تريد الحقائق عن احداث الكويت...و المنطقه... إقرأ الوثائق البريطانيه ‏

السيب

Active Member
طاقم الإدارة
11-12-2009, 10:16 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,827

icon1.gif
تريد الحقائق عن احداث الكويت...و المنطقه... إقرأ الوثائق البريطانيه
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1977 - ( 14)
الكويت وازنت سياستها الخارجية بعد رحيل بريطانيا وفق معطيات المعادلة السكانية الداخلية وتركيبتها

لندن - رائد الخمار:
افرج الأرشيف الوطني البريطاني منتصف الشهر الماضي عن عشرات الآلاف من الوثائق البريطانية التي جرى تداولها بين مختلف الادارات والوزارات والسفارات ورئاسة الحكومة، وبالتحديد وزارة الخارجية، وتناولت ما حدث في عام 1977 وموقف الحكومة البريطانية منها وكيف وجهت سفاراتها الى التعامل معها.
وحصلت «القبس» على مجموعة مختارة من هذه الوثائق عن الكويت والمنطقة ستنشرها تباعا.
تغطي الوثائق فترة حكومة رئيس الوزراء العمالي جيمس كالاهان الذي اختار دايفيد اوين وزيراً شاباً لحقيبة الخارجية، ودنيس هيلي لمنصب وزير الخزانة وفريديريك موللي لمنصب الدفاع، وميرلين ريس لحقيبة الداخلية.
وشملت الوثائق ملفات خاصة عن تعديل السياسة الدفاعية البريطانية في ضوء الانسحاب من شرق السويس، ومحادثات لبيع اسلحة الى مختلف مناطق العالم وخصوصاً الى دول الخليج كلها والعراق البعثي واليمن وايران وغيرها من الدول المتصارعة ما بينها وتعتمد «سياسة الخوف» لضمان امدا دات النفط.

بدت محاضر محادثات وزير الدفاع والداخلية الشيح سعد العبدالله الصباح مع مختلف المسؤولين البريطانيين وكأنها تمثل ترسيخاً للعلاقات الاستراتيجية بين دولتين تكملان بعضهما البعض، كما ورد في احد التقارير المجتزأة التي اخفيت منه فقرات قد تُكشف لاحقاً كما يقول مسؤولون في الارشيف الوطني البريطاني عن وثائق غير مكتملة ومعماة.
ووفق قراءة في تاريخ العلاقات في تلك المرحلة، كانت بريطانيا تحتاج للنفط الكويتي بسعر تشجيعي، اضافة الى ابقاء الكويت ودائعها بالجنيه الاسترليني وضخ استثمارات دورية في الاقتصاد البريطاني واستمرار مبيعات السلاح البريطاني الى الكويت، اضافة الى عقد صفقات دورية من الاسلحة والعقود المدنية.

الدولة الفتية
في المقابل كانت الكويت »الدولة الفتية« تحتاج الى الحماية البريطانية، خصوصاً ان العراق في ظل حكم البعث وصدام تحديداً، كانت مهددة دورياً بالاجتياح، اضافة الى ان الحكومة الكويتية، كانت تحتاج الى عمالة اجنبية يعادل عددها عدد الشعب الكويتي او اكثر تعد بالآلاف وهي اضطرت الى استقبال عشرات آلاف المصريين ومثلهم من الفلسطينيين وعدد مماثل من الايرانيين، وكانت هذه الجاليات الثلاث تمثل «الاخطار الثلاثية»، كما سمتها التقارير البريطانية، على الاستقرار الداخلي في الكويت مما اضطر الحكومات المتعاقبة، خصوصاً بعد الاستقلال، الى موازنة سياساتها الخارجية وفق المعادلة السكانية الداخلية.

الأمن القومي البريطاني
واشارت وثيقة حملت عبارة «سري جداً« والرمز «ميد اف سي او026/1» وتاريخ 15 مايو 1977 الى ان زيارة الشيخ سعد »مهمة جداً للامن القومي البريطاني وبقدر اهمية محادثات المسؤول الكويتي مع كبار المسؤولين في وزارة الدفاع وشركات تصنيع الاسلحة، لا بد من الاهتمام ايضاً بالوفد العسكري المرافق خصوصاً ان اعضاءه يمثلون العصب التنفيذي للاتفاقات العسكرية الامنية».
وفي عودة الى لائحة الوفد المرافق، اشارت الوثيقة الصادرة عن سفارة الكويت بتاريخ 12 مايو التي رفعت الى وزارة الخارجية وحُفظت تحت الرمز «ان بي كي 026/1 » ان الشيخ سعد سيرافقه في جولاته ولقاءاته ومحادثاته الآتية اسماؤهم:
1 - السيد محمد عبد الحميد الخلف رئيس المكتب العسكري في لندن.
2 - الكولونيل محمد عبد العزيز البدر مدير العمليات العسكرية.
3 - الكولونيل عبد العزيز الصايغ مساعد رئيس الاركان للشؤون الفنية.
4 - اللفتانت كولونيل علي محمد المؤمن نائب مدير العمليات.
5 - لفتنانت كوماندور حبيب عبد الرضى المائل نائب رئيس العمليات في البحرية الكويتية.
6 - الكابتن يوسف سلطان السالم المرافق العسكري لوزير الدفاع.
وفي وثيقة موازية اعطت الخارجية البريطانية وصفاً للوفد العسكري مع الشيخ سعد تقدمها الكولونيل عبدالله خالد السميط مساعد قائد القوات الجوية الكويتية ورئيس العمليات فيها. ثم الكولونيل المؤمن وبعده الكوماندور حبيب عبد الرضى ثم الكابتن يوسف سلطان.
واضافت الخارجية الى هؤلاء السفير الكويتي سعود ناصر الصباح.

اللقاء مع رئيس الحكومة البريطانية
واستقبل رئيس الحكومة البريطانية جيمس كالاهان الشيخ سعد في 10 داوننغ ستريت عند السادسة من بعد ظهر 25 مايو 1977 ولمدة 20 دقيقة (الوثيقة الصادرة عن 10 داوننغ ستريت وموجهة الى جون ستيفان وول في الخارجية). ورافق الشيخ سعد السفير الكويتي في لندن والسفير البريطاني في الكويت آرشي لامب.
بدأ اللقاء بنقل الشيخ سعد تحيات امير الكويت لرئيس الوزراء مجدداً دعوة الأمير لكالاهان لزيارة الكويت ساعة يشاء. وتحدث رئيس الحكومة باختصار عن تحسن الموقف المالي والاقتصادي لبريطانيا وقال: »ان الحكومة البريطانية جد مرتاحة للوضع على رغم ان نسبة التضخم لا تزال عالية«.
وسأل كالاهان عن الوضع الداخلي في الكويت بعد حل مجلس الامة واجاب الشيخ سعد ان الحكومة تمسك الموقف الامني بيد من حديد وهي تراقب من سيحاول اثارة الشغب.
وجرى كلام سريع تناول التعاون العسكري والمشتريات الكويتية من بريطانيا وترحيب باي طلبات جديدة ومذكرة التعاون الدفاعي التي وقعها الشيخ سعد قبل يوم مع وزير الدفاع البريطاني.
وقال «اذا احتجتم الى اي شيء نحن هنا حاضرون».
بعدها جرى تناول مسألة الشرق الاوسط وابلغ كلاهان الشيخ سعد بانه تحدث مع الرئيس الاميركي جيمي كارتر في شأن تأمين دفع لازمة الشرق الاوسط وان الرئيس اكد لي كما سيؤكد للامير السعودي فهد بن عبد العزيز ان الموقف الاميركي لن يتغير بعد نتيجة الانتخابات الاسرائيلية التي حملت الليكود الى الحكم.
واشار رئيس الحكومة البريطانية الى ان الرئيس الاميركي سينتظر تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة ليبدأ مشاورات معها ومع اطراف اخرى ومن ثم سيوجه الدعوة الى عقد مؤتمر جنيف جديد.
وشدد على ان معلوماته تشير الى ان الحكومة الاسرائيلية المقبلة ستكون مستقرة وقادرة على قبول مبادرات معينة.
وعندما سأل الشيخ سعد كالاهان عما اذا كان يعتقد بان مؤتمر جنيف سينعقد في وقت قريب استبعد ذلك.
وابلغ كالاهان الشيخ سعد بانه سيتصل مع بيغن شخصياً بعدما يشكل الحكومة وسيبلغ الشيخ سعد بما يسمع منه.
ومن ثم تم الحديث عن مختلف اوجه التعاون بين الكويت وبريطانيا وعرض السفير البريطاني في الكويت على رئيس الوزراء ان يتناول التعاون مع الكويت العمليات العسكرية والقيادة والتنسيق العسكري والامني.
واعرب كالاهان عن رغبته بنقلة نوعية اكبر للعلاقات الثنائية مع الكويت وفي مختلف المجالات.
وكان الشيخ سعد وقع قبل 24 ساعة مع وزير الدفاع البريطاني »مذكرة تفاهم« في شأن التعاون العسكري والتدريب تعطي الكويت الافضلية لشراء الاسلحة البريطانية التي تريدها ومن بينها شراء الزوارق الهجومية من شركة «فوسبر ثورنيكروفت» بقيمة 200 مليون استرليني وتدريب نواة القوات البحرية الكويتية المستقبلية.
ومنذ ان بحث رئيس الوزراء الصفقة مع الامير الشيخ صباح السالم الصباح تحسن موقف الشركة البريطانية في المنافسة مع الفرنسيين الذين يريدون بيع الكويت زوارق منافسة.
وجاء في وثيقة حملت تاريخ مارس 1977 وحفظت في ملف وزارة الخارجية عن زيارة الشيخ سعد الى لندن «ان بي كي 026/1» ان الحكومة الكويتية تريد عقد الصفقة من دولة الى دولة، بينما الجانب الفرنسي كان يسوق زوارقه عبر وسطاء ووكلاء مما فتح المجالات امام عمولات كبيرة وزاد الضغط لاقناع اطراف عدة بان الزوارق الفرنسية افضل من البريطانية (...).
وافادت الوثيقة ان الجانب البريطاني عرض ان يتضمن السعر تدريب البحارة بينما الفرنسيون لا يستطيعون ذلك الا بكلفة اضافية.
ويعني توقيع مذكرة التفاهم اعطاء افضلية للبريطانيين، لكن الصفقة لن توقع نهائياً الا بعد استكمال مفاوضات صعبة تتناول تفاصيلدقيقة.

المحادثات مع وزير الخارجية
وعقد الشيخ سعد جلسة محادثات مع وزير الخارجية دافيد اوين عند الثالثة وعشر دقائق من بعد ظهر 24 مايو 1977 ودامت نصف ساعة وتناولت في البداية الحديث عن مذكرة التفاهم العسكري والعرض ببيع الزوارق كما جاء في الوثيقة المحفوظة في الملف «ان بي كي 026/1».
واشار الشيخ سعد الى ان اعداد عقد شراء الزوارق سيستغرق ستة اسابيع وان لا مشكلة ابداً في عقود شراء الاسلحة البريطانية.
واعرب اوين عن امتنانه للمساعدة الكويتية اثناء ازمة الاسترليني. مشيراً الى ان المستقبل واعد خصوصاً مع بدء تدفق نفط بحر الشمال الذي سيساعد ميزان المدفوعات ويعزز العملة البريطانية والاقتصاد ويزيد في قيمة الاستثمارات الكويتية في بريطانيا.
وسأل الشيخ سعد الوزير البريطاني عن زيارته الاخيرة للسعودية فاجاب انها كانت ناجحة خصوصاً في جانب القلق السعودي من السياسة الاميركية وعما اذا كانت ادارة كارتر ستتخلى عن مبادراتها الشرق اوسطية بعد الانتخابات الاسرائيلية.
وشدد اوين على ان الولايات المتحدة يجب ان تلعب دوراً اساسياً في الحل لكنه توقع ان لا ينعقد مؤتمر جنيف للشرق الأوسط قبل نهاية السنة في افضل تقدير وان وزير الخارجية الاميركية سيزور الشرق الاوسط في الصيف ليدرس الموقف عن كثب.
وشدد الشيخ سعد على اهمية الانسحاب الاسرائيلي من الضفة الغربية لان عدم حصول ذلك يزعج العرب ويجعل من الصعب عليهم القبول بسلام مفروض.
وابلغ البريطانيين ان لا اجتماع لوزراء الخارجية العرب مقرراً في المستقبل المنظور للبحث في ظروف الانتخابات الاسرائيلية وفوز مناحيم بيغن.
واثار اوين مع الشيخ سعد مسألة الاستقرار في الخليج والامن بين دوله وما اذا كان العراق يثير المشاكل؟
واجاب وزير الدفاع الكويتي ان لدى بلاده علاقات جيدة ومتوازنة مع مختلف دول المنطقة لكن لديها مشكلة الحدود مع العراق، وان صدام ادعى عندما استقبل الشيخ جابر الاحمد في عام 1973 ان بوبيان ارض عراقية يجب استردادها بالتفاوض او غيره!
وقال الشيخ سعد ان صدام اخذ علماً برفض الكويت هذه الادعاءات وانه قال انه سيدرس الموقف عن كثب.
واشار الى ان جولة صدام في دول الخليج قد لا تحصل لاسباب امنية (...) لكن بعثة عراقية برئاسة وزير الداخلية عزت الدوري جالت في دول عدة قبل ثلاثة اسابيع. و«اجرينا مع العراقيين محادثات بناءة وصريحة وقلنا لهم ان اي تعاون يستدعي اولاً حل مشكلة الحدود وترسيمها نهائياً».
ووعد الشيخ سعد بابلاغ «الاصدقاء البريطانيين» بنتيجة الزيارة المتوقعة لوكيل وزارة الخارجية العراقي ومحافظ البصرة الى الكويت في الرابع من يونيو المقبل.
واشار الشيخ سعد الى ان الدوري رجل صادق وهو ينوي حل الاشكال مع الكويت لكنه يخشى صدام.
وانهى اوين المقابلة بالتمني على الشيخ سعد ان يطلع على مختلف انواع الاسلحة البريطانية ليختار منها المناسب للدفاع عن الكويت ضد الاطماع العراقية او للحفاظ على الامن الداخلي للامارة.
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
19-12-2009, 02:01 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1977 - (23)
مصرفيون ورجال أعمال يهود من أصل عراقي يديرون استثمارات حزب البعث في فرنسا وبريطانيا


لندن ـ رائد الخمار:
افرج الأرشيف الوطني البريطاني منتصف الشهر الماضي عن عشرات الآلاف من الوثائق البريطانية التي جرى تداولها بين مختلف الادارات والوزارات والسفارات ورئاسة الحكومة، وبالتحديد وزارة الخارجية، وتناولت ما حدث في عام 1977 وموقف الحكومة البريطانية منها وكيف وجهت سفاراتها الى التعامل معها.
وحصلت «القبس» على مجموعة مختارة من هذه الوثائق عن الكويت والمنطقة ستنشرها تباعا.
تغطي الوثائق فترة حكومة رئيس الوزراء العمالي جيمس كالاهان الذي اختار دايفيد اوين وزيراً شاباً لحقيبة الخارجية، ودنيس هيلي لمنصب وزير الخزانة وفريديريك موللي لمنصب الدفاع، وميرلين ريس لحقيبة الداخلية.
وشملت الوثائق ملفات خاصة عن تعديل السياسة الدفاعية البريطانية في ضوء الانسحاب من شرق السويس، ومحادثات لبيع اسلحة الى مختلف مناطق العالم وخصوصاً الى دول الخليج كلها والعراق البعثي واليمن وايران وغيرها من الدول المتصارعة ما بينها وتعتمد «سياسة الخوف» لضمان امدا دات النفط.

رداً على سؤال من الخارجية البريطانية تناول استفهاماً عما يفعله العراق بالفائض المجمع من بيع النفط، خصوصاً ان الموازنة العامة تقل بنحو 20 او 30 في المائة من المردود النفطي اجاب السفير البريطاني في بغداد جون غراهام في تقرير حمل تاريخ 2 فبراير 1977 والرمز «ان بي ار4/011» ان جزءاً من هذه الاموال تحول الى حسابات حزب البعث في العراق وعواصم عربية والبعض الآخر الى موالين بشدة للحزب في بغداد والبعض لشراء ولاء عشائر!
وافاد السفير ان احداً لا يعلم حقيقة الاموال المجمعة لدى الحزب ومن يديرها علماً بان اشاعات تتحدث عن ان اموالاً تُنقل بحقائب مع اشخاص ثقة لتودع في حسابات في بيروت ومن ثم يتم تحويلها الى الخارج وفق سلسلة عمليات مصرفية معقدة يقودها احياناً بعض المصرفيين ورجال الاعمال اليهود المتحدرين من اصل عراقي والمقيمين في فرنسا وبريطانيا.
وشرح السفير ان بعض الاستثمارات التي ضخت في شراء اراض زراعية في العراق ودول عربية لمصلحة الحزب اعطت مردوداً بسيطاً وحتى نجمت عنها خسائر، وفقاً لبعثيين لبنانيين تحدثوا الى دبلوماسيين شرقيين.

خلافة البكر
وتحدث تقرير آخر في 12 مارس 1977 وحفظ في ملف الخارجية البريطانية تحت الرمز «ان بي آر 1/11» عن الاشاعات تملأ بغداد عن «اعادة ترتيب البيت» في ضوء المرض الخطير الذي اصاب رئيس مجلس قيادة الثورة الامين العام لحزب البعث احمد حسن البكر منذ الخريف الماضي على رغم ان الخليفة المؤكد هو نائبه صدام الذي يدير منذ فترة طويلة شؤون الدولة والحزب نيابة عن البكر وبمساعدة عدد من الموثوق بهم.
ووصف التقرير صدام بانه «شجاع وذكي لكن لا يؤمَن جانبه» ويفتقد الشعبية الحزبية ويحاول ان يقلد عبد الناصر لكنه لا يملك طلته وبلاغته وقربه من الناس على الرغم من الجهود التي تبذلها الصحافة العراقية الرسمية وحتى صحافة لبنان المقربة من البعث العراقي والتي تمول من اموال النفط العراقي.
واشار الى ان تعديل تركيبة وعضوية عدد من المؤسسات الحزبية والحكومية والتشكيلات الاخيرة في قيادات الجيش والشرطة تشير كلها الى ترفيع انصار صدام والموالين له وابناء عشيرته بهدف السيطرة كاملة على شؤون الدولة رغم ان زميلي السفير السوفيتي لا يتوقع تغييرات في القيادة السنة الجارية لانه لا يزال في الاربعين من عمره (...).
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
21-12-2009, 07:52 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1977
الكويت تعاطت بإيجابية مع النصائح البريطانية بإقناع الفلسطينيين بالاعتدال في شأن مؤتمر جنيف
لماذا غضب ياسر عرفات على يوسف الصايغ

السفارة البريطانية استشهدت بمقابلة سليم الزعنون مع «القبس» لتشرح أبعاد الدور الكويتي في ترتيب الحل في الشرق الأوسط (أرشيف القبس)

لندن ـ رائد الخمار:
افرج الأرشيف الوطني البريطاني منتصف الشهر الماضي عن عشرات الآلاف من الوثائق البريطانية التي جرى تداولها بين مختلف الادارات والوزارات والسفارات ورئاسة الحكومة، وبالتحديد وزارة الخارجية، وتناولت ما حدث في عام 1977 وموقف الحكومة البريطانية منها وكيف وجهت سفاراتها الى التعامل معها.
وحصلت «القبس» على مجموعة مختارة من هذه الوثائق عن الكويت والمنطقة ستنشرها تباعا.
تغطي الوثائق فترة حكومة رئيس الوزراء العمالي جيمس كالاهان الذي اختار دايفيد اوين وزيراً شاباً لحقيبة الخارجية، ودنيس هيلي لمنصب وزير الخزانة وفريديريك موللي لمنصب الدفاع، وميرلين ريس لحقيبة الداخلية.
وشملت الوثائق ملفات خاصة عن تعديل السياسة الدفاعية البريطانية في ضوء الانسحاب من شرق السويس، ومحادثات لبيع اسلحة الى مختلف مناطق العالم وخصوصاً الى دول الخليج كلها والعراق البعثي واليمن وايران وغيرها من الدول المتصارعة ما بينها وتعتمد «سياسة الخوف» لضمان امدا دات النفط.

كانت المملكة المتحدة المتحالفة مع الولايات المتحدة في سياستها الشرق اوسطية تتضايق من اي مقترحات سوفيتية لاقرار الحاجة الى تسوية، وتسارع الى شرح ابعادها الى الدول «الصديقة» كما جرى في عام 1977 وفي مارس تحديداً عندما ابلغ السفير البريطاني في الكويت الخارجية في برقية حملت الرمز الكودي «جي آر 95» ان وزير الخارجية السوفيتي ارسل بواسطة السفير في الكويت مقترحات، الى الحكومة الكويتية، سيعرضها على مجلس الامن وتتناول نزع التسلح تدريجياً في العالم وفي مناطق الاضطرابات.
وردت الخارجية على الفور طالبة من السفير مقابلة المسؤولين الكويتيين وابلاغهم ان هذه المقترحات «مجرد دعاية اعلامية لا غير وان الاتحاد السوفيتي مستمر في تجاربه على الاسلحة المدمرة وفي تزويد العراق باسلحة متطورة»!.
وتظهر الوثائق البريطانية، التي حصلت عليها «القبس» ان السفارة البريطانية في الكويت كان لها دور اكبر من تمثيل المصالح الاقتصادية والتجارية والسياسية الى الحصول على معلومات «قيمة» عن تطورات وافكار الفلسطينيين في الكويت ومن ثم عن حركة المقاومة واتجاهاتها.

الاعتدال الفلسطيني
وفي تقرير رفعه جورج فيتزهيربرت من السفارة الى الخارجية بتاريخ 26 مارس 1977 وتناول اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني وتاثيراته في الشارع الكويتي قال:
ان ردود الفعل المحلية كانت مؤيدة للاتجاه الذي اتخذه المجلس في اجتماعات القاهرة التي اظهرت ميلاً فلسطينياً الى الاعتدال مما يعني ان المنظمة قد تحضر مؤتمر جنيف اذا دعيت اليه.
وافاد التقرير نقلاً عن مصدر كويتي وآخر فلسطيني (لم يسمهما) ان المجلس الوطني ترك الباب مفتوحاً امام حضور جنيف من دون الاضطرار للاعتراف بالقرار 242، كما حضت عليه الدول العربية المعتدلة ومن بينها السعودية والكويت وهما من اكبر ممولي منظمة التحرير.
لكن التقرير لاحظ ان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في الكويت عبد العزيز حسين قال بعد اجتماع المجلس برئاسة نائب رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر العلي في 22 فبراير اي بعد يومين من اختتام اعمال المجلس الوطني: «ان منظمة التحرير لم تتخل عن موقفها السابق وان التفسير الاميركي عن تنازلات قدمها الفلسطينيون غير صحيح لأن الموقف الفلسطيني ثابت في موقعه».
وينقل التقرير عن عضو المجلس الوطني الفلسطيني السيد يوسف الصايغ قوله للدبلوماسي البريطاني «ان تغييراً لم يحدث في الموقف الوطني الفلسطيني من جنيف».
واشار التقرير الى ان الصايغ لم يحضر اجتماعات القاهرة لانه، كما يقول، لا يريد ان يُفسر حضوره وكأنه قبول بالترشيح لرئاسة المجلس كما يريد اصدقاؤه من رافضي خط تقديم التنازلات لاسرائيل.
ويعيش الصايغ في الكويت وله روابط قوية مع قياداتها وطبقة المثقفين فيها ورجال الاعمال.
وللصايغ شقيقان احدهما انيس الذي كان ضحية لانفجار رسالة ملغومة اسرائيلية المصدر وهو رئيس مركز الابحاث الفلسطينية في بيروت وفايز الذي يعيش في الولايات المتحدة والمقرب من الاميركيين.

اتصالات أميركية - فلسطينية في دول عربية معتدلة
وقال يوسف الصايغ ان الفلسطينيين لن يحضروا مؤتمر جنيف وفق التفسير الاميركي للقرار 242 ، وان السيد ياسر عرفات ابدى حمقه على ملاحظات ابلغها السيد فايز الصايغ عن اتصالات سرية مع الاميركيين في عواصم عربية معتدلة (...).
يُشار الى ان الاتصال الرسمي الاول بين الفلسطينيين والاميركيين جرى في منزل مندوب الكويت في الامم المتحدة عبدالله بشارة ومثل الجانب الاميركي فيه المندوب في الامم المتحدة اندرو يونغ والجانب الفلسطيني زهدي الطرزي.
وفسر الصايغ موقف عرفات في المجلس الوطني والبيان الختامي بانهما كانا «محاولة فلسطينية لاقناع الاميركيين والرئيس كارتر بان الفلسطينيين مستعدون للحوار».
وشدد الدبلوماسي البريطاني على ان موقف الكويت من مقترحات الرئيس كارتر في شأن مؤتمر جنيف كان ايجابياً جداً وقال "ان الكويت تعاطت مع النصائح البريطانية بتشجيع الفلسطينيين على الاعتدال»، وان ما قاله وزير الدولة الكويتي في 22 فبراير عما اعلنه الرئيس السوفيتي ليونيد بريجنيف في الشأن الفلسطيني ومؤتمر جنيف ينسجم مع الموقف البريطاني الداعي للاعتراف باسرائيل ضمن الحدود التي سبقت حرب 1967 مقابل الاعتراف بوطن قومي للفلسطينيين في اراض فلسطينية.
ونسب التقرير الى مصدر كويتي رفيع والى صحف كويتية تعكس وجهة النظر الرسمية قولها ان الموقفين الاميركي والسوفيتي يعكسان موقفاً موحداً من الحل المتوقع في الشرق الاوسط يقترب كثيراً من موقف المعتدلين العرب.
واستشهد الدبلوماسي البريطاني بما جاء في مقابلة اجرتها «القبس» مع نائب رئيس المجلس الوطني ممثل منظمة التحرير في الخليج سليم الزعنون وقال فيها «ان المنظمة تدرس مقترحات بريجنيف وهي تنظر توضيحات لبعض النقاط الغامضة فيها ولتقارنها مع مبادرة الرئيس كارتر».
وشدد الزعنون بان الصداقة الفلسطينية - السوفيتية ليست محل شك وان موسكو لن تضحي ابداً بالحقوق الفلسطينية».
وشدد الزعنون على ان المنظمة لن تفرط ابداً بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
وخلص الدبلوماسي البريطاني الى القول ان «النتيجة التي استخلصها من الموقف الكويتي والبيانين اللذين اعلنا في واشنطن وموسكو عن الموقف في الشرق الاوسط ان الطريق الى السلام طويل ومؤتمر جنيف لن يُعقد في وقت قريب».
وفي 17 ابريل 1977 تسلم وزير خارجية الكويت رسالة من السيد ياسر عرفات نقلها اليه السيد فاروق قدومي والسيد خالد الحسن.
وذكرت برقية وجهها السفير البريطاني آرشي لامب عن الرسالة انها تناولت الحل في الشرق الاوسط والازمة اللبنانية ومستقبل الفلسطينيين في لبنان والدور الواجب القيام به لتسهيل الحل فيه.
وكلف الشيخ صباح الاحمد وزير خارجية الكويت السفير الكويتي في لبنان نقل رسالة الى الرئيس اللبناني الياس سركيس عن مضمون اقتراحات فلسطينية.
وتبين لاحقاً ان الكويت كانت تلعب دوراً اساسياً في ترتيب «هدنة» في الجنوب اللبناني لتسهيل عملية السلام في الشرق الاوسط.
ويبدو ان الهدنة ستكون، وفقاً لما قاله السفير لامب في برقية الى الخارجية البريطانية بتاريخ 18 ابريل، عبر تجميد العمل باتفاقية القاهرة بين لبنان ومنظمة التحرير وانه يتم ترتيبها بالتنسيق مع دمشق.
وشدد السفير على ان الكويت هي الطرف الاكثر تأثراً بالتطورات الفلسطينية بسبب حجم الجالية الفلسطينية فيها مقارنة مع عدد سكانها الاصليين.
وفي الوثائق مجموعة برقيات ركزت على زيارات كبار المسؤولين في الدول النفطية الاعضاء في «اوبك» الى الكويت خصوصاً زيارة الرئيس الفنزويلي بيريز الذي كان يحاول التوصل الى ترتيب موقف موحد من اسعار النفط الى الدول الصديقة والمساعدات التي يمكن ان تقدم لها في ضوء الارتفاع الكبير في اسعار الخام.
ولاحظ الدبلوماسي البريطاني كريس انعهام في رسالة الى الخارجية في لندن حملت تاريخ 2 مايو 1977 ان الكويت تتجه الى فتح سفارة لها في كاراكاس.
وتحدثت الوثائق عن زيارة لرئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار علي بوتو الى الكويت وما جرى خلالها من بحث تناول الاستعانة بمدربين باكستانيين وخبراء لمساعدة الكويتيين باستيعاب الاسلحة البريطانية الجديدة.
وفي الشهر الثامن من السنة استدعى وكيل وزارة الخارجية راشد الراشد السفير لامب الى الخارجية لتسليمه مذكرة كويتية تعرب عن قلق الكويت للاعمال العدوانية الاسرائيلية في الضفة الغربية وغزة ومشاريع بناء مستوطنات جديدة فيهما.
وقال الراشد ان الكويت تسلم مذكرات مماثلة الى الدول دائمة العضوية في مجلس الامن تحضها على ادانة هذه الاعمال الاسرائيلية.
وابرز ما في الوثائق البريطانية الحديث عن موقف الكويت من زيارة الرئيس المصري انور السادات الى القدس المحتلة في 19 نوفمبر 1977. وقالت برقية من السفارة البريطانية في الكويت ان الموقف الرسمي من الزيارة سيُعلن بعد اجتماع الحكومة الكويتية في 27 نوفمبر وبعد مشاورات مع الدول الشقيقة في الخليج والصديقة في مختلف انحاء العالم على رغم ان الصحف الكويتية وحتى المقربة من الحكومة ادانت الزيارة وحذرت من التفريط بحقوق الفلسطينيين.
واكتفى بيان تلاه الوزير عبد العزيز حسين بالقول «ان الكويت اخذت على حين غرة بـ«الاتصال مع العدو» وهي «تأسف للانقسام الحاصل على الساحة العربية بين الاشقاء» ودعت الاشقاء العرب الى اتخاذ خطوات اساسية لاعادة الوحدة الى العالم العربي.
ولم يُشر البيان الى دعوة الرئيس السادات الدول العربية الى الاجتماع في القاهرة لتنسيق الموقف من مؤتمر جنيف.
واشارت البرقية الى تململ بين الجاليتين الفلسطينية والمصرية في الكويت وان تدابير امنية اتخذت لمنع اي مشاكل بينهما.
ولاحظ السفير ان الحكومة سمحت بانطلاق تظاهرة نظمها طلاب جامعة الكويت وضمت حوالي الفي طالب ضد الزيارة وان كانت لم تُرفع فيها شعارت متطرفة ضد الرئيس السادات واستمعت الى خطب نارية من بينها واحدة للدكتور احمد الخطيب.
وتوجه متظاهرون الى مكتب منظمة التحرير في الكويت للاحتجاج على صمته عن اصدار بيان عن الزيارة.
ويبدو ان المسؤولين فيه صمتوا بناء لرغبة كويتية رسمية.
وتم توقيف بعض المتظاهرين هناك.
أول لقاء أميركي – فلسطيني في منزل عبدالله بشارة

القبس
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
21-12-2009, 07:58 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1977 (الحلقة 21)
قلق على صحة صدام... وعرض طبيب لمعالجته!
«علاقات العاشقين» بين بريطانيا والعراق
كتب رائد الخمار :

افرج الأرشيف الوطني البريطاني منتصف الشهر الماضي عن عشرات الآلاف من الوثائق البريطانية التي جرى تداولها بين مختلف الادارات والوزارات والسفارات ورئاسة الحكومة، وبالتحديد وزارة الخارجية، وتناولت ما حدث في عام 1977 وموقف الحكومة البريطانية منها وكيف وجهت سفاراتها الى التعامل معها.
وحصلت «القبس» على مجموعة مختارة من هذه الوثائق عن الكويت والمنطقة ستنشرها تباعا.
تغطي الوثائق فترة حكومة رئيس الوزراء العمالي جيمس كالاهان الذي اختار دايفيد اوين وزيراً شاباً لحقيبة الخارجية، ودنيس هيلي لمنصب وزير الخزانة وفريديريك موللي لمنصب الدفاع، وميرلين ريس لحقيبة الداخلية.
وشملت الوثائق ملفات خاصة عن تعديل السياسة الدفاعية البريطانية في ضوء الانسحاب من شرق السويس، ومحادثات لبيع اسلحة الى مختلف مناطق العالم وخصوصاً الى دول الخليج كلها والعراق البعثي واليمن وايران وغيرها من الدول المتصارعة ما بينها وتعتمد «سياسة الخوف» لضمان امدا دات النفط.


قلق على صحة صدام... وعرض طبيب لمعالجته!
«علاقات العاشقين» بين بريطانيا والعراق

لندن - رائد الخمار:
تكشف وثائق الارشيف الوطني البريطاني عن العراق في عام 1975 ما يمكن تسميته «علاقات العاشقين» و«الخلافات بينهما» او حتى «غيرة الشقيقتين» كما سماها ايفور لوكاس من دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية الذي اشرف تقريباً على مراسلات السفراء البريطانيين في منطقة الخليج وجوارها على مدى عشر سنوات تقريباً.

زيادة الواردات
وخلافاً لعادات الرجل القوي في العراق صدام حسين، في تلك الفترة، استثنى السفير البريطاني الجديد المعين في بغداد حديثاً انتوني ستيرلينغ ليلتقيه ويبحث معه في العلاقات الثنائية ويذكره انه بصفته الجديدة عليه العمل لتسهيل حصول العراق على ما تريده من بريطانيا بعيداً عن اي تحفظ، خصوصاً في مجال التعليم والدراسة.
في المقابل، ابدى السفير استعداده لكل شيء وطلب من «السيد النائب» تشجيع زيادة الواردات من بريطانيا بسبب العلاقات التاريخية بين البلدين عارضاً في الوقت نفسه خبرة طبية عليه لمساعدته في التخلص من اوجاع ظهره.
وقبل ان يزور السفير المعين صدام لتقديم اوراق اعتماده اليه بدلاً من الرئيس احمد حسن البكر كان قد ارسل تقريراً الى وزير الخارجية دافيد اوين بعنوان «الانطباع الثالث عن العراق» وعلى اساس انه كان خدم مرتين سابقتين في هذا البلد. وحمل التقرير تاريح 12 يوليو 1977 والرمز «ان بي آر 011/1» وعبارة سري.
بدأ السفير التقرير بالقول ان طقس بغداد «حار وناشف وغبار» والعاصمة تعيش الخوف من المجهول حتى ان ستائر نوافذها المغلقة لمنع الغبار من دخول الدور تحاول ايضاً منع العيون من التلصص على ما في الداخل (...).

أحوال بغداد
ولاحظ السفير ازدحام السير في الشوارع الرئيسية للعاصمة، في حين ان شوارع وازقة ضواحيها تراقبها الكلاب وتحرسها كما ان امدادات المياه والكهرباء غير مؤكدة في حين تغمر شوارع العاصمة احياناً مياه الصرف الصحي والمجارير.
ومع ان السفير تغزل في «مياه دجلة» التي تعبر على مسافة امتار من مكتبه في السفارة القائمة على ضفافه، لكنه اشار الى قلق الدائرة الامنية فيها من انها عرضة لهجمات وان مكتب السفير غير محمي كفاية.
وتغزل السفير في ورود حديقة السفارة وحشيشها الاخضر، معرباً عن امله في استقبال شخصيات عراقية رسمياً في وقت قريب ضمن احتفالات بريطانية وطنية في العاصمة العراقية.
ولم ينس الاشارة الى جمال المدائن التي يمكن مشاهدتها على امتداد العاصمة وجمال اصوات بعض المؤذنين التي تنطلق منها.
وكان ستيرلينغ زار بغداد للمرة الاولى في العام 1952 ثم خدم في سفارة بريطانيا في الفترة بين 1959 و1962 بعد قلب الملكية مباشرة، وقال «ان شيئاً من سحر العاصمة لم يتغير على الرغم من غياب بعض وجوه الحكم والعاملين في السفارة».

وحشية انقلاب 1958
وذكر السفير ان الملكية في العام 1952 كانت تحاول نقل العاصمة الى القرن العشرين، لكن العائلات القديمة المتجذرة في بغداد كانت تقاوم التغيير في حين ان الجيل الجديد المتعلم المثقف يحاول تطوير كل شيء.
ولم ينس كعادة السفراء البريطانيين ان ينتقد بكلام لاذع وقال ان وحشية ما جرى في 14 يوليو 1958 (الانقلاب على الملكية) اوقف التطور وادخل سياسة الدم الى العراق.
ولاحظ انه في العام 1962 (بعد اربع سنوات على الانقلاب) تم القضاء على الزراعة ولم تنجح محاولات التصنيع، كما تم تخريب الادارة وغابت الديموقراطية البرلمانية (...) وبدأت عمليات اقامة الديكتاتورية، لكن هذه الامور لم تمس حياة المواطن العادي، خصوصاً في الريف كما ان العراقيين لا يزالون يقيمون علاقات مع الزوار الاجانب.
واشار السفير الى انه في عام 1977 يبدو العراق اكثر استقراراً في ظل حزب البعث، كما تمت السيطرة على الاكراد في حين اصبحت العلاقات مع ايران اكثر ودية، كما ان انتاج النفط بدأ يصبح شبه عادي وفي طريقه الى زيادة الانتاج واصبحت تلحظ في بغداد ارتفاع نسبة الاثرياء كما ان ازدحام السير دليل على قوة الاقتصاد (...).

تحرر المرأة
ولم تعرف بغداد حرية مثلها في هذا العهد، كما تحررت المرأة التي لم تعد مجبرة على ارتداء البرقع او غطاء الرأس واصبحت تخرج الى الشارع حاسرة الرأس وبلباس قصير، كما انها تعمل في محطات تعبئة الوقود.
وتحدث السفير عن الطبابة في العراق وقال انه في عام 1962 كان هناك مريضان لكل سرير في المستشفيات العراقية في حين انني رأيت الشهر الماضي ان سيارة الاسعاف وصلت الى السفارة بعد خمس دقائق من طلبها لنقل «الحجي» الذي يخدم في السفارة منذ 56 عاماً بعدما اصابته بنوبة قلبية وقد نقل الى جناح في المستشفى الحكومي جديد ونظيف.
واشار التقرير الى انه بالنسبة لملايين العراقيين اصبحت البلاد افضل منها في العام 1952 او 1962، لكن العراقيين غير راضين عن الحكم الشمولي الذي وصلت اليه البلاد في ظل الحكم المطلق للبعث والذي اصبح عمره 9 سنوات!

حزب يحكم بالخوف والبطش
ونسب السفير الى شخصية عراقية، لم يسنها القول «ان البعث يحكم بالبطش والخوف». وكان البعث تسلم السلطة تباعاً منذ العام 1963 وبطش على مر الزمن بكل حلفائه ومن ساعده للوصول الى السلطة، كما اشاع الخوف والرعب منذ ان صور اعدام عبدالكريم قاسم وبثه على شاشات التلفزيون، كما جرى في عام 1968 عندما اصبح البعث سيداً وسائداً على العراقيين. ومنذ تلك الفترة اصبحت السمكة الكبيرة تأكل الصغيرة من دون وجل او خوف من المحاسبة وفي حي يمتد على اميال من ضفاف دجلة والفرات يعيش عشرات من المحظيين من اعضاء قيادات البعث لا يمكن الوصول اليهم الا عبر طريق واحد يحرسه رجال الامن وتراقبه عشرات من كاميرات التلفزيون على مدار الساعة.
واعطى السفير انطباعاً عن الدولة البوليسية التي تراقب الاتصالات الهاتفية وتسترق السمع الى المكالمات وتراقب العراقيين في المقاهي وتلتقط المعارضين او المنتقدين وتقودهم الى مخافر الشرطة واحياناً مصادفة من دون ان يرتكبوا اي شائنة او يتفوهوا بكلمة واصبحت الاعدامات شيئاً عادياً ولم يبق اي منزل من دون ضحية.
ولم ينس السفير الاشارة الى مجزرة الشيعة الذين تعرضوا للقهر في ظل الحكم المطلق للبعثيين بحجة العمل ضد السلطة.

السرية في الحكم
ولا يمكن لأحد اختراق الحصار المفروض على اركان السلطة ولا تتسرب المعلومات عما يجري اذ انه يتم التحكم فيها من دون وجل او خوف. كما ان الصحف والمجلات تنشر فقط الاخبار الرسمية التي توزع بالتساوي ووفق رأي السلطة.
ولاحظ ان العراقيين لا يستطيعون معرفة حقيقة ما يجري وعما اذا كانت صحة الرئيس احمد حسن البكر سليمة ام انه عليل وما هي حقيقة اصابة صدام بأوجاع في الظهر.
وفي جانب الاخبار الخارجية لا يمكن ان تجد في الصحافة سوى انباء تدين الولايات المتحدة واسرائيل وسورية ولا يمكن العثور في بغداد على صحيفة اجنبية او مجلة سوى بعض المجلات النسائية المتخصصة مثل «وومين ماغازين» في حين تشهد البلاد نزوحاً الى الخارج وتشهد السفارة نحو 400 طلب حصول على تأشيرة يومياً.

نصف ضحكة
وتحدث السفير عن وجه صدام حسين وقال ان نصف ضحكة تزين الوجه مع ان عينيه تمثلان الرعب وتشيعان نصف غضب ظاهر.
وهو يتأهل تباعاً لتسلم منصب رئيس مجلس قيادة الثورة خلفاً للرئيس احمد حسن البكر خلال سنتين على الاكثر. ويبدو ان دوره في الهجوم على قاسم في العام 1959 اعطاه دفعة حزبية، كما انه جُرح في ذلك الهجوم الذي نشر فيه البعث فريقين من مقاتلية مقابل بعضهما البعض واسفر عن قتل سائق قاسم فقط في حين قُتل من البعثيين اكثر مما نجا!
وما يميز العراق حالياً حلم قيادة الامة العربية ويحلم صدام باتباع خطى عبدالناصر وليصبح الزعيم الاوحد للامة العربية من الخليج الى المحيط (...).
ويطبق العراق سياسة اشتراكية، لكنها لم تنجح في تأمين الحاجيات للمواطنين ولا تزال المخازن العامة فارغة، اذ يحصل اعضاء حزب البعث اولاً على حاجياتهم، خصوصاً المستوردة والمدعومة من الدولة وبعدها يحصل المواطنون على ما تبقى.

ابتسامة البكر
ويروي السفير انه عندما قدم اوراق اعتماده الى الرئيس البكر قالوا انه ابتسم وسألوني ماذا قلت له ليبتسم؟ لكني لم ألحظ ابتسامته، ويبدو انه تكلم مرة فتحرك شارباه فصوروه واعتقدوا انه كان يبتسم.
وشدد السفير على ان السفارة ومنازل الديبلوماسيين البريطانيين مراقبة على مدار الساعة وان الموظفين المحليين يتجسسون علينا لمصلحة قوات الامن وان كل اتصالاتنا مع الادارات يجب ان تتم عبر ترتيب من وزارة الخارجية.
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
25-12-2009, 07:04 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (1)
ثورة الخميني واحتجاز الرهائن وسيطرة جهيمان على المسجد الحرام

لندن - رائد الخمار:
شهد عام 1979 احداثاً مهمة غير بعضها تاريخ منطقة الخليج والعالم. ومن ضمن ما عثرت عليه «القبس» في وثائق عام 1979، التي افرج عنها الارشيف الوطني البريطاني، مجريات الثورة الإيرانية، وتسلم الامام الخميني الحكم، واحتجاز الرهائن الاميركيين في السفارة في طهران، ومجريات رافقت قبول الرئيس المصري انور السادات استضافة الشاه، الذي رفضت الولايات المتحدة منحه حق اللجوء. وموجزات عن تقارير ارسلت إلى رئاسة الحكومة البريطانية عن احداث مكة، التي بدأت بدخول جهيمان العتيبي الحرم المكي الشريف في 20 نوفمبر 1979 واحتجازه رهائن ومن ثم تدخل القوات السعودية ومقتل بعض انصاره، ولاحقاً اعدامه في 9 يناير 1980، تضمنت الحديث عن السلفية واخطارها.

اتحاد الكرة الكويتي
وفي الوثائق، التي تنشر «القبس» بعض ابرز ما فيها اعتباراً من 30 ديسمبر الجاري، التقرير السنوي عما جرى في الكويت خلال عام 1978، ومن بينها تسلم الشيخ فهد الأحمد رئاسة الاتحاد الكويتي لكرة القدم، والولادة العسيرة للحكومة (...)، اضافة إلى احداث جامعة الكويت، اضافة إلى تأسيس بيت التمويل الكويتي.

محاولة انقلاب في العراق
وتضمنت الوثائق معلومات عن محاولة انقلاب في العراق اتهمت فيها سوريا. كما شملت معلومات وافية عن كامب دايفيد ومشاريع السلام في المنطقة، خصوصاً مشروع ييغال الون للسلام.
ولم تخل الوثائق كالعادة من عرض شامل للعلاقات البريطانية - الخليجية، اضافة إلى ما جرى في السعودية.
بريطانيا في ظل امرأتين
وكان ابرز حدث بريطاني انتقال السلطة من حزب العمال الحاكم في ظل جيمس كلاهان إلى السيدة مارغريت تاتشر، التي اصبحت اول امرأة تتسلم رئاسة الحكومة البريطانية، ولتصبح بريطانيا في ظل امرأتين (الملكة ورئيسة الوزراء).

وكانت حكومة كالاهان تشكلت في ابريل 1976 وعدلها في سبتمبر من العام نفسه، وكان وزير الخارجية فيها دايفيد اوين ووزير الدفاع فريديريك موللي ووزير الخزانة دنيس هيلي. وتشكلت حكومة تاتشر في مايو 1979 وتسلم لورد كالاهان وزارة الخارجية، في حين حصل فرانسيس بيم على الدفاع ونال جيفري هاو وزارة الخزانة.
واقتصرت الوثائق التي افرج عنها السنة الجارية على وثائق رئاسة الحكومة، بينما ابقيت وثائق «الخارجية» إلى منتصف يناير المقبل.
وفي اوراق رئاسة الحكومة وثائق عن مبيعات السلاح إلى الجمهورية اليمنية وسلطنة عُمان ومصر والاردن وليبيا، وحديث عن السياسة البريطانية في الخليج وعقود الدفاع ومستقبلها مع إيران بعد الثورة، وقمة طوكيو الاقتصادية والموقف الامني في ايرلندا وامكانات زيارة البابا لها وتصدير تكنولوجيا نووية إلى باكستان، وبدء الصعوبات التي تواجه الصحافة البريطانية واستقبالات جيمس كالاهان للسلطان قابوس والامير حسن الاردني.
ولاحقاً بدء جولات تاتشر الخارجية انطلاقاً من لوكسمبورغ إلى الولايات المتحدة، والسياسة البريطانية في شأن التعاون مع اعضاء في «اوبك».
وورد حديث مجتزأ عن الانقلاب ضد الرئيس داود في افغانستان ورسائل عن خطة لاجلاء الرعايا البريطانيين من جنوب افريقيا، والاجتماع الشهير بين تاتشر والرئيس الصيني الذي وضع اسس الانسحاب البريطاني من هونغ كونغ، والمحادثات بين تاتشر والرئيس الفرنسي في شأن خطة سلام للشرق الاوسط، خصوصاً بعد تعاون «ارهابي» بين الجيش الجمهوري الايرلندي مع جيش التحرير الفلسطيني.
وفي الوثائق تقرير عن بدء التعاون مع وزير الخارجية السوري عبدالحليم خدام. وملف ابقي قيد الاحتجاز عن الامارات واتفاقات سرية مع بريطانيا في ضوء الثورة الإيرانية.
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
9, 08:38 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (2)
رحيل الشاه في يناير.. غير وجه إيران إلى الأبد!

لندن - رائد الخمار:
في الاول من يناير عام 1979 كانت ايران تعيش الايام الاخيرة لحكم الشاهنشاه محمد رضا بهلوي وتستعد لفترة تحول في تاريخها سيغير وجه بلاد فارس الى الابد وسينعكس على منطقة الخليج لاحقاً، كما انها «قد تؤثر في مصالح الدول الكبرى ومشاريعها في مختلف انحاء العالم»، كما جاء في تقرير رفعته وزارة الخزانة البريطانية الى رئيس الوزراء جيمس كالاهان في 16 يناير 1979 ووقع بالرمز السري «دي دبليو اتش».
وفي التقرير، الذي عثرت عليه «القبس» ضمن وثائق افرج عنها الارشيف الوطني البريطاني اخيراً وتنشر «القبس» موجزات عنها، تأكيد ان الشاه الذي غادر ايران الى الخارج مع عائلته وحاشيته في اليوم نفسه، لن يعود الى حكم البلاد على الاطلاق، كما ان ذريته ستبقى في المنفى وسيتغير وجه ايران الى الابد، وعلى الدول الغربية احتساب الخسائر والحد منها اذا امكن.
وبدأ الغرب يحتسب الخسائر، من دون معرفة المجهول، خصوصاً ان فترة حكم الشاه كانت عابقة بالمكاسب والعقود، وكفيلة بتأمين فرص العمل لمئات الالاف من المهندسين والعمال في الغرب والشرق وبتأمين النفط الرخيص لشركة «بريتيش بتروليوم» التي كانت تحصل على ما بين 40 و45 في المائة من النفط اللازم لزبائنها من ايران.
وجاء في التقرير الذي حمل عبارة «سري جدا»: «ان خسارة العقود الايرانية سيكون لها وقع مدمر على بريطانيا اقتصادا وصناعة عسكرية، اضافة الى سوق التأمين والمصارف على رغم ان الاخيرة مدينة لايران».

أثر الثورة في سوق الأسلحة

ستتحمل وزارة الدفاع (البريطانية) تغطية قيمة عقد تطوير معدات عسكرية كانت ايران وبريطانيا تتشاركان في تمويله. اضافة الى ان الصناعة العسكرية البريطانية قد تخسر عقودا لتزويد ايران بمعدات عسكرية بقيمة ملياري استرليني من بينها عقد بقيمة 1.250 مليار استرليني قيمة صفقة دبابات تم التعاقد عليها قبل نحو عام.
واشار التقرير الى ان الدبابات من «تشيفتين»، التي قد ترفض ايران اكمال دفع اثمانها او ترفض اضافتها الى ترسانتها الحربية، قد تباع في اسواق بديلة مثل الكويت والامارات وحتى مصر!
ويفيد البند الرابع من التقرير ان الخسارة الرئيسية من الغاء عقد الدبابات قد يتمثل في الاستغناء عن عدد من المهندسين المهرة في المصانع الحربية البريطانية ما قد يؤثر سلبا في تطوير اجيال جديدة من الدبابات البريطانية في العقود المقبلة خصوصا في مشروع انتاج الدبابات الجديدة عام 1985.
ولاحظت وزارة الخزانة ان مجمل خسائر عقود ائتمان التصدير قد تصل الى 910 ملايين استرليني من بينها عقود مدنية بقيمة 474 مليون استرليني علما ان «الحكم الجديد» قد لا يلغي كل العقود بل قد يحاول اعادة التفاوض في شأنها.
وعن حجم ضمانات التصدير والعقود في دول شريكة لبريطانيا وايران في حركة التجارة افاد التقرير ان بريطانيا في المرتبة الاخيرة في هذا المجال اذ ان المانيا عليها ضمانات تصل الى 4.95 مليارات استرليني، كما على الحكومة الفرنسية مبالغ تأمين تصل الى 1.475 مليار استرليني، ما يفيد ان المصدرين البريطانيين كانوا الاقل اعتمادا على الصادرات الى ايران من زملائهم في كل من فرنسا والمانيا او الولايات المتحدة.
وتُظهر ارقام التجارة من الدول الصناعية الى ايران حجم سوقها والمصالح التي يمكن ان تنبثق عنها، وتعطي فكرة عما يمكن ان تستفيد منه الدول الغربية في حال تم حل المشاكل مع ايران في الازمة النووية الحالية.
واستشهد التقرير باحصاءات صندوق النقد الدولي عن حجم ارقام التجارة مع ايران، وقال انها بلغت 3.878 مليارات استرليني للولايات المتحدة في النصف الاول من عام 1978 ارتفاعاً من 1.734 مليار في عام 1974. كما ارتفعت لبريطانيا من 635 مليوناً في 1974 الى 1.445 مليار اسرليني في منتصف عام 1978. وكانت الارقام الاخيرة لليابان نحو 2.83 مليار استرليني مقارنة مع 1.013 مليار عام 1974 في حين ارتفعت في المانيا الى 3.072 مليارات استرليني من 1.14 مليار في 1974، ونالت فرنسا حصة 1.020 مليار استرليني في ستة شهور من 1978 ارتفاعاً من 258 مليون استرليني في 1974.
وتحدث التقرير عن خسارة محتملة لشرطة «بريتيش بتروليوم» من النفط الايراني، لكنه قال ان الشركة يمكنها تعويض النفط المتوافر بكثرة من الاسكا او حقول بحر الشمال. ويعني ذلك ان الحكومة البريطانية ستبقى تتقاضى حصة من دخل اسهمها في شركة النفط من دون قلق من خسارة ما.

القرض الإيراني

يُشار الى ان الحكومة الايرانية اقرضت بريطانيا في عام 1974 مبلغ 1.2 مليار دولار بحجة دعم قيمة صرف الجنيه الاسترليني. وافاد التقرير ان استخدام هذا القرض لتغطية اي خسائر قد يتكبدها القطاع الخاص نتيجة تغيير الحكم في ايران قد يؤدي الى زعزعة الثقة بسمعة بريطانيا المالية خصوصاً ان ايران لم تتلكأ عن دفع اي مستحقات عليها حتى الآن.
وتبين ان المصارف البريطانية وفروعها كانت في وضع جيد، ولديها ودائع والتزامات لايران تصل الى 1.2 مليار استرليني كما ان لشركات ايرانية وافراد ومصالح حكومية ودائع وسندات بقيمة 1.250 مليار استرليني ما يرفع التزامات المصارف البريطانية للايرانيين الى 2.250 مليار استرليني نسبة 85 في المائة منها بعملات صعبة.
وتتمثل المشكلة الاساس للمصارف البريطانية باي محاولة للايرانيين بسحب هذه المبالغ فجأة او تصفيتها، مما قد يكشف المصارف البريطانية ويعرضها للاخطار.
ولاحظ التقرير ان فروع المصارف الاميركية في لندن لديها ودائع ايرانية ضخمة بعملات مختلفة تصل الى نحو 1.800 مليار استرليني.
لكن التقرير شدد على ان ايران تملك حصة كبيرة من احتياطي العملات بالاسترليني لكن هذه الحصة اقل من الحصة الكويتية، علماً بان الكويت مستعدة للدفاع عن الاسترليني ثانية دفاعاً عن مصالحها.
ولم يُشر التقرير الى من اعطى اشارة الاستعداد الكويتي للدفاع عن الاسترليني.
وكان تعامل ايران في سوق الاسترليني وغيره من العملات الاوروبية يُقدر في عام 1978 بنحو اربعة مليارات استرليني. ولم يذكر التقرير ما هو تأثير اعادة النظر في استثمار هذه المبالغ على اقتصادات اوروبية وبريطانية تحديداً.
وتحدثت وزارة الخزانة عن ضرورة الاحتراز من اعادة ترتيب الودائع الايرانية في الخارج، واشارت الى ان هذه الودائع ستعود حكماً الى السوق البريطاني للاستثمار ومن ثم الى بورصة لندن التي تعطي مردوداً اكبر من غيرها.
واعطى على سبيل المثال، ان ايران لن تستطيع استثمار اموال عائدات النفط في دول غير الدول التي كانت تتعامل مع الشاه، وقال في حال قرر الحكم الايراني الجديد التراجع عن زيادات الانتاج الاخيرة ستكون السعودية جاهزة لتلبية الطلب وتأمين البديل مما يعني ان اموال النفط في السعودية ستعود الى المصارف الغربية.
وخلص التقرير الى الاستشهاد باراء الاقتصاديين في «بنك انكلترا» (المركزي) التي تتحدث عن مخاطر ضئيلة حالياً او في المستقبل المنظور.

البازار عاجز

في اليوم نفسه تسلمت رئاسة الحكومة تقريراً امنياً من مستر ام، الذي يبدو انه كان عميلاً للاستخبارات الخارجية (ام اي 6) في طهران افاد عن عجز ممثلين عن البازار تأمين تسلم السلطة في الوقت الحالي وان الهيكلية الوحيدة القادرة على تسلم السلطة في اعقاب رحيل الشاه هي المؤسسة الدينية وزعماؤها.
واشار التقرير الى ان الزعماء الدينيين هالهم قرارت كان الشاه قد اتخذها في الستينات والسبعينات في شأن نزع مساحات واسعة من الاراضي واعادة توزيعها، اضافة الى ان رجال الدين انزعجوا من قرارات اصلاحية وتحديثية اتخذتها الحكومات المختلفة مما يعني انه يجب على اي حكومة ستؤيدها المؤسسة الدينية ورجال الدين ان تلغي هذه القرارات مما يعني ايضاً ان رجال الدين ستكون لهم السلطة الكبرى والاولى في ايران وان الحكم سيكون وفق الشريعة كما يُفسرها رجال الدين الشيعة.
وتحدث «العميل» عن خلافات وكراهية واسعة بين عدد كبير من رجال الدين الايرانيين، لكنه قال ان الخميني وحده يتمتع بسمعة جيدة وان الجميع قد يلتفون حوله حتى اشعار آخر وفرصة مواتية للحصول على سلطات في الحكومة الجديدة.
ونقل «ام» عن خبير ايراني لم يسمه قوله انه في ايران «يمثل الاسلام روح الحكم والصراع للسيطرة عليه، بينما يمثل البازار عيون الحكم والنفط قلبه وتبقى السلطة لرجال الدين الذين يستطيعون التحكم بملايين الايرانيين من دون وازع اخلاقي».

الحلقة المقبلة
الشاه ودع الرعية دون الإشارة للعودة
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
9, 08:39 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

31/12/2009
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 ( 3 )
ملايين الإيرانيين رفعوا صور الخميني احتفالا برحيل الشاه ووداعه «الرعية» من دون إشارة إلى العودة

لندن - رائد الخمار:
عند ظهر السادس عشر من يناير 1979 تسلم مقر رئاسة الحكومة البريطانية في لندن برقية عاجلة من السفارة في طهران تفيد بان الشاه غادر البلاد للمرة الثانية «ذليلا» خلال فترة حكمه التي بدأت في عام 1941، وانتهت رسميا بتحليق طائرته خارج الاجواء الايرانية في اجواء سادها اخراج مئات ملايين الدولارات والتحف والقطع الفنية التي هربها اصحابها، تحسبا من مصادرتها واتلافها، اذا تسلم الملالي الحكم كما هو متوقع.
وافادت البرقية، التي حملت الرقم 144، وعممت على السفارات البريطانية في عواصم العالم الرئيسية، ان الامبراطور غادر بعد ساعة من نيل حكومة بختيار ثقة المجلس على رغم اشاعات غير مؤكدة انه لن يغادر على الاطلاق!
وكانت ادارة المراسم نقلت ممثلي الصحافة الغربية الى المطار، استعدادا لمؤتمر صحفي كان من المتوقع ان يعقده الشاه قبل مغادرة البلاد، لكنه لم يظهر في اللحظة الاخيرة. واعلن راديو طهران ان الامبراطور غادر عند الساعة الثانية بتوقيت طهران في اجازة خارجية، وان رئيس الوزراء ورئيس المجلس كانا في وداعه في المطار.
ونقل الراديو عن الشاه قوله «الآن بعدما حصل رئيس الوزراء على ثقة المجلس، سأترك الحكم بين يديه خلال فترة استريح فيها» من دون ان يشير الى امكانات عودته الى بلاده.
وعلى الفور نزل ملايين الايرانيين الى شوارع العاصمة طهران، والمدن الرئيسية الاخرى محتفلين بانتصار «الثورة» واطاحة الامبراطور، رافعين صور الخميني الزعيم الجديد للبلاد.
واشارت البرقيات اللاحقة الى ان عناصر الجيش التي كانت تحرس السفارات الغربية والمراكز الحساسة، كانت صامتة وتتلقى الزهور من الايرانيين المبتهجين الذين راح بعضهم ينتزع تماثيل الشاه وصوره من اي مكان رفعت فيه.
وكان المجلس منح حكومة بختيار ثقة 149 نائبا ضد 43 وامتناع 13 عن التصويت، بعدما وعد بختيار باصدار مرسوم قريب بحل السافاك (البوليس السري) مع تأكيد احترامه للخميني الذي «يجب ان يكون المرشد من دون ازعاج نفسه في الحكم».

رأي الوزير مير فينديريسكي
بعد مغادرة الشاه مباشرة، زار السفير البريطاني في طهران سير انتوني بارسونز وزير الخارجية في حكومة شهبور بختيار، والاخير قبل سقوط الامبراطورية، للبحث في العلاقات في العهد الجديد وللبحث معه في التطورات.
ورفع بارسونز برقية بما جرى الى رئاسة الحكومة مباشرة للاهمية، خصوصا انه كان يستعد للمغادرة لتسلم منصبه في الامم المتحدة، ويريد الاطمئنان على مستقبل السفارة والعاملين فيها، والعلاقات الاقتصادية والسياسية بين ايران والمملكة المتحدة.
قال السفير ان الوزير «اكد لي ان تعويضات ستدفع للسفارة عن الاضرار التي حدثت نتيجة الشغب، وتحطيم نوافذها، كما شدد على ان حلف السنتو انتهى الى الأبد، مشيرا إلى ان تعاونا اقتصاديا مع دول الحلف أفضل بكثير من أي تعاون عسكري، الذي اصبح غير فعال الآن.
وابدى الوزير قلقه من المستقبل، خصوصا انه «يعتقد ان المتطرفين سيسيطرون على مقاليد السلطة» عبر انهاء أي سلطة لحكومة بختيار وجعلها عاجزة عن الحكم.
وأشار إلى ان الخميني لن يعود إلى البلاد قريبا (...) وأمل أن يكون رحيل الشاه فرصة لعودة الهدوء إلى طهران وغيرها من المدن الايرانية.
واشار السفير إلى ان وزير الخارجية لم يكن شديد الاطلاع على ما يجري، وان اعضاء الحكومة كانوا بعيدين عن الواقع في الشارع، وان لدى السفارة معلومات تفيد أن الخميني سيعود فور استقرار السلطة في ايدي رجال الدين واحكام قدرتهم على التحكم بالجيش وغيره من أدوات الأمن.
وتوقع السفير ان يعود الامام إلى طهران في فترة لا تزيد على ثلاثة اسابيع، وقال «إذا تأخر فسيسيطر على السلطة احد رجال الدين المتطرفين وتدخل ايران في حال من الفوضى كبيرة لا تُحمد عقباها».
وقال السفير ان الوزير ابلغه انه «لو غادر الشاه البلاد قبل ان يعيد الجيش تمركزه لكانت الامور أسوأ مما نتصور، خصوصا مع توقع اشتباكات بين المواطنين والجيش ما كان سيؤدي إلى وقوع مئات أو آلاف الضحايا».

استبعاد شاه جديد قبل ثلاث سنوات
ونقل السفير عن وزير الخارجية الايراني قوله ان الشاه الحالي لن يعود إلى البلاد على الاطلاق،
«ومع انني اؤيد الملكية وأنا من انصارها، إلا أنني لا ارى فرصة لتنصيب شاه جديد يمكن أن تتأمن قبل ثلاث سنوات».
وبعدما أشاد مرات بالشاه ومشاريع التحديث التي قادها اعترف بأنه ارتكب اخطاء وان الحاشية كانت سيئة، وطلب وزير الخارجية الايراني من الغرب الصلاة لتنتهي الازمة الايرانية، وقال «لا نريد تصريحات دعم علنية من الولايات المتحدة وبريطانيا لان رد فعلها سيكون عكسيا على الحكومة وستقدم الدعم للمتطرفين».

الخميني يريد الاتصال مع الجيش

في وثائق رئاسة الحكومة عن الثورة الايرانية، برقية ارسلها السفير بيتر جاي البريطاني في واشنطن الى الخارجية في الخامس عشر من يناير، قبل رحيل الشاه بيوم واحد، عن المستجدات في طهران وكيف تراهن واشنطن «ان الشاه سيغادر الى اسوان في موعد اقصاه ظهر السادس عشر، وانه ستكون هناك فترة حرجة بين 24 و48 ساعة، خصوصا ان الجيش لم يعلن تأييده المطلق لبختيار وفترة حكمه، على الرغم من ان الاميركيين كانوا يحضون كبار الضباط على تأييد بختيار ومواجهة الحكومة والشارع.
ولاحظ السفير ان عودة الخميني السريعة الى طهران قد تزيد عدم الاستقرار على رغم اقتناع الاميركيين انه يخشى على امنه وسلامته، وهو طلب من الاميركيين التوسط مع بعض كبار الضباط للحفاظ على سلامته، ومن ثم عقد مشاورات معهم فور عودته الى طهران.
ونقل السفير البريطاني عن وزير الخارجية الأميركية سايروس فانس قوله «ان بختيار طالب الادارة الأميركية بعدم اعلان دعمها المباشر لحكمه تحسبا لرد فعل معاكس من الايرانيين».
وأفاد السفير جاي بان الاميركيين كانوا على اتصال مع مختلف الاطراف، اولا مع البلاط، ثم الحكومة وكبار الضباط، اضافة الى حلقة وصل اساسية مع الخميني ورجال الدين، ثم قادة البازار ورجال الدين المتطرفين في الشارع.
وقال جاي «ان الاميركيين يفضلون التعاون مع الخميني، لانه معروف بكرهه للشيوعيين واليسار وروسيا، كما انه يستطيع ببراغماتية السيطرة على رجال الدين المتطرفين».
وأشار جاي الى ان الادارة الأميركية تعتقد ان الخميني قادر على تأمين الاستقرار في ايران ولو لفترة، في حين ان مراكز دراسة أميركية حذرت من انه «من بين اكثر رجال الدين كراهية للولايات المتحدة واسرائيل».
ولم يعط السفير البريطاني جوابا حاسما عن تساؤلات بريطانية عما اذا كان الشاه سيعود مستقبلا الى العرش وقال «ان اجوبة فانس كانت مبهمة بشأن المسألة».
وتضمنت الوثائق مجموعة من التقارير عن مناقشات المجلس بشأن منح الثقة لحكومة شابور بختيار، وكيف ان هذه المناقشات اظهرت ان ممثلي فئات وشرائح واسعة في المجلس شددوا على عدم منح الثقة للحكومة «لاننا لا نثق سوى برجال الدين والامام الخميني».
وتضمنت برقية كتبها السفير سير انتوني بارسونز في 14 يناير الى الخارجية ورئاسة الحكومة «بعض ابرز ما نشرته الصحافة الايرانية، التي رفعت عنها رقابة القصر والسافاك، عن مقابلة مع الخميني الذي شدد على أنه سيُشكل «المجلس الثوري الاسلامي»، ستتم تسمية أعضائه لاحقاً تمهيداً لتشكيل حكومة اسلامية في البلاد من واجباتها تأمين دستور اسلامي واعلان الجمهورية الاسلامية، ومن ثم اجراء انتخابات جديدة للحصول على الشرعية من الشعب الايراني المسلم.
ولاحظ السفير ان الخميني يعتبر أن المجلس الحالي والحكومة لا يتمتعان بالشرعية على الاطلاق. كما شدد على أن الخميني عدل رأيه السابق القائل بأنه لن يشارك في الحكم مباشرة وأصبح يقول انه «سيراقب أعمال الحكومة الاسلامية الجديدة».
وتضمنت برقية السفير حديثاً عن المظاهرات في شوارع طهران التي أصبحت ترفع شعارات اسلامية أكثر من مظاهرات العام الماضي التي كانت اكثر يسارية.
وبدا واضحاً أن رجال الدين في طهران، وغالبيتهم من انصار الخميني، يؤيدون الغاء الملكية وتنصيب الخميني زعيماً روحياً وملهماً للثورة ومرشداً عاماً.
ودعا رجال الدين الى اقفال عام في 19 و27 يناير في ذكرى وفاة الامام الثاني. ومن المتوقع أن يقرأ قادة المتظاهرين رسالة من الامام الخميني تتضمن بعض توجيهاته الى الجيش والشرطة والسياسيين.

الحلقة المقبلة : كيف تشكلت حكومة بختيار؟
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
01-01-2010, 08:52 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

01/01/2010
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979
الشاه عرض رئاسة الحكومة على خمس شخصيات فرفضتها (4)

لندن - رائد الخمار:
نجح الشاه محمد رضا بهلوي في الفترة الاخيرة من حكمه في الحصول على دعم شابور بختيار الرجل الثاني في الجبهة الوطنية المعارضة للشاه. واشترط بختيار للتعاون مع الشاه ان يتم تشكيل مجلس وصاية ينوب عن الأخير في غيابه بعدما يسافر في «عطلة».
وبعدما وُضع الاتفاق قيد التنفيذ حدث انشقاق في صفوف الجبهة، واصبحت برأسين الاول برئاسة بختيار والثاني برئاسة كريم سنجابي. وكان الخميني اعلن من باريس، بعد تشكيل الجبهة الوطنية لاسقاط نظام الشاه، ان كل من يتفاوض مع الشاه معاد للاسلام. وعلى رغم تعهد بختيار بتطبيق دستور عام 1906 والملكية البرلمانية، فان المعارضة والحركة الاسلامية والشيوعيين رفضوا التعاون معه، واعلن الامام الخميني طرده من الحركة الاسلامية مما ادى على الفور الى اثارة الشارع عليه وعنى حكماً سقوط حكومته لاحقاً.
سياسة «الجرعات المتتابعة»

ووفق الوثائق البريطانية عن عام 1979، التي افرج عنها الارشيف الوطني نهاية عام 2009 يتحدث تقرير كتبه السفير البريطاني في طهران انتوني بارسونز عن مقابلته لرئيس الوزراء شابور بختيار في الرابع عشر من يناير 1979:
«قابلت رئيس الوزراء لاحاول حل بعض القضايا المعلقة قبل ان اغادر منصبي واغادر طهران في هذا الوقت الحساس جداً. وبختيار حساس جداً ضد من يقول انه متعاطف مع التأثير الغربي، على رغم انه كذلك».
تحدث بختيار بالفرنسية وقال ان الامور تسير الى الأسوأ على رغم قوله انه «اعطى، في برنامج الحكومة الذي قُدم الى المجلس، الشعب كل ما طلبه». واشار رئيس الوزراء الى انه لا يزال يملك بعض الاوراق الاساسية ليتصرف لكنه سيجرب، كما فعل الانكليز في عام 1940، جرعات متتابعة.
واشار بختيار الى ان الشاه عرض رئاسة الوزراء على خمس شخصيات فرفضتها، وقال «قبلتها لأنني احسست ذلك من واجبي على رغم الصعوبات العديدة».
واعترف بختيار ان المهمة صعبة جداً، لكنه يريد ان يكمل مسيرة الدولة الايرانية الى الافضل.
تعويضات السفارة

وفي خضم حديث رئيس الوزراء عن المصاعب، اثار السفير مسألة التعويضات التي يجب على الحكومة الايرانية تحملها لسداد تكاليف اصلاح الاضرار في السفارة البريطانية نتيجة هجوم المتظاهرين عليها في الخامس من نوفمبر الماضي. وقلت له ان وزير الخارجية السابق ارسل فاتورة السفارة الى رئاسة الحكومة وهي تنتظر التوقيع. ووعد رئيس الحكومة بالنظر فيها ومتابعتها.
.. والدبابات

وفي شأن العقود الدفاعية والتدريب شرح السفير لرئيس الوزراء، الذي لم يكن قد نال الثقة بعد، حجم التواجد العسكري البريطاني في بلاده والذي يراوح بين تدريب القوات الجوية والبحرية والبرية وسلاح المدرعات. وقاطع بختيار السفير بقوله ان الجنرال توفانيان ابلغه ان عقد شراء دبابات تشيفتين الغي (...). واحتج السفير على ذلك مبلغاً رئيس الحكومة الايرانية ان عقد تصنيع الدبابات شمل بناء مصنعين خاصين لذلك وتوظيف آلاف الاشخاص ولا يمكن لاي طرف ان يلغي العقد من دون التشاور مع الآخر والنظر في جوانب التعويضات وغيرها، وانه تم تسليم اكثر من 900 دبابة، من اصل 1350، حتى الآن ولا علم لبريطانيا بما تتحدث عنه في الغاء العقد. وشدد على «اننا نعمل باستمرار لاستكمال تنفيذ العقد على مدى خمس سنوات مقبلة حتى نتبلغ رسمياً رغبة مفصلة من الحكومة الايرانية وفق ما جاء في العقد معنا.
وقال بختيار «اننا دفعنا ثمن كل الدبابات التي استلمناها وسأنظر في العقد الباقي علماً باننا لا نريد تسلحاً اضافياً يرهق الموازنة». وأضاف حرفياً «سأعيد النظر في عقود شراء الاسلحة من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وحتى مع روسيا».
واقترح السفير الاتصال مباشرة مع الجنرال توفانيان لمناقشة الامر معه والبحث في سبل الوصول الى حل، مع الاشارة الى ان المصارف البريطانية قادرة على تمويل مراحل تنفيذ العقد اذا احتج الايرانيون على قلة الموارد المالية.
ومع ان بختيار كان في بداية اللقاء متشائماً من المستقبل، الا أنه اشار الى امله بالانتهاء من اتخاذ قرارات مصيرية مع نيل الحكومة الثقة بعد يومين. وقال انه سيصدر اليوم قرار تشكيل مجلس الوصاية في غياب الشاه من تسعة اعضاء برئاسة رئيس الوزراء وعضوية كل من محمد جوادي رئيس مجلس الشيوخ، وجواد سيد رئيس المجلس، وعلي قلي اردلان وزير البلاط، وعبد الحسين علي عبادي المدعي العام السابق، ومحيي الدين علي فارزاداه وزير المال السابق، وعبدالله انتظام رئيس مؤسسة النفط وسيد جلال الدين طهراني المحافظ السابق لخراسان والجنرال عباس قره باغي ممثلاً عن القوات المسلحة.
ولم يعط بختيار جواباً عما اذا كان الخميني سيعود قبل مغادرة الشاه او بعدها وقال «اكيد ليس قبل مغادرة الشاه الذي سيسافر خلال يومين.. ولا ادري اذا كان الخميني سيعود فور ذلك».
واشنطن تصرفت بحماقة

واتهم بختيار الخميني بعدم اعلان ما يريد صراحة، والشيوعيين بالاستمرار في اثارة الشغب والفوضى، ولم يعط اي جواب شافٍ عن المجاهدين مكتفياً بالقول «ان هناك فريقين من المجاهدين «مجاهدو خلق» و«فدائيو خلق» ولم يزد.
وقبيل مغادرة السفير بادره بختيار بالقول «من المؤسف ان نتعرف على بعضنا البعض في مثل هذه الظروف وقبيل مغادرتك العاصمة طهران في نهاية مهمتك فيها... واعتقد ان التطورات التي تحدث سببها التصرفات الحمقاء لواشنطن (...) التي تجاهلت المعارضة ولم تتصل بها».
ورد السفير بالقول «لا اعتقد ان ذلك ممكن خصوصاً ان عيون الشاه كانت جد مفتوحة على كل شيء، واي اتصال مع المعارضة سيعني القضاء على اي فرصة للحصول على عقود تجارية او غيرها»!
واشار السفير الى ان بختيار يبدو حائراً ولا يسيطر على الوضع وهو قلق من تطور الاحداث بسرعة ويعلم ان رجال الدين سيتسلمون السلطة ويقضون على جميع عناصر المعارضة لاحقاً.


الموقف الأميركي
وفي الوثائق تقرير من السفير البريطاني في واشنطن بيتير جاي عن الموقف الاميركي من حكومة بختيار اعلنه وزير الخارجية سايروس فانس في 11 يناير 1979.
بدأ التقرير بنص شدد على «ان للولايات المتحدة مصلحة في رؤية ايران مستقلة حرة في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم... ان هذه هي سياستنا التي اتبعناها على مدى عقود».
ولاحظ السفير ان فانس شدد على اهمية استعادة الاستقرار والقانون في ايران لعودة البلاد الى حياة عادية وتأمين حل سياسي للمشاكل السياسية في البلاد.
وقال فانس قبيل اعلان تشكيل مجلس الوصاية: «ان الشاه لا يزال رأس الدولة ونحن نتعامل معه على هذا الاساس، وقال الشاه انه عندما يُغادر البلاد سيطبق الدستور ويكلف مجلس وصاية تولي مهامه».
ورحب فانس بتشكيل حكومة بختيار وقال «يجب ان تُعطى فرصة لمصالحة جميع الاطراف بعضها مع بعض ومن ثم اقرار السلم الاهلي وحل سلمي للأزمة.
ولاحظ الوزير الاميركي ان القوات المسلحة الايرانية يجب ان تبقى مستقلة وهي ضرورية لمساندة الحكومة الشرعية، ونحن عبرنا عن رأينا بان على افرادها العمل في خدمة الشعب الايراني ما سيؤدي الى حلول سلمية للازمة الحالية. وحضت الولايات المتحدة، كعادتها في ازمات قد تمس مصالحها الاقتصادية، الايرانيين على حل ازماتهم بانفسهم من دون تدخل خارجي، واعلن فانس ان حكومته ستتعاون مع حكومة بختيار كما مع الجيش في وقت كان الخميني حرم التعاون مع الاميركيين والشاه على الاطلاق.
واعلن فانس ان الادارة الاميركية لا ترى مصلحة حالياً في تدخل عسكري في ايران لحماية مصالحها في المنطقة المحيطة بها.
واعرب الوزير الاميركي ان حكومته ستبقى تراقب الوضع عن كثب وتتشاور مع الحلفاء في شأن اعادة الاستقرار الى ايران ومنطقة الخليج.
ووفق السفير البريطاني، وما ورد في البرقية الصادرة عن السفارة البريطانية في واشنطن بتاريخ 11 يناير وتحت الرمز «112350زد»، بدا ان الحكومة الاميركية لا تعرف ما سيجري وهي مشوشة الاهداف خصوصاً ان ما اصدره الخميني من ارشادات كان يصب خارج مصالحها النفطية والاقتصادية. ولم يُشر السفير على الاطلاق الى اي تدابير عسكرية اتخذتها الادارة في حال ساءت الامور في طهران والمدن الكبيرة او في حال سقوط الحكم في ايدي رجال الدين.
وتوقع السفير جاي ان تؤدي سيطرة رجال الدين على الحكم بزعامة الخميني الى ما قد يكون انهاء اي نفوذ لليساريين والجبهة الوطنية في ايران وقد «تحصل مذابح بين فئات عدة شاركت في الثورة على الشاه وان يكون الخميني هو الزعيم الاوحد مطلق الصلاحية في ايران».
ووفق رسالة حملت تعبير «سري جداً» وحذفت بعض سطورها، قال السفير جاي «يعتقد الاميركيون ان الحكم الاسلامي وعلى رغم شعاراته المعادية للولايات المتحدة والدول التي ساندت حكم الشاه سيستمر في التعامل التجاري مع الغرب كما سيستمر في تزويد الغرب بالطاقة اللازمة للاقتصادات الغربية».

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (5) السفير البريطاني يرسم صورة سوداوية للموقف في إيران:
حكومة بختيار غير قادرة على المبادرة وحكم البلاد!
Pictures%5C2010%5C01%5C02%5C6926897b-df50-43ee-8c95-09293939166c_main.jpg
• كريم سنجابي زعيم الجبهة الوطنية في ايران
لندن ــ رائد الخمار:
كيف كان الموقف قبل اسبوع من مغادرة الشاه طهران، وقبل نحو شهر من عودة الامام الخميني اليها بعد غياب دام 30 عاماً؟
رفع السفير البريطاني انتوني بارسنز تقريراً الى رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية في لندن وطلب تعميمه على السفارات البريطانية الرئيسية في العالم، ضمنه ملخصاً لما يجري في طهران والمدن الرئيسية بدأه بالقول «ان امكانية عودة الهدوء الى ايران في ظل حكومة بختيار سوداوية».
وقال «ان الحكومة اصدرت قرارات متلاحقة خلال الايام الاخيرة لم تضمن الهدوء والاستقرار ابدا، ولم تستطع الحكومة اخذ المبادرة من معارضي السلطة، ويبدو انه ما من احد، من بختيار الى الوزراء، قادر على تنفيذ القرارات المتخذة وحتى محاكمة اي مسؤول بتهمة الفساد».
وكان وزير العدل فازيري اعلن مشروع المحاكم الوطنية لمحاكمة الوزراء والمسؤولين السابقين الفاسدين، امام الصحافة واجهزة الاعلام، على ان تقضي المحاكم بالموت على كل من تدينه في وقت تم الافراج عن 266 محكوماً امام المحاكم العسكرية بتهمة العمل ضد النظام الامبراطوري، بينما اعلن وزير الحرب استقالته احتجاجاً مما اظهر ان القوات المسلحة لا تؤيد بختيار وقراراته بالدعم الذي كان يأمله.

طائرات مزدحمة

انتشرت اشاعات في مختلف انحاء ايران ان عدداً من الوزراء الكبار سيغادرون مناصبهم والبلاد ايضاً بعدما شهدوا ان الامور تسير في غير الطريق المرسوم.
وكانت الطائرات المغادرة ملأى بالركاب الغربيين وكبار رجال الاعمال، في حين شهدت المصارف سحوبات كبيرة وتحويلات مالية الى الخارج خصوصاً الى دول الخليج والولايات المتحدة وفرنسا.
وكان تأخر الشاه في المغادرة سبباً في عدم الاستقرار، كما ان الجيش لم يكن في حكم الاكيد يؤيد التغييرات السياسية، بينما سرت اشاعات ان بعض كبار الضباط بدأوا يجرون اتصالات مع اركان المعارضة، في حين استقبل الخميني سراً في منفاه عدداً منهم للبحث في تحييد الجيش عن الصراعات والحفاظ على وحدته وقوته.

السلطة المركزية تختفي

وشهدت طهران ومختلف المناطق شحاً في الوقود والبنزين، وقطعاً للكهرباء بعد اشتداد موجة الاضرابات والاضطرابات وغياب السلطة المركزية، في حين بقيت مصارف عدة مقفلة وقيل ان ودائعها واموالها سحبت، في حين كان البنك المركزي الايراني عاجزاً عن تلبية الطلب على العملات الصعبة.
وزاد الصعوبات تساقط الثلوج في مختلف المناطق، وعزل العديد منها بعضها عن بعض بانتظار قرار ما لا يعرف احد ما هو!

الاعلام يدعم المعارضة

ولوحظ ان الصحف الصادرة بالانكليزية والفارسية كانت تخصص عنواينها لقرارات وبيانات المعارضة والخميني، وتتجاهل قرارات حكومة بختيار التي لم تلق تأييداً اعلامياً من مختلف الاتجاهات.
وشهدت المناطق حالة من الفوضى، وفي تبريز شهدت المؤسسات العامة تخريباً متعمداً وتم احراق عدد من المؤسسات الحكومية والرسمية، وهوجمت منازل السياسيين ورجال الشاه من دون ان تتصدى قوات الامن والجيش لمن كانت تسميهم «المخربين».
ووفق اكثر من مصدر، رفضت قوات الجيش تطبيق الاحكام العرفية وانكفأت في ثكناتها، في وقت راح رجال الدين الصغار يوزعون المأكل ووقود التدفئة المصادرة على المحتاجين ويكتبون عليها «هدية من الخميني للمحتاجين».

«جبهة وطنية» لا مجلس وصاية

واعلن كريم سنجابي انه لن يشارك ابداً في مجلس وصاية على العرش، واقترح في مؤتمر صحفي تشكيل جبهة وطنية تضم رجال الدين ومختلف الاحزاب التي ترفض حكومة بختيار وكل ما يتصل بالحكم الامبراطوري.
وابلغ سنجابي السفارة البريطانية ان الدستور لم يعد قائماً على الاطلاق بعدما استغله الشاه لمصالحه الخاصة ولمصلحة البطانة.
وسرت اشاعات عن اعداد العسكر وكبار الجنرالات انقلابا على النظام للسيطرة على البلاد، لكن عدداً من الجنرالات اختفى من الصورة تماماً وقيل ان بعضهم غادر البلاد او نقل البندقية الى الكتف الآخر.
واعلن ان الجنرال بدري، القائد السابق للحرس الامبراطوري تسلم رسمياً قيادة اركان من الجنرال اوفيسي المختفي.

الانقلاب غير ممكن

وفي البند السابع من التقرير قال السفير ان اي انقلاب عسكري لن ينهي الازمة ولن يستطيع العسكر السيطرة على الوضع بعد الآن، خصوصاً ان كل تظاهرة يدعو اليها رجال الدين والخميني تحشد على الاقل مليوني شخص مستعدين للموت في اي مواجهة.
ولاحظ السفير ان نجاح اي انقلاب يجب ان يمهد له الجنرالات باعتقال الشاه ومنعه من مغادرة البلاد لتتم محاكمته على «جرائمه بحق الشعب» كما كان المتطرفون يأملون.
وخلص السفير الى القول «من الصعب جداً تصور اي شخص يستطيع خلافة بختيار في منصب رئاسة الحكومة، وانا ارى ان فرصة النظام الحالي انتهت الى الابد».

نصيحة للرعايا

وقال «سأقابل زملائي السفراء غداً للبحث في النصيحة التي يمكن ان نعطيها لرعايا الاتحاد الاوروبي ويمكن ان تكون بالاستعداد الى مغادرة ايران فوراً» بعدما قرر مجلس الامناء اغلاق مدارس المجلس الثقافي البريطاني.
وجاء في سلسلة برقيات وقعها السفير بارسنز ورفعها الى وزارة الخارجية ورئاسة الحكومة، ان بختيار قدم حكومته امام المجلس طالباً ثقته، في وقت كانت المظاهرات تشتد، ورفع المتظاهرون لافتات جديدة تطالب بمحاكمة الشاه وجميع من شاركوا في الفساد خلال عهوده الطويلة واعلان حكومة اسلامية في البلاد، كما طالب المتظاهرون بمحاكمة الضباط الذين امروا باطلاق النار على المتظاهرين في مختلف المدن الايرانية.
ولاحظ السفير في برقية حملت الرمز 111515زد ان النواب صمتوا عندما قدم لهم بختيار وزير الحرب الجديد الجنرال جعفر شوكت الذي دخل المجلس باللباس العسكري وعلى كتفيه اربع نجوم.
وسبق للجنرال ان كان قائداً للحرس الامبراطوري، ما يعني انه شديد الولاء للشاه، ونائباً لرئيس الاركان ومرافقاً عسكرياً للشاه كما حكم مقاطعة اذربيجان اثر احداث تبريز في فبراير 1978.
وكان بختيار عين الجنرال شوكت خلفاً للجنرال جام الذي استقال لاسباب لم تُعلن، في حين سرت اشاعات عن ان الجيش لم يرض عنه على الاطلاق.
وتساءل السفير بارسنز عما اذا كان الوزير الجديد يستطيع الحصول على ثقة كبار الضباط في هذا الظرف، اضافة الى اعطاء الثقة بان بامكانه اقامة توازن بين مطالب «الثوريين» و «اركان البلاط السابق».

الاقتصاد يتدهور

لاحظ السفير في برقية لاحقة ان الوضع الاقتصادي يتدهور بشدة والمصارف اصبحت مغلقة كلياً بعدما تراجع البنك المركزي عن تأمين السيولة لها لاضراب موظفيه ومحاولة الحكومة ضبط ما يُسمى هدر رؤوس الاموال.
واشار الى ان الكهرباء بدأت تنقطع عن بعض احياء العاصمة التي قد تعمها العتمة قريباً حتى في احيائها الراقية، ما سيشيع الفوضى ويسمح بعمليات نهب منظمة في غياب اي سلطة فعلية للشرطة والجيش الذي انكفأ الى ثكناته وبعض المراكز الحساسة واحياء السفارات ومبان حكومية اصبح يسكنها كبار الوزراء والمسؤولين.
وقال السفير ان البازار لا يزال مغلقاً ولا امل في ان يعود التجار الى العمل فيه الا فور الحصول على فتوى من رجال الدين، خصوصاً الخميني، الذي استقبل وفداً من ممثلي البازار زاره في مقره الفرنسي.
ومن بين ما ساعد في شل الحركة في طهران والمدن الكبيرة عدم استطاعة الموظفين في القطاع الخاص والحكومي الوصول الى مكاتبهم ومناطق اعمالهم بسبب اضراب النقل العام، وحتى فقدان البنزين وعمليات نهب مسلح، ما جعل الخروج بالسيارة مغامرة خطرة.
ولمّح السفير في برقية لاحقة الى ان احداً «لا يستطيع اعطاء اي تاريخ ممكن لبقاء الحكومة الحالية او الحديث عن مستقبلها»، لكنه قال «اذا بقيت هذه الحكومة فستستطيع بريطانيا التعامل مع وزراء الاقتصاد والمال والتجارة لأننا نعرفهم جيداً ونستطيع الاعتماد عليهم لتأمين مصالحنا».
وقال «اعتقد انه من غير المناسب تقديم طلبات الى هؤلاء في الوقت الحاضر لأن همومهم تنحصر حالياً في تأمين استمرارية الحكومة المشكوك في شرعيتها بعدما ادانها الخميني».
وبسبب امتناع الوزراء عن اتخاذ قرارات، حتى نيل الحكومة الثقة، بقيت ادارات الدولة مشلولة كما ان البنك المركزي يُدار بواسطة نواب حكامه للشؤون الادارية فقط، ولا يتدخل ابداً في الشؤون المالية او للحفاظ على قيمة صرف العملة الايرانية التي تدهورت بنسب 50 في المائة حتى الآن عند صرفها مقابل الدولار او الين. كما ان القطاع الخاص لا يستطيع العمل في غياب السيولة المالية التي يضخها عادة المواطنون وادارات الدولة في الاقتصاد الوطني.

الحلقة المقبلة:
المقابلة الأخيرة للشاه مع دبلوماسي غربي




القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (6) الشاه رفض السفر الى أوروبا وكان يفضل اللجوء الى دولة ملكية عربية!
Pictures%5C2010%5C01%5C03%5C1470475b-28eb-4c27-844c-05dfb81dc3c2_main.jpg
• فرح ديبا تدخلت لتعيين وزير دفاع
لندن ــ رائد الخمار:
كانت بريطانيا والولايات المتحدة وغالبية الدول الغربية قد شكلت «خلايا ازمة» للتعامل مع الموقف في ايران بعد اشتداد الاضطرابات فيها وقرب رحيل الشاه عنها الى منفى خارجي مؤقت او دائم، وتسابق السفراء الغربيون في طهران على طلب مقابلات مع رئيس الحكومة المعين شابور بختيار بعدما كانوا يتسابقون للحصول على شرف السلام على الشاه في ايام «عرش الطاووس».
ويروي السفير البريطاني انطوني بارسنز، في برقية مطولة، ما جرى عندما استدعاه القصر الامبراطوري لمقابلة الشاه في الثامن من يناير 1979، في ما يعتقد انها آخر مقابلات الشاه لسفير معتمد في بلاطه قبل ان يغادر ايران الى الابد.

بدأت المقابلة بالمجاملات العادية ثم بتبادل التحيات وطلب الشاه ابلاغ امنياته بالعام الجديد لملكة بريطانيا وحكومتها. وسألني الشاه عما سأكتبه في تقريري الى الخارجية ورئاسة الحكومة عن هذه المقابلة فاجبته كالتالي:
«اتمنى ان نعيش لنقرأ معا مضمون التقرير الذي سيُكشف النقاب عنه بعد ثلاثين عاماً وغيره من تقاريري التي كتبتها خلال تواجدي في طهران على مدى السنوات الخمس الماضية».
واشار السفير الى انه ابلغ الشاه ان كل ما كتبته من طهران يمثل الواقع وكان حقيقياً ولم اتلاعب او اكتب ضد المصالح المشتركة البريطانية الايرانية.
وابلغني الشاه في حسرة «انني اريد المغادرة بعدما اتخذت قراري بذلك، انني اريد ان اغادر اليوم قبل غد، لكن من الصعب اتخاذ قرار المغادرة قبل حصول بختيار على ثقة المجلس، رغم انني على ثقة من ذلك».

فوضى في طهران

ومع ان الفوضى كانت تضرب طهران ومختلف المدن الايرانية الا انه بدا للسفير ان الشاه آخر من كان يعلم بما يجري بالتفاصيل، وكل ما كان يهمه ان تتأمن الثقة بحكومة بختيار وفق اسلوب ديموقراطي وكما جرت العادة مع الحكومات السابقة رغم ان تأليفها كان يتم بقرار من القصر، والثقة تحصلها من نواب يؤيدون الشاه ويأتمرون بتوجيهاته.
ونقل السفير عن الشاه قوله «ابلغني بعض الوزراء انهم يخشون التوجه الى المجلس اذا كان الشاه قد غادر، وعلى هذا الاساس قررت البقاء حتى اللحظة التي يحصل بختيار على الثقة المتوقع الاقتراع في شأنها خلال اسبوع».
وسأل السفير الشاه عما اذا كان بامكانه التحدث اليه كصديق وليس كممثل للحكومة البريطانية فسمح لي بذلك. وابلغته انني لم اطلب مقابلته في الاسبوعين الاخيرين كي لا يُقال اننا نتدخل في قرار المغادرة ام البقاء، ولم احضر الى القصر سوى عندما علمت بقراركم المغادرة الى الخارج.
وبدأ السفير حديثه «من القلب»، كما قال، بالاشارة الى ان مختلف الامور كانت تصب دائماً وتتركز على شخص الشاه، وما اذا كان سيعتزل الحكم ام يُغادر الى الخارج ويترك الحكم في عهدة مجلس وصاية او في عهدة الحكومة.

رجال الدين يتقدمون بسرعة

وابلغته صراحة ان الشعب الايراني لن يقتنع بان شيئا تغير مادام الشاه لا يزال في البلاد التي تعيش حالياً حالاً من الفوضى والضياع!
وقلت للشاه «ان الامل الوحيد في امكانية نجاح حكومة بختيار ونجاة الامبراطورية يتمثل في انتهاء التشنج في البلاد عبر مغادرة الشاه الى الخارج».
واضفت «كلما بقي هذا الوضع سائداً تراجعت فرص نجاح مهمة بختيار».
واشرت الى ان «احداً لا يستطيع ضمان نجاح بختيار ونجاته.. ان الاخطار كثيرة ورجال الدين يتقدمون خطوات سريعة اكثر من تقدم الحكومة».
وأعرب السفير عن امله بنجاح حكومة بختيار «لأن الامل فيها والا ستعم الفوضى التي ستقود ايران إلى المجهول».

الشاه يشكك بقوة خصومه

وابدى الشاه اتفاقه مع تحليلي لما يجري وان كان اختلف معي في بعض التفاصيل في شأن قوة رجال الدين. وسألني الشاه عما اذا كانت الحكومة بحاجة إلى ثقة البرلمان في ظل الازمة الحالية، فاجبت نعم في الشكل الدستوري ليحكم وفق الدستور، لكن الشعب الايراني حالياً لا يهتم ابداً بهذه الشكليات خصوصاً في مجلس اسقطه الشعب من الحسبان.
وأبلغت الشاه اعجابي وتقديري بقراره الصائب بالمغادرة وقلت له كلما استعجلتها كان افضل وعلى بختيار العمل بسرعة قبل فوات الاوان.
وقال الشاه تعليقاً على ما سمعه «انني على ثقة ان بختيار قادر على الحكم ونصحته بالمبادرة قبل الحصول على الثقة لكنه تمهلني حتى انتهاء التصويت قائلاً انني اريد الحفاظ على الشرعية الدستورية كي لا اعطي احداً وقوداً لاستخدامه ضدي».

فرح ديبا تتدخل

وتحدث الشاه عن القوات الامبراطورية المسلحة وعن رفض الجنرال دجام قبول منصب وزير الدفاع لانه «راى في بختيار عدم الكفاءة للمهمة الصعبة» ويبدو ان فرح ديبا تدخلت مع الجنرال للقبول لكنه رفض بناء على نصائح من اصدقائه في الداخل والخارج!
واشار الشاه إلى ان بعض الضباط الكبار الذين يؤيدون بقاء ايران ملكية يريدونني الا أغادر تحسباً من تشتت القوات الامبراطورية وتقسمها وانفراط عقدها. ولم يبد الشاه اي اهتمام بما يجري من بعده في الجيش، وبدا ان كل همومه تتركز حالياً على المغادرة في اسرع وقت ممكن لضمان سلامته وسلامة عائلته.
وقال السفير «سألني الشاه عما اذا كنت اعتقد بانه يجب ان يغادر على مرحلتين الاولى إلى بندر عباس حتى يحصل بختيار على الثقة والثانية إلى الخارج بعد نيله ثقة المجلس»، واجبته «انها فكرة غير سليمة على الاطلاق لانه اذا عرف انك غادرت طهران إلى مدينة اخرى ستقوم القيامة اكثر وسيتهمونك انك تقاوم التغيير الذي يطلبونه ويجعل مهمة بختيار اصعب».
ونصحت الشاه بتنفيذ الخطة بصورة سليمة والطلب من الجنرالات ان يقسموا امامه قبل ان يغادر بمساندة حكومة بختيار.
ولما سألته عن وجهته المقبلة اجاب «حتماً ليس إلى اوروبا.. ان غالبية العائلة أصبحت في الولايات المتحدة حالياً حيث بالامكان تأمين حمايتها افضل من اي بلد في اوروبا، وبالنسبة لي اعتقد انني اريد ان أسافر إلى دولة ملكية عربية وحتى الآن لم يتقرر شيء بعد».
وطلب مني الشاه الا ابلغ حكومتي بما جرى من حديث بيننا على اساس انه حديث شخصي وعلى هذا الاساس ارجو عدم توزيع هذا التقرير كما جرت العادة وانا سأحتفظ بمضمونه ولن اتشارك مع الاميركيين بما جرى وسأكتفي بابلاغهم عموميات.
وبعد ايام أبلغت السفارة وزارة الخارجية ان الوقود والبنزين تحديداً يتناقص في ايران بسبب الاضرابات العمالية، واتجاه عدد من رجال الدين إلى خزنه ومن ثم استخدامه في الثورة لاسقاط حكومة بختيار.
وبدا ان النقابات العمالية تأتمر حالياً بتوجيهات مهدي بازركان الذي اصبح اكثر راديكالية واكثر تبعية لتوجيهات الخميني ما يعني انه موعود بمنصب مهم في اي حكومة سيأمر بتشكيلها رجال الدين.
وقال السفير في برقية حملت تاريخ 15 يناير ان مخطط الخميني يتمثل بالسيطرة على المؤسسات الاقتصادية، والنفطية تحديداً، للتحكم في حكومة بختيار او اي حكومة ستُشكل بعدها «لأن من يتحكم بالمال يتحكم بالعباد».
وبدا ان التقويم الذي اعطاه السفير عن الوضع في طهران وايران عموماً انها تتجه إلى فوضى ستُحسم باتجاه تسلم رجال الدين السلطة لان المؤسسة الدينية هي الوحيدة المنظمة القادرة على الامساك بالسلطة وتأمين التفاف الايرانيين حولها بكل قوة وثبات وهي الوحيدة القادرة على التصدي للفوضى وتأمين وحدة الاراضي الايرانية في وجه تيارات تقسيمية يقودها الشيوعيون واليسار المتطرف.
وشدد السفير في برقيات متلاحقة على اهمية فتح حوار مباشر او بصورة غير مباشرة مع الخميني في فرنسا.


04/01/2010


القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (7) قمة رباعية دافئة ناقشت في الكاريبي مستقبل إيران

Pictures%5C2010%5C01%5C04%5C54530bb9-0792-48b2-97ef-317c0c1a6d95_main.jpg
• قمة كارتر وديستان وشميدت وكالاهان في الكاريبي
لندن - رائد الخمار:
يوم السبت في السادس من يناير 1979 تنعقد قمة رباعية دافئة في غوادلوب (الكاريبي) حضرها الرئيس الاميركي جيمي كارتر والرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان ومستشار المانيا هيلموت شميت ورئيس الوزراء البريطاني جيمس كالاهان للتداول في الشؤون الدولية، وخُصص جزء منها للبحث في مصير ايران وسط الانباء غير المؤكدة عن قرب مغادرة الشاه البلاد، ومن ثم امكانات تسلم الحركة الدينية الحكم.
وفي الوثائق البريطانية، التي افرج عنها الارشيف الوطني نهاية العام الماضي، وثيقة واحدة، اخفيت اسطر عدة منها، وما بقي يظهر اتفاقا بين الاربعة الحلفاء على ان الشاه سيغادر ايران الى الابد خلال ايام قليلة.

آراء الأربعة

اشار الرئيس كارتر الى اعتقاد ادارته ان الامور قد لا تكون اسوأ بعد مغادرة الشاه البلاد، في حين اعرب كالاهان عن اعتقاد حكومته ان من سيحكم البلاد بعد الشاه سيكون اقل قرباً من الغرب، وقد تكون اكثر من صديقة للاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية. وانتقد الرئيس الفرنسي اسلوب الشاه وقال «انه لم يتخذ الاجراءات المناسبة عندما كان قادراً على الامساك بزمام الامور في طهران». واشار إلى ان الصراع على السلطة في المستقبل سيتمثل في صراع بين القوات المسلحة، التي لا تزال متماسكة، وبين القيادات الدينية.
واشار إلى ان حكومته قررت في وقت من الاوقات طرد الخميني من فرنسا لكن الشاه طلب منه ابقاءه في منفاه بدلاً من جعله شهيداً او حتى جعله يتسلل إلى الاراضي الايرانية سراً.
ولم يظهر في الوثيقة اي قرار موحد ستتخذه الدول الاربع، ذات المصالح الحيوية في ايران، من حكومة شابور بختيار او اي حكومة ستتشكل بعدها.
ولم تظهر في الوثيقة المجتزأة اي بوادر عن خطة موحدة لاجلاء الرعايا الغربيين عن ايران تحسبا من ان يعتبرها الحكم الجديد خطوة معادية.

إجلاء الرعايا

وفي تقرير رفعه وزير الخارجية دايفيد اوين إلى كالاهان في اليوم نفسه لانعقاد القمة تحدث فيه عن الحاجة إلى اجلاء الرعايا البريطانيين ومن يريد من الغربيين عن ايران في ضوء تدهور الاوضاع المعيشية والامنية فيها.
وكان السفير البريطاني في طهران وجه المواطنين البريطانيين، الذين ليس لوجودهم ضرورة قصوى في ايران، بمغادرتها فوراً، لكن مغادرتهم عُرقلت بسبب تعذر المواصلات احياناً وكذلك الاضرابات التي جعلت انتقالهم إلى المطارات والمرافئ غير آمن. وتبين ان الخطوط الجوية البريطانية اكملت استعداداتها لارسال ما يلزم من الطائرات إلى طهران وغيرها لنقل البريطانيين والغربيين واعادتهم إلى بريطانيا عبر جسر جوي بدأ في الثالث من يناير.
واشار التقرير إلى ان عدد البريطانيين في ايران كان في حدود 10 آلاف قبل اندلاع الازمة في سبتمبر 1978، وتراجع العدد إلى حوالي 4400 حالياً منهم 2500 في طهران. وتُقدر السفارة ان من بين هؤلاء مئات من البريطانيات المتزوجات من ايرانيين وقد لا يغادرن في مختلف الظروف.
واشار الوزير إلى ان عدداً من شركات الطيران الخاصة ابدت استعدادها لتسيير رحلات إلى مدن ايرانية لنقل البريطانيين لكن ادارة الطيران المدني ارتأت ان ذلك غير ممكن لأنه يزيد الضغوط على الحركة الجوية المعطلة بسبب الاضرابات.
وقال اوين ان وزارة الدفاع البريطانية وضعت وحداتها على اهبة الاستعداد للتدخل واجلاء الرعايا الغربيين لكننا لا نريد زيادة الامور سوءاً نظراً لحساسية ارسال طيران عسكري بريطاني الى ايران في هذا الوقت الحساس جدا، الا اذا اضطررنا الى ذلك.

سفينة حربية

وكان وزيرا الخارجية اوين والدفاع فريد موللي سمحا لسفينة حربية بريطانية باجلاء عدد من الرعايا البريطانيين والغربيين من بندر عباس ونقلهم الى دبي.
وارسلت وزارة الدفاع طائرتي هيركوليس عسكريتين الى البحرين استعدادا لاجلاء مدربين عسكريين ومدنيين بريطانيين من اماكن تواجدهم في المدرسة الحربية الايرانية في ماجد السليمان.
وتحدث اوين عن تنسيق كامل مع الاميركيين والفرنسيين والالمان والاستراليين والكنديين وغيرهم من اركان التحالف لاقتسام خطط اجلاء الرعايا في حال تدهورت الاوضاع بشدة.
واستبعد الوزير تحسن الاوضاع في وقت قريب، وقال «ان خطة الاجلاء الطارئ قد تطبق بسرعة قياسية».
واشار الى انه حتى الآن لم يقتل اي بريطاني في حوادث شغب ضد الاجانب او البريطانيين تحديدا.

أزمة نفط

وفي الرابع من يناير واجهت بريطانيا والدول التي تستورد النفط من ايران ازمة تمثلت بوقف صادرات النفط الايراني بسبب اضراب عام لعمال القطاع النفطي فيها.
وكتب وزير الخارجية دايفيد اوين تقريرا الى رئيس الوزراء عن انعكاسات انقطاع النفط الايراني على بريطانيا بعد مشاورات شاركت فيها وزارة الطاقة ووكالة الطاقة الدولية التي بحثت ما اذا كانت هناك ضرورات للاستعانة بالاحتياط لتغطية العجز الناتج عن انقطاع النفط الايراني.
ونتيجة المشاورات بين الوزير اوين ووزير الطاقة طوني بن تبين ان بريطانيا اتخذت اجراءات كفيلة بتعويض اي نقص للنفط الايراني عبر ترتيبات مع «بريتيش بتروليوم» التي سارعت الى الاستعانة بالاحتياط المتوافر لها في السعودية.
وكانت «بي بي» حذرت في نوفمبر 1978 من ان انقطاع النفط الايراني وزيادة الاعتماد على نفط الدول غير الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط «اوبك» قد يؤديان الى ارتفاع الاسعار، مما قد يشجع «اوبك» على رفع اسعارها كذلك، خصوصا في الاجتماعات الدورية في مارس ويونيو او حتى في نهاية العام.
واشار اوين الى انه طالما ان وقف صادرات النفط الايراني مؤقت حتى اشعار آخر من غير الضروري ان تُتخذ اجراءات غير عادية.
ولاحظ اوين ان الامر الاكثر اثارة هو انقطاع النفط الايراني عن اسرائيل وجنوب افريقيا اللتين كان الشاه تعهد بتزويدهما بالنفط وبنسبة 60 و90 في المائة من حاجتهما.
وتبين ان جنوب افريقيا لديها احتياطي يكفي لسنتين في حين ان اسرائيل تستطيع الاعتماد على نفط تؤمنه الشركات الاميركية عبر وسائلها الخاصة حتى تعقد الحكومة الاسرائيلية ما يكفي من اتفاقات مع المكسيك وغيرها اضافة الى حصولها على حصة من انتاج بحر الشمال.
وشدد اوين على ان الخميني اكد في بياناته الاخيرة ان اي حكومة اسلامية ستتشكل في ايران ستلغي اي اتفاقات لتزويد اسرائيل وجنوب افريقيا بالنفط الايراني فوراً.

قرارات لا ترضي أحداً

مع الاهتمام بالنفط، كانت السفارة البريطانية في طهران تتابع بدقة ما يعلنه بختيار من قرارات كانت لا ترضي الاسلاميين ولا الجيش ولا حتى الدول الغربية.
وفي تقرير رفعه السفير بارسنز الى الخارجية اشارة الى ان بختيار شدد على استمرار تسليح الجيش «وفق الحاجة ووفق تأمين الموارد الكافية» من دون ان يُحدد اي موازنة معينة ستُخصص لتسليح القوات المسلحة او حتى الاشارة الى العقود التي كانت حكومات الشاه المتعاقبة وقعتها مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا.
ولاحظ بارسنز ان انتاج النفط تراجع الى 230 الف برميل يومياً بالكاد يكفي لانتاج البنزين ووقود التدفئة من مصفاة عبادان للاستهلاك المحلي.
ولاحظ ان احد رجال الدين (قد يكون رفسنجاني) رافق بازركان في جولته على مناطق انتاج النفط لاستعادة المبادرة من رجال دين متطرفين واخضاع الانتاج النفطي فيها الى سيطرة معتدلين يتبعون توجيهات الخميني الذي اصبح بصورة مطلقة الآمر الناهي لمستقبل ايران ولو من منفاه الفرنسي.
وبدا ان الحكومة البريطانية لاحظت وصول عدد من الضباط الكبار الايرانيين الى لندن ومن بينهم الجنرال دجام وراحت تواصل الاتصال بهم لمعرفة اتجاهاتهم في المرحلة المقبلة.
وفي المرحلة الحساسة التي سبقت نيل حكومة بختيار الثقة، تبين ان اموالاً ضخمة كانت سُحبت من المصارف أرسلت نقداً الى مصارف بريطانية وفروع مصارف اميركية في لندن ودبي وبيروت، وتم ايداعها باسماء مختلفة. كما وصلت كميات كبيرة من التحف والسجاد العجمي الخالص الى الاسواق البريطانية والفرنسية وبدأت تعرض على تجار التحف الشرقية باسعار زهيدة نسبياً للحصول على السيولة.

الحلقة المقبلة:
تقرير عن حكم الشاه والمرحلة الانتقالية




05/01/2010


القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 ( 8 ) الخميني حاقد على الشاه والغرب اللذين سرقا إيران والفقراء

Pictures%5C2010%5C01%5C05%5C69c3d8d6-743b-4a60-8233-9299ae42d541_main.jpg
• تظاهرات الثورة الايرانية في الشوارع
لندن - رائد الخمار:
في الثامن عشر من يناير 1979 تسلم وزير الخارجية البريطاني دايفيد اوين تقريراً مفصلاً من 10 صفحات كتبه السفير انتوني دايفيد بارسنز عن الموقف في ايران، عرض فيه لفصائل المعارضة والحركة الدينية وعلاقة الشاه مع الشعب ورجال الدين في هذا البلد المسلم الشرقي ودور الخميني، الذي لا يهادن والحاقد على الشاه والغرب الذي دعمه واعتقد انه نهب اموال الفقراء المسلمين في هذه الدولة الفارسية، اضافة الى دور الجيش والقوات الامبراطورية في الحفاظ على العرش وفي دعم الحكم الجديد.
وعلى التقرير، الذي حمل الرمز «ان بي بي011/1»، ملاحظة من وزير الخارجية بخطه ينصح رئيس الوزراء جيمس كلاهان بقراءة التقرير «الجيد جداً والذي يتضمن اكثر من معلومة جديرة بمعرفتها تمهيداً للمستقبل».

الشاهد الخبير

استعرض السفير، الذي قال انه «الشاهد الخبير» منذ منتصف الحرب العالمية الثانية من خلال عمله في منطقة الشرق الاوسط، في مقدمة التقرير مجريات الامور في دولتين مسلمتين يؤيدهما الغرب، الاول كان في عام 1964 عندما سقط الجنرال عبود في السودان عبر حركة اضرابات شعبية مهدت لانقلاب عسكري. والثاني خلال الشهور الاخيرة في ايران «حيث اعمل واتابع بانتظام سلسلة الاضرابات التي تركت عرش الطاووس من دون هيبة وقوة لفض سلسلة اضرابات شعبية واهلية منعت اي حل اقترحه الشاه وتواصلت حتى رحيله الى المنفى في السادس عشر من الشهر بعدما مرغت كبرياءه في الارض ولم تستطع قوى الجيش والشرطة السرية ارغام الناس والجائعين على الخضوع رغم سقوط مئات القتلى الذين اعتبرتهم الجموع شهداء».
واشار السفير الى انه «لو استطاع الشاه جمع شعبه من حوله واستخدام زخمهم في عمل ايجابي بدلاً من احتفالات تأليه نفسه كان يمكن ان اكتب قصة اخرى تطال منطقة الخليج بأكملها».

نظام وحكم وحكام

ان الشرق الاوسط لا يعرف ما نصفه بـ«استقرار الحكم» لا يفرقون (حاكم ومحكومون) بين النظام والحكم او الحكام واذا اراد الشعب تغيير النظام يجب ان يغيروا الحكام حكماً ولا وسيلة لذلك سوى بالعنف. ان استقرار اي نظام في الشرق الاوسط يرتكز على عاملين الاول القوات المسلحة والثاني الولاء، واي خلل في احد العاملين ينتهي بسقوط الحكام واستبدالهم بالقوة.
وفي العامل الايراني كنت اعتقد على الدوام ان الشاه استطاع الحفاظ على ولاء القوات المسلحة، كما استطاع الى حد ما الحصول على دعم شعبه عبر تقييد الاعلام وتسخيره للعمل لمصلحته مع تقديم بعض العطايا والتحديث للمجتمع الايراني. وكان هدف الشاه منذ عام 1977 تحويل ايران الى دولة على الطراز الغربي وتحديثها لتصبح قبلة للشرق والغرب ومن ثم تصنيعها لتستطيع الاعتماد على نفسها ذاتياً. لكن بعض الامور سارت خلافاً لما يريد ومن ثم بدأ التخبط بسبب قلة خبرة المستشارين واطماع بعض العاملين في البلاط وطبقة السياسيين الفاسدين.

قصر نظر

ولم نستطع في الغرب، الذي كان يقدم النصيحة للشاه احيانا، تقدير حجم المعارضة، خصوصاً الحركة الاسلامية، واهدافها في ظل نظام صارم لا يعرف المهادنة يرأسه شخص لا يرحم ويريد تطبيق برنامجه من دون مشاورة احد.
لقد رأينا كيف ان الحركة الطلابية تنامت، وكيف ابتعدت عن النظام الذي ابتعد عنها بدوره على اساس انها «شيوعية ومخربة»، ولم يستمع اليها النظام على الاطلاق وتركها عرضة لتيارات عدة استخدمتها وفق اهوائها، ولم تنفع مع الحركة الطلابية الوعود بوظائف من دون اعطائها حق التعبير عن النفس.
كذلك لم يتفهم النظام دور رجال الدين وتعارض اصلاحاته مع مصالحهم ودورهم الديني والاجتماعي في بلد لا يزال المرء يرى ما يقوله رجل الدين بانه منزل من الله. وكان خطأ الشاه كبيرا عندما حاول مزج معتقدات فارسية بالمذهب الشيعي والتحديث الغربي، فأثار عليه رجال الدين وطبقة المؤمنين في ايران.

سرقات وفساد

كذلك انعكست سنوات الرخاء في السبعينات، وتحديدا بعد ارتفاع اسعار النفط اثر حرب 1973 وتدفق الاموال الهائلة على خزائن الشاه في العامين 1974 و1975، سلبا على صورة النظام الذي رأى اتساع الفارق والهوة بين الفقراء والاغنياء، كما بدأ الايرانيون يتحدثون عن الفساد والسرقات بعدما شاهدوا بعيونهم الفارق الكبير بين من هم فوق ومن هم تحت. كما خاب ظن الملايين الذين تركوا الريف الى المدن طمعا بحياة افضل، في حين ان محاولات النظام انهاء دور البازار ادى الى مفعول عكسي جدا، لان البازار متجذر لا يمكن استبدال به حفنة من المصفقين والبطانة المحيطة بالشاه.

إلى الوراء

ولم يساعد البطش الذي انزله السافاك بالناس الحكم بل زاد العداء له، خصوصا بعدما وصلت الموسى الى طبقة متنورة من رجال الدين الشبان الذين عرفوا كيف يحاربون النظام باسلحته.
ولاحظ التقرير ان الاضطرابات والاضرابات في الشهور الخمسة الاخيرة اعادت ايران خمس عشرة سنة الى الوراء عندما انتهت مشاريع الشاه التحديثية التي كانت ستنقل البلاد الى القرن المقبل.
وحتى عام 1960 لم تكن ايران دخلت عهد الحداثة، حتى في مستوى دول الشرق الاوسط في تلك الفترة، اذا تمت مقارنتها بمصر وسوريا والعراق (...). وقال السفير انه يتذكر كيف كان العراقيون ينظرون في الخمسينات الى الايرانيين وكأنهم يعيشون في مجاهل افريقيا على رغم ان ايران كانت من بين اوائل الدول التي بدأت تصدير النفط. وكان دخلها من النفط صغيرا بالمقارنة مع حجمها مع قلاقل سياسية سبقت وصول الشاه الى الحكم. ولم يستفد الشعب من الدخل النفطي في سوى النصف الثاني من القرن عندما اطلق الشاه ثورته البيضاء لتحديث البلاد.

خطايا رجال الدين

وعلى مدى السنوات الـ 15 الماضية تم تحديث البلاد، واعادة توزيع الاراضي واعطاء المرأة حقوقها كاملة. ولا بد من الاعتراف ان نظام الشاه حدّث البلاد واسس مدارس عالية الجودة حتى في المناطق النائية، كما منح العمال حقوقهم واقام شبكة ضمان اجتماعي وصحي استفاد منها الجميع.
ومع نجاح سياسة الشاه في القطاع النفطي، الذي ساهم ايضاً في صناعات تحويلية مثل البتروكيماويات، فإن سياسته الزراعية كانت كارثية، في حين طور شبكات الاتصالات والمواصلات. ومع ان الفساد رافق الانفاق الحكومي في مجالات عدة فإن النتيجة كانت ايجابية جداً.
واعتقد الشاه ان ثورته التحديثية الكبيرة في الستينات والسبعينات تنقذ الايرانيين من بعض المعتقدات الدينية والتقاليد الجوفاء التي ينادي بها الملالي مما يقلل من فعالية رجال الدين وتأثيرهم في عقول السكان.
كما اعتقد ان العطايا لطلاب الجامعات والوعود بمنحهم مزايا في الاقتصاد الجديد تُبعدهم عن الشيوعية والتطرف و «خطايا رجال الدين» لكن يبدو انه كان مخطئاً جداً في حساباته.

توريث الابن

واعترف السفير انه كان يعتقد بامكانات تسليم الشاه السلطة لابنه في الوقت المناسب بسبب الولاء الكامل للقوات المسلحة. ويبدو انه كان يخطط للاعتزال في نهاية الثمانينات وتسليم الامير رضا العرش في امبراطورية دستورية حديثة.
وكنت اعتقد دائماً ان الشاه حكيم قادر على اقامة توازن بين استقلالية الحكومة المنبثقة عن انتخابات عامة حرة وأهمية العرش، لكنه عندما حاول تسريع الليبيرالية في عام 1974 ووقت البحبوحة النفطية عاد واصطدم بالتقليديين بعدما تراجعت موارده المالية وقلل الانفاق.
ووصف السفير الشاه بانه «كان يعرف ما يريد المجتمع الايراني لكنه كان الرجل الخطأ في التطبيق او للمهمة».
وقال «انه فعال جداً يستطيع ان يكون الرئيس التنفيذي لمؤسسة دولية كبرى في الغرب وقادر على تحقيق ارباح ومكاسب لحاملي الاسهم». ومع انه كان منفتح على الاجانب والمستشارين ورجال البلاط والحاشية، فإنه كان يفتقد كاريزما مخاطبة الجماهير، وكان حسب ما اعرفه يتهيب الجموع المحتشدة ويخشاها ويبدو امامها شديد الحياء.
ومع تقدمه بالسن، وارتفاع نسبة المنافقين حوله، ازدادت عزلته واصبح لا يرتاح الا مع قلة من الناس واصبح رهينة في ايدي زوجته الامبراطورة فرح التي عبدها عندما انجبت له ولي العهد.
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
06-01-2010, 05:10 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطانيعن عام 1979 ( 9 )
الإصلاحات الاقتصادية أثارت حنق تجار البازار

لندن - رائد الخمار:
في الثامن عشر من يناير 1979، تسلم وزير الخارجية البريطاني دايفيد اوين تقريرا مفصلا من 10 صفحات كتبه السفير انتوني دايفيد بارسنز عن الموقف في ايران، عرض فيه لفصائل المعارضة، والحركة الدينية، وعلاقة الشاه مع الشعب ورجال الدين في هذا البلد المسلم الشرقي، ودور الخميني الذي لا يهادن، والحاقد على الشاه والغرب الذي دعمه، واعتقد انه نهب اموال الفقراء المسلمين في الدولة الفارسية، اضافة الى دور الجيش والقوات الامبراطورية في الحفاظ على العرش وفي دعم الحكم الجديد.

خطة تنمية خمسية

وعلى التقرير، الذي حمل الرمز «ان بي بي011/1»، ملاحظة من وزير الخارجية بخطه ينصح رئيس الوزراء جيمس كلاهان بقراءة التقرير «الجيد جدا والذي يتضمن اكثر من معلومة جديرة بمعرفتها تمهيدا للمستقبل».
وهنا الجزء الثاني من التقرير الذي اعد قبل مغادرة الشاه بلاده الى الابد.
في نهاية 1974 اطلق الشاه خطة التنمية الخمسية الثانية مضاعفا المبالغ المخصصة لها الى المثلين مع زيادة دور الدولة في الحركة الصناعية والتجارية ما جعل دور تجار البازار مهددا!

كيف يتحرك العالم؟‍!

وفي محاولته تحديث البلاد لم يأخذ الشاه بعين الاعتبار «المجالات الآمنة» للاقتصاد، ولا نظر الى ما يمكن ان يؤثر فيه تراجع اسعار النفط فجأة، او اي ازمة اقتصادية عالمية، معتبرا ان العالم يتحرك كما يشاء الامبراطور.
واستكمالا لمبادراته الاصلاحية حاول الشاه تأسيس حزب ملكي لزيادة تطويع الشعب الايراني سياسيا، لكن الحزب لم ينجح في اجتذاب فئة الطلاب والمؤمنين.
وتزامنت نشاطات الشاه مع تنامي قوة الحركة الطلابية وتنظيماتها الاسلامية والمتطرفة، اضافة الى ان الامبراطور اثار حنق فئات كانت تقليديا في الحكم الملكي، لكنها بدأت ترتد عنه اثر محاولاته الغاء ارتباط ايران الكامل بالاسلام واستبدال التاريخ تدريجيا لربطه بالساسانية والشاهنشاهية (...). ولم يتورع عن اسناد دور رئيسي للامبراطورة فرح ديبا لتحويل ايران الى مركز ثقافي عالمي من دون الاخذ بالاعتبار تقاليد ايرانية تعود الى آلاف السنين، ما اثار رجال الدين وزاد عدم الرضا بين فئات مختلفة من الايرانيين لا يجمعها سوى الكراهية للشاه.

الفساد أجهض التنمية

وفي عام 1977 كان الرخاء قد انتهى بعد تراجع اسعار الطاقة عالمياً، ومع ان تحديثاً كبيراً حدث الا ان مصالح باكملها لم تعمل كما هو مخطط بسبب الفساد والسرقات والاهمال والمحسوبية.
وبدأت البلاد والحكم والسلطة تدفع ثمن هجرة المواطنين الى المدينة وترك الريف. وارتفعت نسبة التضخم وفشلت الحكومات المتعاقبة بتنفيذ ما وعدت به وارتفعت نسب البطالة في قطاعات مختلفة مما عزز تضامن المعارضة ولو نظرياً ضد الحكم.
وحاول الشاه تحميل رئيس الحكومة عباس هويدا المسؤولية واستبدله بشخص اقتصادي هو الدكتور اموزيغار الذي لم يستطع استعادة زمام المبادرة وبدأت تدابيره الاصلاحية تعطي مردوداً عكسياً.
وقال السفير ان الشاه اختار فترة حساسة جداً لتنفيذ الليبرالية ولو انه درس التاريخ جيداً مع مساعديه لاكتشف ان اخطر طريق على الملوك والامراء هو نقل البلاد دفعة واحدة من التقليد الى الحرية. ورأى ان احداً من حاشية الشاه لم يشرح له ما جرى قبيل الثورة الفرنسية او اسقاط القيصر الروسي واسباب ذلك.
ولاحظ بارسنز ان بعض التدابير لتحرير الاقتصاد اتخذت للتعامل مع ذيول انتهاء فترة الرخاء في محاولة لاعادة تدوير الاقتصاد وتحسين الاداء وتشغيل ملايين العاطلين عن العمل.

تحالف الملالي والبازار

واشار الى ان الشاه حاول استغلال السنوات العشر الاخيرة من حكمه، قبل ان يتقاعد ويسلم الحكم لابنه، لتعديل بنية ايران وتسليم ولي العهد ايران حديثة!
في الوقت نفسه واعتباراً من 1977 ومرورا بعام 1978 نشأ تحالف بين الملالي وتجار البازار والطلبة وائمة المساجد لم يترك فرصة امام حكومات الشاه الا واستغلها لابراز الاخطاء ومهاجمة الحكومة والشاه في وقت بقيت القوات المسلحة موالية للعائلة المالكة ولم تتحرك على الاطلاق ضد الشاه كما حدث في اقطار عدة في منطقة الشرق الاوسط.
ويروي السفير ان الجميع كان يُفاجأ بالتنظيم الذي يربط بين المعارضة وكيف ان الشعارات نفسها كانت ترفع في اي تظاهرات في جميع انحاء البلاد وكيف كانت التظاهرات تنظم بناء على اشارة من الامام الخميني على سبيل المثال.
ولاحظ السفير ان من تقاليد الشعب الايراني الانتظام في جماعات صغيرة او حلقات اجتماعية يشبه روادها رواد الدواوين في دول خليجية مما يعني ان اي خبر يصل الى هذه الحلقات سرعان ما يُعمم في مختلف ارجاء العاصمة والمدن الاخرى وهو الامر الذي استغلته المعارضة لايصال رسالتها وتعميمها. كما ان البازار كان حلقة الوصل بين العاصمة والمناطق.
وكان لتحالف ائمة المساجد والبازار دور اساسي في اسقاط اثنين من اسرة الشاه بين 1891 و1906 بسبب محاولتهما التدخل في زراعة التنباك وتحديث الاقتصاد.
كذلك حدث ان تحالفاً ضم الزعامة الدينية والبازار والليبراليين اسقط الحكم في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الاولى على رغم انه كان لكل فرق من المتحالفين اهدافه الخاصة.
وذكر السفير ان المعارضة في 1890 اتحدت خلف جمال الدين الافغاني واسقطت الشاه نصر الدين الذي لجأ الى الخارج مما يجعل المقارنة بين الافغاني والخميني شبه حتمية.
واستبعد السفير البريطاني اي دور للاتحاد السوفيتي او لحزب «تودة» الشيوعي في الاضطرابات الاخيرة، وقال ان تنظيمات الطلبة في كل من بريطانيا والولايات المتحدة كانت شديدة التنظيم ونقلت بعض ما درسته من دروس تاريخية لتطبيقها في ايران اثناء العمل لاسقاط حكومات الشاه.
وتحدث عن دور المتطرفين في الساحة من امثال «مجاهدي خلق» و»فدائيي الاسلام»، وشبههم بحركات راديكالية في الغرب مثل «بادر ماينهوف» او الجيش الاحمر الياباني. وقال ان التنظيمين المتطرفين مسؤولين عن عدد كبير من الهجمات على الادارات الحكومية والسفارات الاجنبية.

ربيع طهران

ولم يحسم السفير ما اذا كانت القوات المسلحة ستخضع لاوامر الخميني ام بختيار لكن الاكيد ان رجال الدين المعتدلين والمتطرفين قد يقبلون حكومة قد يشكلها زعيم البازار مهدي بازركان.
وحض بارسنز خليفته في منصب السفير ان يحاول استغلال ما وصفه بانه «ربيع طهران» للاتصال مع المعارضة علانية وبدء حوار معها للحفاظ على المصالح البريطانية المستقبلية.
وكانت تقارير دبلوماسية بريطانية ومراسلات بين وزارة الخارجية ورئاسة الحكومة اظهرت عدم رغبة لندن وحكومة كلاهان ومن بعدها حكومة ثاتشر باستقبال الشاه لاجئاً في اراضيها حيث كان يعتزم الحضور للعيش في الريف الانكليزي مع زوجته وانها اوفدت اليه صحافياً يدعى الآن هارت الى الباهاما حيث كان يقيم مؤقتاً لاقناعه بعدم الحضور الى بريطانيا.

دور أتاتورك

لاحظ السفير بارسنز ان الشاه كان يعتقد بان دوره يحاكي دور مصطفى كمال اتاتورك محدث الدولة التركية وانه كما نجحت الاصلاحات التحديثية في تركيا يمكن ان تنجح في ايران على رغم خلافات في المعتقدات والمذاهب الاسلامية بين البلدين.
وقال السفير، في ملحق مميز تمت اضافته الى رسالته، ان الفارق الزمني بين تشكيل بختيار حكومته ورحيل الشاه عن ايران (نحو 10 ايام) سمح للمعارضة بتسجيل نصر على الحكومة التي خسرت الرهان على استغلال فرصة ابتعاد الشاه عن البلاد والحصول على دفعة اساسية نتيجة ذلك.
وفي البند 22 من الرسالة قال السفير ان الخميني يسيطر على الشارع والمساجد والمتظاهرين وان الحكومة لا تسيطر كاملة على الجيش او على اي رقعة من طهران سوى مبانيهاز
ولا اعرف، كما قال السفير، ما اذا كان بختيار سعى ايجاد ارضية مشتركة مع الخميني الذي رفض هذه الحكومة منذ تشكيلها وطالب بتشكيل حكومة اسلامية في «جمهورية اسلامية».
وتوقع السفير ان يتم فور عودة الخميني المنتظرة خلال اسابيع قليلة «الغاء» حكومة بختيار على ان يشكل الامام العائد حكومة مؤقتة تُشرف على استفتاء لاعلان الجمهورية الاسلامية.
وشدد على ان الاقتصاد «خراب» وان ايران ستحتاج الى وقت طويل لاستعادة دورتها الاقتصادية الى مستوى ما قبل «الثورة».
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
07-01-2010, 05:18 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (10)
الأميركيون لعبوا دوراً بين الخميني وكبار الضباط!

• مجاهدو خلق شنوا حملة على الخميني
• مجاهدو خلق شنوا حملة على الخميني
لندن - رائد الخمار:
بعد يومين من رحيل الشاه عن بلاده إلى الابد سارت في شوارع طهران مسيرة ضخمة دعا اليها رجال الدين لمناسبة اربعينية الحسين وكانت سلمية «على غير عادة» كما قال السفير البريطاني انتوني بارسنز في برقية إلى رئاسة الحكومة حملت الرقم 165 وتاريخ 18 يناير 1979.
وقدر السفير عدد المتظاهرين، وفق شهود عيان، بحوالى مليوني شخص ساروا في الشوارع باتجاه نصب شاميان وسط العاصمة الايرانية، وشهدت اعلان بيان من 9 نقاط اصدرته قيادة المعارضة (الثورة).

مسيرة المليونين

وقال السفير في البرقية، وهي احدى رسائله الاخيرة قبل مغادرته منصبه سفيراً لملكة بريطانيا في بلاط الشاهنشاه، ان مسيرة المليونين كانت منظمة حسب الفئات المشاركة في المعارضة، وحملت لافتات بعضها بالانكليزية غالبيتها كانت تطالب بجمهورية اسلامية، وترفع صور الخميني التي كانت الاكثر ظهورا وحملها اطفال وشبان وكهلة اضافة إلى آلاف النساء اللواتي كن يغطين رؤوسهن بالمناديل السوداء.

الأكثر سلمية وانضباطا

واشار السفير الى ان التظاهرة او المسيرة كانت جد منظمة اعدها رجال الدين في طهران عبر توجيهات اصدروها في المساجد والحسينيات ووصفها بانها الاكثر سلمية وانضباطا خلال احتفالات عاشوراء. كما شارك في التنظيم الجبهة الوطنية ولجنة حقوق الانسان.
وكانت المسيرة جدية واطلقت فيها نداءات ابرزها «الموت للشاه» و«يعيش الخميني» و«نريد جمهورية اسلامية».
ووصفت اللافتات حكومة بختيار بانها «امبريالية» و«شيوعية» و«اميركية» و«اسرائيلية» الخ. وخلافا للتظاهرات الماضية رفع «مجاهدو خلق»، لافتة ضخمة حملت عبارات التضامن مع الخميني.
والتقى المتظاهرون في ساحة الشهيد وسط طهران كلا من اية الله طالقاني وسنجابي وغيرهما من قيادات الحركة المعارضة للشاه.

عائلة غير شرعية

وقرأت قيادة المعارضة بيانا من تسع نقاط ابرز ما جاء فيه:
– اعلان عائلة بهلوي غير شرعية ومؤهلة لحكم ايران. وطرد الشاه من العرش بعدما اغتصب الحكم مثل ابيه قبله.
– نطالب باعلان ايران جمهورية اسلامية مستقلة.
– نؤيد تشكيل مجلس اسلامي ثوري وحكومة مؤقتة يعينها الامام (لم يحدد من هو الامام).
– لا نعترف بان حكومة بختيار شرعية.
– يجب على اعضاء المجلس ومجلس الشيوخ نبذ عضويتهم فورا.
– يجب على اعضاء مجلس الوصاية الاستقالة فورا.

غير متفائل

وفي العشرين من يناير رفع السفير برقية الى الخارجية ورئاسة الحكومة بدأها بالقول «انها آخر رسائلي» قبل المغادرة و«انا لست متفائلا على الاطلاق».
واضاف «ان بختيار شكل حكومته قبل اسبوعين ونال الثقة قبل خمسة ايام، كما ان الشاه غادر البلاد ولا نلاحظ ان بختيار حصل على اي سلطة حتى من الجيش».
وفي البند الثالث من الرسالة شدد السفير على ان الخميني يحكم الآن بواسطة البيانات التي يصدرها من منفاه الباريسي وهو اعلن ان الحكومة ومجلس الوصاية لا يتمتعان باي مشروعية مما يجعل من الصعب على حكومة بختيار الحكم، او بدء تطبيق حزمة الاصلاحات التي وعد بها.
وتوقع السفير ان يُصدر للخميني بيانا بتشكيل «مجلس اسلامي» وحتى يُشكل حكومة مؤقتة خلال ايام مما سيُمهد لالغاء حكومة بختيار طهران خلال اسابيع، مما سيعني استقبال «وزراء الخميني» في الوزارات الرئيسية وتنفيذ قراراتهم في وقت سيُمنع وزراء بختيار من دخول مباني الوزارات.
ولاحظ السفير ان التظاهرات التي جرت منذ رحيل الشاه كانت جماهيرية منشرحة ولم تحدث اي اضطرابات على الاطلاق، مما يعني ان رحيل الشاه ادى الى عودة الهدوء نسبياً في وقت يتجاهل الجميع حكومة بختيار التي لا تعقد اي اجتماعات او تقوم باي نشاطات على الاطلاق.

القوات المسلحة

وشدد السفير على انه لا يعتقد ان القوات المسلحة الموالية للشاه يمكن ان تواجه الرأي العام الشعبي المؤيد للخميني او تُعارض قيام الجمهورية الاسلامية، مما يعني ان الفترة الانتقالية ستمر من دون اراقة دماء.
ولاحظ ان الجنرالات اقسموا امام الشاه على دعم حكومة بختيار طالما احترم دستور 1906 الذي ينص على ان الشاه وذريته في قمة هرم الدولة. وقال «لا اعرف ماذا سيكون الموقف فور عودة الخميني وما اذا كان الجنرالات سيخضعون للحكم الجديد او انه قد يحدث انشقاق في الجيش، لكنني اتوقع عقد صفقة بين الطرفين في المرحلة الاولى من قيام الجمهورية الاسلامية التي اصبح قيامها حتمياً».
ونقل عن احد النواب، الذي لم يسمّ.ه، قوله «من الافضل عقد الصفقة في وقت قريب لان ذلك هو الافضل للبلاد». وذكر ان جميع سفراء الدول الاوروبية يشاركونه الرأي في هذا الامر.
وتحدث عن ان تشكيل الحكومة الاسلامية «لن يحل مشكلة الاقتصاد الجامد حالياً على الفور».

ماذا في الأهواز؟!

وعلى رغم الهدوء في طهران الا ان مدناً مثل شيراز وتبريز ومشهد وقم تعيش حال فوضى ويحكم هناك رجال الدين في كل حي من الاحياء كما هو الحال في بعض احياء العاصمة.
والنقطة الملفتة للنظر في رسالة السفير كان حديثه عما يجري في الاهواز، حيث بدأت بوادر انشقاق يطلقها «العروبيون» للانفصال عن ايران، إذ راح ينادي السنة، الذين لا يناصرون الخميني، بدولة مستقلة عن الاراضي الايرانية. وتحدث السفير عن رفع العلم الكردي في مهاباد، والتركمان في الشمال بدأوا يتحدثون عن انفصال مع عودة ناصر خان كاجكاي الى ايران التي غادرها بعد عام 1963 اثر ثورته ضد الاصلاح الذي تناول اعادة توزيع الاراضي.

الأميركيون والخميني

وكان السفير بارسنز، بعد احتفال في السفارة البريطانية اقيم للديبلوماسيين الغربيين لوداعه، ابلغ الخارجية في برقية حملت تاريخ 29 يناير والرقم 167 ان «الاميركيين نشطون في لعب دور بين الخميني وكبار ضباط القوات المسلحة».
ونقل عن السفير الاميركي وليم سوليفان قوله «ان بعض البيانات التي اصدرها الخميني ضد اليساريين والشيوعيين تمت كتابتها في السفارة الاميركية في طهران».
واضاف السفير البريطاني ان الاميركيين يحاولون اقناع الجنرالات بان الدولة الاسلامية في ظل الخميني يمكن ان تنجح في منع اليسار من السيطرة على السلطة، ويمنع تقسيم ايران حتى اشعار آخر. واشار الى ان الخميني شكل لجنة لضرب المتطرفين.
في موازاة ذلك ارسل السفير البريطاني في واشنطن بيتر جاي (صهر رئيس الوزراء البريطاني جيمس كالاهان) برقية الى الخارجية في 25 يناير 1979 تحدث فيها عن مقابلته وزير الخارجية المساعد نيوسوم وقوله «ان الموقف في ايران يعتمد على ست مجموعات رئيسية: الاولى حكومة بختيار، والثانية القوات المسلحة، التي لم تخرج بعد من صدمة رحيل الشاه، والثالثة مجموعة الخميني الاقوى في ايران، ثم الجبهة الوطنية التي تؤيد الخميني وتناصره، وبعدها رجال الدين المعتدلون، ثم مجموعة اتحاد الطلبة».

وساطة أميركية

ووفق السفير جاي تنشط واشنطن بواسطة ملحقها العسكري في السفارة الاميركية في طهران بين هذه المجموعات وتلعب دور الوسيط بين انصار الخميني والجنرالات المعتدلين، وتستعين بخدمات الرئيس السابق لجهاز السافاك «مقدم» الذي انحاز الى الخميني ويقدم خدمات لمجموعته ومستشاريه.
وكانت واشنطن امرت سوليفان بتسليم بختيار كتاب تأييد على رغم طلب الاخير من وزير الخارجية سايروس فانس وقف التأييد العلني لحكومته منعا لاحراجها.
وقال نيوسوم ان واشنطن لا تستطيع الاكتفاء بموقف شبيه بالموقف البريطاني الذي تبين انه كان كالتالي: «ان لندن تؤيد ما يريده الشعب الايراني»، مشيرا الى اننا اذا اتخذنا هذا الخط فسيُنظر الينا اننا «تخلينا عن دعمنا الشرعية وحكم بختيار».
وذكر نيوسوم ان واشنطن تعتقد ان الخميني مصمم على العودة الى ايران بعد تشكيل المجلس الاسلامي الثوري والحكومة المؤقتة مما سيعني استقالة حكومة بختيار ومن ثم تتأمن الظروف لعودة الامام.
ويبدو ان الاميركيين طلبوا من خميني الاجابة بواسطة مساعديه في باريس وطهران عن اسئلة. وبدا من اجوبته انه يتفهم الموقف العالمي وانه لا يعادي الغرب بصورة كاملة وانه مستعد لمواصلة صادرات النفط الى العالم ما عدا اسرائيل وجنوب افريقيا. كما تعهد بان لا يبدأ اي حرب مع جيران ايران (العراق او غيره). وشدد مساعدو الخميني انه لن يعادي الولايات المتحدة الا اذا تدخلت في الشؤون الايرانية الداخلية.
وشدد نيوسوم على ان واشنطن قلقة من بعض المحيطين بالرجل المتقدم في السن الذين قد يستغلون جهله بالامور الدولية. وقال «ان الولايات المتحدة لا تؤيد على الاطلاق قيام انقلاب عسكري في ايران لانه سيؤدي الى حمام دم كبير».
واشار الى ان الازمة في ايران استدعت من واشنطن اعادة النظر في سياستها في المنطقة واعادة تقويم الانظمة في السعودية وباكستان وغيرها.

القبس
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
21-02-2010, 03:52 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

09/01/2010
القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 - (11)
إيران تتغير بسرعة بعد عودة الخميني القوات المسلحة تفقد معنوياتها وبعضها ينضم إلى الثورة

Pictures%5C2010%5C01%5C09%5C4e28e1d1-b887-40c7-abab-95ab731113bc_main.jpg
• خمسة ملايين استقبلوا الإمام بحراسة 50 ألف شرطي نزعوا شعارات الشاه
لندن ــ رائد الخمار:
في الاول من فبراير 1979 احتشد خمسة ملايين ايراني في العاصمة للترحيب بالامام اية الله الخميني الذي عاد الى طهران بعد غياب سنوات (من 1964 الى 1979)، وبعدما امضى شهوراً في المنفى الباريسي نسق خلالها تحول ايران من امبراطورية في ظل الشاه محمد رضا بهلوي الى جمهورية اسلامية، وكان أولا ابعد الى العراق الذي وصله عبر تركيا. ومع عودة الامام بدأ الشاه رحلة العذاب في ايجاد ملجأ يختبئ فيه من الملاحقة والمطالبة وعملاء سابقين كانوا يحصون تحركاته.

نهاية الزلزال
وفق عشرات البرقيات التي ارسلها مجموعة من الدبلوماسيين البريطانيين، كانت عودة الامام نهاية الزلزال الكبير الذي هز عرش الطاووس، وبداية عصر جديد في الخليج ومنطقة الشرق الاوسط لا تزال اصداؤه تُسمع حتى اليوم.
وفي فترة الـ11 يوماً الاولى تم تحييد الجيش و«فرشت الورود والسموم امام رجل الدين القادم من الخارج وبدأت تصفيات رموز الشاه تحت نظر مساعديه والدول التي دعمت عرشه واستفادت من الخيرات الايرانية» كما ورد في احدى البرقيات التي رفعتها السفارة البريطانية الى الخارجية.

إلى المقبرة أولا
ومع انه لم يُسمح سوى لحوالي 1500 رجل دين وقيادي وسياسي ايراني في استقباله داخل مطار طهران الدولي الذي حرسته قوة مؤلفة من 50 الف شرطي، نزعوا شارات الشاه عن لباسهم، تساندهم قوة خلفية من الجيش الذي وعد بالحياد.
ولم يتوقف الخميني في العاصمة بل سار موكبه مسافة 12 ميلاً الى مقبرة الشهداء، حيث القى خطبة في تجمع ضم 250 الف شخص بدأها بهجوم على حكومة بختيار قائلاً «ان هؤلاء يحاولون اعادة الشاه الى الحكم او نظام موال آخر... لكن منذ الآن ساكون انا من يعيّن الحكومة الايرانية لتحكم باسم الاسلام».

أحداث تتغير بسرعة
وبين الوثائق التي عثرت عليها «القبس»، بين مجموعة من الاف الوثائق عن تغيير نظام الحكم في ايران، تقرير كتبه السفير البريطاني الجديد جان غراهام من طهران بتاريخ 14 فبراير 1979 الى زميله السابق وسلفه انتوني بارسنز في الخارجية البريطانية ضمنها انطباعاته الاولى عن عهد الخميني. بدأه بالقول «ان الاحداث تتغير بسرعة بين ساعة واخرى وما هو خبر او معلومة اليوم يصبح قديماً بعد ساعات».
قال السفير البريطاني الجديد «وصلت الى طهران قبل قليل من عودة الخميني، كانت العاصمة والمدن الايرانية هادئة نسبياً على رغم ان المحال لا تزال مقفلة وطوابير للسيارات امام محطات الوقود ما يؤشر الى استمرار ازمة الطاقة».
واشار الى ان توقعات سابقة بوقوع احداث مؤلمة واضطرابات بعد عودة الخميني كانت خاطئة حتى ان قيادة الشرطة (الموالية للخميني ورجال الدين) رفعت حظر التجول ليلاً.

حادث كبير
لكن السفير تحدث عن حادث كبير حدث ليل السبت التاسع من فبراير عندما كانت مجموعة من الجنود وافراد القوة الجوية تشاهد فيلماً عرضه التلفزيون عن الخميني ونشاطاته وبدأ افراد سلاح الجو ينادون مهللين لكن الجنود عارضوهم ووقعت معركة بين الطرفين استمرت ثلاثة ايام في منطقة دوشان تيبي القريبة من طهران.
ونقل السفير عن الصحف الايرانية قولها ان افراد القوة الجوية وزعوا السلاح من المخازن على الناس للاشتراك معهم في الدفاع عن النظام الجديد، خصوصاً ان الحرس الامبراطوري دخل المعركة لكن للاصلاح بين الطرفين ووقف القتال الذي استغلته جماعات من «مجاهدي خلق» الفوضوية.
وقال السفير ان قوة مدرعة تدخلت للفصل بين المتقاتلين لقيت نصيبها من الخسائر عندما هاجمتها مجموعة من «فدائيي خلق» الارهابية بقنابل المولوتوف واحرقت عددا منها.
وسقط في الحادث احد البريطانيين ويدعى اليكس موريس، ولم يذكر السفير ماذا كان البريطاني يعمل في تلك المنطقة!

معنويات منهارة
ولم تتوقف الاشتباكات في اليوم التالي «حتى ان وحدات الجيش بدأت تدافع عن نفسها من الهجمات بعدما كانت تهاجم مراكز القناصة واصبح النصف الجنوبي من المدينة في يد «المعارضة»، بعدما بدأت فصائل معارضة مسلحة هجمات على مراكز الشرطة ومخازن الاسلحة وحتى ثكنة الجيش. وتبين ان معنويات قوات الامن والجيش انهارت في تلك المدينة التي انتقلت اخبارها الى غيرها وبدأت عناصر الجيش تستعد للفرار من ثكناتها، خارج طهران وداخلها، والانضمام الى المعارضة عارضة خدماتها.
واستسلمت مجموعة حراس السفارة الى شلة من شبان الحي خفيفي التسليح الذين بدأوا يعاملون الضابط الشاب المسؤول وجنوده باخوة مقدمين لهم الزهور والمأكولات والسكاكر، كما عانقوا بعضهم مهللين لانتصار الثورة. واتصلت السفارة بعد الحادث مباشرة بمنظمة تابعة لرجال الدين تدعى «جمعية آيات الله»، وهي احدى الهيئات التي كانت ناشطة في الثورة. وقال الناطق باسم الجمعية «ان آية الله سيزور السفارة بعد فترة قليلة».
وذكر السفير انه «عند الخامسة وصل آية الله لاهوتي (...) مع حارسه الشخصي الذي يتكلم الانكليزية» وبعد السلام وتناول الشاي المنقى (...) كتب الحارس تعميما وقعه آية الله وطلب تصويره وتوزيعه على العاملين في السفارة من ديبلوماسيين وغيرهم، طالبا ان يستعمل عند الحواجز او عرضه على اي طرف يطلب التأكد من الهوية.
وتحدث السفير عن كيفية نسف مخزن للذخيرة رفض حراسه تسليمه لمسلحين حاولوا السيطرة عليه، ثم كيف بدأت سيارات مدنية يقودها ويركبها مسلحون تجوب الشوارع اعتبارا من الاسبوع الاول لعودة الخميني.
واعطى السفير موجزا عن احتلال اهم فندقين في العاصمة، وكيف احتجز الصحافيون فيهما قبل احتلالهما وتحطيم آلالاف من زجاجات الويسكي والمشروبات الروحية واطلاق النار على العاملين في البار واقتيادهم الى الخارج.

بيان الهدوء
وبعد خمسة ايام من الفوضى، وإثر اذاعة بيان من الخميني يأمر بالهدوء عادت المدينة الى حياتها الطبيعية بعدما اصبحت بيد المعارضة التي يشرف عليها رجال الدين ما عدا الاحياء التقليدية للجبهة الوطنية. ولوحظ ان حواجز القوات المسلحة والشرطة اختفت ليحل محلها رجال الميليشيات الذين يرفعون صور الخميني.
وذكرت الصحف ان آيات الله امروا اتباعهم بجمع الاسلحة التي سرقت من ثكنات الجيش، لكن قسماً كبيراً منها اختفى وخبأته مجموعات مختلفة. ما سيحتم على الحكومة الاسلامية الجديدة محاولة اكتشاف مخازن الاسلحة وضبطها قبل ان تتحول الى ايدي اعداء النظام الجديد.
وكما سقطت شوارع طهران استولت نقابات الموظفين على وزارة الخارجية والبنك المركزي وشركة النفط الوطنية و «لم نعرف بعد مع من سنتعامل في الخارجية وما اذا كان نظام الخميني سيأمرنا بالتعاون معها».

حكومة بازركان
عن تشكيل الحكومة برئاسة مهدي بازركان قال السفير في برقية بتاريخ 16 فبراير «أصدر الخميني تعليماته بوضع أسس جديدة للسلطة التشريعية والتنفيذية، فأمر بتشكيل مجلس الشورى الثوري برئاسة آية الله طالقاني وعضوية مرتضى مطهري ومحمد بهشتي وهاشمي رفسنجاني ومهدي العراقي ومحمد مفتح، وكلهم من رجال الدين وتلاميذ الخميني المقربين منه، إضافة إلى أبو الحسن بني صدر وصادق قطب زاده، وكلاهما كان قريبا من الخميني، فأبو الحسن بني صدر كان معه عندما كان منفيا في فرنسا. وفي 15 فبراير 1979 أصدر الخميني قرارا بتشكيل «حكومة موقتة»، مهمتها تنفيذ قرارات «مجلس شورى الثورة»، وبدأ البحث عن أسماء أعضاء الحكومة شرط ألا يكونوا من علماء الدين.
وطرح حزب نهضة حرية إيران أو «نهضت ازادي إيران» نفسه لتشكيل الحكومة في ظل الدعم الذي يحظى به من آية الله طالقاني (أحد أهم منظري الثورة الإيرانية وصديق الخميني)، خصوصا أن زعيم حزب حرية إيران مهدي بازركان كان معارضا للشاه، وسجن إلى جانب آية الله مطهري وآية الله بهشتي وآيه الله منتظري، كما أن من قياداته إبراهيم يزدي الذي كان قريبا من الخميني ومن مستشاريه في باريس.
ووقع الاختيار على بازركان ليرأس أول حكومة في عهد الثورة، وكان بازركان وإبراهيم يزدي بلباس مدني وربطة عنق وثقافة منفتحة على الغرب. ويُقال ان بازركان كان مسلما ورعا، لكنه لا يؤمن بالحكومة الدينية، وإن الخميني عيّنه بشكل موقت للإشراف على الدستور وإجراء الاستفتاء، وإنه كان منفذا للقرارات فيما مجلس شورى الثورة هو الذي يصنع السياسات.
جلس بازركان على الأرض في منزل الخميني في قم ومعه وزراء حكومته الجديدة يقدمهم إلى الخميني. لم تكن هناك طاولة أو أوراق أو جلسة عمل، فقط حصيرة على الأرض جلس عليها الخميني مع الوزراء الجدد وقد خلعوا أحذيتهم. وكان هذا مؤشرا لما سوف يأتي، فالحكومة بات عليها أن تذهب إلى قم بدلا من أن تأتي قم إلى طهران.

الحلقة المقبلة
العمل في ظل الخميني


القبس
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
12-03-2010, 01:39 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

10/01/2010


القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 ( 12 ) تحطيم الجيش قلل قدرات الحكومة

Pictures%5C2010%5C01%5C10%5C5ce279ce-8ad7-48db-831a-33bc2680403d_main.jpg
• قوات من {مجاهدي خلق} الايرانية في العراق
لندن - رائد الخمار:
بدت حكومة مهدي بازركان وكأنها لا تتمتع بالثقة الكاملة للخميني او لمجموعة المستشارين والمقربين من الامام العائد. وكانت القرارات الاولى التي اصدرتها مشوشة ومتضاربة وغير فعالة، خصوصاً مع سيطرة افرقاء من مختلف الاتجاهات على مناطق متفرقة من العاصمة والمدن الاخرى، وعلى الادارات المختلفة في ظل توزع القوى وتسلحها «حتى الاسنان»، وفي غياب ادارة مركزية فاعلة تستطيع التحكم في البلاد.
قال السفير البريطاني في طهران جان غراهام، في برقية إلى الخارجية حملت الرقم 462 وتاريخ 22 فبراير، ووردت ضمن وثائق افرج عنها الارشيف الوطني نهاية العام الماضي: «ان هزيمة القوات المسلحة للشاه على ايدي الثوريين في معارك جرت بين 9 و12فبراير ادت إلى غياب اي سلطة موحدة قادرة على فرض القانون والنظام يمكن ان تعتمد عليها الحكومة لتأمين مسيرة الدولة».

إعدام الجنرالات

وجاء تحطيم القوات المسلحة، الذي لم يكن مخططاً ولا يرضي اي طرف من قادة المعارضة غير المتطرفين، وسط انباء سرت عن قرب توقيع اتفاق بين بختيار وبازركان للحفاظ على الجيش وحدة متكاملة لجعله اداة وحدة للنظام بعد تغيير قياداته، الا ان معارك العاصمة وبعض المناطق ادت إلى الغاء الاتفاق واعتباره غير ساري المفعول.
وتم حتى الآن اعدام ثمانية من كبار الجنرالات، في حين تجري محاكمات صورية لآخرين تمهيداً لتصفيتهم وسط اشارات عن تعديلات جذرية للقوات المسلحة.
وكان كبار الضباط اعتبروا ان مسؤولية فرط الجيش تعود إلى انعدام الرغبة لدى بعض الضباط في اتخاذ قرارات، خصوصاً ان القيادة لم تدفع العدد الكافي من الجنود لحسم معارك الايام الثلاثة (9 – 12 فبراير) ما انهى هيبة الجيش وتركه فريسة للغوغاء والمتطرفين وجعل سيطرة هؤلاء على ثكنات طهران سهلة ثم لحقها سقوط الثكنات في المناطق المختلفة.

جيش عقائدي

وكانت حكومة بازركان اختارت، وبتوجيه من الخميني، الجنرال ولي الله قرني رئيساً لاركان الجيش بعدما استدعته من التقاعد لاعادة بناء الجيش في خدمة الدولة الاسلامية اثر تقربه من الخميني وزيارته له في باريس قبيل عودة الامام من المنفى.
وكان القرني مسؤولاً في عام 1958 عن استخبارات الجيش لكنه اقيل بعد محاكمته بتهمة العمل السياسي الذي كان محظوراً على الضباط في عهد الشاه.
وقال القرني، في 20 فبراير، ان 50 في المائة من افراد القوات المسلحة عادوا إلى الثكنات، لكنه لم يُشر إلى رتب هؤلاء، كما ان النسبة اقل بكثير في ثكنات العاصمة.
ويبدو ان الخميني اتخذ قراره بتصفية كبار الضباط وبناء جيش عقائدي اسلامي، واعلن في السابع عشر من فبراير ان على الجنرالات الذين يحملون نجمتين وما فوق الاستقالة.. كما تم توقيف 60 ضابطاً كبيراً في القوات المسلحة، وفي القوات الجوية، التي اعلنت ولاءها للنظام اولاً، تم توقيف او طرد 30 جنرالاً.
وعلى الرغم من ان الحكومة، عينت بعد تشكيلها، ضباطاً لقيادة المناطق، فان نصف هؤلاء طردوا بعدما سقطوا في امتحان الولاء للثورة!
ولاحظ السفير ان في ايران عددا كبيرا من الجنود والمعدات تحت سلطة حكومة بازركان التي لا تستطيع استخدامهم في فرض القانون، او ان يقبل الرأي العام هذه المسألة.
واذا حاول بازركان استخدام بقايا الجيش لفرض سلطته، سيتعرض لهجمات اكبر من مجاهدي خلق، وذراعهم العسكرية «شريكة».
ولاحظ السفير ان ما قاله رئيس الاركان الجديد عن «اعادة هيكلة» الجيش و«اعادة النظر بالاستعانة بالخبراء الاجانب» يدخل في اطار التعاطي بحذر مع القوات المسلحة.
واشار الى ان الوضع ليس افضل في البحرية وقاعدة بندر عباس وقيادة الطيران التي فقدت مركز توجيهاتها وقدرات التدريب والتوجيه، رغم ان بعض الطائرات استخدم اثناء وصول طائرة عرفات، لكن على مسؤولية الطيارين الشخصية.

لجان ثورية

ويبدو ان لجانا ثورية شكلت في القواعد البحرية والجوية لادارة الشؤون اليومية بانتظار ان تبت السلطات الجديدة بالامر، وتعيد قادة قواعد موالين للثورة. وسيعني ذلك ان فرض القانون وتطبيقه سيبقى في ايدي المتطوعين الهواة من دون رابط مركزي بينهم.
وروى قصصا تناولت السرقات من الاغنياء وتوزيع المسروقات على الشعب، او بيعها لمصلحة المساجد وحتى الافراد.

الاكثر تنظيما ودموية

ومع كل ما يجري في ايران تبقى منظمتا مجاهدي خلق و«الشريكة» الاكثر تنظيما وانضباطا ودموية. ولا يعتزم المنضمون الى التنظيمين تسليم اسلحتهم الثقيلة والخفيفة حتى تتم تسوية سياسية «تنصفهم» كما يقولون.
وكانت اللجنة الثورية المعاونة للخميني احتوت المجاهدين، وسمحت لهم بالاحتفاظ بالسلاح مؤقتا. ويبدو ان هؤلاء مع منظمة «هومافارز» في القوات الجوية يعملون كحرس للثورة ومليشيا لتنفيذ اهدافها مثل حراسة رئاسة الوزراء والتفتيش عن المشبوهين والتحقيق مع الشركات التي استغلت عهد الشاه لتحقيق مكاسب غير مشروعة كما يقولون.
وكان فصيل من «مجاهدي خلق» يحرس السفارة الاميركية، ويبعد اي طرف عنها، لكن تم بأوامر عليا استبدال هؤلاء بفصيل من القوى الجوية الاكثر ولاء لرجال الدين.
وكانت «الشريكة» اعلنت انها لن تسلم اسلحتها الا الى جيش وطني وبعد تسوية مرضية.
وكانت لجنة برئاسة ابو الحسن بني صدر شكلت لتأسيس حرس للثورة الاسلامية، يتسلم كل الاسلحة من مختلف الفصائل التي استولت عليها من النظام السابق.
وكان رئيس الاركان ولي الله القرني اعلن ان القوات المسلحة السابقة حلت، وانه يجري حاليا تشكيل جيش جديد يحمي مصالح الايرانيين. كما اعلن ان المعدات، التي حصل عليها الجيش من دول غربية، لن تسقط في ايدي اطراف خارجية اخرى. كما سيتم تشكيل حرس وطني من جميع من قاتلوا لانتصار الثورة.
وكان امير انتظام، احد مساعدي خميني، قال للسفارة البريطانية «ان العمل يجري لتشكيل حرس ثوري موال جدا لا يضم الا الاسلاميين».
وبدا ان بازركان يتلقى طلبات متضاربة من مختلف الفصائل التي شاركت في الانقلاب على الشاه ما يجعله عاجزا عن تنفيذ جميع الطلبات بسبب تضارب بعضها مع بعض.
واقترحت الجبهة الوطنية بقيادة كريم سنجابي تشكيل مليشيا وطنية واعادة تشكيل جيش مستقل عنها وفق معايير تقليدية بعيدا عن التنظيمات السياسية، ويخضع مباشرة لرئيس الحكومة.
وقال السفير في ملحق لبرقيته انه تم طرد الكولونيل تافاكولي، منسق شؤون الامن، في اللجنة الامنية التابعة للخميني، بعدما تحدث عما يجري علانية.

المطار والمصانع

كان اعلن في الثاني والعشرين من فبراير عن اعادة فتح مطار طهران بعد يومين امام الرحلات الدولية الاجنبية على الرغم من ان الموظفين فيه، وفي مختلف المصانع والمصالح لم يعودوا الى مكاتبهم بسبب الوضع الامني، وقلة المواصلات الناتجة عن قلة توزيع المحروقات.
واشار السفير في برقية لاحقة إلى ان اللجان الثورية التابعة لخميني مباشرة، احتجزت بعض الخبراء البريطانيين الذين كانوا يدربون القوات الجوية للتحقيق في نشاطاتهم.
وفي برقية مباشرة الى رئاسة الحكومة البريطانية، قال السفير غراهام في 23 فبراير «يبدو ان الخميني حسم الجولة الاولى في الصراع على السلطة مع مختلف الاطراف التي شاركت في الانتفاضة ضد الشاه».
ونقلت البرقية عن بازركان قوله في مقابلة مع مجلة نيوزويك الاميركية ستنشر لاحقا، ان حزب «تودة» الشيوعي سيبقى محظورا في ايران «لأننا دولة اسلامية لا نؤمن بالشيوعية».
وتوقع السفير انه «في الفترة القصيرة المقبلة ستشهد ايران حملة تصفيات بين مختلف الفصائل التي بدأت تستعد لحملة السيطرة على مقدرات الامور»، واشار الى ان «الشريكة» اتخذت مركزا للسافاك مقرا اساسيا لها، وبدأت تدرب الانصار على السلاح، وتجند استعدادا للمعركة المقبلة التي ستقع قريبا.
وبدا ان الهدف الاول للحكم الجديد الاسراع باعادة الحركة الى الاقتصاد، وجعل الناس يشعرون بان الفوضى انتهت، ومن ثم بدء تشكيل جيش جديد وادارة جديدة، ومن ثم الاعداد لاستفتاء عام لتغيير هوية ايران وجعلها جمهورية اسلامية.

الحلقة المقبلة:
الاستفتاء والاعداد لاحتلال السفارة الاميركية
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
27-03-2010, 08:47 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 ( 13 ) الإيرانيون اعتقدوا أن الخميني يستطيع العجائب!
الشبان زاروا قمّ للحصول على وظيفة آمنة لحياتهم

Pictures%5C2010%5C01%5C11%5C0a95df84-3abf-4134-b30b-ae779e2256b3_main.jpg
• إعدام أكراد
لندن - رائد الخمار:
في الشهر الاول بعد عودة الامام الخميني الى طهران وتشكيله حكومة موقتة بقيت سلطاته مطلقة نوعاً ما لا يستطيع احد ان يتحداه. وقال السفير البريطاني في طهران، في برقية الى الخارجية في نهاية فبراير 1979، وكانت بين الوثائق التي افرج عنها الارشيف الوطني نهاية العام الماضي، «ان سلطات الخميني لا يتحداها احد، لكن الايرانيين ينتظرون منه الآن ان يحرك الاقتصاد ويعيد مسيرة البلاد الى طبيعتها، وهو ما قد يقنعهم انهم اتخذوا الخطوة الصواب بازاحة الشاه وتنصيب الخميني لا غيره».

إجراءات فوق العادة

مع ان ما ينتظر الحكم الجديد من اجراءات «فوق العادة» لا يستطيع احد ان يتخذها بقدرة ساحر، فإن الايرانيين يعتقدون ان رجال الدين، والخميني خصوصاً، يستطيعون اجتراح العجائب!
وكانت تُشاهد طوابير من الاف الشباب العاطل عن العمل تتوجه الى قم طمعاً في مشاهدة الامام (الخميني)، وهو ما يعني الحصول على وظيفة آمنة مدى الحياة.
وانهى السفير برقيته التي حملت الرقم 465 بالقول «لا احد يعرف الى متى ستستمر الهدنة بين مختلف اطراف المعارضة التي انهت حكم الشاه وعائلة بهلوي الى الابد».

إعدامات وانشقاق

وفي الثامن من آذار تلقت دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية تقريراً برقياً من رئيس وحدة الاستخبارات في السفارة وقّعه بالاحرف «اتش دي اي سي» تحدث فيه عن اعدام اربعة جنرالات آخرين في وقت بدأت حكومة مهدي بازركان تفقد شعبيتها، وبدأ يلوح في الافق انشقاق اساسي بين مختلف فصائل المعارضة التي ربحت المعركة.
واعترف رئيس الحكومة ان محاكمات تجري لكبار الضباط غير مشروعة ولا تحمل اساساً قانونيا كافياً (...) وتبين ان محاكم اسلامية ميدانية يرأسها رجال دين راديكاليون بدأت تُشكل في مختلف الانحاء لمحاكمة بعض المشبوهين من النظام السابق وغير الموالين للنظام الحالي، ويجري اعدام من يحكمون بالموت فوراً مثلما حدث في طهران عندما نُفذ الحكم باربعة رجال ادينوا باللواط على رغم ان محاكمتهم لم تُعزز بشهود، وأُعدم بطل سابق في الملاكمة بتهمة الاغتصاب، وبطل آخر لاحتجاجه على صدور الحكم على زميله.

توبيخ رئيس الوزراء

ونقل التقرير عن صحف جمران قولها «ان الخميني استدعى بازركان ثانية الى قم ووبخه على فشله في انهاء حالة الجمود في البلاد وعدم محاربة الفساد بسرعة والسماح للنساء بالحضور الى الوزارات من دون لباس شرعي! ولحديثه عن حقوق المرأة في ظل النظام الجديد. وانتقد ايضا حديث رئيس الوزراء عن الديموقراطية قائلاً له «لا نريد ان نستورد الديموقراطية الغربية الى ايران، ان الشرع يحكمنا».

منع الاختلاط

وأُشيع مراراً ان بازركان كان يريد الاستقالة وانه قدمها مراراً لمساعدي الخميني، لكنهم اقنعوه بالاستمرار وطلبوا منه اقالة وزير الصحة لانه لم يمنع «الحبوب المانعة للحمل»، واعلن حاكم طهران انه سيُلغى التعليم المختلط في اليوم العالمي لحقوق المرأة.
وما لوحظ في الذكرى الثانية عشرة لموت مصدق (الذي انقلب على الشاه) ان حفيده متين دفتري انتقد الجبهة الوطنية والخضوع لرجال الدين بطريقة عمياء ضد مصلحة الشعب الايراني وقبولها بمبدأ الاستفتاء الذي تضمن سؤالاً واحداً هو «هل تؤيد انشاء جمهورية اسلامية». واعلن الدفتري تأسيس «الجبهة الديموقراطية الوطنية في ايران» مع برنامج من 11 نقطة. وأعلنت «الجبهة الاشتراكية»، التي هي احدى ثلاث مجموعات شكلت الجبهة الوطنية قبل 25 سنة انسحابها من الجبهة وانضمت الى دفتري.
في المقابل، حض قادة «المجاهدين» و«الشريكة» الممثلين في الحكومة وآية الله طالقاني وفي تجمع شعبي كبير على وحدة المعارضة المنتصرة وتنظيف القوات المسلحة من الخونة وعملاء الشاه وجعلها وطنية (...).
في المقابل، اعلن بهشتي في تجمع آخر رفضة تطبيق الشريعة الاسلامية على كل شيء في البلاد.
كما هاجم آية الله شريعتمداري في بيان الجبهة الوطنية، او بقاياها، عودة الدكتور علي الشايغان الى البلاد والاتجاه الى تسميته اول رئيس للجمهورية الاسلامية «لانه ضد تطبيق الشريعة».

محاكمة الشاه

وكانت الصحف الايرانية نشرت في السادس من مارس نبأ لم يُعرف مصدره ان الشاه سيُحاكم غيابياً وقد يصدر عليه حكم بالموت امام محكمة اسلامية سيتم تشكيلها برئاسة فقيه ومن ثم محاولة استعادة ما يملكه في الخارج «لان الاموال والممتلكات المسجلة باسمه وعائلته تعود الى الشعب الايراني».

محاكم خارج الحكومة

واعاد السفير التذكير بان المحاكم الاسلامية الميدانية لم تخضع لمحاولات بازركان السيطرة عليها واتباعها الى مكتب تنسيقي عام في طهران وبقيت محاكم عدة تستمد قوتها من الشريعة عبر تفسيرات عدة.
ومع ان الصحف كانت بدأت تنشر اخباراً عن محاكمة رئيس الوزراء السابق عباس هويدا الا ان اخبار المحاكمة انقطعت فجأة من دون معرفة مصيره وما اذا كان اعدم ام افرج عنه وذلك مستبعد.

الدستور الإسلامي

وتحدث التقرير عن ان الخميني يُشرف شخصياً على وضع مواد الدستور الاسلامي للجمهورية الاسلامية حتى قبل الاستفتاء وانه يريد تضمين الدستور بنوداً لا يمكن على الاطلاق الغاؤها عبر اي استفتاء كما سيضمنها بنوداً تتناول الولي الفقيه او المرجع الاساسي للسلطة (منصب سيحتله هو حكما) ليتحكم لاحقاً بكل كبيرة او صغيرة في ايران ومواردها وشعبها من دون مشاورة احد سوى الله الذي يستمد منه قوته وقدرته.
ومع ان اطرافاً عدة من مصلحتها عدم تسهيل مهمة بازركان، الا انه لا يزال الحل الوسط والملائم لتمرير الاستفتاء ومن ثم اعلان الجمهورية الاسلامية ووضع الدستور الجديد ومن ثم اعلان منصب الولي الفقيه وقراراته فوق الجميع.

الاستفتاء

في المقابل، افادت برقية وجهها السفير غراهام بتاريخ 12 مارس 1979 الى الخارجية انه تم تحديد 30 مارس موعداً للاستفتاء، في حين لم تُعرف بعد الجهة التي ستُشرف على الاستفتاء او الجهة القادرة على حسم النتائج ما عدا الخميني الذي يمكنه اصدار بيان يقونن النتيجة ومن اشرف على تنفيذها او الوصول اليها.
وفي الوقت الذي يحتاج رئيس الوزراء الى دعم كامل من الخميني و«الاجهزة الدينية» التي تحركها قم، وصف الامام بازركان بانه «ضعيف وغير حاسم». في الوقت نفسه تلقت حكومة بازركان هجمات اضافية من المجموعات المنضوية في الجبهة الوطنية، في حين كانت منظمة «مجاهدي خلق» تُخطط لاستغلال الوقت المناسب للانقضاض على السلطة والاستيلاء عليها. في حين كان رجال الدين ينتظرون اجراء الاستفتاء ومن ثم اعلان الجمهورية الاسلامية للاقتصاص من كل من لا يماشيهم وابعاده عن السلطة او حتى طرده من البلاد او تصفيته بعد اتهامه بانه معاد للاسلام.
وابدى السفير شكه في ان رجال الدين يحتاجون في المرحلة الحالية لبازركان على رغم اعتقادهم الاكيد انه قبل الجمهورية الاسلامية تكتيكياً وانه قد يحاول الانقضاض عليها اذا تأمنت له الظروف المناسبة.
وكما يعتقد السفير ان مختلف الاطراف تتآمر على بعضها البعض من دون وازع اخلاقي على الاطلاق، وانها تتهافت للسيطرة على الحكم من دون الاخذ بالاعتبار سوى المكاسب الشخصية الآنية.
ونجح بازركان في فرض سلطته عندما شكلت حكومته «الحرس الثوري» كأداة للثورة، لكن الجميع يعتقد هنا انه سيسقط على يد هذا الحرس في الوقت المناسب، خصوصا ان قيادته موالية لرجال الدين اكثر من الحكومة.
وكان مساعد بازركان للشؤون الاقتصادية انتظام وعد باعادة انتاج نحو مليوني برميل نفط يومياً لتغذية الخزينة والانفاق على المشاريع المثمرة والانمائية ما يوفر فرص عمل لملايين الايرانيين الذين يعيشون حالياً على صدقات رجال الدين او ذويهم او يلجأون الى السرقة والنهب لاعالة ذويهم.

الحلقة المقبلة:
العلاقات الأميركية - الإيرانية



القبس
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
08-04-2010, 11:55 AM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (14) الرواية الأميركية الرسمية لاحتجاز الرهائن

Pictures%5C2010%5C01%5C12%5C0e1bb572-f572-42b5-9b57-4cdbe65cecb5_main.jpg
• احتلال السفارة الاميركية في طهران 1979 (صورة ارشيفية)
لندن - رائد الخمار:
تُظهر وثائق افرج عنها الارشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 ان الحكومة البريطانية كانت تقود في الخفاء جهود كندا لاقناع الكومنولث واعضائه في منظمة المؤتمر الاسلامي للتوسط مع الامام الخميني للافراج عن الرهائن الاميركيين الذين احتجزوا في السفارة في طهران. وتُظهر برقية من «كارينغتون» الى السفارة البريطانية في دكا انه تم استدعاء المندوب السامي البنغالي في لندن لابلاغه تأييد الحكومة البريطانية جهود كندا في مجموعة الكومنولث والبيان الذي صدر عن سكرتيرة المنظمة.
جاء في البرقية، التي حملت الرقم 394 وتاريخ 29 نوفمبر، اننا نرى ضرورة تحريك الضغوط كافة على الحكومة الايرانية وتأييد الولايات المتحدة في جهودها للافراج عن الرهائن.
وتم حض بنغلادش، على العمل مع منظمة المؤتمر الاسلامي للتوسط والافراج عن المحتجزين الاميركيين من دون اي شروط على الاطلاق. كما ابلغ المندوب السامي انزعاج بريطانيا من التظاهرات ضد الولايات المتحدة في دكا, خصوصا انها المعتدى عليها في هذه الازمة.
وتمت مطالبة بنغلادش بضرورة توفير الحماية للسفارة الاميركية «الصديقة» في دكا وللرعايا البريطانيين فيها.
ورد المندوب السامي ان حكومته تعمل كل مافي وسعها، مع منظمة المؤتمر الاسلامي، في وسعها لتأمين الافراج عن الرهائن.

رفض الوساطات
وفي برقية من السفارة البريطانية في طهران حملت الرقم 794 وتاريخ 29 نوفمبر ابلغ السفير الخارجية نقلا عن السفير الهندي الذي زار الخارجية الايرانية «ان السلطات الايرانية متصلبة في موقفها وهي تزداد تمسكا بمطالبها ولا تقبل اي وساطات للافراج عن الرهائن قبل التفاوض في شأن تسليم الشاه والافراج عن الارصدة».
وناقش السفيران الهندي والبريطاني مسألة ما اذا كان الامين العام للامم المتحدة كورت فالدهايم يمكن ان يزور طهران في محاولة لحل الازمة قبل اصدار بيان عن مجلس الامن يدين الايرانيين واحتلال السفارة.
وجاء في البرقية، ان الهند بصفتها رائدة في مجموعة دول عدم الانحياز ترى ان «الملالي» في ايران لا يعرفون بعد التعاطي مع المجتمع الدولي ومن الافضل لنا ولهم التعاطي بسلاسة بعيدا عن صيغة الدول الكبرى والصغرى في شأن الازمة.
واشار السفير البريطاني الى ابلاغه السفير الهندي بان الحكومة الاميركية تواجه ضغوطا كبرى من مواطنيها لتعاطي بحسم مع الازمة وهي لا تتوقع من الدول الصديقة اقل من التأييد الكامل ضد السلطات الايرانية.
واشار الى انه من الافضل ان يجتمع العالم كتلة واحدة ضد التصرف الايراني بدلا من انقسامه بين دول الشمال والجنوب او الاغنياء والفقراء.

دور بريطاني أساسي
وبدا من المراسلات بين السفارات البريطانية والخارجية، ان الحكومة البريطانية، لعبت الدور الاساسي في حشد التأييد الدولي، خصوصا في الدول التي تدور في فلكها، للموقف الاميركي وعملت سفاراتها وكأنها المعنية الاولى بالازمة بدلا من السفارات الاميركية حتى ان سفارتها في السويد حاولت اقناع برلمانيين بدفع الحكومة السويدية التخلي عن الحياد العام واصدار بيان متشدد ضد الايرانيين.
وفي التاسع والعشرين من نوفمبر طلب وزير الخارجية الاميركي سايروس فانس من رئيس محكمة العدل الدولية ادانة التصرف الايراني غير المشروع

ومحاكمة المسؤولين عن الازمة، ووقف اي محاولة ايرانية لمحاكمة الدبلوماسيين وادانتهم امام محاكم ايرانية، خلافاً للقانون الدولي.
في المقابل رفض رئيس الوزراء المالطي دوم منتوف اصدار بيان ادانة للايرانيين «لأنني لا اتلقى اوامر من وزارة الخارجية الاميركية» كما قال.
في الوقت نفسه اتخذت مجموعة دول كتلة شرق اوروبا، الاعضاء في حلف وارسو، موقفاً متحفظاً كما هو الموقف السوفيتي، وقال السفير البريطاني في وارسو «ان هذه الدول تنسق مواقفها مع موسكو ولا تستطيع ادانة طهران صراحة، لانها لا تريد تقديم خدمة مجانية للاميركيين».
وتبين ان الرئيس السريلانكي اوفد وزير خارجيته الى طهران لمقابلة الامام الخميني وتهنئته بالثورة الاسلامية، ولمطالبته بالافراج عن الرهائن حفاظاً على سمعة المسلمين في العالم.
ويبدو ان المبادرة جاءت نتيجة الحاح من السفير الاميركي في سريلانكا، وان المبادرة شخصية، لا علاقة لها باي وساطة تقوم بها منظمة العالم الاسلامي او كتلة عدم الانحياز.

طرد بني صدر
وفي التاسع والعشرين من نوفمبر افاد السفير البريطاني في طهران ان انباء غير مؤكدة تحدثت عن طرد بني صدر من مناصبه ومسؤولياته، لكن احداً في الخارجية الايرانية لم يؤكد هذه الاشاعات.
وتضمنت الوثائق نص الشكوى التي قدمتها الولايات المتحدة ضد ايران امام محكمة العدل الدولية وفتوى عن «الحصانة» التي يتمتع بها «الموفدون» الى الدولة الاسلامية، وما يجب على الدولة المضيفة ان تعطيهم من «امان». كما تضمنت نص ما جرى خلال مؤتمر صحفي عقده وزير الخزانة الاميركي في الكويت بتاريخ 28 نوفمبر 1979، واعلن فيه ان حكومته لن تتخذ اي اجراء ضد الودائع الخليجية في مصارفها او ضد الاصول فيها كما فعلت مع ايران.
وتنقل «القبس»، من المعلومات الواردة في الدعوى، التي قُدمت في 29 نوفمبر 1979، نص الرواية الاميركية لاحتجاز الرهائن:

الهجوم على السفارة
«عند العاشرة والنصف صباحاً من يوم الرابع من نوفمبر 1979، واثناء تظاهرات شارك فيها حوالي 3 آلاف شخص في محيط السفارة في طهران، تعرض مجمع السفارة لهجوم شنه مئات من المتظاهرين. ويبدو ان الحراس الايرانيين المكلفين بحماية السفارة لم يبذلوا اي جهد لمنع اقتحام اسوار السفارة. ودخل المتظاهرون الى الباحة ومن ثم الى المبنى الرئيسي، عبر قطع جنازير الحماية وازاحة العوائق الحديد، ومن ثم انسلوا الى الداخل عبر الطابق الارضي بعد خلع النوافذ وكان الحراس من المارينز اول من اوقفهم المتظاهرون، بينما لجأ القنصل وعدد من الدبلوماسيين والعاملين والزوار الى الطابق الاول وأقفلوا الابواب. وبعد نحو ساعتين، وعلى الرغم من الاتصالات مع الامن الايراني ووزارة الخارجية، حاول المتظاهرون اشعال النار في المجمع عبر محاولة اشعال الباب الذي خلع لاحقاً وسقط جميع من لجأ الى الطابق الاول اسرى».
واشارت الشكوى الى ان اي رجل امن ايراني او اي رجل دين من قادة الميليشيات التي تعاملت مع السفارة لم يحضر لرد المتظاهرين، كما ان مكتب رئيس الحكومة ومكتب وزير الخارجية لم يجيبا على توسلات القائم بالاعمال الذي كان في تلك الساعة في مقر الخارجية الايرانية. كما ان الحكومة لم تتخذ اي اجراء لوقف الاعتداء على السفارة الاميركية ولا لإعادة الممتلكات التي نُهبت منها.

الأسرى الأميركيون
وتحدثت عن كيفية استعراض «الاسرى الاميركيين وهم مكفوفو العيون يرفعون ايديهم في الهواء امام الحشود خارج السفارة.
وتابعت الشكوى ان مئات آلاف الايرانيين تظاهروا امام السفارة المحاصرة في الثاني والعشرين من نوفمبر برعاية من الحكومة التي كان رجالها يشرفون على تنظيم المتظاهرين وينسقون الهتافات.
وحتى الآن لا يزال محتجزوا الرهائن يرفضون الافراج عنهم او السماح بزيارتهم لاي بعثة صحية او دولية ولم يُفرج سوى عن 13 شخصاً بين 18و20 نوفمبر ولا يزال حوالي 50 اميركياً في الاحتجاز.
واتهم المحتجزون الرهائن بانهم جواسيس وسيُحاكمون على جرائمهم اذا لم يتم الاستجابة الى مطالبهم.

مخالفة القانون الدولي
حتى الآن لا تزال الحكومة الايرانية ترفض التدخل لحل الازمة والافراج عن الدبلوماسيين الاميركيين كما رفضت التحدث مع اي موفد اميركي الى طهران او اي دبلوماسي اميركي في مقر الامم المتحدة.
ولم يُسمح للقائم بالاعمال الاميركي بروس لانغن بدخول سفارة بلاده والتحدث الى زملائه الدبلوماسيين.
وسردت الشكوى البنود التي خالفت بها ايران القانون الدولي وطالبت بالتدخل الفوري للافراج عن الرهائن ومن ثم منع نقلهم الى خارج السفارة كي لا يتعرضوا للاذية.
وبقيت ازمة الرهائن معلقة فترة 444 يوماً ليُفرج عنهم في العشرين من يناير 1981 في عهد الرئيس رونالد ريغان وبعد محاولة انقاذ فاشلة امر بها الرئيس كارتر وانتهت بكارثة، للقوة التي حاولت خطف الرهائن من السفارة، بعد احداث في صحراء طبس.

القبس
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
06-05-2010, 09:48 PM
justice
user_online.gif

عضو

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 4,937

icon1.gif

14/01/2010


القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (15) «أتباع الإمام» احتلوا السفارة الأميركية في طهران
طالبوا باسترداد الشاه و20 مليار دولار من الودائع

Pictures%5C2010%5C01%5C14%5C35631b1e-b628-41ae-aa1a-4c94cfe60878_main.jpg


لندن - رائد الخمار:
في الرابع من نوفمبر 1979، توجهت عشرات الباصات المحملة بحوالي 300 من طلاب المدارس الدينية الايرانيين الذين تتراوح اعمارهم بين 16و35 عاماً، ويطلقون على انفسهم اسم «اتباع الامام»، الى مبنى السفارة الاميركية وسط طهران وهم يرددون شعارات معادية للولايات المتحدة والرئيس كارتر، والشاه المخلوع محمد رضا بهلوي ومهللين للامام الخميني والجمهورية الاسلامية.

ومع وصول هؤلاء الى المبنى، الذي كانت جماهير ألفية تحاصره منذ فترة ليست قصيرة بالشعارات المشابهة، وتحرق امامه صور الرئيس كارتر، وتمثال الحرية وصور الشاه والامبراطورة المخلوعة فرح ديبا، شكل الجميع حلقات مستديرة ونقلوا سلالم متحركة وسلالم كانت على عربات اطفاء اميركية الصنع الى حيطان السفارة وتسلقوها من دون ان يحرك الحراس الايرانيون ساكنا، وعلى الفور طوق «المقتحمون» حوالي 66 اميركيا من الدبلوماسيين والمارينز نساء ورجالا وعصبوا عيونهم وربطوا ايديهم واستعرضوهم امام كاميرات التلفزيون الايراني الذي كان يؤمّن الصور بالكامل مع التعليق عليها لمن يريد من التلفزيونات الاميركية التي راحت تنقل المشاهد من حول السفارة مباشرة مع لقطات لـ«الاسرى»، الى مئات الملايين من المشاهدين في الولايات المتحدة وحول العالم.

الإفلات من الشرك
ومع ان عدداً من الاميركيين استطاع الافلات من الشرك فان بعض الهاربين اعتقلتهم الجماهير المحتشدة في الخارج التي كانت تحرق العلم الاميركي ونجومه وتدوس عليه والنار مشتعلة فيه.
ومع ان الامام الخميني، امر «المحتلين» بالخروج من مبنى السفارة، لكنهم تمسكوا بها بقدرة قادر وافرجوا فقط عن 13 محتجزاً من النساء والسود!
ولم يستطع الرئيس جيمي كارتر، الذي طالب الحكومة الايرانية بالعمل على الافراج فوراً عن الدبلوماسيين واخلاء السفارة، شيئاً امام تمسك الطلاب بها، رافضين اخلاءها قبل استرداد الشاه الذي كان يخضع للعلاج في الولايات المتحدة، وما يزيد على 20 مليار دولار من الودائع الايرانية في المصارف الاميركية.

أول الضحايا
وحسب القانون الدولي يعتبر مبنى أي سفارة جزءاً من أرض الوطن الذي تمثله، لذلك فإن غزوه يعَدّ عملا حربيا. لكن الرئيس كارتر قرر ألا يتعامل مع احتلال سفارته باعتباره فعلا حربيا، ما شجع آية الله الخميني كي يطلق جملته الشهيرة: «لا تستطيع أميركا أن تفعل أي شيء!».
ورأى السفير البريطاني في طهران في تقرير الى الخارجية في اليوم التالي لاحتلال السفارة الاميركية في ما جرى «ان من احتجزوا هم أول ضحايا الحرب الإرهابية».
وكان الدبلوماسيون الاميركيون اتلفوا اطناناً من الوثائق المعنونة «سري جداً» ومزقوها تحسباً من هجوم محتمل، ومع ذلك فإن ما عثر عليه الطلاب درس بعناية فائقة وأظهر لاحقاً أنه أعطى الولايات المتحدة فكرة جيدة عما كان يحدث في إيران تحت حكم الشاه.

5 آلاف مخبر
كان لـ«سي آي إيه» ووكالات الاستخبارات الاخرى أكثر من 5000 «مصدر» أو «مخبر» داخل إيران كلها، وعلى كل المستويات. وكانت المشكلة تتمثل في أن المعلومات الاستخبارية لم يتم تحليلها بشكل صحيح، وهي لم تستخدم في الغالب على مستويات عالية من قبل صانعي السياسة.
وشكك السفير البريطاني في برقية حملت الرقم 113 بتاريخ 30 نوفمبر 1979 عليها تعبير «عاجل وسري» بان رجل دين مغمورا يدعى علي خامنئي كان وراء ايديولوجية احتلال السفارة الذي جاء بعدما ثبت حكم الخميني اركان جمهوريته الاسلامية التي اعلنت بعد شهرين من عودته الى طهران تقريبا واثر استفتاء شعبي «عام وحر»، أيد فيه الايرانيون اقامة نظام الجمهورية الاسلامية بنسبة 98 في المائة، ثم تلاه اعلان الدستور الاسلامي بعد انتخاب أعضاء شورى الخبراء لتدوين الدستور، ثم انتخاب ممثلي الشعب لمجلس الشورى الاسلامي.

اغتيال البارزين
وبينما كان يجري تثبيت ركائز الثورة جرى اغتيال الشخصيات البارزة فيها مثل العلامة الشيخ مرتضى المطهري (عضو مجلس الثورة)، والدكتور الشيخ محمد مفتح، والجنرال قرني رئيس اركان الجيش، والحاج مهدي العراقي، وآية الله القاضي الطبطبائي.
كما جمدت الولايات المتحدة الودائع الايرانية في مصارفها ورفضت الطلب الايراني باسترداد الشاه لمحاكمته.

مشاورات السفراء
وبعدما صدرت ادانات حول العالم من حلفاء الولايات المتحدة، التي نقلت المسألة الى الامم المتحدة، جرى تشاور بين العواصم الكبرى «شارك في بعضها سفير الاتحاد السوفيتي في واشنطن الذي عارض اي تفكير بعمل عسكري ضد ايران»، كما قال السفير البريطاني في واشنطن في برقية الى الخارجية بتاريخ 29 نوفمبر 1979 عندما تبين ان الازمة ستطول.
وبعدما ابلغ السفير سير نيقولاس هندرسون الخارجية بمضمون بيان القاه الرئيس كارتر، خلال مؤتمر صحفي، عن ازمة الرهائن «الذين يعيشون حالة انسانية مزرية»، معربا عن الامل في ان يتم التوصل الى حل للأزمة «عبر وسائل دبلوماسية كافية» من دون اسقاط «الخيارات الاخرى»، التي لم يسمها.
واشار كارتر الى «ان على الحكومة الايرانية ان تحسب النتائج المترتبة على هذا العمل وعلى اي شيء مكروه يصيب الرهائن او احدهم».
ولاحظ السفير نفي الرئيس الاميركي اي دور لوزير الخارجية السابق هنري كيسينجر لتسهيل دخول الشاه الى الولايات المتحدة للعلاج. كما رفض كارتر الانجرار الى امكانية القبول بالنظر في التهم التي وجهتها ايران الى الشاه كحل للازمة. لكنه لاحظ ان بامكان ايران اللجوء الى المحاكم لاسترداد ما تراه اموالا ايرانية في الولايات المتحدة وغيرها.
ولمح الى اجراءات ضد الطلبة الايرانيين في الولايات المتحدة الذين يقيمون بطريقة غير مشروعة، وقال «سيتم طردهم من الولايات المتحدة».
وشدد على اننا «متحضرون لا نحارب الشعب الايراني بسبب حكومته، ولن نتصرف كما تصرفت ايران ضد ابرياء في محاولة ابتزاز».

احترام القانون
وكانت بريطانيا، بالتعاون مع السفير الاميركي في الامم المتحدة، تحاول اعداد بيان لاقراره في مجلس الامن ضد ايران يطالب ايران باحترام القانون الدولي واطلاق سراح الرهائن من دون تأخير وتعويض الولايات المتحدة عن اضرار السفارة.
ووفق نسخة عن مشروع نص البيان، كانت ضمن الوثائق التي افرج عنها الارشيف الوطني البريطاني نهاية العام الماضي، حض البيان الحكومة الايرانية على احترام ميثاق فيينا في شأن السفارة الاميركية في طهران وحمايتها مع العاملين فيها.

«إيران 270»
وفي برقية بتاريخ 29 نوفمبر 1979 ارسلها مستر بارسنز من الامم المتحدة الى الخارجية وحملت الرقم «ايران 270»، قال «لقد غادر المبعوثان الايرانيان سلماتنيان وسنجابي نيويورك الى طهران امس ولم نعرف بعد ما اذا كان القائم بالاعمال الايراني لا يزال موجودا في مقره خصوصا ان الحكومة الايرانية اصدرت بيانا اشارت فيه الى انها لا تريد بعد الآن المشاركة في المداولات الدائرة في مجلس الامن».
واشارت البرقية الى ان المندوب الاميركي متضايق جدا بسبب ما جرى (...)، وهو يدرس الخطوات التالية بالتنسيق مع الخارجية الاميركية تمهيدا لاجتماع رسمي لاعضاء المجلس يجب ان يصدر بيانا وقرارا شديداً على رغم تحفظات الاتحاد السوفيتي».
واشار بارسنز الى ان الاتحاد السوفيتي لن يلجأ الى اتخاذ اي فيتو ضد اي قرار في شأن الرهائن كي لا يعتبر انه يؤيد طهران في احتلال السفارة.
ولاحظ ان ما تريده الولايات المتحدة في مجلس الامن اجراء يخفف بعض الضغوط الداخلية عن الادارة خصوصا ان 25 يوما مضت ولا شاغل للاميركيين الا رؤية دبلوماسييهم قيد الاعتقال.
وقال بارسنز «اننا نأخذ بالاعتبار، وكما تفعل فرنسا، عند اعداد بيان امن وسلامة البريطانيين (دبلوماسيين وغيرهم) في ايران.
وحتى تاريخ الثلاثين من نوفمبر لم تتضمن الوثائق البريطانية اي اشارة الى دور وساطة بين الايرانيين والولايات المتحدة للوصول الى حل، خصوصا ان الطرفين يتشددان في موقفيهما ومطالبهما.
ونقل الدبلوماسي كارينغتون عن مسؤول في حكومة بنغلادش تحفظه على بيان صدر باسم مجموعة الكومنولث ادان احتلال السفارة الاميركية بالمطلق وقال «نحن اعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي الذي بامكانه لعب دور في الوصول الى حل للازمة اذا تم الطلب اليه».

الحلقة 16:
جابر الأحمد يعمل بجد



القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (16) خطوات جابر الأحمد تلاقي ترحيبا
*الكويت ترفض وضع نفسها في خانة أحد لتفادي عداوة الآخرين
Pictures%5C2010%5C01%5C15%5C3a4c1222-1304-4d77-8595-33451a08e6e9_main.jpg
• الراحلان جابر الأحمد وسعد العبد الله خلال افتتاح دور الانعقاد
لندن ــ رائد الخمار:
في العشرين من يناير عام 1979 تلقى وزير الخارجية البريطاني دايفيد اوين من السفير في الكويت اس جي كامبريدج التقرير السنوي عن العام السابق وبدأه بالقول «انها كانت سنة هادئة اكمل خلالها امير الكويت الجديد (الشيخ جابر الاحمد) ما كان يفعله عندما كان ولياً للعهد ورئيساً للوزراء».
ولاحظ السفير في مقدمة التقرير، الذي حمل الرمز «ان بي كي 014/1» وكان من اربع صفحات فقط، الرضا العام للكويتيين عن الحكم في حين كان الوافدون يجمعون الاموال طالما ابتعدوا عن المشاكل. كما لاحظ ان بريطانيا تُصدر ما قيمته مليون استرليني من البضائع يومياً الى «هذا البلد الصغير».

وتيرة نمو معقولة
وفي الفقرة الاولى اشار السفير الى ان الاقتصاد الكويتي ينمو بوتيرة معقولة ونجح الامير باجراء تغيير معقول في تركيبة الحكومة من دون ان ترضي هذه التعديلات طموحات التجار خصوصاً. وكانت سنة 1978 سنة كامب دايفيد والتطورات الايرانية وتراجع قيمة الدولار الذي اثر في دخل الكويت وقيمة عملتها وفي عائدات النفط وقدرة الكويت على الاستيراد.

التباين يبقى داخل الأسرة

واشار الى ان لا شيء يُقلق في الجبهة الداخلية على رغم ان «التباين» بين طرفي الاسرة الحاكمة يبقى داخل الاسرة وان كان احياناً ينعكس في ما يجري من مشاكل داخلية!
ساعات طويلة
وتابع التقرير «ان جابر الاحمد، الذي كان يدير البلاد في عهد الامير الراحل بصفته ولياً للعهد ورئيساً للوزراء، واصل القيام بدوره ويعمل ساعات طوالا للبت في امور الدولة يساعده ولي العهد رئيس الوزراء الحالي الشيخ سعد العبدالله لبت امور كثيرة».
ولاحظ السفير تولي شقيق الأمير منصب وزير الخارجية ومنصب نائب رئيس الوزراء كما تولى شقيقان آخران له منصبين وزاريين. كما ان جابر العلي عاد الى لعب دوره في الحكم بعد قبوله لولاية سعد العبدالله!
وانهى السفير الفقرة الثانية من التقرير بقوله «ان اركان عائلة الصباح اذكياء يعرفون ان مصلحتهم تقتضي البقاء موحدين»، على رغم ان بعضهم احياناً يتطرق الى قضايا غريبة قد تزعج «كبار العائلة».
واشار الى ان وضع الصباح لا يزال مرضياً للعائلات التقليدية وابناء البادية رغم ضيق بعض العائلات والتجار من دخول بعض ابناء الصباح في سوق العقار والتجارة التقليدية.
أسلوب الحكم
ولاحظ التقرير ان الكويتيين يظهرون ضيقاً من عدم تحقيق الوعود بعودة للبرلمان بسرعة. لكن اسلوب الحكم افضل بكثير من اسلوب يثير نقمة الشعب.
ولا يبدي المقيمون الاجانب، الذين يزيد عددهم على نصف السكان، في الكويت ضيقاً من الوضع السياسي طالما لا يزالون يؤمنون دخلاً معقولا. ولاحظ ان الحكومة لا تزال تنظر في وسائل خفض عدد الفلسطينيين في الكويت (اكبر جالية اجنبية) من مستواه البالغ 300 الف نسمة رغم ان هؤلاء قد يوازنون عدد الشيعة (...).

تراجع الدخل
وكانت سنة 1978نوعاً ما غير مجدية اقتصادياً في الكويت على الرغم من ان الحكومة اعطت دفعاً للاقتصاد بعد ازمة سوق المال كما ان الموازنة التي قدمت منتصف العام لم تحمل معها حوافز كافية لتعزيز الاقتصاد وزيادة الحركة في الاسواق. كما ان تراجع سعر صرف الدولار اثر سلباً في دخل الكويت من صادرات النفط، مما اضطر الحكومة الى اعادة النظر في خططها التنموية التي تنفق خلالها في مجالات عدة. ونما الاقتصاد بمعدل 2.4 في المائة لكن مستوى التضخم بلغ 9 في المائة. وبلغت موازنة التنمية في الكويت 770 مليون استرليني لبلد لا يزيد عدد سكانه على 1.25 مليون نسمة.
وتحدث السفير عن تضخم الجهاز الوظيفي غير الكفؤ وعن تراجع مستوى اهلية كبار الموظفين وطبقة مستوى المديرين حتى في مناصب حساسة واستشراء الفساد والمحسوبية.
ولاحظ ان تطبيق برامج التنمية يعاني ضعف المسؤولية والجهل باصول الادارة وقلة الانتاجية. واستدعت الحكومة الكويتية اخيراً خبراء بريطانيين للمساعدة في حل هذه المشكلة.

رفع أسعار النفط
ولاحظ السفير كامبريدج ان الكويت تقوقعت العام الماضي ولم تعد سياستها الخارجية كالسابق، وقد يعود ذلك الى تراجع دخلها من النفط رغم انضمامها الى فريق الصقور في «اوبك»، خصوصاً في اجتماع بغداد. واستخدم علي الخليفة وزير النفط الجديد موقعه كرئيس لمنظمة «اوبك» ومنظمة «اوابك» لرفع الاسعار الى مستويات قصوى، خلافاً لما اراده السعوديون، ونادى الكويتيون بضرورة رفع اسعار النفط في حدود 14.5 في المائة لتعويض خسائر تراجع سعر صرف الدولار ومن ثم ارتفاع نسبة التضخم عالمياً، ونجحوا جزئياً في ذلك خلال اجتماع ابوظبي نهاية السنة.
واشار السفير الى اتفاقه مع زميله الاميركي في الكويت على ان نسبة رفع اسعار النفط بهذا المستوى تمثل طمعاً لدولة يزيد فائض الموازنة فيها على ملياري دولار. وقال «ان السعوديين كانوا صلة التوازن والاكثر مسؤولية في دول اوبك، ويبدو ان الكويت لطبيعة اهلها التجارية تحاول تحقيق اقصى مستوى ارباح يمكن ان تسجله».

وحدة اوبك
وتحدث كامبريدج عن ان الكويت لا تريد عادة وضع نفسها في خانة احد لان ذلك يمكن ان يؤدي الى عداوة مع آخرين، وعلى هذا الاساس عملت الكويت في اوبك للابقاء على وحدة «اوبك» لكن في مجال الصلح مع اسرائيل بعد مبادرة السادات قالت «ان من حق الرئيس السادات تطبيع علاقات بلاده مع اسرائيل طالما لم يؤد ذلك الى الاضرار بالمصالح العربية العليا وهو موقف لم يفهمه عديدون في الدول العربية، وحتى داخل الجالية الفلسطينية في الكويت التي تبدو انها توازن بين مصالحها مع جاليتين كبيرتين الفلسطينية والمصرية».
وعملت الكويت طوال العام في محاولات للبقاء على وحدة الموقف العربي ولو في ادنى مستوياتها. ولعبت الكويت دوراً في قمة بغداد التي انعقدت في نوفمبر 1978 على اساس اصدار بيان متوازن لا يؤذي كثيراً الرئيس السادات وموقف مصر من التطبيع، لكن هذا الموقف لم يُعجب الصحف المصرية التي اطلقت على امير الكويت لقب «الرفيق الصباح» ولم ترد الكويت على هذا الموقف.
تفاهم مع العراق
وادى موقف الكويت في قمة بغداد الى تفاهم اكبر بين العراق والكويت وتم توقيع اتفاقات حيوية، لكن لم تصل العاصمتان الى حل لما عُرف باسم مشكلة ترسيم الحدود بين البلدين.
وابدت الكويت رضاها عن موقف العراق في مسائل عدة ابرزها في منظمة «اوبك» وقالت ان «العراق بدأ يلعب لعبة نادي الرجال الاغنياء».
وفي الوقت الذي كانت الحكومة الكويتية تبلغ الدول الغربية بمتابعة التمدد السوفيتي في اتجاه افغانستان وزيادة دور موسكو المحتمل في اتجاه دول الثروة النفطية، كانت تعارض علانية اي دور عسكري للولايات المتحدة في منطقة الخليج (...).
جولة الشيخ سعد
وفي ديسمبر 1978 قاد الشيخ سعد وفداً من خمسة وزراء في جولة على امارات الخليج، والسعودية عرفت انها لتنسيق المواقف... وقال مصدر كويتي للسفير ان الجولة تمهيدية لتشكيل هيئة خليجية للتعاون لن تضم ـ حكماً ـ العراق او غيره بل ست دول خليجية تتشابه في انظمتها السياسية.

العلاقات مع بريطانياولاحظ السفير ان العلاقات البريطانية الكويتية تواصلت بشكل جيد رغم الغاء صفقة شراء 10زوارق عسكرية بقيمة 200 مليون استرليني.. وعلى الرغم من ذلك يستعد وزير الدفاع فريد موللي لزيارة الكويت، كما ان الملكة تخطط لزيارتها.
واشار الى ان بريطانيا تواصل تحديث المؤسسات الكويتية مما يؤمن لنا صادرات اضافية. وتبين ان الميزان التجاري لمصلحة الكويت التي تصدر نفطاً الى بريطانيا وتستورد منها بضائع وخدمات، مما يعني ربحاً للكويت بنحو 300 مليون استرليني.
واشار السفير الى ان الكويت لا تزال تستثمر حصة كبيرة من فائضها في سوق الاسترليني كما لا يزال الكويتيون يشترون عقارات في لندن.
وفي 15 فبراير 1979 تلقى السفير كامبريدج رداً على التقرير السنوي عن الكويت من الفرد غوردون مونرو في دائرة الشرق الاوسط في الخارجية، شدد فيه على ضرورة اعطاء تطمينات للكويت على ان بريطانيا مستعدة دائماً للتعاون معها في قضايا المنطقة (...) وان عليهم (الكويتيين) دراسة ما يجري في ايران بدقة والانتباه للداخل (...).
ورأت الخارجية البريطانية ان ردة فعل الكويت على التغييرات في ايران يجب ان تكون متوازنة وهادئة، خصوصاً في ضوء التحديات المقبلة على المنطقة.

الحلقة 17 العلاقات الكويتية- البريطانية






16/01/2010


القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (17) الكويت تقرر التعايش مع المستجدات في إيران
مليار دولار لن تحل مشكلة الاقتصاد التركي!

Pictures%5C2010%5C01%5C16%5C400c138d-85ee-4215-bcff-e20c40bb65e7_main.jpg
• مناحيم بيغن وانور السادات بعد توقيع كمب ديفيد
لندن - رائد الخمار:
ظهرت العلاقات الكويتية – البريطانية على افضل حال في العام 1979، ولم يُفرج الارشيف الوطني سوى عن ملفين تضمن الاول التقرير السنوي عن العام 1978 والثاني عن اتصال بين وزيري خارجية بريطانيا والكويت ولقاءات بين السفير في لندن الشيخ سعود ناصر الصباح مع مسؤولين في الخارجية، وما جرى من مداولات في شأن الموقف في الشرق الاوسط، كما تضمنت معلومات مجتزأة عن ولي العهد رئيس الوزراء في تلك الفترة الشيخ سعد العبدالله الذي حضر الى لندن، وبقي فيها للعلاج فترة طويلة!.

عام شحيح

وعند الاستفهام من مسؤول في ادارة الارشيف الوطني عن السبب في قلة «الوثائق عن الكويت التي افرج عنها» قال «شهدنا العام الماضي الافراج عن كمية كبيرة من الوثائق الخاصة بالكويت وعن المراسلات التي تمت في الشأن الكويتي، واعتقد انه خلال العام المقبل ستكون الملفات الكويتية دسمة اكثر» ولم يُفسر المسؤول اي سبب لذلك!

التطورات الإيرانية

وظهر في الوثائق ملخص عن اتصال بين وزيري خارجية بريطانيا دايفيد اوين والكويت الشيخ صباح الاحمد بتاريخ 14 فبراير 1979 تركز على التشاور في شأن التطورات الايرانية، اشار فيه اوين الى ان التطورات الايرانية تُضر بمصالح الغرب في المنطقة، مشدداً على ان بريطانيا ستواصل دعمها لحكومات المنطقة، وتأمين التعاون الدفاعي معها، كما اننا مهتمون جداً بحماية سلطنة عُمان.

رؤية صائبة

واشار الشيخ صباح الى ان ما جرى في ايران كان متوقعاً، وقال لم تنفع الشاه علاقاته مع الولايات المتحدة، او اعتماده على الغرب او الجيش. واكد اننا يجب ان نتعايش مع ما جرى في ايران، وعدم تحميل المسؤولية للشيوعيين فقط.
واعرب عن ترحيبه بتواجد الخبراء العسكريين البريطانيين في منطقة الخليج، لكنه شدد على عدم اشراك هؤلاء في مشاكل المنطقة، كما رفض استبدال الايرانيين بالمصريين في سلطنة عُمان، وان الكويت تعمل جاهدة لاقناع السعودية بعدم دعم هذه الفكرة. وهي تعمل لتأمين مصالحة بين اليمن الجنوبي وعُمان وترتيب لقاء بين وزيري خارجية البلدين وبحضور وزير الخارجية السعودي والكويتي طبعاً. واعرب اوين عن ترحيبه بالفكرة ودعمها، خصوصاً ان فكرة الحل الاقليمي افضل من ترك عمان للاعتماد على الدعم العسكري الاميركي فقط.

الاقتصاد التركي

واشار الوزير البريطاني الى اعتقاده بان حلف السنتو سيُحل قريباً بعد خروج الايرانيين واتجاه باكستان الى التخلي عنه، في وقت تزداد مخاوفنا من انهيار الاقتصاد التركي، على الرغم من ان قمة غوادلوب بين الاربعة الكبار، كلفت المانيا بوضع خطة انقاذ للاقتصاد التركي، وعرضها ثانية لاتخاذ ما يجب من اجراءات دعم تركيا.
ولاحظ ان انهيار تركيا مقلق ليس لانها عضو في الحلف الاطلسي فقط، بل لانعكاسات ذلك على الامن الاقليمي ودول الخليج كذلك.

رفاهية الشعب

وطالب اوين الوزير الكويتي بالرد ايجاباً على اي اقتراحات المانية لمساعدة تركيا اقتصادياً. ورد الشيخ صباح متسائلاً عن جدوى انفاق الاتراك الكثير على الجيش في وقت يجب ان ينفقوا لتطوير قدراتهم الاقتصادية ورفع مستوى الشعب التركي ورفاهيته. وقال ان مليار دولار لن تحل المشكلة الاقتصادية التركية.
وكرر الشيخ صباح موقف الكويت بان المعاهدة المصرية الاسرائيلية لن تحل مشكلة الشرق الاوسط و«ان الحل الشامل هو الذي يؤمن الاستقرار في المنطقة».
وفي رد على تساؤل اوين عما اذا كان سيقوم تجمع اسلامي في منطقة الخليج او الشرق الاوسط، قال الشيخ صباح «آمل ان لا يدفع الغرب المسلمين الى عداوة المسيحيين اينما وجدوا».
واعرب الشيخ صباح عن قلقه من استمرار الانقسام في دولة الامارات على رغم التقارب الاخير بين الشيخ زايد والشيخ راشد الذي ساهمت الكويت في تحقيقه.

فهم متبادل

وفي الوثائق الكويتية تقرير من 22 سطراً بتاريخ 28 سبتمبر صادر عن مستر باجيه في دائرة الشرق الاوسط يُلخص ما جرى خلال زيارة الشيخ سعود الى مكتب مستر هانيي (لم تذكر الوثيقة صفته) في وزارة الخارجية.
افاد التقرير ان السفير الشيخ ناصر قال ان الكويت تُرحب ببيان اصدرته المفوضية الاوروبية في شأن الشرق الاوسط ووصفه بانه «بنّاء جداً»، وقال «نحن العرب والاوروبيون نفهم بعضنا جيداً بينما الاميركيون لا يفهموننا».
واشار الى ان المبادرة الاميركية الاخيرة في شأن الشرق الاوسط غير بناءة وادت الى انقسام في البيت العربي، كما ان المبادرة الاميركية استبعدت الفلسطينيين. واذا كان على منظمة التحرير الفلسطينية ان تتخذ موقفاً معتدلاً فعلى اوروبا الاعتراف بها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.

قلق بالغ

وابدى السفير قلقه البالغ في شأن مستقبل العلاقات بين ايران والبحرين، لكن مستر هانيي ابلغه ان حكومة البحرين تتعامل مع الموقف بحكمة وسلاسة.
وافاد التقرير ان البحرين تريد الحصول على دعم من الاشقاء، وقد اكدت الكويت والسعودية دعمهما الكامل.

مضيق هرمز

واشتكى السفير من مبادرة سلطنة عُمان في شأن التدابير او الترتيبات الدفاعية لمضيق هرمز. ثم قال: انني لا اعرف مَن مصلحته اغلاق المضيق امام الملاحة الدولية.
لكن مستر هانييه اجابه بان المبادرة العُمانية تعكس «القلق» في الخليج منذ سقوط الشاه وتسلم الخميني والملالي الحكم في طهران. ونصح بالا تُحمل المبادرة العُمانية اكثر مما تستحق. لكن الشيخ سعود خلص الى القول «ان عُمان لا تساعد نفسها بين العرب بعد اطلاق مبادرتها».

ضياع العالم العربي

وفي ملف الكويت وثيقة بتاريخ 14 يونيو 1979 عن لقاء بين السفير الشيخ سعود وسير ايان غيلمور عن الصراع العربي - الاسرائيلي، بدأه السفير الكويتي بالحديث عن «الضياع» في العالم العربي الذي انقسم الى معسكرين نتيجة معاهدة كامب ديفيد، وقال «ان من الصعب ما سيجري لاحقاً ولا يمكن توقع اي شيء».
لكن غيلمور اعرب عن امله في ان المفاوضات الجارية حالياً بين مصر واسرائيل ستقود الى حل يشارك فيه جميع الاطراف، على رغم ان رئيس الوزراء الاسرائيلي لا يُسهل الامور، وقد شرحنا موقفنا له بصراحة تامة.
ولم يُفسر المسؤول البريطاني ما هو الموقف المرضي لبلاده.
وشدد السفير الشيخ سعود على ان المعاهدة ثنائية ولا تحل المشاكل المتراكمة، بل تزيدها تعقيداً «لان الانسحاب من سيناء والتعامل السلمي بين مصر واسرائيل كان يمكن ان يتحقق بعد حرب 1967».
لكن غيلمور اشار الى ان الايجابية الحالية تتمثل في قبول اسرائيل القرارين الدوليين 242 و338 مع مشاركة اميركا في الحل والضمانات للمرة الاولى.
وقال «ان الرأي العام في الولايات المتحدة والعالم ضد اسرائيل حالياً (..) كما ان اكثر مؤيدي اسرائيل يقفون ضد تعنت بيغن، ومن الخطأ عدم قبول التحركات الحالية الا اذا كان هناك بديل لها».

شامل.. لا ثنائي

وشدد السفير على انه اذا كان هناك اتفاق على سلام يجب ان يكون شاملاً ويرضي جميع الاطراف. ان العالم العربي يتوقع تعاطفاً اكبر من اوروبا ولا يمكن قبوله بسلطة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية، كما ينادي الاسرائيليون من دون ان تقود في النهاية الى دولة فلسطينية. في الوقت نفسه لا يمكن للاميركيين تأمين الأمن لاسرائيل فقط عبر معاهدة بينها وبين مصر.
ولاحظ غيلمور ان القرارات الدولية نادت منذ 1948 بعودة الفلسطينيين الى ديارهم «من دون جدوى» كما ان الفلسطينيين يقولون «لا» لكل شيء او حل منذ 1925 ومن ثم فقدوا كل شيء حتى الآن».

محام في بلاط الملكة

وفي الوثائق تذكير بأن الشيخ سعود محام في بلاط الملكة حيث درس القانون الانكليزي في عام 1968 بعدما تخرج بدرجة قانونية من الولايات المتحدة وهو متزوج من ابنة امير الكويت وله اربعة ابناء او بنات ويتحدث الانكليزية بطلاقة.
وفي الوثائق رسالة شكر من مستر تاتهام في دائرة الشرق الاوسط تاريخها 23 مارس 1979 الى السفير البريطاني في الكويت كامبريدج يشكره فيها على تقويمه عن تفكير الكويت بالبريطانيين والعلاقات معهم. لكن رسالة كمبريدج سحبت من الملف ولم يُفرج عنها.

عندما يأتي المتطرفون
وحض المسؤول البريطاني الفلسطينيين على قبول مرحلي للامور من دون التخلي عن حقوقهم كما فعلت الحركة الصهيونية على مدى عقود. ان الاعتراف الفلسطيني بحق اسرائيل في الوجود يساعد في الحل.
وقال السفير ان مشكلة الكويت تتمثل بوجود 400 ألف فلسطيني على اراضيها وهي تقبل بكل ما يقبلون... ان قيادة المنظمة الحالية معتدلة لكن المتطرفين قد يتسلمون القيادة لاحقاً ما قد يؤدي الى مزيد من الارهاب وخطف الطائرات. ان على العالم الاعتراف بحق الفلسطينيين وقد طلب السفراء العرب من وزير الخارجية المساعدة في اقناع الاميركيين والاسرائيليين بالتحدث مع الفلسطينيين مباشرة.
وسأل غيلمور السفير عن الوضع في خوزستان (ايران) ورد السفير بان المشكلة قديمة ولا يمكن ان تؤدي الاضرابات الى شيء خصوصاً اذا ما بقيت العلاقات الايرانية العراقية على حالها.
عندما سأل غيلمور عن مسألة الحدود الكويتية – العراقية قال الشيخ سعود «ان العلاقات مع العراق جيدة وتحاول بغداد حالياً زيادة روابطها مع الكويت ودول الخليج». وابلغ غيلمور السفير ان وزير الخارجية البريطاني قد يزور بغداد قريباً.
ولم يظهر في الوثيقة رد السفير على سؤال وجهه غيلمور عن تأثير ما جرى في ايران على الاستقرار في الكويت.
واعرب غيلمور عن ترحيبه باستقبال وزير الخارجية الشيخ صباح اذا قرر زيارة لندن خلال سفره الى نيويورك.

الحلقة 18:
الموقف في منطقة الخليج



17/01/2010


القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 (18) احتلال الحرم المكي في أول محرم 1400 هجري جهيمان يعلن أن القحطاني هو المهدي المنتظر


لندن - رائد الخمار:
اختار المسؤولون عن الأرشيف الوطني البريطاني الإفراج عن وثائق أحداث الحرم المكي في 20 نوفمبر 1979 (الأول من محرم 1400هـ) عندما قاد جهيمان العتيبي مجموعة من اتباعه يُقدر عددهم بحوالي 250 رجلاً ودخلوا المسجد الكبير في مكة وأغلقوا أبواب الحرم وأعلن جهيمان، عبر مكبر الصوت، ظهور «المهدي المنتظر»، وتبين لاحقاً أنه المواطن السعودي محمد القحطاني!

من الوثائق التي عثرت عليها «القبس» تبين ان التقارير التي أرسلت إلى الخارجية عبر السفارة في جدة كانت مشوشة وتنقل إشاعات عدة وروايات عدد من البريطانيين في جدة ومحيطها وروايات رُوجت في مصر وسُربت الى مراسل هيئة الاذاعة البريطانية بهدف التشويش على المملكة التي كانت حكومتها في ظل الملك خالد وولي عهده الأمير فهد على خلاف مع حكومة الرئيس أنور السادات بسبب ذيول الصلح مع اسرائيل.
واللافت للنظر أن المسؤولين عن الأرشيف افرجوا مع ملف أحداث الحرم المكي على وثيقة (6 صفحات) جمع مواجهات كل من جون باننيرمان وجون طاغيان من قسم الأبحاث في دائرة الشرق الأوسط في الخارجية وكلمة «سري» وتعبير «يوكي اي» وتاريخها أغسطس 1981 وتلخص، عبر الأبحاث التي تلت، ما جرى وتحلله.
وكانت تقارير السفارات البريطانية والأميركية والفرنسية تحدثت في البداية عن أن الايرانيين وراء احتلال الحرم المكي، ثم بدت اشاعات تتحدث عن مجموعات من المنطقة الشرقية للمملكة وراء الحادث، لكن شيئاً فشيئاً بدت الأمور تتضح عن أن المجموعة التي احتلت الحرم المكي سعودية ليتبين لاحقاً من دون تأكيد رسمي أن بعض الرعايا المصريين شاركوا في العملية.
وفي البند الثاني من التقويم البريطاني للعملية الارهابية اشارة الى أن اتجاهات الهجوم بدأت عبر انتماء المجموعة الى الجماعة السلفية التي تشكلت في المدينة في عام 1972 بدعم من الشيخ عبدالعزيز بن باز (..) الذي كان مسؤولاً عن «جامعة المدينة» التي تم تأسيسها في عام 1960 لنشر الدعوة والاشراف على تدريس الفقه لموازنة الدراسة في الأزهر ومن ثم لتعميم الفقه الاسلامي والارشاد.

أسلوب الحياة
وكانت غالبية المنضمين الى الجامعة من الطلاب السعوديين، كما انتسب اليها لاحقاً بعض أبناء الجاليات التي تعمل في السعودية. واتخذت الجامعة خطأ متشدداً جداً بتوجيهات من الشيخ عبدالعزيز بن باز ومساعديه المقربين.
وكان جهيمان انضم الى الجماعة السلفية في عام 1974، على رغم أنه كان طرد من الحرس الوطني بسبب تهريبه السلاح والمخدرات والكحول.. لكن بعد فترة تغيرت حياته وأصبح يحضر المحاضرات الدينية ويناقش العلماء في أصول الدين ويسأل عن الأصول والسيرة اثر تأثره بالاسلام المتشدد وعاش فترة في الرياض والمدينة.. لكن بعد مناقشات وخلافات في الرأي بينه وبين العلماء بسبب رغبته بانتقاد أسلوب الحياة في السعودية ومحاولته فرض نظرية رفض التحديث والتلفزيون وحتى مباريات كرة القدم. انشق جهيمان عن المجموعة وشكل فصيلاً مستقلاً مع بعض الأعضاء الذين ساروا على خطه، وبدأ يعقد ندوات ينتقد فيها كيفية ابتعاد قادة الاسلام عن الاسلام الصحيح حسب زعمه.. واتخذ المنشقون مقرا لهم في الصحراء وبدأوا يدعون للعودة الى الاصول ومحاولة فرضها بالقوة اذا استدعى الامر.

ظهور المهدي
وفي فترة (حوالي 1976) بدأ جهيمان ينتقل في ارجاء المملكة لنشر مبادئه «ويتعمق بدراسة الاسلام». وفي الرياض التقى محمد بن عبدالله القحطاني الذي كان يدرس القانون والفقه في جامعة الرياض، وكان بدأ يبدي اهتماما بما يعرف باسم ظهور «المهدي». وانجبذت افكار الجهيمان ومحمد وتعاونا بعدما ترك محمد الدراسة، قبل حصوله على درجته القانونية، ليساهم في نشاط الجمعية التي اسسها جهيمان.
وفي عام 1978، كما تفيد الوثيقة، بدأت السلطات السعودية تراقب اعضاء الجمعية ونشاطاتها واوقفت عددا من الناشطين فيها لكنه تم اطلاق سراحهم لاحقا اثر توصية من علماء رأوا ان ما ينادون به لا يتعارض مع اصول الدين.
ورغم منعهم من القيام بأي نشاط يماثل ما جرى قبل توقيفهم، واصلت المجموعة، خصوصا جهيمان، تجوالهم في انحاء المملكة لبث الدعوة وآرائهم المتطرفة.

فتوى المهدي المنتظر
ووفق البند الخامس من الوثيقة، انه خلال هذه الفترة، ظهرت فكرة تنصيب محمد بن عبدالله وكأنه المهدي المنتظر.
وتضمنت الوثيقة فتوى من الشيخ بن باز عن المهدي جاء فيها:
• تقول السائلة: هل صحيح ان المهدي المنتظر سيظهر ام انها بدعة؟ مع العلم انه لا يوجد بعد وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم معجزات، ارشدونا جزاكم الله عنا خيرا.
المهدي المنتظر صحيح وسيقع في آخر الزمان قرب خروج الدجال وقرب نزول عيسى عند اختلاف يقع بين الناس عند موت خليفة، فيخرج المهدي ويبايع ويقيم العدل بين الناس سبع سنوات او تسع سنوات، وينزل في وقته عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، هذا جاءت به الاحاديث الكثيرة.
{أما المهدي المنتظر الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة فانه من بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أولاد فاطمة رضي الله عنها واسمه كاسم النبي صلى الله عليه وسلم: محمد وأبوه عبدالله، هذا حق وجاءت به الأحاديث الصحيحة وسيقع في آخر الزمان، ويحصل بسبب خروجه وبيعته مصالح للمسلمين من اقامة العدل ونشر الشريعة وازالة الظلم عن الناس.
{وجاء في الأحاديث أن «الأرض ستملأ عدلاً بعد أن ملئت جوراً في زمانه، وأنه يخرج عند وجود فتنة بين الناس واختلاف على اثر موت الخليفة القائم، فيبايعه أهل الايمان والعدل بما يظهر لهم فيه من الخير والاستقامة وأنه من بيت النبوة».

من هي المجموعة؟
وتشككت الوثيقة في ان جهيمان كان يؤمن بان محمد القحطاني هو المهدي وتساءلت ما اذا كان جهيمان «طوّر الفكرة» لمصلحة سياسية لكنه اقنع جماعته بها خصوصاً ان القحطاني من سلالة النبي كما ادعى. وكانت تفسيرات السلطات السعودية ان التعاليم التي طرحها جهيمان عن «المهدي» غير موثوق بدقتها واقل من تعاليم البخاري.
وجادلت الوثيقة في ان القليل عُرف عن اتباع جهيمان، وان المؤكد فقط هو «القحطاني وجهيمان». وقدر مسؤولون سعوديون ان عدد افراد المجموعة الذين شاركوا بحادث مكة هو 245 شخصاً، في حين اشارت الوثيقة الى معلومات تحدثت عما بين 220 و270 شخصاً. وقالت ان الغالبية من «طلاب الدين السعوديين وابناء القبائل كما كان بينهم 50 من غير السعوديين، وذكر انه كان بينهم مجموعة صغيرة من جماعة التكفير والهجرة المنبثقة عن الاخوان المسلمين».

ماذا جرى؟
وتحدثت انباء ان عماد الجماعة كان يتألف من جهيمان و20 من اتباعه المسيّسين، بينما كان الآخرون اقتنعوا ان محمدا هو المهدي وتبعوا ارشاداته.
وتروي الوثيقة ما جرى على الشكل الآتي:
كانت الخطة في البداية اعلان ظهور المهدي في موسم الحج لكن عدلت لاحقاً الى 20 نوفمبر لتتناسب مع بدء السنة الهجرية ويبدو ان قرار اقتحام المسجد اتخذ قبل اسبوعين فقط من الحادث.
واستأجرت المجموعة غرفتين في الطابق السفلي للمسجد الحرام (يتألف هذا الطابق من 250 غرفة يتم تأجيرها للصلاة والتعبد والتأمل).
وادخلت المجموعة في الايام الثلاثة قبل الحادث اسلحة وذخائر ومؤن الى الغرفتين وتبين ان من بين الاسلحة رشاشات كلاشنيكوف و22 بندقية حديثة و38 مسدساً وبعض البنادق القديمة التي كان يستخدمها رجال القبائل. وظهرت اشارات الى ان بعض موظفي المسجد ساعدوا في تهريب السلاح واخفائه. ونقل التقرير عن السلطات السعودية قولها «ان المؤن والذخائر كانت تكفي لصمود المجموعة ثلاثة شهور»، كما ظهرت تقارير عن ضبط مخازن اسلحة في مناطق قريبة من المسجد الحرام، وتم ضبط هذه الكميات من السلاح على ايدي فصيل خاص من الحرس الوطني.

العملية
واشار التقرير الى ان العملية وتوقيتها وما جرى في الدقائق الاولى لها غير واضحة، كما ان تسلسل الاحداث مبهم بعض الشيء بسبب التكتم الشديد للسعوديين، لكن ما يمكن اثباته ان اعضاء مجموعة جهيمان دخلوا مع مصلّي الفجر الذين يراوح عددهم عادة بين الفين وسبعين الفاً. ويبدو انه لم يتواجد في تلك الفترة غير 3 آلاف مصل في حين كان يُشرف على حراسة المسجد ما لا يزيد على 20 شخصاً غير مسلحين. وعند تلاوة السورة الاخيرة من صلاة الفجر (اشارة البدء بالهجوم) بدأ انصار «المهدي» يغلقون الابواب، واعلن جهيمان من مكبر الصوت يوجه انصاره المسلحين لاحتلال نقاط حساسة في المسجد والمآذن، وطلب من المصلين الاعتراف بالمدعو محمد القحطاني «المهدي المنتظر». واطلق النار على احد الحراس الذي حاول منعه من القيام بأي شيء وارداه قتيلاً.
وفي بداية الهجوم، استطاع بعض المصلين الهرب، لكن آخرين احتجزوا في الداخل بعد اغلاق الابواب.

اقتحام المسجد
ووفق ما جاء في البند العاشر من الوثيقة، لم يكن رد الأمن السعودي سريعاً، بل كان مشوشاً في غياب الاميرين فهد وعبدالله عن المملكة. ولأسباب مفهومة، تم التداول مع العلماء في شأن كيف ستتصرف قوات الأمن قبل ان يحاول عشرات من الحرس الوطني وغيرهم اقتحام المسجد لتحريره بالقوة.
وكان تم ابلاغ جهيمان و«المهدي» وجماعتهما بأنهم اذا استسلموا سيتم النظر بأمرهم وفق الشريعة بعد احتجازهم، وإلا ستتم محاربتهم كأمره تعالى: قاتلهم لكن ليس بالمسجد الحرام، إلا اذا قاتلوك هناك.
وتمت محاولة استعادة المسجد اولاً على يد افراد الحرس الوطني بالتعاون مع وحدات من الشرطة والقوات الخاصة والمباحث. وفشلت المحاولة، مع وقوع ضحايا عديدين في صفوف القوة التي استعانت بقوة مدرعة لفتح الابواب لكنها قوبلت بقوة نارية ضارية.ولأن المسجد محاط بارض مكشوفة كانت اي قوة تتقدم تتكبد خسائر كبيرة مما جعل الحرس الوطني يخسر 130 رجلاً ونحو 500 جريح ولم تُعرف خسائر القوات الاخرى التي اشتركت في الهجوم بسبب التكتم الشديد.

خطة جديدة
وافاد التقرير انه لم تجر اي محاولة منسقة الا عندما قادها الامير تركي الفيصل رئيس جهاز الاستخبارات الذي اشرف على تنفيذ خطة منسقة شاركت فيها فصائل عدة من القوات المسلحة وبعدما تم نشر قوة قناصة من القوات الخاصة راحت تصطاد المسلحين في المسجد والمنائر عن بعد.
وبعد ذلك تم شن هجوم ثنائي شاركت فيه قوة من الحرس الوطني والقوات الخاصة وتم استخدام سلالم لاحتلال السطح ومن ثم الانطلاق الى الداخل في بدء عملية تنظيف المسجد من المسلحين المعتدين. وشهدت القوة المتقدمة مقاومة شرسة في الداخل خصوصاً في الملجأ حيث استخدم المسلحون قذائف ار بي جي وغيرها لوقف تقدم القوات السعودية. في الوقت نفسه كانت تتم دعوة المسلحين للاستسلام وجرت اكثر المحاولات كثافة لجعلهم يلقون السلاح بين 23 و25 نوفمبر لكن دون جدوى وتمت في النهاية السيطرة على الملجأ بين 26 و27 نوفمبر وبقيت بعض النقاط المقاومة المعزولة حتى الرابع من ديسمبر عندما اعلن القضاء على المسلحين او اعتقال من بقي منهم حياً.
واشارت الوثيقة الى انه تم اعتقال 102 من المسلحين بينهم جهيمان بينما كان المهدي قد قُتل نتيجة جروح اصيب بها.
وفي التاسع من يناير 1980 تم تنفيذ حكم الاعدام بـ63 من الموقوفين بعد محاكمتهم امام قضاة شرع بينما تم خفض الاعدام عن 19 مسلحاً الى فترة سجن طويلة واطلق سراح 38 منهم بينهم مجموعة نساء.

غياب التنسيق
ولم تتأكد مشاركة اي قوة غير سعودية في الهجوم على المسجد لتحريره من المسلحين على رغم الاشاعات التي تحدثت عن اشراك كوماندوس من فرنسا في العملية. وتم انتقاد عدم التنسيق بين الاجهزة السعودية وعدم معرفة ما جرى من تخطيط للعملية خصوصاً ان الأجهزة كانت تراقب المجموعة عن كثب. ورأى اطراف ان ما جرى هو بداية لعدم الاستقرار في السعودية.
واجرت السفارة البريطانية استطلاعاً لما جرى بين المقيمين البريطانيين في السعودية ووجهت اليهم خمسة اسئلة عما شهدوه وسمعوه ولخصت النتيجة بان 250 مسلحاً شاركوا في الاقتحام، وان 75 منهم قتلوا داخل الحرم المكي بينما تم اعتقال 170 كما قتل 60 من الامن السعودي وجرح 200 كما نقل مصدر بريطاني عن رجال امن سعوديين. وقُتل عدد من المواطنين السعوديين صدفة وخطأ داخل الحرم وخارجه.
وافاد عدد من «المراقبين» البريطانيين ان ما حدث في المنطقة الشرقية اواخر نوفمبر لا علاقة له على الاطلاق بما جرى في مكة. وجاء في تقرير منفصل عن السفارة ان الحكومة السعودية اكدت للديبلوماسيين الاجانب ان احداث مكة لن تؤخر على الاطلاق مشاريع التحديث التي تجري في المملكة او في سياستها الخارجية عبر الانفتاح على العالم لكن بعض الامراء شدد على ان الحكومة ستتعاطى بحزم مع الفساد المالي حيث وجد.

بي.بي.سي

على هامش الاحداث طلبت الحكومة البريطانية من مجلس امناء هيئة الاذاعة البريطانية توخي الحذر في التعامل مع ما يجري والانتباه لكل ما تذيعه، خصوصاً في غياب اي شفافية في نشر الانباء الصحيحة عما يجري. وجاء في تقرير كتبه دايفي هاناي من دائرة الشرق الاوسط في الخارجية «ان بي.بي.سي اكثر استماعاً وتأثيراً في الرأي العام في الشرق الاوسط، وكل ما تذيعه في هذا المجال يمكن تصديقه».
وتمنى المسؤولون في الخارجية على الهيئة عدم بث تقرير كان مراسل الهيئة في القاهرة يتحرى مصداقيته ويفيد نقلاً عن شاهد عيان مصري قوله «ان المسلحين الذين احتلوا الحرم المكي كانوا من رجال القبائل في المنطقة القريبة من الحدود مع اليمن».
وافاد التقرير انه تم «شم رائحة الاستخبارات المصرية في التقرير، خصوصاً ان الرئيس انور السادات كان يشن حملة على السعودية». في الوقت نفسه تم اتهام الهيئة بان تقارير عن الحادث وجهتها الى الاراضي الباكستانية ادت الى احداث شغب في اسلام اباد.
يُشار الى ان البرقية الاولى المفصلة، التي ارسلتها السفارة البريطانية في 21 نوفمبر عن الاحداث، نقلت صورة مغايرة للواقع واشارت الى ان الايرانيين هم الذين احتلوا المسجد الحرام. كما افادت البرقية التي حملت الرقم 51 الى ان محافظ مكة قُتل.
ونقلت البرقية عن مخبر ان المحتلين احتجزوا الاف الرهائن وطالبوا بوقف صادرات النفط الى الغرب.
وافادت انه يجري ارسال تعزيزات عسكرية الى مكة التي عُزلت عن باقي انحاء المملكة. وانه نقل كبار المسؤولين من جدة الى مكة بطائرات هليكوبتر.
وتحدثت البرقية عن عدم تنسيق في شأن التعامل مع الاحداث بين مختلف فروع الامن المحلي.
وشددت على انه لا خوف ان تنتقل احداث مكة الى خارجها او ان تجري في مدن اخرى حوادث مشابهة.

الحلقة 18:
صدام يبدأ رئاسته بوجبة إعدامات


القبس


 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
01-12-2010, 12:05 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,762

icon1.gif

القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1977 - الحلقة25 والاخيرة مقتطفات من تقارير السفير مع الساسة اللبنانيين.. وعرفات
كتب رائد الخمار :

لندن - رائد الخمار:
يحاول الزعماء اللبنانيون دائماً اضفاء «لمسة عائلية» على علاقاتهم مع سفراء الدول الاجانب المعتمدين في بيروت وحتى مع «شركائهم» التجاريين والمسؤولين العرب الذين يمولون نشاطاتهم واتجاهاتهم السياسية. وقال السفير البريطاني السابق في بيروت سير بيتر جورج البرت واكفيلد في تقرير الى دائرة الشرق الاوسط في لندن، حمل تاريخ 20 اغسطس 1977 وحمل عبارة سري وطلب توزيعه الى سفارات بريطانيا في دمشق وتل ابيب وواشنطن وعمان، وكتبه بلهجة ساخرة: «تناولت غداء عائلياً مع الرئيس اللبناني السابق كميل شمعون بدعوة من سيدة المجتمع مود فرج الله في منزلها الواقع بين اشجار الصنوبر في بيت مري (جبل لبنان) بحضور ابنه داني وعائلته... لم يتركز الغداء على الاحاديث السياسية بل تناول بعض القصص والحكايات عن الساسة اللبنانيين، وبغضهم من اركان الجبهة اللبنانية (الموارنة) وبخل بعضهم وصفقات غيرهم الخ... ومع ان «الرجل العتيق» كان وصل من اجتماع للجبهة اتخذت فيه قرارات مصيرية للموارنة غير ان ابنه داني كان نجم الحديث والثرثرة».

ويبدو ان شمعون حاول اقناع السفير بتزويد الجيش اللبناني باسلحة لكن السفير استغرب ذلك واعتبره تغييراً في تكتيكات الجبهة التي كانت تعارض دائماً تقوية الجيش. واستنتج من حديث شمعون ان الاسلحة ستُخصص للألوية الموالية للمسيحيين وستُستخدم في الدفاع عن «المناطق الشرقية».
ووفق التقرير كان داني اكثر المنتقدين لحزب الكتائب الذي يحاول السيطرة وحده على مقدرات الجيش واجتذاب افضل الضباط لتشكيل جيش رديف واقامة دولة دينية منفصلة على غرار الدولة اليهودية في اسرائيل.
وطلب شمعون، بعدما قال انه تشاور مع قائد الجيش فيكتور خوري، اسلحة خفيفة ومدفعية متوسطة مثل التي يستخدمها الحلف الاطلسي اضافة الى ناقلات جند ومدرعات من نوع "صلاح الدين" و"ساراسان" تشبه الى حد ما ما تسلمه الجيش هدية من الاردن التي بلغت 35 وحدة وقال انه تم تخصيص مبلغ 300 مليون ليرة (60 مليون دولار) جُمعت من مغتربين لتمويل الصفقة.
ومع ان «العجوز» (كميل شمعون) شدد على ضرورة عقد الصفقة «من دولة الى دولة» غيرا ان ابنه داني لم يمانع في الشراء عبر صفقات مع شركات.
وصب شمعون الاب غضبه على الاميركيين «الذين سيبيعون لبنان للسوريين في اول فرصة».

العلاقات مع اسرائيل
واعترف شمعون الاب والابن بان اسرائيل تسلح قوات الجبهة وانها تراهن على بشير الجميل وان شقيقه امين يحاول اقامة صلة مع الاسرائيليين لكنهم لا يثقون به على الاطلاق. كما اشار الى ان حرباً ستنشب في الخريف في جنوب لبنان وان الموارنة بدأوا يرسلون امدادات من المقاتلين لمساعدة سعد حداد في التصدي للفلسطينيين ومنعهم من الاعتداء على القرى المارونية. وذخائر مصرية
واعترف داني شمعون بان مصر زودت الجبهة اللبنانية بقنابل مدفعية من مخزونها العسكري وان مقاتلي الجبهة استخدموا بكفاءة القنابل الانكليزية الصنع.

رينيه معوض
ويروي السفير، في تقرير حمل تاريخ 30 اغسطس 1977 ان السياسي اللبناني رينيه معوض (نائب زغرتا) دعاه مع عائلته الى منزله في اهدن لتمضية عطلة نهاية الاسبوع. وقبلت الدعوة لانه محايد ومستقل عن الجبهة اللبنانية وقريب من الرئيس سركيس. وركز معوض في مناقشاته على الاهداف السورية في لبنان واضطهادهم التاريخي للموارنة بسبب علاقاتهم مع الغرب (...).
وافاد السفير ان معوض ابلغه بان النقاش الدائر حالياً، خصوصاً مناقشات خلوة سيدة البيرة، يتركز على ما اذا كان الموارنة اللبنانيون يستطيعون اكمال عيشهم المشترك مع المسلمين ام ان عليهم اقامة دولتهم المستقلة ضمن فدرالية داخل لبنان او بشكل مستقل.
كما قال في نهاية رسالته ان اولاده خرجوا مساء مع مجموعة من اولاد اقرباء معوض لا ليشاركوا في الالعاب النارية بل ليشاهدوا تدريبات بالاسلحة الحية وليستمعوا الى تباهي ابناء عائلة معوض والقرية بانهم يتطلعون الى جولات الحرب المقبلة.
وانهى السفير تقريره بالقول ان هذا البلد يحتاج الى اعجوبة (...) والى اعادة تركيب والى حكومة قوية او الى بلد يضعه تحت رقابته لفترة طويلة، فهل تكون سوريا؟ ام هي منغمسة في القتال ولا تصلح أن تكون الوسيط الا اذا كلفها العرب ومولتها السعودية!

أمين الجميل
ولم يكن موقف امين الجميل افضل من موقف شمعون في الشكوى على غيره، واورد السفير في تقرير حمل تاريخ 21 سبتمبر 1977 ان «الشيخ امين طموح جداً، لكنه مستعد لـ«المقايضة» على مواقفه اذا رأى مصلحة ذاتية».
وشرح الجميل الاهداف الاسرائيلية للتعاون مع الكتائب، لكنه لم يتخذ موقفاً واضحاً منها تاركاً المجال لتأويلات عدة من دون ان يدين اهداف تل ابيب في لبنان، بل مال الى شكرها على المساعدات!
وعرض الجميل على السفير «خدمات الكتائب» في اي مجال وحتى من دون مقابل!

وليد جنبلاط
وكان السفير واكفيلد ارسل تقريراً عن لقاء تم مع وليد جنبلاط بتاريخ 16 يوليو 1977 في بيته في زقاق البلاط، وفي مكتب والده الراحل كمال جنبلاط.
واشتكى جنبلاط السوريين الذين يضغطون عليه وعلى السعوديين الذين يحاولون اقناعه بالتعاون مع صائب سلام لمقاومة المد الشيوعي المتنامي في البلاد! وقال «اذا ارادوا محاربة الشيوعية في لبنان يجب عليهم ايجاد رجل اكثر صدقية... واعتقد انهم يُعدون رجل اعمال لبنانياً لخلافته في قيادة السنة، خصوصاً ان ابراهيم قليلات زعيم المرابطين مريض جداً ويتعالج في الخارج».
ولم يوضح السفير في التقرير ما اذا كان جنبلاط يشير الى رفيق الحريري، او كانت لديه معلومات او صلات به.
وانتقد جنبلاط الحكومات العربية التي «ليست لديها سياسة واضحة وموحدة من قضية الشرق الاوسط، وحتى من التوطين الذي يجب ان يتم في لبنان والدول العربية كلها».
وتحدث جنبلاط عن اهمية تعاون الدروز والموارنة في حماية الجبل (...)، وقال انهما يجب ان يكونا الركن الاساس للدولة اللبنانية، مع الاخذ بالاعتبار مصالح الطوائف الثانية... واشار الى ضرورة اتخاذ الموارنة خطوة اولى نحو المصالحة الوطنية والا فسيبقى الفلسطينيون حماة حمى الطوائف الاخرى من دون خضوغهم لسيطرة الدولة او لسيادتها.

عرفات
وفي تقرير عن محادثات السيد ياسر عرفات مع النائبين البريطانيين ديفيد واتكينز والاستير غودلاد حمل تاريخ 28 يونيو 1977 ، قال عرفات ان السوريين يحاولون تنفيذ سياسة «فرق تسد» في لبنان، لكنهم لا يستطيعون التصرف وحدهم فيه، إذ ان القضية اللبنانية اصبحت معقدة جداً، والفلسطينيون يدفعون ثمنها ايضاً!
ومع ان عرفات اشاد بالاخوة السورية - الفلسطينية الا انه تحدث عن «خلافات في وجهات النظر» بين الجانبين.
واشار عرفات الى انه اوقف تفريغ قرى الجنوب اللبناني من المسيحيين بسبب تدخل بعض الدول العربية (...)، وقال ان الموارنة يتعاونون مع اسرائيل بتشجيع من دول عربية معتدلة (...) وبهدف بدء تطبيع العلاقات مع اسرائيل التي يمكن ان تصل الينا.
وشدد عرفات على ان الحرب اللبنانية لن تنتهي في القريب، وان الفلسطينيين يستعدون لحرب قد تستمر 10 سنوات على الاقل، وانهم قد يدفعون ثمن الحل او يقطفون ثماره في النهاية.
ولاحظ عرفات ان فرص نجاح السياسة التي ينفذها الرئيس انور السادات كبيرة، وان على الجميع لاحقاً القبول بتقديم تنازلات من اجل السلام
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
01-12-2010, 12:10 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,762

icon1.gif

19/01/2008


القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1977 - (23) مصرفيون ورجال أعمال يهود من أصل عراقي يديرون استثمارات حزب البعث في فرنسا وبريطانيا

Pictures%5C2008%5C01%5C19%5Ca55a797c-a8b7-4a45-b160-19465a9f6f90_main.jpg
احمد حسن البكر وصدام حسين
لندن ـ رائد الخمار:
افرج الأرشيف الوطني البريطاني منتصف الشهر الماضي عن عشرات الآلاف من الوثائق البريطانية التي جرى تداولها بين مختلف الادارات والوزارات والسفارات ورئاسة الحكومة، وبالتحديد وزارة الخارجية، وتناولت ما حدث في عام 1977 وموقف الحكومة البريطانية منها وكيف وجهت سفاراتها الى التعامل معها.
وحصلت «القبس» على مجموعة مختارة من هذه الوثائق عن الكويت والمنطقة ستنشرها تباعا.
تغطي الوثائق فترة حكومة رئيس الوزراء العمالي جيمس كالاهان الذي اختار دايفيد اوين وزيراً شاباً لحقيبة الخارجية، ودنيس هيلي لمنصب وزير الخزانة وفريديريك موللي لمنصب الدفاع، وميرلين ريس لحقيبة الداخلية.
وشملت الوثائق ملفات خاصة عن تعديل السياسة الدفاعية البريطانية في ضوء الانسحاب من شرق السويس، ومحادثات لبيع اسلحة الى مختلف مناطق العالم وخصوصاً الى دول الخليج كلها والعراق البعثي واليمن وايران وغيرها من الدول المتصارعة ما بينها وتعتمد «سياسة الخوف» لضمان امدا دات النفط.

رداً على سؤال من الخارجية البريطانية تناول استفهاماً عما يفعله العراق بالفائض المجمع من بيع النفط، خصوصاً ان الموازنة العامة تقل بنحو 20 او 30 في المائة من المردود النفطي اجاب السفير البريطاني في بغداد جون غراهام في تقرير حمل تاريخ 2 فبراير 1977 والرمز «ان بي ار4/011» ان جزءاً من هذه الاموال تحول الى حسابات حزب البعث في العراق وعواصم عربية والبعض الآخر الى موالين بشدة للحزب في بغداد والبعض لشراء ولاء عشائر!
وافاد السفير ان احداً لا يعلم حقيقة الاموال المجمعة لدى الحزب ومن يديرها علماً بان اشاعات تتحدث عن ان اموالاً تُنقل بحقائب مع اشخاص ثقة لتودع في حسابات في بيروت ومن ثم يتم تحويلها الى الخارج وفق سلسلة عمليات مصرفية معقدة يقودها احياناً بعض المصرفيين ورجال الاعمال اليهود المتحدرين من اصل عراقي والمقيمين في فرنسا وبريطانيا.
وشرح السفير ان بعض الاستثمارات التي ضخت في شراء اراض زراعية في العراق ودول عربية لمصلحة الحزب اعطت مردوداً بسيطاً وحتى نجمت عنها خسائر، وفقاً لبعثيين لبنانيين تحدثوا الى دبلوماسيين شرقيين.

خلافة البكر
وتحدث تقرير آخر في 12 مارس 1977 وحفظ في ملف الخارجية البريطانية تحت الرمز «ان بي آر 1/11» عن الاشاعات تملأ بغداد عن «اعادة ترتيب البيت» في ضوء المرض الخطير الذي اصاب رئيس مجلس قيادة الثورة الامين العام لحزب البعث احمد حسن البكر منذ الخريف الماضي على رغم ان الخليفة المؤكد هو نائبه صدام الذي يدير منذ فترة طويلة شؤون الدولة والحزب نيابة عن البكر وبمساعدة عدد من الموثوق بهم.
ووصف التقرير صدام بانه «شجاع وذكي لكن لا يؤمَن جانبه» ويفتقد الشعبية الحزبية ويحاول ان يقلد عبد الناصر لكنه لا يملك طلته وبلاغته وقربه من الناس على الرغم من الجهود التي تبذلها الصحافة العراقية الرسمية وحتى صحافة لبنان المقربة من البعث العراقي والتي تمول من اموال النفط العراقي.
واشار الى ان تعديل تركيبة وعضوية عدد من المؤسسات الحزبية والحكومية والتشكيلات الاخيرة في قيادات الجيش والشرطة تشير كلها الى ترفيع انصار صدام والموالين له وابناء عشيرته بهدف السيطرة كاملة على شؤون الدولة رغم ان زميلي السفير السوفيتي لا يتوقع تغييرات في القيادة السنة الجارية لانه لا يزال في الاربعين من عمره (...).

اذا مات صدام
واشار التقرير الى ان المشكلة الكبيرة قد تحدث اذا مات صدام او قُتل او اصبح عاجزاً عن الحكم سيعود العراق الى الفراغ وسيعود العراقيون والبعثيون الى الاقتتال ما بينهم كما ان الشيوعيين قد يعودون الى السطح من دون استبعاد «ثورة شيعية» للاستيلاء على جزء من السلطة او للحصول على حكم ذاتي في مناطقهم الغنية بالنفط.
ولاحظ السفير ان الدور الاساس في هذا الفراغ يمكن ان يملأه الجيش فقط رغم انه منذ انقلاب البعث في عام 1968 اصبح تحت سلطة المدنيين البعثيين.
ويُعتقد انه اذا غاب صدام سيتسلم السلطة متشددون من دون بعد نظر صدام ولا خياله.
ومع ان السفير توقع ان تزداد المعارضة لصدام فور تسلمه رئاسة مجلس الثورة وان يحاول تصفية معارضيه باسلوب وحشي وقمعي، خصوصاً اذا تعرض الى محاولة انقلاب او اغتيال.. كما توقع ان تشهد المناطق الشيعية تحركات ضد النظام شبيهة بالتي جرت في النجف.

مقتل الطالباني
ومن الوثائق التي عثرت عليها «القبس» برقية وجهها السفير البريطاني المعين في بغداد الى وزارة الخارجية في 21 مايو تنقل عن صحيفة «بغداد اوبزرفر» الحكومية الرسمية قولها ان مصادر تركية والمانية ذكرت ان جلال الطالباني (الرئيس الحالي للعراق) قُتل في ديار بكر جنوب تركيا في السابع عشر من ابريل وانه دُفن موقتاً لنقله لاحقاً الى الشمال الكردي عندما تسمح الظروف.

أحداث النجف
وفي 11 فبراير 1977 وزع المكتب الاعلامي العراقي في لندن بياناً تحدث عن محاولة للاخلال بالامن اثناء مسيرة دينية في النجف كانت تتجه الى مقام الامام الحسين في كربلاء.
وجاء في البيان «ان عملاء اطلقوا شعارات ضد النظام العام وحاولوا تحويل المسيرة عن هدفها المعلن وانهم لم يستمعوا الى رجال الدين الذين كانوا يقودون المسيرة».
واضاف البيان "في اليوم التالي (6 فبراير) كرروا ما جرى ثم هاجموا رجال الشرطة بالاسلحة في منطقة الحيدرية ما اسفر عن مقتل شخص واحد واصابة امرأة وطفل بجراح.
بعدها واصل «المخربون» اثارة الفوضى في المنطقة محاولين تحويل المسيرة الى مظاهرة ضد النظام لكن الشرطة اعادت النظام وتم اكمال المسيرة بعد توقيف محركي الشغب.
واشار البيان الى ان السلطات شددت اجراءات الامن بعد الحادث وفرضت تدقيقاً اكبر على ما يجري في المنطقة وتم توقيف عميل سوري صباح السابع من فبراير وهو يحاول زرع عبوة متفجرة في مقام الامام الحسين، لكن سلطات الامن عطلتها ما انقذ المقام من الدمار ومقتل المئات من المصلين فيه لو نجح العميل السوري في هدفه.
واشار البيان الى ان بعض افراد الجمهور ساعدوا في توقيف العميل الذي كان يحاول زرع العبوة ووزنها 10 كلغ من المواد شديدة الانفجار.
وتم تشكيل هيئة للتحقيق واكتشاف ما اذا كان هناك شركاء للسوري. لكن برقية من السفارة البريطانية في بغداد ارسلت الى لندن اشارت الى عدم صحة البيان الرسمي عن مؤامرة لنسف مقر الامام الحسين، بل ان الشرطة اطلقت الرصاص والقنابل على مجموعة من الشيعة كانت تتظاهر ضد النظام والثورة وقمع الحكومة.
ونقلت السفارة عن قادمين من المنطقة قولهم ان عدد القتلى تجاوز العشرة والجرحى بالمئات وان المستشفيات الحكومية في المنطقة لم تستقبل هؤلاء لانهم ضد النظام.
واشارت البرقية الى ان تعزيزات من الجيش ارسلت الى المنطقة تحسباً من تحركات ولفرض النظام بالقوة ومساعدة السلطات المحلية في اعتقال المحرضين والمشاركين في اثارة الاضطرابات.
ولاحظت البرقية ان بغداد كانت هادئة وان السلطات شددت التعزيزات الامنية في الاحياء الشيعية التي بدأت تتنامى في اطراف العاصمة وبدأت تهدد الهيمنة السكانية السنية فيها.
ولاحظ الدبلوماسي البريطاني كاتب البرقية ان عدد نقاط التفتيش في العاصمة ازداد منذ احداث النجف.
كما ان الصحف العراقية الرسمية نشرت برقيات تأييد للقيادة بعضها من زعماء الدين الشيعة في المنطقة وغيرها ضد المشاركين في احداث الشغب ومحرضيهم والنظام السوري في دمشق «الذي ينفذ اهداف الامبريالية والصهيونية».
وكتب جون غراهام في 22 فبراير تقريراً آخر عن احداث النجف حذر فيه من استمرار تهميش الشيعة في الحنوب والوسط وقال ان اضطرابات مستقبلية او انتفاضة شعبية لا بد ان تؤدي الى اخطار في مناطق انتاج النفط وتصديره.

الحلقة المقبلة: لبنان في ظل احداث 1977
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
01-12-2010, 12:13 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,762

icon1.gif

17/01/2008


القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1977 (الحلقة 21) قلق على صحة صدام... وعرض طبيب لمعالجته!
«علاقات العاشقين» بين بريطانيا والعراق
كتب رائد الخمار :

لندن ـ رائد الخمار:
افرج الأرشيف الوطني البريطاني منتصف الشهر الماضي عن عشرات الآلاف من الوثائق البريطانية التي جرى تداولها بين مختلف الادارات والوزارات والسفارات ورئاسة الحكومة، وبالتحديد وزارة الخارجية، وتناولت ما حدث في عام 1977 وموقف الحكومة البريطانية منها وكيف وجهت سفاراتها الى التعامل معها.
وحصلت «القبس» على مجموعة مختارة من هذه الوثائق عن الكويت والمنطقة ستنشرها تباعا.
تغطي الوثائق فترة حكومة رئيس الوزراء العمالي جيمس كالاهان الذي اختار دايفيد اوين وزيراً شاباً لحقيبة الخارجية، ودنيس هيلي لمنصب وزير الخزانة وفريديريك موللي لمنصب الدفاع، وميرلين ريس لحقيبة الداخلية.
وشملت الوثائق ملفات خاصة عن تعديل السياسة الدفاعية البريطانية في ضوء الانسحاب من شرق السويس، ومحادثات لبيع اسلحة الى مختلف مناطق العالم وخصوصاً الى دول الخليج كلها والعراق البعثي واليمن وايران وغيرها من الدول المتصارعة ما بينها وتعتمد «سياسة الخوف» لضمان امدا دات النفط.



قلق على صحة صدام... وعرض طبيب لمعالجته!
«علاقات العاشقين» بين بريطانيا والعراق

لندن - رائد الخمار:
تكشف وثائق الارشيف الوطني البريطاني عن العراق في عام 1975 ما يمكن تسميته «علاقات العاشقين» و«الخلافات بينهما» او حتى «غيرة الشقيقتين» كما سماها ايفور لوكاس من دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية الذي اشرف تقريباً على مراسلات السفراء البريطانيين في منطقة الخليج وجوارها على مدى عشر سنوات تقريباً.

زيادة الواردات
وخلافاً لعادات الرجل القوي في العراق صدام حسين، في تلك الفترة، استثنى السفير البريطاني الجديد المعين في بغداد حديثاً انتوني ستيرلينغ ليلتقيه ويبحث معه في العلاقات الثنائية ويذكره انه بصفته الجديدة عليه العمل لتسهيل حصول العراق على ما تريده من بريطانيا بعيداً عن اي تحفظ، خصوصاً في مجال التعليم والدراسة.
في المقابل، ابدى السفير استعداده لكل شيء وطلب من «السيد النائب» تشجيع زيادة الواردات من بريطانيا بسبب العلاقات التاريخية بين البلدين عارضاً في الوقت نفسه خبرة طبية عليه لمساعدته في التخلص من اوجاع ظهره.
وقبل ان يزور السفير المعين صدام لتقديم اوراق اعتماده اليه بدلاً من الرئيس احمد حسن البكر كان قد ارسل تقريراً الى وزير الخارجية دافيد اوين بعنوان «الانطباع الثالث عن العراق» وعلى اساس انه كان خدم مرتين سابقتين في هذا البلد. وحمل التقرير تاريح 12 يوليو 1977 والرمز «ان بي آر 011/1» وعبارة سري.
بدأ السفير التقرير بالقول ان طقس بغداد «حار وناشف وغبار» والعاصمة تعيش الخوف من المجهول حتى ان ستائر نوافذها المغلقة لمنع الغبار من دخول الدور تحاول ايضاً منع العيون من التلصص على ما في الداخل (...).

أحوال بغداد
ولاحظ السفير ازدحام السير في الشوارع الرئيسية للعاصمة، في حين ان شوارع وازقة ضواحيها تراقبها الكلاب وتحرسها كما ان امدادات المياه والكهرباء غير مؤكدة في حين تغمر شوارع العاصمة احياناً مياه الصرف الصحي والمجارير.
ومع ان السفير تغزل في «مياه دجلة» التي تعبر على مسافة امتار من مكتبه في السفارة القائمة على ضفافه، لكنه اشار الى قلق الدائرة الامنية فيها من انها عرضة لهجمات وان مكتب السفير غير محمي كفاية.
وتغزل السفير في ورود حديقة السفارة وحشيشها الاخضر، معرباً عن امله في استقبال شخصيات عراقية رسمياً في وقت قريب ضمن احتفالات بريطانية وطنية في العاصمة العراقية.
ولم ينس الاشارة الى جمال المدائن التي يمكن مشاهدتها على امتداد العاصمة وجمال اصوات بعض المؤذنين التي تنطلق منها.
وكان ستيرلينغ زار بغداد للمرة الاولى في العام 1952 ثم خدم في سفارة بريطانيا في الفترة بين 1959 و1962 بعد قلب الملكية مباشرة، وقال «ان شيئاً من سحر العاصمة لم يتغير على الرغم من غياب بعض وجوه الحكم والعاملين في السفارة».

وحشية انقلاب 1958
وذكر السفير ان الملكية في العام 1952 كانت تحاول نقل العاصمة الى القرن العشرين، لكن العائلات القديمة المتجذرة في بغداد كانت تقاوم التغيير في حين ان الجيل الجديد المتعلم المثقف يحاول تطوير كل شيء.
ولم ينس كعادة السفراء البريطانيين ان ينتقد بكلام لاذع وقال ان وحشية ما جرى في 14 يوليو 1958 (الانقلاب على الملكية) اوقف التطور وادخل سياسة الدم الى العراق.
ولاحظ انه في العام 1962 (بعد اربع سنوات على الانقلاب) تم القضاء على الزراعة ولم تنجح محاولات التصنيع، كما تم تخريب الادارة وغابت الديموقراطية البرلمانية (...) وبدأت عمليات اقامة الديكتاتورية، لكن هذه الامور لم تمس حياة المواطن العادي، خصوصاً في الريف كما ان العراقيين لا يزالون يقيمون علاقات مع الزوار الاجانب.
واشار السفير الى انه في عام 1977 يبدو العراق اكثر استقراراً في ظل حزب البعث، كما تمت السيطرة على الاكراد في حين اصبحت العلاقات مع ايران اكثر ودية، كما ان انتاج النفط بدأ يصبح شبه عادي وفي طريقه الى زيادة الانتاج واصبحت تلحظ في بغداد ارتفاع نسبة الاثرياء كما ان ازدحام السير دليل على قوة الاقتصاد (...).

تحرر المرأة
ولم تعرف بغداد حرية مثلها في هذا العهد، كما تحررت المرأة التي لم تعد مجبرة على ارتداء البرقع او غطاء الرأس واصبحت تخرج الى الشارع حاسرة الرأس وبلباس قصير، كما انها تعمل في محطات تعبئة الوقود.
وتحدث السفير عن الطبابة في العراق وقال انه في عام 1962 كان هناك مريضان لكل سرير في المستشفيات العراقية في حين انني رأيت الشهر الماضي ان سيارة الاسعاف وصلت الى السفارة بعد خمس دقائق من طلبها لنقل «الحجي» الذي يخدم في السفارة منذ 56 عاماً بعدما اصابته بنوبة قلبية وقد نقل الى جناح في المستشفى الحكومي جديد ونظيف.
واشار التقرير الى انه بالنسبة لملايين العراقيين اصبحت البلاد افضل منها في العام 1952 او 1962، لكن العراقيين غير راضين عن الحكم الشمولي الذي وصلت اليه البلاد في ظل الحكم المطلق للبعث والذي اصبح عمره 9 سنوات!

حزب يحكم بالخوف والبطش
ونسب السفير الى شخصية عراقية، لم يسنها القول «ان البعث يحكم بالبطش والخوف». وكان البعث تسلم السلطة تباعاً منذ العام 1963 وبطش على مر الزمن بكل حلفائه ومن ساعده للوصول الى السلطة، كما اشاع الخوف والرعب منذ ان صور اعدام عبدالكريم قاسم وبثه على شاشات التلفزيون، كما جرى في عام 1968 عندما اصبح البعث سيداً وسائداً على العراقيين. ومنذ تلك الفترة اصبحت السمكة الكبيرة تأكل الصغيرة من دون وجل او خوف من المحاسبة وفي حي يمتد على اميال من ضفاف دجلة والفرات يعيش عشرات من المحظيين من اعضاء قيادات البعث لا يمكن الوصول اليهم الا عبر طريق واحد يحرسه رجال الامن وتراقبه عشرات من كاميرات التلفزيون على مدار الساعة.
واعطى السفير انطباعاً عن الدولة البوليسية التي تراقب الاتصالات الهاتفية وتسترق السمع الى المكالمات وتراقب العراقيين في المقاهي وتلتقط المعارضين او المنتقدين وتقودهم الى مخافر الشرطة واحياناً مصادفة من دون ان يرتكبوا اي شائنة او يتفوهوا بكلمة واصبحت الاعدامات شيئاً عادياً ولم يبق اي منزل من دون ضحية.
ولم ينس السفير الاشارة الى مجزرة الشيعة الذين تعرضوا للقهر في ظل الحكم المطلق للبعثيين بحجة العمل ضد السلطة.

السرية في الحكم
ولا يمكن لأحد اختراق الحصار المفروض على اركان السلطة ولا تتسرب المعلومات عما يجري اذ انه يتم التحكم فيها من دون وجل او خوف. كما ان الصحف والمجلات تنشر فقط الاخبار الرسمية التي توزع بالتساوي ووفق رأي السلطة.
ولاحظ ان العراقيين لا يستطيعون معرفة حقيقة ما يجري وعما اذا كانت صحة الرئيس احمد حسن البكر سليمة ام انه عليل وما هي حقيقة اصابة صدام بأوجاع في الظهر.
وفي جانب الاخبار الخارجية لا يمكن ان تجد في الصحافة سوى انباء تدين الولايات المتحدة واسرائيل وسورية ولا يمكن العثور في بغداد على صحيفة اجنبية او مجلة سوى بعض المجلات النسائية المتخصصة مثل «وومين ماغازين» في حين تشهد البلاد نزوحاً الى الخارج وتشهد السفارة نحو 400 طلب حصول على تأشيرة يومياً.

نصف ضحكة
وتحدث السفير عن وجه صدام حسين وقال ان نصف ضحكة تزين الوجه مع ان عينيه تمثلان الرعب وتشيعان نصف غضب ظاهر.
وهو يتأهل تباعاً لتسلم منصب رئيس مجلس قيادة الثورة خلفاً للرئيس احمد حسن البكر خلال سنتين على الاكثر. ويبدو ان دوره في الهجوم على قاسم في العام 1959 اعطاه دفعة حزبية، كما انه جُرح في ذلك الهجوم الذي نشر فيه البعث فريقين من مقاتلية مقابل بعضهما البعض واسفر عن قتل سائق قاسم فقط في حين قُتل من البعثيين اكثر مما نجا!
وما يميز العراق حالياً حلم قيادة الامة العربية ويحلم صدام باتباع خطى عبدالناصر وليصبح الزعيم الاوحد للامة العربية من الخليج الى المحيط (...).
ويطبق العراق سياسة اشتراكية، لكنها لم تنجح في تأمين الحاجيات للمواطنين ولا تزال المخازن العامة فارغة، اذ يحصل اعضاء حزب البعث اولاً على حاجياتهم، خصوصاً المستوردة والمدعومة من الدولة وبعدها يحصل المواطنون على ما تبقى.

ابتسامة البكر
ويروي السفير انه عندما قدم اوراق اعتماده الى الرئيس البكر قالوا انه ابتسم وسألوني ماذا قلت له ليبتسم؟ لكني لم ألحظ ابتسامته، ويبدو انه تكلم مرة فتحرك شارباه فصوروه واعتقدوا انه كان يبتسم.
وشدد السفير على ان السفارة ومنازل الديبلوماسيين البريطانيين مراقبة على مدار الساعة وان الموظفين المحليين يتجسسون علينا لمصلحة قوات الامن وان كل اتصالاتنا مع الادارات يجب ان تتم عبر ترتيب من وزارة الخارجية.

الحلقة المقبلة: مقابلة صدام وتقارير مختلفة
 

التباب

Active Member
طاقم الإدارة
01-12-2010, 12:14 PM
البريمل
user_offline.gif

عضو مميز

تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 9,762

icon1.gif

16/01/2008


القبس تنشر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1977 - (20) قادة دبي أكثر مغامرة من قادة الكويت
ما يميز الكويت هو قطاعها المصرفي المحافظ
كتب رائد الخمار :
Pictures%5C2008%5C01%5C16%5C86473bb6-653a-44d1-a512-4c1157907844_main.jpg
لقطة تذكارية لقادة الامارات العربية بعد انضمام راس الخيمة للاتحاد
لندن - رائد الخمار:
افرج الأرشيف الوطني البريطاني منتصف الشهر الماضي عن عشرات الآلاف من الوثائق البريطانية التي جرى تداولها بين مختلف الادارات والوزارات والسفارات ورئاسة الحكومة، وبالتحديد وزارة الخارجية، وتناولت ما حدث في عام 1977 وموقف الحكومة البريطانية منها وكيف وجهت سفاراتها الى التعامل معها.
وحصلت «القبس» على مجموعة مختارة من هذه الوثائق عن الكويت والمنطقة ستنشرها تباعا.
تغطي الوثائق فترة حكومة رئيس الوزراء العمالي جيمس كالاهان الذي اختار دايفيد اوين وزيراً شاباً لحقيبة الخارجية، ودنيس هيلي لمنصب وزير الخزانة وفريديريك موللي لمنصب الدفاع، وميرلين ريس لحقيبة الداخلية.
وشملت الوثائق ملفات خاصة عن تعديل السياسة الدفاعية البريطانية في ضوء الانسحاب من شرق السويس، ومحادثات لبيع اسلحة الى مختلف مناطق العالم وخصوصاً الى دول الخليج كلها والعراق البعثي واليمن وايران وغيرها من الدول المتصارعة ما بينها وتعتمد «سياسة الخوف» لضمان امدا دات النفط.

في 16 يوليو 1977 ارسل السفير البريطاني في دولة الامارات العربية المتحدة دافيد ماكارتي تقريراً الى وزير الخارجية دايفيد اوين في لندن جاء في 12 صفحة وحمل الرمز «ان بي اي4/014» وعبارة سري وتناول الموقف الداخلي وعلاقات حكام الدولة مع دول المنطقة وتحديداً ايران... وتضمن الاشارات الاولى عن تقرب حكومة الدولة الى الولايات المتحدة من دون ان تنسى علاقاتها التاريخية مع المملكة المتحدة، وبدء تحول من حال العداء لايران بعد ازمة الجزر، الى تمتينها، خصوصاً في الجانب التجاري عبر حكومة دبي التي بدأت تستفيد بقوة من خطط التنمية الايرانية المتتابعة.
واللافت ان التقرير لم يكن النسخة الاصلية بل نسخة منقحة عنه اذ ابقيت الاولى قيد الحفظ على ان تُفتح بعد خمسين سنة وحتى تتغير الظروف كما هي العادة.
بدأ السفير، الذي كان على وشك المغادرة كما كان وضع السفير البريطاني في الكويت آرشي لامب، حديثه بالتذكير بما كتبه قبل اربع سنوات عن ان «هذه الدولة» لا تزال «هذه الدويلات» حيث انها لم تتخذ بعد شكل الدولة المتحدة كما هو اسمها رغم الثروة الكبيرة التي حلت عليها من جراء النفط والتجارة.
واشار الى ان قرب الدولة من المملكة العربية السعودية يحتم عليها ان تحافظ على وحدتها وتقاليدها بالتشاور المستمر بين الحكام رغم ما يفرق بينهم من مصالح .
وتحدث السفير، كعادة السفراء البريطانيين بالتعالي على الدول المعتمدين لديها والسخرية من عاداتها وتقاليدها، قائلاً انها لا تزال تعيش على تقاليد عفا عليها الزمن.
ولم يوفر السفير اي مجال للانتقاد وقال «من الصعب هنا توقع ما سيحدث غداً... لان كل حاكم على مزاجه ويتخذ قراراته وفق الكلمة الاخيرة التي يسمعها من المقربين في بلاطه».
وشدد على انه لم ير اي تغيير عما كتبه في تقرير 1973 خصوصاً في القضايا الرئيسية.

حكمة الشيخ زايد
وقال ان ما يبقي الدولة متحدة شكلياً هي اموال النفط في ابوظبي و«حكمة الشيخ زايد» في الانفاق على باقي الامارات خصوصاً الصغيرة.
ولاحظ ان مصير الامارات يتعلق بالاستقرار في السعودية وان ما سيحدث في السعودية سيؤثر سلباً او ايجاباً في الامارات وعلى كل حال سأترك لمن سيخلفني للاجابة عن السؤال الذي يدور بذهن الجميع عن «المصير المشترك» للبلدين الجارين وما اذا كانا سيبقيان صديقين في المستقبل.
ولاحظ ان محاولات التحديث في الامارات التي يقودها بعض الشبان الذين تعلموا في الخارج بدأت تلقى ملاحظات من الجارة الكبرى (...) التي يمكن ان تؤثر في شيوخ الامارات كلها ما عدا الشيخ زايد.
واشار الى ان بعض الخلافات في الرأي بين حكام الامارات تتمثل في السياسة الخارجية رغم انها من وظيفة الحكومة الاتحادية لكن اي حاكم يستطيع بناء علاقات مختلفة مع دول مختلفة حتى وان كانت تتعارض مع السياسة الاتحادية وكما جرى قبيل ازمة الجزر.
ومع ان الدولة تعيش حالة فدرالية، كما قال السفير، فان التطبيق لا يزال نظرياً ويحتاج أي قرار كبير الى جهود كبيرة من الشيخ زايد والى الانفاق من اموال الاتحاد على مشاريع غير مفيدة.
واضاف «لولا الاموال التي تنفقها ابوظبي على الامارات المختلفة لكان يمكن القول ان الاتحاد غير موجود».
وافاد التقرير ان رئيس الوزراء الاتحادي الشيخ مكتوم بن راشد (حاكم دبي) لا يداوم في مكتبه منذ شهور وان نائبه الشيخ حمدان بن محمد يستقبل الزوار فقط ولم يُشاهد وهو يعمل شيئاً آخر.
واشار الى ان ابوظبي تؤمن الآن نصف الموازنة الاتحادية رغم ان الاتفاق هو ان تدفع كل امارة نسبة 20% من دخلها في موازنة الاتحاد.
ولم يترك السفير اياً من الحكام او المسؤولين من دون انتقاد بدءاً بالشيخ سلطان حاكم الشارقة مروراً بوزير المياه والكهرباء، الذي لم يسمه، الى الشيخ سرور بن محمد في ابوظبي.
وانتقد جيش الامارات، الذي انبثق عن «قوة دفاع ابوظبي»، وقال ان اعضاءه يتسلون باسلحتهم كلعب الاطفال وان اعضاء الجيش هم في غالبيتهم من العُمانيين.
وانتقد السفير نظام التعليم، الذي يسيطر عليه المصريون، وكيفية تأسيس جامعات في الوقت الذي ليست فيه مدارس ثانوية جيدة.
وشدد على ان «الشعور بالوحدة يشتد عندما تكون هناك مصلحة مالية او طمع بالحصول على الاموال من ابوظبي».

التضخم
ولاحظ السفير ان «الانفاق من دون حدود ومن دون حساب»، حتى ان التضخم لا يهتم به احد وهو نتيجة طبيعية لتدفق الاموال على بلد ليس فيه كثافة سكانية ولا ادارة سليمة بل لا يزال يعيش على السجية.
وانعكست نسبة التضخم على الرعايا الاجانب الذين يشكلون ثلاثة ارباع السكان وهم مضطرون لاستئجار سكنهم مما دفع المواطنين الى رفع نسبة الايجار دورياً في مواجهة غلاء سعر الاراضي نتيجة المضاربات.
وشبّه ما جرى في السوق المالية وتأثير ذلك على العملة (لم يذكر التقرير ما جرى) بما حدث في الخمسينات في السعودية.
وقارن التقرير بين ما جرى في ظل الملك سعود في الستينات وما يجري حالياً في الامارات.
وتوقع السفير انه بعد سبع او ثماني سنوات يكون الجيل الجديد من الحكام مستعداً للتغيير اكثر الى الافضل او الاسوأ هذا هو السؤال؟
واشار الى ان الدخل العالي من النفط تحول الآن الى نقمة بسبب ارتفاع نسبة التضخم الى نحو 30% خصوصاً في مجال الواردات التي تعتمد عليها الدولة في كل شيء تقريباً وعلى اساس ان لا شيء يُصنع فيها او حتى يُزرع ايضاً.
وتوقع التقرير ان تتحول امارة دبي، وهي العاصمة التجارية غير المتوجة حالياً لدولة الامارات الى «المدينة» الوحيدة في الدولة القادرة على الاستمرار في النمو من دون الاتكال على اموال ابوظبي بسبب بعد نظر جيلها الشاب وانفتاحها على العالم وعدم قوقعتها او خضوعها للتقاليد السائدة في المنطقة، واكبر دليل على ذلك استمرارها في التجارة مع ايران رغم ازمة الجزر.

مقارنة مع الكويت
واعترف السفير بان «شيوخ الكويت» اكثر حمكة في ادارة اموالهم وحرصاً عليها وان «حب المغامرة» في دبي يسود بين قادتها مقابل «التردد» في الكويت والتصرف بطرق اكثر محافظة خصوصاً في المجال المصرفي.
واستبعد السفير ان يتم انشاء مجلس تمثيلي قبل نهاية القرن الحالي، واشار الى ان ذلك لن يتحقق قبل الجيل الثالث من الحكام واذا تغيرت الظروف في الجارة السعودية «التي يبدو انها متضايقة من ديموقراطية الكويت ومجلسها النيابي».
واشار التقرير الى معركة جرت بين ابوظبي ودبي قبل 29 سنة (...) وربحتها دبي مما زاد التنافس بين الجانبين.
وقال ان مستقبل هذه الدولة سيعتمد على كيفية تفادي الضغوط الخارجية عليها ومنعها من التأثير في الحكام.

واحة البريمي
وسلط الضؤ على ان العلاقات منظمة بين الامارات وايران وان الشاه يتابع ما يجري في ابوظبي ودبي وغيرها عبر التقارير لكن ما يقلقني ان العلاقات مع السعودية لا تزال غير مبرمجة، وتخضع فقط لعلاقات شخصية مع الحكام وان مسألة واحة البريمي قد تكون الحافز لما يشبه «الحرب بين الطرفين» وانه لولا جهود مهدي التاجر لوقعت الحرب منذ فترة (...) وهو لعب دور شرح المصالح المشتركة بين الامارات والسعودية وبين الامارات وايران من دون نسيان اعطاء دور ولو بسيطا لسلطنة عُمان.

جبهة تحرير عُمان
واشار السفير الى ان ما يُقلق ايضاً هو مجريات الامور في سلطنة عُمان وانعكاسات ذلك على استقرار الامارات خصوصاً ان عدن وبغداد تدعمان جبهة تحرير عُمان التي تدعي انها ستُحرر الخليج من الوجود الاجنبي.
ويبدو ان حكام الامارات يراقبون ما تقوم به الكويت والسعودية ومصر لاسترداد نظام عدن الى الصف العربي الموحد وذلك عبر المساعدات لحكام عدن شخصياً ولدولتهم الفقيرة.
وانتقد السفير ما فعلته بريطانيا عند انسحابها من عدن كما انتقد السعوديين والمصريين لعدم توصلهم بعد الى فهم طبيعة اليمنيين وانهم لا يزالون يتصرفون في التعامل مع القضية اليمنية كما تصرفوا بين 1962 و1967.
وقال السفير ان اتحاد الامارات معرض لتجربة التفكك اذا نجحت عدن بالبقاء دولة غير موحدة مع الشمال. رغم ان بعض الاطراف تسوق وحدة اليمن بشطريه الجنوبي والشمالي الا ان بعضها لا يزال يعارض ذلك ويخشى الانعكاسات من قيام دولة يمنية موحدة وقوية.
وعن العلاقات البريطانية مع دولة الامارات بعد ست سنوات على الاستقلال قال السفير اننا لانزال نسمي «الشيطان الاجنبي» لكن بسبب مساعدات مشكورة من الشيخ راشد ومهدي التاجر تزدهر تجارتنا وتزيد مع الدولة التي يعيش فيها آلاف الرعايا البريطانيين ويؤمنون للاقتصاد البريطاني دخلاً وللتاج نفوذاً ملموساً.
لكن السفير اشار الى ان النفوذ الاميركي بدأ «يطل برأسه بقوة من شباك عروض التسليح والتجارة والاستثمار» ما قد يهدد مصالحنا المالية في الاتحاد، كما ن فرنسا التي تميز موقفها في القضايا العربية تربح مواقع جديدة.

الحلقة المقبلة: العراق في عام 1977
 
أعلى