاسلامي فصار بالنتيجة مع «القاعدة» الذين كان يطلق عليهم قبل دخول التنظيم تحت اسم «التوحيد والجهاد» وكان ينتمي لهم محارب الجبوري الذي تولى فيما بعد منصب وزير اعلام الدولة الاسلامية .
السيباط
كان سيباط كمال (المضيف) مركزا لتجمع عناصر المقاومة وأحد مخازن الأسلحة وأحد أهم المخابئ التي تخطئها عين القوات الأميركية حيث كان كمال يعمد الى استقطاب العاملين مع الأميركيين من العراقيين سواء المترجمين أو العمال داخل المعسكرات الذين صاروا فيما بعد هدفا مفضلا لمقاتلي القاعدة حيث كان يطلق على المضيف اسم «سيباط العملاء» وكان صاحبه يسعد بذلك لابعاد الشبهة عن المقاومين الحقيقيين الذين كانوا يلجأون غالبا الى المضيف بعد تنفيذ عملياتهم عندما كانت تلك العمليات بمثابة فرصة للثواب والأجر .
ويقول كمال انه عايش عددا كبيرا من المجاهدين الحقيقيين سواء العراقيين أو العرب الذين كانوا يمارسون الجهاد ولا يتقبلون أي دعم ويعيشون حياة الزهد ، بل ان أحدهم دفع حوالي 50 ألف دولار حتى يتمكن من الدخول الى العراق والجهاد في صفوف المقاومة ضد الأميركيين .
وكان يطلق على أحدهم لقب «بن لادن» الجديد ويدعى عبدالله، كان قيادياً يتميز بعزيمة وغيرة وقوة في المنطق وكان طعامه الخبز والبصل المشوي ويفترش الأرض وعندما تشتد قسوة البرد يلف جسده بفرش بسيط من هذا الفراش المتواضع الذي ينام عليه البسطاء في الريف.. وكان يطلب من الأتباع ان يحذوا حذوه .
ويوضح كمال كيف تحولت المقاومة من جهاد ضد قوات الاحتلال الى قتل منظم لأهل المنطقة لأي سبب اما عدم دعم المجاهدين أو العمالة للاحتلال بسبب لجوء بعض الأهالي الى العمل في معسكرات القوات الأميركية أو كمقاولين بهدف تحسين ظروفهم المعيشية أو العمل مع الدولة في قوات الجيش والشرطة .
تدريب المقاتلين
يقول: كان ذلك في عام 2005 عندما ازداد تدفق المقاتلين العرب على الضلوعية باعتبارها مركزا رئيسيا لتجمعهم وعملياتهم بعد ان زار المنطقة أبو أنس الشامي، وهو من القيادات البارزة بالتنظيم واطلع على تفاصيل المدينة، فاتخذها معقلا للأجانب بجنسيات عدة، فكانت المنطقة العسكرية للتنظيم تمتد من شرق المدينة الى حدود محافظة ديالى، ومن ثم شمالا حتى كركوك تحت امرة محسن كبير أبوعبيدة المغربي وهو من مراكش، وكان المفتي الشرعي للتنظيم وكان القائد العسكري الدكتور نجم النعيمي أبو صفا، وهو من أهالي الأعظمية.
ويتابع قائلا: بعد ذلك اتخذ «القاعدة» من المنطقة مقرا رئيسيا لتدريب المقاتلين؛ حيث منطقة نهر العظيم التي تضم معسكرات التدريب الرسمية للمقاتلين الجدد من العراقيين والعرب الوافدين للقتال في بلاد الرافدين وكان المعسكر تحت امرة أبو عبدالكريم المصري، وأبو اسحاق التونسي.
ويقول كمال انه حاول بما لديه من قوة ان يوجه النصح الى هؤلاء المقاتلين الذين باتوا مصدر ضيق وقلق لأهل الضلوعية الذين احتضنوهم في البداية ووفروا لهم الملاذات الآمنة الا ان النصائح ذهبت أدراج الرياح وبدا للجميع ان الجهاد صار عنوانا وهميا وان ما يجري على الأرض من عمليات اختطاف وقتل بعيدة كل البعد عن الاسلام والمقاومة والجهاد وغير ذلك من العناوين الشريفة التي دخل بها هؤلاء المقاتلون الى البساتين التي أحالوها جحيما وصارت عملياتهم مثار انتقاد وغضب من الأهالي بعد ان كانت نساء المدينة يطلقن الزغاريد فرحا بهجماتهم ضد القوات الأميركية .
ويضيف: كانت عمليات المقاتلين حتى تلك المواجهة ضد القوات الأميركية لا تراعي مصالح أهالي المنطقة أو ما يمكن ان ينالهم جراء نيران الغضب الأميركية بعد كل عملية وهو ما حدث ذات مرة عندما تمكن أحد هؤلاء المقاتلين من ضرب آلية أميركية نوع «همر» ضمن رتل أو كتيبة عسكرية تعبر المنطقة وفر محتميا بالمضيف رغم تحذيرات كمال له بعدم مهاجمة الأميركيين في مكان قريب ثم اللجوء اليه حتى لا يثير الريبة ويفقد المقاتلين ملاذا آمنا ومخبأ جيدا.
وساعده كمال على الهرب واستغلها فرصة لاحراق المضيف في دقائق قليلة معللا ذلك لدورية أميركية تتبعت المهاجم بان الحريق ناتج عن محاولة لاشعال بعض الأخشاب بغرض التدفئة الا ان نيرانها طالت المضيف المصنوع من البوص وبقايا الأشجار فالتهمته ودمرته تماماً .
حريق النهر
كما احترق مضيف كمال بسبب أحد ضيوفه احترقت الضلوعية بأفعال من مضيفيهم ووفرت لهم الملاذ الآمن فتارة أحرقتها التفجيرات والمعارك من جانب «القاعدة» وتارة أخرى أحرقتها الطائرات الأميركية وقنابلها بهدف الابادة المنظمة لتلك البساتين الكثيفة التي مثلت مخابئ مثالية ومقار آمنة للمقاتلين .
كانت الضلوعية تبدو مثل نهرمن الخضرة معلق على جوانب نهر دجلة حيث تمتد بساتين البرتقال والحمضيات والتوت في مشهد رائع قلما تجد له نظيرا في العالم.. ويبدو ان كثافة بساتين تلك المنطقة ووعورة الطرق المؤدية منها واليها أغرت قيادات المجموعات المسلحة سواء من تنظيم «القاعدة» أو الجيش الاسلامي على اتخاذها مقار لهم يمارسون فيها جرائمهم ويهربون عبر دروبها وقت الضرورة بالاضافة الى تخزين أسلحتهم بل أصبحت تلك البساتين مناطق آمنة لاقامة مصانع بدائية لصنع المتفجرات من الصواريخ والعبوات الناسفة تحت قيادة أمراء التنظيم حتى ان أمير تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» أبو مصعب الزرقاوي لم يترك المدينة بل كانت المحطة المهمة في تنقله بين المناطق السنية الأخرى، وكان متواجدا في منطقة البوعواد الزراعية التي تقع بالقرب من نهر دجلة.
كما كانت الممرات المتواجدة بتلك المناطق الزراعية الكثيفة الخضرة يستخدمها مقاتلو «القاعدة» وقياداتها يدخلون ويخرجون منها ويربطون بينها وبين معاقلهم الأخرى في المحافظات القريبة خاصة ديالى وباقي مناطق صلاح الدين والأنبار وغيرها من المناطق العراقية وهو الطريق الذي استغله الزرقاوي أكثر من مرة في الدخول والخروج من المدينة قبل ان يلقى مصرعه في قرية هبهب التي تبعد حوالي 50 كيلومتر شرق بغداد والتي لا يفصلها عن الضلوعية وبساتينها سوى عدة كيلومترات.
وبعد ان أحكم «القاعدة» سيطرته على بساتين الضلوعية بدأ منذ العام 2006 عمليات التصفية الجسدية بحق كل من انتمى للجيش العراقي أو دوائر الدولة الأخرى وتم تصفية العشرات منهم جسديا والقاء جثثهم على قارعة الطريق كما تم اختطاف المئات منهم ولم يعودوا.
تصفية الضيوف
ولم يكن «القاعدة» قد صب غضبه على أهالي الضلوعية فحسب وانما شملت التصفية الضيوف القادمين اليها بعد اشتداد قوتها واعلان دولة العراق الاسلامية، وتولى المسؤولية الأمنية على المدينة المقاتلون الأجانب واعلان الضلوعية جزءا من امارة اسلامية تابعة لولاية صلاح الدين.وبدأت مرحلة جديدة في الضلوعية على يد «القاعدة» اذا أمرت باسقاط الأعلام العراقية التي ترمز لمعالم حكومة العراق حين كان أبو عبيدة المغربي «الجزائري» القائد العام للمنطقة. ولما رأى الأميركيون قوة «القاعدة» في المنطقة أقاموا عند مدخلها الوحيد جدارا اسمنتيا عزل أهلها عن العالم لأكثر من شهرين وأغلقوا جسرها بقطع كونكريتية (اسمنتية) للسيطرة على المدينة التي بدأت بتوريد عناصر «القاعدة» الى المحافظات الأخرى.كما أزالت القوات الأميركية مساحات شاسعة من بساتين الضلوعية التي احترقت بنارين نار الأميركيين ونار «القاعدة» وتلون نهر الخضرة الفاتن بلون السواد ولم يتبق من أشجاره سوى جذوع سوداء استمرت شاخصة لتروي ما فعل «القاعدة» والاحتلال بنهر الخضرة والخير الذي استحالت أرضه الى يباب وخراب وباتت مساحته الشاسعة مكانا غير صالح للعيش بعد الحريق، وهذا ما شاهدته عندما زرت الضلوعية في عام 2009 وتحدثت مع أصحاب تلك البساتين الذين استحالت فرحتهم الى بؤس بسبب انهيار الزراعة التي كانت مصدر رزقهم الأساسي .
يقول الشيخ دحام وهو أحد وجهاء الضلوعية الذين شاركوا في أول مجلس محلي بعد الاحتلال ونالهم من التهديد والوعيد الكثير الا ان القدر شاء ان تبقى رؤوسهم فوق أجسادهم حتى الآن انه عند تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء كان العشرات من عناصر «القاعدة» يخرجون لممارسة التصفية الطائفية عند منطقة البوصليبي شرق الضلوعية،ولم يسلم أهالي المدينة المساكين الذين طحنتهم كل الظروف من التصفية الجسدية تحت راية التكفير والردة والتجسس والعمالة لصالح القوات الأميركية أو القوات الحكومية العراقية.
حدث ذلك رغم التأييد الواسع الذي حظي به «القاعدة» والمقاتلون العرب والذي فاق بقية الفصائل المسلحة الموجودة في الساحة، بعد ان دخل واثق عبد الله لطيف هو شقيق محارب الجبوري الذي أصبح الناطق باسم دولة العراق الاسلامية (وزير الاعلام) في صفوف «القاعدة «حيث كان بينه وبين أبومصعب لقاء وبيعة حقيقية على السمع والطاعة وكانت المناطق الواقعة شرق الضلوعية هي مناطق تواجد لـ «القاعدة» وكان أبو مصعب ينتقل الى ديالى حيث جرى قتله من قبل القوات الأميركية بقصف جوي منتصف عام 2006 عن طريق هذه المناطق، حيث كان يستقر في أحد المنازل شرق المدينة.
البيعة
يقول الشيخ دحام ان قيادات كثيرة لصلاح الدين وأحد ولاة الموصل وشخص سعودي الجنسية كانوا يتواجدون بالضلوعية وحضر من يمثل المدينة عسكرياً وهو أبو الحارث العراقي، وجرت بينه وبين أبومصعب الزرقاوي بيعة تم بموجبها اعلان اقامة خلية جديدة لتنظيم «القاعدة» تعمل في المدينة ثم توسعت الى المناطق المحيطة وباشرت أعمالها شأنها شأن بقية القواطع الأخرى. ويضيف: بعد البيعة صارت المدينة أكبر مأوى وحاضنة للمقاتلين الأجانب بعد ان فتحت الضلوعية صدرها لهم باعتبارهم يقاتلون المحتل وبدأت الجماعة تتوسع حتى أصبحت المدينة من أهم المناطق العسكرية للقاعدة رغم وجود ثلاث قواعد عسكرية للقوات الأميركية تحيط بها. ويتابع قائلا: توافد المقاتلون العرب بكثرة الى المنطقة.. سعوديون من تبوك ومن الرياض ومن بيشم.. يمنيون من حضرموت وغيرها .. تونسيون.. جزائريون.. مصريون .. سوريون حيث زار المنطقة أبو أنس الشامي وبعد ان تعرف على تضاريسها اتخذها معقلاً للأجانب بجنسيات عدة.


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
24-12-2011, 09:03 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور (11-20)
الرحلة من بغداد إلى الموصل تمر بسورية. . ومحاكم الأمراء الجوالة حكاية الكلب وابن آوى.. وذبائح الطريق البشرية في حسبة «التشفي السياسي»


9946284e-9f54-44dd-8717-f8815a54a853_mainNew.jpg

محمود الشناوي
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.
وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله. يقول محمد «أبو الجيس» الذي عمل لفترات ضمن صفوف المقاومة أنه بعد تعرض المقاتلين المتواجدين في مناطق سامراء التي تبعد حوالي 30 كيلومترا شمال الضلوعية لضغوط كان من الواجب البحث عن مدينة أخرى أو بيئة أخرى تحتضن هؤلاء المقاتلين فبحث «القاعدة» عن منطقة بديلة جغرافياً تأويهم لا تشاهدها الأنظار ولا تقترب منها قوات حكومية أو غير ذلك ما يشكل تهديدا للمقاتلين المنتمين لـ «القاعدة» توفر بيئة ملائمة لاحتضانهم وإخفائهم. ويضيف: لهذا اتخذ «القاعدة» المنطقة مقراً رئيسياً لتدريب المقاتلين حيث منطقة نهر العظيم التي تضم معسكرات التدريب الرسمية للمقاتلين الجدد من العراقيين أو العرب الوافدين للقتال في بلاد الرافدين وكان المعسكر تحت إمرة أبي عبد الكريم المصري وأبي إسحاق التونسي، والملا وأبو حنظلة السعودي وأبو مريم السعودي. ويتابع قائلا: كما كانت هنامعاقل لكثيرمن قيادات «القاعدة» ومراكز لتدريبه ومنطلق لشن هجماته وأصبحت المنطقة خطا رئيسا يربط صلاح الدين بديالى وكركوك والموصل، وكان «القاعدة» يتنقل ويتحرك لشن هجماته إلى المحافظات الأخرى وهو ما أدى إلى هجرة معظم أصحاب الأراضي بعد أن استحلها «القاعدة» وارتكب فيها أبشع الجرائم بحق من احتضنه وساعده من أهالي تلك المناطق، كما أدت الهجمات الأميركية ضد عناصر التنظيم بمشاركة قوات الشرطة والجيش وعناصر الصحوة إلى احراق نهر الخضرة الذي كان يمتد لمئات الأفدنة.
الدولة والإمارة
انحصر الصراع في ثنائية الدولة العراقية المنهارة والإمارة الإسلامية الناشئة الفتية بعد أن أعلن تنظيم «القاعدة» دولة العراق الإسلامية التي صار لها قانونها الخاص وقادتها وعناصرها ليحلوا محل الدولة الرسمية تحت سمع وبصر قوات الاحتلال الأميركي.
ويؤكد المقدم محمد خالد عبدالحميد قائد شرطة الضلوعية أن «القاعدة» في أثناء سيطرته على المنطقة قام بتدمير جميع الدوائر العائدة للشرطة، منها مديرية الشرطة التي تقع في منطقة الجبور وتم تفجيرها، كما تم تفجير مراكز الشرطة وسلب الأسلحة والتجهيزات الموجودة فيها.
ويضيف: كان «القاعدة» لا يرغب في وجود أي مظهرمن مظاهر الدولة في المنطقة، حيث كل موظف يستطيع أن يقول فلان لديه موظف يقومون بخطفه وتصفيته فورا وأصبحت المنطقة خالية من العسكريين ومن عناصر الشرطة وتوقف عمل الشرطة في منطقة الضلوعية ناحية الجبور تحديداً بشكل نهائي. ويوضح: كما جرى تحريم أي مَعلم من معالم دولة نوري المالكي التي يعتبرها «القاعدة» حكومة الاحتلال سواءً رفع العلم العراقي أو التواجد في دوائر الحكومة أو ارتداء الزي العسكري سواءً في الشرطة أو الجيش العراقي أو غيرها. ويؤكد أن كل ما من شأنه أن يعطي إشارة إلى أن هذا الشخص هو جزء من الدولة كان يتوجب عليه إما أن يتوب ويسلم سلاحه وإما أن يذوق ما ذاقه غيره من المدنيين الذين قتلوا أو اختفوا بعد اختطافهم.
ويقول إنه عندما تم استحداث جهازالشرطة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 كان الجميع يرفض الانضمام إليه خوفا من عودة صدام حسين إلى الحكم مجددا كما كانت تروى الحوارات الشعبية العراقية في ذلك الوقت وعندما أصبحت الضلوعية من أشد مناطق العراق سخونة بعد تشكيل المجموعات المسلحة كان الانتماء للشرطة أيضا أمرا يشوبه الكثيرمن التحفظات حيث كان الأهالي يناصرون المسلحين باعتبارهم مجاهدين في هذا الوقت وتحديدا حتى نهاية العام 2005 وهو ماخلق شعورا بالدونية لدى كل من ينتمي إلى جهاز الشرطة.
ويضيف قائد الشرطة أن المقاتلين المجاهدين كانوا يحظون بدعم لا نهائي من أهالي الضلوعية وعلى رأسهم قوات الشرطة وما يدل على ذلك أن القوات الأميركية حاصرت مجموعة من المسلحين الذين ينتمون لتنظيم «القاعدة» بعد تنفيذ عملية كبيرة ضد احدى الدوريات الأميركية في عام 2005 وفرت لهم قوات الشرطة الحماية اللازمة ووضعت كل امكانياتها تحت إمرتهم فاستخدموا سيارات الشرطة وارتدوا ملابس عناصر الشرطة وخرجوا من الحصار تحت سمع وبصر الأميركيين باعتبارهم قوات من الشرطة العراقية.
سقوط الأقنعة
ويشير إلى أنه عندما سقطت الأقنعة وظهرت الوجوه الحقيقية للمقاتلين سواء العرب أو العراقيين اكتشف الجميع أن هناك أجندات خارجية بدأت تدخل الى العراق ويريد المقاتلون تنفيذها بعد أن توجه سلاح المقاتلين يتوجه إلى صدورالأهالي خاصة العاملين مع القوات الأميركية من مترجمين وموظفين، فيما كان النصيب الأوفر من القتل يخص عناصر القوات الأمنية وبدأت الشكوك تحوم حول هؤلاء المجاهدين الذين استفحلت قوتهم وعجز الأميركيون أو تعاجزوا عن ردعهم ووقف أنشطتهم.
ويقول قائد الشرطة: تغيرت توجهات «القاعدة» وصيغته وثوابته واستفحل أمره وبدلا من أن كان جهة تقاتل قوات الاحتلال شأنه شأن الجماعات المسلحة الموجودة على الساحة العراقية إذا به جهة تترك المحتل يصول ويجول وتستهدف الإنسان العراقي تغير «القاعدة» بدرجة 360 إلى الشمال وليس إلى اليمين وانقلب على المواطن العراقي وكانت سيارة المحكمة الشرعية لدولة العراق الإسلامية ولاية صلاح الدين قاطع الضلوعية وهي محكمة يتواجد فيها قاض عراقي وقاض سعودي أو مغربي، ويتواجد معهم بعض الحماية لتأمين إقامة الحدود وأحكام التعزير على المواطنين الذين يختلفون معهم ربما في الفكر وفي المنهج وكانت مسؤولية المحكمة الشرعية التي كانت تجول في سيارتها صباح مساء إما تصفية وإعدام من ينتسبون إلى الحكومة العراقية وقتلهم أو اختطافهم والمساومة عليهم أو تطبيق أحكام الضرب المبرح وأخذ السلاح والهويات من التائبين عن العمل في الحكومة وتجعلهم تحت المراقبة في بيوتهم لا يخرجون منها إلى دوائر حكومية، كما كانت هذه المحكمة الشرعية معنية بتحريم بيع وشراء السجائر وفسخ عقود الزواج ممن تزوجن من قوات الشرطة.
ويرى قائد الشرطة أن الأميركيين ربما كانوا يريدون بتغاضيهم عن نشاطات المقاتلين خاصة المنتمين الى «القاعدة» أن يزيدوا من نقمة المجتمع المدنى عليهم حتى ينتفضوا ضدهم. . حيث تم اعتبار من يساهمون في أي تنظيمات مرتبطة بالنظام الرسمي العراقي عملاء من وجهة نظر المقاتلين أو الحكام الجدد للمنطقة وهو ما حدا بالكثير من شيوخ المنطقة وعلى رأسهم الشيخ عبدالحميد شويش إلى الانسحاب من أي تنظيمات محلية مرتبطة بالدولة العراقية أو القوات الأميركية.
العلامة الفاصلة
ويشير قائد شرطة الضلوعية الى أن حضور القائد في تنظيم دولة العراق الإسلامية «أبوعبيدة الجزائري» واسمه الحقيقي محسن كبير إلى الضلوعية كان العلامة الفاصلة، حيث صارت كل أمور المنطقة بأمره منذ العام 2006 وأصدر الكثيرمن الفتاوى ضد العاملين في الدولة والشرطة تحديدا منها أن من يزوج ابنته لشرطي يقام عليه الحد وتعتبر ابنته زانية وهو ما أدى إلى إضعاف موقف قوات الشرطة وأصبحت عاجزة حتى عن حماية نفسها وهو ما جعل الأهالي يلجأون إلى المقاتلين لحمايتهم وأخذ حقوقهم بعد أن حلت الإمارة الإسلامية محل الدولة العراقية الرسمية لوقت طويل قبل أن ينقلب السحر على الساحر ويتحول الاصدقاء والمناصرين إلى أعداء بفعل عناصر الدولة الإسلامية وجرائمهم البشعة التي يندى لها جبين الإنسانية والتي بدأت بفتاوى العهد الجديدة للإمارة الإسلامية ذات الصبغة المتشددة والغريبة في آن واحد.
فتاوى
وقبل أن نتطرق إلى حكايات المكتوين بنيران «القاعدة» وفكره التكفيري والجرائم المروعة التي كان يتم ارتكابها تحت مسميات وذرائع لا تمت للدين الإسلامي بصلة سنعرج قليلا على الفتاوى التي أصدرها قادة الإمارة الإسلامية بعد أن صارت الأمور لهم والتي كان يستوجب مخالفتها اشد العقاب الذي كان يصل الى القتل في كثيرمن الأحيان. حرمت هذه الفتاوى السجائر وتداولها حيث كان الباعة في المحال يلجأون الى لغة خاصة مع المشترين الذين يريدون شراء السجائر فكان المشتري يتفق مع البائع على كلمة «عدس» مثلا عندما يريد شراء السجائر لأنها لا تباع سوى خفية وفي السر وتحت جنح الظلام.. واذا تم ضبط أحد الأشخاص يدخن فكان يتم تعزيره في أول مرة ثم كسر أصابعه في المرة الثانية حتى يتطور الأمر الى قطع يد المدخن بالكامل.
قائمة المحرمات
وتمتد قائمة المحرمات لتطال لحم الماعز مثلا باعتبار أن عورة الماعز ظاهرة وهو حيوان غير مستور كما تم تحريم الثلج وهو مادة حيوية في صيف العراق القائظ بسبب عدم وجود كهرباء متواصلة تتيح تشغيل الثلاجات والمجمدات بشكل متواصل باعتبار أن الثلج لم يكن موجودا ايام الرسول الكريم وبالتالي فهو مادة محرمة لا يجوز استخدامها.. كما حرمت فتاوى «القاعدة» أكل الموز والايس كريم لما لهما من دلالات جنسية ويمتد التحريم الى «السلطة» باعتبارها تجمع بين الطماطم الأنثى والخيار الذكر وكذلك تحريم بيع الصنفين في مكان واحد. . في حين تم تحريم جلوس المرأة على الكرسي لأنه مذكر وتحريم تهذيب شعر السيدات أي الذهاب الى «الكوافير». وتمتد قائمة المحرمات لتطال الكثير من نواحي الحياة من دون تفسير عقلي يبرر هذا التحريم سوى رأي الأمير أو المفتي الذي كانت تجرى له عمليات المبايعة بشكل علني بعد نصب محكمة شرعية في الشارع العام ويتم توقيف العابرين إما المبايعة وإما قطع الرأس.
الواوي فرخ بالتبن
تقول الحكمة الشعبية العراقية: «لو ما كان الكلب حيز.. ما فرخ الواوي بالتبن».. وتعني هذه الكلمات أنه لولا أن الكلب الحارس للحقل متواطئ لما تمكن الثعلب من أن يعيش حتى ينجب في التبن (قش الأرز). . وهذا ماجرى في الضلوعية وغيرها من مناطق العراق فقد تمكن الثعلب من الحياة والتمدد ليصبح صاحب المكان وحاكم الزمان تحت سمع وبصر القوات الأميركية والحكومة العراقية التي وقفت عاجزة عن حماية منتسبيها وتركت قواتها الأمنية نهبا للحكام الجدد الذين اصبحوا يديرون معركة غيرمتكافئة لفرض النفوذ والسيطرة على البلاد والعباد تحت راية مزيفة هي «مقاومة الاحتلال وحكومته» أرادوا من خلالها نشر أفكار لا تمت بصلة للجهاد أو المجاهدين أو جميع القيم النبيلة للدين الإسلامي حتى أن المسلحين المنتمين لتنظيم «القاعدة» بعد أن فرضوا نفوذهم بالكامل على الضلوعية التي أصبحت أرض النار فعليا استحلوا مراكز الشرطة في المنطقة حيث قاموا في شتاء 2006 بهدم مبنى مديرية الشرطة واستولوا على كل الأسلحة والعتاد والسيارات وطلبوا من عناصر المديرية أن يلزموا منازلهم وعدم استخدام سيارات الشرطة التي باتت ملكا للمسلحين وعندما طلب مديرالشرطة بالضلوعية العون من شرطة المحافظة لوضع حد لما يجري أرسلوا تهديدا صريحا مكتوبا يقولون فيه للمقدم «إسماعيل»: يبدو أن سيارتك زايدة عليك.
وتحت وطأة التخويف والترهيب المتزامن مع تخلي الدولة عن سلطتها لصالح سلطة المسلحين وتغاضيها عن دورها في حماية عناصر قواتها الأمنية بات معظم هؤلاء إما منعزلاً في بيته لا يقوى على مجرد الظهور بالزي الرسمي أومتواطئ مع المسلحين يقوم بدورالمرشد لهم خاصة إذا عبرنقطة التفتيش صيد ثمين حتى تتلقاه احدى المجموعات المسلحة في الطريق وتقوم بعمل اللازم.
يقول شعلان العود إن نقطة تفتيش منطقة الإسحاقي التي تبعد حوالي 100 كيلو متر شمال بغداد في الطريق الى سامراء وتكريت كانت تقوم بهذا الدور على أكمل وجه وهو ما يسميه العراقيون «العلاسه» أو المخبر السري لتنظيم «القاعدة» حتى نهاية العام 2007.. حيث كانوا يقومون بعمليات تفتيش روتينية للعابرين والسيارات وإذا اكتشفوا وجود صيد سواء كان فردا أو مجموعة كانوا يبلغون عناصر «القاعدة» الذين يقومون بنصب نقطة تفتيش وهمية لا تبعد كثيرا عن نقطة التفتيش الرسمية ويوقفون المطلوب أوالمطلوبين ويصطحبونهم الى مراكز الاعتقال أو الذبح حيث يوجد طريق جانبي يؤدي الى صحراء الأنبار ومنطقة بحيرة الثرثار وهو طريق مهجور كان يستخدمه تنظيم «القاعدة» في تنفيذ عمليات الإعدام الفردي أو الجماعي ونصب المحاكم الشرعية التي تضم أمير المنطقة والمفتي الشرعي والسياف الذي يقوم بتنفيذ أحكام الإعدام.
ويضيف أن المفتي العام لهذه المناطق كان ملحدا من الطبيعيين، الذين يقولون أن الطبيعة هي التي خلقت نفسها وينكرون وجود الله تعالى تماما ويدعى على يوسف الجبوري «اللجي» حيث استمر على إلحاده حتى عام 2005 ثم انتمى بعد ذلك إلى تنظيم «القاعدة» وتولى منصب المفتي بدرجة أمير وكان يحكم المنطقة الممتدة من حدود بغداد حتى الموصل مركز محافظة نينوى ( 400 كيلو متر شمال بغداد).
مناطق مريبة
ومن المناطق المريبة التي كانت أشد خطورة بسبب غياب سلطة الدولة وتغافل الأميركيين عن نشاطات القاعدة والميليشيات منطقة تسمى (عقدة ـ 14)، وهى منطقة نفوذ مقسمة بين «القاعدة» وجيش المهدي حيث مناطق التماس بين الدجيل وبلد الشيعيتين والضلوعية والإسحاقي السنيتين وتتميز بكثافة مزارعها وبساتينها بالإضافة الى طرقها الوعرة والترابية خاصة تلك التي تمر في بلدة يثرب التي كانت معقلا لتنظيم «القاعدة» وكان الجميع سواء كانوا سنة أو شيعة يتحاشون المرور من هذا المكان المسكون بالموت لأنه لابد سيقوده الطريق الى منطقة نفوذ لا يستطيع النفاذ منها. ويتابع شعلان العود أن أبناء بلد الشيعية على سبيل المثال وهي تبعد حوالي 80 كيلو مترا شمال بغداد وتضم مرقد سيد محمد بن الإمام على الهادي عندما كانوا يريدون الذهاب الى كركوك التي تبعد 255 كيلومترا شمال بغداد وتحاشيا للمرور على المناطق السنية التي تسيطر عليها القاعدة مثل العظيم وجبال حمرين كانوا يسافرون الى بغداد ويستقلون الطائرة الى السليمانية في اقليم كردستان أقصى شمال العراق ثم يعودون برا الى كركوك في رحلة تستغرق أكثر من يوم بدلا من أن تستغرق حوالي ساعتين في الزمن المعتاد والظروف العادية. يقول عمار النزهان من أبناء الضلوعية وكان يعمل في أحد المعسكرات الأميركية قرب منطقة أبوغريب غربي العاصمة بغداد عندما كان يريد قضاء الإجازة مع أهله في الضلوعية التي تبعد 90 كيلومترا فقط شمال بغداد وتحاشيا للمرور على مناطق شيعية تسيطر عليها ميليشيا جيش المهدي أو غيرها من فرق الموت التي كانت تقوم باصطياد السنة وخاصة أهالي الضلوعية كان يضطر للسفر برا إلى سورية ثم يعود الى الموصل ومنها إلى الضلوعية عبر طرق ليس بها أي تواجد للميليشيات الشيعية رغم ما يعنيه ذلك من قطع مئات الكيلومترات وضياع الساعات الطويلة للعودة الى مقر إقامته الذي تحيط به طرق الموت من كل جانب.
 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
22-01-2012, 05:00 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور (12-20)
من بلد إلى سامراء.. أرض النار باتت نهباً للمتطرفين وحكام الموت المجاني الإبادة الجماعية المتبادلة.. الترانسفير الطائفي حلم «القاعدة» المسموم


62e0f112-98ee-475b-bc35-9493144ce358_mainNew.jpg

محمود الشناوي
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.
وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله. بدأت المحاولات مبكرا لاشعال الفتنة بين السنة والشيعة في تلك المنطقة من العراق وتحديدا بين الضلوعية السنية، وبلد الشيعية رغم ان المواطنين عاشوا في هذه المنطقة عشرات السنين دون ان يحدث بينهم أي خلاف على أساس المذهب أو الانتماء. وكانت الضلوعية إحدى المحطات المهمة للعابرين نحو مرقد الامامين العسكريين في سامراء حيث كانت تستقبل المواكب الحسينية الذاهبة لزيارة المرقدين المقدسين بينما كان أبناء البلدتين يعيشون في سلام ووئام حتى بعد سقوط نظام صدام حسين وتمركز القوات الأميركية في قواعد البلدتين الثلاث.
يقول «أبو الجيس» وهو أحد الشباب الذين انضموا الى تنظيم «القاعدة» بدافع الجهاد ومقاومة المحتل ان أبا عبيدة الجزائري القيادي البارز في التنظيم خطط ذات مرة لتسميم أهالي «بلد» من خلال دسّ سم بطيء المفعول في خط المياه الواصل الى بلدة بلد التي تضم أحد المراقد المقدسة لدى لشيعة وهو مرقد «السيد محمد بن الامام علي الهادي» حيث يرتاد الزوار البلدة في مواكب حسينية مثل التي يتم تنظيمها في زيارة باقي الأئمة مثل الامام علي والامام الحسين والامام موسى الكاظم عليهم السلام.
وكشف أبوالجيس عن هذا السر لأول مرة، حيث لم يعلن عنه «القاعدة» التي لم يعلم أحد من قادتها من الذي أفشى سر المحاولة وكذلك لم تعلنه أي من السلطات العراقية أو الأميركية ربما لعدم اثارة المزيد من القلاقل أو تنبيه أي فصائل أخرى لمثل هذه الأمور.
تسميم بلد
يقول الشاب الذي كفر بالتنظيم انه أفاق قبل الكارثة بعد ان علم بقيام تنظيم «القاعدة» بدفع عشرات الآلاف من الدولارات لشراء هذا المركب السام الذي كان مخططا ان يتم تذويبه واغراقه في المياه التي يشربها أهالي بلد لينتهي أمرهم بعد مرور ستة اشهر على أكثر تقدير لكن قام الشاب بتسريب الأمر الى أحد المسؤولين وتم اتخاذ التدابير اللازمة لحماية خط المياه والحيلولة دون وصول عناصر القاعدة اليه لتسميمه.
الا ان محاولات «القاعدة» لاشعال الفتنة بين السنة والشيعة في تلك المنطقة لم تتوقف وأعلن التنظيم في بيان رسمي وجوب ترحيل سكان مدينة بلد خلال أسبوع وعلى سكان المدينة ان يغادروها لأنها جزء من دولة العراق الاسلامية.
وفي شتاء العام 2006 وتحديدا الساعة الواحدة والنصف ظهر يوم 26 رمضان بتوقيت بغداد اختطف عناصر «القاعدة» 14 من عمال مدينة بلد بينهم اثنان من القصّر لم يتجاوز عمرهما 10 أعوام واقتادوهم في سيارة وتوجهوا بهم الى جنوب الضلوعية وهم يصيحون «الله أكبر» ورغم محاولات الأهالي التوسط لدى أبي عبيدة وغيره الا ان الحكم كان قد صدر وأبى قادة «القاعدة» الموجودون بالضلوعية الا ان ينفذوا فيهم حكم الاعدام.
يقول شعلان العود ان هذه المجموعة من العمال الشيعة كانوا بمثابة أبناء الضلوعية حيث ساهموا في بناء الكثير من بيوت البلدة السنية ومن بينها جامع «الامام علي» وكان بينهم شخص يدعى علي فاضل الذي تطوع ببناء بيوت للمسلحين عندما كانوا يرفعون شعار المقاومة ضد الاحتلال والجهاد على نفقته الخاصة الا ان هذا لم يشفع له لدى قاتليه الذين كانوا ينفذون أوامر باشعال الفتنة دون النظر الى أي اعتبارات أخرى أو مراعاة لقيم وتقاليد ترفض قتل صبيين لا يتجاوز عمر كل منهما عشرة أعوام.
وقام أحد كبار ضباط شرطة الضلوعية بتسليم جثث الأبرياء الـ 14 الى قيادة شرطة بلد وبذل محاولات للتخفيف من وطأة الجريمة، الا ان أيادي خفية قامت بالتمثيل بالجثث لاثارة المزيد من الفتنة ما أشعل نار الغضب التي أذكتها أطراف تريد الصيد في الماء العكر وفتحت تلك الواقعة الباب على مصراعيه لبعض الميليشيات الشيعية التي جاءت من بغداد الى مدينة بلد ان تنتقم وهو ما أدى الى تصفية أكثر من 50 سنياً أيضاً في المدينة التي سيطر عليها جيش المهدي بالكامل لتبدأ موجة من القتل والاختطاف والتهجير القسري طالت السنة وراح ضحيتها عدد من الذين يقيمون في المنطقة وانقطعت العلاقات تقريبا بين المدينتين كما واكب ذلك عمليات انفصال وطلاق بين أزواج سنة وزوجات من الشيعة والعكس لتأخذ الفتنة مداها لمدة تزيد على العامين.
دماء على سجادة الصلاة !
في يوم 12 أبريل من عام 2010، كنت أشارك في مجلس عزاء المرحوم العقيد مشعان رميض حمادة بالضلوعية اقترب مني رجل رسم الحزن تعاريج شديدة الوضوح على قسمات وجهه النحيف قال لي بعد ان قدم نفسه على أنه الحاج كريم عبدالله محمد انه مازال يحتفظ بسجادة الصلاة الملطخة بدماء ابنه الذي ذبحه «القاعدة» وهو يؤدي الصلاة فوقها.
أضاف أنه كان يمتلك 800 رأس غنم يرعاها مع أولاده في أرض الضلوعية شديدة الخصوبة ويقدم كل الدعم للمقاتلين من عناصر «القاعدة» باعتبارهم مجاهدين ضد الاحتلال لكنهم ردوا الجميل بذبح ابنه البكر جزاء على كرمه الشديد معهم. وتابع قائلا انه كان يذبح لهم في كل مرة يأتون حيث مرعاه اثنين من الأغنام ويقدم لهم الطعام بيديه، الا ان زيارتهم في ليلة 31 يوليو من عام 2007 لم تكن ككل الزيارات السابقة حيث قرأ في عيونهم غدرا لم يدركه الا بصرخة ألم النهاية التي أطلقها ابنه البكر قبل ان يذبحوه وهو قائم يصلي العشاء وتسيل دماؤه الزكية على سجادة الصلاة.
يقول الحاج كريم - بنبرة ألم ورغبة في القصاص - ان عناصر «القاعدة» الذين كان يعرف بعضهم ويقودهم «واثق الحرامي» وهو من أبناء عمومته اقتادوه مع ابنه الأصغر وأغنامه وجثة ابنه البكر الى قبو تحت الأرض في أحد البساتين الكثيفة التي تنتشر في منطقة الكلعة الواقعة عند ضواحي الضلوعية ومارسوا بحقهم كل وسائل التنكيل والتجويع لمدة 15 يوما متواصلة قبل ان يطلقوا سراحه وابنه الأصغر الا أنهم احتفظوا بجثمان ابنه البكر الذي عثر عليه بعد ثمانية أشهر في احدى المناطق النائية.ويقسم ان الجثة كانت لشخص توفي منذ دقائق فقط وليس منذ ثمانية أشهر، لا رائحة، لا تآكل لاعلامات سوى آثار الذبح ومكان السكين الذي مازال يحتفظ ببقايا الدماء الطاهرة.
ويقول الحاج ان ابنه الأصغر الذي نجا من موت محقق معه انتقم من قتلة شقيقه عندما خرج مع قوات مشتركة من الشرطة والصحوات بعد ورود معلومات بتواجدهم في أحد المخابئ حيث تمكن الابن الأصغر من قتل ثمانية مسلحين بمفرده. ورغم انتقام الابن الأصغر واعتقال «الحرامي» الا ان الحاج كريم مازال ينتظر قصاصا عادلا حتى اليوم وتعويضا مناسبا عن أغنامه التي كان يبلغ عددها 800 رأس والتي ضاعت عندما ضاعت سلطة الدولة. ويضيف: لم يعد الراعي يجد ما يرعاه بعد ان تغافل الراعي الأكبر (الدولة) المسؤول عن الرعية وتنازل عن دوره وسلطته طوعا أو قهرا وترك الراعي الأصغر وأغنامه نهبا لذئاب العهد الجديد الذين استباحوا البلاد والعباد تحت رايات شتى.
لا أنام
يقول محمود محسن عباش الذي يعمل شرطيا بمديرية شرطة الضلوعية ان ابن عمه مقداد العبدون أمير الضلوعية، منع عنه النوم خوفا على حياة زهور عمره (بنتان وولد وزوجة طيبة) بعد ان بلغت التهديدات مداها من عناصر «القاعدة وأميرها الذي يجاور منزله بيته البسيط.يضيف: بدأت الحكاية في 18 أكتوبر من عام 2008 عندما كنت في واجب اعتيادي ضمن دورية للشرطة عند نقطة تفتيش الشهداء وسط الضلوعية واقتربت منه فتاة دون العشرين ترتدي الزي المميز لنساء المنطقة تعلوه العباءة السوداء الفضفاضة لتسأل عن «المفرزة الطبية» حتى تتلقى علاجا من ألم يعتريها ورغم اجابته على سؤالها استمرت في الاقتراب منه مع توتر واضح على ما يظهر من قسمات وجهها.. ومع زيادة اضطرابها أزاحت العباءة السوداء لتظهر أسلاك التفجير المؤدية الى الحزام الناسف الذي ترتديه الا ان محمود تناسى مصيره المحتوم في هذه الحالة واندفع نحوها بسرعة البرق ليدفعها مسافة عدة أمتار قبل ان تفجر حزامها الناسف بعد الصيحة المعتادة «الله أكبر».
وفي تلك الأثناء كان باقي جنود نقطة التفتيش قد تواروا خلف الجدران الاسمنتية القريبة واستمر اطلاقهم للرصاص في كل اتجاه تحسبا لهجوم مباغت ممن أرسل هذه الفتاة الانتحارية التي نجح «القاعدة» في تجنيدها لتقوم بقتل عناصر نقطة التفتيش مع اختيار توقيت دقيق هو تغيير الوردية حتى يتجمع أكبر عدد من الجنود وقت تسلم الواجب.
فتح محمود جهاز التليفون المحمول الذي يحتفظ عليه بفيلم قصير لنهايات المشهد المؤلم تظهر فيها بقايا الانتحارية وأشلاؤها المتناثرة جراء الانفجار الذي أطاح بكتلة اسمنتية كبيرة وأدى الى حريق محدود في بقايا النخيل الموجود بالمكان.
قال محمود ان الفتاة التي نفذت هذا الهجوم المروع كانت تتمتع بقدر كبير من الجمال ولم تتجاوز الثمانية عشر عاما الا ان شياطين الانس تمكنوا من اقناعها بتفجير نفسها انتقاما لزوجها علي ابراهيم فارس وهو ضابط شرطة ترك العمل في الشرطة وانتمى لتنظيم «القاعدة» وقتل في منطقة نائية مع أحد عناصر القاعدة ويدعى عبدالله الملك وقد اتهم في حينه الجيش الاسلامي بقتلهما.
وفي تلك الفترة كان قتال بين الجيش الاسلامي و«القاعدة» وكانت الشرطة في الضلوعية بتوجيه من الأميركيين تغض الطرف عن الجيش الاسلامي، لاستمرار عمليات التصفية لعناصر الفصيلين.
ويروي محمود كيف بدأت مضايقات تنظيم «القاعدة» وتوالت التهديدات ليترك عمله في الشرطة الا أنه اصر على البقاء بعد ان اقترب كثيرا من الموت وكاد يلقى حتفه في هذا الهجوم الانتحاري.. الا ان النوم ظل عصيا عليه أشهر عدة حتى تم تطهير الضلوعية بالكامل من عناصر» القاعدة» والمسلحين.
حويجة الجابر
في قلب نهر دجلة تمتد مساحة واسعة من الأرض شديدة الخصوبة لنحو 15 دونما تضم بساتين كثيفة من البرتقال والليمون والتفاح ومختلف أنواع الفواكه الصيفية والشتوية تسمى حويجة الجابر حيث تواجه مجموعة من المنازل الفخمة تسمى «الجوانين» أو منطقة مشروع الماء. كانت هذه المنطقة محرمة على الجميع بمن فيهم ملاك أراضيها وبساتينها الخصبة حيث كانت تخضع لنفوذ قادة «دولة العراق الاسلامية».. لا يستطيع أحد ان يسبح في نهر دجلة المحيط بها ولا يستطيع فلاح الوصول اليها بعدان صارت تلك البقعة الخصبة مزروعة بالموت تفوح منها رائحة البارود وتحول «دجلة الخير» الى نهر من الدماء ليس فيه سوى الكراهية والموت.
تحولت تلك الجزيرة شديدة الخصوبة أيضاً الى مخازن للأسلحة والمتفجرات تحت قيادة قادة «القاعدة» ملاذا آمنا ومخزنا لأسلحتهم ومقرا لاحدى محاكمهم التي تنتهي في أغلب الأحوال الى الاعدام وذلك بسبب موقعها الفريد وسط مياه نهر دجلة بناحية الضلوعية وما يتوافر لها من حماية طبيعية بالمياه تجعل الوصول اليها مستحيلا الا بانزال جوي محفوف بالمخاطر. في منطقة «الجوانين» المواجهة لحويجة الجابر كان يقع منزل «حاجي خالد» وهو الأمير العسكري لمحافظة صلاح الدين الذي انتقل فيما بعد الى منطقة بات يطلق عليها «حي الوزراء» في أطراف الضلوعية.
وعلى بعد 150 مترا تقريبا من منزله يقع منزل أحد أمراء «القاعدة» الخطرين وهو عدنان خليل فرج الذي صدر بحقه حكم بالاعدام في 29 أبريل عام 2008 في قضية اختطاف وقتل الشيخ ناجي جبارة الجبوري بينما ثبت تورطه فيما بعد في جريمة بشعة كان ضحيتها أحد وجهاء المنطقة ويدعى شكر محمود حسين الذي كان بمثابة عم لعدنان الا ان تلك القرابة لم تمنع تنفيذ الحكم الصادر بحقه من قادة الدولة الاسلامية ليلقى مصيره المحتوم بسبب صراحته الزائدة وانتقاده الدائم لجرائم تنظيم «القاعدة» التي كانت قد بلغت ذروتها عامي 2006 و2007.
يقول أحد سكان المنطقة (رفض ذكر اسمه) انه تم تنفيذ حكم الاعدام في الشيخ شكر بعد اتهامه بالابلاغ عن مخزن سلاح تابع لتنظيم «القاعدة» رغم ان الرجل مشهور بشهامته ورجولته وأخلاقه الطيبة ورفضه القاطع للتعاون مع الاحتلال.
ولم تتوقف الجريمة على قتل الرجل بل تجاوزتها الى قتل ابنه محمود بعد ان توصل الى خيوط تقود الى مرتكبي جريمة قتل والده قرر على أثرها الانتقام فيما تم قتل زوج ابنة شكر لأنه كان شيعيا من أهل الجنوب رغم ما يحظى به من مكانة في منطقة الضلوعية السنية بسبب أخلاقه.
لكن عندما زرت «أرض النار» للمرة الأخيرة في صيف عام 2010 كانت الجزيرة «حويجة الجابر «قد استعادت نضارتها بعض الشيء وقمت بجولة نهرية في قارب صغير يطلق عليه العراقيون «بلم» بفتح الباء واللام كنت أشارك في قيادته بتحريك أحد مجدافيه بينما يحيطني أطفال من المنطقة يسبحون حاملين براءتهم على سطح النهر هرباً من حرارة الصيف الذي تجاوزت درجات الحرارة فيه المعتاد.


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
11-03-2012, 05:37 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور (13-20)
15 ساعة من التحقيقات مع أمير «شاذ عقلياً» كشفت جرائم لا تخطر ببال حرامي و«ابن حمدة».. حرب «القاعدة» الأهلية بين العراقيين والعرب


8b21a777-ae7d-430b-8664-c30e482534b8_mainNew.jpg

محمود الشناوي
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.
وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله. من الروايات المثيرة التي تؤكد وجود أمور مريبة وتقاطعات للمصالح بين أطراف نافذة كانت تعمل على استمرار تدهور الأمور بدعم كل الجهات التي تمارس العنف والتخريب بالعراق رغم التناقض الفكري والمذهبي هي رواية أبو عبدالله محارب الجبوري الذي كان يحمل لقب وزير الاعلام بدولة العراق الاسلامية وكان يتولى منصب «أمير الشمال» حيث تمتد منطقة نفوذه من بغداد حتى كركوك التي تبعد حوالي 255 كيلو مترا والموصل (400 ) شمال بغداد .
كان الأمير/ الوزير موظفا في كلية صدام للحقوق التي يقع مقرها في منطقة الكاظمية، وهي منطقة خاضعة بالكامل لنفوذ جيش المهدي، وسميت الكلية بعد ذلك « كلية الحقوق» حيث كان محارب يدرس الماجستير وتضطره وظيفته ودراسته الى الذهاب بشكل دائم شبه يومي الى المنطقة الشيعية الخاضعة لنفوذ خصوم «القاعدة» الألداء كما هو ظاهر للجميع وهم عناصر الميليشات الشيعية دون ان يتعرض لأية مشاكل أو حتى توقيف .
سرايا الغرباء !
حمل محارب الجبوري في البداية لقب «أمير سرايا الغرباء» بعد ان اتخذ طريقا مغايرا لرفاقه حيث تولى مؤيد متعب سالم منصب «أمير شمال بغداد للجيش الاسلامي» الذي خاض قتالا ضاريا فيما بعد مع تنظيم «القاعدة» في عدة مناطق بدعم من القوات الأميركية، بينما اختار أبو منار العملي خط «المرجئة» وهو خط سلفي لايحمل السلاح، وهؤلاء الرفاق وغيرهم كانوا ضمن التيار السلفي الذي برز بالعراق عام 1999 حتى بدأ استقطاب الشباب المتدين ليتلقى دورات اسلامية تدرس الفكر المتشدد وهي الدورات التي خرجت أمير تنظيم «القاعدة» في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي. وبعد احتلال العراق في أبريل عام 2003 تبنوا مثل غيرهم من العراقيين خاصة الملتزمين دينيا قضية مقاومة الاحتلال الا ان الصراع العشائري بين محارب الذي صار أحد أمراء القاعدة ومؤيد متعب الذي صار أميرا للجيش الاسلامي دفع بمحارب الى استغلال المقاتلين العرب الراغبين في الجهاد ضد الأميركيين وتدعيم قيادته داخل تنظيم «القاعدة» ثم دولة العراق الاسلامية حتى صار الرجل الثالث فيها قبل الاعلان عن مقتله الغامض في منطقة الغزالية غربي العاصمة بغداد الذي تضاربت حوله الروايات الرسمية أميركيا وعراقيا وحتى بين عناصر تنظيم «القاعدة» أنفسهم .
يقول أحد الشباب الذي عمل فترة طويلة تحت راية «القاعدة» لمقاومة الاحتلال (رفض ذكر اسمه) ان المقاتلين العرب أحكموا سيطرتهم على تنظيم «القاعدة» وخاصة قائد يدعى «أبو الفدا»، وبدأوا في اصدار الفتوى الغريبة والدعوة الى اغلاق المدارس والجامعات وتعطيل الحياة والمؤسسات الخدمية بدعوى أنها ضمن ولاية الاحتلال الأميركي بالاضافة الى منع النساء من السير والخروج الى الشارع وغير ذلك من الفتاوى وعلى رأسها اغلاق مديرية الشرطة بالضلوعية وعدم مصاهرة أي عنصر من الشرطة وهو ما أثار الناس ضدهم ودفع بالقيادات العراقية الى الاعتراض.
الاجتماع القاتل
وأضاف: أصدر محارب الجبوري فتوى بعزل 27 من الولاة العرب والوقوف ضد تلك الفتاوى وتابع: تم توجيه الدعوة الى محارب لحضور اجتماع هام في العاصمة بغداد لتصفية الأجواء وانهاء الخلافات بين القادة العراقيين في تنظيم «القاعدة» والقادة العرب الذين قويت شوكتهم وأصبح الأمر بيدهم وتم قتله في المكان المحدد للاجتماع، لكن تولت القوات الأميركية والعراقية أمر الاعلان عن مقتله ونشر صور لجثته التي بدت منتفخة وتؤشر الى مرور عدة أيام على مقتله عندما تم عرض صور الجثة على شاشات التليفزيون ما يدل على أنه تم العثور على الجثة بعد مقتله وليس كما أعلن وقتها عن مقتله في عملية عسكرية مشتركة . ويقول صحافي عراقي من الذين كانوا يرتبطون بصلات وثيقة مع قادة «القاعدة» ان الشيخ نجم النعيمي الذي كان يتولى منصب والي صلاح الدين أمر بتفجير مبنى ادارة حماية الطرق الخارجية في منطقة البوعجيل التابعة لتكريت مركز محافظة صلاح الدين( 175 كيلومترا شمال بغداد) من خلال هجوم انتحاري راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى وهو الهجوم الذي أثار خلافا شديدا بين قادة «القاعدة «المحليين والقادة العرب .
يضيف: جاءت الأوامر الى أحد أهم القادة العرب ويدعى عيس الريس، وكان مقربا من محارب الجبوري، بالذهاب الى سورية ليلتقي بمسؤول «القاعدة» لمنطقة شرق أوروبا، وكان الهدف من اللقاء تزكية المقاتلين العرب ومنحهم دورا أكبر وهو ما أدى الى تمكن هؤلاء المقاتلين من السيطرة بشكل شبه كامل على المناطق وأصبحوا قادة فعليين للعمل العسكري وهو ماحدا بمحارب الجبوري الذي كان يعتبر الرجل الثالث بالتنظيم في ذلك الوقت الى اصدار قرار بحل التنظيمات وتصفية بعض العناصر ما أثار عليه بعض القيادات العربية بالتنظيم داخل العراق ودبروا له كمينا في بغداد وقتلوه وأبلغوا بعد ذلك القوات الأميركية والعراقية بمكان الجثة.
ويؤكد الملا ناظم الجبوري، وهو أحد الأفراد الستة الذين أسسوا مجلس شورى المجاهدين بالعراق وكان أحد أهم قيادات الدولة الاسلامية قبل ان ينقلب على تنظيم «القاعدة» ويؤسس مجلس اسناد الضلوعية الذي طرد التنظيم مع قوات الصحوة، ان محارب الجبوري لم يقتل على أيدي القوات الأميركية أو القوات العراقية وانما قتله «القاعدة» وتحديدا المقاتلون العرب بعد خروجه على توجهاتهم بسبب الصراع بين القيادات العراقية والعربية داخل التنظيم.
ويضيف ان هناك العشرات من قيادات «القاعدة» تمت تصفيتهم بسبب ذكرهم كلمة خوارج أو اختلافهم على تولي العرب لامارات معينة، أو بسبب مخالفتهم لقتال الجيش الاسلامي أو اظهار صور جنود الجيش الاسلامي على الاعلام وهو يعدمون من قبل تنظيم القاعدة.
من أرباب السوابق
وكان من أهم قادة «القاعدة» في ذلك الوقت وليد عبدالله عياش وهو أمير بدرجة والي تقع تحت مسؤوليته القيادية وفق منظومة «القاعدة في بلاد الرافدين» المنطقة التي تغطي الطريق من بغداد العاصمة الى قضاء بلد (80 كيلومترا شمال بغداد). كان هذا الأمير القائد لصا من أرباب السوابق وتحول الى أمير يدين له المئات وربما الآلاف من المقاتلين بالولاء والطاعة وكانت اشارة واحدة من يده الملوثة بجرائم السرقة كفيلة بانهاء حياة أحد العابرين على هذا الطريق مهما كانت درجته العلمية أوصفته الشخصية أو مكانته العشائرية. ويبدو ان درجات الامارة كان يتم توزيعها بقدر كميات الدماء التي يتسبب القاتل في هدرها ولهذا كان عياش أميرا من الوزن الثقيل وأصبح اعتقاله الذي جرى في خريف عام 2007 بمثابة الامساك بكنز من المعلومات.
ويقول أحد المسؤولين الأمنيين (رفض ذكر اسمه) ان معلومات وردت للقوات الأمنية بوجود الهدف (عياش) في منطقة زراعية يحيطها جبل وتلال ووديان تسمى خرنصر وهي محاذية لمحافظة ديالى ويقود واديها الممتد الى منطقة نهر العظيم على الحدود بين محافظتي ديالى وصلاح الدين حيث خطوط الامدادات الرئيسة لمقاتلي تنظيم «القاعدة».
ويضيف: جرى التنسيق بين قوات الشرطة وعناصر الصحوات ورجال العشائر الذين استعدوا لهذا الصيد الثمين بكل ما يلزم من العدة والعتاد والرجال فالأمير اللص لم يكن مجرما بالشبهة وانما صدرت ضده عدة أحكام بالاعدام في جرائم كان مسؤولا عنها أما بالفعل أو الأمر.
ويتابع: بعد معركة ضارية بين مقاتلي «القاعدة» من عناصر حماية الأمير اللص والقوات المشتركة تم القاء القبض على عياش الذي كان أول أمير من تنظيم «القاعدة» يتم اعتقاله وجرى احتجازه في سجن تكريت الواقع داخل أحد القصور الرئاسية وسط تكريت وتتولى قوة عراقية ادارته الا أنه تمكن في عملية نوعية من الفرار مع 15 معتقلاً من عناصر «القاعدة» مساء 24 سبتمبر من عام 2009 بعد ان قاموا بخلع نافذة دورة المياه وتسللوا عبر سلالم أحد أبراج المراقبة.
وأوضحت التحقيقات الأولية ان هؤلاء المعتقلين الخطرين ربما تلقوا مساعدة من الداخل ولهذا صدر قرار بطرد العقيد محمد صالح الجبوري مسؤول جهاز مكافحة الارهاب في المحافظة وتوقيف عدد كبير من المنتسبين لادارة السجن. وتمكنت القوات الأمنية من اعتقال الأمي اللص بعد يومين من فراره في مزرعة بمنطقة البوعجيل القريبة من تكريت وتبين أنه كان العقل المدبر لعملية الهروب الكبير .
الزعيم الحرامي
أما الحرامي فهو واثق عبد الله لطيف الجبوري شقيق محارب الجبوري وزير اعلام دولة العراق الاسلامية الذي نصبه أميرا على ولاية صلاح الدين وتتناقض الروايات حول تسميته بالحرامي وهو لقب جده الرابع، ويقول شهود عيان «أصبح للحرامي شأن كبير في دولة العراق الاسلامية خاصة بعد مقتل شقيقه الوزير فصار صاحب المشورة والرأي في كثير من القضايا والمخطط لجرائم بشعة تم تنفيذ الكثير منها فسالت دماء الأبرياء» .
وللحرامي جريمتان شهيرتان أحدهما لم تنفذ والأخرى نفذت والاثنان من البشاعة بحيث يطلق على مخططها (الحرامي) لقب سفاح عن استحقاق أما الجريمة التي لم تنفذ بحسب الشهود فهي عملية اختطاف الشيخ حسين على صالح شيخ الجبور بالضلوعية وهو رجل يمتلك الكثير من الحكمة والثروة ويحظى بحب واحترام بالغ من الجميع، وبعد أخذ الفدية التي تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات الأميركية يتم قتل الشيخ كما جرت العادة وعند تشييع الجنازة التي كان يفترض ان يرتادها المئات من الشيوخ والوجهاء والمواطنين من أبناء عشيرة الجبور لوداع شيخهم يقوم انتحاريون من «القاعدة» بمهاجمة المشيعين بسيارات مفخخة وقنابل وهي جريمة لو تم تنفيذها بهذا التخطيط المحكم فان الضحايا من القتلى سيكونون بالمئات .
أما الجريمة التي أشرف الأمير الحرامي على تنفيذها فراحت ضحيتها أسرة بكاملها حيث أصدر المجرم أمرا بقتل المقدم زياد ابراهيم خليل قائد سرية الحرس الوطني السابق بالضلوعية خلال عامي 2005 و2006 وهو مشهور بوطنيته وحبه لأهله حيث استقال بعد رفضه مشاركة القوات الأميركية في عملية عسكرية بمدينة سامراء، ورغم استقالته الا ان حكم الاعدام قد صدر بحقه من قبل تنظيم «القاعدة» حيث تم قتله بعد قتل ابنه أمام عينيه وهو ما أدى الى وفاة الزوجة المكلومة بفقدان الزوج والابن أمام عينيها .
ابن حمدة
ماذا يمكن ان يصدر عن شخص تآمر على قتل والده بعد ان قام هذا الوالد والزوج المخدوع بقتل ابن عمه اثر اكتشاف علاقة غير شرعية بينه وبين زوجته حمدة.. كيف يمكن ان يكون سلوك «ابن حمدة» عندما يصبح بيده أمر البلاد والعباد. وكيف يمكن تصنيف الحالة النفسية لرجل ينسب الى والدته التي يعلم الجميع سلوكها بعد ان غيب السجن والده عندما ارتكب جريمة قتل دفاعا عن شرفه؟.. ماذا يمكن ان يفعل «ابن حمدة» عندما يتولى منصب قائد سرية الاغتيالات في تنظيم بات الأمر بيده عندما غابت سلطة الدولة الحقيقية ليحل محلها مستندا الى فكر يعتبر الجميع كفارا ما لم يكونوا ضمن عناصر هذا التنظيم؟
عندما تسلمت القوات العراقية «ابن حمدة» واسمه الحقيقي خلف من القوات الأميركية نهاية عام 2008 بعد ان بدأ سريان الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن وبدأت نهايات تنظيم القاعدة في المناطق السنية التي مثلت الحواضن والملاذات الآمنة للتنظيم كانت بداية سقوط الأقنعة..وبينت الاعترافات كيف كان القتل غاية والتشفي متعة والشر مذهباً والحقد مبدأ. ويقول قائد شرطة الضلوعية الحالي المقدم محمد خالد عبد الحميد كيف صدر أمر اعتقال ابن حمدة من جانب قوات الشرطة بلا سبب واضح غير أنه مطلوب لديهم رغم تواجدهم طوال الوقت بالمنطقة التي كان يمارس فيها جرائمه على مرأى ومسمع منهم. ويضيف ان قواته وضعت خطة لاعتقال أو قتل «ابن حمدة» عندما كان يزف الى عروسه في حفل زفاف اسلامي لقطع رأس الفتنة بعد ان استباح المنطقة وحتى يكون انذارا لما تبقى من فلول تنظيم «القاعدة» بأنه لا سكوت بعد اليوم على جرائمهم التي طالت الجميع، حيث تم رسم الخطة لتتبع موكب العرس ومحاصرته لاعتقاله أو قتله. وتمكنت قوات الشرطة من تحديد السيارة التي يستقلها «ابن حمدة» حيث كان متخفيا في زي امرأة ويستقل سيارة مع مجموعة من النساء حتى يصطحب زوجته من منزلها وألقت القبض عليه بدون أي نقطة دم عندئذ ظهرت القوات الأميركية وطلبت اصطحابه لأنه مطلوب لديهم حتى استعاده العراقيون ليبدأ مشوار كشف الحقائق .
جرائم الأمير العراقي!
ويتابع : على مدى 15 ساعة استمرت التحقيقات مع «ابن حمدة» بدأت من الثالثة عصرا وحتى السابعة صباحا وكان المحقق شقيق أحد الضحايا حيث يتولى مركزا أمنيا مرموقا ورفض نصائح الزملاء على ألا يكون ضمن فريق التحقيق حتى لا يفقد أعصابه عندما تبدأ اعترافات القاتل ويصف كيف نفذ جريمته في شقيقه بلا رحمة أو ضمير عندما تلقى أمرا بذلك من أميره العسكري «أبو عبيدة الجزائري» الذي جرى اعتقاله فيما بعد ويوجد حاليا في سجن «المشتركة» بتكريت انتظارا للقصاص العادل.
روى «ابن حمدة» كيف ارتكب جريمته عندما اقتحم مع مجموعة مسلحة بيت سبهان خلف حمد الموظف في مفوضية الانتخابات عندما كان يقضي ليلة صيفية هادئة مع زوجته وأولاده في حديقة المنزل هربا من قيظ يوليو وأبلغوه ان قرارا باعدامه صدر بحقه وأنهم جاءوا لتنفيذه وعندما سألهم عن السبب قالوا نحن ننفذ حكم الاعدام فقط عندما يأمرنا قائدنا العسكري الذي يأمر غالبا باعدام المرتدين حيث ان الموظف في الدولة العراقية يعتبر مرتدا في حكم «القاعدة».
يقول ابن حمدة ان سبهان توسلهم ألا ينفذوا حكم الاعدام أمام زوجته وأطفاله بعد ان نطق الشهادتين الا ان الأمر قد صدر بتنفيذ الاعدام على مرأى من الأسرة لبث الرعب الشديد في نفوس أفرادها ونفوس كل من يفكر في التعامل مع السلطة التي يعتبرها تنظيم القاعدة كافرة. وتوسلت الزوجة بان يرحموا زوجها فهو موظف لايؤذي أحدا والوظيفة هي مصدر دخله الوحيد.. الا ان كل التوسلات وبكاء الأطفال لم يثن كتيبة الاعدام التي سارعت باطلاق رصاصات الغدر في رأس وصدر سبهان .
واعترف ابن حمدة بكل الجرائم الأخرى التي ارتكبها تنفيذا لأوامر أبي عبيدة الجزائري، والتي كان آخرها قتل أحد الشباب الذي كان ينوي الالتحاق بكلية الشرطة حتى يكون أيضا عبرة لغيره من الشباب الذي يمكن ان يفكر في الانتماء لقوات الأمن العراقية .
كما اعترف ابن حمدة كيف تآمر على قتل والده عندما أنهى عقوبة السجن لمدة 17 عاما، وقال انه اتفق مع أبناء عمومته على استدراج أبيه الذي خرج من السجن ودفع الفصل العشائري الذي قضى برحيله من البلدة الى كركوك وذلك باعطاء الوالد الأمان حتى يعود الى بلدته ويعيش وسط أهله وأبنائه وعندما استجاب الرجل رغبة في انهاء حياته وسط أهله نصب الابن كمينا لوالده انتقاما منه على التشهير بأمه وقتله بدم بارد.
يقول القادة الأمنيون في الضلوعية ان الظروف غير الطبيعية والشاذة التي نشأ فيها ابن حمدة جعلت منه شخصية شاذة وكان يبحث عن أي دور في مجتمعه العشائري الذي لا يقيم وزنا لمثله حتى حانت الفرصة وأصبح أحد أهم عناصر تنظيم القاعدة ليمارس كل ما يمكنه من جرائم مرعبة ويفرض سطوته ضمن دولة أقامها حكام المرحلة الجدد وفرضوا قانونها الخاص الذي لا يقيم أي وزن لغيره من القوانين.


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
14-10-2012, 11:23 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور (14-20)
روايات متعددة لنهاية واحدة.. العراقيون اختنقوا من «الموت بلا سبب» انقلاب الصورة.. مقتل الزرقاوي وانهيار «حصن الضلوعية» الآمن 0 0 عدد القراء: 1573
248572_7_mainNew.jpg

محمود الشناوي
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.
وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله. يقول أحد المختطفين على أيدي «القاعدة» رفض ذكر اسمه إنه تم احتجاز مجموعة من الشباب من قبل التنظيم بأمر أبي عبيدة الجزائري ومورس بحقهم شتى أنواع التنكيل والتعذيب، قبل أن يطلق سراحهم بعد أيام عدة ما عدا أحدهم جرى تنفيذ حكم الإعدام فيه.
ويضيف «في البداية تم اقتيادهم إلى ناحية مسعدة القريبة من الضلوعية وتسليمهم بعد ذلك الى مجموعة أخرى اقتادتهم إلى ناحية بن جبير في محافظة ديالى وبعد وجبة تعذيب تم احتجازهم في بيت ريفي يعود إلى مايسمى بـ «الهيئة الشرعية لتنظيم القاعدة» وجرى تقسيمهم إلى قسمين حيث تم التحقيق معهم بواسطة أبي عبيدة نفسه بتهمة تشكيل تنظيم يسمى «الرايات السود»، الذي يتهمه «القاعدة» بالتحريض ضده وقتاله بسبب منشورات كانت توزع في مناطق عدة تحمل شعار التنظيم.
يقول المختطف إن حديثا دار بينه وبين أبي عبيدة عن أمور شرعية أهمها رفض السلفيين قتال الشيعة وكذلك رفض إعلان الدولة الإسلامية في ظروف مثل تلك التي يمر بها العراق. ويضيف أن عناية الله هي من ألهمت الأمير «القاعدي» إطلاق سراحهم بعد أن عجز عن الرد علي حيث سألته: أتقتلون رجلا لمجرد شهادة غير وافية الأدلة، فقال له أبوعبيدة «نحن نقتل الشخص لمجرد الشبهة وعلى الله حسابه فإذا كان مظلوما غفر له الله». ويتابع: سألته.. لماذا تكفرون الجيش والشرطة لأنهم يداهمون المساجد بالسلاح والأحذية وأنتم داهمتم مسجدنا بالطريقة نفسها فرد أبوعبيدة «إن ما يجوز للجهاد لا يجوز لغيره ونحن نفعل أي شيء لصالح الجهاد والمجاهدين».
ويؤكد المختطف الناجي أن المناطق التي تم اقتيادهم إليها والتحقيق معهم فيها كانت تحلق فوقها المروحيات الأميركية وكان صوتها ملحوظا جدا لأنها كانت تحلق على ارتفاعات منخفضة.
وفى وثيقة جديدة حصلت عليها عبارة عن أوراق التحقيق مع أحد قيادات «القاعدة» اعترف فيها بأن المختطف الوحيد الذي تم قتله في هذه العملية يدعى زهير، حيث جرى إعدامه حتى قبل التحقيق معه بسبب شهادة من أحد القيادات بأنه استقبل أميركيين في بيته وضيفهم وهى جريمة رآها القاضي الشرعي سببا كافيا لتنفيذ حكم الإعدام في الرجل الذي كانت كل جريرته أنه أحد موظفي الدولة العراقية.
الذبح بالمنشار الكهربائي
يقول أبوعمروهو يتولى مركزا مرموقاً في إحدى الوزارات الأمنية العراقية، إنه التقى ذات مرة بمقاتل سوري كان أميرا لمنطقة تمتد من الضلوعية لتشمل مناطق نفوذ «القاعدة» في الطريق إلى سامراء وخاصة منطقة الإسحاقي وروى له كيف غادر العراق وترك منصب الإمارة في الدولة الإسلامية بداية العام 2007 عندما طلب منه قياديون بالتنظيم ترك مهمة ضرب القوات الأميركية والتوجه لتنفيذ عمليات ضد الموظفين ومنتسبي القوى الأمنية وخاصة القيادات من أبناء الطائفة السنية لإجبارهم على ترك العمل.
ويقول المقاتل إنه تولى إمارة المنطقة بدلا منه شخص يدعى «أبو رحمة» لم يكن يذكر أهالى المنطقة اسمه إلا متبوعا بالقول «الله لا يرحمه» وقد نفذ هذا الأمير مخطط الفتنة كما هو مرسوم بل مارس من عمليات القتل والاختطاف والتعذيب ما لم يكن مطلوبا منه.
كان اسمه الحقيقي «أواب الخلايلة» يرتبط بصلة قرابة مع أمير تنظيم «القاعدة» في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي (ابن خالته) يثيرالرعب لمجرد ذكر اسمه حيث تبنى أقصى درجات العنف والقسوة البالغة وكان يجد أي مبرر للقتل وكان يفضل استخدام المنشار الكهربائي في عمليات الذبح، وكان ينتقي عناصره من الساقطين وأرباب السوابق ويمدهم بالمال والسلاح حتى يمارسوا كل أنواع الترهيب والتعذيب بحق الأبرياء.
حي الوزراء
عند نهاية الشارع العام لناحية الضلوعية وقبل مسجد الإمام علي بن أبي طالب عرجنا إلى ممر ضيق غير معبد يطلق عليه اسم «ممر التورنة» وتعني باللهجة العراقية «المخرطة» حيث كان يتم فيه تصنيع السلاح والمتفجرات ويجري به تفخيخ السيارات لتنطلق إلى مقصدها يؤدي هذا الممر إلى منطقة على ضفاف نهر دجلة كانت تسمى «نقرة الشرح» حيث كانت منخفضا من الأرض تدخل إليه مياه فيضان نهر الخير.
كان يقيم فى «نقرة الشرخ» ثلاثة من كبار قادة تنظيم «القاعدة» هم علي اليوسف وهو المفتي الشرعي لولاية صلاح الدين وفق التنظيم الإداري لدولة العراق الإسلامية وخالد الحبيب الملقب بـ «حاجي خالد» وهو الأمير العسكري لقاطع سامراء حتى محافظة ديالى بالإضافة إلى «وهاب الصحو» الذي كان يشغل منصب أمير سرايا الغرباء وهو المسؤول عن عمليات الاغتيال التي تستهدف العراقيين خاصة «الجنود والمترجمين وعناصر الشرطة» وكذلك وليد عبدالله العياش وهو أمير لواء سامراء وهو ما جعلها تحمل اسم «حي الوزراء». يقول أحد سكان المنطقة التي تحاذي حي الوزراء إنه كان يجري التخطيط والانطلاق لتنفيذ العمليات من داخل هذا الحي الذي يسكنه الرعب ولا يجرؤ كائن من كان على الاقتراب من تخومه دون إذن من أمراء الموت.
ويضيف «أحمد...» أنه رأى ذات مرة عملية تفخيخ لسيارة عائدة لأحد الشيعة من سكان بلدة الدجيل التي تبعد 60 كيلومترا شمال بغداد قتله أحد عناصر «القاعدة» ويدعى مثنى الحشماوي وأرسل سيارته إلى علي الصحو الذي أمر بتفخيخها في منزل أحد جنود الدولة الإسلامية ويدعى كمال عدوان بمشاركة شاب سعودي حضر إلى العراق للجهاد ضد الأميركيين وكان طالبا في السنة الثانية في كلية الطب وينتمي لعائلة ثرية يدعى «زين»، وبعد أن سلم الأمير المفتي الشرعي علي اليوسف «مبلغ مئة ألف دولار» قاد السيارة المفخخة ليفجرها بالقرب من دورية أميركية إلا أنها لم تسبب أية خسائر سوى تدمير المنزل الذي جرت عملية التفجير بجواره.
مثير للجدل
وكما كانت حياة أبي مصعب الزرقاوي مثيرة للجدل باتت نهايته أكثرإثارة بعد أن نسجت حوله الحكايات والقصص الخيالية إبان توليه منصب أمير «القاعدة في بلاد الرافدين» وتأسيسه «مجلس شورى المجاهدين» الذي انبثقت منه «دولة العراق الإسلامية» بعد مبايعة تنظيمات جهادية عدة ودخولها تحت ولاية تلك الدولة التي جرى رسم حدودها وتعيين وزرائها وقادتها بمعزل عن الدولة العراقية القائمة بالفعل.
وقتل الزرقاوي في قصف أميركي استهدف منزلا في ناحية هبهب التابعة لمحافظة ديالى على بعد حوالي 55 كيلومترا شرق العاصمة بغداد في يونيوعام 2006 ليدق مقتله المسمارالأول في نهاية دولة العراق الإسلامية وتنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين». ويقول شاهد عيان: إنه فى ربيع عام 2006 قتلت قوات حرس إقليم كردستان (البيشمركة) التي يتواجد فوج منها في إحدى مناطق ناحية الضلوعية، ثلاثة من عناصر تنظيم «القاعدة» ذوي المكانة المتميزة عسكريا وهم خلف الصحو وصدام جاسم وهما من منطقة بيشكان التابعة للضلوعية وحاجي خالد وهو من منطقة الطارمية التي تبعد 40 كيلومترا شمال العاصمة بغداد عندما كان الثلاثة يستعدون لتنفيذ احدى العمليات العسكرية التي تستهدف قوة أميركية.
ويوضح أنه كان هناك اتفاق سابق بألا يتدخل هذا الفوج من البيشمركة في أي عمليات وفقا لصفقة عقدها مع قيادات «القاعدة» مقابل عدم استهداف عناصره. ويقول إنه نظرا لمكانة القتلى فى التنظيم حضرالأمير أبومصعب ليشارك في مجلس العزاء بنفسه خاصة أن خلف الصحو كان من أكثر شباب «القاعدة» نشاطا والتزاما وكان يلقب بـ «فتى القاعدة المدلل» وتعهد الزرقاوي أمام والده بأن يثأر لمقتله بعملية تهتز لها أركان فوج البيشمركة المنتشرين من منطقة المعتصم حتى جسرالضلوعية (قاعدة الميكنزي) وكانت من أهم مناطق نفوذ «القاعدة» فى ذلك الوقت. ويضيف:عاد أبومصعب بعد انتهاء مجلس العزاء مصطحبا كتيبة يطلق عليها «الكفر بالطاغوت» وقوامها أكثرمن 600 مسلح حتى وصلوا إلى منطقة «مسعدة» وجمع الزرقاوي شباب «القاعدة» وألقى محاضرة حماسية أمام الشباب الذين كانوا يتوقون لرؤية قائدهم بعد أن سمعوا عنه الكثير من الحكايات الأسطورية وذلك تمهيدا للعملية. ويتابع: دفع الزرقاوي بسبعة انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة فى المقدمة وعبروا إلى حيث تتمركز قطعات ودوريات من فوج البيشمركة الذي تمت تصفية غالبيته وهو ما أدى إلى سحب ماتبقى ومنع تواجد أي كردي بالمنطقة وعاونهم في تلك «الغزوة» عناصر من قوات الشرطة العراقية التي كانت تعاون التنظيم. والمعروف أن المكان الوحيد الذي أثنى الزرقاوي على من يعمل بالحكومة أوالشرطة تحديدا في ذلك الوقت كانت شرطة الضلوعية قبل أن ينقلبوا على التنظيم. وكان دور قوات الشرطة في هذه الغزوة هو إخلاء المصابين من شباب «القاعدة» باستخدام زيها الرسمي والسيارات التابعة لها وتقديم الإسعافات الأولية لهم . ويقول الشاب القاعدي الذي طلب عدم ذكراسمه إن هذا التصرف من الأمير كان عاطفيا غيرمحسوب العواقب وهو أمر يحدث للمرة الأولى وهو ما أدى إلى كشف تحركاته بشكل كامل رغم أنه كان ينتقل في العديد من المناطق ودخل إلى الضلوعية أكثر من مرة قبل ذلك وما زاد الأمر سوءا هو خروجه من الضلوعية متوجها إلى هبهب في محافظة ديالى مباشرة وهى تبعد حوالي 30 كيلومترا فقط عن الضلوعية. ويؤكد الشاب أن الرواية المعروفة القائلة ان الشريط الذي أذاعته الفضائيات للزرقاوى كان بداية النهاية له رواية غير دقيقة حيث جرى هذا التصوير في منطقة الثرثار قرب أحد قصور صدام حسين وكان معه وقتها كل من ظاهر شاهين وحاتم مخلف وخالد عسكر والشيخ مقداد وهم الذين استضافوه بمحافظة الأنبار عند دخوله العراق عندما شارك في معارك الفلوجة عام 2004 . ويعتقد الشاب القاعدي أن أحد المقربين من الزرقاوي وشى بتحركاته تلك المرة وأبلغ الأميركيين بالمكان الذي ذهب إليه وهو ما سهل رصده وقصف المنزل المتواجد فيه بقنبلة تزن نصف طن لينتهي أمره وتبدأ قيادة جديدة لـ «القاعدة في بلاد الرافدين». تمتد الحكايات لتطال مناطق مؤلمة في ذاكرة الطيبين من أهالي أرض النار، في حين تتعدد الروايات حول البداية الحقيقية لانتفاضة الأهالي ضد تنظيم «القاعدة» الذي أحال حياتهم إلى جحيم يغلفه الرعب. اجتمع المنشقون عن تنظيم «القاعدة» من الأهالي مع ضباط الشرطة وعناصرها الذين عادوا لممارسة عملهم في الضلوعية بعد أن ظلوا في منازلهم بين مجبر غير قادر على العمل أو متعاون مع «القاعدة»محذرين من يحاول اعتراضهم ليعودوا لممارسة حياتهم الطبيعية بأن مصيره سيكون القتل. هذا الانشقاق عن «القاعدة» جاء بعد التفاوض مع ملا ناظم الجبوري أحد ستة شكلوا مع أبومصعب الزرقاوي مجلس شورى المجاهدين وذلك في اجتماع جرى بمنزله نهاية عام 2005 وهو ما حدا بقادة «القاعدة» إلى تحذير ملا ناظم ومطالبته بالرجوع إلى رشده بعد أن هاجمهم علانية من فوق منبر مسجد الخلفاء الذي يؤم المصلين فيه . أدى هذا الموقف إلى أن يضاعف «القاعدة» عملياته ضد أهالي الضلوعية فيختطفهم ويقوم بتصفيتهم أو تعذيبهم إما بشكل علني في الشوارع كقضايا التعزيروإمافي معتقلاته كحجز لمدة أكثر من شهر والتعذيب والجلد وغيرها من الأموروهو ما أدى إلى نقطة تحول لدى الناس الذين طالهم الأذى بسبب احتضانهم لـ»القاعدة» وقرروا أن يطردوا مقاتلي «القاعدة» حتى ولو بالقتال. وهنا تتعدد الروايات حول من قاد القتال ضد «القاعدة».. وأين كانت بداية النهاية.. ومن الذي بدأ بإعلان التمرد على جحافل المسلحين المتحفزين لإسكات أي صوت يرتفع ضد إرادتهم وتصفية من يثبت ولو بالشبهة أنه يخالف منهجهم .. إلا أن كل الروايات تصب في خانة واحدة وهي إصرار الجميع بعد أن طفح الكيل على طرد «القاعدة» ومحاربة عناصرها حتى يتم القضاء عليهم سواء بالاعتقال أو القتل. يقول قائد شرطة الضلوعية محمد خالد عبدالحميد إن جهاز الشرطة بعد أن فقد مركزه بسبب عدم تمكنه من محاربة عناصرتنظيم «القاعدة» الذين كانوا يحظون بدعم الأهالي باعتبارهم مجاهدين أدركوا قبل الجميع أن الأمر لايعدو أن يكون أجندة خارجية وأن الجهاد عنوان عريض يتوارى خلفه المسلحون خاصة بعد أن بدأ «اللثام» يطغى على الشارع وبات لمن يرتديه الحل والعقد وتوجه السلاح إلى صدورالعراقيين بدلامن الأميركيين خاصة المترجمين والموظفين وعناصر القوات الأمنية، وكان مقتل الشرطيين جاسم ولؤي الزوبع بداية الأمر.
الشرارة
ويرى المقدم عبدالحميد أن الأميركيين ربما فعلوا كل ما يمكن حتى تستفحل قوة المسلحين ويزداد إجرامهم حتى أنهم كانوا يشجعونهم على استهداف رموزالمجتمع المدني وذلك بهدف أن ينفرمنهم المجتمع ويلفظهم وينوب في القتال عن الأميركيين ضدهم بعد أن خرجوا عن حدود السيطرة. ويقول القائد الحالي للشرطة إن مديرية شرطة الضلوعية صارت إدارة تابعة «للمجاهدين» بعتادها وسلاحها وحتى ملابسها حتى بدأت سلوكياتهم تثير المجتمع عليهم خاصة بعد أن أقروا مبدأ تصوير البنات بدعوى التأكد من ارتدائهم الحجاب والخمار والنقاب ثم يميزون الجميلات منهن ويجبرون أهلها على تزويجها لأحد عناصر التنظيم وفق دستورهم خارج نطاق الأطر الرسمية للمجتمع أو حتى العشيرة. ويضيف:فى 28 مارس عام 2006 هاجموا المركز الشمالي للشرطة ثم هدموا مبنى المديرية العام لشرطة الضلوعية في شتاء 2007 واستولوا على كل ما فيه من سلاح وعتاد بعد أن بدأت عمليات التصفية لهم من جانب قوات الصحوة بمساعدة الشرطة التي بدأت تحاول استعادة دورها. ويتابع: عندما توليت مسؤولية إدارة الشرطة في الضلوعية جاءت معلومة استخبارية بأنه سوف تجري عملية مبايعة علنية لتنظيم «القاعدة» في الشارع العام حتى يثبت «القاعدة» أنه مازال قويا رغم بدء عمليات القتال ضده حيث قرر أمراء التنظيم نصب هيئة شرعية في الشارع العام للضلوعية يوم 27 يوليو عام 2007 ومن يمتنع عن المبايعة يتم قطع رأسه فورا أمام الجميع مشيرا إلى أنه طلب من رجاله المساعدة وحثهم بالطريقة العشائرية حتى ينهوا تلك المهزلة وخاض معركة عنيفة مرتديا ملابس رياضية غير رسمية حتى تمكن من هزيمة المسلحين وطردهم من مبنى مديرية الشرطة والمنطقة بالكامل ليهربوا إلى المناطق الصحراوية والبساتين البعيدة على تخوم المنطقة.
 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
14-10-2012, 11:23 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور(15-20)
استراتيجية «أينما وقعت نفعت».. حل أخير لمقاتلي «القاعدة» المطاردين في الأحراش «فتوى الانتقام».. الضلوعية «مرتدة» دم أهلها «حلال» على السيوف 0 0 عدد القراء: 1493
0ff3329d-fe96-4eb8-8034-a3785c216b81_mainNew.jpg

محمود الشناوي
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.
وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله. يقول أحمد طبيعة أحد قادة الصحوة بالضلوعية الذي مازال يخوض معارك شرسة ضد عناصر «القاعدة» ان التنظيم تمادى في التحكم بالناس وصار عناصره هم أهل الحل والعقد يتحكمون في الضلوعية التي تتميز بكثرة عدد مثقفيها من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعات وقادة بالجيش والشرطة، رغم ان عناصر هذا التنظيم لاتحمل أية مؤهلات ولا تملك أي رصيد اجتماعي أو عشائري.
ويضيف ان الأميركيين كانوا يبحثون في تلك الفترة عن شخص يتوافق مع أفكارهم ولديه الأرضية الراسخة لدى شباب وأهالي المنطقة ويتميز بالشجاعة التي تتيح له البدء بالتصدي لتلك الموجة العاتية من العنف التي أدت الى ان يفقد عناصر تنظيم «القاعدة» تعاطف الأهالي وبالفعل أرسل الأميركيون في طلبي بطريقة غير اعتيادية حيث جاء شخص من أهالي منطقة بلد الشيعية المجاورة ينتمي لعشيرة السعدي ليخبره ان هناك مذكرة اعتقال بحقه وأنه يجب ان يذهب الى معسكر القدس ليبرئ نفسه عند الأميركيين.
يقول طبيعة ان شخصا يدعى كابتن هنغر استقبله في المعسكر وبعد حوار جرى خلاله التعارف أبلغه ان القوات الأميركية قررت تأسيس قوات مسلحة سرية لمقاتلة «القاعدة» بعقود رسمية وهو أمر اعتبره خياليا حيث كان «القاعدة» يسيطر على كل مقدرات الأمور بالمنطقة ومناطق كثيرة بالعراق أمنيا وسياسيا واجتماعيا .
المفاجأة
ويضيف أنه فوجىء بوجود ملا ناظم الجبوري الذي كان أحد أهم قيادات «القاعدة» في ذلك الوقت وجرى في بيته تأسيس مجلس شورى المجاهدين مع زعيم «القاعدة» في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي الا ان وصول شخص يدعى مقدم مكارثي حسم الأمر وأكد دور ملا ناظم في مقاومة «القاعدة» وتم الاتفاق على تشكيل كتيبة تصفيات لعناصر «القاعدة» من 18 شخصا وتواصلت الاجتماعات السرية لاختيار الأشخاص الذين لديهم استعداد للقتال ويتمتعون بذكاء ميداني.
ويضيف: في تلك الأثناء كانت قد ظهرت للوجود جماعة سرية أطلقت على نفسها اسم «الرايات السود» وهي عبارة عن مجموعة من الشباب ذوي التوجهات الاسلامية اتفقوا فيما بينهم على قتال «القاعدة» بعد استفحال نفوذه وظهر تأثيره السلبي حيث تمكن طبيعة من اتخاذ هذه الجماعة كواجهة قامت بتوزيع المنشورات ضد «القاعدة» بعد ان قام بتنظيم العمل مدعوما من القوات الأميركية.
أول عمليات الصحوة
ويشير الى ان أول عملية تم التخطيط لها بعناية كانت تصفية خالد الحبيب وهو القيادي البارز الذي كان يقيم في المنطقة نفسها التي يتواجد بها منزله الا ان المحاولة فشلت وأصيب الحبيب وهو ما جعل قادة «القاعدة» يشعرون بالخطر بسبب التحركات المتلاحقة ضدهم. فيما كانت العملية الثانية هي تصفية أحد القياديين وهو حايف الشيتاوي الذي كان يقود جيش أنصار المجاهدين حيث تم زرع عبوة ناسفة في صندوق نفايات وتفجيرها عن بعد لدى مروره الا أنه نجا أيضا من الموت. أما المحاولة الثالثة فكانت قتل وهاب الصحو عن طريق بندقية قنص الا أنه أفلت في اللحظة الأخيرة من القتل.
ويوضح طبيعة ان استمرار المحاولات ضد عناصر تنظيم «القاعدة» وقياداته عززت المخاوف لدى التنظيم وزادت المخاطر عليهم بعد ظهور معارضين علنيين وتكاتف الجميع لمحاربتهم من الأهالي وقوات الشرطة وقوات الصحوة مدعومين بهجمات القوات الأميركية التي كانت قد قررت انهاء دور «القاعدة» تماما. ويضيف: كما تم تنفيذ عمليات عسكرية ضد مقاتلي «القاعدة» خارج الضلوعية خاصة منطقة خر نصر بتنسيق مع الأميركيين وباسناد جوي.
وقال: بدأ المتطوعون يتوافدون للانضمام الى عناصر الصحوة وشكل الشيخ نجم العبدالله الزوبع مجموعة من قوات الصحوة قوامها 50 مقاتلا كما تشكلت قوة أخرى مشابهة بقيادة وليد طلب حسنين وكانت أول عملية مداهمة علنية تنفذها قوات الصحوة لمنزل وزير اعلام الدولة الاسلامية محارب الجبوري حيث تمكن انتحاري يحمل احدى الجنسيات العربية كان مختبئا بالمنزل من تفجير نفسه ما أدى الى استشهاد وليد في خريف 2007.
فيما كانت العملية الثانية هي صد هجوم نفذه «القاعدة» ضد الضلوعية بعد طردهم من البلدة وكانت هذه المعركة هي النهاية الحقيقية لتواجد «القاعدة» وكسر شوكته وهو ما جعل عناصر التنظيم يلجأون الى صحراء العظيم ومناطق البساتين والأدغال التي صارت مصائد للموت وقامت قوات الصحوة بتطهير ما تبقى من جيوب وخلايا نائمة وتم توقيع وثيقة عهد لشيوخ الضلوعية بألا يظهر أي مسلح في مناطقهم وهو ما أفقد «القاعدة» حاضنته العشائرية .
ويقول طبيعة ان القوات الأميركية بدأت تساوم قيادات وعناصر الجيش الاسلامي لتحركه لقتال «القاعدة» مقابل العفو عن مسلحيه وذلك في منطقة المعتصم التي تمركز فيها «القاعدة» بعد انسحابه وذلك من خلال مفاوضات شاقة مع الدكتور فرياد ضاري وملا بابان اللذين حصلا على موافقة قائد الجيش الاسلامي بالعراق مؤيد المتعب وهو ما أدى الى اندلاع معارك شرسة بين عناصر «القاعدة» والجيش الاسلامي قادها خالد المنديل وعمر حسين بالتنسيق مع الأميركيين من خلاله طبيعة- الا ان الجيش الاسلامي اضطر للانسحاب من القتال بسبب تكبده خسائرفادحة وطلب استبداله بعناصر من قوات الصحوة.
خسائر «القاعدة»
كما تكبد «القاعدة» خسائر كبيرة بلغت مئات المقاتلين وهو ما شجع الشيخ باهض الفراجي، أكبر شيوخ المنطقة على مقاتلة «القاعدة» بعد ان شكل صحوة تضم حوالي 150 مقاتلا ما أسهم في حصار مقاتلي «القاعدة» وقتلهم أو اعتقالهم في ناحية المعتصم. ويقول طبيعة انه جرى تطهير معظم المناطق المحيطة بالضلوعية ما عدا قرية بيشيكان المحاذية لمحافظة ديالى حيث فشلت جميع الجهود للسيطرة عليها بسبب صعوبة تضاريسها وتشابك حدودها مع جهات يسهل استخدامها للهرب ما جعلها ملاذا مناسبا لمن تمكن من الفرار من مقاتلي «القاعدة». ويؤكد ان «القاعدة» سبب المتاعب للأميركيين ومازالت القوات الأميركية تعاني منه حتى الآن.
ويقول ناظم الجبوري أو «ملا ناظم» الذي رفض نصيحة صديق الأمس عدو اليوم أبو عبيدة الجزائري الذي طلب منه الرجوع الى رشده وعدم مهاجمة «اخوانه المجاهدين» انه أعلن الثورة مع 800 شخص برفقة قوات الجيش التي كانت تقف على أسوار المدينة ضد «القاعدة» الذي أرسل تهديدات بحق من يحاول اعادة الشرطة للعمل في الضلوعية التابعة لدولة العراق الاسلامية، وأعلن من فوق منبر الجمعة الذي كان يصدح من خلاله لقتال الأميركيين ان هذه الجماعة التي كان ينتمي اليها خارجة عن منهج الاسلام، وان قتالها واجب على كل مسلم بعد ان خرجت عن المنهج الحق والسراط القويم وتحولت عن استهداف الغزاة المحتلين الى منهج غاية في التطرف والتشدد.
هجوم مضاد
وتزامن هجوم ملا ناظم مع هجمات الشرطة فرد «القاعدة» بهجوم على المدينة بواسطة الأسلحة المتوسطة والخفيفة والسيارات المفخخة عندها كان الأهالي قد ضاقوا ذرعا من «القاعدة» ووجدوا من يتحرك أمامهم لقتاله وتم صد الهجوم من قبل الشرطة والأهالي بعد معارك دامية قتل فيها عدد كبير من عناصر «القاعدة» التي اعتبرت الضلوعية بلدة مرتدة أي أنه يجب قتل كل من ينتمي اليها حتى لو كان من أقرب اقارب أعضاء التنظيم وهو ما أدى الى تنفيذ «القاعدة» لاستراتيجية جديدة بعد ان فقد ملاذه الآمن في الضلوعية وسقطت كل الأقنعة التي كان يختبئ وراءها وأصدر الفتوى الظالمة والحكم الأقسى على الأهالي الذي يفوق درجة الكفر وفقا لفكرهم وهو ان الضلوعية بكاملها خارجة عن الاسلام.
وبعد هذه المعارك وانتقال «القاعدة» الى الصحراء لترتيب صفوف مقاتليه بعد ان تم تحرير العديد من المناطق المحيطة بالضلوعية من يد دولة العراق الاسلامية في منتصف العام 2007 لم تسلم تلك المناطق من بعض هجمات «القاعدة» الذي لم يغفر لأهلها الذين تمردوا عليها الا أنه بدأ استراتيجية جديدة في تلك الهجمات التي تفسر مدى الهزيمة التي لحقت بالتنظيم ماديا وبشريا وهي استراتيجية عمادها الكر والفر أي تنفيذ عمليات سريعة ضد الضلوعية وأهلها دون الارتكاز على قواعد ثابتة من خلال تفجيرات وهجمات مسلحة واستهداف من ساهم في طرد التنظيم خاصة ملا ناظم الجبوري الذي تعرض لثلاث محاولات اغتيال نجا منها بأعجوبة بالاضافة الى عمليات قصف مكثف بقذائف الهاون والكاتيوشا التي كانت تصيب الدور والجوامع والبساتين المحترقة وفقا لمبدأ أقره قادة التنظيم وهو «أينما وقعت نفعت» ويعني ان أي شيء تصيبه القذيفة أو أي خسائر تسببها سواء سقطت على مسجد فقتلت المصلين أو على منزل لعائلة لا طائل لها بما يجري فقتلت سكان المنزل من النساء والأطفال فان أيا من تلك الخسائر مفيد ونافع باعتبار البلدة مرتدة يستحق كل أهلها القتل ويستحق ثمرها ونخيلها الحرق.
ورغم تطهير الضلوعية والمناطق المحيطة بها الا ان محاولات تنظيم «القاعدة» لضربها لم تتوقف رغم ماحدث من تغييرات كبيرة تؤشر الى سيطرة القوات الأمنية بكل عناصرها وفئاتها على مقدرات الأمور وفرض الأمن والاستقرار بسبب وجود بعض الخلايا النائمة التي تنتظر أي لحظة استرخاء لتقتنص الفرصة وتوجه احدى ضرباتها وهو ماحدث بالفعل اثناء احدى زياراتي يوم 20 يونيو عام 2010 عندما انفجرت عبوة ناسفة على الشارع العام مستهدفة المقدم قنديل أبو تبارك قائد قوة الرد السريع الا أنه نجا من الانفجار لتبدأ مرحلة جديدة وخطة جديدة لملاحقة الخلايا النائمة لتنظيم «القاعدة» حتى لا تتمكن من توجيه ضربات أخرى .
بيت الرعب
يحكي هذا المكان قصة صعود وانهيار مجتمع الرعب والارهاب كما يحكي كيف يمكن ان تنبت الحياة في وادي الموت ويبقى هذا المكان شاخصاً بكل أفراحه الحالية وأحزانه السابقة التي رسمت تاريخاً من القهر مغلفا بالدم والبارود ثم استحال الى ربيع للحياة ومزار للترويح عن النفس.
يقول شعلان العود ان هذا المبنى، الذي يقع وسط مدينة الضلوعية «أرض النار»، كان مقرا لـ «القاعدة» تجري خلف حوائطه المظلمة قصص من الغدر والرعب والقهر كانت تتكرر سيناريوهاتها لتخلف أحزاناً ودماءً وتخط تاريخاً مليئاً بالقتل والقتل المضاد والانتقام الذي يحركه الثأر العشائري وهو ما يخشاه الجميع رغم انتهاء أيام بيت الرعب.
وفي سبعينيات القرن الماضي كان هذا المبنى ملاذا للفقراء من العائلات المتعففة الغريبة يحتضنها لتجد مكانا للاقامة بعد ان ضاقت بها أرض العراق الواسعة ثم تمضي الأيام ويتحول البناء غير المكتمل الى مقر رئيسي لقيادة تنظيم «القاعدة» يضم المحكمة الشرعية والسياف والأمراء والقوات التي تنتظر الأوامر بالتحرك لتنفيذ عملية اختطاف يتبعها قتل بعد محاكمة شرعية تفتقد لأبسط قوانين الانسانية تطير بعدها رقبة المحكوم عليه بتهمة أنه مرتد أو كافر.
كان موقع هذا المبنى بمثابة ملاذ استراتيجي لأنه مركز رئيس ينتهي عنده طريق الامدادات والأسلحة والهروب اذا لزم الأمر حيث يطل على بستان كبير ومنطقة مفتوحة تتيح لمن يقيم فيه ان يتحرك بسهولة ويسر لينفذ أي مخطط لجلب الأسلحة أو الرهائن كما أنه يصلح كمقر للاقامة والنوم والراحة بعد يوم عمل شاق يبدأ بالاختطاف والاستجواب والتعذيب ثم القتل.
كان بيت الرعب مثار استياء لأهالي «أرض النار» حيث كان سكانه يغالون في استغلال نفوذهم القائم على العنف والارهاب وخوف الأهالي منهم حتى بلغ الأمر الى المطالبة بتجهيز الطعام بالاكراه باعتبار سكان هذا المكان هم حماة المنطقة والمدافعون عن شرف البلاد والعباد ومقاومو الاحتلال الغاصب.
بعدما دارت الدوائر وتغيرت الأمور كانت رغبة أهالي «أرض النار» العارمة لتغيير صورة المكان والغاء تاريخه الدموي كفيلة بان يتحول بيت الرعب الى أكبر مركز تجاري وترفيهي للمنطقة حيث تطوع الشباب وطلبوا من صاحب البناية بان يتحول المبنى الى مجموعة من المحلات لبيع الذهب والأزياء ومتطلبات المنزل والمواد الغذائية وبات بيت الرعب يسمى «مول الضلوعية» لينبض بالحياة بعد ان كان يثير في النفس الكثير من الألم والاشمئزاز وأقبل الأهالي على محلات هذا المول أملا منهم في استمراريته كمكان ينبض بالحياة بعد ان كان مجرد العبور من أمام تلك البناية كابوسا تخرج فيه الروح من جسد العابر بسبب الرعب الذي كان يعشش على المكان.
وكما عادت «أرض النار» أرضا للبهاء والكرم وخيمة تستضيف العابرين بعد ان كانت محرمة على أهلها قبل الغرباء عادت البناية التي كان يطلق عليها بيت الرعب لتحمل الكثير من الحياة والراحة لكل من يعبر بجوارها أو يدخلها ليتسوق بحرية غير مبال بتاريخها الدموي.


 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة

post_old.gif
14-10-2012, 11:29 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,782

icon1.gif

سقوط الإمبراطورية والديكتاتور(16-20)
المنطقة الهادئة بـ «سننية» العشائر الشيعية لم تسلم من تحرشات الموت «الجوال» شيوخ النعمانية للتاريخ: ندفع ثمن حوبة أهل الكويت 0 0
249006_8_mainNew.JPG

محمود الشناوي
شكل اعدام طاغية العراق السابق صدام حسن نهاية مرحلة مريرة من تاريخ العراق والمنطقة برمتها أنتجت لنحو ثلاثة عقود ازدحمت فيها الحروب والمذابح العرقية والطائفية فمن حرب طويلة مدمرة على ايران الى غزو كارثي للكويت الى حملات ابادة عرقية ضد الاكراد وطائفية لم تستثن احدا من اهل العراق الى احتلال اميركي أورث تمزيقا ودمارا كانت سيرة رجل واحد ارتبط كل هذا وغيره باسمه هي الرابط الاساسي للفجائع المتوالية في منطقة أعيد تشكيل الواقع الجيوسياسي فيها مرارا وكانت نهايته هي الفصل الاخير لحقبة الدم والعذاب لكنها ايضا كانت بداية لفصول دموية من نوع آخر مازالت بلاد السواد تعاني للخروج من وطأتها الثقيلة.
وفي هذا الكتاب «سقوط الامبراطورية والديكتاتور» يروي الكاتب الصحافي المصري محمود الشناوي يوميات ومشاهدات في عراق ما بعد صدام حسين انطلاقا من اسرار اللحظات الاخيرة في حياة الطاغية ومفاوضات نقل جثته ودفنه العسيرة وواقع الحال في تكريت حيث انتهى الى قبره البسيط في تحدي قصوره التي تكاد لا تحصى لينتقل الى سرد مفصل حول حياة العراقيين تحت رحمة الميلشيات المسلحة ودولة «القاعدة» وصروف غريبة من الفساد والفوضى تركت العباد تحت رحمة أمزجة لا تعرف سوى القتل حلا لأي مسألة تعترضها، و«النهار» تنشر على مدى 20 حلقة رحلة الكاتب في «أرض النار» حيث صورة العراق المتحولة بأثر ارث الطاغية ووجود الاحتلال والأجندات الغريبة التي تناهبت واقعه وربما مستقبله. ما الطبيعة القبلية أو العشائرية للمجتمع العراقي؟. . وما علاقتها بالمرجعية الدينية؟. . سؤال يحتاج إلى قراءات لانهاية لها لكن التجربة العملية قادتني إلى رحلتين في منطقتين الأولى ذات غالبية شيعية وهي النعمانية التابعة لمحافظة واسط وتبعد نحو 150 كيلومترا جنوب العاصمة بغداد وهي المنطقة التي لم تشهد مثل باقي مناطق العراق أي أعمال عنف كبرى لعدة أسباب أهمها الالتزام العشائري والسكون إلى توجيهات المرجعية العليا بالعراق ممثلة في آية الله علي السيستاني. أما الرحلة الثانية فكانت إلى منطقة سنية أطلق عليها المراقبون «أرض النار» وهي مدينة الضلوعية التابعة لمحافظة صلاح الدين وتبعد نحو 90 كيلومترا شمال بغداد، وقد شهدت أعمال عنف دموي بما جعلها نموذجا لكل المتناقضات التي شهدها الواقع العراقي خلال الفترة التي أعقبت تفجير المرقدين الشيعيين المقدسين في فبرايرعام 2006 كما أنها نموذج للمشهد الدموي العراقي وتأرجحه بين المقاومة والإرهاب. ويوازي الضلوعية ويعتبرامتدادا لها ولعشائرها خاصة الجبور منطقة سنية أخرى تسمى ناحية العلم وهي تتبع إداريا مدينة تكريت مسقط رأس صدام حسين مركز محافظة صلاح الدين التي تبعد نحو 175 كيلومترا شمال بغداد . وهذه المنطقة التي تتميز بجوها الرائع وبساتينها المروية من نهر دجلة رفضت أي تواجد للمجموعات المسلحة ولم تشهد سوى انفجار واحد على مدى زمن المذبحة (2006 2007) وفى ذروة أعمال العنف وفشل تنظيم «القاعدة» في أن يجد له موطئ قدم فيها جعل أهلها في مقدمة المطلوبين لدى المجموعات المرتبطة بتنظيم «القاعدة» ومجرد انتماء الشخص إلى ناحية العلم هو كفيل بتنفيذ حكم الإعدام فيه أينما وجد. وقبل أن أخوض في احداث الزيارة أود ان أستبق الأمر بالحديث عن زيارتى للسيد مالك الياسري التى فتحت الباب واسعا لنقاشات مع أهالي النعمانية سواء الشيوخ أوالناس العاديين حول هذا الارتباط الروحي بينهم وبين مراجعهم وسادتهم من آل البيت وهل كان لهذا الارتباط دور في وأد الفتنة وعدم مروربلدتهم بما مرت به مناطق أخرى من العراق في زمن المذبحة، خاصة الفترة التي عصفت فيها رياح الفتنة بالبلاد والعباد رغم أن الشيعة يمثلون غالبية السكان بالعراق. لماذا ظلت تلك المناطق هادئة مستكينة لاوجود فيها للعنف بعد أن كان يتم وأده في مهده في حين احترقت مدن ومناطق بالكامل بنيران العنف الطائفي الأعمى. . ؟ وكيف حافظ أهالي النعمانية التى تعتبر نموذجا على الترابط بينهم والتزم الصغير والكبير بالقانون والأعراف الدينية والعشائرية؟.
أما بداية الخلل كما يراها الشيوخ كانت مع أكل الحرام لأن الحرام يفسد كل شيء ، ربما كان التفسير غريبا بعض الشيء إلا أنه بسيط ومقنع حيث تصل القناعة بهذا التفسير إلى منزلة الاعتقاد الراسخ وهوأن بداية الانهيارللمجتمع العراقي هواحتلال الكويت واغتصاب مال وأملاك الكويتيين سواء كانت بشكل شخصي فوضوي أو جماعي منظم.
أكل الحرام
يقول شيخ أولاد بركة محمد مهدي صالح ردام إن أهل الدين يقولون: «أكل الناس للحرام أفسد كل شيء» وهو ما جعل الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب يعتبر ما جرى في عام 1991 أكبرانتصار أميركي على مجتمع عربي لأنه نجح بما فعل في تخريب المجتمع بعد أن سهل انهيار القيم وجعل أبناء المجتمع العراقي يأكلون الحرام. وأضاف: إن هذا الشعب لم يتمكن أي حاكم من هزيمته أو السيطرة عليه بسبب إيمانه ودعوته المستجابة التي كانت كفيلة بالإطاحة بأي ظالم، حتى جاء حاكم ظالم يتمتع بالذكاء وأقنع هذا الشعب بأن يأكل حراما وجعلهم يلهثون وراء الكسب السهل بطريقة محرمة فضاع مقدارهم وأصبح دعاؤهم لايستجاب وظهر بينهم الخراب في البصائر والضمائر وهذا ما جرى بعد غزو الكويت حيث لم يشهدوا يوما هانئا رغم كثرة الحروب التي مروا بها وكان آخرها الحرب مع الجارة الشرقية إيران التي استمرت أكثر من ثمانية أعوام إلا أنها لم تسبب انهيارا بالمجتمع العراقي كما سببته حرب الكويت .
أماعن دور الارتباط بالمرجعية وحب آل البيت في تصفية الأجواء بالنعمانية وغيرها من المناطق وحفظ النظام الاجتماعي خارج إطار منظومة العنف الطائفي التي ميزت زمن المذبحة فكانت الإجابة متطابقة بين الشيوخ والشباب هوالالتزام بالمرجعية ومايعلن من آرائها كان السبيل إلى منع الفتنة أو مجرد امتدادها إلى بساتين الحب التي لاتعرف إلا الحرث والزرع وانتظار الحصاد الطيب .
وتحل السننية «لائحة قانون العشيرة» في هذه الأرض محل أي قانون آخر يلتزم بها الجميع وغير مسموح بالخروج على الإطار القيمي الذي ترسمه منذ مئات السنين وإلا يكون العقاب هو «الكسر من العشيرة» وتعني عقاب الخروج على دستور العشيرة. وعندما تتبع أنساب العشائر الشيعية في النعمانية أو باقي مناطق محافظة واسط أو محافظات الجنوب الشيعي فإنه يمكن بقليل من الجهود أن تلك العشائر أو معظمها هي امتدادات لعشائر سنية موجودة في مناطق الوسط والشمال العراقي مثل محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار وهو ما يعني أن نسيج المجتمع العراقي متصل حتى وإن تغير المذهب.
وإذا كانت العشائر التي تبعت المذهب الشيعي شديدة الارتباط بمرجعياتها الدينية إلا أنها تشارك عشائر الوسط والشمال السنية في الالتزام الشديد بقانون أو دستور العشيرة.
النعمانية
ما كان أبوالطيب المتنبي أو «أبو سورة» كما يدعوه أهالي مدينة النعمانية أحد أقضية محافظة واسط، ليوبخ غلامه مفلح عندما عاتبه الأخير على هربه أمام «فاتك الأسدي»، قائلا «أتهرب وأنت القائل الخيل والليل والبيداء تعرفني. . » لوعلم أن قبره سيوحد العراقيين بعد مئات السنين فيعلو بهم على تمزقات الصراعات الطائفية ذلك عندما أقيمت أول دورة لمهرجان المتنبي عام 2004، واستمرت بعد تعثر لتجمع المثقفين العراقيين كل عام في النعمانية التي مثلت نموذجا للتعايش الأخوي بين السنة والشيعة في ذروة سنوات المذبحة التي شهدها العراق منذ العام 2005 واستمرت لتحرق الأخضر واليابس خاصة عامي 2006 و2007 .
عندما قررت بدء الرحلة إلى النعمانية أبلغني أصدقاء عراقيون بالكثير من المخاوف التي يمكن أن تحيط بالرحلة، خاصة على الطرق المؤدية إلى هناك والتي كانت معظمها طرقا ومصائد للموت يدير بعضها الميليشيات الشيعية ويتولى الجزء الآخر تنظيم «القاعدة»، ما يجعل تلك الرحلة مغامرة كبرى لكن القول الفصل جاء بعد أن عرف أصدقائي من سيكون رفقائي في تلك الرحلة بأسمائهم وانتماءاتهم ونسبهم العشائري، وكان السؤال عن وجهتي فأبلغتهم أنه لشيخ عشيرة أولاد بركة التي يعود أصلها إلى قريش وكذلك الشيخ كريم شيخ السوالم وكذلك الرجل الذي يعتبره الشيعة والسنة معا قيمة روحية عالية وهو السيد مالك الياسري.
دلفنا من طريق محمد القاسم السريع مرورا بمنطقة الرستمية التي تحتضن إحدى القواعد الأميركية وفي الطريق بدت آثار التفجير الذي دمر جسر ديالى بشاحنة مفخخة وقد سمي الجسر بهذا الاسم لأن نهر ديالى يمر أسفل الجسر إلى مناطق شرق بغداد في محافظة ديالى، ثم عرجت السيارة التي يقودها رياض وهو شاب شيعي يسكن مدينة الصدر وكان أحد المرافقين لوكيل وزارة الداخلية أحمد الخفاجي على منطقة «جرف النداف» التي كانت إحدى بؤرالإرهاب الأسود حيث تمتد مزارعها وبساتينها ومناطقها المفتوحة لتمثل حاميات طبيعية للمسلحين الذين استغلوا أرضها التي تنبت الخير كأوكار للشر والقتل ومارسوا فيها أبشع أعمال العنف بعد أن أغرتهم تضاريسها على الاختفاء والمناورة.
دوار الموت
عرجنا إلى «دوار الموت» كما يطلق عليه العابرون إلى مناطق الجنوب الشيعي وهي فلكة سلمان باك ويطلق العراقيون على الدوار كلمة فلكة (بكسر الفاء) ومنطقة سلمان باك أو «المدائن» تسمى بهذا الاسم نسبة إلى الصحابي الجليل سلمان الفارسي وبها بقايا إيوان كسرى أو «طاق كسرى» الذي انطفأت نيرانه عند مولد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ثم يتفرع الطريق إلى البسماية والنهروان وهي بلدة فقيرة يبلغ عدد سكانها مئة ألف وهي معقل الميليشيات الشيعية في المنطقة الريفية جنوب شرقي بغداد وهي من الأماكن التي تختبر فيها هذه استراتيجية جديدة طبقها الجيش الأميركي مثل غيرها من المناطق السنية وهي أنه يجب ان يوفرالأمن للناس إذ إن «الناس تميل للتحالف مع الجماعات التي تضمن لها الأمان». يقول «أبو سجاد» شيعي من سكان منطقة الزعفرانية، إن صدام حسين كان قد أعاد توطين آلاف الشيعة في هذه البلدة ما جعل النهروان جيبا شيعيا محاطا بمجتمعات سنية صغيرة، وعندما تم تفجير مرقد الإمامين العسكريين في فبراير عام 2006 أصبحت النهروان ساحة قتال لعنف طائفي وحشي، حيث بعد بضع ساعات من الهجوم، أخرج مسلحون من السنة، 47 شيعيا من قافلة مركبات وأطلقوا النار على رؤوسهم وألقوا بهم في قناة مائية ، وبعد أسبوع قتلوا 25 شيعيا في مصنع للطوب، وأربعة في محطة كهرباء قريبة.
وفي ظل غياب وجود عسكري أميركي دائم في المنطقة لجأ السكان الشيعة إلى ميليشيا جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر وعندما بدأت القوات الأميركية في الوصول إلى المنطقة عام 2007 في إطار زيادة عدد القوات واجهت هجمات متوالية من جانب الميليشيات الشيعية وتحولت النهروان إلى منطقة شديدة الخطورة. وتحركت القوات الأميركية لاعتقال قادة الميليشيات وبدأت في القيام بدوريات في البلدة ووضعت خططا اقتصادية وسياسية في محاولة لتحسين الرخاء والحكم والامن. غادرنا العاصمة عبر بوابة بغداد الجنوبية التي كانت أكبر مناطق نقاط التفتيش الوهمية لنصل إلى الصويرة حيث كان نهردجلة فيها مصبا للجثث مجهولة الهوية التى يتم إلقاؤها في النهر بعد تعذيبها وذبحها في المدائن والنهروان وجرف النداف. يقول أبو سجاد إن السلطات العراقية نصبت شبكة كبيرة لالتقاط الجثث بدلا من أن يجرفها التيار إلى مناطق بعيدة من نهر دجلة حيث يتم دفنها في مقابر جماعية بعد تشوهها وانتفاء هويتها لتصبح مجهولة الهوية.
مقام المتنبي
عندما وصلنا إلى النعمانية كانت وجهتنا الأولى قبرالشاعر أبو الطيب المتنبي، حيث يرقد الشاعر الأشهر في ضريحه المهيب مستريح البال بعد أن ملأ الدنيا ضجيجا وشغل الناس في حياته المليئة بالأحداث التراجيدية وهواليوم يشغلهم في الخلاف على موقع قبره والمكان الذي شهد مأساته الأخيرة. وتعددت الأحاديث عن مكان قبر المتنبي، فمنهم من يقول إن قبره يقع في منطقة (تلول العزيزية) على مسافة 80 كيلومترا إلى الشمال من الكوت مركز محافظة واسط وهناك من قال إن مقتله كان قرب بلدة جصان 65 كيلومترا، شرقي الكوت في حين يرى القسم الآخر أن مقتل المتنبي كان قرب ناحية الزبيدية إلى الشمال الغربي من الكوت إلا أن جميع الأمكنة المذكورة، هي في محافظة واسط التي تحتضن جسد الشاعر.
بوابة تكريت
في منتصف مدينة تكريت طريق يؤدى إلى الجسر الوحيد في المدينة الذي يخترق بها وصولا إلى ناحية العلم وهي مقصدنا عبر نهر دجلة. يبدو الطريق إلى ناحية العلم مختلفا عن غالبية مناطق العراق.. بصمة نهر دجلة الذي تغفو عليه الناحية كانت واضحة على الطريق ذي الخمسة عشرة كيلو مترا بين مركز المحافظة (تكريت) ومركز ناحية العلم. الغطاء النباتي الكثيف من مختلف أشجار الفاكهة فضلا على مزارع القمح والشعير والمحاصيل الصيفية كانت تغطي كل شبر من أرض المنطقة. . لم يبق سوى الشارع وبيوت المواطنين والتي زرعت حدائقها هي الأخرى بالعشب الأخضر وزينت بمختلف أنواع الزهور. أجواء ناحية العلم مختلفة تماما عن غيرها حتى من المناطق القريبة . . احتضانها لدجلة وانخفاض مستوى الارض وارتفاع الرطوبة فيها جعل أجواءها أكثر اعتدالا تقترب من أجواء بلاد الشام وتبتعد قليلا عن أجواء العراق القائظة الملتهبة. تستقبلك بساتين الفاكهة المنتشرة على جانبي الطريق مع مظاهر لريف يتميز بالرقى تخترق طرقه سيارات فارهة لتصل إلى بيوت أراد سكانها أن تكون ذات طراز معماري بسيط يضم المضيف والحديقة وسكن الأهل مع توفير كل مقومات الرفاهية مع وضع معضلة الكهرباء في الحسبان فلا بيت يخلو هنا من مولد ولا بيت يخلو من أستاذ جامعي أو معلم أو طبيب أومسؤول في إحدى دوائر الدولة، وكيف لا وهذه الناحية شهدت تأسيس أول مدرسة ابتدائية في الريف العراقي عام 1933 هي مدرسة الخرجة الابتدائية على يد الشيخ محمد الحسن جبارة شيخ عشيرة الجبور في هذه المنطقة . تواجهك من الضفة الأخرى لنهر دجلة جامعة تكريت التي تضم في جنباتها أكبر نسبة من الاساتذة من هذه المنطقة بدءا من رئيس الجامعة الدكتورعلى صالح حسين الجبوري وانتهاء بعدد من عمداء كلياتها السبعة عشر ومئات الاساتذة والطلبة. العمق العلمي لهذه المنطقة والذى يصل إلى قرن كامل عززه في العام 1991 قرارصدام حسين بطرد أبنائها من الجيش والدوائر الأمنية بسبب المؤامرة آنفة الذكر ما جعل توجه أبنائها حتميا لمقاعد العلم والدراسة ما أنتج ما يقرب من 500 شهادة عليا فيها.
ضريبة قاسية
يحد ناحية العلم من الشرق سلسلة جبال حمرين والتي تفصلها عن محافظة كركوك وهي أحد أهم مناطق نفوذ المجموعات المسلحة خاصة تلك المرتبطة بـ «القاعدة» والتي زاد تمركزها في تلك المنطقة الجبلية الصحراوية بعد أن فقدت ملاذاتها الآمنة في المدن والمجتمعات السنية على أيدي رجال العشائر والصحوات. ورغم رفض أهالي الناحية لكل النشاطات المسلحة وجميع المجموعات التي تمارس العنف فإنها لم تشهد أي أعمال عنف سوى انفجار سيارة مفخخة وكانت حادثا بسيطا لم ينجم عنه الكثيرمن الخسائر المادية والبشرية بسبب تكاتف أبنائها وتشخيصهم لكل تصرف مريب وشخص غريب يمكن أن يدخل إلى منطقتهم وهو ما جعلهم هدفا للقتل أينما وجدوا خارج منطقتهم الآمنة. ويعد ذلك ضريبة قاسية وثمنا باهظا دفعه أبناء الناحية بسبب رفضهم للفكر المتطرف حيث جرى اختطاف وقتل أكثر من 100 من أبناء الناحية خلال الفترة من 2004 وحتى 2009 معظمهم من رجال الأمن. وتعد عشائرالجبور من أهم سكان هذه الناحية وكان قد تولى أمورهم الشيخ أحمد ناجي (الجبارة) الذي توفي والده وهو شاب يافع حتى جاء الغزو عام 2003 والذي كان له شأن في قيادة دفة الحكومة المحلية في صلاح الدين التي تعتبرمن أهم المحافظات العراقية لأنها كانت معقل النظام السابق. وقاد أحمد ناجي المفاوضات مع القوات الأميركية للحفاظ على المحافظة وأسس أول مجلس لقيادة المحافظة بعد أن قاد معركة للدفاع عن مدينة تكريت مع ميليشيات كردية جاءت للانتقام من أقارب صدام حسين في تكريت وخاصة العوجة حيث أرادوا حرقهما ونهب المنطقة وهو موقف لم ينسه أهالي المحافظة للشيخ وعشيرته لأنهم باتوا الأقوى والأقدر على الحماية والإدارة. واستمر هذا المجلس حتى يوم السابع من مايو 2003 حيث جرى تعيين محافظ هو اللواء الركن حسين جبارة الذي كان ضابطا في الجيش السابق وفى هذه الفترة استطاع أن يعطي رواتب للموظفين وإعادة تشغيل جميع الخدمات الاساسية إلى أن شكل الشيخ أول مجلس حكم للمحافظة بعد تشكيل مجلس الحكم المركزي واستمر لمدة عام حتى أجبر من قبل الأميركيين على الاستقالة بسبب شعبيتهم وخدمتهم للبلد.
ورغم ما لاقى أهل وعشائر الجبور من البعث وصدام حسين إلا أن الشيخ ناجى ظل بسمة التسامح التي سبغت ذلك المكان وأصدر تعميما بعدم طرد أي بعثي أو منع راتبه خلاف ما جرى في باقي مناطق العراق والعمليات الانتقامية التي جرت ضد البعثيين وعناصر الجيش السابق .
بعد ترك منصبه أسس الشيخ ناجى مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين والذى كان يمثل كل عشائر المحافظة وساهم في جمع شمل العشائر حتى سيطر «القاعدة» على مناطق السنة باعتبارها الحاضنة لهم والمروجة لفكرة الجهاد ضد الاحتلال وكان الشيخ ناجي رغم محاربة الاحتلال له أحد المستهدفين باعتباره تعامل مع من كان يعتبرهم التنظيم «قوات صليبية محتلة».
خطف الجبوري
وفي الثامن من يناير2007 وفى طريق عودته من الديار المقدسة بعد أداء فريضة الحج قامت مجموعة من المسلحين التابعين لتنظيم «القاعدة» باختطافه في طريق سامراء- الفلوجة وهو أحد طرق الموت المعروفة الذي شهد نهاية أكبر قائدين بـ «القاعدة» وهما أبوعمر البغدادي وأبو أيوب المصري (طريق السدة). يروي نجله مروان الناجي كيف جرت عملية الاختطاف التي تصادفت مع تأخر عودته ليوم واحد بسبب تعطل إحدى السيارات التي تقل الحاجات من النساء في طريق الرمادي مركز محافظة الأنبار التي تبعد نحو 110 كيلومترا غربي بغداد وكان من المفترض أن فوجا من الشرطة يؤمن ذلك الطريق الذي كان خاضعا لنفوذ «القاعدة» بالكامل وتبين أن الفوج لم يؤدى الواجب المطلوب منه وقبل أن يصلوا تقاطع سامراء - الفلوجة بنحو 15 كيلومترا أوقفتهم 3 سيارات تقل مسلحين تابعين لـ «القاعدة» وصعد الملثمون وسألوا عن حسن زين العابدين وهوتركماني شيعي ويشغل منصب مدير عام الصحة في محافظة صلاح الدين وهم يفتشون في جوازات السفر بحثا عن شخص آخر مستهدف دون تسميته وتعرفوا على الشيخ ناجي وأمروه بالنزول من السيارة تحت تهديدالسلاح واقتادوه إلى جهة مجهولة تبين فيما بعد أنها منطقة الضلوعية. ويضيف: بعد الحادث بحوالى ساعة تلقيت الخبر وعرضت الأمر على حمد حمود القيسي محافظ صلاح الدين وتم إجراء مجموعة اتصالات مع الشرطة والشيوخ والاهل وتم تأهيل قوة كبيرة لتفتيش كل المنطقة إلا أن فارق الوقت ومرور ثلاث ساعات تقريبا أدى إلى ضياع أثر الشيخ.
وجرت عمليات بحث واسعة النطاق في كل مكان.. وجرى الاتصال بالمجموعة المنفذة من خلال وسطاء وفروا قرصا مدمجا (سي دي) للشيخ وهو يتحدث عن شروط الخاطفين وهي شروط لا يمكن تنفيذها ومنها استقالة الجيش والشرطة في أربع محافظات وتسليم أسلحتهم لـ«القاعدة» ومبايعة شيوخ صلاح الدين والأنبار وكركوك والموصل للتنظيم وأميره أبو عمرالبغدادي وبالطبع تم رفض الشروط التعجيزية المهينة فانقطعت الأخبار الخاصة بالشيخ.
وكانت صحوة صلاح الدين قد تشكلت بتاريخ 13 يونيو 2007 في قرية السلام غرب بيجى من قبل الشيخ معاوية الناجي ابن الشيخ وبدأت تأخذ دورها في قتال «القاعدة» والمجموعات المسلحة وتمكنت من اعتقال عدد كبير منهم بينهم عناصر شاركت في اختطاف الشيخ مثل عدنان خليل فرج وخالد الحبيب وعلي يوسف لجي الذي لقي مصرعه خلال القبض عليه في منطقة الثرثار إلا أن العمليات العسكرية ضد المسلحين جعلتهم يحولون الشيخ إلى منطقة جلام سامراء ومن هناك جرى تسليمه إلى المقاتلين العرب الذين كانوا يقودون التنظيم في تلك المناطق وتمت تصفيته هناك ودفنه في أحد المناطق غيرالمعلومة حتى الآن مثل كثيرين غيره لم يعثر لهم على أثر.


 
أعلى