لماذا يتجاهل دعاة هذه الايام .. تجار الدين " نجوم " الفضائيات....هذه المبادىء الاسلامية العظيمة ؟!!

السيب

Active Member
طاقم الإدارة
post_old.gif
19-10-2012, 03:59 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,940

icon1.gif
لماذا يتجاهل دعاة هذه الايام .. تجار الدين " نجوم " الفضائيات....هذه المبادىء الاسلامية العظيمة ؟!!


لا ... و أحدهم عضو لجنة مهرجان !!! .. و التي تحضر اليسا و نانسي لاحياء ليالي المهرجان ...

الله و أكبر ....

ليس لنا الا ان نتذكر شيوخ الدين الكبار كالشعراوي و الغزالي .......... و كيف كان عليه الاسلام و الدعوه له حينه

و كيف أضحى في أيامنا هذه بين تفجيرات سيارات و انتحاريين و قطع رقاب و نكاح الجهاد و نجوم القنوات و المنافقين





لماذا يتجاهل دعاة هذه الايام .. تجار الدين " نجوم " الفضائيات.... المبادىء الاسلامية العظيمة ؟!!


سؤال لن نجد له منهم جوابا أبدا..................










=============================
عدد مشاهدي هذا الموضوع في الموقع القديم 875
 
التعديل الأخير:

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
19-10-2012, 04:10 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,940

icon1.gif

في الاصل.........

الحرية



يولد الانسان حرا طليقا ....لا سيد له الانفسه و لا حق له في ان يتسيد الآخرين ... حرا في اختيار عقيدته..حرا في تفكيره ....حرا في التعبير عن أفكاره .....حرا في تصرفاته.... حرا في اختيار طريق حياته ...
و مهما ملك من متاع الدنيا فلن يقبل للحرية بديلا

و خير من عبر عن الحرية رمزي و معلمي و قدوتي سيدنا عمر بن الخطاب حين قال متى استعبدتم الناس و قد و لدتهم امهاتهم احرارا و قد جائت عبارته تلك و بعد 1400 سنه في مقدمة الاعلان العالمي لحقوق الانسان


ماذا يعني ذلك ...؟

يعني
أن هذا الرجل الفذ في ذلك الوقت الذي كانت فيه ثقافة استعباد الانسان للانسان متجذرة و أصيلة و جزء من الحياة اليومية و كذلك الحروب و الغزوات و الاعتداءات و القسوه في التعامل وو سط الصحارى التي تدفع نحوذلك ..اقول يعني ان هذا الرجل الفذ و في ذلك الوقت قد ترسخت في يقينه اسمى المبادىء و المفاهيم الانسانية الراقيه ،

كذلك يعني ان هذا القائد العظيم قد فهم الاسلام الفهم الصحيح و شكل وجدانه فأخذ يصدح بالمبادىء الانسانية في كل مناسبه و في كل شأن بدأ من المعاملات الانسانية اليومية و نهاية بالاوضاع الانسانية
و
التي ظهرت على العالم كانظمه و قوانين و أعراف دوليه موثقه و معتمدة بعد أن مر العالم بمئات السنين من الحروب و الاعتدءات خلفت مئات الملايين من القتلى و مظالم و مآسي مفجعة .

و رغم عظمة هذا القائد الا ان مبادئه لا يتم ذكرها من قبل الدعاة الا نادرا كما هو حال المبادىء الاساسية للدين الاسلامي نفسه لا يستعرض منها الا ما لا يغضب الحكام الظالمين...فلو التفتنا الى ما حولنا لن نرى الا متاجرة بالدين في بعض مبادىء الشريعه و تعمد إغفال بعضها لكسب المراكز و المنافع
بل
و يتم تحوير بعض المبادىء الاسلامية لتقديم الدعم و الدفاع عن أنفسهم و عن الحكام الظالمين و بالطبع يتم تجاهل ذكر الفاروق عمر رائد الحياة الانسانية الحافلة بالحرية و العدل

اذا في الاصل ان الانسان حرا ....

و من هذا الأصل تكون الركيزه و نقطة الانطلاق و المدخل الوحيد الذي ننظر و نقرأ من خلاله القوانين و الانظمة و اللوائح التي تنظم شؤون حياة الناس و تنظم الحقوق و الواجبات و نتخذ و ننظم شؤوننا و قراراتنا الشخصية ......لا المدخل الذي تريد السلطه و حلفائها من تجار الدين ان ننظر من خلاله .





...............................


التعديل الأخير تم بواسطة justice; 19-10-2012، الساعة 04:45 PM
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
19-10-2012, 04:41 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,940

icon1.gif

........متى استعبدتم الناس و قد و لدتهم امهاتهم احرارا .


من عبقرية القائد الفذ الفاروق :عمر بن الخطاب

500 ميلادية تقريبا
المكان صحراء الجزيرة العربية
-----

المادة 1.


  • يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق،
    • وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.



الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
اعتمد ونشر على الملأ بموجب

قرار


الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ

المكان : نيويورك - الولايات المتحدة


في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948

item_img1000018816.jpg
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
19-10-2012, 04:46 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,940

icon1.gif

كل واحد منهم يطلق لحيته حتى صدره

ومع ذلك وإضافة إلى حجم وكم الأحاديث التى يرويها والعظات التى يزعق بها، فلا واحد من هؤلاء الشيوخ والوعاظ المحيطين والمحلقين والمقتربين والمتحالفين والمتوددين إلى الرئيس مرسى والمشتغلين بالسياسة والمنشغلين بمزاعم العمل من أجل سيادة شرع الله، ولا واحد منهم يتردد عند التقرب من قصر السلطان أو دائرة الحكم أو ديوان السيادة، ويذكر النبى الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وهو يحذرهم شرًّا مستطيرًا يحيط بهم ويحيق بتدينهم إذا ذهبوا إلى السلطان،

هؤلاء وعاظ وعلماء حذَّر منهم النبى صلى الله عليه وآله وسلم، لقد أخرج الإمام أحمد فى مسنده، والبيهقى بسند صحيح، عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتُتن، وما ازداد أحد من السلطان قربا، إلا ازداد من الله بعدا».
المصدر إبراهيم عيسى

الدستور الاصلي
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
22-08-2014, 09:52 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif


ماذا يعني ان يقبضوا رواتبهم و ينقطعون عن العمل ....

يعني ذلك انهم يأكلون الحرام .......

و اين في وزارة الشؤون الاسلامية ...
في وزارة الشؤون الاسلامية ...
eek.gif
eek.gif
في وزارة الشؤون الاسلامية ...
eek.gif
eek.gif



معقل الدعوة للدين ...!!!!!!!!
frown.gif
frown.gif
اللي موظفيها ممن يسمون انفسهم اسلاميين من اخوان مسلمين و سلف ..و...

منهم من يطولون لحاهم و يقصرون دشاديشهم و آخرين بعمائم و ملابس أزهرية
----------------------------------


الخالد ينفض... «الوسطية»


وزير الأوقاف فاجأ المركز بزيارة... ففوجئ بغياب غالبية موظفيه الـ 300

محليات · 22 أغسطس 2014 / 836 مشاهدة / الراي1
شارك: • لجنة التحقيق في تجاوزات «الدراسات الإسلامية» انتهت إلى وجود مخالفات في القطاع المالي

• الخالد يفتح ملف مخالفات بيت الزكاة وأمانة الأوقاف تجسيداً للنهج الإصلاحي... مالياً وإدارياً ويقرر وقف مؤتمر «الإعلام الهادف» من باب الحرص على تقنين المصروفات

• الوزير يدفع في اتجاه تغيير قياديين وإنشاء مراكز لتعليم الشباب العلم الشرعي الحقيقي
عين على الأمن، وأخرى على الإصلاح المالي والإداري في وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية.

بهذه العبارة وصّفت مصادر مطلعة في وزارة الأوقاف زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية وزير الأوقاف بالإنابة «المفاجئة» أمس الى المركز العالمي للوسطية، التي وضعت الوزير أمام «مفاجأة»، حيث لم يكن موجودا من موظفي المركز الذين يربو عددهم على الـ 300 سوى عدد قليل جدا، يعد على أصابع اليدين، الأمر الذي دعا الخالد الى سؤال الوكيل بالوكالة، الوكيل المالي والإداري فريد عمادي الذي فوجئ أيضا بالزيارة، عن ظاهرة الغياب هذه، وطلب إفادة بالأسباب، ليصار في القريب العاجل الى اتخاذ الإجراءات المناسبة، لا سيما في حق الغائبين دون عذر مقبول.

ولفتت المصادر الى أن من أسباب زيارة الوزير الخالد الى مركز الوسطية اعتزام الأخير استضافة مؤتمر تحت عنوان «الإعلام الهادف» الذي تشارك فيه نحو 20 قناة فضائية والعديد من الشخصيات، وثار حوله لغط شديد في الفترة الأخيرة، الأمر الذي دفع الوزير الخالد الى القيام بجولة للوقوف بنفسه على الاستعدادات ليقطع الشك باليقين, مع قرار بوقف المؤتمر تقنيناً للمصروفات الا في مواضعها الحقيقية.

وأضافت المصادر، أن الوزير الخالد، ومن منطلق حرصه على الشفافية وتحقيق الإصلاح المالي والإداري في وزارة الأوقاف، التي يوليها جزءا كبيرا من وقته، شكل لجنة للنظر في الشكوى المرفوعة من مدير مكتب الوزير ومدير مركز الدراسات الاسلامية بدر الظفيري، حول ما يشاع من تجاوزات ومخالفات اعترت عمل المركز، وترأس اللجنة الوكيل المساعد خليف الأذينة وضمت في عضويتها عددا من المستشارين، انتهت الى وضع تقريرها في 82 صفحة ورفعته الى الوزير، وتضمن مخالفات في القطاع المالي.

وأشارت المصادر الى أن الوزير الخالد طلب من رئيس اللجنة اعتماد التقرير ورفعه الى عمادي، مع تأشيرة عدم اطلاع الوكيل على فحوى التقرير، كون أن «غالبية المخالفات المرصودة تعود الى القطاع الذي يتولى الوكيل إدارته».

ولفتت المصادر إلى أن الوزير الخالد عازم من خلال نهجه الإصلاحي، لا سيما في النواحي المالية والإدارية، الدخول على خط المخالفات في بيت الزكاة والأمانة العامة للأوقاف، والتي تتركز في معظمها على التعيينات في الوظائف الاشرافية، من باب الإصلاح، الذي يهدف اليه الوزير في وزارة حساسة لها مكانتها مثل وزارة الأوقاف.

وأكدت المصادر، أن الوزير الخالد حريص جدا على دعم الدراسات الاسلامية، بل إنه من الداعين اليها، ومن المشجعين على حض الشباب للإقبال على العلم الشرعي الحقيقي، على يد علماء ثقاة، لهم منهجهم الوسطي المعتدل والموزون، لما يشكله ذلك من رصيد إضافي في مواجهة الغلو والتطرف، لا سيما في ظل ما جُبل عليه المجتمع الكويتي من تسامح واعتدال، وما تربى عليه من عادات وتقاليد تراعي احترام الرأي والرأي الآخر، مضيفة أن الوزير يدفع أيضا في اتجاه تغيير قياديين بما يتلاءم والنهج الاصلاحي الذي ينتهجه في سير العمل بالوزارة.


التعديل الأخير تم بواسطة justice; 22-08-2014، الساعة 03:11 PM
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
22-08-2014, 04:05 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif
خلنقرى في المبادىء الاسلامية العظيمة اللى لوثوها تجار الدين " نجوم " الفضائيات و الاموال ......
خلنقرى في المبادىء الاسلامية العظيمة اللى لوثها تجار الدين " نجوم " الفضائيات....

لا ... و أحدهم عضو لجنة مهرجان !!! .. و التي تحضر اليسا و نانسي لاحياء ليالي المهرجان ...

الله و أكبر ....

ليس لنا الا ان نتذكر شيوخ الدين الكبار كالشعراوي و الغزالي .......... و كيف كان عليه الاسلام و الدعوه له حينه

و كيف أضحى في أيامنا هذه بين تفجيرات سيارات و انتحاريين و قطع رقاب و نكاح الجهاد و نجوم القنوات و المنافقين
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
22-08-2014, 04:17 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif





الاسلام .....



في مسألة مساعدة الناس ... و هي اسمى المبادىء الانسانية









أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس...

قضاء الحوائج

اسلاميات · 22 أغسطس 2014 / 96 مشاهدة /


الراي15


السعي في قضاء حوائج الناس من أفضل القربات إلى الله

×

1 / 1
شارك: إن للأخوة أبواباً جليلة وواجبات كثيرة وحقوقاً عظيمة وهذا يدل على عظم منزلة الأخوة والألفة والمحبة... هناك باب من أبواب الأخوة عظيم النفع جليل القدر كثير الأجر، به تحفظ الأخوة، به تدوم الألفة، به تصدق المحبة، و به يختبر الصديق ويمتحن في صدق محبتهِ.
إن قضاء الحوائج واصطناع المعروف باب واسع يشمل كل الأمور المعنوية والحسية التي ندب الإسلام عليها وحثَّ المؤمنين على البذل والتضحية فيها لما فيه من تقويةٍ لروابط الأخوة وتنمية للعلاقات البشرية،
فلنتأمل هذه الأحاديث والتي هي مرغبه في قضاء حوائج المسلمين واصطناع المعروف وإدخال السرور عليهم.
- قال صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام... صححه الألباني الأحاديث الصحيحة رقم (906).
ولما أخبر النبي السائل بمن يحبهم الله من عباده، فقال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس) أشار إلى منزلة عظيمة جدا، ودرجة عالية رفيعة، ذلك أن محبة الله للعبد شيء عظيم، فإن الله إذا أحب عبدا أحبه أهل السماء والأرض، وإن الله إذا أحب عبدا لا يعذبه، كما في الحديث عن النبي: (إن الله تعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل فقال: يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض).
وقال: (والله لا يلقى الله حبيبه في النار )...
- وفي صحيح مسلم «عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من نفَّس عن مؤمن كربة نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه...».

ومن المعلوم أن كرب الدنيا كلها بالنسبة لكرب الآخرة لا شيء، فإن كرب الآخرة شيء عظيم،
فعليك أيها المسلم القادر أن تسعى لإزالة ما يحل بالمسلمين من النائبات والمصائب والكرب، فمن ابتلي بمسغبة بذلت له من مالك، أو حثثت الأغنياء على التصدق عليه ومعونته، ومن حاق به ظلم ظالم رددت عنه الظلم ما وجدت إلى ذلك سبيلا، وبالجملة فأنت أيها المسلم مكلف شرعا أن تسعى جاهدا لإزالة النائبات أو تخفيفها عن إخوانك المسلمين، والله سبحانه يعدك علىذلك أن يدفع كرب يوم الدين.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة).
وقال صلى الله عليه وسلم(أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن كسوت عورته أو أشبعت جوعته أو قضيت له حاجه) صحيح الترغيب وقال صلى الله عليه وسلم (أحب الأعمال إلى الله عز وجل:سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تطرد عنه جزعاً أو تقضي عنه ديناً...
وقال صلى الله عليه وسلم (من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
ومن أحب الأعمال إلى الله: (أن تقضى عن مسلم دينا). إن الله تبارك وتعالى جعل للغارمين نصيبا في الصدقات المفروضة، وجعل لهم حقا معلوما في مال الأغنياء، قال تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل [التوبة:60].
والغارمون هم من ركبتهم الديون ولزمتم، ثم لم يجدوا لها وفاء، فأهل الأموال مطالبون شرعا بقضاء دين الغارمين..
. ولذلك جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري قال: (أصيب رجل في عهد رسول الله في ثمار ابتاعها، فكثرت ديونه، فقال النبي: (تصدقوا عليه)، فتصدق الناس عليه فلم يبلغ وفاء دينه، فقال لغرمائه: (خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك).
ولقد نفى النبي الإيمان عمن بات شبعان وجاره جائعا، فقال: (ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه).
وفي الحديث عنه أنه قال: (يقول الله تعالى يوم القيامة: يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني! فيقول: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! فيقول عز وجل: استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟!).
قال تعالى: (ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين. ولم نك نطعم المسكين)...
ومن فضائل قضاء الحاجات «مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا» قال صلى الله عليه وسلم: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب...
قال ابن عباس: «إن لله عباداً يستريح الناس إليهم في قضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم أولئك هم الآمنون من عذاب يوم القيامة».
كثرت الأحاديث في الحث على السعي في قضاء حوائج المسلمين.
ومنها قوله: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)... وقوله: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته).
إن الله تبارك وتعالى يعطيه خيرا مما بذل وأكثر.
(من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) فإن الجزاء من جنس العمل.
أن تسعى في حاجة نفسك أنت، أم يسعى الله العليم القدير، الذي بيده ملكوت كل شيء، وعنده خزائن كل شيء، في قضاء حاجتك.
قال الضحاك في قوله تعالى (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) - في قصة يوسف عليه السلام -: «كان إحسانه إذا مرض رجل بالسجن قام عليه، وإذا ضاق عليه المكان وسع له إذا احتاج جمع سأل له».
وقيل لابن المنكدر أي الأعمال أفضل؟ قال: «إدخال السرور على المؤمن». قيل أي الدنيا أحب إليك؟ قال: «الإفضال على الإخوان». أي التفضل عليهم والقيام بخدمتهم.

وقال وهب بن منبه: «إن أحسن الناس عيشاً من حسن عيش الناس في عيشه وإن من ألذ اللذة الإفضال على الإخوان».

فوائد قضاء الحوائج

- يقول ابن عباس: لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره فإنه يشكرك عليه من لم تصنعه إليه، أيضاً يقال: لا يزهدنك في المعروف من يسديه إليك، ولا ينبو ببصرك عنه، فإن حاجَتَك في شكره ووفائه لا منظره، وإن لم يكن أهله فكن أهله.
قال عمرو بن العاص: «في كل شيء سَرَفٌ إلا في ابتناء المكارم أو اصطناع المعروف، أو إظهار مروءة».

- حفظ الله لعبده في الدنيا كما في الحديث القدسي: يابن آدم أنفق ينفق عليك» وقد قيل (صنائع المعروف تقي مصارع السوء).
قال ابن عباس: «صاحب المعروف لا يقع فإن وقع وجد متكئاً»...
كان خالد القسري يقول على المنبر: «أيها الناس عليكم بالمعروف فإن فاعل المعروف لا يعدم جوازيه وما ضعف عن أدائه الناس قوي الله على جوازيه».

قضاء الحوائج واصطناع المعروف

- الإخلاص في الأعمال وعدم المن بها قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- : لا يتم العمل إلا بثلاث تعجيله وتصغيره وستره فإنه إذا عجله هنَّأه وإذا صغَّره عظمه وإذا ستره تممه.
وكان يقال: ستر رجل ما أََولى، ونشر رجل ما أُولي. وقالوا المنة تهدم الصنيعة.
قال رجل لابن شبرمه: فعلت بفلان كذا وكذا، وفعلت به كذا فقال: لا خير في المعروف إذا أحصي.
وأعلم أن من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية الأعمال في الأعمال، واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة.
- إتمام العمل: قال أحد السلف: رٌب المعروف أشد من ابتدائه. والمقصود به رُب العمل: تنميته تعهده. ويقال: الابتداء بالمعرف نافلة و ربه فريضة. أي إتمامه.

- و طلب الحاجة من الكريم دون اللئيم: فعندما يطلب منك أي عمل فأعلم أن الحاجة لا تطلب إلا من كريم وقد أحسن الظن بك من طلب أداء العمل واستمع إلى قول ابن عباس: ثلاثة لا أكافئهم: رجل بدأني بالسلام، ورجل وسع لي في المجلس، ورجل اغبرت قدماه في المشي إرادة التسليم علي، فإما الرابع: فلا يكافئه عني إلا الله عز وجل، قيل فمن هو؟ قال: رجل بات ليلته يفكر بمن ينزله ثم رآني أهلاً لحاجته فأنزلها بي. أراد بذلك من طلب المعونة منه.
كان يقال: لا تصرف حوائجك إلى من معيشته في رؤوس المكاييل والموازين.

- و الشكر والثناء: وهذا أدب لصاحب الحاجة يفتقر إليه بعض الناس وكان من الواجب على صاحب الحاجة أن يبالغ في الشكر والثناء لمن قضى له حاجته ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، قال صلى الله عليه وسلم: «من صُنِعَ إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء.
قال بعض الحكماء: إذا قصرت يدك عن المكافأة فليطل لسانك بالشكر.

- وهذه مجموعة آداب يرويها خالد بن صفوان: لا تطلبوا الحوائج في غير حينها، ولا تطلبوها لغير أهل، ولا تطلبوا ما لستم له بأهل فتكونوا للمنع خلقاء.

نماذج وآثار لسلف هذه الأمة

- علموا عظم الأجر المترتب على اصطناع المعروف وقضاء الحوائج وما فيه من النفع وضربوا لنا أروع الأمثلة فمن ذلك:

- ما أخرجه الإمام أحمد من حديث ابنة لخباب بن الأرت قالت: خرج خباب في سريه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهدنا حتى يحلب عنزة لنا في جفنة لنا فتمتلئ حتى تفيض.
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم فلما استخلف قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها. فقال أبو بكر وإني لأرجو ألا يغرني ما دخلت فيه - يعني الخلافة - عن شيء كنت افعله أو كما قال.

- وكان عمر يتعاهد الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة، فدخل إليها فإذا هي عجوز عمياء مقعدة فسألها ما يصنع هذا الرجل عندكِ. قالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدنا يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى...
فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة عثرات عمر تتبع.

- كان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم

كل يوم، فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن.

- وقال مجاهد : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدمني.

- وكان كثير من الصالحين يشترط

على أصحابه في السفر أن يخدمهم.

- وكان رجل من الصالحين يقول

اللهم بلغني عثرات الكرام، حتى يقيمها.

- في الصحيحين عن أنس قال: كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا في يوم حارٍّ أكثرنا ظلاً صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوام وقام المفطرون، وضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذهب المفطرون بالأجر).
وفي الحديث الذي معنا يقول النبي : ( ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام ) والمراد بالحاجة أي حاجة كانت: مالية أو علمية أو أدبية، دينية أو دنيوية.
والمراد بقوله (ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام) أن الذي يمشي في حاجة أخيه المسلم حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم القيامة على الصراط، الذي هو مدحضة مزلة، أرق من الشعر، وأحد من السيف، وعلى جنبتيه كلاليب وخطاطيف، تتخطف الناس.
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
29-12-2014, 09:28 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif

بالفيديو.. فتاوى 2014: «التلصص على استحمام المرأة والخمر حلال والمريخ حرام»


sms_block_header2.jpg



288515_0.jpg



السبت ٢٧ ديسمبر ٢٠١٤ - ٠٤:٣٥:١٨ م






«الموقعون عن رب العالمين».. هكذا وصفهم ابن قيم الجوزية في عنوان كتابه «إعلام الموقعين عن رب العالمين»، مبينًا خطورة موقع المفتي وعظيم قوله ببيان الحكم الشرعي، لكن عددًا من الفتاوى في 2014 لم يحمل الجانب ذاته من الأهمية والخطر، بل أثار بعضها جدلًا، والأخر ضحكاً، وثالث تندرًا وسخرية.
تلك الفتاوى، التي اشتبكت مع واقع الحياة، تنوعت بين ارتباطها بالسياسة أو النساء أو جوانب الحياة في البيع والشراء والتعامل مع الآباء والأمهات، وأخيرًا، الحياة على سطح المريخ.
المرأة الأكثر زخمًا:
المرأة كانت حاضرة بقوة في الفتاوى المثيرة للجدل، والبداية مع الداعية المصري أسامة القوصي، الذي أفتى بإباحة النظر إلى المرأة التي ينوي الرجل الزواج بها وهي تستحم، مشترطًا وجود نية أكيدة للزواج، ومبررًا بأن الصحابة فعلوا ذلك، وهو ما أثار جدلًا واسعًا.
فتوى «القوصي» جاءت في مقطع فيديو تداوله نشطاء على مواقع التواصل قال فيه: «لو كنت صادقًا في أنك ترغب بالزواج من البنت، وعرفت تستخبي وشفت حاجه هي مش ممكن توريهلك جائز. إنما الأعمال بالنيات، وأحد الصحابه فعل ذلك..».
[embedded content] الجدل الذي أثارته الفتوى يبدو أنه دفع وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، للرد على صاحبها في بيان رسمي قائلًا: «نقول له ولأمثاله أي نخوة وأي رجولة في هذا، هل تقبله أنت على ابنتك، وإذا كانت طبيعتك تقبله، فطبيعة الشعب المصري المؤمن المتحضر بمسلميه ومسيحييه لا تقبله ولا تُقرّه».
ومن فتاوى النساء، التي أثارت جدلًا واسعا أيضًا، فتوى مفتي مصر السابق، على جمعة، التي ذكرها في سياق حديثه عن «الإتيكيت الإسلامي»، من خلال مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، طالب فيه الرجال بالصبر والتساهل مع زوجاتهم، قائلًا: «إن الإتيكيت الإسلامي يطالبك بأن تتصل بزوجتك بالهاتف قبل المجيء إليها، اتصل بها يا أخي، أفرض إن معاها حد اتركه يمشي».
[embedded content] عودة الجواري:
«عودة الجواري» عنوان الفتوى التي تناقلتها وسائل إعلامية لداعية سلفي أردني في فيديو على موقع «يوتيوب»، حيث قال ياسر العجلوني: «نيابة عن علماء الشام وعلماء سوريا أصدر الفتوى التالية، حيث يجوز للمرأة السورية أن تطلب من الرجل المسلم القادر على كسوتها وسترتها وإيوائها أن يدخلها في عقد ملك اليمين كي تصير ملكًا ليمينه، والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم، عن أنس قال:»قال رسول الله إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم إلى قوله، أن يكون لكل خمسين امرأة قيم واحد فيصرن له موالي وإماء..«.
ومبررًا لفتواه، قال «العجلوني»، في الفيديو: «علاجًا لمسألة التهجير الواقع على أهلنا في سوريا، حيث إن النساء في سوريا المهجرات لا يجدن من يغطي نفقاتهن، ولا يجدن من يحرص على حفظهن وحفظ أمنهن، فيجوز لهن أن يطلبن الدخول في عقد زواج ملك اليمين، بحيث يصير هذا الرجل سيدًا لها، وتصير المرأة ملكًا ليمينه».
وأضاف: «وهذا العقد لا يتطلب من المرأة إلا أن تستبريء نفسها بحيضة ثم تسجل العقد بإعلانه على وسائل الاتصال المعروفة، وتصير المرأة ملكًا له بعد أن تقول ملكتك نفسي بعقد اليمين، فتصير المرأة أمة له وجارية، ويصير هو سيدها، عليه كسوتها وعليه رعايتها والإنفاق عليها..»، حسب تعبيره.
كما أصدر مفتي الديار التونسية فتوى بجواز منع النقاب لدواع أمنية. وقال المفتي حمدة سعيد: «المذاهب الإسلامية الأربعة، وخصوصًا المذهب المالكي، ترى أن النقاب يوجد شرعًا بين السنة والاستحباب، وأن النصوص الصحيحة ترجح الحجاب على النقاب».
وبشأن إمكانية جواز منع ارتداء النقاب لضرورات أمنية، أشار المفتي إلى أن ولي الأمر يجوز له شرعًا أن يقيد نطاق المباحثات إذا رأى في ذلك مصلحة راجحة للأمة، ومنها حفظ النفس من كل ما يتهددها من المخاطر.
[embedded content] «برهامي» والمرأة:
المرأة بفتاواها المثيرة للجدل كانت حاضرة وبقوة أيضًا في فتاوى الداعية السلفي، ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية، حيث أفتى بتحريم ارتداء المرأة الـ«استرتش» أمام أبنائها وإخوتها، وبجواز نكاح المرأة المستحاضة مع تفضيل استخدام العازل الطبي، وتحريم الخلوة بالصغيرة، وجواز كذب المرأة على زوجها لتخرج من أجل التصويت في الاستفتاء على الدستور، كما نقل عنه موقع «أنا السلفي».
وكانت أكثر فتاوى «برهامي» إثارة للغضب، ما أجاز فيه للرجل أن يترك زوجته تغتصب إذا تيقن أنه سيقتل في حال الدفاع عنها، وهي الفتوى التي نقلها أيضا موقع «أنا السلفي»، وقالت تقارير صحفية إعلامية إنها أثارت غضبًا عارمًا في الشارع المصري.
وعاد «برهامي» ليرفع درجة الجدل مجددًا حول فتواه بعدم جواز قتل الزوج لزوجته الزانية وعشيقها «لمجرد رؤيتهما عاريين ما لم يرَ الفَرْج في الفَرْج».
وفي اتجاه تمكين المرأة، كما قال البعض، جاءت فتوى حسن الترابي، المفكر الإسلامي السوداني، والذي قال إن «شهادة المرأة تساوى شهادة الرجل تمامًا وتوازيه، بل أحيانًا تكون أفضل منه، وأعلم وأقوى».
ونفى «الترابي» ما يقال من أن شهادة امرأتين تساوى شهادة رجل واحد، وقال: «ليس ذلك من الدين أو الإسلام، بل هو مجرد أوهام وأباطيل وتدليس أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء».
«الفوزان».. نصيب الأسد:
ومن بين الدعاة، فاز الداعية السعودي، الشيخ صالح الفوزان، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء، بنصيب الأسد من الفتاوى المثيرة للجدل، حيث أصدر 5 فتاوى خلال 2014 تلقفها الرأي العام بلغط كبير.
وكان أبرزها فتواه بحرمة «البوفيه المفتوح»، والذي يعني أن يدفع الشخص مبلغًا ثابتًا من المال مقابل أن يأكل ويشرب ما يشاء، والتي جاءت في مقطع صوتي على «يوتيوب» مسجل من أحد دروسه العلمية.
واستند «الفوزان» في حرمته إلى أن البيع والشراء شرطهما الأساسي أن يكونا معلومين ومحددين، وتابع: «من يدخل البوفيه ويأكل ما يشاء، وهو محدد السعر، فهو مجهول، والبيع والشراء مشترط فيه أن يكونا معلومين، ومن يحضر إلى بوفيه ويأكل ما يشاء مقابل 10 ريالات أو 50 ريالًا، دون تحديد للطعام، فهذا مجهول، ولا يجوز شرعًا».













بالفيديو.. فتاوى 2014: «التلصص على استحمام المرأة والخمر حلال والمريخ حرام»


sms_block_header2.jpg



288515_0.jpg





  • السبت ٢٧ ديسمبر ٢٠١٤ - ٠٤:٣٥:١٨ م






    «الموقعون عن رب العالمين».. هكذا وصفهم ابن قيم الجوزية في عنوان كتابه «إعلام الموقعين عن رب العالمين»، مبينًا خطورة موقع المفتي وعظيم قوله ببيان الحكم الشرعي، لكن عددًا من الفتاوى في 2014 لم يحمل الجانب ذاته من الأهمية والخطر، بل أثار بعضها جدلًا، والأخر ضحكاً، وثالث تندرًا وسخرية.
    تلك الفتاوى، التي اشتبكت مع واقع الحياة، تنوعت بين ارتباطها بالسياسة أو النساء أو جوانب الحياة في البيع والشراء والتعامل مع الآباء والأمهات، وأخيرًا، الحياة على سطح المريخ.
    المرأة الأكثر زخمًا:
    المرأة كانت حاضرة بقوة في الفتاوى المثيرة للجدل، والبداية مع الداعية المصري أسامة القوصي، الذي أفتى بإباحة النظر إلى المرأة التي ينوي الرجل الزواج بها وهي تستحم، مشترطًا وجود نية أكيدة للزواج، ومبررًا بأن الصحابة فعلوا ذلك، وهو ما أثار جدلًا واسعًا.
    فتوى «القوصي» جاءت في مقطع فيديو تداوله نشطاء على مواقع التواصل قال فيه: «لو كنت صادقًا في أنك ترغب بالزواج من البنت، وعرفت تستخبي وشفت حاجه هي مش ممكن توريهلك جائز. إنما الأعمال بالنيات، وأحد الصحابه فعل ذلك..».
    [embedded content] الجدل الذي أثارته الفتوى يبدو أنه دفع وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، للرد على صاحبها في بيان رسمي قائلًا: «نقول له ولأمثاله أي نخوة وأي رجولة في هذا، هل تقبله أنت على ابنتك، وإذا كانت طبيعتك تقبله، فطبيعة الشعب المصري المؤمن المتحضر بمسلميه ومسيحييه لا تقبله ولا تُقرّه».
    ومن فتاوى النساء، التي أثارت جدلًا واسعا أيضًا، فتوى مفتي مصر السابق، على جمعة، التي ذكرها في سياق حديثه عن «الإتيكيت الإسلامي»، من خلال مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، طالب فيه الرجال بالصبر والتساهل مع زوجاتهم، قائلًا: «إن الإتيكيت الإسلامي يطالبك بأن تتصل بزوجتك بالهاتف قبل المجيء إليها، اتصل بها يا أخي، أفرض إن معاها حد اتركه يمشي».
    [embedded content] عودة الجواري:
    «عودة الجواري» عنوان الفتوى التي تناقلتها وسائل إعلامية لداعية سلفي أردني في فيديو على موقع «يوتيوب»، حيث قال ياسر العجلوني: «نيابة عن علماء الشام وعلماء سوريا أصدر الفتوى التالية، حيث يجوز للمرأة السورية أن تطلب من الرجل المسلم القادر على كسوتها وسترتها وإيوائها أن يدخلها في عقد ملك اليمين كي تصير ملكًا ليمينه، والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم، عن أنس قال:»قال رسول الله إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم إلى قوله، أن يكون لكل خمسين امرأة قيم واحد فيصرن له موالي وإماء..«.
    ومبررًا لفتواه، قال «العجلوني»، في الفيديو: «علاجًا لمسألة التهجير الواقع على أهلنا في سوريا، حيث إن النساء في سوريا المهجرات لا يجدن من يغطي نفقاتهن، ولا يجدن من يحرص على حفظهن وحفظ أمنهن، فيجوز لهن أن يطلبن الدخول في عقد زواج ملك اليمين، بحيث يصير هذا الرجل سيدًا لها، وتصير المرأة ملكًا ليمينه».
    وأضاف: «وهذا العقد لا يتطلب من المرأة إلا أن تستبريء نفسها بحيضة ثم تسجل العقد بإعلانه على وسائل الاتصال المعروفة، وتصير المرأة ملكًا له بعد أن تقول ملكتك نفسي بعقد اليمين، فتصير المرأة أمة له وجارية، ويصير هو سيدها، عليه كسوتها وعليه رعايتها والإنفاق عليها..»، حسب تعبيره.
    كما أصدر مفتي الديار التونسية فتوى بجواز منع النقاب لدواع أمنية. وقال المفتي حمدة سعيد: «المذاهب الإسلامية الأربعة، وخصوصًا المذهب المالكي، ترى أن النقاب يوجد شرعًا بين السنة والاستحباب، وأن النصوص الصحيحة ترجح الحجاب على النقاب».
    وبشأن إمكانية جواز منع ارتداء النقاب لضرورات أمنية، أشار المفتي إلى أن ولي الأمر يجوز له شرعًا أن يقيد نطاق المباحثات إذا رأى في ذلك مصلحة راجحة للأمة، ومنها حفظ النفس من كل ما يتهددها من المخاطر.
    [embedded content] «برهامي» والمرأة:
    المرأة بفتاواها المثيرة للجدل كانت حاضرة وبقوة أيضًا في فتاوى الداعية السلفي، ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية، حيث أفتى بتحريم ارتداء المرأة الـ«استرتش» أمام أبنائها وإخوتها، وبجواز نكاح المرأة المستحاضة مع تفضيل استخدام العازل الطبي، وتحريم الخلوة بالصغيرة، وجواز كذب المرأة على زوجها لتخرج من أجل التصويت في الاستفتاء على الدستور، كما نقل عنه موقع «أنا السلفي».
    وكانت أكثر فتاوى «برهامي» إثارة للغضب، ما أجاز فيه للرجل أن يترك زوجته تغتصب إذا تيقن أنه سيقتل في حال الدفاع عنها، وهي الفتوى التي نقلها أيضا موقع «أنا السلفي»، وقالت تقارير صحفية إعلامية إنها أثارت غضبًا عارمًا في الشارع المصري.
    وعاد «برهامي» ليرفع درجة الجدل مجددًا حول فتواه بعدم جواز قتل الزوج لزوجته الزانية وعشيقها «لمجرد رؤيتهما عاريين ما لم يرَ الفَرْج في الفَرْج».
    وفي اتجاه تمكين المرأة، كما قال البعض، جاءت فتوى حسن الترابي، المفكر الإسلامي السوداني، والذي قال إن «شهادة المرأة تساوى شهادة الرجل تمامًا وتوازيه، بل أحيانًا تكون أفضل منه، وأعلم وأقوى».
    ونفى «الترابي» ما يقال من أن شهادة امرأتين تساوى شهادة رجل واحد، وقال: «ليس ذلك من الدين أو الإسلام، بل هو مجرد أوهام وأباطيل وتدليس أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء».
    «الفوزان».. نصيب الأسد:
    ومن بين الدعاة، فاز الداعية السعودي، الشيخ صالح الفوزان، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء، بنصيب الأسد من الفتاوى المثيرة للجدل، حيث أصدر 5 فتاوى خلال 2014 تلقفها الرأي العام بلغط كبير.
    وكان أبرزها فتواه بحرمة «البوفيه المفتوح»، والذي يعني أن يدفع الشخص مبلغًا ثابتًا من المال مقابل أن يأكل ويشرب ما يشاء، والتي جاءت في مقطع صوتي على «يوتيوب» مسجل من أحد دروسه العلمية.
    واستند «الفوزان» في حرمته إلى أن البيع والشراء شرطهما الأساسي أن يكونا معلومين ومحددين، وتابع: «من يدخل البوفيه ويأكل ما يشاء، وهو محدد السعر، فهو مجهول، والبيع والشراء مشترط فيه أن يكونا معلومين، ومن يحضر إلى بوفيه ويأكل ما يشاء مقابل 10 ريالات أو 50 ريالًا، دون تحديد للطعام، فهذا مجهول، ولا يجوز شرعًا».




    http://almogaz.com/news/politics/2014/12/27/1788762
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
27-02-2015, 05:54 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif
ما لا تعرفه عن بلاغة في الآيات التي هي سندك الأعظم في الحياة ..... و عن قضايا دينية أخرى...
ما لا تعرفه عن بلاغة في الآيات التي هي سندك الأعظم في الحياة .....و عن قضايا دينية أخرى ...
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
27-02-2015, 05:55 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif

ما لا تعرفه عن بلاغة في الآيات التي هي سندك الأعظم في الحياة .....
27-02-2015, 05:55 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif

ما لا تعرفه عن بلاغة في الآيات التي هي سندك الأعظم في الحياة .....
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
27-02-2015, 05:57 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif

و إذا سألك عبادي عني فإني قريب ))

من روائع البيان القرآني

اسلاميات · 26 فبراير 2015 / 114 مشاهدة / 23


الدعاء مخ العبادة

×
1 / 1



شارك:





ذكر علماء اللغة و البيان عنها ما يلي:أنها الآية الوحيدة التي خالفت بقية الآيات التي تبدأ بسؤال الناس للنبي الكريم ، حيث كلها تأتي بصيغة ((يسألونك))

مثل ((يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل .. يسألونك عن الخمر و الميسر قل ...، يسألونك عن الأنفال قل ... ،

و يسألونك عن اليتامى قل ... ، يسألونك ماذا أحل لهم قل ... ، و يسألونك ماذا ينفقون قل ... ،

يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل ... ، و يسألونك عن الروح قل ... ، و يسألونك عن الجبال فقل ... ))

إلا هذه الآية ! فمن عظمة الله أنه سبق المؤمنين بالسؤال و هم لم يسألوا بعد!

و كأنه سؤال افتراضي ، فإن الله هو الذي وضع السؤال و بادر بالإجابة من قبل أن يُسأل حباً منه بالدعاء و بسرعة الإجابة !

فانظر إلى واسع رحمته على غرار (( و يسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا )) كان القياس أن يقول (و إذا سألك عبادي عني فقل ربي قريب يجيب دعوة الداع ) لكنه تبارك و تعالى تكفل بالإجابة بنفسه وقال (( فإني قريب أجيب دعوة الداع )) فابتدأ جوابه بأنه قريب للدلالة على عدم حاجته للوسطاء و الأولياء أولاً ، وللدلالة على حفاوته بالدعاء و بالسائلين ثانياً.

فلم يتحدث بضمير الغائب عن ذاته فلم يقل ((يجيب دعوة الداع)) لأنه يدل على البعد و العلو ، بل نسبها لنفسه للدلالة على دنوه و قربه من السائلين !

انه تعالى لم يعلق الإجابة بالمشيئة كأن يقول (أجيبه إن أشاء) ، بل قطع و أكد بأنه يجيب دعوة الداع.

أنه قدم جواب الشرط على فعل الشرط ، فلم يقل (إذا دعان أستجب له) و ذلك للدلالة على قوة الإجابة و سرعتها.

أنه قال ((أجيب دعوة الداع إذا دعان)) و لم يقل (أجيب دعوة الداع إن دعان) و في هذا معانٍ بلاغية غاية في الدقة،

منها أنه استخدم أداة الشرط ((إذا)) و لم يستخدم أداة الشرط ((إن)) ، فما الفرق بينهما؟

السبب أن (إن) تستخدم للأحداث المتباعدة و المحتملة الوقوع و المشكوك فيها و النادرة و المستحيلة ، كقوله ((قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين)) و قوله ((و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا)) لأن الأصل عدم اقتتال المؤمنين، و قوله ((ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني)) ، و لم يقل (إذا) استقر مكانه و قد علمنا أن الجبل دك دكاً!

و كقوله ((قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا)). بينما (إذا) تعني المضمون حصوله أو كثير الوقوع ، مثل قوله ((كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت)) لأن الموت واقع لا محالة ! و قوله ((و ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم)) و قوله ((فإذا انسلخ الأشهر الحرم)) و قوله ((فإذا قضيت الصلاة)) ، و لذلك نرى أن كل أحداث يوم القيامة تأتي بـ (إذا) و لم تأت بـ (إن) ، مثال ذلك قوله ((إذا زلزلت الأرض زلزالها)) و قوله ((إذا الشمس كورت و إذا النجوم انكدرت و إذا الجبال سيرت ...)) و قوله ((إذا وقعت الواقعة)) و غيرها من أحداث يوم القيامة حيث لم تأت أي منها بأداة الشرط (إن) لأنها تحتمل الندرة و عدم الوقوع.

و من روعة هذا البيان هو حينما تأتيان معاً في موضع واحد فيستخدم (إذا) للكثرة و (إن للندرة) مثل قوله تعالى ((إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم .. و إن كنتم جنبا )) فجاء بـ (إذا) للوضوء لأنه كثير الوقوع و (إن) للجنب لأنه نادر الحصول و مثل قوله ((فإذا أحصن فإن أتين بفاحشةٍ)) فالإحصان متكرر و الفاحشة من النوادر فمن هذا نفهم أن المعنى من قوله تعالى ((إذا دعانِ)) أنه يشير إلى كثرة الدعاء و بأنه دعاء متكرر مستمر كثير و ليس نادراً قليلاً ! لأن الله يغضب إن لم يدعَ ، و القلب الذي لا يدعو قلبٌ قاسٍ ، ألم تر إلى قوله تعالى ((فأخذناهم بالبأساء و الضراء لعلهم يضرعون ، فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم)) و قوله ((و لقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون)).

ثم لاحظ أنه قال ((أجيب دعوة الداع)) و لم يقل ((أجيب الداع)) !

لأن الدعوة هي المستجابة و ليس شخص الداع ،و في هذا إشارة دقيقة جداً إلى مكانة الدعوة بغض النظر عن شخصية الداع قال ((عبادي)) بالياء و لم يقل ((عبادِ)) فما الفرق؟

((عبادي)) تشير إلى عدد أكبر من ((عباد)) فالياء تعني أن مجموعة العباد أكثر ، أي يجيبهم كلهم على اختلاف ايمانهم و تقواهم ، كقوله تعالى للدلالة على الكثرة ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم)) و المسرفون كثر ، و كقوله ((قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)) لأن أكثرهم يجادل ، أما للقلة فيقول ((فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)) و هؤلاء قلة ، و قوله ((وقل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم)) و المتقون قلة !

لاحظ أنه قال : ((أجيب دعوة الداع)) و كان القياس أن يقول (أجيب دعوتهم)! و ذلك للدلالة على أنه يجيب دعوة كل داع و ليس فقط دعوة السائلين ، فوسع دائرة الدعوة و لم يقصرها على السائلين.

قال ((فإني قريب)) و لم يقل (أنا قريب) و هذا توكيد بـ (إن) المشددة للتوكيد ، لأن أنا غير مؤكدة.

أن الآية توسطت آيات الصوم ، وهذا يعني أن الدعاء ديدن الصائم و أن للصائم دعوة لا ترد كما ورد في الأثر ( ما لم تكن بقطيعة رحم) الدعاء شعار الصائمين ، ومن عظمة الدعاء و منزلته عند الله أن الله أحاطه بآيات الصوم الذي قال عنه في الحديث القدسي ((الصوم لي و أنا أجزي به) لأن الصوم من شعائر الإخلاص لله لأنه شَعيرة غير ظاهرة الأثر على صاحبها ما لم يرائي ، فكذا الدعاء أراده الله أن يكون خالصاً له و هو الذي يجزي به من دون شرك فيه لأحد ، من دون واسطة نبي أو ولي أو شرطي أو موظف!
الراي
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
27-02-2015, 06:23 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif





و عن المواطنة.............





==================================





الوطن والمواطن...علاقة انتماء تنبع من القلب نظّمتها الشريعة الإسلامية على أساس الحق والواجب

في ذكرى الاستقلال والتحرير... ليس بالشعارات أو الاحتفالات وإقامة المهرجانات تتحقق المواطنة

اسلاميات · 26 فبراير 2015 / 560 مشاهدة / 22


مظهر من مظاهر الاحتفال بيومي الاستقلال والتحرير

×
1 / 1



شارك:





| إعداد عبدالله متولي |
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
01-07-2015, 07:53 AM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,768

icon1.gif

توابل / المفكر الإسلامي د. عصمت نصار:الخطاب الحالي زائف ولا ينتمي إلى أصل الإسلام
المفكر الإسلامي د. عصمت نصار:الخطاب الحالي زائف ولا ينتمي إلى أصل الإسلام




الأربعاء 01 يوليو 2015 - الساعة 00:02
يرى المفكر الإسلامي الدكتور عصمت نصار أستاذ الفكر العربي والفلسفة الإسلامية، العميد السابق لكلية الآداب في جامعة «بني سويف» المصرية، أن الخطاب الديني الحالي «زائف»، وقال في حوار مع {الجريدة} إن تجديد الخطاب يتطلب إخضاع كتب الأئمة وبينهم البخاري للنقد، ورحب بالخطاب العلماني في حال تحول الخطاب الديني إلى التعصب والراديكالية، معتبراً أن عملية التجديد ستؤول إلى فشل ما لم تصاحبها إصلاحات على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وإلى نص الحوار.






كتب الخبر: أحمد فوزي
T+ | T-
أخبار ذات صلة

فالح عبدالجبار: الابتعاد عن القضايا المعاصرة ينتج فتاوى الهلوسة والجنون!

د. عودة خليل: لا عنف في الخطاب الإسلامي ولغته ثابتة

أستاذة الإنثربولوجيا د. علياء رضاه رافع:

مستشار الشؤون الدينية والقضائية لدولة الإمارات السيد علي الهاشمي: خطابنا الديني يحتاج إلى تفعيل لا تجديد

الباحث والناشط الحقوقي عمرو عزت: يجب ألا تدعم السلطة خطاباً على حساب آخر




ما رأيك في الخطاب الديني الحالي وماذا يعني تجديده؟

يتطلب التجديد الإبقاء على الثوابت، وهي الخاصة بالتوحيد وإثبات النبوة والميعاد والجنة والنار والغيبيات السمعية، وتحديث المتغيرات أو المتحولات. من هنا، لا يوجد خطاب ديني الآن، بل مجرد «أكليشيهات» محفوظة من الموروث، تحتاج إلى نقد ذاتي كي تتواءم مع المستقبل. فللخطاب شروط منها وضوح لغته، وتناسبها مع المتلقي، وأن يفي مضمونه بحاجيات الواقع، وأن تتفق غاياته مع طموحات المجتمع وآماله، فلو طبقنا هذه الأسس على الخطاب المطروح الآن لن نجد منه شيئاً.

معنى ذلك أن الخطاب الديني الحالي أفرز الخطاب المتشدد في المجتمعات العربية؟

الخطاب الديني الآني زائف، لا يمت بصلة إلى أصل الإسلام وسماحته وموضوعيته، فغالبية الآراء التي زودها الفقهاء على أصل الدين أو الثابت العقدي الإسلامي، هي التي أفشلت الخطاب الحديث والمعاصر. نحن الآن نحتج بآراء أئمة الفقه، ونحتج ببعض الأحاديث، في حين أن الآراء الفقهية كافة، وللكثير من الأحاديث، حتى بما في ذلك الموجودة في {صحيح البخاري} دلالات ظنية، ويجب طرحها على مائدة النقد، في ضوء العلوم الشرعية التي يمكن أن نجدد الدين من خلالها، علم المقاصد وفقه الأولويات وفقه المآلات.

ما خصائص الخطاب الديني الرشيد من وجهة نظرك؟

أن يكون مفهوماً، لغته سهلة وبسيطة، فلا يمكنني أن أتحدث إلى العوام بلغة أرفع من مستواهم، وألا تكون لغته مبتذلة، أو من اختراع من يقولها.
فلا يعرف الحق إلا لثوابته، فعندما توضع آراء الفقهاء باعتبارها هي الصدق، أو هي اللغة المألوفة، فهذا يعد بابا من أبواب تزييف الخطاب الديني.

ما المراد بمضمون الخطاب؟

إذا ما أغفلت حاجيات الناس ومستلزمات الواقع، وتحدثت عن العسل واللبن في الآخرة لن أجد استجابة، فالكلام الأخروي والوعظي لا يفيد. المفيد هو التحدث عن حل المشاكل التي يراها الإنسان على أرض الواقع، ويجب تسويق الخطاب الديني جيداً، فنحن الآن في عصر التسويق ولسنا في عصر الخطب. ما زالت خطب أئمة المنابر، في الاتجاهات المختلفة المتباينة في الفكر الإسلامي الحديث، تحمل بعض ألفاظ الوعد والوعيد أو الخداع باسم الثواب والعقاب. نريد خطاباً يتحدث عن الواقع، وكيف يكون الإسلام سبيلاً إلى حل المشاكل الاجتماعية، فهذه هي المفردات التي يجب أن يتضمنها الخطاب الإسلامي الحديث والمعاصر.
لا إصلاح

هل تنطبق على خطابنا الديني مسألة التجديد أم الإصلاح؟

لا تستطيع إصلاح الخطاب الديني، لأنه لم ينحرف، لكن تستطيع تجديده، لأن الخطاب الإسلامي مبني على الثوابت العقدية، وثمة كتابات تطالب بإصلاح الدين هدفها جرنا إلى تقليد الكنيسة، حينما حذف البروتستانت الجزء الخاص بسلطة الكنيسة. أما نحن فنريد إعادة الدين إلى أصوله مع تحديث متغيراته، فهذا تجديد وليس إصلاحاً. لا يوجد عندنا سلطة دينية، حتى على النص والاجتهاد فيه، ودائماً تردد عبارة {لا اجتهاد مع نص}. فمتى يكون الاجتهاد إذن؟ والمقصود هنا لا اجتهاد مع نص قطعي الثبوت والدلالة. أما دون ذلك من نصوص فيجب فيها الاجتهاد. بالتالي، أنا أمام كم هائل من التشريعات المتغيرة والمتحولة التي تستوجب التجديد.

كيف يمكن قراءة النص بأسلوب يواكب روح العصر ومستجداته بما يزيل شبهة جموده التي تتلبس بعض دعاة التشدد؟

من خلال ثلاث قواعد: معرفة أصول اللغة، معرفة أسباب التنزيل، دراسة لعلم الدلالات، في ضوء الواقع وعدم ربط المتغيرات بالثابت. بمعنى أنني عندما أقرأ القرآن أقرأه وأفسره في ضوء العصر، بمنأى عن التفاسير السابقة التي تجعل للفظ أو الآية معنى محدداً وبذلك تكون الآية وكأنها تنزلت اليوم، أي أن ثمة آيات خصصت لأمر بعينه ووقعت في سياق لمعالجة مشكلة بعينها، ألا أخرجها من التخصيص إلى التعميم، لأن الخلط بين التخصيص والتعميم في التنزيل يفقد النص إعجازه فلا أقول إن الروم هم أميركا ولا أقول إن إسرائيل هم اليهود ولا أحكم أيضاً على أهل الكتاب النصارى على أنهم هم الذين كفروا وأضعهم في سلة الكفار، في حين أن ثمة نصوصاً أخرى تبرئهم تماماً وتجعل الحكم عليهم لله وليس للبشر.

ما الدور المنوط بالمؤسسات الدينية في العالم العربي والإسلامي للعمل على إزالة الفهم الخاطئ للإسلام وتجديد لون الخطاب الديني؟

أنا ضد مصطلح مؤسسات دينية، بل يجب أن نقول جامعات أو منابر ثقافية إسلامية، لأن المؤسسة تحكمها قوانين خارجة عنها وتنصاع إلى سياسات تضعها حلقات أكبر منها، سواء الدولة أو المجتمع الدولي، ما يتسب في إفسادها. أما دور العلم فعنصر الإفساد فيها أقل لأنها لا تعمل برأس واحد بل بعقول عدة أو رؤى. الدليل أن الأزهر حينما هبط إلى بركة السياسة أصابه التلوث، وعندما أصبح رجال الدين يعملون في مجال السياسة، مثل الإخوان والسلفيون، أضاعوا السياسة وأضاعوا الدين معها، فصارت لكل فريق مؤسسة وكل واحد يدعي أنه صاحب الفرقة الناجية أو أنه صاحب الحقيقة المطلقة. لكن الداعية يجب أن يتحرر من كل شيء سوى مقصد الشارع فلا يحاول أن يوظف الشريعة لخدمة الأغراض السياسية أو الحزبية.
ما هي آليات تجديد الخطاب بشكل عملي ومؤثر، لا أن يكون الأمر محض شعارات في بيانات رسمية أو مؤتمرات وندوات دينية؟

يجب دراسة ما نطلق عليه فن الدعوة المعاصر، وهو مثل علم التسويق، حيث يجب على الداعية أن يدرس الواقع بمشكلاته الآنية كافة، ثم يدرس الخطابات المغايرة لخطابه، وذلك للوقوف على ما تقدمه للمجتمع. وعندما أجد الشعب فقيراً و{الإخوان} هم الذين يكفلون للشباب الزواج والمسكن والعمل، فيجب عليّ كداعية إسلامي أن أجعل المؤسسة الكبرى (الدولة) تقوم بهذا الفعل. من هنا، يتحوَّل الخطاب الإسلامي إلى مشروع عملي. فليس ثمة خطاب مرسل بلا خطة تطبيقية.

سقوط الخطاب

تنامي الجماعات الإرهابية المتطرفة المستترة خلف الدين، هل يُعد علامة على غياب التجديد في الخطاب وجمود الفكر؟

لا هذا عنوان على ضياع الخطاب أو سقوطه، لأن الأزهر ترك أصحاب هذه الجماعات تتغلغل بداخله وتفرض عليه معتقداتها، في حين أن الأزهر في الماضي كان يستوعب التيارات ويهضمها بداخله، فكان يتم تدريس المذاهب كافة بما فيها الزيدية، وكذا مقارنة الأديان كانت تدرس بتوسع، ما كان يعطي مساحة لدراسة الأغيار عن قرب. فمهمة القيمين على تحديث أو تجديد الخطاب الديني أن يهتموا بمقارنة الأديان وبالحوار بين المذاهب، فمازلنا نجد في بعض الكتابات سباباً إما في السنة من قبل الشيعة أو العكس، وهذا يجب ألا يكون موجوداً فعندما نريد أن نناقش فكر أهل السنة وفكر الشيعة يجب أن نتحدث عن أوجه الاتفاق لنوسع مساحتها ونضيق من الخلافات. لكن ما يحدث أننا نصوِّب الأضواء على مواطن الخلافات بالتالي تتسع.

هل هذا ناتج من تعصب كل فريق لفكره؟

بالتأكيد، فلا مجدد متعصباً. التعصب ضد التجديد تماماً، لأن الأخير قائم على النقد، والنقد هو رؤية استيعابية للأضداد أو المتغيرات. كذلك يمنع التعصب الاجتهاد الذي يؤدي للتجديد.

لماذا دائماً خطاب أصحاب الغرض والهوى أكثر تأثيراً في الشباب من الخطاب الديني الرسمي؟

لا يفعل صاحب الغرض مجهوداً كما نعتقد بل ينظر إلى الدولة أين تسير فيسير عكسها. يتخذ الخط المعارض بحيث يجعل المواطن متمرداً دائماً ويبحث عن البديل. من السهل جداً على أي داعية أن يغازل العوام عن طريق الحط من قدر المسيحيين أحياناً، ويغازلهم أحياناً أخرى بنقد المجتمع وقيمه والأخلاقيات السائدة في الشارع ومهاجمة الفن ومؤسسات الدولة. هو يختلق لنفسه عدواً ليحمل عليه كي يطرب المستمعين، أي يجعل من الخطاب الديني مباراة كرة قدم.
ثمة من يتعصب لطرف ضد آخر فيطرب إذا كسب فريقه أو حط من قدر الآخر، وهكذا.

التيارات الإلحادية

هل يستطيع الخطاب الديني الحالي الصمود أو مواجهة الأفكار المتطرفة، وهل يستطيع تغيير سلوكيات أو أخلاقيات منحرفة؟

لا... والسبب هو جمود وتعطيل علم الكلام وعلم أصول الفقه.بالتالي، من السهل أن نجد الكثير من التيارات الإلحادية تغزو عقول الشباب وتشككهم في دينهم لعدم وجود مجتهد يزيل ما تراكم على أصل الدين ليعيده إلى سيرته الأولى.

ماذا عن الخطاب الصوفي؟

لا يوجد خطاب صوفي راهناً، فالتصوف أصبح إما تصوف رجال أعمال يتباهون بأنهم ينفقون على جمعيات أو طرق... إلخ، أو تصوف البلداء والبلهاء في الموالد. لكن التصوف الحقيقي هو التصوف العملي وهو إصلاح أخلاقيات الفرد عن طريق التربية التي تبدأ من المنزل.

يرفض البعض محاولات تجديد الخطاب الديني بزعم أن ذلك من شأنه أن يطاول أصول الدين وثوابته القطعية. كيف يكون الرد على هؤلاء؟

القطعي في الثوابت هو كل ما يختص بالتوحيد وما دون ذلك متغيرات. أما أولئك الذين يدعون أن أي عملية تجديدية تضر بالثوابت، فسبب ذلك أنهم جعلوا المتغير ثابتا، بمعنى أننا لسنا ضد تطبيق الحدود إذا ما توافرت شروطها والحدود في الإسلام هي سقف عقاب وليس أوله. القرآن والحديث جعلا أيضاً التعازير عوضاً عن الحدود التي تعطل أو التي لا يمكن أن أطبقها لعدم توافر شروطها. هذه هي الثوابت ودونها متحولات، والأغلب في القرآن وصحيح السنة المتحول والمتغير الذي يستوجب اجتهاداً، لذا قال الرسول (ص): «يأتي على رأس أمتي كل مئة عام من يجدد للناس دينهم»، ولم يقل سنتهم أو عاداتهم، بل قال دينهم ويقصد بذلك المتحولات في الدين.

مجاراة الغرب

• برأيك، هل يعني التجديد مجاراة لما تم في الغرب من فصل الدين عن الدنيا؟

ليس في الإسلام فصل دين عن دنيا، فهو لم يقدم لنا سوى أمرين: الأول خاص بالوحدانية، والثاني خاص بالأخلاقيات، وكل منهما لا يتعارض مع أمور الدنيا. بالتالي، لسنا بحاجة إلى لوثرية أو إلى منحى إصلاحي ليفصل الدين عن الدولة، فالدين لا يتعارض مع الدولة ولا العلم ولا العادات والتقاليد المفيدة ولا السياسة.
كم هو جميل وجود الدين في مناحي الأمور الحياتية كافة، لكن الدين وليس رجال الدين. نريد القيم الإسلامية أن تكون معنا في كل شيء ولا نريد رجالات إسلام يتولون كل شيء أو يسطون على كل شيء باسم الدين.

• أمام فشل الخطاب الديني الرسمي، هل ثمة خطاب بديل؟

إذا ما تحوَّل الخطاب الديني إلى خطاب عصبي أو خطاب أصولي راديكالي فالخطاب العلماني أولى. هذه ليست مقولتي بل مقولة أبو الحسن الندوي عندما تحدث مع رئيسة وزراء الهند السابقة أنديرا غاندي ، قال لها إذا كان تطبيق الشريعة الإسلامية سيؤدي إلى حرب أهلية بين الشعب الهندي فمرحباً بتطبيق الخطاب العلماني في المجتمع الإسلامي، فعندما يفسد الماء يجب التيمم.

• معنى ذلك أننا قد نلجأ إلى الخطاب العلماني اختيارياً في مرحلة من المراحل؟

في الوضع الحالي، يجب الالتزام بخط وسط بين ما نطلق عليه الخطاب الديني المفقود والخطاب العلماني الموجود، فلا نستطيع إصلاح المجتمع في ليلة وضحاها وتحقيق دولة إسلامية كما ورد في الكتاب وصحيح السنة، فهذا الوضع مفتقد وعليه يجب أن نلجأ إلى المعقول من الاتجاه العلماني والمناسب لتفعيله في الثقافة العربية الإسلامية.

أمر سياسي

• هل يحتاج تجديد الخطاب الديني أو تفعيله إلى قوة أو أمر سياسي؟

لا، فهو يحتاج إلى معاونة أو إيمان القائم على الدولة بأهمية تجديد الخطاب الديني، فيوجه أجهزة الدولة لتحقيق حياة أفضل للناس تحت مظلة الخطاب الذي يريد أن يذهبوا إليه، فالنبي (ص) حينما وجد الناس تضج من العبودية والظلم الاجتماعي أخبر أن الإسلام دين العدالة والمساواة والإخوة فذهب الناس إلى ذلك الدين. فعندما أقول إن الدولة باسم الإسلام ستكفل الرعاية الاجتماعية للشباب والمسنين فمن يرفض هذا الاتجاه، لكن عندما أجد الدولة بمؤسساتها كافة تهمل شؤوني وتسعى إلى أصحاب الحظوة والسلطة ودونهم يلبي بعض رغباتي سأذهب إليهم.
قضية وجود الإرهاب في مصر وبعض البلدان العربية أو الجماعات الجانحة هي قضية اجتماعية واقتصادية في المقام الأول وليست قضية خطاب ديني. وأي خطاب ديني مهما كانت قوته بمنأى عن إصلاحات اجتماعية واقتصادية وتربوية وتعليمية سيسقط، وأي محاولة لتجديد الخطاب سوف تفشل.

• هل يعد تعطيل النصوص في بعض الظروف جزءاً من القراءة العميقة لمفهوم تجديد الخطاب الديني... مثل تعطيل عمر بن الخطاب لحد السرقة في عصر الجوع؟


لم يعطل عمر حداً من الحدود، لكنه أدرك أنه غير مستوفي التطبيق، فنحن لا نستطيع الآن تطبيق الرجم أو الجلد على الزاني مثلا، لاستحالة تحقق الشروط التي اتفق عليها الفقهاء لإثبات وقوع الجرم، كذلك لا تستطيع تقطيع يد السارق لأنك لم توفر له قوت يومه، فيجب أن تكون الفروق بين الطبقات بسيطة كي يحدث تصالح بين أفراد المجتمع، ولا يسطو الفقير على الغني، فعندما يتوافر المجتمع الإسلامي فالناس أول من يرحب بتطبيق الحدود.

• إلى أي مدى يرتبط نهوض الأمة بتجديد الخطاب الديني؟

لا نهضة للأمة إلا بالإسلام وتطبيق تعاليمه، لذا يجب أن تكون ثمة مفاهيم للدين على اعتباره جاء لهداية البشر وليس لسفك الدماء، وأن ننظر إلى الأمور السياسية على أنها آلية لتنظيم المجتمع، وليست آلية للسلب أو التحكم في الرقاب. كذلك لا بد من إحياء الوعي والورع، وأن تتوافر أذهان يقظة وقلوب عامرة بالإيمان.

في سطور:


- تدرج الأستاذ الدكتور عصمت حسين سيد نصار في العمل الأكاديمي حتى تولى رئاسة قسم الفلسفة الإسلامية ثم وكيل ثم عميد كلية الآداب جامعة {بني سويف} المصرية، وهو راهناً أستاذ في الفلسفة الإسلامية والفكر العربي.

- له دراسات عدة في مقارنة الأديان، أبرزها {الفكر الديني عن اليونان}، {مقدمة في مقارنة الأديان}، «فلسفة اللاهوت المسيحي في العصر المدرسي المبكر».

- له دراسات إسلامية أبرزها «حقيقة الأصولية عند الشيخ عبدالمتعال الصعيدي»، «ابن رشد والأبعاد التنويرية للفلسفة الرشدية»، «مفهوم عالمية الإسلام»، «الفلسفة الخلقية عند المسلمين»، «أوهام الفهم».







الجريدة
 

الغيص

Active Member
طاقم الإدارة
كظم الغيظ... «الحلقة الغائبة» في المجتمعات العربية والإسلامية
صفة سامية من صفات المتقين الذين امتدحهم الله بها تبين كيفية ضبط النفس ومنعها من التصرف الخطأ
إسلاميات - الخميس، 5 نوفمبر 2015 / 22
ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب
×
482351_180409_Org__-_Qu65_RT728x0-_OS945x557-_RD728x429-.jpg

شارك:
n.png
n.png
n.png

+ تكبير الخط - تصغير الخط ▱ طباعة
| إعداد عبدالله متولي |
• تجنَّبُ الغضب يحتاج إلى ضبط النفس والقرآن الكريم أعطانا صوراً رائعة تمثلت في أنبياء الله

• التحلي بالصبر وكظم الغيظ بل والدفع بالتي هي أحسن تقوي الروابط الاجتماعية وتؤلف القلوب

• الشرع الحكيم أجاز لنا أن نعاقب بمثل ما عوقبنا به لكنه بيَّن أن العفو وكظم الغيظ أفضل وأحسن
إن كظم الغيظ صفة من صفات المؤمنين التي امتدحهم الله بها كما قال تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) و قال تعالى: ( وإذا ما غضبوا هم يغفرون )... و النصوص في هذا كثيرة، فعن معاذ بن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين ما شاء ) رواه أبو داود والترمذي وحسنه, و حسنه الألباني.

و جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه و سلم- قال (من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة) أخرجه ابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج)عن ابن عمر و حسنه الألباني.

و جاء في الحديث الآخر عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال (ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله) قال الألباني: أخرجه أحمد بإسنادين عنه، أحدهما صحيح.

و الحديث عن كظم الغيظ و النصوص الواردة فيه.. وما إلى ذلك يطول..لأنه الحلقة الغائبة في المجتمعات العربية الإسلامية الواسعة، بل تكاد منعدمة بين أفراد مجتمعنا اليوم بصفة عامة, أصبحنا من خلالها لا نرى فيهم أي وصفاتٍ نبوية يحملونها من دستور هذه الأمة الإسلامية ألا وهو القرآن الكريم وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم، إلا من رحم الله.

فلقد تعود الناس على إظهار الغضب، لأنه سلاح فتَّاك وبركان خامد وقوة تقهر كيان الإنسان، وتدفعه إلى ارتكاب أفعالٍ ما كان ليأتيها، فسرعان ما يعتريه الندم بعدها (أي الأفعال )على ما فاته من كظم الغيظ، يعود للوم نفسه، وتشتد عليه الحسرة والألم على ما وقع له في ذلك الحادث..

فتجنَّبُ الغضب يحتاج إلى ضبط النفس، والقرآن الكريم أعطانا صوراً رائعة تمثلت في أنبياء الله وكان منهم السلوك النبوي الراشد.

جاء في قوله تعالى عن قصة موسى عليه السلام:( ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح )الآية 154 من سورة الأعراف, فبعد سكون الغضب لجره أخيه فيه من قوله تعالى:(وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه.. )

عاد إلى ضبط نفسه ومقارعتها وإعادتها إلى نصيب الحلم وهو الأناة الحسنة.

وفي هذا السلوك القويم يخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثٍ له «قال: (ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب..) رواه أحمد متفق عليه, و قال الله تعالى:(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والاَرضُ أُعِدَّتْ للمتقين* الذين ينفقون في السرَّاء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناسِ والله يحب المحسنين*)الآية 132-133من سورة آل عمران

فمن صفات المتقين في هذه الآية الكريمة والصريحة كظم الغيظ وإظهار الرحمة بالعفو عند المقدرة، وهي معان سامية تبين كيفية ضبط النفس ومنعها من التصرف الخطأ في أعسر المواقف التي يتلقاها الإنسان المسلم في حياته، ينبغي أن يظهر خلالها الشجاعة والحكمة وحسن التعامل مع الأحداث التي تفاجئه في المجتمع.

من الملاحظ في المعاملات الاجتماعية بين الناس أن بعضهم قد يسيئون إلى إخوانهم إساءات مختلفة، في ألسنتهم، في أيديهم، في غير ذلك من جوارحهم، في تصرفاتهم المالية أو غير المالية، وقد تمس الإساءة النفس، أو تمس العرض والشرف، أو تمس المال والمتاع، أو تمس الأهل والعشيرة...إلخ.

ولما كان الأمر بهذه الصورة فإن هذه الإساءة لو تعامل معها المرء للوهلة الأولى مستجيبًا لحظ نفسه وهواه لترتب على ذلك شر عظيم وفساد ذات البين، وانتشار العدوات بين أبناء المجتمع.

وقد وجه الله تعالى عباده المؤمنين لضرورة التحلي بالصبر وكظم الغيظ، بل والدفع بالتي هي أحسن: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت:34، 35].

فما أحوجنا إلى هذا الخلق العظيم لتقوى الروابط وتتآلف القلوب، ويُبنى ما تهدم من الروابط الاجتماعية، ولننال رضى الله وجنته: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران:133، 134].

إن الشرع المطهر قد أجاز لنا أن نعاقب بمثل ما عوقبنا به، لكنه مع ذلك بيَّن أن العفو وكظم الغيظ أفضل وأحسن: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)[النحل:126].

فضائل كظم الغيظ

إن لكظم الغيظ فضائل عظيمة؛ فبالإضافة إلى ما سبق من الفضائل هناك جملة من الفضائل الأخرى التي نطقت بها هذه الأدلة، منها:

1- عن ابن عمر - رَضي الله عنهما -: أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كُربةً، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخٍ في حاجةٍ أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة - شهرًا، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه - ولو شاء أن يمضيه أمضاه - ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يتهيأَ لهُ؛ أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام».

2- عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من جُرعَةٍ أعظم أجرًا عند الله من جرعةِ غيظ كظمها عبدٌ ابتغاء وجه الله».

3- عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بقومٍ يصطرعون؛ فقال: «ما هذا؟» قالوا: فلانٌ ما يُصارع أحدًا إلا صرعه، قال: «أفلا أدلكم على من هو أشد منه؟ رجلٌ كلمه رجلٌ فكظم غيظه فغلبه وغلبَ شيطانه وغلب شيطان صاحِبِهِ».

4- عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: خرج رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - إلى المسجد وهو يقول بيده هكذا - فأومأ أبو عبد الرحمن بيده إلى الأرض -: «من أنظر معسراً أو وضع عنه؛ وقاه اللّه من فيح جهنم، ألا إن عمل الجنة حَزْن بربوة (ثلاثاً)، ألا إن عمل النار سهل بشهوة، والسعيد من وقي الفتن، وما من جرعة أحبُّ إليَّ من جرعة غيظ يكظمها عبدٌ، ما كظمها عبدٌ للّه إلاَّ ملأ اللّه جوفه إيماناً».

5- عن معاذ بن أنس عن أبيه - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كظم غيظًا وهو قادرٌ على أن يُنفذه دعاه الله عزّ وجلّ على رؤوس الخلائق حتى يُخيِّره من الحور ما شاء».

الأخلاق النبيلة

وعلى هذه الأخلاق النبيلة تربى السلف رضي الله عنهم:

1- قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: «من اتقى الله لم يشفِ غيظهُ، ومن خاف الله لم يفعل ما يُريدُ، ولولا يومُ القيامة لكان غير ما ترون».

2- عن ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - قال: قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر ابن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً أو شباناً. فقال عيينة لابن أخيه: يا لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه قال: سأستأذن لك عليه، فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر. فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب! فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل! فغضب عمر حتى همَّ أن يوقع به. فقال له الحر: يا أمير المؤمنين! إن الله تعالى قال لنبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف 199]. وإن هذا من الجاهلين. والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب اللَّه.

3- جاء غلام لأبي ذر - رضي الله عنه - وقد كسر رجل شاةٍ له فقال له: من كسر رِجل هذه؟ قال: أنا فعلتُهُ عمدًا لأغيظك فتضربني فتأثم. فقال: لأغيظنَّ من حرَّضك على غيظي، فأعتقه.

4- شتم رجلٌ عديَّ بن حاتم وهو ساكتٌ، فلما فرغ من مقالته قال: إن كان بقي عندك شيءٌ فقل قبل أن يأتي شباب الحي، فإنهم إن سمعوك تقول هذا لسيدهم لم يرضوا.

5- قال محمد بن كعب رحمه الله تعالى: ثلاثٌ من كُنَّ فيه استكمل الإيمان بالله: إذا رضي لم يُدخله رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يُخرجه غضبُهُ عن الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له.

6- قال رجلٌ لوهب بن منبه رحمه الله تعالى: إن فلانًا شتمك. فقال: ما وجد الشيطان بريدا غيرك؟!

7- قال الغزالي رحمه الله تعالى: إن كظم الغيظ يحتاج إليه الإنسانُ إذا هاج غيظُهُ ويحتاجُ فيه إلى مجاهدةٍ شديدة، ولكن إذا تعود ذلك مدة صار ذلك اعتيادًا فلا يهيج الغيظ، وإن هاج فلا يكون في كظمه تعبٌ، وحينئذ يُوصف بالحلم.

8- وذكر ابن كثير رحمه الله من صفاتِ أصحاب الجنة عند تفسير قوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) إلى قوله: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) فقال: إذا ثار بهم الغيظ كظموه بمعنى كتموه فلم يعملوه، وعفوا مع ذلك عمن أساء إليهم.

9- ذكر ابن كثير في سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أن رجلاً كلمه يومًا حتى أغضبه، فهم به عمر، ثم أمسك نفسه، ثم قال للرجل: أردت أن يستفزني الشيطان بعزة السلطان، فأنال منك اليوم ما تناله مني غدًا؟ قم عافاك الله، لا حاجة لنا في مقاولتك.

فهيا نعود أنفسنا كظم الغيظ والتحلي بالحلم عسى أن يملأ الله قلوبنا إيمانًا وحكمة، ويزيدنا يوم القيامة رفعة.

فوائد كظم الغيظ


من فوائد كظم الغيظ أن العبد ينال به خيراً عظيماً لأنه يتصف بصفة الصبر، قال عز وجل { وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }النحل126.ومن هذه الفوائد:

1-ان عورة من كظم غيظه تستر، جاء عند الطبراني بإسناد حسنه الألباني رحمه الله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( ومن كف غضبه ستر الله عورته ).

2-ان العبد في ذلك اليوم المخوف الذي يحزن فيه كثير من الناس قد ملأ الله عز وجل قلبه رجاء لما عند الله من النعيم،كما جاء في حديث ابن عمر عند الطبراني المذكور آنفا، قال عليه الصلاة والسلام ( ومن كظم غيظه ولو شاء أن ينفذه لأنفذه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة )..

3-ان الجرعة الواحدة من كظم الغيظ التي يمسكها العبد في قلبه ليس لها حد في الثواب، جاء عند ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من جرعة أعظم عند الله أجرا من جرعة غيظ كتمها عبد ابتغاء ثواب الله ).

4-ان العبد إذا كظم غيظه قهر شيطانه وقهر شيطان من أغاظه، عند البزار عن أنس رضي الله عنه أنه قال ( مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس يصطرعون ) يعني يصرع بعضهم بعضا ( فقال ما هذا ؟ قال إنهم يصطرعون وهذا فلان لا يصرعه أحد، فقال عليه الصلاة والسلام ألا أدلكم على ما هو أعظم من هذا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: رجل كلمه رجل فكظم غيظه فغلب وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه ).

5-ان من كظم غيظه يكون محبوباًَ عند النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك يمتلئ قلبه إيمانا، قال صلوات ربي وسلامه عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال صلى الله عليه وسلم:( وما من جرعة أحب إليّ من جرعة غيظ كظمها عبد، ما كظمها إلا ابتغاء وجه الله إلا ملأ الله قلبه إيمانا ).

6-ان من كظم غيظه ينال جائزة إذا بعث يوم القيامة، وذلك بأن تعرض عليه الحور العين فيختار منها ما يشاء، عند الترمذي قوله صلى الله عليه وسلم: ( من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه بعثه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يختار من الحور العين ما شاء ).

العلاج لكظم الغيظ


لكظم الغيظ ثمرات جليلة، فلو قال قائل: كيف العلاج لكظم غيظنا ؟ ما هو السبيل إلى نيل هذه الثمرات ؟

فيقال: العلاج يكمن في أمور:

أولا: ليعلم أن من لم يكظم غيظه، فاته خير عظيم.

ثانيا: أن يتذكر أن كظم الغيظ الذي هو بداية الغضب هو وصية النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( لما أتاه رجل فقال يا رسول الله أوصني، قال لا تغضب، فكررها مرارا، فقال لا تغضب ).

ثالثا: أن العبد يغير من هيئته الجسمية والبدنية إذا اغتاظ، يعني إن كان قائما فيجلس، إن كان قاعدا فليضطجع، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند من حديث أبي ذر رضي الله عنه (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإذا ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ).

رابعا: أن يتوضأ العبد إذا بدأ معه الغيظ، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند وسنن أبي داود ( إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ).

خامسا: أنه إذا غضب يقول ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) في الصحيحين من حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه قال ( استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى إن أحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال صلى الله عليه وسلم: والله إني لأعلم كلمة لو قالها هذا لذهب عنه ما يجد، لو قال «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ).

سادسا: أن يتذكر العبد أن هذا هو طريق وسبيل النبي صلى الله عليه وسلم، فعلينا أن نستن به صلوات ربي وسلامه عليه، لأنه استن بمن قبله، ولذلك يعقوب عليه السلام { ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ }يوسف84، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به في آخر السورة { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ }يوسف111، والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابه أذىً من أحد تسلى بقصص الأنبياء قبله، في الصحيحين أن ابن مسعود رضي الله عنه قال ( لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين على أشراف العرب ) لكي يؤلفهم ( قال رجل والله هذه قسمة ما عُدِل فيها، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ).

سابعا:أن يقتدي المسلم بالسلف رحمهم الله، فإن السلف اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم كما اقتدى صلوات ربي وسلامه عليه بالأنبياء قبله، فعلينا أن نقتفي أثر هؤلاء، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( من كان تقيا لم يفش غيظه، ولولا القيامة لكان ما ترون )

يقول رضي الله عنه أدع أشياء ليس عجزا، ولكن لأن هناك يوما عظيما شديد العذاب.

أسباب ضبط النفس


كلنا نواجه هذا اللون من الاستفزاز الذي هو اختبار لقدرة الإنسان على الانضباط، وعدم مجاراة الآخر في ميدانه، وهناك عشرة أسباب ينتج عنها أو عن واحد منها ضبط النفس:

أولاً: الرحمة بالمخطئ والشفقة عليه، واللين معه والرفق به.

قال سبحانه وتعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر)[آل عمران: 159].

وفي هذه الآية فائدة عظيمة وهي: أن الناس يجتمعون على الرفق واللين، ولا يجتمعون على الشدة والعنف؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: الآية 159].

وهؤلاء هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار- رضي الله عنهم- والسابقين الأولين؛ فكيف بمن بعدهم؟!

وكيف بمن ليس له مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الناس؛ سواء كان من العلماء أو الدعاة أو ممن لهم رئاسة أو وجاهة؟!

فلا يمكن أن يجتمع الناس إلا على أساس الرحمة والرفق.

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه لِرَجُلٍ شَتَمَه: «يَا هَذَا لَا تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا فَإِنَّا لَا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ».

وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ له الشَّعْبِيُّ: «إنْ كُنْتُ كمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لِي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ».

وشتم رجل معاوية شتيمة في نفسه؛ فدعا له وأمر له بجائزة.

فلا بد من تربية النفس على الرضا، والصبر، واللين، والمسامحة؛ هي قضية أساسية، والإنسان يتحلّم حتى يصبح حليمًا. ثانيًا: من الأسباب التي تدفع أو تهدئ الغضب سعة الصدر وحسن الثقة؛ ما يحمل الإنسان على العفو.

ولهذا قال بعض الحكماء: «أحسنُ المكارمِ؛ عَفْوُ الْمُقْتَدِرِ وَجُودُ الْمُفْتَقِرِ»، فإذا قدر الإنسان على أن ينتقم من خصمه؛ غفر له وسامحه،(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[الشورى:43].

وقال صلى الله عليه وسلم لقريش:«مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟» قَالُوا: خَيْرًا! أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ».

وقال يوسف لإخوته بعد ما أصبحوا في ملكه وتحت سلطانه: (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف:92].

ثالثًا: شرف النفس وعلو الهمة، بحيث يترفع الإنسان عن السباب، ويسمو بنفسه فوق هذا المقام.

أي: لابد أن تعوِّد نفسك على أنك تسمع الشتيمة؛ فيُسفر وجهك، وتقابلها بابتسامة عريضة، وأن تدرِّب نفسك تدريبًا عمليًّا على كيفية كظم الغيظ. وَإِنَّ الذِي بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي أَبِي *** وَبَيَن بَنِي عَمِّي لَمُخْتَلِفٌ جِدَا

فَإِنْ أَكَلُوا لحَمْي وَفَرْتُ لُحُومَهُم *** وَإِنْ هَدَمُوا مَجْدِي بَنَيْتُ لَهُمْ مَجْدَا

وَلَا أَحْمِلُ الْحِقْدَ الْقَدِيم عَلَيهِم *** ولَيْسَ رَئِيسُ الْقَوْمِ مَنْ يَحْمِلُ الْحِقْدَا

رابعًا: طلب الثواب عند الله.

إنّ جرعة غيظ تتجرعها في سبيل الله- سبحانه وتعالى- لها ما لها عند الله -عز وجل- من الأجر والرفعة.

فعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ - دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ مَا شَاءَ»، والكلام سهل وطيب وميسور ولا يكلف شيئًا، وأعتقد أن أي واحد يستطيع أن يقول محاضرة خاصة في هذا الموضوع، لكن يتغير الحال بمجرد الوقوع في كربة تحتاج إلى الصبر وسعة الصدر واللين فتفاجأ بأن بين القول والعمل بعد المشرقين.

خامسًا: استحياء الإنسان أن يضع نفسه في مقابلة المخطئ.

وقد قال بعض الحكماء: «احْتِمَالُ السَّفِيهِ خَيْرٌ مِنْ التَّحَلِّي بِصُورَتِهِ وَالْإِغْضَاءُ عَنْ الْجَاهِلِ خَيْرٌ مِنْ مُشَاكَلَتِه».

وقال بعض الأدباء: «مَا أَفْحَشَ حَلِيمٌ وَلَا أَوْحَشَ كَرِيمٌ».

وفي حديث خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- من الطائف، وقد ردوه شر رد.. تقول عائشة – رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ؛ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ! فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» أخرجه البخاري ومسلم.

سادسًا: التدرب على الصبر والسماحة فهي من الإيمان.

إن هذه العضلة التي في صدرك قابلة للتدريب والتمرين، فمرّن عضلات القلب على كثرة التسامح، والتنازل عن الحقوق، وعدم الإمساك بحظ النفس، وجرّب أن تملأ قلبك بالمحبة!

فلو استطعت أن تحب المسلمين جميعًا فلن تشعر أن قلبك ضاق بهم، بل سوف تشعر بأنه يتسع كلما وفد عليه ضيف جديد، وأنه يسع الناس كلهم لو استحقوا هذه المحبة.

سامح كل الذين أخطأوا في حقك، وكل الذين ظلموك، وكل الذين حاربوك، وكل الذين قصروا في حقك، وكل الذين نسوا جميلك، بل وأكثر من ذلك..انهمك في دعاء صادق لله -سبحانه وتعالى- بأن يغفر الله لهم، وأن يصلح شأنهم، وأن يوفقهم..؛ ستجد أنك أنت الرابح الأكبر. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ) أخرجه مسلم.

فقلبك الذي ينظر إليه الرب سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات احرص ألا يرى فيه إلا المعاني الشريفة والنوايا الطيبة. اغسل هذا القلب، وتعاهده يوميًّا؛ لئلا تتراكم فيه الأحقاد، والكراهية، والبغضاء، والذكريات المريرة التي تكون أغلالاً وقيودًا تمنعك من الانطلاق والمسير والعمل، ومن أن تتمتع بحياتك.

سابعًا: قطع السباب وإنهاؤه مع من يصدر منهم، وهذا لا شك أنه من الحزم.

حُكِيَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِضِرَارِ بْنِ الْقَعْقَاعِ: وَاَللَّهِ لَوْ قُلْت وَاحِدَةً؛ لَسَمِعْت عَشْرًا !

فَقَالَ لَهُ ضِرَارٌ: وَاَللَّهِ لَوْ قُلْت عَشْرًا؛ لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً !

إن الجهد الذي تبذله في الرد على من يسبك لن يعطي نتيجة مثل النتيجة التي يعطيها الصمت، فبالصمت حفظت لسانك, ووقتك, وقلبك؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى لمريم عليها السلام: «فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا»[مريم: من الآية26].

ثامنًا: رعاية المصلحة؛ ولهذا أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحسن رضي الله عنه بقوله: (ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) أخرجه البخاري.

فدل ذلك على أن رعاية المصلحة التي تحمل الإنسان على الحرص على الاجتماع, وتجنب المخالفة هي السيادة.

تاسعًا: حفظ المعروف السابق, والجميل السالف.

ولهذا كان الشافعي - رحمه الله- يقول: إِنَّ الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَ لَفْظَةً.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ ) وأمثلة ذلك كثيرة.





الراي
 

justice

Active Member
«الشماتة»... مجلبة للشر... مفسدة للدين وعدّها القرآن من أخلاق الكفار والمنافقين
خلق ذميم وسلوك شائن يدل على نفس غير سوية وقلب يكاد يخلو من الحب والمودة والعطف وحب الخير
إسلاميات - الجمعة، 8 يناير 2016 / 350 مشاهدة / 14
لا يجوز إظهار الفرح والسرور بما ينزل بالآخرين من مصائب وما يحل بهم من كوارث وما يلحقهم من أقدار الله عز وجل
×
1 / 1
شارك:
n.png
n.png
n.png

+ تكبير الخط - تصغير الخط ▱ طباعة
| كتب عبدالله متولي |
• خلق الشماتة غالباً ما تقترن به مظاهر كريهة من السخرية والهمز واللمز وألوان الاستهزاء قولاً وفعلاً وإشارة

• حرَّم الله تعالى الشماتة بالآخرين إذا تعرّضوا لمصيبة أو نكبة لأن ذلك يتصادم وقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)

• نهى الإسلام عن الشماتة بمن هو دونك في النعمة عموماً ولأنها ليست من صفات المسلم الملتزم بالأخلاق الحميدة

• «لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك» أي أن عقوبة الشامت في الدنيا هي انتقال المصيبة إليه
الإسلام دين الأخلاق الحميدة، دعا إليها، وحرص على تربية نفوس المسلمين عليها. وقد مدح الله -تعالى- نبيه، فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}.[القلم: 4].

ADVERTISING
inRead invented by Teads
وجعل الله -سبحانه- الأخلاق الفاضلة سببًا للوصول إلى درجات الجنة العالية، يقول الله -تعالى-: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 133-134]. وأمرنا الله بمحاسن الأخلاق، فقال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34]. وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على التحلي بمكارم الأخلاق، فقال: (اتق الله حيثما كنتَ، وأتبع السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُق حَسَن) [الترمذي].

فعلى المسلم أن يتجمل بحسن الأخلاق، وأن يكون قدوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أحسن الناس خلقًا، وكان خلقه القرآن، وبحسن الخلق يبلغ المسلم أعلى الدرجات، وأرفع المنازل، ويكتسب محبة الله ورسوله والمؤمنين، ويفوز برضا الله -سبحانه- وبدخول الجنة. يقول إمام الحرم المكي الشيخ بن حميد:«جاء الإسلام ليطهّر البشرية من أدران الجاهلية وأمراضها، ويُقوِّم السلوك ليستقيم على الفطرة السوية والرابطة بين أهل الإسلام هي رابطة الدين، وأخوّةُ الإيمان، ولها معالمها من حُسن المعتقد، والمحبة، والسرور، وحب الخير للناس، والفرحِ به، واجتنابِ ما يكدّر على ذلك ويشوش عليه، من الحسد، والشحناء، والتهاجر، والتباغض، والسباب، والتنابز بالألقاب، والناصحون من عباد الله المحبون لخلق الله أهلُ أدب، ورحمة، وحب، ومودة، وصدق ووفاء».

لقد استوعبت الشريعة في شمولها وعلاجها كلَّ أمراض النفوس ومعايبها؛ أقوالاً، وأفعالاً، ومشاعر، وانفعالات. وإن في مستجدات العصر وتقنياته ما وسع ذلك كله، ابتلاء وعلاجاً. إن هناك ثمة خُلُقاً ذميماً، وسلوكاً شائناً، يدل على نفس غير سوية، وقلبٍ مدخول، يكاد يخلو من الحب، والمودة، والعطف وحب الخير؛ ذلكم هو خلق الشماتة، وغالباً ما يقترن به مظاهر كريهة من السخرية، والهمز، والغمز، واللمز، وألوان الاستهزاء؛ قولاً، وفعلاً، وإشارة.. وإن الشماتة وصف، ولقب، ولفظ، فيه تنقُّصٌ، أو حطُّ مكانة، أو احتقارُ، أو ذمٌ، أو طعنٌ، أو تعدٍ على كرامة والشماتة فرحٌ ببليةِ مَن تُعاديه، والسرورُ بما يكره من تجافيه. يقول ابن بطال: «شماتة الأعداء ما ينكأ القلب، وتبلغ به النفس أشد مبلغ، وهي لا تحصل إلا من عداوة، أو حسد؛ بل قال أهل الحكمة:»إن الحسد والشماتة متلازمان؛ فالحاسد إذا رأى نعمة بُهت، وإذا رأى عثرة شمت«.

الشماتة هي: الفرح ببلية العدو، وكان عليه الصلاة والسلام يدعو»اللهم لا تشمت بي عدوا حاسدا «رواه الحاكم من حديث ابن مسعود وابن حبان من حديث ابن عمر. وقد حكى الله عز وجل عن موسى عليه السلام أنه قال: { فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين } وقيل لأيوب عليه السلام: أي شيء من بلائك كان أشد عليك قال: شماتة الأعداء وقال: الكلبي: لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم شمت به نساء كندة وحضرموت وخضبن أيديهن وأظهرن السرور لموته صلى الله عليه وسلم وضربن بالدف.

وحرَّم الله تعالى أيضاً الشماتة بالآخرين إذا تعرضوا لمصيبة أو نكبة أو كارثة، لأن فعل مثل هذه الأشياء يتصادم وقول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10] وقال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [النور:19].

لا تظهر...!

والشماتة مظهر قبيح يتنافى مع مبدأ الأخوة الإيمانية التي تقتضي مشاركة الأخ في آلامه وآماله، كما أنها تتنافى مع تحريم أعراض الآخرين، لما رواه مسلم: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».

وجزاء الشامتين: أن يتعرضوا للبلاء، ويعافي الله تعالى المشموت به مما ابتلاه الله به، فقد روى الترمذي وحسنه عن واثلة بن الأسقع قال: قال عليه الصلاة والسلام: «لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك». أي أن عقوبة الشامت في الدنيا هي انتقال المصيبة إليه، وبراءة المشموت به ومعافاته برحمة الله تعالى.

والشماتة.. مجلبة للشر ومفسدة للدين، وهي سلوك شائن وخلق قبيح يدل على نفس غير سوية وقلب مدخول. وحقيقة الشماتة: إظهار الفرح والسرور بما ينزل بالآخرين من مصائب وما يحل بهم من كوارث وما يلحقهم من أقدار الله عز وجل من مرض وموت. وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يستعيذ بالله كثيرا من الشماتة فيقول: (عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء» صحيح البخاري.

وسوء القضاء: يدخل فيه سوء القضاء في الدين والدنيا والبدن والمال والأهل وقد يكون ذلك في الخاتمة. ودرك الشقاء: يكون في أمور الآخرة والدنيا ومعناه أعوذ بك أن يدركني شقاء و شماتة الأعداء: هي فرح العدو ببلية تنزل بعدوه يقال منه شمت يشمت فهو شامت وأشمته غيره. جهد البلاء: روى عن ابن عمر أنه فسره بقلة المال وكثرة العيال وقال غيره هي الحال الشاقة.

لا يضركم...!

وأوضح القرآن العظيم أن الشماتة من أخلاق الكفار والمنافقين قال الله – عز وجل: { إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } آل عمران: (120)، وقال تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ. قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ } التوبة [51، 52 ]. وفي غزوة أحد فرح المنافقون والكفار بما أصاب الرسول – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنين من جراحات فأنزل الله عز وجل قوله ( إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } آل عمران (140)

.

لا يحل...!

ولأنه خلق ذميم وسلوك قبيح نهى عنه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أكثر من مناسبة فيقول: (عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ ) مسند أحمد. فلا يحِلُّ إيصالُ الأذى إلي مؤمن ولا مؤمنة بوجهٍ مِنَ الوجوهِ من قولٍ أو فعلٍ بغير حقٍّ، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} الأحزاب ( 58 ).

ولصعوبة تحمل هذا السلوك الشائن على النفوس الزكية نجد هارون عليه السلام يرجو موسى عليه السلام عدم الإسراف في معاتبته قائلا:(وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } الأعراف: (150)، أما إذا أنزل الله – عز وجل – عقوبته بظالم أو أحل غضبه بطاغية جبار أو انتقم من مجرم فاجر فلا شك أن قلوب المؤمنين ستسعد لذلك وتسر، قال تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } التوبة:[ 14، 15].

لا يؤمن...!

إذن فمن علامات الإيمان أن يحب المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه: عن أَنَسٍ، قَالَ (صلى الله عليه وسلم): ( لايُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) البخاري. معناه: لا يؤمن أحدكم الإيمان التام، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وقال أبو الزناد: ظاهره التساوي وحقيقته التفضيل، لأن الإنسان يحب أن يكون أفضل الناس، فإذا أحب لأخيه مثله، فقد دخل هو في جملة المفضولين، ألا ترى أن الإنسان يجب أن ينتصف من حقه ومظلمته، فإذا كمل إيمانه وكانت لأخيه عنده مظلمة أو حق، بادر إلى إنصافه من نفسه، وآثر الحق، وإن كان عليه فيه بعض المشقة. وقد روى هذا المعنى عن الفضيل بن عياض، أنه قال لسفيان بن عيينة: إن كنت تريد أن يكون الناس كلهم مثلك، فما أديت لله النصيحة، كيف وأنت تود أنهم دونك. وقال بعض الناس: المراد بهذا الحديث كف الأذى والمكروه عن الناس، ويشبه معناه قول الأحنف بن قيس، قال: كنت إذا كرهت شيئًا من غيرى لم أفعل بأحد مثله.( شرح البخاري لابن بطَال ). وقال ابن رجب في فتح الباري: وإنما يحب الرجل لأخيه ما يحب لنفسه إذا سلم من الحسد والغل والغش والحقد، وذلك واجب كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا “، فالمؤمن أخو المؤمن يحب له ما يحب لنفسه ويحزنه ما يحزنه كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر “ فإذا أحب المؤمن لنفسه فضيلة من دين أو غيره أحب أن يكون لأخيه نظيرها من غير أن تزول عنه كما.

لا تجوز...!

الشماتة ليست من صفات المسلم الملتزم بالأخلاق الإسلامية وهي من صفات النفس الظالمة الحقودة. فالله فضَّل الطعام بعضه على بعض في الأكل، كما فضَّل الناس بعضهم على بعض في الرزق، وهذا التفضيل ليس تفضيلاً عبثياً أو كيدياً، حاشا لله، بل هو خاضع لمشيئة الله الذي يعلم السر وأخفى، ويعلم الغيب في السماوات والأرض. وقد يكون في بسط الرزق ابتلاء من الله عز وجل، وامتحان أشد صعوبة، لأن فيه غواية أكبر ومقدمة للوقوع في المعصية. كما أنه من الممكن أن يكون في التضييق حكمة لا يعلمها إلا الله، كالحماية من الوقوع في شرك المعاصي.

لذلك فقد نهى الإسلام عن الشماتة بمن هو دونك في النعمة عموماً، وليس فقط في الرزق، إذ لا تجوز الشماتة بمن لم يرزقه الله الذرية، أو لم يرزقه الصحة أو العلم. لا تحزن...!

و أنت أيها المبتلى بالشامتين؛ فلا تحزن ممن يشمت بك، أو يسخر، واستحضر مواقف الأقوام من أنبيائهم حين سَخِروا منهم واستهزأوا بهم فكان النصر والعلو»، وقد قال عز شأنه: {ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون}،

وقل لهم صبراً؛ فإن أيام الدنيا دوّارة، والأحوال متغيرات متقلبات؛ بل إن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله يقول: «ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد، غَمُّ، وإثم، ونَفَسٌ متتابع».

الشماتة بالمسلمين


إن الشماتة بالمسلمين والفرح بما ينزل بهم من بلاء أو مصيبة لا يجوز – حتى وإن أساءوا - فإنه مناف للأخلاق الكريمة، والشيم المرضية التي أمر الله عباده بها، ولا يتصف بذلك من كمل إيمانه وقوي يقينه بربه. ولكن هذا الفعل – مع قبحه – لا يخرج صاحبه عن دائرة الإيمان، لأنه من نواقص الإيمان وليس من نواقضه، وقوله – صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. ليس المراد به نفي الإيمان عمن لم يحصل هذه المرتبة، بل المراد به نفي كمال الإيمان وتمامه. جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: وهذا قد يعد من الصعب الممتنع وليس كذلك، إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الاسلام مثل ما يحب لنفسه، والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه وذلك سهل على القلب السليم، وانما يعسر على القلب الدغل عافانا الله وإخواننا أجمعين والله أعلم. انتهى. فلنجاهد أنفسنا، ونعودها على خلق العفو والصفح عمن أساء وأخطأ،ونكفها عن الشماتة بالمسلمين، ولنتذكر ما حدث من أهل النفاق، بل ووقع فيه بعض الصحابة من الخوض في عرض أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وعندما همّ أبو بكر أن يمنع الخير عن بعضهم عاتبه الله سبحانه بقوله: «وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ». {النور: 22} ومن الأدوية المفيدة في علاج مثل هذه الأمراض – بعد التضرع إلى الله والإلحاح عليه أن يكشف السوء - المواظبة على صوم ثلاثة أيام من كل شهر فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر ؟ صوم ثلاثة أيام من كل شهر». رواه النسائي وصححه الألباني.

كلمة للشامتين


وللمبتلى بالشماتة نقول: «عافاك الله من هذا الداء وهداك كأنك تزهو بكمالك، وتفاخر بجمالك، وتغفل عن موادعة الأيام لك، وتظن أن هذا المبتلى، لم يبتلَ بما ابتُلِيَ به إلا على كرامة في نفسك، أو بسبب إجابة دعوة منك أو من غيرك؛ فهذه تزكية، وعجب، وغرور، وغفلة؛ بل قد يكون استدراجاً ومكراً.. أما علمت أن الشماتة قد تكون انعكاساً لأمراض نفسية تدل على عدم الثقة، مع الإحساس بالفشل؛ فتسلي نفسك بهذا الخلق الذميم الشامت، محروم من المحامد الجميلة، والمسالك الراقية، والشعور الإنساني النبيل.

فالشامت لا يفرح بمصيبة غيره إلا مِن لؤم طبعه؛ بل يقرر أهل العلم أن الشماتة من أخلاق أهل النفاق؛ فقد قال عز شأنه في وصف المنافقين: {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط}».

لقد استعاذ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الشماتة وسوئها كما في الحديث الصحيح: «اللهم إني أعوذ بك من سوء القضاء، ودرك الشقاء، وشماتة الأعداء»، وقد قال هارون لأخيه موسى عليهما السلام: كما في التنزيل العزيز: «ولا تُشمت بي الأعداء» أي لا تُفْرحهم بمصيبتي يقول: استعاذ صلى الله عليه وسلم من شماتة الأعداء، وأمر بالاستعاذة منها؛ لعِظَم موقعها، وشدة تأثيرها في الأنفس البشرية، ونفور طباع الناس منها، وقد يتسبب عمقُ ذلك تعاظمَ العداوة المفضية إلى استحلال ما حرم الله، ويقول المناوي: «وإنما حُسن الدعاء يدفع شماتة الأعداء؛ لأن مَن له صيت عند الناس وتأمل وجد في نفسه كمن يمشي على حبل معلق والأقران والحساد ينظرون، وينتظرون متى ينزلق».

فلا تشمت بأخيك مهما صغُر شأنه، وظهر عيبه، وبان نقصه في أمر الدين أو الدنيا؛ فإن الشماتة تجلب البلاء والابتلاء؛ ولكن تَضَرّع إلى الله مستعيناً به خائفاً مستخفياً، مشفقاً على نفسك وعلى أخيك وقل: «الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به، وفضلني على كثير من خلقه تفضيلاً»، ومثل هذا الدعاء لو تأملت لعلمتَ أن المقصود به الوقايةُ والحذرُ من الوقوع في الشماتة، والاستهزاءِ، والسخرية، والانتقاصِ من إخوانك.

والأيام دول؛ فكم من غني افتقر، وفقير اغتنى، وعزيز ذل، وذليل عَز، ووضيع ارتفع، ورفيع اتضع، وقويّ ضعف، وضعيف قوي، وسليم ابُتلي، ومبتلى عوفي. والدهر حين يجر بكلكله على قوم فإنه يُنيخ على آخرين، وسيلقى الشامتون كما لقي غيرهم، يقول ابن مسعود رضي الله عنه:«والله لو أن أحداً عيّر رجلاً رضع من كلبة لرضع هو من كلبة»، وورد عن عمر رضي الله عنه:«والله لو عيّرت امرأة حبلى لخشيت أن أحمل»، ويقول إسماعيل الهروي:«أي عيب عيّرت به أخاك فهو صائر إليك»، ويقول الحسن البصري رحمه الله:«أدركت أقواماً لم تكن لهم عيوب فتكلموا في عيوب الناس؛ فأحدث الله لهم عيوباً، وأدركت أقواماً كانت لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فستر الله عيوبهم».

كيف وقد جاء في حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تؤذوا عباد الله، ولا تُعَيّروهم، ولا تطلبوا عوراتهم؛ فإن من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته»، رواه أحمد. ويقول إبراهيم النخعي رحمه الله:«إني لأرى الشيء أكرهه؛ فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن ابتلى به». ويقول ابن القيم رحمه الله:«ما من عبد يعيب على أخيه ذنباً إلا وابتلي به؛ فإذا بلغك عن فلان سيئة، فقل من كل قلبك غفر الله لنا وله».

فلا تراقب الناس، ولا تتبع عوراتهم، ولا تكشف سترهم، ولا تتجسس عليهم.. اشتغل بنفسك، وأصلح عيوبك؛ فلن تُسأل بين يدي ربك إلا عن نفسك، والله أرحم بك وبهم منك ومن أنفسهم؛ بل إن المؤمن الصادق المخلص يحب أن يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به على حد قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»رواه البخاري ويقول ابن رجب رحمه الله:«إنما يحب الرجل لأخيه ما يحب لنفسه إذا سلم من الحسد، والغل، والغش، والحقد».

* من خطبة للشيخ بن حميد إمام الحرم المكي

الشماتة في الموت والمصائب


إن المسلم الذي تربى على الأخلاق الإسلامية الفاضلة ووعى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لا يشمت في أحد ولا يفرح في مصائب الآخرين سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.

إن المسلم يكره أفعال العصاة ويكره أفعال الكفار لكنه لا يشمت بهم ولا يفرح في مصائبهم لأنه لا يكن حقدا لأحد ولا يبغض أحدا ولكنه يكره أفعال العصاة والبعيدين عن طريق الله ويدعو للجميع بالهداية والمغفرة.

وليعلم كلُّ إنسان أن التشفِّيَ بالموت ليس خُلقا إنسانيًّا ولا دينيًّا، فكما مات غيره سيموت هو، وهل يُسَرُّ الإنسان إذا قيل له: إن فلانًا يُسعده أن تموت؟ والنبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:«لا تُظهر الشَّماتة بأخيك فيُعافيه الله ويَبتليكَ» رواه الترمذي وحسنه.

إن الشماتة بالمَصائب التي تقع للغير تتنافَى مع الرحمة التي يُفترض أنّها تسودَ بين المسلمين، والنبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الرغم من إيذاء أهل الطائف له ـ لم يشأْ أن يدعوَ عليهم بالهلاك وقد خيَّره جبريل في ذلك، ولكن قال في نبل وسموِّ خلق:«لا، بل أرجو أن يُخرجَ الله من أصلابِهم من يعبده لا يشرك به شيئًا» ثُمّ تسامَى في النبل والكرم فدَعا لهم بالهداية والمغفرة.

إن الشماتة بالغير خلق الكافرين والمنافقين الذين قال الله فيهم (إنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسَؤُهُمْ وإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وإِنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ) (سورة آل عمران: 120) ألا فليعلم الشامتون بغيرهم أن الأيّام دُول والشاعر الحكيم يقول:

فقُلْ للشَّامِتينَ بِنَا أَفِيقُوا

سَيَلْقَى الشّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا

قال الله تعالى عندما شمت الكافرون بالمسلمين في غزوة أحد (إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وتِلْكَ الأيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ) (سورة آل عمران: 140).

لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك..فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره...

وإن العيب كل العيب المجاهرة بالخلق الذميم في وسط المسلمين بل وبين طلبة العلم أو أشباه طلبة العلم... !!

إن الشماتة لا تليق بمسلم تجاه أخيه المسلم أبداً، بل هي من صفات الأعداء الذين حذر الله منهم ووصفهم بقوله تعالى: ( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيط ) ( آل عمران:120 ).

وقد أجابت لجنة أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حول حكم التشفي بالموت والمرض والمصائب، بقولها: لا شك أن الموت من أعظم ما يقع بالمؤمنين من الابتلاء له ولمن يتركهم بعده، وعند المصائب يجب الاعتبار والاتعاظ، والرحمة الإنسانية تحمل على الحزن بل والبكاء مهما كانت معاملة الميت، لقد قام النبي -صلى الله عليه وسلم- لجنازة، ولما قيل له: إنها ليهودي قال «أليست نفسا»!، رواه البخاري ومسلم.

ولما منع ثمامة بن أثال عن قريش إمدادهم بالطعام وكانوا في قحط، لم يظهر الرسول بهم شماتة ولم يفرح لما أصابهم، بل أمر بإمدادهم بما كان معتاداً، عندما ناشدوه الله والرحمة وسألوه بأخلاقه السمحة المعهودة فيه، وقد قال في صفات المنافقين «وإذا خاصم فجر» ومن الفجور الشماتة. الراي
 

السيب

Active Member
طاقم الإدارة
الأمثال في القرآن الكريم... النحل نموذج
يستفاد منها تقريب المراد إلى العقل وتصويره بصورة المحسوس
إسلاميات - الخميس، 14 أبريل 2016 / 21
النحلة تعلمنا حب الوطن فهي لا تترك بيتها إلا للضرورة ثم ترجع إليه من مسافة بعيدة
×
1 / 1
شارك:
n.png
n.png
n.png

+ تكبير الخط - تصغير الخط ▱ طباعة
نوَّعَ الله جل شأنه في كتابه المجيد أساليب الحكمة والموعظة الحسنة فأمرنا بكل نافع ونهانا عن كل خبيث مضر

يعلمنا النحل أن لا نكون رعاعاً همجاً ولا أحزاباً وشيعاً لا رابطة لنا ولا رئيس فالنحل يجعل له أميراً نافذ الحكم فيه

قصة النحل تدل على كمال قدرة الله وتفرده بالربوبية وأنه يضع في مخلوقاته من الخواص ما لا يقدر عليها غيره
قال الله تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة النحل آية: 68-69].

نوَّعَ الله جل شأنه في كتابه المجيد أساليب الحكمة والموعظة الحسنة فأمرنا بكل نافع، ونهانا عن كل خبيث مضر؛ وذكر أخبار الأمم الماضية، والقرون الخالية، لنعلم كيف كان عاقبة المتقين، ونعتبر بما آل إليه حال المفسدين، وضرب لنا الأمثال المنوعة، ونبهنا إلى كثير من أعمال الحيوانات الضعيفة وأخلاقها، وضرب لنا الأمثال بها كيلا يكون حظ الإنسان من الأعمال الجليلة دونها. فقال تعالى: ( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [العنكبوت: 43]، وقال عز شأنه: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [الزمر: 27].

فضرْب الأمثال في القرآن المجيد يستفاد منه أمور كثيرة منها التذكير والوعظ، والحث والزجر، والاعتبار والتقرير، والبيان بتفاوت الأمر، والمدح والذم، والثواب والعقاب، وتفخيم أمر أو تحقيره، وتحقيق أمر أو إبطاله، وتقريب المراد إلى العقل وتصويره بصورة المحسوس. فالأمثال تصور المعاني بصورة الأشخاص لأنها أثبت في الأذهان لاستعانة الذهن فيها بالحواس، ومن ثم كان الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي، والغائب بالمشاهد، ليريك المتخيل في صورة المتحقق والمتوهم في معرض المتيقن.

فمما ضربه الله تعالى لنا من الأمثال ونبهنا إلى جليل عمله - النحل - فقد ذكر الله لنا عمله في آيتين (68-69) من سورة النحل وسمى السورة باسمه وختم قصته بقوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) إيقاظاً لعقولنا؛ وتنبيهاً لأفكارنا، إلى التفكر والتمعن في مغزى هذه القصة والمثل، وأن لا نمر بهاتين الآيتين كما نمر بقصة أو مثل عادي، فإن طراز حياة النحل وتدبير شؤونه من أدق الأنظمة وأجملها وفي ذلك عبرة وموعظة لقوم يتفكرون.

قال الماوردي: من أعظم علم القرآن - علم أمثاله، والناس في غفلة عنه لاشتغالهم بالأمثال وإغفالهم الممثلات. والمثل بلا ممثل كالفرس بلا لجام، والناقة بلا زمام.

وأمثال القرآن المجيد قسمان: ظاهرة مصرح بها كما في قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) وكامنة لا تصريح للمثل فيها كما في الآيتين (68-69) من سورة النحل.

وإذا تأملنا في هاتين الآيتين الكريمتين وما ترميان إليه من المغزى المقصود بالذات نجد أن في النحل من حسن العمل والأخلاق والنظام ما تغبط عليه وما يدعو الإنسان الذي امتاز عن غيره من الحيوانات بالعقل والفكر أن لا يتخلى عن هذه الأخلاق بل ينبغي له على الأقل أن يتعلم هذه الأخلاق من هذا المخلوق الضعيف.

فالنحلة تعلمنا :

1- حسن الذوق والانتقاء في عمارة الدور وتشييد القصور فهي تبني بيوتها على شكل مسدس مؤلف من أضلاع متساوية لا يزيد بعضها على بعض. ولو كانت البيوت مدورة أو مثلثة أو مربعة أو غير ذلك من الأشكال لكان فيما بينها خلل وفروج ربما سكنها بعض الحشرات التي تؤذيها. فألهمها الله سبحانه وتعالى أن تبنيها على هذا الشكل المسدس المنتظم الذي لا يحصل فيه فروج بين بيوتها.

2- النظافة فلا يوجد بيت أنظف من بيت النحلة وخليتها.

3- حب الوطن فهي لا تترك بيتها إلا للضرورة ثم ترجع إليه من مسافة بعيدة.

4- تعلمنا المحافظة على الوطن ووضع الجيوش والجنود على الحدود والثغور لمدافعة الأعداء - فهي تجعل على باب كل خلية حارساً يدافع عن الخلية ولا يمكن أجنبياً من الدخول إليها.

5- أن لا نكون رعاعاً همجاً، ولا أحزاباً وشيعاً، لا رابطة لنا ولا رئيس يدبر شؤونا، وينظم أمورنا، ويسير أعمالنا - فالنحل يجعل له أميراً نافذ الحكم فيه يسمى اليعثوب.

6- تعلمنا الإخلاص والطاعة لأن كل النحل يحب يعثوبه ويطيعه ومن كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بإطاعة فمن سوده قومه على الفقه - أي الفهم والعقل والعلم - كان فلاحاً له ولهم، ومن سوده قومه على غير فقه - أي على جهل - كان هلاكاً له ولهم.

7- وجوب الاستيقاظ باكراً. فالنحلة من أسرع الحيوانات في التبكير لأجل العمل.

8- المثابرة على العمل فلم ير أن النحلة تخلت عن عملها قط.

9- التمتع بالهواء النقي، فلا توجد النحلة على شيء من القاذورات ولا في الأماكن المتعفنة.

10- انتقاء أحاسن الأمور وأطيبها فهي لا تختار إلا الأزهار الطيبة فتجني منها حلاوتها وخلاصتها. وقد أورد الله عز وجل قصة النحل للدلالة على كمال قدرته وتفرده بالربوبية وأنه تعالى يضع في مخلوقاته من الخواص ما لا يقدر عليها غيره فقال تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) أي سخرها لما خلقها له وألهمها رشدها وقدر في نفسها هذه الأعمال العجيبة التي يعجز عنها العقلاء (أنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ) أن هنا بمعنى أي مفسرة لمعنى الإيحاء الذي فيه معنى القول دون حروفه. والنحل الذي يجعل بيوته في الجبال والشجر هو النوع الوحشي وقوله تعالى: (وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) أي يبنون ويسقفون وفيه إشارة إلى الصنف الأهلي من النحل وهو الذي يأوي إلى البيوت ويربيه الناس عندهم (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ) المعنى ابني البيوت ثم كلي من كل ثمرة تشتهينها فإذا أكلت فاسلكي سبل ربك أي طرق ربك لا تضلين في الطريق إلى بيوتك وفيه إشارة إلى شدة حبها لوطنها (ذُلُلاً) أي حالة كونك مذللة منقادة لما أمرت به غير متمردة على النظم التي وضعها الله لك. وهذا إذا جعلنا ذللاً حالاً من فاعل اسلكي ويصح أن يكون حالاً من: سبل. فيكون المعنى اسلكي سبل ربك حالة كونها مذللة مسهلة. فيكون أمراً لها بسلوك الطريق السهل الواضح ونهياً لها عن أن تسلك الطرق المعوجة المتوعرة. وإذا كان هذا الخطاب للنحل أفلا يكون بالمسلم أجدر وأحرى (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ) من أبيض وأحمر وأصفر على حسب ما تأكل من أزهار الثمار فيستحيل في بطنها عسلاً (فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) من كثير من أمراضهم وفيه إشارة إلى هذا الحيوان الصغير الذي يلفظ من فيه ما فيه شفاء للناس فيستفيدون منه ويشفون بتناوله من أسقامهم ويتلذذون بطعمه وحلاوته. وفيه إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له أن لا يلفظ إلا بشيء فيه شفاء لنفوس الناس وأن لا يلفظ بشيء فيه سقامهم. وقد يشكل كون العسل فيه شفاء للناس مع أنه مضر تناوله في كثير من الأمراض. والجواب أنه مخرج الأغلب وأنه في الغالب شفاء في الجملة وإلا لقال: فيه شفاء لكل الناس (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) أي يعتبرون بأعمال النحل ونظامها فيقتدون بها، ويعتبرون بما جعله الله تعالى فيها من هذا الإلهام والتسخير لما ذكر فيستدلون بذلك على ربوبية الله ووحدانيته وقدرته.

517747_258662_Org__-_Qu65_RT728x0-_OS1063x639-_RD728x437-.jpeg


الراي
 

السيب

Active Member
طاقم الإدارة
البصر والبصيرة...
من الإعجاز اللغوي والبياني للقرآن الكريم
إسلاميات - السبت، 13 أغسطس 2016 / 151 مشاهدة / 12
البصيرة تكشف الحقيقة
×
1 / 1
شارك:
n.png
n.png
n.png

+ تكبير الخط - تصغير الخط ▱ طباعة
حاسة البصر نافذة من نوافذ المعرفة بها نرى الأشياء التي تقع تحت نظرنا فنميزها تمييزاً أولياً

كثير من المآسي تكون نتيجة الهوة العميقة بين البصر والبصيرة ... بين رؤية الشيء والقدرة على إدراكه

البصيرة هي الحجة والاستبصار في الشيء ونفاذها يعني قوة الفراسة وشدة المراس وقوة الحنكة والقدرة على تخطي العقبات

يؤكد القرآن الكريم أن الذي يمشي سوياً ببصره وبصيرته أهدى من المنكبّ على وجهه الذي لا ينتفع ببصره في المشي ولا ببصيرته

عمل البصيرة الإيمانية في قلب المؤمن كعمل كشاف ضوء منير وسط ظلمة حالكة فهي التي تكشف الأشياء على حقيقتها
حول البصر والبصيرة وتعريفهما وبيان الفرق بينهما، وإدراك الإعجاز البلاغي واللغوي للقرآن الكريم في هذا المجال، كتب الدكتور محمد السقا عيد اخصائي جراحة العيون عضو الجمعية الرمدية المصرية، بحثاً علمياً ممتازاً يستحق العرض للاستفادة منه جاء فيه:

البصر هو إحدى الحواس الخمس التي ندرك بها العالم حولنا نتأثر به ونؤثر فيه، والبصر حاسة الرؤية كوظيفة جسدية وحاسة الادراك كأداة سلوكية فنحن لا نبصر الشيء أي نراه فقط ولكننا نكون سلوكا معينا نتيجة هذه الرؤية. وفي مختار الصحاح «بصير بالشيء أي عليم به فهو بصير» ومنها قوله تعالى: «بصرت بما لم يبصروا به» والتبصر هو التأمل والتعرف والتبصير التعريف والإفصاح.

ومنه قوله «فلما جاءتهم آياتنا مبصرة» والإبصار لا يكون مجرد فعل ورد فعل وإنما يكون عملية تفاعل متكاملة، فنرى الشيء وندركه ونحلله ونكون عاطفة نحوه سلبية أو إيجابية ونسمي هذا الشعور حالة انفعال.

وحاسة البصر نافذة من نوافذ المعرفة، فبها نرى الأشياء التي تقع تحت نظرنا فنميزها تمييزاً أولياً، لكن الاعتماد على البصر وحده في التشخيص والتمييز والمعرفة غير كاف، إذ لا بد من مرجع آخر نرجع إليه في رفع الالتباس والغموض، أي اننا بحاجة إلى (ضوء) آخر نكشف به الظلمة العقلية، وهذا الضوء هو (البصيرة).

وقد ميز الله الإنسان عن الحيوان بنعمة الفكر بالاستبصار حيث يتدرج الطفل من التفكير بالمحاولة والخطأ والتعلم بالشرطية والتقليدية والمحاكاة إلى مرحلة الاستبصار أي جمع حصيلة التجارب الفكرية القديمة ومزجها في خليط جديد لمواجهة مشكلة مستجدة عليه في المستقبل.

وقد خاطب الله الإنسان في أكثر من موقع قال تعالى «وفي أنفسكم أفلا تبصرون»... وتفسير الآية يحمل في طياته أن التبصر أعلى مراحل الوعي عند الإنسان لا تتحقق إلا إذا وصل درجة من العقل ترقى به إلى الملاحظة والاستنتاج والاستدلال والتحليل وفي الحياة العامة نلاحظه عند عامة الناس.

إن كثيراً من المآسي تكون نتيجة هذه الهوة العميقة بين البصر والبصيرة بين رؤية الشيء والقدرة على إدراكه والصبر في تحليله ووسيلة التعبير عن هذا الشعور نحوه بالقول أو الفعل.

والسؤال الآن ما البصيرة؟

البصيرة هي الحجة والاستبصار في الشيء في قوله تعالى «بل الإنسان على نفسه بصيرة».

ونفاذ البصيرة يعني قوة الفراسة وشدة المراس وقوة الحنكة والقدرة على تخطي العقبات الحالية بالخيرات السباقة المتراكمة بتطويعها وترويضها والاستفادة منها في رؤية حلول لمشاكل جديدة.

وقد تطلق البصيرة على العلم واليقين، كما في قوله تعالى «قُل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني...».

وقد تطلق على نور القلب كما يطلق البصر على نور العين.

قال الراغب البصر يُقال للجارحة الباصرة والقوة التي فيها، ويُقال لقوة القلب المدركة بصيرة والبصيرة هي هذه القدرة على الرؤية الصحيحة المتشكلة من عقل الإنسان وثقافته وتربيته وتجربته ودينه، وهي ما نصطلح عليها اليوم بـ (الوعي) فقد يكون الإنسان ذا بصر حاذق لكنه ذو بصيرة كليلة ضعيفة، ولذا اعتبر القرآن أن رؤية البصيرة أهم بكثير من رؤية البصر وذلك في قوله تعالى: «فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور».

والبصيرة هي أعلى القدرات التعليمية الفطرية، ولربما انفرد الإنسان بها، إذ يصعب قياس هذه القدرة مخبرياً.

وهذه القدرة تتفاوت قوتها بين أفراد البشر... صحيح أننا كلنا نشعر بها حين نواجه مشكلة أعيانا حلها ثم (يأتي الجواب كلمح البرق) ولربما جاء الحل نتيجة تفكير طويل انشغل به الدماغ من حيث لا ندري.

فالقدرة على النفاذ إلى كنه الأمور وخفايا المعضلات ملكة لا نعرف أحكامها الآلية العصبية، ونسميها بأسماء كثيرة (إلهام، رؤية، بصيرة، النظر الثاقب، أو النفاذ) وهي ليست القدرة على التحليل المنطقي والحساب أو الرياضيات، أو البلاغة.

وحادثة رؤية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسارية ومناداته له بمقولته الشهيرة «يا سارية الجبل» رغم بعد المسافة التي بينهما عن مجال البصر العادي هو نقلة للرؤية عبر الضوء السريع، فألقيت في الشبكية فحذر عمر سارية، وتلك حادثة بأمر الله تعالى حيث سخر الله الضوء لسيدنا عمر (فحدث تغير فسيولوجي في البصر والبصيرة) نقل له هذه اللقطة عبر الشعاع الضوئي تأييداً ونصراً لمن ينصره.

وكما اننا لا نستطيع أن نُبصر في الظُلمة حيث، تتشابه الأشياء، أو إنها تصبح أشباحاً لا يمكن تمييز بعضها عن بعض، فكذلك إذا فقدنا البصيرة فإننا نتورط في التشخيص الخاطئ للأشخاص وللأمور، وهذا هو الفرق بين إنسان صاحب وعي وبصيرة، وآخر عديم البصيرة.

فالأول لا يقع ضحية الخداع والتغرير والتزوير، والثاني عرضة لذلك كله أما النموذج الآخر فهو الإنسان العاقل الذي يعي الواقع ويدركه ويعرف الناس من حوله، أي أن لديه القدرة على التمييز بين ما هو مستقيم وما هو منحرف، وما هو عدل وما هو ظلم، وما هو حق وما هو باطل، فالخير منه مأمول لأنه مستقيم في فكره وفي عمله.

النموذج الأول إذن هو النموذج السالب الذي لا يعطي للحياة شيئاً بل يتسبب في المتاعب لنفسه ولغيره.

والنموذج الثاني هو النموذج الموجب الذي يأخذ من الحياة ويعطيها وقد صوّر القرآن المميز بين الاثنين في قوله تعالى «أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يُتبع أمن لا يهدي إلا أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون» وفي قوله تعالى: «أفمن يمشي مُكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم».

إن الجواب على التساؤل القرآني واضح، فالذي يمشي سوياً ببصره وبصيرته أهدى من المنكبّ على وجهه الذي لا ينتفع ببصره في المشي ولا ببصيرته، لأن السير على الطريق المستقيم لا يحتاج فقط إلى عينين مفتوحتين وإنما إلى عقل مفتوح أيضاً.

كيف تعمل البصيرة في قلب المؤمن؟

إن عمل البصيرة الإيمانية في قلب المؤمن كعمل كشاف ضوء منير في وسط ظلمة حالكة، فهي التي تكشف الأشياء على حقيقتها فيراها المؤمن كما هي، ولا يراها كما زينت في الدنيا ولا كما زينها الشيطان للغاوين ولا كما زينها هوى النفس في الأنفس الضعيفة.

يقول الله - سبحانه -: «أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله...» (الزمر 22).

- ويقول سبحانه: «أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها» (الأنعام 122).

• المصدر:

موسوعة الإعجاز العلمي

في القرآن والسنة. الراي
 

justice

Active Member
الوفاء بالعهد... شيمة الرجال وصفة العظماء
من محاسن الأخلاق الإسلامية وأعلاها شرفاً
إسلاميات - الجمعة، 16 ديسمبر 2016 / 24
«وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا»
×
1 / 1
شارك:
n.png
n.png
n.png

+ تكبير الخط - تصغير الخط ▱ طباعة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوفى الأوفياء بالعهود ولم يعرف عنه أنه نقض عهداً قطعه على نفسه

جعل الله تعالى كل من ناقض العهد بمنزلة الحيوانات ووصفهم في كتابه العزيز بأنهم شر الدواب
الوفاء بالعهد هو: عدم النكث به، بل تنفيذه، والوفاء بالعهد شيمة الرجال، وصفة العظماء، هكذا أمرنا الله تعالى أن نكون، وعلى هذه الصفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان عليه من مكارم الأخلاق، كان صلى الله عليه وسلم يفي بعهده، ولم يعرف عنه في حياته أنه نقض عهداً قطعه على نفسه، وكان صلى الله عليه وسلم ترجمان القرآن قال الله تعالى في كتابه الكريم: «وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» [النحل: 91، 92].

شر الدواب

وقد جعل الله تعالى من ناقض العهد بمنزلة الحيوانات قال تعالى: «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ» [الأنفال: 55 - 58].

قال ابن سعدي في تفسير هذه الآيات الكريمة: «إن هؤلاء الذين جمعوا هذه الخصال الثلاث: الكفر، وعدم الإيمان، والخيانة، بحيث لا يثبتون على عهد عاهدوه ولا قول قالوه هم (شر الدواب عند الله) فهم شر من الحمير والكلاب وغيرها.

فإذا وجدتهم في حال المحاربة بحيث لا يكون لهم عهد وميثاق فنكل بهم، وأوقع بهم من العقوبة ما يصيرون به عبرة لمن بعدهم.

وإذا كان بينك وبين قوم عهد وميثاق على ترك القتال، وخفت منهم خيانة بأن ظهر من قرائن أحوالهم ما يدل على خيانتهم من غير تصريح منهم بالخيانة ﴿ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ ﴾ عهدهم. أي ارمه عليهم وأخبرهم أنه لا عهد بينك وبينهم، حتى يستوي علمك وعلمهم بذلك، ولا يحل لك أن تغدرهم أو تسعى في شيء مما منعه موجب العهد حتى تخبرهم بذلك».

أوفى الأوفياء

وقد كان صلى الله عليه وسلم أوفى الأوفياء بالعهود، ودلائل وفاء محمد صلى الله عليه وسلم لا تنتهي عند المواقف والأحداث التي كان يفي فيها بما التزمه، فقد شهد له أعداؤه بأنه يفي بالعهود ولا يغدر، فحين لقي هرقل أبا سفيان، وكان أبو سفيان على عداوته لمحمد صلى الله عليه وسلم سأل هرقل أبا سفيان عن محمد صلى الله عليه وسلم عدداً من الأسئلة، كان مما سأله فيه قوله: فهل يغدر؟. قال لا.

ومن الوفاء: إنجاز الكلمة وحفظ الصداقة فيقال: إنسان وفي، إذا حفظ حق الصحبة، وإنسان لا وفاء عنده. إذا تنكر للصحبة. وقد قال الشاعر معرّضاً بمن اغتنى وتنكر لأصدقائه الذين كان معهم في مرتبة واحدة من ضيق ذات اليد.

العهد والوعد

وقد كان صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في كل مكارم الأخلاق ومنها هذه الصفة التي عزت في هذه الأيام، (كان محمد صلى الله عليه وسلم يفي بعهده ولم يعرف عنه في حياته أنه نقض عهداً قطعه على نفسه.

ويلتزم محمد صلى الله عليه وسلم الوفاء مع المخالفين حتى وهو يتعامل مع أتباعه والمستجيبين له فلا يقبل منهم أن يخل بعهد التزم به، وقد شهد له أعداؤه بأنه يفي بالعهود، والفضل ما شهدت به الأعداء.

فالوفاء بالوعد أو العهد أدب رباني وخلق كريم وسلوك إسلامي نبيل، والوفاء بالعهد هو قيام المسلم بما التزم به؛ سواء كان قولاً أم كتابة، فإذا أبرم المسلم عقداً فيجب أن يحترمه، وإذا أعطى عهداً فيجب أن يلتزم به. فالعهد لا بد من الوفاء به، كما أن اليمين لا بد من البر بها، ومناط الوفاء والبر أن يتعلق الأمر بالحق والخير، وإلا فلا عهد في عصيان، ولا يمين في مأثم، فلا عهد إلا بمعروف.

أنواع العهود

أولاً: عهود بين الله والناس: قال الله تعالى «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» [الأحزاب: 23].

ثانياً: عهود بين الناس مع بعضهم. مثل عهود الزواج وحقوق الجوار وحقوق الأخوة.

وقد تتابعت آيات القرآن الكريم تحض على الوفاء وتخوف من الغدر قال الله تعالى «وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً» [الإسراء: 34].

ومن الشؤون التي اهتم بها الإسلام ونوه كثيراً بقيمة الوفاء بها، الديون، فإن سدادها من آكد الحقوق عند الله تعالى، حتى إن الشهيد يغفر الله له كل شيء إلا قضاء الدين.

وبالرغم من ذلك التحذير لخطر الدَّين في الدنيا والآخرة، إلا أن بعضاً من الناس قد استهانوا بالديون فاقترضوها لشهوات الغي والبطون والفروج عن طريق الربا المحرم تحريماً باتاً فنكبوا نكبات جائحة في ديارهم وأموالهم.

شرف الكلمة

والعرب في الجاهلية كانوا يتحلون بشرف الالتزام بالكلمة وما أكثر القصص التي تدل على هذه المكرمة في نفوس الجاهليين، وفي لقاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مع عمرو بن معدي كرب رضي الله عنهما، قال عمرو: سأحدثك يا أمير المؤمنين عن أحيل رجل لقيته، وعن أشجع رجل، وعن أجبن رجل.

كنت - في الجاهلية - في الصحراء، أركض فرسي، علني أجد رجلاً أقتله، إذا أنا بسواد بعيد، فركضت فرسي إليه فرأيت فرساً مربوطاً، وصاحبه في الخلاء، فصحت فيه:خذ حذرك فإنني قاتلك، ثم نهض متقدماً نحوي، فقال: من أنت؟ قلت عمرو بن معدي كرب، قال: أبا ثور، ما أنصفتني؛ أنت راكب وأنا راجل، قال: أنت آمن حتى تركب، فلما وصل إلى فرسه جلس واحتبى، قلت: خذ حذرك فإنني قاتلك، قال: ألم تقل لي: إنك آمن حتى تركب؟ قال: بلى، قال: فلست براكب، فانصرفت عنه، فهذا أحيل رجل يا أمير المؤمنين.

ولما جاء الإسلام، عزز هذه الصفة، صفة الالتزام بالكلمة والوفاء بها، فهي من مكارم الأخلاق التي بعث الرسول صلى الله عليه وسلم ليتممها.

وما أكثر القصص التي تدل على الوفاء بالعهد في المواقف الإسلامية في السلم والحرب.

وخلاصة الموضوع أن يكون المسلم وفياً بالعهد مع الله تعالى لهذه الكلمة الطيبة، التي تخرج المرء من النار خالداً فيها أبداً إلى الجنة خالداً فيها أبداً، وذلك بالتوبة النصوح التي لا نقض لعهدها. الراي
 

justice

Active Member
تبين لنا الحكمة من الرضا بقضاء الله عز وجل، وأن نحمد الله على ما يصيبنا سواء أكان خيراً أم غير ذلك فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ ". رواهُ مُسْلِمٌ. أي أنَّ المؤمنَ في الحالَينِ له خَيرٍ عِنْدَ اللهِ فإِنْ أصَابتهُ نِعْمَةٌ ورَخَاءٌ في الرِّزْقِ شْكُرُ اللهَ وإنْ كانت ضَرَّاءٌ أومُصِيبةٌ يصْبرُ ولا يشكو بلْ يَرْضَى بقَضَاءِ الله ليكونُ لهُ أجْرٌ بهذِهِ المصيبةِ. لنرى الآن قصة الملك ووزيره ومعنى الرضا بقضاء الله وحمده: يروى أن ملكا كان له وزير حصيف ( جيد الرأي ) له فلسفة في الحياة، " أن كل شيء يقدره الله خير ". وكان الملك يحب الصيد حبا شديدا وكان عندما يخرج للصيد ياخذ وزيره الذى يثق به معه و فى يوم من الايام خرج الملك كالعادة للصيد واخذ معه الوزير ولكن اثناء الصيد حدث ان افلت الملك السهم وجرح اصبعه، فقال له الوزير لعله خير . ذهب الملك والوزير مسرعين الى القصر وحضر طبيب الملك وراى الاصبع المجروح ثم قال لقد تسمم الاصبع واصبح خطيرا فقال الوزير لعله خير فقال الملك للطبيب وهو متضايق من رد الوزير وما العمل ايها الطبيب ؟ قال الطبيب يجب قطعه والا تسمم الجسم كله ، فقال الوزير لعله خير قال الملك للوزير اتتمنى ان يقطع اصبعى وتقول لعله خير. حسنا، ايها الحراس اقبضوا على الوزير وادخلوه السجن. فقال الوزير لعله خير ، مرت فترة على الوزير وهو فى السجن بينما ذهب الملك مرة اخرى للصيد وحيدا ولسوء حظه هاجمته قبيلة من القبائل واخذوه الى قائدهم وكانوا يريدون تقديمه قربانا للآلهة ، وعندما راه القائد قال انقدم للآلهة قربان ناقص اصبع هذا لا يليق بمكانة الآلهة اعيدوه من حيث اتى , ذهب الملك مسرعا الى القصر امتزج معه الخوف و الفرح لقد نجا بحياته باعجوبه بفضل اصبعه المقطوع . احضر الملك الوزير من السجن واخبره بما حدث وقال له لقد كنت على صواب ايها الوزير المتفائل ولكن لماذا قلت لعله خير عندما ادخلتك السجن قال الوزير " انا اذهب معك دائما للصيد فان لم اكن فى السجن لكنت انا القربان ايها الملك ".
 
أعلى